قديم 09-02-2010, 03:23 PM
المشاركة 11
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
استاذة نريمان الشريف

شكرا لمرورك ...لا شك ان هذه الدراسة ستكون من الاهمية بمكان...لانها ستؤسس في تقديري لاعادة دراسة سر العبقرية عند الكثيريين...

قديم 09-02-2010, 03:35 PM
المشاركة 12
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حياة المتنبي


حياة متعبة ممزوجة بالدم


بقلم الأستاذ شفيق جبري

لم يخلق المتنبي لهذه الطبقات من الناس الذين يرغبون في هدوء الحياة، ويفتشون عن راحة الفكر ونعمة البال، فالعيون الرقيقة التي تؤذيها حمرة الدماء، والآذان الناعمة التي يؤلمها صهيل الخيل وقعقعة اللجم وصرير العوالي، والقلوب اللينة التي تخشى مغالبة الأيام ومطاعنة الدهر، لا تأنس بشعر المتنبي، ولا تنعم بمطالعته. إن هذه الطبقة من الناس التي تحاول أن تعيش في عزلة عن كل مغامرة في الحياة تفر من شعر المتنبي وتستوحش منه، فإن بينه وبينها آفاقا مديدة، فقلوب أهلها لا تخفق خفقان قلبه. فإن شعره يضجرهم ويقلقهم.
قضى أبو الطيب حياته كلها في المغامرات والمنازعات فكانت هذه الحياة سلسلة شدائد. فالمتنبي لم يخلق للحياة الهادئة الذليلة وإنما خلق لحياة الدوي ولحياة العز. فالذين يريدون أن تكون عيشتهم سالمة من كل ضيم بعيدة عن كل ذل، فإنهم يأنسون بشعر المتنبي فلا يبالون بتعب الأجسام وسفك الدماء ولا يحفلون بإبر النحل دون الشهد- خلق المتنبي لهذه الطبقة من الناس الذين يهون عليهم رزء جسومهم في سلامة عقولهم وأعراضهم فلا يحتملون الأذى ولا يغبطون الذليل، يأخذون من هذه الدنيا ما يمكنهم أخذه زاهدين في كل زق وفي كل قينة، راغبين في الفتكة البكر وضرب أعناق الملوك. خلق المتنبي لهذه الطبقة في الأمم التي لا تكسب المجد إلا من تضارب السيوف ومن سنان الرماح. خلق لهذه الأمم التي تقاتل في سبيل العلى وفي سبيل السلم وتبني مملكتها على الأسل وتطلب حقوقها بالطعن والضرب لأن الدنيا لمن غلب.
هذه هي الحياة التي أعد لها المتنبي. إنها لحياة ممزوجة بالدم بعيدة عن الهدوء والسكينة مملوءة بالقلق والاضطراب كلها نزاع وكلها غلاب. إن الحياة التي يريدها أبو الطيب إنما هي حياة القوة: قاتل غالب، هذا هو الهدف الأعلى الذي يرمي إليه المتنبي.
ولكن هل عاش أبو الطيب هذه العيشة التي وصفها في شعره؟ هل قلق هذا القلق؟ هل اضطرب هذا الاضطراب في حياته؟ أو على تعبير أدق- هل كان بين حياة المتنبي الخاصة وبين شعره شيء من التناسب؟
لست أعلم حياة ملئت بالجهاد من أولها إلى آخرها مثل حياة المتنبي. كان في أول أمره في خشونة من عيشه ورقة من حاله يعوزه كل شيء- يعوزه الناعم من الملابس والكريم من المطايا، فقد توفى أبوه فقيرًا فضرب أبو الطيب في مناكب الشام التماسًا للرزق وجال في البوادي والحواضر، ولم يكن له من المطايا إلا النعل والخف ولا من اللباس إلا القطن الخشن. ومع هذا كله ما كان يخلو من حسد الحساد وشماتة الشامتين وكيد الكائدين.
وما زال على هذه الحال حتى اتصل بسيف الدولة فغرق في مكارمه الباهرات فكان سيف الدولة يعطيه كل سنة ثلاثة آلاف دينار ما عدا الخيل والجواري والخلع والجوائز والإقطاعات. ولكن نعمة مثل هذه النعمة لم تنج أبا الطيب من حسد الحساد وكيد الكائدين لأنه زاحم في حضرة سيف الدولة غيره من الشعراء على هذه النعم حتى مات بعضهم حسدًا. فلئن شكا أبو الطيب الحسد وهو في خشونة من العيش فأخلق به أن يضجر من الحسد وهو يتقلب في ظلال النعيم. فصعب حينئذ على المتنبي أن يواظب على باب سيف الدولة: الشعراء يحسدونه ويوقعون فيه ويضربونه، وسيف الدولة يهزأ به ويعبث، فإنه لم يصن عرض المتنبي ولا سلمت نعمته عليه من المنة والأذى.
ترك المتنبي سيف الدولة وانحدر إلى دمشقثم إلى الرملة واتصل بأميرها الحسن بن طغج فهدده جماعة علويون فما كاد يسلم من حاشية سيفالدولة حتى أثاره وعيد آخر فكأن بينه وبين المصائب صلة رحم.
