قديم 01-17-2011, 11:32 PM
المشاركة 21
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي




* فلسفات الاختلاف، التأويلية والتفكيكية، والعدمية
في السياق التالي سنطرح نماذج للفلسفات التي أثارت جدلا في الأوساط العلمية والأدبية كي نقترب من منهجيتها ..
بدأ القرن العشرون في فاتحته نيتشوياً مع »زرادشت« وانتهى نيتشوياً بامتياز، مع فلسفات الاختلاف، التأويلية والتفكيكية، والعدمية، وتيبولوجية القيمة وإرادة القوة.
ولعل دعوة نيتشه في كتابه اEccehomoب »أقول لكم إنني أنشر هذا الكتاب لأمنع الناس من أن يسيئوا إليّ، فأنا لا أريد أن أكون مقدسا«
تشبه صرخة ماركس الشهيرة »أنا لست ماركسيا«، في اعتراضهما على »النيتشوية« و»الماركسية«.
وميزة فريدريك نيتشه، في قلبه لكل القيم، أنه رفض الصنمية، ونادى »بأفول الأصنام«، فالإنسان الكامل عند نيتشه هو الإنسان الأعلى الذي يجد ذاته بذاته، ويعرف نفسه كسيد لذاته. و»زرادشت« نيتشه لا يفرض تعاليمه على الناس، وأحب الأمور الى قلبه أن يقول لكل إنسان »كن ذاتك« ولا تترك ذاتك إلا لذاتك، وهو يدعو الى اكتشاف الإنسان الأعلى في ذوات البشر أنفسهم »ماذا؟ أتسعى الى أن تتضاعف عشر مرات، مئة مرة؟ أتبحث عن مريدين؟ فتش إذن عن أصفار!« (هذا ما يقوله نيتشه في كتابه »أفول الأصنام«). وهذا ما يقوله في أبيات شعرية أخرى بعنوان »اتبع نفسك تتبعني« في كتابه »العلم المرح«:
هل تتبعني وتأتي ورائي
مُغْوىً بأسلوبي واتجاهي
اتبع نفسك بإخلاص متأنيا
وبهذا فإنك تتبعني..
شجرة المعرفة ليست شجرة الحياة« كما يقول اللورد بايرون، ولأن اليقين أخطر من الكذب في ازاء الحقيقة.
يغلّب نيتشه في فلسفة الحياة الأرضية وأخلاقية الغبطة والمتعة الموقف الانطولوجي على الموقف الابستمولوجي، فيرفض النسقية والتمركز اللوغوقراطي (العقلاطي)، ويميز عالم الحق من عالم الحقيقة، أو بالأحرى حقيقة العالم، ويجرد الأخلاق من أخلاقية الخطيئة والتقليد والعادة.
وقد تناول الفكر العربي الكلاسيكي في مباحثه حول الوحدة والكثرة مسألة الاختلاف في مقالاته ومقولاته (الواحد والوحدة، والمختلف والمؤتلف، والهوية والغيرية، والأيس والليس، والحق والحقيقة) في المنطق، والكلام وعلم الأصول، والتصوف، والأدب. كقول أبي حيان التوحيدي »إعرف حقائق الأمور بالتشابه فإن الحق واحد ولا تستفزك الأسماء وإن اختلفت«. أو كقول النفري »كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة«. وكذلك إشكالية الحق والحقيقة، والناسوت واللاهوت، والحق والخلق، والظاهر والباطن الخ. إلا أن فلسفة الاختلاف الأنطولوجي بمعناه النسقي وإن كانت تدعي أنها فلسفة لا نسقية، لن تظهر إلا في العصور الحديثة.
وحب الحياة والمصير الأرضي، والدفاع عن العالم المحسوس ضد العالم الآخر، هي القضية التي آمن بها نيتشه حتى الثمالة. وقد غالى في هذا الأمرر حتى رفض روح الأخلاق والعلم والفلسفة والعقل..
ويلوح لنا أول هجوم ضد سقراط في كتابه »ميلاد التراجيديا«، وهو يهاجم في الحقيقة العقلية »المنطقية«، »النسقية«، والصورية، (العقلانية السقراطية) التي يرى فيها عقلانية صنمية، كابحة للغريزة لحساب العقل والفضيلة. يقول: هل يمكن لحمار أن يكون تراجيدياً؟... أن يهلك تحت ثقل لا يمكن حمله ولا الإلقاء به؟..
وموقف نيتشه من سقراط، كمواقفه الأخرى الكثيرة، تنضح بالسادية، فسقراط كان ينتمي بنظره، بالولادة، الى أكثر الدهماء دونية، كان منحرفا، وهجينا، ودميما، حتى قال غريب، خبير بالفراسة، لسقراط، مباشرة، إنه قبيح أو إنه ينطوي على أقبح العيوب وأسوأ الشهوات. وقد اكتفى سقراط بأن أجاب: »لشد ما تعرفني جيدا!« ألا ينم موقف نيتشه من سقراط عن أخلاقية الغل والضغينة أيضا؟!
هل كانت سخرية سقراط تعبيراً عن تمرد، كلا يقول نيتشه بل هي تعبير عن ضغينة عامية (أفول الأصنام). والسؤال المطروح،
ألم يدع سقراط الى معرفة الذات (إعرف نفسك)، وألم ينطوِ موقفه من المعرفة السلبية (المايوتيكية) على موقف ما لا يعترف فيه نيتشه لسقراط بحق الاختلاف؟
ومن جهة ثانية، ألم يكن ثمة حاجة ملحة للمفهوم والماهية التي تتعين بها المعرفة قديما وحديثا، وهل يلغي الشعر العلم، والغبطة الأخلاق (بمعناها العلماني، والوجودي)
بقلم : وحيد
http://www.jazan4u.com/vb/showthread.php?t=9978

قديم 01-17-2011, 11:34 PM
المشاركة 22
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



