احصائيات

الردود
6

المشاهدات
2483
 
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي


ايوب صابر is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
12,766

+التقييم
2.41

تاريخ التسجيل
Sep 2009

الاقامة

رقم العضوية
7857
11-11-2016, 09:36 PM
المشاركة 1
11-11-2016, 09:36 PM
المشاركة 1
افتراضي كروت ترمب الرابحة
وفاز ترمب في الانتخابات وجاء فوزه عكس كل التوقعات والمخططات التي حاولت بشتى الوسائل والطرق الدفع باتجاه فوز كلينتون. وحتما لم يات هذا الفوز من الفراغ والذي يعرف الثقافة الامريكية والعقل الامريكي عن قرب يعرف حتما ان ترمب فاز لانه كان يمتلك عددا من البطاقات الرابحة لا محالة.

اول هذه البطاقات او الكروت هو كونه رجلا غنيا جداً ومصالحه التجارية منتشرة عبر الولايات المتحدة وحتى فيما وراء البحار. وهو بذلك لم يكن بحاجة لاصحاب رؤوس المال واللوبيات صناع الملوك التي تتحكم عادة فيمن يصل الي البيت الابيض، وقد استثمر في الدعاية الانتخابية كما يشاع حوالي مئة مليون دولار من ماله الخاص ولم يعتمد على جمع الاموال كما فعل من جاء قبله من الرؤساء منذ تاسيس امريكا.

ثاني هذه البطاقات هو انه يمتلك خبرة واسعة في التعامل مع وسائل الاعلام والحديث امام الكاميرا والخطاب المؤثر امام الجماهير، وقد اكتسب هذه الملكة والقدرة خلال عمله في تلفزيون الواقع ومن خلال البرامج التي يكون لوسائل الاعلام عادة دور مهم فيها مثل مسابقة ملكات جمال العالم التي ظل يعمل على تنظيمها.

ثالث هذه البطاقات من الواضح انه وربما من خلال بعض اعماله وخاصة الفنادق والبارات والمراقص والمعروف انها في امريكا ميدان واسع للمافيات كان على صله مع لوبيات واتحادات ومافيات محلية وعالمية ، وهذه ساهمت مساهمة فاعلة ومباشرة في نجاحه، وذلك من خلال تقويض فرص منافسته هيلري والتي لعبت المافيا الروسية على ما يبدو دورا حاسما في تقويض فرصها من خلال قرصنة بريدها الالكتروني ونشر محتوياته بشكل فضائحي في الفترة الحرجة ، مما قوض من مصداقيتها وقضى على فرصها في الفوز بشكل كبير .

البطاقة الرابعة هو انه احسن استثمار اثر الفن السابع على العقلية الأمريكية، والتي تمكنت خلال السنوات المئة الماضية ، من برمجة العقل الجماعي الامريكي ليصبح شغوفا بالفرد البطل العنيف الناجح، وذلك من خلال ترويجها لأبطال على شاكلة جون وين ورامبو، وقد أتقن ترمب لعب دور البطل المخلص الذي يستطيع لوحده هزيمة اعتى الأشرار على شاكلة ما كان يفعله جون وين ورامبو في الأفلام ، وبذلك تمكن من اسر قلوب وعقول الأمريكان بشخصيته الهوليودية وبصفته الرجل الخارق الذي يملك الحلول السحرية ويمكنه ان يحقق الأحلام ويهزم إعداؤه ويحقق الانتصارات المستحيلة.

البطاقة الخامسة هي وقوف واحد من اهم ابطال افلام هوليود الاسطورين الي جانبه وهو كلنت إيست ود والذي مثل أيضاً سلسلة هائلة من الأفلام الهوليودية والتي لعب فيها دور رجل القانون الشرس الذي يسعى دون رحمة لتحقيق العدالة مثل فلمه dirty harry اي هاري القذر بمعى العنيف والعنيد والذي يعمل خارج الأطر المرسومة ، وهو الفلم الذي يحفظ حتى الامريكي البسيط عبارات منه عن ظهر قلب مثل عبارة make my day والتي يقولها البطل هاري حينما يعمل على تصفية مجموعة من الأشرار. ويمثل كلنت إيست ود في وزنه وزن امة بأكملها كونه اكتسب من خلال تلك الافلام شعبية رجل القانون الاسطوري الشرس، ولا بد انه كان لوقوفه الي جانب ترمب دورا حاسما و وزن أمة بكاملها.

البطاقة السادسة، اللعب على المشاعر العنصرية من خلال تسويقه لفكرة اعادة امريكا الي مجدها مرة اخرى، وكأنه يقول استعادة امريكا من قبضة السود، فالعنصر الاسود ما يزال عبدا في نظر اغلبية السكان البيض حتى ولو اظهروا عكس ما ابطنوا، وقد اندفع البيض الي التصويت لصالح ترمب وشارك ما نسبته ظ§ظ*ظھ منهم في التصويت بينما شارك ظ،ظ¢ظھ من السود فقط، وعمل ذلك لحسم الامور لصالح ترمب في النتيجة النهائية. كما ظهرت كلينتون وكانها ممثلة للسود دون البيض وامتدادا الي إدارة أوباما وهذا خطأ فادح وقعت فيه كونه يتعارض مع طبيعة نسبة عالية من المنتخبين الامريكين الذين يميلون في العادة الي التغير.

البطاقة السابعة ، تمكن ترمب من إظهار نفسه مدافعا عن الدستور الامريكي، وحاميا له، او على الاقل لبعض مواده، مثل التعديل الدستوري الثاني الذي يضمن حرية حمل السلاح ، بينما تبنت منافسته كلينتون موقفا مؤيدا لوضع قيود على السلاح، مما دفعه لاتهامها بمحاولة تقويض الدستور الذي يعتبر وثيقة مقدسة عند الامريكي، والعبث فيها يعني العبث في الأسس التي اقام الأجداد على أساسها بلاد الحرية والديمقراطية المزعومة طبعا. حتى انه حرض اتباع لوبي السلاح المنتفعين من هذا التعديل ، على منعها من الوصول الي البيت الابيض وهو ما فسر في حينه على انه توجيه باستخدام القوة اذا لزم الامر لتلك الغاية ، وبذلك كسب ترمب الي جانبه اتابع هذا اللوبي المؤثر والواسع النفوذ والقوة، بالاضافة الي العديد من الذين يعتبرون الدستور وثيقة مقدسة لا يمكن السماح بالمساس بمبادئها ويتعصبون في الدفاع عنه لحد الموت.

البطاقة الثامنة ، على الرغم من ان المجتمع الامريكي يتكون في معظمه من المهاجرين الذين استباح الأوائل منهم دم سكان امريكا الأصلين وقاموا على إبادتهم تقريبا لكن لديهم حساسية مفرطة من المهاجرين الجدد ، ولا أظن انها كانت صدفه بان ترمب رفع هذه البطاقة في اول حديث له عند إعلانه الترشح للانتخابات حيث اعلن في حينها اجراءات لطرد المهاجرين غير الشرعين، ومنع وصول المكسيكين والمسلمين الي هناك ، ولا نعرف من الذي منح اي مهاجر الي امريكا شرعية اصلا فكيف يعتبر اي واصل الي هناك غير شرعي؟ كما اعلن اقامة جدار على حدود المكسيك وتمادى في حديثه بان اعلن حينها بان ذلك الجدار سيبنى على حساب المكسيك، وهو ما اكسبه شعبية طاغية في نظر الجمهور الامريكي المبرمج على كره اي لاجئ او مهاجر جديد رغم انه هو نفسه مهاجر او حفيد مهاجر. وأما حربه ضد المسلمين وإعلان منعهم من دخول الولايات المتحدة فقد داعبت هذه الحرب مشاعر المتطرفين وهم كثر ، وحشدتهم بصورة غير مسبوقة لمساندته وكأنه في حرب صليبية جديدة ضد الخطر الاسلامي الذي يهدد نمط الحياة عندهم.

البطاقة التاسعة ، تمكن ترمب خلال المناظرات من توجيه مجموعة من اللكمات القاتله الي منافسته حيث لقبها بالقذرة والمجرمة وما الي ذلك ، بينما عجزت هي عن رد الصاع صاعين اليه، ولعبت دور الليدي المحترمة في تعاملها معه، وتبنت فكرة كانت ميشال أوباما قد طرحتها انه كلما كان تصرفه هابطا سيرتفع تصرفنا when they go low we go up higher ولا شك ان هذا كان خطئا استراتيجيا فادحا وقاتلا بالنسبة لها واظهرها عاجزة ، بينما اظهره هو رجلا قادرا ومسيطرا ، والصحيح انه استخدم هذا الاسلوب والذي يرقى الي مستوى اغتيال الشخصية مع جميع منافسيه حتى قزمهم في عيون الناس وارتقى هو وبالتالي فاز بقبولهم منتصرا غلى منافسيه بالضربات القاضية.

