احصائيات

الردود
33

المشاهدات
13846
 
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي


محمد جاد الزغبي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,179

+التقييم
0.18

تاريخ التسجيل
Jan 2006

الاقامة

رقم العضوية
780
05-09-2015, 04:28 AM
المشاركة 1
05-09-2015, 04:28 AM
المشاركة 1
افتراضي الحضارة الفرعونية المفترى عليها ( بعد التنقيح )
الحضارة الفرعونية المفترى عليها ( بعد التنقيح ) "[1]"
من غرائب ما تواجهه هذه الأمة ويعد من أخطر أسباب تراجعها رغم الماضي العريق .. هو أن الأجيال الحديثة لا علاقة لها بماضيها مطلقا .. على نحو يكفل التخلف المحقق لأى أمة دون شك ..
لأن التاريخ كعلم يعد هو الأساس الأقدر فى الحضارات جميعا وذلك لطبيعة العلوم الحضارية ذاتها من أنها تتكون بالصبغة التراكمية فيجب أن تتواصل الأجيال اللاحقة مع السابقة وإلا فقدت بإرادتها الحرة كل مقومات التراث وبالتالي كل مقومات الحضارة ..
لأن تاريخ أى أمة عظيمة فى لحظات ضعفها يكون هو الشريان الذى يجدد دماء شبابها للنهوض مجددا ولها اتفق المفكرون على أن إحداث أى فصل بين تاريخ شعب وحضارته , يعتبر هو السلاح الأقوى فى تدمير أى دولة تمتلك مقومات النهوض الحضاري بشقيه , التقدم العلمى والتقنى , والعطاء الفكرى والإنسانى , ويحدث هذا بما نسميه الغزو الفكرى وهو يحقق نتائجه الكارثية بأحد أمرين
إما أن يجعل الشعب يجهل أو يتجاهل تاريخه تماما وبالتالى يفتقد إلى ذلك التواصل والعامل المحفز للنهضة فينقلب إلى تابع مقلد , وإما أن يجعل الشعب يتنكر لهذا التاريخ ويحتقره ويزدريه ويقع فى فخ الإنسلاخ التام من قيمه وموروثاته وبالتالى يصبح شعبا مستعمرا ومحتلا لعدوه دونما حاجة إلى حرب أو جيوش !
وسبب الجهل المدوى بتاريخنا كأمة وفى مصر بصفة خاصة ــ ليس كما كنا نظن ــ عن عيب فى الأجيال الجديدة , بل ظهر للعيان مؤخرا أن السبب الرئيسي فى هذه الكارثة هو ذلك الجيل المتـغرّب الذى ظهر فى مصر يقود معركة التغريب ــ نيابة عن الإحتلال البريطانى ــ ليتسبب فى أكبر انقسام فكرى شهدته مصر فى العصر الحديث , وبدأ مع بدايات القرن العشرين , وأعنى بهم أولئك الذين اخترعوا معارك طاحنة من الهواء عندما مدوا أنوفهم فى العمق التاريخى للأمة وبالذات فى الحضارة الإسلامية ليصدر منهم أكبر الاعتداءات السافرة بحق القرآن والسنة والتاريخ , فى الوقت الذى كانت فيه البلاد تحت وطأة الإحتلال وكانت النتيجة أن تجاهل ذلك الجيل معركة التحرير وانشغل بمحاربة بعضه البعض بسبب سياسة الإستدراج التى اتبعها مفكرو التغريب
بل إنهم تميزوا بتبجح منقطع النظير عندما قاموا بسرقة أفكار وكتابات المستشرقين ونسبوها لأنفسهم , والطريف أن المستشرقون سكتوا عن هذا لغرض فى نفس يعقوب !
وهؤلاء الأعلام ممن ارتكبوا هذه الجريمة , للأسف قام بالإعلام بتضخيم صورتهم وتصويرهم على أنهم رعاة الفكر المستنير وأهملوا عمدا سيرة العلماء والمفكرين الحقيقيين الذين تصدوا لهجمات جيلهم , بينما فعل الإعلام الرسمى العكس مع أمثال طه حسين ولطفي السيد وحتى أحمد أمين الذى يشار له بالبنان كمفكر إسلامى مجدد , وهو ــ رغم قدرته العلمية الفائقة ــ إلا أنه جعل من علمه هذا حجة عليه لا له بعد أن جعل من نفسه ومن كتبه الشهيرة ( فجر الإسلام وضحى الإسلام ويوم الإسلام ) نافذة لأقوال المستشرقين !
وقد روى العالم الجليل الدكتور مصطفي السباعى فى كتابه العظيم ( السنة ومكانتها فى التشريع ) واقعة أراها فضيحة حقيقية لدعاة التنوير تبين فى وضوح أنهم كانوا يفعلون ما يفعلونه عن عمد كامل وليس عن جهل أو شبهة , ففي أحد الوقائع التى تصدى فيها الأزهر لأحد دعاة الطعن فى الثوابت روى هذا الرجل أن أحمد أمين نصحه بنصيحة معينة عندما تابع المشكلة بينه وبين علماء الأزهر وقد نقل الرجل تلك النصيحة للسباعى والتى دونها فى كتابه سالف الذكر قائلا :
( ولما ثارالنقاش في الأزهر حول الإمام الزُّهْرِي عام 1360 هـ قال الأستاذ أحمد أمين للدكتورعلي حسن عبدالقادر وهو الذي أثيرت الضجة حوله : إِنَّ الأزهر لاَ يقبل الأراءالعِلْمِيَّةَ الحرة، فخير طريقة لبث ما تراه مناسبًا من أقوال المُسْتَشْرِقِينَألاَّ تنسبها إليهم بصراحة، ولكن ادفعها إلى الأزهريِّين على أنها بحث منك، وألبسهاثوبًا رقيقًا لا يزعجهم مسها، كما فعلتُ أنا في " فجر الإسلام " و" ضُحَاهُ " هذاما سمعته من الدكتور علي حسن يؤمئذٍ نقلاً عن الأستاذ أحمد أمين ) !! "[2]"
وهذا ما يوضح حتى للعميان لماذا وكيف روج هؤلاء المتغربين لمطاعن المستشرقين على أنها تجديد من بنات أفكارهم وكيف شجعهم المستشرقون على ذلك ودعموهم عقب فشلهم فى اختراق الفكر الإسلامى بمؤلفاتهم لكونها كانت واضحة المصدر من أعداء المسلمين الواضحين , فاستعانوا بأولئك الذى بهرهم النمط الأوربي ودفعوهم إلينا جيلا بعد جيل
وهذا الأمر لم يكن أسلوبا شاذا فى طرحهم بل لا يوجد واحد من دعاة التنوير من أيام طه حسين ومحمد خلف الله وأحمد أمين وحتى يومنا هذا إلا واستقي من معين الإستشراق أو لجأ إلى كتب فرق أهل البدع ليأتى منها بالطعون على السنة النبوية ,
وليتهم مثلا لجئوا إلى التعمية فى سرقاتهم بل كانت سرقاتهم واضحة بجرأة غريبة حتى أن العلامة محمود شاكر أحد أئمة العربية فى القرن العشرين قال عن كتاب الشعر الجاهلى لطه حسين أنه لا يمكن اعتبار الكتاب ومتنه هو من طه حسين بأى صورة من الصور بل لا يزيد عن وصفه أنه حاشية للدكتور طه على متن مرجليوث المستشرق اليهودى المعروف "[3]"
القصد ..
تصدى للمتغربين كبار المفكرين المحافظين وشيوخ الأزهر واستمرت المعركة إلى اليوم مع اختلاف مستوى الصراع بالطبع , فالأجيال القديمة من مفكرى التغريب كانوا على درجة عالية من الإحتراف رغم أنهم اتبعوا مبدأ اللصوصية فى نقل الشبهات , لكن الأجيال المعاصرة التى تملأ فضاء الإعلام اليوم لا يمكن بأى حال من الأحوال وصفها بالفكر أو حتى بالعقل ! , بل هى كائنات دقيقة تستحق اهتمام علماء الأجناس
نظرا لأن هذه الأجيال لم تكتف فقط بالجهل بضاعة , والبذاءة فى العرض , بل تميزت بتبجح مضحك للغاية وهو الجرأة اللامعقولة فى إنكار أى شيئ وكل شيئ , ولا شك أن حكمة ( خالف تٌــعرف ) ستعلن اعتزالها الحياة الفكرية بعد أن ساءت سمعتها بسبب أفعال هؤلاء ,
فالمفكرون فى أى مجال لا يعترضون على مبدأ الإبتكار أو التغريد خارج السرب , ولكن لابد لهذا الإختلاف أن يتميز بالحد الأدنى من العقل ولا يخالف ما توافق المتخصصون على ثبوته بالأدلة , أما أن يخرج أحدهم فيفتش فى أثبت الثوابت فى القرآن والسنة ويأخذ منها أمرا مشهورا ويخرج علينا فى فضائية أو جريدة لينفي وجوده من الأساس , فهذا هو الجنون الحقيقي
بل بلغت النكتة والهذيان بأحدهم أن خرج فأنكر أنه يوجد ثوابت فى القرآن والسنة أصلا ثم نافسه مجنون آخر فقال بأن الشريعة ليست علما من الأساس , ونافسه ثالث فقال بأن الفتوحات الإسلامية خرافة !!
وأنا حقيقة لست أدرى كيف تسكت وزارة الصحة عن المسارعة بعلاج هذه الحالات قبل أن يستفحل خطرها !
ولنا أن نأسي والله على المعارك الفكرية فى الزمن القديم ,
فرغم أن أى إنسان مسلم يضيق صدره عندما يستمع إلى افتراءات المستشرقين أو أصحاب الشبهات إلا أنه فى نفس الوقت عندما نطالع المناظرات العميقة التى دارت بينهم وبين مفكرى الإسلام قديما وحديثا فى النصف الأول من القرن العشرين لا يملك إلا الإنبهار الحقيقي بهذا المستوى الرائع الذى ظهر به الخصوم !
مع ملاحظة أن البحث العلمى والكتب ومصادر المعرفة لم تكن متوفرة بهذه السهولة التى نعرفها اليوم , بل إن بعض المصادر المعرفية الأصلية فى الفكر الإسلامى كان فى ذلك الوقت قابعا فى المخطوطات العربية فى بلادنا أو بلاد الغرب ولم يطبع أصلا إلا فى مرحلة تالية
فجاء المحاربون والمدافعون عن السنة والإسلام فتعاملوا بحرفية شديدة تماثل حرفية القدماء وردوا بنفس براعتهم وفى هذا المجال برز عمالقة تم التعمية على جهودهم مثل عبد الرحمن الرافعى ومحمود شاكر وشقيقه العلامة أحمد شاكر والشيخ محب الدين الخطيب والأستاذ أحمد الشايب والعقاد وكل هؤلاء من فطاحل الجيل الأول الذين مزقوا كتب وشبهات طه حسين وأحمد أمين ومحمد خلف الله وسلامة موسي ولويس عوض
واستمر المستوى المرتفع فى الردود والنقاش من الجانبين على حد سواء فى الجيل التالى أيضا فى عصر الغزالى ومصطفي محمود والشعراوى وعبد الصبور شاهين , فى مواجهة شبهات الجيل التالى من العلمانيين والمتغربين أمثال فرج فودة وغالى شكرى ونصر أبو زيد
وكانت هذه البراعة نتيجة طبيعية لأن تلك الأجيال ورثت بعضها بعضا ,
أما فى عصر مبارك وهو عصر الركود العظيم فقد اندحر الفكر وانسحق فى كافة المجالات وليس فقط فى مجال الفكر الدينى لأن عصور الملكية كان لها مفكروها وكذلك عصر عبد الناصر وأيضا عصر السادات , كل هؤلاء ظهرت فيهم أجيال متمكنة من أدواتها وتمتلك الثقافة الموسوعية الجبارة التى جعلت من متابعة مناظراتهم متعة لكل طالب علم ..
أما عصر مبارك فقد جاءت جحافل الجراد الثقافي التى لا تتقن حتى مجرد التعبير بالعربية الفصيحة , وبعد أن كان الصراع السياسي قديما يدور بين هيكل ومصطفي أمين أو بين محمود السعدنى وتوفيق الحكيم , أو بين فؤاد زكريا والناصريين , أصبحت أقلام عصر مبارك فى مستوى سمير رجب وإبراهيم نافع ثم ممتاز القط وسيد على وعبد الله كمال وأحمد موسي !!
وبعد أن تولى وزارة الثقافة أمثال ثروت عكاشة ويوسف السباعى وكان من رموزها يوسف إدريس ونجيب محفوظ والأبنودى وسيد حجاب , أصبح فاروق حسنى هو وزير الثقافة الأطول عمرا فى تاريخها وأصبح من رموزها سيد القمنى وأمثالهم من المتردية والنطيحة وما أكل السبع ..
ولهذا كان طبيعيا أن يكون الجيل الجديد من دعاة التغريب والإنسلاخ أكثر انهيارا , وإن كنت والله ما توقعت انحدار المستوى إلى الدرجة التى نعتبر فيها جيل النكرات الحالى ممثلا للفكر العلمانى أو الإلحادى !!
وكل هذا يحدث رغم أن الميدان الفكرى لا حدود لاتساعه ويشتمل على قضايا بالغة العمق تستحق الإلتفات والإجتهاد , ولا تتطلب إلا التقليب فى صفحات الكتب أو الإبحار فى محيط المعارف
وقضية التجديد ذاتها ــ رغم الحاجة إليها ــ إلا أن غياب المتخصصين أخذها إلى جوانب أخرى شنيعة تنم عن جهل بأبسط الأبجديات فى علوم الشريعة !
فبداية أصبحت الكلمة نفسها سيئة السمعة بعد أن انتحلها كل متكلم , ووجدنا كل من استخدمها يذهب بها إلى مصادمة النصوص الصريحة فى القرآن والسنة , فضلا على جهلهم بأقوال العلماء فى معانى التجديد فى اللغة والإصطلاح , فالتجديد ابتداء إنما يكون فى إعادة العقيدة والأصول لما كانت عليه فى زمن النبي عليه الصلاة والسلام وتخليصها من الشوائب والبدع والخرافات , وهذا هو مدلول معنى التجديد أما ما يطالب به الإعلام فليس تجديدا بل هو هدم وإعادة بناء لدين جديد لا نعرفه ,
وليس هذا بغريب بعد أن خرج أحد دعاة التجديد ليقول بأن الإسلام الحقيقي مختطف منذ عهد الصحابة وحتى اليوم !! "[4]" ولست أدرى ما هو مصدر إسلامه الجديد ومن أين أتى به ؟!
وقد ظهرت أيضا كلمة وتعبير غريب وهى ( التجديد الفقهى ) والغرابة هنا تكمن فى أن الفقه نفسه لا يحتاج لمعنى التجديد لأن هذا المعنى كامن فى مصطلح الفقه نفسه , فالفقه كعلم له أصوله المتعارف عليها منذ أسسه الفقهاء الأوائل لا يعنى العلم بالأحكام فقط , بل يعنى كيفية تطبيق الأحكام على الواقع , ولما كان الواقع يتغير من عصر إلى عصر بل ويتغير من إنسان لإنسان بل يتغير فى الإنسان الواحد باختلاف ظروفه فى سنوات عمره "[5]" , هنا تكون مهمة الفقه مواكبة التطبيق لظروف الواقع ولهذا فالأحكام الفقهية والفتاوى تتناسب مع واقعها وكل هذا تحت ظلال أحكام الشريعة وفى ضوء المقاصد الخمسة للشريعة والتى تمثل الدستور الراعى للفتاوى فى كل عصر
فإذا رأينا أو سمعنا بفقه لا يعالج واقعه فهذا ليس بفقه أصلا , وعليه فالفقه لا يحتاج تجديدا لأنه متناسب مع عصره , وإلا صارت الفتاوى متوارثة من القدم كأحكام العقيدة والأصول القطعية , وهو ما لم يحدث بالطبع , فاختلف الفقهاء على مذاهب متنوعة نظرا لأن الفقه يعالج الفروع وحدها بالإجتهاد ولا يمس العقيدة والأحكام التى اتفق فيها أهل السنة اتفاقا تاما وليس فيها اجتهاد أو رأى شخصي لأنها محصورة بالنصوص
وكمثال بسيط لإيضاح الختلاف بين مفهوم العلم ومفهوم الفقه ..
فالعلم يقول بأن الصلوات المفروضة للمسلم خمس صلوات فى اليوم والليلة وهى فرض أصيل لا يسقط وإدراكنا لذلك وإخبار الناس به هو من علوم الشريعة , أما الحكم على حالة شخص معين له ظرف استثنائي محدد فهذا ما يحكم به الفقيه لا العالم بالأحكام
والإفتاء مهمة الفقيه وحده العالم بالأصول لأنه لا يفتى الناس بالهوى أو الرأى المجرد بل بما يعلمه من كيفية الإستدلال ومراتب الأدلة والتفرقة بين الواجب والمستحب والمندوب والمكروه بل يمتد الفقه إلى وجوب إدراك حالة كل مستفت على حدة ولكل حالة حكمها الخاص الذى لا يجرى على غيره ولهذا يردد العلماء ليل نهار أن الفقه بحر محيط لا ساحل له وخفيف العقل فقط هو من يتصوره بمجرد النظر فى الكتب أو البحث على الإنترنت !
والعالم بالأحكام مهما اتسع علمه , سيظل غير مؤهل للإفتاء بالفقه إذا لم يدرس أصول الفقه , لأن أصول الفقه هى القواعد التى تم استنباطها من مقاصد الشريعة وتمثل المستوى الأعلى من التشريع كالقواعد الدستورية فى الأحكام الوضعية , أما أحكام الفقه ذاتها فتمثل المرتبة الثانية كالقوانين , ولا يجوز إطلاقا أن يخالف الحكم الفقهى أو يتعارض أو يتصادم مع القواعد الأصولية وإلا تم اعتباره حكما غير صحيح
والعلم بهذه المعلومة البسيطة وحدها كفيل بإسقاط نصف الشبهات التى يرددها متخلفي الإعلام اليوم لأنهم يستدلون على مهاجمة الترات بأحكام فقهية فى أزمان ماضية كانت تتناسب مع الأصول ومصلحة المسلمين فى وقتها ويتخيلون أن هذه الفتاوى ملزمة للعصور التالية !
وفقط مثال بسيط على هذه القاعدة ..
فمعلوم من الدين بالضرورة أنه لا تحريم إلا بنص قطعى الثبوت والدلالة , وقد جاء تحريم الخمر فى القرآن الكريم صريحا , وجاءت السنة فأكملت التشريع بتعريف الخمر تعريفا واضحا كقاعدة قانونية يستدل بها الفقيه والقاضي وكان التعريف أن كل مسكر خمر وكل خمر حرام
يأتى الآن بعض المتخلفين عقليا فيقول أن تحريم المخدرات لا يجوز وليس لنا إلا أن نعتبرها مكروهة لعدم وجود نص صريح !!
وهذا جهل شديد بكل أصول الإستدلال والإفتاء لأن المخدرات تماثل الخمر فى الحكم كتفا بكتف وبالنص الصريح أيضا لكن القائل بهذا أخذ ظاهر النص دون أن يتعلم شيئا من الأصول , فالنص لم يحرم الخمر فى صورتها السائلة كمشروب فقط !! , بل جاء النص ليحرم كل مسكر وكل ما يذهب بالوعى والعقل , فضلا على كل ما يلقي بالنفس إلى التهلكة ..
وبالعودة إلى القاعدة الأصولية ( لا ضرر ولا ضرار ) والعودة إلى مناط حكم تحريم الخمر وهو حماية العقل يتضح لنا ببساطة أن المخدرات تنزل حكم الخمر تماما ,
وهذا ــ كما قلت ــ مجرد مثال على مدى تعقيد مسألة الإستدلال وهى مسألة لا تكاد تذكر فى سهولتها إلى جوار النوازل الأصولية التى ترهق عتاة أهل العلم ..
وأهل التطرف وأهل التسيب يتعاملون مع القواعد الأصولية باللهو واللعب ,
فالمغيبون ممن دخلوا إلى الفقه من غير بوابة الأصول تجده يتشدد فى فتاوى لو علم أثرها ما خرج من بيته لأنه أنزل المتغيرات فى مكان الثوابت وألغي من القواعد الأصولية أهم قاعدتين وهما رفع الضرر والمشقة تجلب التيسير , وعلى الجانب الآخر استغل جهلة الإعلام قواعد الأصول التى تنص على أنه حيثما تكون المصلحة فثم شرع الله
فخرجوا علينا لينقضوا الفرائض ويحللوا المحرمات تحت زعم المصلحة , وهؤلاء لم يفرقوا بين المصلحة المجتمعية التى يراعيها الفقه وبين الشهوات التى يطالبون بها تحت زعم التيسير مما ينسف فكرة التدين من أساسها !
ولو أضيف لتلك الكارثة كارثة أخرى وهى التسطيح وعدم التدقيق ينقلب التخلف إلى موت حقيقي لأى شعب .. وهو ما نعانيه بحذافيره سواء كنا كعرب من ورثة الحضارة الإسلامية أو مصريين من ورثة تاريخ الكنانة الأقدم فى الأرض وهو إيماننا ببعض المعارف أو الثقافات التى أخذناها على عواهنها دون تدقيق ودونما بذل الحد الأدنى من الجهد لتحرى الصدق والواقع فيها كما لو كانت مسلمات غير قابلة للنقض أو النقد ..
والمشكلة الحقيقية أن تصحيح تلك الأفكار لا يتطلب ابتكارا أو جهدا لأنها قضايا محسومة أصلا ولكنها وصلت إلينا بصورة خاطئة أو مصنوعة بينما بالعودة إلى المراجع الأصلية فى أى ميدان سنجد أن العلماء السابقين بينوها ومحصوها ولا أدرى إلى اليوم ما هو سر ترويج الأقلام لخرافات تاريخية وروايات باطلة رغم أن المصادر الصحيحة متوافرة ومتضافرة
والأمثلة على ذلك بلا حصر ..
ولعل أخطرها وأهمها انتشار أكاذيب الراوة الكذابين للتاريخ الإسلامى فى كتابات المعاصرين "[6]" وترك الروايات الصحيحة لأن المعاصرون أهملوا دراسة منهج كتابة التاريخ الإسلامى فأخذوا من الروايات ما اشتهر وحسب, فروجوا لأباطيل لم يقع منها شيئ ومثال ذلك ما حوته كتب المعاصرين عن أحداث الفتنة الكبري وواقعة التحكيم والتى تم الترويج فيها لرواية لوط بن يحيي ( أبو مخنف ) أحد أكذب الراوة المشهورين عند علماء الحديث , وهو الذى ابتدع قصة خدعة التحكيم وخداع عمرو بن العاص لأبي موسي الأشعري إلى غير ذلك من الطعون التى اشتهر الرافضة بنشرها فى حق الصحابة ,
فجاء المعاصرون ولم ينقلوا إلا هذه الرواية من تاريخ الطبري وتركوا رواية الإمام الدارقطنى ــ وهو شيخ البخارى ــ والتى أوردها عنه الإمام أبو بكر ابن العربي فى كتابه الهام ( العواصم من القواصم ) " [7] " وأوردها كذلك المؤرخ خليفة ابن خياط صاحب أوثق مصادر التاريخ الإسلامى الأصلية وأثبتها "[8]"
وعندما بين العلماء ما وقع فيه الإعلام من الجهل عاندوا وكابروا وزعموا أنهم وجدوا تلك الروايات فى الكتب !! , وهذا من أعجب العجب , لأنه ليس ذنبنا أن يذهب أحمق إلى كتب التراث الأصلية التى لا يعلم طرقها ومنهجها فيأخذ منها ما يشاء وإلا لذهب الناس إلى كتب الموضوعات والمكذوبات التى جمعها علماء الحديث وحكموا عليها بالوضع , فيأتى أى شخص فيأخذ منها ويطبق !!
والغريب أن لا يكلفون أنفسهم حتى قراءة مقدمات الكتب ,
فالذين ذهبوا إلى أكبر مصادر التاريخ الإسلامى جمعا للروايات هو تاريخ الطبري وأخذوا منه ما وافق هواهم تجاهلوا ما قاله الطبري نفسه فى مقدمة كتابه حيث نبه الرجل إلى أنه وضع كتابا حرص فيه على جمع المادة العلمية بطرقها ورواتها أما مسألة النقد والتمحيص واستخراج الروايات الصحيحة من الضعيفة فقد تركها للمحققين وهذه هى طريقة العلماء قديما فى الكتابة لأنهم كانوا الآباء المؤسسين لعلوم الشريعة والتاريخ فكان يلزمهم أولا الإهتمام بجمع المادة العلمية فى كتب بعد تكاثرت طرق الرواية , وهم فى جمعهم سائر ما وجدوا لم يجمعوه على أنه صحيح أو أنه مسلم به وإلا ما هى فائدة علوم الحديث أصلا !
فعلوم الحديث قامت على إفراد قوعد النقد والتحرى للأسانيد والمتون معا , وأكرر نقد الأسانيد والمتون معا قبل الحكم بالصحة أو الضعف وليس كما يروج الإعلام أنهم اهتموا بالأسانيد فقط
وبعد عصر التدوين الأول ظهر فى مواكبتهم أهل التحقيق والنقد وتتبعوا كل كتاب وكل مخطوط ووضعوا أحكامهم عليه فوصلت إلينا علوم الشريعة والتاريخ والآداب والفنون ممحصة ومدققة "[9]"
يتبع

