احصائيات

الردود
8

المشاهدات
4636
 
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي


أحمد فؤاد صوفي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,731

+التقييم
0.31

تاريخ التسجيل
Feb 2009

الاقامة

رقم العضوية
6386
01-15-2011, 11:55 PM
المشاركة 1
01-15-2011, 11:55 PM
المشاركة 1
افتراضي ++ لن أظلم أولادي أبداً ++
+ قصة على ثلاثة فصول +





++ لن أظلم أولادي أبداً ++




* الفصــل الأول *


* الألم والذكرى *



بدا ضوء الفجر وهو ينتشر رويداَ رويداَ ليوقظ المدينة من غفوتها اليومية ، وبدأت العصافير بالزقزقة الفرحة وهي على رؤوس الأشجار المتناثرة ، و كأنها تنتظر أشعة الشمس كي تتحرر من الظلمة ، وتطير باحثة عن رزق يوم جديد. اعتدلت نادية لتجلس في الكرسي المواجه لنافذة الغرفة ، وتفتح الستارة لترقب بزوغ الشمس ، وقد قرّ قرارها بشكل نهائي على ما يجب عليها أن تفعله.
لقد سهرت الليل بطوله وهي تتقلب وتفكر بما آل إليه حالها ، واستعرضت شريط حياتها وذكرياتها و كأن أمامها مسلسل تلفزيوني طويل ، فقد عاشت في بيت أهلها مدللة معززة ، و قام والدها بغرز مبادئ العمل والالتزام في نفسها مذ أن كانت صغيرة ، أما والدتها فقد قامت بتلقينها مبادئ الأخلاق والإيثار وحب الخير، فنشأت على حب الناس والثقة بهم ، ولم تعرف يوماَ معنى الكراهية أو الخيانة ، بل كانت بعيدة كل البعد عن المساوئ والرديء من الأمور.
كبرت الصغيرة واجتازت مراحلها الدراسية بتفوق ملحوظ ، ووصلت إلى الجامعة بسهولة ويسر ، ودرست المادة التي تهواها وهي علم الاجتماع، و في السنة الأخيرة وقبيل تخرجها تقدم لخطبتها شاب ابن عائلة صديقة ،عريس لا ينقصه شيء سمعته عالية،مستواه المادي ممتاز ولديه البيت والسيارة ، بالإضافة إلى جمال شكله وحسن سمعته ، وهو حلم لأية فتاة . .
وافقت نادية وقبلت بالخطبة قبل التخرج ، ثم حصلت على شهادتها و أكملت مع خطيبها تجهيز البيت وتزوجا، كانا مثالاَ لأية عائلة ناجحة ، وأكمل اللّه نعمه عليهما فرزقهما ببنت وولدين كانوا قرة عين لوالديهما. .
أما زوجها عادل فلم يكن نجاحه في عمله بأقل من نجاحه في بيته ، فقد بدأ عمله بعد تخرجه بمساعدة والده ، ثمّ اعتمد على نفسه ، وأصبح مالكاً لشركة كبيرة راسخة في السوق ، ولديه الكثير من الموظفين والموظفات ، والتزم في عمله التزاماً جادّاً ، وعمل بإخلاص كامل أهلّه لتكوين موقع اجتماعي رفيع ، و ثروة كبيرة خلال فترة قصيرة . .
في يومٍ من الأيام أعلن أحد المحلات الشهيرة عن برنامج تسويق ضخم ومسابقات ومكافآت ، رغبت نادية أن تزور ذلك المحل فذهبت وتفرجت مع صديقاتها وأعجبها نوع جديد من العطور كان غالي الثمن وله رائحة جديدة مميزة ، ولكنها تركت موضوع شرائه لمناسبة أخرى . .