البطاقة العاشرة ، وكانت هذه جوكر في الواقع ولعبت دورا حاسما في مرحلة حرجة...وهي دور رئيس مجلس الأمن الدخلي الذي ظهر جمهوريا ومتحيزا لترمب ومتحالفا معه، وعندما اقترب موعد التصويت وكانت استبيانات الرأي تظهر تفوق كلينتون بنسب عاليه جداً ألقى ترمب هذا الكرت الجوكر على الطاولة ، حيث قام رئيس الأمن الداخلي على حين غره بإعادة فتح التحقيق في موضوع البريد الالكتروني لكلينتون والذي كان هو شخصيا قد اقفله قبل ذلك بأيام، فانحدرت شعبية كلنتون بشدة برمشة غين وذلك خلال المرحلة الحرجة ولم يعد أمامها فرصة للفوز أبدا بعد هذه الضربة القاضية .

لقد أتقن ترمب استخدام بطاقاته الرابحه منذ البداية ، وفي المرحلة الحرجة ولضمان الفوز المؤكد وحتى لا يترك مجالا لاي احتمالات ألقى بالجوكر فحسم الامر وجاءت النتيجة مفاجئة صادمة الا لمن كان على دراية بهذه البطاقات الرابحة .

*


قديم 11-12-2016, 11:38 AM
المشاركة 2
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اضف تعليق :

قديم 11-13-2016, 06:40 AM
المشاركة 3
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
فوز ترامب.. لماذا وكيف؟
سهيل الغنوشي
اكاديمي تونسي

عشرة أيام قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية كانت المرشحة كلينتون في طريق مفتوح لفوز غير صعب، إذ كان الفارق بينها وبين منافسها في الاستطلاعات يتوسع يوما بعد يوم.

فقد تفوقت في المناظرات الرئاسية الثلاث ونجحت بمساعدة من الإعلام في تركيز الأنظار على نقاط قوتها المتمثلة في خبرتها الواسعة، مقابل انعدام الخبرة لدى منافسها، وعدم أهلية ترامب لرئاسة أميركا بسبب شطحاته وتهوره في المواقف والتصريحات.

وبدا أن كلينتون نجحت في تجاوز المعضلة الرئيسية التي صعبت فوزها على مرشح نكرة سياسيا وعديم الخبرة، إذ لم يتولى في حياته أي مسؤولية في الدولة ولا حتى في الحزب: الشك في نزاهتها والذي تعود جذوره إلى تعاطيها مع فضائح زوجها الأخلاقية عندما كان رئيسا، وتعاملها عندما كانت وزيرة للخارجية مع الهجوم على السفارة الأميركية في بنغازي والذي قتل فيه السفير الأميركي، وتهاونها في حفظ أسرار الدولة باستعمالها لبريدها الإلكتروني الشخصي بدل الرسمي واتهامها بحجب معلومات عن المحققين الذين لم يجدوا ما يستوجب مقاضاتها.

كان فوز كلينتون شبه مؤكد، وكان شبح اليأس يخيم على حملة ترامب التي بدأت عاجزة عن تجاوز آثار الزلزال الذي أحدثه تسريب لترامب يعترف فيه بتحرشه بالنساء مما ثبت عليه تهمة ازدراء المرأة، ثم خرج على الإعلام عدد من النساء الواحدة تلو الأخرى يروين تجاربهن السيئة مع ترامب ومعاملته المسيئة لهن.

"الانتخابات الأميركية تحسمها قلة من الأصوات غير المتحزبة، وهؤلاء لم تعطهم هيلاري سببا قويا للتصويت لها وربما وقعت في فخ استسهال المنافس؛ فهي لم تقدم نفسها أو رؤيتها للناخب الذي ظلت تدعوه للتصويت لها فقط لأن منافسها غير مؤهل ولأنها أكثر خبرة"
فجأة يرسل مدير مكتب التحقيق الفدرالي في سابقة لا تبدو بريئة رسالة إلى الكونغرس يعلمه بنيته إعادة فتح التحقيق في قضية البريد الإلكتروني لكلينتون بعد أن اكتشفوا صدفة بعض مراسلاتها الإلكترونية في كمبيوتر زوج مساعدتها المقربة هوما عابدين، وهو شخص متهم بقضايا أخلاقية مقرفة. كانت ضربة في مقتل وفي توقيت قاتل.

إذ أعادت إلى الأذهان وإلى السطح صورة كلينتون المتهاونة وغير النزيهة وبالتالي غير الجديرة بثقة الناخب (والتي كانت من ركائز حملة ترامب) ففقدت ميزة الأهلية، وعادت الانتخابات إلى المربع الأول: الاختيار بين خيارين أحلاهما مر، أو بين السيء والأسوأ، ولم يبق من الوقت ما يكفي للتدارك، حتى بعد أن تمت تبرئة كلينتون قبل يومين من الانتخابات، فالضرر قد حدث وحملة ترامب عادت فيها الحياة وأنصاره عادت لهم الحماسة، والفارق في الاستطلاعات عاد ضئيلا كما كان، وشتان في سرعة الانتشار والتغطية الإعلامية بين خبر الفضيحة وخبر التبرئة أو التوضيح. وربما أعادت الضربة إلى الأذهان ذكريات فضائح بيل كلينتون الأخلاقية، والتي استمات ترامب في إحيائها في الأسابيع الأخيرة في محاولة يائسة للتغطية على فضائحه.

لا شك أن هذا كان السبب المباشر في الفوز المفاجئ لمرشح عديم الخبرة وبحسب أغلبية الأميركيين فاقد للأهلية ليكون رئيسا، حتى أن بعض قادة حزبه البارزين امتنع عن تزكيته أو زكاه على مضض وبعد طول تردد، ومنهم من جاهر بدعم كلينتون. لكن هذا السبب المباشر لم يكن صانعا للفوز بل كان عاملا مساعدا، لولاه لم يكن ترامب ليفوز على المرشحة الرئاسية الأكثر خبرة في تاريخ أميركا المعاصر، في أغرب انتخابات رئاسية أميركية حيث تنافس فيها مرشحان لا يحظيان بأي شعبية، وذهب فيها الناخبون ليصوتوا ضد مرشح وليس لصالح مرشح. وقد أصاب المحلل السياسي الذي قال إن ترامب هو المرشح الجمهوري الوحيد الذي يمكن لكلينتون أن تهزمه، وكلينتون هي المرشحة الديمقراطية الوحيدة الذي يمكن لترامب أن يهزمها.

وفي ما يلي بعض الأسباب والعوامل التي تظافرت لتحدث المفاجأة:
- هيلاري هي الضحية الثانية لفضيحة زوجها الأخلاقية (قضية مونيكا لوينسكي)، والتي كاد بموجبها أن يعزل من الرئاسة. فقد خسر بسبب تلك الفضيحة آل غور الذي كان نائب بيل كلينتون الانتخابات الرئاسية أمام جورج بوش الذي لم يكن يختلف جوهريا عن ترامب. وقد كثر اللغط حول تعاطي هيلاري مع هذه المسألة، وأضر ذلك بصورتها.

- التصويت لصالح الحرب الكارثية على العراق كان عاملا حاسما في هزيمة هيلاري في الانتخابات التمهيدية أمام أوباما سنة 2000، ولعل لعنة ذلك التصويت لاحقتها في هذه الانتخابات.

"فشلت هيلاري في استمالة أصوات النساء وكان تفوقها أقل بكثير من المطلوب، رغم "الهدايا" الانتخابية من ترامب بتصريحاته وتسريباته. كما فشلت في تحفيز الأميركيين لانتخاب أول رئيسة للبلاد. ولعلها خشيت أن تعطي الانطباع بأنها تطلب الأصوات فقط لأنها امرأة"
- الاختلاف الكبير بين الحزبين الرئيسيين في أميركا. فالحزب الجمهوري كالأحزاب العقائدية في الدولة العربية شديد التماسك والانضباط. أعضاؤه لا يحتاجون لجهد كبير للمشاركة في الانتخابات وللتصويت لمرشحهم أيا كان، وهو حزب يضم أغلب المتدينين وأجندته أوضح من الحزب الديمقراطي الذي هو عبارة على ائتلاف مجموعة من القوى تجمعها بعض المبادئ العامة، ويحتاج مرشحه إلى جهد أكبر بكثير لتحميس أعضائه الذين هم أكثر تحررا من الجمهوريين وإقناعهم بالتصويت وبنفسه، وهذا اختبار أعفي منه ترامب وأخفقت فيه كلينتون، مما أجبر داعميها وعلى رأسهم أوباما على التركيز في الأسابيع الأخيرة على حث أنصارهم على التصويت.