* فرويد والتحليل النفسي الذاتي
كالحاخام يحق له ما لا يحق لغيره تخطى فرويد العديد من القواعد التي وضعها هو نفسه للتحليل ولممارسته. من هذه المخالفات قيامه بتحليل إبنته آنا وخوضه في حينه صراعا" حول أهلية غير الأطباء لخوض العلاج التحليلي كممارسين وذلك بهدف ادخال ابنته آنا إلى دائرة المعالجين. لكن المخالفة الأكر كانت تحليل فرويد لذاته ففي حين وضع فرويد شرط خضوع المعالج نفسه للعلاج حتى يسمح له بممارسة التحليل نلاحظ أنه لم يخضع نفسه لمثل هذا العلاج بل اكتفى بتحليل نفسه بنفسه.
حول هذه المخالفة انقسمت آراء المحللين وتباينت مواقف المتخصصين في العلوم النفسية عامة من هذه المخالفة. وبشكل عام فإن هذه الآراء والمواقف توزعت بين التأييد وبين المعارضة. المؤيدون وعلى رأسهم كارين هورني يرون أن التحليل الذاتي قد يكون وسيلة لنشر التحليل تمهيدا" لافادة أعداد أكبر من الناس منه.

المعارضون يرون في مخالفات فرويد خروجا" عن الطريق القويم. وهم ينطلقون من عدم خضوعه للتحليل ليربطوا بينه وبين أخطائه في علاج حالة دورا مثلا". حيث يطرحون السؤال: ماذا كان فرويد يريد من دورا عوضا" عن السؤال التقليدي :ماذا كانت دورا تريد من فرويد؟
هذه الآراء هي موضوع كتاب فرويد والتحليل النفسي الذاتي.
يقسم هذا الكتاب إلى ثلاثة فصول هي:
1-فرويد وتحليل لذاته: وفيه ينابيع التحليل النفسي (البدايات الأولى) ثم ولادة التحليل النفسي وأخيرا" تفسير الأحلام.

2- مبادئ التحليل النفسي: وفيه الجهاز النفسي والغرائز والوظيفة الجنسية وملحق لتفسير الأحلام. يلي ذات المهام العملية وفيه فن التحليل النفسي ونهج العمل التحليلي ومن ثم المحصول النظري حيث يشرح المؤلف علاقة الجهاز النفسي بالعالم الخارجي والعالم الداخلي.
3- تطبيقات التحليل الذاتي: وفيه التحليل الذاتيوحدود قدراته وقواعد التحليل الذاتي ومبادئه ومتى نلجأ للتحليل الذاتي ومثال تطبيقي على التحليل الذاتي وأخيرا" آفاق التحليل الذاتي.
المؤلف أراد فقط أن يقدم للقارئ رأي أحد التيارات التي تعتمد التحليل الذاتي مقدما" لهذا القارئ إمكانيات التعرّف إلى هذا الأسلوب للعلاج الذاتي.
وهو يطرح إشكاليات العلاج التحليلي ومعوقاته طارحا" التحليل الذاتي كواحد من أقرب الحلول لتخطي هذه الاشكاليات. بداية فهو يعتمد تبسيط مبادئ التحليل ومنطلقاته النظرية وصولا
" إلى توضيح أسلوب تطبيق التحليل الذاتي.
بقلم : وحيد

http://www.jazan4u.com/vb/showthread.php?t=9978

قديم 01-17-2011, 11:38 PM
المشاركة 23
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي




* مهمة الفلسفة الأولى
يقول الكاتب السعودي عبدالله المطيري
تمتاز المعرفة الفلسفية عن غيرها من المعارف بأنها معرفة جذرية برهانية. والمقصود بجذريتها هنا هو أنها تبحث دائما في أصول الأشياء والأفكار ولا تقبل من نص يدعي الفلسفية إلا أن يلتزم بهذا الشرط.
أما برهانية المعرفة الفلسفية فتعني أنها معرفة تقوم على البرهنة المكشوفة على أفكارها وهذا يعني أن تكشف عن أصولها ومنطلقاتها الأولى وأن لا تستند على مسلمات مضمرة مسكوت عنها ، برهانية الفلسفة هي برهانية عقلية باعتبار أنها إنسانية ولا تقبل مصدرا آخر وباعتبار أن عملية البرهان لا بد أن تستند إلى قدرة التدليل والإقناع عند الإنسان وهي القدرة العقلية .
وهنا نصل إلى أن برهانية الفلسفة وجذريتها صفتان متلازمتان لا تتحقق إحداهما إلا بالأخرى.
المعرفة الفلسفية أيضا معرفة ذاتية ، بمعنى أنها المعرفة التي يتوصل لها الفيلسوف انطلاقا من عمله الذاتي الخاص ومن تصوره الخاص للمعرفة وهذا لا يعني ألا يطرح فكره بشروط موضوعية ولكنه يعني أن التجربة الفكرية الأولى والأساس هي تجربة ذاتية ، فالفلسفة معرفة إنسانية ولا مصدر لها من الخارج إلا من خلال تفاعل الإنسان مع ما حوله أي أنه لا مصدر مطلقا ونهائيا للمعرفة الفلسفية من خارج الإنسان ذاته باعتبار أنه مصدر أولي يصادر ويقضي على الشرط الأول للفلسفة وهي أنها فلسفة جذرية ، فالجذرية هنا تعني العود المستمر للبداية، للنقطة الأولى لرسم طريق جديد يسمى فلسفة.
من هاتين المقدمتين يمكننا القول إن المهمة الفلسفية الأولى هي فحص معرفة الذات فحصا جذريا أي إنها العودة إلى المعرفة الذاتية الخاصة وفحصها من جديد من خلال إخضاع ما فيها من معرفة للشك الجذري الصارم. يجب أن ينجز الفيلسوف هذه المهمة ولو مرة واحدة في تجربته الفلسفية، بل إن تجربة الشك هذه ستصبح هي تجربته الفلسفية الحقيقية. هذه العودة إلى نقطة الصفر مع الذات أساسية لعدة أهداف من أهمها أن هذه العملية هي التي ستكفل للفرد أن يتجاوز الحجب التي بينه وبين الحقيقة ، كل الحواجز التي تفصل بينه وبين معرفته الخاصة. هذه الحجب والحواجز هي المعرفة التي أنتجها الآخرون. والحقيقة لا يمكن أن تكون حقيقة إلا إذا كانت حقيقتك الخاصة.ليس شرطا أن تكون أنت من أنتجها ولكن لتكن حقيقة يجب أن تصل معها إلى قناعة ذاتية عالية.وهذه القناعة لا تتحقق إلا إذا انكشفت على أصول الأشياء والأفكار. بيننا وبين الأشياء التي حولنا والأفكار والآخرين حواجز كثيرة.بيننا وبينهم ركام هائل من الأفكار والمعارف والمقولات والعادات الفكرية والتعود الطبيعي ما يجعلنا لا نستطيع أن نراهم بشكل جيد. نحن كمن يعيش داخل غابة كثيفة لن يتحقق له رؤيتها بشكل واضح وكلي إلا بعد أن يخرج منها. يخرج منها ليراها ويتصل بها من جديد.


