احصائيات

الردود
6

المشاهدات
3660
 
محمد نديم
شاعر وكاتب مصري

محمد نديم is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
48

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Apr 2007

الاقامة

رقم العضوية
3347
08-05-2010, 10:53 AM
المشاركة 1
08-05-2010, 10:53 AM
المشاركة 1
افتراضي سقط سهوا
سقط سهوا

كان عليه أن يشد كل تفاصيل وجهه اليابس ليرسم شبه ابتسامة خافتة ، كي يثبت للعالم أجمع أنه متفائل وسعيد.
كثيرا ما يصب الآخرون زيت نصائحهم المتسخ، في آذاننا أن نتحمل مشاق الحياة وهمومها ، لم يكلف أحد من الحكماء نفسه أن يهمس للحياة في أذنها ،أن تتحملنا قليلا وترأف بنا ، نحن الفقراء، عيال الله ، كُتـَلُ الطين والهم والحزن ، كوابيس الحكام ، وعفاريت الأغنياء ، والدمى على طاولات الشاهبندر وقوجة التجار ، في ليالي سمرهم الحمراء ، ومؤتمرات صفقاتهم السوداء، واتفاقياتهم الشيطانية ، التي يحددون فيها سعر و حجم ولون وقوة الحزام الذي سنربطه على بطوننا في كل عام مالي جديد.
الجو نار ... نار ... نار ...
حملته أمه سهوا ، ووضعته كرها ، فكان القادم غير المرغوب فيه ، التاسع في الترتيب لأبوين فاقا البشر و الحجر في تحمل ذل الحاجة وضربات العوز ، فاتته كل القطارات :قوائم المواليد ، التعليم ، بطاقة التموين ، الإسكان الشعبي ، فاسمه قد سقط سهوا من كل السجلات ، لم يأخذ رقما في تقرير وزير العدل.
رقم مطموس إلا من سجل واحد ،( التهرب من التجنيد الإجباري ) ، كان عليه الآن أن يثبت أولا وجوده ، وثانيا براءته وثالثا حقه في أن يكون له مكان في طوابير الخبز اليابس ، المخلوط بأشياء لا نعلمها نحن الجهلاء.
الشمس تتحدى الجميع في صيف لا يرحم سوى من يملك أجهزة التكييف ، الشارع مختنق بطوق أمني جبار.
الأرصفة منتفخة بالبشر والبضائع والعربات المدفوعة باليد والوجوه الكالحة، والأجساد التي يجب وعن جدارة ، أن تمثل الوطن في مؤتمر سوء التغذية الدولي . من ها هنا يمر الزعيم ، فليـُنتزع حقٌ الجميع في أن يذهب في الاتجاه الذي يريد ، لابد لنا جميعا أن نتوجه توجها عاما ، لأسباب قومية ودواعي أمنية.
يداه المعروقتان تمسك بتلابيب أوراق عديدة ، ملوثة بحبر، وعرق وغبار ، وفي عينيه حسرة ولهفة بين الحزن على موظف لم يدركه ، ومدير لم يلحق به.
·
اسمك مطموس ،
·
الختم غير واضح ،
·
أين شهادة ميلادك ؟
·
الصورة غير لامعة
·
المسئول في المصيف ،
·
الختم مقفول عليه ،
·
المدير مشغول.
·
خرج المدير لتوه.
السكرتيرة تحتسي الشاي وتتطلع لأسطر الأخبار في جريدتها اليومية دونما اكتراث ، تتوجه بالحديث لزميلتها دون أن تدرك أن صاحبنا يقف بينهما.تتوجه بالكلام عبر جسده وكأنه هواء!!!
لا نعلم من في خدمة من؟
الجو نار ... والأسعار أيضا ... عجوز تموت تحت أقدام المتصارعين في طابور الخبز اليومي ....
(
من معالم شوارعنا وصورتها الثابتة في الأذهان) : ( طابور العيش) .
بالروح بالدم نفديك يا هذا ....
هتاف ، حول مواكب المماليك ، انقطع من شوارعنا منذ عقد أو يزيد...إذ انكشف المستور وترك معظم الزعماء بلادهم عارية مكشوفة العورة أمام قطاع الطرق الدوليين ، دون مكتسبات سوى المقابر الجماعية.
