قديم 09-03-2010, 02:28 PM
المشاركة 21
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
المتنبّي
بين محاسنه ومباذله

بقلم الأمير شكيب أرسلان

المتنبي أحمد بن الحسين الكندي الجعفي من كبار فحول الكلام الذين لم تنجب الإنسانية أمثالهم في آلاف من السنين. ولو أن المتنبي ترجم ديوانه إلى اللغات الأوروبية بأقلام فصحاء ينتقون اللغتين المترجم منها والمترجم إليها، لعرف الأوروبيون من فصاحة العرب وتحليقهم في سماء الأدب ما هو فوق تصورهم الحالي. هذا برغم ما يكون بين الترجمة والأصل من الفرق العظيم الذي لا تفيد براعة الترجمة شيئًا في تلافيه. فالمتنبي لسان إبداع الأولين ولسان إبداع في الآخرين، وهو شاعر سرمدي لا يختص بعصر ولا بمصر، فأين كانت الإنسانية وأنى كانت، فالمتنبي مثلها الأعلى في الفصاحة والبلاغة. وكل عبقري في العالم قد يعطيه الناس زيادة على حقه، إما لإفراطفي الإعجاب، وإما لأجل التأثير في السامع، فإن الكتاب قد يحسبون حساب المسافة الفاصلة بين الحقيقة في حد ذاتها وبين أفهام السامعين أو القراء، فيتعمدون زيادة القوة الموصلة للحقائق حتى تصل سالمة ولا ينقص منها شيء في الطريق، وأما المتنبي فمهما قيل فيه فإنه قمن، وذلك لأنه ليس هناك شاعر مثله اتسع في فتوحات الكلام، وتساوى في فهم شعره الخاص والعام.
ومما لا مشاقة فيه هو أن أبا تمام الطائي أجزل شعرًا وأمتن لغة وأعلى نفسًا، وأن أبا عبادةالبحتري أطلى نظمًا وأرق نسجًا وأعذب لغة، فليس عند المتنبي قوة أبي تمام في الجزالة ولا ملكة البحتري في السلامة، ولكنه يعلو على الاثنين علوًا كبيرًا في الأمثال والحكم وجوامع الكلم، فإنه لا يوجد معنى تبحث النفس عنه لتجد له قالبا لائقا إلا وجد الإنسان عليه بيتًا من شعر المتنبي. ففي هذا لا يباريه مبار ولايصطلى له بنار ولا تأتي بمثله الأعصار، لا في شعراء العرب ولا في غيرهم. وقد نشرالحاتم يرسالة قابل فيها بين معاني المتنبي المنظومة شعرًا وبين أقوال أرستطاليس، فوجد طائفة متشابهة قال إنها إن كانت من قبيل توارد الخواطر، فذلك مقام كبير لأبي الطيب وهو أن يتفطن لما فطن له شيخ الفلاسفة، وإن كان المتنبي اطلع على أقوال أرسطو ونظمها شعرًا فهو أيضًا فضل عظيم.
ومن قرأ شعر المتنبي من أوله إلى آخره اقتنع بأنه لم يكن يرجع في اختراعاته غير المسبوقة وابتكاراته الناشئة عن محض السليقة إلى أرسطو ولا إلى غيره، وإنما كانت أبياته المشابهة لأقوال أبي الفلاسفة من قبيل توارد الخواطر وتوافق الضمائر. وكم يقع هذا بين العلماء الكبارولا سيما بين العبقريين الذين يتراءى للواحد منهم ما يتراءى للآخر، كأن العبقرية شركة عنان وكأن النبوغ حصة شائعة كما يملكه الواحد الاثنان. وبالاختصار فلا يكاد يمر بالإنسان يوم إلا ويخطر بباله معنى من مناحي الحياة المتعددة يفكر في إيراده فيبيت منظوم، إذا وجد من ذلك واحدًا عند الشعراء كلهم وجد بإزائه خمسة عند المتنبي وحده. فهو ملجأ المتمثلين ومفزع المتأثرين. وكأن المستشهد بشعر المتنبي إذا شكا أوبكى أو حن أو طرب أو هاج أو غضب أو تحرك أو ركب أو أحب أو شرب، وجد في شعر المتنبي الغاية التي يشتفي بها أواره، ويقر عنده قراره. فإذا قيل: إن المتنبي رفيق كل مفكروكهف كل متعمق وشيخ كل واعظ وحلية كل لافظ وعمدة كل خطيب وخزانة كل جوال في المواضيع، وإذا قيل: إن العقل السليم والمنطق السديد لم يألفا في أدمغة أهل الأرض قاطبة ممن أوتي الحكمة شعرًا والبيان سحرًا مثل دماغ أبي الطيب المتنبي، فلا يكون هذا القول مفرطًا، ولا يكون صاحبه مسرفًا.
وقد أجاد المتنبي ككل شاعر كبير في مختلف الموضوعات، فليس باب من أبواب القول إلا وقد جاء فيه بالمعجز. غير أنه ربماباراه سائر الشعراء في كثير من الفنون. وقد فاقه أبو تمام في الرثاء وربما في المديح، وعلا عليه أبوالعتاهية في الزهد وأبونواس في المجون والحاجزي في الغزل والبهاء زهيرفي الرقة وابن سهل الإشبيلي في دماثة العشق، ولكن الحكمة هي المملكة التي أبت أن تعطي لغير أبي الطيب قيادها، فجميع الشعراء هناك سائرون تحت لوائه يقال لكل واحد منهم: أطرق كرى. ويقال ذلك بحق

قديم 09-03-2010, 02:30 PM
المشاركة 22
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
جنون العظمة في المتنبي
مَــرَض نفسِـي- فضيلة خلقـيّة

كان المتنبي ذا كبرياء وترفع، وكانت له دالة على الملوك والأمراء إلى حد لم يكن لغيره حتى نسب إلى الجنون". هكذا يقول المؤرخون. وقد جعل الأستاذان عبد الرحمن صدقي، وطاهر أحمد الطناحي هذه الناحية في المتنبي موضوع مناظرتهما، فرأى الأول أن جنون العظمة عند المتنبي مرض نفسي، وأن مبعث ذلك الصلف والخيلاء. ورأى الثاني أن هذه الصفة فضيلة خلقية وأنها لم تكن صادرة عن صلف وغطرسة، بل عن اعتداد بقيمة الفن، واحتفاظ بالكرامة

قديم 09-03-2010, 02:36 PM
المشاركة 23
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مرض نفسي

