قديم 12-29-2013, 12:50 PM
المشاركة 21
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اين انت استاذة روان؟

قديم 12-29-2013, 02:19 PM
المشاركة 22
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
تابع...

...دون أن يعترفوا أنها من صنعه، ولكن أيضا لم يعرف أبدا أنهم يتلصصون عليه وأنهم يشاهدوه يوقدالنار حينما يكون البدر في تمامه، وانه يغنى أغانيه الحزينة بلغة لا يعرفوهنا ...ترافقه الصغيرة التي سرعان ما تنعس على صدره، بعد أن تكون شربت لبنالماعز الدافئ الذي يحلبه لها كل مساء.

استمر التجاهل خمس سنوات، وفى السادسةبدأ الصدام مع، زرد، الذي لم تشفع له ستة سنوات ليعتبروه من أهل البلدة،لقد استيقظوا على صوت زرد الشجي في الصباح الباكر وهو يحمل زرد الصغيرة علىكتفيه، ويغنى وهى تردد معه...ارتدى جلبابه الأبيض النظيف ومشط شعر زردالناعم الطويل، وذهب لآخر مكان يتوقعه عاقل في البلدلمدرسةالبلدة...واستشاط الجميع غضبا وتوجهوا للناظر: كيف للعبدة ابنة العبد عابدالقمر -هكذا كانوا يطلقون عليه – أن تدرس مع أولادهم؟ ستعلمهم السحر والشعوذة؟؟!!هو لاجئ عندهم- زوجوه أحسن بناتهم، وأجملها، فعادت تصرخ وتولول – فخمن الجميعانه السحرالذي مارسه عليها...
لم يلبى الناظر طلبهم...ورأى في زرد طفلة تستحق التعلمكبقية الأطفال في سنها. واستعرت -النيران في قلوب أهل البلدة أكثر على زردوابنته، فسلطوا أولادهم عليهم ...لتعود زرد المسكينة كل يوم بجرحً ما... أو قرصه ما... ولميكد يمر أسبوع إلا وكرهت الذهاب لفصلها...وكان يسمع كل صباح صراخ زرد عليهاكي تلبس ملابسها... إلا انه رضخ في النهاية كي يضع حدا لعذاب المسكينة...وذهب بهالمدرسة أخري في بلدة أخري...

كانوا يشاهدونه منذ الفجر يركب حمارا اشتراهوهو يحمل زرد النائمة حتى يصل في موعد مدرستها البعيدة...ويعود عند الغروب...والصغيرة نائمة...تتأرجح على ظهر الحمار الذي يجره زرد بصعوبة...

سبع سنوات أخرىمرت على زرد كان بيت النهر يزداد بهاء وجمالا.. وزرد يزيد في زخرفته وجماله... وتتسع الحدائق الغناء أمامه...

آه لو رأيت بيت زرد لتمنيت أن ينتهي بك العالم هناكيا وجد...بل واشترى سيارة... وفى هذا الزمن الأغنياء فقط من يفعلون...ولا ريبأن أهل البلدة ظن أنها من أعمال السحر التي يمارسها... ولكن لزرد أسرار أخرى...أسرار لم يشي بها سوى لزرد الصغيرة، وبدر أمها حين أطلعها على صندوق الذهب الذيورثه من عائلته...عن بيته الذي غرق في بحر النوبة عند بناء السد...عن رحيله حتىلا يرمى نفسه مع البيت...

لم يكن زرد يفارق وطنا إلا إذا فارقه... لقد تجنب أهلالبلدة وتجنبوه – وتوقف عن عادته في اللف بالبخور بالبلدة لقد رأى أنها لاتستحق ..بلدة نكده هي.

- - -- -
...لكن الأمور لم تقف عند هذا الحد...لقد عادت بدر...عادت بعد اثنتي عشر عاما، مع سبعة أطفال...عادت بدر لتفتح جرحا كان قدنسيه زرد... عادت ليتذكر زرد شرفه المهدور، وزوجته الغادرة، ليشاهده أهلالبلدة وهو يمضى غاضبا عبر طرقات البلدة المتربة... يثير كثير من الغبار في آخرالأصيل يحمل سكينا كبير وفى أثره صبية سوداء جميلة بعيون ألمها وشعرها الليليالناعم يتأرجح حتى ظهرها اخبريني مي:
- لماذا تنصتين باهتمام لهراء مجنونةمثلى؟
- هل فاجأتك؟!...

تعاودين النظر لما تكتبينه... وتتلاشي النظر إلى... ويأتي صوتكالرتيب خاليا من أي دفء...أكملي يا وجد... أم ترغبين في وقت لاحقك؟؟

انظر إليك ملياوأنا اصرخ كفاك كذبا...وأنا أقاوم قيودي... بك رغبة مجنونة لمعرفة ماذا حدث؟ لماذايهمك الحدث؟

تسرع الجلادة كما اسميها أو الممرضة لتكبيلي، وقد هبت على صوتصراخي... تأمرها د . مي:
- دعيها..
- إنها مكبلة بما فيه الكفاية... تقول الجلادة د. ميلقد جرحت اثنتان منا ومزقت وجه آخر..


- - -
ترد مي بهدوء – بصوتآمر...
- دعيها
انظر إليك بامتنان...لست من فعل بهن هذا...تغرسين نظرتكبي... وتقولين باهتمام:
- من يا وجد ؟ من فعل بهن هذا؟؟
- من وهبك هذه القوةالجبارة التي لا تتناسب مع جسمك النحيل؟؟!

اغمز بمكر... علينا أن نكمل قصةزرد...
ترجعين برأسك للوراء... وتعقدين يديك أمامك، بينما أغوص أنا في بلدة زرد...وقصته الحزينة...
أين الطريق تحت وطأة قدميه الغاضبة وثار التراب العاصف حولهوقد ربط رداؤه حتى مآزره...كان عاري الصدر...بدا كشبح اقتلع من جوفالليل الأسود، وهو يجز على أسنانه، ويصرخ بدررر..بدررررررر؟؟؟؟!!!!

-------------------
ملاحظة : استاذة روان.. انا احاول مساعدتك في ترتيب النص وضبطه قدر الامكان... وقد وجدت هنا مقطع مكرر من الجزء الاخير وهو نسخة طبق الاصل عنه..فقمت على حذفه من هنا. ..

ارجو منك مراجعة النص والتأكد ان الاجزاء مدرجه حسب الترتيب المطلوب وترقيم الاجزاء حسب الترتيب لديك.
يعني
الجزء الاول .نهاية الجزء الاول .
الجزء الثاني ..نهاية الجزء الثاني و
وهكذا...او اي طريقة اخرى ترينها مناسبة لكنك كنت وضعت رقم 22 ثم عدت الى رقم 21 .
هذا النص عبقري ونريده منضبط الى ابعد الحدود.
اعتذر بشدة عن الرد المتاخر الباص ورد كان رافض يدخل
هراجع الجزء وانزله مرة اخرى

كل الشكر للاهتمام

قديم 12-29-2013, 02:20 PM
المشاركة 23
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
صباحك جميل استاذ ايوب صابر

الباص ورد كان رافض الدخول

شكرا للسؤال

مودتى واحترامى

قديم 12-29-2013, 02:38 PM
المشاركة 24
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
كان يرج باب بيتها بقوة، ويصرخ، وتعالى صراخ النسوة من قلب البيت، وارتاعوا، وفتحت شرفات المنازل الفضولية، وتجمع الأطفال والكبار..واهتاج رجال عائلة الكردي بعد أن بلغهم النبأ من كل صوب، وأطلقوا أعنة الجياد، وحاصروا "زرد " من كل صوب...

كانت ليلة ليلاء... فقد عجز عشرات الرجال عن التغلب على زرد العملاق – فأوسعوه ضربا بالكرابيج من كل صوب، حتى انهار المارد الغاضب وتغلبوا عليه وسط صرخات ابنته، زرد الصغيرة، وربطوه للشجرة أمام بيت بدر ثم أثخنوه ضربا – حتى تعبوا وناموا وإذا لفحت شمس الظهيرة وجوههم العكرة قاموا لضربه مرة أخرى وسط صرخات زرد الصغيرة التي استماتت في الدفاع عن أبيها العاجز، فكانوا يجذبوها من شعرها بعنف، ويركلوها فى بطنها بأعنف ما ليدهم، ويلقوها بعيداً.