الهوامش :
[1] ــ قمت بنشر هذا البحث عام 2007 م , ثم استجدت معلومات وأفكار جديدة تخدم نفس الفكرة , ولهذا رأيت إعادة نشره بعد التنقيح ..
[2] ــ السنة ومكانتها فى التشريع ــ مصطفي السباعى ــ ص 266
[3]ــ الشعر الجاهلى كتاب شهير لطه حسين احتوى على كفريات شنيعة وتم تقديم طه حسين للمحاكمة بسببه فتبرأ من أفكاره أمام النيابة كعادة هؤلاء القوم إذا اشتعل غضب الناس حيث يتراجعون عن صريح أفكارهم العلنية , وقد رد الكثير من الأئمة والمفكرين على طه حسين وأشهرهم الرافعى فى كتاب تحت راية القرآن وكذلك الشيخ محمود شاكر فى كتابه الممتع أباطيل وأسمار
وهناك رواية غير موثقة تقول بأن طه حسين تاب عن أفكاره تلك قبل وفاته وشهد بذلك بعض معاصريه ونتمنى أن يكون ذلك قد حدث
[4] ــ قالها ثروت الخرباوى فى حوار له مع جريدة فيتو بالملحق الذى صدر تحت عنوان ( المجددون )
[5] ــ هذا من مبادئ علم الأصول ومنه تم اشتقاق كلمة الفقه بمعنى الفهم والإدراك ويرجى مراجعة نظرية العقد للشيخ محمد أبو زهرة فى باب اختلاف العلماء حول تطور العقود وشروطها عبر التاريخ الإسلامي
[6] ــ يرجى مراجعة البحث الهام ( روايات الكذابين فى التاريخ الإسلامى ) لكاتبه الدكتور خالد كبير علال
[7]ـ حول هذا الموضوع يرجى مراجعة بحث مختصر بعنوان ( الفتنة الكبري بالروايات الصحيحة فقط ) وضعت فيه أقوال علماء الحديث والتاريخ قدامى ومعاصرين حول وقائع الفتنة
http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=392
[8] ــ رغم مكانة وجلالة كتاب تاريخ خليفة ابن خياط هو وكتاب تاريخ المدينة لابن شبه وروايتهم للتاريخ بالسند والمتن الصحيح إلا أن المثقفين والكتاب لا يعرفون عنه شيئا تقريبا ولا يحتجون إلا بتاريخ الطبري , وتاريخ الطبري رغم أنه أحد المصادر الرئيسية إلا أن الطبري نفسه نوه فى مقدمة كتابه على أنه لم يشترط صحة الروايات فى رواياته بل اكتفي بإثبات إسنادها وترك تحقيق الروايات وقبولها أو رفضها للمحققين تطبيقا للقاعدة التى تقول ( من أسند فقد أحال )
[9] ــ لمطالعة المزيد عن جهود علماء الحديث يرجى مراجعة بحث مختصر للكاتب بعنوان ( أعظم عملية مخابرات فى تاريخ الإسلام ) ــ منتديات منابر


