احصائيات

الردود
5

المشاهدات
1582
 
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


إمتنان محمود is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
56

+التقييم
0.03

تاريخ التسجيل
Sep 2018

الاقامة

رقم العضوية
15674
06-22-2019, 02:51 PM
المشاركة 1
06-22-2019, 02:51 PM
المشاركة 1
افتراضي الجزء السادس (متفكك)
الجزء السادس
متفكك

لهدوئك وراحه بالك, يوجد مخيمات حصاد متنوعة للاختيار منها. كل مؤسسه هى ملكيه خاصه ومرخصه من قبل الولايه و مموله فدراليا بدولارات ضرائبك.
بغض النظر عن المكان الذى تختارة, بإمكانك الثقه أن متفَكِكَك سيتلقى أفضل رعايه ممكنه من فريق عملنا المعتمد من مجلس الإدارة بينما يقوموا بانتقالهم إلى الحاله المقسمه.

__من كتيب آباء المتفككين

51-مخيم

فى موضوع وجود الروح, سواء متفكك أو غير مولود, الناس عرضه للجدال لساعات طويلة.
لكن لا أحد يتسائل ما إن كان لمنشأة التفكيك روح.. فليس لديها. ربما لهذا السبب هؤلاء من يبنون تلك المصانع الطبيه المهوله يحاولون جاهدين جعلها ملائمه للأولاد وسهله الاستخدام, بعده طرق.

أول كل شئ, هى لم تعد تُسمى منشآت تفكيك, كما عندما تخيلوها أول مره. الآن تدعى مخيمات حصاد.
ثانيا, كل واحد منهم موضوع فى موقع خلاب بشكل مذهل, ربما لتذكير زواره بالصوره الأكبر ولإحلال طمأنينه عظمة الخطه الأكبر.
ثالثا,الأراضى يتم الاعتناء بها كمنتجع, مملوئه بألوان ناعمه براقة ولون أحمر قليل على قدر الإمكان, حيث أن الأحمر مربوط نفسيا بالغضب و العدوانية و بدون أى صدف.. الدم.!

مخيم حصاد جاك السعيد, فى بلده هابى جاك الجميلة فى آيرزونا هو المثال المثالى لما يجب أن يكون عليه مخيم الحصاد. مستقر على قمه مغطاه بأشجار الصنوبر فى شمال آيرزونا, مناظر الغابة المسكنه تكشف عن جبال سيدونا الحمراء الآخاذه فى الغرب.

بدون شك أن هذا المنظر كان الذى جعل من حطابين القرن العشرون رجال سعداء, اللذين أسسوا البلده ,ومن هنا جاء الاسم.

مهجع الفتيان مطلى باللون الأزرق الفاتح بنفحات خضراء. ومبنى الفتيات بلون البنفسج والوردى.

الطاقم لدية زى عمل مكون من شورتات مريحه و قمصان هاواييه, باستثناء الجراحون فى الوحده الطبية. ملابسهم بلون إشراقه الشمس الأصفر.
يوجد سياج من السلك الشائك, لكنه مخفى وراء وشيع من نباتات الخبازى المرتفعة... وبالرغم من رؤيه المتفككون فى المسكن للحافلات المزدحمه التى تصل للبوابه الأماميه كل يوم, إلا أنهم معفون من منظر الشاحنات المغادرة. فتلك تغادر من الطريق الخلفى.

متوسط فتره بقاء المتفكك هى ثلاثه أسابيع, مع أنها تتغير اعتمادا على فصيله الدم و العرض و الطلب. كثيره الشبه بالعالم الخارجى, لا أحد يعرف متى يحين وقتهم.
من حين لآخر, وبالرغم من الاسلوب الاحترافى الودود من الطاقم, تحدث اضطرابات. تمرد هذا الاسبوع يكمن فى شكل جرافيتى على أحد جوانب العيادة الطبية يقول, أنتم لا تخدعوا أى أحد.

***

فى الرابع من فبراير, يصل ثلاث أولاد برفقه الشرطة. يدخل اثنان بشكل غير رسمى إلى مركز الاستقبال, تماما ككل متفكك واصل. الثالث يُفصل عنهم ليأخذ الطريق الأطول الذى يعبر بالمهاجع وملاعب الرياضه و كل الأماكن المتفرقه التى يتجمع فيها المتفككون.

معاق بقيود القدم ومحاصر بالأصفاد.. خطوات كونر ضيقه ووضعيته منحنية.
شرطيو الأحداث المسلحون على جانبيه وأمامه وخلفه.
كل الأشياء فى هابى جاك صافيه وراقية.. لكن تلك اللحظه هى استثناء القاعدة. فكل حين وآخر, متفكك محدد مثير للمشاكل يتم عزله ويُذّل ليراه الجميع قبل أن يتم ضمه لعامة المتفككين.
بثبات, هذا المتفكك سيحاول التمرد ,وبثبات .. فذاك المتفكك سيتم أخذه للعيادة و يُفكك فى غضون عده أيام من وصوله أو وصولها.

يمثل تحذير غير منطوق لكل متفكك هناك. أنتم ستمثلون للبرنامج وإلا إقامتكم هنا ستكون قصيره.. للغايه ,والدرس دائما يُتعلم.

لكن تلك المره.. ما لا يعرفه طاقم عمل هابى جاك أن سمعه كونر لاستر قد سبقته. فإعلان الطاقم أنهم قد قبضوا على هارب آكرون لا يضعف أرواح المتفككين هناك.
بدلا عن ذلك, فهو يأخذ فتى كان فقط إشاعة و يحوله لأسطورة ...




52- ريسا

“قبل أن نبدأ جلستنا, أشعر أنه من المهم تذكيرك أنه حتى بالرغم من تكوينك لصداقه مع المدعو هارب آكرون, فهو من مصلحتك الخاصه أن تفصلى نفسك عنه.”

أول شئ فعلوه كان فصل ثلاثتهم.( فرق تسد), أليست تلك هى المقوله؟ ليس لدى ريسا مشكله فى أن تُفصل عن رونالد. لكن رؤيه ما فعلوه لكونر تجعلها تشتاق لرؤيته حتى أكثر. جسديا لم يتم أذيته بأى شكل. فلن يجوز أن يفسدوا البضاعة, أما نفسيا,.. فتلك قصه أخرى.
لقد استعرضوا به فى موكب عبر الأراضى لمده ما يقرب من عشرين دقيقه. ثم نزعوا قيوده وتركوه هناك بجوار ساريه العلم.
بدون زيارة لمركز الاستقبال.. بدون توجيه, لاشئ.
تُرك ليكتشف كل شئ بنفسه. عرفت ريسا أن الغرض ليس لتحديه, ولا حتى معاقبته. قد كان فقط لإعطائه كل فرصة ليفعل الشئ الخاطئ. وبتلك الطريقه سيبرروا أى عقاب يقدموه. أقلق هذا ريسا ..لكن فقط للحظات,لأنها عرفت كونر جيدا جدا , فهو سيفعل الأشياء الخاطئه حين يكون فقط من الصواب فعلهم.

“يبدوا أنك أبليتى حسنا فى اختبارات القدارات يا ريسا.. فى الواقع فوق المتوسط . جيد لك!”

ريسا بعد وجودها هنا لنصف يوم مازالت تحت الصدمه بالمظهر العام لمخيم حصاد هابى جاك. ففى عين عقلها دائما تصورت مخيمات الحصاد كحظائر للبشر.. حشود لأولاد يعانون من سوء التغذيه ذو عيون ميته فى زنزانات رصاصية... كابوس عن التجرد من الانسانية.
لكن نوعا ما, فهذا الكابوس الفاتن أسوأ.. تماما كما كانت مقبرة الطائرات جنه متنكرة كجحيم, فمخيم الحصاد هو جحيم متخفى فى صورة جنة.

“تبدين فى حاله جسدية جيده. كنتى تشاركى فى تمرينات كثيرة صحيح؟ الجرى ربما؟”

التمرين يبدو أنه مكون رئيسى فى يوم المتفكك. فى البدايه اعتقدت أن النشاطات المختلفة صُممت لإشغال المتفككين حتى يأتى دورهم. ثم.. بينما مرت عبر ملعب كره السله فى طريقها لمركز الاستقبال, لاحظت عمود طوطم عند الملعب. فى عينى كل الطوطمات الخمسه يوجد كاميرات. عشره لاعبين, عشره كاميرات. لقد عنى ذلك أن شخصا ما فى مكان ما كان يدرس كل متفكك فى اللعبة ويأخذ ملاحظات عن التناسق البصرى الحركى ويقيس قوة مجموعات العضلات المختلفة.
أدركت ريسا بسرعه أن لعبه كره السلة لم تكن لإبقاء المتفككين فى تسلية, بل كانت لمساعدتهم فى وضع قيمه نقديه على أجزائهم.

“فى خلال الاسبوعان القادمان ستندمجين فى برنامج متعدد الأنشطه. ريسا عزيزتى..هل تسمعينى؟ أى من هذا يصعب عليكى فهمه... أتريدينى أن أتكلم ببطئ؟”

مستشاره الحصاد التى تحاورها تفترض ..بالرغم من نتائج اختبار القدرات, أن كل متفكك بالتأكيد معتوه. المرأه تلبس قميص بطباعه زهورية بأوراق كثيرة و ورود وردية.
تود ريسا أن تهاجمها بمجز الأعشاب.!

“هل لديكى أى أسئله أو قلق يا عزيزتى؟ لو لديك, فلا يوجد وقت أفضل لتسألى.”
“ماذا يحدث للأجزاء السيئة؟”
يبدو أن السؤال قد أربك المرأة:”اعذرينى؟”

“كما تعرفى.. الأجزاء السيئه. ماذا تفعلون بالأقدام الحنفه* والآذان الصماء. هل تستخدمون هذا فى الزراعه؟”
“أنتى ليس لديكى أيا من هذا, ألديكى؟”
“لا.. لكن لدى زائدة دودية ماذا يحدث لتلك؟”
“حسنا..,” تقول المستشاره بصبر لامحدود:”الأذن الصماء أفضل من عدم وجود أذن على الإطلاق, وأحيانا تكون كل ما يستطيع الناس تحمل نفقته. أما بالنسبه لزائدتك.. فلا أحد يحتاج هذا حقا.”
“إذا, ألا تخترقون القانون؟ ألا ينص القانون أن عليكم إبقاء مائه بالمئه من المتفكك على قيد الحياة؟”
بدأت البسمه فى التلاشى من وجه المستشاره,:”حسنا, فى الواقع هى تسع وتسعين وأربعه وأربعين بالمائه فى المئه, النسبه تأخذ فى الاعتبار أشياء كالزائدة.”
“أفهم.”
“عملنا التالى هو الاستبيان السابق لإدخالك. نظرا لوصولك الغير تقليدى فلم تسنح لك الفرصه لملئ واحد” وتفر صفحات الاستبيان,:”أغلب الأسئله لا تهم فى هذا الوقت... لكن إن كان لديك أى مهاره خاصه تحبى أن تخبرينا بها.. كما تعلمى ..أشياء قد تكون ذات فائده للمجتمع أثناء بقائك هنا.”
تتمنى ريسا لو فقط تستطيع النهوض والمغادرة. فحتى الآن, فى نهاية حياتها, مازال عليها مجابهه السؤال الحتمى:( ما نفعك؟)
“لدى بعض الخبرة الطبيه,” تخبرها ريسا بحديه: ”الاسعافات الأوليه ,التنفس الصناعى.”
تبتسم المرأه معتذره,:”حسنا, لو يوجد شئ ما متواجد بكثره هنا ,فهو الطاقم الطبى.”
لو قالت المرأه (حسنا) مره أخرى, ريسا قد تلقيها فى عمق بئر لطيف.*
“أي شئ آخر؟”
“لقد ساعدت فى حضانه الرضّع فى منزل الولايه.”
مجددا, الابتسامه الحقيرة,:”آسفه. لا أطفال هنا. هل هذا كل شئ؟”
تتنهد ريسا.”لقد درست أيضا البيانو الكلاسيكى.”
يرتفع حاجبى المرأه حوالى إنش:”حقا؟ تعزفين البيانو؟ حسنا ,حسنا, حسنا!!”
________________________________________________
53- كونر

يريد كونر ان يقاتل. يريد أن يسئ لطاقم العمل و ألا يطيع أى قاعدة, لأنه يعرف لو فعل... فهو سيُنهى هذا الأمر أسرع.
لكنه لن ينساق لرغبته لسببين,
أولا: هذا بالتحديد ما يريدونه أن يفعل,
وثانيا: ريسا.. هو يعلم جيدا كم ستحطمها رؤيته مُقتاد للتشوب شوب* .هذا ما يسميه الأولاد هنا “التشوب شوب”.. بالرغم من عدم بوحهم بهذا أمام الطاقم.
كونر مشهور فى مهجعه. يجد الأمر مناف للعقل وغريب أن الأولاد هنا يروه كنوع من الرموز, بينما كل ما فعله كان البقاء على قيد الحياة.!