كشفت الاستطلاعات أن أغلبية كبيرة من الأميركيين غير راضين عن أوضاعهم ويعتقدون أن البلاد تسير في طريق خاطئ، وأن أغلبية ساحقة من هؤلاء صوتوا لصالح ترامب، أي أن الناخب الأميركي صوت للتغيير ولو إلى المجهول، وفضل المغامرة على مواصلة السير في طريق يعتقد أنها خاطئة، كالمريض الذي تصل به المعاناة حد القبول بتعاطي دواء تجريبي لا تعرف مدى نجاعته ومضاعفاته، والشعب الأميركي عكس الشعوب العربية يميل للمغامرة والتجربة، ولا يخشاهما، ولا يفضل الحفاظ على السيء خوفا من الأسوأ.

الانتخابات الأميركية تحسمها قلة من الأصوات غير المتحزبة، وهؤلاء لم تعطهم هيلاري سببا قويا للتصويت لها وربما وقعت في فخ استسهال المنافس؛ فهي لم تقدم نفسها أو رؤيتها للناخب الذي ظلت تدعوه للتصويت لها فقط لأن منافسها غير مؤهل ولأنها أكثر خبرة. أما الأهلية فلم تكن ميزة كبيرة لكلينتون، خاصة بعد القنبلة التي فجرها مدير مكتب التحقيقات الفدرالي، تساوى المرشحان في نقص الأهلية فانحصرت المنافسة بين الخبرة والتغيير.
والخبرة الماضية بدون تركيز على البرامج المستقبلية، كان ضررها أكبر من نفعها، خاصة وأنها لا تتضمن إنجازات فارقة، كما أن النقص لدى ترامب هو أساسا في السياسة الخارجية التي عادة ما تصبح ثانوية عندما يكون الأميركيون غير راضين عن أوضاعهم الداخلية. ثم إن هيلاري قدمت نفسها على أن رئاستها ستكون استمرارا لأوباما وسياساته، واعتمدت كثيرا في حملتها على أوباما، وكان ذلك خطأ إستراتيجيا إذ تبين أن الأميركيين يحبون أوباما الإنسان ويحبون خطاباته، ولكنهم غير مقتنعين كثيرا بأوباما الرئيس وبسياساته.

خطأ إسترتيجي آخر ارتكبته هيلاري في حملتها أنها لم تكن واضحة وحاسمة في مواقفها وسياساتها، فاستمرت في إسترايجية أوباما المترددة والتي تميل إلى المواربة ومسك العصا من النصف، والتي أضرت كثيرا بشعبيته وربما بأميركا. في المقابل عرض ترامب مواقفه ونواياه حتى الصادمة منها بكل وضوح وحسم. وأظن أن الحزب الديمقراطي سيندم كثيرا لتيسير فوز كلينتون في الانتخابات التمهيدية على حساب منافسها بيرني ساندرز الذي نجح فيما أخفقت فيه: عرض رؤية واضحة للتغيير حمست قواعد الحزب وأقنعت الكثير من المستقلين والمترددين الذين عادة ما يحسمون الانتخابات العامة.

تبين أن العامل الإنساني محدد في الانتخابات الرئاسية الأميركية؛ فلو كانت المنافسة على مقعد في مجلس النواب أو مجلس الشيوخ لفازت كلينتون على ترامب فوزا ساحقا بسبب خبرتها وتمكنها من السياسات والقوانين. لكن في الاستحقاقات الرئاسية يركز الأميركيون على القيادة وعلى البعد الإنساني.

"وظف ترامب خبرته في الإعلام بنجاعة؛ فرغم أن كلينتون دفعت في الدعاية أضعاف ما دفعه ترامب، ورغم أن الإعلام عموما كان منحازا نسبيا لهيلاري؛ لكن ترامب بتصريحاته المثيرة للجدل كان دائم الحضور في الإعلام بكل أنواعه، وحصل بذلك على كثير من الدعاية المجانية"
أما القيادة فلم يكن لدى أي من المرشحين كاريزما أو مهارات قيادية متميزة، وإن كان اعتماد ترامب الوضوح والحسم منحه أفضلية، بالإضافة إلى خبرته القيادية الواسعة كرجل أعمال. أما في الجانب الإنساني، فقد تفوق ترامب بالضربة القاضية حيث بدا عفويا وتلقائيا بينما طغى التصنع والتكلف على تصريحات وتصرفات هيلاري، فقد كانت ديبلوماسية واحترافية أكثر من اللزوم في مجتمع يغلب عليه التمرد والتلقائية ويعلي من شأن المبادرة والمغامرة، وشكلت أفلام رعاة البقر جزء معتبرا من عقليته ووجدانه.

فشلت هيلاري في استمالة أصوات النساء وكان تفوقها أقل بكثير من المطلوب، رغم "الهدايا" الانتخابية من ترامب بتصريحاته وتسريباته. كما فشلت في تحفيز الأميركيين لانتخاب أول رئيسة للبلاد. ولعلها خشيت أن تعطي الانطباع بأنها تطلب الأصوات فقط لأنها امرأة أو خشيت ألا يكون الأميركيون مستعدين لسابقة انتخاب امرأة خاصة بعد أن انتخبوا لأول مرة رئيسا من أصل أفريقي نجحت حملته في جعل السابقة وقصة حياته عاملا مهما في فوزه بالرئاسة. ويبدو أن هيلاري دفعت ثمن كونها امرأة ولكن لم تستفد من الفرصة.

ترامب وظف خبرته في الإعلام بنجاعة فائقة لهزيمة هيلاري. فرغم أن الأخيرة دفعت في الدعاية أضعاف ما دفعه ترامب، ورغم أن الإعلام عموما كان منحازا نسبيا لهيلاري؛ لكن ترامب بتصريحاته المثيرة للجدل كان دائم الحضور في الإعلام بكل أنواعه، وحصل بذلك على كثير من الدعاية المجانية. والانتخابات الأميركية منذ بداية عهد التلفاز أصبحت الدعاية فيها عاملا حاسما في الانتخابات، وهي التي رجحت كفة كينيدي على المحنك نيكسون في انتخابات 1960.

الشريحة التي رجحت كفة ترامب هي أصحاب المستوى التعليمي المتوسط (غير جامعيين) من الذكور البيض. هؤلاء عرف ترامب كيف يخاطبهم. خاطبهم بلغة بسيطة تغلب عليها الشعارات والكبسولات الإعلامية (sound bites)، وخصوصا شعار إحياء مجد وعظمة أميركا، كما كان شعار (yes we can) عاملا مهما في فوز أوباما خصوصا في انتخابات 2008.

وهنا يبرز دور الإعلام التجاري في تسطيح وعي المواطنين الذين قد لا يتوفر لديهم الوقت أو القدرة أو الحافز لتوعية وتثقيف أنفسهم (حتى تكون قراراتهم عن وعي)، ويقصفون إعلاميا من كل جانب بأخبار وتحاليل متناقضة فتتداخل عليهم الأمور، فيصبحون أكثر ميلا للشعارات والكبسولات الإعلامية وأكثر تأثرا بها.

بقي أن نشير إلى أن هذه الانتخابات الغريبة ونتيجتها الصادمة ينبغي أن يدفعا الأميركيين إلى القيام ببعض المراجعات التي تحول دون تكرارها، ولعل أقلها أن يشترط في المرشح (سواء بقانون انتخابي أو بلوائح الأحزاب الرئيسية) أن يكون له شيء من الخبرة السياسية وتولى سابقا بعض المسؤوليات السياسية والحزبية، فلا يعقل أن تشترط الخبرة في أبسط الوظائف ولا تشترط في أعلى وظيفة. كما ينبغي التصدي لمسألة تسطيح الوعي التي سمحت لترامب أن يكون مرشح الحزب الجمهوري ويفوز بالانتخابات، وسمحت لخطاب شعبوي أن يخرج باستفتاء بريطانيا من الاتحاد الأوروبي رغم العواقب الوخيمة.
"أميركا دولة مؤسسات ومجتمع، التدافع فيه على أشده بين قوى متكافئة، ونظامها السياسي بني بطريقة تمنع هيمنة الأغلبية، وليس من السهل على رئيس أو حزب أن يأخذها بالاتجاه الذي يريده حتى إذا كان حزبه يشكل الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ كما أفرزت الانتخابات الأخيرة"
أما انعكاسات فوز ترامب على الدول والشعوب العربية والإسلامية وعلى العرب والمسلمين الأميركيين، فذلك موضوع بحاجة إلى مقال آخر. فقط أقول إن أميركا دولة مؤسسات ومجتمع، التدافع فيه على أشده بين قوى متكافئة، ونظامها السياسي بني بطريقة تمنع هيمنة الأغلبية، وليس من السهل على رئيس أو حزب أن يأخذها بالاتجاه الذي يريده حتى إذا كان حزبه يشكل الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ كما أفرزت الانتخابات الأخيرة.

