احصائيات

الردود
2

المشاهدات
2881
 
عبدالأمير البكاء
من آل منابر ثقافية

عبدالأمير البكاء is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
342

+التقييم
0.07

تاريخ التسجيل
Mar 2010

الاقامة
العراق / النجف الأشرف

رقم العضوية
8844
09-25-2011, 07:47 PM
المشاركة 1
09-25-2011, 07:47 PM
المشاركة 1
افتراضي الأخلاق الذميمة تحجب المعارف
الأخلاق الذميمةُ تحْجُبُ المَعَارفَ


إنَّ الأخلاق المذمومة هي الحُجُبُ المانعة عن المعارف الإلهية ، والنفحات القدسية

إذ هي بمنزلة الغطاء للنفوس , فما لم يرتفع عنها لم تتضح لها جلية الحال اتضاحا ,

كيف والقلوب كالأواني , فإذا كانت مملؤة بالماء لا يدخلها الهواء , فالقلوب المشغولة

بغير الله لا تدخلها معرفة الله وحبه وأنسه , والى ذاك أشار النبي (صلى الله عليه واله

وسلم ) بقوله ( لو لا أن الشياطين يُحرِمون إلى قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت

السماوات والأرض ) فبقدر ما تتطهر القلوب من هذه الخبائث تتحاذى شطر الحق

الأول وهو الله سبحانه , وتتلألأ فيها حقائقه , كما أشار إليه الرسول عليه الصلاة

والسلام بقوله ( إنَّ لربِّكُم في أيام ِدهركم نفحات ألا فتعرّضوا لها) فإن التعرض لها

إنما هو بتطهير القلوب عن الكدورات الحاصلة عن الأخلاق الرَّدية , فكل إقبال على

طاعة وإعراض عن سيئة يوجب الجلاء والنور للقلب يستعد به لإفاضة علم يقيني

ولذا قال سبحانه :
( والَّذِينَ جَاهَدُوا فينا لـَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلـَنَا )

وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( من عَمِل بما عَلِمَ ورّثهُ اللهُ عِلم َما لم يُعلم )

فالقلب إذا صفى عن الكدورات الطبيعية بالكلية يظهر له من المزايا الإلهية

والإفاضات الرحمانية ما لا يمكن لأعاظم العلماء , كما قال سيد الرسل عليه الصلاة

والسلام : ( إنَّ لي مع الله حالاتٍ لا يحتملها مَلكٌ مُقربٌ ولا نبيٌ مُرسَل )

وكلُّ سالك إلى الله إنما يُعرف من الألطاف الإلهية والنافحات الغيبية ما ظهر له على

قدر استعداده , وأما مافوقه فلا يحيط بحقيقته علما , لكن قد يُصدِّق به إيمانا بالغيب

كما إنّا نؤمن بالنبوة وخواصّها ونصدق بوجودهما لكننا لا نعرف حقيقتهما مثلما لا

يَعرفُ الجنينُ حالَ الطفل ولا الطفلُ يعرفُ حالَ المُميَّز ولا المميز من العوام يعرف

حال العلماء ولا العلماء يعرفون حال الأنبياء والأولياء .

