احصائيات

الردود
21

المشاهدات
6518
 
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي


ايوب صابر is on a distinguished road

    موجود

المشاركات
12,766

+التقييم
2.39

تاريخ التسجيل
Sep 2009

الاقامة

رقم العضوية
7857
12-23-2014, 08:25 PM
المشاركة 1
12-23-2014, 08:25 PM
المشاركة 1
افتراضي حبة الكستنا....القنبلة ....وانتصاري على الموت
حبة الكستنا القنبلة

التحذير الوحيد الذي اطلقه الطبيب لي قبل ايام وقبل مغادرتي المستشفى الجراحي بعد ان أجرى لي جراحة رئيسية ناجحه استأصل خلالها عشرة سنتيمترات من امعائي الغليظة ( منطقة القولون ) الذي تبين انه تعرض لهجوم من خلايا خارجة على قانون الانقسام الطبيعي هو "ضرورة الابتعاد عن تناول الطعام الذي اعرف انه يتسبب لي بغازات ونفخه " حسب قوله ، خاصة في مرحلة الاستشفاء الاولى التي طلب مني ان اتروى جداً في تناول انواع الطعام المسموح به ، وحتى يلتئم جرحي الداخلي حيث تم اعادة ربط المصران الغليظ بعد ازالة الجزء الذي تعرض للغزو الاجنبي، بتقنية لا زلت اجهل طبيعتها ومتانتها ، وجرحي الاخر الخارجي الممتد من فوق منطقة الصرة الي اسفل البطن ، والذي كان لا بد منه للوصول الي تلك الخلايا اللعينة التي هاجمت جسدي الذي اصدر إشارات جعلتني اعتقد بان عقدي قد انفرط وان ساعتي قد دنت .
جلست بعد سماعي لتحذير الطبيب الذي بدى جديا ومخيفا وربما يترتب على تجاوزه عواقب وخيمة ، استرجع وأعدد من صفحات ذاكرتي انواع الطعام الذي كان يتسبب لي بمثل تلك النفحة المزعجة ، وكانت القائمة طويلة وعلى راسها : الفول، والحمص، والفاصوليا البيضاء ، والعدس ، والزهرة اي القرنبيط، و البروكلي، والبصل الذي كنت اعشقه مشويا الي جانب سيخ اللحمة الكباب ، لكنه اصبح منذ فترة يتسبب لي بنفخة قاتله كادت ان تقتلني في اكثر من مناسبة حينما كان يتسبب لي بارتداد مريئي خانق اثناء النوم فأفز من نومي مفزوعا وقد انسدت منافذ التنفس فاجدني اشهق مختنقا واشهق بصورة لا ارادية محاولا استعادت تنفسي ، واعتقدت انها نوع من الحساسية يتسبب بها البصل اللعين لدى عدد من الناس كما تبين لي.
تعمقت وتوسعت في البحث في ثنايا الذاكرة ، وأمسيت سحابة تلك الليلة الطويلة التي كنت ارقد فيها في المستشفي منتظرا التئام الجرح وسماح الطبيب لي بالمغادرة ، وانا أحاول حصر الأطعمة التي كانت تسبب لي غازات وانتفاخ ما تلبث ان تتحول الى حموضة والم في خاصرتي اليمين دائما، والذي كان لا يحتمل في بعض الاحيان ، وظل علاجه الوحيد لسنوات طويلة بضعة حبات من دواء المديولون بعد انه شخص الاطباء المرض على انه القولون العصبي وهو المرض الذي يقال انه ينتشر بصورة واسعة في منطقة حوض البحر الابيض المتوسط. ورغم جهدي واجتهادي لم أفطن أبدا لما تفعله حبات الكستنا في امعائي، ربما لانها فاكهة موسمية لا تظهر الا في ايام الشتاء الباردة. وما كانت لتخطر على بالي وانا في حالة كنت اتمنى ان تدخل فمي نقطة ماء واحدة او امسح شفتاي بقطعة ثلج لعلها تمنحني إحساسا منعشا.