ظل زرد معلقاً يومين كاملين، والصغيرة تنام اسفل قدميه...فى الليلة الثانية وجدت زرد الصغيرة قربة ماء وبعض الطعام، ولا تعرف من أحضرهم وهى نائمة – أعطت لأبيها بعض الماء فتقبله بنهم- إلا انه رفض الطعام ..


وفى الصباح اضطروا لفك وثاقه ناقمين تجنبا للمشاكل...لان خبر زرد وصل لنقطة الشرطة، اتكئ على ابنته التي صار شعرها الممزق من جذب الرجال كخرقة باليه مهللة على وجهها الباكي الذي امتلأ بالسجحات والجروح التي لا تقارن بحال أبيها وسط سخرية ورشق الأطفال لهمها بالحجارة...

لم تكن فاجعة زرد الكبرى في أهانته، وضربه، وسحله هو وابنته فحسب، بل في بيته الذي أكلته النيران أكلا، ومروجه الغناء التي صارت هباء منثورا انكسر وطنه الجديد واحترق بيته وانكسر فؤاده وجلس على حافة النهر يلهو بالطين الندى يملئ به يديه وينظر إليه ثم يبكى ويغرق به وجهه ثم يبكى وينتحب في أنين وتوجع ظل على حاله هذا أسبوع يهذى والصغيرة تنظر إليه وهى تسند ظهرها على شجرة التوت على مقربة منه تقتات منها كلما عضها الجوع، وحين تحاول وضع بضع ثمرات منها في فمه كان يزجرها ويأمرها بالابتعاد ويعاود غمس وجهه في الطين وهو يصرخ بكلمات بلغته الأم .

في اليوم السابع اتخذ قراره اتجه للبيت المحروق...لمكان محدد دفن فيه كتره الذهبي... احضر الصندوق وصار يلقى القطع الذهبية عبر النهر وهو يرقص كانون حتى توقف عند تمثال صغير نادى زرد الصغيرة... ومازال يهذى والزبد يتطاير من فمه...لم تفهم سوى ساحرة كوش- لقد دفن الأجداد سحرها الأسود منذ زمن بعيد- تعاهدنا أن نطمسها عبر الزمان – هي سيدة النبؤات السبع – من يفتح أسرارها يكتوي بنارها ثم صار يهذى لساعات وساعات...

زرد عاجز...زرد طيب...زرد غبي...زرد أهوج...زرد لا وطن له...زرد لا بيت له، كان يردد تعويذة ما كتبت على ظهر التمثال تعويذة بلغة قديمة – لغة من جوف فترة سحيقة من التاريخ حينما استحال التمثال في يده لنار. لم يلقه زرد... بل ترك النار تحرقه... اشتعل زرد وهو يصرخ دنست ارث الأجداد... أنا زرد آخر سلاسة أبناء كوش...مات زرد بعدها و وجدوا جثته متفحمة على ضفاف النهر وقد غطاها الكثير من الطمي...إلا أن عيناه ظلت كما هي رافضة الارتخاء محدقة في الفراغ كما لو أن شئا رهيبا يرعبها... شيئا رأته زرد الصغيرة في تلك الليلة، ورفضت الإفصاح عنه...

لم تروى زرد الصغيرة الكثير في تلك الليلة سوى أنها هامت في الطرقات بعدها جائعة – شريدة – مهلهلة الملابس – حينما امتدت لها -يد بالطعام لم يكن شفقة بل لتغتال براءتها في الطرقات المظلمة...لقد دافعت عن نفسها حتى خارت قواها...تمزقت...وضربت بقسوة حتى تشققت شفاها وانكسرت ذراعها.. ولم يهرع احد لاستغاثتها.

سالت دماء شرفها ولم يبك احد من اجلها، استباحوها ولمَ لا؟ أليست عبده القرية؟ كانت تفلت مرات ومرات من الأيدي ألدنسه التي تتربص بها نهاراً وليلا وترقد فوق الأشجار حتى لا يطالها احد...ولكن في أيام الشتاء القاسية والبرد الشديد، والجوع الأشد...لم تكن لديها القوة على القتال...بل كانت تستسلم مجبرة خائرة القوى، وهى تجذب بقسوة من شعرها وتسحل عبر الطرقات لمنطقة خاوية وهى ترغب أن يأتيها الموت في لحظة...حتى ظهرت جريمتهم على جسدها، وتكور بطنها الصغير...وهبت نساء البلدة، واجتمعن عليها بلا شفقة... يركلن بطنها بأرجلهن ... ويبصقن على وجهها الجميل الحزين حتى إذا غابت عن الوعي وهى تترف بغزارة توجسن الشر ولفوها في رداء غليظ وأمروا احدهم أن يلقيها خارج البلدة على مفارق الطرق...

كانت ليلة حالكة السواد ، وداخلها يمتزق، ويتقطع، حتى لمحته وهى في اللاوعي عملاقا اسود- تضئ أسنانه سواد الليل وهو يقف معلقا في الهواء فوق رأسها ... همست بضعف-:
- اذهب
- ألست زرد؟

ثم غابت مرة أخرى حتى أتى الصباح ليجدها رجالا يمتطون جياداً قوية يمضون في اثر عربة تجرها ستة خيول وتركبها امرأة سمينة شديدة البياض – شديدة القسوة –جهورة الصوت– ضاقت عينيها على الصبية الملقاة عبر الطرقات والدماء المنهمرة بين فخذيها يخبرها الرجال ما زال بها نبض الحياة فتأمرهم بحملها معهم وهى تجلدجيادها بعنف وتجذب الأعنة لتنطلق إلى بلدة أخرى بلدة الهانم ...

قديم 01-02-2014, 06:47 PM
المشاركة 25
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي

أين أنت يا مي...اجلس منذ ساعة في انتظارك... ساكنة، هادئة.. تدخلين منالباب...تجلسين في مكانك المفضل. اليوم أطلقت لشعرك العنان، وتخليتِ عننظارتك...تعتذرين عن التأخر... معذرة وجد فقد كنت في طريقي إليك... طلب منىمدير المستشفى اجتماع عاجل... انظر إلك بتمعن وأقول كاذبة...بل كنت تدرسين حالتيمن خلف الزجاج النصف مرئي... من رفيف رموشك السريع وفمك المزموم...اعرف أنى أصبتكبد الحقيقة.

تدراين ارتباكك، وتعقصين شعرك بعجالة، ولا تنسى بالطبع ارتداء نظارتكوصوتك يكتسب بعض الثقة... هل هي احد تنبؤاتك يا وجد؟ فأقول في ضعف كلا تدرسينحالتي منذ أشهر...وفاتك أنى أيضا أدرسك منذ أشهر .. إميل للأمام وصوتي يكتسببعض الإثارة... نبؤاتى قاتلة ومدمرة أيتها المختارة يبدو أنى أثير قلقك اليومفتنظرين مليا إلى قيودي... تقولين بصوت قاس.. -:
إني أنصت يا وجد فهل لديك ماتقولينه أم أؤجل لقاؤنا لوقت لاحق...


أغمض عيني وأنا اهمس بإشفاق لا أمل منك.. كما لم يكن هناك أملا منها...تفتحين فمك مرتاعة...ماذا تعنين؟
أجيب ببرودهل نكمل قصة زرد؟
تركنا زرد الصغيرة بين يدي الهانم...ورجالها التي تصادف مرورهافي الصباح الباكر كعادة الأثيرة،
تجوب بعربتها ذات الستة جياد الكفور، والنجوع لعدة ساعات... وقد تعجب رجالها من تصرفها بحمل الصبية التي تكاد تلفظ أنفاسهاعلى وجه السرعة إلى طبيب بلدتها...لم يكن رأس في البلدة يجرؤ على رفع هامته أوالنظر في عين الهانم، فقد عرف عنها سطوتها وقسوتها...ولا عجب أن بلدتهااسمها بلدة الهانم!