بقلم الأستاذ عبد الرحمن صدقي

قال هيني شاعر الألمان بأسلوبه اللاذع الصادق في إحدى رسائله: الإنسان أزهى الحيوان كافة، والشاعر أزهى بني الإنسان فإذا أضفنا إلى ذلك اعتقاد العربي بأن أمته خير أمة أُخرجت للناس عامة فكل من عداها أعاجم، وأن قبيلته من بين القبائل أكرمها خاصة، حتى بلغ من العصبية أن صارت الأنساب علمًا له المقام الأول بين العلوم، وإذا أضفنا من الناحية الأخرى اعتقاده بفضل اللغة العربية على سائر اللغات، وأن أبناءها هم دون سواهم المطبوعون بالفطرة على الشعر، فقد اجتمعت لنا من هذا جميعه صورة صحيحة، أو هي أقرب ما يكون إلى الصحة، عن جنون العظمة عند شاعر العربية الأكبر أبي الطيب المشهور بالمتنبي. كان أبو الطيب من أصل وضيع خامل، وأبوه الحسين يعرف بعبدان السقا. وكان فيما يقال سقاء بالكوفة يستقي على جمله لأهل محلة بها اسمها كندة. والمأثور عن أبي الطيب حرصه على تكتم نسبه، وقد سئل في ذلك فقال يلتمس وجه الحجة: (إني أنزل دائمًا على قبائل العرب وأحب ألا يعرفوني خيفة أن يكون لهم في قومي ترة).
ولكنه مع هذا الذي رأينا من خمول نسبه، ما برح منذ الحداثة شامخًا، مصعرًا خده، ينفخ شدقيه بالمفاخرة والتعاظم فلا يقف عند نفسه بل يتجاوزها إلى ذكر جدوده:

لا بقومي شرفت، بل شرفوابي وبنفسي فخرت، لا بجدودي

وبهم فخر كل من نطق الضــ ـاد، وعوذ الجاني وغوثالطريد


وفي قصيدة أخرى على لسان أحد التنوخيين، ينفي الكرم عن غير اليمانية وهم الأرومة العاربة التي إليها تنتمي في القدم سلالات بينها شعبة شاعرنا الجعفي:

ومجدي يدل بني خندف على أن كل كريم يمان


ولولا شعور المتنبي بتواضع نسب أبويه لما قنع بالإشارة إلى عشيرته مرات قلائل، وعلى هذه الصفة من الإيجاز والتعميم، ولما انفك يقرع الأسماع ويجلجل الآفاق بذكر آبائه والإشادة بضخامة حسبهم في كل قصيدة، بمناسبة وغير مناسبة، ذهابًا مع ما درج عليه العرب من الفخر بالأنساب، وما انطبع هو عليه من غلواء الكبر والتعالي على الخلق. وليس أدل على هذه الغضاضة المكتومة من طريقته في تركيزه العظمة في نفسه، ثم استدراكه إلى ذكر قومه أنفة من الاستخذاء وخيفة أن يؤخذ سكوته عنهم تسليمًا بخفاء شأنهم وحطة قدرهم. وقد تقدم للقارئ في البيتين السابقين مثال على طريقة الشاعر في التركيز والاستدراك، ونزيد عليهما بيتين من قصيدته الشجية في رثاء جدته:

ولو لم تكوني بنت أكرموالد لكان أباك الضخم كونك ليأما
وإني لمن قوم كأن نفوسنا بها أنف أن تسكن اللحموالعظما

وطبيعي أن يكون لهذا التحرز عند ذكر الحسب ردة فعل في ضمير صاحبنا، وانتقاض بقدرما يعانيه من كان في مثل كبره من الحزازة والكبت. فإنه ليعتاض مما فاته من تفاخر بحسبه ونسبه، بالذهاب إلى الشأو الأبعد في الاعتزاز بنفسه، والمغالاة بقدره، والاستطالة على من واه. وليست تعوزنا الشهادة على ذلك في ديوانه وفي سيرة حياته، بلإن ذاك وتلك لا يشهدان على شيء إن خفيت دلالتهما على جنون العظمة عنده. فاستمع إليه يصف مقامه في الناس وإرباءه على الأكفاء وتميزه عن النظراء بما يجعله صنو الأنبياء:

ما مقامي بأرض نخلة إلا كمقام (المسيح) بين اليهود

أنا في أمة تداركها الله غريب "كصالح" في ثمود

وفي قوله هاجيًا:

يا لك الويل، ليس يعجز (موسى) رجل حشو جلده فرعـون

وهو يعلم من نفسه خيلاءها وعجبها فلا يصطنع المداجاة، ولا يحتال باعتذار، ويأبىله صدق إيمانه بنفسه وعمق يقينه إلا أن يصدع بقول لا جمجمة فيه بأن الكبرياء حقه لامنازع له فيه:

إن أكن معجبًا فعجب عجيب لم يجد فوق نفسه من مزيد
وهذا الإحساس المفخم تتردد أصداؤه في كل قصيدة حتى ولو كان في موقف العبرة أمامالموت كقوله عن نفسه في مرثيته لجدته:

تغرب لا مستعظمًاغيرنفسه ولا قابلاً إلا لخالقه حكما


بل إنه ليقع في دخيلة روعنا منه أنه في تسليمه هنا للقضاء لينطوي على مضاضةالرغم، وأن هذا الشطر الأخير منتزع منه انتزاعًا. فإننا نعرف الرجل متمردًا على كلسلطان، مستخفًا بكل شيء، وإن لنا من تصرفه كدعوى النبوة في صباه، وتركه للصلاةوالصيام طيلة حياته، ثم من مبالغاته الكفرية في بعض تشبيهاته لممدوحيه، ما يشعرنامنه ضعف العقيدة ورقة الدين. وهل يستشعر خشعة التقوى من يقول ذات يوم ولو في مقامالفخر:

أي محل أرتقي؟ وأي عظيم أتقي؟
وكل ما خلق الله وما لم يخلق
محتقر في همتي كشعرة في مفرقي

قديم 09-03-2010, 02:43 PM
المشاركة 24
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
فضيلة خلقية


