قديم 09-24-2010, 06:04 PM
المشاركة 21
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
الحِبّ حيثُ المعشرُ الأعداءُ
( ابن هانئ الأندلسي )


الحِبّ حيثُ المعشرُ الأعداءُ
والصبر حيثُ الكِلّة ُ السِّيَراءُ
ما للمهارى الناجياتِ كانَّها
حتمٌ عليها البَينُ والعُدَواءُ
ليس العجيبُ بأن يُبارِينَ الصَّبا
والعذلُ في أسماعِهِنّ حُداءُ
تدنو منالَ يدِ المحبّ وفوقها
شمسُ الظهيرة ِ خدرها الجوزاء
بانتْ مُوَدِّعة ً فجيدٌ مُعْرِضٌ
يومَ الوداع ونظرة ٌ شزْراء
وغدتْ مُمنَّعة َ القِباب كأنها
بين الحِجالِ فريدة ٌ عصماء
حُجَبُت ويُحجب طيفُها فكأنما
منهم على لحظاتِها رُقباء
ما بانة ُ الوادي تثنّى خوطها
لكنّها اليَزَنيّة ُ السّمْراء
لم يبقَ طرفٌ أجردٌ إلاّ أتى
من دونهاوطِمِرّة ٌ جرداء
ومفاضة ٌ مسرودة ٌ وكتيبة ٌ
مَلمومَة ٌ وعَجاجَة ٌ شهباء
ماذا أُسائِلُ عن مغَاني أهلِها
وضميريَ المأهولُ وهي خَلاء
لله إحدى الدّوحِ فاردة ً ولا
للهِ محنية ٌ ولا جرعاء
بانَتْ تَثَنّى لا الرّياحُ تَهُزُّهَا
دوني ولا أنفاسيَ الصُّعداء
فكأنّما كانتْ تَذكَّرُ بيْنَكم
فتميدُ في أعطافها البُرحاء
كلُّ يهيجُ هواكَ إمّا أيكة ٌ
خضراءُ أو أيكة ٌ ورقاء
فانظرْ!أنارٌ باللّوى أم بارِقٌ
متألّقٌ أم راية ٌ حمراء
بالغورِ تخبو تارة ً ويشبُّها
تحتَ الدُّجنّة ِ مندلٌ وكباء
ذمَّ الليالي بعدَ ليلتنا التي
سَلَفَتْ كما ذمَ الفراقَ لقاء
لبِستْ بياضَ الصّبْح حتى خلتُها
فيه نجاشيّاً عليه قَباء
حتى بدتْ والبدرُ في سِرْبالِها
فكأنّها خيفانة ٌ صدراء
ثمّ انتحى فيها الصّديعُ فأدبَرَتْ
فكأنّها وَحْشِيّة ٌ عَفْراء
طويتْ لي الأيامُ فوقَ مكايدٍ
ما تَنْطوي لي فوقَها الأعْداء
ما كانَ أحسنَ منْ أياديها الّتي
تُولِيكَ إلاّ أنّها حَسْناء
ما تُحسِنُ الدنيا تُديمُ نعيمَها
فهي الصَّناعُ وكفُّها الخرَقاء
تشأى النَّجازَ عليّ وهيَ بفتكهِا
ضِرغامَة ٌ وبِلوْنِها حِرْباء
إنَ المكارمَ كنّ سرباً رائداً
حتّى كنسنَ كأنَّهنّ ظباء
وطِفقْتُ أسألُ عن أغرَّ مَحجَّلٍ
فإذا الأنامُ جِبِلّة ٌ دَهماء
حتى دُفعْتُ إلى المعزّ خليفة ً
فعملتُ أنّ المطلَب الخُلفاء
جودٌ كأنّ اليمّ فيهِ نفاثة ٌ
و كأنما الدّنياعليهِ غثاء
مِلكٌ إذا نطقَتْ عُلاهُ بمدحِهِ
خرسَ الوفودُ وأفحمَ الخطباء
هو علّة الدُّنيا ومن خلقتْ له
و لعلّة ٍ ما كانتِ الأشياء
من صفوِ ماء الوحي وهوَ مُجاجة ٌ
من حَوضه الينبوع وهو شفاء
من أيكة ِ الفرْدوْس حيثُ تفتقتْ
ثمراتها وتفيّأ الأفياء
من شعلة القبَس التي عُرِضتْ على
موسى وقد حارتْ به الظَّلماء
من معدنِ التقديسِ وهو سلالة ٌ
من جوهرِ الملكوتِ وهو ضياء
من حيثُ يقتبسُ النهارُ لمبصرٍ
و تشقُّ عن مكنونها الانباء
فتَيَقّظوا من غَفْلة ٍ وتَنَبّهوا
ما بالصبّاحِ عن العيونِ خَفاء
ليستْ سماءُ الله ما تَرْأونَها
لكنّ أرضاً تحتويهِ سماء
أمّا كواكِبُها له فخَواضِعٌ
تخفي السُّجودَ ويظهرُ الإيماء
و الشمسُ ترجعُ عن سناه جفونها
فكأنّها مَطرُوفة ٌ مَرْهَاء
هذا الشفيعُ لأمَّة ٍ يأتيْ بها
وجُدُودُهُ لجدُودِها شُفعاء
هذا أمينُ اللهِ بينَ عبادهِ
و بلادهِ إنْ عدَّتِ الأمناء
هذا الَّذي عطفتْ عليهِ مكة ٌ
وشعابهاو الرُّكنُ والبطحاء
هذا الأغَرُّ الأزهَرُ المتألقُ المـ
ـتَدَفِّقُ المُتَبَلِّجُ الوضّاء
فعَليهِ من سِيما النبيّ دَلالَة ٌ
وعليهِ من نورِ الإلهِ بَهاء
وَرِثَ المُقيمَ بيثرِبٍ فالمِنبرُ الـ
ـأعْلى له والتُّرعَة ُ العَلياء
والخطبة ُ الزّهراء فيها الحكمة الـ
ـغَرّاءُ فيها الحجّة ُ البَيضاء
للنّاس إجماعٌ على تفضيلهِ
حتى استَوَى اللُّؤماءُ والكُرَماء
واللُّكْنُ والفُصَحاء والبُعَداء والـ
قرباءُ والخصماءُ والشُّهداء
ضرّابُ هامِ الرّومِ منتقماً وفي
أعناقهمْ منْ جودهِ أعباء
تجري أياديه التي أولاهمُ
فكأنَّها بينَ الدمّاءِ دماء
لولا انبعاثُ السيف وهو مسلَّطٌ
في قتْلهمْ قَتَلَتْهُمُ النَّعْماء
كانتْ ملوكُ الأعجمَينِ أعزّة ً
فأذلّها ذو العزِّة ِ الأبَّاء
لنْ تصغرَ العظماءُ في سلطانهم
إلاّ إذا دلفَتْ لها العُظَماء
جهلَ البطارقُ أنّهُ الملكُ الذي
أوصى البنينَ بسلمهِ الآباء
حتى رأى جهَّالهم من عزمهِ
غبَّ الذي شهدتْ به العلماء
فتقاصرُوا من بعدما حكمَ الردى
و مضى الوعيدُ وشبِّتِ الهيجاء
والسيْلُ ليسَ يحيدُ عن مُستنّهِ،
و السّهمُ لا يدلى به غلواء
لم يُشرِكوا في أنّهُ خَيرُ الوَرَى
ولِذي البَريّة ِ عندهُمْ شُركاء
و إذا أقرّ المشركونَ بفضلهِ
قَسْراً فما أدراكَ ما الخُنفاء
في الله يسري جودُهُ وجُنودُهُ
و عديدهُ والعزمُ والآراءُ
أومَا ترى دولَ الملوكِ تطيعه
فكأنَّها خولٌ لهُ وإماء
نَزَلَتْ ملائكة ُ السماءِ بنصرِهِ
وأطاعَهُ الإصْباحُ والإمساء
والفُلْكُ والفَلَكُ المُدارُ وسعدُهُ
والغَزْوُ في الدّأماءِ والدّأماء
والدهرُ والأيّامُ في تصريفِها
والناسُ والخضراءُ والغَبراء
أينَ المفرُّ ولا مفرَّ لهاربٍ
و لكَ البسيطانِ الثُّرى والماء
ولكَ الجواري المنشآتُ مواخراً
تَجري بأمركَ والريّاحُ رخاء
و الحاملات وكلُّها محمولة ٌ
والنّاتِجات وكلّها عذراء
و الأعوجيّات التي إن سوبقتْ
سبقت وجريُ المذكيات غلاء
الطائرات السّابحات السّابقا
ت الناجيات إذا أستُحِثّ نَجاء
فالبأسُ في حمس الوغى لكماتها
والكبرياءُ لهُنّ والخُيلاء
لا يصدرونَ نحورها يومَ الوغى
إلاّ كما صبغَ الخدودَ حياء
شمُّ العَوالي والأنوفِ تَبَسّموا
تحت القُنوس فأظلموا وأضاءوا
لبسوا الحديدَ على الحديدِ مظاهراً
حتى اليلامقَ والدروعُ سواء
و تقنّعوا الفولاذَ حتى المقلة ُ النَّجـ
لاء فيها المقلة ُ الخوصاء
فكأنّما فوقَ الأكُفّ بَوارقٌ
وكأنّما فوقَ المُتونِ إضاء
من كلّ مسرودِ الدَّخارص فوقه
حبكٌ ومصقولٍ عليه هباء
وتَعانَقوا حتى رُدَيْنيّاتُهُم
عطْشَى وبِيضُهُمُ الرقاقُ رِواء
أعززتَ دينَ اللهِ يا ابنَ نبيّهِ
فاليومَ فيهِ تخمطٌ وإباء
فأقلُّ حظّ العُرْبِ منكَ سعادة ٌ
وأقلُّ حظّ الرّومِ منكَ شقاء
فإذا بعثْتَ الجيشَ فهوَ منيّة ٌ
وإذا رأيتَ الرأيَ فهوَ قَضاء
يكسو نَداكَ الروْضَ قبل أوانهِ
و تحيدُ عنكَ اللَّزابة ُ اللأواء
وصِفات ذاتك منكَ يأخذها الورى
في المكرماتِ فكلّها أسماء
قد جالتِ الأوهام فيك فدقّتِ الـ
أفكارُ عنكَ فجلّتَ الآلاء
فعنتَ لكَ الابصارُ وانقاذتْ لكَ
الاقدارُ واستحيتْ لكَ الانواء
و تجمّعتْ فيكَ القلوبُ على الرّضى
و شيّعتْ في حبكَ الأهواء
أنتَ الذي فصلَ الخطابَ وإنّما
بكَ حكَّمتْ في مدحكَ الشُّعراء
وأخصُّ منزِلة ً من الشّعراء في
أمثالِها المضروبة ِ الحُكَماء
أخذوا الكلامَ كثيرهَ وقليلَه
قِسمَينِ: ذا داءٌ وذاكَ دواء
دانوا بأنَّ مديحهمْ لكَ طاعة ٌ
فَرْضٌ فليسَ لهم عليك جَزاء
فاسلمْ إذا رابَ البريَّة َ حادثٌ
و اخلدْ إذا عمّ النفوسَ فناء
يفْديكَ شهْرُ صِيامِنا وقِيامنا
ثمّ الشُّهورُ له بذاك فِداء
فيه تنزّلَ كلُّ وحي منزلٍ
فلأهلِ بيتِ الوحي فيه ثناء
فتطولُ فيه أكفُّ آلِ محَمدٍ
وتغلُّ فيهِ عن الندى الطُّلقاء
ما زلْتَ تَقضي فَرضَه وأمامَه
ووراءَه لكَ نائلٌ وحِباء
حسبي بمدحك فيه ذخراً إنّه
للنُّسْكِ عند الناسكين كِفاء
هيهات منّا شكرُ ما تُولي ولو
شكرتك قبلَ الألسنِِ الأعضاء
و اللهُ في علياكَ أصدقُ قائلٍ
فكأنّ قولَ القافلينَ هُذاء
لا تسألنّ عن الزّمانِ فإنّهُ
في رَاحتَيْكَ يدورُ كيف تشاء