قديم 05-09-2015, 04:33 AM
المشاركة 2
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ومثال التسطيح أيضا ما اشتهر عن مسمى القبط الذى يتم إطلاقه على المسيحيين فى مصر على أنه مرادف للمسيحية بينما كلمة القبط لفظ شامل يجمع أصول كافة المصريين أى أنها وكان هو مسمى مصر قبل أن يأتى إليها مصرايم بن سام بن نوح عليه السلام الذى تنسب إليه التسمية الجديدة أى أن اسم مصر كان بعد طوفان نوح عليه السلام أما مصر ما قبل الطوفان فكانت هى القبط أو جبت وهى التى حـُرّفت فيما ذلك واتخذ منها مسمى " ايجيبت " المعروفة به مصر حتى الآن فى العالم
بالإضافة إلى آفة الثقافات ودائها وهى ثقافة الإتكالية الغير مقبولة بأى منطق حول بعض الأدعية المأثورة وبغض النظر عن صحتها وعما هو غير حقيقي فيها فان الكارثة تكمن فى اعتبار تلك الأدعية المأثورة ضامنة لإجابة الدعوة أو النجاة من النار بمجرد القراءة وهو تسطيح لدعوة الإسلام وفكره الذى ينص أول ما ينص على مصادقة القلب للقول بالعمل
وأيضا فى المعارف العادية نجد الكثير من أصحاب القلم ـــ وهم أهل التدقيق ــ كما يفترض مسلمين أنفسهم وعقولهم لبعض المعارف التى سقطت أو التى لا تعد من قبيل المعرفة وكأنى بأهل الثقافة يقتربون حثيثا من مستوى العامة الذين يرضون بأقل المعرفة مما هو لازم لحياتهم وفقط ..
مثال ذلك ما انتشر عن نظرية التطور التى ابتكرها تشارلز داروين واشتهر عنها أن داروين يقول بأن الإنسان أصله قرد وهى السمعة الصحفية التى نشأت كنادرة أو طرفة ثم انتشرت على أنها محتوى النظرية كله ..
مع أن داروين لم يقل بهذا والطريف أن محتوى النظرية الحقيقي أكثر طرافة ومدعاة للضحك من مقولة انتماء الإنسان للقرود فى أصله البعيد .. فالنظرية تقول بأن الأنواع والمخلوقات منشؤها خلق واحد تفرعت منه أنواع المخلوقات حسب التكيف الطبيعى عبر آلاف السنين وهو ما سقط بالطبع عندما جاء علم التصنيف ليكتشف أن بعض أنواع الزهور والتى تعد نوعا واحدا من النبات له أنواع مختلفة فى شكله وغذائه يربو عددها على ثلاثين ألف نوع مما يجزم بالطبع بأن كل نوع وكل عائلة وفصيلة لها منشأ مستقل تماما "[1]"
ومنها ما يتم تدريسه عن عمد أو عن جهل بحقائق التاريخ لطلبة المراحل الأساسية للتعليم فى مصر على نحو يعد جريمة معرفية بحق هؤلاء الطلبة .. فمنذ بضع سنوات مع الكشف عن عدد من أقوى الوثائق البريطانية والفرنسية والايطالية المتزامنة مع أحداث تنصيب محمد على باشا واليا على مصر .. ظهرت للوجود حقائق تقلب تاريخ تلك الفترة رأسا على عقب
فالمعروف والذى يتم تدريسه لطلبة التاريخ أن محمد على تم تنصيبه على مصر باتفاق العلماء وقادة المجتمع المصري فى فترة حساسة من تاريخ البلاد وكان هذا الاختيار للجندى الألبانى الأصل محمد على من اتفاق وتزكية هؤلاء السادة برياسة السيد عمر مكرم العالم الأزهرى المعروف ونقيب الأشراف وقتها
ولأن المدقق خلف هذا الأمر يجد عجبا من أن سير الأحداث لا يبدو سيرا منطقيا مع انتفاء أى تأثير للقوة الأجنبية الأوربية التى كانت تملك زمام الأمر فى المنطقة حتى من قبل فترات الاحتلال الصريح .. وهو ما بينته الوثائق عندما تم الكشف عن أن محمد على أخذ طريقه إلى كرسي العرش فى مصر بمعاونة ومباركة فرنسا بعد تحييد بريطانيا وتمت الصفقة بين محمد على نفسه الذى اشترى الولاية وبين " بافاروتى " القنصل الفرنسي فى ذلك الوقت وكان الثمن مجموعة منتقاه من الآثار الفرعونية نقلها بافاروتى كاملة وأسس بها متحفا خاصا به فى مسقط رأسه بايطاليا فى الوقت الذى ظن فيه كبار المصريين أنهم بصدد صفقة تتم بمقتضي إرادتهم فقط دون إدراك لكوامن السياسة العالمية التى كانت علاقاتها فى ذلك الوقت بالنسبة لهم تمثل لغزا وحجابا من غموض تام .. "[2]"
ونفس الأمر حدث فى اتفاقية الوفاق الودى بين بريطانيا وفرنسا عام 1907م والتى كانت نتاجا لإعداد طويل قبلها , حيث تم تقسيم التركة مسبقا بين بريطانيا وفرنسا وكان محتوى التركة يشمل منطقة الخليج والعراق والشام بأكملها فضلا على دول شمال افريقيا والمغرب فى غيبة كاملة من السلطان العثمانى المغيّب , وأولياء الأمر العرب فى تلك المناطق ممن كانوا بعيدين كل البعد عن مجرى الأحداث وطرق السياسة الدولية بين القوى العظمى الأوربية والتى كانت تبدو من الظاهر غير متدخلة فى مصائر شعوب مستقلة ,
حيث كان الاحتلال لم يبدأ بعد فى أغلب المناطق العربية عدا مصر والجزائر , بينما خلفية الأحداث تحمل فى وضوح بصمات الدول الكبري ومصالحها وهذا هو الذى دعا كلا من بريطانيا وفرنسا للتدخل معا لتحطيم جيش وأسطول محمد على عندما قويت شوكته وهدد السلطنة العثمانية فى الشام وكاد يسقطها فتدخلت الدولتان لتحجيمه فورا عقب الاتفاق مع الباب العالي على المقابل الذى شمل وعدا صريحا بتوطين اليهود تمهيدا لإنشاء وطن قومى لهم .. والذى لم يعرفه السلطان العثمانى أن بريطانيا وفرنسا كانتا ستحطمان محمد على حتى لو لم يطالبهما الباب العالى بذلك تبعا لقواعد اللعبة السياسية والتى لا تسمح لقوة محمد على أن تتعدى الحدود للمحميات التى تسيطر عليها الدولتان خفية ولذلك تركا محمد على حرا فى تدمير حركة الأمير محمد بن سعود فى الحجاز بينما لم يصبروا عليه يوما عندما طرق أبواب الشام
لكن وبالرغم من الصورة القاتمة من غياب ثقافة المعرفة , إلا أن الصورة تبدو مختلفة مع صحوة جديدة منذ بضع سنوات
الأمر يبدو مختلفا مع أجيال الشباب الجديدة التى كان مولدها مع بداية عصر مبارك حيث جاءت هذه الأجيال مستقلة تماما عن ضغائن التفرقة السياسية التى حملها آباؤهم , وهى أجيال تعرضت للتهميش فلما بلغوا سن اكتساب المعرفة دخلوا إلى مجال الثقافة متسلحين بمصادر جديدة للمعرفة ووسائل أسهل كثيرا من أساليب الماضي , وكان من أفضل ما فعلته تلك الأجيال أنها نفضت يدها من الإعلام التقليدى ووسائله بعد أن أشبعوهم سخرية على مواقع التواصل الإجتماعى , وتفرغوا بعد ذلك لنشر معارفهم ونتائج بحثهم على الإنترنت الذى أصبح البديل الأقوى للصحف الفضائيات "[3]" بل إن الفضائيات أصبحت تتسول منه الأخبار والأحداث
وهذا الجيل الجديد النابغ أعطى درسا قاسيا للأجيال التى احتكرت مقاعد الصدارة فى غفلة من الزمن , حتى أن أحد أبناء هذا الجيل وهو الإعلامى الساخر باسم يوسف حقق شعبية كاسحة بموهبته فقط , وتمكن بثقافته المتميزة من إثارة قضايا ملحة وثقيلة وغلفها بأسلوب ساخر موضوعى عجز كافة الإعلاميين عن تقليده , والمشكلة أنهم حاولوا استنساخ تجربته باستخدام نفس إعلامييهم وفشلوا فشلا ذريعا لأنهم لم يدركوا بعد سر تفوق هذا الجيل
وعودة إلى موضوع هذا البحث ..
وهو يركز على تلك الثقافة التى حكمت الكثيرين من أن الحضارة الفرعونية حضارة وثنية وتعددية ولها 2800 إله , وهم الذين تنتشر تماثيلهم عبر ربوع مصر شمالا وجنوبا بالإضافة إلى أن القرآن الكريم حدثنا عن فرعون الطاغية الذى ادعى الإلوهية فهى بالتالي حضارة كفر وإلحاد وما إلى ذلك من المعارف التى ترسخت فى الأذهان بينما الحقيقة كانت واضحة حتى من قبل النظريات الحديثة للتاريخ المصري ومن خلال قصة فرعون ذاتها قاطعة بأن أرض مصر عرفت التوحيد فى العصور الغابرة منذ عهد إدريس عليه السلام ولم تكن الوثنية إلا فترات طارئة داخلت تاريخها بعد طول المسافة بينها وبين الأنبياء , وهو الأمر الذى تكرر فى شتى الأمم ,
مع فارق جوهرى يخص التاريخ المصري أن التوحيد فى مصر ظل قائما عبر العصور ولم يحدث أن اندثر التوحيد من أرضها بشكل نهائي مهما استبدت عصور الجهل والوثنية
وتعالوا نلقي نظرة سريعة لنعرف ونر ..

