احصائيات

الردود
10

المشاهدات
5570
 
محمد الشرادي
من آل منابر ثقافية

محمد الشرادي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
155

+التقييم
0.04

تاريخ التسجيل
Aug 2014

الاقامة

رقم العضوية
13134
12-09-2014, 01:21 AM
المشاركة 1
12-09-2014, 01:21 AM
المشاركة 1
افتراضي سبع عيون
سبع نسوة سمينات يحطن بسريريها.عانقتها إحداهن، و سلمتها ورقة خضراء، رُسمت عليها سبع أعين. ثم توجهت إلى صديقاتها و أخبرتهن:
- السفر إلى سبع عيون شاق، و طويل ، و علينا الانصراف في الحال، إن كنا نحرص على الوصول في رابعة النهار.
قفزت هند من سريرها مذعورة، ثم خرجت، و القلق يؤجج في عقلها الأسئلة. بعد الرجوع من عملها، قررت أن تؤدي صلاة الاستخارة، لعلها تهتدي إلى السر الكامن في هذا التواجد الكثيف للعدد سبعة في حياتها هذه الأيام، و إلى سر ذلك المكان - سبع عيون - ولماذا اختلفت أحجام تلك العيون؟ الأولى كبيرة...الثانية أصغر... الثالثة تقل حجما عن الثانية...و العيون المتبقية هي الأصغر لكنها أكثر جحوظا.
في الحقيقة،ليست هند غريبة عن أجواء العدد سبعة. عاشت ردحا طويلا من عمرها، بين أحضان طقوسه المترعة بالأحلام، و الابتهالات والأحزان.في قريتها القريبة جدا من قرى القرون الغابرة. فتحت عينيها،و عقلها ،و قلبها على - سبع رواضي – تلك المقابر السبع المسكونة بالأرواح، و بسبعة ضمان يضمنون الناس عند ربهم في الدنيا، و الآخرة. تنهدت تنهيدة حارة،مصحوبة بكلمات مغلفة بعواطف مبهمة:
- آه يا سبع رواضى. يا بنك الوجع. لكل قروي فيك حساب جار من الألم...رصيد كبير من الابتهالات، و الخيبات. تحت ثراك ينام رميم أجدادنا،و قد أسبغ عليها العدد سبعة كراماته، فصارت لها مكانة في العقول، و القلوب. يا لغرابة هذا العدد. يحف بنا كالهواء من كل الجهات. يندس في ثنايا حياتنا... يتسرب إلى معتقداتنا... يضفي على أوهامنا،و خرافاتنا قداسة لا تقهر.
ثم يأتيها صوت زوجة أبيها مفعما بالحيوية، و الرهبة،و هي تردد الحكاية نفسها:
- سبع رواضى، رحاب طاهرة. كلما عز المطر، وعطش الزرع، و جف الضرع. وقف جدي القديم، في الغسق بين القبور،مبتهلا متضرعا،فتنزل من السماء خيمة عظيمة، ينصبها الناس للأكــل، و طلب الغيث، و ما يكاد النهار ينتصف إلا و المطر يهطل مدرارا، و شآبيب الرحمة تبهج الناس، وتبلل ثيابهم و قلوبهم.
تستطيع زوجة أبيها التحدث بثقة كبيرة. أما هي فذكرياتها مع كل شيء مقرون بالعدد سبعة موسومة بالحزن، و الوجع.و قصتها مع "سبع رواضي" كانت مؤلمة. سيظل ألمها يعتصر قلبها إلى الأبد، وكلما سنحت لها الفرصة حكتها بحسرة عميقة:
- يوم مشؤوم. كانت فيه الأرض و كأنها تريد الالتحام بالشمس، التي صارت فوق هاماتنا. تصهر أمخاخنا، و نقي عظامنا. خلت أزقة القرية الضيقة من البشر، و البهائم، و الطير. لتحتلها حمم الشمس الحارقة، و الظلال الرابضة أمام البنايات، و الأشجار كحيوانات سقيمة. ابتلعت جميع الكائنات أصواتها،باستثناء جداجد احتمت بجحورها، و طفقت تضغط على الأعصاب بأزيزها المسترسل.
في ذلك اليوم ، تبين لمحمد ، حبي الأول، و الأخير. أن العوم في النهر وحده القادر على التخفيف من غلواء هذا الحر. ظل يسبح حتى دنت الشمس من المغيب. اقترب من ملابسه. كانت هناك تتربص به،أفعى ضخمة نفثت سمها في جسمه. نزل الخبر على قلبي كالصاعقة. صعدت التل، الذي تستريح على سفحه المقابر السبع. ابتهلت ابتهالا حارا، بعينين دامعتين. قربت ذبيحة سمينة. تركتها هناك للأرواح، و سبعة ضمان. لكنهم قابلوا تضرعي، و ابتهالي بخذلان كبير. دفن عمي ابنه في فناء بيته. و دفن معه قلبي، و رغبتي في الزواج إلى الأبد.
أيمكن لخيباتها المتكررة مع هذا العدد، أن تقلل من هيبته في قلبها؟بالطبع لا. مازال يفتنها. و إن لم يكن كما في السابق، فقد ظل قابعا في دواخلها.
وصلت هند إلى مقر عملها، و هي غارقة في التفكير. جلست خلف مكتبها متعبة. فجأة، دخلت المكتب فتاة في مقتبل العمر.توجهت صوب زميلة هند في العمل. قبلت رأسها،ثم يديها.أدركت هند أنها أيضا ابنة أخرى لصاحبتها.عندما انصرفت، و تحت تأثير المفاجأة سألتها هند.
- أليس عندك أولاد...أعني الذكور؟