قديم 01-17-2011, 11:40 PM
المشاركة 24
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



* الفلسفات الكبرى
الفلسفات الكبرى في التاريخ هي تلك الفلسفات التي استطاعت أن تنشئ تصورا جديدا للمعرفة وأساسا لها خاصا بهذه الفلسفة. وهذا ما حدث في التاريخ في أكثر من تجربة، نعلم أن أفلاطون قدم للعالم تصورا عن المعرفة والوصول إليها جديدا وكذلك فعل أرسطو وديكارت وكانط وهوسرل وهايدجر وعدد آخر من الفلاسفة. كل من هؤلاء لم يرض بما أسس من قبله وقام بإعادة التأسيس من جديد، ونعلم أن المعرفة البشرية حققت معهم دفعات هائلة للأمام.
من يستطع أن يتصور هذه المهمة يعلم أنها مهمة عسيرة وهائلة ولكنها ممتعة وحقيقية، فانشغال الإنسان بنفسه وإعطائها كل هذا الاهتمام والجهد هو ذو ثمار كبيرة أهمها ثمرة التعرف على الذات ، التعرف الذي يتحقق معه تلك القدرة على الاكتفاء بالذات والاطمئنان إليها ، تلك المعرفة التي تحقق للفرد توازنا يحفظ له القدرة على الاستمرار في مسيرة الحياة ويحميه من الوقوع في براثن الآخرين. أما صعوبة هذه العملية فهي ناتجة بسبب أن الفرد لا يصل إلى الوعي بأهمية هذه المهمة ، أي مهمة العودة إلى لحظة الصفر المعرفية إلا بعد أن يكون قد تشرب المعارف السابقة وتمكنت منه وهو بهذا يواجه كيانه المعرفي كله ، كيانه الذي يرى من خلاله ذاته والعالم من حوله ، كيانه الذي هو وجوده. هذه المهمة إذن تتطلب واجب مواجهة الوجود الخاص ،الوجود الذي هو حتى الآن من صنع الآخرين ، من تشكيلهم هم وأنا فيه كالغريب. إن هذه المهمة هي استعادة السكن في العالم الخاص. المهمة التي تتطلب تفكيك البيت الأول، بيت الآخرين ، وبناء البيت الخاص مكانه.أليست مهمة بناء منزل خاص مهمة أساسية دائما؟!
وإذا كانت المهمة السابقة هي مهمة الفلسفة الأولى فإنها بتصور أخف مهمة الفرد الحر العاقل المتمكن من أدوات المعرفة أيضا. فالفرد الذي يريد أن يعيش بحرية واستقلال لا يمكن له أن يتجاوز هذه المهمة أيضا. باعتبار أنه لا يمكن أن يحقق الفرد تحررا حقيقيا في سلوكه وآرائه وقناعاته دون أن يلتفت أيضا ، بإنصات وبتعمق لما لديه من معرفة سابقة. فالمعرفة السابقة التي اكتسبناها من التربية والدراسة والحياة العامة هي النظّارات التي نرى من خلالها كل شيء ، كل شيء يأخذ قيمته من خلال هذه المعرفة وبالتالي فإن كل عملية تحرر واستقلال لن تكون حقيقة دون نزع هذه النظارات والنظر بالعين الخاصة. العين التي قد لا تكون جاهزة في البداية بشكل واضح ولكنها ستقدر على الرؤية بوضوح مع استمرار الجهد في تشكيلها. في هذه اللحظات تكون لي عيني الخاصة ورؤيتي الخاصة التي أعبر من خلالها عن حريتي الحقيقية.
بالطبع لا يستطيع الإنسان أن يخرج عن مشاركة الآخرين في المعرفة وتجربة الحياة ولا يستطيع أن يشكل تجربة خاصة لا يكونون مشاركين فيها هذا صحيح ولكن المقصود هنا هو أن يتوفر الفرد على وعي أساسي بطبيعة المعرفة التي يمتلكها وعن حاجتها المستمرة والدائمة للمراجعة والفحص ، أن يملك منها وعيا يحدد له باستمرار دوره فيها. هل معارفي التي أعيش بها ، هي معارف أنا أنتجتها أو أخذتها عن قناعة ووعي وفهم إنها تلك التي أدخلت إلى عقلي منذ البداية وما أنا إلا وعاء لها ، أعيش بها وأنا غريب عنها غربة ستنعكس بالتأكيد على تجربة العيش والحياة بالتأكيد.
عملية العودة إلى الذات لمراجعة ما فيها من معارف مهمة تحتاج أساسا إلى شرط الانفتاح ، الانفتاح الذهني والروحي.
هذا الانفتاح هو الذي سيدخل المعرفة الخاصة في سوق المعارف لتبدو شريكة في الساحة وهذا تطور كبير جدا باعتبار أن الفرد يرى أن معرفته الخاصة ..
وهي معرفة تمتاز عن معرفة من يختلف معهم بأنها صادقة تماما وحقيقية وأنها أفضل المعارف وأوثقها ويعجب أن البقية لا يسيرون بهداها.
هذا هو الموقف السائد والدارج وعملية الانفتاح هي عملية تقضي على هذا الحاجز والعائق الكبير فمع الانفتاح تصبح المعرفة الخاصة جزءا من المعرفة الكبيرة العامة
وتحقيق هذا الشعور بالمشاركة سيفتح بالتأكيد فرصة للتواصل مع المعارف الأخرى التي ستتفاعل مع المعرفة الخاصة لتخرجها من حالة الركود والسكون إلى حالة الحركة والتفاعل.
الانفتاح إذن هو الفضاء الذي تتم فيه المهمة الأولى. وعلى قدر وعي الفرد بأن هذه المهمة هي المهمة الأهم والأجمل والأغنى في الحياة تكون النتائج المثمرة عنها.
بقلم : الكاتب السعودي عبدالله المطيري

