احصائيات

الردود
2

المشاهدات
1213
 
محمد فتحي المقداد
كاتب سـوري مُتألــق

اوسمتي


محمد فتحي المقداد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
650

+التقييم
0.12

تاريخ التسجيل
Sep 2009

الاقامة

رقم العضوية
7788
10-23-2020, 11:09 PM
المشاركة 1
10-23-2020, 11:09 PM
المشاركة 1
افتراضي الخطاب التنويري (مقالات ملفقة 28\2)
[justify]الخطاب التنويري
مقالات ملفّقة (٢٨/ج٢)

بقلم الروائي - محمد فتحي المقداد

كلّ خطاب لا بدّ له من آذان صاغية، ولعلّ في قصيدة (الخطاب) للشاعر نزار قباني: (أوقفوني.. وأنا أضحك كالمجنون وحدي، من خطاب كان يلقيه أمير المؤمنين؛ كلّفتني ضحكتي عشرَ سنينْ). ما يُعتبَر توصيفًا دقيقًا لحال الشّعوب الرّازحة تحت سياط الدكتاتوريّات التي لا ترحم؛ فصنعت من المآسي على مدار زمان استطالت ندوبه وجراحاته.
ففي مرحلة الخمسينيّات والستّينيّات من القرن الماضي كان الرّئيس جمال عبدالناصر خطيبًا ماهرًا، يُحاكي الجماهير من خلال موجات راديو (صوت العرب) المحطّة التي احتّلت اهتمام الشّعوب العربيّة من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر.
استفاق النّاس بعد سنوات على الحقيقة القاسية صبيحة الخامس من حزيران ١٩٦٧على هول الصدمة؛ سلاحُ الجوّ المصريّ تحطّم على مدارج المطارات العسكريّة، وللمحلل السياسيّ (أحمد سعيد) حكاية أخرى، فقط حفظ الناس جميعًا أقواله، خاصّة: "سنرمي إسرائيل في البحر، ولتأكلهم الأسماك". تساؤلات الجماهير عن القاهر والظافر، الصواريخ التي تردّد صداها في خطابات الريّس المُتكرّرة، وهي فخر الصناعات العسكريّة المصرية.
بقدرة قادر تحوّل الخطاب المهزوم، إلى خطاب مأزوم بنكسة، دهاقنة السّياسة وترويض الجماهير، استبدلوا كلمة الهزيمة بالنّكسة، ومن انتكس عن مواصلة المسير، سينهض من جديد.
كلّ خطيب له أدواته التي يستخدمها، مظهره، إيماءات يديه وعينيه، ومنهم من كان يضع النظّارات الشمسيّة، تقاطيع وجهه، لباسه الرسميّ أو العسكريّ، المايكروفانات الحاملة إشارات وكالات الأنباء العالميّة، كلّ ذلك يُشكّل شيئًا لدى المتابع، لخلق صدمة داهشة تستغرق عقله بهدف الاستحواذ على دواخله.
والخطابة عند العرب لها شأنها الهامّ، وفي الجاهليّة عُرِف عدد من الخطباء، ومنهم (قسُّ بن ساعدة الإياديّ) في سوق عكاظ؛ كان خطيب العرب قاطبة، ومَضرِبَ المثل في البلاغة، إذا ما عبّروا عن خطيب أو شاعر بليغ، فيقولون: "أبلغ من قسّ"، أمّا خطبته الأشهر على الإطلاق، ذات المطلع: "يا أيُّها الناس اسمعوا وَعُوُا وإذا وَعيتم فانتفعوا، إنّه من عاش مات، ومن مات فات وكلّ ما هو آت آت.. مطرٌ ونبات وأرزاق وأقوات وآباء وأمّهات، وأحياء وأموات، جمعٌ وأشتات، وآيات وأرض ذات رتاج، وبحار ذات أمواج، ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون؟ أَرَضُوا بالمُقام فأقاموا؟ أم تركوا هناك فناموا؟". يُقال أنّ هذه الخطبة منسوبة إلى (قس بن ساعدة) لأنّ مُعطياتها فيما بعد لا تتناسب مع اعتقادات العرب الجاهليّة.
الخطبة هي قطعة من الكلام المنثور، تُوجّه إلى المُخاطبين من النّاس مُباشرة أو عبر وسائل الإعلام؛ لوعظهم.. لإعلامهم.. ولإقناعهم؛ فإذا كانت خطبة ليوم الجمعة يجب افتتاحها بالثّناء على الله، والصلاة على النبيّ، والأمر بالتّقوى. بينما الخُطَب العامّة تُفتتح: (سيّداتي سادتي)، (أيّها الشّعب العظيم). وجمعُ خطبة خُطُبات، وخُطْبات، وخُطَب.
الخُطَب أشهرها على الإطلاق: خُطبتا الجمعة يجلس الإمام بينهما لوقت قصير، خُطبتا العيد وهما بعد تأدية صلاة العيد، خُطبتا الاستسقاء طلبًا للمطر (الاستغاثة)، خُطبتا الكسوف والخسوف بعد حدوث أيّ منهما، خطبتا عرفات في الحجّ في مسجد إبراهيم عليه السّلام، خطبة النّكاح في الدّيانات، وعند اليهود تكون بكلام الحبْر الذي يتكلّم به عند عقد الزّواج ومُباركته.