قديم 09-24-2010, 06:04 PM
المشاركة 22
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
الشمسُ عنهُ كليلة ٌ أجفانها
( ابن هانئ الأندلسي )


الشمسُ عنهُ كليلة ٌ أجفانها
عبرى يضيقُ بسرّها كتمانها
لو تستطيعُ ضِياءَهُ لدَنَتْ لهُ
وأُريكَها تَخْبو على بُرَحائِها
لم تخفَ مذعنة ً ولا إذعانها
إيوانُ مَلْكٍ لو رأتْهُ فارسٌ
ذعرتْ وخرّ لسمكهِ إيوانها
واستعظَمَتْ ما لم يُخلِّدْ مثلَهُ
سابورها قدماً ولا ساسانها
سجَدَتْ إلى النيرانِ أعصُرَها ولو
بصرتْ به سجدتْ له نيرانها
بل لو تجادلها بهِ ألبابها
في الله قامَ لحُسنِهِ بُرهانُها
أو ما ترى الدّنيا وجامعَ حسنها
صُغرى لديه وهي يعظُمُ شانها
لولا الذي فتنتْ به لاستعبرتْ
ثكلى تفضُّ ضلوعها أشجانها
خَضِلُ البشاشة ِ مُرْتَوٍ من مائها
فكأنَّهُ متهلِّلٌ جذلانها
يَنْدى فتنْشأُ في تَنَقُّلِ فَيّئِهِ
غرُّ السحائبِ مسبلاً هطلانها
وكأنّ قُدسَ ويذبُلاً رفَدا ذُرَى
أعلامهِ حتى رستْ أركانها
تغدو القصورُ البيضُ في جنباتهِ
صُوْراً إليه يَكِلُّ عنه عِيانها
و القبّة ُ البيضاءُ طائرة ٌ بهِ
تهوي بمنخرقِ الصَّبا أعنانها
ضُرِبَتْ بأرْوِقَة ٍ تُرَفرِفُ فوقَها
فهوى بفتخِ قوادم خفقانها
يَعْشُو إلى لَمَعَانها
في حيْثُ أسلَمَ مُقلَة ً إنسانُها
بُطْنانُها وَشيُ البُرودِ وعَصْبُها
فكأنّما قوهِيُّها ظُهْرانها
نِيطَتْ أكاليلٌ بها مَنظومَة ٌ
فغَدا يُضاحِكُ دُرَّها مَرجانُها
و تعرَّضتْ طررُ السُّتورِ كأنَّها
عذباتُ أوشحة ٍ يروقُ جمانها
و كأنَّ أفوافَ الرِّياضِ نثرنَ في
صفحاتها فتفوَّفتْ ألوانها
فأدرْ جفونكَ واكتحلْ بمناظرٍ
غَشّى فِرندَ لُجيَيْنِها عِقْيانها
لترى فنونَ السحرِ أمثلة ً وما
يُدري الجَهولَ لَعَلّها أعيانُها
مُستَشرِفاتٍ من خُدورِ أوانِسٍ
مصفوفَة ٍ قد فُصّلتْ تِيجانها
مُتَقابِلاتٍ في مَراتِبِها جَنَتْ
حرْباً على البِيضِ الحِسانِ حسانها
فاخلَعْ حميداً بينها عُذْرَ الصِّبا
و ليبدِ سرَّ ضمائرٍ إعلانها
و حباكها كلفُ الضُّلوع بحسنها
ريّانُ جانحة ٍ بها ملآنها
تساي المحبَّ كلفَ الضّلوعِ بحسنها
ثكرَ النفوس مُحَرَّماً سُلْوانُها
رَدّتْ على الشّعراء ما حاكَتْ لها
غرُّ القوافي بكرها وعوانها
و أتتْ تجرِّرُ في ذيولِ قصائدٍ
يكفيكَ عن سحرِ البيان بيانها
أعْيَتْ لَبيباً وهي مَوقِعُ طَرْفِهِ
فقَضَى عليه بجهلِهِ عرفانُها
إبراهِمِيّة ُ سُودَدٍ تُعزَى إلى
نَجْرِ الكِرامِ: جِنانُها ومَعانُها
فكأنّهُ سيف بنُ ذي يَزَنٍ بها
وكأنّها صَنعاءُ أو غُمدانها
سُحِبَتْ بها أردانُه فتَضَوّعَتْ
عبقاً بصائكِ مسكهِ أردانها
وكأنّما لَبِسَتْ شَبيبَتَهُ وقَدْ
غادى النّدَى متهَلِّلاً رَيعانها
و كأنّما الفردوسُ دارُ قرارهِ
و كأنّ شافعَ جودهِ رضوانها
أبدَتْ لمَرآكَ الجَليلِ جَلالَة ً
يعلو لمكرمة ٍ بذاك مهانها
وهَفَتْ جوانبها ولولا ما رَسا
من عبء مجْدكَ ما استقَرّ مكانها
ولَنِعْمَ مَغنى اللهوِ تَرأمُ ظلَّه
آرامُ وَجْرَة َ رُحْنَ أو أُدْمانها
وتخالُها صَفراء عارَضَتِ الدُّجى
وسرَتْ فنادَمَ كوكباً نَدمانها
قدُمتْ تُزايلُ أعصُراً كَرّتْ على
حَوبائِها لمّا انقَضَى جُثمانها
و أتتْ على عهدِ التّبابعِ مدَّة ً
غَضّاً على مَرّ الزّمانِ زمانها
يمنيَّة ُ الأربابِ نجرانيَّة ُ الـ
؛أنسابِ حيثُ سَمَتْ بها نَجرانُها
أو كسرويَّة ُ محتدٍ وأرومة ٍ
شَمطاءُ يُدعَى باسمِها دِهقانُها
أو قرقفٍ ممّا تنشّي الرّومَ لا
نَشَواتُها ذُمّتْ ولا نشوانُها
كان اقتناها الجاثلِيقُ يُكِنُّهَا
و يصونُ درّة َ غائصٍ صوِّانها
في مَعشرٍ من قومه عَثَرَتْ بهم
نوبُ الزّمانِ فغالهم حدثانها
كرُمَتْ ثَرى ً متأرِّجاً وتوسّطتْ
أرضَ البَطارقِ مُشرِفاً أفدانها
لم يضرموا ناراً لهيبتها ولمْ
يَستطَعْ بأكنافِ الفَضاء دُخانها
فكأنَّ هيكلها تقدَّمَ راية ً
وكأنّ صَفّ الدّارعينَ دِنانُها
غنيتْ تطوفُ بها ولائدهمْ كما
طافَتْ برَبّاتِ الحِجالِ قِيانها
قد أوتيتْ من علمهمْ فكأنّها
أحبارُ تلك الكُتبِ أو رُهبانها
جازتهمُ ترمدُّ في غلوائها
فتخرِّموا وخلا لها ميدانها
فكلتكَ ناجودٌ تديرُ كؤوسها
هِيفٌ تُجاذبُ قُضْبَها كُثبانها
من قاصراتِ الطَّرفِ كلّ خريدة ٍ
لم يأتِ دونَ وصالِها هِجرانُها
لم تدرِ ما حرُّ الوداعِ ولا شجتْ
صَبّاً بمُنْعَرَجِ اللوى أظعانها
قد ضرّجتْ بدم الحياء فأقبلتْ
متظلّماً من وردها سوسانها
تشكو الصِّفادَ لبهرها فكأنَّما
رَسَفَانُ عانٍ دَلُّها رَسَفانها
سامتهُ بعضَ الظلم وهي غريرة ٌ
لا ظُلمُها يُخْشَى ولا عُدوانها
فأتَتْهُ بين قَراطِقٍ ومَناطقٍ
يثنى على سيرائها خفتانها
وإذا ارتمَتْهُ بما تَريشُ ومُكّنَتْ
فأصابَ أسْودَ قلْبِهِ إمكانها
لم تدرِ ما أصمى المليكَ أنزعها
بسديدِ ذاكَ الرّمي أو حسبانها
في أرْيحِيّاتٍ كرَيْعانِ الصِّبَا
حَركاتُها وعلى النُّهَى إسْكانها
ولئن تَلَقَيْتَ الشّبابَ وعَصْرَهُ
بالمُلْهِياتِ فَعَصْرُهَا وأوانها
ولئن أبَتْ لك خفْضَ ذاكَ ولِينَهُ
نفسٌ كهَضْبِ عَمايَتينِ جَنانها
فلقبلَما أسْلتْكَ عن بِيض الدُّمى
بيضٌ تُكسَّر في الوغى أجفانها
و ضرائبٌ تنبي الحسامَ مضارباً
أردَتْ شَراسَتُها فخِيفَ لِيانُها
وأُبُوّة ٌ هَجَرَتْ مَقاصِرَ مُلكِها
فكأنّما أسيافها أوطانها
قومٌ همُ أيّمهمْ إقدامها
و جلادها وضرابها وطعانها
وإذا تَمَطّرَتِ الجِيادُ سَوابِقاً
فبهم تكنُّفها وهم فرسانها
و إذا تحدُّوا بلدة ً فبزأرهم
صعقاتها وببأسهمْ رجفانها
آلُ الوغى تبدو على قسماتهمْ
أقمارها وتحفُّهمْ شهبانها
يصلونَ حرَّ جحيمها إن عرَّدتْ
أبطالها وتزاورتْ أقرانها
جُرْثومَة ٌ منها الجِبالُ الشُّمُّ لم
يغضض متالعها ولا ثهلانها
رْدُّتْ إليك فأنتَ يعرُبها الذي
تعزى إليه وجعفرٌ قحطانها
فافخَرْ بتيجانِ المُلوكِ ومُلكِها
فلأنتَ غيرُ مدافعٍ خلصانها
للَّهِ أنتَ مواشكاً عجلاً إلى
جَدوَى يَدٍ مَدُّ الفُراتِ بَنانها
يَفديكَ ذو سِنَة ٍ عن الآمالِ لم
يألفْ مَضاجعَ سُؤدَدٍ وَسْنانها
تردُ الأماني الخمسُ منه مشارعاً
ملءَ الحياض محلَّلأً ظمآنها
من كل عاري اللِّيتِ من نظم التي
رَجَحَتْ بخيرِ تجارَة ٍ أثمانها
يدني السؤالَ إليه عاملُ صعدة ٍ
مُتَغَلْغِلٌ بين الشِغافِ سِنانها
أعلتكَ عنهم همَّة ٌ لم يعتلقْ
مثنى النّجوم بها ولا وحدانها
دانيتَ أقطارَ البلادِ بعزمة ٍ
ملقى ً وراء الخافقينِ جرانها
و هي الأقاصي من ثغور الملك لا
تُخشَى مخاوِفُها وأنتَ أمانُها
متقلِّداً سيفَ الخلافة ِ للّتي
يُلقَى إليه إذا استمرّ عِنانُها
تُزْجَى الجِيادُ إلى الجِلاد كأنّما
سَرعانُ واردة ِ القَطا سَرعانها
وتُهَزُّ ألويَة ُ الجنودِ خَوافِقاً
تحتَ العَجاجِ كَواسِراً عِقبانها
حتى إذا حرِجَتْ به أرْضُ العدى
مُتَمَطّياً وتَضَايقَتْ أعطانها
ألقَتْ مقالِيداً إليه وقبلَهُ
ما انفكَّ خالعها ولا خلعانها
لا قلتَ إنّ الدّينَ والدّنْيا لَهُ
عِوَضٌ ولُؤمٌ مقالة ٍ بُهْتانُها
أمدُ المطالبِ والوفودِ إذا حدتْ
فَوْتَ العيونِ رِكابُها رُكبانَها
ألِفَ النّدَى دَأباً عليه كأنّهُ
رَتْكُ المَطّيِ إليهِ أو وَخَدانها
غَفّارُ مُوبِقَة ِ الجَرائم صافحٌ
و سجيَّة ُ من ماجدٍغفرانها
شيمٌ إذا ما القولُ حنّ تبرّعتْ
كرماً فأسجحَ عطفها وحنانها
إني وإنْ قصّرْتُ عن شكريه لم
يغمطْ لديّ صنيعة ً كفرانها
كنتُ الوليدَ فلم يُنازِعْهُ بنو
خاقانَ مكرمة ً ولا خاقانها
مننٌ كباكرة ِ الغمامِ كفيلة ٌ
بالنُّجحِ موقوفٌ عليه ضمانها
يا ويلتا منّي عليّ أمخرسي
إحسانُها أو مُغرِقي طُوفانها
ما لي بها إلاّ احتراقُ جوانحي
يدني إليك ودادها حرَّنها
دامَتْ لنا تلك العُلى متَفَيّئاً
أظلالها متهدّلاً أفنانها
واسلَمْ لغَضّ شبيبَة ٍ ولدولَة ٍ
عَزَّتْ وعَزّ مؤيَّداً سلطانها