بعد نهاية يوم العمل عاد عادل زوج نادية إلى بيته محملاً بأغراض وهدايا لأولاده ، وكان هذا دأبه في كل حين ، غير ملابسه ، وجلس في الصالة مع أولاده أمام التلفاز ، توجهت نادية لترتيب ملابس زوجها وتعليقها في الخزانة كالعادة ولكنهاعندما دخلت الغرفة،وجدتها عابقة بعطر فواح جميل ، وتحركت ذاكرتها ، فهذا العطر ليس من مجموعتها ، وبعد ثوانٍ قليلة تذكرت بأنه نفس العطر الذي أعجبها منذ أيام مضت ، ولم يدر في خلدها أي تفسيرٍ لذلك ، ومرّ اليوم عاديـــــاَ لا يقطع سعادته شيء. .
بعد يومين فقط ، صدمتها ثانية نفس الرائحة تفوح من ثياب زوجها ، هنا بدأ الفضول ينهش صدرها، وهي لم تتعود على شعور الشك ، ولا يمكن أن تشعر تجاه زوجها بأي شعور كريه أو شكّ مقيت ، ولكن هذه الرائحة ، نفس الرائحة كل مرة، من أين تأتي؟!..
حاولت أن تتناسَى ذلك ، ولكن الرائحة لازمت ملابس زوجها ، ولم تنفك عنها أبداً ، حتى حين كان يغير ملابسه بملابس جديدة ، كانت الرائحة تتشبث بها بعد يومين على الأكثر. .
وصار هذا الموضوع،الشغل الشاغل لنادية ، تفكر فيه اليوم كله و تسهر الليل وهي لا تفكر إلا بسؤال واحد!..من أين تأتي هذه الرائحة؟!..وما هو مصدرها؟!..
وتحركت فتنة الشك ، وخصوصاً بعد أن زارتها إحدى صديقاتها وكان في نظراتها أشياء غريبة لم ترضَ أن تفصح عنها ، وكأنها تعرف شيئاً لا تستطيع أن تبوح به. .
بعد أيام يكون قد مضى على زواجها ثمانية عشر عاماً بالتمام والكمال ، لم ينغص حياتها شيء خلالها ، أيعقل أن تنهشها الوساوس تجاه زوجها ،أقرب الناس إليها؟..أيعقل أن تسرّ لأيٍّ كان من أهلها أو صديقاتها بما يعتمل في قلبها؟!..وماذا سيقولون عنها؟!..
وكيف سيشعر أولادها، لوكان شكها كاذباً؟!
مرت أيام طويلة ، وصراع الشك يتزايد في قلبها ، حتى انتصر شكها على يقينها ، وقررت أن تتصرف وحدها،وأن لا تخبر أحداً عما تنتوي فعله . .
في اليوم التالي ، وفي الساعة العاشرة صباحاً ، ركبت سيارتها و ذهبت صوب شركة زوجها ، وصلتها ولم تجد سيارته مكانها ، اتصلت بالسكرتيرة الخاصة ، غيرت صوتها، وسألت عنه على أنها ممثلة تجارية لشركة كبيرة، وتحتاج لمعرفة أوقات تواجد زوجها كمدير عام كي تحضر لمقابلته، فجاءها الجواب أنه يتواجد صباحاً من الثامنة إلى العاشرة و من الثانية عشرة إلى الثالثة بعد الظهر!.. ودار في خلدها ألف سؤال وسؤال ، هذا الوقت الفاصل من العاشرة وحتى الثانية عشرة يومياً أين يقضيه؟!..إنه لم يذكر خلال تلك السنوات الطويلة أي شيء أو تفسير لذلك!..هي لا تعرف غير أنه متواجد بشكل دائم في الشركة..
طغت الهواجس على تفكيرها ، وعادت إلى بيتها و أولادها ، وقد بدأ الهم بالتسرب إلى نفسها . .



