احصائيات

الردود
15

المشاهدات
3774
 
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


إمتنان محمود is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
56

+التقييم
0.03

تاريخ التسجيل
Sep 2018

الاقامة

رقم العضوية
15674
06-10-2019, 06:11 PM
المشاركة 1
06-10-2019, 06:11 PM
المشاركة 1
افتراضي الجزء الخامس
الجزء الخامس
المقبره

(جنوب غرب آريزونا) تخدم كمقبره مثاليه للطائرات.
فلديها مناخ جاف,صافى و تقريبا عديم الضباب,مما يساعد على تقليل التتآكل.
لديها تربه قلويه صلبه للغايه فيمكن للطائرات أن تُقطر و تقف على سطحها دون أن تغرس...

مقبره الطائرات ليست فقط عباره عن سياج حول هياكل الطائرات و أكوام من خرده المعادن.
بل,قطع غيار تساوى ملايين الدولارات يتم استخراجها لإبقاء الطائرات السليمه طائره...

_جو زينتنر,”مقابر الطائرات,”
desertusa.com


32-الأدميرال

الشمس المتوهجه تُحمص أرض أريزونا فى النهار و تغطس الحرارة فى الليل.
أكثر من ربعمائه طائرة من كل عصر فى تاريخ الطيران تلمع فى حرارة تلك الشمس.
من على ارتفاع بعيد, صفوف الطائرات تبدو شبيهه بخطوط المحاصيل, حصاد تكنولوجيا مهجوره.

#1) لقد وصلتهم هنا بفعل الضروره. أنتم باقون هنا بالاختيار.

من هذا الارتفاع ليس بإمكانك رؤيه أن بعض تلك الطائرات المركونه مأهوله. ثلاثه و ثلاثون ,للدقه..أقمار التجسس الصناعيه بإمكانها اكتشاف النشاط, لكن اكتشافه و ملاحظته أمران مختلفان.

محللوا الاستخبارات المركزيه الأمريكيه لديهم أمور ملحه أكثر من البحث عن حفنه من المتفككون اللاجئون.
هذا ما يعتمد عليه الأدميرال... لكن فقط كاحتياط,فالقوانين فى المقبره صارمه.
كل الأنشطه تحدث إما فى الطائره أو تحت أجنحتها,مالم يكن الأمر ضرورى للغايه للذهاب فى العلن. و الحراره تساعد فى تدعيم المرسوم.

#2) النجاة أكسبتكم الحق فى أن يتم احترامكم.

الأدميرال لا يمتلك المقبره بالتحديد,لكن إدارته غير مدحوضه,و هو لا يتبع أى شخص سوى نفسه.

خليط من حس الأعمال و المصالح المتبادله و شخص عسكرى على استعداد أن يفعل أى شئ ليتخلص منه, هو ما جعل صفقه جيدة كتلك ممكنه.

#3) طريقتى هى الطريقة الوحيدة.

المقبرة هى عمل مزدهر. يشترى الأدميرال الطائرات المُفككه و يبيع أجزائها,أو حتى يبيعها كقطعه واحدة.
أغلب العمل يتم على الإنترنت.. الأدميرال يستطيع التحصل على حوالى طائره متقاعدة كل شهر. بالطبع, كل واحده تصل محمله بحموله سريه من المتفككين. هذا هو العمل الحقيقى للمقبرة, و العمل كان جيدا.

#4)حياتكم هى هديتى لكم.عاملوها كأنها كذلك.

المشترون, فى بعض الأحيان, يأتوا لمعاينه أو أخذ البضائع. لكن دائما ما يوجد العديد من التحذيرات.
من اللحظه التى يدخلوا بها البوابه,الساحه على بعد خمسه أميال. مما يعطى الأولاد أكثر من الوقت المطلوب للتخفى كأشباح داخل الآلات.

هذا النوع من الزوار المرتبطون بالعمل يأتوا تقريبا مره فى الأسبوع.
يوجد أُناس يتسائلون عما يفعل الأدميرال ببقيه وقته..يُخبرهم أنه يبنى محمية للحياه البريه.

#5) أنتم أفضل من هؤلاء اللذين كانوا سيفككونكم.ارتقوا للمرتبة.

يوجد فقط ثلاثه بالغين فى إمره الأدميرال... عاملان فى المكتب مقرهم فى مقطوره بعيدا عن المتفككين,و سائق طائره هيليكوبتر.
يُدعى الطيار كليفر, و هو لديه وظيفتين.الأولى: أن يحوم بالمشترون المهمين نحو الموقف بِرُقى.و الثانية: أخذ الأدميرال فى رحله حول المقبره مره اسبوعيا.

كليفر هو الموظف الوحيد الذى يعرف بقطيع المتفككين المختبئون فى أقصى الموقف.
هو يعرف, لكنه يتلقى أجرا أكثر من كافٍ ليبق صامتاً..و أيضا,الأدميرال يثق فى كليفر على نحو مطلق.
على الفرد أن يثق فى سائق طائرته الخاصه.

#6) كل من فى المقبرة يُساهم. دون استثناءات.

الشغل الحقيقى فى المقبره يقوم به المتفككون. يوجد فرق كامله مصممه خصيصاً لفك الطائرات, ترتيب الأجزاء, و تهيئتهم للبيع.

إنه تماما كأى ساحه خردوات, لكن على مقياس أكبر.
لا تُفكك كل الطائرات. البعض يبقى غير ملموس, إن اعتقد الأدميرال أن بإمكانه بيعهم كقطعه واحدة.
البعض تم إعادة تنظيمة كمقرات سكنية للأطفال اللذين هم _مجازيا و حرفيا_ تحت جناحة.

#7) تمرد المراهقة هو لأطفال مدارس الضواحى. تخطوا الأمر.

الأولاد مقسمون لفرق تناسب مهامهم و أعمارهم و احتياجاتهم الشخصيه. حياة كامله من الخبرة التى صنعت من بويف فى الجيش قوة قتالية مُحكمه قد هيأت الأدميرال ليُكون مجتمع فعال من أطفال غاضبين و مضطربين.

#8) صحرائى لن تحكمها الهرمونات.

الفتيات لا يتم ضمهم للأولاد أبداً.

#9) فى الثامنة عشر,تتوقفوا عن كونكم من اهتماماتى.

الأدميرال لديه قائمة بالقواعد العشر السامية,موضوعه فى كل طائرة حيث يعيش الأولاد و حيث يعملوا.
يُطلق عليها الأولاد (الوصايا العشر).هو لا يهتم بما يسموها, مادام كل واحد منهم يعرفها غيباً.

#10) اصنع شيئا من نفسك. هذا أمر.

إنه تحدى, إبقاء ما يقرب من أربعمائه طفل بصحة سليمة و فى الخفاء وقطعة واحدة.
لكن الأدميرال لم يُدر ظهره لأى تحدى من قبل. و حافزه لفعل ذلك, تماماً مثل اسمه, شئ يُفضل إبقائه لنفسه.!

33-ريسا

لدى ريسا, الأيام الأولى فى المقبرة قاسية و تبدو لو كأنها دائمه للأبد. إقامتها تبدأ بتمرين فى الذُل.

كل وافد جديد مطلوب منه أن يواجه محكمه ثلاثية: ثلاث أولاد فى السابعة عشر من العمر, جالسين وراء مكتب فى هيكل الطائرة الواسعة المفرّغ.
ولدان و فتاة. هؤلاء الثلاثة, بالانضمام إلى آمب و جييفز, الذى قابلته ريسا أول ما ترجلت من الطائرة, يُكونوا مجموعة خماسية من الصفوة يناديهم الجميع ب(الذهبيون),هم الخمسة الموثوق فيهم لدى الأدميرال, و بالتالى هم من يتولوا المسئولية.

بالوقت الذى يصلوا فيه لريسا, كانوا تعاملوا مع أربعين طفل بالفعل.
“اخبرينا عن نفسك” ,يقول الفتى على اليمين. فتى الميمنة, تُسميه, بما أنهم بعد كل شئ, فى مركب.”ماذا تعرفى, وماذا بإمكانك أن تفعلى؟”

آخر محاكمه ثلاثية خاضتها ريسا كانت هناك فى منزل الولاية, حين تم الحكم عليها بالتفكك. بإمكانها معرفه أن هؤلاء الثلاثه يشعرون بالملل و لا يهتمون بما ستقوله, مادام بإمكانهم الانتقال للفرد التالى.

تجد نفسها تكرههم, تماما كما كرهت المدير ذاك اليوم الذى حاول فيه شرح لماذا عضويتها فى الجنس البشرى قد تم فسخها.

الفتاة,التى تجلس فى المنتصف, بالتأكيد قرأت مشاعرها لأنها ابتسمت وقالت,:”لا تقلقى, هذا ليس اختبار, نحن نريد فقط أن نساعدك فى إيجاد المكان الذى ستنتمين إليه هنا.”
هو شئ غريب لقوله, بما أن عدم الانتماء هو مشكله كل المتفككين.!

تأخذ ريسا نفس عميق.:”كنت طالبة موسيقى فى بيت الولاية,”تقول, ثم فورا تندم على اخبارهم أنها من منزل ولاية , فحتى ضمن المتفككين فيوجد تحيز و ترتيب للنقر*. بالتأكيد ففتى الميمنه يميل للوراء, و يعقد ذراعية فى اعتراض واضح, لكن فتى اليسار يقول:”أنا وارد أيضا.منزل ولاية فلوريدا رقم 18.”
“أوهيو 23.”
“ما الأداه التى عزفتى عليها؟” تسأل الفتاة.
“البيانو.”
“آسف,” يقول فتى الميمنه,”لدينا ما يكفى من الموسيقيين, ولا طائرات تأتى ببيانو.”
“النجاه قد أكسبتنى الحق فى أن أُحترَم,” تقول ريسا,:” أليس ذلك واحد من قواعد الأدميرال؟ لا أعتقد أنه سيحب اسلوبك.”
يرتبك فتى الميمنة,:”هلا فقط انتهينا من هذا؟”
تعرض الفتاة ابتسامه معتذرة,:”بقدر كراهيتى باعترافى للأمر إلا أنه هنا و الآن, يوجد أشياء أخرى نحن بحاجتها قبل فنان موهوب. ماذا أيضا بإمكانك فعله؟
“فقط اعطينى وظيفة و سأفعلها” تقول ريسا, محاوله الانتهاء من الأمر.:”هذا ما ستفعلونه على أيه حال,صحيح؟”
“حسنا,هم دائما يحتاجون المساعده فى المطبخ,” يقول فتى الميمنه:”خصوصا بعد الوجبات.”
الفتاه تنظر لريسا نظره طويله مترجيه,ربما تأمل أن ريسا ستأتى بشئ آخر أفضل لنفسها, لكن كل ما تقوله ريسا هو :“حسنا. غسل الصحون. هل انتهيت هنا؟”
تلتفت لتغادر,باذله وسعها لإطفاء تقززها. الفتى التالى يأتى بينما تتجه للخارج. يبدو بشعاً. أنفه متورم و بنفسجى. قميصه غارق بالدماء الجافه,و فتحتا أنفه بدأتا فى النزيف مجددا.
ماذا حدث لك؟”
ينظر إليها,و يرى من هى و يقول:”صديقك .. هذا ما حدث لى. و سوف يدفع الثمن.”

بإمكان ريسا أن تسأله عشرات الأسئله حول هذا,لكن الفتى ينزف على قميصه, و الأولويه الأولى هى إيقاف النزيف. يُرجع رأسه للوراء.
“لا”, تخبره ريسا.:” مِل للأمام, و إلا ستختنق بدمك.”
يستمع الفتى. القضاه الثلاثه يأتوا من خلف مكتبهم ليروا ماذا بإمكانهم فعله, لكن ريسا قد سيطرت على الأمر.
“اضغط عليه هكذا” تقول له,:”عليك أن تكون صبورا مع تلك الأشياء.”و تُظهر للفتى تحديدا كيف يقرص أنفه ليُوقف تدفق الدم. ثم, ما أن توقف النزيف, فتى الميسرة يأتى إليها و يقول,:”عمل جيد.”
و يتم ترقيتها مباشرة من غاسله للأطباق إلى مُسعفة.
طريف, الأمر فعله كونر بطريقه غير مباشرة, كونه هو الذى كسر أنف ذاك الفتى فى المقام الأول.


أما بالنسبه للفتى ذو الأنف النازف, فيتم تكليفه بغسل الأطباق.

***

الأيام القليله الأولى, محاوله التصرف كما لو أنك مُسعف حقا بدون أى تدريب حقيقى شئ مرعب .. يوجد أولاد آخرون فى الطائره الطبية اللذين يبدو أنهم يعرفوا أكثر بكثير, لكن سرعان ما تُدرك أنه قد تم رميهم فى الأمر حين وصلوا تماما مثلها.

“ستبلين حسنا. أنتِ مُسعفة بالفطرة.” يُخبرها المُسعف الأكبر, الذى فى السابعه عشر. هو على حق ,ما أن تتعود على الفكرة, التمكن من الإسعافات الأولية, الأمراض الأولية,وحتى تقطيب الجراح الصغيرة يُصبح مألوف لديها كعزف البيانو.