فأول عقبة يواجهها في كل قرار هي إقناع الحزب ونوابه في الكونغرس الذين على عكس الأحزاب العربية لا يبصمون آليا على قرارات الرئيس ولا يتحرجون في معارضته. ونظام الحكم والمجتمع يرفضان التطرف إلى اليمين أو إلى اليسار، ويفرضان الوسطية والاعتدال على من يحكم، ويهذبان المرشح بعد أن يصبح رئيسا. وإذا كان الأميركيون قد أعطوا بوش صكا على بياض فذلك بسبب هول هجمات سبتمبر/أيلول، وقد ندموا بدليل نظرتهم إليه مقارنة مع أي رئيس سابق.

أما نحن فقد آن الأوان أن نتعاطى مع جذور المشكلة المتمثلة في الضعف والوهن والهوان والتخلف والتبعية والجمود الذي ملنا، مما جعلنا في مؤخرة الأمم مصيرنا بأيدي غيرنا، وهدفا سهلا للتآمر، نستجدي الحقوق والاحترام والقروض والمساعدات، ونعيش تحت رحمة أحداث خارجة عن نطاقنا. وكل ذلك بفضل نخب سياسية ضحلة ونرجسية جمعت بين العجز والانتهازية.

آن الأوان للشعوب العربية والإسلامية أن تنتفض ضد هذه الأوضاع المزرية والمخزية، فالشعوب والأمم التي تقفز أمام أعيننا تباعا لا تفوقنا في شيء. فقط تجرأوا أن يحلموا وصمموا على تحويل الحلم إلى حقيقة مهما كلف ذلك من تضحيات. وإذا كان قدرنا أن نفعل ذلك بدون قيادة ومتجاوزين نخبنا التعيسة، فليكن.
المصدر : الجزيرة

قديم 11-13-2016, 04:10 PM
المشاركة 4
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اضف تعليقك ؛-

قديم 11-14-2016, 12:15 AM
المشاركة 5
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كيف وصل ترامب إلى البيت الأبيض؟
[1]
واشنطن – «القدس العربي» اختيار الرجل المفضل لمنصب رئيس الولايات المتحدة يتجاوز اتفاق الأغلبية على أكبر موظف عمومي مناسب للجلوس في البيت الأبيض بل هو تعيين لرئيس الدولة وقائد القوات المسلحة ورمز البلاد والمتحدث الرسمي بأسم رغبات ومصالح المواطنين، وعلى الأغلب، يمثل الرئيس صورة عن «البطل الأمريكي» الذي يبحث عنه الجميع في حياتهم بديلا عن النبلاء والملوك في الدول الأخرى و»السوبرمان».
السياسيون ومدراء الحملات الانتخابية يدركون هذا التصور وخاصة ما يتعلق بالعثور على ذلك البطل الذي يقفز بين صفحات القصص المصورة أو الأفلام السينمائية ولذلك ازداد حرصهم في السنوات الأخيرة على الترويج بأن مرشحهم سيجلب «النهاية السعيدة» وسيحل جميع المشكلات. ولكن الصورة التي يمكن تلمسها خلال الأيام الحالية في الولايات المتحدة بعد فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب هي ان البلاد تعيش حالة من الاكتئاب دون أمل في المستقبل.
تسود على الأرجح، مشاعر من السخط والغضب والاحباط ومشاعر الطرف الخاسر وقد تصل الحالة إلى درجة مكشوفة من الاكتئاب والصدمة، ودون التقليل من القضايا السياسية الحقيقية فان الأطراف المتنافسة عادة ما تكن مشاعر الاحتقار للطرف المنافس وتشعر أن بطلها سيحطم الآخر «الشرير».
هذه الخيالات أدت بشكل تلقائي إلى فترة خيبة الأمل الحالية في الولايات المتحدة، وهي فترة مشبعة بالحزن ومحاولات البحث عن «كبش فداء» لتحميله الأسباب التي قضت بشكل مفاجئ على البطل، وبلغة جدية، فان هناك محاولات لتقييم أسباب خسارة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون واكتشاف وفحص لموقف الجماعات العرقية والدينية أو الأطراف الأخرى مثل وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ومكتب التحقيقات الفدرالي.
وقد عثر الكثير من المحللين بالفعل على الأسباب الكثيرة التي قضت على طموحات كلينتون والحزب الديمقراطي، والسبب الأول الذي تم اكتشافه بشكل متأخر هو تجاهل «عامل العرق» في المعادلة الانتخابية لسبب غير مفهوم، حيث رفض الخبراء ورجالات الإعلام بعناد الاهتمام بهذا العامل، وفي الواقع كانت هناك «أغلبية صامتة» تتألف من طبقة غاضبة من الناخبين البيض الذين ينتمون للطبقة العاملة ناهيك عن عدد كبير من الناخبين البيض المحرومين من التعليم الجامعي والكثير من ذوي البشرة البيضاء الذين تصاعدت ديونهم وتعرضت منازلهم للرهن ولم تكن هذه الطبقة تنتمي فقط إلى ميليشيات عنصرية تتخيل أن «أول رئيس أسود ليس من هنا» كما تصورت المنصات الإعلامية. هولاء جميعا شعروا ان «الرئيس الأسود» هو رئيس محبوب ولطيف ولكنه لم يقدم لهم شئيا، ولم تتصور وسائل الإعلام ان الناخبين البيض قد يكونون بهذه «القسوة والوحشية». وفي كثير من الحالات، تعامل الإعلام مع هؤلاء على انهم مجرد هامش، وقد لا تكون هناك عبارة لائقة لوصف أحد أسباب فشل كلينتون ذات البشرة البيضاء من قبل هذه الفئة بسبب النظر إليها على نطاق واسع على أنها مجرد امتداد للرئيس الأسود.
والسبب الثاني لتفوق ترامب كان بلا شك عمل ماكينة الدعاية الجمهورية بشكل رائع، فقد كانت المشاهد الانتخابية مسلية ومثيرة للاهتمام كما زرعت أفكارا في عقول الجمهور بان كلينتون أكثر فسادا من ترامب وانها سياسية كذابة، هذه الادعاءات بغض النظر عن مصداقيتها لا تصل إلى فساد ترامب الذي اعترف علانية بأنه تهرب من دفع الضرائب واحتال على المواطنين لتمويل جامعته الخاصة وقضى حياته في رشوة العديد من المسؤولين وطرد المستأجرين السود من أملاكه وتفاخر بقدرته على التحرش الجنسي بدون عقاب، ولكن دعاية المرشح الجمهوري كانت متفوقة للغاية مقارنة مع أداء ضعيف لحملة كلينتون.
ولا بد هنا من الاعتراف ان هيلاري كلينتون كانت مرشحة سيئة للغاية، وقد تصرفت وسائل الإعلام ومنظمات الحزب الديمقراطي بحذر مع هذا القول، وبرزت محاولات من جانب قادة الحزب الديمقراطي والتيار الليبرالي تتجاهل النقاش عن سلبيات وزيرة الخارجية السابقة بسبب الرغبة في الاحتفال بتولي امرأة لمنصب رئاسة الولايات المتحدة أو تسليم مفاتيح البيت الأبيض لأشهر خبيرة في الشؤون السياسية.
ومن الأسباب الهامة التي ساهمت في فوز ترامب، تكتيك معروف يدعى «قمع الناخبين» وهو اسلوب ذكي يهدف إلى عدم تشجيع الناخبين من الطرف الآخر للذهاب إلى صناديق الاقتراع تحت وهم ان النتائج ستكون لصالح مرشحهم، وقد استبعدت مراكز استطلاعات الرأي دور هذا العامل بشكل كامل رغم انها أول انتخابات منذ 50 سنة دون توفير حماية كاملة لقانون حق التصويت.
وبالغ الديمقراطيون في تقديرات تصويت الأفراد من أصول لاتينية لكلينتون، والمقصود هنا ليس عددهم حيث بلغت نسبة الأصوات اللاتينية في انتخابات 2012 نحو 10 في المئة من مجموع الناخبين ووصلت إلى نسبة أكبر في انتخابات 2016 ولكن الاعتقاد الواهم بان جميع الأمريكيين من اصول لاتينية يكرهون المرشح صاحب الشعر البرتقالي لم تكن صحيحة، والأرقام الأولية تشير إلى ان 29 في المئة من الأصوات اللاتينية ذهبت إلى ترامب وهي أرقام تزيد عن الأصوات التي حصل عليها المرشح الجمهوري السابق ميت رامني. وعلى حد تعبير بعض الخبراء فقد وجدت تعهدات ترامب بابعاد المكسيكيين غير المرغوب فيهم من الأحياء والمدن آذانا صاغية لدى كبار السن والبيض من أصول لاتينية، ولا بد من الإشارة إلى ان اللاتينيين ليسوا جماعة عرقية أو كتلة انتخابية هائلة بل هم مجموعة لغوية متعددة الثقافات من خلفيات عرقية مختلفة.
وبالنسبة إلى محللي استراتيجيات الحزب الديمقراطي وأنصار كلينتون فقد كان من الصعب عليهم هضم فكرة التقارير الأخيرة التي تفيد بالاقبال الضعيف للناخبين السود وان الناخبين من أصول افريقية ساهموا في خسارة كلينتون بسبب هذا النكوص ناهيك عن تعرضهم لخدعة «القمع الانتخابي» التي تحدثنا عنها سابقا، وفي الواقع كان حماس السود لكلينتون أقل بكثير من حماسهم لأوباما وقد صوت 8 في المئة منهم لصالح ترامب بنقطة مئوية أكثر لرامني قبل 4 سنوات.
والفكرة الوهمية التي كانت تعيش في عقول العديد من الإعلاميين والسياسيين وقادة الحزب الديمقراطي هي ان النساء في الولايات المتحدة سيقفزن في يوم الانتخابات لانتخاب أول امرأة في البيت الأبيض وتعزيز فصل جديد في التاريخ الأمريكي مع تجاهل غريب لاستنتاج خرجت به معظم استطلاعات الرأي يفيد ان 50 في المئة فقط من النساء يدعمن كلينتون وان 40 في المئة يدعمن ترامب، وهذا بالفعل ما حصل حيث ذهبت 42 في المئة من أصوات النساء للرجل المتهم بالتحرشات الجنسية والتلفظ بالتعليقات البذيئة.
ما هي الدروس التي يمكن تعلمها من انتخاب ترامب؟ إذا استبعدنا الفائدة الجمة لاستخدام تكتيك «قمع الناخبين» للفوز في أي انتخابات، هناك نتيجة غير مستحبة لحالة الانقسام وهناك عقاب يفرضه اؤلئك الذين يشعرون بالتهميش، وهناك دائما مفاجآت لاؤلئك الذين يتصرفون بثقة زائدة عن الحد دون احتساب الأمور بدقة، وهناك درس مفاده ان الاختلافات العرقية قد تظهر على شكل مشاعر صارخة بوقاحة أو عبر إجراءات صامتة وان صناعة الخوف ما زالت ناجحة.
من غير الانصاف القول ان الرجل صاحب الشعر البرتقالي قد سرق منصب رئاسة أكبر دولة في العالم عبر اطلاق الوعود الكاذبة والتعليقات المهينة والتهديد والتخويف، أو القول ان الرجل حقق أهدافه عبر نشر الخرافات والأوهام لمستقبل غير مرئي، ومن غير الانصاف القول ان الأمريكان في حنين دائم لرجل «كاوبوي» لا يرتدي قبعة، ربما نصفهم فقط.