* يتبع *


قديم 01-15-2011, 11:59 PM
المشاركة 2
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
* الفصل الثاني *


* الخطة الجريئة *



في اليوم التالي ، كمنت نادية في سيارتها أمام شركة زوجها ، وعند العاشرة تماماً رأته يخرج من باب الشركة ويركب سيارته وينطلق بها ، دقائق عدة وهي وراءه ، أوقف سيارته أمام عمارة فخمة وترجل منها ، هرول حارس العمارة نحوه ، يسلم عليه ، وكانت نادية وحتى هذه اللحظة ، لا تفهم شيئاً مما تراه أمامها ، ولا تضع لنفسها إلا الاحتمالات الحسنة ، هكذا تربت ، وهكذا عاشت . .
عادت نادية إلى البيت ، بعد أن زادت وساوسها ، عادت كي تضع خطة عمل تمكنها من كشف غموض زوجها ، بطريقة لا تمسه لو أن شكها كان في غير محله . .
وضعت الخطة ، وجهزت كل ما يلزم ، وبدأت التنفيذ ، وضعت على رأسها شعراً مستعاراً منسقاً بطريقة حديثة يناسب البنات المراهقات ، ووضعت لعينيها عدسات ملونة ونظارة حديثة كبيرة ، ولبست بنطالاً وبلوزة من ألوان فاقعة مع كثير جداً من الاكسسوارات ، وحذاء ملوناً ذا كعب مرتفع ، ويممت وجهها صوب العمارة الفخمة التي دخل إليها زوجها ، وفي طريقها اشترت بعض علب الحلوى و غلفتها بطريقة مميزة ، ووضعت عليها ملصقاً باسم المحل الشهير، وقفت بسيارتها في مكانٍ منزوٍ و ذهبت مباشرة إلى العمارة . .
كانت الساعة تعلن الواحدة ظهراً وتأكدت أن زوجها متواجد في مكتبه ، سألت الحارس عن رقم شقة السيد عادل (زوجها) ، صعدت إلى الدور الرابع حيث توجد الشقة واقتربت ببطء ، قرأت على لوحة الباب اسم زوجها ، بدأ قلبها يدق بشدة ، وشعرت أنّ صوت دقاته مسموع بوضوح ، لكنّ مشاعر الشك والفضول والاستغراب والتعجب ، قوّت من عزيمتها، ولم تترك أمامها فرصة للتراجع ، استجمعت شجاعتها، ثم طرقت الباب . .
هنيهة بسيطة وفتح الباب ، أطل منه طفل ينظر إليها بفضول بريء ، أن ماذا تريدين؟!..
* هل السيد عادل موجود؟. .
* كلا . . بابا في الشغل . . الماما موجودة . . سأناديها لك . .
لحظات فاصلة ، شعرت نادية أن قلبها قد غاص في أعماقها ، شعرت وكأنها قد غادرت هذا العالم إلى عالم آخر ما فيه من بشر ولا فيه شيء آخر، فقط فيه السكون ، توقف تفكيرها تماماً ، تمنت أن تكون في غرفتها ، في بيتها، كي تستجمع أطراف قلبها ووعيها ، كي تسترد بشريتها ، قطع الصمت صوت نسائي ناعم . .
* ماذا تريدين . . تفضلي ؟!..
قالت متلعثمة . .
* هذه الأغراض للسيد عادل . . هل هو موجود؟..
* كلا . . إنه في عمله الآن . . أنا زوجته . . يمكنني استلام الأغراض!!..
لم تصدق نادية نفسها ، كيف سلمت الأغراض ، كيف وصلت سيارتها ،وكيف وصلت غرفتها ، كانت في عالم آخر ، لم تستطع أن تضع له تفسيراَ، ولم تتمكن من الإحساس بأي شعور ، فهي ليست حزينة وليست غاضبة وليست مريضة، لقد توقف لديها كل أثرٍ من شعور، ولم يخطر ببالها إلا الهروب. .
ذهبت إلى أمها على أساس أنها زيارة عادية وأنها تشعر بإرهاق، ودخلت غرفتها القديمة وبقيت مع نفسها، تتجاذبها الأفكار من كل جانب ، لا صديق لديها إلا قهوتها ولا أنيس إلا وحشتها، ماذا تفعل؟!.. وكيف تتصرف؟!..
هذا الموقف كبير عليها ، لم تتعود على مثله ، وضغطت على نفسها في المساء لتستجمع شتات نفسها وتتصل بزوجها تعلمه أنها ستبيت ليلتها لدى أمها، وذلك كي تكسب لنفسها يوماً آخر، و تستجمع فيه شجاعتها المحطمة. .
وبقيت لدى والدتها يومين ، وهداها تفكيرها إلى خطة جديدة ، قررت مواجهة زوجها ، مجابهة صريحة مباشرة ، كي تكون مفاجئة له ، وتفهم كل شيء بعدها..
ذهبت إلى العمارة الشهيرة ، إلى سيارة زوجها الرابضة أسفلها ، وفي الوقت الذي يغادر فيه زوجها العمارة عائداً إلى عمله ، استخدمت المفتاح الاحتياطي للسيارة، دخلتها ، وجلست داخلها. .
دقائق مرّت كأنها دهر ، وإذ بزوجها يحضر من بعيد ، ولم يتنبه لوجودها بسبب انعكاس أشعة الشمس على زجاج السيارة ، وما أن فتح الباب ووقعت عيناه على عيني زوجته حتى تجمد مكانه ، وتجمدت مكانها، وتوقف الزمن . .
لم ينبسا ببنت شفة ، لم ينظر إليها ، كل ما فعله أن تحرك بالسيارة صوب البيت، نزلا سوياً ، ودخلا البيت سوياً ، ووصلا غرفتهما ، وأغلقا عليهما الباب، ومرّ الصمت ثقيلاً ثقيلاً ، كلٌّ يجلس قبالة الآخر ساهماً ، اختفت الأصوات ، فلم يبقَ إلا أنين الصمت . .
قام عادل يتمشى في الغرفة جيئةً و ذهاباً ، ونادية تجلس على طرف السرير تنظر إلى الأرض ، لا معنى لنظرتها ، ولا تعبير على وجهها. .
قال عادل وكأنه يحدث نفسه:
* المهم أني أحبك ، بل أعشقك بكل جوارحي ، شعوري هذا و حبي لم يتغير مذ أن تزوجنا وحتى الآن ، ولا أرى لنفسي أي حقّ أن أطلب منك مسامحتي ، سأترك لك أي تصرف تفعلينه و أي قرار تتخذينه مهما كان صعباً أو قاسياً ، سأقبل به بدون أي نقاش ودون أي جدل . .
ولكن تأكدي أني أحبك. . ولا أتمنى لحظة واحدة أن تبعدي عني مهما كانت الأسباب . .


