احصائيات

الردود
32

المشاهدات
11114
 
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي


ريم بدر الدين is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
4,267

+التقييم
0.68

تاريخ التسجيل
Jan 2007

الاقامة

رقم العضوية
2765
07-26-2011, 07:17 PM
المشاركة 1
07-26-2011, 07:17 PM
المشاركة 1
افتراضي دوالي دمشقية..
دوالي دمشقية



قبل أن تدرك أصابعي أنها إن عانقت قلما كتبت .. قبل أن تعي عيناي أن مهارة فك شيفرات الحروف تؤدي إلى مهنة القراءة ..قبل أن يطول شعري وتضفر لي جدتي جدائل الكستناء بشريطة "ساتان" زهرية ..قبل أن أغفو في أرجوحة معلقة في حنايا دالية ..و قبل أن تصنع لي عمتي دمية من قماش نسيت أن تطرز لها فما أحمر ... قبل أن أغرم بحلويات جدتي المصفوفة في الكتبية ..كانت دمائي شامية وهبتني ميزة تلمس الشروق برائحة القهوة صباح العيد و الاحتفاظ بسر الغروب على طوق ياسمين ضممته بيدي زينة عرس ما ..متعة الترحال اليومي على متن نسيم رقيق شغوف بعبور المندلون و الطاقات المفتوحة في " مربعات" بيتنا ..أحترف انتظار ما لا ينتظر لأنه ببساطة شديدة غير محدد الكينونة .. صادقت "الشاب الظريف" و مدارج الشمشير و خيمة الياسمين و العراتلي دواير البحرة و كل العطور التي اعتصرتها يدا جدتي من مآقي الزهر ..و التوت الشامي الذي خبأته في زجاجات شفافة و النارنج المستلقي في آنيتها المعتمرة بقماش طرزت حوافه بالوردي يدها الرشيقة أثناء انتظارها عودة جدي من سهرته اليومية..
في انتظار ما لا أعرف كان النهار مساحة مملوءة بالتحمل و استيلاد الفرحة وإجابة عن السؤال الوحيد للامتحان اليومي : كيف أعبر نحو بوابة الليل الدمشقي ؟
وثقت حد اليقين أنني سأجد إشارة ما ذات صباح في منقار عصفوري " أبو الحناء" .. ربما وردة .. ربما محرمة ملونة .. ربما قصاصة ..
و العمر فصول .. تمضي .. بعض منها يمكث أطول .. بعض منها لا يبارحني البتة ..أوان الفصل الأول لونتُ الانتظار أيقونة معلقة على جدر القلب ..حدائق يختال وردها الجوري بجموح ماله حد ..عواصف تثور و تهدأ كما ثارت و أنا في ركني وراء زجاج نافذة أحصيها باهتمام مؤرخ أوقن أنه يشهد تاريخا لا يشبهه شيء و سيسأل عنه في زمن آتٍ..
منتصف الفصل الثاني أدركتني شهوة الكتابة ، ليس أن خطوات القلم الجائل مدارات الحرف جميلة إذ راقص سطرا برهة ..غادره ليراقص سطرا آخر .. يقلب صفحة تتلوها صفحة ..يحكي معها شغِفا بتطريز البياض ، يدعو الأصابع أن تتلمس نتوءات خطواته في الوجه الأخر للورقة كقديس كفيف يقرأ برديته بخشوع ..
كل منها تحكي قصة ..مخزون من صندوقي السري ،من " بقجة " جدتي ، من أغنيات عمتي ، من تشكيلات راقصة دارت يوما في بيتنا في قلب دمشق .. من صوت الأذان في الصبح البارد ..من قرآن يتلى في غرفة جدتي ..من شاي كالمرجان تحت الدالية بقطوفها الدانية..من "هنا دمشق" تعلن في إذاعتنا أن الصبح أتى في حقيبة فيروز .. من دقة أم عبدو بائعة الحليب على سقاطة بابنا .. من قهوة العيد تفوح رائحتها في جنينة بيت الجيران ...من آنية مربى المشمش المعقود و غطاء ناصع يشاكس شمس الصيف يغطيها و يغري أصابعنا ترفعه نتفة و تغوص فيها .. من رائحة الحيطان المغسولة بماء بردى العابر ريا في سواقي البيت يحمل معه مكتوبا .. وردة و حكايات.. من صوت المسحر " اصح يا نايم وحد الدايم " في ليالي رمضان السهرانة .. من زغرودة عرس و بياض الطهر مسكوب في حناياها ، من حمائم دمشق تفرش و تنام آمنة في " مشرقة" البيت.. من نقرات على الحائط تعلمنا أن الجارة عند الباب أتت لتناول شاي العصرية وتضيفنا على خبريات الجيران و عودها المشاغب ..
أجدني في هذا العمر على مفترق طرق كلها تؤدي لدمشق .. مخطئ من قال كل الدروب إلى روما تؤدي .. و ماذا تكون روما بحضور سيدة المدائن ، سادنة الجمال و صانعة كل الإنساني المسكوب في قلب البشرية؟
و دمشق ، بالوراثة ، علمت أناملي كيف تصوغ قلبي مزهرا كغوطتها على قماش ثمين كما أجدادي صانعي البروكار، علمتني كيف أكتبها .. بين كل سطرين أجدني كتبت دال، ميم، شين ، قاف.. أضمها معا، أرتب لها جدائلها، أحفظها في حرز أخضر في جناح حمامة، " والهوى يسافر بمكتوب في جناح طير و بقصيبة تحنت بليلة مهر "..
من قال أن الضفيرة لم تكن شامية ؟ من قال أن الهوى ليس سوى دمشق؟


