قديم 03-23-2014, 05:26 PM
المشاركة 21
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي

الأستاذة روان عبد الكريم

في المتابعة على الدوام

كل التقدير والاحترام


السلام عليكم ورحمة الله


الأستاذة روان، بدأت للتو بقراءة روايتك - أحلام المطر- ورغم انك لم تنتهي منها إلى أنني لم أتمالك نفسي من تقديم الشكر لك على هذه البداية الشيقة والتي تبدو أنها شهية ولذيذة الطعم.

البداية عبارة عن توطين للفكرة العامة، وكانت بساطا ممهدا استشفينا منه وتعرفنا من خلاله على الإطار العام للرواية، حيث قامت الكاتبة من خلال البطلة الصغيرة بتعريفنا بشخصيات الرواية وتصنيفهم حسب التسلسل الهرمي لتلك المملكة التي وجدت البطلة نفسها سجينة فيها، حائرة، متسائلة...

هكذا هو السجان دائما ولو كان اقرب المقربين، وتلك هي السجون ولو شيدت من ذهب وفضة، والحرية أسما طريق، وأتمنى أن يكون بسام هو الأمل فعلا.

إلى هنا وصلت قراءتي، وسأتابعك أستاذة روان إلى أن نعرف سر هذه الشادن - ناتالي- وهل فعلا هي سجينة ومختطفة، أم أن هناك بعض جزئيات سقطت منها عنوة.

متابعة إن شاء الله
العزيزةالصدقة الجميلة التى اتمنى معرفة اسمها يسعدنى الق وجودك واتمنى لك قراءة ممتعة شاء الرحمن

قديم 03-23-2014, 05:30 PM
المشاركة 22
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
امرأة غريبة

كان الحديث بين أياد وبسام قد أكسبنى حليفاً جديداً وقوياً ..والحق أنى لم أر أياد سوى مرة واحدة فى حياتى للحظات وجيزة وسأذكرها لكم فى حينها ..ورغم هذا فهو من دفع بالأحداث للتغيير ...وهو من أرسى فى قلب بسام الهمة والعزم لخلاصى فلم يكد يمر على رحيل بسام يومين إلا وأجد فدوى بطلتها البهية تزورنى وقت الظهيرة فى فترة الراحة وبعيداً عن أعين جانو .. سمعت طرقات رقيقة على باب غرفتى وصوتها الهامس مرتعشاً .. فتحت بسرعة لأجدها أمامى وقد أرتدت عباءة قرمزية فضفاضة قديمة الطراز وقد شعرت أن هناك أرطال أضيفت لجسدها الرقيق .. دخلت فى خفة فراشة وهى تجيل نظراتها السريعة فى غرفتى ثم تستدير وتتنزع عباءتها وقد لفت سجادة بديعة بخصرها .. نزعتها بلطف .. ثم أخرجت من جيبها المصحف الشريفً.. نظرت لها وهى تمد يدها وقد ترقرقت الدموع فى أعيننا وصوتها متهدج

- هى هدية وأمانة أن أسلمها لك .. شادن
مواقف كهذه يخجل أن يهطل فيها المطر الحنون فيعانق السحاب مرتجفاً من نشوة الأمل فتهزه فى لهفة دقات القلوب ..وتمسح الأنامل أنهار الدموع على وجناتنا المشتاقة للسجود .. وأجد نفسى بين أحضان فدوى ولسانى يردد

- الحمد لله ..الحمد لله

أقولها مرة أخرى وسأظل أرددها لم يكن الفرق كبيراً بين عمرينا ولكنى فى هذه اللحظة وجدت فى فدوى الجارحى الناصرية أماً حنونا غير أمى الآخرى جوجى وهى تقف خارج الغرفة ترقب الطريق وحين يطل وجهها الحبيب عبر فرجة الباب تشير لفدوى كى تذهب .. تغلق فدوى عباءتها الفضافضة وهى تهمس ضاحكة
- كونى حذرة حتى يقضى الله أمره .. ثم تمضى عبر الباب كالحلم وتختفى

احتضنت المصحف الشريف وهممت بوضع السجادة لكنى سمعت عبر الدهليز خطوات خافتة .. لم أكن أشعر بها سابقاً فقد تحفزت حواسى بشكل رهيب درأ للخطر

خبأت كنز نجاتى بسرعة فى أحد الأدراج وأغلقته ثم وضعت المفتاح بجيبى .. فقد توقفت الخطوات عند الباب ... بخفة القط سرت تجاه الباب وفتحته عنوة لتقع جانو أمامى .. نظرت لها بسخرية
لما لا تطلبين من العجوز أن يضع لى جهاز مراقبة أفضل فى الغرفة لتوفير جهدك الدؤوب

قامت دون مساعدة وقد أحمر وجهها ليس من الخجل بل من الغيظ وهى تجلس فى هدوء

لما لا .. عزيزتى ناتالى ...
كانت تعرف أن الاسم يثير جنونى ولكنى كنت أحتاج لصرفها بهدؤء حتى أتفرغ للعودة لشادن مرة أخرى وأعود لهويتى الحقيقة بعيداً عن إثارة الشكوك

قلت .. جانيت لماذا تضايقنى
أجابت بلا مرواغة

فقط أودى عملى ايتها الصغيرة ..ناتالى

جاء اسم ناتالى من بين شفتيها كالفحيح وايقنت لحظتها أن هذه المرأة المحدقة بى تكن لى حقداً ساماً قد يكون جراء معاملتى الجافة ولكن طبيعتى أنبأتنى أن الأمر أكبر من هذا بكثير فقد رأيت نيران الكره السوداء تموج فى عينيها وأن لم تحرص هذه المرة على إخفائها كطبيعتها الباردة ، كرهاً يكاد يتحول لسياط بغيتها حرق روحى قبل جسدى

سألتنى مباشرة
ماذا كانت تفعل خديجة فى غرفتك
غصت وأنا أقول كاذبة تسألنى أن تأتينى بشئ من الطعام – حمدت الله أنها لم تصطدم بفدوى يبدو أن جوجى أخرجتها دون أن تراها جانيت

برقت عينها بشدة وهى تقول
تكذبين ناتالى ثم اقتربت منى وهى تقرص وجنتى بخفة تغصين حينما تكذبين – أنت حقاً ابنة لوسى – لديها نفسى العادة
نزعت يدها بعنف عن وجهى ..وأنا أقول
ابتعدى عنى أيتها الأفعى .. أنا أكرهك
قالت ببرود وهى تقف فى منتصف الغرفة

وهل أطيقك أنا وضحكت بسخرية .. لديك صلة حب مع خديجة لأنها مسلمة
لكن أيتها الغبية الدين لا يشكل فارق لدى خورى العظيم .. هى فقط عصبته االموروثة فيجب أن تكونى ناتالى خورى مثله تماماً .. هو لا يملك أى احترام لأى مقدس .. أن خورى العظيم لا ينحنى أبدا ولا يقبل إلا تطبيق عقله

وقفت تجاهها وأنا أقول بمكر
ها أنت تسخرين من خورى العظيم

هتفت فى ارتياع يا لك من ماكرة

لكن تذكرى أنى يمكن أن أغض النظر ولا أخبره عن زيارة جوجى

كان تهديدها مباشرا رداً على تهديدى وقد أدركت خطورة موقف الخادمة العجوز التى تساعدنى وهى الضعيفة .. أومأت برأسى .. حسناً .. هل انصرفت وتركتنى لحالى فأنا أريد أن أغفو قليلاً

همست بخبث بجانب أذ نى

- تكذبين يا صغيرة فلم يحدث أن غفوت نهاراً منذ أتيت إلى هنا لديك عقل صقر متيقظ دائماً تماماً مثل خورى العجوز

ثم استدرات وهى تغادر عبر الباب
لديك سر تفعلينه ناتالى .. فقط أحفظيه بعيدا عن عينى وأذنى وضحكت ضحكة شريرة وهى تغلق الباب خلفها

كانت هذه المرة جريئة للغاية .. فهى تدرك حبى الشديد لخديجة وقد كشفت عن نوايها السيئة تجاهها بعد أن امسكت بورقة ضد الخادمة المسكينة ... بيد أنى ادركت أنها تكن لخورى العجوز حقدا مريرا وخوفا عظيماً