بقلم الأستاذ طاهر أحمد الطناحي
كثير ممن تعرضوا للكتابة عن المتنبي رموه بالكبرياء والغرور، واتهموه بالغطرسة والتنفج وجفاء الطبع، حتى قال أبو علي الحاتمي: (كان أبو الطيب عند وروده مدينة السلام قد التحف برداء الكبر والعظمة، يخيل له أن العلم مقصور عليه، وأن الشعر لايغترف عذبه غيره، ولا يقطف نوره سواه. ولا يرى أحدًا إلا ويرى لنفسه مزية عليه). وزعموا أنه لكبريائه وخيلائه ادعى النبوة وهو فتى في مقتبل الفتوة، وطمع في الإمارة والملك. وترفع عن مدح غير الملوك والأمراء. وهم حينما يروون هذه الأقاصيص التي تتعلق بكبريائه، والتي أكثرها موضوع افتعله حساده ليشوهوا سمعته، ويخفضوا مكانته،إنما هم يصورونه في حالة خلقية هي نقيصة النقائص في الطبع، وعيب العيوب في الخلق.
ولم يجد حساده في زمنه سلاحًا يحاربونه به أقوى من هذا السلاح الذي يغرى به الملوك وذوي المطامع والسلطان. وقد اتخذوا من هذه الصفة - صفة الكبرياء - التي قلبوا حقيقتها فيه، وأنكروا فضيلتها عنده، وسيلة استخدموها للدس عليه، والغض منشأنه، حتى إن أبافراسالحمداني - وهو على ما عرف فيه من أدب ورفعة محتد - لم يستطع أن يحاربه عند سيف الدولة بعد اليأس إلا من هذه الطريق التيتظهر المتنبي مدلاً متغطرسًا ممجوجًا ذا منقصة شنيعة، وهي ليست عند العارفين بطبائع العظماء بمنقصة أو عيب يحسب في عداد النقائص والعيوب.
فقد حكوا أن أبا فراس قال لسيف الدولة: ( إن هذا المتسمى كثيرالدلال عليك، وأنت تعطيه كل سنة ثلاثة آلاف دينار على ثلاث قصائد، ويمكن أن تفرقمائتي دينـار على عشرين شاعرًا يأتون بما هو خير من شعره).. وليس أبو فراس واحدًافي مهاجمة أبي الطيب من هذه الناحية، بل كل حساده هاجموه منها، ووصموه بوصمة الكبر والجنون بالعظمة إلى جانب رميهم إياه بالسرقة، واتهامه بالأخذمن الشعراء، وهم يعلمون أن هذه التهمة تجرح كبرياءه وتمحق خيلاءه، وتقوض عظمته التي يغيظهم منها قوله:

وما الدهر إلا من رواة قصائدي إذا قلت شعرًا أصبح الدهرمنشدًا
فسار به من لا يسيرمشمرًا وغنى به من لا يغنيمغردًا
أجزني إذا أنشدت شعرًافإنما بشعري أتاك المادحونمرددًا


وأنت حين تتصفح حياة المتنبي، وتدرس أخلاقه، وتستقري هذه الكبرياء في شعره، وفيما روي عنه فيما كان بينه وبين سيف الدولة، وبينه وبين كافور أو عضد الدولة وغيره ممن اتصل بهم، لا تجد أثرًا للكبرياء الممقوتة التي تحط من قدر صاحبها، وتلحقه بالمغرورين المتنفجين الذين يتعالون في غير علو، ويفخرون بغير ما سبب للفخر، وإنما تجد عظمة أدبية، واعتدادًا بالنفس وصونًا لكرامة الأدب والأديب عن الصعلكة والمهانة في مجالس الملوك والأمراء.
فقد عرف المتنبي قيمة رسالته الفنية، وعرفما للفن من مقام في حياة الجماعة، فربأ به عن أن يكون ذليلاً مهينًا، وأراد أن يفرض على الناس احترامه وتعظيمه، حتى إذا وجد نفسه وهو فتى بين قوم لا يفهمون فنه كما يريد هو أن يفهموه قال قصيدته المشهورة التي جاء فيها:

إن أكن معجبًا فعجب عجيب لم يجد فوق نفسه من مزيد
أنا ترب النـدى وربالقوافي وسمام العدا وغيظ الحسود
أنا في أمة تداركها اللـ ـه غريب كصالح في ثمود


ولا يشكو هذه الشكوى إلا الفنان الذي يفهم قيمة فنه، ويرى الوسط المحيط به لم يفهم هذا الفن أو هذه النبوة في الفن التي تفرد بها في قومه كتفرد صالح بنبوته فيثمود. فهو إنما يعتبر رسالة الفن كرسالة النبوة تخدم كل منهما الحياة البشرية من ناحيتها الخاصة بها. ومن أجل ذلك يجب تعظيمها وتعظيم صاحبها، وأن يعطى حقه من الإجلال والإكبار.
وليس أبو الطيب بالشاعر الذي خدمت عظمته الظروف، وساعده ضعف شعراء عصره في الظهور، فقد عاش في عصر يعد أقوى عصور اللغة العربية الماضية، وأسماها في نواحي الأدب والثقافة والتفكير. وكانت المائة الثالثة للدولة العباسية هي المائة الذهبية للعلوم والآداب في حياة هذه الدولة. وقد نضجت فيها اللغة وعلوم التاريخ والأدب والطب والفلسفة والجغرافية وغيرها من العلوم والفنون، وكان الملوك والأمراء والوزراء من كبار العلماء والأدباء. وكان سيف الدولة شاعرًا وعضد الدولة شاعرًا كما كان الفضل بن العميد، والصاحب بن عباد من فحول الأدباء. وكان من شعراء ذلك العصر أبو فراس الحمداني، والسري الرفاء، وابن نباتة السعدي، والسلامي وابنهانئ الأندلسي وغيرهم.
فإذا ظهر أبو الطيب على هؤلاء جميعًا، بل على جميع شعراءعصره وشغلهم بمنافسته وحسده، فإن ذلك ليس من السهولة بحيث يبيح للكاتب أن يتهم المتنبي بالكبرياء والغرور، ويجعل فضيلة الاعتداد بالفن ومعرفة قيمته والمحافظة على كرامته عيوبًا مزرية به.

قديم 09-03-2010, 02:51 PM
المشاركة 25
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
شهرة المتنبي
شهرة العظمة والفن الخالد
بقلم الأستاذ محمد محمد توفيق