قديم 02-05-2011, 05:04 PM
المشاركة 25
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



* الفلسفة المثالية
الفيلسوف إنسان يستطيع أن يعبر عن أفكاره بشكل منظم ، بعيداً عن الانفعال والفوضى والغوغائية . أما المثقف فهو فيلسوف اتخذ لنفسه رؤية خاصة تجاه الأشياء .
تعد الفلسفة المثالية من أقدم الفلسفات في الثقافة الغربية ، وقد ولدت على يد أفلاطون قبل الميلاد وشاعت في القرنين الخامس والسادس عشر .
- اسمها مشتقٌ من المثال ويعني في الإغريقية الصورة أو الفكرة .
- تركز الفلسفة المثالية على دراسة الأهداف الأخلاقية السامية .
- تقوم على تمجيد العقل والروح معاً ، وتقلل من دور المادة .
- تؤمن بأن العالم الذي نعيش فيه عالم فانٍ ، ويقابله عالمٌ مثالي لا وجود له على الأرض .
- تؤمن بوجود قيم ثابتة لا تتغير ، ولا يجوز الشك في صحتها .
- الحقيقة النهائية في نظر المثاليين هي الحقيقة المطلقة وتكتشف عن طريق العقل الذي يعتبر مصدراً للمعرفة .
- حياة التفكير والتأمل عندهم هي المثل الأعلى للحياة الإنسانية .
- ترى أن المجتمع يتكون من طبقتين هما : المفكرون والعمال .
- تنظر الفلسفة المثالية إلى التربية على أنها إعداد للحياة ، وهذا يميزها عن الفلسفة البراجماتية التي ترى أن التربية هي الحياة ذاتها .
- المادة الدراسية في رأي المثاليين تمثل محور العملية التربوية ، وترى أن الهدف من طرق التدريس هو ملء أدمغة التلاميذ بالحقائق المطلقة .
أبرز فلاسفتها : أفلاطون وهو الأب الحقيقي لها , رينيه ديكارت ، إيمانويل كانت ، سينوزا ، باركلي .
* أفلاطون
هو تلميذ سقراط ، ألف كتاب ( الجمهورية ) ، وكتاب ( القوانين ) .
كتاب الجمهورية
.وصفه جان جاك روسو بأنه أجمل ما كتب في التربية ، ومما جاء فيه :
- الفرد والأسرة مسخران للدولة .
- المرأة مساوية للرجل .
- تحدث فيه أفلاطون عن الرقابة المالية ومحاربة الفساد .
- قسم المجتمع إلى ثلاث طبقات ، هي:
* طبقة الحكماء والفلاسفة ، وهي طبقة عالية الثقافة.
* طبقة المحاربين.
* طبقة العمال.
- اهتم أفلاطون بصحة الجسد وبالموسيقا والرياضة والفن .
- دعا إلى احترام الشعراء وتقديرهم ؛ لأنهم يعبرون عن المشاعر الإنسانية الشريفة .
- يرى أن كل المحسوسات ماهي إلا ظلال زائفة يقابلها حقائق ثابتة في عالم الأفكار ، وهذا
يتضح في حديثه عن الخروج من عتمة الكهف.
- عندما حوكم أستاذه سقراط وأُعدم بتجرع السم كتب مرافعة عنه وخمساً وثلاثين محاورة
احتفظ بها في حديقة أكاديموس خارج أثينا ، وكان المثقفون يرتادون الحديقة لقراءة أفكار أفلاطون ومناقشتها ، ومن هنا جاءت كلمة "أكاديمي وأكاديمية"
كتبه : د. محمد الجاغوب

قديم 02-05-2011, 05:06 PM
المشاركة 26
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي




** الفلسفة المثالية والدين
يتسائل المرء عن أشياء كثيرة في هذا العالم، ولعل أكثر الأسئلة تتمحور حول ذات الله وحول القدر والحياة والموت وما بعد الموت. وقد يمضي الإنسان حياته يفكر في هذه الأمور ليصل إلى إجابات يقينية محددة .. فهل سنجد يوما من يجيبنا عن تلك الأسئلة؟
بكل بساطة، الجواب: كلا. فإذا كان الإنسان ذو عقل محدود و لم يُتح له من العلم إلا القليل، فكيف سيصل بفكره و فلسفته إلى المعرفة المُطلقة؟ هل سيخترع عقلا جديدا لا تحكمه قوانين الكون (المحدودة) التي وضعها الله تعالى؟
- إذن فالعقل لا قيمة له ?
بالعكس، فاقرأ حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: “ما خلق الله خلقاً أكرم عليه من العقل” أخرجه الترمذي.
هل هناك ضرورة مثلا لأن يتجلى لك الله لكي تعرف أنه موجود؟ فقد هيّأ الله سبحانه و تعالى للعقل أمورا كثيرة تجعله يستنبط منها دون عناء أن هناك خالق ما للكون.
فالعقل مهما كان بسيطا فإنه يعرف أن لا شيىء يأتي من العدم، و أن لكل شيىء بداية و نهاية، و لا جدال في هذا. إذن ما بداية الكون، و من أين أتى؟
بالطبع قد تقول إن الماء جاء عندما اجتمع الأوكسجين و الهيدروجين، فلابد أن الكون أتى بطريقة مماثلة عند حدوث شيىء ما، كـ Big Bang مثلا. لكن لا تنسى أن قبل وجود عالمنا هذا لم يكن هناك شيىء! أول البداية كانت من العدم.
- العقل برؤية أعمق
يتفق العلماء أن ما نراه في العالم الخارجي من أشياء ناتج عن إنعكاس الضوء إلى شبكة العين. و قد نتج عن هذا الإكتشاف تساؤل مهم: ما الذي يؤكد مادّية العالم الخارجي من حولنا؟ حسنا هذا السؤال لا يمكن الإجابة عليه بهذه البساطة إلا إذا فهمنا آلية عمل العقل.
بداية علينا أن نحدد وسائل الإتصال التي تربطنا بالعالم الخارجي لكي نعي حقيقة هذا العالم. فوسائل الإتصال هي: السمع و البصر و اللمس و الشم و النطق. إذن هي الحواس الخمس. العقل هو الذي يدير تلك الحواس، عن طريق شكبة معقدة جدا من الأعصاب، تربط بين الحواس و بين العقل. لذلك تستطيع أن تقول أن العقل – كفكرة – يمكن تشبيهه باللوحة الأم (motherboard) في الحاسوب، حيث يقوم بكل العمليات الإدارية، و من دونه لا يكون للحاسوب معنى.
تم تحديد وسائل الإتصال بالعالم الخارجي و الآن إسأل نفسك: ما الذي يؤكد لي أن ما تنقله إليّ الحواس حقيقيا؟ فأنت مثلا ترى العصفور، و لكن لو جئت لتدقق في حقيقة ما تراه ستكتشف أن العصفور ليس إلا صورة تراها أنت في دماغك، نتجت عن إنعكاس الضوء المنبعث من العصفور. فالعصفور موجود لكن ليس بالضرورة أن يكون موجودا فعليا، و ليس هناك ما يؤكد ذلك.
هذا بالنسبة للرؤية. و قد تصادف أن تلمس عصفورا بيدك و تسمع صوته و تشم رائحة ريشه … نعم لكن يؤسفني أن أخبرك أن هذا لا يؤكد وجود العصفور. فما تشعر به عندما تلمس العصفور ليس إلا شعورا يُوجده الدماغ نتيجة لإشارات عصبية آتية من الموضع الذي تملس من خلاله العصفور.
إذن كل شيء ناتج عن الإشارات العصبية، سواء ما تسمع أو ما ترى أو ما تلمس … و كل ما تشعر به ناتج عن تحليل الدماغ لتلك الإشارات، و هذا التحليل يحدث داخل الدماغ فقط!
إستنادا على ما يؤكده العلم لنا فيما يخص الدماغ، فإنه ليس هناك ما يؤكد أن العالم الخارجي حقيقي أو موجود حقا. وإن ما نراه ونشعر به هو مجرد أفكار ناتجة عن إشارات يحلّلها الدماغ. لذلك يمكن أن تشبه الواقع بالمنام، لأن كلاهما عبارة عن أفكار تسري في دماغك. و لفهم هذا أكثر، يمكن إجراء التجربة التالية.
هب أنه تم فصل الدماغ عن الجسم، و هُيئت له ظروف العيش، فإنك قادر مثلا أن تبعث إليه -عن طريق الحاسوب- إشارات عصبية شبيهة بالتي تبعثها إليه أعصاب العين و اليد و غيرهما. و سيبدأ الدماغ بتحليل تلك الإشارات تماما كأنه لازال موجودا داخل رأسك يسمع و يرى .. و يمكن تشبيه العملية بالتلفاز الذي يُرسل إليه الطبق اللاقط (dish) إشارات تجعله يبث لك الصور.
هذه التجربة تستدعي الإجابة عن سؤال مركزي. إذا كان الإنسان هو من أرسل الإشارات العصبية من الحاسوب إلى الدماغ أثناء التجربة، فمن يرسلها إلى الدماغ في حياتنا اليومية؟
- هل هناك دماغ؟
بما أن معرفتنا بالدماغ ليست إلا نتيجة لرؤيتنا له بالعين المجردة، فإنه أيضا يقع تحت دائرة الأشياء التي لا يمكن تأكيد وجودها.
الله مصدر الإشارات العصبية
يمكن أن يُعد العقل \ الدماغ مظهرا من مظاهر الروح، و أنه يستمد الإشارات العصبية من الله مباشرة، و أن ليس هناك شيىء إسمه مادة – كما يدّعي الماركسيين و دعاة الفلسفة المادية (materialism) .. وأن العالم الخارجي ليس إلا عالم نشعر به في داخلنا. و يستند البعض في ما طرحته آنفا إلى قوله تعالى: و لقد خلقنا الإنسان و نعلم ما توسوس به نفسه و نحن أقرب إليه من حبل الوريد (ق 16) و إلى آيات عديدة أخرى تلوّح للمعنى نفسه.
و تستطيع أن تنظر إلى الجنة و النار من هذا المدلول، فإن الجنة عالم تعيشه في خيالك مثلا، وإن النار عذاب ناتج عن إشارات عصبية تحوّل حياتنا إلى جحيم.