دوى السؤال في مسامع صديقتها دويا قويا، و بدا عليها ارتباك ملحوظ. نظرت إلى هند بحزن، وطفق الكلام يتدفق من فمها بحرقة بالغة:
- فتحتِ البعبع لينفلت منه ماردُ الذكريات الأليمةِ. كل ذريتي بنات.لا أعترض على ذلك.أحبهن جميعهن. لكن حماتي تريد ذكرا لضمان استمرار نسل العائلة، و زوجي يريده ليقيمَ الدليلَ على كمال فحولته.
لم أستطع أن أفهم، كيف يتعايش الرجل مع تناقض فاضح دون حرج. في الفراش يضم المرأة... يقبل يديها...يتوهج جسده... يَبْيَضُّ محياه، وعندما تطل عليه الأنثى من رحم زوجته يسْوَدُ وجهُه.
صرت أصدق الجميع.مرة أعطاني فقيه أعشابا كثيرة. طلب مني أن أخلطَها مع الماء،و أغتسلَ به سبعة أيام متوالية، و ألا أشاركَ السرير مع زوجي إلا في اليوم السابع، لكن الولد لم يأت.
قرت في الأخير،أن أزور أضرحة سبعةِ رجال،بالترتيب الذي نصحَتني به أمي. عندما كنت أغادر الضريح الأول، ارتمى صبي صغير في حضني، و قبلني قبلة حارة،و لما انشغلت بانتعال حذائي اختفى.
لست أدري ما الذي جعلني أعتقد أن الذكر، لا يلد الذكر إلا إذا قذف إلى الأعلى. هل كان الأمر محض صدفة، أم وحيا؟ صرت أعتلي زوجي في السرير،كتجسيد فعلي، و سريع لهذا الاعتقاد. علاوة على أن هذه الوضعية تمنحني إمكانية أن يكون رأسي مرتفعا إلى السماء، مطلا على أضرحة سبعة رجال.و في حالة الهيجان، سالت من عيني دموع حارة. نزلت عبر أخدود صدري. امتزج الماء بالماء. سمعت أحشائي تزغرد، و رأيت جسمي يتوهج ... يتوهج، حتى غشي غرفة النوم نور ساطع يكاد يخطف الأبصار، و في رحم تلك الهالة النورانية، رأيت سبعة أقمار تبتسم لي، ومعهم الولد، الذي قبلني في حضرة الشيخ الأول من شيوخ سبعة رجال.
يوم الولادة، كانت الصدمة عنيفة. هزتنا جميعا. رفض زوجي أن يتقبل الأمر. صاح في وجهي:
- رحمك وكر ملعون، لا يلد إلا النحس. ما أقسى هذا اللقب على قلب
( أبو البنات)
طلقني زوجي مع بناتي . كان الأمر صعبا. معه أدركت متأخرة، أن الأجدر بالابتهالات،و التضرعات هي السماء و من لاذ بغيرها، أنزلت به عقابا ماكرا. توهمه بالأمل... تتعلق به الروح ... يتشبث به القلب، ثم تنزل العقاب المفجع. من تمسح بغير السماء، ظل هدفا دائما لسهام القدر.ما أعطت السماء هو الأبقى... هو الأصلح، و ما وعدت به الأضرحة مجرد سراب.
كانت كل كلمة من كلمات زميلتها تنفجر في القاعة كقنبلة صوتية تمزق طبلة أذنيها. بالكاد حملتها رجلاها. ألقت بنفسها داخل سيارتها، و قررت السفر بعيدا، دون أن تحدد وجهة لسفرها.
ضغطت على المكبح، حتى أنَّت الطريقُ تحت العجلات. كانت هناك إشارةٌ طرقيةٌ. مسحت الزجاج الأمامي، و من خلفه قرأت "سبع عيون"لم تصدق عينيها.كانت الإشارة تشير إلى الجهة التي تهب منها ريح سموم تحرق البشرة، و تحمل معها غبارا كثيفا يحجب النظر. التفتت يمنة،و يسرة.لا أحد تسأله.كانت هناك فقط طريق تمتد على طول البصر، في منعرجات حادة:
- أي بركة كامنة في هذا العدد الغريب، كل ما ينسب إليه حقيقي.كنت أعلم في قرارة نفسي، أن هذا المكان موجود، و أنا الآن، لا أشك في رونقه،وجماله. و ما يمكن لعيون سبع أن تسبغه عليه من خير و بركات. خاصة تلك العين الكبيرة. لابد أنها ستكون غزيرة عذبة.
انطلقت تقود سيارتها في تلك الطريق. ما أن وصلت إلى المكان المنشود، حتى انتهى حماسها، و قفت مشدوهة. لم تصدق ما تراه عيناها. كل الأحلام الوردية التي رسمتها حول هذا المكان تبددت في لمح البصر. هل تكون هذه الخيبة الأخرى،الحد الفاصل بينها، و بين البركات المزعومة لهذا العدد، أم أن افتتانها بكراماته، أكبر من أن ينغصها أي شيء.
لم تجد الكلمات المناسبة لتصف بؤس ذلك المكان، الذي امتد أمامها قفرا... يبابا. و الناس يركضون خلف البهائم المحملة بالبراميل ليقطعوا مسافات طويلة من أجل قطرة ماء عكرة. استوقفت هند أحدهم، و سألته.
- أين توجد العيون السبع؟ و خاصة تلك العين الكبيرة.
- لا أظنك تودين معرفة ذلك. و في ماذا يمكن أن يفيدك الأمر؟
ألحت عليه، و أخربته أن الأمر مهم جدا، وعليه ستبني مواقف كثيرة.
- العيون السبع يا سيدتي هم: القايد*...الخليفة...الشيخ...و أربعة مقدمين. شغلهم الشاغل هو إحصاء أنفاس الناس.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- * القايد ...الخليفة ... الشيخ ... المقدمين: رجال السلطة و أعوانها.