كانت تملك قصر منيفا ورثته عن زوجها الباشا الراحل وورثةهائلة من المواشي والأراضي ملك يديها ..في الخمسين من عمرها ..لها ثلاثةأبناء ذكور ..تركوا البلدة جميعا منذ زمن هربا من سطوتها والسكن بالعاصمة بعدانتهاء تعليمهم في عاصمة النور بباريس.

حينما أسعف الطبيب الصبية وهو يشتاطغضبا مما شاهده من آثار تعذيب وعنف على جسدها سألته في خفوت هل ستعيش أجاب فياقتضاب تحتاج رعاية لعدة أيام بالمستشفى ويجب قبلا إبلاغ...لم يكد يتمكلمته حتى أمرت رجالها بحمل الطبيب والصبية إلى قصرها فبدا بالصراخ ...كتم صوته احد رجالها وهو يهمس في أذنه ويعضه منها في نفس الوقت...

-اصمت.. وإلا أمرتنا بقطع حنجرتك.. فسكت وهو يستمع لصوتها العميق سننقل المستشفى عندنا أشارت للرجلأن يتركه وهي تشيح ببصرها بعيدا...اعد ما يلزمك...أمر الصبية يهمني ... حياتها من حياتك... ابتلع الطبيب ريقه ...هو يعلم من هي الهانم..إن القصص التي تروىعنها مفزعة ..اقل ما يقال عنها أنها مفزعة..لكن ماذا يربطها بفتاة سوداءتعرضت لحالة إجهاض.
- -
ظل ثلاثة أيام في قصر الهانم يولى الصبية عنايته الفائقة..في البداية خوفا من قسوة المرأة الجبارة. لكن الفضول اعتراه واجتاحته رغبة قوية في معرفة مأساة هذه الصبية الصغيرة الرائعة الجمال. فرغم لونها الأسود الابانوسي كانت تملك عيون ذهبية رائقة وشعر حريري مدهش انب نفسه ..انه طبيب ..لا ينبغي له التفكير فيها هكذا..لكن الصبية كانت تثير مشاعره بتحديقها المستمر في السقف وعيونها الغارقة في الدمع وصمتها المطبق كان يحدثها وهو يعالج احد الجراح في ذراعيها حينما أحس برفيف ثوب ووقع أقدام خلفه وصوتها العميق يقول-:
كيف هي؟ ينزف بعمق أنها تتحسن- في الحقيقة يذهلني تحسنها السريع- رغم كل مأساتها لها بنية قوية...

سرحت الهانم في قوله لفتاة أخرى وزمن آخر وأب طيب وعربة يجرونها كل يوم لبيع الحلوى وعيون الباشا تراقبها ويختارها لملاحتها وبياضها الشديد وأبيها الطيب يعجز عن رفض ابنته ذات الخمسة عشر عاما للباشا الكهل المزواج ..لديه ثلاث نساء اربيات مثله...حينما تحظى إحداهن بالمكان الرابع لا يلبث العام أن ينصرف ويخلو المكان لزائرة جديدة ولكن عامها كان مختلف فلم ينتهي إلا وهى تعلن للباشا العقيم نبأ حملها وسعد أيامها كما تخليت وطار بها خيالها حين لفظها الباشا ونساؤه عبر السلالم وهويندفع للبحث عن سلاحه لقتلها هي الخائنة...

جرت في البلدة التي شهدت عربة أبيها وحلواه وصوتها المجلجل ينادى .. خبطت على كل البيوت كي تنقذها ..قبلت الأيدي والأقدام ..أغلقت الأبواب في وجهها وركلتها الأقدام بقسوة ولطمتها الأيدي بعنف ..ورجال الباشا في أثرها كالموت الأسود ..لم يسعفها سوى أبيها الطيب بحماره العجوز وعربته المهترئة وقد ارتعب لصراخها ..اختطفتها خطفا وهى تئن بحملها.. دخل بين حقول الذرة وهم في أثره ولم يحتاج قلبا هلعاً وهو يدخل بها المقابر المظلمة ليلا بقدر ما ارتعب من أن يذبحوها ويذبحوه بلا رحمة ..هو لا يعرف سبباً لما يحدث..لكنه يعرف جيداً غدر الباشا وتقلبه..ماذا فعلت ابنته البائسة حتى يطلق كلابه في أثرها..كان يسمع صوت حوافر خيولهم تدوس حقول الذرة بلا رحمة وحماره ينهق...خشي أن يدله صوت الحمارعليهم ..عاجل رقبة الحمار بسكين الحلوى .. راقب الحمار وهو يلفظ أنفاسه..الأخيرة وفى عيونه البراقة المحدقة في الفراغ عدم تصديق مذهل...

قديم 01-03-2014, 01:02 PM
المشاركة 26
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
ما زال ضوء القمر يفضح مكانهم، ويلقى بأشعته على القبور الشائهة الباردة ..ولكن القدر كان رحيما بهم.. فقد وقفوا على حافة القبور ثم لوا أعنة جيادهم صوب حقول الذرة مرة أخرى..

ما زالت الهانم تسترجع ذكرياتها.. كان اسمها شهد في تلك الأيام البعيدة التي قربتها الصبية التي ترقد أمامها...غامت عيونها بالدمع وهى تتذكر أن الصبح حينما انبلج..ذهب أبيها معه وقد توقف قلبه الحنون عن النبض ويده تربت على عنق الحمار المسكين..أغمضت عينيه وأقسمت أن تأخذ يوما بثأره.. مازالت نار فراقه تحرقها حتى هذه اللحظة..ولت وجهها نحو بلاد بعيدة..ركبت القطار حتى الإسكندرية ..كانت تحمل في جيدها عقد زواجها وسوارها الذهبي الذي لم يبخل الباشا على شراؤهما لها..باعتهم وقد كفاها الثمن ذل السؤال وهى تقبع في حجرة صغيرة بعيدا عن الأنظار ..أخبرت جيرانها أن زوجها مسافر ..حين وضعت حملها ..لم تصدق الداية نفسها ثلاثة ذكور! ما شاء الله ضحكت وفرحت..كانوا يشبهون جميعا الباشا شبهاً شديدا..هذا الشبه الذي سهل لها طريق الانتقام.. الذي نفذته بعد عامين وهى تقف مع أهل البلدة بعد صلاة عيد الأضحى تنتظر اللحوم التي يجود بها الباشا عليهم ويوزعها عليهم بنفسه كدأب عائلته كل عام وقد غطت وجهها بخمارها..ووقفت أمامه..تطلب اللحم...وتتوسل ثلاثة أيتام يا باشا..ثلاثة أيتام يا باشا...غدر بهم أبيهم ..هم يتامى رغمانه حي..لفتت الأنظار وارتج على الباشا والجميع يتهامسون بينهم والشبه الواضحيهزه بعنف وبكاء الأطفال يثير الفضول والتعاطف.. وضع اللحم بيدها ولم ينبس ببنت شفه فألقت اللحم بوجهه وسط الهرج والمرج احتفظ بلحمك يا باشا واحتفظ أنا بلحمي ..أشهدكم جميعا..أن دمى ودم أبنائي في رقبتكم جميعا إذا أصابنا مكروه..مشيت بخطوات قوية ..كانت تعرف طريقها..صوب ألد أعدائه وزوج ابنة عمه ..كاظم الارناؤوطى .. باشا آخر ..الذي رحب بها وأفسح لها مكاناً فيبيته نكاية في عدوه..ونكاية في زوجته العقيم..سنية البرديسى التي رحبت بوجود ثلاث ذكور في عائلة توقفت عن الإنجاب ورأت في شهد خادمة جيدة لا تكلفها سوى الطعام والمأوى.. تنظر الهانم لزرد الصغيرة النائمة وشفتاها تمتم بشي ما..تربت كتفها..اقهري أيامك ..اقهري كل من آذوك ولوثوا جسدك.. وتسترجع أيامهاهي حينما أرادت سنية ابن عم الباشا رؤف البرديسى الباشا زوجها السابق وأبو أولادها قهرها وجعلها خادمة..
نظرت لأولادها الصغار يلعبون في مرح في الحديقة وعينها صوب القصر وقد خرج منه كاظم باشا يتقدم صوب الصغار.. نزعت خمارها كعادتها وكأنها لا تقصد لدى اقترابه ثم أسرعت بوضعه مرة أخرى..وابتسمت بسخرية وهى تدرك مدى تأثير وجهها الساحر عليه ..كانت تستمتع بهذا التأثير وعرفت أنها تثير للباشا الآخر ولكنها تقتصر في الحديث معه قدر الإمكان .. همست مرةأخرى بسخرية عله يحلم بثلاثة أولاد وجارية هذه السخرية التي تحولت لغضب مكتوم وهى ترقب الباشا الآخر زوجها السابق يدلف عبر بوابة القصر ثم يقف أمام الصغار.. راقبت تعابير وجهه المذهولة ثم نظرته صوبها التي كانت تحمل شيئاً من الاعتذار...حين تقدم لحمل احدهم انتزعته من يده
نزعت..وقالت-:
رميت لحمك يا باشا ولا يحق لمسه نظر إليها يومها رؤوف البدريسى بغضب وداخله متحير من أين أتت تلك الفتاة الوديعة المسالمة بتلك القوة..اخطأ يوم طردها ومطاردتها..لكن هل يعقل بعد أن أتم خمسين عاماً أن ينجب فجأة في عائلة اعتراها البوار والعقم ..آفاق على صوت على صوت عدوه اللدود كاظم..منذ متى تقتحم بيوتنا يا باشا هكذا أجابه باستخفاف لم أجئ زيارة يا كاظم ..بل أتيت لأولادي وزوجتي ضحك كاظم يومها-:
لديك أربعة زوجات يا باشا هل نسيت انك طلقت هذه المسكينة ورميتها وهى وحملها؟