قديم 09-24-2010, 06:05 PM
المشاركة 23
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المُدْنَفانِ منَ البرِيّة ِ كلِّهَا
( ابن هانئ الأندلسي )


المُدْنَفانِ منَ البرِيّة ِ كلِّهَا
جسمي وطَرْفٌ بابليٌّ أحوَرُ
والمُشرِقاتُ النّيّراتُ ثلاثة ٌ:
الشّمسُ والقمرُ المنيرُ وجعفرُ

قديم 09-24-2010, 06:06 PM
المشاركة 24
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
بلى ! هذه تَيماءُ والأبْلقُ الفَرْدُ
( ابن هانئ الأندلسي )


بلى ! هذه تَيماءُ والأبْلقُ الفَرْدُ
فسلْ أجماتِ الأُسد ما فعل الأسدُ
يقولونَ : هلْ جاءَ العراقَ نذيرها
فقلتُ لهم ما قالتِ العِيس والوَخد
أصيخوا فما هذا الذي أنا سامعٌ
برعدٍ ولكنْ قعقعَ الحلقُ السّرد
تؤمُّ أميرَ المؤمنين طوالعاً
عليه طلوعَ الشمس يقدُمُها السَّعد
فتوحاتُ ما بينَ السَّماءِ وأرضها
لها عند يومِ الفخرِ ألسنة ٌ لُدُّ
سَيعْبَقُ في ثوبِ الخليفة ِ طيبُهَا
وما نَمّ كافورٌ عليه ولا نَدُّ
وتعقدُ إكليلاً على رأسِ ملكهِ
وتُنْظَمُ فيه مثلَ ما نُظمَ العِقد
حرورية ٌ ما كبّرَ اللهَ خاطبٌ
عليها ولا حَيّا بها مَلِكاً وفْد
وكانتْ هي العجماءَ حتى احتبى بها
ملوكُ بني قحطانَ والشَّعرُ والمجد
لذاكَ تراها اليومَ آنسَ من مِنى ً
وأفْيَحَ من نَجدٍ وما وصلتْ نجْد
وما رُكزتْ في جوّها قبلكَ القَنا
ولا ركَضَتْ فيها المسوَّمة ُ الجُرد
ولا التمعتْ فيها القِبابُ ولا التقَتْ
بها لأمة ٌ سردٌ وقافية ٌ شرد
رفعتَ عليها بالسرادقِ مثلها
وجلَّلْتَها نوراً وساحاتُها رُبْد
يقابل من شمس الضُّحى الأعين الرُّمد
مَباءة ُ هذا الحيِّ من جنِّ عبقَرٍ
فليسَ لها بالأنسِ في سالفٍ عهد
تذوبُ لقُربِ الماءِ لولا جَمادُها
وتحرقُ فيها الشمسُ لولا الصّفا الصّلد
معَ الفلك الدَّوّار لا هي كوكبٌ
ولا هي مما يشبهُ الرِّيدُ والفند
ولولا الهمامُ المعتلي لتعذّّرتْ
على أبطنِ الحيّاتِ أقطارها الملدُ
وأعْيَت فلم يَحمِلْ بهابَزَّ فارسٍ
حصانٌ ولمْ يثبتْ على ظهرها لبد
ولّما تجَلّى جعْفَرٌ صَعِقتْ لَهُ
وأقبلَ منها طورُ سيناء ينهد
شَهَدتُ له وأنّ الملائكَ حولَهُ
مُسوَّمَة ٌ والله من خلفهِ رِدُّ
أقَمْنَا فمن فُرسانِنا خُطباؤنا
ومنبرُنا من بِيض ما تطبعُ الهِنْد
ولولا لمْ يقمْ فيها بحمدكَ خاطبٌ
علينا وفينا قامَ يخطبنا الحمد
على حين لم يُرْفَعْ بها لخليفة ٍ
منارٌ ولمْ يشدد بها عروة ٌ عقد
وكانت شجاً للملكِ سِتّينَ حِجّة ً
وما طيبُ وصلٍ لمْ يكنْ قبلهُ صدُّ
بها النارُ نار الكفرِ شُبَّ ضِرامُها
ولو حجبتْ في الزندِ لاحترقَ الزُّند
فمنْ جمرة ٍ قدْ أطفئتْ مخلدية ٍ
وأُخرى لها بالزّابِ مذ زمَنٍ وَقْد
يقابلُ منكَ الدّهرُ فيها شبيهَ مَا
وفي هذه مَكنُونُ ما لم يكن يبدو
وعادَ لها الدّاءُ القديمُ فأصبحتْ
بها نافضٌ منه وليس بها ورد
وكَف على بحرٍ إلى اليوم موجُهُ
فليس له جزرٌ وليس له مذُّ
و عادتْ بهم حرب الأزارق لاقحاً
وإن لم يكن فيها المهلّبُ والأزد
حوادثُ غلبٌ في لؤيِّ بن غالبٍ
وخَطْبٌ لعَمرُ الله في أدَدٍ إدُّ
أطافت بخِرْقٍ يَسبِقُ القولَ فعلُهُ
فليس ليوميه وعيدٌ ولا وعد
فليس له من غير طِرفٍ أريكة ٌ
و ليس له من غير سابغة ٍ برد
فتى ً يشجعُ الرِّعديدُ من ذكر بأسه
و يشرفُ من تأميله الرجلُ الوغد
و لما اكفهرَّ الأمرُ أعجلتَ أمرها
فألْقَتْ وَليدَ الكفر وهي له مَهد،
أخذتَ على الاعداء كلَّ ثنية ٍ
واعقبتَ جنداً واطئاً ذيله جند
كأنَّ لهمْ من حادث الدهرِ سائِقاً
يسوقُهُمُ أو حادياً بهم يحدو
كأنكَ وكَّلتَ الغمامَ بحربهم
فمن عارضٍ يمسي ومنْ عارضٍ يغدو
كأنَّ عليهم منك عنقاءَ تعتلي
فليس لها من أن تخطَّفهم بدُّ
من الصائداتِ الإنسَ بينَ جفونها
إذا ما جرَتْ بَرْقٌ وفي ريشها رَعد
فلما تقنَّصتَ الضَّراغمَ منهمُ
فلم يبقَ إلاّ كسعة ٌ خلفهم تعدو
كثيرٌ رزاياهمْ قليلٌ عديدُهم
وكانوا حصى الدهناء جمعاً إذا عُدُّوا
أتوكَ فلم يرددْ منيبٌ ولم يبح
حريمٌ ولم يُخمَش لغانية ٍ خَدُّ
وما عن أمانٍ يومَ ذاكَ تَنَزَّلوا
ولكنْ أمانُ العفوِ أدركُهم بَعْد
ألا رُبَّ عانٍ في يديك مُصَفَّدٍ
شكتْ ذِفرَياه القِدَّ حتى اشتكى القِدُّ
بعينيَّ يومَ العفو حتى أعدته
نشوراً وحتى شُقَّ عن ميِّتٍ لحد
نُهِيتُ عن الإكثار في جعفرٍ ولنْ
يقاسَ بشيءٍ كلُّ شيءٍ لهُ ضِدُّ
إذا كانَ هذا العفْوُ من عزَماتِهِ
ففي أيَّ خطب الدهر يستغرق الجهد
إذا كان تدبيرُ الحلائِقِ كلِّهَا
له لعباً فانظرْ لمن يذخرُ الجدُّ
فما ظنُّكم لو كان جَّردَ سيفَهُ
إذا كان هذا بعض ما فَعَل الغِمد
ما كان بين الجوِّ بالشمس فوقهم
تكوَّرُ إلاّ أن يسلَّ له حدُّ
لأمرٍ غدتْ في كفِّه الأرضُ قبضة ً
وقربَ قُطْريَها وبينهما بُعد
وغودِرَ شأوُ السابقينَ لسابقٍ
له مهيعٌ من حيثُ لم يعلموا قصد
ألا عبقرِيُّ الرأي يَفري فَرِيَّه
ألا ندسٌ طبٌّ ألا حازمٌ جلد
وأحرى بمَنْ أقبالُ قَحطانَ كلُّها
له خَوَلٌ أن لا يكون له نِد
فيا أسَدَ المسَلَّطَ فيهمُ
اتعلمُ ما يلقى بكَ الأسدُ الوردُ
و للهِ فيما شئتَ فينا مشيَّة ٌ
فإما فَناءٌ مثلَ ما قيل أو خُلد
شهدتُ لقد ملكتَ بالزّاب تَدمُراً
وفُتِّحَ في أيام إقبالكَ السَّدُّ
ومِثلُكَ من أرضى َ الخليفة سعيُهُ
فإن رضيَ المولى فقد نصح العبد

قديم 09-24-2010, 06:06 PM
المشاركة 25
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
تظلّمَ منّا الحبُّ والحبُّ ظالمُ
( ابن هانئ الأندلسي )