غادر الرملة وقدم على كافورالإخشيدي فأمر له بمنزل ووكل به جماعة وأظهر التهمة له وطالبه بمدحه ثم وقعت الوحشة بينهما فوضع عليه العيون والأرصاد خوفًا من أن يهرب، وأحس المتنبي بالشر، ولم يخل أبو الطيب وهو في ظلال كافور من جماعة كانوا يغضبونه ويوغرون صدر كافور، فما أشبه ما كان يقع له وهو عند كافور بما كان يقع له وهو عند سيف الدولة من ابتغاء الغوائل به. فلم يلبث بعد هذا كله أن عجل الرحيل فضرب في البوادي متوجهًا نحو الكوفة.
وتنكر له عبيده في الطريق وفسدت نياتهم وأخذوا يسرقون الشيء بعد الشيء من رحله ولكنه نجا منهم إلى أن بلغ الكوفة. فتحركت نفس سيف الدولة فأنفذ إليه ابنه من حلبومعه هدية وطمع في رجوعه إلى ظله ولكن أبا الطيب اعتذر من العودة إلى سيف الدولة خوفًا من الوشاة.
ثم ترك الكوفةوسار إلى بغدادفثقلت وطأته في دار السلام على أهل الأدب ووقع بينه وبين أبي علي الحاتميما وقع، ولما نجا من شر أبي علي أصابه شر الوزير المهلبيوشر معز الدولة نفسه ونال شعراء بغداد من عرضه وتباروا في هجائه وأسمعوه ما يكره وتماجنوا به وتنادروا عليه.
فاتخذ الليل جملاً وفارق دار السلام قاصدًا إلى حضرة ابن العميد، فورد أرجان وأحمد مورده، ثم ترك ابن العميد وسار إلى أبي شجاع عضد الدولة. وكان الصاحب بن عباد طمع في زيارة للمتنبي إياه بأصبهان وإجرائه مجرى مقصوديه من رؤساء الزمان وكتب إليه يلاطفه في استدعائه وضمن له مشاطرته جميع ماله، فلم يقم المتنبي له وزنًا ولم يجبه عن كتابه ولا إلى مراده، فاتخذه الصاحب غرضًا يرشقه بسهام الوقيعة ويتتبع عليه سقطاته في شعره وهفواته وينعى عليه سيئاته.
لم يعرج أبو الطيب على حضرة الصاحب وإنما قصد عضد الدولة بشيراز فأنجحت سفرته وربحت تجارته بحضرته ووصل إليه من صلاته أكثر من مائتي ألف درهم. واستطاب المتنبي الإقامة ببابه ثم استأذنه في المسير عنه ليقضي حاجات نفسه ثم يعود فأذن له وأمر بأن تخلع الخلع الخاصة ويقاد إليه الحملان الخاص وتعاد صلته بالمال الكثير. ولكنه لما سار من حضرة عضد الدولة ومعه ابنه محسد وغلامه ومعه بغال موقرة بكل شيء من الذهب والفضة والطيب والتجملات النفيسة والكتب السمينة والآلات- تعرض له قوم من بني ضبة فقتلوه بعد أن قاتل قتالاً شديدًا.
هذه خاتمة حياة المتنبي .
ولكني لم ألخص هذه الحياة المتعبة إلا لأجعل صلة بينها وبين شعر المتنبي فإذا نظرنا في طائفة من شعر المتنبي تبين لنا أن بين حياته الخاصة وبين هذا الشعر كثيرًا من التناسب، فمعظم شعر المتنبي يكاد يكون صورة هذه الحياة التي ملئت بالتعب والقلق والاضطراب. لم تكن الحياة في نظر أبي الطيب حياة هدوء وراحة. فالذين يريدون أن يعيشوا هذه العيشة التي وصفها المتنبي ينبغي لهم أن يهيئوا أنفسهم لكثير من الجهاد. جاهد المتنبي في حياته فزاحم ونازع وطاعن فكانت هذه الحياة المملوءة بالجهاد والمزاحمة والمنازعة والمطاعنة ملء شعره، فهو لم يصف هذا النوع من العيشة إلا بعد أن جربه وقاسى أهواله ولقي منه ما لقي. فالحياة التي يريدها أبو الطيب إنما هي الحياة السالمة من كل راحة ومن كل ضيم، وإذا وازنا بين حياته الخاصة وبين فلسفته في الحياة وجدنا صلة وثيقة بين هذين النوعين. إنه لم يذق الراحة كل عمره. وإنه لم يتحمل الضيم في ظلال سيف الدولة ولا تحمله في ظلال كافور ولا تحمله في ظلال الوزير المهلبي، فالمتنبي يعرض لنا في شعره نمطًا من تعب الحياة وجهدها ثم يضرب لنا مثلاً لهذا النمط. أما هذا المثل فهو حياته الخاصة من مبادئها إلى خواتيمها. علام نخاف الموت فقد يقتل العاجز وهو آمن في سربه؟. والمتنبي لم يخف الموت حتى في الأيام التي تفتر فيها الأعصاب ويميل فيها الإنسان إلى الهدوء. فقد قاتل لما تعرض له بنو ضبة القتال الجديد فلم يجبن ولم يهرب.
ما أتعب حياة المتنبي!