قديم 12-09-2014, 04:30 PM
المشاركة 2
جليلة ماجد
كاتبة وأديبـة إماراتيـة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
دائماً نبحث عما يهلكنا ...

و كأننا تلك الفراشة التي ﻻ تريد إﻻ اﻻحتراق !

أ. محمد الشرادي

لطالما ارتبط الرقم 7 بخرافات و حقائق كثيرة ...

هنا تأثر بالبيئة الشعبية القروية البسيطة ...

ثم الصفعة اﻷخيرة فمهما هربنا فالحقيقة تجدنا دائماً

نص مميز جدا جدا

بوركت أ. محمد

عند المطر ..تعلم أن ترفع رأسك ..
قديم 12-09-2014, 05:11 PM
المشاركة 3
حسام الدين بهي الدين ريشو
مشرف منبر بـــوح المشـاعـر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تناص مع مايردده الصوعن العد سبعة
وهو كذلك
يحمل أسرار كونية وتراثية
ودينية

الاخ الاستاذ / محمد الشرادي
يروق لي دائما انطلاقك من الثقافة الصوفية


خالص التقدير لك
ولقصتك
وحمدا لله ع السلامة

قديم 12-11-2014, 01:28 AM
المشاركة 4
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأستاذ محمد الشرادي

حين نبحث عن عيون تمطرنا شرابا زلالا ، حين نبحث عن عيون نروي بنظراتها بعبراتها بألقها ظمأ القلوب ، حين نحج إلى أرض الكرامات ، حين نؤمن برحيق ذواتنا ، فلا ننس أيضا أننا رهن حسابات عيون لا تنام .

تحياتي و تقديري .

قديم 12-15-2014, 10:23 PM
المشاركة 5
عبدالحكيم ياسين
فنان وأديـب ساخر سوري

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اقتباس مع تقسيم وتسجيل تعقيبات(بالأخضر):
[justify]1-
سبع نسوة سمينات يحطن بسريرها.عانقتها إحداهن،و سلّمتها ورقة خضراء، رُسمت عليها سبع أعين.ثمّ توجّهت إلى صديقاتها و أخبرتهن:- السفر إلى سبع عيون شاق،و طويل ،و علينا الانصراف في الحال، إن كنّا نحرص على الوصول في رابعة النهار. [/justify]

[justify]
1-الرؤيا-
قرأت هذا المقطع مايقارب المرّات السبع..ووجدت أنّ الوصول في رابعة النهار قد يعني أحد هذه التفسيرات :
-الوصول إلى موقع الحظوة لدى حضرات العيون السبع قبل اقتراب أفول يومهم(سلطانهم)
-الوصول أثناء الدوام الرسمي.
-الوصول في موعد مضروب مسبقاً(موعد طعام الغداء مثلاً).
أمّا الورقة الخضراء فرغم أنّها قد توحي بالنقد إلّا أنّ وجود عيون سبعة عليها توحيبأنّها خارطة طريق أو بطاقة عضوية أو (كرت توصية) أوجواز سفر..والنسوة السمينات كناية عن الترف والخبرة المكتسبة من التقدّم في السن..وتفيد السخرية على الأرجح..[/justify]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ
[justify]2-
قفزت هند من سريرها مذعورة، ثم خرجت، و القلق يؤجّج في عقلها الأسئلة.بعد الرجوع من عملها، قرّرت أن تؤدي صلاة الاستخارة،لعلّها تهتدي إلى السرّ الكامن في هذا التواجد الكثيف للعدد سبعة في حياتها هذه الأيّام،و إلى سرّ ذلك المكان – سبع[/justify]