* يتبع *

قديم 01-15-2011, 11:59 PM
المشاركة 3
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
*الفصل الثالث *


* القرار *


انتهى الكلام ، وبدأ شعور نادية الاعتيادي بالعودة إليها ، وكأنها كانت قبل غائبة في ملكوت أخرى ، لم ترد ، لم تتكلم ، اعتصمت في غرفتها، سكتت ، وجمت ، سكنت ، أما عقلها ، فكان يتحرك بسرعة ، تزن الأمور ، ماذا تتصرف؟!. .
استيقظت نادية في اليوم التالي في ساعة متأخرة ، عرف أولادها أن هنالك حدث عظيم يشغلها ، فلم يزعجها واحد منهم ، بل تصرفوا بكل هدوء ، وكأنهم غير موجودين ، فلم تسمع لأحدهم صوتاً . .
اتجهت إلى جهاز الهاتف ، طلبت زوجها ،وطلبت منه الحضور إلى البيت ، ثلاثون دقيقة ، وكان زوجها جالساً أمامها . .
*احك لي القصة كلها ، لا أود الجدال ، ولكن أود معرفة كل شيء ، كل التفاصيل ،
أطرقت أرضاً ، وأطرق زوجها أرضاً ثم بدأ الحديث . .
* بعد زواجنا بعشر سنوات ، وكنت في منتهى السعادة ،لا ينقصني شيء ، جاءني صديق لي بدعوة إلى حفلٍ يقيمه بمناسبة حصوله على أرباح كبيرة من أحد مشاريعه ، وقبلت الدعوة مجاملةً لظروف عمل الشركة . .
فوجئت بأن الحفل كان كبيراً منظماً ، جلست بجانب صديقي وعرفني على أهله وأقربائه ، واهتم بي اهتماماً غير عادي ، استغربت له وقتذاك ، وكان بين الحاضرين فتاة تجلس بجانب زوجته عرفني عليها أنها شقيقتها ، وبعد فترة زارني صديقي ذاته في مكتبي لشؤون عملنا المشترك ، وعرض عليّ مباشرة وبدون مواربة أن أتزوج أخت زوجته ، واستنكرت ذلك بشكلٍ كبيرٍ وضحكت لتلك الفكرة السخيفة ، ولكنه عاد بعد مدة وفتح الحديث مرة ثانية ، وثالثة ، وسهّل لي الأمر كلّه ، تزوجها بالسر ، إن إمكانياتك تسمح بذلك ، لن يكون لها أية متطلبات ، لن يؤثر ذلك على عائلتك ، وشيئاً فشيئاً تمكن الشيطان من تحويل مجرى تفكيري ، وهذا هو خطأي الذي لا يمكن أن استهتر أو استخفي منه . . وتزوجتها ، وكنا نتقابل لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات يومياً خلال فترة قبل الظهر فقط ، كنت كأني مسحور ، كأن تفكيري معطل ، حتى جاء اليوم الذي أخبرتني فيه أنها حامل ، ولم أدرِ ، أأفرح أم أحزن ، لقد صدمت ولم أقل إلا : الحمد لله على كل حال ، وانتهت فترة الحمل ورزقت بصبي سميته محمود وعمره الآن ثماني سنوات. .
ساد الصمت الثقيل لدقائق طويلة ، حتى قطعه عادل . .
* لقد قلت لك كل التفاصيل ، وأترك لك أن تطلبي ما تريدين ، وأعدك بأنني سأنفذ طلباتك بدون أدنى اعتراض أو تبرم..
* حسناً ، يمكنك العودة إلى عملك ، إن ذهني مشوش ، وأحتاج وقتاً أطول للتفكير..
لم يبق لدى نادية شيئاً لتسأل عنه ، لقد أعلمها بكل شيءٍ طلبته ، ولم ينكر خطأه وخيانته ، و ترك لها حرية كاملة في اختيار ما ترغب . .
قضت فترة بعد الظهر متثاقلة لم تذق فيها طعاماً، ثم جاءت فترة المساء، واتبعتها فترة الليل ونادية ساهمة تفكر و تفكر ، حتى هداها تفكيرها إلى الحل الذي وجدته مناسباً . .
وما إن قرّ قرارها بشكل نهائي ، حتى ذهبت تستريح و تأخذ قسطاً من الراحة ، فلديها في الغد يوم مشهود . .
في التاسعة من اليوم التالي ، اتصلت بزوجها و طلبت منه الحضور إلى البيت ، وهو يكون عادةً في مثل هذا الوقت متجهاً إلى بيته الثاني . .