اتطرم وجهه الباشا وامسك بعصاه ملوحأً ..ابتعد عن شهدو أولادي أتيت لأخذهم فيواجهه كاظم بغضب بل اسمها شهد الهانم.. الهانم سوف تصبح زوجتي اربد وجه رؤوف باشا بمزيد من الغضب ثم مزيد من الذهول وهو يستمع لصوت شهد القوى...

ومن قال أنى قبلت..اكتفيت من البشاوات وطباعهم اللئيمة.. وأمسكت بيد أولادها تجرهم جرا خارج القصر وكاظم يصيح غضبا ورؤوف البرديسى في أثرها كانت قد خرجت مسرعة وهو يناديها يا شهد..فتقف في قوة بل شهد الهانم..وتنظر عبر بوابة القصر للباشا الآخر متحدية فيجيبها رؤوف شهد الهانم ومن يومها أعطاها قصرا لتسكن فيه وحدها وظل الباشا الآخر على وده لم يقطع الأمل يبثها عشقه وغرامه ..لكن هدفها كان هناك في قصر أبو أولادها حيث أربع نسوة قلقات تدبرن المكائد لها..وهو يبذل العطاء والأموال علها ترضى عنه ..لكن قلبها كان يرقد هناك في المقابر بجوار قلب أبيها الخامد..كانت تبذل الموائد كل جمعة تطعم البطون التي أنكرتها والبيوت التي أغلقت في وجهها ليسرحمة أو عطفا بل لتعلن أن اسمها شهد الهانم...ويصبح لديها رجالا يأتمرونبأمرها ويقاتلون من أجلها والباشا يزروها ويلعب مع أولاده الثلاث وقد استطاب الوضع الذي هو عليه وحينما طالت الشهور والأيام وهو لا يحرك ساكنا وزاد توجسها من زوجاته وغدرهن وخوفاً أن يموت الباشا فجأة فلا تأخذ شيئا هي وأولادها أعلنت أنها ترغب في الزواج وان كاظم يلح عليها ولا تجد مناصا في القبول فيستشاط الباشا غضبا ويعلن انه سيأخذ أولاده فترد ساخرة خذهم. ولكن احذر أن تدس إحداهن السم أو تحرقهم ..أنت لا تدرى بقلوب نسوتك العقيمات.. فيرتد غاضبا وهو يعلم صحة كلامها..الم يؤلبوه ضدها ذات يوم وهى تحمل أولاده ثم يعود في اليوم التالي وانه سيطلق إحدى نساؤه ويتزوجها فترد في صرامة بل الأربعة يا باشا وطلقة بائنة يا باشا لديك ثلاثة أيام لا رابع لهم ويرضخ الباشا رضخاً وهو يمنى نفسه بأنه سيكبح جماحها بعد زواجه منها..لكنها كانت قد تعلمت الدرسوزاد غرامه بها اشتعالا وقد ودعت مرحلة الصبا وظهرت عليها علامات الأنوثة متوهجة.. وتزداد سطوتها وطغيانها فهو يتقدم في العمر وهى ما زالت في أوج تألقها ..وسيطرت على كل ما يملك...
- -
ولم تنسى نقمتها عليه ولا انتقامها منه ..فقد طلبت منه الخروج في ليلة اكتمل بها البدر فأعجبه الأمر وتعطر ولبس أي ما لديه.. فالهانم قد رضت عنه وهو متشوق ليذوق من هذا الرضاء في عربة تجرها الجياد ويرافقها رجالها الأقوياء مضت عبر البلدة التي فتحت أبوابها في فضول ثم اخترقت حقول الذرة النامية صوب المقابر..اهتز الباشا والعربة تتوقف على حافة المقابر وضوء القمر ينيرها ويثير الرهبة نزل هو يتخبط وحينما هم بالصعود صارخا أمرت رجالها أن يحملوه حملا حيث رقد أبوها رقدته الأخيرة... أجلسوه على الأرض وهو يرتجف وصوتها يدوى كانت أخر ليلة لي معى أبي هنا..لن يشفى غليلي إلا أن تموت مثله والباشا يرتعد ويبكى وشهد تركب عربتها وتمضى هي ورجالها وهو يجرى في إثرهم ويصرخ ويبكى
ثم يقع على الأرض..فيحمله رجالها ..حيث ظل أياما
فى حجرته يهذى ويختبئ ويرتعش طلبت ابنة عمه لتزوره فوجدته قد جن تماما.. نظرت إليها شهد بتشف وهى تنظر لوجهها المتجعد وتقارنه مع جمالها الفتاك ..تلطمها سنية البرديسى بقوة فتقول شهد في قوة لك دورك يا هانم ..لك دورك وما هي إلا أسابيع ويموت الباشا ويقف كاظم باشا في صفها حتى تحصل على كل الأملاك وتضم باشا آخر في حياتها وتتزوج كاظم بعد أن يطلق زوجته ويطرها شر طرده مر كل هذا بخاطرها وهى تسرح شعر زرد الحريري وتهمس لها اعلم كل ما حدث لك زرد..بعثت رجالا لبلدتك الظالمة ..اكتمي ألمك ولا تنسى انتقامك...فلذة الانتقام تمحو اي أسى...