تظلّمَ منّا الحبُّ والحبُّ ظالمُ
فهل بينَ ظلامينَ قاضٍ وحاكم
في البينِ حرفٌ معجمٌ قد قرأتهُ
على خدّها لو أنّني منه سالم
وقد كانَ فيما أثّرَ المِسكُ فوقَهُ
دلِيلٌ ومن خَلْفِ الحِدادِ المآتم
لَياليَ لا أوي إلى غَيرِ ساجِعٍ
ببينكِ حتى كلُّ شيءٍ حمائم
و لمّا التقتْ ألحاظنا ووشاتنا
و أعلنَ سرُّ الوشيِ ما الوشيُ كاتم
تأوّهَ إنسيٌّ منَ الخدر ناشجٌ
فأسْعَدَ وَحْشيٌّ من السَّدْرِ باغم
و قالت: قطاً سارٍ سمعتُ حفيفهُ
فقلتُ: قلوبُ العاشقِينَ الحوائم
سَلُوا بانَة َ الوادي أأسماءُ بانَة ٌ
بجَرعائِهِ أمْ عانِكٌ مُتَراكم
وما عَذُبَ المِسواكُ إلاّ لأنّهُ
يقبَّلها دوني وإنّي لراغم
و قلتُ لهُ صفْ لي جنى رشفاتها
فألثَمَني فاها بمَا هو زاعم
إذا خُلّة ٌ بانَتْ لَهَوْنا بذِكْرِهَا
وإنْ أقفَرَتْ دارٌ كَفَتنا المَعالم
و قد يستفيقُ الشَّوقُ بعد لجاجهِ
و تعدى على البهم العتاقِ الرواسم
خليليّ هبّا فانصراها على الدُّجى
كتائبَ حتى يهزمَ الليلَ هازم
وحتى أرى الجَوزاءَ تنثُر عِقدَهَا
و تسقطُ من كفّ الثريّا الخواتم
وتغْدُو على يحيَى الوُفودُ ببابِهِ
كما ابْتَدَرَتْ أُمَّ الحَطيم المَواسم
فتى المُلْكِ يُغْنِيهِ عن السيْفِ رأيُهُ
و يكفيهِ من قودِ الجيوش العزائم
فلا جُودَ إلاّ بالجَزيلِ لآمِلٍ
و لا عفو إلاّ أن تجلّ الجرائم
أخو الحربِ وابنُ الحربِ جرّ نجاده
إليها وما قدّتْ عليه التّمائم
أمثلهُ في ناظرٍ غيرِ ناظري
كأنّيَ فيما قد أرى منه حالم
و ليس كما قالوا المنيّة ُ كاسمها
ولكنّها في كفّهِ اليومَ صارم
و يعدلُ في شرقِ البلادِ وغربها
على أنّهُ للبيضِ والسُّمرِ ظالم
تشكَّينَ أن لاقينَ منه تقصَّداً
فأينَ الذي يَلقى الليوثُ الضراغم
ولو أنّ هذا الأخرسَ الحيَّ ناطِقٌ
لصلّتْ عليكَ المقرباتُ الصَّلادم
و ما تلكَ أوضاحٌ عليها وإن بدتْ
و لكنَّها حيتكَ عنها المباسم
تمشّتْ شموسٌ طلقة ٌ في جلودها
وضمتْ على هوجِ الرياح الشكائم
تُعرِّضُها للطّعْنِ حتى كأنّها
لها من عداها أضلعٌ وحيازم
وتطعنهم لم تعدُ نحراً ولبة ً
كأنّكَ في عقدٍ من الدُّرّ ناظم
وكم جَحفلِ مَجْرٍ قرعتَ صَفاتَهُ
بصاعقَة ٍ يَصْلي بها وهي جاحم
أتَتكَ به الآسادُ تُبْدي زئيرَهَا
فطارتْ به عن جانبيكَ القشاعم
أتوكَ فما خرّوا إلى البيض سجّداً
ولكنّما كانَتْ تَخرُّ الجماجم
ولو حاربتكَ الشمسُ دونَ لقائهم
لأعْجَلَها جُنْدٌ من الله هازم
سبقْتَ المَنَايا واقعاً بنفوسِهِم
كما وقعَتْ قبلَ الخوافي القوادم
تَقودُ الكُماة َ المُعْلِمينَ إلى الوَغَى
لهمْ فوقَ أصواتِ الحديد هَماهم
غدوا في الدّروعِ السابغاتِ كأنّما
تُدِيرُ عُيوناً فوقهُنّ الأراقم
فليسَ لهم إلاّ الدّماءَ مَشَاربٌ
وليسَ لهمْ إلاّ النفوسَ مطاعم
يودّونَ لو صيغتْ لهم من حفاظهمْ
وإقدامهم تلكَ السّيوفُ الصّوارِمُ
ولو طعنتْ قبلَ الرّماحِ أكفُّهمْ
ولو سبقتْ قبل الأكفّ المعاصمُ
رأى بكَ ليثُ الغابِ كيفَ اختضابه
من العَلَقِ المُحمَرِّ والنّقعُ قاتِمُ
وجرّأتهُ شبلاً صغيراً على الطُّلى
فهل يشكرنّ اليومَ وهوَ ضبارمُ؟
وعلّمتهُ حتى إذا ما تمهّرتْ
بهِ السِّنُّ قلْتَ اذهبْ فإنّك عالم
ستفخرُ أنّ الدّهرَ ممّنْ أجرتهُ
وأنّ حَيَاة َ الخلْقِ ممّا تُسالم
وأنّكَ عن حقّ الخلافة ِ ذائدٌ
وأّنك عن ثغرِ الخلافة ِ باسم
وأنّكَ فتَّ السابقينَ كأنّما
مساعيك في سوقِ الرّجالِ أداهم
مَرَيْتَ سِجالاً من عِقابٍ ونائلٍ
كأنّكَ للأعمارِ والرّزقِ قاسم
وأمّنْتَ من سُبْلِ العُفاة َ فجدَّعتْ
إليك أُنوفَ البِيدِ وهي رواغم
وأدنيتَها بالإذنِ حتى كأنّما
تَخَطَتْ إليكَ السيْفَ والسيْفُ قائم
وتنْظُرُ عُلْواً أينَ منكَ وُفودُها
كأنّكَ يومَ الركبِ للبرقِ شائم
فلا تخذلِ البدرَ المنيرَ الّذي بهِ
سروا فله حقُّ على الجودِ لازم
أيأخذُ منه الفجرُ والفجرُ ساطعٌ
ويثبتُ فيه الليلُ والليلُ فاحم
علوتَ فلولا التاجُ فوقك شكَّكتْ
تميمُ بنُ مُرٍّ فيكَ أنّك دارم
وجدتَ فلولا أنْ تشرّفَ طيّءٌ
لقد قال بعضُ القوم إنّكَ حاتم
لك البيتُ بيتُ الفخرِ أنتَ عمودهُ
وليس له إلاّ الرّماحَ دعائِم
أنافَ به أنْ ليس فوقكَ بالغٌ
وشيّدهُ أنْ ليسَ خلفكَ هادم
وما كانتِ الدّنيا لتحملَ أهلها
ولكنّكم فيها البحورُ الخَضارم
فمَهْلاً فقد أخرستمُونَا كأنّما
صَنائعُكُمْ عُرْبٌ ونحنُ أعاجِم
فلا زالَ مُنهَلٍّ من المجدِ ساكبٌ
عليكَ ومرفضٌّ من العزّ ساجمُ
فثمّ زمانٌ كالشبيبة ِ مذهبٌ
وئمّ ليالٍ كالقدودِ نواعمُ
وللهِ درُّ البينِ لولا خليفة ٌ
تخلّفني عنكم وحَبْلٌ مُداوِمُ
ودَرُّ القُصورِ البِيضِ يَعمُرُ مُلكَها
ملوكُ بني الدّنيا وهنّ الكَرائِمُ
وأنتَ بها فارددْ تحيّة َ بعضنا
إذا قَبّلَتْ كَفّيكَ عنّا الغمائمُ
ولو أنّني في ملحدٍ ودعوتي
لقامَتْ تُفَدّيكَ العِظامُ الرمائم
تحمّلتَ بالآمالِ إذا أنتَ راحلٌ
وأقْبَلْتَ بالآلاءِ إذ أنْتَ قادم
مددتَ يداً تهمي على المزنِ من علٍ
فهل لك بحرٌ فوقها متلاطم
هو الحوضُ حوض الله من يكُ وارداً
فقد صَدَرتْ عنهُ الغيوثُ السّواجم
فإن كان هذا فعلُ كفّيكَ باللُّهى
لقد أصْبَحَتْ كَلاًّ عليكَ المكارم

قديم 09-24-2010, 06:07 PM
المشاركة 26
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
تقدّم خطى ً أو تأخّر خطى ً
( ابن هانئ الأندلسي )


تقدّم خطى ً أو تأخّر خطى ً
فإنّ الشباب مشَى القهْقَرى
و كان مليّاً بغدرِ الحياة ِ
و أعجبُ منْ غدرهِ لو وفى
وما كانَ إلاّ خَيالاً ألَمّ
ومُزْناً تَسرّى وبَرْقاً شَرَى
