احصائيات

الردود
4

المشاهدات
5251
 
عبدالله علي باسودان
من آل منابر ثقافية

عبدالله علي باسودان is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
296

+التقييم
0.09

تاريخ التسجيل
Sep 2015

الاقامة
في السويد

رقم العضوية
14148
02-05-2016, 10:32 AM
المشاركة 1
02-05-2016, 10:32 AM
المشاركة 1
افتراضي رداً على من كفر الإمام البوصيري,
رداً على من كفر الإمام البوصيري رحمه الله:
فوائد في ترجمة الإمام البوصيري

للدكتور الشريف محمد حمزة بن محمد علي الكتاني الحسني الإدريسي

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الإمام ابن حجر الهيتمي في "المنح المكية بشرح الهمزية البوصيرية" ج1 ص105: "وإن من أبلغ ما مدح به النبي صلى الله عليه وسلم من النظم الرائق البديع، وأحسن ما كشف عن كثير من شمائله من الوزن الفائق المنيع، وأجمع ما حوته قصيدة من مآثره وخصائصه ومعجزاته، وأفصح ما أشارت إليه منظومة من بدائع كمالاته، ما صاغه صوغ البسر الأحمر، ونظمه نظم الدر والجوهر، الشيخ الإمام، العارف الكامل الهمام، المتفنن المحقق، البليغ الأديب المدقق، إمام الشعراء، وأشعر العلماء، وبليغ الفصحاء، وأفصح الحكماء، الشيخ شرف الدين أبو عبد الله محمد بن حماد بن محسن بن عبد الله بن صنهاج بن هلال الصنهاجي...البوصيري" .
"..أخذ عنه الإمام أبو حيان، والإمام اليعمري أبو الفتح ابن سيد الناس، ومحقق عصره العز ابن جماعة...وغيرهم، وتوفي سنة ست أو سبع وتعين وستمائة"...
"...وكان من عجائب الدهر في النظم والنثر، ولو لم يكن له إلا قصيدته المشهورة بالبردة ...لكفاه بذلك شرفا وتقدما، كيف وقد ازدادت شهرتها إلى أن صار الناس يتدارسونها في البيوت والمساجد كالقرآن...فاق أهل زمانه ورزقه الله تعالى من الشهرة والحظ ما لم يصل إليه أحد من أقرانه".

ووصف همزيته بقوله: "العذبة الألفاظ، الجزلة المباني، العجيبة الأوضاع، البديعة المعاني، العديمة النظير، البديعة التحرير، إذ لم ينسج أحد على منوالها، ولا وصل إلى عُلا حسنها وكمالها، حتى إن الإمام البرهان القيراطي المولود سنة ست وعشرين وسبعمائة المتوفى سنة إحدى وثمانين وسبعمائة، فإنه مع جلالته وتضلعه من العلوم النقلية العقلية، وتقدمه على أهل عصره في العلوم العربيةوالأدبية، لا سيما علم البلاغة، ونقد الشعر، وإتقان صنعته، وتمييز حلوه من مره، ونهايته مع بدايته؛ أراد أن يحاكيها، ففاته الشنب، وانقطعت فيه الحيل، عن أن يبلغ من معارضتها أدنى أرب".
"وذلك لطلاوة نظمها، وحلاوة رسمها، وبلاغة جمعها، وبداعة صنعها، وامتلاء الخافقين بأنوار جمالها، وإدحاض دعاوى أهل الكتابين ببراهين جلالها، فهي دون نظائرها الآخذة بأزمة العقول، والجامعة بين المعقول والمنقول، والحاوية لأكثر المعجزات، والحاكية للشمائل الكريمة على سنن قطع أعناق أفكار الشعراء، عن أن تشرئب إلى محاكاة تلك المحكيات، والسالمة من عيوب الشعر، من حيث فن العروض، كإدخال عروض على آخر، وضرب على آخر، من حيث فن القوافي، كالإيطاء وهو تكرير لفظ القافية بمعناه قبل سبعة أبيات، وقيل عشرة، وكالإكفاء وهو اختلاف حرف الروي، والإقواء وهو اختلاف حركته...إلخ" ويكفيها شهادة من إمام مذهب الشافعية تبع له.