قديم 01-03-2014, 04:13 PM
المشاركة 27
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
جئت اليوم
باكراً ... شيئاً فيك تغير يا طبيبتى ... بك شوق ولهفة
لمعرفة قصة زرد الصغيرة ..
ام يهمك قصة اخرى...هذه هى نبؤتى السادسة
اعرف من تهتمين لسماع قصته اكاد ارى الفضول على
وجهك .تبتسمين بغموض وتهمسين لى :- اننا نتحدث
عنك يا وجد..وليس عنى..انت المريضة ولست انا
اضحك فى سخرية وهل يوجد مريض يعترف بمرضه
..تبدئين فى التملل..ازفر فى عمق لا بأس فلنكمل القصة
شكرت شهد الهانم الطبيب واجزلت له العطاء مع تحذير
بأن ينسى الصبية وكل ماحدث..لم
يكن فى حاجة لتحذير ..كان فى حاجة ليهرب عن
هذه المرأة الطاغية بكل قوته بل

عن بلدتها كلها إن استطاع..يقلقه مصير الصبية
ويؤلمه انه لا يسطيع فعل لها شئ اكثر مما فعله. كانت
زرد تتعافى لكن قسوة الشهور الماضية تركت اثرا مدمراً
فى نفس الصبية فكثيرا ما كانت تصرخ فى احلك
ساعات الليل صراخ يضج منام الهانم ويؤلمها فتقول لها
وهى تمسكها بقوة:- اصرخى فكم صرخت مثلك..
اصرخى كى تنسى ألمك ولكن لاتنسى من اذوك

..مضت الايام تلتها الاسابيع تبعتها الشهور وشيئاً من
القسوة يحل فى عينى زرد الجميلتين ويحل محل الألم رويداً
رويداً وكان هذا يبهج الهانم ويسعدها فهى تكره الخنوع
والركون ويبهجها ارتباط زرد الشديد بها .فأذا ما اكلوا
سوياً تقسم زرد انها ستطعم الهانم بيدها وتضع اللقيمات
فى فم الهانم وهى تضج بالسعادة ..وتصنع لها العقود
والسلاسل
المبهجة التى تعلمتها من زرد ابيها .واذا ما وجدت
الهانم قد استشاط غضباً من
احدهم وعلا صوتها ..اسرعت باحضار عطرها
الخاص الذى كانت تحضره بغلى بتلات الورد ثم تبريدها
ثم تضعهم على جبين

الهانم وتدللها والهانم ترتاح لتدليلها ولكنها تنتظر ان
تطلب زرد الانتقام..فالحياة
لدى الهانم ماهى الا عقاب لمن يخطئ ..واذا مر العام
سألتها وهى تقبع كالقطة
تحت قدميها وتضع رأسها على فخذ الهانم التى
جلسست فى ظلال شجر الليمون
بحديقتها من اول من فعل بك..فتترقرق الدموع فى
عيون زرد وتغتاظ منها الهانم
الا انها ما تلبث ان تتحول نظرتها لقسوة شديدة وتزم
شفتيها فى غضب وتنطق
اسم االمجرم ابو عوف ..محمود ابو عوف زوج بهانة
...
فتربت عليها الهانم فى جزل وتصدر اوامرها..ليصحو
ابو عوف فى الصباح وقد تسممت
مواشيه وغرقت ارضه كلها وهلك زرعه ولم تكن
الهانم فى حاجة فى تكملة
- -
انتقامها فقد حدثت أمور مريعة فى بلدة زرد ..فقد قل
الصيد الذى يعتمد عليه اهل
البلد واشتعلت الحرائق الغربية فى بيوت كثير منهم
ولم يكد يمضى العام الثانى وقد
اصبحت البلدة فى حالة من الفقر المدقع وخسرت
العائلات الثلاث الغنية الكثير
من اموالها وطارت القصص فى كل مكان عن شبح
العملاق الاسود الذى يراه
الكثيرون ممن يروون حقولهم قبيل الفجر وهم يمرون
لاراضيهم بالقرب من ضفة
النهر ..تضئ اسنانه البيضاء بهيم الليل ثم يشتعل
فجأة وقد وصلت القصص
لمسمع الهانم التى ضحكت ساخرة..تقتلهم
اوهاهمهم..تقتلهم مخاوفهم يا زرد..ثم
تضحك بصوت عالى انهم ينتقمون من انفسهم يا
زرد الجميلة بالفعل ازدات زرد

جمالا وازاد ولع الهانم بها وكأنها ابنتها..ووصل هذا
الولع للاولادها الثلاث
بالقاهرة..اتوا يسابقون الريح ليروا العبدة الفاتنة
التى سرقت قلب امهم وربما
سرقت نقودهم ايضا ..كانوا يخشون سطوتةم الهانم فرغم
انهاا امهم الا هى لا ترحم اذا ما
تعلق الامر بشئ تريده واسقط فى ايديهم فرغم
ترحابها الشديد بوصولهم ووصول
احفادهم وزوجاتهم معهم الا ان الامور اشتعلت وهم
يتناولون اول غذاء لهم مع
الوالدة وزرد تجلس بجانبها فتندفع احدى الزوجات
فى تأفف كيف تجلس هذه العبدة
معهم..ويشتعل غضب الهانم ونقلب منضدة الطعام
فوق رؤسهم وعلى ملابسهم
ولا تكتفى بهذا بل تسحب كرابجها الاثير وتهم
بضرب الزوجة التى تخطت الخطوط

الحمراء وتصرخ النسوة ولا يسطيع ابناء الهانم شئ
امام ثورتها وجبروتها..الا ان
يدها تعلق فى الهواء وزرد تتعلق بذراعها ..فتهدأ
وهى تقول-:
فقط اكراما
لزرد..امهلكم ثلاث دقائق لا رابع لهم لمغادرة بيتى
ويسقط فى يد ابناؤها الثلاث
وهم يهرولون باطفالهم المذعورين من غضبة الهانم
ويبيتون ليلتهم فى قصر
المرحوم الارناؤطى زوج امهم والنسوة تشعل النار
بقلوبهم وتضع احدهن الخاتمة
لقد سحرت العبدة امكم لم يكن الامر عسيرا عليهم
لمعرفة قصة زرد وبلدتها عانت
من سحر زرد وابيها التى..ولم يكن الامر عسيرا وهم
يعرفون ما حدث للبلدة فى
الاونة الاخيرة ويربطون كل هذا بالسحر ..ولم يكن
عسيرا ان يجلسوا مع عائلات

الكردى والجهينى والجهورى ويخرجون باتفاق واحد
انه لابد من قتل الساحرة
ولكن كيف ..كيف وهى فى حماية الهانم وفى
حضنها..ولا تخرج الا برفقتها
وتتحول يوماً بعد يوم الى هانم اخرى لذا لجأوا الى
من تسطيع الدخول لبيت
الهانم..نادمة حزينة على مصير ابنتها لجئوا الى بدر
ومن غير بدر تسطيع احضار زرد لبلدا الغاضبة
اصبحت زياراتك متقاربة جدا يا مى ..ربما لان
القصة قاربت على النهاية او ان امر
احدهم يهمك اخبرتك فى المرة الماضية ان هذه نبؤتى
السادسة
لكن لماذا تصرين على تقيدى ..تعلمين ايتها الطبيبة
ان خطورتى تنحصر على نفس
لقد حاولت الانتحار كى اضع حداً لكل هذا البؤس
..هل تخشين منى يا مى..تبتسمين
مطلقاً يا وجد
- 52 -
ابتسم فى غل
خطأ يا مى
فعلت خيراً ان قيدتنى – وفعلت شرا ان استمعت الى
وتتسع ابتسامتى الشريرة وانا
ارى القلق يرتسم على وجههك..تدوسين الجرس
بشئ من الحدة تستدعىن جلادتى كى تذهب بى
اعرف اين تذهب..ارجوك يا مى لا اريد المزيد من
جلسات الكهرباء تعلمين انى لا
احتاجها..ساكف عن العبث معك واكمل بصوت
يملؤه الارتجاف والكراهية وانا ارى
علامات الارتياح على وجههك
فى ليلة حالكة السواد اجتمعوا ببدر..التى ابتهجت
لعودة بؤرة الاهتمام بها ..هى من
انجبت هذه المصيبة وهى من ستخلصهم منها..اتفقوا
معها على احضارها من عند
الهانم لكى يخلصوا جسدها من الجان الذى
يسكنها..تذكرت بدر يوم رأت زرد الصبية
- -
كانت نسخة كربونية منها بل اشد جمالا ولا يعبيها
لونها الاسود بل يزيد
فتنته..يومها بعد أن رأت ضرب زرد ابوها ونوم
الصبية تحت قدميه اشفقت عليها
ووضعت بجانبها الماء والطعام..كانت ترغب ان تعيد
زرد لحضنها وهو أمر لم
تجرؤ ان تصارح به سوى جنبات نفسها..تبهرها
الصبية وتؤلمها فى نفس الوقت
ولا سيما وقد انجبت ابنة اخرى وحيدة على ستة
صبيان ..ابنة اخذت اللون الاسمر والكثير من القبح
ان اخراج الجان من جسد زرد سيعدها اليها ويكفر
شئ من جريمتها فى حقها
دون ان تخشى لوم من اى كان
سوف تصبح بطلة البلدة وتستعيد زرد وتعرف منها
اين اخفى زرد الكبير كنزه الاثير الذى رأته يوم زفافها
لكن تبقى الهانم بسطوتها والقصص التى تروى عن
قسوتها وتتعجب بدر كيف