الهوامش :
[1] ــ للدكتور مصطفي محمود حلقة مهمة حول هذا الموضوع بعنوان " غلطة داروين "
[2] ــ كشف هذه الحقيقة الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى إحدى حلقاته التى خصصها للتاريخ المصري
[3] ــ ظلت المنتديات الثقافية ــ ولا زالت ــ مرتعا لآلاف البحوث القيمة منذ عام 2004 ثم انتشرت مواقع التواصل الإجتماعى فى الإستخدام فتأسست آلاف المجموعات والصفحات التى تضم شبابا صغير السن عظيم الهمة تواصلوا وأعادوا للكتاب رونقه ورفعوا مبيعات معارض الكتب فى مصر وغيرها لمبيعات قياسية ومن أنجح هذه المجموعات مجموعة ( ماذا تقرأ هذه الأيام ) على الفيس بوك التى تضم آلاف الشباب لا يتفاخرون بشيئ إلا بالقراءة والثقافة وكمية الكتب التى يحوزها كل منهم

قديم 05-09-2015, 04:38 AM
المشاركة 3
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عمق الحضارة الفرعونية ..
علم المصريات أو الفرعونيات الحديث هو علم تأسس من ثلاثة قرون على يد الغرب الأوربي ثم الأمريكى فيما بعد وصارت جامعات الغرب وباحثيه هم أساس هذا العلم مع الأسف الشديد , ولم ينبغ من العرب أو المصريين أنفسهم إلا عدد قليل للغاية من علماء الآثار كان أولهم أحمد كمال باشا والدكتور سامى جبرة والدكتور سليم حسن وأخيرا زاهى حواس بالرغم من أنها حضارتنا نحن إلا أن الغرب بلغ شغفه الغير اعتيادي بها حدا يفوق الجنون ذاته .. وتفرع هذا العلم وتعددت أقسامه فى فرنسا وبريطانيا وايطاليا وأمريكا وتنوعت بحيث صار كل أثر وأسرة تمثل فى التاريخ المصري قسما مستقلا
كما أن علم " بيرامدولجى " وهو علم الهرميات تأسس كعلم مستقل وله أقسامه المتفرعة والتى يعكف الباحثون عليها منذ عشرات السنين ليضيفوا العديد والعديد لتلك الحضارة التى سادت العالم عشرات القرون , فى نفس الوقت الذى كانت فيه مصر قبل منتصف القرن الماضي لا تعير لتلك الآثار اهتماما حتى أن بعض أحجار وقشرة الطبقة الجيرية التى كانت تكسو الهرم بأكمله , وعليها نقوش ذهبية وجداول فلكية رهيبة أخذها سكان مصر القديمة واستخدموها لبناء أركان منازلهم التى لا زال بعضها حتى اليوم يحمل فى قلبه أحجار منتزعة من الهرم منذ انهيار القشرة الجيرية بجداولها فى الزلزال الذى ضرب المنطقة فى القرن السابع عشر ..
وبصعيد مصر عندما فكر عبود باشا الاقتصادي المصري الشهير فى بناء مصنع سكر نجع حمادى يمم وجهه ناحية معابد الأقصر وانتزع منها العديد من الأحجار ووضعها فى أساس المصنع !
وقد بدأ البحث خلف سر الهرم الأكبر الذى يعد أعقد ألغاز الحضارات القديمة على مر التاريخ منذ أيام خلافة المأمون عندما دخل بعض علماء العرب للهرم وكتبوا عنه وأثارتهم دقة البناء وتساءلوا عن هدف بنائه وهو الهدف الذى لا زال حتى وقتنا هذا لغزا غامضا لم يتم حسمه ..
والحديث عن الهرم الأكبر يطول بأحجاره التى بلغت مليون وستمائة ألف حجر يتراوح وزنها بين 12 طن وسبعين طنا قيل أنها مجلوبة من أقاصي الصعيد بوسيلة مجهولة , ومرصوصة فى دقة هندسية خرافية بوسيلة غير معروفة أيضا
ويبلغ الإعجاز الهندسي فيه حدا لا زال العلم الحديث بكل منجزاته يقف عاجزا عن محاكاتها لأن الهندسة التقليدية التى نعرفها تقف عاجزة عن تقنين العلاقات الرياضية الرهيبة بين أطراف الهرم والتى تحاكى بدقة مذهلة أبعاد الكواكب والنجوم بحيث يعد الهرم معجزة فلكية أو مرصد كما قالت بعض النظريات ..
هذا الهرم الذى قال عنه علماء القرن الثامن عشر أنه مقبرة للملك خوفو .. وبالرغم من أن تلك المعلومة سقطت من ميزان علم الآثار منذ سنوات , إلا أننا حتى الآن كمصريين ندرس أن الهرم هو هرم خوفو مع أن علماء المصريات عندما صححوا تلك المعارف كانت الأدلة قاطعة على زيف معظم ما توصل إليه علماء ذلك الوقت من أن خوفو هو بانى الهرم الأكبر لأنهم اعتمدوا على عبارة منقوشة بداخل إحدى الخرطوشات الملكية ومكتوب عليها بالهيروغليفية " هيليم خوفو " وهى التى اعتمد عليها العلماء منفردة فى وقتها لينسبوا الهرم الأكبر إلى هذا الملك الذى نجهل كل شيئ عنه ولا وجود له فى التاريخ القديم بالرغم من وجود تمثال صغير وحيد له وبعض معلومات ضئيلة عثر عليها الدكتور زاهى حواس منذ سنوات
وعبارة " هيليوم خوفو " هذه لا تعنى الملك خوفو كما تمت ترجمتها بل تعنى حرفيا بالهيروغليفية " الله جل جلاله " "[1]"
الأكثر مدعاة للأسي أن عمر الهرم نفسه والذى ندرسه كمصريين بأنه يبلغ من العمر خمسة آلاف عام هو أمرٌ تراجع عنه العلماء الموثوق بهم فى التاريخ الفرعونى وأجمعوا على خطئه وعلى رأسهم " مانيتون " أكبر عالم أثريات فى هذا التخصص , ونقل لنا تاريخ العرب فى مصر أن أحد علماء العرب وضع تفسيرا لبناء الهرم وتحليلا له كان منه أن الهرم عمره خمسة وثلاثين ألف عام
ولو أننا وضعنا بأذهاننا أن التاريخ المكتوب للعالم أجمع بدأ منذ عشرة آلاف عام فقط فلنا أن نتخيل مدى الحيرة التى استبدت بعلماء الغرب عندما توصلوا لكشفيات أثرية إغريقية تؤيد القول بقدم الهرم بهذا الشكل وتؤيد القول العربي
فالتاريخ الفرعونى المكتوب الموجود لدينا يبدأ من عهد الأسرة الأولى التى أسسها الملك مينا موحدا بها قطرى مصر شمالا وجنوبا منذ سبعة آلاف عام أما قبل هذا التاريخ فلا نعرف معلومة واحدة , ولنا أن نتخيل كم الأسرار الذى تحتويه فترة الدولة الفرعونية المزدوجة شمالا وجنوبا قبل مينا وهى التى استمرت فى التطور بعد ذلك مكملة للحضارة الفرعونية
ولو أننا ألقينا نظرة على أحدث الكشوف والنظريات العلمية فى هذا المجال سنكتشف ما هو أعجب ..
فعمر الإنسان على الأرض يبلغ مائة ألف عام وتقريبا ,
وكما سبق القول لا يوجد تاريخ مكتوب يصل لأقصي من عشرة آلاف عام سابقة فقط وقد عثر العلماء على أدوات علمية ومعادن وآثار لأشعة وقنابل تراوحت أعمارها بين عشرين ألف عام وخمسة وثلاثين ألف عام وكلها تنبئ عن حضارات سادت ثم بادت وهى التى ينقل لنا القرآن الكريم ومعظم الكتب المقدسة لمحات عنها ..
والذى يعنينا فى هذا الشأن ما كشفه أحد الباحثين الفرنسيين من أن أفلاطون عندما جاء لمصر والتقي بكهنة الفراعنة أخبروه عن أطلانطس وسجل أفلاطون هذا اللقاء فى محاورة " كريتياس " كما أن هيرودوت التقي بهم وكان تعليقهم أن علوم الحضارة الفرعونية بلغت حدا مرعبا وهى علوم تقتصر فقط على الكهنة كما أن الفراعنة تركوا آثار حضارتهم فى حضارة الأزتيك بالمكسيك والحضارة الصينية أى أنهم قطعوا العالم شرقا وغربا وكل هذا قبل التاريخ المعروف والمكتوب
الأكثر إثارة هو ما كشفته صحف نبي الله إدريس عليه السلام والتى اكتشفت فى عدة نسخ بعدة مواضع وهو أول الأنبياء بعد آدم عليه السلام ومعروف أنه استقر بمصر وتبعه أهلها وعلمهم الكتابة والحياكة وصنع أدوات الحضارة , مما وهبه الله ونقل لهم أخبار طوفان سيأتى على العالم بعده وهو طوفان نوح عليه السلام والذى جاء مكتسحا لكل العهد القديم .. وهو السبب الرئيسي لغياب كل أوجه وعلامات الحضارة السابقة عليه مما دعا ببعض العلماء للخروج بنظرية أن الأهرامات بنيت لأجل الحفاظ على تراث الفراعنة من الطوفان ومن ثم أودعوا الأهرامات الثلاثة كل الأسرار العلمية والكونية التى توصلوا لها
ومنذ إحياء الحضارة الفرعونية بمصر عقب الطوفان ظهرت للوجود أسطورة أزوريس التى دخلها الكثير من التحريف وحملت الكثير من حقائق وجود نبي الله إدريس عليه السلام وبقايا علمه الذى علمه للمصريين
والواقع أن هذا يعنى ببساطة أن العالم أجمع يلهث ويكتشف كل يوم جديدا فى أثر تلك الحضارة ونحن فى غفلة مرهونة بعلوم ندرسها عفا عليها الزمن .. وأمام تاريخ يحتاج الكتابة من جديد بل والتحديث المستمر مع الكشف المذهل الذى يتتابع ويربط بين حضارات العالم القديم ويصوغ ويضبط أحداث ما قبل التاريخ المكتوب
وقد أطال الدكتور مصطفي محمود البحث خلف تقنية بناء الأهرامات بالتحديد , ورفض ــ كغيره ــ كل النظريات التى عالجت طريقة البناء لأنها نظريات غير قابلة للتحقق , وخلص من هذا إلى أن الفراعنة لا شك أنهم عرفوا تقنية ( مضادات الجاذبية ) والتى تتيح للعلماء التغلب على الوزن الهائل لتلك الصخور ..
ولكن منذ عدة سنوات طرح أحد الباحثين الجادين فى هذا المجال فكرة جديدة تستحق التأمل والدراسة , وهو المهندس عبد الدايم كحيل الذى لفت نظره بشدة آية فى القرآن الكريم يخاطب فيها فرعون وزيره هامان لكى يبنى له الصرح الذى سيطـّـلع به على إله موسي عليه السلام كما يظن , وتقول الآية الكريمة :
( وقال فرعون يا أيها الملا ما علمت لكم من اله غيري فأوقد لييا هامانعلى الطين فاجعل لي صرحا لعلي اطلع الى اله موسى)
وهنا ثار التساؤل عن مغزى قول فرعون بالإيقاد على الطين , لا سيما وأن القرآن الكريم بالغ الدقة والتحديد فى تعبيراته المعجزة , وخلص الباحث إلى أن الآية الكريمة تشير إلى تقنية البناء التى استخدمها الفراعنة فى تشييد مبانيهم , وركز الباحث على الخوض وراء الآية الكريمة حتى قال بأن الهرم تم بناؤه كبناء متحد من عجينة طينية وممزوجة بالحصي والكلس وبعد ذلك تم إيقاد النار فيها فاكتسبت صفتها الحجرية ..
ولو كان الباحث مصريا أو عاش فى مصر لعثر على أدلة كثيرة لنظريته تلك تدعمها بشدة ,
فهذا التفسير مقبول لأسباب جوهرية أن صعيد مصر ظل حتى فترة قريبة من القرن العشرين يتوارث عن الفراعنة بعض العادات فى الزراعة والبناء وأشهرها طريقة صناعة ( الطوب الأحمر ) الذى يتم استخدامه فى الأبنية الأسمنتية حيث تتم صناعة قوالب الطوب من الطمى الليّن المخمر ثم يتركها الصانع حتى تجف تماما وتتصلب نسبيا ثم يتم رص آلاف القوالب فى شكل هرمى تحديدا ــ وهذا هو ما يلفت النظر ــ وهذا الشكل الهرمى يتم بناءه فوق بعضه البعض دون استخدام أى مواد لاصقة وبطريقة هندسية معينة تترك فراغات محسوبة , ثم يتم كسوة هذا الهرم بطبقة طينية لينة من جميع جوانبه , ثم تأتى المرحلة الأخيرة وهى إشعال النار باستخدام المواد المساعدة للاشتعال ويتم تركه حتى تخمد النار فتخرج قوالب الطوب الأحمر الصلبة فى شكل صخرى يتم استخدامها بعد ذلك فى الأبنية الحديثة المبنية بالخرسانة المسلحة ..
ولا يمكن بأى حال من الأحوال أن نتجاهل التشابه الشديد بين الأمرين ,
فضلا على أن هذه النظرية تفسر كل ألغاز البناء بالفعل , فصخور الهرم نفسها متساوية وملساء كما لو أنها مصبوبة صبا ولا يمكن قبول القول السائد بأنها صخور جبلية تم اقتطاعها من الجبال بهذه الدقة ونحتها لتصبح ملساء لهذه الدرجة , هذا فضلا على أن بناء الهرم لم يستخدم فيه أى مواد بناء أو أسمنت بل تم رص الأحجار فوق بعضها البعض لتلتصق بإحكام اعتمادا على الفراغات الهوائية ..
وهذه الفراغات الهوائية أو الفقاعات الموجودة فى صخور الهرم لا تتكون فى الغالب إلا بسبب النيران التى تستنزف الأكسيجين من الحجر , ويضاف إلى ذلك أن الهرم تمت كسوته بطبقة جيرية تغطيه تماما وهذا كله يطابق نفس الطريقة التى تتم بها صناعة قمائن الطوب الأحمر ..
وهذا يعنى أن الهرم لم يتم بناؤه من الصخور الجبلية بل تم بناؤه من عجينة طينية ورملية بطريقة المصفوفات حيث يتم بناء الصخور الهرمية نفسها طبقة وراء طبقة ولا يتم بناء الطبقة العليا إلا عندما تجف الطبقة السفلي فينتج عن ذلك فراغ هوائي ضئيل بين الطبقتين وبعد البناء تم إيقاد النار فيه فتشكل الهرم وتمايزت صخوره عن بعضها البعض بعد اكتسابها الصلابة وبالطبع تظل مستقرة فوق بعضها البعض لوزنها الهائل
وكان من عجائب المصادفات أن أعثر على ما يدعم هذه النظرية من أحد أشهر مراجع تاريخ مصر الإسلامية وهو كتاب ( النجوم الزاهرة ) للعلامة ابن تغربردى حيث يروى أن أحمد ابن طولون استدعى أحد العلماء المصريين ممن ورثوا بعض المعارف الفرعونية وسأله عن وسيلة بناء الهرم وكيف تمكن الفراعنة من رفع هذه الأحجار وأين كانوا يضعون الآلات الضخمة التى تقوم بهذه المهمة بل كيف تأتّى لهم صناعة مثل هذه الآلات ..
فأجابه ذلك العالم قائلا : كانوا يبنون الهرم بناء واحدا دفعة واحدة ثم إذا فرغوا من البناء نحتوه من أعلى إلى أسفل "[2]"
والعبارة لا تحتاج تعليقا لوضوحها فهى تثبت أن الهرم لم يــُــبن برص الصخور بل بــُــنى كبناء متحد ثم نــُــحتت أحجاره وتمايزت بعد ذلك ..
وتلك النظرية ــ لو ثبتت صحتها ـــ سيعنى هذا أننا نلك الوسيلة التامة لمعرفة عمر الهرم بالتحديد , وذلك بطريقة الجيولوجيين المشهورة عن طريق تحليل وقياس كمية غاز الأرجون فى الصخور وبها نتمكن بمنتهى البساطة من قياس عمر أى صخرة على الأرض وبدقة تبلغ نسبة الخطأ فيها مائة عام لكل خمسة مليون عام !
وكانت تلك الوسيلة البحثية الفريدة هى التى مكنتنا من معرفة عمر الأرض من أقدم صخورها وهو عمر يمتد فى التاريخ إلى أربعة آلاف وخمسمائة مليون سنة
والذى كان يمنع العلماء من هذه الوسيلة لقياس عمر الهرم أنهم اعتقدوا بأن بناء الهرم يتألف من أحجار الجبال وبالتالى فإن القياس هنا سيقيس عمر تلك الصخور وليس عمر البناء الهرمى , ولكن ما دام البناء الهرمى ناتج أصلا عن صناعة يدوية فعمر صخور الهرم هو ذاته عمر الهرم نفسه ..
وفى الواقع أنا لا يلفت نظرى فقط أن كتاب ابن تغربردى ـــ وهو من كتب تراثنا العظيم ــ احتوى على هذه الإشارة البالغة الأهمية , بل الذى يلفت النظر أكثر هو سؤال مغتاظ أين الباحثون ومن ينادون بحرق كتب التراث من المعارف والعلوم التى يحتويها تراثنا وما هو سبب العمى الحيسي الذى أصابهم إلا عن كل كتاب غربي وفكرة غربية حتى لو كانت من بنات أفكار المهاويس !
وهؤلاء لم يكفهم فقط أن كتب التراث معزولة عن مصادر المعرفة بل طفقوا يهاجمونها رغم احتوائها ــ بخلاف علوم الشريعة ــ على نوابغ الأفكار فى مختلف العلوم وربما يكفي لإشارة ما ورد فى كتاب ابن حزم الفقيه الأندلسي عن دوران الأرض وكيف أنه استنبط هذه الحقيقة من تدبره لآيات القرآن فى قوله تعالى ( والأرض مددناها ) وقال بأن الشكل الهندسي الوحيد الذى يمتد إلى ما لا نهاية هو الكرة "[3]"
بخلاف ما نص عليه بعض المفسرين من وجود الثقوب السوداء والتى أطلقوا عليها الإسم الوارد فى القرآن ( الجوار الكنس ) ووصفوها بأنها نجوم كاسحة تبتلع كل ما يقف فى طريقها , بالإضافة للتراث الفكرى الذى خلفه المعتزلة فى غير أبواب العقائد التى أضلوا بها الناس , حيث أن للمعتزلة إضافات لا تصدق فى الفكر والعلوم الفلسفية
ويحضرنى هنا قول الدكتور يوسف زيدان أحد مشاهير تحقيق المخطوطات عندما كان برفقة إحدى الوفود الثقافية الأجنبية الزائرة لمصر , وجاء أفراد الوفد كافة يسألونه المطالعة فى كتب تراثنا الفكرى بكافة أنواعه , فعلق قائلا :
( ايه الخيبة التقيلة اللى احنا فيها دى , شباب الغرب أكثر دراية بكتبنا وتراثنا ويسألون بطريقة محددة تشي بمعرفتهم بما يطلبون , بينما نحن نتنطع ونتباهى بكتب وأفكار نيتشة ومونتسيكيو !! )
الهوامش :
[1] ــ هذه الفقرة من البحث هى نتائج فكر الدكتور مصطفي محمود رحمه الله فى حلقته الماتعة عن الهرم الأكبر
[2] ــ النجوم الزاهرة ــ ابن تغربردى ــ الجزء الأول ص 41
[3] ــ الفصل فى الملل والأهواء والنحل ـ ابن حزم الأندلسي