[justify] 2-محاولة التأويل:
القفز من السرير :قد يكون مجرّد مبالغة تعبيرية لتأكيد الذعر ..الخروج للعمل وانشغال البال هو تعبير عن تأثير الأحلام على حياة بعض الناس الواقعيّة..صلاة الاستخارة:تدلّ على سلامة النيّة وتعني أنّ هند أمامها أكثر من خيار وتسأل الله التوفيق إلى اختيار الأصلح في الدنيا والآخرة إ..أمّا حجوم العيون فقد اتضح معناها باكتمال القصّة..وجحوظ الأصغر يعنى: قربها من السالكين إليها ..وشدّة تأثيرها فيهم قسوة ولينا..هذا إن وجد اللين..[/justify]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
[justify]3-
في الحقيقة،ليست هند غريبة عن أجواء العدد سبعة.عاشت ردحاً طويلًا من عمرها، بين أحضان طقوسه المترعة بالأحلام، و الابتهالات والأحزان.في قريتها القريبة جدّاً من قرى القرون الغابرة.فتحت عينيها،و عقلها ،و قلبها على - سبع رواضي – تلك المقابر السبع المسكونة بالأرواح،و بسبعة ضمّان يضمنون الناس عند ربّهم في الدنيا، و الآخرة.
تنهدت تنهيدة حارة،مصحوبة بكلمات مغلفة بعواطف مبهمة:
- آه يا سبع رواضي. يا بنك الوجع. لكلّ قروي فيك حساب جار من الألم...رصيد كبير من الابتهالات، و الخيبات.
تحت ثراك ينام رميم أجدادنا،و قد أسبغ عليها العدد سبعة كراماته، فصارت لها مكانة في العقول، و القلوب.[/justify]
([justify]هنا:ينام عائد على مذكّر..وفي:أسبغ عليها:العائدية لمؤنث..فما هو المعنى بالضبط ؟
بصراحة لم أفهم ..إلّا أن كان هناك خطأ كيبوردي في أسبغ عليها أن يكون الصواب:عليه..
أو بدل ينام :تنام ..على فرض العظام التي أصبحت رميماً..)[/justify]

يا لغرابة هذا العدد. يحفّ بنا كالهواء من كلّ الجهات. يندس في ثنايا حياتنا... يتسرّب إلى معتقداتنا...
يضفي على أوهامنا،و خرافاتنا قداسة لا تقهر.

[justify]3-التفاتة إلى الوراء:

في هذه الفقرة كلّ شيء واضح ..عدا السطر الأخير فهو يحمل شحنة تربوية على لسان بطلة القصّة ..وفيه اعتراض غير مباشر على أمرين:
-خلط مايجب اعتقاده بما لا يجب..
-اعتراض غير مباشر على إضفاء القداسة على الأوهام والخرافات ..وكلّ ذلك على لسان بطلة القصّة..[/justify]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
[justify]4-
ثم يأتيها صوت زوجة أبيها مفعماً بالحيوية، و الرهبة،و هي تردًد الحكاية نفسها:- سبع رواضي، رحاب طاهرة. كلّما عزّ المطر، وعطش الزرع، و جفّ الضرع.وقف جدّي القديم، في الغسق بين القبور،مبتهلاً متضرّعاً،فتنزل من السماء خيمة عظيمة،ينصبها الناس للأكــل، و طلب الغيث، و ما يكاد النهار ينتصف إلّا و المطر يهطل مدراراً،و شآبيب الرحمة تبهج الناس، وتبلّل ثيابهم و قلوبهم.أما هي فذكرياتها مع كلّ شيء مقرون بالعدد سبعة موسومة بالحزن، و الوجع[/justify]

