قديم 07-18-2016, 02:05 PM
المشاركة 11
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
شخصيّا أنا أحترم الحماس الذي يبديه البعض ، و هو في عمقه إرادة إيجابية تتطلع إلى المستقبل المشرق ، و تنم عن تفاعل مع الحدث و قراءته بروح تفاؤلية وهذا لا يفسد للود قضية ، لكن قراءة الحدث بمعزل عن سياقه هو خطأ منهجي ايضا ، فأردغان الذي كان يريد أن يلعب لعبته خارج حصونه لم ينجح في هذا و هذا فشل ذريع ، فهو رغم نجاحه الباهر اقتصاديا رغم تحفظي الشديد على أسباب هذا النجاح و لو اردنا قراءته بكيفية عميقة لوجدنا أن سره يفوق بكثير سياسات أردغان نفسه ، بل نتاج مرحلة ، و نتاج نضال كبير لبناء مؤسسات الدولة التركية ساهم فيه حتى الانقلابيون الأوائل كما الحكومات الأخرى ، لكن لتغير الظروف كانت تركيا الدولة الأكثر استعدادا لاستغلال طفرة النظام العالمي الجديد و افلاس الصناعة الغربية و عدم قدرتها على المنافسة بسبب المد الصيني والهندي و هجرة رؤوس الأموال ، فالقارئ الحقيقي للنقلات الاقتصادية لابد أن يقرأ الأسباب الحقيقية و لا ينجر إلى البضاعة الاخبارية المستهلكة ، فحتى نمور آسيا هم ثمرة ظرف معين تم استغلاله من طرف تلك الشعوب وسياسييها ، أردغان فشل فشلا ذريعا في أغلب مواقفه التي تنم عن عدم نضج سياسي ، و اضطر في كثير من الأحيان إلى التراجع عن مواقفه ، و كانت المؤسسة العسكرية التركية هي من تتدخل في كل مرّة لمحو التأثير السّلبي لانفعالاته على الدولة التركية ، و كان يرى مؤسسته العسكرية كخصم وجبت تصفيته منذ انخراطه في السّياسة ، و كانت هذه المؤسسة هي التي توازن بين طموحه الجارف الغير المسؤول و مستقبل الدولة التركية ، رغم ذلك في كلّ مناسبة يتعقل فيها العسكر يضيف أردغان نقطة لصالح ديكتاتوريته ، وهذا ماجعل المؤسسة العسكرية تتدخل لإيقاف هذا الطموح المبالغ فيه وهذا الدور الذي يريد الرجل أن يلعبه دون أن تمتلك الدولة التركية مقومات إنجازه ، فتخيل رجلا يعلن الحرب على روسيا ، هذا لم تفعله حتى أمريكا في عز انهيار السفيات في الثمانينيات و الاضطرابات التي هزّت المعسكر الاشتراكي في التسعينيات ، فأين العقل الرّاجح .

قديم 07-18-2016, 03:04 PM
المشاركة 12
يزيد الخالد
كاتـب وإعـلامي كـويتـي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أردوغان راهن على الشعب وكان من الذكاء الشديد حيث توجه إلى الشعب مباشرة
خطابه للشعب في تلك اللحظة خطوة حاسمة لأنه لو لم يظهر لشعب أنه موجود وبخير لما كان لدى الناس تلك العزيمة التي رأيناها كما أن الكاريزما التي يتمتع بها جعلت الشعب يثق يكلمته فليس المهم أن تقول خطابك بل المهم كيف تقوله وكيف تبدوا وأنت تقوله
كما أن الشعب التركي عانى من الأنقلابات بما فيه الكفاية وبالتأكيد لايريد العودة سنوات إلى الوراء
وهذا ايضا مما رجح كفة أردوغان
في النهاية خرج أردوغان رابحاً فقد اتته الفرصة التي كان يبحث عنها الأن بأمكانه تفتيش الحيش و غربلة
اجهزته ولن يستطيع أحد معارضته وليس الجيش فقط بل كل أجهزة الدولة
---------------------
بالضبط تماما . والتحية لكم استاذة ريم .
-------------------------------------
تركيا عانت من الانقلابات . والسبب كانت تركيا امبراطورية طويلة عريضة

ولا احد ينكر دورها في التمسك بالاسلام . الا جاحد . وهذه ثوابت تاريخية معروفة

رغم الاهتزاز وبعض الخلل في مفاهيم الاسلام بالاحزاب هناك . ولاحقا .

واختلافات كبيرة في ( نوعيات الاحزاب الاسلامية وطرق تعاطيها )

وحتى الوقت الراهن . الاخوان . والعلمانية . والاحزاب التي عادت

ايضا - تركيا . مع الرئيس اردوغان . حققت نجاحات باهرة واقتصاد قوي وعوائد

وعلاقات طيبة رغم بعض المنغصات . من روسيا واميركا .

البعض يتعاطف مع اردوغان . وتناسى وجوب التعاطف مع الشعب التركي والارض الوطن

لان اردوغان سيرحل لاحقا ام اجلا وتبقى تركيا لحين يامر الله .

وهناك من يقول بان . الانقلاب الفاشل . هو مجرد حبكة وقصة مفتعلة من اردوغان نفسه

لغاية في نفس يعقوب .. والله اعلم . بهدف اكتمال السيطرة واعادة تدوير !!

للقضاء على بعض التحزبات الخطيرة والخلايا النائمة . وحجة قضيان حاجة .

وانا قد اكون احد من يفكر بهذا . وبالشي القليل جدا كنوع من التكنهات الغير مقننة .

بكل الاحوال . اردوغان رابح . والرابح الاكبر تركيا والشعب التركي . والمسلمين بشكل عام

ولو تم الانقلاب ونجح . سنخسر نحن العرب والمسلمين . كافي خسائر .

سورية - العراق . اليمن . ولطف الله بمصر والبحرين .

-----------------

شكرا لكم استاذ ايوب . والشكر ايضا موصول للاستاذة ريم لاقتباسي ردها الرائع .

قديم 07-18-2016, 11:48 PM
المشاركة 13
ريم الحربي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي


شكرا جزيلا لك أستاذي الكريم يزيد الخالد لتعليقك القيم على ردي

يظل الشعب التركي اٍستاذي الكريم بطل الحدث ليس لأنه أنتصر لأردغان لا ....... بل لأنه أنتصر لتركيا كدولة مستقرة تخطو للأمام بخطوات واسعة فليس بالضرورة أن كل من عارض الأنقلاب هو متحيز لأردوغان بل هو متحيز لتركيا كبلد حر وكشعب يرفض الفوضى وانفلات السلطة شعب يعي الدرس جيداً
قد لا يكون أردوغان مثالياً لاشك هو زعيم طموح وربما مندفع في سبيل تحقيق طموحاته وقد جلب له هذا الطموح الكثير من المعارضين لكنه يظل رئيس جاء باختيار الشعب قد يذهب اردوغان ويأتي غيره لكن من يأتي عليه أن يكون باختيار الشعب لا أن يأتي على دبابة عسكرية ويقول ها أنا ذا وهذه هي الرسالة التي أوصلها الشعب التركي تلك الليلة للعالم أجمع

كما لا أخفيك أستاذي الكريم أنني ايضاَ مرت ببالي عدة تساؤلات عن من كان وراء الانقلاب
و كان منها ما خطر ببالك من أنه ربما أردوغان نقسه كان ورائه وهذ ه تساؤلات طبيعيه في ظل الأحداث

ألف شكر لك أستاذي الكريم يزيد الخالد
كما أشكر الأستاذ علي باسو دان على تعليقه
والشكر كل الشكر للأستاذ أيوب صابر الذي جمعنا على طاولة النقاش

قديم 07-19-2016, 12:54 PM
المشاركة 14
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اشكر كل المشاركين في هذا الحوار..ريم الحربي وياسر علي وعبد الله باسودان ويزيد الخالد

حتما هي مرحلة مهمة وحدث غاية في الخطورة والاهمية وتستحق الاهتمام والتحليل والحوار... وما يزال هذا الحدث يتفاعل وسوف تستمر تداعياته لمدة زمنية طويلة قادمة...ويبدو ان خطورة ما جرى اكبر بكثير مما كنا تخيلنا في البداية وسيكون له تبعيات عديدة..