وما أن حضر حتى بادرته قائلة . .
*أرجو ألا تقاطعني ، ! أولاً سنذهب أنا و أنت الآن إلى بيتك الثاني!!..
تغير لون عادل ولم يحر جواباً ثم تلعثم . .
*كيف؟!..لماذا؟!!..
* سأقول لك عندما نصل هناك..
* قولي لي ، أنا لا أريد الفضائح ، وزوجتي ليس عليها ذنب فيما حصل، فالذنب ذنبي . .
* لا عليك..سنذهب أنا و أنت إلى بيتك الثاني كي لا يكون هنالك فضائح..وإذا لم تذهب معي فسوف أذهب وحدي!!..
وتحت إصرارها ، ركبا في السيارة معاً وتوجها إلى الطابق الرابع ، في العمارة الفخمة ، سبقته ثم نظرت إليه ثم طرقت الباب ، وما هي إلا هنيهة ، إلا وأطلت زوجته الثانية التي وجدت زوجها عادل مع زوجته الأولى أمامها مباشرة ، وكادت أن تسقط من هول المفاجأة ، ابتدرها عادل . .
* لقد حضرنا سوياً بناءً على طلب نادية . .
دخل البيت و أفسح المجال لنادية فدخلت وراءه ، وقصد غرفة الاستقبال والزوجة الثانية مبهورة من هول الموقف ، وابتدرتها نادية . .
* أرجو أن تجلسي ، فلدي من الكلام ما يهمنا نحن الثلاثة!!..
وما أن جلست ، حتى بدأت نادية الكلام بكل ثقة وقوة ، قالت موجهة كلامها لزوجها. .
* زوجي العزيز ، لقد خنت عشرتنا ، وما كسر بيننا لا يمكن إصلاحه أبداً ، ولم أجد لك أي عذر يخفف من خيانتك . .
* أما أنت يا ليلى ، فأنا لا أجد لك عذراً ، فلو كنت قبيحة ، أو كبيرة في السن ، أو كنت من عائلة فقيرة ، فقد أبحث لك عن عذر ما ، أما أن تتزوجي في السر رجلاً متزوجاً ، فلا أجد لك في ذلك أي سبب مقنع . .
* لقد قررت أن أجمع الأولاد سوياً في بيت واحد ، هو بيتي ، وقد بنيناه بالجهد والصبر ، وسوف نعيش كلنا تحت سقف واحد ، أرجو أن نتفق على موعد لاجتماع عائلتينا للتعارف ، و من ثم للانتقال . .
تكلمت ليلى ، الزوجة الثانية . .
* كان عادل في كل جلساتنا يحدثني عنك ، عن جمالك وتربيتك ، عن صبرك على الشدائد ، عن تربيتك المثالية لأولادكما ، وكنت أغار من هذا الحديث ولا يمكنني أن أعترض أو أن أعلق عليه ، ولكن بعد اليوم ، أقول بأن عادل لم يفيك حقك فأنت أكرم من عرفت ، وأتمنى أن نكون أختين في يومٍ ما ، إنني تحت تصرفك وليس لدي شروط حتى أنتقل إلى بيتك..
كاد عادل أن يذوب في مقعده ، ولم يظن لحظة واحدة بأن تلك العاصفة الشديدة التي عصفت بحياته ، ذلك السر الذي حمله ثماني سنوات وكابد به نفسه ، أن ينتهي بمثل هذا الحل الذي جاء من زوجته ، التي خان عشرتها بدون ذنب تقترفه وبدون أدنى تقصير منها ، ولم تحاســـــبه بأي تصرف أو قول ينتقص من قيمته و هيبته ، قالـــت له . .
* ماتزال أباً لأبنائي . .
كان حسابها له فقط نظرة واحدة ، تمنى وقتها لو أن الأرض قد انشقت و ابتلعته قبلها ، قال في نفسه . .
"لو لم أولد لكان أفضل لي " . .
في نفس اليوم ، استقرت الزوجة الثانية مع ولدها في بيت نادية و تعرف الأولاد على بعضهم وكانوا في منتهى السعادة لاكتشافهم أن لهم أخاً في الثامنة من عمره ، وكان الجميع يشعر بالبهجة لانتهاء الأزمة ، عدا نادية ، التي دارت نفسها المكسورة و ذهبت لتعد شيئاً من القهوة . .
و سقطت من عينها دمعة حرّى وهي تحدث نفسها قائلة : لن أظلم أولادي أبداً . .