تبدأ الأيام فى المرور بسرعه, وقبل أن تُدرك الأمر, مر على وجودها هنا شهر. كل يوم يمر يزيد من إحساسها بالأمن.
الأدميرال كان طير شارد,لكنه فعل شئ لم يتمكن أحد من فعله لها منذ مغادرتها لمنزل الولاية.

لقد أعاد لها أحقيتها فى الوجود.

34-كونر

تماما كريسا, يجد كونر تخصصه بالصدفة. لم يعتبر كونر نفسه قط ماهر ميكانيكياً, لكن يوجد أشياء قليلة يستطيع تحملها بصوره أقل من حفنه من الأغبياء واقفين بالأرجاء ناظرين لشئ لا يعمل و يتسائلوا من سيُصلحه.
خلال الأسبوع الأول,بينما كانت ريسا بعيده تتعلم كيف تكون طبيبه ماهرة مزيفة استثنائية, يُقرر كونر أن يكتشف كيفيه عمل وحدة مبرد هواء منكسرة, ثم يجد قطع غيار من أحد أكوام الخردة و يجعلها تعمل مجدداً.

قريبا يُدرك أنه نفس الشئ مع بقيه الأشياء المُعطله التى يصادفها. بالتأكيد, قد بدأ الأمر بالتجريب و الخطأ, لكن الأخطاء قلت مع مرور الأيام. يوجد العديد من الأولاد المدّعين أنهم ميكانيكون, وهم جيدون حقا فى تفسير لماذا لا تعمل الأشياء, كونر .. على الجانب الآخر, يُصلحهم بالفعل.!

ما يجعله يُنقَل من خدمة النفايات إلى طاقم التصليحات, وبما أنه يوجد أشياء لا حصر لها تحتاج للتصليح, فييقى تفكيرة منشغلاً عن أشياء أخرى....
كمدى قله رؤيته لريسا فى عالم الأدميرال المُنظم بشده.. و كيفيه تقدم رونالد فى سلم الرتب الاجتماعيه للمكان.

رونالد استطاع أن يوفر لنفسه واحده من أفضل المهام فى المقبرة.باستخدام الأساليب التلاعبية وتقديم الكثير من الإطراءات, تم اعتباره كمساعد الطيار. غالبا, هو فقط يُبقى الهيليكوبتر نظيفة ومزوده بالوقود, لكن المهمه تفوح منها رائحه التدريب.

“هو يُعلمنى كيف أُحلق بها” ,هكذا سمع رونالد يُخبر حفنه من الأولاد الآخرون فى أحد الأيام.
يقشعر كونر للتفكير أن رونالد يتحكم فى هيليكوبتر, لكن أولاد كُثر مبهورين برونالد .. فعمره يعطيه التفوق, وتلاعباته تُكسبه إما الخوف أو الاحترام من عدد مذهل من الأخرين.
يستمد رونالد طاقته السلبيه من الأولاد الآخرين حوله, ويوجد العديد من الأولاد هنا من أجله ليستمدها منهم.

التلاعب المجتمعى ليس أحد قوى كونر, حتى ضمن فريقه الخاص, فهو إلى حد ما كاللغز. الأولاد يعرفون وجوب عدم تخطيهم عليه,لأن لديه تحمل ضئيل للغباء و المضايقة.لكن لايوجد أحد يريدونه أن يكون بجانبهم مثل كونر..

“الناس تحبك لأنك تمتلك نزاهه” ,يُخبره هايدن,:”حتى حينما تكون حقير,”
كونر عليه أن يضحك على هذا.هو؟ نزاهه؟.. كان يوجد العديد من الناس فى حياة كونر سيُفكروا بشكل مختلف.
لكن على الجانب الآخر,فهو يتغير. كان يدخل فى شجارات أقل, ربما لوجود مساحه أكبر ليتنفس هنا عما كانت فى المستودع. أو ربما كان يُعمل عقلة بما يكفى ليضع اندفاعاته فى المسار الصحيح.

الكثير من هذا يعود لريسا, لأن فى كل مره يُجبر نفسه على التفكير قبل التصرف, إنه صوتها الذى يكون فى عقلة, يُخبرة أن يتمهل.
هو يريد أن يخبرها. لكنها دائما مشغولة فى النفاثة الطبية.. و أنت لا تذهب لشخص من العدم و تقول,(أنا شخص أفضل لأنك فى عقلى.)!

مازلات أيضا فى عقل رونالد, و هذا يُقلق كونر.
فى البدايه ريسا كانت أداه لاستفزاز كونر نحو شجار, لكن الآن رونالد يراها كجائزة .. الآن, بدلا من استخدام قوته العجماء ضدها,فهو يحاول أن يفتنها فى كل فرصه.

“أنتى لا تقعين فى حبه,أليس كذلك؟”يسألها ذات يوم, فى واحده من المناسبات النادره التى يتحصل عليها وحدها.
“سأتظاهر أنك لم تسأل هذا” ,تُخبره بتقزز. لكن لدى كونر أسباب ليتسائل.
“فى الليله الأولى هنا, هو عرض عليكى بطانيته و أنتى قبلتيها” ,يُوضح كونر.
“فقط لأنى عرفت أن هذا سيجعله يبرد.”
“و حين عرض عليكى طعامه,أخذتيه”
“لأنه عنى أنه سيغدو جائعاً.”

إنه مُبرر ببرود. يجده كونر مذهلا أن بإمكانها إبعاد مشاعرها و التصرف بحساب كرونالد. متغلبه عليه فى لعبته.
سبب آخر لكونر ليُعجب بها.

***

(نداء العمل)!
يحدث مره كل أسبوع تحت قبة التجمع. المكان الوحيد فى المقبرة بأسرها التى ليست جزءا من طائره, والمكان الكبير الوحيد الذى بإمكانه استيعاب كل الأربعمائه ثلاث وعشرون طفل, نداء عمل.. فرصه للخروج للعالم الحقيقى. فرصه للحصول على حياة.. نوعا ما.!

الأدميرال لا يحضر أبدا, لكن يوجد تغطيه بالفيديوهات لقبة التجمع, تماما كما يوجد تغطيه فى الساحه بأكملها, لذا يعلم الجميع أنه يشاهد. سواء كانت كل كاميرا يتم متابعتها أم لا, لا أحد يعرف, لكن احتماليه أن تكون مراقب دائما موجوده.

كونر لم يهتم بالأدميرال فى أول يوم قابله فيه. و منظر كل تلك كاميرات المراقبة قصيرا بعد مقابلتة جعله يُعجب به بصوره أقل مما كان.
يبدو أن فى كل يوم يوجد شئ لإضافته إلى شعورة العام بالقرف نحو الرجل.

آمب يقود نداء العمل بمكبر صوته ولوحه إعلانات.
“رجل فى أوريجان يحتاج فريق من خمس أفراد لقطع بضع الآكرات من الغابه” يُعلن آمب,:”ستحصل على غرفه ووجبة,وستتعلموا استخدام أدوات المهنه.ستأخذ المهمه بضعة أشهر, و فى النهاية ستحصلوا على هويات جديده. هويات ذات ثمانيه عشر سنه.”

آمب لا يُخبرهم بالراتب, لأنه غير موجود .. مع هذا,فالأدميرال يتم الدفع له,يُدفع له سعر شراء.

“أى متطوعين؟”
يوجد دائما متطوعين ,بالتأكيد فعلا,أكثر من دسته من الأيادى ترتفع.أولاد فى السادسه عشر, غالبا.
من فى السابعه عشر قريبون جدا من الثامنه عشر فلا تستحق العناء,و الأولاد الأصغر مرتعبون جدا من المشهد.
“أبلغوا الأدميرال بعد هذا الاجتماع.هو سيصنع القرار النهائى بخصوص من سيذهب.”

نداء العمل يثير حنق كونر. هو لا يرفع يده أبدا, حتى لو كان أمرا قد يود بالفعل أن يفعله.:”الأدميرال يستغلنا” ,يقول للأولاد من حوله,”ألا ترون ذلك؟”

أغلب الأولاد فقط يهزون أكتافهم, لكن هايدن موجود,و هو لا يفوت أبدا فرصه ليضيف حكمته الخاصه للموقف.:”أُفضل أن أُستخدم كاملاً على أن أُستخدم كقطع” ,يقول هايدن.

ينظر آمب للوح الإعلانات و يرفع مكبر الصوت مجددا.”خدمات تنظيف المنزل” يقول,:”مطلوب ثلاثه,يُفضل الإناث. لا يوجد هويات مزوره, لكن المكان مؤمن و بعيد, مما يعنى أنك ستكون آمن من شرطه الأحداث حتى تصبح فى الثامنه عشر.”

كونر لا يريد حتى النظر,:”أرجوك اخبرنى أن لم يرفع أحد يده.”
“حوالى ست فتيات, جميعهم فى السابعه عشر,كما يبدو” يقول هايدن.:”أعتقد أن لا أحد يريد أن يكون فتاه منزل لأكثر من عام.”
“هذا المكان ليس مأوى,إنه سوق للعبيد.لماذا لا يرى أحد هذا؟”
“من قال أنهم لا يرونه؟ الأمر فقط أن التفكيك جعل النخاسه تبدو جيدة. إنه دائما أقل الشررين.”
“لا أرى لماذا يجب أن يكون هناك أى شرور على الإطلاق.”
بينما ينفض الاجتماع, يشعر كونر بيد على كتفه. يعتقد أنه لابد أن يكون صديق, لكنه ليس كذلك. إنه رونالد. مفاجئه مباغته, حتى يستغرق كونر لحظه ليتفاعل, يُبعد يد رونالد.:” أتريد شيئا؟”
“فقط نتحدث.”
“أليس لديك هيليكوبتر لتغسلها؟”
يبتسم رونالد لهذا.:”غسل أقل,طيران أكثر.كليفر جعلنى مساعدة الغير رسمى.”
“لابد أن لكليفر أمنية للموت.” لا يعلم كونر ممن هو مشمئز أكثر, رونالد أم الطيار لأنه خُدع على يديه.

ينظر رونالد على الحشد المتقلص,:”الأدميرال يمتلك بعض الاحتيالات تجرى هنا, أليس كذلك؟” يقول,:”أغلب الفشله هنا لا يهتمون. لكنه يُزعجك أليس كذلك؟”
“نقطتك؟”
“فقط أنك لست الوحيد الذى يعتقد أن الأدميرال بحاجه لبعض , إعاده التأهيل.”

كونر لا يعجبه إلام يرمى هذا الحديث.:”ما أعتقد بخصوص الأدميرال شئ يخصنى.”
“بالتأكيد هو كذلك. هل رأيت أسنانه بالمناسبة؟”
“ماذا عنهم؟”
“واضح جدا أنهم ليسو ملكه.أسمع أنه يحتفظ بصوره الفتى الذى حصل عليهم منه فى مكتبه. مُتفكك مثلنا,الذى بسببه,لم ينجو للثامنه عشره.يجعلك تتسائل ما المزيد منه يأتى منا ,يجعلك تتسائل ما إن تبقى أى شئ من الأدميرال الأصلى على الإطلاق.”!
تلك معلومات كثيره للغايه ليستوعبها هنا و الآن,و باعتبار المصدر, كونر لا يريد أن يستوعبها نهائيا. لكنه يعرف أنه سيفعل.
“رونالد, دعنى أجعل هذا واضحا لك بقدر استطاعتى. أنا لا أحبك. أنا لا أريد أن يكون لى أى علاقه بك.”
“لا أطيقك أيضا,” يقول رونالد,ثم يشير نحو طائرة الأدميرال.:”لكن حاليا, نتشارك نفس العدو.”

مشى رونالد بعيدا قبل أن يلاحظ أحدهم محادثتهم, تاركا كونر بثقل فى معدته. مجرد فكره أنه و رونالد بأى شكل قد يكونا على نفس الجانب تجعله يشعر كما لو أنه ابتلع شيئا نتنا.

***

ظلت البذره التى زرعها رونالد فى عقل كونر تنمو لأسبوع, إنها أرض خصبه, لأن كونر كان بالفعل لا يثق فى الأدميرال. والآن, فى كل مره يرى فيها الرجل. يلاحظ كونر شيئا.
أسنانه مثالية, ليست أسنان بطل حرب متقاعد.
الطريقه التى ينظر بها للناس, ناظرا داخل أعينهم, كما لو كان يُصنف تلك العيون, يبحث عن زوج ربما يلائمه.!,و أولئك الأولاد اللذين يختفو فى نداءات العمل, بما أنهم لا يعودوا أبدا, من سيعرف أين ذهبوا حقا؟ من يقول أنه لا يتم إرسالهم للتفكك؟

يقول الأدميرال أن هدفه هو إنقاذ المتفككين, لكن ماذا لو كان يمتلك أجنده مختلفه تماما؟

تلك الأفكار تؤرق كونر, لكنه لا يشاركها مع أى شخص, لأنه ما أن يفعل, فهذا يضعه فى تحالف مع رونالد, وهذا تحالف هو لا يريد أن يصنعه أبدا.