إذا كنت ترضى أن تعيش بذلة فلا تستعدن الحسام اليمانيا



فما ينفع الأسد الحياء من الطوى ولا تتقى حتى تكون ضواريا

قديم 09-02-2010, 03:40 PM
المشاركة 13
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
شخصية المتنبي في شعره


بقلم الأستاذ: عباس محمود العقاد


".. فهو حيث قلبت من حكمته أو فخره أو غزله أو رثائه،
هو هو المعتد بفضله، الفاشل في أمله، الساخط على زمنه.."
شخصية المتنبيالتي نعرفها في شعره هي شخصيته التي نعرفها من تاريخه وتاريخ عصره وقد كان عصره عصر مغامرات ودعاوي سياسية ودعاوي دينية وخصومات مذهبية وشكوك جاءت من التفكير والاطلاع، وشكوك جاءت من اللجاجة في المناقشة والحوار. وكان أناس من طلاب المناصب يرتقون في ذلك العصر كما ارتقوا في العصور التي قبله إلى مناصب الوزارة وليست لهم من شفاعة في الظاهر غير شفاعة الكتابة والأدب. فكان في العصر ما يغري الأديب المغامر بالتطلع إلى جاه الدنيا من طريق المغامرة، ومن طريق البراعة الأدبية.
وكان المتنبي رجلا لا يعوزه الاعتداد بالنفس ولا الطمع في الجاه ولا ملكة البلاغة والقدرة على المنظوم والمنثور مع شيء من الفروسية كما ثبت من مجمل تاريخه ومجمل كلامه. فالشعر الذي نقرأه في الديوان لا يستغرب من الشاعر الذي نظمه ولا من الرجل الذي علمنا بسيرته من أنباء الراوين عنه، و"شخصيته" ماثلة هنا وهناك على صورة واحدة جلية متفقة لا تعقيد فيها ولا تنافر بين القول والحقيقة.
وقد غلبت هذه الشخصية حتى لا تشابه بينها وبين شاعر آخر في باب من الأبواب ولو تشابه العنوان والموضوع.
فالمتنبي متشائم، والمعري متشائم، ولكن الفرق بين المذهبين في التشاؤم كالفرق بين شخص المتنبي وشخص المعري في المزاج والخليقة والمطلب، وهو دليل على صدق الشخصية الشعرية عند كل من الشاعرين الكبيرين.
فالمعري متشائم لأنه حكيم يتدبر أحوال الخلق ويرثي لما هم فيه من الجهالة والشقاء لغير مأرب يريده إلا التأمل والحكمة.
والمتنبي متشائم لأنه صاحب رجاء خاب في الناس على غير انتظار، ولو لم يخب هذا الرجاء لما كان من المتشائمين.
والمعري ينظر إلى الناس في جميع الأزمان والأجيال لأنه يطلب المعرفة والعلم بالنفس الإنسانية. المتنبي ينظر إلى الناس في عصره ولا يعمم الحكم على الناس جميعًا إلا لما أصابه من زمانه وأهل زمانه، وذلك هو الفرق بين من يدرس الإنسان لتحقيق بحث ومن يدرس الإنسان لتحقيق أمل، أو ذلك هو الفرق بين الحكيمين المتشائمين والمذهبين المتباعدين جد التباعد على تقارب الكلمات والأسماء.
ولهذا يقول المعري:

كم وعظ الواعظون منا وقام في الأرض أنبياء
وانصرفوا والبلاء باق ولم يزل داؤك العياء
حكم جرى للمليك فينا ونحن "في الأصل" أغبياء


أي نحن "بني الإنسان" أجمعين، وهو منهم، كما صرح في موضع آخر حيث قال:

كلاب تغاوت أو تعاوت لجيفة وأحسبني أصبحت ألأمها كلبا


أو قال:

بني الدهر مهلا إن ذممت فعالكم فإني بنفسي لا محالة أبدأ


أما المتنبي فمعظم تشاؤمه - بل تشاؤمه كله في جوهره - من قبيل قوله:

أود من الأيام ما لا توده وأشكو إليها بيننا وهي جنده


أو من قبيل قوله:

أريد من زمني "ذا" أن يبلغني ما ليس يبلغه من نفسه الزمن


أو قوله:

وإنما نحن في جيل سواسية شر على الحر من سقم على بدن
حولي بكل مكان منهم خلق تخطي إذا جئت في استفهامها بمن
لا أقتري بلدًا على غرر ولا أمر بخلق غير مضطغن
ولا أعاشر من أملاكهم ملكا إلا أحق بضرب الرأس من وثن
إني لأعذرهم ممَّا أعنفهم حتى أعنف نفسي فيهم، وأني


أو قوله:

وقت يضيع وعمر ليت مدته في غير أمته من سالف الأمم
أتى الزمان بنوه في شبيبته فسرهم وأتيناه على الهرم


أو قوله:

وبالناس روى رمحه غيرراحم ومن عرف "الأيام" معرفتي بها


فهو يتشاءم لعلة عارضة وهي أن زمانه وأهل زمانه لا ينيلونه ما ينشده من الجاه. ومن هنا كان الذنب عنده ذنب جيله ولا شأن له فيه. أما المعري فكان أصيلا في تشاؤمه لا يعيب أبناء جيله خاصة إلا لأنهم جزء من الناس أجمعين منذ كان آدم إلى أبد الآبدين. ولعل المتنبي لو نظر إلى الإنسان هذه النظرة لخرج من التشاؤم إلى التفاؤل، لأن رجاءه أن ينال على أيديهم ما ناله أمثاله ومن هم دونه في اعتقاده، دليل على أنه يرى الشأن فيهم أن يعدلوا ويعترفوا بالفضل ويعطوا ذا الحق حقه، ولو كان متشائمًا بطبعه لما عجب لفساد طباعهم وحاجة المرء بينهم إلى الدس والخداع والحيلة وإرضاء اللبانات والشهوات، وما من رجل يعتقد أنه صاحب حق ويعجب لفواته إلا وهو أقرب إلى التفاؤل منه إلى التشاؤم.

***

وهذه الشخصية ظاهرة في شعر المتنبي كله ظهورها في حكمته وتشاؤمه، ونعني بها شخصية الطامع المغامر المعتد بنفسه: فهو يتغزل كما يفخر ويصف كما يشكو أو يتهكم، وأعجب من هذا أنه يمدح أبطاله على هذا النحو، فيقول وهو في معرض العتاب والاسترضاء لسيف الدولة:

سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا بأنني خير من تسعى به قدم
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم


إلى أن يقول:

الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم

قديم 09-02-2010, 06:29 PM
المشاركة 14
أسامة المهدي
ابـن النيـل
  • غير موجود
افتراضي

العقاد:
فالمعري متشائم لأنه حكيم يتدبر أحوال الخلق ويرثي لما هم فيه من الجهالة والشقاء لغير مأرب يريده إلا التأمل والحكمة.
والمتنبي متشائم لأنه صاحب رجاء خاب في الناس على غير انتظار، ولو لم يخب هذا الرجاء لما كان من المتشائمين
عرض واف ومشوق

في اهتمام نتايع الجهد الرائع




ولي بين الضلوع دم ولحم . . . هما الواهي الذي ثكل الشبابا


يشرفني زيارتكم مدونتي الموسيقية
www.sama3eyat.blogspot.com
قديم 09-02-2010, 10:06 PM
المشاركة 15
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اهلا بمرورك الكريم استاذ اسامة

سيكون من الجميل ان تدرج لنا رابط كتاب طه حسين عن المتنبي ان كنت ما تزل تحتفظ به.

قديم 09-03-2010, 02:54 AM
المشاركة 16
ساره الودعاني
كاتبة وأديبة سعودية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


بارك الله فيك أستاذ أيوب صابر

شاعر عظيم ثقته بنفسه سيدته على الشعراء

ولقد قرأت هذا الكتاب للدكتور عائض القرني

وهو من محبي هذا الشاعر
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة







خُــلــقــت حــواء مـــن ضـــلــع { آدم }

لــذلــك { هـــي } لا تـــشـــعــــر بـــالأمــــن حـــتـــى

يــــضـــع رأســهـــا عــــلـــى صــــدره !!!
قديم 09-03-2010, 01:41 PM
المشاركة 17
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
شكرا لك الاخت ساره الودعاني على مرورك الكريم ..

ربما ان ثقته هي التي جعلته امبراطورا ...لكن يظل السؤال ومن اين جاءت تلك الثقة بالنفس التي سيدته على غيره من الشعراء؟ ولماذا لا يحصل عليها غيره فيبقى ويخلد كما خلد المتنبي؟

لقد جربت الرابط المدرج عن كتاب الشيخ ولم يعمل.. ان كان متوفر لديك فالرجاء اعادة ادراجه. يهمنا لغرض هذا البحث ما يقول الشيخ عن سر خلود المتنبي ان كان قد تطرق له.

شكرا

قديم 09-03-2010, 01:43 PM
المشاركة 18
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هل كان المتنبي متدينًا


ضعف العاطفة الدينية عند أبي الطيب

بقلم الأستاذ: علي أدهم
أبوالطيب المتنبي أقوى شعراء العربية نبضات قلب، وأبعدهم منزع فكر، أعمقهم حكمة ومن أصدقهم إفصاحًا عن خفايا النفس، وأعرفهم بأسرارها. فلا عجب إن كان بعد ذلك أبعدهم شهرة وأخلدهم أثرًا.