* انتهت *

**أحمد فؤاد صوفي **

قديم 01-23-2011, 10:32 PM
المشاركة 4
هالة نور الدين
شاعـرة مصـريـة
  • غير موجود
افتراضي



الأستاذ الأديب الراقي

أحمد فؤاد صوفي

قصة رائعة بـ حق
وتَجسِيد مَاتع لـ شَتى تَفاصِيل وشُخوص القِصة
جعل المَشهد حَاضراً حياً شيقاً في العين والذهن
لم يتسربْ الملل أو الشَّتات لـ الذَّات القارئة
نظراً لـ تَرابط وتماسك البِنية السَّردية

وهو من أهم مقومات العمل

تضَمنت قصتكَ معانٍ ورؤىً جَميلة من تَعقل وإيثار وتَضحية
ليس الجَميع قَادر على اسْتيعابها واحْتوائِها بتلكَ الكَيفية

لكن رؤيتكَ التي نسجتْ تلكَ الخَاتمة
رصعتْها بـ فضائل المَوضُوعية وبياضِ الجَوف
وهذا ما تم اسْتعراضه على طُول السَّرد ( صفات الشخصية )
مما جعل النِّهاية مقبولة وغير صَادمة للقاريء

استمتعتُ كَثِيراً على ضِفافِ حَرفكَ وفكركَ البَهي

سلسالُ تقديرٍ


قديم 01-24-2011, 11:01 AM
المشاركة 5
حسام سيف
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
مرحباً بنص أخي أحمد فؤاد
فلقد استمتعت كثيراً هنا مع مشهد التضحية والإيثار
المتجسد في الفصل الأخير وتجلى أكثر في السطر الخير منه فلقد لخص جواب كبير لأسئلة كثيرة
دارت في مخيلة القارئ