[justify]4-تجربة زوجة الأب:
تجربة زوجة الأب مع العدد سبعة: زوجة الأب وهند لهما تجربتان مختلفتان مع العدد سبعة..الأولى زعمت أنّ العدد سبعة أفلح في تأكيد قدسيته لديها..والثانية لم يفلح..والمحتمل في هذا النوع من المحاكمات أنّ التجارب تجاه السماء تختلف فقد يتوجّه متوجّه إليها فينال مادعا به وقد يفشل آخر في نيل مراده..فقد يكتب كاتب ملحد نصّاً يصوّر فيه تجربة فرديّة يفشل فيهامن يتوجّه إلى السماء فلاتستجيب له ..ماردّ المؤمنين بالتوجّه للسماء عندها..هل ملاذهم الأخير هو منطق المتاجرة مع الله كما فعل أحد الصالحين عندما دعي لمناظرة فيلسوف ملحد فقال له :إذا كان ماتقوله حقّاً(من إنكار وجود الله) فمصيرنا نحن المؤمنين به وأنتم واحد هو الموت والفناء وخسارة كلّ ماجمعناه ومابنيناه ..وإذا كان حقّاً مانقوله نحن المؤمنون
به فقد فزنا وخسرتم ..فأنتم خاسرون في الحالين ونحن رابحون وحدنافي حال وخاسرون معكم في آخر..ولو تابع الكلام لقال:ولانظنّكم ستخسرون شيئاً إن آمنتم لأن الله يقبل القليل القليل من العمل ..وبذات المنطق يمكن مواجهة معظم المعتقدات التي تصبح مثار خلافولايمكن البرهنة على صحتّها مباشرة ..فدعاء هند للرواضي لم يفلح في إنقاذ حبيبها ولكن هل هناك ضمانة دائمة على استجابة السماء لدعاء كهذا..المثال في النصّ كان تجربة شخصية لهند ولصعوبة الخوض في موضوع كهذا بمنطق التجارب الشخصيّة لايمكن الإتيان بأمثلة قويّة مقنعة ..والأفضل استخدام النصوص المقدّسة التي تتناول هذا الأمر ..والمنطق الذي استخدمته زميلة هند يذكّرني بمنطق سيّدنا ابراهيم عليه السلام في الآيات الكريمة:
فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ{76}
فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ{77}
فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ{78}
إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ{79}
وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً
وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ{80}
وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً
فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ.
وهو منطق التجربة الشخصية نفسه ولكنّه هذه المرّة في أمر شديد الوضوح. ورغم ذلك اختلف فيه ابراهيم مع قومه وفعلوا مافعلوه ونجّاه الله ..فمن ذا الذي يملك إيمان ابراهيم في الموضوع الذي تناوله نصّ الكاتب الكريم ..فيقف ويقول مقالة ابراهيم في مجتمع فيه سبع عيون كالعيون التي اكتشفتها هند ..وهنا يخطر لنا أن نتساءل :هل كلّ قائد ..وهل كلّ خليفة ..وهل كلّ شبخ ..وهل كلّ مقدّم ..هم كالذين نطق باسمهم مجهول في نهاية النصّ ليس من الضروري أن يكون الكاتب قاصداً إعطاء منطقه المصداقية بل هو من جملة الناطقين وللقاريء حريّة اتّخاذ الموقف منه ومن غيره..؟ وهذا الناطق المجهول كأنّه يقول إنّ هناك ارتباطاً وثيقاً بين الفكر المسيطر على عامة الناس وهذه العيون السبع ..فإن كان التوجّه لغير السماء هو السلوك السائد في الناس كانت العيون السبع تحصي أنفاسهم ..ولكن ماذا لو كان التوجّه للسماء باللسان فقط ,والتوجّه لغيرها بالقلب والأيادي ..ماذا تفعل العيون السبع عندها؟ هل تكتفي بإحصاء الأنفاس أم تجد أنّ الإحصاء عمل مرهقوالأفضل تصفيرها والبدء بالعدّ من الصفر..؟[/justify]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[justify]5-
و قصّتها مع "سبع رواضي" كانت مؤلمة. سيظلّ ألمها يعتصر قلبها إلى الأبد،وكلّما سنحت لها الفرصة حكتها بحسرة عميقة:- يوم مشؤوم. كانت فيه الأرض و كأنّها تريد الالتحام بالشمس، التي صارت فوق هاماتنا.تصهر أمخاخنا، و نقي عظامنا. خلت أزقة القرية الضيّقة من البشر، و البهائم، و الطير.لتحتلها حمم الشمس الحارقة، و الظلال الرابضة أمام البنايات، و الأشجار كحيوانات سقيمة.ابتلعت جميع الكائنات أصواتها،باستثناء جداجد احتمت بجحورها،و طفقت تضغط على الأعصاب بأزيزها المسترسل.في ذلك اليوم ، تبيّن لمحمّد ، حبّي الأوّل، و الأخير.أنّ العوم في النهر وحده القادر على التخفيف من غلواء هذا الحرّ.ظلّ يسبح حتّى دنت الشمس من المغيب. اقترب من ملابسه.كانت هناك تتربّص به،أفعى ضخمة نفثت سمّها في جسمه. نزل الخبر على قلبي كالصاعقة.صعدت التلّ، الذي تستريح على سفحه المقابر السبع. ابتهلت ابتهالاً حارّاً، بعينين دامعتين.قرّبت ذبيحة سمينة. تركتها هناك للأرواح، و سبعة ضمّان.لكنّهم قابلوا تضرّعي، و ابتهالي بخذلان كبير. دفن عمّي ابنه في فناء بيته.و دفن معه قلبي، و رغبتي في الزواج إلى الأبد.أيمكن لخيباتها المتكرّرة مع هذا العدد، أن تقلّل من هيبته في قلبها؟بالطبع لا. مازال يفتنها.و إن لم يكن كما في السابق، فقد ظلّ قابعاً في دواخلها. [/justify]


[justify]5-تجربة هند:
تجربة مريرة ولكنّها لم تكن فاصلة ..وكلّ مانتج عنها هو إحداث صدع في جدار القدسيّة للعدد سبعة الذي بنته بيئة ضاغطة ..لبناته حكايات وطقوس تعارف عليها غالبية المحيطين بهند..[/justify]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[justify]6-
وصلت هند إلى مقرّ عملها، و هي غارقة في التفكير. جلست خلف مكتبها متعبة.فجأة، دخلت المكتب فتاة في مقتبل العمر.توجّهت صوب زميلة هند في العمل.قبّلت رأسها،ثم يديها.أدركت هند أنّها أيضا ابنة أخرى لصاحبتها.عندما انصرفت، و تحت تأثير المفاجأة سألتها هند. أليس عندك أولاد...أعني الذكور؟ دوى السؤال في مسامع صديقتها دويّاً قويّاً، و بدا عليها ارتباك ملحوظ.نظرت إلى هند بحزن، وطفق الكلام يتدفّق من فمها بحرقة بالغة:- فتحتِ البعبع لينفلت منه ماردُ الذكريات الأليمةِ. كلّ ذرّيتي بنات.لا أعترض على ذلك.أحبّهن جميعهن. لكنّ حماتي تريد ذكراً لضمان استمرار نسل العائلة،و زوجي يريده ليقيمَ الدليلَ على كمال فحولته.لم أستطع أن أفهم، كيف يتعايش الرجل مع تناقض فاضح دون حرج. في الفراش يضمّ المرأة...يقبّل يديها...يتوهّج جسده... يَبْيَضُّ محيّاه، وعندما تطلّ عليه الأنثى من رحم زوجته يسْوَدُ وجهُه.صرت أصدّق الجميع.مرّة أعطاني فقيه أعشاباً كثيرة.طلب منّي أن أخلطَها مع الماء،و أغتسلَ به سبعة أيّام متوالية،
و ألّا أشاركَ السرير مع زوجي إلّا في اليوم السابع، لكنّ الولد لم يأت.قررّت في الأخير،أن أزور أضرحة سبعةِ رجال،بالترتيب الذي نصحَتني به أمّي.عندما كنت أغادر الضريح الأوّل، ارتمى صبي صغير في حضني، و قبّلني قبلة حارّة،و لمّا انشغلت بانتعال حذائي اختفى.لست أدري ما الذي جعلني أعتقد أنّ الذكر، لا يلد الذكر إلّا إذا قذف إلى الأعلى.
هل كان الأمر محض صدفة، أم وحياً؟ صرت أعتلي زوجي في السرير،كتجسيد فعلي، و سريع لهذا الاعتقاد.
علاوة على أنّ هذه الوضعيّة تمنحني إمكانيّة أن يكون رأسي مرتفعاً إلى السماء، مطلّاً على أضرحة سبعة رجال.
و في حالة الهيجان، سالت من عيني دموع حارّة. نزلت عبر أخدود صدري. امتزج الماء بالماء.سمعت أحشائي تزغرد، و رأيت جسمي يتوهّج ...يتوهّج، حتّى غشي غرفة النوم نور ساطع يكاد يخطف الأبصار،و في رحم تلك الهالة النورانية، رأيت سبعة أقمار تبتسم لي، ومعهم الولد،الذي قبّلني في حضرة الشيخ الأول من شيوخ سبعة رجال.يوم الولادة، كانت الصدمة عنيفة. هزّتنا جميعاً. رفض زوجي أن يتقبّل الأمر. صاح في وجهي:
- رحمك وكر ملعون، لا يلد إلّا النحس. ما أقسى هذا اللقب على قلب
( أبو البنات)
طلّقني زوجي مع بناتي . كان الأمر صعباً. معه أدركت متأخّرة،أنّ الأجدر بالابتهالات،و التضرّعات هي السماء و من لاذ بغيرها، أنزلت به عقاباً ماكراً.توهمه بالأمل... تتعلق به الروح ... يتشبث به القلب، ثم تنزل العقاب المفجع.من تمسّح بغير السماء، ظلّ هدفاً دائماً لسهام القدر.ما أعطت السماء هو الأبقى...هو الأصلح، و ما وعدت به الأضرحة مجرّد سراب. [/justify]