لهذه المرأة الجبارة ان تحمل كل هذا الحنان لصبية لا
تعلم شيئا عنها..انه السحر
ولا شك همست لنفسها نفس السحر الذى ما ينفك
يذكرها بزرد الكبير وحنانه معها
اذا ما قارنته بزوجها الحالى ..نفس السحر الذى
مازال بداخلها حنين لزرد ..لقد
تغلبت على السحر يوما حينما تركت زرد وهربت
واشمئزت من لونه الاسود لكنه
ما لبث يطارد لياليها حينما تزوجت مرة اخرى بعد
ان بطل عقد زواجها من زرد ..فلا زواج من ساحر
هكذا افتى اهلها وشيخ الجامع الذى اخطئ بتزوجيها
من الغريب الذى لايعرفه
لقد طاردتها كذبتها الالاف المرات وكانت كل مرة
تقول لنفسها
زرد ساحر ..وهل غير الساحر يملك كترا من الذهب

هبطت بلدة الهانم فى صباح كئيب بارد شديد الرياح
وقد وصلت البرودة لاطرافها
- -
رغم اتها تدثرت بكثير من الثياب وهى تطرق الباب
الكبير لقصر الهانم
يفتح احد الحراس الباب لها وتخبره بالاسم
وتنتظر وتنتظر قارب الانتظار ساعة
والهانم ترقبها من شرفتها وتتسأل لماذا جاءت ..هل
هى مكيدة من ابنائها
وتترل الهانم لمقابلتها..فالهانم لا تخشى احد...لقد
تخلت هذه الام الماكرة عن ابنتها فهل اتت لتطالب بها
نظرت اليها والى وجهها الذى به شئ من الملاحة
طوته سنوات مضت وقد افتر
ثغرها عن ابتسامة وترقرقت عيونها بالدمع وهى تجثو
على قدميها-:

ايدك ابوسها يا ستى
وتجفل الهانم وهى تترع يدها انتزاعا
وبدر تكمل وهى مازالت جالسة فى الارض

جميلك فوق الرأس يا هانم..يا من انتشلتى لحمى من
العار يا هانم..لم اجئ سوى

لهذا ..خشيت ان يمضى العمر ولا اقبل اليد التى
حمت ابنتى وانتشلتها من الموت
تضيق الهانم عيونها ..ثم تجيب
نلت مرادك وقبلتى يد الهانم..فاذهبى
تقوم بدر طائعة وهى تمشى بظهرها وكأنها فى حضرة
ملكة
وقبل ان تقترب من الباب..تناديها شهد الهانم
هذه زيارتك الاولى فلتكن ايضا الاخيرة ولا تدعينى
اسمع عنك مرة اخرى
ويهتز جس
بدر كله بالطاعة فهى لم تتخيل هذا
الحضور الرهيب للمرأة الطاغية
وقبل ان تغلق الباب خلفها يناديها صوت عميق
بدررررررررررررررر
وقفت الصبية هناك تناديها وتهرع بدر وتحضنها
وتقبل يديها ثم تحتضنها مرة
اخرى وصوت يهمس فى اعماقها بسخرية ..هيا يا
هانم ..هيا لنرى من يكسب الهانم .ام.قلب الام
- -
وتضيق عينى الهانم فى غيظ الا أن الحيرة تعتريها فجأة
وهى ترى تلك النظرة
القاتمة القاسية المليئة بالكراهية فى عينى زرد رغم انها
تقبع فى احضان امها بدر
بدر التى غابت عن الوعى فجأة فتحملها خادمات
الهانم حيث الاريكة الوثيرة
مسدت زرد جبينها بمنقوع بتلات الورد التى تجيد
صنعه والهانم ترقبها وهى لاتدرى ماذا يختلج بقلب
الصبية
وحين تفيق بدر من اغمائها الغامض تفاجئ الهانم
بطلب زرد وهى تقبع كالقطة تحت قدميها مستعطفة اياها
دعيها تبقى ..الامطار كالسيول بالخارج وتحتار الهانم
فهذا التعاطف لا يتفق مع
قسوة نظرتها ولا الكراهية التى طلت بكل عنفوان فى
صوتها
وتبقى بدر بل وتحل كل اسبوع عليهم ضيفة ترقبها
الهانم وهى تمشط شعر زرد

الحريرى وتخدعها الدموع الرقراقة فى عينيها وهى
تغنى لها ..تلين الهانم وترى طفى بدر امرأة مجبرة على
امرها ولا حول لها ولا قوة
وتتغاضى عن تزايد الكراهية فى عيون زرد تجاه بدر
كراهية لا تعكسها مطلقاً فى
تصرفاتها واوعزت لنفسها بأن ما قاسته الفتاة اورثها
تلك النظرة الا ان الحيرة
تمتلك اعماقها وتربكها وهى ترى تلك النظرة تتبدل
اذا ما تطلعت لوجه شهد الهانم..تجد نظرة اخرى وديعة
هادئة
وتمضى الاسابيع تتلوها الشهور...وبدر تستمر فى
خطتها فى استدراج زرد للبلد
كى تخرج الجان من جسدها ..منذ رأت الفتاة وتلك
النظرة التى لم تخطئ فى فهمها
..هناك شيئا يسكن الفتاة ولابد ان تتخلص
منه..هكذا اقنعت نفسها
ويأتى العيد وتتجرأ بدر ان تعرض على الهانم وزرد
المجئ لبلدتهم للاحتفاء بهم

عرضت الهانم يوماً الامر على زرد اجابت فى خفوت
لنضع حداً لكل شئ
جاءت الهانم برجالها وهى تثير الرهبة فى بلدة زرد
الظالمة واحتارت بدر كيف
تسطيع ان تستولى على الصبية لبرهة من الهانم التى
لاتفارق الصبية يومان
قضتهم الهانم هناك وفى الثالث دبروا المكيدة
وتوافقت حينما طلبت زرد ان تزور
بيت النهر فى اقصى البلدة فتوافق الهانم شرط ان
يرافقها رجلان من رجالها

هرع احدهم ليخبر رجال الهانم ان احد ابنائها قد
اصيب بحادث وتجزع شهد الهانم
وتبحث عن زرد حتى تسرع بالرحيل فلا تجدها
فتقسم رجال جزئين ..جزء يبقى
لاحضار زرد وتوصيهم ان يذهبوا بها على وجه
السرعة لقصرها

لكن بدر كانت هناك مع زرد عند بيت النهر المحترق
ترقب الصبية بعيون فضولية وهى تقول
استولت ساحرة كوش على احدهم وتنظر لبدر نظرة
كلها كراهية ..حدثتهم عن الكنز
ولم يجدوه اليس كذلك..وتضحك بسخرية وحدى
اعرف ما حدث فى تلك الليلة
وحدى اعرف اين اهدر زرد ابى كنزه ولم تكمل
حديثها والا وقد اتى رجال الهانم
ليعلومها بمصاب الهانم فتخبرهم بدر بأنها ستعد نفسها
للذهاب معهم وفى نفس الوقت اعداد اشياء زرد والهانم
التى تركوها فى مضيفتهم
وتدخل معها زرد البيت ولا تخرج ..ويطول انتظار
رجال الهانم ويستبد بهم القلق
الذى تحول لفزع واحدهم يخرج مولولا وقعت زرد
من اعلى البيت وماتت
وينتاب بدر الهيجان والصريخ الحقيقى فهى لم تتفق
معهم على قتل الصبية بل اخراج الجان من جسدها
وتخرج جنازة زرد بسرعة وتدفن فى المقابر قبيل الظهيرة
- -
ويهرع رجال الهانم لاخبارها
بينما بدر تولول وتلطم خديها ساعات طوال وهى
تصرخ فى النسوة التى سلمت الصبية لهم
سحقا لكم ..لم اعطها لكم لتقتلوها
اعطيتكم ابنتى بيدى ..انا شريكة فى الجرم معكم
فتقول احدهم فى خفوت
لم نقتلها يا بدر لم نفعل ..خشينا لعنة الساحرة
فتجفف بدر دموعها بسرعة وهى تتساءل اذن من
التى دفناها
وتتسع عيناها للاجابة فى ارتياع وخوف
هى من دفناها..دفناها حية يا بدر
- 62