بعد انصرافها ... اغلقت الحجرة بالمفتاح .. وابتسمت فى رضاء وأنا أتجه للحمام .. للوضوء.. ما أغبى الإنسان .. وضوؤه وصلاته يمدانه بقوة تجعله قادرا على مواجهة الجبروت وقد شعرت بهذه القوة تسرى فى خلايا تكوينى وتتغلل فى روحى وأنا أسجد لله عز وجل وأتضرع فى وله محموم أن يفك كربى وغربتى

كانت ساعة تصافت فيها روحى ونفسى وتعاهدا على الصمود .. حينما خبأت المصحف والسجادة مرة أخرى .. كنت أحفظ معهما هويتى كلها وأملى العارم ولم يخرجنى من هذه الطمأنينة سوى أصوات شجار أسفل شرفتى فهرعت لأفتحها على مصراعيها
لأجد جانو تزجر راهبة غريبة بعنف وتطلب منها الرحيل .. يوحى جسدها الضعيف عن فقر حالها فناديت بعنف جانو كانت تضرب المرأة بلا شفقة على وجهها فنظرت كلتاهما تجاهى
ثم طارت الراهبة عبر المروج ثم عبر الباب الرئيسى وردائها الكهنوتى يتطاير خلفها

نظرت فى حيرة لجانو من نافذة غرفتى ..ونظرت تجاهى ولم أتبين ملامح وجهها جيدا ثم دلفت إلى القصر وهى تضع فى رأسى ألف تساؤل عن هذه الغريبة المسكينة التى وقعت تحت رحمة جانيت.. يبدو أن القصر ملئ بالطغاة كلا على قدره .. وها هى سيارة الطاغية الأكبر تدلف من البوابة الرئيسية لحظة خروج الراهبة منها ثم تتوقف برهة لتقف المرأة الغريبة أمامها وقد أنزل سائقها الزجاج أمام خورى العجوز .. لم تكن الرؤية جيدة فلم أتبين أن هناك ثمة حديث إلا من إشارات غاضبة ليديها بعدها أسرعت الخطى عبر الباب الحديدى لتختفى فى لحظة وتجعلنى اتساءل .. من هذه التى أثارت غضب جانيت وقفت تتحدى العجوز ... .. هناك شئ غامض بها .. شئ يزعج جانو بشدة ويزعج العجوز أيضا .

..نزلت السلم الرخامى بعد فترة للعشاء .. وكان من تعس الحظ أن أقابل نادر الناصرى وجهاً لوجه وقد نم وجهه الحليق عن غضب شديد ونظر تجاهى بحقد وهو يخرج من مكتب العجوز.. نظرت له بدهشة .. ترى ماذا فعلت له هذه المرة .. أغلق الباب خلفه بغضب بارد .. وصلت برودته لأوصالى .. دلفت للمطبخ ووجدت صينية طعامى جاهزة أخذتها بسرعة قبل خروج العجوز من مكتبه وجلست فى الشرفة ألتهم الطعام براحة وبطء ..استرخيت هادئة وأنا أنظر للقمر النصف مكتمل وأعد على أصابعى وأهتف
ثلاثة عشر قمرا انطفأت منذ اختطافى وتساءلت لماذا لم يحرك أبى ساكناً حتى الآن واجتاحت جسدى قشعريرة أن يكون حدث له مكروه ..أخرج من أفكارى السوداء على صوت أكثر سواداً والعجوزيقف مراقباً يقول
هنياً ثم يردف
متى تتعلمين قواعد الاتكيت وتأكلين برفقة جدك ناتالى
نظرت له بنصف إغماضة ساخرة
يبدو أنها لا تليق على
جلس أمامى
فتاة متمردة
سألته فى حدة مثل أمى
رد ..
- جميل حبيبتى ناتالى أن تتذكرى أن أمك ابنتى
هتفت فى حنق وقد ازعجنى صحة قوله
- أنا لم أقل هذا مطلقاً
وقف فجأ ة وهو يدب بعصاه الغليظة المذهبة بالجرانيت بصخب
- كفى ناتالى أيتها الحمقاء.. لاتغضبينى أكثر .. لدى من المشاكل ما يكفينى .. أنت فتاة جاحدة
وكز على أسنانه
- تماما مثل لوسى أمك .. ثم ولى عنى وانصرف إلى حجرته
خبطت بكفى على جبينى أنا حمقاء بالفعل .. يجب على مداهنة العجوز.. لكنى فى تلك السن الصغيرة مجرد فتاة لاحيلة لها وكنت أحتاج لكثير من المكر لاخدع هذا الثعلب العجوز حتى تكتب لى النجاة من براثنه.


كانت الساعة نحوالتاسعة ذاك المساء وكنت سأنام فى العاشرة .. لا بأس أن أفرد جسدى قليلاً فى الحديقة المبللة بمطر مسائى شحيح هبط فجأة ثم اختفى كضيف عابث .. حينما وصلت للشجرة التى التقيت بسام عندها .. شجرة الأمل كما اطلقت عليها.. شجرة بلوط ضخمة جلست أسفلها القرفصاء أنظر لسماء بيروت .. كنا فى منطقة الجبل جنوب بيروت وهى منطقة ذات طقس متقلب مائل للبرودة فجلست القرفصاء أحيط جسدى بذراعى واضع ذقنى على ركبتى كدمية صغيرة اخفتها الظلال .. كنت أشعر أنى أتوارى عن الأنظار التى تراقبنى وأحلم أن تختفى البقعة بى حتى لا يرونى ..انتبهت على خطوات خافتة فتكورت على نفسى أكثر واعجبتنى اللعبة يبدو أنى تغيبت وهناك من يبحث عنى
كانت عدة خطوات هادئة انبأتنى أن هناك شئ غير ما ظننت جاء الصوت الواضح القوى لنادر وهو يهتف
جانو أيتها الحمقاء طلبت منك مراقبة الفتاة
هتفت جانو
قد فعلت لكنها ذات ذكاء حاد بل يبدو لى أحياناً أنها خورى آخر أشد فطنة
صفق كفيه فى حنق
طلبت منك مصاحبتها ، تقيمين معها منذ عام ولم تكتسبى أبدا ثقتها
فضحكت جانو فى سخرية
أنت لا تعرفها هى صعبة المراس لا تثق فى أحد حتى محبتها القوية لخديجة يغلفها الشك
إنها فتاة عنيدة مثل أمها مع ذهن متقد

صرخت جانو ويبدو أنه أمسك رسغها
وهو يقول بصوت حاقد
ابحثى عن طريقة لتدخلى إليها .. هذه الفتاة خطر كبير إن لم ننتبه جيدا سنفقد عملنا
كلانا أنا وأنت
ثم تركها وهى تتأوه
تذكرى أنى أخرجتك مما كنت فيه ولن أذكرك
جاء صوتها باكيا
أنا لا أنكر فضلك سيد نادر لا أنكره مطلقا وسأفعل ما بوسعى
إلا أنه أكمل فى غلظة
من أخبر لوسى بأمر الفتاة وكيف أتت .. كانوا يتحدثون عن الراهبة عن لوسى عن أمى
قالت لا ادرى لا سر يخرج من القصر
قال أن العجوز غاضب للغاية لقد رأها وتبادل معها حديثا قاسياً

هتفت جانو لم تطأ قدمها القصر منذ رحيلها للدير وعملها خادمة هناك منذ اثنى عشر عشر عاماً ..كانت أطرافى قد تشنجت فتحركت وراعتهما حركتى فتحرك نادر بسرعة وهو يشهر مسدسه فى وجهى
وقفت وقد راعنى نظره
وهو يشد على نواجزه

ماذا تفعلين أنسة

قلت برصانة وإن كنت ارتجف تحت تأثير عينى نادر القاسيتين
ماذا تظن بالطبع
احتار فى ردى وأنا أكمل بالطبع اتصنت على ما تقولانه
وضع مسدسه فى جرابه

إننا نعمل من أجل حمايتك أنسة ناتالى
كان ضخم الجثة مفتول العضلات ولم تخدعنى لهجته الهادئة فعينيه الطافحة بالغضب تنبأ الكثير عما يكنه لى امسكتنى جانو برقة من ذراعى هيا حبيبتى حان موعد نومك