قليل من الناس بلغوا مبلغ المتنبي في الشهرة مع أن العباقرة والأفذاذ يملأون صفحات التاريخ بأخبارهم وآثارهم. ولو أن الآداب العربية أتيح لها ما أتيح لآداب الغرب من الذيوع بالترجمة والنقل، لكان المتنبي في مقدمة المشاهير الذين يلهج الناس بذكرهم في الشرق والغرب على حد سواء. ولو أن الغربيين قرأوا شعر المتنبي لأذهلتهم تلك العبقرية الجبارة وهذا الروح الوثاب الغلاب الذي يكتسح ثم يكتسح حتى لا تكاد ترى أمامه أثرًا لمنافس.
نعم... لو قرأ الغربيون شعر المتنبي لوقفوا أمامه ذاهلين. ولست ألقي القول على عواهنه فقد أذهلت رباعيات الخيام أدباء الغرب وقراء الأدب فيه، وفتحت أمامهم آفاقًا جديدة لم يروها من قبل، وتألق نجم هذا الشاعرالفارسي في أوروبا وأمريكا كما لم يتألق قط في المشرق، مع أن الخيام دون المتنبي مرتبة فهو شاعر يشدو على وتر واحد بينا يشدو شاعرنا على أوتار هي جماع الفن والحكمة والفلسفة.
وأول ما نسجله من أمر هذه الشهرة التي لازمت المتنبي في حياته ولازمت تاريخه بعد موته أنها مرتكزة على أسس متينة ودعائم قوية.
والشهرة عندنا هي الصمود للدهر ومغالبة معاول الهدم- وما أكثرها!- وقد صمدت شهرة المتنبي في حياته فتحطمت دونها معاول الهدامين الذين في نفوسهم حقد وسخيمة، وفي قلوبهم تغلي مراجل الحسد وتلهب نار البغضاء، والذين ما زالوا يذكرون مثالبه ونقائصه فيعترفون- أويعترف حسدهم- بشاعريته التي لا تجاري على وغر مكنون في الصدور.
ثم صمدت شهرته للنقاد الزارين عليه بنقدهم بعد مماته مع أن فريقًا منهم حاولوا هدمهم بمعاول هيهات أن تهدم هذا التراث الأدبي، فبقي المتنبي حيًا ولم يذهب رسمه ولم يعف أثره.
ومما يزيد في رسوخ هذه الشهرة أنها بلغت غايتها على الرغم من أن شعر المتنبي لم يكن كالنسمات تهب رخاء، أو كزقاق الخمر تروي الشاربين، بل كان شعرًا جليلاً يهتف به شاعر عبقري فيذكي في القلوب نار الحماسة والنبالة، ويمتع الأنظار والألباب بألوان من الفن الرفيع يتطاول إليها الناس ويتشوفون لها دون أن يبلغوها. ومثل هذا الشعر لايقدره حق قدره إلا الراسخون في دراسة الآداب الرفيعة التي تسمو بالأذواق إلى ما هوأعلى من أذواق العامة والمترفين من عشاق الأدب المخنث. فبهذا الشعر خلد المتنبي، وعلى هذا الأساس المتين بنى شهرته ونقش اسمه على الصخر، بينا خط معظم معاصريه من الشعراء أسماءهم على الرمال.
وإنك لتعجب وأنت تقرأ ديوانه كيف أنه استطاع أن يجمع كل هذه الأقوال المأثورة والأبيات الحكيمة في صعيد واحد، لعلمك أن معظم السابقين واللاحقين من الشعراء كانوا يتمخضون بالبيت المأثور بعد الهذيان الطويل.
ثم إنك لتعجب من هذا الروح الغلاب الذي رجح الشعراء وسادهم دون أن يعد وطوره، وتعجب لادعائه النبوة وقرنه اسمه بأسماء الأنبياء والمرسلين.
ولنزوله بالدين والكتب السماوية إلى ميادين المدح والجدال والمفاخرة، ولمخالفته ما درج عليه الناس من مألوف القول والعمل، ولتلك الحوادث الجسام واندماجه فيها مادحًا وهاجيًا وحكيمًا بعد أن حلب الدهر أشطره، ولاعتداده بنفسه وشموخ أنفه وخيلائه، ولتجاربه وثقافته التي يندر لها مثيل.
نعم إنك تعجب لكل هذا إذ تفاجأ به أول وهلة وأنت تقرأ ديوانه وأخباره، فتعود إلى نفسك وتقول: لا جرم إذا خلد المتنبي وطبقت شهرته الآفاق..
ثم إن المتنبي تفرد بنزعة أخرى غير نزعة الشاعر الفنان، إذ كان يحس بأنه أرفع من الشعر والشعراء منزلة، وأن الشعر مطيته إلى الملك والسؤدد، ويرى أن بنفسه أنفًا أن تسكن اللحم والعظم.. والحق يقال إنه كان عظيمًا في شعوره وحركاته وسكناته، فقد كان شعره على ذباب سيفه وسية قوسه، وكانت له أبيات تهول، وقد أضفت عظمة نفسه على شعره هذا الجلال وتلك الروعة (التي تركت في الدنيا دويًا) كان يود أنيكون (للسيف والفتكة البكر) لا للشعر والمدائح. فلا عجب أن تشتهر قصائده وهي من وحيالملك والبطولة والفن الرفيع.

قديم 09-03-2010, 02:55 PM
المشاركة 26
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نفسية المتنبي

تحليل لبعض نواحي حياته

بقلم الأستاذ محمد مظهر سعيد

أستاذ علم النفس بمعهدالتربية


سيتحدث الشعراء والأدباء عن المتنبي وسيصورونه بما يليق بمكانته العالية في عالم الشعر والأدب وستستهويهم تلك الصورة الخلابة التي يعطيها عن نفسه في متفرق شعره. لأن الرجل تحدث عن نفسه بما لم يتحدث به شاعر آخر. ودفع نفسه بنفسه إلى ذروة الشعر والمجد ومكارم الأخلاق. أليس هو باعترافه أشعر الشعراء:

أنا الذي نظر الأعمى إلىأدبي وأسمعت كلماتي من به صمم ***

أنا ترب الندى وربالقوافي وسهام العدى وغيظ الحسود
وهو صاحب الهمة القعساء التي تستخف بكل شيء في الوجود:

تحقر عندي همتي كل مطلب ويقصر في عيني المدىالمتطاول ***

وإني إذا باشرت أمرًاأريده تدانت أقاصيه وهان أشده

وهو الكريم واسع الصدر الحافظ للسر:

كفاني الذم أنني رجل أكرم مال ملكته الكرم

وهو الشجاع الذي بلغ من شجاعته أن يعدها الناس تهورًا:

ولو برز الزمان إلي شخصًا لخضب شعر مفرقه حسامي

هذا الرجل الذي يشرف قومه به ويفخر أجداده بانتسابهم إليه:

لا بقومي شرفت بل شرفوابي وبنفسي فخرت لا بجدودي
أترى له في الدنيا مثيلاً:

وهكذا كنت في أهلي وفيوطني إن النفيس غريب حيثماكانا

وبالجملة هذه عقيدة في نفسه منذ أن ادعى النبوة في صباه.
بل دعنا من حديثالرجل عن نفسه ولنعرج على الأخلاق الفاضلة التي يقدرها والمثل العالية التي يمجدها. فتراه يمجد القتال من صغره:

لا تحسن الوفرة حتى ترى منشورة الضفرين وقت القتال

فما المجد إلا السيف والفتكة البكر



قديم 09-03-2010, 03:15 PM
المشاركة 27
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الـمـتـنـبي والتحليل الـنـفـسـي
من موقع عجيب.

http://almotanaby.sakhr.com/articles...naheg/0017.asp


إذا كان منهج تاريخ الأدب قد استأثر بدراسة المتنبي وشعره، فإن الدراسات النفسية نادرة جدا، إذ لم تخصص دراسة مستقلة حول شعر المتنبي وشخصه، مثل الدراسات التي بحـثت في شخصية بشار أبي نواس وابن الرومي . فقط هناك بعض المقالات التي حاولت أن تقارب بعض المظاهر النفسية من خلال سيرة الشاعر ونصوصه. بالإضافة إلى بعض اللمحات التي تخللتها بعض الدراسات التاريخية.

لذا، فإن المتن الذي سنعتمده في هذا المبحث سيكون مقسما بين مجموعة من الدارسين الذين خصصوا مقالات مستقلة ذات وجهة نفسية، من أمثال الباحث الفلسطيني يوسف سامي اليوسف، والباحث علي كمال.