***

فى اسبوعهم الرابع فى المقبرة, بينما ظل كونر يبنى قضيته ضد الأدميرال فى عقلة, تصل طائرة.
إنها الأولى منذ نفاثة الفيدكس التى أحضرتهم لهنا,وتماما كتلك النفاثة,تلك الطائرة مليئه بحموله حيه.

بينما يوجه الذهبيون الخمسه الوافدون الجدد من طائرتهم, كان يعمل كونر على مولد معطل. ويراقبهم باهتمام طفيف بينما يمروا, متسائلا ما إن كان ضمنهم من هو أمهر منه ميكانيكيا و سوف يركله لمكان أقل إثارة للحسد!

ثم, نحو آخر صف الأولاد يوجد وجه يعتقد أنه يعرفه , شخص من موطنه؟ لا. شخص آخر .. و فجأة يعرف من هو.

إنه فتى كان متأكدا أنه قد تم تفكيكه منذ أسابيع ,إنه الفتى الذى اختطفه لمصلحته.

ليف!

كونر يُلقى بمفتاح البراغى و يجرى نحوه, لكن يملك زمام نفسه قبل أن يصل هناك, دافنا فيضانات مشاعره المختلطه تحت هيئه سير متئد.
هذا هو الفتى الذى خانه. هذا هو الفتى الذى أقسم مره على عدم مسامحته. و مع ذلك, فمجرد التفكير أنه قد تفكك كانت فكرة يصعب جدا تحملها.
لكن ليف لم يتفكك, ها هو هنا تماما, يسير مبتعدا عن طائره المؤن.

كونر متحمس. كونر مشطات ..
لا يراه ليف بعد, وهذا لا بأس به, لأن هذا يعطى كونر بعض الوقت ليستوعب ما يرى.
هذا ليس العُشر المهندم الذى سحبه من سيارة والديه منذ أكثر من شهرين.
هذا الفتى يملك شعر طويل, أشعث ويبدو مظهره مُقوى.
هذا الفتى ليس فى ملابس عُشره البيضاء ,بدلا يرتدى جينز مقطع و تيشيرت أحمر قذر.
يريد كونر أن يدعه يمر, فقط ليحظى بالوقت ليُعالج الصوره الجديدة, لكن يراه ليف, و يُعطيه ابتسامه على الفور.
هذا أيضا مختلف.. لأن فى الوقت الضئيل الذى عرفا بعضهما فيه, ليف لم يكن قط مسرورا بوجود كونر.

ليف يخطو تجاهه.
“ابق فى الخط!” يأمر آمب.:”طائرة المؤن من هذا الطريق.”

لكن كونر يشير لآمب ناهيه :“لا بأس.. أنا أعرف هذا الشخص.”
آمب يستسلم مجبراً.:”تأكد أن يصل لطائرة المؤن”, ثم يعود لقياده الآخرين.

“إذا, كيف الأمور؟” يقول ليف. فقط هكذا.. (كيف الأمور). قد تُفكر أنهم كانوا أصدقاء منذ عطله الصيفيه.
كونر يعلم ما عليه فعله.إنه الشئ الوحيد الذى سيجعل الأمور صحيحه بينه و بين ليف.
مره أخرى, هو فعل غريزى بدون وقت للفكر.
غريزى, ليس غير عقلانى. مشوب بالعاطفه, لكن ليس متهور ..كونر الآن أصبح يعرف الفرق.

يندفع و يلكم ليف فى عينه. ليس بقوه كافيه ليصرعه أرضا, لكن بقوه كافيه ليُرسل رأسه ملتفا و يُسود له عينه.
قبل أن يستطيع ليف الرد, يقول كونر,:”هذا لأجل ما فعلته لنا” .ثم, قبل أن يجيبه ليف, يفعل شيئا آخر مُفاجئ و غير متوقع .. يسحب ليف نحوه و يحضنه بقوة.. كما حضن أخاه الصغير السنه الماضيه حين فاز بالمركز الأول فى المباراه الخماسيه للمقاطعة ,:“أنا حقا, حقا سعيد أنك حى يا ليف.”
“أجل ,أنا ..أيضا”
يترك ليف قبل أن يُصبح الموقف غريبا, وحين يفعل, يستطيع رؤيه أن عين ليف بدأت بالتورم بالفعل. و تخطر بباله فكرة.
“هيا.. سآخذك للطائره الطبية. أعرف شخصا سيهتم بتلك العين

______________________________
ترتيب للنقر : يوجد ترتيب يُتبع فى الدجاج للحصول على الطعام, يعنى يوجد درجات اجتماعية.


قديم 06-11-2019, 02:16 PM
المشاركة 2
حسام الدين بهي الدين ريشو
مشرف منبر بـــوح المشـاعـر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء الخامس
نتابع معك
بكل الالتفات
الى هذا السرد الراقي
تحيات تليق

قديم 06-13-2019, 08:54 AM
المشاركة 3
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء الخامس
نتابع معك
بكل الالتفات
الى هذا السرد الراقي
تحيات تليق
شكرا لكنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

قديم 06-13-2019, 09:00 AM
المشاركة 4
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء الخامس

ليس حتى لاحقا فى تلك الليلة حتى يُدرك كونر مدى تغير ليف. كونر يُوقظ فى وقت ما من الليل. يفتح عينه ليجد ضوء كشاف فى وجهه, قريب للغايه لدرجه الوجع.
“يااه, ما هذا؟”
“ششش,” يقول صوت من خلف المصباح,:”أنا ليف.”

ليف مُفترض أن يكون فى طائره الوافدين الجدد, هناك يذهب كل الأولاد حتى يتم تصنيفهم لفرقهم , يوجد أوامر صارمه بألا يخرج أحد فى الليل.
لكن واضحا أن ليف لم يعد ذاك الفتى المقيد بالقواعد.
“ماذا تفعل هنا؟” يقول كونر,:”هل تُدرك مدى الورطه التى قد تكون فيها؟” مازال لا يرى وجه ليف وراء ضوء الكشاف.
“لقد ضربتنى فى الظهيرة,” يقول ليف.
“لقد ضربتك لأننى أدين لك بهذا.”
“أعرف, لقد استحققته, ولذلك لا بأس” يقول ليف,:” لكن إياك أن تضربنى مجددا و إلا ستندم عليها.”
بالرغم أن كونر لا يملك أى نيه لضرب ليف مجددا أبدا, فهو لا يستجيب للإنذارات بصوره جيده,:“سأضربك,” يقول كونر,”إن استحققت الضرب.”
صمت من وراء الكشاف. ثم يقول ليف,:”عادل بما يكفى. لكن من الأفضل لك أن تتأكد أنى أستحقه.”

ينطفئ الضوء ويرحل ليف.
لكن كونر لا يستطيع النوم. كل مُتفكك لديه قصه لا تريد أن تعرفها. يفترض الآن أن ليف يمتلك خاصته.

***

الأدميرال يستدعى كونر بعد يومين , من الواضح أن لديه شيئا بحاجه لتصليح. مقرة هو طائره 747 قديمه كانت تستخدم فى القوات الجويه الرئاسية قبل سنوات من ولاده أى من الأولاد هنا.

تم إزاله المحرك وتم الدهن فوق الختم الرئاسى, لكن مازال بإمكانك رؤيه ظل الشعار تحت الطلاء.

يصعد كونر السلالم بحقيبه من الأدوات,آملا أيا ما كان الأمر,أن يستطيع الدخول و الخروج بسرعه.
تماما ككل الآخرين, فهو يمتلك فضول سقيم ناحيه الرجل, ويتسائل كيف تبدو طائره رئاسيه قديمه من الداخل. لكن الوجود تحت تدقيق الأدميرال يخيفه حد الرعب.

يخطو داخل المقصوره ليجد ولدان يرتبان الأشياء. هم أولاد لا يعرفهم كونر و أصغر منه. اعتقد أن الذهبيون قد يكونوا هنا, لكنهم ليسوا فى مجال الرؤيه. أما بالنسبه للطائرة, فهى لا تقرب الفخامه التى توقعها كونر. المقاعد الجلديه بها تمزقات, السجادة تكاد تكون مهترئه. تبدو أقرب إلى منزل متنقل قديم عن كونها طائره رئاسية.
“أين الأدميرال؟”
يظهر الأدميرال من الخبايا العميقه للطائرة. على الرغم من كون عينى كونر مازالت تتأقلم على الضوء, يستطيع رؤيه أن الأدميرال يحمل سلاحا.
“كونر! أنا سعيد أنك استطعت الوصول.”
يجفل كونر لمنظر السلاح, وبواقع أن الأدميرال يعرفه بالاسم.
“إلام تحتاج هذا؟” يسأل كونر,مشيرا للمسدس.
“فقط أنظفه.”يقول الأدميرال.
يتعجب كونر من سبب وجود الذخيرة فى مسدس كان ينظفه, لكن يقرر أنه من الأفضل ألا يسأل.
يضع الأدميرال المسدس فى درج و يوصده. ثم يُرسل الولدان بعيدا و يغلق المقصوره ورائهم.
هذا هو تماما نوع الموقف الذى أخاف كونر بشده,وباستطاعته الشعور بدفعه من الأدرينالين تبدأ فى التسلل لأصابع يده و قدمه. وعية يتقد.
“أتريدنى أن أصلح شيئا سيدى؟”
“نعم أريد, صانعه القهوه.”
“لماذا فقط لا تأخذ واحده من الطائرات الأخرى؟”
“لأن.” يقول الأدميرال بهدوء,:”أنا أُفضل أن أُصلح هذه الواحدة.”
يرافق كونر عبر الطائرة, التى تبدو أنها أكبر من الداخل عن الخارج,ممتلئه بالكابينات,و غُرف الاجتماعات والمكتبات.
“أتعرف, كثيرا جدا ما يُسمع اسمك”,يقول الأدميرال.
تلك أخبار بالنسبه له, و ليست أخبار للترحيب أيضا,:”لماذا.؟”
“أولا, لأجل الأشياء التى تُصلحها, ثم لأجل القتالات.”

يستشعر كونر بمجئ تأنيب .. صحيح أنه حظى بقتالات هنا أقل من المعتاد, لكن الأدميرال هو رجل ذو احتماليه صفريه,:”آسف بسبب القتالات.”
“لا تكن. أووه,لا يوجد شك أنك مدفع رخو, لكن فى أغلب الأحيان فأنت مُوجه للاتجاه الصحيح.”
“لا أعرف ماذا تعنى, سيدى.”
“مما أراه, فكل قتال تورطت به قد حل مشكله ما أو غيرها. حتى القتالات التى تخسرها. لذا, حتى حينها, أنت تُصلح الأشياء.”
و يعرض لكونر تلك الابتسامه بيضاء الأسنان. ارتعش كونر. يحاول أن يخفيها, لكنه متأكد أن الأدميرال لاحظ.

يصلوا لغرفه طعام صغيره و مطبخ.
“ها نحن ذا,” يقول الأدميرال.
مُعدة القهوه تسكن على الطاوله. إنها جهاز بسيط .. كونر كان على وشك أن يُخرج مفك ليفتح ظهرها حين يلاحظ أنها ليست موصوله بالكهرباء.
و حين يضع المقبس, يضئ النور,و تبدأ فى بقبقه القهوة فى البراد الزجاجى الصغير.

“حسنا, ماذا عن هذا”,يقول الأدميرال, بابتسامه من ابتساماته الرهيبه.
“أنا لست هنا لأجل معدة القهوه, أليس كذلك؟”
“فلتجلس.”
“أُفضل ألا أفعل.”
“مع ذلك,فاجلس.”

هنا حيث يرى كونر الصوره .. يوجد عده صور على الجدار,لكن التى تجذب انتباه كونر بها فتى مبتسم تقريبا فى نفس عمره. الابتسامه تبدو مألوفه,فى الواقع, هى تبدو تماما كابتسامه الأدميرال.
تماما كما قال رونالد!