جوانب كثيرة يمكن مناقشتها مرتبطة بهذا الحدث مثل:
- ما دور القائد الفذ في حفظ النظام والاستمرارية؟
-حتما هناك عدة اسباب ادت الي فشل الانقلاب متداخله بشكل كبير لكن ما اهم عنصر من العناصر التي ادت الي فشل الانقلاب؟
- هل كانت مؤامرة خارجية ام هو مجرد حدث داخلي؟
- هل كان الانقلاب في السياسية الخارجية ملمح من ملامح ما كان يجري ومقدمة للانقلاب؟
- هل كشفت القيادة المخطط مسبقا وتركت الامور تسير بمخطط معاكس لتحصل على مكاسب ما كانت لتلحلم بها؟
- هل انتهت العلمانية في تركيا والي الابد؟
- هل يتعزز دور الاسلام السياسي كنتيجة لما جرى وانهزام العلمانية؟
- هل سيكون لما جرى تأثير على حرب التحرير السورية؟ وهل سيكون ذلك التأثير ايجابي ام سلبي؟
- هل ستتأثر العلاقات الاوروبية والامريكية مع الحكومة التركية وكيف سيكون انعكاس ذلك على المنطقة وخاصة سوريا؟
- يبدو ان حجم الانقلاب كان ضخما فهل سيتمكن اردوغان من حسم الامور لصالحه؟ ام ان ما جرى احدث شرخا في المجتمع قد يتطور الى حرب اهلية؟
- نظرة مقارنة لانقلاب مصر الذي نجح وانقلاب تركيا الذي فشل؟ الاسباب والنتائج والتداعيات والدروس المستفادة؟
- كيف سينعكس فشل الانقلاب في تركيا على الوطن العربي؟
- ماذا لو نجح الانقلاب؟ وكيف لنا ان نتخيل اثر نجاحه لو حصل على الوطن العربي وما يجري فيه؟ من فلسطين واليمن الي مصر الى ليبيا والاهم سوريا والعراق؟
- لماذا تأخرت ايران في ادانة الانقلاب؟ هل نجاح الانقلاب كان سيخدم التمدد الايراني؟
- هل تعتقد ان امريكا كانت ضالعة بالانقلاب ام لا؟
- هل سيؤثر ما جرى على السياسة الخارجية التركية؟ وعلى علاقات تركيا بدول العالم؟ وخاصة ما يجري في سوريا؟

-هل هي فعلا مؤامرة دولية كما يعتقد البعض وكما ورد في هذا الخبر؟ وهل اذا كانت حكومة بيلدربيرغ العالمية قد اتخذت قرارا بالتخلص من اردوغان ونمط الحكم الاسلامي في تركيا هل ستتوقف عن المحاولات ؟ ام ان نهاية اردوغان كتبت لكن التنفيذ والكيفية تظل في علم الغيب حاليا؟
==

القاسم يلمح إلى دور خفي لحكومة (بيلدربيرغ) في انقلاب تركيا

---- : ألمح الكاتب والإعلامي السوري البارز فيصل القاسم إلى دور خفي لحكومة (بيلدربيرغ) في انقلاب تركيا.

وطرح القاسم عبر حسابه على موقع التدوينات المصغرة "تويتر" تساؤلاً جاء فيه: انقلاب تركيا: هل كان أحد قرارات حكومة العالم الخفية (بيلدربيرغ) التي اجتمعت بتاريخ 9/6/2016 في مدينة دريسدن بألمانيا".
ولم يقدم الفيصل تفاصيل أكثر حول الأمر، لكن عددًا من متابعة تجاوز الـ 1300 شاركوا في التصويت على سؤاله بعد نحو 23 ساعة فقط من طرحه، حيث أيد ذلك 71% منهم، بينما عارضه 29%.

ومجموعة بلدربيرغ (Bilderberg Group) أو مؤتمر بلدربيرغ أو نادي بلدربيرغ، هو مؤتمر سنوي غير رسمي يحضره قرابة 100 الى 150 من المدعوين، معظمهم من أكبر رجالات السياسة والأعمال والبنوك نفوذاً في العالم. ويتم الحديث في المؤتمر خلف جدار من السرية الشديدة حول العديد من المواضيع العالمية والاقتصادية والعسكرية والسياسية.
وقد تأسست المجموعة عام 1954 بمبادرة من عدد من أثرياء العالم ومن أصحاب النفوذ والسلطة. ويعود اسم المجموعة إلى فندق بلدربيغ في قرية أوستيربيك بهولندا حيث عقد فيه أول اجتماع للمجموعة عام 1954. ويمثل الأوروبيون ثلثي أعضاء المجموعة والبقية من الولايات المتحدة.
وتوصف المجموعة بـ"حكومة العالم الخفية"؛ نظرًا للسرية الشديدة على تحيط بأنشطتها، وقاعدتها الأساسية هي: "من حق المشاركين استخدام ما يحصلون عليه من معلومات، شريطة عدم بيان ارتباطها بشخص أو مواصفاته، ممن أدلى بها في اللقاءات". كما لا تسجل محاضر الاجتماعات الدورية للمجموعة، ولا تتخذ فيها قرارات، ولا تشهد عمليات تصويت ولا يصدر عنها أي بيان.
وعقدت المجموعة اجتماعها الأخير في مدينة دريسدن بألمانيا، في المدة من الخميس 9 يونيو، وحتى الأحد 12 يونيو؛ بمشاركة قرابة 150 شخصية من سياسيين ورؤساء استخبارات ورؤساء شركات وبنوك عالمية كبرى، وهي الشخصيات الغربية الأكثر نفوذا وتأثيرا في العالم.
وممن حضر مؤتمر هذا العام: رئيس وكالة المخابرات المركزية السابق ديفيد بتريوس، ورئيس MI6 السابق – المخابرات البريطانية – السير جون ساورز، والرئيس التنفيذي لشركة البترول البريطانية، روبرت دادلي، والرئيس السابق للمفوضية الأوروبية، خوسيه مانويل باروسو، والمؤسس المشارك لشبكة التواصل المهنية "لينكد إن" ريد هوفمان وملك هولندا ويليم ألكسندر.
وأعلن بالتزامن مع انعقاد المؤتمر أن المجموعة ستناقش هذا العام مشكلة المهاجرين، والانتخابات الأمريكية، وكلفة الطاقة ومواردها، وأمن الانترنت، وكذلك موضوعات متعلقة بالصين وروسيا والشرق الأوسط.