“لا يمكن أن يكون الأمر كله صحيح؟” يسأله الفتى الذى ينام فى السرير المجاور له فى أول ليله,:”أقصد, أنت لم تقضى حقا على سرب كامل من شرطه الأحداث بمسدساتهم التخديريه.”
“لا! الأمر ليس صحيح” يخبره كونر, لكن إنكاره للأمر يجعل الفتى يصدق الأمر أكثر وأكثر.
“هم لم يغلقوا الطرق السريعه بحثا عنك!” يقول فتى آخر.
“كان فقط طريق سريع واحد.. وهم لم يغلقوه. أنا فعلت.. نوعا ما.”
“إذا ,إنه حقيقى!”
إنه دون جدوى.. لا قدر من التقليل بالقصه بإمكانه إقناع الآخرين أن هارب آكرون ليس نوعا ما من أساطير الأكشن التى لا تسعهم الدنيا.!

ومن ثم يوجد رونالد, الذى بقدر مقته لكونر, الآن يركب موجه صيت كونر لقمتها. بالرغم أن رونالد فى وحده أخرى, فالقصص الجامحه تصل لكونر بالفعل عن كيفيه سرقته و رونالد لهيليكوبتر وتحريرهم لمئات المتفككين المحتجزين فى مشفى توكسن.
يفكر كونر فى إخبارهم أن كل ما فعله رونالد هو تسليمهم للشرطه, لكن يقرر أن الحياة (حرفيا) قصيره جدا ليبدأ الأشياء مع رونالد مجددا.!

يوجد فتى واحد تكلم معه كونر يستمع و يستطيع معرفه الحقيقه من الخيالات. اسمه دالتون. هو فى السابعه عشر لكنه قصير وبدين وبشعر كأنه عالم خاص. يخبره كونر بالظبط ما حدث فى اليوم الذى أصبح فيه هارب.
إنها راحه أن تملك شخص يصدق الحقيقه .. دالتون على الجانب الآخر, لديه منظوره الخاص فى الأمر:” حتى لو كان هذا كل ما حدث” يقول دالتون:”فمازال مثير للإعجاب جدا. إنه ما تمنى بقيتنا أن نفعله.”
على كونر أن يعترف أنه على حق.
“أنت ,مثل.. ملك المتفككين هنا” يخبره دالتون,:”لكن أولاد مثلك يتم تفكيكهم بسرعه كبيره.. لذا اهتم بنفسك” ,ثم يأخذ دالتون نظرة طويله له ويسأله:”أنت خائف؟”
يتمنى كونر لو بإمكانه قول غير ذلك, لكنه لن يكذب :”نعم..”
يكاد يبدو مرتاحا أن كونر خائف أيضا:” فى التجمعات يخبرونا أن الخوف سيمر وأننا سنصل لمرحله التقبل. لقد كنت هنا حوالى سته أشهر, وأنا خائف تماما كاليوم الذى أتيت فيه لهنا.”
“سته أشهر؟ لقد اعتقدت أن الجميع ينتهى فى غضون بضعه أسابيع.”
يميل دالتون أقرب ويهمس,كما لو أنها معلومة خطيرة:”ليس إن كنت فى الفرقه.”

فرقه؟! فكره وجود موسيقى فى هذا المكان حيث تُصمت الحيوات لا تريح كونر.

”هم يجلسونا فوق ,على سطح التشوب شوب ويجعلونا نعزف بينما يرافقون الأولاد للداخل” ,يقول دالتون,”نعزف كل شئ.. كلاسيكيات, بوب, روك العالم القديم. أنا أفضل عازف بيس قد حظى به هذا المكان أبدا” ,ثم يبتسم..”عليك أن تأتى لتسمعنا غدا, لقد حظينا للتو بعازفه أورج جديده. إنها مثيرة.”

***

الكره الطائره فى الصباح. نشاط كونر الرسمى الأول.عدد من العاملين فى قوس قزح قمصانهم المزهرة, يقفوا على الخطوط الجانبية بألواح كتابه, لأنه من الواضح أن ملعب الكره الطائرة ليس مزود باثنتى عشر كاميرا منفرده.
من ورائهم .. على سطح التشوب شوب, تُعزف الموسيقى. فرقه دالتون. إنه لحنهم فى الصباح.

الفريق المنافس ينكمشوا تماما حين يروا كونر, كما لو أن مجرد وجوده سيؤكد خسارتهم, دون اعتبار أن كونر سئ فى الكره الطائرة. بالنسبة لهم فهارب آكرون هو نجم حتى فى الرياضة.
رونالد فى الفريق المنافس أيضا. هو لا يذوى كالبقيه.. فقط يحملق بغضب, ممسكا بالكرة, مستعدا لإرسالها أسفل حلق كونر.

تبدأ اللعبه... شده اللعب يمكن مساواتها فقط بتيار الخوف الخفى الذى يجرى تحت كل قفزة للكرة.
كلا الفريقين يلعب كما لو أن الخاسر سيتم تفكيكه على الفور. أخبر دالتون كونر أن الأمر لا يسير بتلك الطريقة, لكن الخساره لن تساعد أيضا.

يذكر هذا كونر بلعبه شعب المايا, بوك أ توك*.. شيئا تعلمه فى فصل التاريخ. اللعبه تشبه كثيرا كرة السلة, ماعدا أن الخاسر كان يُضحى به لآلهه المايا. فى ذاك الوقت اعتقد كونر أن الأمر رائع.!

يرفع رونالد الكرة وتخبط أحد العاملين فى وجهه. يبتسم رونالد قبل أن يعتذر.. ويحدق به الرجل, ويكتب ملاحظه على اللوح فى يده. يتسائل كونر ما إن كان هذا سيكلف رونالد بضعه أيام.

ثم فجأه.. تتوقف المباراة, لأن انتباه الجميع يتحول لمجموعه من الأولاد فى الملابس البيضاء, عابرين بالجانب البعيد من الملعب.
“هؤلاء أعشار,” يخبر فتى كونر.”أنت تعرف ما هم,صحيح؟”
يومئ كونر:”أنا أعرف.”
“انظر لهم, يعتقدوا أنهم أفضل كثيرا من الجميع.”
سمع كونر بالفعل عن كيفيه معامله الأعشار بطريقه مختلفه عن الفئه العادية.
(أعشار) و(فظاع), هكذا يشير العاملون للنوعين من المتفككين.

الأعشار لا يشاركوا فى نفس الأنشطه كالفظاع. هم لا يرتدوا نفس الملابس الزرقاء والورديه التى يرتديها الفظاع.
زيهم الأبيض الحريرى ناصع البياض فى شمس آيرزونا, عليك أن تغمض من عينيك حين تنظر لهم, كما لو أنهم نسخ يافعه من الرب نفسه.. بالرغم من أنهم يبدون لكونر أقرب لقطيع من الفضائيين.
الفظاع يكرهوا الأعشار بالطريقه التى يكره بها الفلاحون العائله المالكة.

كونر ربما يكون قد شعر كذلك فى مره, لكن بعد معرفته بواحد, فهو يشعر بالأسى تجاههم أكثر من أى شئ آخر.
“أسمع أنهم يعرفون تاريخ ووقت تفكيكهم” يقول أحد الأولاد.
“أسمع أنهم فى الحقيقه يحددون موعدهم بنفسهم!” ,يقول آخر.

الحكم ينفخ صفارته.”حسنا, عوده للعبة.”

يلتفتوا عن أزياء القله المختارة البيضاء اللامعه , و يزيدوا طبقة جديدة من اليأس للمباراة ..

للحظه.. بينما يختفى الأعشار وراء تله,يعتقد كونر أنه تعرف على وجه ضمنهم, لكنه يعرف أنها فقط مخيلته.!
______________________________

54-ليف

ليست مخيلة كونر.
ليفى جيديديا كالدر هو واحد من الضيوف المميزين للغايه فى مخيم حصاد هابى جاك. وهو يرتدى ملابس عُشره البيضاء مره أخرى.

هو لا يرى كونر فى ملعب الكرة الطائرة لأن الأعشار ملقنون بحزم ألا ينظروا للفظاع. ولماذا يفعلوا؟ لقد تم إخبارهم منذ الولاده أنهم من عجينه مختلفه ولديهم هدف أسمى.

ربما مازال يمتلك ليف بقيه حروق الشمس, لكن شعرة مقصوص قصيرا و بتهذيب, تماما كما اعتاد أن يكون, وتصرفاته حساسه ودمثة.. على الأقل من الخارج.

لديه معاد ليُفكك بعد ثلاثه عشر يوما.

___
أقدام حنفه : تشوه خلقى بالقدم يسبب التوائها كنصف الدائرة.
بئر وحسنا, لهم نفس النطق فى اللفه الانجليزية well
تشوب شوب : محل التقطيع chop shop
بوك أ توك : لعبه اخترعها شعب المايا حيث يتم اللعب بالكره لادخالها فى حلقه معلقه على حائط بشرط عدم استخدام الأيادى ولا الأقدام, فقط الرأس و الكوع و الوسط و المرفق.


قديم 06-23-2019, 01:22 PM
المشاركة 2
حسام الدين بهي الدين ريشو
مشرف منبر بـــوح المشـاعـر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء السادس (متفكك)
مازلت في رواق المتابعة
صباح الابداع أديبتنا

قديم 06-24-2019, 03:54 AM
المشاركة 3
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء السادس (متفكك)
مازلت في رواق المتابعة
صباح الابداع أديبتنا
شكرا لك استاذ حسام نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

قديم 06-24-2019, 04:13 AM
المشاركة 4
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء السادس (متفكك)
55-ريسا

تعزف على سطح التشوب شوب, وتنتقل موسيقتها عبر الحقول لآذان أكثر من ألف روح منتظره الذهاب تحت المقصله.
متعه وضع أصابعها مجددا على المفاتيح يمكن مضاهاتها فقط بالرعب الناجم عن معرفه ما يحدث أسفل قدميها.

من موقعها المميز على السطح, تراهم مُحضرون عبر الممر الحجرى الأحمر الذى يسميه الجميع (السجاده الحمراء).
الأولاد اللذين يسيروا على السجاده الحمراء يمسك بهم حراس من جانبيهم, بقبضه محكمه على عضدهم.. قويه لكبحهم, ليست قويه لتكدمهم.

لكن بالرغم من ذلك, دالتون وبقيه فرقته يعزفوا كما أنه لا يهم على الإطلاق.
“كيف بإمكانكم فعل هذا؟” تسأل فى أحد استراحاتهم,” كيف بإمكانكم رؤيتهم يوما بعد يوم داخلين ولا يخرجوا أبدا؟”
“تتعودى على الأمر” يخبرها الطبال, آخذا رشفه من الماء,”سترين.”
“لن أفعل! لا أقدر!”,و تفكر بكونر. هو لا يملك نفس السماح من التفكيك مثلها؟ هو لا يملك أى فرصة,”ليس بإمكانى أن أكون شريكه لما يفعلونه!”

“هاى” ,يقول دالتون .. بعد ان انزعج,”هذا هنا هو البقاء, ونحن نفعل ما علينا فعله لننجو! تم اختيارك لأن بإمكانك العزف, وأنتى جيده. لا تلقى بهذا بعيدا. إما أن تعتادى على الأولاد اللذين يسيرون على السجاده الحمراء وإما ستكونين عليها بنفسك, وسيكون علينا أن نعزف لكى.”

تفهم ريسا الرسالة, لكن لا يعنى هذا أنها يجب أن تعجبها,:”أهذا ما حدث لعازف الأورج الأخير؟” تسأل ريسا ,بإمكانها معرفه أن هذا موضوع يفضلوا ألا يفكروا به. ينظروا لبعضهم, لا أحد يريد أن يجيب على السؤال. ثم تجيب المغنية الرئيسية بينما تحرك شعرها برباطه جأش, كما لو أنه لا يهم :” جاك كان على وشك أن يصبح فى الثامنه عشر, لذا أخذوه قبل اسبوع من عيد ميلاده.”
“هو لم يكن جاك سعيد جدا,” يقول الطبال ويضرب ضربه ريم*.
“أهذا هو؟” تقول ريسا.” هم فقط أخذوة؟!”
“العمل هو العمل”, تقول المغنية الرئيسية,” هم يخسروا أطنان من الأموال لو غدا أحدنا للثامنه عشر, لأنه حينها يتوجب عليهم تحريرنا.”
“مع ذلك لدى خطه”,يقول دالتون, غامزا الآخرين, اللذين من الواضح قد سمعوا هذا مسبقا:” حين أقترب من الثامنه عشر, ويستعدوا ليأتوا لى, سأقفز من على هذا السطح.”
“سوف تقتل نفسك؟”
“آمل ألا أفعل... هو فقط طابقان, لكنى بالتأكيد سأصاب بشده. أترين, هم لا يمكنهم تفكيكى فى تلك الحاله, سيتوجب عليهم الانتظار حتى أُشفى. حينها سأكون فى الثامنه عشر وسيكونو مدمرين!”
يخبط كفه فى كف الطبال, ويضحكا.
ريسا بإمكانها فقط التحديق فى انعدام تصديق.
“شخصيا” تقول المغنية,” أنا أعتمد عليهم فى تخفيض سن البلوع القانونى للسابعه عشر. لو فعلوا, سأذهب للعاملين والمستشارين والأطباء الملعونين. سأبصق مباشره فى وجههم.. ولن يكون بإمكانهم فعل أى شئ سوى تركى أمشى عبر تلك البوابه على قدماى الاثنان.”
ثم عازف الجيتار, الذى لم يقول شيئا طوال الصباح .. يمسك أداته ويقول:” تلك لأجل جاك.. “ ويبدأ فى عزف الكوردات الافتتاحيه لمعزوفه كلاسيكيه منذ قبل الحرب, (لا تخشى الحصّاد*)
ينضم البقيه, عازفين من القلب. وريسا تفعل ما بوسعها لتبقى عيناها بعيدا عن السجاده الحمراء.
______________________________
56-كونر

المهاجع مُقسمه إلى وحدات , يوجد ثلاثون واحد لكل وحده..
ثلاثون سرير فى غرفه طويله رفيعه بنافذه كبيره ضد الكسر لإدخال ضوء النهار المبهج.