الآن كونر يريد الهرب, لكن صوت ريسا فى عقله مجددا, يخبره أن يراجع خياراته.
بالتأكيد بإمكانه الهرب, لكن فتح باب المقصوره لن يكون سهلا.
بإمكانه ضرب الأدميرال بأحد أدواته. هذا قد يعطيه الوقت الكافى ليهرب,لكن أين سيذهب؟ بعد المقبره يوجد فقط صحراء ,و صحراء ,و صحراء أكبر. فى النهايه يكتشف أن أفضل خياراته هو كما قال الأدميرال.. (أن يجلس.)
“أنا لا أعجبك, أليس كذلك؟” يسأل الأدميرال.
لا يُلاقى كونر نظرته,:”لقد أنقذت حياتى بإحضارى لهنا...”
“أنت لن تتجنب الإجابه على هذا السؤال ,أنا لا أعجبك أليس كذلك؟”
يرتجف كونر مجددا, و تلك المره كونر لا يحاول حتى أن يخفيها,:”لا يا سيدى, أنت لا تعجبنى.”
“أريد أن أعرف أسبابك.”
يُخرج كونر ضحكة كئيبه كإجابه.
“أنت تعتقد أننى تاجر عبيد” ,يقول الأدميرال,:” و أنى أستخدم هؤلاء المتفككون لمنفعتى الخاصه؟”
“إن كنت تعرف ما سأقول,لماذا تسألنى؟”
“أريدك أن تنظر إلى.”
لكن كونر لا يريد أن يرى عينى الرجل.. أو, بدقه أكبر, لا يريد للأدميرال أن يرى عينيه.
“قلت انظر إلى!”
على مضض, يرفع كونر نظره و يثبته على الأدميرال,:”أنا أنظر.”
“أنا أصدق أنك ولد ذكى.والآن اريدك أن تفكر. فكر!أنا أدميرال ديكتاتور للبحريه الأمريكيه. أتعتقد أننى أحتاج بيع الأطفال لكسب المال؟”
“لا أعلم”
“فكر! هل أهتم بشأن المال و الأشياء المسرفة؟ أنا لا أسكن فى قصر,لا أذهب لأجازات فى جزر استوائية. أقضى وقتى فى هذه الصحراء النتنه, و أعيش فى طائرة متعفنه ثلاثمائه وخمس وستون يوما فى السنه.. لماذا تعتقد أنى أفعل هذا؟”
“أنا لا أعلم!”
“أعتقد أنك تعرف.”

الآن يقف كونر. وبرغم نبره الأدميرال, فهو يهابه بصوره أقل و أقل .. سواء كانت حكمه أو تهور, يُقرر كونر أن يُعطى الأدميرال ما يطلبه,:“أنت تفعله بسبب القوه. أنت تفعله لأنه يخولك أن تحتفظ بمئات الأولاد البؤساء فى راحه يدك ,وتفعله لأن بإمكانك انتقاء و اختيار من سيتم تفكيكه,و أى الأجزاء ستحصل عليها.”

تم مغافله الأدميرال بهذا الكلام وفجأه , أصبح مدافعا,:”ماذا قلت.”
“إنه واضح! كل الندبات.و تلك الأسنان! هى ليست التى وُلدت بها,أليس كذلك؟ لذا,ما هو الذى تريده منى. هل هى عيناى,أم أذنى؟ أو ربما يداى التى تستطيع تصليح الأشياء بجداره.ألهذا السبب أنا هنا؟ هل هو؟”

صوت الأدميرال أصبح كدمدمه وحش ضارِ,:”لقد تعديت حدودك.”
“لا, انت الذى تعدى الحدود” ,الحنق فى عين الأدميرال كفيل بإرعاب كونر, لكن مدفعه قد حُلّ, و تعدى مرحله الإغلاق.
“لقد أتينا لك فى يأس! و ما تفعله بنا , فاحش!”
“لذلك أنا وحش إذا!”
“نعم!”
“و أسنانى هى الدليل.”
“نعم!”
“إذا بإمكانك الحصول عليهم!”
ثم يفعل الأدميرال شيئا أبعد من الخيال. يمد يده داخل فمه و يمسك بفكه, و يُمزق أسنانه من فمه.
عيناه تخترق كونر,بينما يقذف الكتله الورديه الصلبه بيده على الطاوله, حيث تبعثرت لجزئين رهيبين.

يصرخ كونر مصدوما. كلها هناك, صفين من الأسنان البيضاء,طقمان من اللثات الورديه. لكن... لا يوجد دم. لماذا لا يوجد دم؟!,لا يوجد دم فى فم الأدميرال أيضا. وجهه يبدو كما لو أنه انكمش على ذاته.و فمه فقط فوهه مترهله مرنه.
لا يدرى كونر أيهم الأسوأ, وجه الأدميرال, أم الأسنان عديمه الدم!
“اسمهم دينتروس”,يقول الأدميرال.”اعتادت أن تكون شائعه فى الأيام ما قبل التفكيك ,لكن من يريد أسنان مزيفه فى حين بإمكانك الحصول على أسنان حقيقيه بنصف الثمن, مباشره من متفكك صحى؟ اضطررت أن أطلب صناعتهم فى تايلاند. لا أحد يصنعها هنا بعد الآن.”
“ أنا... أنا لا أفهم....” ينظر كونر للأسنان المزيفة ويُحرك رأسه تقريبا لاإراديا نحو صوره الفتى المبتسم.
يتبع الأدميرال نظرته,” هذا”, يقول الأدميرال,”كان ابنى. أسنانه بدت تماما مثل أسنانى فى هذا العمر, لذا صمموا الدينتروس باستخدام سجلات أسنانه.”

إنه مدعاه للراحه أن يسمع تفسير آخر غير الذى قدمه رونالد,:”أنا آسف”.

الأدميرال لا يقبل أو يرفض اعتذار كونر,:”المال الذى أحصل عليه من وضع المتفككين فى أماكن للخدمات يستخدم لإطعام الآخرين المتبقين, و للدفع مقابل المنازل الآمنه و المستودعات التى تبعد المتفككين الهاربين من الشوارع. يدفع مقابل الطائرات التى تحضرهم لهنا, و يرشى أى شخص يحتاج للرشوه حتى ينظر للاتجاه الآخر. بعد كل هذا, المال الذى يتبقى يذهب لجيب كل متفكك فى اليوم الذى يكملوا فيه الثامنه عشر و يتم إرسالهم إلى هذا العالم عديم الرحمة. لذا كما ترى,ربما أكون, طبقا لتعريفك للكلمه, تاجر عبيد...لكنى لست الوحش الذى تخالنى عليه.”

ينظر كونر للأسنان التى مازالت ساكنه هناك,تلمع على الطاولة. يفكر فى حملهم و إعادتهم للأدميرال كمبادرة سلام, لكن يُقرر أن المفهوم ببساطه مُقزز للغايه.
فيدع الأدميرال يفعلها بنفسه.

“هل تصدق الأشياء التى أخبرتك بها اليوم؟” يسأل الأدميرال.
يُفكر كونر فى الأمر, لكن يجد بوصلته مرتبكه, الحقائق و الإشاعات, الوقائع و الأكاذيب, كلها تدور فى عقله بجموح فلا يقدر على معرفه حقيقه أى شئ:”أعتقد ذلك.” يقول كونر.
“أعرف ذلك”,يقول الأدميرال,:” لأنك اليوم سترى أشياء أفظع من أسنان مزيفه لرجل عجوز. أحتاج أن أعرف أن ثقتى بك ليست فى غير محلها.”

***

على بعد نصف ميل, فى الممر أربعه عشر, المساحه اثنان و ثلاثين,تسكن طائرة فيديكس لم يتم تحريكها منذ تم قطرها هنا منذ أكثر من شهر.
جعل الأدميرال كونر يقود له عربه الجولف حتى الطائرة.لكن ليس قبل استعاده المسدس من الخزانة ك(إجراء احترازى).

تحت جناح الميمنه لطائره الفيديكس يوجد خمسه أكوام من التراب مُعلمه بشواهد قبر خشنه.
هؤلاء هم الخمسه اللذين اختنقو فى النقل. وجودهم هنا يجعلها مقبرة بحق.!

الباب للمخزن مفتوح ,ما أن توقفا يقول الأدميرال,:” تسلق للداخل و ابحث عن الصندوق رقم 2933. ثم عد مجددا,و سنتحدث.”
“أنت لن تأتى؟”
“لقد سبقتك.” و يناوله الأدميرال كشاف,:”ستحتاج لهذا.”

يقف كونر على سطح عربه الغولف, يتسلق نحو فتحه مستودع الحموله,و يفتح الكشاف. وفى اللحظه التى يفعل فيها,تأتيه رجفه من ذكرى. يبدو الوضع تماما كما كان منذ شهر. الحاويات المفتوحه وإيحاءات البول.
مشيمة وصولهم ... يمشى أعمق فى الطائرة,و يمر على الحاوية التى كان هو وهايدن وإمبى ودييجو فيها , وأخيرا يجد رقم 2933.
كانت من أوائل الحاويات التى تم تحميلها. بابها مفتوح قليلا. يسحبه كونر ليفتحه كاملا, ويضئ النور بالداخل.

حين يرى ما بالداخل, يصرخ و تلقائيا يترنح للوراء, مرتطما برأسه فى الحاويه التى خلفه.
كان بإمكان الأدميرال تحذيره, لكنه لم يفعل.

حسنا.. حسنا. أنا أعرف ما رأيت للتو, ليس بإمكانى فعل شئ حياله. ولاشئ بالداخل بإمكانه أذيتى. مع هذا, يأخذ وقت ليؤهل نفسه قبل أن ينظر مجددا.

يوجد خمسه أولاد موتى فى الحاوية.
جميعهم فى السابعه عشر من العمر.
يوجد آمب, وجييفز, بجوراهم كيفين وميليندا وراؤول, الأولاد الثلاثه اللذين وزعو المهام فى اليوم الأول لوصولهم.
جميع الذهبيون الخمسة.
لا يوجد أثار للدم, لا جروح. قد يكونوا جميعهم نيام لولا حقيقه أن عينى آمب مفتوحه و تحدق فى اللاشئ.!..
عقل كونر يهوى. هل فعل الأدميرال هذا؟ هل هو مجنون فى النهايه؟ لكن لماذا سيفعل؟ لا, لابد أنه شخص آخر.
حين يخرج كونر إلى النور, كان الأدميرال يُظهر احترامه للأطفال الخمسه المدفونون مسبقا تحت جناح الطائرة. يعدل شواهد القبور و يساوى أكوام التراب.
“لقد اختفوا البارحه. وجدتهم مُغلق عليهم فى الحاويه هذا الصباح” ,يقول له الأدميرال.:”لقد اختنقوا, تماما مثل الخمسه الآخرون. إنه نفس الصندوق.”
“من قد يفعل هذا؟”
“بالفعل, من؟”,يقول الأدميرال. مرضيا بشكل القبور, يلتفت لكونر,:”أيا من كان, فقد قتل أقوى خمس أولاد... مما يعنى أن من فعلوا هذا يريدوا أن يُخِلوا بمنظومه القوة هنا بشكل ممنهج, حتى يستطيعوا الصعود لقمتها بصوره أسرع.”

يوجد فقط متفكك وحيد يعرفه كونر قد يكون قادر على هذا.. لكن حتى مع هذا, فهو يجد صعوبه فى تقبل أن رونالد قد يفعل شيئا بتلك البشاعة..!

“كان من المفترض أن أجدهم”,يقول الأدميرال,:”لقد تركوا عربه الجولف هنا فى هذا الصباح حتى أعرف. لا تفهم الأمر بشكل خاطئ يا كونر, هذا فعل ينم عن الحرب. لقد قاموا بضربه جراحية*. هؤلاء الخمسه كانوا عينى و أذنى بين الأولاد هنا ... الآن, لا أمتلك شيئا.”
يأخذ الأدميرال دقيقه لينظر ناحيه الفتحة المظلمة,:”اليوم, أنت و أنا سنعود هنا لندفنهم.”

يبلع كونر ريقه لمجرد الفكرة.و يتسائل من أغضب فى السماء ليتم اختياره ليكون ملازم الأدميرال الجديد.
“سندفنهم بعيدا”,يقول الأدميرال,:”و لن نخبر أحد أنهم ماتوا. لأنه لو خرجت كلمه عن الأمر, فالجناه سيحظون بانتصارهم الأول. لو بدأ احدهم بالكلام.. و هم سيفعلوا, سنتتبع الإشاعات للطرف المذنب.”
“ثم ماذا؟” يسأل كونر.
“ثم ستتحقق العدالة.. لكن حتى حينها, يجب على هذا أن يكون سرنا.”
___
ضربة جراحية : مصطلح عسكرى يعنى دخول فرقة لأرض العدو لاستهداف أشخاص بعينهم بأقل قدر من الخسائر فى الأرواح و الممتلكات

بينما يقود كونر به عائدا لطائرته, يجعل الأدميرال عمله مع كونر واضحا.” أريد طاقم جديد من العيون و الأذان. شخص يبقينى جنبا إلى جنب مع أحوال الأمور بين المتفككين ,وشخص يتربص بالذئب فى القطيع. أنا أطلب منك فعل هذا لأجلى.”
“إذا تريد منى أن أكون جاسوس؟”
“على أى جانب تكون؟ هل أنت فى صفى أم صف أيا من فعل هذا؟”

الآن كونر يعرف لماذا أحضره الأدميرال هنا و غصبه ليرى هذا بنفسه.فهو شيئا ما أن تسمع, و شيئا آخر تماما أن تكتشف الجثث,يجعل الأمر واضحا بقسوه لكونر أين يجب أن يكمن تحالفه.

“لماذا أنا؟”كان على كونر أن يسأل.
يعطيه الأدميرال ابتسامته ناصعه البياض.”لأنك, يا صديقى.. أقل الشررين.”