انقلاب تركيا:
هل كان أحد قرارات حكومة العالم الخفية(بيلدربيرغ) التي اجتمعت بتاريخ 9/6/2016 في مدينة دريسدن بألمانيا

— فيصل القاسم (@kasimf) July 19, 2016

قديم 07-19-2016, 03:50 PM
المشاركة 15
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أهلا بالأستاذ أيوب صابر

الخاسر الأكبر من الحدث برمته هو تركيا الدولة كما أشرت سابقا ، إذ هو مؤشر أولي وعلامة من علامات التقهقر الحقيقي لهذه الدولة التي لم يستطع أبناؤها الحفاظ على وحدتهم ، وهنا أتحدث عن وحدة الهدف و الرؤية المستقبلية كانوا إسلاميين أو علمانيين . فالهوية التركية تجمعهم و هنا تركيا ستواصل المسيرة وهي عرجاء سواء بقي أردغان أو نجح الانقلاب . فالحدث باكمله نجح في استهداف الدولة التركية و أصابها بأضرار كبيرة ، تأثير الأمر على سوريا سيكون نسبيا ، لأنّها ليست فاعلا حقيقيا في الملف السوري مادامت القوى الكبرى دخلت علانية ، فهي مجبرة أصلا على لعب دور الكومبارس ، لأن المسالة أكبر منها بكثير ، و أصبحت سوريا بيد الكبار ، و صراع الدول الاقليمية فيها مجرّد حرب استنزاف و في أحسن الأحوال الإعلان عن الوجود ، إسرائيل من جهة توجد في قلب منطقة تغلي و هذا يهدّد وجودها منذ نشأتها ، و هي على الدوام الدولة المرشحة للتبخر عند أية هزيمة حقيقية ، لكنها تجيد اللّعب على الحبال و الاستفادة من الأحداث بأقل تكلفة منذ ظهورها في الشرق الأوسط .

أمّا مصر فهي نموذج للضعف الي تسير نحوه تركيا ، فهي دولة غارقة و دولة لا توجد مؤشرات حقيقية على قدرة نهوضها كدولة ، إنها تحاول فقط الحفاظ على نفسها ، ولا تملك أية أوراق للتأثير على المنطقة . و هي في موضع لا تحسد عليه ، وملفها مفتوح على كلّ الاحتمالات .

مقال القاسم رغم احترامي له فهو مجرد كلام ، فالمؤتمرات ليست أكثر من قراءة بعض الأوراق و الاطلاع على خبرات أو أفكار متعلقة بالمصير المشترك في مجال ما ، أمّا الذين يخطّطون فهم يعملون ليلا ونهارا دون توقف و يجتهدون في كيفية التّصرف دون أن تظهر النوايا الحقيقة ، فالمؤامرة قائمة ، و هي فن وجود واستمرار يمارسه القوي بفعالية و يمارسها الضّعيف وفق إمكانياته المحدودة أصلا .

تفاعل العالم مع الانقلاب كان بطيئا جدّا و هنا تظهر حنكة الحرص الشديد الذي تمارسه الدول ، فالكل يطلق كلاما عامّا ممّا يكاد يؤشر أن أغلب دول العالم تريد لتركيا هذا الوضع بالتحديد ، وهنا مشكلة أردغان الحقيقية ، فسياساته أدّت إلى عزل تركيا عن محيطها و أصبحت دولة بدون حلفاء حقيقيين .

قديم 07-20-2016, 09:38 AM
المشاركة 16
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الدرس التركي.. عاجل وآجل العبر

الانقلاب الفاشل في تركيا

محمد جميل منصور
رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية في موريتانيا


بين انقلابين
الانقلاب الفاشل في تركيا.. الأسباب والانعكاسات
ملاحظات أربع على انقلاب تركيا
بين الانقلاب الناجح والفاشل
تركيا.. انقلاب تمرد أم مغامرة جنونية؟

مثلت المكالمة الهاتفية الحاسمة والحازمة التي أجراها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع إحدى القنوات التركية عبر تطبيق الفيس تايم لحظة فارقة في مسار الانقلاب العسكري بعد أن بدا -حتى تلك اللحظة- ناجحا ومسيطرا.

كانت رسالة أردوغان واضحة إلى الشعب، إلى الناس: أمام هذه القوة العسكرية وهذه المحاولة الانقلابية لا نملك بعد الله والاعتماد عليه إلا الجماهير لتنزل وتنازل الانقلابيين في الشوارع والميادين..

كانت المبادرة في وقتها ومن قائد يعول بعد الله على شعبه، وكان الشعب سريع الاستجابة.. نزل الناس وبدأوا يتزايدون، تحركت الشرطة والأمن العام على نطاق واسع، كانت المخابرات حاسمة في موقفها، وكان رئيس حزب العدالة والتنمية رئيس الوزراء التركي قد دعا بدوره إلى مواجهة الانقلاب معطيا دورا رئيسيا في تلك المواجهة للأمن والشرطة؛ الأمر الذي بدا حينها غريبا وإن تكشفت جديته وصدقيته بعد حين..

وعاش الأتراك ومعهم العالم ليلة طويلة.. نجح فيها الانقلاب ثم فشل وانبلجت أضواء الصبح عن ملحمة بطولية قادها مناوئو الانقلاب، وبدا المشهد جديدا على تركيا التي كانت في السابق تقع أسيرة مستسلمة لقرارات الجيش بالانقلاب فيعيدها أصحاب النياشين سنوات إلى الوراء.. هذه المرة كُسرت إرادة الانقلاب الذي يبدو أن المشاركين فيه قطاع واسع من القوات المسلحة التركية، حسب رتب وأعداد وأنواع المعتقلين حتى هذه اللحظة.

هذه المرة سطر الشعب ومعه قيادة متبصرة مبادرة وتسنده شرطة ومخابرات يبدو أن تكوينها الجمهوري وتأهيلها الديمقراطي بلغا شأوا متقدما مشهدا بالغ التأثير، قدم الناس الشهداء، وحرر مختطفون، وحميت مواقع، ومرغت هيبة العساكر الانقلابيين في الشوارع، وبدا الشعب التركي مصرا على حماية مكاسبه صارما في القطع مع المحاولات الانقلابية.

يقال إن الفاصل بين البطولة والخيانة في الأعمال الانقلابية هو النجاح أو الفشل، فإذا نجح الانقلابي فهو البطل وربما المغيّر والمصحح! وإذا فشل فهو الخائن والمجرم وجزاؤه القتل والإعدام.

يبدو أن مفارقة أو مقابلة أخرى أصبحت سائدة في عالم السياسة؛ فعند انطلاق العملية الانقلابية ـ التي اعتبرت السلطات أن فتح الله غولن وجماعته يقفون وراءهاـ حبس العالم أنفاسه، وكان واضحا أن الكثيرين ينتظرون المؤشرات والأخبار عن النجاح أو الفشل، هل سينجح الانقلاب فيسيطر، أم يواجَه فينهزم.. قال بعضهم إنه يتابع الأمور والتطورات، ودعا البعض رعاياه إلى التزام الحذر، واعتبر البعض التكهن بمآلات الأمر أمرا صعبا كأنه قارئ كف مبتدئ، وفضل البعض الوصف الذي لا يخفي الانبهار فقال إن المحاولة الانقلابية كبيرة ولم ينس البعض قلقه إزاء الأحداث التي تنكشف في أنقرة وإسطنبول، ودعا البعض إلى تجنب الصدامات الدامية.. إنها الازدواجية في أعلى صورها والبراغماتية بأكثر دلالاتها سلبية.

ولما ظهر أن الانقلاب لم ينجح بل إن مؤشرات وأخبارا ـ وربما كان عند البعض أكثر مما كان عندنا معاشر المعتمدين على وسائل الإعلام ـ ترجح فشله أو تشير إليه بدأوا يتذكرون الديمقراطية والاستقرار والحكومة المنتخبة.. وبدأ البعض يراجع سكرتيريته ويبحث إمكانية الاتصال بالرئيس أو رئيس الوزراء أو أحد من أهل السلطة للتعبير عن التضامن، وإن ظل أمل البعض بنجاح الانقلاب مهيمنا عليه، وفقا لما ظهر في عباراته (سياسيون) وتغطياته (وسائل إعلام).

لقد امتلك الانقلابيون كثيرا من عناصر نجاح الانقلابات العسكرية، امتلكوا قوة عسكرية هائلة في الجيوش البرية وفي القوات الجوية والدرك.. امتلكوا متعاونين في أسلاك الدولة ومؤسساتها.. امتلكوا تفهم إن لم نقل تقبل أو دعم جهات دولية وإقليمية وازنة.. امتلكوا عنصر المفاجأة بنسبة مقدرة.. ولذلك ظن كثيرون عند أول الأخبار أن الانقلاب نجح أو هو آئل إلى النجاح وأن الأمر مسألة وقت، وعندما أخرج الانقلابيون بيانهم في قناة تي. آر. تي الرسمية تعزز هذا الظن أو تأكد.