وكم تمنيت أن أرى منظر الشروق مرة أخرى في الفصل الأخير

وتقبل صادق الود والتقدير
من أخيك
حسام سيف

قديم 01-25-2011, 10:34 PM
المشاركة 6
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أديبتنا المميزة هالة نور الدين المحترمة

كم هو جميل ماتع تذوقك للقصة بتفاصيلها و(دهاليزها) . .
الحقيقة أنني في فن القصة بشكل عام . . أرى بأن وجود الصفات والمتطلبات كاملة مع اللغة والبلاغة . . ومع عدم وجود أي خطأ . .
كل ذلك أراه لا يكفي إلا إذا كانت القصة جميلة . . فجمال القصة هو الهدف الرئيس للكتابة . .
لذا . . فإنني حين أكتب أضع نفسي مكان القارىء فعلياً . . لأني أريده ألا يشعر بالملل . . ويستعجل القراءة لينهي القصة . .
بل أريده أن يشعر بالمتعة من ناحية . . ويتذكر القصة ويتمكن من قصها على غيره من ناحية أخرى . .

أنا بالطبع سعيد بمرورك وتعليقك الاحترافي . .
دمت بصحة وخير . .


** أحمد فؤاد صوفي **

قديم 01-25-2011, 10:39 PM
المشاركة 7
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

الأديب الكريم حسام سيف المحترم . .


كاد الإنسان الحديث أن ينسى المبادىء القويمة من تضحية وتربية وإيثار . .
وواجبنا نحن الأدباء أن نذكر بكل ذلك من خلال قصص ممتعة تعلق في الذاكرة . .


تقبل مني ودي وتحيتي . .
دام نهارك بهيجاً . .



** أحمد فؤاد صوفي **

قديم 01-25-2011, 11:06 PM
المشاركة 8
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
لا أخفيك سراً أنني بدأت قرائتها سطراً تلوَ الآخر وبشغف
تابعت تسلسل الأحداث وشدني وأنا مستمتعة ومجارية لمَ يحصل
ولم ينتابني الملل لحظة من تسلسل وترابط الفكرة والأحداث التي احتوتها القصة
تضحية وإيثار وحكمة .. حُبكت ونسجت بتماسك يجعل القارئ يتشوق ويكمل حتى يرى الخاتمة




أ. الأديب المحترم أحمد


قصة جميلة جداً ترضي ذائقة أي قارئ
كنت هنا وراقني المكوث بين حروف قلم وفكر
ورشفات من جمال الحكمة والتعقل وتحليل الأمور بإبداع
دمت اسماً وقلماً يعتلي الذاكرة
تحيتي وتقديري .. وعلى الود نلتقي

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 01-29-2011, 12:08 AM
المشاركة 9
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أديبتنا رقية . .

أنا متأكد أن القصة ستنال إعجابك . .
لأنك أديبة حقيقية . .
أما حبكة القصة فقد أخذت مني مدة للتفكير والتخطيط حتى وصلت إلى ما يرضيني . .
وكذلك الحال في موضوع الملل . .
فمن الضروري أن ندفع القارىء إلى متابعة القصة بدون ملل مهما طالت . .

دامت أيامك مطرزة بالخيرات . .
دمت بصحة وخير . .


** أحمد فؤاد صوفي **


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: ++ لن أظلم أولادي أبداً ++
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الكثير من الأشياء التي لن تحدث أبداً ديفيليا غرايي منبر البوح الهادئ 6 11-27-2020 12:07 PM
صدّقني لم أكن أعلم سارهـ عبدالغني منبر البوح الهادئ 10 09-10-2016 12:28 PM
ما كنت أعلم أشرف حشيش منبر الشعر العمودي 0 03-12-2015 01:56 AM
رسالة لكل معلم ومعلمة أميرة الشمري المقهى 4 10-17-2012 09:31 AM
(يا معلم ما تتعلم) ناصـر العـتيبي منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 1 03-14-2012 01:15 AM

الساعة الآن 01:32 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.