[justify]6-تجربة زميلة هند:

في هذا المقطع تسرد زميلة هند تجربتها..وتكون صادمة لبعض الأذواق ..في حديثها عن فراش الزوجيّة ..ولكن من يدري قد يكون ذلك مستورداً من الواقع ..وفي الواقع أحياناً مايفوق الخيال في شططه..[/justify]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[justify]7-
كانت كلّ كلمة من كلمات زميلتها تنفجر في القاعة كقنبلة صوتية تمزّق طبلة أذنيها.بالكاد حملتها رجلاها. ألقت بنفسها داخل سيارتها، و قرّرت السفر بعيداً، دون أن تحدّد وجهة لسفرها.ضغطت على المكبح، حتّى أنَّت الطريقُ تحت العجلات. كانت هناك إشارةٌ طرقيةٌ.مسحت الزجاج الأمامي، و من خلفه قرأت "سبع عيون"لم تصدّق عينيها.كانت الإشارة تشير إلى الجهة التي تهبّ منها ريح سموم تحرق البشرة،و تحمل معها غباراً كثيفاً يحجب النظر. التفتت يمنة،و يسرة.لا أحد تسأله.كانت هناك فقط طريق تمتد على طول البصر، في منعرجات حادة:
- أيّ بركة كامنة في هذا العدد الغريب، كلّ ما ينسب إليه حقيقيّ.كنت أعلم في قرارة نفسي، أنّ هذا المكان موجود، و أنا الآن، لا أشكّ في رونقه،وجماله.و ما يمكن لعيون سبع أن تسبغه عليه من خير و بركات.خاصّة تلك العين الكبيرة. لابدّ أنّها ستكون غزيرة عذبة.انطلقت تقود سيارتها في تلك الطريق. ما إن وصلت إلى المكان المنشود،حتىّ انتهى حماسها، و قفت مشدوهة. لم تصدّق ما تراه عيناها.كلّ الأحلام الورديّة التي رسمتها حول هذا المكان تبدّدت في لمح البصر.هل تكون هذه الخيبة الأخرى،الحدّ الفاصل بينها،و بين البركات المزعومة لهذا العدد، أم أنّ افتتانها بكراماته، أكبر من أن ينغّصها أيّ شيء.لم تجد الكلمات المناسبة لتصف بؤس ذلك المكان، الذي امتد أمامها قفراً... يباباً.و الناس يركضون خلف البهائم المحمًلة بالبراميل ليقطعوا مسافات طويلة من أجل قطرة ماء عكرة.
استوقفت هند أحدهم، و سألته.
- أين توجد العيون السبع؟ و خاصّة تلك العين الكبيرة.
- لا أظنّك تودّين معرفة ذلك. و في ماذا يمكن أن يفيدك الأمر؟
ألحّت عليه، و أخبرته أنّ الأمر مهمّ جدّاً، وعليه ستبني مواقف كثيرة.
- العيون السبع يا سيدتي هم: القايد*...الخليفة...الشيخ...و أربعة مقدّمين.شغلهم الشاغل هو إحصاء أنفاس الناس. [/justify]