ولكن أمورا أخرى غابت عن الانقلابيين ويبدو أنهم لم يقدروها حق تقديرها بل إننا أنصار تركيا وديمقراطيتها لم نقدرها حق تقديرها:

ـ فوعي الشعب الذي تراكم مع التجربة الديمقراطية خصوصا طبعتها الأخيرة تطور وازداد وتعاظم..
ـ وحجم الانجازات والمكاسب بلغ مستوى متقدما أحس به الناس في اقتصادهم وأمنهم ومعاشهم وسمعتهم ورفاههم ومظاهرهم فضلا عن عزتهم ومكانتهم وأصالتهم.. ولذلك ليس من السهل أن يفرطوا في هذا مقابل بدائل جربوها فخربت بيوتهم وأفسدت عليهم.

ـ القيادة التي أفرزتها هذه التجربة تملك من وضوح الرؤية وحب الناس إضافة لشجاعة ومبادرة وجرأة يشهد بها البعيد قبل القريب (حينما سئل مراسل الجزيرة هل أردوغان قادم إلى مطار إسطنبول للهروب إلى الخارج قال: إن من يعرف أردوغان لا يقول هذا! إن كان قادما فللمواجهة)، تملك من هذا ما يجعلها مختلفة عن السابقين.. والتقاء هذه العوامل: وعي تزايد، ومكاسبُ تغري بالمحافظة عليها، وقيادة حاضرة قوية كان كفيلا بتعديل الكفة، أسنده وعززه جهاز أمني مميز كان في الموعد وعلى نحو أذهل الكثيرين.

عاملٌ آخر كان مهما ومؤثرا ودالا مع أنه مظهر من مظاهر الوعي وتطوره، ذلك هو موقف المعارضة التركية التي بدت متعالية على الخصومة الشديدة مع أردوغان وحزبه وعبرت ـمن الحركة القومية إلى حزب الشعب الجمهوري ثم لاحقا حزب الشعوب الديمقراطي ـ عن رفضها للانقلاب واصطفافها مع مقاوميه، والأهم أنها كلا أو بعضا فعلت ذلك ولما يفشل الانقلاب بعد.

لقد جاء الدرس التركي هنا مفعما بالعبر عاجلها وآجلها.. فلم تعد القوة العسكرية الوازنة والجو الإقليمي والدولي المساعد كافيين لإنجاح الانقلابات والسيطرة على الحكم، أصبح للديمقراطية بريقها الأخاذ وأصبح للإنجاز جاذبية لا تقاوم.. وأصبحت الشعوب في جاهزية ملحوظة للدفاع عن تلك الديمقراطية وهذه المكاسب والإنجازات، وكان الإعلام ـونوعه الحديث ـ مركب كل ذلك، وذلك أمر مهم وبالغ العبرة، فمكالمة على تطبيق "الفيس تايم" تهزم جيشا من الجنرالات والمعدات والمتآمرين أو تفتح الباب لهزيمته..

صحيح؛ لقد كانت مبادرة الرئيس أردوغان في محلها وأبان عن معدن نفيس وشجاعة نادرة وشخصية قيادية فريدة.. وصحيح أن الشرطة التركية والمخابرات التركية أعطوا درسا بالغا يصحح الصورة عن الأولى ويزرع حبا للثانية طالما استعصى على قلوب السياسيين والتواقين للحرية والديمقراطية.. وصحيح أن إعلاميين رفضوا وفنانين رفضوا ومغنين ومغنيات تشبثوا بديمقراطيتهم ورفضهم حكم العسكر.. صحيح كل هذا، ولكن صحيح أيضا أن شعب تركيا هو الذي بدأ وهو الذي قاوم وهو الذي حسم.

لقد تجلت في ملحمة إفشال الانقلاب في تركيا ـ والخلاصة موضع اتفاق بين الرئيس أردوغان ورئيس وزرائه الفذ بن علي يلدريم وقائد الجيش الأول الجنرال أوميت دوندارـ قوة الشعب التركي في تعديل ميزان قوة كان واضحا أن الانقلابيين يملكونه عسكريا ولوجستيا.

لقد استطاعت شعوب عديدة في التاريخ وعبر العالم أن تسقط أنظمة عتيقة واستطاعت هزيمة آلة القمع عند هذه الأنظمة وأنجزت ثورات معروفة منها القديم ومنها الحديث، ولكن الدرس التركي أضاف شيئا جديدا متعلق بكيفية مواجهة شعب لانقلاب مكتمل الأركان.

تعود العالم أن يسمع مشاكل في هذا البلد وضجرا من ساكنته وانتقادا لحكامه فيأتي الجيش موظفا حالا وواعدا بمآل، فيرحب الناس ويصعدون على دباباته ابتهاجا وتأييدا.. أما في الحالة التركية فالأمر مختلف؛ ففي وقت متأخر من الليل ولمواجهة جيش استعمل الدبابات والمروحيات وقاذفات أف 16 فضلا عن الآليات والجنود ينزل شعب أعزل إلا من إيمانه وحرصه على مكاسبه وحبه لقيادته فيهزم كل هؤلاء.. والله إنها للحظة فارقة في التاريخ التركي بل في تاريخ المنطقة كلها، وقد صدق من قال: إن شعوبا كثيرة في مناطق عديدة رفعت شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" لكن في تركيا كان الشعار مختلفا "الشعب يريد إبقاء النظام"، وإن كان لي من اقتراح على الكاتبة التركية المشهورة إليف شفق صاحبة رواية "قواعد العشق الأربعون" لطلبتها أن تكتب "القواعد الأربعون في كسر الانقلابات"، وإن رغبت لدي الاستعداد في الترتيب والتبويب لتلك القواعد الأربعين.

على مستوى آخر، ورغم أنه ليس من أهداف هذا المقال أن أقارن بين انقلاب مصر المشؤوم وانقلاب تركيا المهزوم ولكن شيئا من ذلك قد يخدم استخلاصي العبر عاجلها وآجلها، الفرق واضح بين شرطة مصر وشرطة تركيا من حيث المدنية والروح الجمهورية، الفرق واضح بين إعلام مصر وإعلام تركيا من حيث التعلق بالحرية وقيمها، الفرق واضح بين معارضة مصر ومعارضة تركيا من حيث الإيمان بالديمقراطية وفلسفة التعاطي مع الآخر المختلف، والفرق شاسع بين فناني مصر وفناني تركيا وممثلي مصر وممثلي تركيا ومغنيات مصر ومغنيات تركيا في فهم رسالة الفن، وأن الفن والحرية صنوان وأن لا عدو أشد على الفن والإبداع والجمال من الاستبداد وحكم العسكر، والفرق موجود بين إخوان مصر والعدالة والتنمية في تركيا من حيث وضوح الرؤية وروح المبادرة وتقدير الحال والمآل، الفرق واضح بين الثقافة السياسية السائدة في مصر وهذه القائمة في تركيا.

لقد بذل الشعب المصري الكثير وأبان عن معدن أصيل في مقاومة الانقلاب وقدم من الشهداء والجرحى والتضحيات ما يليق بمصر ومكانتها، ولكن العوامل التي ساعدت شعب تركيا على كسر انقلابه المهزوم افتقدها أو افتقد أغلبها شعب مصر في مواجهة انقلابه المشؤوم.