ريم بدر الدين
الرياض /المملكة العربية السعودية
26/7/2011
*الشاب الظريف ، الشمشير ، عراتلي : زهور دمشقية
*الكتبية : خزانة في الحائط لحفظ الاشياء بواجهة زجاجية أحيانا لعرض المقتنيات الثمينة
* المندلون : نافذة صغيرة فوق الباب
* المشرقة : غرفة صيفية تقام على سطح البيت الدمشقي
* بقجة : صرة قماشية مطرزة لحفظ الملابس و المشغولات اليدوية
*سقاطة : قطعة حديديه على باب البيت الدمشقي تعمل مكان الجرس
* بروكار :نسيج دمشقي نفيس


قديم 07-26-2011, 07:38 PM
المشاركة 2
حسن زكريا اليوسف
شاعر وأديب عربي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مساؤك صباح يا ريــم الضياء

نص أكثر من رائع

الدوالي الدمشقية تتشهى عناقيدها وخضرتها الشمس

فتمد لها راحتيها كل صباح ومساء

ومن حنايا الدالية الدمشقية

تتدلى أرجوحة السحر

تغـفو فيها تلك الطفلة الأميرية الدمشقية

تحتضن عروساً تنتظر الزفاف على جمر الشوق

وتلمع على ضفاف جدائلها شريطة الساتان الزهرية

ويشدها الحنين إلى حلويات الجدة المطرزة لأرجاء الكتبية المستلقية على جدار

قبل كل هذا

هي أميرة دمشقية معتق دمها بعشقها

ورافل نبضها بالياسمين

ومن راحتيها يفيض بردى وهيهات يجف أو يشح



أجدني في هذا العمر على مفترق طرق كلها تؤدي لدمشق ..
مخطئ من قال كل الدروب إلى روما تؤدي .. و ماذا تكون روما بحضور سيدة المدائن ، سادنة الجمال و صانعة كل الإنساني المسكوب في قلب البشرية؟
و دمشق ، بالوراثة ، علمت أناملي كيف تصوغ قلبي مزهرا كغوطتها على قماش ثمين كما أجدادي صانعي البروكار، علمتني كيف أكتبها .. بين كل سطرين أجدني كتبت دال، ميم، شين ، قاف.. أضمها معا، أرتب لها جدائلها، أحفظها في حرز أخضر في جناح حمامة، " والهوى يسافر بمكتوب في جناح طير و بقصيبة تحنت بليلة مهر "..
من قال أن الضفيرة لم تكن شامية ؟ من قال أن الهوى ليس سوى دمشق؟




دمشق تفخر وتبتسم حين تطرب لسماع نبضك هذا يا ريم

سلمت وبوركت



تصفيق حار

و

ت ث ب ي ت


مع شهد محبتي وتسنيم تحياتي

ح س ن ز ك ر ي ا ا ل ي و س ف

قناتي على يوتيوب https://www.youtube.com/channel/UCjD...VUEJrfj86v0h-Q
فيس بوك https://www.facebook.com/profile.php?id=100060987426703
إنستغرام hasan_zakaria_alyousef
قديم 07-27-2011, 10:40 AM
المشاركة 3
عمر مسلط
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
... كنتُ هناك ...

... أجولُ مع كلماتكِ في حارات دمشق ...

... فإذ بكِ تأخذينني بعيداً ...

... فَيوقظني آذانٌ في الصبحِ البارد ...

... فَأستَشعَرُ كآبة الخريف ...

... آهٍ من رائحة القهوة ...

... تستَفِزُ ذاكرتنا .. قبل أن نَشربها ...

... تَمتزجُ ضَحكات الأطفال بصوتِ البحرة في أرض الديار ...

... عُصفورٌ يحاولُ الإختباء من رذاذ المطر ...

... صوتُ بائعٍ يأتي من بعيد ...

... رائحةُ أوراق الليمون حينما يَغسلها المطر ...

... طِفلةٌ تحتضِنُ كتبها ذاهبةً لمدرسةٍ في الحي القريب ...

...وطفلةٌ تَذهبُ لبيع الحلوى في الحي البعيد ...

... أين جيران العُمر ...؟

... تَقتُلنا الغربة ...

... وتُتعِبنا الذاكرة ...


... ريم /

كم أرهَقني هذا النص ...

سامحكِ الله ...