[justify]7-مفاجأة:
في المقطع الأخير ..ينطق النصّ بخلاصة المراد وهو:هناك ارتباط وثيق بين تعميق الفكر التواكلي والخرافي وبين أصحاب النفوذوأصحاب المصالح ..وهنا ينطلق النصّ من مجتمع يحكمه الطغاة المستبدّون ,وتنتهي إليهم خيوط الانحراف عن الجادّة فهم يمسكون بها ويحرّكون الدمى التي تحرس الأوهام ولايبوح النصّ بأكثر من ذلك بل يترك للقاريء فرصة
الالتفات صوب التاريخ وإلى الحاضر الجاري ليرى أين تتقاطع الصور وأين تتباعد ..[/justify]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
[justify]في النصّ مقابلات غير مباشرة مثل:
سبع نساء سمينات -يقابلهن -سبع عيون (يفترض أنّهاعجاف )يسرن إليها وسيصلن في موعدمضروب لهن وهو موعد طعام الغداء (في رابعة النهار) حيث سيؤكلن غالباً...[/justify]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[justify]عند زوجة الأب: الرواضي تنزل المطر ..وعند زميلة هند في العمل الرواضي مصدر للإحباط وسبب للطلاق..[/justify]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[justify]ثلاث عيون تقرأ النصّ ثلاث قراءات:
العين الأولى:عين تقبل وجهة نظر زوجة الأب وتعتبر هند مهلوسة وضائعة وزميلتها معقّدة متمرّدة..
الثانية:عين ترفض كلّ وجهات النظر وتعتبر التوجّه للسماء سينتهي إلى نفس النهاية التي ينتهي إليها التوجّه للرواضي والأفضل البحث عن حلّ طبّي لموضوع الإنجاب..
الثالثة:عين تقبل وجهة نظر زميلة هند وتعتبر أن التوجّه للسماء ينتهي دائماً للخير
فإن لم يتحقّق المراد فلأنّ الله يعلم ماسيكون ويعلم أنّ المراد ليس بأفضل من الواقع..[/justify]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[justify]العين الأولى:ترى في الرواضي رواضي (رضاها مؤثّر فعلاً فوق الأرض وتحتها)..
الثانية ترى:الرواضي والسماء سواء والحلّ في تحكيم منطق العلم
والطلاق التامّ مع الغيبيات التي هي بنك الوجع الحقيقي..
الثالثة ترى مافوق الأرض مرتبط بما تحتها من الرواضي وكلاهما بنك وجع..
والحلّ في مخاطبة السماء وحدها..ولكن العيون الثلاث قد تتّفق على حذف أل التعريف من:القايد-الخليفة-الشيخ-المقدّمين الأربعة-واستخدامها يعني أحد أمرين:إما أنّ التعميم يتناول واقعاّ محلّياً مرتبطاً بزمان ومكان محدّدين وبذلك لايفيد التعميم حقيقة..أو أنّ النصّ يريد التعميم فعلاً وكل قائد وكلّ خليفة وكلّ شيخ في كلّ زمان وكلّ مكان هو بنك وجع وهذا رأي ليس غريباً عن المجتمعات البشريّة فثمّة من قال بهذا المقال عبر التاريخ ..وهورأي خاصّ في النهاية..ويمكن التخلّص من هذا المشكل بحذف أل التعريف ممّا يعطي للنص بعداً منطقيّاً أكثر ويبدو أقرب للتقوى من حيث العدالة في القول ..ولا يضرّ حرّية التعبير الأدبي أن يكون هناك بعض التعديلات على عباراته الإشكالية خصوصاً إن لم يغيّر المعنى كلّياً وأصبح أكثر دقّة ومقبوليّة..من محاسن النصّ أنه يترك فيما يقوله وفيما يثيره لهذه العيون الثلاث حريّة الحركة والحكم لأن الأشخاص فيه هم الذين نطقوا وليس الكاتب ..ويظلّ احتمال أن يكون النصّ مجرّد لقطة فوتوغرافيّة للواقع..حتى مع وجود أل التعريف في القايد والخليفة والشيخ مادام الناطق هو واحد من شخصيّات القصّة وليس الكاتب نفسه ..ومن حقّ الكاتب نقل الواقع كما هو ..ورغم اختلاط الحلم بالواقع في النصّ وروح السخرية الخفيّة التي تطلّ من بين السطور إلا أنّ الأحلام في النهاية هي الأحلام وهي امتداد واقعي مهما بدا غريباً وبذلك يكون كلّ مافي النصّ مألوف في الواقع بكلّ الآراء التي حواها..ورغم حياد الكاتب في المحصّلة إلّا أنّه ببنائه على تجارب الشخوص الفرديّة بدا متعاطفاً مع واحدة من وجهات النظر التي تتعلّق بالموقف من العيون السبع ..واعتبارها عائلة واحدة فوق الأرض وتحتها وفي مواجهة السماء التي لاتقف موقف المتفرّج وإنما لها موقف فاعل يتمثّل في المكر بمن يلوذ بغيرها بأن تتركه تحت رحمة من عاذ به ممّن لابقدرون على شيءولايملكون لأنفسهم ضرّاً ولا نفعاً إلا بما شاءت السماء ..والمشكلة ليست في الأقوال فكلّ امريء يستطيع بالأقوال أن يتوجّه للسماء وحدهاولكن أين تكون يده هذا هو المهمّ..فكم من يد تشدّ أزر من هو مبتكر للأوجاع
مورّد لها إلى كلّ الأصقاع والفم ينادي السماء والسماء تقول له:يقولون بألسنتهم ماليس في قلوبهم ..وكم من مناد ينادي الرواضي جهلاً منه بالواجب ويده تتورّع عن ملامسة الموجعين وصنّاع الوجع ومبرّريه ..والوجع الأكبر يوم الفزع الأكبرلايخيف إلّا من رنا إلى السماء بقلبه ودعاها بلسانه وأمتنعت يده عن العبث بحدودها..وما أقلّ هؤلاء..
الأستاذ محمّد ..تعبيراً عن تقديري لنصّك الجميل ولغتك الشاعرةورمزيّتك الراقية ..كتبت ماكتبت ..فأرجو أن أكون قد نجحت في تقديم فائدة..دونما إثقال فرضته الإطالة..
مع كلّ التقدير ..وعاطر التحيّات ..[/justify]