نظرت إليها بفضول ولم أزجرها هذه المرة بل تركتها تتمادى وهى تضع يدها حول كتفى وتكمل بصوت حنون هيا حبيبتى
همست بأذنها بصوت غاضب جانو
لقد صفعتى أمى وهاك الصفعة
دوت على وجهها صفعة مدوية منى
وشعرت بغضب نادر الشديد ليس لأنى صفعت جانو بل لأنى كشفت هوية المرأة المجهولة الراهبة الهاربة
كانت لحظة عاد المطر فيها بجنون وقد وقفنا نحن الثلاثة نادر وجانو وأنا لا نتفوه بشئ
لحظة ظهرت فيها فدوى الحبيبة التى كانت ترقب المشهد من بعيد وقد هرعت لى بمعطف يقينى المطر ويحمينى وهى ترجونى الدخول للقصر ..اصغيت لها ودلفت للقصر وتركتها لنادر وجانووفاتنى سعالها الجاف وضعفها الواضح

قديم 03-27-2014, 03:06 PM
المشاركة 23
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
مرض فدوى وسفر العجوز



مرض فدوى وسفر العجوز

فدوى تتحدث
أشعر أنى أعانى من المرض وقد صارت الحياة صعبة بعد مشكلة شادن وانشغال بسام الشديد بها ، بدا هذا واضحا وأنا أزوره اليوم وكان يعانى من مرض خفيف لا يستدعى القلق .. إلا أنه يبدو أننى التقطت منه البرد الذى يجتاح بيروت هذه الأيام ..ولم أشعره بما ينتابنى من ألم وضعف وأنا أشاهد حماسته الشديدة وهو يتناقش مع صديقه السورى أياد ونحن نتناول الطعام فى أحد المطاعم الصغيرة الدافئة
حرت فى أمره فمنذ زمن بعيد لم أجد شئ يهزه ويحركه على هذا النحو .. كانت خلاجات وجهه تنقبض وتنفرج فى سرعة لدى حديثه عن شادن ... تساءلت فى نفسى هل هو ذاك التيار الصاعق الذى يجتاح القلوب .. ضحكت فى سرى وأياد ينظر له نظرة ذات مغزى لم تفوتنى .. أياد يعلم عنا أنا وبسام كل شئ
أن بسام هو أخى الحقيقى أما نادر فقد ذرع حول نفسه جدراً منيعاً يفتقر لأدنى المشاعر الإنسانية فكيف له أن يتعاطف مع الصغيرة المسكينة وهو نفسه لا يتعاطف مع نفسه أو أقرب الناس إليه شقيقته وابن عمه

كنا نطوق أنا وبسام للعودة يومأ لدارنا فى الناصرة ولكننا لم نستطع أبدا فالأوضاع فى غزة والناصرة جحيماً فعلى وخاصة لاسم مثل عائلة الجارحى ، فقدت كل رجالها فى حلم عودة الوطن المسلوب
ولم يبق منها سوى بسام الجارحى وأنا فدوى الجارحى

زفرت بعمق وأنا أقول كان أجدى بك يا نادر أن تكون شقيقى وموضع سرى فهناك من الأشياء التى لن استطيع مصارحة بسام بها واوجعنى صدرى وأنا أتذكر بسام العزيز ودمعت عينى دموعاً حارقة حتى هطل المطر بقوة ضربت الشباك فهرعت لأغلقه حيث راعنى أن أرى نادر يرفع مسدسه فى وجه شادن وجانو تشاهد الأمر ثم يلبث أن ينزله توجست شراً أن يكون كشف أمر السجادة والمصحف وأنا دائماً أتوقع أسوأ الأشياء من أخى
حين وصلت وجدتها تنظر إليهم بتحدى وقد بللها المطر كلياً فاعطيتها المعطف وتوسلت إليها أن تذهب ، رأيت التعجب على وجه نادر وجانو لانصياع الفتاة الفورى لكلامى وما لبثت جانو أن اختفت فى أثرها
ظللت تحت نظرات نادر النارية فاشحت بوجهى وأنا أدلف عبر الباب والماء يتقاطر منى ، نادنى نادر فلم أعره انتباهاً وسعلت بحدة إنى مريضة بالفعل ولا قدرة لى على التحمل وحصار أسئلته وأوامره التى لا تنتهى

لكن هل أخبرتكم يوماً أن نادر يملك لى و لغيرى مشاعر رقة واهتمام هيهات فقد دخل بعدى وقد ارتميت على الأريكة بثيابى المبللة وصوت نادر فوقى يرعد عن الفتاة ويحذرنى بأن أبتعد عن طريقها

وقد رحت فى إغفاءة ثقيلة وأنا أرتعش بشدة فألقى على بدثار وهو يقول

- كأنى احتاج مزيدا من المشاكل
نمت فى هذه الليلة محمومة تنتابنى أحلاماً شتى لا علاقة لها بشادن أو نادر أو حتى بسام بل بشخص آخر تماماً شخص قدر له أن يبتعد عنى بإرادتى
كم أنت عجيب إيها القلب حينما تتألم فى صمت وتعصف بك رياح الحنين

آه آه يا عذاب روحى كيف هى الحياة دونك إيها الحبيب
تذكرت وجهه بسام وهو يتحدث عن شادن وأنا أنوح على ذاك التيار الذى مس قلبى يوماً
وضعت يدى على قلبى وأنا أهمس فى ضعف
ليته يعلم .. ليته يعلم ولا يتعذب كم أتعذب

نادر يكمل
وقفت أمام الباب وقد تشبع المساء برائحة الماء المطرى .. كم أكره المطر .. ولكنى أحب وجودى هنا .. وأحب عملى كثيرا والحقيقة أن خورى يجزل لى العطاء فأنا رئيس حراسه وقد تلقيت عنه الرصاص فى إحدى المرات مما أتاح لى أن أكون رئيس حراسه
لكن تلك الفتاة الحمقاء ناتلى أو شادن التى ظهرت من العدم حينما علم بوجودها وترت الأموروعقدتها وصار يحسب لى الأخطاء وكان يكفينى ظهور لوسى الليلة فى الضيعة لتلقى نظرة على ابنتها


هتفت اللعنة وأنا أبصق على الأرض تباً لك جانيت لولاك ما حدث هذا هل اعتقدت أنك تتقربين من العجوز حينما افشيت السر الذى اعترفت به لوسى حينما رزتها وعززت موقفك بذلك الخطاب الذى اوصتك بإرساله لتقولى أنه ضل طريقه للمزرعة
وإن لها ابنة ألم يكفك أيتها الحمقاء أنى انقذتك من الذل والهوان فى ذلك الفندق فى تل ابيب حينما اصطحبنى العجوز فى زيارة عمل ووجدتك تحت رحمة إحدى جماعات الرق هناك
بعد أن طردك العجوز من بيروت كلها لأنك من ساعدت لوسى على الهرب إلى باريس
لتبدأ قصتها مع ذاك المصرى هناك

زفرت بعمق حينما رأيت إحدى خادمات القصر تخبرنى بطلب خورى لى مرة آخرى
دلفت للقصر مرة آخرى وقد وجدته يرزع البهو بعصاه الأبنوسية وشعرت أن ثمة خطب ما
حدق لى بعيونه اللامعة كعيون الفهد وقال
اسمع يا نادر ضع عينك وسط رأسك ، لا أريد مشاكل وساضطرلمغادرة بيروت لمدة أسبوع على الأكثر للسفر لباريس

كانت عادته أن يخبرنى بالوجهة لكن دون التفاصيل
وقبل أن أرد
هذه المرة لن تكون فى صحبتى بل ستبقى من أجل ناتالى هذه الفتاة باستطاعتها خداع طاقم الحراسة كله

ارتسمت على وجهى ابتسامة عابثة لم تتجاوز ثوانى إلا أنه لاحظها فاستدركت

إنها حفيدة خورى يا سيدى ماذا تتوقع
أومأ برأسه لأنصرف ، عدت للمنزل وسمعت صوت فدوى يهذى فاقتربت منها وقد ارتفعت درجة حرارتها بشدة سألتها برفق فدوى
هل تحتاجين لطبيب
هتفت فى بضعف
اذهب أنت كريه أريد بسام هو شقيقى الحقيقى ، اغمضت عينى وكظمت غيظى وأنا أقول وهل طلبت يوماً أن أكون شقيقك؟ ، هل نسيت أنك ابنة الشهيد وأنا ابن الخائن ؟
تركتها وإنها غالبا مصابة بقليل من البرد ولن يضيرها أن تتألم قليلاً جراء لسانها الطويل

عودة لشادن
غادرتهم ودلفت بسرعة لغرفتى وغيرت ملابس ثم اغلقت الأبواب وصليت وقرأت ما تيسر لى من القرأن الكريم واطمأن قلبى المتعب بعد طول انتظار

حينما أتى الصباح استيقظت على صخب فنظرت من الشرفة لأجد العجوز يرحل فى الفجر ومعه حقائبه غمزت لنفسى

ترى زهق وقرر الرحيل
توضأت وصليت الفجر ، كان الجميع نائما بعد رحيل خورى وقد بدأ الصبح يتنفس فعدت لشجرة الأمل مرة أخرى .. ثمة جلبة عند البوابة الرئيسية وشبه عراك يا إلهى أنه بسام ماذا يفعل ويبدو أنه يعنف نادر فى غلظة وقد تركه يدخل ثم يهرع إلى البيت ثمة خطب ما وقد هرعت فى أثره لحجرة فدوى وبسام يجس نبضها مرتاعاً وقد أزرق وجهها فى شدة ونادر يقف محتاراً ولا ينبث ببنت كلمة .