قديم 05-09-2015, 04:44 AM
المشاركة 4
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
التوحيد فى مصر ..
كانت النظرية القديمة القائلة بأن الحضارة الفرعونية تعددية ووثنية تعتمد على وجود 2800 إله كما سبق القول , وأيضا من خلال قصة فرعون الذى اتضح أنه رمسيس الثانى بعدما كشفه العالم الفرنسي الشهير موريس بوكاى عندما حلل جثة رمسيس الثانى واكتشف بقايا الملح البحرى على جسده وأطلعه بعض أصدقائه على القصة القرآنية مما تسبب فى إسلامه بعد ذلك وخرج يروى عن الحقائق المذهلة التى اكتشفها بتدبر القصص القرآنى وذلك فى كتابه الأشهر " القرآن والإنجيل والتوراة والعلم " وهو كتاب وثائقي رصين يمثل صفعة على وجه متنطعى العلمانية فى مصر
هذا عن المعلومات القديمة والمعروفة ..
لكن المعلومات الأكثر صحة والتى اتضحت بعد العثور على كتاب " الموتى " وهو أقدم كتاب فرعونى تمت ترجمته وفك رموزه ليتضح أن الحضارة المصرية قامت على أساس التوحيد وذلك بسبب الآتى .. "[1]"
أولا / كلمة نفر والتى وجدها الأثريون تصف 2800 تمثال لشخصيات متعددة لا تعنى كلمة " إله " بل ترجمتها الحرفية " اليد القوية " أى أنها صفة وليست مسمى الهي ..
وتتجلى الإثارة الحقيقية فى الصفات التعريفية المكتوبة إلى جوار تماثيل هذه الآلهة ولفتت نظر العديدين من الباحثين لقوة الربط الحادث بالأنبياء والمرسلين ..
فهناك " أتوم " والتعريف به فى كتاب الموتى هو أنه أول بشري نزل من السماء وأبو الحياة على الأرض
وهناك " أوزوريس " ووصفه يقول بأنه الذى علم الناس الكتابة والحياكة وسبل التسجيل
وهناك " نوه " ووصفه بأنه الذى أنقذ البشرية من الغرق
والأسماء والأوصاف شديدة الوضوح
ثانيا / وهو الدليل القاطع على التوحيد لدى الفراعنة .. ما نقلته نصوص كتاب الموتى حيث قالت إحدى صحائفه بالحرف ..
" أنت الأول قبل كل شيئ وأنت الآخر وليس بعدك شيئ "
" قال الله خلقت كل شيئ وحدى وليس بجوارى أحد "
كما يُــعــرّف كتاب الموتى المسلات أنها إشارة التوحيد وهو ما يتضح من إشارتها الدائمة للسماء , فضلا على أخناتون الملك الذى نادى بالتوحيد , ووجوده الغامض فى قلب التاريخ الفرعونى لا يمكن قبوله على أنه كان مصادفة ـــ على حد قول د. مصطفي محمود ــــ بل من المؤكد أنه جاء معبرا عن أصل شعبي حاربه الكهنة من قديم الزمن وسعوا فيه ومعهم الملوك لعبادة تماثيل الأنبياء والصالحين على النحو المعروف فى سائر الحضارات وتكرر فى الجزيرة العربية كما تكرر فى الحضارات الصينية والهندية مع بوذا وكونفشيوس وهم من أهل التوحيد قبل الميلاد بثمانمائة عام وتوارثتهم الحضارات وعبدوهم فى النهاية
يضاف إلى ذلك أن الاهتمام الفرعونى بحياة ما بعد الموت يصل حدا لا يمكن وجوده فى حضارة وثنية على الإطلاق , لاختلاف المبادئ نهائيا بين الأسلوبين فالوثنيون لا يعتقدون بالبعث وحياة الآخرة , وهو ما أخبرنا به القرآن الكريم أن حجة الأمم السابقة كانت دائما هى إنكار تصور بعث الموتى ,
وهذا ما لا ينطبق على الحضارة الفرعونية حيث كان اهتمامهم بالبعث وحياة الآخرة أكثر من اهتمامهم بحياتهم التقليدية , ولابد لهذه المعتقدات من أصول تاريخية لا نعرفها فى التاريخ البعيد , خاصة وأن القرآن الكريم كان حاسما فى أن كل أمة من الأمم تتابعت فيها الرسل والأنبياء ولكن القرآن اقتصر فى الذكر فقط على 25 نبي ورسول منهم بينما ثبت فى الحديث الصحيح أن عدد الرسل 314 رسول بينما عدد الأنبياء 124 ألف نبي !!
وهذا يشير إلى أن ما نعرفه من تاريخ البشرية على الأرض لا يساوى سطرا فى كتاب التاريخ المجهول !
ويبدو الأمر أكثر وضوحا عندما نتأمل التحقيق القرآنى لقصة فرعون فى قوله تعالى ..
" وقال رجل من آل فرعون يكتم إيمانه "
وهو التعبير القاطع عن وجود الإيمان داخل الشعب وخروج الفئة الضالة بسبب أهواء الحكم وحصرها فى الكهنة والملوك , وهو ما أكده أيضا موقف السحرة الذين واجهوا موسي عليه السلام فآمنوا به ورفضوا التراجع أمام بطش فرعون الذى مزق أجسادهم وألقاها فى نقاط مختلفة من صعيد مصر وكان هؤلاء السحرة هم " أسيوط ـ إسنا ـ أرمنت ــ سوهاج ــ أخميم " ولا زالت البقاع التى أُلقيت فيها تلك الجثث تحمل أسماء هؤلاء السحرة حيث تعد أسيوط قلب محافظات الصعيد وعلى حدودها محافظة سوهاج , وأخميم هى أشهر مدن محافظة سوهاج , وإسنا و أرمنت مدينتين متجاورتين تقعان جنوب الأقصر بأربعين كيلومترا تقريبا
هذا بخلاف موقف المصريين العوام من موسي عليه السلام وقومه حيث أمدوهم بما أعانهم على الرحيل
وآخر نقطة تخص هذا الأمر هى أن جميع الأمم السالفة التى طغت وبغت أرسل الله عز وجل إليها ما قضي عليها قضاء مبرما , مثل عاد وثمود وإرم والنمروذ وقوم لوط وأصحاب الأيكة وغيرهم .. بينما ظلت الحضارة الفرعونية بشعبها وعوامها بمنأى عن أى عقاب الهي عام , أو إهلاك بطريقة تامة , واقتصر عقاب الغرق على فرعون وحاشيته وجنوده ممن اتبعوه وهذا مما يؤكد على استمرار التوحيد فى المصريين منذ قدوم إدريس عليه السلام ..
والبدايات المتشابهة تؤدى للنهايات المتشابهة فكما استقبل المصريون دعوة إدريس وموسي عليهما السلام استقبلوا المسيحية بالبشر واعتنقوها وكذلك عندما جاء عمرو بن العاص وعلى أبواب سيناء استقبلته قبائل البدو بالترحاب وانضمت جيوشهم لجيشه وقادهم عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وعلمهم الإسلام لينطلقوا مخلصين مصر من يد الرومان لتنشأ الحضارة الإسلامية بمصر بتأيد كاسح من جموع القبط المصريين
هذه هى الحضارة الفرعونية التى نبذ البعض منا أسباب الفخر بها والبحث فيها باعتبارها حضارة وثنية دون أن نكلف أنفسنا ساعات قليلة لنتبصر فيها تاريخ بلادنا التى احتفي بها الغرباء وأهملها الأبناء
ويحز فى نفس كل إنسان أن يخلط البعض بين مصر كدولة وكشعب وبين حكوماتها أو حكامها ..
فمسألة الإنتماء لنظام الحكم هذه يسميها الناس فى العادة نفاقا للحكام , وتحت تأثير المصالح , وهى كذلك بالفعل , وبالتالى فإن انتقاد الحكام مهما بلغت قسوته فهو أقل القليل فى مواجهة مظالمهم , وهو أمر مطلوب فى كل عصر
أما التنكر للبلد ذاته كبلد , فهذه الخيانة التى لا تحتملها نظرية وجهات النظر !
وقد ذكرنى موقف بعض المتنكرين أو الساخرين من البلد وهم من أبنائها بمقولة أحد كبار السياسيين السابقين التى قالها لجمال مبارك إبان حقبة التجهيز التوريث قبل الإطاحة بهم , حيث قال له :
إنك وأبيك تحكمون بلدا لا تعرفون قيمته ..
وهذا صحيح تماما , ومن أغرب الغرائب أن ما تفردت به مصر من صفات لم نسمعه من أبنائها , بل الإشادة والإنتماء كان من غير أبنائها بل ومن أعدائها أيضا !
فمن ناحية العرب أنفسهم فإن كل قطر عربي يري فى مصر ما لا يراه بعض أبنائها , وقديما وحديثا سمعنا من رموز المفكرين والحكام العرب مشاعر إنتماء حقيقية وإدراك تام لقيمة أرض الكنانة وهى من السعة بحيث لا يمكن أن يحتويها مقال أو كتاب واحد , ويكفي أن نعلم أن من أطلق على مصر لقبها الشهير ( أم الدنيا ) كان الرحالة ابن بطوطة وهو الرحالة المغربي الشهير , والمؤرخون العرب هم من أطلقوا عليها اسم ( المحروسة ) بكل ما في الكلمة من دلالة عميقة
وقد وصف أحد المفكرين العرب مصر بوصف والله ما سمعته من أحد قبله رغم أنها صفة واردة فى القرآن إلا أنها لم تلفت نظرنا بمثل ما قاله , فقد عقب هذا الكاتب قائلا :
كيف لا نحب مصر أيها الأحبة وهى البلد الوحيد التى تجلى رب العالمين على بقعة من أرضها !!
والحديث فى هذا الجانب عن فضائل مصر يضيق به المقام ومن أشرف الفضائل ما ورد فى القرآن الكريم تصريحا وتعريضا وتخصيصا , وفى السنة النبوية فضلا على أقوال الصحابة والعلماء عبر العصور ..
أما أعداؤها ..
فقد شهد لها من أباطرة وحكام العالم من حاربوها وحاولوا احتلالها وهى أكثر البلدان التى حاول الغرب غزوها , وهم فى محاولتهم الغزو ما سعوا إلا إلى ضمها طمعا فيها وليس عداء أو رغبة فى التدمير ! , ولهذا جاءا الإسكندر وتودد للمصريين باعتناق عقيدتهم وأغرى الكهنة بتنصيبه إبنا لآمون , وجاء نابليون وتودد بكل السبل لشيوخ الأزهر ونزل لمصر بكل مخترعات فرنسا الحديثة , وحاول البريطانيون عبر ثمانين عاما استمالة الشعب المصري بأن نقلوا كل التكنولوجيا المتقدمة إليها فكان خط السك الحديدة المصري ثانى خط فى العالم , وكذلك خطوط التلفونات والمواصلات , ورغم كل هذه المحاولات لم ينجح محتل واحد فى إقناع المصريين بكف المقاومة أو النظر إليهم كحلفاء , ولم يسمح المصريون لحاكم من خارجها بحكمهم إلا إذا كان هذا الحاكم جاء مصر داعيا لعقيدة التوحيد , ولهذا سارع المصريون باعتناق المسيحية والإسلام فور اقتناعهم بصدق هذه العقائد ..
القصد من ذلك أن التغنى بفضائل مصر وحبها ليس كما يروج البعض هو من الشعارات أو استعادة التاريخ لمجرد التحسر بل هو تأسيس وتكريس لعدم اليأس من الحاضر مهما بلغت المصاعب , والكثيرون يظنون السب والشتم والتقريع للبلد ومن فيها هو من الواقعية والتعقل والنظر إلى الأمام والمصارحة مع النفس !!
بينما هو من صميم التخلف ودناءة التصرف ,
فالله عز وجل علمنا ألا ننهر الوالد الكافر المشرك الذى يحمل الإبن على الشرك ! , ورغم هذا أمرنا أن نصاحبهم فى الدنيا معروفا , فكيف ببلد له مثل هذا التاريخ العريق
فالتغنى السلبي بمصر هو التواكل المرفوض أما إدراك تاريخها واستنباط أحداثه ودروسه لاستعادة ريادتها فهذا هو العلاج الناجع الذى كانت مصر به تنهض من كافة كبواتها
أما الشيئ المحرم والمنبوذ هو اتخاذ الإنتماء لمصر كمبرر للفخر فهذا هو ما نسميه فى الشريعة ( دعوى الجاهلية ) لأن الفخر مذموم فى كل شيئ , أما الإعتزاز فهو المطلوب , فالإعتزاز بالإنتماء للدين والوطن دافع للترقي ومماثلة الأسلاف , أما الفخر الفارغ أو التعالى فهو من دلائل الإنحطاط الخلقي فضلا على حرمته الدينية ..
نخلص من هذا إلى أن تاريخ الحضارة الفرعونية وتاريخ مصر بعموم ــ وهى أقدم دولة نظامية فى العالم ــ تحمل حضارتها كمّا معرفيا فياضا أسس الغرب عليه جامعات بأكملها تعمل فى هذا المجال منذ قرن كامل , وتستخرج منه فى كل يوم اكتشافا جديدا وعندما فتح المسلمون مصر ــ ورغم قلة الإمكانيات ــ إلا أنهم كتبوا ورصدوا وأضافوا إلى المكتبة العربية دراسات شيقة عن الحضارات السابقة ,
أما فى عصرنا الحديث فتعالوا لنلقي الضوء على كيفية معالجة متصدرى مشهد الإعلام والثقافة اليوم للتاريخ الفرعونى !!
وهى معالجة سأعتبرها مجرد فاصل مضحك يوضح فقط إلى أى مدى وصلت عقليات مثقفي عصر مبارك بل وبعض شيوخه ..
فمنذ تفجر أحدث الثورة المصرية فى يناير 2011 , ومع حالة الإنفلات الإعلامى خرجت فى الإعلام قضايا أقل ما يقال عنها أنها قضايا تعبر عن مأساة شعب بأكمله يعانى من كل أمراض الحضارة ورغم هذا لا يجد النخبة قضايا تشغلهم إلا صراعات الديكة وتناطح الثيران ليصبحوا مسخرة للعالمين ,
فمن يُطلق عليهم علمانيون اليوم يخرجون إلى الفضائيات بأفكار شاذة ويتعمدون أن تكون متصادمة مع أى منطق فضلا على أنها تدل على فراغ حقيقي يثير المأساة , فهؤلاء لم يكتفوا بأنهم ممثلي العلمانية فى بلادنا بكل تهافتها , بل إنهم جلبوا العار حتى للعلمانية نفسها كفكر ومنهج , ولهذا وجدنا كاتبا كبيرا ومعظما من إعلام مبارك يخرج على الناس فى صبيحة أحد الأيام بمقال فى جريدة الأهرام بلا أى مناسبة على الإطلاق , مقال بلا طعم ولا لون ولا رائحة , يدعو فيه الرجل إلى حل مشكلة سماها مشكلة قصة فرعون مع موسي عليه السلام فى القرآن !!
وأوضح قائلا أن رواية القرآن الكريم لقصة موسي تسبب له حرجا بالغا كمصري ! , باعتبار أن العاطفة الدينية تدفعه دفعا لأن يناصر سيدنا موسي , بينما عاطفته القومية تدفعه لمناصرة فرعون باعتباره حاكم مصري !!
وبالطبع يضيق التعبير واللغة عن وصف هذا الهذيان وهذه المحاولات المقيتة لتسول إهتمام الناس وإثارة أى ضجة مفتعلة بعد خفوت الأضواء حولهم !
وفى الجانب المقابل تسبب بعض المنتسبين للسلفية مع الإخوان فى إعطاء الفرصة الذهبية لتيارات التغريب كى تجهر ببذاءاتها ضد الحضارة الإسلامية وعلى نحو غير مسبوق تحت زعم محاربة التشدد , وبالطبع كان للمتنطعين دور كبير فقد خرج بعضهم ليقول بأن الصحابة عندما فتحوا مصر كانوا ينتوون هدم الآثار الفرعونية لولا أنهم لم يمتلكوا الوسيلة لهدمها !!
واستدل أحدهم بمصادر تاريخية كفتوح مصر لابن عبد الحكم وغيرها , ومن دواعى الأسي بالطبع أن نقول بأن الرجل دلس على المؤرخين , وهذا الكلام لم يقل به عالم أو محقق من مؤرخى مصر الإسلامية أو حتى مؤرخى الإسلام المعتمدين , فقد دخل عمرو بن العاص مصر وترك معابدها وتماثيلها كما هى ولم يمسها ,
أما قصة محاولة هدم الهرم فهى لم تكن محاولة لهدمه أصلا بل كانت لنقبه وحدث هذا فى أيام المأمون بعد سنوات طوال من الفتح الإسلامى وبغرض البحث عن الكنوز المدفونة فيه ولم يكن للأمر أى علاقة بالعقيدة !!
والأنكى من هذا أن هذا القائل الذى حاول فرض وجهة نظره على التاريخ فذهب للقول بأن المسلمين انتووا هدم المعابد والأهرامات ولكنهم افتقدوا الوسيلة , ولست أدرى من أى مصدر تاريخى معتبر أدرك هذه النية !
هذا فضلا على أن كتب التاريخ الإسلامى لم تحتو استنكارا واحدا من الصحابة أو ممن جاء بعدهم لوجود هذه الآثار نظرا لانعدام مبرر الإستنكار هنا لأنها لم تكن كأصنام مكة تُــعبد من دون الله , بالإضافة إلى وسائل الهدم فى هذا العصر لم تعجز عن هدم حصن بابليون الذى اقتحمه عمرو بن العاص رضي الله عنه فى الفتح فهل ستعجز أمام المعابد والتماثيل !
وما كان لعمر ابن الخطاب رضي الله عنه , وهو إمام من أئمة الموحدين والرجل الذى بادر لقطع شجرة الحديبية عندما زاد الناس فى تعظيمها وعزل خالد بن الوليد رضي الله عنه درء لفتنة المغالين فى بطولاته , ما كان لمثله أن يسكت على شيئ يمس التوحيد فى بلاد تحت حكمه ولو اضطر لهدمها بأظافره , وهو ما يشير بوضوح إلى أن هذه القضية لم تطرح أصلا على مائدة النقاش لانعدام المبرر
وقد ظلت فى مصر تحت الحكم الإسلامى أيام الأمويين والعباسيين وكان العصر قد تطور لدرجة كبري وصنع المسلمون أدوات الحرب الثقيلة التى هدموا بها حصون الروم فلماذا لم يستخدموها فى مصر ؟!! , وفى عهد المعتصم تمكنت أدوات الحرب الإسلامية من اختراق حصون عمورية وهى أحصن بلاد الروم قاطبة , وكان نجوم علماء المسلمين الجاهرين بالحق موجودون فى ذلك العصر , مثل أحمد بن حنبل والشافعى أئمة السنة فى ذلك العصر فضلا على علماء مصر المشاهير من حماة السنة كالليث ابن سعد ومن تلاه كالعسقلانى والسيوطى ولم نسمع أن أحدهم تكلم فى هذه القضية ..
وثمة حجة أخرى قال بها قيادى سلفي شهير وسبقه لسانه فيما يبدو حيث حلف على صحتها ! , فقد احتج بأن التماثيل والمعابد الفرعونية كانت كلها تحت الأرض ولهذا لم يرها المسلمون الأوائل لهدمها !!
ولست أدرى والله هل تبلغ الدرجة فى التعسف بالأدلة لهذا الحد !! ؟
ففضلا على أن القول بهذا يناقض القول الأول الذى أثبت وجود الآثار ظاهرة لكنه عزا عدم هدمها لعدم الإستطاعة , فإنه أيضا قول بلا دليل ولا تقوم به حجة
ونقول نعم هناك معابد وتماثيل كثيرة كانت مطمورة تحت الرمال واكتشفها علماء الآثار مثل تمثال أبي الهول نفسه ومثل بعض معابد الصعيد , ولكنها دون شك كانت قلة نادرة أمام المعابد والأهرامات والتماثيل القائمة والراسخة منذ عهد بنائها وحتى اليوم !! , ولو ظل هذا القائل بهذه النظرية حتى آخر عمره ليجد دليلا تاريخيا واحدا على أن الفتح الإسلامى لم ير هذه المعابد أو أنها كانت مطمورة فلن يجد
بل العكس هو الصحيح ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
[1] ــ مصطفي محمود ــ لغز الهرم الأكبر