قديم 12-16-2014, 10:48 PM
المشاركة 6
مصطفى الطاهري
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
تقديري لنفسك السردي أخي محمد الشرادي...
مع تحياتي الخالصة

قديم 12-16-2014, 11:19 PM
المشاركة 7
محمد الشرادي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
دائماً نبحث عما يهلكنا ...

و كأننا تلك الفراشة التي ﻻ تريد إﻻ اﻻحتراق !

أ. محمد الشرادي

لطالما ارتبط الرقم 7 بخرافات و حقائق كثيرة ...

هنا تأثر بالبيئة الشعبية القروية البسيطة ...

ثم الصفعة اﻷخيرة فمهما هربنا فالحقيقة تجدنا دائماً

نص مميز جدا جدا

بوركت أ. محمد
ارتبط العدد سبعة بالكثير مةالأمور في اذهان الناس. بلغ هذا الارتباط حد التقديس. و لكننا لا نقدس عددا و لا نعبد سوى الخالق .
تكررت خيباتها مع العدد لكنه ظل راسخا في فؤادها. حتى الخيبة الأخيرة .لم تكن العيون السبع سوى عيون المخزن و السلطة التي تحاصر الناس.
شكرا على مرورك الجميل.
تحياتي

قديم 12-16-2014, 11:20 PM
المشاركة 8
محمد الشرادي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
تناص مع مايردده الصوعن العد سبعة
وهو كذلك
يحمل أسرار كونية وتراثية
ودينية

الاخ الاستاذ / محمد الشرادي
يروق لي دائما انطلاقك من الثقافة الصوفية


خالص التقدير لك
ولقصتك
وحمدا لله ع السلامة
أهلا أستاذ حسام
شكر أخي على مرورك الجميل.
تحياتي

قديم 12-16-2014, 11:22 PM
المشاركة 9
محمد الشرادي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الأستاذ محمد الشرادي

حين نبحث عن عيون تمطرنا شرابا زلالا ، حين نبحث عن عيون نروي بنظراتها بعبراتها بألقها ظمأ القلوب ، حين نحج إلى أرض الكرامات ، حين نؤمن برحيق ذواتنا ، فلا ننس أيضا أننا رهن حسابات عيون لا تنام .

تحياتي و تقديري .
أهلا اخي ياسر. توحشتك.

هي العيون الحقيقية الوحيدة التي تحفنا و ترفنا. لا تنسانا أبدا.
شكرا اخي ياسر على مرورك البهي.
تحياتي

قديم 12-17-2014, 01:58 AM
المشاركة 10
زياد القنطار
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
في دعوة باذخة يفرد لنا الأستاذ محمد الشرادي على موائد الذائقة نصاً رائعاً ,وباقتدار المتمكن المتيقن سبيل الحرف استطاع أن يأخذه برمزيته إلى صميم واقع اجتماعي برافعته السياسية ,عازفاً على سيكولوجيا الانسان العربي ,وبواعث دافعية الخوف المتأصل في وجدانه الذي ينزع بها ومن خلالها للبحث عن طمأنينة تبرد حر سطوتها ,متمسكاً بالحكاية الاسطورة والخرافة ,في غياب لنهج وبرامج للدولة ومؤسساتها تتقصده للإبقاء على هذه الحالة التي يسهل من خلالها اللعب على التبعية المطلقة للسلطة بعجرها وبجرها ....
ولا تعد الخرافة أو الأسطورة حكراً على مجتمع بعينه ,ومرتبطة بسويته الثقافية .وإلا لما وجدنا تعلق الغالبية مثلاً في أمريكيا بالأبراج والفلك وقراءة الطالع حتى أتمتت في عصر العولمه لتصبح في متناول الجميع ,مع فارق أن في تلك المجتمعات يدفع الترف إلى مثل هذا السلوك .ونحن مازال الخوف يدفع بنا نستجير من رمضاء حالنا بنار العيون السبع ...........ّّ!!!!
أستاذ محمد الشرادي اشتقنا حرفك وتواجدك ,,,وتوحشناك إن أردت ....دام قلمك نابضاً بالإبداع مع خالص التقدير والمودة

هبْني نقداً أهبك حرفاً

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: سبع عيون
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عيون المليح نوري الوائلي منبر الشعر العمودي 2 06-05-2017 11:43 PM
عيون حامية ياسر علي منبر القصص والروايات والمسرح . 11 01-13-2015 09:12 PM
عيون خبيره ابو ساعده الهيومي منبر القصص والروايات والمسرح . 4 08-10-2014 11:00 PM
عيون القلب.. علاء الأديب منبر الشعر العمودي 0 11-18-2013 10:46 AM
عيون الناظرين احمد السناني منبر البوح الهادئ 13 08-20-2010 04:07 AM

الساعة الآن 04:09 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.