بعد ايام قليلة وتحديدا بعد ستة ايام على اجراء العملية غادرت المستشفى وكنت قد بدات تناول وجبات طعام كامله غنية بالبروتين خاصة، نظرا لحاجة الجسم اليه لكي تلتئم الجروح كما أوضح الطبيب المعالج لكن المستشفى كان يطلق عليها اسم وجبات خفيفة.

وما هي الا ايام اخرى قليلة من تاريخ مغادرتي المستشفى وعودتي الي المنزل حتى بدات بتناول وجبات كاملة دون الاهتمام ان كانت خفيفة ام عادية وحسب تسمية المستشفى، لكنني ظللت حذرا اشد الحذر من احتواء تلك الوجبات على اين من الأصناف التي عرفت انها قد تتسبب لي في النفخة وآلام الامعاء المعهودة وربما في انفجار امعائي هذه المرة التي تعرضت للبتر والقص واعادة التوصيل وذلك في ضوء تحذير الطبيب الجدي والمخيف.

وفي اليوم التالي للانقلاب الشتوي ودخول أربعينية الشتاء واشتداد البرودة حيث كان قد مضى على تاريخ أجراءالعملية ثلاثة عشرة يوما بالتمام والكمال، والتي كانت قد تمت تحديدا بتاريخ 2014/12/9 ، فوجئت بابنتي وهي تعرض علي تناول حبات من الكستنا... مددت يدي فعلا لتناول بعضها ولم يكن ابدا من السهل رفض تلك الفاكهة السحرية في ظل تلك الاجواء الشتوية الباردة وقد اكتمل شوائها ونضجت على نار صوبة الكهرباء الهادئة ، التي كانت تملا الأجواء دفئا وحرارة ورومنسية لا ينقصها الا تناول الكستنا وكاس حار من الشاي الاخضر المحلى بالعسل خاصة بعض مضي مدة زمنية ليست قصيرة حرمت فيها من الاكل بكافة اصنافه للضرورة الطبية وفقداني لما يزيد على اربعة وحدات دم اثناء العملية الجراحية لتصبح قوة الدم عندي ١١ بعد ان دخلت المستشفي وهي ١٦.٤ ...لكنني سمعت زوجتي وهي تنهرني و تحذرني من العواقب الوخيمة ان أنا فعلت وتناولت حبة الكستنا الممدوة لي ، مشددة ان الكستنا تقتل الأصحاء فكيف بمن اجري للتو عملية قص مصران؟!

للحظات دار صراع رهيب في نفسي، بعضا منها يهون الامور ويدفعني للاقدام على تناول الكستنا على الرغم من العواقب الوخيمة المحتملة والتحذيرات الواضحة والجلية ومعرفتي المسبقة بما كانت تفعله بي، والبعض الاخر من نفسي يضخم العواقب ويمنعني من مجرد التفكير او الاقتراب من تلك الفاكهة الشتوية اللذيذة ....

لكن سحرية الأجواء الشتوية ونار المدفئة وشهوتي العارمة للطعام بكافة اشكاله التي وجدتها غير مسبوقة بعد اجراء العملية ، ولا اعرف ان كان ذلك لاعتبارات بيولوجية ام نفسية ، ولذة تناول تلك الفاكهة اللعينة الشتوية الشهية في مثل تلك الأجواء الباردة والطقوس الرومنسية إضعفت موقفي ومقاومتي واغوتني باخذ حبة واحدة فقط اقنعت نفسي بامكانتية اكلها دون ان تتسبب بأية عواقب رغم مخاوفي، وعلى اعتبار انها ستتلاشي حتما في معدتي وامعائي وتذوب بين أصناف الطعام الاخرى ولن يكون لها اثر يذكر حتما ...