بينما يستعد كونر للعشاء يلاحظ أن سريرين فى وحدته تم تجريدهما,والفتيان اللذان ناما فيهما لا يوجد لهم أثر.
الجميع يُلاحظ لكن لا أحد يتكلم,ماعدا فتى واحد يأخذ أحد السريرين لأن سُست سريره منكسره.
“دع مستجد يحصل على واحد مكسور,”يقول.”سأكون مرتاحا فى اسبوعى الأخير.”

كونر لا يستطيع تذكر لا أسامى و لا أوجه الفتيه المفقودين, و هذا يطارده.
اليوم بأكمله يُصبح ثقيل عليه... الطريقه التى يعتقد بها الآخرون أن بإمكانه إنقاذهم ,بينما يُدرك أنه لا يستطيع حتى إنقاذ نفسه.! الطريقه التى يظل الطاقم مترقبا أن يصنع خطأ.
راحته الوحيده فى معرفه أن ريسا آمنه,على الأقل للآن.

رآها بعد الغذاء حين توقف ليراقب الفرقه. كان يبحث عنها فى كل مكان,و كل ذاك الوقت كانت هناك تماما فى مرمى البصر,تعزف من قلبها.
قد أخبرته أنه تعزف البيانو,لكنه لم يُفكر فى الأمر مليا.
إنها رائعه..و الآن, هو يتمنى لو استغرق وقت أكثر للتعرف عليها قبل أن تهرب من الحافله.

حين رأته يراقب فى تلك الظهيره ابتسمت..شيئا بالكاد تفعله.
لكن الابتسامه تم استبدالها سريعا بنظره عالجت الواقع..كانت فوق هناك,و هو كان تحت هنا.

كونر يقضى وقت كبير مع أفكاره فى المهجع..حتى أنه حين ينظر حوله, يُدرك أن الجميع فى وحدته قد غادر للعشاء.
بينما يهم للمغادره,يرى شخصا يترصد بالباب و يقف عنده .. إنه رونالد.
“ليس من المفترض أن تكون هنا” يقول كونر.
“لا,ليس مفترض” يقول رونالد,”لكن فضلا لك,أنا هنا.”
“هذا ليس ما أقصد.لم تم إمساكك خارج وحدتك,ستكون علامه ضدك. سيفككونك أسرع.”
“لطيف منك أن تهتم.”

يتجه كونر للممر,لكن رونالد يحجب طريقه.
و للمره الأولى يلاحظ كونر أنه بالرغم من هيئه رونالد العضليه,هما ليسا مختلفان فى الطول. كونر دائما ما اعتقد أن رونالد أعلى منه.هو ليس كذلك.!

يتهيأ كونر لأيا ما كان الذى حضره له رونالد فى جعبته و يقول,:”لو لديك سبب لمجيئك ,فانتهى منه. غير ذلك,ابتعد لأستطيع الذهاب للعشاء.”

النظره على وجه رونالد سامه للغايه,قد تقضى على وحده بأكملها,:”كان بإمكانى قتلك عشرات المرات.كان على.. لأن حينها لم نكن لنكون هنا.”
“لقد سلمتنا فى المستشفى” يُذكره كونر,”لو لم تفعل ذلك,لم نكن لنكون هنا. جميعنا كنا سنرجع بأمان إلى المقبره.”
“أى مقبره؟ لم يتبقى شئ. لقد حبستنى فى تلك الحاويه و تركتهم يدمروها! كنت سأوقفهم,لكنك لم تعطنى الفرصه!”

“لو كنت هناك,كنت ستجد طريقه لقتل الأدميرال بنفسك. تبا,كنت ستقتل الذهبيون لو لم يكونوا بالفعل أموات! هذا ما أنت عليه! هذا أنت!”

رونالد يصبح هادئ للغايه فجأه,و كونر يعرف أنه قد تعدى حدوده.
“حسنا,لو أنا قاتل,فالوقت إذا ينفذ منى” يقول رونالد:”من الأفضل أن أبدأ بالأمر.”.
يبدأ برمى اللكمات,و كونر سريع فى مفاداتها, لكن سرعان ما يتحول الأمر إلى أكبر من مجرد تفادى.
كونر يشرب من ينبوع غضبه,و يُحرر هجومه الوحشى.

إنه القتال الذى لم يحظيا به فى المستودع. إنه القتال الذى أراده رونالد حين حجز ريسا فى زاويه الحمام.
كلاهما يُشعل قبضته بغضب يكفى العالم بأسره.
يهشموا الحوائط و الأسره, و يضربوا بعضهم بتتابع.
كونر يُدرك أنه ليس كأى قتال خاضه من قبل, و مع أن رونالد لا يملك أى سلاح, فهو لا يحتاج لواحد! ,هو سلاح نفسه.

فبقدر ما يقاتل كونر, رونالد ببساطه أقوى, و بتلاشى قوه كونر تدريجيا, رونالد يمسكه من حلقه و يدفعه نحو الحائط, يده تضغط على القصبه الهوائيه. و كونر يقاوم... لكن قبضه رونالد قويه للغايه.
يضرب بكونر عرض الحائط مره تلو الأخرى,دون أن يفقد قبضته على حلقه.

“تدعونى بالقاتل, لكن أنت المجرم الوحيد هنا!” يصرخ رونالد,” أنا لم آخذ رهينه! أنا لم أطلق على رجل شرطه! و أنا لم أقتل أحد قط! حتى الآن!”, ثم يعصر أصابعه و يُغلق قصبه كونر تماما.

تُصبح مكافحه كونر أضعف بدون أكسجين يُغذى عضلاته.
و يثقل صدره بسبب انعدام الهواء,و تبدأ رؤيته بالاضمحلال حتى لم يعد هناك ما يراه سوى تكشيره رونالد الغاضبه.

هل تفضل الموت ,أم أن تفكك؟... الآن أخيرا يعرف الاجابه.ربما هذا ما أراده. ربما لهذا السبب هو وقف هناك و تحدى رونالد.
لأنه يُفضل أن يُقتل بيد غاضبه على أن يٌفكك بلامبالاه بارده.!

تعتلى رؤيه كونر تمايلات هائجه ... الظلمه تقترب,و يفشل وعيه..لكن فقط لوهله.
لأن فى اللحظه التى ارتطم بها رأسه أرضا, جعلته يستعيد وعيه مجددا..و حين بدأت رؤيته بالوضوح يرى رونالد يقف فوقه.
هو فقط يقف هناك,محدقا.

و لذهول كونر,فإنه يوجد دموع فى عيون رونالد التى يحاول أن يخفيها وراء غضبه, لكنهم مازالوا هناك.
ينظر رونالد لليد التى اوشكت على الأخذ بحياه كونر. لم يكن قادر على المتابعه فى الأمر... ويبدو متفاجئا تماما ككونر.
“اعتبر نفسك محظوظا” يقول رونالد.ثم يرحل بدون كلمه أخرى.

لا يستطيع كونر أن يجزم إن كان رونالد خائب الأمل أم مرتاح لأنه ليس القاتل الذى اعتقده .. لكنه يشك أنه القليل من الأمران.
________________________________________
57-ليف

الأعشار فى مخيم هابى جاك هم مثل ركاب الدرجه الأولى على متن التايتانك.
يوجد أثاث فخم فى منزل العشور.. يوجد مسرح,حمام سباحه,والطعام أفضل من الطعام المنزلى.
بالطبع مصيرهم تماما كال(الفظاع), لكن على الأقل فهم يلاقوه بأسلوب راق.

إنه بعد العشاء,وليف وحده فى غرفه التمارين بمنزل العشور.يقف على جهاز المشى الساكن, لأنه لم يشغله.
و بقديمه حذاء للجرى سميك البطانه. يرتدى حتى زوجان من الجوارب لدعم قدميه أكثر.
لكن,قدميه ليست ما يشغله الآن...إنها يديه.
يقف هناك محملقا بيديه,تائها فى آفاقها. لم يسبق له أن كان قط بهذا الافتتان بالخطوط على راحه يده.

ألا يُفترض بأحداها أن يكون خط الحياه؟
ألا يُفترض بخط حياه العشر أن يتشعب كأغصان الشجره؟
ينظر ليف لدوائر بصماته.
ياله من كابوس للهويه حين يحصل الناس الآخرون على أيدى متفككون.
ماذا تعنى البصمات حين لا تنتمى بالضروره إليك؟!..
لن يحصل أحد على بصمات ليف.هو يعرف تلك الحقيقه.

يوجد العديد من الأنشطه للأعشار, لكن على عكس الفظاع,لا أحد مجبر على المشاركه.
جزء من الإعداد للعشور هو شهر من التقييمات النفسيه و الجسديه حتى قبل حفل العشور,لذا كل العمل قد تم إنجازه فى المنزل,قبل أن يصلوا لهنا.
حقيقى أن هذا ليس مخيم الحصاد الذى اختاره ووالداه, لكنه عُشر...إنه جواز مرور لمدى الحياه يصلح فى أى مكان.

أغلب الأعشار الآخرون فى غرفه التلاوه فى هذا الوقت من المساء,أو فى أى جماعه من جماعات الصلاه.
يوجد قساوسه من كل الإيمانات فى منزل العشور...رهبان, كهنه, خاخامات, ورجال دين .. لأن مبدأ تقديم أفضل من فى القطيع للرب هو تقليد قديم بقدم الدين نفسه.

ليف يحضر كلما كان ضروريا,و فى دراسه الإنجيل هو فقط يقول ما يكفى من الأشياء الصحيحه حتى لا يبدوا مشتبها فيه.
هو أيضا يحافظ على صمته حين يتم تحريف كلام الإنجيل ليُبرر التفكيك,و الأولاد يبدأوا برؤيه وجه الرب فى الأجزاء.

“عمى حصل على قلب عُشر و الآن الناس تقول أن بإمكانه صنع المعجزات.”
“أعرف تلك المرأه التى حصلت على أذن عُشر.سمعت رضيع يبكى على بعد شارع,و أنقذته من حريق!”
“نحن طائفه مقدسه.”
“نحن المن من السماوات.”
“نحن جزء الرب فى كل شخص.”
آمين..

ليف يتلو الصلاوات,محاولا أن يدعها تحوله و ترفعه كما فعلت من قبل, لكن قلبه قد تصلب.!
هو يأمل أن يكون صلب بما يكفى ليكون ماسه بدلا من حجر كريم مفتت...ربما حينها كان سيختار طريق مختلفا.
لكن لمن هو عليه الآن,ولما يشعر به و لا يشعر به, فالطريق صحيح.
و لو لم يكن صحيحا..حسنا, هو لا يهتم بما يكفى ليغيره ..

الأعشار الأخرين يعرفون ان ليف مختلف. لم يروا قط عُشر ضائع, أو حتى واحد مثل الابن المبذر*, قد أعلن عن خطاياه و عاد للجماعة, لكن على الجانب الآخر فالأعشار لا يعرفون العديد مثلهم. أن يكونوا محاصرون بعدد كبير من الأولاد المماثلون لهم تماما يغذى ذاك الشعور بكونهم جماعة مختارة. مع ذلك, ليف خارج تلك الدائرة.

يُبدئ جهاز المشى, حريصا أن تكون خطواته متزنه وأن تقع قدماة بألطف مايمكن.
جهاز المشى هو أحدث ما يوجد.لديه شاشه بخلفيه مُبرمجه. بإمكانك الهروله عبر الغابة, أو الجرى فى ماراثون نيويورك.. بإمكانك حتى المشى على الماء.
تم وصف أنشطه إضافيه لليف حين وصل منذ أسبوع. فى ذاك اليوم الأول, أظهرت تحاليل دمه مستويات عاليه من الترايجليسرايد. هو وائق أن تحاليل دم ماى و بلاين أظهرت نفس المشكله أيضا, بالرغم أن ثلاثتهم تم (إمساكهم) على حده ووصلوا على أيام متفرقة, لذا لا يمكن وضع رابطه بين ثلاثتهم.
“إما أن الأمر وراثى وإما حصلت على حميه غنيه بالدهون” قال الطبيب. يصف حمية قليلة الدهون خلال إقامته فى هابى جاك,ويقترح تمرينات إضافية.

ليف يعرف أنه يوجد سبب آخر لنسبه الترايجليسرايد العالية..هو ليس حقا ترايجليسرايد فى مجرى دمه على الإطلاق, لكنه مركب شبية.. واحد أقل استقرارا بقليل.