للشعوب تاريخ مع عساكرها ولشعوب بعينها تاريخ مع دكتاتورياتها، ويسجل السفر السياسي لمسارات الشعوب ملاحم خاضتها هذه الشعوب للتخلص من أولئك العساكر أو من هذه الدكتاتوريات، والجميع يعرف أن إسبانيا كانت من آخر الدول الغربية المهمة تخلصا من ثقل الاستبداد والدكتاتورية، وفي كل أمة يتذكر الكتاب والباحثون أسماء شخصيات أو مجموعات كان لها فضل المفاصلة والقطيعة في تاريخ شعبها مع حكم الدكتاتوريات وتلك العسكرية منها بالذات.

وهنا سيسجل التاريخ أن شعب تركيا حسم تاريخه مع الانقلابات والعودة إلى الاستبداد مع رجل اسمه رجب طيب أردوغان ومع نخبة سياسية يتقدمها حزب العدالة والتنمية وتلك محمدة تاريخية عظيمة.

من أهم عبر الذي حدث في تركيا أن الشعوب تستطيع الحسم خصوصا إذا أحست بقيمة ما ومن تدافع عنه، وأن القوة العسكرية أمام صمود الناس وحسم القيادة سريعة التراجع حتى وإن أثخنت وقتلت، وأن عناصر القوة وميزانها تعددت وتنوعت ولم يعد أحد يملك مفاتيحها الوحيدة، ويبدو أن من أكثرها أثرا من لا يملك أحد مفاتيحه.

لقد صدق الأخ د. محمد الجوادي في وصف ملحمة تركيا حين قال: "شعب عظيم، معارضة عظيمة، حكومة عظيمة، مخابرات عظيمة، شرطة عظيمة، قوات خاصة عظيمة، إعلام عظيم، قائد عظيم = نتيجة عظيمة".

عنوان الذي حدث في تركيا هو العظمة.
العظمة لله والحمد والكبرياء له.
المصدر : الجزيرة
كلمات مفتاحية: تركيا انقلاب تركيا دروس من انقلاب تركيا انقلابيو تركيا رجب طيب أردوغان انقلاب مصر
شارك برأيك
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الجزيرة وإنما تعبر عن رأي أصحابها
انشر تعليقك عن طريق:
التعليق الأحدث
إظهار 6/6 تعليقات
أبو لؤلؤةمنذ ساعة00
الدرس التركي ... قبل عاجل وآجل العبر هو إجهاض الإنقلاب 3 ساعات قبل إنطلاقه رسميا. إنه المعجزة. إنه التجسيد الحي لبيت الشاعر "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر".
ردا على التعليق(0)
زائرمنذ ساعة01
السر في نجاح الشعب التركي هو الايمان بالله والثقة بالقائد لقد ادرك علماء التاريخ ان نجاح اي امة مرتبط بقدرتها على ولادة القادة الحقيقيون وتسليمهم الامور والسير خلفهم واول القادة هم أنبياء الله سبحانه والحقيقة ان حكومات الدول العربية تعمل على قتل القادة وهم اطفال ويخافون من حب الناس لاوردوقان لعلمهم ان ذالك قد يخلق في المستقبل قائد في مجتمهم يسطع نوره فيضي ظلم فسادهم ورجب اورودوقان مثال القائد الذي رفع شان الامة التركية
ردا على التعليق(0)
العمورى محمدمنذ ساعة00
الا لمن لا يريد ان ياخد العبر
ردا على التعليق(0)
عبد الرزاقمنذ 13 ساعة016
لا شك ان هناك ازدواجية معايير في العلاقات الدول مع بعضها البعض الا ان الشيء الاهم هوقوة التماسك الدل في داخلها ومدي قدرتها علي مجابهة كل التحديات التي تواجهها الحمد لله الدي مكن لعباده في تركيا ان لايقو في فخ الموامرة الخبيثة التي اعدت لهم لان الادانات الدولية لن تغني احدا. انظرو الي مصر وسوريا ما دا اغنت عنهم الادانات ما يسمس با الدول الصديقة والمنظمات الاممية؟؟؟؟ نقول بان الحالة الفريدة والفذة التي ضربها الاتراك وقيادتهم الحكيم امر جدير بالدراسة والتفكر وشكرا لقناة الجزيرة
ردا على التعليق(0)
د.انسمنذ 13 ساعة323
اخ جمال من الخطأ والظلم مقارنة تركيا وريثة الخلافة الاسلامية العثمانية بدولة الصعاليك الايرانيين وريثة الدولة المجوسية الفارسية والصفوية المقيتة,شتان بينهما,هذه الدولة الخنجر المسموم في جسد الامة الاسلامية الحقة انهم يخافون من العثمانيين ومن المسلمين ولا يخافون من احفاد ابن العلقمي الذي دمر بغداد على ايدي المغول و احفاده دمروها حديثا على ايدي مغول العصر الجدد البيض ودمروا درة الخلافة الاموية وما زالوا
ردا على التعليق(0)
جمالمنذ 15 ساعة1117
الغرب يضع كل المسلمين في سلة الأعداء اللذين يجب محاربة المتمردين منهم جهرا وصعلكة المهادنين كخدم ومحاربتهم بنعومة سرا . إيران تحارب من قبل الغرب جهرا لأنها متمردة . تركيا صعلوك الناتو كانت تحارب من قبل الغرب بنعومة سرا مثل السعودية . لكن عندما أبدت تركيا بعض التمرد جهر الغرب بمعاداتها وإظهار عصا إيقاف مفاوضات الإنضمام لأوروبا ! هل يعي المسلمون سنة وشيعة أتراكا وسعوديون وإيرانيون كيف يتلاعب الغرب بتناقضاتهم وبغبائهم حتى الإبتزاز.هل يقف هؤلاء يوما بكلمة واحدة للغرب مفادها كفى !
ردا على التعليق(0)

قديم 07-20-2016, 10:19 AM
المشاركة 17
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مرحباً استاذ ياسر

تقول " الخاسر الأكبر من الحدث برمته هو تركيا الدولة كما أشرت سابقا ، إذ هو مؤشر أولي وعلامة من علامات التقهقر الحقيقي لهذه الدولة التي لم يستطع أبناؤها الحفاظ على وحدتهم ، وهنا أتحدث عن وحدة الهدف و الرؤية المستقبلية كانوا إسلاميين أو علمانيين . فالهوية التركية تجمعهم و هنا تركيا ستواصل المسيرة وهي عرجاء سواء بقي أردغان أو نجح الانقلاب . فالحدث باكمله نجح في استهداف الدولة التركية و أصابها بأضرار كبيرة ،
- سؤالي لك حول هذه النقطة هل تعتقد ان تركيا كانت بمنأى عن المؤامرات الغربية؟ وان وحدتها حتما كانت مستهدفة؟ أليست اذا تركيا ضحية وانت تلوم الضحية ؟ فمن يقف وراء الحدث في تقديرك ؟

وتقول " تأثير الأمر على سوريا سيكون نسبيا ، لأنّها ليست فاعلا حقيقيا في الملف السوري مادامت القوى الكبرى دخلت علانية ، فهي مجبرة أصلا على لعب دور الكومبارس ، لأن المسالة أكبر منها بكثير ، و أصبحت سوريا بيد الكبار ، و صراع الدول الاقليمية فيها مجرّد حرب استنزاف و في أحسن الأحوال الإعلان عن الوجود"

-
حول هذه النقطة : تركيا لها حدود مشتركة طويلة مع سوريا وكانت منذ البداية داعمه للجيش الحر كما استقبلت ملايين اللاجئين السوريين وفي لحظة فتحت لهم الباب للهجرة الي اوروبا وعلى الاقل غضت البصر عن تلك الهجرة، وهي طالبت وما تزال تطالب بمناطق آمنة على الحدود--- الا ترى بان هذه اسباب كافية لجعل اوروبا وامريكا يتامران عليها لأن اوروبا متضررة من موضوع الهجرة ولو نجح الانقلاب لتمت معالجة الموضوع السوري بطريقة تخدم مصالح اوروبا ، كما ان موقف تركيا من العودة الي التفاوض مع النظام وإبقائه لا يتفق مع مخطط امريكا لسوريا وهو سبب آخر كافي لدى امريكا لصناعة الانقلاب وهذه مؤشرات ان الانقلاب كان صناعة غربية يحقق مصالح الغرب اولا وأخيرا ... أليس كذلك ؟