وقال الإمام العلامة المشارك محمد بن أحمد بنيس الفاسي رحمه الله في شرحه للهمزية ص6: "هو – رحمه الله الإمام العلامة الهمام، العارف بالله، الصادق في محبة سيدنا رسول الله؛ أبو عبد الله سيدي محمد بن سعيد..إلخ".

وممن شرح البردة من الأعلام: علي البسطامي، ومحمد بن محمد الغزي، ومحمد شيخ زادة، والقاضي بحر الهاروني، ومحمد بن يعقوب الفناري، وعلي اليزدي، وابن الصائغ، وحسين الخوارزمي، وابن هشام النحوي، وخالد الأزهري، ومحمد بن أحمد المحلي الشافعي، وخضر العطوفي، وطاهر ابن حسن المعروف بابن حبيب الحلبي، ومحمد ابن مرزوق التلمساني، وأحمد بن مصطفى، وجلال الدين الخجندي، وأبو شامة المقدسي، وأحمد الأزدي القصار، ويحيى بن منصور الحسني، وأحمد الشيرازي، ومحمد الكردي السهراني، وعلي القاري، والشهاب القسطلاني، وزكريا الأنصاري، وابن حجر المكي، وأبو الفضل المالكي، وعثمان العرياني، ومحمد الجوجري...وغيرهم عشرات من أئمة المشرق والمغرب.

وترجمت وشرحت للغات التركية، والفارسية، والألمانية، والإنجليزية، والتترية، والفرنسية، واللاتينية...إلخ، مما بدل على عظمة الإقبال عليها من كافة أمم العالم. كما ذكر ذلك د. محمد درنيقة في "معجم أعلام شعراء المدح النبوي" ص356.

وللبوصيري – رحمه الله – تراجم نفيسة في كل من: "فوات الوفيات" 3/ 362-369، و"الأعلام" للزركلي 6/ 139، ومعجم كحالة 10/ 28، و"الوافي بالوفيات" للصفدي 3/ 105-113، و"شذرات الذهب" 5/ 432، و"كشف الظنون" 2/ 1331-1336، وترجم له الشيخ محمد رشيد رضا في "الوحي المحمدي" ص135.

ويا أخي؛ لو كان في البردة أو الهمزية بعض الأبيات قد تستنكر، فإن بقية أبياتها البردة نحو مائة وسبعين، والهمزية نحو خمسمائة، كلها من عظيم الشعر، ورقيق المعاني، وجزيل الألفاظ، وبالغ العلوم .

وشيخ الإسلام ابن تيمية ذكر في المجلد الأول من كتاب "الاستغاثة" بأنه لا يكاد يخلو شعر من شعر المداحين في النبي صلى الله عليه وسلم، من تجاوزات، ولم يكفرهم أو يشتمهم، بل سمى الصرصري وشعره فيه من الاشتغاثات أكثر من البوصيري ب"حسان السنة"..فتنبه، واعلم كيف يعامل العلماء.

ثم يا أخي؛ يقبل في الشعر ما لا يقبل في غيره، فالشعر مبني على المبالغة في الوصف والتشبيه، وليس تقريرا لعقائد كما لا يخفى على مطلع، فها هي عائشة الصديقة رضي الله عنها تقول عن النبي صلى الله عليه وسلم:

خلقتَ مبرّأً من كل عيب === كأنك قد خلقت كما تشاء

فكأنها فضلت مشيئته على مشيئة الحق تعالى، ومشيئة الحق أبلغ وأحكم وأرقى كما لا يخفى، ولم يلمها أحد على ذلك .