***

فى الصباح التالى, أعلن الأدميرال أن الذهبيون تم إرسالهم لتنظيم منازل آمنه جديده. كونر يراقب رونالد لأى تعبير, ربما ابتسامه خفيفه, أو نظره خاطفه لأحد رفاقه. لكن لا يوجد شئ.
لا يُفصح رونالد عن أى شواهد توحى أنه يعرف حقا ما حدث لهم. فى الحقيقه, خلال اعلانات النهار كان يبدو غير مهتم و مشتت, كما لو أنه لا يستطيع الانتظار للانتهاء من يومه. و يوجد سبب وجيه لذلك..
فتدريبات رونالد مع كليفر, طائر الهيليكوبتر, قد ظهرت نتائجها. فخلال الأسابيع المنصرمه تعلم رونالد كيف يطير بالطائرة كمحترف, وحين لا يكون كليفر موجود فهو يعرض رحلات مجانيه لهؤلاء اللذين يعتقد أنهم يستحقوها. هو يقول أن كليفر لا يهتم, لكن الأقرب للصحه, انه فقط لا يعرف.

افترض كونر أن رونالد سيقدم الرحلات لدائره أتباعه المخلصين, لكن لم يكن الأمر هكذا. فرونالد يُكافئ العمل الجيد,حتى من الأولاد اللذين لا يعرفهم .. يُكافئ الولاء لفريقك الخاص, حيث يدع الأولاد يصوتون من يحظى بالفرصه ليطير أنحاء الساحه فى الهيليكوبتر. باختصار,رونالد يتصرف كما لو أنه هو القائد, ليس الأدميرال.

حين يتواجد الأدميرال, يزيف الخضوع, لكن حين يتجمع الآخرون حوله_و دائما ما يوجد أولاد متجمعون حوله_ يتخذ كل فرصه للطعن فى الرجل,:”الأدميرال لا يمكن مسه” سوف يقول.
“هو لا يعرف كيف هو الأمر أن تكون واحد منا.يستحيل أن يفهم من نحن و ما نحتاجه.”
وهو فى جماعات الأولاد قد انتصر بالفعل,يهمس بنظرياته حول أسنان الأدميرال, وندباته,ومخططاته الشيطانيه لهم جميعا..ينشر الخوف و التوجس, مستغلهم فى توحيد أكبر عدد ممكن من الأولاد.

على كونر أن يعض على شفتيه ليُبقى نفسه صامتا حين يسمع رونالد يثرثر..لأنه حين يتحدث دفاعا عن الأدميرال,حينها سيعلم رونالد على أى جهه من الخط يقف كونر.
***

يوجد طائرة استجمام فى المقبرة,بجوار خيمه الاجتماعات, بالداخل يوجد تلفزيونات و أجهزة الكترونية, وتحت أجنحتها يوجد طاولات بلياردو,و جهاز بينبول, وآثاث مريح لحد ما.

اقترح كونر أن يضعوا مرطب للهواء, حتى تظل المنطقه تحت الجناحات إلى حد ما بارده فى حرارة النهار .. لكن ما هو أهم, سيمكنه المشروع من أن يكون كذبابه على الحائط, مستمعا للأحاديث ويصنف الجماعات ويقوم بأعمال تجسسية عامة ,لكن المشكله تكمن أن كونر ليس أبدا ذبابة ,بدلا, فعمله يصبح مركز الاهتمام, يعرض الأولاد مساعدته كما لو أنه توم سوير يطلى سور.
جميعهم يظلوا يرونه كقائد بينما كل ما يريدة هو أن يتم تجاهله.!

هو سعيد أنه لم يخبر أحد أنه المدعى (هارب آكرون). فطبقا للشائعات الحالية, فهارب آكرون قد قضى على اسطول من رجال شرطه الأحداث,و تفوق بذكائه على الحرس الوطنى, وحرر نصف دسته من مخيمات الحصاد.!
هو يملك اهتمام كافى من الفتيه الآخرون بدون الحاجه للمنافسه ضد تلك السمعة.

بينما ينشغل كونر فى تركيب خط المياة, يُبقى رونالد عينه عليه من طاولة البلياردو. أخيرا يضع عصا البلياردو و يأتى له,:“أنت فقط نحله عامله دؤوب, أليس كذلك”,يقول رونالد,بصوت عالى بما يكفى ليسمع كل الأولاد من حوله.
يقف كونر على سلم نقال, يثبت أنابيب الترطيب على الجانب التحتى للجناح. مما يُعطيه رضى أن ينظر لرونالد من أعلى,:”أنا فقط أحاول أن أجعل الحياه أكثر سهوله”,يقول كونر,:”نحن نحتاج مرطب هنا.. لن نريد أن يختنق أحد فى تلك الحرارة.”

يُبقى رونالد وجه البوكر البارد,:” يبدو أنك الفتى الذهبى الجديد للأدميرال, الأن بعد غياب الآخرون” ,و ينظر حوله ليتأكد أنه حظى بانتباه الجميع,:” لقد رأيت أنك ذهبت لطائرته.”

“هو يحتاج لتصليح أشياء, لذا أصلحهم”,يقول كونر,:”هذا كل ما فى الأمر.”
ثم, قبل أن يستطيع رونالد أن يستمر فى استجوابه, يتحدث هايدن من عند طاوله البلياردو.

“كونر ليس الوحيد الذى يصعد لهناك”,يقول هايدن,:”يوجد أولاد يذهبون للداخل و الخارج طوال الوقت... أولاد مع طعام, أولاد ينظفون, و أسمع أنه غدا مهتم بشخص معين يتنفس من فمه ,جميعنا نعرفه و نحبه.”

كل العيون تتجه نحو إمبى,الذى أصبح كأحد ملحقات جهاز البينبول منذ وصوله ,:”ماذا؟”
“لقد صعدت لطائره الأدميرال, ألم تفعل؟” يقول هايدن,:”لا تنكر الأمر.”
“اذا؟”
“أذا, ماذا يريد؟ أنا متأكد أن جميعنا نريد أن نعرف.”
يرتبك إمبى, غير مرتاح كونه فى مركز اهتمام أى شخص,:”هو فقط أراد أن يعرف عن عائلتى و هكذا.”

هذه أخبار جديده على كونر.ربما الأدميرال يبحث عن شخص آخر لمساعدته فى كشف القاتل. حقيقى أن إمبى أقل إثاره للانتباه عن كونر, لكن الذبابه على الحائط لا يجب أن تكون حقا.. ذبابه على الحائط.!

“أنا أعرف ما الأمر,” يقول رونالد,:”هو يريد شعرك.”
“ليس حقيقى!”
“بلى.. شعره يتساقط,صحيح؟ و أنت لديك ممسحه جيده فوق رأسك. الرجل العجوز يريد أن ينزع فروه رأسك, ويرسل بقيتك للتفكيك!”
“اخرس!”

يضحك أغلب الأولاد .. بالطبع هى مزحه,لكن كونر يتسائل كم شخص يعتقد أن رونالد قد يكون على حق. إمبى بالتأكيد يشك بالأمر ,لأنه يبدو نوعا ما متقززا, مما جعل كونر غاضبا.
“هذا صحيح, ازعج إمبى” يقول كونر:”ارِ الجميع مقدار انحطاطك”,و ينزل السلم, مواجها رونالد فى عينيه,:”يااه, هل لاحظت أن آمب ترك مكبر صوته؟ لماذا لا تأخذ مكانه؟ أنت ثرثار, ستكون مثالى له.”

استجابه رونالد تأتى بدون أدنى ابتسامه,:”لم يُطلب منى.”

***

قديم 06-13-2019, 02:10 PM
المشاركة 5
حسام الدين بهي الدين ريشو
مشرف منبر بـــوح المشـاعـر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء الخامس
مازلنا معك
أديبتنا القديرة
مع امنيات التوفيق

قديم 06-14-2019, 04:12 PM
المشاركة 6
بتول الدخيل
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء الخامس
رائعة الرواية وجميلة جدا جدا امتنان

تدري وش صاب الخفوق!!..فيه بعض آثار شوق..وبه جروح وبه حروق..وبه سوالف لو تروق!!.وبه نزيف بالحنايا ..من فراقك .. يا هوى قلبي الصدوق

قديم 06-14-2019, 09:44 PM
المشاركة 7
تركي خلف
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء الخامس
مشكورة على الموضوع الرائع و المميز .. واصلي تالقك معنا في المنتدى بارك الله فيك أختي امتنان ... ننتظر منك الكثير من خلال ابداعاتك المميزة
لك منـــــــ اجمل تحية ــــــــــي

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الابتسامة هي قوس قزح الدموع

قديم 06-15-2019, 10:27 AM
المشاركة 8
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء الخامس
مازلنا معك
أديبتنا القديرة
مع امنيات التوفيق
رائعة الرواية وجميلة جدا جدا امتنان
مشكورة على الموضوع الرائع و المميز .. واصلي تالقك معنا في المنتدى بارك الله فيك أختي امتنان ... ننتظر منك الكثير من خلال ابداعاتك المميزة
لك منـــــــ اجمل تحية ــــــــــي

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
أشكركم على دعمكم المتواصل نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

قديم 06-15-2019, 10:39 AM
المشاركة 9
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء الخامس
فى تلك الليله, كونر و الأدميرال يعقدوا اجتماعا سريا فى مسكنه,يحتسوا القهوه من ماكينه كان يُشاع عنها أنها متعطله.
يتحدثوا عن رونالد و عن اشتباه كونر حوله,لكن الأدميرال ليس راضِ.

“أنا لا أريد شكوك, أريد دليل. لا أريد مشاعرك, أريد برهان”,يضيف الأدميرال من قنينة بعض الويسكى لقهوته.

حين ينتهى كونر من تقريره,ينهض ليغادر, لكن يوقفه الأدميرال. يصب لكونر فنجانا آخر من القهوه, الذى بالتأكيد سيبقيه مستيقظا طوال الليل. لكن حينها.. لم يكن سينام جيدا تلك الليله على أيه حال.!
“قله من الناس يعرفوا ما أنا على وشك أخبارك به”,يقول الأدميرال.
“لذا لماذا تخبرنى؟”
“لأن معرفتك به تخدم اهدافى.”
إنها اجابه صريحه, لكن مع ذلك فهى اجابه تخفى دوافعه. يتخيل كونر أنه حتما كان جيد جدا فى الحرب.
“حين كنت أصغر بكثير” يبدأ الأدميرال كلامه,:”حاربت فى حرب هيرتلاند. الندبات التى افترضت بوقاحه أنها ندبات عمليات زرع أتت من قنبله يدويه.”
“كنت على أى جانب؟”
يرد الأدميرال بتلك النظره الفاحصه التى يجيدها ببراعه,:”كم تعرف عن حرب هيرتلاند؟”
يحرك كونر كتفيه,:”لقد كانت الفصل الأخير فى كتاب التاريخ المدرسى,لكننا خضعنا لامتحان على مستوى الولايه ,فلم نصل إليه.”
يلوح الأدميرال بيده فى اشمئزاز,:“الكتب المدرسيه تغلف الحرب بالسكر على أيه حال, لا أحد يريد أن يتذكر كيف كانت حقا. لقد سألت على أى الجوانب كنت,فى الحقيقه : كان يوجد ثلاث أطراف فى الحرب,و ليس اثنان .. كان يوجد جيش الحياة و لواء الاختيار, و ما تبقى من الجيش الأمريكى, الذى كانت وظيفته منع الطرفين الآخرين من قتل أحدهما الآخر. هذا هو الجانب الذى كنت فيه. للأسف, لم نكن ناجحين جدا. فكما ترى, الصراع دائما ما يبدأ بقضية.. اختلاف فى الرأى, جدال .. لكن فى الوقت الذى تتحول فيه لحرب, فالقضيه لا تهم بعد الآن, لأن الآن الأمر عن شئ واحد وشئ واحد فقط: ما مقدار كراهيه كل طرف للآخر!.”

يصب الأدميرال المزيد من الويسكى فى فنجانه قبل أن يُكمل,:” كانت توجد أيام قاسيه تمهد الطريق للحرب. كل ما حدد الصواب و الخطأ فى اعتقادنا كان يُقلب رأسا على عقب. فعلى جهه, الناس كانت تقتل دكاتره الإجهاض لحمايه الحق فى الحياة,بينما على الجهه الأخرى, فالناس كانت تصبح حوامل فقط ليبيعوا أنسجه أجنتهم. وكان الجميع يختار قاداتهم ليس على أساس قدرتهم القياديه, لكن على مكان وقوفهم من تلك القضيه الوحيده. لقد كان أقصى من الجنون!, ثم انقسم الجيش, كلا الجانبين امتلكا أسلحه حرب, و الرأيين تحولا إلى جيشين مصممان على تدمير بعضهما ,ثم جاء قانون الحياة.”

بذكر قانون الحياة, كما لو تم سكب ماء مثلج على ظهر كونر. لم يكن يضايقه من قبل قط, لكن الأشياء تختلف ما أن تصبح متفكك..