لبستُ رداءَ المشيبِ الجديدَ
و لكنّها جدَّة ٌ للبلى
فأكديتُ لمّا بلغتُ المدى
وعُرّيتُ لّما لَبِستُ النُّهى
فإنْ أكُ فارقتُ طيبَ الحياة ِ
حَميداً ووَدّعتُ عصرَ الصّبى
فقد أطْرُقُ الحيّ بعدَ الهدوء
تَصِلُّ أسنّتُهُمْ والظُّبَى
فألهو على رقبة ِ الكاشحينَ
بمفْعمة ِ السُّوق خُرسِ البُرَى
بسُودِ الغَدائِرِ حُمْرِ الخُدود
بيضِ التَّرائبِ لعسِ اللِّثى
و قد أهبطُ الغيثَ غضَّ الجمـ
ـيم غضَّ الأسرّة غضَّ النَّدى
كأنّ المجامرَ أذكينهُ
أو اغتبقَ الخمرَ حتى انتشى
فقُدْنا إلى الوِحشِ أشبْاهَها
ورُعْنا المها فوقَ مثلِ المَها
صنعنا لها كلّ رِخوِ العنانِ
رَحيبِ اللَّبانِ سليم الشظى
يُرَدُّ إلى بسطة ٍ في الإهاب
إذا ما اشتكى شَنَجاً في النَّسا
كأنّ قَطا فوق أكفالها
إذا ما سَرَينَ يُثِرْنَ القَطا
عواري النّواهقِ شوسُ العيونِ
ظماءُ المفاصلِ قبُّ الكلى
تُديرُ لطَحْرِ القَذى أعيُناً
ترى ظلّ فرسانها في الدُّجى
و تحسبُ أطرافَ آذانها
يراعاً بُرينَ لها بالمُدى
فهنّ مُؤلَّلَة ٌ حَشْرَة ٌ
مندَّدة ٌ لخفيّ الصَّدى
تَكادُ تُحِسُّ اختلاجَ الظنو
نِ بينَ الضّلوع وبين الحشى
و تعلمُ نجوى قلوبِ العدى
و سرَّ الأحبّة ِ يومَ النّوى
فأبْعدُ مَيْدانِها خُطْوَة ٌ؛
وأقرَبُ ما في خُطاها المَدَى
ومِنْ رِفْقِهاأنها لا تُحَسُّ
ومِنْ عَدْوِها أمّها لا تُرَى
جَرينَ، من السّبْقِ، في حَلَبة ،
إذا ما جرى البرقُ فيها كبا
إذا أنتَ عدّدتَ ما يمتطى
و قايستَ بينَ ذواتِ الشَّوى
فهنّ نفائسُ ما يستفادُ
و هنَّ كرائمُ ما يقتنى
دِيارُ الأعِزّة ِ، لكِنّها
مُكَرَّمَة ٌ عن مَشيدِ البِنَا
ومن أجلِ ذلك، لا غَيرِهِ،
رأى الغنويُّ بها ما رأى
وكانَ يُجيدُ صِفاتِ الجِيادِ،
وإنّ بها اليوْمَ عنهُ غِنَى
أليسَ لها بالإمامِ المعزِّ
من الفخرِ، لوْ فخرَتْ ما كفَى
هو استنَّ تفضيلها للملوكِ
و أبقى لها أثراً في العلى
ولّما تَخَيّرَ أنسابَها،
تخيّرَ أسماءها والكنى
وليسَ لها، من مَقاصِيرِهِ،
سوَى الأطُمِ الشّاهقِ المُبتَنَى
و حقّ لذي ميعة ٍ يغتدي
به مستقلاً إذا ما اغتدى
تكون منَ القُدس حَوباؤه
ونُقْبتُه من رِداء الضُّحى
و يعدو وقونسهُ كوكبٌ
وسُنْبُكهُ من أديمِ الصَّفا
و كان إذا شاء حفّت به
كتائبهُ فملأنَ الملا
كما استُجفل الرمل من عالجٍ
فجاء الخبَارُ وجاء الَّنقا
وذي تُدْرَإٍ كفُّه بالطعا
نِ أسمَح من حاتمٍ بالقِرى
وطِئنَ مفارقَه في الصّعيدِ
وعفّرْنَ لّمتَهَ في الثرى
عليها المَغاوير في السابغاتِ
تَرَقْرَقُ مثلَ مُتونِ الأضا
حُتوفٌ تَلَهّى بأمْثالِها
و أسدٌ تغذُّ بأسدِ الشّرى
تبخترُ عصفرٍ من دمٍ
و تخطرُ في لبدٍ من قنا
وقال الأعادي أأسيافُهم
أمِ النّارُ مضرمة ٌ تصطلى
رأوا سرجاً ثم لم يعلموا
أهِنْديّة ٌ قُضُبٌ أمْ لظَى
و متّقداتٍ تذيبُ الشّليـ
لَ من فوقِ لابسهِ في الوغى
من اللاّءِ تأكلُ أغمادها
وتلفَحُ منهنّ جَمْرَ الغضا
تُطيع إماماً أطاعَ الإلهَ
فقلّده الحكمَ فيما برى
وكائِنْ تبيتُ له عَزْمَة ٌ
مضرّضجة ٌ بدماءِ العدى
فيعفو القضاءُ إذا ما عفا
و تسطو المنونُ إذا ما سطا
له هذه وله هذه
فسَجْلٌ حياة ٌ وسَجْلٌ رَدى
و أهونْ علينا بسخطِ الزمان
إذا ما رآنا بعينِ الرّضى
عليّ لهُ جهدُ نفسي الشّكور
وإن قَصُرَتْ عن بلوغِ المدى
وشرّفَني مَدحُه في البلادِ
فآنَسَ عَنْسي بطولِ السُّرَى
أسيرُ خطيباً بآلائه
فأُنْضي المَطايا وأُنْضي الفَلا
فلو أنّ للنّجمِ من أفقهِ
مكاني من مدحهِ ما خبا
ولو لم أكنْ أنطّقَ المادحين
لأنطقني بالسَّدى والنَّدى
وما خلفَه من حطيمٍ يُزارُ
ولا دونه من مَدى ً يُنْتَهى َ
هو الوارثُ الأرضَ عن أبوين
أبٍ مُصْطفى وأب مُرتَضَى
و ما لامرئٍ معهُ سهمة ٌ
تعدّ ولا شركة ٌ تدّعى
فما لقريشٍ وميراثكم
و قد فرغَ اللّه ممّا قضى
لكم طور سيناءَ من فوقهم
و ما لهم فيه من مرتقى
بمكّة سمّى الطليقَ الطليقَ
ففرّقَ بين القَصا والدَّنى
شهِيدي على ذاك حكمُ النبيّ
بين المَقامِ وبين الصّفا
وإن كان يجمعُكم غالبٌ
فإنّ الوشائظَ غير الذُّرى
ألا إنَّ حقَّاً دعوتم إليهِ
هو الحقّ ليس به من خَفا
لآدَمَ من سرّكمْ مَوضِعٌ
بهِ استوْجَبَ العَفوَ لّما عَصى َ
فيومُكُمُ مثلُ دهرِ الملوكِ
وطِفلُكُمُ مثلُ كهلِ الورى
يلاحظُ قبلَ الثّلاثِ اللّواء
ويَضرِب قبل الثّمانِ الطُّلى
عجِبْتُ لقوْمٍ أضَلّوا السّبيلَ
و قد بيّنَ اللّه سبلَ الهدى
فما عرفوا الحقّ لمّا استبانَ
و لا أبصروا الفجرَ لمّا بدا
ألا أيها المعشَرُ النائمون!
أجِدَّكم لم تُقَضُّوا الكَرَى
أفِيقوا فما هِيَ إلاّ اثنتانِ
إمّا الرّشادُ وإمّا العَمَى
و ما خفي الرُّشدُ لكنّما
أضَلّ الحُلومَ اتّباع الهوى
وما خُلِقَتْ عَبَثاً أُمّة ٌ
و لا تركَ اللّهُ قوماً سدى
لكلّ بني أحمدٍ فضلهُ
و لكنّكَ الواحدُ المجتبى
إذا ما طَوَيتَ على عَزْمَة ٍ
فحسبكَ أن لا تحلّ الحبى
و ما لا يرى من جنودِ السّما
ءِ حولَكَ أكثرُ ممّا يُرَى
لِيَعْرِفْكَ من أنتَ مَنجاتُه
إذا ما اتقى الله حقَّ التُّقى
كأنّ الهُدى لم يكن كائناً
إلى أنْ دُعيتَ مُعِزَّ الهُدى
ولم يَحْكِكَ الغَيثُ في نائلٍ
ولكن رأى شِيمة ً فاقتَدَى
قرى الأرضَ لمّا قريتَ الأنامَ
له النّقرى ولك الأجفلى
شهِدتُ حقيقة َ علمٍ الشهيـ
دِ أنّك أكرمُ من يرتجى
فلو يجدُ البحرُ نَهجاً إليك
لجاءكَ مستسقياً من ظما
و لو فارقَ البدرُ أفلاكهُ
لقبّلَ بين يديكَ الثّرى
إلى مثلِ جدواكَ تنضى المطيُّ
و من مثل كفّيكَ يرجى الغنى