قديم 03-27-2014, 03:11 PM
المشاركة 24
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
دموع على نهر العاصى
فدوى مرة أخرى
ارتفعت حرارتى بشدة وقد حاول نادر إبداء بعض التعاطف لكنى فقدت الأمل فيه منذ زمن بعيد فنادر الطيب الحنون قد ضاع منذ سنوات روحه مقبورة هناك فى ظلمات القبور مع آلاف الضحايا ليلة المجزرة وما هذا إلا شبح انسان يتمسك بالحياة لأجل لاشئ فلم أكن أعنى له سوى هما ولم يظهر لى أى تعاطفا فى يوما ما حتى أن النقود التى صرفها علينا أنا وبسام على دراستنا فى القاهرة اعتبرها دينا رده بسام منذ أعوام قليلة وتقبلها دون أدنى تردد وحتى زواجى المرتقب من بسام نظر إليه باستخفاف وسخرية
يومها اشحت ببصرى وأنا أمسح عبرات دفينة تحرق عينى كيف لم تسأل يوما يا نادر كيف بدلت موقفى من بسام
هل تتخيل يا نادر أن الشقيق يصير حبيبا ألا تعرف إيها الشقى أنه محال
صارت الحمى شديدة وأنا أغوص فى ظلام وثمة وجه حبيب يضئ لى ..يمسك يدى عبر المروج يوما كنا فى نزهة على شاطئ العاصى
كان يصرخ بجنون وفرح
أحبك فدوى أحبك فدوى
وأنا أضحك بمرح وأبكى فى نفس الوقت من السعادة .. ليتنى ما بكيت فقد كان نذير شؤم
مازالت كلماته تدق فى قلبى
يا صاحبة السمو ... هل تقبلين زواجى وهو ينحنى وقد زاد خجلى ووووووو
ثمة أصوات حولى ....
حرارتها مرتفعة ...شئ بارد على جبينى
أغوص مرة آخرى فى ظلام لا نهائى ... خيل لى أنى أرى شادن وهى تربت على وجنتى
حينما أتى الصباح .... كان هناك مستلقى وقد نمت لحيته يبدو أنه لم يذق النوم منذ ليالى
نظرت إليه غير مصدقة ... ماذا يفعل فى حجرتى هتفت بصوت ضعيف:-
إيها التعس اذهب.. اغمضت عينى فى رجاء أن يكون حلماً .. وهماً.. جنوناً
إلا أنى جفلت وصوت بسام الحنون وهو يمسح جبينى
وأنا أفتح عينى فى خمول وعينيه تتراقص فرحا وهو يقول
استيقظ يا دكتور كارم استقيظ لقد افاقت فدوى
تسارعت نبضات قلبى وهو يضع سماعته الطبيه ثم يقيس درجة حرارتى مغمضا عينيه
ثم اشاح ببصره لبسام
اطمئن .. تجاوزنا مرحلة الخطر.. اقترب بسام منى وهو يمسك بيدى
شكرا لك يا كارم .. لن انس أبدا جميلك لقد تركت كل شئ ومكثت بجانبها ثلاثة أيام لم تذق خلالها النوم
ربت كارم على كتفه إنه واجبى لا شئ يذكر نحمد الله أنها اتصلت بى فقد كانت حالتها متدهورة للغاية
ارتعت وبسام يدير ظهره وهو يقول
كان أولى بنادر أن يفعل.. لقد اتصلت أنت بى بدورك .. لا أحد يتابع مرضاه هكذا ..عن جد لن انس جميلك
أومأ برأسه وهو يقول لاجميل بين الأصدقاء ثم أكمل سأتى فى الغد بعد الظهيرة ثم اعطى لبسام ورقة بها
عدة تعليمات وقد دخلت شادن تلك اللحظة لتنير وجهها ابتسامة وضاءة .. وهى تربت على جبينى وتقول
ساتابع فدوى .. إن بسام متعب ولم ينم عدة ليال .. لفظة بسام دون ألقاب أقلقتنى إلا أن قلقى ضاع فى نظرة الحزن التى ملأت عينى كارم وهو يلقى على نظرة أخيرة لم يستطع منعها قبل أن يغادر
إنى متعبة وقد ترك بسام الغرفة ليوصل كارم لسيارته وقد جلست شادن جانبى ولم يفتنى نضارة وجهها المليح وهدوئها ونظرة الفرح فى عينيها التى ارجعتها لسفر خورى وخشيت أن أرجعها لسبب آخر
شادن تكمل
لقد تجاوزت فدوى مرحلة الخطر ....لم أنس صراخ بسام عند البوابة وهو برفقة دكتور كارم ... وقد أمسك بتلابيب نادر..الذى ألجمه منظر شقيقته وقد شارفت على الهلاك وكأنهم لايسكنون نفس البيت .. تبادل بسام مع الدكتور على مدى ثلاثة أيام رعايتها وكنت أزورهم بين الحين والآخر أحضر لهم بعض الطعام الذى تعده خديجة وتناولوا اليسير منه .... لقد ذكرنى رعايته لها وخوفه عليه بأبى كثيرا ولا أنكر أننى تسللت خلسة وبهدوء كي لا أزعج فدوى فوجدته يغفو على الكرسى أمام سريرها وقد نمت ذقنه مما أكسبه ملاحة فوق وسامته وثمة خصلة نافرة سوداء نافرة على جبينه وقد اغمض عينيه فى سكون مما أتاح لى أن أنظر مليا لوجهه بأنفه المستقيمة ووجنته المرتفعة ووووو
لم أنتبه لصوت خطوات نادر يقف فوق رأسى يراقب المشهد بفتور
ارتبكت تحت نظراته الصقرية وقلت وأنا أمسك بترمس الشاى وبعض الشطائر وقبل أن أتفوه بكلمة استدار على عقبيه وصفق الباب
استيقظ بسام على وجهى المحمر وأنا أرتعش .. ذهل لوهلة ثم أمسك الشاى والشطائر من يدى وهو يرقب عبر النافذة نادر يمضى فى عصبية واضحة
اخرجنى صوته من خوفى وهو يهمس:-
اجلسى شادن
قلت بارتباك :-
بعض الشاى والشطائر صنعتهم خديجة .. كيف هى؟
قال وهو يرتشف قليلا من الشاى ... لست أدرى شادن لست أدرى كان وجهه متألماً ودكتور كارم يدلف عبر الباب ويتفقد المريضة الغالية .. سكبت له كوب من الشاى ... تناوله وهو يقول لبسام اذهب لتريض جسدك قليلا يا صديقى سأبقى أنا معها .. اعترض بسام لكن كارم قاطعه .. بالله عليك ليس لى القدرةعلى عيادة مريضين عزيزين فى وقت واحد وربت على ظهره ولكن كان ينظر عبر النافذة لظهر نادر الذى وقف مراقبا كالصقر يستمع لأقل همسة... حسم أمره بسرعة وهو يضع كوب الشاى متجاهلا الشطائر
شادن تعالى لى معك بعض الحديث