ويكفي الرجل فضلا أن تفرغ لمدح سيد الثقلين صلى الله عليه وسلم، فكان حريا أن يشفع لنا ذلك فيه، ونتأدب في الحديث عنه، كيف وقد تورط حسان بن ثابت رضي الله عنه في مسألة الإفك، فلم تطعن فيه عائشة، وغفرت له، ونهت عن الطعن فيه قائلة: لا أشتمه وهو القائل:

فإن أبي ومالي ثم عرضي==== لعرض محمد منكم وقاء

سؤال من بعضهم:
[قال عبد الرءوف محمد عثمان في كتابه : " محبة الرسول بين الاتباع والابتداع " :
[ يقول البوصيرى في البردة التي يترنم بها ملايين الصوفية :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حدوث الحادث العمم
ولن يضيق رسول الله جاهك بي ... إذا الكريم تجلى باسم منتقم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم
فهذا الشاعر خلع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أوصاف الربوبية والألوهية ما لا يليق وصف أحد به إلا الله وحده ، فجعل الرسول وحده ملاذه ومعاذه عند حلول الخطوب ونزول الشدائد ثم نسب إلى الرسول الشفاعة مطلقا كما يعتقده المشركون في الشفاعة الشركية التي تكون بدون إذن ولا رضى من المشفوع عنده وإنما تكون بجاه الشافع ومكانته فقط].

الجواب: أخي الكريم، العجب أن كثيرا ممن ينتقد البردة لا يكون ممن قرأها، أو متحاملا من غير علم ولا وعي، وقد أسلفت أنه يقبل في الشعر من المبالغة وأشباهها ما لا يقبل في غيره .

فقول القائل أعلاه عن تلك الأبيات، يدل على أنه لم يفهم ما قرأ، أو لم يستوعبه، أو أنه متحامل من غير بينة، فصاحب البردة - رحمه الله - قالها في معرض الحديث عن الشفاعة يوم القيامة، ولا شك أن أهل الموقف يلجؤون إلى الأنبياء، فيردهم كل نبي إلى أن يصلوا للنبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله، والحديث بذلك موجود في الكتب الستة، وهو من عقائد الإسلام.

فالكاتب إما لم يفهم، أو أنه مخالف لعقيدة أهل السنة والجماعة من أن النبي صلى الله عليه وسلم هو من سيلجأ إليه أهل المحشر لطلب الدعاء إلى الله تعالى من أجل تفريج ما هم فيه، وليس سواه من الخلق، بل ولا الخالق، من سيلجأون إليه..فكلام البوصيري هناك عين الصواب.

وقد بين ذلك بقول: "ولن يضيق رسول الله جاهك بي، إذا الكريم تجلى باسم منتقم"...يعني يوم القيامة .

سؤال: [ثم نراه يجعل الدنيا والآخرة من جوده ، وأن علم اللوح والقلم من بعض علومه وهذا مع ما فيه من الشرك كفر بالله عز وجل . لأن كل ما ذكره من أوصاف الربوبية والألوهية لا يجوز بأي حال من الأحوال وصف أي مخلوق بها وإنما أي من صفات الخالق وحده .
قال تعالى : { أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ } وقال تعالى : { يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا } . وقال تعالى : { وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ } . . . الآية . وقال تعالى : { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا } ] اهـ المقصود.

الجواب: هذا فيه من التحامل وعدم الفهم ما لا يصور، لأن كلام الناظم في الشطر الأول يقتضي معنيين:
إما أن من جوده خير الدنيا، وخير الآخرة، وحذف لفظة "خير" للمجاز، فلا ضير ولا خلاف في ذلك، إذ باتباع شريعته صلى الله عليه وسلم يحصل خير الدنيا والآخرة، كما تقرر في الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الكثيرة...حتى قال الإمام الشافعي رحمه الله في مقدمة "الرسالة": "فلا نعمة تصيبنا في الدنيا والآخرة حسا ومعنى إلا وهو الواسطة فيها صلى الله عليه وسلم"..أو كلاما هذا معناه، فليرجع إلى لفظه فيها.