قديم 01-09-2014, 12:05 PM
المشاركة 28
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
الحلقة القبل الاخيرة

 
لماذا ارتجفتى يا مى ..هل هز انكسارها كيانك
واجتاحتك الشفقة تجاهها
تهزين رأسك
يالا البشاعة كيف يفعلون هذا بزرد
اجيب بخفوت من تخدعين-:
لم اعنى بحديثى زرد مطلقاً بل من تهتمين لامره
ويجعلك تثابرين على
الاستماع لهراءات مجنونة مثلى.
يقلقك كلماتى الهامسة التى لم تسمعيها ..ولكن
اعرف ان الفضول يجتاح
اعماقك كما اجتاحت البرودة اعماقى والعجوز الميتة
تأخذنى معها لحكاية
ربما يكون فيها هلاكى

انها تقترب من الرابعة عصراً يا مى ستطول حكايتى
وربما دخلنا فى الليل وقد
حذرتك مسبقا ان اشر الحكايات تروى ليلا..ولكنك
لا تهتمين
كالليل الذى حمل الهانم حملا لبلدة زرد وقد بلغها النبأ
وعرفت المكيدة وكالليل
الذى حمل بدر هلعاً لقبر زرد التى دفنت حية
كانت تنبش القبر نبشاً باظافرها ..فى ليلة حالكة
السواد تنادى
زرد ..زرد
لم تلحظ زرد الكبير يقف بجانبها وقد استطال
واستطال لا يظهر منه فى الليل
البهيم سوى بريق اسنانه الناصعة البياض وضحكة
خبيثة تعلو فمه..ضحكة
لم يعرف زرد الحقيقى مثلها فى دنياه التى اضاعها
كان يعلو يمتد حتى يحيط بدر المنحنية على القبر
تفتحه بيدها المتبعة ..الا ان
- -
حوافر خيل جعلته يتلاشى ويضيع مغتاظاً
ومشاعل رجال الهانم تضئ المقابر المظلمة
وقفت الهانم مرتاعة فوق رأس بدر المنحنية وقد
تعفرت بالتراب وتوقفت عن نبش القبر
وهى تهدر بصوتها العميق الذى يملؤه انات الليل
المكسورة الذاهلة
قتلتوها
قتلتم زرد
تزحف بدر على ركبيتها وهى ترتجف
لالا لالالا انهاا فى اعماق القبر حية
تلف الهانم دثارها حولها وهى ترى علامات الذهول
على وجه بدرقائلة
لم يكن القصد ان نقلتها ..بل لاخراج الجان.
من جسدها..ثم تهمس وهى تهتتز بعنف ..ان ساحرة
كوش تسكن زرد
تغمض الهانم عينيها والدموع تحرقها

وكيف عرفت ساحرة كوش يا بدر..الساحرة لم
تسكن زرد ابدا بل سكنتك انت يا بدر
قتلك ابنتك قربان للساحرة
تصرخ بدر ..ليس انا من سكنته الساحرة ..تصرخ
وهى تبكى ..بل سكنت ابنائى
جميعاً يوماً ذهبت بيهم لبيت النهر المحترق بحثا عن
الكنز ووجدنا تمثال الساحرة
كنت اخفى سرهم..ان رقبتهم معلقة ببدر هذا هو
صك الدم الذى احترق زرد الكبير
ثمنا له . ان ضاعت زرد حلت اللعنة عليهم جميعا
لكل واحد نبؤة ..سبع نبؤات بسبع ابناء .. وفى
الثامنة موتهم
تصرخ بدر وهى تزحف للقبر
ساعدينى يا هانم..ساعدينى ان زرد ترقد فى اعماق
القبر
تصرخ الهانم ردا عليها وهى ترتجف
اللعنة عليك يا بدر
- -
اعرف ان زرد المسكينة تسكن اعماق القبر نتيجة
خسة اولادى ومكرهم
غدروا بالصبية معكم
تصرخ بدر وهى تغالب ضحكات هسترية لا يا هانم
انها حية فى اعماق القبر
لالا يا هانم دفنوها حية عند الظهيرة
لم يمضى وقت طويل يا هانم..ربما..ربما مازالت زرد
حية
اتستعت عينيى شهد الهانم ارتياعا وهى ترتجف غضبا
وقرفا
ركلت بدر فى صدرها فوقعت على الارض .. ثم
صارت كالمجنونة وهى تستغيث برجالها
لفتح القبر
وما هى الا فينة وانهار الحائط المبنى حديثا الذى يسد
باب القبر
كانت هناك ترقد فى الظلمة المخيفة

حتى ان قلوب الرجال ارتجفت هلعاً والمشاعل تنير
وجهها وقد جحظت عيناها
وتحول شعرها الاسود الحريرى لكتلة من البياض
حملوها بكفنهاوقد جلست الهانم على الارض تبكى
من هول الموقف.. ثم وضعت
رأسها فى حجرها والمشاعل تضئ المقابر الشائهة
الباكية المتوجسة خيفة من اقتحام البر لها ليلاً
لمست باناملها وجهها المرتعب المذهول وهى تغمم
زرد.. زرد ثم تحضنها فى قوة
يحضر لها احد رجالها قربة الماء فتقربه من فم زرد
ترفض زرد وتهمس
تقترب الهانم منها
سبعة نبؤات ..سبعة لعنات ..وفى الثامنة موتهم..سبعة
نبؤات يرثها كل من حمل ارث الدم ويكتوى بلعنتها كل
من حمل خطيئة الدم
ثم تتحول بعينها الغاضبة لبدر ..عينيها التى حملت
كل كراهية الدنيا ..كنت اعلم

سرها من البداية ثم عادت ببصرها المضطرب لوجهه
الهانم وابتسمت وقد
طارت روحها شعاعا واسلمت الروح
ارتج على الهانم موتها امامها ..صارت تضرب خدود
زرد
استفيقى ايتها الصبية ..استيفقى ايتها الهانم فحياة
حافلة تنتظرك..ثم تحضنها
يا حرقة قلبى يا زرد..يا الم قلبى يا زرد..يا ابنتى التى
لم الدها يا زرد
اه يا زرد والف اه كيف احتمل فراقك يا حبيبة قلبى
..اه يا زرد يا ابنة عمرى
ظلت الهانم تبكى من هول الموقف ويهتز بدنها من
فرط التأثر ..وعلى ضوء المشاعل
تذكرتهاا ..تذكرت بدر التى جلست ساكنة لا تفعل
شيئاً ..تختلج اعماقها باشياء
شتى ليس من بينها بالتأكيد حزنها على الصبية

نظرت اليها بعينيها الحمرواين من فرط البكاء ..نظرة
واحدة واخيرة ثم نظرت
لكبير رجالها ..نظرة واحدة ..ثبتت نظرها على القبر
فى البداية لم تفهم بدر شيئاً..لم تعى لماذا يحملو ها
قهراً..ارتاعت وهى تلقى فى
اعماق القبر..صرخت وصرخت وضاع صو تها
والرجال يسدون القبر
ويهيلون التراب ويتأكدون تماماً ان لا صوت يصل
منها
ذهبت الهانم بزرد..حيث لم يعرف احد مثواها
الاخير..اغلقت الهانم بلدتها وقصورها فى وجه ابناؤها..واصدرت تعليمات
صارمة بضرب النار اذا ما اقترب احدهم من حدود بلد تها..هذا قانون شهد
الهانم..علقته باحرف
واضحة فى مدخل البلدة..لا ابناء لى ..فقط اعداء