حتى نقف على الطريقة التي من خلالها درسا شعر أبي الطيب من وجهة نظر نفسية محاولين بذلك استخلاص النتائج الجديدة التي توصل إليها هذين الباحثين ، وهل بالفعل أضافا شيئا جديدا -للدراسات المتنبئية -أم ينتبه له السابقون قدماء ومحدثون، أم أنهما أعادا وكررا النتائج السابقة بلغة جديدة ؟
وللإجابة عن هذا السؤال لابد من اتباع مجموعة من الخطوات نحصرها فيما يلي :
1- الوقوف على الأهداف المعلنة والمضمرة لتفكيكها، حتى نقف على الدوافع التي حدت بهما إلى تبني المنهج النفسي، وكذا الوقوف على مدى الملاءمة الحاصلة بين هذه الأهداف والنتائج المتوصل إليها من خلال التحليل .
2- مساءلة المتن الشعري الذي اعتمد عليه كل دارس ليحقق فرضياته، لأن اختيار متن شعري معين ، يستبطن بداخله موقف الدارس من الشاعر ، ويعكس أيضا مواطن اهتمامه.
3- فحص اللغة الواصفة باعتبارها المفتاح الحقيقي لوصف التمثل المنهجي.
4- استخلاص النتائج الملموسة من أجل تقييم جدتها أو اجتراريتها.
في بداية هذا الفصل سنقارب المقالتين اللتين خصصهما يوسف سامي اليوسف لدراسة المتنبي ، إذ سنقوم بعرض محتواهما وإعادة سبكه وترتيبه، متوسلين بذلك الإمساك بالخطوات المنهجية المتبعة في التحليل واستخلاص ما له صلة بالتحليل النفسي وما له علاقة بحقول أخرى من التحليل.

ثم سنردف ذلك بدراسة علي كامل المنشورة في مجلة آفاق عربية، العدد 4، ديسمبر 1977. تحت عنوان " المتنبي والنفس " من أجل مقارنة هذه المقالات ، مبرزين نقط التقائهما واختلافهما خصوصا وأنهما اشتركا في نفس المبدء المنهجي.
I- يوسف سامي اليوسف : سؤال الصمود والاستمرارية
نشر يوسف اليوسف تباعا مقالتين تحت عنوان " لماذا صمد المتنبي " في مجلة المعرفة السورية عدد ( 119- 200 )، عام 1978 . يبدو من خلال هذا العنوان المتسائل أن الهاجس وراء هذه الدراسة هو الوقوف على العوامل التي جعلت شعر المتنبي يستمر عبر التاريخ ولم يلحقه البلى، وربما كان هذا الهاجس المركزي هو الذي حرك أغلب الدارسين المحدثين للمتنبي، ويبقى الاختلاف بينهم في طبيعة وجهة النظر التي يعتمدونها واختلاف طبيعة المناهج المتبعة في التحليل.

لقد اختار اليوسف منهج التحليل النفسي ليجيب عن سؤال الاستمرارية، وسنحاول بدورنا في هذا المبحث أن نجلي معالم هذا المنهج من خلال الدراسة التي اقترحها علينا هذا الناقد الفلسطيني.

من خلال عنوان الدراسة ينكشف الهدف المقصود، بحيث تتوجه الدراسة رأسا إلى الوقوف على الـعـوامـل النـفـسـية الـتي اكـسـبت شعـر المـتـنـبي الـبـقـاء والخلـود وسـلـكـتـه في عـقـد الشعراء الخالدين.

إن سؤال المرحلة التي أنجز فيه اليوسف دراسته، اتسم بسيطرة مفهوم القومية العربية ، وطرح فيه سؤال الهوية بقوة، فقد قدمت في هذه المرحلة أجوبة حول مآل هذه الهوية التي أصبحت منخورة بالآخر وهذه القومية المحاصرة بالتنابذ الإيديولوجي للأقطار العربية. إن اختيار شاعر كالمتنبي لذو دلالة بالغة فهو شاعر شاهد تمزق الأمة العربية وعاش لحظات احتضارها.

إن التماس جواب لسؤال استمرارية المتنبي سيتم البحث عنه في الحاضر ليس في الماضي ، فكل قراءة للماضي مشروطة بأسئلة الحاضر.

إنه في فلك هذا السؤال الكبير والإشكالي تحركت أغلب الدراسات المتنبئية، فإذا كان هدف الدراسات التي تبنت منهج تاريخ الأدب ، تهدف إلى توثيق وتحقيق هذه الهوية ، وقد تمثل ذلك في التركيز عن نسب الشاعر ، والمحيط الاجتماعي والسياسي والعقائدي والفكري الذي تبلور فيه المتنبي وشعره، والتركيز على توثيق النص، فإن المنهج النفسي سينصب على تشريح هذه الهوية ومساءلة الذات الشاعرة والكشف عن آليات اشتغالها.
لقد قسم اليوسف دراسته إلى قسمين :
1) القسم الأول : شخصية المتنبي ومنطوياتها النفسية
لقد صرح اليوسف في بداية هذا القسم ،
- أن الاهتمام بشعر المتنبي قديما وحديثا ليس محض صدفة، " إذ لابد من وجود عناصر نفسانية وفنية في شعره تشد إليه هذا العدد الهائل من القراء،
- ناهيك بالقيم التي يجسدها والتي تشكل بالنسبة للعربي مثلا أعلى،

وفي ظني إن اتخاذ أبي الطيب لمقولة القوة أو الرجولة أطروحة أساسية يتمحور حولها معظم إنتاجه الشعري ثم تنوع موضوعات شعره وتذوب اللون الوجداني فيها، هما العاملان المركزيان اللذان اجتذبا إليه هذا العدد الهائل من القراء عبر القرون العشرة الأخيرة ".

من خلال هذه العتبة الأولى يمكننا أن نستخلص معالم المنهج الذي ارتضاه الناقد، فهو منهج يشتمل على عدة مستويات، منها ما هو نفسي ، ومنها ما هو بنيوي تكويني ، ومنها ما هو موضوعاتي.
وسنركز في البداية على إبراز هذه المستويات المنهجية المتداخلة، عبر الوقوف على اللغة الواصفة Métalangage المتوسل بها في الدراسة، إذ لا يمكن الحديث عن الممارسة النقدية سواء كانت نظرية أو تطبيقية ما لم تتوفر على لغة واصفة، وما لم تحدد موضوعها وخلفياتها النظرية.

أ- المنهج الفلسفي النفساني :
أعلن اليوسف في بداية مقالته عن طبيعة المنهج الذي تبناه وسماه بالمنهج الفلسفي النفساني واعتبره أفضل منهج لدراسة المتنبي/ الظاهرة، وهذا المنهج كما هو مذكور منهج تركيبي، " يرى الذات في تجادلها مع عصرها وفي امتلائها بمحتويات زمانها وثقافته وما تحدر إليه من تراث عن الماضي ".
نسجل من خلال هذا التعريف، أن هذا المنهج يركز بالأساس على الذات، غير أن هذه الذات ليست فارغة، بل تعيش جدلا مع عصرها.