كيف وصل ترامب إلى البيت الأبيض؟
انقسام في الصوت اللاتيني وغياب للناخبين السود عن صناديق الاقتراع
رائد صالحة

6 Comments To "كيف وصل ترامب إلى البيت الأبيض؟"
#1 Comment By سامح // الاردن On Nov 13, 2016 @ 4:51 am

*بعد فترة سوف يكتشف الأمريكي البسيط
الذي صوت للطبل الأجوف(ترامب)
أنه كان يجري وراء (السراب)
وسوف يندم ولكن بعد فوات الأوان
وخراب مالطا..؟؟؟!

#3 Comment By خليل ابورزق On Nov 13, 2016 @ 9:13 am

اتحفظ على الارقام التي استخدمها الكاتب المحترم لانها صادرة عن نفس المراكز الاستطلاعية التي اشارت دائما الى تأكيد تفوق هيلاري كلينتون و فشلت كما رأينا. السبب هو ان الارقام المجردة و حتى النسبية قد تكون خادعة جدا بدون الاعتبارات الاخرى
الاقتصاد و الاعلام هما اكبر عاملان في هذه الانتخابات و كلاهما في صالح ترامب حيث انه يقدم مثالا ناجحا في الاقتصاد كما انه بارع في الاعلام بقصد التواصل و التأثيرفهذه هي هوايته. و لا ننس برنامجه التلفزيوني الذي كان يقده على الرغم من مشاغله بامبراطوريته الاقتصادية.
كما ان هناك عاملا ثالثا لم يذكر و هو الذي لعب دورا هاما في انجاح جورج بوش الابن وهو افشل رئيس امريكي نجح مرتين على الرغم من ضعفه البين و على الرغم من صفة التوريث عنده الا و هو الكنيسة او الاتجاه الديني. و يتسم هذا الاتجاه في الكنائس البروتستانتية بالصهيونية المسيحية و التى تقدر باربعين مليون صوت. و لا ننس التعبيرات الدينية لجورج بوش الابن و نائبه ديك شيني و كذلك تصريحات بايدن نائب اوباما انه صهيوني مسيحي. هذا الاتجاه الكنسي كان ضد هيلاري كلينتون على طول الخط بسبب تاييدها للاجهاض و زواج المثليين و تقربها من الاقليات وهم كاثوليك او مسلمين

#4 Comment By محمد صلاح On Nov 13, 2016 @ 11:52 am

المختصر المفيد
كيف وصل ترامب الى زعامة أمريكا والغرب
1- بسبب الخوف من تهديدات الجماعات الاسلامية المتطرفة للحضارة الغربية
2- تزايد النزعة العنصرية للرجل الأبيض فى الغرب ضد الأقليات الاخرى
3- الخوف من المارد الصيني القادم مستقبلا
4- محاولة التعايش مع روسيا بوتين بدلا من الصدام لمصلحة الطرفين
5- تصحيح الأوضاع فى مناطق الصراعات المهمة لامريكا
بنشر سياسة العين الحمره وكذالك سياسة ادفع وانا أحميك
6- تنشيط الاقتصاد عن طريق ذيادة مبيعات الأسلحة الامريكية فى كل العالم وخاصة فى منطقة الشرق الأوسط
عن طريق الابتزاز ونشر الرعب لحكام المنطقة العربية

#5 Comment By عروبتاه كونتري On Nov 13, 2016 @ 12:36 pm

السلام عليكم :
في الواقع الامريكييون انفسهم منقسمون حول هذا الرجــــل غريب الاطــــــــــــوار ولكن وللوهلة الاولي من بـــــــــــــداية الحملة الاتنخابية أتضح ان هذا الشخص سيفوز بالانتخابات لا محالة لكن ما ضلل المتتبعين والعالم هو التركيز الاعلامــــي الكبير علي المناظرات الثلاث التي اتضح ان كلينتون فازت بها كما شاهــــد الكل ولكن الم تقم الصحافة ومراكز الاستطلاع بتضليل كلينتون والديمقراطيين بمثل هاته اللعبة ؟؟؟وهل الفوز بالمناظرات يعني الحصول علي كرسي الرئاسة ؟؟؟

المعروف ان الحمهوريين غالبا ما يرشحون شخصا من اصول و ميول يهودية بأموال يهودية وهنا تتضح الكثير من الامور ويزول الغموض حول أجندة ترامب .
اللوبي اليهودي يدير امريكا من وراء الكواليس مند الحرب العالمية الثانية ببساطة لانه يملك المال والمال يعني القوة you got the money you got the power !