قديم 05-09-2015, 04:46 AM
المشاركة 5
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أما المضحك المبكى فإن التيارات الدينية والسياسية المتناحرة لم تر من تاريخ الفراعنة إلا جانب التعصب مع أو ضد ,
فصاروا كفرق تشجيع الكرة وتنافسوا فى الجهل والتجهيل وكما بالغ العلمانيون والمتعصبون فى ذكر الفراعنة جاء مناهضوهم بالمبالغة فى رفض هذا التاريخ ,
بل إن الغرب ــ على عادته الأثيرة ــ وجدها فرصة لخلق فتنة طائفية فتجدد القول بين متعصبي المسيحيين والمسلمين
فتارة يخرج بعض المنسوبين للتيارات الإسلامية بشاذ الأقوال الصادمة تجاه المسيحيين , وبالتالى يرد الطرف الآخر التحية بمثلها , ويتوه كلام العقلاء بين الجانبين بالطبع
ويتجدد كل فترة الحديث الممقوت حول حقيقة الفتح الإسلامى وهل هو فتح أم إحتلال عربي !!
وهذا يذكرنى فى الواقع ببعض منسوبي المذاهب الفقهية عندما تقادم الزمن فى العصور الوسيطة , فرغم العلاقة الوثيقة وبالغة المتانة التى ربطت الأئمة الأربعة فى حياتهم , والإجلال الفائق الذى شعر به كل واحد منهم تجاه الآخر , جاء منتسبي المذاهب بعد مئات السنوات ليقلبوها اقتتالا بين أنصار كل فريق , وليس فى هذا أدنى إنتماء لهؤلاء العلماء , بل إن العلماء أنفسهم لو بعثهم الله لتبرءوا من هؤلاء المتاجرين بأسمائهم
فالذى يزعم الدفاع عن الإسلام ويقلب العلاقة بين المواطنين إلى معركة يخالف أول ما يخالف ما تنص عليه آيات القرآن والسنة وينص عليه التاريخ الإسلامى أيضا , ويذهبون إلى النصوص التى وردت فى المحاربين ويجعلونها فى عامة الناس حتى من المسلمين هؤلاء هم منابع الفتنة الحقيقية
ومتعصبي المسيحية يتاجرون أول ما يتاجرون بالمسيحيين أنفسهم , ويتنكرون لتاريخ طويل لم يفلح الغرب فيه فى إثارة النعرة الطائفية فى مصر قط عبر الحملات الصليبية التى رفض المسيحيون مجرد الحوار مع قادتها فضلا على وقوفهم فى مواجهتها جنبا إلى جنب مع سائر المصريين , ولو كان المسيحيون فى عهد الخلافة والإمارة قد لاقوا أدنى عنت عقائدى فى ممارسة شعائرهم ــ كما يزعم المبطلون ــ فلماذا لم يستنجدوا بالصليبيين فى الغرب وقد حاولوا معهم بشتى الطرق بزعم اتفاق الديانة ولم يصلوا معهم لنتيجة ,
وظلت الكنيسة المصرية منذ عهد عمرو بن العاص مستقلة فى عقيدتها وتوجهها عن الكنائس الأوربية وإلى اليوم ..
أما خروج بعض المتاجرين بقضية الفتح الإسلامى لتزوير التاريخ والإعتماد على مصادر مشبوهة , فهذا لا يصادم فقط ما سجله مؤرخو مصر الإسلامية واتفقوا عليه , بل يصادم حتى ما كتبه المؤرخون المسيحيون قديما وحديثا ,
وهذه القضية بالذات إذا تمت إثارتها فستنقلب حجة على هؤلاء المتعصبين لا حجة لهم , وهو ما يشي قطعا بأن إثارتها ليست بنية الدفاع عن المسيحية بل هى تتدثر بهذا لإثارة الفتنة الطائفية حيث سينبري كل فريق ليدافع عن وجهة نظره وينقلب الخلاف لحرب عقائدية !
وهذه القضية كما سبق القول ــ قضية بالغة القدم ــ وليس فيها ما يفيد المسيحيين لأن التاريخ الموثق موجود , وليس موثقا فقط من طرف المسلمين بل من مؤرخى المسيحية أيضا ,
وكل دعاوى الإضطهاد والإحتلال تسقط بالضربة القاضية عندما نعلم أن عدد المسلمين فى مصر ظل بعد الفتح ولمدة قرن كامل بنسبة 20 % فقط , فكيف يقال بعد ذلك أن المسلمين أجبروا المسيحيين على الإسلام !
ثم بعد ذلك ومع تتابع الأجيال وفى عهد هارون الرشيد أصبحت نسبة المسلمين 75 % من المصريين , وظلت النسبة تتزايد حتى اليوم بالدخول الحر فى الإسلام ,
ناهيك عن تهافت هذه الحجة والذى يقدح فى تاريخ نصاري مصر أنفسهم , فالمتواتر فى التاريخ أن الأرثوذكس المصريين صمدوا بعقيدتهم فى وجه الرومان مئات السنين ولم ينجح الرومان فى تحويلهم للعقيدة المضادة رغم أبشع أنواع التعذيب التى استخدموها معهم ,
فكيف يقال بعد ذلك أن الأرثوذكس تركوا ديانتهم غصبا من المسلمين وليس فى التاريخ حادثة اضطهاد واحدة فى زمن الفتح تقول بذلك , بل تاريخ النصاري نفسه يقول بعكسه لأنهم تعاونوا مع عمرو ابن العاص طواعية وشهد بذلك مؤرخوهم بل وشهد بعض المستشرقين بذلك أيضا مثل توماس أرنولد , وقد حكموا مصر فى مراكز متقدمة مع نظام الحكم الإسلامى
أما الحجة المتهافتة التى تـُــصور أن العرب هم الذين استقروا بالإسلام فى مصر
فهذا ينفيه التاريخ والمنطق والعقل أيضا لأن عدد الفاتحين العرب لم يتجاوز خمسة آلاف مقاتل ومن جاء منهم بعد ذلك من القبائل توافدوا بعد مرور سنوات طويلة على الفتح , فضلا على أن دخول المصريين فى الإسلام كان فياضا ويسير بنسبة مرتفعة عاما بعد عام , فالقول بتلك الحجة العنصرية أن مصر للمسيحيين تنفي عن المصريين المسلمين مصريتهم لمجرد اعتناق الإسلام !
أما النكتة الحقيقية أن هذه الحجة تنقلب على رأس قائلها لأنه إذا كان الإسلام طارئا على مصر فالمسيحية أيضا كانت طارئة ــ على حد تعبير الشيخ الغزالى رحمه الله ــ وبالتالى فليس للمسيحيين الإحتجاج بقومية المصريين خاصة لو أننا وضعنا فى الإعتبار أن دخول المصريين فى الإسلام كان أضعافا مضاعفة لدخول المصريين فى المسيحية قبله
لكنها آفة التعصب والتشدق بدعاوى الغرب , ويجدر بنا أن نثبت هنا أن معظم من تصدوا للرد على تلك الأقوال كانوا من مفكرى المسيحيين الوطنيين حيث كفونا مئونة الرد , ناهيكم عن أن إثارة تلك القضايا اعتمادا على جهل الناس بالتاريخ لا يمكن حملها على حسن النية أبدا ! , وعدم إدراك الهدف الحقيقي لهذه الدعاوى هو الذى يستدرج كل متعصب إلى ما لا تحمد عقباه حتى لو كان مدفوعا بحسن النية
الخلاصة ..
أننى لست أناقش هذه القضايا ذاتها بل أضرب المثل فقط عما يمكن أن تفعله جرثومة الفكر بعقول الناس , وعلى نفس المستوى للأسف يضج الإعلام كل يوم بقضايا تسوّد الصفحات وبرامج تملأ الفضاء ويثور فيها الجدل أياما وشهورا وينطبق عليها المثل المصري الشائع ( الجنازة حارة .. والميت كلب ) !
عافانا الله وإياكم
مصادر الدراسة ..
" قصة الحضارة " ـوول ديورانتـ طبعة مكتبة الأسرةبمصر
" مصر القديمة " ـد. سليم حسنـ طبعة مكتبةالأسرة بمصر
" سقوط نظام " ـ محمد حسنين هيكل ـ طبعة دار الشروق
" الهرم المعجزة " ـد. مصطفي محمودـ حلقة تليفزيونية من برنامج العلم والايمان
" الذين عادوا إلى السماء " ـأنيس منصورـ طبعة دار الشروق
" أخبار الأول فيمنتصرف من أخبار الدول " ـإسحاق المنوفيـ طبعة الذخائرـ مصر
" النجوم الزاهرة فى أخبار مصر والقاهرة " ــ ابن تغربردى ــ سلسلة الذخائر ــ مصر
فتوح مصر ــ ابن الحكم ــ الذخائر
قذائف الحق ــ الشيخ محمد الغزالى ــ طبعة دار الشروق
" القرآن والإنجيل والعلم " ـبروفيسور موريس بوكاىـ نسخة الكترونية
" قصص الأنبياء " ـالإمام متولىالشعراوى
" قصص الأنبياء " ـد. أحمد الكبيسي ـ حلقات تليفزيونية ـ قناة دبي الفضائية

