فؤاد فارغ.. وقلب ملئ
ونفس بائسة..
وعقل قيدته الأنفس والنظرات !
في جسم وهن منه كل شيئ..وأصبح كجثة تحوم حولها جوارح
الطير...
لا هي ميتة فتقضي عليها.. ولا هي حية فتصد ما حام حولها !
*
*
سبق لحمد الزواج قبل زواجه من سلمى ولكن السبب بفشل هذا الزواج
ظل مجهولاً حتى للمقربين منهم, ولم يبد على حمد ما يجعل
أهل سلمى يرفضونه لمجرد أن له سابق زواج , وحتى عندما ذهبت
أم سلمى إلى أهل الفتاة تسألهم عن حمد أشادوا به كثيراً, وأضافت أم
الفتاة السابقة أن ابنتها ما تزال ترفض الزواج مرة أخرى!! ظروف حمد
المادية والعملية لا تسمح له باتخاذ بيت منفصل لسلمى ! ولم يكن هناك
ممانعة من جانب سلمى وأهلها من السكن مع أهل حمد...
*
*
كان أخر كلام سمعته سلمى من أمها قبل خروجها إلى بيت زوجها حين
جلست بجانبها وهي تضع بعض الأشياء في إحدى الحقائب اعلمي
أن الفتاة حين تنتقل إلى بيت زوجها تصطحب معها كل الأشياء التي جُبلت
وتربت عليها في بيت أهلها , لذلك يجب أن تحسني التصرف , كوني
كالحمامة تلتقط ما يناسبها وتدع السيء لمن يستسيغه ! ولا تكوني
شبيهة بالدجاجة تنبش الأرض وتخرج الصالح وما طمرته الأرض من
ديدان وحشرات ثم تذهب وتتركه ورائها باحثة عن مكان آخر تنبشه!
واعلمي أيضاً ياابنتي أنك لم تخرجي من بيت أبيك جائعة وعارية, كوني
له أرضاً تحمله ، يكن لك سقفا يحميك .....
بيت أبو حمد كبير وقد خصص لحمد جناحاً خاصاً به , أما المعيشة فقد
كانت مشتركة ، حتى سلمى لم تعترض فكل شي يسير على ما يرام ....
حمد شاب مجد وهو يعمل بدوامين مسائي وصباحي في إحدى الشركات
الخاصة .. باقي وقتها تقضيه سلمى مع أم حمد وأخواته ، لديه ثلاث أخوات
وأخوين يعملون خارج المدينة الموجود فيها الأهل..
بعد أن يتناول حمد غدائه ، يصعد إلى جناحه ليأخذ قيلولة قصيرة تساعده
على القيام بدوامه المسائي بكل نشاط, تكون سلمى قد أعدت لنفسها
إبريقاً من الشاي ، وجلست في بهو البيت تشاهد التلفاز..
لم يكن هناك نظام متعارف عليه في البيت ولكل منهم حريته , وكل شي
يسير على ما يرام...
والد حمد رجل تعدى الخمسين ، ولكنه يعيش كما يعيش من دون
الأربعين , كثير المزاح مع من في البيت يدخل مبتسماً ويخرج مبتسماً,
كل شي فيه مقبول ، عدا نظراته التي لا تروق لسلمى حين تسقط خلسة
عليها !!
وكثيرا ما يفتعل المناسبات كي يهدي بناته ويميز سلمى بهدية ذات مغزى!
بالإضافة إلى الإشادة بسلمى في كل شي تعمله بكلام مبطن , تبدو بطانته
ملساء وناعمة كجلد الثعبان , كانت سلمى تشمئز من انزلاقها
على مسمعها ، وكانت تجاهد الوقت حتى لاتخلو بها مع أبو حمد..
*
*
تلقت أم حمد دعوة لحضور زواج إبن إختها في مدينة مجاوره لهم،
وأخذت البنات في الاستعداد لهذه المناسبة ، وطلبن من سلمى أن تذهب معهم
ولم يكن بوسع حمد أخذ إجازة هكذا بدون سابق طلب من الشركة , ولم
يسمح لها بالذهاب معهم بدونه, وهكذا جلست سلمى وذهبت الأم والبنات
بصحبة الأب , كان يوماً واحداً قضاه أبو حمد مع زوجته وبناته هناك
وما لبث أن عاد وطلب من خالهم أن يحجز لهم على الطائرة حين تنتهي
المناسبة
*
*
خرج حمد إلى دوامه المسائي ، بينما أحضرت سلمى بعض المجلات
وأحضرت لها شاياً ، وجلست ممددة نفسها على الأريكة ، ممسكة بإحدى
المجلات ، في حين كانت تنتظر برنامجها المفضل..في هذه الساعة دلف
أبو حمد إلى البيت ، وألقى السلام عليها ، ردت عليه السلام ولم ترفع عينيها
إليه ، وحاولت تجاهل نظراته الغريبة ، التي لم تكن غريبة عليها بل كانت
تظن أنها نظرات تعود إلى طبيعة قسمات وجهه , غير أن النظرات هذه
المرة أكثر حدة وغرابة من قبل ! بالإضافة إلى كونه أصبح أكثر قرباً منها
!!!!
لم تستشعر نفسها إلا بعد أن بادرها بقوله:
هذه المرة كانت مفاجئه لك ، في
المرات القادمة سيكون هناك إتفاق على تهيئة الوقت والمكان
وأردف قائلاً : سلمى رهانك خاسر ! أنتٍ الكاذبة , وأنا المفترى عليه زوراً
!!!!!!!!!!
كانت سلمى تسمع دائماً أن الدنيا مدافن للشوك ولم تتوقع أن تزل قدمها
بإحدى هذه الحفر ، وأنها لن تستطيع أن تخرج منها دون أن يُحدث الشوك
مكانه مغارز غائرة في نفسها وفي كرامتها!!!!
للخوف عدة خيارات أسهلها وأأمنها الصمت ، وكان من وقع اختيار سلمى
عليه!!
.
.
فؤاد فارغ.. وقلب ملئ
ونفس بائسة..
وعقل قيدته الأنفس والنظرات !
في جسم وهن منه كل شيئ..واصبح كجثة تحوم حولها جوارح
الطير...
لا هي ميتة فتقضي عليها.. ولا هي حية فتصد ما حام حولها !
هذي هي سلمى ....
بعض النساء كسرت أجنحتها
وكثيراً منهن مثل سلمى
ولدن بدون أجنحة
ولا.... لسان ..