فالرحمة الإلهية بحكم العناية الأزلية مبذولة على الكل غير مضنون بها على احد ,

لكن حصولها موقوفٌ على تصقيل مرآة القلب وتصفيتها عن الخبائث الطبيعية , ومع

تراكم صدأها الحاصل منها لا يمكن أن يتجلى فيها شئ من الحقائق , فلا تُحجَب

الأنوار العلمية والأسرار الربوبية عن قلب من القلوب لبُخلٍ من جهة المُنعم جل وعلا

, بل الاحتجاب إنما هو من جهة القلب لكدورته وخبثه واشتغاله بما هو ضد ذلك

ثم إن ما يظهر للقلب من العلوم لطاهرته وصفاء جوهره هو العلم الحقيقي النوراني

الذي لا يقبل الشك , وله غاية الظهور والانجلاء لاستفادته من الأنوار الإلهية

والإلهامات الربانية الحق وهو المراد بقوله صل الله عليه واله وسلم ( إنما هو نورٌ

يقذفه الله ُفي قلب من يشاء) واليه أشار علي بن أبي طالب عليه السلام بقوله (إن من

أحب عباد الله إليه , عبدا أعانه الله على نفسه فاستشعر الحَسَن وتجلبب الخوف فزهرَ

مصباحُ الهدى في قلبه , لذا فإنما لم يحصل للقلب تلك التزكية لم يحصل له هذا القسم

من المعرفة , إذ العلم الحقيقي هو عبادة القلب وقربة السر , وكما لا تصح الصلاة

التي هي عبادة الظاهر إلا بعد تطهير الجسم من النجاسة الظاهرة فكذلك لا تصح

عبادة الباطن إلا بعد تطهيره من النجاسة ألباطنية التي هي رذائل الأخلاق وخبائث

الصفات , كيف وفيضان أنوار العلوم على القلوب إنما هو بواسطة الملائكة وقد قال

رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ( لا تدخلُ الملائكة بيتا فيه كلب ) فإذا كان بيت

القلب مشحونا بالصفات الخبيثة التي هي كلاب نابحة ، فان الملائكة القادسة لم تدخل

فيه , و الحكم بثبوت النجاسة الظاهرة للمشرك مع كونه مغسول الثوب نظيف البدن ,

إنما هو لسراية النجاسة الباطنية , فقوله صلى الله عليه واله وسلم ( بُني الدينُ على

النظافة ) يتناول زوال النجاستين ، وما ورد من ( أن الطهور نصفُ الإيمان ) المراد

به هو طهارة الباطن عن خبائث الأخلاق . وبما ان العلم الذي يحصل من طريق

المجادلات الكلامية والاستدلالات الفكرية , من دون تصقيل لجوهر النفس , لا يخلو

عن الكدرة والظلمة , ولا يستحق اسم اليقين الحقيقي الذي يحصل في النفوس الصافية

, فما يظنه كثير من أهل التعلق بقاذورات الدنيا إنهم على حقيقية اليقين في معرفة الله

سبحانه خلاف الواقع , لأن اليقين الحقيقي يلزمه (روح) ونور وبهجة وسرور وعدل

الالتفات ما سوى الله سبحانه والاستغراق في أبحر عظمة الله وليس شئ من ذلك

حاصلا لهم , فما ظنوه يقينا فهو إما تصديق مشوب بالشبهة , او اعتقاد جازم لن

تحصل له نورانية وجلاء وظهور وضياء , لكدرة قلوبهم الحاصلة من خبائث

الصفات .
والسر في ذلك ان منشأ العلم ومناطه هو التجرد، فكلما تزداد النفس تجردا تزداد إيمانا

ويقينا , ولا ريب انه ما لم ترتفع عنها أستار السيئات وحُجُب الخطيئات لم يحصل لها

التجرد الذي هو مناط حقيقة اليقين , فلا بد من المجاهدة العظيمة في التزكية والتحلية

حتى تنفتح أبواب الهداية وتتضح سبل المعرفة كما قال سبحانه وتعالى : ( والذينَ

جَاهدُوا فينا لـَنَهْدِيَنَّهُم سُبُلنا ) .


قديم 09-25-2011, 08:05 PM
المشاركة 2
أميرة الشمري
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ا.عبد الامير البكاء
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

"الشمس أجمل في بلادي من سواها
والظلام
حتى الظلام هناك أجمل
فهو يحتضن العراق"

السياب
قديم 09-25-2011, 08:09 PM
المشاركة 3
عبدالأمير البكاء
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
شكرا لك سيدتي الكريمة وأنت تبدعين في إطراء أخيك الذي يود لك كل خير


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الأخلاق الذميمة تحجب المعارف
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ثورة الأخلاق عمر عبدالله منبر القصص والروايات والمسرح . 7 12-22-2020 08:06 AM
الأخلاق المحمدية لوحة شرف كل مسلم مراقى محمد منبر الحوارات الثقافية العامة 0 03-29-2015 06:19 PM
الأخلاق الحسنة بضاعة المؤمن مراقى محمد منبر الحوارات الثقافية العامة 1 01-14-2015 06:44 PM
لطائف المعارف ! عبده فايز الزبيدي منبر الحوارات الثقافية العامة 29 09-03-2014 12:26 PM
قرأتُ لكم / الأخلاق الذميمة تحجب عن المعارف عبدالأمير البكاء منبر الحوارات الثقافية العامة 6 09-21-2010 08:38 AM

الساعة الآن 05:54 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.