وخطبة أيّ كتاب مُقدّمته، أحيانًا توصف الخطبة بأنها بتراء، عندما لا تبدأ بحمد الله والثناء عليه، ومن أساسيّات الخطيب أن يكون واقفًا قائمًا على قدميْه مُعتَلٍ لمنبر، ذو لسان فصيح بليغ بصوته الجهوريّ المُتفاعل مع مُعطيات كلامه، للتأثير في نفوس مُستمعيه دافعًا بهم إلى هدفه الذي خطب من أجله.
كثيرٌ من العائلات اكتسبت لقب الخطيب، نسبة إلى رجل منهم عُرف في المجتمع، وتُطلق كذلك الخطيب على مُعلّم الأولاد قديمًا في الكتاتيب، وقارئ تراتيل الأدعية والأذكار، هذا في العُرف الشّعبيّ. والرّجلُ إذا خطبَ صار خطيبًا يُحسن الكلام على المنبر. عندها يُطلق عليه الخطيب.
عندما يتقدّم رجل للزواج من امرأة يكون قد خَطَبَها لنفسه أو لابنه، فُتصبح المرأة مخطوبة، ومرحلة الخطوبة من الممكن أن تطول في بعض الحالات امتدادًا لسنوات، لظروف ماديّة قاهرة، أو سفر بعيد. و من طلب يد امرأة، فهو طلبها للزواج، وإذا خطبها من أهلها، طلبها منهم للزواج. وإذا خطَب أحدٌ وُدّكَ عندها فهو يتودّد إليكَ، وإذا خَطَبَ كذا أي طلبه منه.
الخطْبُ الأمر أو الشّأن، صغُر أو عَظُمَ، وقيل: هو سبب الأمر، يُقال: ما خطْبُكَ؟. والخطْبُ هو سبب الأمر، وهناك الخطْبُ العظيم الجَلَل أو اليسير. استحضرني هنا الشّاعر العبّاسيّ (علي ابن الجهم) حينما وفد على الخليفة المُتوكّل، ولأوّل مرة بين يديه مادحًا، وهو الشاعر البدويّ الفصيح المطبوع؛ فلم تُسعفه قريحته بأجمل من هذا الكلام؛ بسبب إقامته الدّائمة في البادية، التي انعكست مُفرداتها بما قال للخليفة:
"أنت كالكلب في حفاظك للوُدّ \\و كالتّيْس في قِراع الخُطوبِ
أنتَ كالدَّلوِ، لا عدمناك دَلْوًا \\ من كِبار الدِّلَا، كبيرَ الذَّنُوبِ".
وكيف لشاعر بهذا المدح، ولمن..!!؟، للخليفة. وسط الدّهشة والاستغراب بأنّ الخليفة كالكلب في حفظه الوُدّ، وكالتيس في مواجهة المصاعب والأخطار، وكالدّلْوِ (الذّنُوب) الذي تُنتشل به الماء من قاع البئر.
لكن الخليفة المتوكل لم يغضب، ولم تُصبه الدّهشة، لعلمه الدّقيق بطباع أهل البادية النقيّة بمقصدها، وقساوة حياتهم المُنعكسة معنويًّا على طباعهم وأقوالهم وتصرّفاتهم، وماديًّا في القول والملبس والمأكل. بينما هو متأكّد من نُبل مقصده من خلال بلاغته حتى وإن جاءت بتعابير ألفاظ غير معهودة في مثل هذا الموقف، ومن يُدرك هول الموقف بين الخليفة، من الممكن أن يُكلّفه حياته في سوْرة غضبه.
كانت الرّصافة ذاك الوقت هي بغداد الحديثة بامتداداتها المُستحدثة، فأمر الخليفة للشاعر بقرّ إقامة جميلةٍ على شاطئ دجلة، ليُعاين الحياة البغداديّة الجديدة، يُـقيم الشاعر (علي ابن الجّهم) مدة من الزمن على هذه الحال، بعدها يستدعيه الخليفة. فأنشده الشاعر قصيدة أحدثت المفاجأة بما جاءت به... قصيدة من أرقّ الشعر و أعذبه: "عيون المها بين الرُّصافة و الجسر \\ جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري".
عندها قال المتوكل: "انظروا كيف تغيّرت به الحال، والله خشيتُ عليه أن يذوبَ رِقّة و لَطَافة".
فالخطابة موهبة فطريّة، ومقدرة ذاتيّة من مفردات بلاغيّة طلِقة، وذاكرة وقّادة تستحضر ما تريد؛ فليس كلّ مُتعلّم وإن عَلَت شهاداته هو خطيب، ومن الخّطباء من يوصف أنّه يهزّ المنابر بجهارة صوته، وقوّة منطقه وحُجّته، وهو كناية عن تأثير بهزّ قلوب ومشاعر من يستمع إليه. على خلاف من تكون خطبته باردة تئنّ، تُنسى عند نزول الخطيب من منبره.
ولأهميّة الخطابات وما لها من التأثير المباشر وغير المُباشر على الجماهير، فهي ظاهرة عالميّة قديمًا وحديثًا. السّاسة والقادة في هذا الزّمن يلجؤون للخبراء في انتقاء الأفكار والمُفردات لعناية فائقة، لإحداث التأثير المطلوب المأمول، لتنفيذ ما تصبو إليه سياسة الدّول والمُنظّمات والتنظيمات.
ربّ احفظ بلادنا وأهلنا من خُطوب اِدْلهمّت بِفِتَنِها كقطع اللّيل المُظلم، ونحنُ في قاع القاع نرسُفُ في قيود الذلّ. الفقر. الجهل. الحروب. المجازر والتهجير الجماعي. إضافة لتسلّط الأعداء، ووباء أصاب (كورونا) الكون أجمع.
عمّان – الأردنّ
ـــــــــــا 23\ 10\ 2020[/justify]