وأن هذه الذات تعيش زمنين : الزمن الأصغر والزمن الأكبر. إذن، فالذات في هذا التصور هي نتاج جدل مع الواقع ونتاج لثقافة الماضي. بمعنى أن الشاعر - المتنبي - سيبحث عنه في شخصه الواقعي وفي شخصه الأدبي، في تجربة المعيش وفي التجربة النصية.

والمقصود بالتجربتين أن المتنبي يرضخ لواقعه المحدد زمنيا بالقرن الرابع الهجري، ويرضخ لتجربة النصوص التي انحدرت إليه من ماضي الثقافة العربية. بمعنى أن البحث سينصب على البعد التناصي في الاستراتيجية الشعرية عند المتنبي، فهل استطاع اليوسف أن يقبض عن هاذين البعدين في دراسته ؟ إن الجواب عن هذا السؤال رهين باستنطاق الأواليات التفسيرية والتأويلة المنجزة في الدراسة.

سيحاول اليوسف استجابة للتعريف المنهجي السابق رصد طبيعة المرحلة التي نبت فيها المتنبي متوخيا من وراء ذلك استخلاص السمات الرئيسية للمرحلة يقول : " ولعل أول سمة تاريخية من سمات القرن الرابع الهجري هي أنه مرحلة الاتضاع السياسي وتفسخ الإمبراطورية العربية المؤذن بنزوعها نحو الموت، ولكنه في الوقت عينه قرن بلغت فيه التناقضات الاجتماعية أشدها وهذه هي سمته الثانية، فقد شهد القرن الرابع قيام حركات تاريخية تبتغي إعادة بناء الإمبراطورية على أسس أشد متانة وأكثر عدالة، وهذا يعني أن القرن الرابع قرن تضاد وتقابل جادين، ولسوف نلاحظ أن شخصية المتنبي تكونها مجموعة من التقابلات المتعارضة الصارخة، تماما كما لو أنه تعين فردي لعصره " .
نلاحظ في هذا الرصد للواقع العربي في القرن الرابع نقطتين أساسيتين هما :
1) التركيز على ظاهرة التضاد والتناقض في المجتمع، (فهو عصر الضعة وعصر الثورات الاجتماعية).
2) أن الذي يمثل شخصية المتنبي وشعره عكسا هذا التناقض بشكل صارخ، وبموجبه فالمتنبي هو ذاك المبدع الفرد الذي استطاع أن يعكس رؤية العالم لعصر بأكمله ، تمثل رؤية العالم .
إذن، فالتصور المبدئي المتحكم في دراسة اليوسف يمكن رده إلى بعض مظاهر البنيوية التكوينية عند جولدمان في تحديده لمفهوم رؤية العالم، وبالرغم من أن اليوسف لم يشر إلى مرجعياته، فإن تحليله يشي بها.
إن هذا المنهج عرفته الدراسة الأدبية العربية في فترة السبعينيات، ولهذا فإننا نجد باحثا آخر مجايلا لليوسف حاول هو الآخر أن يلتمس تفسيرا لبعض مظاهر شعرية المتنبي متوسلا التصور البنيوي التكويني، فالباحث عبد السلام نور الدين في مقالة له بعنوان " المتنبي وسقوط الحضارة العربية ، يبرز أن الحضارة الإسلامية في القرن الرابع وقفت في مفترق الطرق، تحمل كل القدرات على النهوض والإقلاع، وبما أن هذا النهوض كان ممكنا فقد كان الفرد العربي طموحا ومتطلعا للأعلى، إلا أن هذا الإقلاع تحول إلى سقوط مريع، تسبب في زلزلة البنية الاجتماعية والسياسية والأخلاقية والروحية. ولقد التقط المتنبي هذا الانحدار الحضاري وهذه الهوة المتفاقمة في مجموعة من أبياته الشعرية يقول :

ومن صحب الدنيا طويلا تقلبت على عينه حتى يرى صدقها كذبا (الطويل)

أرى كلنا يـبـغـي الحياة لنـفـسـه حـريصا عليها مستهاما بـها صبـا

فحب الحيان النفس أورده الـتـقا وحب الشجاع النفس أورده الحربا

ويختلف الرزقان والفـعـل واحـد إلى أن تـرى إحسان هـذا لذا ذنبا


ويقول في مكان آخر :

أتى الزمان بنوه في شبيبته فـسرهم وآتيناه على الهرم (البسيط)


يعلق عبد السلام نور الدين على هذه الأبيات التي تتضمن إحساسا قويا بالزمن وتقلباته، المفضية إلى انهيار صرح الحضارة بقوله " إن العناصر الذاتية في شخصية المتنبي أخذت لحمتها من نسيج البنية الموضوعية لعصره-العصر الذي كان مقدرا له أن يقلع فسقط فانتقل الشرخ الحضاري إلى روح المتنبي. إن الإحساس المريع بسقوط زمانه يلون كل شعره... إن الشرخ الذي أصاب الحضارة العربية فجأة قد عبر عنه المتنبي بنبرة قاسية- إن ولع المتنبي بتصوير المظاهر المتغيرة التي يتخذها الزمان والدهر والدنيا جعلته يطارد المفارقات في تقلباتها المتعددة " .

لقد استنبطن المتنبي عصرا بكامله وبكل تناقضاته، وعبر عن إحساسه الدقيق بالزمن واتجاهاته مما اكسب شعره قيمة تاريخية وجمالية توالت عبر العصور.
وأمام قانون الانهيار الذي عاشه عصر للمتنبي أصبح قدره " أن يتمرغ في العذاب الميتافيزيقي - يجاهد الزمان وهو يعلم أنه المهزوم ويبارز المحال - حتى تولدت لديه حاسة ميتافيزيقية هي الهروب من السكون والدعة إلى حيث الصراع والقتال ".
إن رؤية العالم التي عبر عنها المتنبي هي رؤية السقوط والانهيار، وليست هذه الرؤية للعالم فردية بل هي تعبر عن رؤية العالم لمجتمع بأكمله.
وإلى جانب هذا الملمح البنيوي التكويني عند كل من عبد السلام نور الدين ويوسف اليوسف، يحاول هذا الأخير أن يقبض على النواة المحركة لشعر المتنبي، انطلاقا من اصطلاحين أساسيين في التحليل النفسي هما
- النرجسية
- والسادية ،
ويرى بأن هذين المصطلحين النفسيين هما المعين الذي يروي شعر المتنبي.

قديم 09-04-2010, 03:06 AM
المشاركة 28
ساره الودعاني
كاتبة وأديبة سعودية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
شكرا لك الاخت ساره الودعاني على مرورك الكريم ..