وإما أنه يقصد أن الدنيا والآخرة من جوده صلى الله عليه وسلم، بمعنى استمرارهما وبقاؤهما، ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم "رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ" بنص القرآن، والعالمين جمع عالم، والدنيا والآخرة عالمان من العالمين، ولولا الرحمة لما قاما، فلا يشك مؤمن في ذلك، بنص الكتاب والسنة والإجماع.

وأما قوله : ومن علومك علم اللوح والقلم ... فهو يقصد القرآن الكريم ، لأن فيه نبأ كل شيء كما في الكتاب والسنة، و"شيء" عام ، ولا شك أن الله تعالى ما أرسله بالقرآن حتى علمه صلى الله عليه وسلم معانيه، ومستنبطاته، علومه...إلخ. فكلام البوصيري هنا لا غبار عليه.. وراجع علوم الكتاب وما ورد فيها من أقوال السلف والخلف، وما وردت فيها من الأحاديث والإعجاز، فكل ذلك من علوم النبي صلى الله عليه وسلم .

أما أن يظن ظان - كما قاله بعض المنتقدين - بأن علم الله تعالى مقصور على اللوح والقلم؛ فيستحق أن يتلى عليه: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِه}.

سؤال:
[لو ناسبت قدره آياته عظما ... أحيا اسمه حين يدعى دارس الرمم
يقول : إن النبي عليه الصلاة والسلام لم يعط آية تناسب قدره ، قال الشراح : حتى القرآن لا يناسب قدر النبي صلى الله عليه وسلم والعياذ بالله . يقولون : والقرآن المتلو بخلاف غير المتلو عند الأشاعرة ؛ لأنهم يفرقون بين هذا وهذا .
فهذا البوصيري يغلو ويقول : لو ناسبت قدره - يعني النبي عليه الصلاة والسلام - آياته عظما - يعني في العظمة - أحيا اسمه حين يدعى دارس الرمم ، فالذي يناسب قدره ، عند البوصيري أنه إذا ذكر اسمه على ميت قد درس ، وذهب رميمه في الأرض ، وذهبت عظامه أن تتجمع هذه العظام وتحيى ، لأجل ذكر اسم النبي صلى الله عليه وسلم عليه ، وهذا من أنواع الغلو الذي يحصل من الذين يعبدون غير الله - جل وعلا - ويتوجهون إلى الأنبياء والرسل ، ويجعلون في حقهم من خصائص الألوهية ما لا إذن لهم به ، بل هو من الشرك الأكبر بالله جل وعلا ، ومن سوء الظن بالله ، ومن تشبيه المخلوق بالخالق ، وهذا كفر والعياذ بالله]

الجواب: هذا كلام مخالف للصواب، عري عن التحقيق؛ لأن البوصيري هنا يصف ويتلذذ بالوصف والمناجاة، ولا يقرر عقيدة، ثم هو أنكر أن تحيا الموتى بذكر اسم النبي صلى الله عليه وسلم، فما مناسبة التحامل عليه وقد أنكر الموضوع ؟

ثم إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أحيى الله به القلوب، فما المانع من أن يحيي به الموتى، إلا أنه تعالى لم يفعل ذلك لحكمة يريدها تعالى .

وهاهو عزير عليه السلام، وعيسى عليه السلام، وهما أدون قدرا من المصطفى صلى الله عليه وسلم كما هي عقيدة أهل السنة والجماعة، وقد أحيى الله تعالى على أيديهما الموتى .

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل بنص القرآن "رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"، ومن عموم الرحمة إحياء الموتى، ولكن لم يكن ذلك من معجزاته صلى الله عليه وسلم، فلو ناسبت قدره آياته عظما، لعمت رحمته حتى الموتى فأحياهم الله تعالى عند ذكر اسمه الشريف صلى الله عليه وسلم .

وقوله بأن الشراح قالوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤت معجزة تناسب قدره، حتى القرآن الكريم .

أقول: هذا بهتان كبير، فمن قال بذلك من الشراح، وما هو نصه، وأين يقع؟... لم نر ولم نسمع قط بهذا ... ولا يقتضيه لفظ الشاعر أبدا، ولا يفهم منه ذلك قطعا .