ولست أعرف شاعرًا من شعراء العرب حظي من إعجاب الخاصة والعامة بمثل ما حظي به المتنبي. وبرغم الزمن الطويل الذي مر على وفاته، وتغيرالأحوال وتبدل المعايير الأدبية، وتباين أساليب الفهم واختلاف الذوق فإن شهرته لم تخمد ولا يزال اسمه سائرًا على الألسنة وشعره مضرب الأمثال ومستودعًا من مستودعات الحكمة.
والمتنبي أنموذج صالح لتمثيل خصائص الشعر العربي. ولا نزاع في أن شاعرًاواحدًا بالغًا ما بلغ من القدرة والافتنان لا يكفي لتمثيل عبقرية شعب في ظلالها المختلفة وشياتها المتلونة. وقد لا يكفي انقطاع شاعر ممتاز لتمثيل جانب اللهووالمجون أو جانب الزهد والورع أو جانب القوة والأمل أو جانب اليأس والألم. وأرجح أنالمتنبي أقرب شعراء العربية إلى التمثيل العام لعبقرية الشعر العربي. ولذلك انعقدعليه الإجماع وعمرت بذكره المجالس وحفلت بأخباره السير وبقي شعره على الزمن.
والمتنبي لا يستثير إعجابنا ولا يهفو بألبابنا من ناحية إثارة الخيال واستفزاز العاطفة وحدها وإنما لأنه يقدم لنا مادة ثمينة للتفكير والتأمل ويعرض علينا نظرات في الحياة صائبة وخواطر عن الإنسان جديرة بالنظر والاعتبار. وواضح أن أسلوب المتنبي الذي يغلب عليه تحري الضخامة والقوة لا يصلح للتعبير عن المشاعرالرقيقة وهمسات الروح الداخلية وضروب الجمال الخفي وألوانه الصامتة ونغماته الخافتة. ولكنه يطيل التفكير في الحياة ويستخلص الحكمة من التجارب ويعطيك في شعره عصارة صالحة ليس فيها حلاوة ولا نداوة وليس لها موسيقية صافية النغم عذبة الرنين،فكل كلمة عليها طابع القوة وسمة العنف. وهو لا يداني البحتري في جمال فنه ولطافة تصوره ولا يبز أبا تمام في أستاذية الصياغة وفحولة الصنعة ولا يتدفق تدفق المعري، ولا يثب وثبات الشريف. ولكن عقله المكين كالثغر الكبير المتسع تحمل إليه السفائن حمولات الأفكار من شتى النواحي وهو يستطيع أن يهضمها ويطبعها بطابعه.
وعندما قال الناقد الإنجليزي المشهور "ماتيو أرنولد": "إن الشعر هو نقد الحياة وأحسن الشعر هوالذي يقدم لنا أكمل تفسير للحياة الإنسانية" أثار عليه ذلك زوبعة من النقد. ولكنيأرى أن الشعر لكي يكون من الطراز الأسمى، لا يكفي أن يرفه عن النفس أو أن يكون حافلا بالموسيقية مترعًا بالأخيلة، بل يلزم أن يعيننا على تفسير بعض مشكلاتنا الإنسانية ومسائلنا الأخلاقية: ولست أقصد بالأخلاق هنا المعنى الضيق المحدود، وإنما أقصد بها قوة الشعر على أن يرتفع بنا فوق سفاسف الحياة وصغائرها، ويمتاز في هذه الصفة المتنبي وأبو العلاء فهما ملكان يسيطر كل منهما على عالم شاسع من عوالم الروح، وكلاهما منفرد حزين في النهاية ولكن الأول محارب مطبوع على المناجزة