قديم 04-02-2014, 03:08 PM
المشاركة 25
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
أوراق سيلين
جلست أمام المسبح مع بسام ونادر يقف على مقربة هو لم ينس صفعتى لجانيت ولا اكتشافى أن الراهبة هى أمى وزاد الأمر ذلك التحدى بينه وبين بسام الذى جلس يرمقه بعيون نارية .. بسام غاضب منه لإهماله شقيقته وغاضب منه لأنه يقف ضدى .. كان الأثنان يتبادلان النظرات بتحدى ولكنى سررت حينما استسلم نادر وأدار لنا ظهره ومضى إلى البوابة الرئيسية يتبادل حديثا ما مع الحراس
أفقت على صوت بسام الدافئ وهو يقول
شادن أريد مساعدتك لكنى أفتقر لكثير من التفاصيل
اه يا بسام رغم مرور السنوات ..مازلت أذكر لقاؤنا هذا كأنه بالأمس القريب .. مازلت أذكر اهتمامك بكل كلمة ذكرتها .. اسم أبى.. بيتنا فى القاهرة.... مدرستى .. وحتى زيارة لوسى الأخيرة وما حدث بينى وبين جانيت
يومها قلت لى بحزم لا تقلقى شادن سأعمل ما بوسعى حتى تعودى أمنة لوطنك وقد وقفت بقامتك المهيبة كى تنصرف لتطمئن على ابنة عمك وقد هممت بمرافقتك لكنك همست
لالا ناظرا باتجاه نادر وطلبت منى أن أذهب للمنزل حتى لا تزداد الأمور توترا ...كنت أحب رفقتك بسام .... لكنى سببت لك المشاكل مع نادر .. غير فدوى المريضة ... مازلت أذكر لقاؤنا هذا فبعده دخلت إلى المنزل كما طلبت .. كان الوقت مازال مبكراً ولا درس لى اليوم ولا حتى جانيت موجودة فقط شادن وجدران القصر وأوراق سلين .. تلك الأوراق التى ترجمت منها الكثير وقد حان الوقت لأفهمها ... هل ندمت يوماً على شئ فعلته ... هل ندمت يوماً على نصيحة لم تستمع لها من خديجة الطيبة
دع الموت يرتاحون فى قبورهم يا ابنتى ...لقد اتعبتنى مذاكرات سيلين المهترئة لسنوات وسنوات بكلماتها المشوشة وحروفها المرتعشة .. حيث يقبع بين سطورها ثلاث ضحايا وأنا رابعتهم .. أعود بين الحين والآخر لأقرأ منهم
أن روحى تختنق بالمكان
لقد فصلنى عن لوسى وأرسلها لمدرسة داخلية أخبرنى أنها مدرسة فى سويسرا لأبناء الطبقات الراقية
نظرت له بسخرية .. أعرف أن لوسى تقبع بمكان ما فى بيروت .. إنه يخدعنى ... من أين له أن يتحدث عن الرقى ... إن ذاته تحترق بجبروته الذى يحرق معه الجميع
صفحة آخرى مهترئة
كلما نظرت للوحة لويس الملك تذكرت أنى قطعة اضيفت للقصر مثله
يوم كئيب آخر ملبد بالغيوم مازال خورى فى سفر لكن حراسه يقفون كالصقور
هو يعلم أنى أنتوى الرحيل آه يا لوسى يا ابنتى كم أفتقدك
وورقة قد ضاعت معظم أسطرها ولم يبق منها سوى
علمت أنه سيلحق ابنى الصغير بلوسى فى المنفى كما كنت اسميه جادلت غسان كثيرا لكنه لم يأبه لى رد بتأفف
خائنة مثلك لا تستحق سوى أن أبعد عنك ولديك آلمتنى الكلمة أنا لم أفعل .. لم أخنك غسان
سمرنى فى مقعدى لقد اطلعت على أشياء تكتبيها قلت كالمذعورة إنها كلمات مجرد كلمات
سألته فى خفوت أين أوراقى قال بتلذذ
مزقتها
بكيت وبكيت هذا التعس مزق صفحات من عمرى يا لوسى
مزق تاريخى مزق مشاعرى
إنى أكتب لك القليل خلسة منه حتى تفهمى .. لقد ضربنى اليوم كثيرا حتى أدمى جسدى حتى ايلى المسكين
لقد أسال الدم من أنفه ..هو لم يحبه أبدا .. أحبك أنت لوسى لكن بطريقته
وورقة آخرى تحمل اعترافا فظيعا

خنته اليوم مع أحد حراسه .. لوسى ليس حبا فى الخيانة بل أملا فى الحرية حتى يساعدنى على الهروب
سأرحل لوسى سأرحل سأخذ ابنى وأرحل لقد ضربه خورى مرة آخرى اليوم
لا أعرف مكانك حبيبتى
لكنك ستعلمين مكانى بباريس
تركت لك هذه الوريقات فى حشية البيانو لأنك الوحيدة التى تعرفين قيمته ليس كقطعة انتيكة أنيقة يضمها قصر الخورى
ثم أوراق وعبارات لم أفهم منها شيئا

صدمنى ما قرأت وآلمنى صورة الطفل الحزينة
وتساءلت أى نهاية حدثت لك سلين
أى مصير كان مصيرك أنت والطفل المسكين .. هل قتلكما خورى أم ماذا ؟
أن صورتكما المكللة بالسواد تنبئ بموتكما
لكن كيف؟
كانت جوجى كعادتها فى المطبخ منهمكة فى إعداد الطعام تسللت إليها خفية
رحبت بى مازال الوقت مبكرا على طعام الغذاء ضحكت يبدوا أن ثمة شئ شهى لنا اليوم
نعم حبيبتى اعددت شيئا مميزا لفدوى وبسام ثم غصت أعلم أنك تحبينهما كثيرا لكن جدك لن يحبذ هذا وقد يغضب كثيرااتكأت على الحائط أغمم فى شرود إلى أى مدى يصل غضبه
هل سيقتلنى كما قتل سيلين وابنه
كان رنين المعلقة التى وقعت على الأرض يكسر هدوء القصر وجوجى تأخذنى فى حضنها فى رعب
لاتلفظ اسم سيلين حبيبتى رجاء نظرت لها دامعة
هل قتلهما جوجى؟!
مسحت دموعى
لا حبيبتى لم يفعل ..لكن. لكن ماذا ؟!
نظرت حولها جيدا وكأنها تخشى من يلتصص
لقد انتابت سيلين حالة من الآلم وقد حاولت الهرب مرارا ولم تفلح ثم ركبت سيارتها ومعها الصغير وخورى يومها كان يقهق كالشيطان وهو يقول هيا اهربى
ترجته كثيرا وقبلت قدمه والصغير يبكى فى السيارة أن يتركها ترحل لكنه رماها بقسوة وقد تعلق بصرها بالباب الحديدى المغلق وعنئذ اتخذت قرارها ركبت سيارتها وبسرعة ودون أدنى توقع قادت السيارة واصدمت بالباب فى قوة كان حادثا مريعا ثم عادت لطناجرها تمسع دموعها السخية وصوتها مختنق
لكنه لم يقتلها ضحكت فى سخرية ..يا البشاعة لم يقتلها
يا له من قاتل يا له من جبار يا له من طاغية ..كم أود أن أقتله
لم أسمع صوت جوجى محذرا وأنا أنصرف ولم أع أن هناك من كان يتلصص
ومن يحصى أنفاسى وخطواتى ومن ينتظر وينتظر
الواشى