وختاما، هذه رقائق ومبالغات لا حصر لها في كلام الشعراء قديما وحديثا، من مدح سعدى وسلما، والدن والدنان، ومن مدح الأنبياء والرسل عليهم السلام، فلا يجب أن نتعامل معها كما نتعامل مع النصوص الفقهية والبحوث الأصولية، لأنه تعارف أنها ألفاظ لا تقتضي ظواهرها، والمعروف عرفا كالمشروط شرطا كما لا يخفى على من يعلم علم الأصول...والله الموفق للصواب ، والسلام.

كلام الإمام الشافعي في مطلع "الرسالة" رحمه الله تعالى، هذا نصه: "وصلى الله عز وجل على نبينا محمد كلما ذكره الذاكرون، وغفل عن ذكره الغافلون، وصلى الله عليه في الأولين والآخرين، أفضل وأزكى ما صلى أحد من خلقه...فلم تمس بنا نعمة ظهرت ولا بطنت، نلنا بها حظا في دين ودنيا، ودفع عنا بها مكروه فيهما وفي أحد منهما إلا ومحمد صلى الله عليه وسلم سببها، القائد إلى خيرها، والهادي إلى أرشدها". إلخ، فلتراجع..انظر "مسالك الحنفا" للقسطلاني ص535.

فانتقاد من هو أعلاه قوله:
يا أكرم الرسل مالي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم

وما بعدها من الأبيات أسلفنا أنه يتحدث فيها عن الشفاعة يوم القيامة .

وقوله:
إن لم يكن في معادي آخذا بيدي فضلا وإلا فقل يا زلة القدم

هي الحوض والكوثر، وأنه صلى الله عليه وسلم يشربنا بيديه الكريمتين شربة لا نظمأ بعدها أبدا، لا حرمنا الله وإياكم من ذلك.

وقوله
فإن لي ذمة منه بتسميتي محمدا، وهو أوفى الناس بالذمم

وردت أحاديث ضعيفة في الموضوع، ذكرها ابن القيم في كتابه في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا ابن الرصاع في شرحه لأسماء النبي صلى الله عليه وسلم، ومثل ذلك يعمل به في الفضائل، ويستأنس به، ولا يعد ضلالا ولا كفرا بحال، خاصة في الشعر والتملق والتحبب فإنه مما لا حرج من ذكره...لأن الباب فيه واسع إجماعا .

وقوله:
ولا التمست غنى الدارين من يده إلا ونلت الرضا من خير مستلم

هو كلام الشافعي أعلاه، بمعنى أن الاهتداء بهديه، والاقتفاء لأثره صلى الله عليه وسلم يوجب خير الدنيا والآخرة، والأحاديث والآثار كثيرة في هذا، منها: "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له"، وهذا مما لا يشك مؤمن فيه .


وقوله
لولاه لم تخرج الدنيا من العدم

العدم لغة كما في "اللسان" و"التاج" : الحمق، وفقدان الشيء، وهو كناية عن الضلال والزيغ والكفر، ولا شك أنه لولا النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم تخرج الدنيا من الكفر والضلال والضياع، فهو خاتم الأنبياء والمرسلين، وسيد الغر المحجلين، والذي قال فيه تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، وقد كان العالم في كفر وجهل عميق حتى بعث الله تعالى نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم، فنسخ به الأديان، ولم يقبل تعالى إيمان أحد إلا بالإيمان به صلى الله عليه وسلم، فأخرجها الله تعالى به من العدم والجهل، ألم تر الحق تعالى يقول في سورة الضحى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى . وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى . وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} ؟ ، فما بالك في بقية الناس ؟

وقوله
فاق النبيين في خَلق وفي خُلق ولم يساووه في علم ولا كرم

فهذا من صميم عقائدنا، أما في الخَلق، فقالت عائشة الصديقة رضي الله عنها:
خلقت مبرأ من كل عيب كأنك قد خلق كما تشاء

وفي حديث الشمائل الترمذية أن يوسف حاز نصف الجمال، ومحمدا صلى الله عليه وسلم حاز كل الجمال، بأبي هو وأمي .