تعود أن يغبر في السرايا ويدخل من قتام في قتام

أما الثاني فيائس مستسلم. والمتنبي أقرب إلى مزاج الرجل السليم. ونظرته في الحياة أساسها الخبرة، بريئة من ثرثرة العلماء المكبين على كتبهم، ومنزهة عن أوهام رجال الفكر البعيدين عن ميادين العمل. وحياته أشبه برواية لها مواقفها المشهورة. وقد تكفل ديوانه بوصف أحوالها المتقلبة، وأطوارها المتتابعة، من نشأته الغامضة، وما منى به من الفشل الحاطم في مستهل أمره، ثم اتصاله بسيف الدولة وانصرافه عنه إلىمصر، وقفوله منها مغاضبا لكافور، إلى مصرعه الأخير.
ولكن هناك جانبًا هاما من جوانب الحياة العربية أهمل المتنبي التعبير عنه والإلمام به. ولم يكن له فيه موهبة تذكر وهو الجانب الديني في الحياة العربية. ولو فني الشعر العربي أجمعه ولم يبق سوى ديوان المتنبي لما استطعنا أن نعلم منها شيئًا يؤبه له عن العاطفة الدينية عندالعرب. ولا نكران في أن أكثر شعراء العرب لم يعنوا بإثبات خواطرهم الدينية إلا في الندرة والفرط، ووقفوا من الدين موقفا محايدًا. ولكن الذي يسترعي النظر في شعرالمتنبي، أن فيه إشارات كثيرة تختلف وضوحًا وخفاء تنم على وهن العقيدة وضعف الإيمان وغلبة الآداب الجاهلية في نفسه على الآداب الإسلامية. وقد لمح ذلك القدماء من النقاد فأشار إليه الجرجاني في الوساطة والثعالبي في اليتيمة وتناوله من الكتاب المحدثين الأستاذ العقاد والأستاذ شفيق جبري والأستاذ محمد كمال حلمي. ومن عجيب الاتفاق أن هذه الصفة يشترك فيها المتنبي مع شكسبير.. وقد كانت العاطفة الدينية عند المتنبي ضعيفة في جميع أدوار حياته. ففي ريق شبابه واكتمال قوته قال:

أي محل أرتقي أي عظيم أتقي
وكل ما قد خلق اللـ ـه وما لم يخلق
محتقر في همتي كشعرة في مفرقي

وفي هذه الأبيات يمتزج الطموح المتطرف وفرط الثقة بالنفس باحتقار الخليقة بأسرها وهي تروى عن شعور رجل أجال بصره فلم ير شيئًا جدير بإجلاله خليقًا بآماله وطمحات نفسه وفي مدحه لبدربن عمار يقول:

تتقاصر الأفهام عن إدراكه مثل الذي الأفلاك فيه والدنى

وهو هنا يرتفع بممدوحه إلى مرتبة الألوهية ولو كان لها مكانة من نفسه لما هبط بها هذا الهبوط ويقول فيه أيضًا:

لو كان علمك بالإله مقسما في الناس ما بعث الإله رسولا

لو كان لفظك فيهم ما أنزلالـ فرقان والتوراة والإنجيلا

قديم 09-03-2010, 02:03 PM
المشاركة 19
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
فلسفة أبي الطيّب
هل كانَ المتنبّي فيلسُوفًا