قديم 10-24-2020, 12:52 AM
المشاركة 2
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: الخطاب التنويري (مقالات ملفقة 28\2)
استوقفتني أبيات علي بن الجهم مادحاً الخليفة المتوكل :
"أنت كالكلب في حفاظك للوُدّ \\و كالتّيْس في قِراع الخُطوبِ
أنتَ كالدَّلوِ، لا عدمناك دَلْوًا \\ من كِبار الدِّلَا، كبيرَ الذَّنُوبِ".
في عصرنا (التنويري) ! - الذي لا علاقة له بالنور -
تخيّل لو أن شاعراً وقف أمام وزير لا نقول ريس وقال ما قال ..
ماذا يا ترى سيكون حاله .. ؟!بالتأكيد ( سوف يخبط خبطاً يؤدي إلى حتفه )
هذا من جهة ..
من جهة أخرى .. بما أن مقالتك عن ( الخُطبة - والخِطبة - والخطاب ووو )
أضيف عليها لغة الخطاب وأهميتها في التعامل مع الآخرين ..
فلغة الخطاب هي سبب لإشعال مشكلة إن لم يكن صاحبها يختارها بعناية ..
وخاصة بين الزوجين ..

أشكرك جزيلاً .. يسعدني أن أقرأ لك باستمرار ..
وآخر ما أقول : ما خطبك نقرؤك ولا تقرؤنا ؟!!
تحية واحترام ... ناريمان

قديم 10-24-2020, 04:44 PM
المشاركة 3
محمد فتحي المقداد
كاتب سـوري مُتألــق

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الخطاب التنويري (مقالات ملفقة 28\2)
استوقفتني أبيات علي بن الجهم مادحاً الخليفة المتوكل :
"أنت كالكلب في حفاظك للوُدّ \\و كالتّيْس في قِراع الخُطوبِ
أنتَ كالدَّلوِ، لا عدمناك دَلْوًا \\ من كِبار الدِّلَا، كبيرَ الذَّنُوبِ".
في عصرنا (التنويري) ! - الذي لا علاقة له بالنور -
تخيّل لو أن شاعراً وقف أمام وزير لا نقول ريس وقال ما قال ..
ماذا يا ترى سيكون حاله .. ؟!بالتأكيد ( سوف يخبط خبطاً يؤدي إلى حتفه )
هذا من جهة ..
من جهة أخرى .. بما أن مقالتك عن ( الخُطبة - والخِطبة - والخطاب ووو )
أضيف عليها لغة الخطاب وأهميتها في التعامل مع الآخرين ..
فلغة الخطاب هي سبب لإشعال مشكلة إن لم يكن صاحبها يختارها بعناية ..
وخاصة بين الزوجين ..

أشكرك جزيلاً .. يسعدني أن أقرأ لك باستمرار ..
وآخر ما أقول : ما خطبك نقرؤك ولا تقرؤنا ؟!!
تحية واحترام ... ناريمان
سيدة ناريمان..
أقدر عتابك بأنك تقرئين ما أكتب..
وأنا لم أقرأ لك.. والله معاك الحق
كل الحق.. ولكنها لعنة الفيس الذي
سرقني من رحاب المنتديات وهدوئها
كما أن ركود المنتديات.. عزز ما أقول..
لكن سأحاول.. أبشري..
وأدوات كل خطاب ضرورية لا بد منها
لرفد أي موقف مستهدف من الخطاب
تحياتي وتقديري لك سيدتي
دمت بخير


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الخطاب التنويري (مقالات ملفقة 28\2)
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صك الانتداب (مقالات ملفقة -30\2) محمد فتحي المقداد منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 0 11-30-2020 02:29 AM
و في ذلك.. ( مقالات ملفقة 1\3) محمد فتحي المقداد منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 2 11-30-2015 08:38 PM
قل للمليحة .. ( مقالات ملفقة 31\2 ) محمد فتحي المقداد منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 2 11-04-2014 06:17 PM
لا .. بل للحق ( مقالات ملفقة- 27\2 )* محمد فتحي المقداد منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 0 08-06-2014 03:11 PM
كتاب مقالات ملفقة(1) محمد فتحي المقداد منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 4 03-14-2012 10:42 PM

الساعة الآن 07:08 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.