قديم 09-24-2010, 06:09 PM
المشاركة 27
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
تقولُ بنو العباسُ هلْ فتحتْ مصرُ
( ابن هانئ الأندلسي )


تقولُ بنو العباسُ هلْ فتحتْ مصرُ
فقلْ لبني العباسُ قدْ قضيَّ الأمرُ!
وقد جاوَزَ الاسكندريّة َ جوهَرٌ
تُطالعُه البُشرى َ ويقْدُمُه النَّصْر
وقدْ أوفدتْ مصرٌ إليهِ وفودها
وزِيدَ إلى المعقود من جِسرِها جسر
فما جاءَ هذا اليومُ إلاّ وقد غدتْ
وأيديكمُ منها ومن غيرها صفر
فلا ثكثروا ذكرَ الزَّمانِ الذي خلا
فذلكَ عصرٌ قدْ تقضّى وذا عصر
أفي الجيش كنتم تمترونَ رويدكمْ!
فهذا القنا العرّاصُ والجحفلُ المجر
وقدْ أشرفتْ خيلُ الإله طوالعاً
على الدين والدنيا كما طَلَعَ الفجر
وذا ابن نبيِّ الله يطلُبُ وِتْرَهُ
و كان حرٍ أن لا يضيعَ له وتر
ذروا الوردَ في ماء الفراتِ لخيلهِ
فلا الضَّحلُ منه تمنعون ولا الغمر
أفي الشمس شكُّ أنها الشمسُ بعدما
تجلَّتْ عياناً ليس من دونها سترِ
وما هي إلاّ آية ٌ بعْد آيَة ٍ
ونُذْرٌ لكم أن كان يغنيكم النُّذر
فكونوا حصيداً خامدينَ أو ارعووا
إلى مَلِكٍ في كفِّه الموتُ والنشر
أطيعوا إماماً للأئمَّة فاضلاً
كما كانتِ الأعمالُ يفضلها البرُّ
ردوا ساقياً لا تنزفونَ حياضهُ
جَموماً كما لا تَنزِفُ الأبحُرَ الذَّرُّ
فإن تتبعوه فهو مولاكمُ الّذي
له برسولِ الله دونكمُ الفخر
و إلاّ فبعداً للبعيدِ فبينهُ
وبينكُمُ ما لا يُقرِّبُهُ الدّهر
افي ابن أبي السِّبطينِِ أم في طليقم
تنزَّلتِ الآياتُ والسُّورُ الغرُّ
بني نتلة ٍ ما أورثَ اللهُ نتلة ً
و ما نسلتْ هل يستوي العبدُ والحرُّ
و أنّى بهذا وهي أعدتْ برقِّها
أباكم فإياكم ودعوى ً هي الكُفر
ذروا الناسَ ردُّوهم إلى من يسوسهم
فما لكُم في الأمرِ عُرْفُ ولا نُكْرُ
أسرتمْ قروماً بالعراق أعزَّة ً
فقد فكَّ من أعناقهم ذلك الأسر
و قد بزَّكم أيامكم عصبُ الهدى
وأنصارُ دينُ الله والبِيضُ والسُّمر
ومُقْتَبَلٌ أيامُه متهلِّلٌ
إليه الشبابُ الغَضُّ والزمنُ النَّضر
أدارَ كما شاءَ الوَرَى وتحيَّزَتْ
على السّبعة ِ الأفلاكِ أنمله العشر
أتدرونَ من أزكى البريَّة ِ منصباً
و أفضلها إنْ عدِّدَ البدو والخضر
تعالوا إلى حكّام كلِّ قبيلة ٍ
ففي الأرض أقيالٌ وأندية ُ زهر
و لا تعدلوا بالصيدِ من آلِ هاشمٍ
ولا تتْرُكوا فِهْراً وما جمعَتْ فِهْر
فجيئوا بمن ضَمَّتْ لُؤيُّ بن غالبٍ
وجيئوا بمن أدتْ كِنانَة ُ والنَّضْر
ولا تَذَروُا عليا مَعَدٍّ وغيرِهَا
ليُعْرَفَ منكم مَن له الحقُّ والأمر
ومن عجبٍ أنَّ اللسانَ جرى لهمْ
بذكرٍ على حين انقضَوا وانقضى الذكر
فبادروا وعفّى اللهُ آثارَ ملكهمْ
فلا خبرٌ يلقاكَ عنهمْ ولا خبر
الأ تلكم الأرضُ العريضة ُ أصبحتْ
وما لبني العبّاس في عرضها فتر
فقد دالتِ الدنيا لآل محمّدٍ
و قد جرَّرتْ أذيالها الدولة ُ البكر
ورَدَّ حقوقَ الطالبيّينَ مَن زكَتْ
صنائعُهُ في آلهِ وزكا الذُّخر
معزُّ الهدى والدين والرحمِ التي
به اتَّصَلتْ أسبابُها ولهُ الشُّكْر
منِ انتشاهمُ في كلِّ شرقٍ ومغربٍ
فبدّلَ أمناً ذلك الخوفُ والذُّعرُ
فكُلُّ إمَاميٍّ يجيءُ كأنّمَا
على يدهِ الشِّعرى وفي وجهه البدر
و لمّا تولَّتْ دولة ُ النُّصبِ عنهمُ
تولّى العمى والجهلُ واللّؤمُ والغدرُ
حقوقٌ أتتْ من دونها أعصرٌ خلتْ
فما ردَّها دَهرٌ عليهم ولا عصر
فجرَّدَ ذو التّاج المقاديرَ دونها
كما جُرِّدتْ بِيضٌ مضاربُها حُمرُ
فأنقذها من برثنِ الدّهرِ بعدما
تواكلها القرسُ المنيَّبُ والهصرْ
فأجْرَى على ما أنْزَلَ الله قَسْمَها
فلم يُتَخَرَّمْ منهُ قُلّ ولا كُثْر
فدونكموها أهلَ بيتِ محمّدٍ
صفتْ بمعزّ الدين جمّاتها الكدر
فقد صارتِ الدنيا إليكم مصيرَها
و صار له الحمدُ المضاعفُ والشكر
إمامٌ رأيتُ الدِّينَ مرتبطاً بهِ
فطاعتهُ فوزٌ وعصيانهُ خسر
أرى مدحَهُ كالمدح لله إنّهُ
قنوتٌ وتسبيحٌ يحطُّ به الوزر
هو الوارثُ الدُّنيا ومن خُلقتْ لهُ
من الناس حتى يلتقي القطرُ والقطر
و ما جهلَ المنصورُ في المهدِ فضلهُ
وقد لاحتِ الأعلامُ والسِّمَهُ البَهر
رأى أن سيُسْمَى مالكَ الأرض كلها
فلمّا رآهُ قال ذا الصَّمَدُ الوَتْر
و ما ذاكَ أخذاً بالفراسة وحدها
و لا أنه فيها إلى الظنِّ مضطرُّ
و لكنَّ موجوداً من الأثر الذي
تلقّاهُ من حبرٍ ضنينٍ به حبر