يدخل فتى آخر غرفه التمرين. لديه شعر فاخر للغاية,أشقر جدا لدرجه البياض, وعيناه خضراء للغاية, بالتأكيد الأمر يعنى بعض التلاعب الجينى. تلك العينان سيكون سعرها مرتفع.

“مرحبا يا ليف,” ويصعد على جهاز المشى المجاور لليف ويبدأ بالجرى,” ما الجديد؟”
“لاشئ, فقط أجرى,”
يدرك ليف أن الفتى لم يأتى لهنا بإرادته الحرة. فالأعشار ليس من المفترض بهم أن يكونوا وحدهم أبدا. لقد أُرسل هنا ليكون مرافق ليف.
“ضوء الشموع سيبدأ قريبا. هل ستأتى؟”

فى كل أمسية, تُضاء شمعه لكل عُشر سيتفكك فى اليوم التالى. كل الفتيه المكرمون يلقون بخطاب. الجميع يصفق. يجده ليف مقرفا..
”سأكون هناك,” يخبر ليف الفتى.
“هل بدأت العمل على خطابك بعد؟” يسأل الفتى,” لقد أوشكت على الانتهاء من خاصتى.”
“خطابى مازال قطع متفرقه.” يقول ليف, المزحه لا تعبر لعقل الفتى. يُغلق ليف الجهاز. فهذا الفتى لن يتركه وحده مادام هو هنا,وليف لا يريد حقا أن يتكلم معه حول مجد كونك مختار. هو يفضل أن يفكر بهؤلاء اللذين لم يتم الختيارهم, ومحظوظون بما يكفى ليكونوا بعيدون عن مخيم الحصاد... مثل ريسا وكونر, اللذان على حد علمه مازالا فى حمايه المقبرة.
إنها راحه كبيرة أن يعرف أن حياتهما ستستمر حتى بعد ذهابة.

***

يوجد سقيفه قمامه خلف غرفة العشاء لم تعد تستخدم. وجدها ليف الاسبوع الماضى, وقرر أنه المكان المثالى لاجتماعاتهم السرية.
حين يصل تلك الأمسية, ماى كانت تقترب فى المساحه الضيقه, أضحت أكثر و أكثر قلقا كل يوم.”إلى متى سننتظر؟” تسأل.
“لماذا أنتى على عجله؟” يسأل ليف,” سننتظر حتى يصبح الوقت مناسب.”

يسحب بلاين ستة أغلفه ورقيه من جوربة, يفتح واحد ويسحب ضمادة صغيره دائرية.
“لماذا تلك؟” تسأل ماى
“لى لأعلم و لك لتستكشفى.”
“أنت غير ناضج البته!”
دائما ما امتلكت ماى أعصاب ثائرة, خاصه حين يتعلق الأمر ببلاين, لكن اليوم يبدو أنه يوجد ذبذبة أكبر تحت سطح اسلوبها.
” ما الخطب يا ماى؟” يسأل ليف.

تأخذ ماى دقيقه قبل أن تجيب:”لقد رأيت تلك الفتاه اليوم تعزف البيانو على سطح التشوب شوب. أنا أعرفها من المقبره وهى تعرفنى..”
“هذا مستحيل. لو هى من المقبرة فلماذا ستكون هنا؟” يسأل بلاين.
“أنا أعرف ما رأيت..و أعتقد أنه يوجد أولاد آخرون أعرفهم من المقبرة أيضا. ماذا لو تعرفوا علينا؟”
ينظر بلاين وماى لليف كما لو بإمكانه شرح الأمر. فى الواقع هو بإمكانه:”هم بالتأكيد أولاد تم إرسالهم فى مهمه و تم إمساكهم, هذا ما فى الأمر.”
تسترخى ماى,” نعم نعم.. من المؤكد أن هذا هو..”
“لو تعرفوا علينا” يقول بلاين,” بإمكاننا قول أن نفس الشئ حدث لنا.”
“هاك.” يقول ليف,”حُلت المشكلة.”
“جيد,” يقول بلاين,” عوده للأعمال.. إذا.. كنت أفكر أن نبدأ فى اليوم بعد الغد, على حساب أن لدى مباراه كره قدم اليوم الذى يليه, ولا أعتقد أنها ستكون جيده للغاية.”
ثم يُسلم اثنان من الضمادتان لماى و اثنان لليف.
“لماذا نحتاج الضمادات ؟” تسأل ماى.
“اُخبرت أن أعطيكم تلك بعد وصولنا لهنا” ,يُدلى بلاين واحده من أصابعه, كورقه بلون الجلد,” تلك ليست ضمادات.” ويقول, ”تلك مُفجرات.”

***

لم يوجد أشغال فى خط أنابيب ألاسكا قط. فبعد كلٍ,من المتفكك الذى قد يتطوع لمهمه كتلك؟.. المغزى كله كان الحرص على ألا يتطوع أحد سوى ليف وماى وبلاين.

أخذتهم شاحنتهم من المقبرة إلى منزل متهدم, فى حى متهدم حيث الناس المدهوسين من الحياة خططوا لأفعال لا تخطر على بال.
كان ليف مرتعبا من هؤلاء البشر,ومع ذلك فقد شعر بالقرب منهم. لقد فهموا بؤس الخيانه من الحياة. لقد فهموا شعور امتلاك أقل من لاشئ بداخلك. وحين قالوا لليف بمدى أهميته فى مخطط الأشياء, شعر ليف.. لأول مره منذ وقت طويل.. بأهميته الحقيقيه.

كلمه (شر) لم تُستخدم قط من قبل هؤلاء الناس.. ماعدا لوصف الشرور التى قد فعلها بهم العالم .ما كانوا يطلبونه من ليف وماى وبلاين لم يكن شرا.. لا, لا,لا ليس على الإطلاق ,لقد كان تعبير عن كل الأشياء التى شعروا بها بداخله, لقد كان الروح و الطبيعه وتجسيد لكل ما أصبحوا علية. هم لم يكونوا فقط مراسيل, لقد كانوا الرسالة.

هذا ما ملئوا عقل ليف به, وهو لم يكن مختلفا عن المواد المميته التى ملئوا دمه بها. لقد كانت أشياء محّرفه, كانت خاطئه. ومع ذلك فقد ناسبت ليف بسلاسة.

“ليس لدينا قضيه عدا الفوضى” ,كان كليفر مدربهم ,دائما معجب بقول هذا. لكن ما لم يدركه كليفر, حتى عند نهاية حياته, هى أن الفوضى خلفية لقضيه كأى شئ آخر. بإمكانها حتى أن تصبح ديانه لهؤلاء الغير محظوظين ويتم تعميدهم فيها, هؤلاء من يمكن إيجاد سلواهم فقط فى مياهه القذرة.

ليف لا يدرى بمصير كليفر.هو لا يعرف ولا يهتم حتى بكونه أداه تستخدم.
كل ما يعرفه ليف أنه فى يوم قريب سيعانى العالم جزء صغير من الفقد والفراغ و خيبة الأمل المطلقه التى يشعر بها بداخله.

وسيعرفون هذا فى لحظه رفع يديه للتصفيق ...

____________________
الحصاد: جامع الأرواح
ضربه ريم : ضرب الطبله وإطارها بالعصا فى نفس الوقت
الابن المبذر : تعبير عبر عن شخص ضائع عن الطريق ثم تاب ورجع.

قديم 06-25-2019, 12:00 AM
المشاركة 5
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء السادس (متفكك)
58-كونر

يأكل كونر إفطاره بأسرع ما يمكن. ليس لأنه جائع,لكن بسبب أنه يريد أن يكون فى مكان آخر. ساعه إفطار ريسا قبله مباشرة, لو كانت بطيئه و هو متعجل, فبإمكانهم إجبار طرقهم على التقاطع دون جذب انتباه عمال هابى جاك.

يتقابلا فى حمام الفتيات.
آخر مره أُجبرا على التقابل فى مكان كهذا, أخذا وحدات منفصله منعزلة, الآن يتشاركا واحده. يمسكا بعضهما فى المساحه الضيقه, غير صانعين أعذار للفعل. لم يتبق وقت فى حياتهم للألعاب أو للغرابة أو لادعاء أنهم لا يهتمان ببعضهما البعض, وبذلك يقبلا بعضهما كما لو كانا بفعلانها للأبد. كما لو كانت مهمة كاحتياجهم للتنفس.

تلمس الكدمات على وجهه وعنقة, التى حصل عليها من شجاره مع رونالد. تسأل ما حدث, يخبرها أنه ليس مهم. و تخبره أنها لا يمكن أن تبقى أطول من ذلك, أن دالتون وباقى أعضاء الفرقه فى انتظارها على سطح التشوب شوب.
“لقد سمعتك تعزفين” ,يخبرها كونر..”أنت مذهلة.”
يُقبلها مجددا. لا يتكلما عن التفكيك. فى تلك اللحظه لاشئ من هذا يتواجد.
كونر يعرف أنهم سيواصلان لأبعد من هذا لو استطاعا.. لكن ليس هنا, ليس فى مكان كهذا. لن يحدث أبدا لهم. لكنه راض نوعا ما بمعرفه أنه فى مكان وزمان آخر .. كان سيحدث.!
يحضنها لعشر ثوان, عشرون, ثلاثون. ثم تنسل مبتعده و يعود هو إلى صاله الطعام.
فى بضع دقائق يسمعها تعزف,خطوط موسيقاها تُصب, مالئه هابى جاك بعزف الملاعين البهيج المحرك للنبض.
_______________________
59-رونالد

يأتوا لأجل رونالد فى نفس الصباح, تماما بعد الفطور.
مستشار تفكيك وحارسان يحصرانه فى ممر المهجع, عازلانه عن البقية.
“أنتم لا تريدونى” ,يقول رونالد بيأس.”أنا لست هارب آكرون, كونر هو الذى تريدونه.”
“أخشى أن هذا ليس صحيح” ,يقول المستشار.
“لكن... لكن أنا هنا منذ عده أيام فقط....”
هو يعرف لماذا حدث ذلك.. إنه بسبب ضربه للعامل بالكره الطائرة, بالتأكيد هذا هو. أم هل هو بسبب شجاره مع كونر, لقد سلمه كونر! كان يعرف أن كونر سيسلمه!.
“إنها فصيلة دمك,” يقول المستشار.” آيه بى سالبة.. إنها نادره وتحت الطلب.” و يبتسم,:”فكر بالأمر بتلك الطريقه, قيمتك أكبر من أى فتى آخر فى وحدتك.”
“يالك من محظوظ” ,يقول أحد الحراس بينما يمسكه من ذراعه.
“لو فى هذا أى عزاء لك” ,يقول المستشار,:”فصديقك كونر مقرر أن يتفكك فى الظهيرة.”

***

يشعر رونالد بالضعف فى قدماه بينما يصطحباة خارجا فى ضوء النهار. تمتد السجاده الحمراء أمامه ... لون الدم الجاف.
فى أى مره يعبر أحد الأولاد هذا الممر الحجرى البشع, دائما ما يقفزا بعيدا كما لو أن لمسه يجلب الحظ السئ. الآن ..هم لن يدعوا رونالد يخطو بعيدا عنه.

“أريد كاهن” ,يقول رونالد,”هم يأتوا بكاهن للناس صحيح؟ أريد كاهن!”
“الكهنه يقوموا بالشعائر الأخيرة” ,يقول المستشار, ويضع يده برفق على كتفه,:”هذا للناس اللذين يموتون, أنت لست فى مرحله الموت.. ستظل حيا, فقط فى صوره مختلفة.”
“مازلت أريد كاهن.”
“حسنا, سأرى ما بإمكانى فعلة.”

الفرقه على سطح التشوب شوب بدأت إعدادها الصباحى. يعزفا لحن راقص مألوف, كما لو ليسخروا من العزف الجنائزى الذى يُعزف بداخل عقله.
هو الآن يعرف أن ريسا فى الفرقه. يراها فوق تعزف على الأورج. يعرف أنها تكرهه, لكن مع ذلك يلوح لها, محاولا لفت انتباهها. فحتى ملاحظه من شخص يكرهه أفضل من عدم امتلاك أحد غير الغرباء يراه يفنى.

لا تلفت عيناها نحو السجاده الحمراء,لا تراه .. لا تعرف.
ربما سيخبرها شخص أنه سيتفكك اليوم ... يتسائل عما سيكون شعورها.
لقد وصلوا لنهايه السجاده الحمراء.
يوجد خمس سلالم حجرية تؤدى لأبواب التشوب شوب.
يقف رونالد أسفل السلالم.
يحاول الحراس أن يدفعوه ,لكنه يقاومهم:”أحتاج وقت أكثر, يوم آخر هذا فقط. يوم واحد آخر. سأكون جاهز غدا, أعدكم!”
ومع ذلك, فوقه تعزف الفرقه. يريد أن يصرخ, لكن هناك.. بالقرب من التشوب شوب, فصرخاته تغرق فى عزف الفرقه. يشير المستشار للحراس,ويمسكاه بحزم أكبر من تحت إبطيه, ويجبراه على طلوع تلك السلمات الخمس.
فى لحظه يعبر الأبواب, التى تنزلق منغلقه وراءه, عازله العالم.