مع أفكارى الحزينة جلست حتى المساء .... لم أتناول طعاما فصورة ايلى الصغير وسيلين تنغص مضجعى ...إنها ضحيته الأولى ...قتلها بأعصاب باردة ودون رحمة ..قتلها قبل موتها بسنوات دون أدنى شفقة...يتراء لى شبحها الحزين يعزف لحنا جنائزياً على البيانو...تساءلت فى وجوم هل يصبح مصيرى مثلها ....ثمة طرقات على الباب إنها جوجى .. اخبرتها بضعف لا رغبة لى فى تناول الطعام ...اخذتنى فى حضنها وهى تقول اهدئ إيتها الصغيرة ...آه يا جوجى الحبيبة كم كان حضنك دافئاً...وكم فرحت وأنت تخبرينى أن فدوى فى تحسن مستمر وأنهم يدعونى لتناول الطعام معهم.
كانت أمسية رائعة شاركنا فيها دكتور كارم الذى جاء ليطمئن على فدوى مرة آخرى . .لم تخل أمسيتنا هذه من بعض القفشات على طهو بسام واللحم النيئ لكن فدوى ساندته كعادتها وهى تقول
هكذا يؤكل اللحم المشوى ثم ضحكت فى ضعف وغص حلقها... فوجئت بذلك الآلم المضنى الذى ارتسم على وجه الطبيب .. يا له من رجل عطوف ولكن النظرة الحائرة فى عينى بسام لم تعجبنى أبدا نظر إلي الطبيب ثم إلى فدوى وارتسم على جبينه ألف سؤال
ترى هل يغار .. هتفت فى أعماقى وما شأنى أنا لكنه فجأة احكم الدثار حول ابنة عمه وهو يحيطها بذراعيه ..وقد فجأتنى تلك النظرة المتألمة فى عينى الطبيب.. ودق قلبى وفزع إنها ليس عطفاً
إنه حب ..هل يعلم بسام...هل تعلمين يا فدوى...المتعت الدموع فى عينى وأنا أتذكر نهارى الحزين وأغوص فى أفكارى السوداء
آه يا فدوى لديك اثنين يحبانك وحياة رائعة حرة بينما أنا سأقبع فى القصر تحت رحمة الطاغية
ستتركين شقيقك نادر لكنه سيبقى يراقبنى كالصقر...ترى كم سأحتمل ...عاماً آخر ..عامين
ثم تكون نهايتى مثل سيلين أو أهرب مثل لوسى ...ارتعش جسدى ولم أعد أحتمل حبس دموعى
فانفجرت فى البكاء ..كان صوت بسام حزينا وهو يقول:-
شادن يا صغيرتى ..ما بك .. كانت أطرافى قد تشنجت.. ثم وجدت نفسى فى فراشى وثلاثة أزواج قلقة من العيون تحيطنى والطبيب يدس فى ذراعى حقنة ما وهو يقول إنها تعانى صدمة ما .. اشحت بوجهى ويدى فدوى تمسح جبنى بحنان ... كنت بدأت أشعر بالدفء حينما دلفت جانيت عبر الباب وهى تهتف باستياء:-

ماذا يجرى هنا
ثم قالت امرة من سمح لكم بالدخول .. سمعت بسام يقول محذرا
إنها متعبة اتركيها ولا تزعجيها مطلقا
شئ فى نبرته الواثقة الجمتها.. لبثت فى مرضى الغريب يومان ...لم أكن أعانى علة ما ولكنى سعدت باهتمام بسام الدائم بى ولم يضايقنى سوى نظرة فدوى الحائرة ..كنت أسعد برفقته الصباحية ...حتى الصباح الآخير اخبرنى أن عليه العودة للعمل ووعدنى بالزيارة فى الأسبوع المقبل ... حينما أغلق الحارس البوابة خلفه شعرت أن روحى طارت شعاعاً معه..وهربت من نظرة فدوى المؤنبة
لم أملك سوى الهرب وتجنبها بقية اليوم...إلا أن يومنا الرائع انتهى فجأة بوصول خورى الطاغية
احضر لى كثيرا من الهدايا والملابس ولكنى اشمئززت منه وتذكرت سلين وايلى فصرخت فى وجهه
وكان هذا خطأى العظيم ..الذى دفع ثمنه غيرى ..بل ودفعت أنا الثمن لاحقاً
كان هناك نادر دائما يحصى ما سماه تجاوزات وكانت هناك جانيت عينه الساهرة على حتى الفجر الآخير الذى كنت أسجد فيه فى صلاة الفجر لأجد ذلك السوط القاسى ينهال على ظهرى وأنا أصرخ وأصرخ حيث هرعت فى أثرى فدوى وخديجة تمنعان الطاغية عنى فقد اكتشف سرى
توقف فجأة عن ضربى وهو ينظر بغيظ للمسكينتين وهو يشير لنادر الذى وقف محتارا لبرهة ضاعت أمام نظرة خورى القاسية وشماتة جانيت الواضحة
واتخذ قراره ....قرارا لا يتخذه سوى شخص جبان لا انتماء له سوى المال .. فقد ربط شقيقته وخديجة بالحبال والقاهم فى قبو المنزل بلا حول ولا قوة

قديم 04-02-2014, 07:20 PM
المشاركة 26
رغد الديب
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الجميلة روان ..
حقيقة لن اخفيها اخذت باسلوبك الماتع وان ارهقتني وارهقت مسائي ورغم كل هذا الأرق
فثمة ما جعلني أدق وتدا ها هنا بعد أن تعالت أنفاسي المتصاعدة مع هذه البراعة والقدرة على دك حصون الهدوء في نفسي ..اعلم جيدا اني لن امنع نفسي من اطلالة دائمة بين الفينة والأخرى على رائعتك ومسرح الإثارة المحمل بالوجع والتحدي ..وان لم اصطحب مظلتي ..
حتى اللحظة الاخيرة ساردد رااائعة انت و
لن اكتفي

قديم 04-13-2014, 07:13 PM
المشاركة 27
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
الجميلة روان ..
حقيقة لن اخفيها اخذت باسلوبك الماتع وان ارهقتني وارهقت مسائي ورغم كل هذا الأرق
فثمة ما جعلني أدق وتدا ها هنا بعد أن تعالت أنفاسي المتصاعدة مع هذه البراعة والقدرة على دك حصون الهدوء في نفسي ..اعلم جيدا اني لن امنع نفسي من اطلالة دائمة بين الفينة والأخرى على رائعتك ومسرح الإثارة المحمل بالوجع والتحدي ..وان لم اصطحب مظلتي ..
حتى اللحظة الاخيرة ساردد رااائعة انت و
لن اكتفي
الحبيبة رغد
اسعدنى ردك كثيرا واعتذر عن تأخرى فى الرد لظروف مرضية

لك محبتى ودفء مشاعرى

قديم 04-13-2014, 07:29 PM
المشاركة 28
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
الضحايا

مازلت تلك الأحداث الرهيبة تدق فى رأسى حتى بعد مرور السنوات ..تسبب غصة فى قلبى ..فقد ارتعت لمرأى فدوى وخديجة وقد تم تكبيلهما بالحبال ورميهما فى قبو القصر وحبسى فى غرفتى دون طعام أو شراب ..كنت أسمع بين

الحين والآخر صراخ فدوى الضعيف ونحيب خديجة وصوت نادر متوعداً


يومان قضيتهم فى حبسى لا أعرف ليلى من نهارى ..دون أن يغمض لى جفن فقد كنت أصرخ وأصرخ حتى اتساقط من الأعياء .. وإذا بالبا ب يفتح فأقف غير قادرة على رفع جسدى ولكن وجه تونى عراجى المتشفى وملامح نادر الصارمة

والإابتسامة الشامتة على شفتى جانيت كل هذا يمنحنى القوة لأنهض فى اعتداد لم يفت العجوز الغاضب فقد ضيعت كل خططه على مدار عام أو يزيد ...لم تردعنى النظرة االصاعقة فى عينى العجوز ..لكن ما كسرنى وحطم ذاتى هو

فدوى وخديجة فقد تعرضت كلتهما للصفع بقسوة وعنف بالغين تحمل بكل تأكيد توقيع نادر الناصرى شقيق فدوى الخائن


كان قد جذبنى بايعاز من العجوز بقسوة من شعرى حيث القبو الرطب لأجدهما مكبلتان بحديد النافذة وفى حالة يرثى لهما وندت عن فدوى صرخة ملتاعة وهى ترقب الجسد المتكوم وقد اوسعه الحراس ضربا وشجوا رأسه والدم ينزف

منه بغزارة

لا ليس هو

لالا ليس بسام

إنه بعيد ماذا يفعل هنا لكن كعوب الحراس تغوص فى جسده المسجى والدم النازف وصريخ فدوى ..كل هذه الألوان والصخب ...كل هذا الظلام والظلم من أجل ماذا

أن أصبح ناتالى .. لقد تعالى صوت الطاغية

أقتلوهم وهو يجذبنى من شعرى

صرخت لا

جدى لالالا أنا ناتالى

لا تقتلهم

أنا ناتالى أرجوك


نظر لى لوهلة وهو مغمضا عيونه وقد أشار لرجاله أن يتوقفوا عن ايذاء بسام

وهو يشير مرة آخرى لأذنه

هيا يا أنسة دعينى أسمع ما قلته مرة آخرى

هيا يا أنسة اطربينى إسعدى مسامعى يا ناتالى الصغيرة

غص قلبى .. لكن هؤلاء ما ذنبهم

أنا ناتالى غسان خورى يا جدى

ضحك كالشيطان ...كالليل الأسود ...كصوت سحيق من الجحيم

ضرب أسوار العزلة حولى من جديد ..أسوارا حصينة من فولاذ ..ومن خلف أسوارى راقبتهم فى عربة قديمة تقودها فدوى الضعيفة حيث يرقد بسام ينزف بغزارة وتنتحب خديجة بصمت طردى قصر خورى الطاغية ..ليتنى كنت معهم .