بقلم الأستاذ أحمد أمين

يخطئ من يظن أن لأبي الطيب فلسفة تشمل العالم، وتحل مشاكل الكون، فتلك بالفيلسوف أشبه، وربما قارب هذه المنزلة أبو العلاء لا أبو الطيب، فلئن كان أبو العلاء فيلسوفًا يتشاعر فإن أبا الطيب شاعر يتفلسف، إنما لأبي الطيب خطرات في الحياة منهنا ومن هنا لا يجمعها جامعة إلا نفس أبي الطيب والمحيط الذي يسبح فيه ويتشرب منه.
كذلك يخطئ من ظن أن أبا الطيب عمد إلى ما أثر من الحكم عن أفلاطون وأرسطو وأبيقوروأمثالهم من فلاسفة اليونان، فأخذها ونظمها، ولم يكن له في ذلك إلا أن حولالنثر شعرًا، كما رأى ذلك من تتبعوا سرقات المتنبي وأفرطوا في اتهامه، فأخذوا يبحثون في كل حكمة نطق بها ويردونها إلى قائلها من هؤلاء الفلاسفة. فلسنا نرى هذا الرأي، فإن كان قد وصل إلى أبي الطيب قليل من حكم اليونان ونظمها فإن أكثر حكمه منبعها نفسه وتجاربه وإلهامه لا الفلسفة اليونانية وحكمها، ذلك لأن الحكم ليستوقفًا على الفلاسفة ولا على من تبحروا في العلوم والمعارف، إنما هي قدر مشاع بين الناس يستطيعها العامة كما يستطيعها الخاصة، ونحن نرى فيما بيننا أن بعض العامة ومن لم يأخذوا بحظ من علم قد يستطيعون من ضرب الأمثال والنطق بالحكم الصائبة ما لايستطيعه الفيلسوف والعالم المتبحر وهذا الذي بين أيدينا من أمثال إنما هو من نتاج عامة الشعب أكثر مما هو من نتاج الفلاسفة. وكلنا رأى بعض عجائز النساء ممن لم تقرأ في كتاب أو تخط بيمينها حرفًا تنطق بالحكمة تلو الحكمة، فيقف أمامها الفيلسوف حائرًا دهشًا يعجز عن مثلها ويحار في تفسيرها، ومرجع ذلك إلى ينبوعين وهما التجربة والإلهام، فإذا اجتمعا في امرئ تفجرت منه الحكمة ولو لم يتعلم ويتفلسف، فكيف إذا اجتمعا لامرئ كأبي الطيب ملئ قلبه شعورًا وملئت حياته تجارب وكان أمير البيان وملك الفصاحة؟ فنحن إذا التمسنا له مثالاً في حكمه فلسنا نجده في أفلاطونوأرسطو وأبيقور، وإنما نجده في زهيربن أبي سلمى، وقد نطق في الجاهلية بالحكم الرائعة مما دلته عليه تجاربه وأوحى إليها إلهامه، كما نجده في شعر أبي العتاهية وقد ملأ عالمه حكما وأمثالا خالدة على الدهر. وكل ما بين أبي الطيب وهؤلاء الحكماء من فروق يرجع إلى أشياء: المحيط الذي يحيط بكل شاعر، وقدرة نفس الشاعر على تشرب محيطه، والقدرة البيانية على أداء مشاعره.
لقد ألم زهير من الحرب ورأى ويلاتها فشعر فيها ونطق بالحكم الرائعة يصف شرورها ومصائبها، وفشل أبو العتاهية في الحياة فزهدوملك الزهد عليه نفسه فملأ به ديوانه، وكان لأبي الطيب موقف غير هذين فاختلفت حكمه عنهما وإن نبعت من منبعهما، كما سنبينه.
ودليلنا على ذلك أن أبا الطيب - فيما نعلم - لم يثقف ثقافة فلسفية إنما تثقف ثقافة عربية خالصة، قرأ بعض دواوين الشعراء ولقى كثيرًا من علماء الأدب واللغة كالزجاج وابن السراج والأخفش وابن دريد، وكل هؤلاء لا شأن له بالفلسفة ومناحيها.
وما لنا ولهذا كله، فإننا لو رجعنا إلى حكمه لوجدناها منطبقة تمام الانطباق على محيطه ونفسه ليس فيها أثر من تقليد ولاشية من تصنع، فهو ينظم ما يجول في نفسه وما دلته عليه تجاربه لا ما نقل إليه من حكم غيره إلا في القليل النادر.
ونحن إذا أردنا أن نجعل نفسه ومحيطه قلنا: إنه بدأ حياته حياة فتوة وفروسية، تعرفه الخيل والليل والبيداء، ويحب الحرب والنزال، ويشتهي الطعن والقتال. قيل له وهو في المكتب ما أحسن وفرتك؟ فقال:
لا تحسن الوفرة حتى ترى منشورة الضفرين يوم القتال
على فتى معتقل صعدة يعلها من كل وافي السبال
كما نشأ طموحًا إلى أقصى حد في الطموح، يعتد بنفسه كل الاعتداد، ولا يرى له فيالوجود ندًا ولا مثيلاً. قال في صباه:
أمط عنك تشبيهي بما وكأنه فما أحد فوقي ولا أحد مثلي
قومه من خير العرب بيتًا ومع هذا يجب أن يعتز قومه به لا أن يعتز هو بقومهوبيته:
لا بقومي شرفت بل شرفوا بي وبنفسي فخرت لا بجدودي
وبهم فخر كل من نطق الضا د وعوذ الجاني وغوث الطريد
إلى جانب هذا الاعتزاز بالنفس استصغار للناس ونفوسهم وشئونهم:
ودهر ناسه ناس صغار وإن كانت لهم جثث ضخام
وما أنا منهم بالعيش فيهم ولكن معدن الذهب الرغام

قديم 09-03-2010, 02:13 PM
المشاركة 20
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أبُو الطيّب المتنبّي كان عبقريًّا، ولكن...