ربما ان ثقته هي التي جعلته امبراطورا ...لكن يظل السؤال ومن اين جاءت تلك الثقة بالنفس التي سيدته على غيره من الشعراء؟ ولماذا لا يحصل عليها غيره فيبقى ويخلد كما خلد المتنبي؟

لقد جربت الرابط المدرج عن كتاب الشيخ ولم يعمل.. ان كان متوفر لديك فالرجاء اعادة ادراجه. يهمنا لغرض هذا البحث ما يقول الشيخ عن سر خلود المتنبي ان كان قد تطرق له.

شكرا


مساء الخير إستاذ أيوب صابر..

حاولت العودة الى الرابط الذي اخذت منه صورة الكتاب لكن وجدت اني لم احتفظ فيه,
ولكن وجدت كاتب قام جزاه الله خير بإيجاز ما جاء في الكتاب وهذا هو نصه:

1. إمبراطور الشعراء(عائض القرني)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت كتاب إمبراطور الشعراء للقرني وهو كتاب رائع جدا وحبيت أُطلعكم على بعض ما جاء فيه
واوردت لكم المقدمة حتى تعلموا ماهية الكتاب
هــــذه الـــــمـــــقـــــدمـــــة:
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى ، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن بسنته اهتدى.
أما بعد:
فتحية طيبة يا أبا الطيب فقد حسونا كأس سحرك حتى ثملنا بيانا، أما أبياتك فالنجوم ضياء ورفعة ، وأما قصائدك فالحدائق بهجة ونضرة...
من أين جئت يا أستاذ القافية وكيف وصلت يا فيلسوف الإبداع ..
لقد عاش قبلك وبعدك آلاف الشعراء الذين ملؤوا الفضاء ضجيجا والكون صياحا ثم ماتوا وماتت أصواتهم وبقيت أنت منشدا للدهر عازفا على نياط القلوب كما قلت أنت :
وما الدهر إلا من رواة قصائدي = إذ قلت شعرا أصبح الدهر منشدا
يا أبا الطيب أخذنا من قصائدك ما كان شاهدا ومثلا وحكمة وعبرة وتركنا غلوك وهجاءك وصخبك ، وعسى الجيل أن يعود للبيان العربي ليفهم كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم حق الفهم لأن الوحي هو المقصود بالتدبر والتأمل والدراسة أما ما سواه فوسائل وأدوات فحسب :
قواصد كافور توارك غيره = ومن قصد البحر استقل السوافيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ

البطاقة الشخصية:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي = وأسمعت كلماتي من به صمم
هذه ترجمة موجزة للمتنبي فليس يهمنا معرفة أصله وفصله ونسبه وحسبه بل نريد إبداعه ولموعه كما قال الشاعر:

أنا لست مهتما بأصل قبيلتي = ورائي قريش أم ورائي تغلب
فليست بلادي بيرقا أو خريطة = ولكن بلادي حيث أستطيع أكتب

فهو يقدم نفسه بهذا البيت على أنه موهوب فرض نفسه على الناس بشعره وأدبه حتى إن الأعمى الذي لا يبصر شيئا نظر إلى أدبه لقوة تأثيره وسطوع تعبيره وبلاغة تصويره والأصم الذي لا يسمع شيئا أنصت لكلماته الآسرة الباهرة..
أما شعره فيكفيه أن الدهر أحد رواة شعره والأيام والليالي أصبحت تردد هذا الإبداع وتغني هذا السحر الحلال:
وما الدهر إلا من رواة قصائدي = إذ قلت شعرا أصبح الدهر منشدا
فسار به من لا يسير مشمرا = وغنى به من لا يغني مفردا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

العلماء يستشهدون بشعر المتنبي:
ما رأيت عالما فذا جاء بعد المتنبي إلا استشهد بشعره في معرض حديثه من موعظة وتفسير أو سلوك أو تربية أو تاريخ وقد مسحت كتبا كثيرة شهيرة فإذا للمتنبي عشرات الأبيات منثورة في غضون هذه المجلدات مثل إحياء علوم الدين للغزالي فله عنده قرابة عشرين بيتا وابن الجوزي مغرم في كتبه بالمتنبي وابن حزم مولع بشواهده وابن تيمية يهش لنوادره ويورد بدائعه وابن القيم ينتقي مقطوعات ثمينه في كتبه وعلماء التراجم يوشحون السير بشعره والمؤرخون تسعفهم أبياته عند العرض والاستنتاج والوعاظ يهزون الناس بقوافيه والملوك يديرون أدبه في مجالسهم والأدباء يضمنون نتاجهم فيض المتنبي والكتّاب يزينون مقالاتهم بتحفه الغالية وبالجملة فلا أعلم شاعرا عربيا قديما أوحديثا شرق وغرب شعره وخلد نتاجه كهذا الشاعر شهادة يؤديها الأدباء ويقوم بها الشعراء ويصدقها أرباب البيان وكأن المتنبي يعني هذا لما قال في شعره:
إذا قلته لم يمتنع من وصوله = جدار معلي أو خباء مطنب
وقصدي من هذا إخبارك أن الشاعر الفذ هو من بقي حضوره ودام ذيوعه وفرض احترامه على محبيه ووجوده على حاسديه وكذلك كان المتنبي فهو أشهر شاعر سمع به الناس واحتفلت بشعره المنابر وهضمت جمله الدفاتر وتشنفت بقوافيه الآذان ولعلعت بقصائده المجالس ليصح في شعره قوله:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي = وأسمعت كلماتي من به صمم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المتنبي في المحكمة الشرعية
مـــــــــــــــا عـــــــــــــلــــــــــــــــيــــــــــــــــــ ـه:
1- فمن ذلك أنه شبه حلاوة رشفات محبوباته لفمه بحلاوة التوحيد بقوله:
يترشفن من فمي رشفات=هن فيه أحلى من التوحيد
وهذا البيت يدل على رقة دين المتنبي الذي تساوي عنده التوحيد الذي هو أساس الأعمال برشفات محبوباته، فهو كقول (كفري )لا يقيم وزن لدين الله بل يسخر منه وينزله إلى أسفل المنازل عندما يشبهه بهذه المعصية التي وقع فيها..
وقد حاول بعض المتعصبين لأبي الطيب توجيه هذا البيت الذي يشهد بقلة دينه توجيها آخر،فقالوا:بأن التوحيد هو نوع من التمور التي توجد في العراق!!!
وبعضهم اعترف بأن المراد من قوله "التوحيد" هو توحيدالله!ولكنه تمحل في تخريج هذا القول بادعاء أن الدين لا يحكم عبى الشعر!!وأنه يجوز للشاعر مالا يجوز لغيره من أنواع التجاوزات!!!
يقول الجرجاني متبنيا هذا الرأي الشاذ في كتابه"الوساطة بين المتنبي وخصومه"
(والعجب ممن ينقص أبا الطيب ويغض من شعره لأبيات وجدها تدل على ضعف العقيدة وفساد المذهب في الديانة كقوله:
يترشفن من فمي رشفات=هن فيه أحلى من التوحيد
وقوله:
وأبهر آيات التهامي أنه= أبوك وأجدى مالكم من مناقب
وهو يحتمل لأبي نواس قوله :
قلت والكأس على كفي= تهوي لا التثامي
أنا لا أعرف ذاك اليوم=في ذاك الزحام
وقــولــه:
يا عاذلي في الدهر ذا هجر =لاقدر صح ولا جبر
ما صح عندي من جميع الذي=يذكر إلا الموت والقبر
فاشرب على الدهروأيامه=فإنما يهلكنا الدهر
وقـــولـــه:
عاذلتي بالسفاه والزجر=استمعي ما أبث من أمري
باح لساني بمضمر السر=وذاك أنى أقول بالدهر
بين رياض السرور لي شيع=كافرة بالحساب والحشر
موقنة بالممات جاحدة=لما رووه من ضغطة القبر
وليس بعد الممات منقلب=وإنما الموت بيضة العقر
وقــــولــــه:
أأترك لذة الصهباء نقدا=لما وعدوه من لبن وخمر
حياة ثم موت ثم بعث=حديث خرافة يا أم عمرو
وقد روي أنهما لديك الجن
وقـــولـــه:
فدع الملام فقد أطعت غوايتي= ونبذت موعظتي وراء جداري
ورأيت إيثار اللذاذة والهوى=وتمتعا من طيب هذي الدار
أحرى وأحزم من تنظر آجل=ظني به رجم من الأخبار
إني بعاجل ماترين موكل= وسواه إرجاف من الآثار
ما جاءنا أحد يخبر أنه =في الجنة مذ مات أو في النار
فلو كانت الديانة عارا على الشعر وكان سوء الإعتقاد سبب لتأخر الشاعر لوجب أن يمحى اسم أبي نواس من الدواوين ويحذف ذكره إذا عدت الطبقات ولكان أولاهم بذلك أهل الجاهلية ومن تشهد الأمه عليه بالكفر ولوجب أن يكون كعب ابن زهير وابن الزبعري وأضرابهما ممن تناول الرسول صلى الله عليه وسلم وعاب من أصحابه بكما وخرسا وبكاء مفحمين ولكن الأمرين متباينان والدين بمعزل عن الشعر)