اغلقت أبواب القصر خلفهم وخلف الأبواب ولدت فتاة آخرى

فتاة قاسية لا قلب لها تحمل أخطاءا اقترفها غيرها وغادروا القصر إلى غير رجعة منهم من ذهب فى رحلة أبديه ومنهم من ظل رحيله غامض

ولدت ناتالى خورى قربان لمن ساعدوها يوما ودفعوا ثمن شهامتهم

كان هناك نادر وقد استعاد مكانته

كانت هناك جانيت الباردة وقد امنت مأواها فى القصر

وكان هناك مريول جوجى مغبر بالطحين وطناجر خاوية وقلوب صدئة ونفوس مريضة وصور مكللة بالسواد وأمال مدفونة وضحكة سرقت منى وقلب لم يعد بمقدوره أن يخفق أو أن يتذكر أو أن يدرى كيف هو

لم أسأل عن مصيره ..كنت أعلم أن فدوى هناك وأنه سينعم برعايتها .. فزاد حقدى عليها

أعنى حقدها هى ناتالى فلم تملك سوى الحقد فى قلبها

وحتى حينما عاد بعد شهر عبر الأسوار خلسة من الحراس وقد ضمد جبينه وبان عليه الإعياء وقد تسلق نافذة غرفتى لم تتح لى الفرصة لخفقة قلب .. ظهر نادر بسرعة البرق فقلت له ببرود

السيد بسام أتى لزيارة صديقته شادن ثم رسمت ابتسامة ساخرة مقيته صفراء

معذرة عزيزى بسام لا وجود لشادنك هنا

كانت لعبة واستمتعت بها

أنا ناتالى ثم ضحكت بطريقة مسرحية معذرة بسام

لقد تحولت اللعبة وصدقها الجميع حتى أن جدى استشاط غضبا

كان بسام وقد وقف مذهولا ونادر ينظر إليه بسخرية وهو يردف

إنها الحقيقة بسام صدقها ثم يربت على بسام المذهول بخفة

لاداعى لامتطاء الأسوار فانت مرحب بك فى أى وقت

نظر لى بسام مرة آخرى غير مصدق ولكن ناتالى كانت تقف هناك صلبة ومستعدة

ناتالى خورى حيث ولدت من جديد ترقب بسام ينصرف بفتور وهى تغممم بحقد

اذهب ..فدواك فى انتظارك

قديم 04-13-2014, 07:33 PM
المشاركة 29
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
ليلة عيد الميلاد السوداء

لقد بهت بسام وذهل خاصة وأنا أشر للحراس أن يخرجوه وأنا أقول بغطرسة >
لكن دون أذية فليس لآل خورى أن يؤذوا ضيوفهم..
مازل شادن الطيبة تقبع فى ركناً ما منى قلتها وأنا أستدير وأدلف للقصر ثم إلى حجرتى كنت أرقبه من وراء زجاج النافذة يمضى الهوينا منحنى الظهروقد تلبدت السماء واكفهرت ونزلت الأمطار كالسيول لتبلل قميصه الخفيف وضعت يدى على الزجاج ألتمس البردوة علىّ أشعر بشئ لم أجفل وصوت جانو يهتف من خلفى وهى ترنو إلى ساخرة
احترسى يا صغيرة لقد عصف الحب يوما بأمك وهى فى سنك فأضاعها استدرت إليها وأنا أنظر إليها نظرة ذات مغزى ثم جلست أمام المرآة وأنا أمشط شعرى وأقول لها
اخبرينى عن أمى جانو يبدو أنك كنت تعرفيها جيدا
جفلت وهى تحاول الانصراف
لا أعلم عن أمك الكثير ناتالى نهضت وامسكتها من ذراعها بقسوة وأنا أخرج صورة تجمعهما
أاليست هذه لك؟
فهتفت كيف تجرؤين
ضحكت بسخرية
منذ جعلتمونى ناتلى بالإكراه فأنا أفعل ما يحلو لى نظرت لى بحقد
تماما مثل لوسى .. إذا أرادت شيئا يجاب لها اضاعتنى واضاعت نفسها حينما انساقت بمشاعرها وراء الفتى المصرى بعدما قابلته فى باريس ثم جلست على الفراش وهى تنهار فى بكاء مرير هل تعاطفت معها.. كلا .. أبدا.. فقط علمت أنها تكرهنى حتى النخاع كما تكره لوسى وتمقتها مسحت دموعها بسرعة وهى تعود للهجتها الرسمية وتخبرنى بما لدى اليوم فقاطعتها وأنا أنظر إليها بتفحص
هل لدينا قرابة ما
فغصت والذهول يكتسى محياها ثم يتحول لغضب مرير وقد طارت عبر الغرفة لا تلوى على شئ مرت الأيام وقد توقف المطر ثم عاد بثلوج قوية غطت كل شئ حتى الأبدان الشائهة كانت ليلة عيد الميلاد ليلة باردة مرتعشة ملبدة بالغيم الرمادى ، تطلعت فى المرآة للصورة المنعكسة وتلك البراءة التى غادرت عينى وشعرى الأشقر المصبوغ والقرط الصاخب فى أذنى وفستانى الأرجوانى القصير فتاة أنيقة تنتمى لهذا القصر الكئيب تحفظ جدرانه صوتى لينضم لصوت ضحايا آخرين تنهدت فى خفوت محاولة تذكر ماضى بعيد لفتاة .. لصبية آخرى سعيدة وكأن عاما وبضعة أشهر قد صارت عشرات الأعوام اضيفت لنفسى المتعبة كان خورى يقف فى الأسفل ومعه تونى عراجى واضح أن ثمة مشكلة ما فقد بات العجوز غاضبا وقد انهى غضبه ببصقة على وجه كلبه الأليف تونى الذى مسحها فى برود وهو يسمع باقى الشتائم ضحكت فى سخرية وأنا أهمس
كان لابد أن تتلقى بعض دورس الاتكيت التى تتحفنى بها يا خورى
تنبه لوقع خطواتى على السلم فتهللت أساريره وهو يقول
ناتالى حفيدتى الجميلة
اومأت فى خفة وأنا أنظر نظرة ماكرة تعمدت أن يلحظها تونى على مكان البصقة فضاقت عينيه فى ضيق امسكنى خورى من ذراعى برقة لندلف بالسيارة وهم تونى أن يجلس فى المقعد الأمامى فصرخت فى حدة
لالالا
نظر لى العجوز متسائلا فقلت
فى غطرسة لن يركب أحد عمالك معنا متغاضية عن كون تونى مدير أعماله الذى وقف أمام السيارة محتارا فصحت فى غضب للسائق
أغلق الباب ففعل
بهت العجوز ثم افترت أساريره عن ضحكة شيطانية ساخرة وهو يردف
أنت فعلا حفيدة غسان خورى تجاهلته خشية أن يرى الدمعة المترقرقة فى عينى وأنا استغرب فى هذا الشر الغير مبرر لأذية الغير وتطلعت للمشاهد التى تمر بلا اهتمام .. أغوص فى أفكارى عن أبى ويعصف بى الغضب كيف لم يبحث عنى ..هل كنت عبئاً ثقيلاً حتى يتخلص منه أعرف أنه فى الثامنة والثلاثون من عمره .. مازال شابا .. لكنى ابنته .. هل تقبل خروجى من حياته كما تقبل خروج أمى أتساءل إين أنت يا لوسى أين أنت ثم يتراء بسام وفدوى وقد تلاشا من حياتى وعباراتى القاسية التى صدقها بسام جعلته يلفظنى من حياته الجميع لفظنى ووقعت فى قبضة الجبار غصت فى مقعدى والكأبة تأكل صدرى ثم ابتسمت فى مرارة فتاة جاحدة لديك أشياءا لم تحلمى بها فقط لو يأمن العجوز مسلكى .. هو مازال يشك بى رغم كل شئ نوعا ما يحيره تغيرى السريع ألمح فى عينيه رضاءه عنى لكنه مازال مصرا على سجنى عدا المرة الوحيدة فى الأسبوع الماضى الذى سمح لى بالخروج برفقة جانو ونادر للتبضع كنت أرقب الجمهور على أجد بسام بينه .. لكنه تلاشى وتركنى أستيقظ من أفكارى على يد العجوز وقد توقفت بنا السيارة أمام بناية ضخمة لم أتبينها فى البدء ثم عرفت وعينى تزداد اتساعا فأغمضها فى ذهول إنه اختبار خورى الكبير اختبار تشهده إحدى أكبر كنائس بيروت الشهيرة توقف فى حيرة وقد تجمدت قدماى إلا أن العجوز سحبنى من ذراعى وأنا أنظر فى لا وعى لنظرة تونى عراجى المتشفية وقد وصل فى سيارة آخرى كانت نبضات قلبى سريعة سريعة وعرقى بارد وعينى زائغة فاليوم أودع اخر خيوط تربطنى بشادن لأصير ناتالى خورى نهائيا
أنا ناتالى غسان خورى همست ثم هززت رأسى فى رفض ..
كلا شادن سميح محمود
بل ناتالى
وقد لاحت صورتى فى المرآة فأغمض عينى
بل شادن إيتها الغبية
أرقب الوجوه فى وجوم وقد وقفت تلك الراهبة الجميلة التى يبدو أننى رأيتها فى مكان ما تبكى وتتكأ على الجدار جلست فى مقعدى ودموعها تنهمر فى غزارة فإذا بخورى يشير لأحدهم فيحاول إخراجها من القاعة فترفض فى غضب وواضح أنه يطلب منها التوقف أنظر لخورى بألم أيها الطاغية
دعها تبكى دعها تبكى لأجلى