********
الطوق الأمني يزداد ضيقا ، جميع الاتجاهات مغلقة ، نصال الأسلحة تلمع تحت الشمس الحارقة ، الجنود كالتماثيل دون دم في العروق أو اهتزازات في الملامح ، بلغت القلوب الحناجر، المحشورون في الحافلات الحديدية الساخنة ، المحشودون فوق الأرصفة ،في الأزقة الجانبية ، تحت الجسور ،خلف الحوائط ،تحت أعمدة الكهرباء البارزة أسلاكها استعدادا لصعق ما تيسر لها من المساكين .
راح الجميع يتنفسون الهواء الأسود بصعوبة بالغة.بدا الميدان وكأنه قنبلة قابلة للتفجر في أي ثانية.
لابد لنا أن نتحمل من أجل المصلحة العامة، ، نحن فقط جموع الحرافيش علينا أن نتحمل من أجل المصلحة العامة ، في سبيل أن يمر الزعيم بسلام ، علينا أن نذوب، نموت ، نذهب إلى الجحيم ، لدواع أمنية.
لا نعلم من في خدمة من ؟
الجو نار ..... والقلوب أيضا
·
لا عليك من رؤيته.
·
أمر محال .
·
سيمر حتما من شارع ما .
·
يمكنك أن تلمح جانب وجهه خلف زجاج السيارة الأسود .
·
لالا ليس هو ....إنه البديل المستنسخ.
·
هل يأكل مثلنا؟
·
الجو نار ... والأسعار أيضا .
طوى دفتر أوراقة الرطبة بين أصابعه المتسخة.تحسس مكان حافظة نقوده الفارغة إلا من بطاقة الهوية ، الأمر لا يسلم في هذا اليوم النكد ، من مخبر سري يقبض على ذراعك ويسألك : بطاقتك؟
ذاب الموظفون – اجتماع هام للمدراء العوام والمساعدون ووكلاء الوزارة ، بمناسبة زيارة الزعيم للمؤسسة .
اسمك ليس هنا ..
·
لا رقم لك ....
·
مر الأسبوع القادم ..
· .
الأسبوع القادم؟
·
عليه أن يسلم نفسه للمخفر المجاور ...
·
خائن متهرب من الخدمة الإلزامية للوطن العزيز ...
الوطن العزيز ... شجر وماء ومتاجر وشوارع ومخافر... ليس لنا فيها نصيب ... سوى مساحة من زنزانة رطبة قاسية الحوائط.وموقع قدم ، تموت فيه بحرية تحت أقدام المتصارعين على كسرة خبز أسود.
إقالة وزير العدل صباح اليوم. وتعيين مدرب جديد للمنتخب الوطني.
الطوق الأمني كثعبان يزحف مضيقا الدائرة حول المساكين ، الملايين تحتضر بين فكي كماشة.
·
أنتم السبب ... يا فرعون من فرعنك؟
·
جبناء .
·
خانعون.
·
زبالة.
·
والله ولي النعم رجل طيب .
·
هل يأكل مثلنا؟
·
الحاشية هم السبب.لعنهم الله في كل كتاب.
على من يعرض أوراقه ، وهمومه ، وانكسار قلبه؟ كلهم في اجتماعاتهم الهامة بمناسبة زيارة الزعيم للمؤسسة الرسمية.
الطوق الأمني يزداد خنقا لعنق الشارع وعروق الحارات ، وشرايين الأزقة.
صرخة (سيارة الزعيم) تخترق المكان وتملأ القلوب رهبة والأجساد ارتعاشا، ، الأعناق تمتد لرؤية أي شيء ـ الزحام يضيق حول الموكب ، النكد والتعطيل ، والذل ، والإهانات ،و الركلات والهراوات ، وقنابل مسيلة للدموع ، ورصاص حي ،هي الهدايا الدائمة المصاحبة لمواكب مماليك العصر.
الهرج والرعب تسيدا المكان.
غطوه بأوراقه التي اجتهد شهورا في جمعها وختمها وتأشيرها .... لم تكف سوى لتغطية جزء من وجهه الذي كان داميا مطموس الملامح.
وقف الضابط يسجل ملاحظاته ببرود :
أنه في ساعته وحينه ، وعند مرور موكب ولي النعم ، حاول موتور مجهول الهوية الإمساك بيد الزعيم ، لولا يقظة الجهات الأمنية.