المصدر : http://www.aouniat.com/2008/04/06/philosophy-of-idealism.html

قديم 02-05-2011, 05:09 PM
المشاركة 27
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



** العقلانية: جدل الفلسفة والدين
د.محمد عثمان الخشت**

التعريف:
يناقش مفهوم العقلانية في الساحة الفكرية عادة تحت وطأة الجدل السياسي حول العلمانية والدين، حيث يحتكر الطرف العلماني الحديث باسم العقلانية في حين يبدو وكأن الطرف الذي يدافع عن الدور الفعال للدين في المجال العام بدوائره المختلفة يقف موقف التحفظ من العقلانية إن لم يكن العداء لها، وفي حين يرفع الفريق العلماني شعارات الاستنارة ويتهم خصومه بالرجعية والظلامية والدوغمائية بل والتمسك بالخرافة، يتهم الفريق المنافح عن الدين معارضيه بالاستهانة بالغيب والوحي وتقديم العقل على النص والرغبة في التحلل من القيم الأخلاقية والقواعد الشرعية.
هذا الجدل يحتاج لكسر حلقته المفرغة، ومفهوم العقلانية المختطف من فريق والمضطهد من فريق آخر يحتاج لاستنقاذ، ولن يمكننا أن نقوم بذلك بدون تحليل فلسفي عميق للمفهوم، وهو ما سنسعى إليه هنا.
وبداية نقول إن العقلانية ليست مذهبًا مغلقاً يضم فريقاً من الأنصار، مثلما الحال مع الماركسية أو الوجودية أو الليبرالية مثلاً، بل هي نزعة ومنهج في التفكير ينحو إليه المفكرون والفلاسفة بل والفقهاء داخل منظوماتهم ومذاهبهم الفكرية أو الفلسفية أو الشرعية، مُولِين العقل مكانة محورية سواء في نظرية المعرفة أو في فهم العالم، أو -في حالة الفلسفة والفقه الإسلامي- في تحكيم الشرع والاجتهاد في فهم الوحي وتنزيله وتطبيق السنة، وتأصيل بعدهما الإنساني والاجتماعي فيما وراء سياقهما التاريخي.
فالعقلانية اقتراب فكري يعتبر العقل مركزيًّا في توليد المعرفة الصحيحة. ويتحدد معنى "العقلانية" المقصود بحسب المجال: نظرية المعرفة، الدين، علم الأخلاق، المنطق، العلم الطبيعي والرياضي. لكن الاستخدام الأكثر شيوعاً للكلمة يتعلق بنظرية المعرفة واقتراب التعامل مع الدين (وحياً ونبوة) كمصدر للمعرفة.
أما معنى العقلانية في مجال نظرية المعرفة فهو ذلك المذهب الذي يرى أن المعرفة اليقينية لا بد أن تكون أولاً: كلية بحيث تشمل القضية جميع الحالات الجزئية، وثانياً: ضرورية بحيث تلزم النتائج عن المقدمات لزوماً ضروريًّا. وترى العقلانية الفلسفية أن الكلية والضرورة كصفتين منطقيتين للمعرفة الحقة لا يمكن أن تستنتجا من التجربة فقط، وأن عموميتها تستنتج من العقل نفسه: إما من التصورات المفطورة في العقل (مثل نظرية الأفكار الفطرية عند ديكارت)، أو من التصورات الموجودة فقط في صورة الاستعدادات القبلية للعقل التي تمارس التجربة تأثيرها المنبه على ظهورها، لكن سمة الكلية المطلقة والضرورة المطلقة تعطى لها قبل التجريب الواقعي، وأحكام العقل والصور القبلية مستقلة بشكل مطلق عن التجربة (كما عند الفيلسوف الألماني كانط Kant). بهذا المعنى تقف "العقلانية" كفلسفة وكمنهج في مواجهة "التجريبية" التي ترى أن المعرفة اليقينية تنبع من التجربة لا من العقل. وهكذا فإن تميز العقلانية يتمثل في كونها تنكر قضية أن الكلية والضرورة تنشآن من التجربة.
وأما فيما يتعلق بالموقف من الدين؛ فيشير وصف العقلانية إلى أصحاب رؤى متعددة وبالغة التفاوت بما يصعب معه -كما ذكرنا- اعتبارهم مذهبا أو مدرسة فكرية متجانسة، فمنهم القائل بأن المذاهب الدينية ينبغي أن تختبر بمحك عقلي. أو يشير الوصف أحياناً للقائلين بأنه لا يجوز الإيمان بخوارق الطبيعة، وهذا المعنى الأخير لا ينطبق على كل العقلانيين؛ لأن منهم من يقبل المعجزات ويسوغها عقلانيا مثل الفيلسوف ليبنتز، وأيضاً يطلق وصف العقلانية على الذين يقبلون المعتقدات الدينية لكن بعد اختبارها اختبارا عقليًّا، كما يطلق على المؤمنين الذين يفسرون الدين في ضوء العقل ويعتبرون أنهما لا ينفكان عن بعضهما البعض.
فالعقلانية ليست بالضرورة ضد الدين، فهي تيار واسع ومتنوع المشارب ومتفاوت فيما ينطلق منه من مسلمات وينتهي إليه من نتائج. وعلى سبيل المثال اعتقد اثنان من العقلانيين اعتقادات متناقضة تماماً وأخذ كل منهما موقفاً مختلفاً عن الآخر بالكلية بشأن علاقة الدين بالعقل، ففي حين رأى لوك Locke (1632- 1704) أن المبادئ الإلهية والأخلاقية قابلة لإقامة البرهان العقلي عليها، فإن هيوم Hume (1711-1776) أنكر ذلك، أي قال بأنها غير قابلة للبرهنة.
فيجب عدم الخلط –كما هو الحال في بعض الكتابات- بين العقلانية والتجريبية واختزالهما معاً باعتبارهما يمثلان المذهب الوضعي بالمعنى الذي يقابل الغيبي أو الديني، إذ إن العقلانية تؤمن بأفكار عن الفطرة العقلية والرشد العام والمشترك في حده الأدنى بين الناس وهي أفكار من قواعد وأسس التكليف في المنظور الشرعي وعليها تنبني المسئولية الفردية عن التزام التوحيد، بل هي مناط العبودية والحساب. فالتصنيف أعقد من ثنائية الوضعي في مقابل الديني التي نجدها في معظم الكتابات الإسلامية السائدة والتي قليلاً ما تدرس المناهج الفلسفية أو تدرك تركيبها وتنوعها بالعمق الذي فهمها به السلف من الفقهاء أو الفلاسفة المسلمين.
فقد أكد بعض علماء السلف على موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول مثل ابن تيمية، بينما انحرف بعضهم بالعقل في موقفه من الدين مثل أبي بكر الرازي.
وجدير بالذكر أن مصطلح العقلانية كان يستخدم في الفلسفة الغربية الحديثة لوصف الاتجاه المعارض للكهنوت المسيحي والدين، ولا يزال البعض يستخدم العقلانية –خطأ- لتعني معنى متماثلا مع العلمانية أو مع الإلحاد. لكن من وجهة نظر علمية بحتة لا تعني العقلانية بالضرورة هذه المعاني المعادية للدين، بل تحدث عن التوفيق بين العقل والنقل فقهاء المسلمين قبل ظهور العلمانية الغربية وأطروحاتها العقلانية التي كان هدفها التشكيك في المعرفة الدينية وتهميش دور الكنيسة المعرفي ودعم التفكير العلمي الطبيعي والوضعي إبان عصر النهضة. ويمكن القول إن موقف ابن تيمية في كتابه "درء تناقض العقل والنقل" دليل أن العقل الصريح والعقلانية الصريحة لا تدل في حد ذاتها على موقف معاد للدين، ودليل على موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول في الفقه الإسلامي.
لا ينفي هذا أن بعض العقلانيين كانوا بوضوح ضد الدين، لكن لا شك أيضا أن البعض الآخر يؤمنون بالدين، ويضعون الله تعالى في قلب منظومتهم الفلسفية، ويؤمنون بالوحي ويسعون للتوفيق بين العقل والنقل بطرق مختلفة. بل نجد فلاسفة يذهبون إلى أن النهضة الفكرية والمدنية والحضارة لا تقوم بدون الدين، فجيمس ميل (والد جون ستيوارت ميل) والذي كان من أقطاب التنوير في أسكتلندا، يؤكد على الربط بين العقل والدين من ناحية والدين والمدنية والفضائل المدنية من ناحية أخرى، ونجد جون لوك يؤكد على أن من لا دين له لا أمانة له، ولا يمكن الثقة به اجتماعيًّا، وغيرهم كثير.
وعلى أساس هذا التمييز بين الرؤى المختلفة سوف نتناول رؤى العقلانية موضحين طبيعة الاختلافات بين المدافعين عنها.