قديم 05-09-2015, 02:19 PM
المشاركة 6
عمرو مصطفى
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حمداً لله على سلامتك يا أستاذ جاد أولاً ..
ثانياً هذا موضوع دسم ومليئ بالمواطن التي قد يتفرع عنها لعدة مواضيع أخرى .. لكن العنوان يتحدث
عن الحضارة الفرعونية والنزاع الشهير بين المؤيد والمعارض لفكرة : هل كان الفراعنة من أهل التوحيد الحق؟
لاشك استفدت معلومات جديدة من موضوعك بخصوص إعادة النظر في ترجمات النصوص الفرعونية والعمل على
وجود جهات مصرية أصيلة متخصصة في المصريات تعيد النظر فيما نقلناه من ترجمات الغرب (الوثني)عن الأجداد بدون فحص وتمحيص ومراجعة على طريقة (أمين)..
هذا رد سريع ولي عودة لمناقشة بعض الأمور الخاصة بالأجداد ..

قديم 05-09-2015, 02:59 PM
المشاركة 7
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حمداً لله على سلامتك يا أستاذ جاد أولاً ..
ثانياً هذا موضوع دسم ومليئ بالمواطن التي قد يتفرع عنها لعدة مواضيع أخرى .. لكن العنوان يتحدث
عن الحضارة الفرعونية والنزاع الشهير بين المؤيد والمعارض لفكرة : هل كان الفراعنة من أهل التوحيد الحق؟
لاشك استفدت معلومات جديدة من موضوعك بخصوص إعادة النظر في ترجمات النصوص الفرعونية والعمل على
وجود جهات مصرية أصيلة متخصصة في المصريات تعيد النظر فيما نقلناه من ترجمات الغرب (الوثني)عن الأجداد بدون فحص وتمحيص ومراجعة على طريقة (أمين)..
هذا رد سريع ولي عودة لمناقشة بعض الأمور الخاصة بالأجداد ..
حياك الله أخى الحبيب ..
وشكرا لحضورك , وفى انتظار المناقشة بالطبع لأنها تثمر الكثير والكثير
ويسعدنى أن انتبهت لمدى المأساة التى نقع فيها بسبب اسنادنا تحقيق التراث للغرب
ليس فقط التاريخ الفرعونى
بل حتى التاريخ الإسلامى , فإن ما يثير عصبيتى حقيقة أن أجد كتابا عربيا قحا يصدر بتحقيق مخطوطاته على يد أحد المستشرقين !!

قديم 05-09-2015, 04:17 PM
المشاركة 8
عمرو مصطفى
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
[justify]

مرحباً بك مرة أخرى أخونا الفاضل الأستاذ محمد جاد .. والذي يذكرني دائماً بأمثال محمد جلال كشك والعلامة محمود شاكر ..
فمصر ولادة كما يقولون .. ولم تعدم أمثال هؤلاء ..
أبدأ من مشاركتك الأخيرة وأقول :
هذه ثمرة الخلط بين التقليد والتجديد ..
فالذي يدعوك لتجديد الفكر والاستنارة ثم تجده يقدم لك فكراً منحلاً ومنحولاً من الغرب والشرق على أنه تجديد
هو مخلط لايعرف الفرق بين التجديد والتقليد .. يحارب الجمود وهو راسخ في الجمود الفكري .. يتصور الجمود
جموداً على تراثه العريق وفقط .. ثم تجده حجرياً متحجراً مع فكرأساطين اليونان والرومان ربما أبعد في حجريته
من هؤلاء الذين كانوا يرقصون في الكهوف
حول النيران .. ومالفرق بين ان يرقص أحدهم عارياً أمام صنم في كهف وبين أن يفعلها بالروب والبايب!!

بالنسبة لموضوع الفراعنة ..