هو ليس بإمكانه حتى سماع الفرقه بعد الآن.
التشوب شوب عازل للصوت. و بطريقه ما قد عرف أنه سيكون كذلك!.
________________________________-

60- حصاد

لا أحد يعلم كيف يحدث.
لا أحد يعلم آليته.
فحصاد المتفككين هو طقس طبى سرى يبقى بداخل جدران كل عيادة حصاد فى الدوله. و بتلك الطريقه هو ليس مختلف عن الموت ذاته, حيث لا يدرى أحد أى الألغاز تكمن وراء أبوابه السريه أيضا.

ما الذى يتطلبه الأمر لتفكك الغير مرغوبين؟
يتطلب اثنى عشر جراح, فى فرق من اثنين, متناوبون فى الدخول و الخروج تبعا لاحتياج تخصصهم.
يتطلب تسعه مساعدون جراح وأربعه ممرضات.
يستغرق ثلاث ساعات.
_______________________________
61-رونالد

رونالد بالداخل منذ ربع ساعه.
الطاقم الطبى الذى يطن حوله يرتدى ملابس جراحية بلون الوجه السعيد.
ذراعيه وقدميه تم ربطهم فى طاوله العمليات بأربطه قويه لكنها مبطنه حتى لا يؤذى نفسه لو قاوم.

تمسح ممرضه العرق من جبهته:” استرخ, أنا هنا لمساعدتك عبر هذا.”
يشعر باختراق قوى فى جانب عنقه الأيمن, ثم الأيسر.
“ما هذا؟”
“هذا” تقول الممرضه,” هو الألم الوحيد الذى ستشعر به اليوم.”
“هذا هو إذا” يقول رونالد,” ستخدرونى.؟”
بالرغم أنه لا يرى فمها تحت قناع الجراحه, بإمكانه رؤيه الابتسامه على عينيها.
“ليس على الإطلاق” تقول,”فطبقا للقانون, نحن مُطالبون بإبقائك واع طوال العمليه.”
تأخذ الممرضه بيده:” لديك الحق فى معرفه كل شئ يحدث لك, كل خطوه فى الطريق.”
“ماذا إن كنت لا أريد؟”
“ستريد” يقول أحد مساعدون الجراح, بينما يمسح قدم رونالد بمعقم جراحى بنى..” الجميع يريد.”
“لقد أدخلنا قسطره لشريانك السباتى ووريدك الوداجى” تقول الممرضه,”الآن, دمك يتم استبداله بمحلول صناعى غنى بالأكسجين.”
“نُرسل الدم الحقيقى مباشره لبنك الدم” يقول المساعد الواقف عند قدمه,” لا يتم إهدار قطرة. بإمكانك المراهنه أنك ستنقذ أرواح!”
“محلول الأكسجين يحتوى أيضا مخدر يميت مستقبلات الألم” و تربت الممرضه على يده,”ستكون واع تماما, لكنك لن تشعر بشئ.”

بالفعل يبدأ رونالد بالشعور بتنميل أطرافه, ويبلع ريقه بصعوبه..
“أنا أكره هذا. أنا أكرهم. أكرهكم جميعا.”
“أنا متفهمه.”

***
بعد مرور ثمان وعشرين دقيقه.
لقد وصلت أول مجموعه من الجراحون.
“لا تهتم بهم” تقول الممرضه,” تكلم معى.”
“عماذا نتحدث؟”
“أى شئ تريده.”
يوقع أحدهم أداه, ترتطم بالطاوله وتقع على الأرض,
يجفل رونالد.
تمسك الممرضه بيده بإحكام.
“ قد تشعر بإحساس شد قرب كاحلك” ,يقول أحد الجراحون عند قدم الطاوله,
”لاشئ لتقلق بشأنه.”

***

بعد مرور خمس وأربعون دقيقة.
جراحون كُثر.. نشاط كبير.
لم يستطع رونالد أن يتذكر أبدا امتلاكه لكل هذا الانتباه الموجه له.
يريد أن ينظر, لكن الممرضه تحافظ على تركيزه.
لقد قرأت ملفه و تعرف كل شئ عنه ,الجيد و السئ.
الأشياء التى لا يتحدث عنها أبدا و الأشياء التى لا يستطيع التوقف عن الكلام عنها الآن.
“أعتقد أن ما فعله زوج أمك رهيب.”
“كنت فقط أحمى والدتى.”
“مشرط” يقول جراح.
“كان عليها أن تكون ممتنه.”
“جعلتنى أتفكك.”
“أنا متأكده أن الأمر لم يكن سهلا عليها.”
“حسنا, فلتنزعاه بالمشبك.”

***
ساعه وربع.
يرحل جراحون ويصل آخرون جدد.
الآخرون الجدد يهتموا بشده بتجويفه البطنى.
ينظر نحو أصابع قدمه لكن لا يستطيع رؤيتها. بدلا.. يرى مساعد جراح ينظف الجزء السفلى من الطاوله.
“لقد أوشكت على قتل فتى البارحه.”
“هذا لا يهم الآن.”
“لقد أردت أن أفعلها , لكنى خفت .. لا أعلم لماذا, لكنى خفت.”
“فقط تناسى الأمر.”
كانت الممرضه تمسك بيده من قبل, لا تمسكها بعد الآن.
“عضلات بطن قويه” يقول الطبيب,” هل تمارس الرياضه؟”
رنين معادن.
الجزء السفلى من الطاوله تم فصله و سحبه بعيدا.
يُذكره الأمر حين كان فى الثانيه عشر وأخذته والدته إلى لاس فيجاس. قد أوصلته لعرض السحر بينما تلعب على مكنه القمار.
الساحر قطع المرأه نصفين.أصابع قدميها مازالت تتحرك, وجهها مازال يبتسم.
أعطاه الجمهور موجه من التصفيق.

الآن يشعر رونالد بعدم راحه فى أمعائه.
امتعاض, دغدغه, لكن دون ألم.
الجراحون يرفعون أشياء بعيدا.
يحاول ألا ينظر.. لكن ليس بإمكانه المقاومه.
لا يوجد دماء, فقط المحلول الملئ بالأكسجين, لونه أخضر فلورسينتى.كمقاوم التجمد.
“أنا خائف.” يقول رونالد
“أنا أعرف” تقول الممرضه.
“أريدكم جميعا أن تذهبوا للجحيم.”
“هذا طبيعى.”
فريق يغادر, ويأتى آخر.
يهتموا بشده بتجويفه الصدرى.

***
ساعتين إلا ربع.
“أخشى أن علينا أن نتوقف عن الكلام الآن.”
“لا تذهبى بعيدا.”
“سأكون هنا, لكن لن نقدر على التحدث بعد الآن.”
يحاوطه الخوف, يهدد بأخذ وعية. يحاول أن يستبدله بالغضب, لكن الخوف عارم.
يحاول استبداله برضا أن كونر سيؤخذ قريبا جدا ,لكن حتى هذا ليس بإمكانه تحسين مشاعره.
“ستشعر بدغدغه فى صدرك” يقول جراح,” لاشئ لتقلق بشأنه.”

***
ساعتين وخمس دقائق.
“ارمش مرتين لو بإمكانك سماعى.”
رمشه,رمشه.
“أنت شجاع للغايه.”
يحاول التفكير فى أشياء أخرى, أماكن أخرى, لكن عقله يظل يسحبه لهذا المكان.
الجميع قريب منه للغايه.
أجساد صفراء تميل عليه كبتلات زهره تنغلق.

جزء آخر من الطاوله يؤخذ.
البتلات تتحرك أقرب.
هو لا يستحق ذلك. لقد فعل العديد من الأشياء, ليس جميعها جيدة.
لكنه لا يستحق ذلك.
وهو لم يحصل قط على كاهنه.!

***
ساعتين و عشرون دقيقه.
“ستشعر بدغدغه فى فكك. لا شئ لتقلق بشأنه.”
“ارمش مرتين إن كنت تسمعنى.”
رمشه ,رمشه.
“جيد.”
يثبت عيناه على الممرضه, التى مازالت عيناها تبتسم. هما يبتسمان دائما. جعلها أحدهم تحظى بأعين دائمه الابتسام.
“أخشى أن عليك التوقف عن الرمش الآن.”

***

“أين الساعه؟” يقول أحد الجراحون.
“ساعتين وثلاثه وثلاثون دقيقه.”
“نحن متأخرون”.

ليس ظلام بالتحديد, فقط انعدام للضوء. يسمع كل شئ حوله, لكن ليس بإمكانه التواصل بعد الآن.
دخل فريق آخر.
“مازلت هنا” تخبره الممرضه, ثم تصمت. بعد عده دقائق يسمع وقع أقدام, ويعرف أنها قد رحلت.
“ ستشعر بدغدغه فى فروه رأسك” يقول الجراح,”إنه ليس شئ عليك القلق بشأنه.” إنها المره الأخيره التى يتحدثون معه فيها.
بعد ذلك, يتحدث الأطباء كما لو أن رونالد لم يعد موجودا.
“ هل رأيت مباراه الأمس؟”
“مُحزنه.”
“نفصل الجسم الثفنى*”
“تقنيه لطيفه.”
“ حسنا, هى ليست جراحه دماغ.”
يملأ الضحك الأرجاء.

تقرص الذكريات و تلتمع شررا..
أوجه..
نبضات ضوئية شبيهه بالأحلام فى عمق عقله..
مشاعر..
أشياء لم يفكر بها منذ سنوات..
تتفتح الذكريات كالزهور ثم تذهب..
(حين كان رونالد فى العاشرة, كسر ذراعه, أخبر الطبيب والدته أن بإمكانه الحصول على ذراع جديدة وإما جبيره.. الجبيره كانت أرخص ,رسم عليها سمكه قرش وحين نزع الجبيره حصل على وشم ليجعل القرش دائما.)

“لو سجلوا فقط ذاك الهدف ذو الثلاث نقاط.”
“سيكون فريق البولز مجددا, أو اللاكرز”
“نبدأ فى نصف القشره الدماغيه الأيسر.”
تقرص ذكرى أخرى,

(حين كنت فى السادسه ذهب والدى للسجن لشئ فعله قبل أن أولد. لم أعلم قط ما فعل. لكن أمى تقول أننى تماما مثله.)

“فريق السانز لا يملك فرصه.”
“حسنا,لو امتلكوا فريق تدريب محترم...”
“الفص الصدغى الأيسر.”

(حين كنت فى الثالثه, كان لدى جليسه أطفال. كانت جميله. هزت أختى, بقوه. أصبحت اختى خطأ, لم تُصلح مجددا. الجمال خطير. من الأفضل الحصول عليهم أولا.)

“حسنا, ربما سيصلوا للتصفيات السنه المقبله.”
“أو السنه التى تليها.”
“ هل حصلنا على الأعصاب السمعيه؟”
“ليس بعد.سنحصل عليهم الآ..”
(أنا وحيد.وأبكى. ولا يأتى أحد للمهد. والضوء الساهر انطفأ ,وأنا غاضب جدا. أنا غاضب جدا.)

“الفص الأمامى الأيسر.”
(أنا .. أنا.. أنا لا أشعر بتلك الجودة.)
“الفص القذالى الأيسر.”
(أنا ... أنا .. أنا لا أتذكر أين...)
“الفص الجدارى الأيسر.”
(أنا ... أنا .. أنا لا أتذكر اسمى, لكن.. لكن..)
“الصدغ الأيمن.”
(لكنى مازلت هنا...)
“الأمامى الأيمن.”
(أنا مازلت هنا...)
“القذالى الأيمن.”
(أنا مازلت...)
“الجدارى الأيمن.”
(أنا...)
“ المخيخ.”
(أنا ما...)
“ثالاماس.”
(أنا ...)
“هيبوثالاماس.”
(أنا...)
“الحصين”
(أنا...)
“النخاع.”
...
...
...
***

“أين الساعه؟”
“ثلاث ساعات وتسعه عشر دقيقه.”
“حسنا .. أنا فى استراحه ,جهزوا التالى.”
_________________________________
62-ليف

المفجرات خفيه فى جوربه فى مؤخره خزنته. أى شخص سيجدهم سيعتقد أنهم ضمادات جروح.
يحاول ألا يفكر فى الأمر.. إنها مهمه بلاين أن يفكر بالأمر,ويخبرهم متى يحين الوقت.
اليوم وحده ليف من الأعشار يأخذوا جوله طبيعيه للتواصل مع الكون ,والقس الذى يقودهم هو واحد من دعاه أهميه النفس.
يتكلم كما لو كانت كل كلمه تخرج من فمه جوهره حكمه, يتوقف بعد كل فكره كأنه يتوقع أن يكتبهم شخص ما.!-
يقودهم لشجرة شتاء عارية غريبه. ليف الذى هو معتاد على الشتاء المثلج و الجليدى.. يجده غريبا أن الشجر فى آيرزونا مازال يفقد أوراقه.
تلك الشجره لديها تعدد فى الفروع التى لا تتناسب بالضروره, كل واحد منها بلحاء مختلف ونسيج مختلف.