وكنزاً من العلم الرُّبوبيِّ إنّهُ
هو العلمُ حقّاً لا القِيافة ُ والزَّجْر
فبَشِّرْ به البيتَ المحرَّمَ عاجِلاً
إذا أوجفَ التطوافُ بالناس والنَّفر
وها فكأنْ قد زارَهُ وتَجانَفَتْ
به عن قصور المُلك طَيبة ُ والُّسرُّ
هل البيتُ بيتُ اللّهِ إلاّ حريمهُ
و هل لغريبِ الدار عن دارهِ صبر
منازلُهُ الأولى اللَّواتي يشُقْنَهُ
فليس له عنهُنَّ معْدى ً ولا قصْر
وحيثُ تلَقّى جدُّهُ القدسِ وانتحَتْ
له كلماتُ اللّهِ والسرُّ والجهرُ
فإن يَتَمَنَّ البيتُ تلك فقد دَنَتْ
مواقيتُها والعُسُر من بعدهِ اليُسر
وإن حَنَّ من شوْقٍ إليكَ فإنّهُ
لَيوجَدُ من رَيّاكَ في جوِّه نَشْر
ألستَ ابنَ بانيهِ فلو جئتهُ انجلتْ
غواشيه وابيضَّتْ مناسكُه الغُبْر
حبيبٌ إلى بطحاءِ مكّة َ موسِمٌ
تحيّي معدّاً فيه مكّة ُ والحجر
هناك تُضيءُ الأرضُ نوراً وتلتقي
دُنُوّاً فلا يَستبعِدِ السَّفَرَ السَّفرْ
وتدري فُروضَ الحجِّ من نافِلاتِهِ
و يمتازُ عندَ الأمَّة ِ الخيرُ والشرُّ
شهِدتُ لقد أعززتَ ذا الدينَ عزَّة ً
خَشِيتُ لها أن يَستبِدّ به الكِبْر
فأمضيتَ عزماً ليس يعصيك بعده
من الناس إلاّ جاهلٌ بك مغترُّ
أُهنّيكَ بالفتْحِ الذي أنا ناظِرٌ
إليهِ بعينٍ ليسَ يغمضها الكفر
فلم تبقَ إلاّ البردُ تترى وما نأى
عليكَ مدى ً أقصى مواعيدءُ شهر
وما ضَرَّ مصراً حينَ ألقَتْ قِيادَهَا
إليكَ أمَدَّ النّيلُ أم غالَهُ جَزْر؟
وقد حُبِّرَتْ فيها لك الخُطَبُ التي
بدائعُها نَظْمٌ وألفاظُها نَثْر
فلم يهرقْ فيها لذي ذمَّة ٍ ذمٌ
حرامٌ ولم يحملْ على مسلمٍ إصر
غدا جوهرٌ فيها غمامة َ رحمَة ٍ
يَقي جانبَيها كلَّ حادثة ٍ تَعْرُو
كأنّي به قد سارَ في الناس سيرة ً
تودُّ لها بغدادُ لو أنّها مصر
وتحسُدُهَا فيه المشارقُ أنّهُ
سواءٌ إذا ما حلَّ في الأرض والقَطر
ومن أين تَعْدوهُ سياسة ُ مثلِها
وقد قُلِّصَتْ في الحربِ عن ساقِهِ الإزر
وثقِّفَ ثثقيفَ الرُّدينيِّ قبلها
وما الطِّرْفُ إلاّ أن يُهذِّبَهُ الضُّمر
وليسَ الذي يأتي بأوَّل ما كفى
فشُدَّ به مُلْكٌ وسُدَّ به ثَغر
فما بمداه دون مجدٍ تخلُّفٌ
و لا بخطاه دونَ صالحة ٍ بهر
سننتَ له فيهم من العدلِ سنَّة ً
هي الآية ُ المجلى ببرهانها السّحر
على ما خلا من سِنَّة ِ الوحي إذْ خلا
فأذيالُها تضفو عليهم وتنجَرُّ
وأوصيتَهُ فيهم برِفقكَ مُرْدَفاً
بجودكَ معقوداً به عهدُك البَرُّ
وصاة ً كما أوصى بها الله رُسْلَهُ
وليس بإذنٍ أنت مسمعها وقر
و ثنّيتها بالكتبِ من كلِّ مدرجٍ
كأنَّ جميعَ الخيرِ في طيهِ سطرْ
يقولُ رجالٌ شاهَدوا يوم حكمِهِ
بذا تعمرُ الدنيا ولو أنَّها قفر
بذا لا ضياعٌ حللَّوا حرماتها
وأقطاعَها فاستُصفيَ السَّهْلُ والوعرْ
فحسبكمُ يا أهلَ مصرٍ بعدلهِ
دليلاً على العدل الذي عنه يَفترُّ
فذاكٌ بيانٌ واضحٌ عن خليفة ٍ
كثير سواهُ عند معروفه نَزْر
رضينا لكم يا أهلَ مصرٍ بدولة ٍ
أطاعَ لنا في ظلِّها الأمْنُ والوَفْر
لكُمْ أُسْوة ٌ فينا قديماً فلم يكنْ
بأحوالنا عنكم خفاءٌ ولا ستر
وهل نحنُ إلاّ مَعشَرٌ من عُفاتِهِ
لنا الصافناتُ الجُردُ والعَكَرُ الدَّثْر
فكيفَ مواليهِ الّذينَ كأنّهمْ
سماءٌ على العافينَ أمطارها تّبر
لبسنا بهِ أيّامَ دهرٍ كأنّما
بها وسنٌ أو مالَ ميلاً بها السّكر
فيا مالِكاً هَديُ الملائكِ هَديُهُ
ولكنَّ نجرَ الأنبياء له نجر
ويا رازقاً من كفِّهِ نَشَأ الحَيَا
وإلاّ فمِنْ أسرارِها نَبَعَ البحر
ألا إنّما الأيامُ أيامُكَ التي
لك الشَّطرُ من نعمائها ولنا الشَّطر
لك المجدُ منها يا لك الخيرُوالعلى
وتَبقى لنا منها الحَلوبة ُ والدَّرُّ
لقد جُدْتَ حتى ليس للمالِ طالِبٌ
وأنفقْتَ حتى ما لُمنْفِسَة ٍ قَدْر
فليسَ لمن لا يرتقي النّجمَ همّة ٌ
وليس لمن لا يستفيدُ الغِنى عُذر
وددتُ لجيلٍ قد تقدّمَ عصرهم
لو استأخروا في حلبة العمرِ أو كروا
ولو شَهِدوا الأيام والعيشُ بعدهم
حدائقُ الآمالُ مونقة ٌ خضر
فلو سَمِعَ التثويبَ مَن كان رِمَّة ً
رُفاتاً ولبى ّ الصوتَ مَن ضَمَّه قَبر
لناديتُ من قد ماتَ : حيَّ بدولة ٍ
تقامُ لها الموتى ويرتجعُ العمر

قديم 09-24-2010, 06:14 PM
المشاركة 28
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
تنبّأَ المتنبي فيكمُ عصرا
( ابن هانئ الأندلسي )