وتقول " أمّا مصر فهي نموذج للضعف الي تسير نحوه تركيا ، فهي دولة غارقة و دولة لا توجد مؤشرات حقيقية على قدرة نهوضها كدولة ، إنها تحاول فقط الحفاظ على نفسها ، ولا تملك أية أوراق للتأثير على المنطقة . و هي في موضع لا تحسد عليه ، وملفها مفتوح على كلّ الاحتمالات .
- الا تعتقد ان الإنقلاب الذي جرى في مصر كانت هذه غايته وهو القضاء على كل أمل في النهوض الذي كان متوقعا مع استلام حكومة الربيع العربي هناك والتي أخذت تغرد خارج سرب النظام العالمي والبنك الدولي الي حد ما منذ البداية ؟ وان نجاح الانقلاب في تركيا كانت هذه غايته حتما اجهاض النهضة التركية الشاملة الحديثة ؟ ان نجاح تركيا يؤهلها للمطالبة بمقعد دائم في مجلس الأمن وهذا ما فعلته فعلا وعليه كان لا بد من ضرب تركيا لكي لا تفكر بدور عالمي والحلم بعودة الدولة العثمانية ؟ ومن ذلك موقف تركيا من انقلاب مصر حيث تبدو تركيا العدو رقم واحد لانقلاب مصر واتصور ان شعار رابعة الذي رفعته تركيا كان له قوة تدميرية على خطط الغرب في مصر ومنع تسويق الثورة المضادة ويقف حجر عثرة امام نجاحها وهذا يناقض خطط الغرب لمصر ويعتبر سبب اخر للتخلص من حكومة اردوغان ؟

- لكل ذلك الا ترى بان تركيا بكل ما فعلته ومن خلال مواقفها تجاه القضايا المحلية والدولية كانت تغرد خارج سرب البنك الدولي والنظام العالمي وكان لا بد من ضربها وإعادتها الي بيت الطاعة ؟
السؤال الان أيضاً ما طبيعة العلاقة التي ستربط تركيا بالدول الغربية بعد الانقلاب ؟ وهل ستتأثر تلك العلاقة ؟ هل ستتأثر كل الملفات التي لتركيا دور فيها بسبب موقعها الجغرافي ؟
*

قديم 07-20-2016, 01:05 PM
المشاركة 18
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الحبيل يكشف سبب الغضب العارم من فشل الانقلاب في تركيا
نشرت: الأربعاء 20 يوليو 2016

-: كشف الكاتب والمحلل السياسي مهنا الحبيل عن سبب الغضب العارم الذي انتاب الغرب ومن يؤيدهم في الداخل العربي من فشل الانقلاب على حكومة حزب العدالة والتنمية التركي.

وقال مدير مكتب دراسات الشرق الإسلامي باسطنبول في تريده على موقع التدوين الإلكتروني (تويتر): إن الحلقة الأخيرة التي كانت تنتظر سايكس بيكو الجديدة هو سقوط جمهورية تركيا الديمقراطية وهويتها الشرقية للأبد .

وأضاف أن هذا الأمر يشرح حجم الغضب من فشله, منوها إلى أن سقوط جمهورية تركيا الديمقراطية الذي راهن عليه
الغرب لم يكن ليفجر بركان الدم عليها وحسب بل على كل العالم​.

قديم 07-20-2016, 01:36 PM
المشاركة 19
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
- سؤالي لك حول هذه النقطة هل تعتقد ان تركيا كانت بمنأى عن المؤامرات الغربية؟ وان وحدتها حتما كانت مستهدفة؟ أليست اذا تركيا ضحية وانت تلوم الضحية ؟ فمن يقف وراء الحدث في تقديرك ؟

أحيانا نتناسى أن تركيا بالأساس تنتمي قلبا و قالبا إلى الغرب ، و توجد أيضا في القارة الأوربية ، و حاولت مستميتة الانضمام إلى الاتحاد الأوربي ، فتركيا على الدوام جزء من المؤامرة الغربية أو على الأقل يأخذون رأيها بجدّيّة في القضايا التي تخصّها ، كحربها ضد الأكراد ، التي تديرهاا كيف شاءت دون محاسب ، و تخترق المجالات الجوية للدول بلا رقيب منذ زمان العراق نموذجا ، و أيضا ذراع قويّة للغرب في الشرق الأوسط ، تساهم في محاصرة روسيا بحريا و تم تجهيز جيشها بآخر الصيحات التكنولوجية ، و دخلت في تمويل مشاريع ضخمة في الصّناعة الحربية الأمريكية للحصول على آخر ابتكارات سلاح الجو الأمريكي و بأعداد ضخمة .
الغرب لم يخطر بباله يوما التّخلي عن تركيا ، لكن وجود شخص كأردوغان ، ذو شعبية و مزاجي ، جعل الغرب يعيد بعض حساباته في وتكتيكاته ، رغم التطمينات التي تقدمها المؤسسة العسكرية التركية للغرب و أن الخط السياسي العام للدولة لن يتغير رغم الخطابات النارية لأردغان ، و هو إلى حدما الخط الذي انتهجه اردغان لسنوات ما يسمى صفر مشاكل مع الجيران ، لكن الرجل جرفته أحدات الربيع و أصبح يتخبط بكل غريب ، فيريد أن يكون مصريا أكثر من المصريين و سوريا أكثر من السوريين ، فهو منفلت بدرجة كبيرة ، و زاد في الاحتقان بالمنطقة بشكل غير مبرر ، و استماتته في التشبت بالسطلة لا حدود له ، لكأنه التركي الوحيد المؤهل لها ، هذه التصرفات ، لن ترضي داخل تركيا و لا خارجها ، فعندما تقول أنك ديموقراطي أخلاقيا متى انتهت مدّة صلاحيتك فانسحب و احترم مؤسسات و دستور البلد الذي جعلك على رأسه ، وليس أن تفصل على مقاييس مزاجيتك ، قوانين الدولة . فهنا أنت تلعب بمصير أمّة .

أنا لا ألوم الضحية ، فاردغان يتحمل كلّ المسؤولية لأنه هو من يمارس السلطة ، و بيده أن يطفئ نيران بيته أو يزيدها اشتعالا ، و لاشكّ أنّه اختار المواجهة ، و ربما سيتمادى فيها ، رغم أن الكثيرين من حزبه كعبد الله كول و حتى مهندس سياساته الخارجية سابقا داوود أغلو ، لاحظنا كيف تمّ ابعادهما إلى الهامش في السنوات الأخيرة .

قد يكون مورسي مصر حديث عهد بالتسيير ويمكن تفهم أخطائه ، فهو غير عليم بكل خبايا دور المؤسسة العسكرية المصرية ، و لا تزال جماعته تمارس عليه نوعا من الوصاية ، و تناسى أن مصير دولة كاملة بيده ، و أقدم على مغامرة ألّبت عليه الجميع ، حين سعى إلى التوغل في كل مفاصيل الدولة وإبعاد المنافسين في نهم غريب لكأنه جاء على ظهر دبّابة ، لأن أدبياتهم لم تتآلف مع المدنية ، لكن ما العذر الذي سنجده لاردغان الذي جاء من صميم مجتمع نسبيا فيه ديموقراطية ، و تتولى أحزابه الحكم منذ أجيال ، رغم أن المؤسسة العسكرية تتدخل في كلّ مرة لتصويب المسارات ، متى حاول الحاكم الخروج عن النهج العام للدولة .