“أردتكم أن تروا هذا” يقول القس للجماعة,”لن تشاهدوا العديد الآن, لكن..أووه, عليكم أن تروها فى الربيع. على مر السنون قد زرع العديد منا الفروع من شجرنا المفضل على هذا الجذع.”
يشير للفروع المختلفه..” هذا الفرع يُبرعم أزهار كرز وردية, وهذا الواحد يمتلئ بأوراق جميز هائلة, هذا الواحد يمتلئ بورود الجكراندة الأرجوانية,وهذا الوحد يثقل بالخوخ.”
يتفحصها الأعشار, لامسين أغصانها بحرص, كما لو أنها ستتحول فى أى لحظه لشجره محترقه.
“كانت أى نوع من الأشجار فى البدايه؟” يسأل أحد الأعشار.
لا يستطيع القس إجابته:”أنا لست متأكد, لكنه لا يهم حقا.. ما يهم هو ما أضحت عليه. نسميها ( شجرة الحياة) الصغيره الخاصة بنا .أليست رائعه؟”
“لا يوجد شئ رائع بشأنها.”.. تخرج الكلمات من فم ليف قبل أن يدرك أنه قالهم, كتجشؤ فجائى غير متوقع ..!
كل العيون تتوجه له .. لكنه يخفى الأمر بسرعه,:”إنه من صنع الانسان, ولا يجب علينا أن نتكبر” يقول,”حين يأتى التكبر, حينها يأتى الخزى. لكن بالتواضع تأتى الحكمه.”
“صحيح” يقول القس,”الأمثال-احد عشر, أليس كذلك؟”
“الأمثال 11:2”
“جيد جدا” يبدو متواضع بصوره مناسب,”حسنا, هى جميله جدا فى الربيع.”
طريقهم للرجوع لمنازل الأعشار يأخذهم عبر الحقول و الملاعب حيث يتم مراقبه الفظاع ودفعهم لأقصى إمكاناتهم الجسديه قبل تفكيكهم.
يتحمل الأعشار الملاحظات الساخرة و الهمسات الاعتياديه من الفظاع, كشهداء.
إنه بينما يعبروا لأحد المهاجع يجد ليف نفسه وجه لوجه مع شخص لم يتوقع أبدا أن يراه مجددا .. يجد نفسه واقفا أمام كونر.

كلٌ كان يتجه فى اتجاه مختلف. كلٌ يرى الآخر فى نفس اللحظه و يتوقف , محدقا فى صدمه عارمه.
“ليف؟”
فجأه يتواجد القس الفخيم, يمسك ليف من كتفيه.”ابتعد عنه!” ويزمجر لكونر:”ألم تفعل ضرر كافى بالفعل؟” ثم ينقل ليف بعيدا. تاركا كونر واقفا هناك.
“لا بأس” يقول القس, قبضته الحاميه على كتفى ليف مازالت متماسكه بينما يخطوان بعيدا:” نحن جميعا ندرك من هو و ما فعل لك. كنا نأمل ألا تكتشف أنه فى نفس مخيم الحصاد.لكن أعدك يا ليف, أنه لن يؤذيك مجددا” ويقول بهدوء: ”سيتفكك هذه الظهيرة.”
“ماذا؟”
“هذا تخلص جيد لمثل تلك النفايات.”

***
ليس من المعتاد أن ترى الأعشار بدون إشراف فى أراضى هابى جاك, بالرغم من كونهم فى تجمعات.. أو على أقل القليل, مجموعات ثنائيه. إنه نادر أن ترى أحدهم يهرع وحده, يكاد يجرى عبر الحقول.
لا يتباطأ ليف طويلا بعد أن رجع لمنازل الأعشار.. أخذ أول فرصه ليهرب.
الآن يبحث فى كل مكان عن بلاين وماى ..كونر سيتفكك هذة الظهيرة. كيف لهذا أن يحدث؟ كيف وصل هنا؟ كونر كان آمن فى المقبرة. هل طرده الأدميرال, أم هل رحل بنفسه؟ فى كلتا الحالتين, كونر قد أُمسك و أُحضر لهنا.
الشئ الوحيد الذى أثار راحه ليف_ أمان أصدقائه_ قد تمزق بعيدا.
لا يجب أن يُسمح بتفكيك كونر... والأمر فى مقدره ليف أن يوقفه.

يجد بلاين فى الحديقه العامه المليئه بالعشب,بين صالة الطعام و المهاجع, تم وضعه فى نظام ألعاب جمبازيه مع وحدته. ينفذ بلاين الحركات بغرابة. واضعا أقل قوة ممكنه فيهم, جاعلا كل حركاته ذات تأثير ضحل.
“أحتاج للتحدث معك.”
ينظر بلاين له, متفاجئ وغاضب:”ماذا, هل أنت مجنون؟ ماذا تفعل هنا؟”
يراه أحد العاملون ويتخذ طريقا كالنحله نحوهم.. بعد كلٍ, فالجميع يعرف أن الأعشار و الفظاع لا يمتزجان.
“لا بأس” يقول ليف للعامل,”أنا أعرفه من موطنى. أردت فقط أن أقول وداعا.”
يومئ العامل كرها: ”حسنا, لكن اجعله سريعا.”
يسحب ليف بلاين جانبا, حريصا أن يكونا بعيدا لكي لا يسمعهم أحد:” سنفعلها اليوم,”يقول له ليف,” لا مزيد من الانتظار.”
“يااه” يقول بلاين,”أنا أقرر متى نفعلها, وأقول ليس بعد.”
“كلما انتظرنا, كلما خاطرنا بانفجارنا صدفه.”
“إذا؟ العشوائيه جيدة أيضا.”
يريد أن يضرب بلاين لكن يعرف إن فعل ,على الأرجح سيحصلون على حفره اتساعها خمسون يارده فى الموقع, لذا يخبر بلاين الشئ الوحيد الذى يتأكد أنه سيجعله ينصاع: ”هم يعرفو بشأننا” يهمس ليف.
“ماذا؟”
“هم لا يعرفو من بالتحديد, لكن يعرفون بوجود مصفقين هنا.. أنا متأكد أنهم يراجعون فحوصات الدم حاليا, باحثين عن أى شئ غير اعتيادى. لن يطول الأمر حتى يجدونا.”
يضغط بلاين على أسنانه و يشتم... يفكر للحظه ثم يبدأ بتحريك رأسه:”لا,لا, أنا لست مستعد.”
“لايهم أن كنت مستعد.أنت تريد الفوضى؟ حسنا, ستأتى اليوم, سواء أردتها أم لا.. لأنهم إن وجدونا... ماذا سيفعلوا فى اعتقادك؟”
يبدو بلاين مشمئزا أكثر من المفهوم:”سيفجرونا فى الغابة؟”
“أو بعيدا فى الصحراء حيث لن يعلم أحد أبدا.”
يفكر بلاين فى الأمر للحظه, ويأخذ نفس مرتعد عميق:” سأجد ماى وقت الغذاء وأخبرها. سننفجر فى تمام الثانيه بالظبط.”
“اجعلها الواحدة.”

***
يفتش ليف غرفته, مهتاجا أكثر فأكثر. تلك الجوارب يجب أن تكون هنا! يجب عليهم.. لكنه لا يستطيع أن يجدهم.
المُفجرات ليست ضروريه لكنها أنظف. يريد ليف الأمر أن يكون نظيف.. نظيف وسريع.
“تلك ملكى.”
يلتفت ليف ليرى الفتى ذو الشعر الأشقر البلاتينى و العيون الخضراء الزمرديه يقف خلفه:” تلك خزانتى.. خاصتك هناك.”
ينظر ليف حوله ويدرك أنه متأخرا بسرير. لا يوجد شئ فى الوحدة ليحدد سرير الشخص أو خزانته من غيرهم.
“لو محتاج لجوارب فبإمكانى إعارتك.”
“لا, لدى ما يكفى لنفسى, شكرا” ويأخذ نفس عميق ويغلق عيناه ليسيطر على فزعه ويذهب نحو خزنته.
الجورب ذو المفجرات هناك, يدسهم فى جيبه.
“أنت بخير يا ليف؟ أنت تبدو غريبا نوعا ما.”
“أنا بخير, كنت فقط أجرى, هذا كل ما فى الأمر..أجرى على جهاز الجرى.”
“لا لم تكن” يقول الفتى,”لقد كنت للتو فى غرفه التمرين.”
“اسمع, اهتم بشؤونك الخاصه, موافق؟ أنا لست رفيقك وأنا لست صديقك.”
“لكن يجب أن نكون أصدقاء.”
“لا .أنت لا تعرفنى. أنا لست مثلك, حسنا, .. لذا فقط اتركنى وشأنى!”
ثم يسمع صوت أرخم من وراءه:” هذا يكفى يا ليف.”
يلتفت ليرى رجل فى بدله. إنه ليس أحد الكهنه, لكنه المستشار الذى أدخله منذ اسبوع..
لا يمكن لهذا أن يكون جيد.!

يومئ المستشار للفتى الأشقر:”شكرا لك يا ستيرلنج.”, يُخفض الفتى من نظرة ويسرع خارجا.
“لقد عينا ستيرلنج ليبقى عينه عليك ويتأكد أنك تتأقلم. نحن نقول أننا على الأقل , قلقون.

***
يجلس ليف فى غرفة مع المستشار وكاهنين.. يبرز الجورب من جيبة.
يُحرك ركبتيه فى توتر, ثم يتذكر أنه ليس من المفترض أن يقوم بأى حركات هزازه, وإلا سيتفجر, لذا يُجبر نفسه على التوقف.
“أنت تبدو مضطرب يا ليف,” يقول المستشار,” نريد أن نفهم السبب.”
ينظر ليف للساعه. انها 12:48 .. اثنا عشر دقيقه حتى موعد لقائه المفترض مع ماى وبلاين ليهتموا بالأمور.
“أنا يتم تقديمى كعشر,” يقول ليف.” أليس هذا بسبب كاف؟”
يميل أصغر الكاهنين أماما:” نحاول أن نتأكد أن يدخل كل عُشر الحاله المنفصلة فى إطار العقل المناسب.”
“لن نكون مؤدين لعملنا إن لم نحاول جعل الأمور بخير بالنسبه لك” يقول الكاهن الأكبر, ثم يعرض ابتسامه.. مصطنعه للغايه حتى إنها تبدو كتكشيرة.

يريد ليف أن يصرخ عليهم, لكنه يعرف أن هذا لن يُخرجه بصوره أسرع:”أنا فقط لا أحب وجودى وسط أولاد آخرون حاليا. أفضل التجهيز لهذا وحدى, حسنا؟”
“لكن هذا ليس حسنا” يقول الكاهن الأكبر:”تلك ليست الطريقه التى نقوم بها بالأشياء هنا. الجميع يدعمون بعضهم.”
يميل الكاهن الأصغر للأمام:” عليك أن تعطى الأولاد الآخرون فرصه. جميعهم أولاد جيدون.”
“حسنا, ربما أنا لست كذلك!” ليس بامكان ليف سوى النظر للساعه مجددا. الثانيه عشر وخمسون دقيقه. ماى وبلاين سيكونا فى المكان فى عشر دقائق, وماذا إن كان لايزال هنا فى هذا المكتب المتعفن؟ ألن يكون هذا فقط رائعا؟!
“أيوجد مكان عليك أن تكون فيه؟” يسأل المستشار:” تظل تتفقد الوقت.”
يعرف ليف أن اجابته يجب أن تكون منطقيه وإلا سيصبحان فعلا مرتابون به:”أنا.. أنا سمعت أن الفتى الذى اختطفنى سيتم تفكيكه اليوم. كنت فقط أتسائل إن حدث بالفعل.”

ينظر الكاهنان لبعضهما و إلى المستشار, الذى يرجع فى كرسيه وبكل الهدوء : ”إن لم يكن, فسيحدث قريبا .. يا ليف, أعتقد أنه سيكون صحى لأجلك أن تناقش ما حدث لك أثناء كونك رهينه. أنا واثق أنه كان رهيبا, لكن الحديث عنه سيقلل من قوه الذكرى. أحب أن أعقد مجموعه خاصه اليوم فى وحدتك. سيكون وقت لأجلك لتشارك مع الآخرون ما كنت تحمله بداخلك. أعتقد أنك ستجدهم متفهمون للغاية.”
“اليوم” يقول ليف:” موافق, لا بأس .. سأتحدث عن كل شئ اليوم. ربما أنتم على حق و سيجعلنى هذا أشعر بتحسن.”
“نحن نريد فقط أن نريح عقلك” يقول أحد الكهنه.
“إذا, بإمكانى الذهاب الآن؟”
يتفحصه المستشار للحظه:” أنت تبدو متوترا للغايه,سأحب أن أكلمك عن تمرينات استرخاء موجهه.....”

_____
الجسم الثفنى :حزمة من الأعصاب تصل بين نصفى الدماغ

قديم 06-26-2019, 02:56 PM
المشاركة 6
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء السادس (متفكك)
63- حارس

هو يكره وظيفته, هو يكره الحر, هو يكره أنه يجب عليه أن يقف أمام التشوب شوب لساعات حارسا الباب, يحرص ألا يدخل أو يخرج أى شخص غير مصرح له.
كان لديه أحلام فى منزل الولايه أن يبدأ عمل مع أصدقائه, لكن لا أحد يقرض مال بدايه مشرع لأولاد منازل الولايه.!
حتى بعدما غير كنيته من وارد إلى مولارد.. اسم أغنى عائله فى المدينه.. لم يقدر على خداع أى أحد. فكما يبدو, نصف الأولاد من منزل ولايته أخذوا نفس الاسم حين رحلوا.. معتقدين أن بإمكانهم التذاكى على العالم.
فى النهايه, لم يتذاكى سوى على نفسه. أفضل ما أمكنه فعله هو إيجاد سلسله من الوظائف الغير مشبعه فى السنه التى خرج منها من منزل الولايه..أخرها كان حارس فى مخيم حصاد.