أما خُلقه صلى الله عليه وسلم، فقد قال الحق تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، فماذا يقول الواصفون في خلق وصفه رب السماوات والأرض بأنه عظيم ؟، لقد تكسرت دون ذلك الأعناق ، وأيس العالمين هنالك عن اللحاق ... وقد قالت عائشة الصديقة سلام الله عليها، عندم سئلت عن خُلق النبي صلى الله عليه وسلم: "كان خلقه القرآن" .

أما علمه وكرمه صلى الله عليه وسلم، فلا يشك عاقل بأنه فاق في ذلك الوصف، ولست أفهم ما معنى انتقاد المنتقد لهذا البيت؟، وكأنه لا يؤمن بمضمونه وهو من أولويات عقائد الإسلام لا السنة فحسب .

وقوله
دع ما ادعته النصارى في نبيهم واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف وانسب إلى قدره ما شئت من عظم

فلست أدري ما المنتقَد هنا ؟، فقد نسب النصارى عيسى عليه السلام للألوهية، فنهانا الشاعر عن ذلك، قائلا بأن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم قد حاز الكمال، وحاز منتهى الجمال الخَلقي والخُلقي، فكل وصف يوصف به خلا ما هو من صفات الألوهية، كالنفع والضر، والخلق والقتل...إلخ مما هو من صفات الألوهية، لا يعدو أن يكون صفة من صفاته صلى الله عليه وسلم، وهذا من باب المبالغة في المدح والتعظيم، ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم حري بذلك، ولله در القائل:

هام الورى في معان أنت جامعها فكلهم لك عشاق وما علموا

فجعل أن كل صفة من صفات الكمال قد حازها النبي صلى الله عليه وسلم، حتى صار كل من أحب صفة من صفات الكمال والجمال إنما أحب النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يشعر .

حتى قيل بأن الشعراء الأول؛ من أهل القرون الأول ، عزفوا عن المدح النبوي ، هيبة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وعجزا أن يأتوا ببعض البعض من أوصافه ، حتى قال أبو نواس غفر الله له ورحمه ، وقد سئل لماذا لم يمدح الإمام عليا الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي ، وفاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى آله، فقال:

قِيل لي: أنت أفصح الناس طُرّاً في فنونٍ من الـكـلام النـبـيهِ
لك من جوهر الـكـلام بـديع يُثمر الدرَّ في يدَي مُـجـتنـيهِ
فـعلامَ تركتَ مدحَ ابن مـوسى والخـصالِ التي تجمّعن فـيـهِ
قلتُ: لا أستطيـع مـدح إمـامٍ كـان جـبريل خادمـاً لأبـيـهِ

بل ذكر الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره، أو "البداية والنهاية" الشك مني، أن حسانا أول ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ورجع إلى قومه، سألوه أن يهجوه لهم فقال:

لما نظرتُ إلى أنواره سطعت وضعتُ من خيفتي كفي على بصري
خوفا على بصري من حسن صورته فلست أنظره إلا على قدري
لَنْوار من نوره في نوره غرقت والوجه منه طلوع الشمس والقمر
روح من النور في جسم من القمر كحلة نسجت بالأنجم الزهُر

لنوار يعني: الأنوار. فانظر إلى جزالة اللفظ، وعذوبة الأسلوب، ورقة المعاني، وهي أمور لا يعدو البوصيري رحمه الله أن يكون مقتبسا منها .

والبيتان لا يدعوان إلى اختلاق الأقاصيص في ذكر أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا منهي عنه إجماعا، إنما هو مباهاة وفخر بالنبي صلى الله عليه وسلم - درج على ذلك جل الشعراء - بأن أوصافه بلغت كمال الكمال، ومنتهى الجمال والجلال، ولله در القائل:
فلو سمعوا في مصر أوصاف خده لما بذلوا في سوم يوسف من نقد
وصحب زليخا لو رأين جبينه لآثرن بالقطع الفؤاد على الأيدي!