قلت كيف يكون الدين بمعزل عن الشعر والله عزوجل قد سمى احدى سور القرآن بسورة {الشعراء}فهل هذا إلا لأجل بيان شمول الإسلام وأحكامه للشعراء وأقوالهم ؟؟ وقد قال سبحانه:"ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد"
وقال صلى الله عليه وسلم:"إن الله عفا قد عن أمتي الخطأ والنسيان وكلام غائب العقل"

ثم بين شيخنا القرني علاقة الدين بالشعروأورد قول د.ناصر الخنين حفظه الله فيما لخصه من القول الصواب في هذه القضية..( وإن تيسر لي ذلك أوردته في موضوع منفصل)
ثم قال:
وأقول بعد هذا إن بيت المتنبي :
يترشفن من فمي رشفات=هن فيه أحلى من التوحيد
هو من الأبيات التي عابه عليها العلماء والنقاد الذين يعلمون خطورة الدفاع عن من يحاد الله في شعره متذكرين قوله تعالى:"هاأنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا"
وقال التوحيدي في شرح هذا البيت:
(يقول:كن يمصصن ريقي لحبهن إياي كانت تلك الرشفات أحلى في فمي من كلمة التوحيد وهي لا إله إلا الله وهذا إفراط وتجاوز حد)
وقال ابن رشيق في العمدة:
(فإذا صرت إلى أبي الطيب المتنبي صرت إلى أكثر الناس غلوا وأبعدهم فيه همة عنه غني وله في غيره مندوحة،كقوله:
يترشفن من فمي رشفات=هن فيه أحلى من التوحيد
وقــــــــال ابن القيم رحمه الله:
(فتأمل حال أكثر عشاق الصور تجدها مطابقة لذلك ،ثم ضع حالهم في كفة،وتوحيدهم وإيمانهم في كفة، ثم زن وزنا يرضى الله به ورسوله ويطابق العدل وربما صرح العاشق منهم بأن وصل من معشوقه أحب إليه من كلمة توحيد ربه كما قال الفاسق الخبيث:
يترشفن من فمي رشفات=هن فيه أحلى من التوحيد

وذكر شيخنا
غيرذ لك ستين بيتا من شعرالمتنبي فيه مخالفة صريحة...
هذا ما استطعت أن أكتبه لكم من هذا الكتاب الأدبي الرائع أنصحكم بقرائته...
____________________________________________

أرجو ان يفي بما تود ان تعرفه..

شكرا لك أستاذ أيوب..







خُــلــقــت حــواء مـــن ضـــلــع { آدم }

لــذلــك { هـــي } لا تـــشـــعــــر بـــالأمــــن حـــتـــى

يــــضـــع رأســهـــا عــــلـــى صــــدره !!!
قديم 09-04-2010, 10:34 PM
المشاركة 29
احمد ماضي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي

هكذا انت استاذ ايوب

كلك كتلة من الابداع

واتمنى ان اعود معك الى

ما سبق تدوينه وتحاورنا به

حول موضوعة الكبير المتنبي

لك التقدير والشكر

على هذا الجهد الادبي الثمين




لا سواكِ يكبلني بالحُب

قديم 09-06-2010, 12:37 PM
المشاركة 30
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
شكرا سارة الودعاني على هذه المشاركة عظيمة الفائدة.

اقتباس :
" فتحية طيبة يا أبا الطيب فقد حسونا كأس سحرك حتى ثملنا بيانا، أما أبياتك فالنجوم ضياء ورفعة ، وأما قصائدك فالحدائق بهجة ونضرة...
من أين جئت يا أستاذ القافية؟ وكيف وصلت يا فيلسوف الإبداع


لقد عاش قبلك وبعدك آلاف الشعراء الذين ملؤوا الفضاء ضجيجا والكون صياحا ثم ماتوا وماتت أصواتهم وبقيت أنت منشدا للدهر عازفا على نياط القلوب كما قلت أنت :

وما الدهر إلا من رواة قصائدي .... إذ قلت شعرا أصبح الدهر منشدا"

هل السر يكمن في اليتم؟؟؟


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: المتنبي : سر بقاؤه وخلوده؟؟
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الغلو في شعر المتنبي حسام الدين بهي الدين ريشو منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 9 08-17-2019 01:49 PM
المتنبي - سر بقائه وخلوده؟: أوراق ساخنة ( 10 ) ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 11 12-09-2015 01:38 PM
مع المتنبي-1- صبحي ياسين منبر الشعر العمودي 2 07-10-2014 09:51 PM
المتنبي يسترد أباه .. دراسة في نسب المتنبي - عبد الغني الملاّح د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-04-2014 12:32 PM

الساعة الآن 01:43 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.