لأننى لا أملك البكاء فإنك ستحول بكائى لدماء ايها الطاغية سحقا لك قرصت نفسى فى ذراعى
اصمتى إيتها الجاحدة أنت ناتالى فلتذهب الراهبة إلى الجحيم فليذهب الجميع للجميع أنت ناتالى خورى القوية الثرية لست شادن الضعيفة الضائعة التى لفظها الجميع
كانت تترائ على وجهى انفعالات أقرب للجنون .. وقد علت الترانيم لتخدر أعصابى وتبعث فى جسدى نشوة ..كانت رأسى تدور وتدور مازلت أذكر ليلة العيد ليلتى المترفة بالحلم والألم مازلت أسمع حثيث خطواتى صاخبة هادرة تقترب من الأب ..كانت الأجراس تكمل مشهد التأبين مراسم موتك يا شادن ..
هيا ارحلى فى سلام ..
لتتقدس روحك فى السماء ..
اعطانى الأب خبزا بعد أن قبله .. اخذت القطعة فى استغراب .. انتظر أن أكلها
ارحلى يا شادن ليتقدس اسمك فى السماء
ارحلى فى سلام
ثمة يد قاسية تغرس فى لحم يدى بأن أكل قطعة الخبز كلى ناتالى كلى أنظر إليه فى ذهول وهو يقول والعيون تتعلق بنا كلى إيتها الحمقاء لقد جعلتينا أضحوكة أسأله فى حيرة

ناتالى من ناتالى من..
أكاد أبصر فى وجهه وحشا مرعبا فألقى الخبز فى وجهه يلطمنى الوحش فى قسوة فأخمش أظافرى فى وجهه وتسيل دماؤه وهو يصرخ مذهولا وأنا أصرخ فى غل وهستريا

اذهبى فى سلام .. وأهاجمه مرة أخرى وقد اثارتنى الدماء وقد رفع شخص ما مسدسه فى وجهى إلا أن الراهبة الباكية اخذتنى فى أحضانها وأنا أصرخ فى هستريا
دعها تذهب فى سلام

ثم تتلاشى الأرض من قدمى ويسود الظلام

يتبع الحلقه القادمة........

قديم 04-20-2014, 01:12 PM
المشاركة 30
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
الحقيقة


بسام يحكى
قابلت شادن اليوم بعد ان تسلقت الاسوار خلسة من الحراس

من هى هذه الفتاة التى قابلت هل هى ناتالى ..كأننى ارى خورى البغيض يظلل روحها ..لقد تعافيت بمعجزة بفضل رعاية فدوى بعد ان نزفت الكثير من الدماء ... هل تم ايقاعنا جميعا فى لعبة فتاة حمقاء ..لعبت تمثيلة سخيفة من اجل التسلية...عصفت الحيرة بى فما رايته بعينى هو صورة اخرى لخورى ..صورة جديرة بحفيدة طاغية مثله ..كان نادر هناك لماذا عجزت عن ضرب الوغد الذى اذى فدوى وخديجة من اجل سيده ..االجمتنى الفتاة التى رايتها وبكيت فى اعماقى وشعرت بسخافة موقفى
هل كنت وهماً يا شادن ...كنت اذرع الشقة البيروتيه الصغيرة واياد يجلس امامى وانا احكى له فغمم فى شرود
يبدو انها مريضة لنتحل كل هذا
شردت فى كلامه مريضة ....رن الجرس فدخلت فدوى... مريحا ان ارى وجه فدوى الحبيب وهى تدلف بالطعام لقد اسكنتها االشقة المقابلة بعد تركها قصر غسان
لاحظت شرودى فرويت لها....عقدت بين حاجبيها
كلا ان الفتاة تحاول حمياتك
وقفت باعتداد تذكر امسيتنا الاخيرة بسام اعطتك اسم وعنوان ابيها
هتف اياد مخالفاً فدوى
هى تكذب ولن يضيرها ان تعطى اسماء وهمية لكنى النظرة فى عينى وعين فدوى حينما اخرسته وهو يهتف
هيا هيا اذهب يا بسام خلف الاوهام
وقد كان فما هى الا يومين وكنت ادب دبيا فى شوارع القاهرة
وجدت العنوان واالشقة المغلقة وقد تطوع احد الجيران ليخبرنى ان السيدة العجوز قد توفت بعد سجن ابنها واختفاء الحفيدة فى ظروف غامضة...علمت ان ابيها تورطت فى شيك بدون رصيد
كنت جد مجهد جد فرح ان شادن حقيقة لا كذب ولم يمنعنى اجهادى ان ازوره فى سجنه
سميح محمود كان لايزيد عن الثامنة والثلاثين يبدو انه انجب ابنته فى سن مبكرة

زرته
كان الرجل يخبط رأسه فى الحيط وهو يصرخ ان لا علاقة له بالشيك لقد حكم عليه بالحبس ثلاث سنوات
قضى منها عام يجتر الالم لوافة امه واختفاء ابنته...من الواضح انه تعرض لمكيدة ما وقد بكى بشدة لمعرفة اخبار ابنته ...عدت لبيروت على وعد بمساعدته ..عدت فى ليلة عيد الميلاد لاجد بيروت باردة ترتعش اجواءها ولكن وسط هذا الغيم والبرد كانت هناك شادن تصارع الحياة

عدت لبيروت وكثير من الغيظ يتمكلنى وودت لو اقتل خورى ونادر وكل الطغاة
شعرت بالعجز والقهر وانا لا ااج ملك لاخراج الرجل الذى لعب به خورى بمكر
الرجل الذى يملك اخراج شادن من قصر الطاغية
سميح الذى صار اقرب للجنون وهو يضرب راسه فى جدران سجنه ولقد وعدته بأن اخرجه
نظرت لسماء بيروت الغائمة وقد عدت قبيل الفجر امسك بجدار السور وانا اتمزق
دائما تعد بما لاتقدر عليه
وعدت فدوى بأن تسعى دائما لسعادتها لكنك تخاذلت عن تحقيق احلامها فى سبيل الحفاظ على اسم الجارحىان
وعدت شادن بان ترجعها للقاهرة وان تعيد لها هويتها ولكنك وقفت عاجزا
نفس العجز الذى انتابنى فى البئر ليلة المجزرة
الظلام يغمرنا وفدوى تبكى فى صمت قد تشنجت اعضائها ونادر يتوعدها بالقتل ان لم تصمت ..........


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: احلام المطر- رواية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
احلام فجر هبه احمد المقهى 1 10-27-2012 12:09 AM
رواية بنت المطر للكاتبة مريم الغفلي جليلة ماجد منبر رواق الكُتب. 2 08-05-2012 09:47 PM
احلام الطفولة بريشة الفنانة كيللي زهراء الامير منبر الفنون. 2 05-05-2012 08:41 PM
احلام المطر رواية طويلة روان عبد الكريم منبر القصص والروايات والمسرح . 25 11-29-2011 03:49 PM

الساعة الآن 09:43 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.