وكان لا بد من مرور اربعة وعشرون ساعة على تناول حبة الكستنا اللعينة الشهية تلك والتي شعرت حينما أكلتها بلذة تفوق كل اللذة التي صاحبت كل ما اكلته من كستنا طوال عمري مجتمعة، حتى ادركت فداحة الخطأ الذي ارتكبته متجاوزا تحذيرات الطبيب ونهي وزجر زوجتي ومخاوفي ، ولا بد ان تلك الحبة الوحيدة اللذيذة اللعينة كانت السبب في قنبلة غازية تشكلت في امعائي وبدأت تتسبب لي بالم لا يطاق؟! فهي الصنف الوحيد من بين كل ما تناولته من طعام الذي يمكن ان يتسبب في مثل تلك النفحة الرهيبة بموجب تحذير الطبيب ...وكأن مصنعا للغاز قد بدا يعمل بكامل طاقته في امعائي التي أخذت تنتفخ وتنتفخ واصبح الالم الشديد سيد الموقف...حتى انني ظننت بأن قنبلة قد اصبحت على وشك الانفجار داخل أحشائي....وانتابني رعب شديد يفوق التصور بان تتسبب غازات حبة الكستنا بانفكاك الغرز التي تم فيها ربط مصراني الغليظ بعد ازالة الجزء اللعين الموبوء ولكم ان تتصورا عواقب حدوث مثل تلك الكارثة المصيبة... وما هي الا ساعات حتى تبين ان ذلك كان مجرد وهم ومخاوف غير مبررة ، حيث ما لبثت الامور ان فرجت وسارت على خير، وربما كان لتدخل زوجتي باعشابها الطبية وتطميناتها الحثيثة فضلا كبيرا في ذلك وحال دون انهياري الذي بدا في لحظات محتوما ..

هذه مجرد صفحة واحدة من صفحات حكايتي الموسوعية مع الالم والخوف وصراعي الطويل مع قولوني العصبي و الممتد تاريخه الى ايام طفولتي ، حيث أنغرست حينها بذرة الخوف المزمن من هذا المرض الخبيث واللعين بعد ان شاهدت ما وقع لجارنا ابو عاطف ذلك الرجل الضخم وصاحب الشخصية الكرزمية والجثة السامقة والذي ظننته عصيا على الكسر والمرض ولكنه تحطم على اثر اصابته بالمرض مثل زجاج له قابلية شديدة للكسر وأخذ يتلاشى شيئا فشيئا الى ان مات فكان لموته وقع صدمة هائلة أصابتني وانا لم اكن قد تجاوزت عندها الثالثة عشرة .
لكن الالم الذي كان يصيبني من هذا المرض لسنوات عديدة وطويلة لا يمكن ان يقاس ولا يقارن بتجربة الالم المريرة التي مررت بها منذ شهرين تقريبا وبعد ان اصدر جسدي إشارات واضحة أوحت بحدوث تطور خطير ووجود خلل رئيسي يحتاج لعلاج مختلف واكثر درامية وراديكالية من مجرد تناول حبات الموديولون ...
كان الالم منذ ان هاجمتني آلآم القولون العصبي في بدايات عهدي معه وكان ذلك تحدادا في العام الجامعي الثاني مثل قطرات الماء التي تنز من صنبور ماء رفض ان يغلق تماماً ...احيانا ينفتح الصنبور اكثر فيشتد النزف، واحيانا يخف الى أدنى حد ، وكثيرا ما كان يختفي تماما لمدة زمنية طويلة ليعود من جديد لاسباب كثيرة منها غذائية ومنها عصبية مرتبطة بالغضوط النفسية الكثيرة والمتعددة والتي يوجد بلادنا وفرة منها ...
لكن الالم صار بعد ان اصدر جسدي الإشارات مثل نهر جاري ثم تحول بعد ايام قليلة الي طوفان جارف غمرني بكل قوته عندما ادخلت الي المستشفى لإجراء عملية ازالة الخلايا الخبيثة التي أبت الا ان تنقسم بصورة غير نظامية.... ثم بدات تخف تدريجيا مع التئام جروحي على الرغم من المخاطر التي تظل قائمة وغموض المستقبل الذي ربما يكون مفتوح على كل الاحتمالات ...
سأعود لاقص عليكم حكايتي مع الالم من بداياتها ومنذ ان كانت مجرد بذرة غرست في ذهني كنتيجة لما أصاب جارنا العزيز صاحب الدكان ثم سأحاول قدر استطاعتي ان انقل بصورة اكثر تفصيلا واصور بدقة صفحات الالم الرهيب الذي جرفني كطوفان جارف بعد ان اصدر جسدي إشارات دموية حمراء اشرت الى وجد خطب مخيف يحتاج الى كي ... ولعل حكايتي مع الالم تنتهي عند صفحة حكايتي مع حبة الكستنا هذه لكنني لا استطيع ان اجزم بذلك ...ولن أتردد في نقل صورة ما ستول له الامور اذا ما قررت الخلايا اللعينة المتمردة ان تعود لتهاجم جسدي....
لقد واجهت الهجوم الغادر للمرض والموت بكل صبر وثقة وإيمان وروح معنوية عالية وتجاوزت المحنة بشكل أدهش طبيبي وطاقم الممرضين وكل من شاهدني وانا أسير وأسير في كاردور المستشفي وانا احمل في يدي مجموعة من الأكياس التي كانت تصل الي أعماقي للضرورة الطبية وتستخرج منه سوائل بتشكيلة من الالوان احمر واصفر واسود ...
وانتصرت على الخوف وطوفان الالم ، وسوف أظل أصارع الموت بكل قوة وعنفوان وسخرية الى ان يصرعني... لكنني لن استسلم أبدا، أبدا له، ولن اجعل معركته معي سهلة مطلقا...ولن اقف أمامه مكتوف الأيدي، وربما اذا ما عاد ليحشد وسائله وادواته الخبيثة ان أتصرف كما تصرف همنجوي والكثيرين غيره والذين استكثروا على الموت انتصاره المدوي عليهم فاجهضوا فرحته وعذاباته برصاصة في الراس ....
انتظروني هنا...