“لقد كنت هناك تماما فى الغرفة حين أتوا بفكره أن الحمل يمكن أن يتم القضاء عليه بأثر رجعى ما أن يصل الطفل لسن المنطق”,يقول الأدميرال:”فى البدايه كانت مزحة.. لم يقصد أحد أن يؤخذ الأمر بجديه. لكن فى نفس السنه مُنحت جائزه نوبل لعالم استطاع اتمام نقل الأعصاب.. الوسيله التى تسمح باستخدام كل أجزاء المتبرع فى النقل.”

يأخذ الأدميرال رشفه كبيره من قهوته. لم يلمس كونر فنجانه الثانى. ففكره ابتلاع أى شئ الآن تعتبر مستحيله. هذا ما عليه فعله لإبقاء فنجانه الأول فى معدته.

“بسوء حاله الحرب”,يقول الأدميرال,:”سمسرنا معاهده سلام باحضار كلا الجانبين لطاوله التفاوض. ثم افترضنا فكره التفكيك,التى ستنهى الغير مرغوب بهم دون إنهاء حياتهم فى الحقيقه. افترضنا أن الأمر سيصدم كلا الطرفين و يروا المنطق..و أنهم سيحدقوا فى بعضهم و سوف يرمش أحدهم ... لكن لم يرمش أحد !,..الاختيار أن يُنهوا دون أن يوقفوا الحياة.. لقد أرضى رغبات كلا الطرفين.و تم توقيع قانون الحياة,واتفاقيه التفكيك أصبحت قيد التنفيذ, وانتهت الحرب.. الجميع كان سعيد جدا لإنهاء الحرب,فلم يهتم أحد بالعواقب.”

ينغمس الأدميرال فى أفكاره للحظه, ثم يلوح بيده,:”أنا متأكد أنك تعرف البقية.”
قد لا يعلم كونر كل الأجزاء,لكنه يعرف الخلاصه..:”الناس أرادت أعضاء.”
“طالبت أقرب للواقع. قولون مصاب بالسرطان يمكن استبداله بآخر سليم, ضحيه حادث كان من الممكن أن يموت بإصابات داخليه بإمكانه الحصول على أعضاء طازجه, يد متجعده مصابه بالتهابات المفاصل يمكن استبدالها بواحده أصغر بخمسين سنه. وكل تلك الأعضاء كان يجب عليها أن تأتى من مكان ما.”
يتوقف الأدميرال ليُفكر فى شئ ما,:” بالطبع, لو كان المزيد من الناس متبرعين بالأعضاء, فالتفكيك لم يكن سيحدث قط... لكن الناس تريد إبقاء ما هو ملكهم, حتى بعد موتهم ... لم يأخذ طويلا حتى انهارت الأخلاقيات تحت أقدام الجشع .. أصبح التفكيك عملا مزدهرا,و الناس تركته يحدث.”

ينظر الأدميرال لصوره ابنه.وحتى قبل أن يخبره الأدميرال, يُدرك كونر لماذا.. لكنه يعطى الأدميرال شرف الاعتراف.
“ابنى,هارلن, كان فتى رائع.ذكى. لكنه كان مضطرب.. أنت تعرف هذا النوع.”
“أنا هو هذا النوع.”يقول كونر بابتسامه طفيفه.
يومئ الأدميرال,:”لقد كان الأمر منذ حوالى عشره سنوات فقط. تورط مع الجماعه الخاطئه من الأصدقاء,تم القبض عليه يسرق. سحقا,لقد كنت مثله فى عمره.. لهذا السبب أرسلنى والداى للمدرسه العسكريه, ليقومونى. لكن, مع هارلن كان يوجد اختيار مختلف, اختيار أكثر.... فعاليه.”
“جعلته يتفكك.”
“كأحد آباء اتفاقية التفكيك, كان متوقع منى ضرب مثل,:”يضغط بابهامه و سبابته على عينيه,موقفا الدموع قبل أن تنهمر,:”لقد وقعنا الأمر, ثم غيرنا رأينا.لكن الوقت كان قد تأخر.لقد أخدوا هارلن مباشره من المدرسه لمخيم الحصاد, و سارعوا به .. لقد تم إتمام الأمر بالفعل.”

لم يخطر لكونر أبدا أن يفكر فى نتيجه التفكيك على الأشخاص اللذين وقعوا الأمر. لم يعتقد أبدا أنه قد يملك تعاطف لأهالى فعلت مثل هذا الأمر.. أو شفقه نحو أحد الرجال اللذين جعلوا من التفكيك أمرا ممكنا.!
“أنا آسف,”يقول كونر,ويعنيها.

يلملم الأدميرال نفسه..و يصحو من حزنه,تقريبا فى لحظتها,:”ليس عليك أن تكون. إنه بسبب اتفاقيه التفكيك هذه أنك هنا.بعد هذا,تركتنى زوجتى و أسست مؤسسه لتخليد ذكرى هارلن, تركت الجيش,و أمضيت سنوات عديده فى السُكر أكثر من الآن,ثم, منذ ثلاث سنوات, خطرت لى الفكرى الكبرى, هذا المكان, اولئك الأولاد,هم نتيجه هذا. ليومنا هذا قد أنقذت أكثر من ألف طفل من التفكك.”

الآن يفهم كونر لماذا أخبره الأدميرال تلك الأشياء.لقد كان أكبر من مجرد اعتراف. لقد كانت طريقه لضمان ولاء كونر... وقد أفلحت, الأدميرال كان رجل مهووس بحزن, لكن حزنه قد أنقذ حيوات.
قال هايدن مره أن كونر لديه النزاهه, تلك هى النزاهه نفسها التى ربطته بجانب الأدميرال. وبهذا يمسك كونر كوبه ويقول ,:”لهارلن!”
“لهارلن!” يردد الأدميرال,و معا يشربا على اسمه,:”شيئا فشيئا أنا أجعل الأشياء صحيحه يا كونر” يقول الأدميرال,:”شيئا فشيئا,و بأكثر من شكل واحد.”

35-ليف

مكان وجود ليف فى الوقت ما بين تركه لسايفى و وصوله للمقبرة غير مهم مقارنه بمكان وجود أفكارة. لقد استقروا فى مكان أبرد و أظلم من تلك الأماكن العديده التى اختبأ بها.

لقد نجى فى هذا الشهر عن طريق سلسله من التنازلات الغير مرضيه و الجرائم التى دعت لها الحاجه.. أيا ما كان ضرورى ليبقى نفسه حيا...اكتسب ليف ذكاء الشارع سريعا,و حكمه البقاء .. يقولوا أنه يتطلب الانغماس كليا فى ثقافه ما لتتعلم لغتها و طرقها.لم يأخذه طويلا ليتعلم لغه التائهين.!

ما أن انتهى به الأمر فى شبكه المنازل الآمنه, سريعا ما أوضح أنه ليس الفتى الذى يُعبث معه.لم يخبر الناس أنه عُشر. لكن,أخبرهم أن والديه وقعا الأمر ليفككاه بعد القبض عليه للسرقه المسلحه. كان أمرا غريبا عليه,لأنه حتى لم يلمس مسدسا أبدا. أذهله أن بقيه الأولاد لم يستطيعوا قراءة الكذبه على وجهه.. لقد كان دائما كاذب سئ.لكن حينها, عندما نظر فى المرآه, ما رآه فى عينيه بعث بداخله الرعب.
فى الوقت الذى وصل به للمقبرة, أغلب الأولاد عرفوا ما يكفى ليبقوا بعيدين عنه.وهو الأمر الذى أراده بالظبط.

فى نفس الليله التى حظى كونر و الأدميرال باجتماعهم السرى, ينطلق ليف فى الظلام الذى يشبه سواد النفط فى تلك الليله عديمه القمر, مبقيا مصباحه مغلق. فى ليلته الأولى هناك, تسلل بنجاح ليجد كونر,ليوضح بعض الأشياء معه.منذ وقتها, اختفت الكدمه من ضربه كونر ولم يتحدثا عنها مجددا. لم يتحدث كثيرا مع كونر على أيه حال .. لأن ليف يمتلك أشياء أخرى تشغل عقله.

كل ليلة بعدها حاول التسلل بعيدا,لكنه كان يُمسك فى كل مره و يرجعوه. الآن بعد رحيل كلاب حراسه الأدميرال, فالأولاد المخصصين للحراسه يتلكأوا.
بينما يتسلل ليف بين الطائرات,يجد أن العديد منهم نيام أثناء عملهم.ياله من غباء من الأدميرال أن يُبعد هؤلاء الأولاد دون أن يمتلك من يحل محلهم.!

ما أن ابتعد بما يكفى يُشعل المصباح و يحاول إيجاد وجهته. هو مكان أخبرته به فتاه قابلها منذ عده أسابيع,كانت مثله بشكل كبير. يعتقد أنه سيقابل آخرون الليله مشابهون له أيضا.

ممر ثلاثون,المساحه اثنى عشرة. هو أبعد مكان فى حدود المقبره عن الأدميرال. المساحه مشغوله بطائرة دى سى-10 ,متكومه لقطع فى مكان راحتها الأخير.

حين يفتح ليف الفوهه و يصعد لأعلى, يجد شخصان فى الداخل, سرعان ما ينهضا فى وضع دفاعى ما أن رأوه..
“اسمى ليف” يقول,:”لقد تم إخبارى أن آتى هنا.”
هو لا يعرف هؤلاء الأشخاص,لكن تلك ليست مفاجأه.. هو لم يكن فى المقبره منذ وقت طويل حتى يعرف أولاد كثيرون هنا. أحدهم فتاة أسيويه بشعر وردى اللون. الآخر هو فتى حليق الرأس ومغطى بالأوشام.
“ومن أخبرك أن تأتى هنا؟” يسأل الفتى ذو الرأس العارى.
“فتاه قابلتها فى كولورادو. اسمها جولى-آن.”

ثم يظهر شخص آخر من الظلال, هو ليس فتى لكن بالغ.. ربما فى منتصف العشرينات. هو مبتسم. يمتلك شعر أحمر زيتى,ولحيه مبعثره لتتناسق,و وجه معضم بخدود منغمسه. إنه كليفر.. طائر الهيليكوبتر.

”إذا,قد أرسلتك جولى-آن!” يقول,:”جميل,كيف أحوالها؟”
يأخذ ليف دقيقه ليفكر فى اجابته“,لقد أدت عملها” يخبره ليف.
يومئ كليفر..:”حسنا, إنه ما هو”

الآخران يعرفا بأنفسهم. عارى الرأس يكون بلاين, والفتاه هى ماى.
“ماذا عن ذاك البويف الذى يقود الهيليكوبتر معك؟”,يسأل ليف كليفر,:”هل هو جزء من هذا أيضا؟”
تضحك ماى ضحكه مشمئزه,:”رونالد؟ ليس فى حياتك!”
“رونالد ,ليس بالتحديد..الماده الخام لجماعتنا الصغيرة”, يقول كليفر,:”إذا, هل أتيت هنا لتبلغنا الأخبار الجيده بشأن جولى-آن, أم أنك هنا لسبب آخر؟”
“أنا هنا لأننى أريد أن أكون هنا.”
“كما تقول” يقول كليفر,:”لكن مازلنا لسنا متأكدين أنك صادق.”
“اخبرنا عن نفسك” تقول ماى

يستعد ليف لإخبارهم بنسخه السارق المسلح, لكن قبل أن يفتح فمه, يغير رأيه. تلك اللحظه تتطلب الصدق. يجب أن يبدأ هذا بالحقيقه. لذلك يقول لهم كل شئ, منذ اللحظه التى اختطفه كونر لوقته مع سايفى و الأسابيع التى تلك ذلك. حين انتهى, كليفر يبدو راضِ للغايه.. بشده.

“إذا,أنت عُشر! هذا رائع. أنت لا تعرف حتى مدى عظمه هذا الأمر!”
“ماذا الآن؟” يسأل ليف..”هل أنا معكم أم لا؟”
الآخرون يصبحوا هادئين. جادين. يشعر أن أحد الطقوس على وشك أن يبدأ.
“اخبرنى يا ليف” يقول كليفر:” كم مقدار كرهك للناس اللذين كانو سيفككوك؟”
“كبير.”
“آسف, هذا ليس جيد بما يكفى.”

يغلق ليف عينه, يحفر بداخله, ويفكر بوالديه. يفكر فى ما خططاه لفعله به,وكيف جعلاه فى الحقيقه يرغب به.
“ما مقدار كرهك لهم؟” يسأل كليفر مجددا.
“تماما و كليا.”يجيب ليف.
“و ما مقدار كرهك للناس التى ستأخذ أجزاء منك و تجعل منها أجزاء خاصه بهم؟”
“تماما وكليا”
“و ما مقدار رغبتك فى جعلهم و كل الآخرين فى هذا العالم فى دفع الثمن؟”
“تماما و كليا”
على أحد أن يدفع ثمن عدم عداله الأمر كله. على الجميع أن يدفع الثمن. سوف يجبرهم.
“جيد.”يقول كليفر.
ليف مذهول بمدى عمق غضبه... لكنه يغدو أقل و أقل خوفا منه.و يخبر نفسه أن هذا أمر جيد.
“ربما هو صادق,”يقول بلاين.