ماتت يوماً بعد يوم دون ربيبتها التى احبتها..انزوت
فى عالمها بعد ان انتقمت من
كل النسوة اللاتى دفن بدر ..وتأكدت من تشرد
اولاد بدر الستة وابنتها فى
شتى الارض
عاشت بعدها عشرون عاماً لم تمنح اولادها مليما
واحداً ..كانت تجوب الطرقات بخيولها ورجالها كل
صباح لعلها تجد زرد اخرى تبثها لوعتها..ومن سخرية
القدر انه فى السنة التى ماتت فيها شهد الهانم قامت الثورة ولم
يحصل اولادها سوى على الفتات
مى ..مى لماذا تلملمين اشياؤك..ما الذى المك فى
القصة..
حال بدر ام زرد ام حال الهانم
لك سرك انت يا مى
تحملنى الممرضة حملا لمحبسى ..انظر اليها ملياً جديدة
انت هنا

لا تحملين ارث الدم ولا خطيئة الدم ...اضحك فى
خفوت وهى تمضى بى عبر الممر
لذا انت خارج قصتى
خارجها تماماً

قديم 01-10-2014, 03:10 AM
المشاركة 29
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
النهاية


(11)
لماذا أحضرتني اليوم يا مي ؟
ليس موعدنا بأيّ حالٍ من الأحوال
إني مرهقةٌ يا طبيبتي
- قد تكونين اقتربتِ من الشفاء يا وجد و اقترب وقت خروجكِ.
أضحكُ في إشفاق:
- و لربما قاربت قصتنا على الانتهاء
تزفرين في عمق :
- أنا لا أصدّق قصصك يا وجد, إنها من وحي خيالكِ, عليكِ أن تؤمني بهذا لأنه طريقكِ الوحيد للشفاء.
أجيبُ في سخريةٍ لا تتناسب مع وجهي المرهق :
- بل طريقك أنتِ للخلاص.
تتسع عيناكِ في ارتياع , أردّدُ في تشفي:
- لماذا هذا الرعب المرتسم على وجهك؟ أخبرتك منذ البداية أنك المختارة, سأكمل لكِ بقية القصة, هل تعلمين بقية القصة؟
... تشتّت أولاد بدرٍ في بقاع الأرض, منهم من قاوم و تزوّج و أنجب, و منهم من لقي حتفه بلا هدف.
أعلم منذ الأمس أن مصير بدر يؤلمك ,كان أبوكِ يحكي عن اختفاء جدته الغامض...
وعن تفرُّق أبوه و أعمامه و عمتّه بين بيوت الأقارب في كل مكان, فسبعة أطفالٍ همٌّ كبير خاصة بعد افتقرت عائلتهم ومرض أبوهم .
تقومين في توتر
لا تدّعي أنّي فاجأتكِ يا مي, فأنتِ تعلمين من البداية من أنا, نحمل نفس الاسم , بل ولنا ملامحٌ متقاربة..
ملامحٌ ورثناها عن بدر جدتنا الكبرى , و حملنا معها لعنتها في دمائنا, وبعضاً من شرّها , جميعاً نحمل إرث الدم , لكن يجب أن يقترن بخطيئة الدم.
أراكِ تنظرين بعيداً عبر النافذة المفتوحة, تديرين ظهرك وكأنكِ في عالمكِ بريئةٌ طيبة, ما زِلتِ بريئةً طيبةً يا مي...
كنتُ يوماً بريئةً طيبة, لكن أتعلمين ماهى خطيئة الدم التي جلبت كل هذا الدمار على رأسي؟
لقد قتلت ...
نعم قتلت !
دون قصد.
لكنني هربت من جريمتي
كنت بصحبة أخي, أقود السيارة وهو يحثني باصرارٍ على أن أُهدِّأ سرعتي, لم يكن خطأي بالتأكيد ظهور هذا الصبي الصغير ,ولم يكن خطأَ أخي أنّي رفضت التوقف. رغم شعوري بتكسُّر عظامه أسفل عجلات السيارة, الخطأ في تركه ينزف في تلك الساعة المتأخرة من الليل.
لقد بدأت اللعنات من يومها,كنت نبوءاتي السبعة تتراءى لي كل عام, أدركَ أخي الأمر , أخبرني بأن صدمُ الصبيِّ لن يمر بسهولة, و حينما حانت له فرصة الهجرة أمسك بها دون تراجع ودون أدنى رغبةٍ في البقاء معي.
نسيتُ الحادثة بعد فترة, و بدأتُ في أخذ النبوءات ببعض الدعابة.
لم أتذكر شيئاً, أيّ شيء إلا و أنا بين يدي الهيكل العظمي في ادفو , ربما تكون واحدةً من نسل بدر وربما تكون ابنتها, ربما تكون ساحرة كوش نفسها.
تعلمين الباقي يا مي , وجدوني في الصباح الباكرِ فاقدة الوعي, وحين أفقت في حجرتي بالمركب كنت أحطّم كل شيءٍ بل وحاولت الانتحار, الأمر الذي كررته عدة مرات ...
ما زلتِ تديرين ظهرك يا مي
تحملين بالتأكيد إرث الدم ,لعنة بدر التي أورثتها نسلها وستحملين بالتأكيد خطيئة الدم.
تنظرين إليّ متعجبةً
- وهل سأقتل يا وجد (ثم تضحكين في سخرية)
إطمئني إنّي حتى لا أقود أيّ سيارة ,لن أقع في خطئك.
أنظر إليك ملياً ,شيءٌ في أعماقي يجبرني أن أخبرك
ابنتك الصغيرة ذات الستة أعوام مريضةٌ بفشل كلويٍّ حاد, و كليتك أنتِ نفسك متعبةٌ ولا تستطيعين التبرّع ونفس الحال مع زوجك, هي حالةٌ نادرة الحدوث, تفقدين الطفلة يومأ بعد يوم, أجريتِ لي فحوصاتٍ لأني قريبتك , أحمل كليَةً ممتازة ...
تنظرين إليّ غير مندهشة
تُخرجين من حقيبة يدك شيئاً
تغرسين الحقنة في أوردتي
و أنت ترتجفين
- سامحينى يا وجد, أحتاج كليتك بشدة , أشعر أنّي متعبةٌ يا وجد.
أرى دموعك على وجهك و يدك تمسح وجنتي و تقولين بندم:
- حقنتك بمصلٍ يهدئ نبضات قلبك حتى الخفوت.
أهمس بضعف:
- هل سيمر وقتٌ طويل؟
أرى جسدكِ كلّه يرتجف و أنت تخبئين وجهك وتبكين وصوتك يأتي سحيقاً:
- نحو عشر دقائق .
- و إليك نبوأتي السابعة: كليتي لا تصلح, ثمة خطأٌ ما في الفحوصات, أغمض عيني على وجهكِ المرتعب , أستلذُّ به كثيراً, بك كثيرٌ من وجه بدر .
إذاً دعيني أكمل نبوأتي الثامنة لأن في الثامنة موتي:
هناك طفلٌ صغير
ابن حارسة العقار
يشبه ابنتك كثيراً
ستعرفين يوماً سر الشبه
سيخبرك قلبُك مئات الأشياء عن الغدر والخيانة
ستفاجأين أنه يحمل الكثيرَ من ملامح زوجك
لن تجدي مناصاً من قتله و إخراج أعضائه
خطيئة الدم يا مي ...
أراكِ ضباباً يا مي, لا تجزعي أيتها المختارة, تتلاشين وتتلاشين لأنه في الثامنة موتي ...

قديم 01-10-2014, 11:51 AM
المشاركة 30
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
تمت بحمد الله


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: سيدة النبؤات- رواية قصيرة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصيدتا : سيدة الياسمين و سيدة الفجر المغتال محمد محضار منبر الشعر العمودي 1 06-14-2013 02:45 PM
رحلة اسماعيل - رواية قصيرة - نزار ب. الزين نزار ب. الزين منبر القصص والروايات والمسرح . 4 07-27-2012 11:04 PM
مذكرات سيدة محترمة - قصة قصيرة أميمة البدري منبر القصص والروايات والمسرح . 4 09-02-2011 03:10 AM
كنز ممتاز بك - رواية قصيرة - نزار ب. الزين نزار ب. الزين منبر القصص والروايات والمسرح . 6 08-14-2010 02:17 AM

الساعة الآن 05:03 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.