ان فوز ترامب بالانتخابات ليس بسبب براعته في الاكلام ولا في إلقاء النكات وعبارات التهديد والوعيد التي يلوح بها هنا وهناك ولكنه فاز لان هناك من اراد له الفوز ومهد له بشتي الوسائل ؟؟؟
منها انه هو نفسه قال يكفي ان تقول كل ما تشاء عبر فوكس نيوز وسيصدقك الجمهورييون كلهم ؟؟؟
في أمريكا يكفي ان تشتم الاسلام والمسلمين والسود والمهاجرين لتحصل علي أصوات الغوغاء !
الديمقراطية التي يؤمنون بها تلك التي تدور رحاها في صالحهم فقط !
الجريمة في عرفهم هي التي يرتكبها غيرهم فقط اما ما يقومون به من جرائم حرب وغزو فهو في نظرهم حقاظ علي الامن القومي الامريكي والحلم الامريكي !

من نوادر العرب أن أعرابية وجدت جرو ذئب قد ولد للتو فحنت عليه وأخذته وربته وكانت تطعمه من حليب شاة ٍ عندها فلما كبر أكلها فأنشدت قائلة :
بقرتَ شويهتي وفجعتَ قلبي *** وأنت لشاتنا ولدٌٌ ربيب ُ
غذيتَ بدرها وربيتَ فينا *** فمن أنباكَ أن أباكَ ذيب ُ
إذا كان الطباع طباع سوء ٍ *** فلا أدب ٌ يفيد ولا أديب ُ

انُ الغرب الذي انتج أمريكا اوما يسمي بالعالم الحديد سيتجرع ما انتج وسيكابد الويلات مما جنت ايديه علي الانسانية بمثل هاته السياسات التي ما فتأت تفسد حياة الناس و تفسد القيم وتسير بالعالم نحو الهاوية .

بوادر التشرذم الأوربي بدت تظهر للتو في تغير سياسات عديد الدول الاوربية وصراع القوي العظمي سيقودهم لا محالة جميعا الي الفناء .
ولكن لماذا يتوقف العالم ذهولا يا تري !0

قديم 11-14-2016, 05:00 AM
المشاركة 6
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ترامب: صفحة جديدة في التاريخ

حقق دونالد ترامب أكبر مفاجأة انتخابية في التاريخ الأمريكي بفوزه في الانتخابات الرئاسية على منافسته هيلاري كلينتون. لم يتول ترامب أي منصب سياسي من قبل فهو من خارج عالم السياسة. وقد قفز من عالم المال والإعلام إلى عالم السياسة وحقق إنجازا غير مسبوق. لقد فاز بولاية فلوريدا التي تقطنها نسبة كبيرة من الأمريكيين ذوي الأصول اللاتينية وهي من الولايات المحددة للفائز بالانتخابات. وبالرغم من تصريحاته ببناء جدار لمنع تسلل المهاجرين غير الشرعيين من المكسيك إلا أنه فاز بأصواتهم. ويرجع ذلك إلى قيام الأمريكيين من أصول لاتينية المقيمين بصورة شرعية في البلاد بالتصويت له لأن المهاجرين غير الشرعيين ينافسونهم في الوظائف والخدمات. وبالتالي فمن منظور المصلحة البحتة صوت هؤلاء لترامب مثلما حدث في الاستفتاء في المملكة المتحدة للخروج من الاتحاد الأوروبي. هناك عدد من الأسباب التي قد تفسر فوز ترامب التاريخي وغير المتوقع. أول تلك الأسباب هي تململ الناخبين الأمريكيين من المؤسسة الرسمية التي يرونها تتصرف بصورة غير ديمقراطية في بعض الأحيان. ولكون ترامب خارج تلك المؤسسة فقد مثل ذلك له ميزة إيجابية.
فقد المواطن الأمريكي وغيره الثقة في السياسيين والسياسة المعتادة التي تتم في الكواليس دون مصارحة أو قدر من احترام عقلية المواطن. لقد ظهر ترامب من خارج الصندوق السياسي ولم يتمرس على تكتيكات السياسيين الذين يقولون شيئا ويضمرون أمورا وقرارات أخرى. يمكن أن يتغير ترامب بعد دخوله البيت الأبيض ولكن ليس على شاكلة كلينتون المخضرمة في عالم السياسة.
يضاف إلى ذلك تركيز حملة هيلاري كلينتون على كونها امرأة ومع الأقليات وانتقاد ترامب دون الاقتراب من المشكلات الحقيقية للسياسات الأمريكية الحالية. لم تتعامل كلينتون مع آلام المواطنين ومخاوفهم. ركزت حملتها بصورة كبيرة على تشويه صورة ترامب وكونه لا يصلح ليكون رئيسا لمزاجيته وموقفه من المرأة. ومن الأسباب الأخرى حديث جهاز المباحث الفيدرالية الأمريكية عن إعادة فتح التحقيق في رسائل البريد الالكتروني الخاصة بهيلاري عندما كانت وزيرة للخارجية الأمريكية منذ أقل من أسبوع. إن الملابسات المحيطة بمقتل السفير الأمريكي في ليبيا ومسح الآلاف من الرسائل الالكترونية قبل أن تصل إليها أيدي التحقيق ومن البداية عمل حساب الكتروني خاص للمراسلات الرسمية والأمنية، شكلت ضربة موجعة لفرص كلينتون في الفوز. فقد زاد شك الناخب الأمريكي في صراحة كلينتون حول هذا الموضوع وأكد على عدم الثقة في السياسيين من داخل المؤسسة. على صعيد آخر أعطى ترامب انطباعا لدى الناخب الأمريكي أنه في صفهم نتيجة تلقائيته في الحديث دون الالتزام بالنص. يريد الناخب سماع شخص يتحدث دون تحضير مسبق وورقة مكتوبة. كما أن الكلام غير المعد يصل إلى قلب الناخب وعقله وهو ما يسهل التواصل بين المتحدث والمستمع. نجح ترامب في كسب مشاعر وقلوب بعض الناخبين من خلال هذا التكنيك. يضاف إلى ذلك إصراره على تحدي مؤشرات الفشل ومن أهمها انتقادات لاذعة من داخل حزبه وإعلان بعض قيادات الحزب الجمهوري عدم التصويت لترامب. تحدى ترامب كل تلك الضغوط من داخل حزبه وأثبت خطأهم. وكانت هناك توقعات بفشله في بعض الولايات. فمثلا قد سافر إلى ولايات مثل ميتشغان وسيكنسون بالرغم من مؤشرات الفشل في تلك الولايات، وفاز بهما ضد كل التوقعات. لم يعبأ كثيرا بما يقوله الإعلام ولا استطلاعات الرأي ولكنه قام بما يلزم للتواصل مع الأمريكيين والفوز في الانتخابات وهو ما تحقق. ومن هنا يمكن القول إن استطلاعات الرأي فشلت للمرة الثالثة في التنبؤ بصحة نتائج التصويت، أولها في فوز حزب المحافظين بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة والاستفتاء الخاص بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وآخرها الانتخابات الأمريكية. على مؤسسات قياس استطلاعات الرأي أن تعيد حساباتها والمنهجية التي تستخدمها للقياس. يصعب في المستقبل التعويل على تلك الاستطلاعات إذا لم تحدث تعديلات عليها.
هل ستكون هناك صفحة جديدة في الشرق الأوسط من جراء كتابة تاريخ جديد في الولايات المتحدة بفوز ترامب بمنصب الرئيس؟ أتصور بحكم قرب العلاقة بين ترامب والرئيس الروسي بوتين أن تكون الأزمة السورية في طريقها إلى الحل في خلال عام. ظل الخلاف الأمريكي ـ الروسي لفترة عائقا أمام الحل. وأعتقد أن تقاربا أمريكيا روسيا تركيا سوف يضع نهاية لهذا الصراع الدامي. قد تستمر بعض أعمال العنف بعد الحل ولكن ستكون هناك توليفة توفر للأكراد نوعا من الحكم الذاتي وتنهي الصراع المستعر في حلب وغيرها بما يضع الأساس لدولة مستقرة بصورة ما. قد يعتبر البعض ما أقوله ضربا من الجنون والخيال ولكنني لدي قناعة بأن التقارب الأمريكي الروسي هو المفتاح المحوري لحل تلك المأساة الإنسانية التي حصدت أكثر من ربع مليون قتيل والملايين من المهجرين داخليا وخارجيا.
في ما يتعلق بالملف المصري وبعد الاتصال بين ترامب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وتصريحات ترامب حول المسلمين، سيكون هناك تقارب بين الجانبين وهو ما يخفف من الوضع الاقتصادي المصري المتأزم. لن تكون هناك ضغوط وشبه تجاهل لمصر من قبل الولايات المتحدة لمصر بعد عزل الرئيس محمد مرسي في عهد ترامب لتقارب وجهات النظر بين الجانبين حول الإسلاميين ومخاطرهم.
وبخصوص إيران فلن تكون بعيدة عن الضغوط الأمريكية ولن تكون مطلقة اليد كما هو الحال الآن بعد الاتفاق النووي. تنفست إيران بعد الاتفاق النووي وما سيقوم به ترامب هو استمرار التلويح بعودة العقوبات في حال محاولة إيران الخروج عن الخط المرسوم لها في المنطقة. تصاعد الدور الايراني في المنطقة علي حساب السعودية واستمرار ذلك قد يكون خطرا على التوازن في المنطقة. ومن هنا ستقوم إدارة ترامب بالحد من الدور الإيراني الحالي والتأكد من عدم قيامها سرا في تحقيق حلمها لتكون دولة نووية.
والقضية المحورية في الشرق الأوسط هي إقامة الدولة الفلسطينية وتحقيق السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. لا أعتقد أن يقوم ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل كما صرح قبل ذلك ولكنه في الوقت نفسه لن يحل المشكلة من خلال قيام دولة فلسطينية. سيستمر الوضع على ما هو عليه مادام العرب في حالة ضعف. إن الكرة في ملعب العالم العربي لجعل قيام دولة فلسطينية حقيقة.
في النهاية أود أن أقول إن ترامب قد يغير بعض الأشياء ولكنه في النهاية محكوم بالمؤسسات القائمة لأن الولايات المتحدة دولة مؤسسات. سيركز على الأقل في السنة الأولى على الملفات الداخلية ولاسيما الاقتصاد والأمن، ولكن يمكن أن يكون حل الأزمة السورية مع روسيا هو إرث دونالد ترامب كرئيس.