قديم 07-20-2016, 01:57 PM
المشاركة 20
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الا يبدو جليا مع كل هذه التحليلات بأن العامل الحاسم في فشل الانقلاب هو القائد الكرزمي وقدرته على التماسك والتواصل مع القاعدة الشعبية له؟


بين انقلابين
نبيل الفولي
كاتب وباحث مصري

لا شك أن الحديث يطول ويتشعب عند محاولة المقارنة بين ما شهدته مصر قبل ثلاث سنوات من انقلاب عسكري نجح في السيطرة على مجريات الأمور في البلاد، وبين ما شهدته تركيا قبل أيام من محاولة فاشلة لقوات من الجيش للاستيلاء على السلطة.

ولا نريد أن نقف في هذه السطور إلا على بعض الدقائق التي يمكن أن تكون قد نالت -مع أهميتها- قليلا من الاهتمام في بحر التحليلات التي واكبت الحدث التركي الكبير، ومثال ذلك: الفرق بين الخبرتين المصرية والتركية بالانقلابات العسكرية وتأثير ذلك في الحدثين، وكذلك طبيعة أطراف المواجهة في الحالين، وحال الدولة في شمال المتوسط والأخرى في جنوبه.

خبرة بالانقلابات
الخبرة هي التي تصنع المواقف، وقد تراكمت لدى الحكومة والشعب التركي خبرة واقعية عميقة بالانقلابات العسكرية التي شهدت البلاد أربع محاولات ناجحة منها خلال أقل من أربعة عقود من الزمان، وارتبطت هذه المحاولات في ذاكرة الأتراك بكثير من الذكريات المؤلمة؛ من إعدامات واعتقالات ومحاكمات عسكرية واسعة، وتأثير سلبي على مسار الحريات في البلاد، وتراجع كبير للاقتصاد التركي.

وكان لهذا دوره الكبير بلا شك في التأثير على مجريات أحداث مساء الجمعة الماضية (15- 16من يوليو 2016)؛ سواء تكلمنا عن سلوك الحكومة، أو سلوك الجماهير:

فقد كان واضحا أن قيادات الحزب الحاكم كانت تستعد منذ وقت مبكر لمثل هذا اليوم المتوقع جدا عاجلا أو آجلا، وظهرت نتيجة رعاية أردوغان الطويلة لجهاز المخابرات المؤتمن السري الأكبر على البلاد وأمنها فكان عمله حاسما لدحر الانقلاب، وأثّرت رعايته للقوات الخاصة التي عملت في صورة قوات لوزارة الداخلية بعيدا عن سيطرة الجيش وتدربت جيدا على مواجهة مثل هذه الأعمال، وأثبتت رجولتها في التضحية بحياتها في سبيل أداء مهمتها.

وفي الجانب الجماهيري، بدا أن الأتراك أمام مقارنة لا خيار معها، فإما كلاحة الانقلابات ودمويتها واضطراباتها الخطيرة التي تصل كل بيت، وإما حالة الرخاء والحرية التي تعيشها البلاد الآن؛ لذا حين تبين للناس الحائرين ماذا يجري، ودُعوا إلى الدفاع عن "ديمقراطيتهم" خلال نداء أردوغان القصير، ملأوا شوارع إسطنبول وأنقرة وكثير من المدن التركية.

ومع هذا، فهل كانت الجماهير التي ندعي لها هذه الخبرة في حاجة إلى دعوة حتى تخرج لتمنع الكارثة؟
والحقيقة أن الإعلان عن الانقلاب في البيان الذي أذيع في بداية الأحداث قد ترك آثارا سلبية في نفوس الأتراك، فقد أذيع بيان الانقلابيين وكأن كل شيء قد تغير، إلا أن خروج أردوغان - بعد بن علي يلدريم رئيس الوزراء - ليعلن عن مقاومة المحاولة الانقلابية، وطلب الرئيس من الجماهير أن تشارك في دحر الانقلاب: "أدعو جميع المواطنين الذي يؤمنون بالديمقراطية للخروج إلى الشوارع"، لم يؤد إلى إحياء الأمل في نفوس الجماهير فحسب، بل أدى كذلك إلى تحديد هدف أمامها ودور مجيد يمكن أن تقوم به في حماية تجربتها العظيمة في الحرية والتنمية.

وأما على إلى الشاطئ المقابل من المتوسط في مصر، فمع أنها شهدت اختطافا عسكريا طويلا للدولة والحكم، إلا أنها لم تشهد انقلابا عسكريا حقيقيا قبل هذا الأخير في يوليو/تموز 2013، وإن كان بعض خصوم حركة يوليو 1952 يسميها انقلابا، فإن الترويج لها - وهو ما ثبت في الذاكرة المصرية من خلال المقررات الدراسية والخطاب الإعلامي - قدمها على أنها ثورة الخلاص من الاستعمار والملكية، وحتى من كشفوا مساوئ حكم العسكر المصري طوال ستة عقود لم يقدموا 23 يوليو على الإطلاق على أنها انقلاب عسكري، أو حتى استيلاء من العسكر على السلطة، والشائع هو أنهم صوّروها وكأنها سوء توظيف للسلطة.

ومن هنا، حين جاء انقلاب الجنرال عبد الفتاح السيسي على الرئيس المنتخب محمد مرسي قبل ثلاثة أعوام، تعاملت كتل من الجماهير المصرية -التي تحركت بلا ذاكرة وطنية واعية- مع الواقع وفق ما صوِّر لها إعلاميا؛ حركة تصحيحية تعيد الأمور إلى نصابها، وتمنع الإرهاب المتوقع والأخونة السارية سريان السم في جسد الدولة. والجماهير المصرية في هذه الحالة لم تكن تدري أنها تسلم نفسها بيدها لمستقبل مظلم.

وأزعم أن قيادات المعارضة التي تعاملت مع الحالة المصرية بانتهازية تامة، كانت هي الأخرى لا تحمل من الخبرة بالانقلابات العسكرية شيئا؛ لذلك شاركت بجدارة في إنجاح الانقلاب، ولم تحصد منه سوى الخزي والعار التاريخي الذي لحق بها، وسقطت مصر بعدها في يد جنرالات العسكر خالصة لهم.

ولا شك كذلك أن الرئيس مرسي وأنصاره كانت لهم تجربة مهمة مع الإقصاء والاضطهاد السياسي، لكن لم يفدهم هذا خبرة واقعية كافية لفهم طبيعة الانقلابات العسكرية؛ فلم ينجحوا أولا في توقعه، ولم ينجحوا ثانيا في اختيار وسائل أنجع في مواجهته من التظاهرات والاعتصامات، وإن كانت الأمور لمّا تحسم إلى الآن في الساحة المصرية.

طبيعة الأطراف
يمكن اختصار انقلاب مصر عام 2013 من حيث أطراف المواجهة بأنه كان انقلاب دولة كاملة ضد حزب أو جماعة حاكمة في حوزتها بعض الأنصار، في حين كانت المحاولة الانقلابية الأخيرة في تركيا مواجهة بين جزء مؤثر من الجيش من جهة والدولة بكاملها من جهة أخرى، ولا شك أن التوازنات تبدو مختلفة تماما في الحالين.

لقد ألقى وزير الدفاع المصري حينئذ بيان انقلاب الثالث من يوليو، وحضره رئيس الأركان، وقادة القوات البحرية والجوية والدفاع الجوي، ومدير المخابرات الحربية، ومساعد وزير الدفاع لشؤون التسليح، وشيخ الأزهر، وبابا الكنيسة الأرثوذكسية، ورئيس جبهة الإنقاذ المعارضة، وأمين حزب النور الإسلامي، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، ومؤسس حركة تمرد ورفيق له، ورمز ثقافي نسائي (سكينة فؤاد).