وبيتا البوصيري لا يعدوان أن يكونا ترجمة لما قالته عائشة رضي الله عنها:

وأجمل منك لم تر قط عيني وأكمـل منك لم تلد النساء
خلقـــت مبرأ من كل عيب كأنك قد خلقت كما تشاء
أما قوله:

لو ناسبت قدره...البيت

فقد مر الحديث عنه.

وقوله:

لا طيب يعدل تربا مس أعظمه ..... طوبى لمنتشق منه ومنتسم

فهذا فيه من الرقة، وعذوبة اللفظ ما لا يكيف، وفيه من الشاعرية والتحبب والتقرب للنبي صلى الله عليه وسلم ما يعلمه أهل البلاغة والبديع والمعاني، فأخذ ألفاظه على ظاهرها فيه ما فيه من التكلف والبداوة على أن ظاهر اللفظ لا خلاف فيه أيضا، فإن الله حرم الأرض على أجساد الأنبياء كما في الحديث الصحيح، ولا شك أن أكابر من الأمة نبشت قبورهم فوجد بها من روائح المسك والعطور ما لا يكيف، ومنهم جدنا الرابع الإمام محمد بن جعفر الكتاني رحمه الله تعالى، فقد نقل من قبره لقبر آخر بعد موته بسنتين، فوجد كما هو لم تمسه الأرض، وفاحت روائح المسك والعطور بحيث شمها أهل منطقة القباب وباب الفتوح، وخرجوا لجنازته في العاشرة ليلا، وهو أمر متواتر ما زال من حضره أحياء بفاس إلى الآن .

ناهيك بقبر النبي صلى الله عليه وسلم، الذي هو سيد الكونين والثقلين والفريقين من عُرب ومن عجم...وفي الحديث أن قبر المؤمن روضة من رياض الجنة، وأنه يملأ نورا وطيبا، والبيت أعلاه تصديق لهذا، ولا شيء فيه أصلا، ولا انتقاد .

أما قوله
أقسمت؛ بالقمر المنشق إن له من قلبه نسبة مبرورة القسم

فلم أفهم وجه الإنكار؟، وكأن المنكِر فهم أن المؤلف - رحمه الله - أقسم بالقمر المنشق، وهذا غير صحيح ، وباعتباره يبقى لا معنى للبيت أصلا .

فقوله: "أقسمت": قسم محذوف المقسوم به، نحو قولك: أقسمت إنك عظيم القدر كريم الشيم، وكقولك: أقسمت إن محمدا لعلى خلق عظيم...فهو يقول: "أقسمت إن لمحمد صلى الله عليه وسلم من قلبه بالقمر المنشق نسبة موفورة القسم" وهو هنا يتحدث عن معجزة انشقاق القمر في بحر حديثه عن معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، والآيات التي أظهر الله بها دينه، ويقول بأن القمر المنشق له من قلب النبي صلى الله عليه وسلم نسبة موفورة القسم، كما أن للبدر في ليلة أضحيان - كما في شمائل الترمذي - من وجهه صلى الله عليه وسلم نسبة موفورة القسم..ومعنى ذلك؛ أنه لصدق النبي صلى الله عليه وسلم في رسالته، انشق له القمر مبشرا ومعجزا برسالته، فكما تفطر قلبه حرصا على هداية الناس "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم"، فكذلك انشق القمر تأثرا بذلك، وهو ضرب من ضروب البلاغة والمبالغة في التشبيه والاستعارة، يعلمها أهلها .

أو كما أن قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم انشق بأنوار الهداية والتبشير، انشق القمر مبرزا في آية انشقاقه نور التصديق للرسالة المحمدية، فبينهما نسبة وقسمة موفورة القسم .

ولو قلنا بأنه أقسم بالقمر المنشق لما عاد للبيت معنى، فلتتفهم .