بقلم الأستاذ: خليل مطران

"لا جرم أن أبا الطيب قال الشعر كأحسن ما قالته العرب إلى زمنه وبز بطائفة من أبياته وقصائده كل قائل من قبل ومن بعد، غير أن من وهب تلك العبقرية كان جديرًا بأن يحدث في الشعر العربي حدثًا غير ما قصر همه عليه..."
عني العالم العربي بذكرى المتنبي لانقضاء ألف عام على وفاته واستنفد كتاب الضاد صيغ المدح لذلك الشاعرالعظيم وأبدوا في سيرته وأخلاقه آراء لم يختلف بعضها عن بعض كبير اختلاف دلت بجملتها على عبقريته كما نبهت على مواطن القوة والضعف في آدابه وطباعه.
ولما طلبإ لي أن أكتب كلمة بين الكلمات التي ستنشر لأصدقائي من أساطين البيان في هذا العدد من الهلال، وكان وقتي على أسف مني لا يتسع لاستئناف المطالعة والمضي في المراجعة لأخدم الغرض المروم حق خدمته، رأيت أن أجتزيء بإيراد محصل ثبت في ذهني من مدارستي القديمة لشعر أبي الطيب ولما وقفت عليه في كتب شتى من أخباره.
فأنا أخط هذه السطور وأبو الطيب متمثل في ذهني بناحية منه سما بها إلى أعلى الذرى. وأخرى تدلى لها إلى قرارة بعيدة الغور:
أما الناحية التي رفعته فهي عبقريته- وأما التي خفضته فهي طمعه. صراع شديد قام في نفسه من بدء أمره بين الهدى والهوى. أحس بأنه وهب ما لم يوهبه غيره من وفرة العقل والقدرة على البيان، فكان أول ما سلكه في طلب العلياء ادعاؤه النبوة. غير أنه لم يعتم أن تبين من أية قمة شاهقة أشرف على هوة سحيقة مردية. فتاب عندما استتيب وعاد متضعًا لا متواضعًا إلى الطريق المعبد الذي طرقه الشعراء منذ جعلوا القريض وسيلة ارتزاق، فنظم المديح للذين استندى جوانبهم منذوي الجاه العريض.
وفي قصائده الأول خليط عجيب تتبين فيه المشاكسة العنيفة بين الطبع والتطبع، فآنًا يحاكي المبرزين من شعراء عصره فتضعف إجادته وتعتاص أساليبه وترتبك صوره، وآنًا يرجع إلى وحي فطرته ويسعده استحكام ملكته فيأتي بالسوانح المبتكرات في حبر لا تلبس أحسن منها الغواني الخفرات.
على أن هذه الفرائد الغوالي وإن لم يدانها ما جاورت من الجمان في قلائدها هي التي أعلت قدره وأشاعت ذكره ومهدت له السبيل حتى بلغ سيف الدولة بحلب.
ولدى هذا الملك الشجاع الأديب أراد المتنبي أن يمنح تكرمة لم يمنحها الشعراء قبله فأذن في الإنشاد جالسًا بتلك الحضرة. ثم كان له من بسط العيش ما اشتهى وكان لهمن مصاحبة سيف الدولة في بعض غزواته ما توخى أن يثبت به لنفسه أن هرب سيف وقلم.
وفي الحق أنه كان شجاعًا وفي الحق أن قصائده في سيف الدولةجاءت مصداقًا لظنه بتفرده بين الشعراء وتفوقه عليهم، ولكنه في هذه الحالة تجددت إلى اتخاذ مكان حسي لا معنوي إن لم يعل به الملوك علا به سائرالخلق. ولعل بوادر بدرت من هذه النزعة هي التي جنحت بسيف الدولةإلى الانقباض عنه آنًا واستفزته لتحريش بعض اللغويين أو بعض الشعراء على مناقشته أومنافسته آنًا آخر، فتأتي من تلك النزعات الظاهرة والخفية الجفاء الذي أفضى بالمتنبي إلى مفارقة ولي نعمته وإجابة كافورالأخشيدي إلى دعوته.
ولقد تأملت طويلا في التماس السبب الذي يحمل رجلاً مثله على التخلي عن نعيم وجد فيه لالتماس حالة جديدة ملتبسة يتوخاها، فلم أقتنع أن النزعات المشار إليها آنفًا وما مست به كبرياءه قد أثارت فيه الحمق والغضب والعزم على تلك الهجرة. إذ أن المواقف الأولى التي وقفها من ممدوحيه بعد سقوط ما ادعاه من النبوة لم تكن كلها مما يوفر فيها العرض ويسلم الشرف الرفيع من أذى الذلة والضعة، وإنما كان السبب فيما اعتقدت أنه رأى مطمعه لدى سيف الدولة قد حد بحد لا سبيل إلى مجاوزته وأن إلحاح الإخشيدي في استزارته قد حرك فيه أقوى عوامل نفسه وهو الطمع. فخيل إليه أن في مصر الواسعة، وعلى رأسها خصي قزم غاصب للملك، ولاية يستطيع أن يتصيدها. ومن يدريبعد بلوغه الولاية وتمكنه فيها ما تهيئه له الأقدار من غصب الغاصب على حدقوله:

وتضريب أعناق الملوك وإنترى لك الهبوات السود والعسكرالمجر


على أن تركه لسيف الدولة وانتقاله من يقين إلى ريب وتبدله منرخاء وجاه بآمال تحقيقها في يد الغيب - كل أولئك لم يكن بهين عليه. وفي ذلك يقول وكأنه يستدرج سيف الدولة إلى إرضائه واستبقائه:

يا من يعز علينا أننفارقهم وجداننا كل شيء بعدكم عدم

ثم يدلف بذلك الاستدراج إلى الإغراء فيقول في ختام تلك القصيدة التي هي من لباب الشعر وخلاصته الصافية:

إذا ترحلت عن قوم وقدقدروا ألا تفارقهم فالراحلون هم


عرف المتنبي قدر ما يفارقه ولكن مطعمه غلب عليه ففارق...


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: المتنبي : سر بقاؤه وخلوده؟؟
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الغلو في شعر المتنبي حسام الدين بهي الدين ريشو منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 9 08-17-2019 01:49 PM
المتنبي - سر بقائه وخلوده؟: أوراق ساخنة ( 10 ) ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 11 12-09-2015 01:38 PM
مع المتنبي-1- صبحي ياسين منبر الشعر العمودي 2 07-10-2014 09:51 PM
المتنبي يسترد أباه .. دراسة في نسب المتنبي - عبد الغني الملاّح د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-04-2014 12:32 PM

الساعة الآن 12:53 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.