قديم 02-05-2011, 05:12 PM
المشاركة 28
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



** نشأة وتطور العقلانية
العقلانية تيار له تاريخ طويل، وهي موقف لقطاع كبير من المفكرين، ولها جذورها في الفكر الشرقي القديم، لا سيما في مصر والهند. وقد بدأت كتيار فلسفي في الفلسفة اليونانية، مع سقراط، وأفلاطون. ولقد حاول بعض الفلاسفة المسلمين توظيف العقل للتعبير عن العقائد والأفكار الإسلامية وللدفاع عنها ضد المهاجمين لها، مثل الكندي والفارابي وابن سينا؛ الذين سعوا للتوفيق بين الدين الإسلامي والعقلانية اليونانية. وقد ذهب ابن رشد إلى أن العقل هو الأساس، وإذا ما وجِد بينه وبين الوحي تعارض، فإنه ينبغي تأويل الوحي بما يجعله متفقاً مع العقل.
وفي العصر الوسيط الأوربي كانت العقلانية تتحرك داخل الدين، واتخذت عقائده مسلمات مطلقة، وصار العقل خادما للاهوت المسيحي، سواء لاهوت الأرثوذكسية اليونانية أو لاهوت الكاثوليكية الرومانية. واعتبر العقل أداة للدين، مثلما هو الحال عند أوغسطين (354-430)، وأنسلم (1033-1109)، وتوما الأكويني Aquinas Thomas (1225-1274)؛ حيث كانوا يوظفون الفكر الفلسفي في تبرير العقائد المسيحية، والدفاع عنها ضد الشبهات والانتقادات.
وفي مطلع العصر الحديث، جاء ديكارت الذي يعده الكثيرون أبا للعقلانية الحديثة؛ لأنه -من وجهة نظرهم- انطلق من الفكر العقلاني الخالص كمقدمة أولى استنبط منها الحقائق اليقينية. لكن من وجهة نظرنا أن ديكارت يعود إلى وجهة نظر القديس توما الأكويني Aquinas Thomas (1225-1274) في موقفه من الوحي المسيحي Christian Revelation بوصفه مهيمنا على العقل.
وقد ذهب سبينوزاSpinoza ( (1677-1632 إلى القول بمذهب وحدة الوجود؛ أي أن الله والعالم جوهر واحد. ووصل إلى ذلك بطريقته الاستنباطية العقلية الهندسية المعروفة عبر سلسلة من الاستدلالات. ومن العقلانيين في القرن السابع عشر: جولينكس Geulincx (1624-1669)، ومالبرانش Malebranche (1638-1715)، وغيرهما من صغار الديكاراتيين.
ومن أهم الفلاسفة العقلانيين في القرن السابع عشر الفيلسوف الألماني ليبنتز Leibniz (1646-1716)، الذي ذهب إلى وجود توافق تام بين الحقيقة الدينية والحقيقة العقلية؛ ولا مجال عنده لأي نــوع من التنافر بين كنههما؛ فالحقيقتان منسجمتان، لكن أسلوب التوصل إلى الحقيقة الدينية مغاير لأسلوب التوصل إلى الحقيقة العقلية؛ فالأسلوب الأول هو الوحي الخارق للأساليب الطبيعية، بينما الأسلوب الثاني هو الاكتساب العقلي المؤسس على طرق طبيعية. وهكذا ثمة طريقان أو أسلوبان، لكن الحقيقة واحدة تأخذ تارة اسم الحقيقة الدينية تبعا لمنهج التوصل إليها، وتأخذ تارة أخرى اسم الحقيقة العقلية تبعا لمنهج التوصل إليها. وانطلاقا من هذا التوافق بين الحقيقتين يؤسس ليبنتز الإيمان على العقل، مع أنه في أحيان كثيرة يرفع الإيمان فوق العقل ويعتبر العقل عاجزا عن فهم العقائد الإيمانية.
وإذا انتقلنا إلى القرن الثامن عشر نجد هيوم وهو نموذج من الفلاسفة الذين تناولوا بالنقد مفهوم الدين، لكنه نموذج معاكس لديكارت، وهو عقلاني في مجال الدين، أما موقفه من نظرية المعرفة فمحل خلاف. ونكتفي هنا ببيان أن موقفه من الدين موقف نفي وإنكار لأي شكل من أشكال الدين.
وظهر في القرن نفسه الفيلسوف الألماني كانط الباحث عن منجى للإيمان، وطور مذهباً فلسفيًّا في الإيمان الأخلاقي، وذلك طبعاً على حساب إيمان الوحي. وعندما جاء هيجل وحد بين موضوع الفلسفة وموضوع الدين، حيث قال: إن الموضوع واحد، وهو المطلق أو اللامتناهي، لكن الخلاف بينهما يكمن في شكل التعبير، ففي حين تعبر الفلسفة بشكل فكري مجرد، يعبر الدين بشكل مجازي. ذلك أن الروح يرتدي في الدين شكلا خاصا يمكنه أن يكون ملموسا، ويتخذ التمثيل أو المجاز مقرا له، بينما الروح في الفلسفة تتخذ الفكر مقرا لها وتعبيرا عنها. وبهذا تختلف الفلسفة عن الدين، رغم أن المضمون مشترك وموحد فيهما.