قديم 08-05-2010, 09:26 PM
المشاركة 2
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: سقط سهوا
( لابد لنا جميعا أن نتوجه توجها عاما ، لأسباب قومية ودواعي أمنية )


( تتوجه بالحديث لزميلتها دون أن تدرك أن صاحبنا يقف بينهما.تتوجه بالكلام عبر جسده وكأنه هواء!!! )


( في سبيل أن يمر الزعيم بسلام ، علينا أن نذوب، نموت ، نذهب إلى الجحيم ، لدواع أمنية )

..................................


الأديب الكريم محمد نديم المحترم

أبدعت فأوجعتنا . .

ومهما تعودنا على سماع أو رؤية مثل هذه الأحداث . .

فهي في كل مرة توجع القلب والروح . . وتدعو إلى اليأس . .

لولا رحمة من الله ملأت قلوبنا . .

ولا نقول إلا الحمد لله على كل حال . .

قصتك الجميلة هذه من واقعنا المعاش في جميع دولنا العربية . .

وتفاصيلها قد تعششت فينا منذ سنوات طويلة . .

وهي قصة واقعية مقنعة جميلة . .

تقبل تحيتي وودي . .

دمت بخير . .


** أحمد فؤاد صوفي **

قديم 08-06-2010, 12:37 AM
المشاركة 3
محمد الصالح منصوري
أديـب جزائـري
  • غير موجود
افتراضي رد: سقط سهوا
إنها نسخة طبق الأصل مكرورة ..
مناظر موجعة لكومات تتدحرج وراء كسرة يابسة ..
وتحشد وقت الحاجة لأستقبال القائد (القاف مشبعة)
نصك مفعم بآهات الغلابة ..
تحية لقلمك الكاشف أخي محمد


قديم 08-06-2010, 02:50 AM
المشاركة 4
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: سقط سهوا
مواجع ُ تقتلنا يوميـًّا

وملامح ُ سئمناها

تتكرّر المأساة ويسقط من يسقط سهوًا تحت أقدام ِ القهر

//

محمد نديم

كتبت َ فـ أوجعت

سلـِمت َ وسلـِم بنانك َ يا أخي ~

قديم 08-06-2010, 01:33 PM
المشاركة 5
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: سقط سهوا
هذا الحوار الذي يتراوح ما بين الحوار الداخلي و السرد المتقن أعطى القصة عمقا جميلا
هي حكاية كل يوم و كل شعب
أحتاج إلى قراءات عدة و سأعود لها بحول الله
أ. محمد نديم
تحيتي لك

قديم 08-07-2010, 01:23 AM
المشاركة 6
يارا عمر
موجــة حـائــرة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: سقط سهوا
اخى محمد

يقول الفيلسوف الالماني فردريك نيتشه عن الالم والانسان

ان الانسان اعظم المخلوقات شعوراً بالالم

هذه المقوله جسدتها بسردك الرائع فى سقط سهوا

بطل قصتك من المهمشين الذين يبحثون لا نفسهم

عن ابسط الاشياء لمجرد ان يستطيعوا الاستمرار

فى الحياه وكما دخل الحياه فجأة خرج منها فجأة

دون ان يدرى لماذا دخلها او خرج منها

الاحداث مرت بسرعه وخاصه النهايه فلم توضح

كيف لقى حتفه ولماذا

ولكنى تذكرت حادثه مشابهه وهى حادثه كان بطلها

مواطن بورسعيدى يدعى العربى

لقى حتفه اثناء مرور موكب الزعيم

فقد سقط العربى سهوا ايضا

قديم 03-15-2011, 12:07 PM
المشاركة 7
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



محمد نديم ..
وسقط حلولي على الجدار الأيسر من الحكاية لأنزع من التفاصيل دهشة ..
ولو كانت الحياة تصغي سيدي لحكمة العابرين فيها لما برح في الدنيا شقيا ولا محروما ..
وأفئدتنا وحدها المنوط بها السمع والوعي كي نتكيف مع كل طوارئ القدر ..
لن تبقى الأرصفة منتفخة بالبشر طويلا .. فهناك موعد مع الأبدية بات محتوم ..
تسلسل رائع في سكب التفاصيل التي تلجم الوعي ..
سلام على روحك


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:54 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.