تنبّأَ المتنبي فيكمُ عصرا
ولو رأى رأيكم في شعرِه كفَرا
مهْلاً فلا المتنبّي بالنبيّ ولا
أعدّوا أمثالهُ في شعرهِ السورا
تهتمْ علينا بمرآه وعلّكمُ
لمْ تدركوا منهُ لا عيناً ولا أثرا
هذا على أنّكُم لم تُنصِفوه ولا
أورثتموه حميدَ الذكر إن ذُكِرا
وَيْلُمِّهِ شاعراً أخمَلْتُموه ولم
نعلمْ لهُ عندنا قدراً ولا خطرا
فقد حَمَلتُمْ عليهِ في قصائِدِهِ
وما يُضْحِكُ الثَّقَلَينِ الجِنَّ والبشَرا
صَحَّفْتُمُ اللّفظَ والمعنى عليهِ معاً
في حالة ٍ وزعمتمْ أنهُ حصرا
إذ تقسمونَ برأس العيرِ أنّكمُ
شافهتموهُ فهلْ شافهتمْ الحجرا؟
فما يقولُ لنا القرطاسُ ويلكُمُ
إنّا نَرَى عِظَة ً فيكُم ومُعتَبَرا
شعراً أحَطتُمْ بهِ عِلماً كأنّكُمُ
فاوضتم العيرَ في فحواهِ والحمرا
فلو يُصِيخُ إليكم سمْعُ قائِلِهِ
ما باتَ يعمَلُ في تحبيرِه الفِكَرا
أريتموني مثالاً من روايتكم
كالأعجميَّ أتى لا يُفصِحُ الخبَر
أصمٌ أعمى ولكنّي سهرتُ لهُ
حتى رددتُ إليهِ السّمعَ والبصرا
كانتْ معانيه ليلاً فامتعضْتُ لَهُ
حتى إذا ما بهَرنَ الشمسَ والقمرا
ضجرتمْ وأتانا من ملامكمُ
ومن معاريضكم ما يشبهُ الضجرا
تترى رسائلكمْ فيهِ ورسلكمُ
إذا أتَتْ زُمَراً أردفْتُمُ زُمَرا
فلو رأى ما دهاني من كتابكمُ
وما دها شعرهُ منكم لما شعرا
ولو حرصتم على إحياءَ مهجتهِ
كما حرَصْتُم على ديوانه نُشِرا
هبوا الكتابَ رددناهُ برمتهِ
فمنْ يردُ لكم أذهانه أخرا؟
لئن أعدْتُ عليكُم منْهُ ما ظَهَرا
فما أعَدْتُ عليكُمْ منْه ما استترا
أعَرْتُموني نفسياً منه في أدَمٍ
فمنَ لكم أن تعاروا البحثَ والنظرا؟

قديم 09-24-2010, 06:15 PM
المشاركة 29
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
ثوتْ مُضرُ الحمراءُ تحتَ طرافها
( ابن هانئ الأندلسي )


ثوتْ مُضرُ الحمراءُ تحتَ طرافها
وقالتْ نزارٌ يا ربيعة ُ ألجمي
وقدّمَ بكراً سعيها قبل تغلبٍ
وقالا لشَيبانٍ جميعاً تَقَدَّمي
لكم فارعٌ لم يَبلُغ النجمُ ظِلَّهُ
وشاهقة ٌ قعساءُ لم تتسنّم

قديم 09-24-2010, 06:15 PM
المشاركة 30
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
حلفتُ بالسّابغاتِ البيضِ واليلبِ
( ابن هانئ الأندلسي )


حلفتُ بالسّابغاتِ البيضِ واليلبِ
وبالأسِنّة ِ والهِنْدِيّة ِ القُضُبِ
لأنْتَ ذا الجيشُ ثمّ الجيشُ نافلَة ٌ
وما سِواكَ فَلغْوٌ غيرُ محْتسَبِ
ولو أشرْتَ إلى مصرٍ بسَوطكَ لمْ
تحوجك مصرٌ إلى ركض ولا خببِ
ولوْ ثنَيْتَ إلى أرضِ الشآمِ يداً
ألقَتْ إليك بأيدي الذل من كثَبِ
لعلّ غيركَ يرجو أن يكونَ له
عُلُوُّ ذكركَ في ذا الجحفل اللّجِبِ
أو أن يصرِّفَ هذا الأمرَ خاتمُهُ
كما يصرِّفُ في جدٍّ وفي لعبِ
هيهاتَ تأبَى عليهم ذاكَ واحدة ٌ
أن لا تدورَ رحى ً إلا على قطب
أنتَ السّبيلُ إلى مصرٍ وطاعتها
ونُصْرَة ِ الدّين والإسلامِ في حلَب
و أينَ عنكَ بأرضٍ سستها زمناً
و ازدانَ باسمكَ فيها منبرُ الخطب
ألستَ صاحبَ أعمالِ الصّعيدِ بها
قِدْماً وقائِدَ أهْلِ الخَيْمِ والطُّنُبِ
تَشوّقَ المشرِقُ الأقصى إليك وكمْ
تركتَ في الغَرْبِ من مأثورة ٍ عَجَب
و كمْ تخلّفُ في أوراسَ من سيرٍ
سارت بذكرك في الأسماع والكتب
وكان خِيساً لآسادِ العرين وقد
غادرته كوجار الثعلبِ الخرب
قد كنتَ تملأهُ خيلاً مضمَّرة ٍ
يحْمِلنَ كلّ عتيدِ البأسِ والغضَب
وأنتَ ذاك الذي يَدوي الصعيدَ كأنْ
لم تَنْأ عن أهْلهِ يوماً ولم تغِبِ
كن كيفَ شئتَ بأرضِ المشرقينَ تكن
بها الشّهابَ الذي يعلو على الشّهب
فأنتَ من أقطعَ الأقطاعَ واصطنعَ الـ
معروفَ فيها ولم تظلم ولم تحب
فسرْ على طرقكَ الأولى تجدْ أثراً
من ذيل جيشك أبقى الصخر كالكثبِ
و نفحة ً منك في إخميمَ عاطرة ً
مسكيّة ً عبقتْ بالماء والعشبِ
فلا تَلاقَيتَ إلاّ مَن ملكْتَ ومنَ
أجرتَ من حادث الأيّامِ والنُّوبِ
ولا تَمُرُّ على سِهْلٍ ولا جَبَلٍ
لم تُرْوِهِ من نَدى ً أو من دمٍ سَرِبِ
أرضاً غَنِيتَ بها عِزّاً لمُغتصَبٍ
سيراً لمكتسبٍ مالاً لمنتهب
فما صفا الجوُّ فيها منذُ غبتَ ولا
له انفراجٌ إلى حيّ من العربِ
وقَلّ بعدَك فيهم من يُذَبِّبُ عن
جارٍ ويدفعُ عن مجدٍ وعن حَسَبِ
فإنْ أتَيْتَهُمُ عن فَترَة ٍ فهُمُ
كما عهدتهمُ في سالفِ الحقب
إذ تجنبُ الحصنَ الجردَ العتاقَ بها
وإذ تُصَبّحُ أهلَ السّرجِ والجلَب
و تخضبُ الحلقَ الماذيّ من علقٍ
كأنما صاغها داودُ من ذهب
إذِ القبائلُ إمّا خائفٌ لكَ أو
راجٍ فمن ضاحكٍ منهم ومنتحب
فحلّة ٌ قد أجابت وهي طائعة ٌ
و قبلها حلّة ٌ عاصت ولم تجبب
فتلكَ ما بينَ مستنٍّ ومنتعشٍ
و هذه بين مقتولٍ ومنتهب
فكم ملاعبِ أرماحٍ تركتَ بها
تدعو حلائله بالويل والحرب
و كم فتى كرمٍ أعطاكَ مقودهُ
فاقتادَ كلُّ كريم النفسِ والنسبِ
إن لا تقد عظمَ ذا الجيش اللهام فقد
شاركتَ قائدَهُ في الدَّرّ والحَلَبِ
فالنّاسُ غيرَك أتباعٌ له خَوَلٌ
وأنتَ ثانيه في العَليا من الرّتب
أيّدتهُ عضداً فيما يحاولهُ
وكُنتُما واحداً في الرأي والأدب
فليسَ يسلكُ إلاّ ما سلكتَ ولا
يسيرُإلاّعلى أعلامكَ اللُّحبِ
فقد سَرَى بسِراجٍ منك في ظُلَمٍ
وقد أُعينَ بسَيْلٍ منك في صبَبَ
جَرَيتُما في العلى جَريَ السواء معاً
فجئتُما أوَلاً والخَلقُ في الطّلَبِ
و أنتما كغراريْ صارمٍ ذكرٍ
قد جُرّدا أو كَغربَي لهذَمٍ ذَرِبِ
وما أدامَتْ له الأيامُ حَزمَك أو
عاداتِ نصرك في بدءٍ وفي عقب
فليسَ يعيا عليه هولُ مطّلعٍ
وليس يَبعُدُ عنه شأوُ مُطّلَب


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: من شعراء العصر الأندلسي ( إبن هانئ الأندلسي )
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من شعراء العصر الأندلسي ( حيدر بن سليمان الحلي ) ناريمان الشريف منبر ديوان العرب 17 01-10-2012 08:19 PM
الأدب العربي في العصر الأندلسي رقية صالح منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 9 08-04-2011 09:04 PM
من شعراء العصر الأندلسي ( عبد الجبار بن حمديس ) ناريمان الشريف منبر ديوان العرب 67 10-21-2010 03:17 PM
من شعراء العصر الأندلسي ( ابن خفاجة ) ناريمان الشريف منبر ديوان العرب 105 10-07-2010 10:50 PM
من شعراء العصر الأندلسي ( ابن زيدون ) ناريمان الشريف منبر ديوان العرب 58 10-01-2010 07:32 PM

الساعة الآن 10:53 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.