على السطح, بدأت الفرقه مجموعتها للظهيرة.على الأقل يساعد هذا على إمرار الوقت أسرع قليلا.

يقترب متفككان, ويصعدا السلالم نحوه.لا يرافقهم حراس, وكلاهما يحمل أطباق مغطاه بورق ألومونيوم.
لا يحب الحارس منظرهم. الولد أصلع و الفتاه آسيويه.
“ماذا تريدان؟ ليس من المفترض أن تكونا هنا.”
“أُخبرنا أن نعطى هذا للفرقه” يبدوان متوتران و مراوغان. هذا ليس جديدا. كل المتفككون يُصبحون متوترون قرب التشوب شوب.. و بالنسبه للحارس فكل المتفككين يبدون مراوغون.

ينظر الحارس تحت ورق الألومونيوم. دجاج مشوى. بطاطس مهروسه.
هم بالفعل يرسلوا طعام للفرقه فوق من حين لآخر, لكن غالبا يكون العمال من يحملوا الطعام, ليس المتفككين:” اعتقدت أنهم تناولوا الغذاء للتو.”
“أعتقد لا” يقول الأصلع. يبدو أنه يُفضل التواجد فى أى مكان فى العالم على الوقوف أمام التشوب شوب, لذا يقرر الحارس أن يماطلهم, ويجعلهم يقفون هناك أطول.
“على أن أبلغ عن هذا” يقول.ويُخرج هاتفه ويكلم المكتب الرئيسى. يحصل على اشاره مشغوله. نموذجى..يتسائل الحارس أيهم سيوقعه فى مشاكل أكبر.. تركهم يُدخلون الطعام, أم إبعادهم لو كانوا بالفعل مرسلون من الإداره. ينظر للطبق الذى فى يد الفتاه:” دعينى أر هذا” و يزيل الورقه ويأخذ أكبر صدر فرخه.” ادخلا من الباب الزجاجى, والسلالم على يساركم. لو رأيتكم تذهبا لأى مكان سوي أعلى السلالم ,سآتى لهناك و سأخدركما بسرعه حتى لن تدركا من أصابكما.”

ما أن أصبحا فى الداخل, أصبحا بعيدان عن الأنظار, بعيدان عن العقل.
هو لا يعرف أنه بالرغم من ذهابهم لمكان السُلم, إلا إنهم لم يحضروا الطعام للفرقه أبدا.. تخلصا من الأطباق وحسب.

وهو لم يلاحظ الضمادات الصغيره الدائريه على راحه يدهم.
___________________________________
64-كونر

كونر ينظر من نافذه المهجع, مُحطما..
ليف موجود هنا فى هابى جاك. كيفيه وصوله لهنا لا تهم, كل ما يهم أن الآن ليف سيتم تفكيكه.
كل شئ كان سدى..
إحساس كونر بالخيانه يجعله يشعر أن جزء منه بالفعل تم تقطيعه وأخذه للسوق.
“كونر لاستر؟”
يلتفت ليرى حارسان فى المدخل.
حوله, أغلب الأولاد غادروا الوحده لنشاطهم الظهيرى. والأفراد اللذين بقوا يأخذوا نظره سريعه للحراس, ولكونر.. ثم ينظروا بعيدا.. شاغلون أنفسهم بأى شئ يبعدهم عن هذا الأمر.
“أجل. ماذا تريدون؟”
“حضوركم مطلوب فى عيادة الحصاد,” يقول الحارس الأول.
الحارس الأخر لا يتكلم. فقط يمضغ علكه.

انطباع كونر الأول أن هذا لا يمكن أن يكون ما يبدو عليه. ربما ريسا أرسلتهم.. ربما تريد أن تعزف له شيئا.. فى النهايه,بعد وجودها فى الفرقه فهى أكثر تأثيرا من المتفكك العادى, أليست كذلك؟
“عيادة الحصاد,” يردد كونر.” لأى سبب؟”
“حسنا, لنقل فقط أنك ستغادر هابى جاك اليوم.”
يمضغ,يمضغ, الحارس الأخر.
“أغادر؟”
“هيا يا بنى, هل علينا أن نقولها لك صراحة؟.. أنت مشكله هنا. أولاد كثيرون جدا يتطلعوا إليك, وهذا ليس شئ جيدا أبدا فى مخيم حصاد. لذا قررت الإداره أن تهتم بالمشكلة.”
يتقدما نحو كونر, ويرفعاه من ذراعيه.
“لا! لا! لا يمكنكم فعل هذا.”
“بإمكاننا, وسنفعل. إنها وظيفتنا.. وسواء صعبتها أو سهلتها, لن يهم. فوظيفتنا تنجز فى كلتا الحالتين.”

ينظر كونر للأولاد الآخرين كما لو أنهم سيساعدوه, لكنهم لا يفعلوا.
” إلى اللقاء يا كونر” يقول أحدهم ... لكنه حتى لا ينظر نحو كونر.
الحارس الماضغ للعلكه يبدو أكثر تعاطفا, مما يعنى أنه يمكن وجود طريقه للتأثير به... ينظر كونر له متضرعا. مما يجعله يوقف المضغ للحظه.
يفكر الحارس للحظه ويقول:” لدى صديق يبحث عن عينان بنيتان, بسبب أن صديقته لا تحب التى يملكها. هو شاب محترم.. بإمكان حالك أن يكون أكثر سوءا.”
“ماذا!!”
“نحن أحيانا نقوم بالمطالبه بالأجزاء و ماشابه,” يقول:” أحد مميزات الوظيفه. على أيه حال, كل ما أقوله هو أن بإمكانى توفير لك بعض راحه البال. ستعرف أن عيناك لن تذهب لشخص وضيع أو عديم الأهمية؟”
يضحك الحارس الآخر,” راحه بال. نكته جيده. حسنا, وقت الرحيل”,ويسحبا كونر للأمام.
يحاول أن يعد نفسه, لكن كيف تعد نفسك لشئ كهذا؟
ربما ما يقولنه صحيح. ربما هو ليس موت.
ربما هو فقط انتقال لشكل حياة آخر.
قد يكون جيد, ألا يمكن؟ ألا يمكن؟

يحاول تخيل ما شعور السجين أن يؤخذ لإعدامه. هل يقاوموا؟
كونر بحاول تخيل نفسه يركل ويصرخ فى طريقه للتشوب شوب, لكن ما ستكون جدوى ذلك؟
لو وقته على الأرض ككونر لاستر ينتهى, إذا ربما عليه أن يُحسن استخدام الوقت ,عليه أن يسمح لنفسه بإمضاء لحظاته الأخيرة فى تقدير الشخص الذى كان عليه.
لا! الشخص الذى مازال علية!
عليه أن يُقدر أنفاسه الأخيرة المتحركه داخل و خارج رئتيه بينما تلك الرئتان مازالا تحت سيطرته .. عليه أن يشعر بالشد و الرخى فى عضلاته بينما يتحرك, وعليه أن يرى أكبر قدر من المناظر فى هابى جاك بعينيه ويخزنهم فى عقله.
“ابعدا أيديكم عنى, سأسير وحدى” يأمر الحراس, ولحظيا يحررانه, ربما متفاجئون من السلطه فى صوته.!
يلف كتفيه و يطقطق عنقه, ويسير أماما.
الخطوه الأولى هى الأصعب, لكن من تلك اللحظه يقرر أنه لن يهرب أو يتلكأ.
لن يرتجف ولن يقاتل.
سيأخذ تلك المشيه الأخيره فى حياته بخطوات ثابته..

وبعد بضعه أسابيع من الآن, شخصا ما فى مكان ما, سيُبقى فى عقله ذكرى أن هذا الرجل الشاب, أيا من كان ..قد واجه تفككه بكرامة وكبرياء ..
__________________________________
65-مصفقون

من بإمكانه قول ماذا يدور فى عقل مصفق فى اللحظات السابقه لفعلهم الشرير؟ لاشك أن أيا ما كانت تلك الأفكار, هى أكاذيب. مع ذلك, ككل الضلالات الخطيرة, فالأكاذيب التى يخبرها المصفقون لأنفسهم ترتدى رداء تنكرى مغر.

للمصفقين اللذين تم إقناعهم أن أفعالهم ستُرضى الرب.. فكذبتهم مكتسيه أرواب مقدسه ولديها أذرع ممدوده واعده بجائزه لن تأتى أبدا.

للمصفقين اللذين يعتقدون أن أفعالهم بطريقه ما ستحدث تغيرا فى العالم.. فكذبتهم متنكرة كجمهور ينظر لهم من المستقبل, مبتسما فى امتنان لما فعلوه.

للمصفقين اللذين يسعون فقط لمشاركه بؤسهم الشخصى مع العالم .. فكذبتهم هى صوره لنفسهم متحررون من آلامهم بشهودهم لآلام الآخرين.

و بالنسبه للمصفقين اللذين يحركهم الانتقام, فكذبتهم هى ميزان العدل, متساو الكفتين, أخيرا فى اتزان.

إنه فقط حين يأتى المصفق بيديه معا حتى تكشف الكذبه عن نفسها, متخليه عن المصفق فى تلك اللحظه الأخيرة حتى يخرج من هذا العالم وحيدا تماما, بدون أى شئ حتى كالكذبه لترافقه نحو النسيان.
أو ترافقها..

الطريق الذى أحضر ماى لهذا المكان فى حياتها كان ملئ بالغضب وخيبه الأمل. نقطه انكسارها كان فينسينت. كان الفتى الذى لم يعلمه أحد. كان فتى قابلته و وقعت فى حبه فى مستودع منذ أكثر من شهر. كان فتى مات فى منتصف الجو, محشورا فى صندوق مع أربعه أولاد أخرين اختنقوا بثانى أكسيد الكربون من تنفسهم.
لا يبدو أنه قد لاحظ اختفائه أحد, وبالتأكيد لم يهتم أحد.. لا أحد سوى ماى, التى وجدت توأم روحها,وفقدته فى ذاك اليوم الذى وصلت به للمقبرة.

الملام كان العالم, , لكن حين رأت فى الخفاء ذهبيون الأدميرال الخمسه يدفنون فينسينت و الأخرين, استطاعت إعطاء أوجه لغضبها.
فالذهبيون لم يدفنوا فينسنت باحترام لكن بتدنيس. أطلقوا النكات وضحكوا. غطوا الأولاد الميتون الخمسه بالتراب فى عدم اكتراث كما تغطى القطط غائطها.
ماى لم تشعر قط بمثل هذا الغيظ.

ما أن صادقها كليفر, أخبرته بما رأت,ووافق أن يكون الانتقام فى الاعتبار. كانت فكره كليفر أن يقتل الذهبيين. كان بلاين من خدرهم و أحضرهم لطائره الفيديكس .. لكنها كانت ماى من أغلقت فتحه الصندوق. كان رائعا لها أن القتل قد يكون بسهوله غلق باب.!

بعد ذلك, لم يعد هناك عوده لماى. تم إعداد سريرها, كل ما تبقى لها هى أن ترقد فيه. هى تعرف أن اليوم سيكون اليوم الذى تصعد فيه وتذهب لراحتها.

ما إن أصبحوا بداخل التشوب شوب, تجد غرفه تخزين مليئه بالقفازات الطبية والحقن وأدوات لامعه لا تستطيع معرفتها. هى تعرف أن بلاين فى مكان ما فى الجناح الشمالى للمبنى, تتوقع أن ليف فى مكانه أيضا, واقفا على رصيف التحميل خلف التشوب شوب.. على الأقل تلك هى الخطه. إنها الآن الواحده بالظبط.
الوقت لفعل هذا.

تدخل ماى لغرفه التخزين وتغلق الباب. وتنتظر. ستفعل ذلك, لكن ليس بعد.. دع أحد الأخرين يبدأ أولا.. هى ترفض أن تكون الأولى.

***

ينتظر بلاين فى ممر مهجور بالطابق الثانى. تلك المنطقه من التشوب شوب يبدو أنها لا تستخدم. لقد قرر ألا يستخدم مفجراته, المفجرات للضعاف. أما لمصفق محترف, فتصفيقه واحده قويه تكفى لإحداث الأمر, حتى بدون مفجرات.. ويريد بلاين أن يصدق أنه محترف, كما كان أخوه.

يقف فى نهايه الممر, الأقدام مفتوحه باتساع الكتفين, يقفز على أصابع قدمه كلاعب تنس ينتظر رد الكرة.
صحيح .. لكنه لن يذهب أولا.