سَيدَتي ... أجمَلُ الوَرد .. هُو الذي تُغطيه الأوراق !
قديم 07-27-2011, 11:09 AM
المشاركة 4
د. محمد حسن السمان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الأخت الفاضلة الأديبة الاستاذة ريم بدر الدين
هذه الفسيفسائية الوجدانية , أوقفتني طويلا عندها , فالكتابة الأدبية أنماط ومدارس , ووجدتني هنا أمام نمط خاص في الكتابة الأدبية , نعم إنها بوح مشاعر , ولكن هذه الفسيفسائية , كتبت دونما تدخل للكاتبة في النص , وإنما تركت الوجدانيات تخرج بشكل عفوي , عندما يسرح داخل الانسان , ليشكل جماليات البوح , ربما كان لابتعاد الكاتبة عن دمشق الجميلة , تأثير كبير في إطلاق هذه الفسيفسائية , الأصالة والحنين , لقد رسمتي لنا لوحة دمشقية , للبيت الدمشقي , وأعدتنا للمجتمع الدمشقي , دونما تنسيق وصنعة , أعدتنا بشكل عفوي , رايتني في بيتنا القديم , فالمفردات والرموز , والصور والحركات , ومكانة الجدة , التي هي رمز لاحترام القيم العائلية والمجتمعية , وجماليات الوشائج في الحي القديم .
لي عودة للنص
تقبلي تقديري واحترامي

أخوك
د. محمد حسن السمان

قديم 07-27-2011, 12:23 PM
المشاركة 5
حاتم الحمَد
مؤسس ومدير شبكة ومنتديات منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الكريمة ريم تحية طيبة

ممتع هذا البوح ، وكأننا نغوص في أعماق

كل تلك الرموز ونعاين كل تلك الحركات والسكنات
في ذلك البيت العامر بأهله.

حمى الله دمشق وطهرها ومدائن المسلمين أجمعين.


شكرا لك أختنا الكريمة ريم على ما خطه يراعك من براعة

في الكتابة ، ولا تحرمينا من مثل هذا التألق كما

عهدناك.

قديم 07-27-2011, 11:38 PM
المشاركة 6
عمران العميري
شاعر وإعلامي عراقــي
  • غير موجود
افتراضي
انيقة القول
الكاتبه \ريم بدر الدين

واسرح مع خيالي الذي اخذني طوع نفسي لتكن له سطورك مركبا
واقلب طرفي بين حارات الشام ودمشقها الامنه باذن الله ويسترسل التيه
مع اميرة الطفوله
بوح جميل ترجمته اناملك ايتها النقاء حرفا والوفاء نفسا الى سيدة المدن
وتاج التراث
دمت اسما وقلما يقتفيك الذوق
لك الود وكل الورد والف تحيه

ومضت تصنفنا يدٌ مسمومةٌ
متسننٌ هذا وذا متشيعُ

omran1989@yahoo.com
قديم 07-27-2011, 11:41 PM
المشاركة 7
سهى حربي رشدان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
نص رائع ويجمل كثيرا من الجمال
تحياتي لحرفك

قديم 07-28-2011, 09:32 AM
المشاركة 8
تركي عبد الغني
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
هذا شيء جميل

رائع

وأكثر

لك أيتها الدمشقية أسمى آيات الإكبار
والإعجاب

لقلم ينزف

بالحب

وبوركت والوطن

قديم 07-28-2011, 10:16 AM
المشاركة 9
ساره الودعاني
كاتبة وأديبة سعودية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي





تتأرجح الكلمات بين أصابعي كلاً على شوق لمجارات

حرفك وهو يجدل روعته على غصون الدالية

وتحتار عيني اي عنقود هو الذي سيحضى باقتطافه أولا؟

الأستاذة ريم بدر الدين

يانعة تلك الد والي

وخصبة تلك الأرض التي هيجتك الذكرى لها

فتسلقت بجمال أخذ تلك الدوالي..







خُــلــقــت حــواء مـــن ضـــلــع { آدم }

لــذلــك { هـــي } لا تـــشـــعــــر بـــالأمــــن حـــتـــى

يــــضـــع رأســهـــا عــــلـــى صــــدره !!!
قديم 07-28-2011, 10:26 AM
المشاركة 10
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ظهر الجمال فسكتت الأفواه وارتقت القلوب . .
هنا جمال كالدرر منسكب كشلال ربيعي في غابة خضراء . .
ولكنها غابة سورية في حارة دمشقية . . ملآنة بالأصالة وعبق الأنسام . .

تحية من القلب لهذا البوح المبارك . .

ريم المنابر . .

كتبت فأجدت . . فشكراً لك . .

تحيتي وتقديري . .
دام يومك سورياً دمشقياً . .

** أحمد فؤاد صوفي **


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: دوالي دمشقية..
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
نوافذ دمشقية ..تأريخ شخصي لمدينة لا تموت ريم بدر الدين منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 13 03-02-2015 04:10 AM
بسمة حزن دمشقية محمد فجر الدمشقي منبر البوح الهادئ 10 09-12-2012 06:24 PM

الساعة الآن 03:47 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.