٭ كاتب مصري

ترامب: صفحة جديدة في التاريخ
سعيد جوهر

قديم 11-16-2016, 08:01 PM
المشاركة 7
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
لماذا ظفر ترمب بالرئاسة؟ ولم قد يفوز أمثاله مستقبلا؟
أحمد زهاء الدين عبيدات

يتساءل بعض المثقفين كيف لدونالد ترمب، البذيء وغير المتزن والمنعدم الخبرة في شؤون إدارة الحكومات وصاحب التاريخ المشبوه أن يفوز برئاسة الدولة العظمى؟"

لقد جاء هذا الرجل بالشناعات حيث قال أمام الكاميرات إنه لو أطلق النار على أحد الناس لما عزف عنه الناخبون، وإن النساء لا يبالين لو أمسكهن متحرشا، وأمر الحشود الداعمة له بضرب الهاتفين ضده، وهدد بتهجير ملايين المهاجرين من أميركا. كيف لمن جمع هذه الرزايا أن ينتخب رئيسا في بلد تعدد الأعراق؟

يسارع البعض إلى الجواب في كون بعض العنصريين ساخطين على وجود رئيس أسود، لكن الاقتصار على هذا التعليل مردودٌ لكون غالبية الأميركيين صوتوا لأوباما الأسود مرتين. وقد يعلل فوز ترمب بالغضب من عجز أوباما عن تنفيذ التغيير الشامل فصوت الناس لمن هو خارج المؤسسة السياسية تماما حتى يكون متحررا من قيودها. وهذا تصور سليم، لكن التعليل أعقد، وهو ما أوجزه في رباعي من العلل يختص بالاقتصاد المعولم، والإعلام المخصْخص، والأخلاق المخصْخصة، والمتاجرة بالإرهاب، ثم أزيد عنصرا خامسا.
"قد يعلل فوز ترمب بالغضب من عجز أوباما عن تنفيذ التغيير الشامل فصوت الناس لمن هو خارج المؤسسة السياسية؛ وهو تصور سليم، لكن التعليل أعقد، وهو ما أوجزه في رباعي من العلل: اقتصاد معولم، وإعلام مخصْخص، وأخلاق مخصْخصة، ومتاجرة بالإرهاب"
1- لقد تحولت أميركا من دولة صناعية إلى دولة خدمية عالية التقنية بنهاية التسعينات، حيث نقل أرباب المصانع شركاتهم للخارج بحثا عن العمالة الرخيصة، وهذا مما يعظم أرباح أرباب المصانع.

بل إن عمليات المكننة أو التأليل (بالآلات) المرتبطة بمواقع البيع على الشبكة المعلوماتية قد عظمت من إحالة الكثيرين خارج الخدمة. ومن خلال هذين الأمرين ازدادت طبقة الأغنياء (المشكلين لواحد بالمئة من الشعب) ليستولوا على قرابة ربع الدخل السنوي، وصعدت مداخيل أصحاب المهن العليا، بينما آل حال عمال المصانع وغير المتعلمين للعمل دون عقود في الخدمات البسيطة.

وهناك فرق هائل؛ فعمال المصانع قبيل التسعينات كانوا أصحاب تأمين صحي وتقاعد وراتب يقارب 40 ألف دولار سنويا أو يزيد. وهذا الدخل أعلى من رواتب كثير من وزراء حكومات العالم الثالث في تلك الفترة. كل هذا الرفاه تبدد تدريجيا منذ بدأ الرئيس ريغان في مقاومة النقابات في الثمانينات، ثم بشكل صارخ مع كلينتون في عمليات نقل المصانع. أي أن الحلم الأميركي بالحياة الرغيدة قد تبخر، كيف لا ومعدل دخل العائلة السنوي بعيد الحرب العالمية الثانية (بالقدرة الشرائية لهذه الأيام) هو 138 ألفا مقارنة بـ 57 ألفا لهذه الأيام. وهو ما يفسر شعار "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، أي لنرجع لأيام الخمسينات.

هذا التطور التاريخي حول قطاعا من الشعب الأميركي لحالة يرثى لها تفاقمت أثناء الكساد. وهكذا ظهر "الحزام الصدئ" للمناطق الواسعة التي أفرغت منها المصانع. وزد على ذلك أن الطبقة الوسطى من المتعلمين بدأت تتآكل أيضا، حيث انتشر تعيين الموظفين بصيغة الدوام الجزئي دون توظيف كامل.

2- ومما فاقم الأمر أن المساحة المخصصة لمناقشة القضايا العامة في الإعلام أخذت تتشوه؛ فالجرائد أخذت تغلق مع انتشار الشبكة المعلوماتية، كما أن القنوات الإعلامية أخذت تتغافل عن التغطية الشمولية والموضوعية لأن أصحاب البلايين أخذوا يسيطرون عليها. وهكذا صار أي كذب أو تزييف يطلق دون حساب، من نحو أن الاحتباس الحراري منعدم، وأن هناك حرقا نظيفا للفحم، وأن الطريقة المثلى للدفاع عن النفس هي حمل الأسلحة. وكل هذا الضخ الإعلامي صار مسلكا للإقناع الشعبي.

3- وبما أن الخصخصة المعولمة تزاوجت مع احتكار الإعلام، فقد صارت المتاجرة بالإرهاب هي السردية الكبرى على مستوى العلاقات الدولية. فلم يعد هناك تخوف من الفاشية أو الشيوعية، بل كل التوجس صار ينصب على المسلمين! ففي بلد كأميركا يموت فيها ثلاثون ألفا كل سنة قتلا بالأسلحة ولا يهددها الإرهاب بأكثر من عشرين نفسا، فيما تغمض العيون عن مشاكل العصابات وقمع الشرطة وفوضى السلاح.

وهكذا صار الإرهاب هو النجم المنتفخ الذي صار يخفي كل الشموس الساطعة. لكن هيهات، فالإرهاب نجم كاذب لا يقوى على التعامي عن الثلاثين ألفا من القتلى، بل إن من قتل من البرازيليين بسبب العنف هو أكثر ممن مات في سوريا سنة 2015 كما تصرح جريدة الأندبندنت! وهي معلومات صاعقة توضح مدى خبث المتاجرة بالإرهاب.