قديم 12-23-2014, 09:02 PM
المشاركة 2
مازن الفيصل
كاتب متميز ومهندس عراقي

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
الحمد لله على سلامتك استاذنا العزيز...ألف سلامة



المراسلة على بريدي الالكتروني
mgasip@yahoo.com

ما كلّ ما يكتبهُ الكاتبُ يمَثِّلهُ
قديم 12-23-2014, 10:24 PM
المشاركة 3
حسام الدين بهي الدين ريشو
مشرف منبر بـــوح المشـاعـر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سلامتك
استاذنا الكبير / أيوب صابر
أسأل الله ان ينظر اليك والى كل مريض بعينه الراحمة
,ان يمسح عليك بيمينه الشافية
وأن يلبسك ثوب العافية
عاجلا غير آجل



ملحوظة : معذرة لنقل الموضوع الى هنا
مع تحياتى

قديم 12-23-2014, 11:09 PM
المشاركة 4
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الحمد لله على سلامتك و متمنياتي لكم بالشفاء العاجل بحول الله .

الالتزام الصارم بما يوصي به الطبيب أولى خطوات العلاج .

قديم 12-24-2014, 01:58 AM
المشاركة 5
زياد القنطار
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
حمداً لله على سلامتك أستاذ أيوب .وشفاء قريب إن شاء الله

هبْني نقداً أهبك حرفاً
قديم 12-24-2014, 06:26 AM
المشاركة 6
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
اشكرك استاذ مازن على تعاطفك

قديم 12-24-2014, 06:33 AM
المشاركة 7
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
اشكرك استاذ ياسر على تعاطفك

قديم 12-24-2014, 06:35 AM
المشاركة 8
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
اشكرك استاذ زياد على تعاطفك وانتظر منك مشاركتك في مسابقة القصة القصيرة .

قديم 12-24-2014, 08:28 AM
المشاركة 9
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
شكرًا استاذ حسام

قديم 12-24-2014, 02:35 PM
المشاركة 10
جليلة ماجد
كاتبة وأديبـة إماراتيـة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك يا أستاذ أيوب ...

و ألف الحمدلله على سﻻمتكم ...

عند المطر ..تعلم أن ترفع رأسك ..

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: حبة الكستنا....القنبلة ....وانتصاري على الموت
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ضد الموت عاطف الجندى منبر الشعر العمودي 2 06-30-2020 01:34 PM
حرب المئة عام أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 2 07-26-2018 10:55 AM
الضمير ، القنبلة النووية سرالختم ميرغنى منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 1 08-19-2016 06:20 PM
الموت ... هو أنت محمد فجر الدمشقي منبر البوح الهادئ 9 04-16-2012 08:33 PM
ذكر الموت هند طاهر منبر الحوارات الثقافية العامة 1 02-16-2011 07:15 AM

الساعة الآن 10:22 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.