***

ليف قد أقنع الطبيب النفسى أنه مسترخى بشكل لائق. إنه الأداء التمثيلى الأفضل فى حياته, لأن قلبه يتسارع ويوجد أدرينالين كثير جدا يغمر دمه ..حتى أنه خائف من أن ينفجر تلقائيا.
“لماذا لا تعود لمنزل الأعشار؟” يقترح الطبيب,” اقض بعض الوقت فى التعرف على الأولاد الأخرين. ابذل جهد يا ليف.. ستكون سعيدا أنك فعلت.”
“نعم. نعم, سأفعل ذلك. شكرا لك. أنا أشعر بتحسن الآن.”
“جيد.”
يشير المستشار للكهنه ويقف الجميع.
إنها الواحده وأربع دقائق... يريد ليف أن يهرع من الباب, لكنه يعرف أن هذا سيكلفه فقط جلسه علاج أخرى.
يغادر المكتب مع الكاهنين, اللذان يثرثران حول مكانه فى منظومه الأشياء و محاسن العشور. فقط بينما يخرج ليف حتى يصبح على درايه بالهرج.
الأولاد يجرون بعيدا عن أنشطتهم نحو الحدائق بين المهاجع و التشوب شوب.
هل انفجر بلاين وماى بالفعل. هو لم يسمع أى انفجارات.
لا هذا شئ آخر.

“إنه هارب آكرون” يسمع واحد من الفتيه يصيح,” سيتم تفكيكه!”
هنا حيث يلمح ليف كونر. هو فى منتصف السجاده الحمراء, يسير مع حارسان خلفه تماما. تجمع الأولاد فى الحدائق العشبيه, لكن جميعهم يبقون على مسافتهم بينما يصل أولاد أكثر... يُصَبوا من المهاجع ومن صاله الطعام... من كل مكان.

توقفت الفرقه عن العزف فى منتصف لحن. عازفه الأورج.. فتاه.. تندب لمنظر كونر على طريق الأحجار الحمراء.. ينظر لها كونر,و يقف للحظه, ويرسل لها قُبله قبل أن يكمل. يستطيع ليف سماع بكائها.

الآن, الحراس و العاملون و المستشارون يتجمعوا على الساحه فى ذعر, فى محاوله لقياده هذا التكتل المتطاير من الأولاد نحو أماكنهم, لكن لن يرحل أحد.
الأولاد تقف هناك فقط... ربما ليس بإمكانهم إيقاف هذا, لكن بإمكانهم شهادته. بإمكانهم التواجد هناك بينما يخطو كونر خارجا من تلك الحياة.
“لنسمعها لهارب آكرون!” يصيح أحد الفتيه,“لنسمعها لكونر!”.. ويبدأ بالتصفيق.

قليلا و كل جمهور الأولاد يصفق ويهتف لكونر بينما يخطو على السجاده الحمراء.

هتافات..
تصفيق.
ماى وبلاين!
فجأه يُدرك ليف ما على وشك الحدوث.
لا يستطيع أن يدع كونر يدخل لهناك! ليس الآن! عليه أن يوقفه.
يبتعد ليف عن الكهنه. كونر على مقربه من سلمات التشوب شوب.
يسرع ليف بين الأولاد, لكن ليس بإمكانه دفع طريق عبرهم. لو فعل, هو يعرف أنه سينفجر.
عليه أن يكون سريعا, لكن عليه أن يحذر.. وكونه حذر يبطئه.
“كونر!” يصرخ, لكن الهتافات حوله صخبه للغايه. والآن بدأت الفرقه فى العزف مجددا. هم يعزفون النشيد الوطنى, تماما كما يفعلون فى جنازات الأمريكان العظام.

الحراس و العاملون ليس بإمكانهم إيقاف هذا.هم يحاولوا لكن لا يقدروا... وهم مشغولون للغايه فى السيطره على الحشد حتى تركوا ليف يتسلل نحو السجاده الحمراء.
الآن لديه طريق سالك لكونر, الذى بدأ فى صعود الدرجات. يصرخ ليف باسمه مجددا, لكن كونر لازال لا يسمعه. بالرغم من إسراع ليف نحو الطريق, مازال على بعد عشرون يارده حين فُتحت الأبواب الزجاجيه و دخل كونر مع الحراس.
“لا! كونر! لا!”

لكن الأبواب تغلق. كونر بداخل التشوب شوب. لكنه لن يتفكك, سوف يموت. تماما ككل الأشخاص بالداخل... و لإتمام فشل ليف, ينظر لأعلى أخيرا نحو السطح ليُلاقى نظره عازفه الأورج التى تنظر نحوه.
إنها ريسا.
كيف بإمكانه أن يكون بهذا الغباء؟ كان عليه أن يعرف أنها هى من الطريقه التى انتحبت بها, ومن القبله التى طيرها لها كونر.

يقف ليف هنا,
متحجر من انعدام التصديق...
و من ثم يأتى العالم لنهايته.

***

بلاين مازال يقف فى نهايه الرواق, منتظر أن يبدأ شخصا آخر .
“يااه! من أنت. ماذا تفعل هنا؟” يصرخ حارس لبلاين.
“ابق بعيدا!” يقول بلاين,”ابق بعيدا وإلا!”
يسحب الحارس مسدس التخدير ويتكلم فى الراديو:” لدى متفكك هارب فى الأعلى هنا. أحتاج الدعم!”
“أنا أحذرك” يقول بلاين.
لكن الحارس يعرف تماما كيف يتعامل مع متفكك هارب فى التشوب شوب.. يصوب مسدس التخدير نحو فخذ بلاين الأيسر ,ويطلق.
“لا!”

لكنه متأخر جدا. قوه الرصاصه المخدره أكثر تأثيرا من أى مُفجر.
يتحول بلاين و الحارس لحظيا لرماد حين تحترق السته ليترات من السائل المتفجر العائم فى جسد بلاين.

***

تسمع ماى الانفجار. يهز عرفه التخزين بأسرها كزلزال.
لا تفكر فى الأمر.
لا تستطيع.
ليس بعد الآن.
تنظر للمفجرات على راحه يدها.
هذا من أجل فينسنت.
هذا من أجل والديها, اللذان وقعا أمر التفكيك.
هذا من أجل العالم كله.

تصفق مره,
لا شئ.
تصفق مرتين,
لاشئ.
تصفق للمره الثالثه,
الثالثه ثابته ...

***

اللحظه التى ترى فيها ريسا ليف واقفا بالأسفل, على السجاده الحمراء, يمزق انفجار الجناح الشمالى من التشوب شوب.وحين تلتفت ترى الجناح بأسره يتداعى,”يا إلهى! يا إلهى!”
“علينا أن نخرج من هنا!” يصرخ دالتون, لكن قبل أن يقوم بحركه, يصدى انفجار ثان أسفلهم, مرسلا أغطيه فتحات التهويه نحو السماء كالصواريخ.
ينهار السطح أسفل أقدامهم كثلج رقيق, و السقف كله ينهار.
تغوص ريسا مع بقيه الفرقه فى العدم, وفى تلك اللحظه كل ما يدور فى خلدها هو كونر, وكيف لم تقدر الفرقه على إكمال لحن وداعه.

***

يقف ليف هناك بينما يًنثر الزجاج فيه. يرى الفرقه تقع بينما ينهار السطح.صرخه تنمو بداخله و تهرب من فمه,صوت غير آدامى ولد من كرب لا يستطيع وصفه.
عالمه قد انتهى حقا. الآن عليه أن ينهى مهمته.

واقفا هناك أمام المبنى المنهار, يسحب الجورب من جيبه. و يتحسسه حتى يجد المفجرات ,يزيل الغطاء ويكشف الماده اللاصقه,ويلصقها فى راحتيه.
يبدوان كندبات, كجِراح المسامير فى يدى المسيح.
مازال يعوى عذابه, يضع يديه أمامه, مستعدا لجعل الألم يذهب بعيدا.
يضع يديه أمامه.
يضع يديه أمامه..
وليس بإمكانه تقريبهم من بعض.
هو يريد ذلك.. هو يحتاج لذلك.. لكنه لا يستطيع.!

اجعل هذا يختفى.أرجوك, فليجعل أحدكم كل هذا ينتهى.
لا يهم كم حاول بشده, لا يهم مدى احتياج عقله لإنهاء هذا هنا و الآن.
فجزء آخر منه.. جزء منه أقوى .. يرفض أن يجعله يصفق يديه معا.
الآن هو فشل حتى فى الفشل ..

يارب, ياربى العزيز, ماذا أفعل. ماذا فعلت؟ كيف وصلت لهنا؟

الحشد, الذى جرى عند صوت الانفجارات, قد رجع.. تجاهلوا ليف, لأنه يوجد شئ آخر لرؤيته.
“انظروا!” يصرخ أحدهم.”انظروا!”
يلتفت ليف ليرى أين يشير الفتى.

يخرج من الأبواب الزجاجيه المحطمه من التشوب شوب ,كونر.
إنه يتعثر.. وجهه ممزق.. فوضى دمويه.
لقد فقد عين.. ذراعه الأيمن مسحوق وشبه مبتور,.. لكنه حى!
“فجر كونر التشوب شوب!” يصيح أحدهم,”لقد فجره وأنقذنا جميعا!”
ومن ثم يندفع حارس للمشهد:”عودوا لمهاجعكم, جميعكم! الآن!”
لا يتحرك أحد.
“ألم تسمعونى؟”
ثم يضرب فتى الحارس بخطافيه يمنى تدير جسد الحارس بأكمله.
يستجيب الحارس بسحبه لمسدس تخديرة والإطلاق على الفتى الذى أهانه.
يذهب الفتى لمدينه الأحلام, لكن يوجد أولاد آخرون, وهم يزيلون المسدس من يد الحارس, ويستخدموه ضده. تماما كما فعل كونر مره.

كلمه أن هارب آكرون قد فجر التشوب شوب تتعرج كالبرق عبر كل متفكك فى هابى جاك, وفى ثوان, يثور العصيان لثوره مكتمله الأركان.
كل فظيع الآن هو إرهاب.
يطلق الحراس, لكن ببساطه يوجد أولاد كثيرون جدا,ورصاصات تخديريه لا تكفى.. فأمام كل فتى يسقط, يوجد فتى آخر لا يسقط.
تم التغلب على الحراس سريعا, وما أن حدث.. بدأت العصابه فى الاندفاع من البوابة الأمامية.

***

ليس لدى كونر أى فهم لهذا الحدث. كل ما يعرفه أنه تم اقتياده للمبنى, ثم حدث شئ ما.. و الآن هو ليس فى المبنى بعد الآن.

وجهه به خطب ما.. إنه يؤلم.. إنه يؤلم بشدة.. لا يستطيع تحريك ذراعة. الأرض احساسها غريب تحت قدميه.. رئتاه تؤلمه.. يكح ويؤلما أكثر.
يترنح نازلا السلالم الآن. يوجد أولاد هنا.. أولاد كثر. متفككون, هذا صحيح, هو متفكك.. جميعهم متفككون.. لكن مغزى هذا يهرب منه سريعا.. الأولاد يهربون, يقاتلون.
ثم تنهار أرجل كونر, وفجأه هو على الأرض ينظر لأعلى نحو الشمس.
يريد النوم. هو يعرف أن هذا ليس مكان جيدا, لكنه يريد ذلك على أيه حال. يشعر بالرطوبه.. يشعر بلزوجه.. هل ينزف أنفه؟

ثم يحوم فوقه ملاك, مكتسيا البياض.
“لا تتحرك” يقول الملاك , يتعرف كونر على صوته.
“مرحبا يا ليف, كيف الأحوال...؟”
“ششش.”
“ذراعى يؤلمنى” يقول كونر بكسل,” هل عضضتنى مجددا؟”
ثم يفعل ليف شيئا غريبا. ينزع قميصه, ويمزق قميصه نصفين..يضغط بنصف القميص على وجه كونر. ما يجعل وجه كونر يؤلم أكثر. يتأوه.. ثم يأخذ ليف النصف الأخر من قميصه و يربطه حول ذراع كونر. يربطه بشدة. هذا يؤلم أيضا.
“هااى... ماذا...”
“لا تحاول أن تتكلم. فقط استرخ.”

يوجد آخرون حوله الآن. هو لا يعرف من هم.. ينظر فتى حاملا مسدس تخدير لليف, ويومئ ليف. ثم يركع الفتى بجوار كونر.
“هذا سيؤلم قليلا” يقول الفتى بالمسدس,” لكنى أعتقد أنك ستحتاجه.”
يصوب بصوره عشوائيه على مناطق عديده من جسد كونر,ثم يستقر على ورك كونر. يسمع كونر صوت الطلقه, ويشعر بألم حاد فى وركه, وبينما تتلاشى رؤيته نحو الظلام يرى ليف يسرع بدون قميص نحو المبنى الذى يُخرج دخان أسود.

“غريب” يقول كونر.. ثم يذهب عقله لمكان هادئ حيث لا يهم أيا من هذا.!


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الجزء السادس (متفكك)
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الجزء السابع _الأخير_ (متفكك) إمتنان محمود منبر القصص والروايات والمسرح . 5 07-06-2019 01:18 PM
الجزء الثانى (متفكك) إمتنان محمود منبر القصص والروايات والمسرح . 15 06-09-2019 11:20 PM
الجزء الرابع (متفكك) إمتنان محمود منبر القصص والروايات والمسرح . 7 06-09-2019 05:07 AM
الجزء الثالث (متفكك) إمتنان محمود منبر القصص والروايات والمسرح . 7 06-02-2019 01:11 AM
لويس السادس عشر أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 0 09-20-2016 08:58 PM

الساعة الآن 07:48 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.