"العولمة أفقرت، والإعلام المخصخص جهل، والأخلاق المخصخصة فككت التناغم الأخلاقي، وتجارة الإرهاب وحدت الغربيين على المسلمين بعيدا عن أنهار الدم الجارية.*ولأجل ذلك يصبح انتخاب ترمب مفهوما، خصوصا مع غياب منافس قوي كساندرز"
4- ضمن هذا الاضطراب فهل هناك قيم قائدة وبوصلة هادية لدى المهمشين؟ ماذا عن "العقلانية والموضوعية"؟ هذه القيم لم تعد محل اتفاق بسبب تراجع دعم الدولة للتعليم، ولأن الأكاديميا في الإنسانيات مرضت بسرطان ما بعد الحداثة وصارت القيم الكونية محل شك واستهزاء، ولأن خطاب الحقوق الفردية أصبح يأكل بعضه بعضا. فالنباتيون في تحقير لآكلي اللحم، والمثلية الجنسية في تنازع مع العائلية، والثقافات ما بعد الاستعمارية في تضارب مع التنوير.

في هذا الحال من غياب منظومة أخلاقية مترابطة كالتقدمية العالمية صار المركز يتلاشى وصارت الثقافة تتفسخ. وهكذا رجعت فئات عريضة للقيم القديمة، فاشتدت العودة للمسيحية ضد المثليين، أو كراهية الهنود المبرمجين باعتبارهم مغتنمين للوظائف المجزية، أو التخوف من السود والمهاجرين. أوليس المثليون والنسويون والمسلمون هم من أدى لكل هذا الخراب العولمي؟ الجواب نفي قاطع، لكن مثله يدور في عقل بعض ناخبي ترمب.

الحاصل أن العولمة أفقرت، والإعلام المخصخص جهل، والأخلاق المخصخصة فككت التناغم الأخلاقي، وتجارة الإرهاب وحدت الغربيين على المسلمين بعيدا عن أنهار الدم الجارية. بعد ذلك يصير انتخاب ترمب مفهوما، خصوصا مع غياب منافس قوي كساندرز. إن صفات الغضب قد أسبغت على ترمب صفة القيادة القوية التي تتكلم بصراحة دون وجل.

إن رباعي العلل لا يفسر قدوم ترمب فقط؛ بل يتنبأ بإمكان ظهور من هو على شاكلته في انتخابات قادمة. ولا ينبغي لأحد أن يرى الطريق الصواب بمعاكسة رباعي العلل بالاقتصاد القومي الحمائي، والإعلام المقدس للمصالح الوطنية، والعودة للتراثيات الأخلاقية الأحادية، والزعم بانعدام الإرهاب. ردة فعل من هذا النحو ترجع لزمن منع التعددية الثقافية. الصواب غير موجود في أي من النماذج الآفلة، بل الإبقاء على المفيد من رباعي العلل هو الأصوب:

1- الاستمرار في العولمة الاقتصادية بالتوازن مع حقوق الاقتصاد القومي، فلا مجال اليوم لحظر استيراد التقنيات اليابانية والمزروعات الاستوائية. ينبغي أن تجبر كل شركة تصنع في بلد وتبيع في آخر على مناصفة الضرائب أو أن توظف نصف موظفيها في بلاد المنشأ، ونصفا آخر في بلد المستقر، وهكذا ينتفع طرفا العولمة بالمناصفة.

2- تصويب الإعلام المخصخص بوضع شروط الموضوعية على نقل الخبر وشرط الشمولية للتغطية الإخبارية. فكما توضع شروط قانونية صارمة على صدق المكونات الغذائية وتقدم نصائح طبية لتوازن الأطعمة، فمكونات المعلومات الإخبارية وتنوعها لا تقل خطورة على صحة المجتمع.

3- تقويم الأخلاق المخصخصة من خلال الحوار المنطقي والعلمي للتوصل لحلول وسط بين تكاثر نزاعات الحقوق الفردية، فيصار لتنازل كل طرف عن الإطلاق الشامل الذي يشتهيه. فالدنيا ليست ذكورية بالمطلق ولا كذلك نسوية. والمثلية لها وجود لكنها لا تزيد عن قدر معين لا ينبغي أن يعم المجتمع، وعلى الضد لا ينبغي أن ينشغل المجتمع بمحاربة أمور جنسية لا يمكن معرفتها لخفائها.

4- ترك المتاجرة بالإرهاب والذي يتلاعب به بعض المستبدين في العالم الثالث لكسب حظوة لدى الغرب، ولكون الغرب يتكسب من سردية الإرهاب حتى لا يقوم بعبئه الثقيل في رفع التهميش.

"إذا صار إصلاح الدستور الأميركي ضرورة ماسة، يصير إصلاح النظام العالمي ضرورة أكثر إلحاحا للخروج من إطار القطبية الأحادية أو مجلس الأمن الدولي، والدخول في التمثيل الشعبي المباشر لسكان الكوكب في الأمم المتحدة"
هذه الحركات التصحيحية للعناصر الأربعة مفتقرة لعنصر خامس ذي وجهين محلي ودولي في آن. هذا العنصر يتمثل في غياب الحاكمية الشعبية المباشرة للداخل الأميركي وغياب الحاكمية الشعبية لشعوب الكوكب في النظام العولمي. فمن الناحية الأميركية، فإن ترمب قد فاز بأصوات ممثلي الولايات، لا أصوات المقترعين الذين فازت هيلاري بعدد أكبر منهم. وهذا نظام قديم نشأ في بواكير أميركا في المرحلة الزراعية. هذا النظام يعطي الأولوية للولايات، لا الأغلبية الشعبية؛ إذ بمقتضاه تحكم جل الحواضر الأميركية من خلال أريافها! وهو نظام خطير جدا، لأنه يترك سكان الأرياف يقررون في مسائل عولمية وعلمية خارج أفق سكان الأرياف. لكن مسألة تقادم نظام الانتخاب في أميركا يتعاظم أثره على النطاق الدولي في كون الريفيين الأميركيين يقررون حياة المتمدنين في المناطق الأخرى من العالم اقتصادا وأخلاقا وسياسات أمنية.

إن "التريف" في صناعة القرار الأميركي أسهم في "ترييف" عالمي نظرا لكون أميركا هي القاطرة التي تجر العالم، مما يجعل أي تباطؤ أو انحراف لدى هذه القاطرة يؤثر على كل المقطورات التابعة من دول العالم. فإذا صار إصلاح الدستور الأميركي ضرورة ماسة، يصير إصلاح النظام العالمي ضرورة أكثر إلحاحا للخروج من إطار القطبية الأحادية أو مجلس الأمن الدولي والدخول في التمثيل الشعبي المباشر لسكان الكوكب في الأمم المتحدة.

إن الديموقراطية الكوكبية ضرورة عولمية يجب أن تتم بتجاوز ممثلي دول العالم الثالث وفيها ما فيها من الحكومات الفاسدة لمعرفة حاجات الناس. نحن الآن في عصر الشبكة المعلوماتية حيث صار التصويت المباشر على الشبكة المعلوماتية أمرا يسيرا من الناحية التقنية. من غير المعقول أن تستمر أزمات الكوكب الكبرى أمورا تحسمها غضبة عابرة تصدر عن سكان الريف الأميركي! كل هذا التشخيص هو مداواة للأمراض المزمنة لثقافة ما بعد الحداثة، من خلال الحداثة الراشدة، فالحداثة الرعناء هي من جاءت بترمب ولسوف تأتي بغيره إذا لم ترشد.
المصدر : الجزيرة

شارك برأيك
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الجزيرة وإنما تعبر عن رأي أصحابها
انشر تعليقك عن طريق:
التعليق الأحدث
إظهار 1/1 تعليقات
مصراوىمنذ ساعة21
نتفهم خوفك و هلعك من وصول ترامب الى قمة السلطة و أنا أعرف اسباب خوفك و هلعك و لكن هذا لن يغير من الوضع شيئا .. فقط عليك أن تنصح الأخوان و الجماعات الاخرى التى تسمى نفسها أسلامية أن تنسحب من المشهد حتى تأمن على نفسها لأن الدعم و التمويل سوف يتوقف أن لم يكن توقف فعلا ,, فقد ذهب أوباما الراعى الرسمى لهذة الجماعات .
ردا على التعليق(0)


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: كروت ترمب الرابحة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التذكرة الرابحة عبد الرزاق مربح منبر القصص والروايات والمسرح . 6 01-23-2021 08:42 PM
ترمب وزيارة العرب ...اولا وأخيرا ايوب صابر منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 2 05-23-2017 03:32 PM
ترمب والزر الأحمر...راح العالم بشربة كولا?! ايوب صابر منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 0 04-30-2017 05:13 PM
شكرا لك يا رب على ترمب ايوب صابر منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 0 02-14-2017 12:22 PM
على الاغلب سوف يفوز ترمب ايوب صابر منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 6 11-11-2016 03:34 AM

الساعة الآن 12:35 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.