لو قام ليف بهذا الالتزام,يُدرك أن لا رجعه فيه,”شئ واحد أحتاج لمعرفته“ يسأل ليف:” لأن جولى-آن... لم تكن واضحه جدا بخصوص الأمر. أريد أن أعرف فيماذا تؤمنون؟”

“فيماذا نؤمن؟” تقول ماى,و تنظر لبلاين ويضحك. كليفر على الوجه الآخر, يرفع يده ليصمتهم,:” لا...لا, إنه سؤال جيد. سؤال حقيقى. يستحق إجابه حقيقية. لو تسأل ما إن كان لنا قضيه,فلا نملك, لذا اخرج هذا من عقلك.”
يلوح كليفر بيداه على قدرهم, يداه و ذراعيه يملئا المساحه التى حوله.
“القضايا قد عفى عليها الزمن, نحن نؤمن بالعشوائيه. الزلازل! الأعاصير! نحن نؤمن بقوى الطبيعة, نحن خراب,نحن فوضى .. نحن نعبث مع العالم.”
“و لقد عبثنا جيدا بالأدميرال, ألم نفعل؟”, يقول بلاين بخبث. يرمقه كليفر بنظره حادة, و ماى تبدو فى الحقيقه خائفه. الأمر يكاد يكفى ليعطى ليف أفكار أخرى.
“كيف عبثتم بالأدميرال؟”
“لقد تم,” تقول ماى, لغه جسدها متوتره و غاضبه,:”لقد عبثنا, و الآن انتهى. نحن لا نتحدث عن أشياء انتهت. صحيح؟”
يومئ كليفر لها, ويبدو أنها استرخت قليلا.
“الأمر هو”يقول كليفر:”لا يهم من أو بماذا نعبث به, ما دمنا نعبث. فكما نرى الأمر,فالعالم لا يتحرك إن لم يتم رجرجه الأشياء... هل أنا على صواب؟”
“أعتقد”
“حسنا.. حينها, نحن هم المحركون و المرجرجون” ويبتسم كليفر و يوجه اصبع ناحيه ليف,:” السؤال هو, هل أنت واحد أيضا؟ هل لديك ما يلزم لتكون واحد منا؟”
يأخذ ليف نظره طويله لثلاثتهم. هؤلاء هم نوع الناس اللذين سيكرههم والديه,قد ينضم لهم فقد لغيظهم, لكن هذا لا يكفى.. ليس تلك المره. يجب أن يكون هناك أكثر. مع هذا,بينما يقف هناك, يدرك ليف أنه يوجد الأكثر.هو خفى. لكنه هناك, مثل الشحنه المميته العائمه فى خط الكهرباء الساقط.
الغضب, لكنه ليس فقط الغضب..بل أيضا رغبه فى التصرف وفقا له.
“حسنا, أنا معكم.”

هناك فى المنزل,شعر ليف دائما كأنه جزء من شئ أكبر من نفسه. حتى الآن,لم يعرف كم اشتاق لذاك الشعور.

“مرحبا بك فى العائلة” يقول كليفر, ويضربه بكفه على ظهره, بقوه حتى يرى النجوم!.

قديم 06-16-2019, 01:52 PM
المشاركة 10
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء الخامس
36-ريسا

ريسا أول من لاحظ وجود خطب ما مع كونر.و ريسا أول من اهتم لوجود شئ خاطئ مع ليف.

فى لحظه إيثار,تجد نفسها ثائره بتلك الأفكار, لأن الأشياء تسير بصوره جيده لها الآن. لديها أخيرا مكان لتبقى فيه.تتمنى أن يظل هذا ملاذها لما بعد الثامنه عشر.

لأن فى العالم الخارجى هى لن تكون قادره على فعل الأشياء التى تفعلها الآن. ستمارس الطب دون رخصة..لا بأس بالأمر حين تكون فى وضع البقاء, لكن ليس فى العالم المتحضر. ربما, حين تصبح فى الثامنه عشر قد تلتحق بالجامعه, و كليه الطب... لكن هذا يتطلب مال,و اتصالات,و سيكون عليها أن تواجه منافسه أكبر من المنافسه فى دروس الموسيقى.
تتسائل إن كانت ستتمكن من الانضمام للجيش و تصبح مطببه عسكرية.
ليس عليك أن تكون بويف لتنضم للوحده الطبية.!

أيا ما كانت ستؤول إليها اختياراتها, الشئ المهم أنه سيكون هناك اختيار. للمره الأولى منذ وقت طويل تستطيع أن ترى مستقبل لنفسها.
وبكل تلك الأفكار الجيده عن حياتها, آخر شئ تريده هو وجود شئ ما ليُسقطهم.

هذا ما يشغل بال ريسا بينما تذهب لأحد طائرات الدراسة. لدى الأدميرال ثلاث من أفضل طائراته و أحسنها تجهيزا موضوعه كأماكن للدراسة, مليئه بالمكتبات والكمبيوترات و الموارد لتتعلم أى شئ تريد أن تتعلمه.
“هذه ليست مدرسه” ,أخبرهم الأدميرال قصيرا بعد وصولهم,:”لا يوجد مدرسون,لا يوجد اختبارات” .. بغرابه, إنه بالظبط انعدام التوقعات التى تُبقى طائرات الدراسه ممتلئه أغلب الوقت.

مهمات ريسا تبدأ بعد الغروب بقليل,و أصبحت عاده لديها أن تبدأ يومها فى أحد طائرات الدراسة,بما أنه فى هذا الوقت من الصباح تكون هى غالبا الوحيده هناك. يعجبها الأمر هكذا, لأن الأشياء التى تريد تعلمها تجعل الآخرين غير مرتاحين. ليس موضوع الدراسه ما يزعجهم, لكن حقيقه كون ريسا من يدرسه. التشريح و الكتب الطبيه غالبا.
يفترض الأولاد أنه فقط لعملها فى الطائره الطبية,فهى تعرف كل ما تحتاج لمعرفته.و يزعجهم رؤيتها تتعلمه فى الحقيقه.

حين تصل فى هذا اليوم, على أيه حال تكتشف بالفعل وجود كونر هناك . تتوقف عند الباب متفاجئه.
هو مأخوذ بشده فيما يقرأه حتى أنه لا يسمعها تدخل. تأخذ بعض الوقت لتنظر إليه. لم تره أبدا بهذا التعب.. ليس حتى حينما كانا هاربان. مع ذلك,فهى سعيده لرؤيته.
كلاهما كان مشغول للغايه, فلم يكن هناك وقت ليقضوه مع بعضهم.
“مرحبا يا كونر.”
أُخذ على غفله, ينظر لأعلى بسرعه و يغلق كتابة. حين يدرك من هو, يسترخى ,:”مرحبا ريسا.”

بالوقت الذى جلست بجواره, يبتسم, ولا يبدو متعب لهذا الحد. هى سعيدة أنها تمتلك هذا التأثير عليه.
“انت مستيقظ باكرا.”
“لا, أنا سهران لوقت متأخر” يقول:”لم أستطع النوم,لذا أتيت هنا. يخطف نظره خارج أحد النوافذ الدائرية الصغيرة:”هل هو الصباح بالفعل؟”
“على وشك. ماذا تقرأ؟”
يحاول أن يُبعده عن مرمى بصرها, لكن فات الأوان لذلك.قد أخرج كتابين. الكتاب فى الأسفل عن الهندسه. لا مفاجأه فى هذا, باعتبار الاهتمام الذى كونه عن طريقه عمل الأشياء.
إنه الكتاب الذى فى الأعلى_الكتاب الذى كانت أنفه مدفونه بداخله حين وصلت_الذى يفاجئها, يجعلها على وشك الضحك,:“علم الجريمه للأغبياء؟”
“أجل,حسنا... كل واحد يحتاج لهوايه.”
تحاول أن تتمعنه بالنظر, لكنه ينظر بعيدا:”يوجد شئ خاطئ,أليس كذلك؟” تسأل,:”أنا لا أحتاج كتاب كونر للأغبياء لأعلم أنك فى مشكله ما.”

ينظر فى كل مكان إلا عينيها”,إنها ليست مشكله.. على الأقل ليست بالنسبه لى.أو ربما هى كذلك من جهه ما, لا أعلم.”
“أتريد أن تتكلم عن الأمر؟”
“هذا..” يقول كونر,:”هو آخر شئ أريد فعله”,و يأخذ نفس طويل و يتحرك فى كرسيه:”لا تقلقى,كل شئ سيكون بخير.”
“أنت لا تبدو متأكدا للغايه”

ينظر لريسا, ثم ينظر للباب. يتأكد أنهم لازالا وحدهم.ثم يميل نحوها ويقول:”الآن بعد .. عدم وجود الذهبيون! الأدميرال سيبحث عن بدلاء,أريدك أن تعدينى أنه لو طلب منك المساعده, سترفضى طلبه.”
“الأدميرال لا يعلم حتى بوجودى. لماذا سيطلب منى أى شئ؟”
“لأنه طلب منى ” يقول كونر بهمس شديد:”وأنا أعتقد أنه طلب من إمبى أيضا.”
“إمبى؟”
“كل ما أقوله هو أننى لا أريدك أن تكونى هدف!”
“هدف لماذا؟ لمن؟”
“شششش! اخفضى صوتك!”

تنظر مجددا للكتاب الذى كان يقرأه,محاوله أن تضع القطع مع بعضها, لكن فقط, لا يوجد قطع بما يكفى. تقترب منه, جابرته على النظر إليها:”أريد مساعدتك” تقول:”أنا قلقه بشأنك. أرجوك اتركنى أساعدك.”

يُسهم عيناه ذهابا وإيابا ,و يحاول إيجاد مهرب من نظرتها, لكن لا يستطيع. فجأه,يوصل المسافه الصغيره بينهم و يُقبلها. هى لم تتوقعها, وحين يقطع القبله, تُدرك أنه لم يتوقعها أيضا.
“لماذا كانت هذه؟”

يستغرقه لحظه ليسترجع وظائف دماغة,”هذا” يقول..:”فى حاله حدوث شئ و لا أراكى مجددا.”
تقول “حسنا”, وتسحبه لقبله ثانيه.. تلك الواحدة أطول من سابقتها.و حين تنهيها, تقول:”هذا فى حال رؤيتك مجددا.”

يرحل, ويتخبط ببلاهه فى طريقه للخارج و يكاد يقع على الدرجات المعدنيه نحو الأرض.
بالرغم من كل ما حدث بينهم, ريسا ابتسمت.
إنه مذهل كيف أن شئ بسيط كقبله يمكنه التغلب على أقسى الهموم.

***
مشاكل ليف يبدو أنها من طبيعه مختلفة,و ريسا تجد نفسها خائفه منه. يأتى هذا الصباح إلى مركز نداء المشفى بحرق شمس سئ. بما أنه عداء سريع فقد تم تعيينه بمهام المرسال. غالبا,فهى تتضمن الجرى ذهابا و إيابا بين الطائرات حاملا ملاحظات.
من أحد قواعد الأدميرال أن يضع كل المرسالين واقى الشمس, لكن يبدو أن ليف لا يلتزم بقوانين أى أحد بعد الآن.

يتحدثا قليلا لبرهه, لكن الوضع غريب, لذا تسارع بعملها,:” حسنا, الآن بعد أن طال شعرك,فيبدو أن جبهتك وعنقك تم إعفائهم. اخلع قميصك.”
“لقد لبست قميصى أغلب الوقت,” يقول.
“فلنلق نظره على أيه حال.”
ينزع قميصه على مضض, هو مصاب بحروق هناك أيضا, لكن ليس بسوء حروق خديه و ذراعيه. لكن ما يلفت نظرها هو أثر ضرب على ظهره فى شكل باهت ليد. تمرر أصابعها عبره.
“من فعل هذا بك؟” تسأله.
“لا أحد” يقول بينما يمسك قميصه منها و يرتديه,:”فقط أحد الشباب.”
“هل يسبب لك أحدا فى فريقك المشاكل؟”
“لقد أخبرتك, إنه لاشئ... ما أنتِ؟ أمى؟”
“لا” تقول ريسا,:”فلو كنت أمك, سأكون أهرع بك إلى أقرب مخيم حصاد.” تقصدها كدعابه لكن ليف لا يجدها طريفه.
“فقط اعطينى شيئا لأضعه على الحروق.”