وهذا يشي بالحقيقة السابقة، فالجيش المصري لم يشذ منه أحد معروف عن تأييد الانقلاب، والزعامات الدينية الرسمية كذلك، والأحزاب والحركات المعارضة، وأكثر النخبة المثقفة التي تسيطر بأقلامها وآرائها على الصحف وغيرها من وسائل الإعلام، مع دعم من أجهزة الدولة؛ خاصة قوات الأمن ووزير الداخلية، ودعم من الإعلام الرسمي وإعلام الدولة العميقة.

وقد يشي هذا بأن الانقلاب المصري قد أُحسن التجهيز له، ولم يحسن الطرف الآخر الاستعداد لمواجهته، وهذه حقيقة، وهي نفسها نقطة الخبرة المفقودة التي سبق الحديث عنها، وإن كانت تطرح سؤالا آخر حول جدوى الإقدام على تولي أمور الحكم بدون استعداد له؟

ومع أنها قضية خلافية طال الجدال حولها، إلا أنني أرى أن المشاركة الإخوانية الكثيفة والحاسمة في ثورة 25 يناير كانت ترجيحا منهم لخيار المواجهة الصريحة مع الاستبداد، وما كان يمكنهم أن يغيروا هذا النهج في انتخابات الرئاسة التي كان يزحف الاستبداد للعودة من خلالها، وهو الأمر الذي دفعوا ثمنه غاليا، إلا أنه أعطاهم الشرعية التي لم يستطع الانقلاب إلى الآن محوها.

وأما في الحالة التركية المقابلة، فقد كان الانقلاب الفاشل مواجهة بين جزء من الجيش والدولة بكاملها، وقد تورط في الأحداث قائد القوات الجوية وقائد القوات البرية والمدعي العام العسكري وقيادات عسكرية أخرى كبيرة ما بين معتقل وهارب، وبلغ عدد الموقوفين آلاف الأشخاص حتى الآن بينهم أكثر من 100 جنرال.

وفي جانب الشرعية وقف جزء كبير من القوات المسلحة التركية، منهم رئيس الأركان، وقائد الجيش الأول، ورئيس المخابرات، وجهاز الداخلية، إضافة إلى جماهير الشعب الغفيرة بأتراكها وأكرادها.

وقد أدى الحضور الجماهيري الكثيف في الميادين والأماكن الحيوية إلى ارتباك الانقلابيين وسيولة المشهد أمام أنظارهم، كما أن قَطْع المخابرات لمنظومة الاتصال الخاصة بالجيش، وسيطرة القوات الخاصة على القاعدة الجوية التي انطلقت منها طائرات الانقلابيين قد عجلت كلها بسقوط الانقلاب وفشله الذريع.

ومن جهتهم أدى السياسيون الأتراك الحاليون والسابقون الحكوميون والمعارضون - سواء منهم من بادر إلى رفض الانقلاب من البداية أم انتظر حتى ظهرت له بوادر فشله - دورا مهما جدا في دحر الانقلاب؛ المعارضون والسابقون بتصريحاتهم الحاسمة برفض الردة عن الديمقراطية، والحكوميون بتحركاتهم الدقيقة؛ خاصة رئيس الوزراء ووزير العدل والدفاع والداخلية ورئيس البرلمان، إضافة إلى رئيس الجمهورية.

حال الدولة
مر سيناريو الانقلاب في مصر ببطء أمام أعين الناظرين، ووصل إلى هدفه الذي خُطِّط له وكأنه فيلم سينمائي يجري تصويره أمام أعين المارة، في حين جاءت المحاولة الانقلابية في تركيا مباغتة كالبرق الخاطف وذهبت كذلك بسرعة مفاجئة، مما دفع بعض خصوم النظام وشانئيه إلى الزعم بأنها لعبة مصطنعة من أردوغان للخلاص من خصومه!

والحق أن مرجع هذا وذاك أساسا إلى أوضاع الدولة المصرية والدولة التركية عند استقبال كل منهما لمساعي العسكر للاستيلاء على السلطة، فالقاهرة كانت منهكة بعد عامين ونصف من الأحداث الساخنة التي بدأت بالاحتجاجات الجماهيرية الواسعة في 25 يناير على نظام مبارك وما تلاه من إسقاطه، واضطرابات فترة المجلس العسكري، ثم الاستقطاب الشديد الذي شهده العام الذي حكم فيه الرئيس محمد مرسي.

وكانت لمجريات الأحداث حينئذ آثارها السيئة جدا على الحالة الأمنية والاقتصادية بالبلاد، وإن كانت الحريات قد تحسنت شيئا ما، وبدأ الاقتصاد يتعافى ببطء في العام السابق على الانقلاب، فإن كل ذلك لم يكن ملموسا بالنسبة لرجل الشارع، وكان التشويه الذي يلاحقه من إعلام الدولة العميقة يتولى محو أي أثر له، كما كانت الأزمات المصطنعة في الوقود والكهرباء وغيرهما تزيد شحن الجماهير سلبيا ضد النظام.

بدا الانقلاب في هذه الحالة وكأنه طوق نجاة لإنقاذ مصر من الانفلات الأمني والأزمات الاقتصادية الخانقة وشبح الإخوان المخيف؛ خاصة مع التركيز على تجميل صورة الجيش العظيم الذي لا مطمع لقادته الشرفاء في السلطة!

وفي تركيا جاء انقلاب مساء الخامس عشر من يوليو والبلاد تحاول ترميم علاقاتها بجاراتها بعد أن شهدت مدنها سلسلة من الاعتداءات الإرهابية وصلت حتى مطار إسطنبول نفسه، وعانت من آثار الصراع الدموي الواسع الذي تعيشه سوريا منذ سنوات. إلا أن البلاد مع هذا كانت محتفظة بحالة من الرخاء الاقتصادي العامة، وكذلك لم تضغط الحكومة كثيرا على الحريات بالرغم من التهديد الأمني الذي تعاني منه.

كانت تركيا إذن - رغم بعض الاضطرابات- تعيش حالة من الاستقرار النسبي في أمنها واقتصادها؛ لذا واجهت الدولة الانقلاب على المستوى الرسمي والجماهيري ولديها كثير من العافية والثبات، كما أن لديها ما تخاف عليه من شبح الحكم العسكري المرعب.

وإن كان الانقلاب المصري قد امتد إلى اليوم بعون إقليمي ودولي حثيث دون أن يحسم أمره كليا، فإن الانقلاب التركي الأخير -الذي حظي هو الآخر بدعم دولي وإقليمي ضخم كما تفيد الشواهد الأولية- قد كشف عن خبايا كثيرة في جسم الدولة التركية تمثل خطرا لا يستهان به على مستقبلها.
المصدر : الجزيرة
كلمات مفتاحية: تركيا مصر انقلابات بين انقلابين انقلاب مصر انقلاب تركيا


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: ماذا يجري في تركيا ؟ وكيف نفهم الانقلاب الظاهر في السياسة الخارجية ؟
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تركيا ليست الدولة العثمانية اعزاز العدناني منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 2 03-31-2022 11:47 PM
درسٌ في السياسة محمد مزكتلي منبر القصص والروايات والمسرح . 6 01-19-2018 06:13 AM
تركيا تجسد في ميدان عام ما يحدث في فلسطين محمد عبدالعظيم معارك منبر الحوارات الثقافية العامة 0 12-30-2015 05:59 AM
اهم الاسباب لفشل الانقلاب؟ ايوب صابر منبر الحوارات الثقافية العامة 15 12-04-2013 12:10 PM
كيف نفهم الإسلام ؟ عبدالسلام حمزة منبر الحوارات الثقافية العامة 6 04-12-2011 09:58 AM

الساعة الآن 09:51 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.