أما قوله:
ما سامني الدهر ضيما واستجرت به إلا ونلت جوارا منه لم يضم

فهو بعد قوله:
وقاية الله أغنت عن مضاعفة من الدروع وعن عال من الأطم

فهو يتحدث عن الحق تعالى لا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلتتفهم.

وقول من قال أعلاه بأن الصوفية دسوا بيتا، وهو:
مولاي صلي وسلم دائما أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم

فكلام لا أصل له، والقصة المروية إنما هي عكس ما أراد الإشارة إليه ذلك الكاتب، فالقصة هي أن البوصيري عندما كان يكتب قصيدته قال: فمبلغ العلم فيه أنه بشر...وعجزت شاعريته عن الإتمام، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم مناما يقول: وأنه خير خلق الله كلهم.. فأضافها للبيت، وهذه الزيادة لا إشكال فيها دينا ولا معنى .
[/color][/size]


قديم 02-06-2016, 04:48 PM
المشاركة 2
خالد أبو إسماعيل
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم.
قال تعالى(وماعلمناه الشعر وماينبغي له) .
سبحان الله العظيم خطرت لي هذه اﻵية وأنا أقرأ كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم أكمل شطر البيت الشعري أي أنه قال شعرا .

قديم 02-07-2016, 08:20 AM
المشاركة 3
عبدالله علي باسودان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

كان ذلك في غزوة حنين في السنة الثامنة من الهجرة كما في صحيح البخاري عن أبي إسحاق قال: سأل رجل البراء رضي الله عنه فقال: يا أبا عمارة أوليتم يوم حنين قال: البراء وأنا أسمع أما رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يول يومئذ كان أبو سفيان بن الحارث آخذا بعنان بغلته فلما غشيه المشركون نزل فجعل يقول :
أنا النبي لا كذب أنا
ابن عبد المطلب،
قال: فما رئي من الناس يومئذ أشد منه.

هذا بيت كامل وليس نصف بيت كما روي عن الإمام البوصيري.
وهذا لايسمى شعراً كاملاً ولا يعني أن النبي شاعراً.

هذا والله احكم واعلم

قديم 02-08-2016, 10:51 PM
المشاركة 4
خالد أبو إسماعيل
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا كï»»م موزون وليس شعرا أنا النبي ï»» كذب لم يقصد به شعرا ، لكن رواية تلبوصيري واضحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قصدكï»»مه شعرا .
حتى في القرآن كï»»م موزون وأذكر أن شعراء اï»·ندلس أخذوا اﻵية(صلوا عليه وسلموا تسليما) فنظموا عليها القصائد .
لذلك تعريف الشعر عند اï»·صوليون الكï»»م الموزون المقفى قصدا ï»·ن يكون شعرا .
والله أعلم

قديم 02-09-2016, 08:07 AM
المشاركة 5
عبدالله علي باسودان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي

يقول العلماء حول و أنه خير خلق الله كلهم.. فأضافها للبيت،
" إن هذه الزيادة لا إشكال فيها دينا ولا معنى " .

إلا من يريد أن يتهم الإمام البوصيري بالتكفير، فهذا راجع إلى من دأب على تكفير الكثير من المسلمين.

لي عودة حول تفنيد من دأب على تكفير المسلمين الذين شهدت لهم الأمة الإسلامية بالعلم والتقى والصلاح.



[/color][/size]


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: رداً على من كفر الإمام البوصيري,
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم النعم (معارضة بردة البوصيري) سلطان الركيبات منبر الشعر العمودي 34 12-07-2020 06:08 PM
من روائع الإمام ابن حزم الاندلسي ياسر حباب منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 5 11-15-2019 02:12 AM
ديوان الإمام الشافعي د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-29-2014 09:21 PM
الحقائق الدامغة رداً على الإفتراءات والتزوير على السادة الصوفية عبدالله بن علي منبر الحوارات الثقافية العامة 22 09-30-2013 09:47 PM
الإمام علي بن حزم الأندلسي عبدالله باسودان منبر الحوارات الثقافية العامة 1 12-14-2011 10:58 PM

الساعة الآن 11:19 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.