وفي القرن الـ 19 اتخذت العقلانية شكل المثالية المطلقة عند هيجل Hegel (1771-1834م) الفيلسوف الألماني، وهو من أكبر الفلاسفة في التاريخ، ويذهب إلى أن الوجود في حقيقته روح مطلق يتطور في التاريخ تطوراً جدليًّا. فهيجل يرى أن الروح اللانهائية أو الفكرة المطلقة غير المحدودة حقيقة وأساس الوجود، وليس المادة. لذا فإن هيجل ضد الماديين الذين يعتبرون أن المادة أصل الوجود، فالمادة عند هيجل ما هي إلا تجلٍّ من تجليات الروح. ويرى هيجل أن للكون روحاً واحدا يتجلى في عدة مراحل متتالية؛ حيث تنتقل الفكرة إلى نقيضها، ثم يتصارع النقيضان ويتفاعلان، وينشأ عن هذا فكرة جديدة مركبة من الفكرة ونقيضها، وتستمر الحركة حيث تمر الفكرة الجديدة بالمراحل الثلاث السابقة نفسها وهلم جرا. ومن هنا ففلسفة هيجل مذهب في وحدة الوجود. وقد وحد بين موضوع الفلسفة وموضوع الدين، وهو المطلق أو اللامتناهي. لكن الخلاف بينهما يكمن في شكل التعبير، فالفلسفة تعبر بطريقة فكرية مجردة، والدين يعبر بشكل مجازي. وبهذا تختلف الفلسفة عن الدين، رغم أن المضمون مشترك وموحد فيهما.
ونظرا لاختلاف العقلانيين في تصورهم لطبيعة العقل، ومن ثم اختلافهم في النتائج التي توصلوا إليها خصوصا بشأن الدين فإن معالم وأسس العقلانية متنوعة، فمن الضروري أن نضع دائماً في الحسبان الفروق النوعية بين الفلاسفة العقلانيين، ويلاحظ انشغالهم بقضايا منها:
1-أولوية المرجعية العقلية: الفكرة الأساسية المشتركة بين العقلانيين في نظرية المعرفة إنكار أن القوانين الموضوعية تستمد من الطبيعة، وأن استنباط شروط المعرفة اليقينية والمبادئ والبديهيات يكون من العقل وليس من الطبيعة.
2- ارتباط مشكلة السببية بالعقل ارتباطاً جوهريًّا؛ لأن العقل في نهاية التحليل يرتد بنيويا إلى السببية. وقد انعكس هذا التصور للعقل على اللغات الأوربية، حيث نجد أن كلمة Ratio اللاتينية أو ما اشتق منها، مثل كلمة Raison الفرنسية وReason الإنجليزية – تدل تارة على ملكة العقل، وتارة على علاقة السببية. ومن هنا فإن حديثنا عن السببية هو حديث عن العقلانية؛ لأن السببية بشرطيها الضرورية والكلية، تستنبط عند العقلانيين من العقل الإنساني لا من الطبيعة. وهذا الرأي الجوهري هو الثابت البنيوي الذي يميز كل الفلسفات العقلانية عن الفلسفات التجريبية المحضة التي ترى أن الروابط السببية والضرورة والكلية إنما توجد في القوانين الموضوعية للطبيعة الخارجية، مستقلة استقلالا تاما عن العقل الإنساني.
3- الجدل بشأن خوارق الطبيعة أو المعجزات، وعلى سبيل المثال قد أنكر هيوم المعجزة، لأنها أمر خارق للطبيعة. يقول: "لا يوجد دليل كافٍ على إثبات وقوع المعجزة، إلا ذلك الدليل الذي إذا أثبت بهتانه كان في حد ذاته أكثر إعجازا من الحادث الذي يحاول إثباته.. ولا يمكن البتة إقامة الدليل على معجزة بحيث تكون أساسا لنظام من الدين"، في حين قبلها البعض الآخر، وتوقف أمامها فريق ثالث بغير إنكار ولا إثبات.
المرجع السابق

قديم 02-07-2011, 11:27 PM
المشاركة 29
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
جميل
و ياليت الخصائص تكون فاعلة
حتى أثبت الموضوع.

قديم 02-08-2011, 01:05 AM
المشاركة 30
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


أخي عبده ..
أرجو أن تتبع معي الأجزاء القادمة ..
علك تجد ما تبحث عنه ..
تحية كهذا الليل الذي تنيره الأقمار ..
سلام على روحك ..


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:32 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.