يتردد برود فى صوته..و تذهب للدولاب لتجد انبوب من كريم الألو* لكن لا تعطيه إياه بعد,وتقول:”أنا افتقد ليف القديم.”
يجعله هذا ينظر إليها.”بدون إهانه, لكن أنتى لم تعرفينى حتى.”
“ربما لا,لكن على الأقل حينها كنت أريد معرفتك.”
“ولا تريدى بعد الآن؟”
“لا أعرف.”تقول ريسا.” فالفتى الذى أنظر إليه حاليا مرعب إلى حد ما بالنسبه لذوقى” ,تستطيع رؤيه أن هذا أثر فيه.لا تدرى لماذا قد يفعل! لأنه يبدو فخورا بعامل خوفه الجديد.
“ليف القديم” يقول:”خدعكما لتثقا به,ثم سلمكما للشرطه فى أول فرصه أتيحت له.”
“وليف الجديد لن يفعل هذا؟”
يُفكر فى هذا ثم يقول:” ليف الجديد لديه أشياء أفضل لفعلها.”
تضع انبوبه كريم الحروق فى يده:”نعم,حسنا, لو رأيت القديم.. الذى كان يفكر دائما فى الرب و غايته و إلى ما ذلك.. اخبره أننا نريد رجوعه.”
يوجد صمت ثقيل وينظر للأنبوبه فى يده. لوهله تعتقد أنه قد يقول شيئا يُرجع ذاك الفتى الآخر للغرفه ,لكن كل ما يقوله هو:”كم مره أضع هذا؟”

***

يوجد نداء عمل فى اليوم التالى.
ريسا تكرههم, لأنها تعرف أنه لن يكون هناك أى شئ لها, لكن على الجميع أن يحضر نداءات العمل.
اليوم, التجمع ليس بقياده متفكك, إنه بقياده كليفر. فعلى ما يبدو فقد استولى على الوظيفه مؤقتا, بما أنه لا يوجد من يقوم بمهام آمب. هو لا يعجبها. فهو يمتلك مظهر متملق غير مرضى.

يوجد فقط عده نداءات للعمل اليوم. شخص يريد مساعد سمكرى فى أحد المدن الضائعه اسمها بيفرز بريث.. يوجد بعض أعمال فى مزرعه فى كاليفورنيا.. و وظيفه ثالثه غريبه فقط..
“خليج بوردو فى آلاسكا” يقول كليفر:”ستعمل على خط بترول حتى تتم الثامنه عشر. مما سمعت, فهو من أبرد وأقسى الأماكن على الأرض. لكن هااى, إنه مخرج,صحيح؟ أحتاج لثلاث متطوعين.”

اليد الأولى التى ترتفع تنتمى لفتى كبير يبدو أن اسمه الأوسط هو العقاب,كما لو أنه خُلق للعمل الشاق حتى آخر رأسه الحليقه.
اليد الثانيه التى ترتفع تُفاجئ ريسا,إنها ماى .. ماذا تفعل بتطوعها للعمل على خط الأنابيب؟ لماذا قد تترك الفتى الذى كانت ملتصقه به فى المستودع؟ لكن حينها, بعد التفكير فى الأمر, ريسا لم ترى هذا الفتى فى المقبره على الإطلاق. بينما تحاول استيعاب الأمر, ترتفع يد ثالثه .. فتى أصغر,أقل حجما,فتى بحروق شمس سيئه.
يد ليف مرفوعه عاليا, و يتم اختياره لوظيفه خط الأنابيب.

تقف ريسا فقط هناك.. غير مصدقه,ثم تبحث عن كونر فى الحشد. لقد رأى الأمر أيضا. ينظر لريسا ثم يرفع كتفيه. حسنا,ربما هذا الأمر استهجان فقط بالنسبه لكونر, لكنه ليس كذلك بالنسبه لها.

حين ينفض الاجتماع, تمشى كالنحله نحو ليف,لكنه اختفى بالفعل بين الأولاد.
لذلك ما أن وصلت للمشفى, تطلب مرسال, وآخر وآخر, مرسله كل منهم بملاحظات عديده بتذكير الأولاد بأخذ أدويتهم.و أخيرا.. بعد مكالمتها الرابعه, المرسال الذى أتى هو ليف.

بالتأكيد يرى النظره فى عينيها.لأنه يقف فقط بالخارج ولا يدخل.
يوجد أحد المعالجون الآخرين هنا, لذا ترمق ريسا ليف بنظره مشيرة للخلف:” هذا الطريق.الآن!”
“أنا لا آخذ أوامر,” يقول.
“هذا الطريق!” تقول مجددا, وبحده أكبر,”الآن!”
على ما يبدو فهو يأخذ الأوامر بعد كل شئ!, لأنه يخطو للداخل و يمشى لمؤخره الطائرة.
ما أن وصلا لغرفه التخزين فى الخلف, تغلق الباب الفاصل خلفهم و تنقض عليه.
“فيماذا تفكر بحق الجحيم؟”

وجهه كالفولاذ. كباب خزنه لا تقدر على فتحها.
“لم أذهب لآلاسكا أبدا” يقول:”من الأفضل أن أذهب الآن.”
“لقد كنت بالكاد هنا منذ أسبوع.! لماذا أنت فى عجله للرحيل.. ولأجل وظيفه كتلك؟”
“ليس على تفسير أى شئ لك أو لاى شخص آخر. لقد رفعت يدى وتم اختيارى, هذا كل ما فى الأمر.”

تعقد ريسا ذراعيها فى مواجهه لأسلوبه المتحدى:”أنت لن تذهب لأى مكان إن لم أعطك شهاده صحيه نظيفه. قد أخبر الأدميرال أنك تعانى من.. تعانى من ... التهاب كبدى معدى.”
“لن تفعلى!”
“فقط راقبنى.”

يبتعد عنها بسرعه,ويركل الحائط فى غضب, ثم يرجع لها:” هو لن يصدقك! و حتى لو فعل, لن تبقينى مريضا للأبد!”
“لماذا أنت مصر جدا على الذهاب؟”
“يوجد أشياء على فعلها” يقول ليف:”لا أتوقع أن تفهمى. أنا آسف لعدم كونى الشخص الذى تريدينه, لكننى تغيرت. أنا لست نفس الفتى الغبى الساذج الذى اختطفتماه أنتما الاثنان منذ شهرين. لاشئ قد تفعليه سيمنعنى من مغادره هذا المكان وفعل ما على فعله.”

ريسا لا تقول شيئا,لأنها تعلم أنه محق.بإمكانها مماطلته على أحسن تقدير, لكن ليس بإمكانها إيقافه.

“إذا,”يقول ليف,بنبره أهدأ الآن:”هل لدى التهاب كبدى معدى أم لا؟”
تتنهد..”لا ليس لديك.”

يلتفت ليغادر,ويفتح الباب الحاجز. هو مصمم بشده على المغادره حتى أنه لا يفكر فى توديعها.
“أنت مخطئ بخصوص شئ واحد” ,تقول قبل أن يخرج من الباب:”أنت فى نفس السذاجه التى كنت عليها من قبل. وربما فى ضعف الغباء.”
ثم رحل.

فى مساء نفس هذا اليوم, تأتى شاحنه بيضاء غير مُعلمه لأخذه وماى والفتى الأقرع بعيدا. مره أخرى, ريسا تعتقد أنها لن ترى ليف مجددا..
مره أخرى, ستكون على خطأ...
****
37-إمبى و الأدميرال

لا يملك إمبى أى فكره عن الأحداث التى تتحول فى المقبرة.. ولا حتى أنه فى خضمها. فعالمه يقتصر على المربعات فى كتبه الهزلية و الحدود المرسومه فى لعبه البينبول.
فبقائه فى تلك الحدود كان وسيله دفاعية ناجحه ضد قسوه و ظلم الحياة خارجهم.

لا يتعجب من غرابه الثلاثى الذى قد غادر لآلاسكا.. إنه لا يعنيه. هو لا يفهم التوتر لدى كونر. كونر قادر على الاهتمام بنفسه. هو لا يقضى الوقت متسائلا حول رونالد.. هو فقط يبقى بعيدا عن طريق رونالد.
لكن إبقاء رأسه منخفضا لا يبقيه فى المنطقه الآمنه. إمبى فى الواقع, هو ممتص الصدمات المركزى فى لوح البينبول, وكل كره فى اللوح على وشك الارتداد من عليه.

***

لقد طلبه الأدميرال.
الآن يقف إمبى متوترا فى مدخل ما كان ذات مره مركز العمليات المتنقله لرئيس الولايات المتحده. يوجد رجلان آخران هنا. هم فى قمصان بيضاء وأربطه عنق داكنه.
السيدان السوداء المنتظره أسفل السلالم بالتأكيد ملكهم.

الأدميرال يجلس على مكتبه. يحاول إمبى أن يقرر هل سيدخل, أم يلتفت ويهرب. لكن يراه الأدميرال ونظرته تثبت قدمى إمبى مكانهم.
“أردتنى يا سيدى؟”
“أجل. اجلس يا زاكارى.”
يجبر قدميه على التحرك نحو الكرسى مقابل الأدميرال,”إمبى”يقول:”الجميع يدعونى فقط إمبى.”
“هل هذا اختيارك ... أم اختيارهم؟” يسأل الأدميرال
“حسنا... اختيارهم, غالبا.. لكنى اعتدت عليه.”
“لا تدع أى شخص آخر يسميك” يقول الأدميرال.و يفر ملف يحمل صورة إمبى مثبتة على غلافه. إنه ملف كامل, ولا يقدر إمبى على تخيل كيف يمكن أن يكون أشياء مثيره فى حياته بما يكفى لتملء ملف بتلك الثخانه.
“ربما لا تدرك هذا, لكنك فتى مميز جدا” يقول الأدميرال.

إمبى بإمكانه فقط النظر لرباط حذائه, الذى .. كالعاده. على وشك الانحلال:”هل لهذا السبب أنا هنا, سيدى؟ لأننى مميز؟”
“نعم يا زاكارى. وبسبب هذا, أنت ستتركنا اليوم.”

يرفع إمبى نظره:”ماذا؟”
“يوجد شخص ما يريد مقابلتك. فى الحقيقه, إنه شخص كان يبحث عنك منذ وقت طويل.”
“حقا؟”
“هؤلاء الرجال سيأخذونك هناك.”
“من هو؟”.. إمبى لديه وهم مستمر أن أحد والديه مازال حيا بالفعل. إن لم تكن والدته, إذا والده.
دائما حلم أن والده كان فى الحقيقه جاسوس... وأن موته منذ كل تلك السنوات كان فقط القصه الرسمية, وأنه كان فى الأركان الغير مروضه من العالم يقاتل الشر. كبطل حقيقى من أبطال القصص المصورة.
“إنه ليس شخص تعرفه” يقول الأدميرال,محطما آمال إمبى:”مع ذلك فهى امرأه جيدة .. فى الحقيقه هى زوجتى السابقه.”
“أنا... أنا لا أفهم.”
“سيتضح الأمر لك قريبا بما يكفى. لا تقلق.”
هذا يعنى لإمبى دعوه مفتوحه للقلق دون نهايه. تجعله يبدأ فى اللهث, مما يؤدى لانقباض أنابيبه الشعبية. يبدأ تنفسه يصدر صفيرا. ينظر له الأدميرال بقلق.
“هل أنت بخير؟”
“ربو.” يقول إمبى بين الصفير.ويُخرج مستنشق من جيبه و يأخذ منه نفخه.
“أجل” يقول الأدميرال:”ابنى كان لديه ربو.. لقد استجاب جيدا لكسولير”,ثم ينظر لأحد الرجلين خلف إمبى :”من فضلكم تأكدوا من جلب بعض الكسولير لتلك الرئه.”
“حسنا يا أدميرال دانفى.”

يأخذ الأمر بعض الوقت ليتأرجح بين طيات عقل إمبى قبل أن يخبط زعانفه العقلية.
“دانفى؟ اسمك الأخير دانفى؟”
“نحن لا نملك أسماء أخيرة فى المقبرة” يقول الأدميرال ثم يقف و يأخذ بيد إمبى, مصافحها:”الوداع يا زاكراى. حين ترى زوجتى السابقة, اعطها تحياتى.”

إمبى استطاع أن يُخرج استجابة صامته بينما يأخذه الرجل من يده ويقوده خارجا لأسفل نحو سياره السيدان المنتظرة.

***

ما أن ذهب الفتى, يستند الأدميرال دانفى للخلف فى كرسيه. بكل الأشياء التى تهدد منطقته, ها هو شئ بإمكانه أن يَسعد بخصوصه.
يسمح لنفسه ببرهه من الرضا, ناظرا نحو الصوره الباسمه لابنه هارلن... المعروف بهامفرى فى الفولكلور الحديث, لكن أولئك من أحبوه يعرفون اسمه الحقيقى.

أجل.. الأدميرال يكفر عن ذنبه, ويصحح الأشياء, جزء تلو جزء تلو جزء.
________________________________________________
كريم الألو : كريم مستخلص من نبات الألوفيرا لعلاج الحروق.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الجزء الخامس
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الثور الجالس أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 0 06-17-2023 02:05 AM
الثور الجالس أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 2 07-18-2021 06:02 AM
فى ذكرى الخامس من يونية روان عبد الكريم منبر القصص والروايات والمسرح . 0 06-05-2017 04:55 PM
** أريد حلاً - اللغز الخامس ** أحمد فؤاد صوفي المقهى 2 03-14-2011 08:27 PM
الخامس من سبتمبر أحمد صالح منبر القصص والروايات والمسرح . 4 10-04-2010 09:12 AM

الساعة الآن 12:57 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.