لاشك أن الواحد منا يفرح إذا ما وجد ما يثبت بالدليل أن أسلافه كانوا موحدين ..
لكن بشرط الدليل الساطع والبرهان القاطع.. لا بمجرد العصبيات العرقية وإلا صرنا مثل الصوفية الذين صادموا الحديث
الصحيح الذي فيه إثبات موت والد النبي عليه السلام على الشرك .. لمجرد العصبية والعاطفة ..
وانا أحسبك يا أستاذ جاد من أولئك المناصرين للمبدا القرأني : قل هاتو برهانكم .. ومن أبعد الناس كذلك عن العصبيات
الحزبية وغيرها .. لذا انتظر منك زيادة بحث في تلك
المسألة والإفادة بمعلومات أكثر وأكثر .. مع التنبيه على المردود العملي على المواطن المصري من إثارة ذلك البحث ..

فكرة اندثار العلم وعبادة الصالحين من دون الله لا يمار فيها أحد وهى مسطورة من زمن نوح وإلى يومنا هذا في المشاهد والحسينيات ..
ولا يستبعد أن تكون المعبودات الفرعونية كانت لبعض الصالحين لكن هناك جزء متفق عليه وهو أن
الشرك طرأ على التوحيد عند المصريين القدماء .. متى؟ وفي أي مرحلة من التاريخ ؟ المهم أن النهاية ختمت
بالشرك ولاشك أن الإنسان هبط الأرض موحداً ثم كان الشرك بعد ذلك بالانحراف عن عقيدة التوحيد الحقة ..
والحكم العام على عموم جماعة ما أو طائفة ما لا يلزم منه وقوع ذلك الحكم على كل الأعيان .. كان المصريون في زمن
موسى عليه السلام على الشرك .. هذا حكم عام .. لكن كان هناك مؤمن أل فرعون .. وكان هناك السحرة الذين تابوا ..
ولاشك أن هناك غيرهم ..
موضوع اخناتون .. لو صح ما نقل عنه ومن صراعه مع الكهنة هذا يؤكد وجود الشرك وتغلبه في البلاد ولا ينفيه
كما أن الدعوة لنبوة اخناتون دونها خرط القتاد .. لأسباب .. النبوة مصدرها الوحي ولسنا مطالبين بالتفتيش
عن انبياء لم يخبرنا بهم الشرع ( والشرع هو المصدر هنا فالأمر عقيدة )ولو كان في معرفتهم خير لنا لأخبرنا بهم الرب جل وعلا ..
ويبقى الإيمان العام بكل الانبياء والرسل هو عقيدتنا .. سواء عرفناهم أم لم نعرفهم..
ثانياً .. لو صح ما نقل إلينا عن اخناتون فهو دعا لعبادة أله واحد وهو الشمس .. فيكون قد وحد الشرك وجعله
شركاً في إله واحد باطل .. ولا يقنعني ما يقال ان ذلك تحريف من الكهنة لديانة اخناتون .. للتضليل .. أقول الصراع
بينه وبين الكهنة ليس من أجل طبيعة الإله .. بل من أجل الكساد الذي سيحل عليهم بتعطيل عبادة بقية الأله وإلا فالشمس
هي الإله الرئيس عند معظم الوثنيين قديماً وحديثاً .. فراعنة .. يونان .. فرس .. رومان .. فما الذي سيجنونه من تحريف
اسم إله اخناتون للشمس .. وهم يعبدون الشمس أيضاً كإله كبير ومعه أيضاً ألهة معاونة ..
هذا بالنسبة لموضوع اخناتون .. تبقى فيما يحضرني الأن مسألة أثار الفراعنة والجدال حول موقف المسلمون
الأوائل منها .. هل تركوها عن عمد .. وهل تركهم لها دليل شرعي لجواز التصوير وصنع التماثيل ..
الجدال يثار عادة لعدم تحرير موطن النزاع .. والإجمال بغير تبيين .. ودخول أنصاف العلماء في الموضوع
من جانب وفي الجهة المقابلة أنصاف العالمانيين او صبيانهم .. وهم مثل الكبريت والنار مهمين جداً لعملية الاشتعال..
لكن نأتي لمسالة أثار الفراعنة .. لاشك ان لكل حكم علة .. ويترتب عليه حكمة ..ونحن لا نتعبد الله بالعلل والحكم لكن
نتعبده بالطاعة فيما أمر وإن لم تنكشف لنا العلل ثم الحكم ..
لكن يظهر الكلام في العلل كلما ظهر من يطعن في الحكم لعدم توفر العلة .. أو تحريفها او الاقتصار على علة دون النظر لباقي العلل..
لقد حرم ربنا التصوير ( لا أقصد الفوتوجرافي طبعا فهو أمر حادث ومختلف فيه )وصناعة التماثيل لذوات الأرواح بنصوص قاطعة ..
والحكم الشرعي في الصور الطمس .. يبقى التنزيل على الواقع وفقه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بضوابطه
وهذا باب أخر ..
لكن يظهر لك ( من التغريبيين بأصنافهم عالمانيين وإسلاميين) من لا يقنع بالفتوى التي مؤداها:
( أن هذا ليس أوانه - أو تركه أولى للصالح العام - أو غير ذلك .. )
بل يريد الاعتداء على الحكم ذاته .. يقول لك علة تحريم الصور والمجسمات هى أنها تعبد من دون الله ونحن لا نعبد
أثار الفراعنة .. إذن عمل الصور والمجسمات لذوات الأرواح حلال لأنها لاتعبد !.. وكأن لسان الشرع قد قصر عن إستدراك
تلك الحقيقة المدعاة ..
وأين نحن من قصة قوم نوح مع صور صالحيهم .. هم لم يصوروا صالحيهم ليعبدوهم من دون الله أصلاً ..
بل الشرك طرأ عليهم بعد ذلك باتباع خطوات الشيطان .. وأول خطوة كانت .. صناعة الصور للتذكر والتفكر والتدبر ..الخ
ثم أن المتكلم بتلك العلل كأنه يتصور الشرك وعبادة الصور والتماثيل وحتى أثار الفراعنة ومعبوداتها قد انمحى من على ظهر البسيطة ..
الجماعات السرية الباطنية ماتزال تتعبد عند الأهرامات وتقيم الاحتفالات لذلك ..
ثم من قال أن علة التصوير لذوات الأرواح هو الوقوع في الشرك وفقط .. هناك نصوص واضحة في حرمة التصوير بعلة
المضاهاة لخلق الله .. وأين نحن من أثر ابن عباس مع صانع الصور ونهيه إياه حتى تغير وجه الرجل من الرعب
لما سمع الوعيد .. أنهم أشد الناس عذاباً يوم القيامة ..هنا نصحه ابن عباس بالبعد عن تصوير ذوات الاوراح وفقط ..
الأن الحكم ثابت .. نأتي هنا لمسألة ...
هل ترك بعض الصحابة والتابعين لتلك التماثيل والصور إن كانوا رأوها أصلاً بمصر لما فتحت .. يعد دليلاً لترك الحكم بالنص الشرعي ؟!..


يتبع إن شاء الله.. فقد طالت المشاركة جداً .. استمحيك عذراً يا أستاذ جاد على الإطالة..
[/justify]

قديم 05-10-2015, 12:41 AM
المشاركة 9
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أهلا ومرحبا بك أخى الحبيب
مرحباً بك مرة أخرى أخونا الفاضل الأستاذ محمد جاد .. والذي يذكرني دائماً بأمثال محمد جلال كشك والعلامة محمود شاكر ..
فمصر ولادة كما يقولون .. ولم تعدم أمثال هؤلاء ..
هو تشريف كبير يا صديقي ولكن يبقي الفضل لأصحاب الفضل والفكر ممن تفوقوا رغم انعدام الوسائل
أبدأ من مشاركتك الأخيرة وأقول :
هذه ثمرة الخلط بين التقليد والتجديد ..
فالذي يدعوك لتجديد الفكر والاستنارة ثم تجده يقدم لك فكراً منحلاً ومنحولاً من الغرب والشرق على أنه تجديد
هو مخلط لايعرف الفرق بين التجديد والتقليد .. يحارب الجمود وهو راسخ في الجمود الفكري .. يتصور الجمود
جموداً على تراثه العريق وفقط .. ثم تجده حجرياً متحجراً مع فكرأساطين اليونان والرومان ربما أبعد في حجريته
من هؤلاء الذين كانوا يرقصون في الكهوف
حول النيران .. ومالفرق بين ان يرقص أحدهم عارياً أمام صنم في كهف وبين أن يفعلها بالروب والبايب!!
صدقت ..
وانتشار وتردى مستوى الأسئة بل والشبهات يبعث على الأسي حقا

بالنسبة لموضوع الفراعنة ..
لاشك أن الواحد منا يفرح إذا ما وجد ما يثبت بالدليل أن أسلافه كانوا موحدين ..
لكن بشرط الدليل الساطع والبرهان القاطع.. لا بمجرد العصبيات العرقية وإلا صرنا مثل الصوفية الذين صادموا الحديث
الصحيح الذي فيه إثبات موت والد النبي عليه السلام على الشرك .. لمجرد العصبية والعاطفة ..
لا أظننى دفعتنى العصبية هنا ولا فى أى موطن ولعلك تذكر ما قلته لك فى نقاشنا أن أول مبدأ تعلمته الإنطلاق حرا من كل قيد أو إنتماء بخلاف العلم ذاته وبيان الحقيقة , لا سيما إن كنا فى صدد موضوعات الإجتهاد فيها مفتوح على آخره


وانا أحسبك يا أستاذ جاد من أولئك المناصرين للمبدا القرأني : قل هاتو برهانكم .. ومن أبعد الناس كذلك عن العصبيات
الحزبية وغيرها .. لذا انتظر منك زيادة بحث في تلك
المسألة والإفادة بمعلومات أكثر وأكثر .. مع التنبيه على المردود العملي على المواطن المصري من إثارة ذلك البحث ..
اسمح لى فقط ببيان نقطة هامة كى لا يتشعب النقاش فى نقاط أخرى
فالموضوع أخى الحبيب ليس اجتهادا أو بحثا فى مسألة تشريعية أو عقائدية بل هو محض حديث فى التاريخ
ولا شك أن كل قول يلزمه دليل فى أى مجال ..
لكن ــ حتى فى أمور الشرع نفسه ــ هناك موضوعات تتقاصر عنها الأدلة وبالتالى تنسحب قاعدة البرهان اللازم لكل قول وتحل قاعدة أصولية أخرى لها نفس الأهمية وهى ( لا إنكار فى أمور الإجتهاد )
والحكم أو العلم لا يتم إثباته بالدليل الساطع وحده وإلا ضاع العلم كله , فهناك الإجتهاد المقترن بأسبابه ومعظمها من القرائن والقياس العقلي ودراسة المتشابه
والقرائن فى الأمور الخفية تقوم مقام الدليل ..
وإن كان هذا يسري على الشريعة فهو فى بحوث العلوم الإنسانية أولى بالإتباع لا سيما وأن صفحة التاريخ الإنسانى المكتوب المبرهن لا تتعدى عشرة فى المائة من تاريخ الإنسان على الأرض
فهذا مجال مفتوح لمتعة العقل والمعرفة وليس فيه قول مقطوع به إلا الإشارات القطعية الواردة فى القرآن والسنة ..
ولهذا اجتهد علماء السنة فى التاريخ القديم ولم يقتصروا على ما ذكره القرآن والسنة لأنها مجالات تحفز البحث وتفيده
وخرجت من كبار الأئمة أقوال ونظريات مصادمة للشائع ورغم هذا لم يخضعوا الأقوال للتمحيص والتحرى لأن مصدر المعلومات الأكيد غير متوافر
ولعلك تعلم أن الإمام الطبري قال بقول لم يقله أحد قبله وهو أن الذبيح ابن إبراهيم عليه السلام كان اسحق وليس إسماعيل وأمثال هذه الأمور الكثيرة خاصة فى عصر ابن خلدون عندما اتخذ منهج الإجتماع كطريق لمعرفة تاريخ الشعوب وفند كثيرا من الوقائع المروية فى التاريخ القديم
فكرة اندثار العلم وعبادة الصالحين من دون الله لا يمار فيها أحد وهى مسطورة من زمن نوح وإلى يومنا هذا في المشاهد والحسينيات ..
ولا يستبعد أن تكون المعبودات الفرعونية كانت لبعض الصالحين لكن هناك جزء متفق عليه وهو أن
الشرك طرأ على التوحيد عند المصريين القدماء .. متى؟ وفي أي مرحلة من التاريخ ؟ المهم أن النهاية ختمت
بالشرك
القول الأول لا خلاف فيه قطعا
أما القول الثانى بأن النهاية ختمت بالشرك للفراعنة فهذا ما يقوم عليه دليل
وقولى أن الشرك طرأ فى عصور ما بعد التوحيد عدة مرات ولكن فى كل مرة كانت هناك طائفة موحدة وسبق أن أوضحت دليلي على ذلك وهو أن مصر بعمومها وبعموم شعبها لم يذكرها القرآن مطبقة على الشرك أبدا ولا عمها بعذاب شامل كما هو الحال مع أقوام المرسلين الذين كانت نهايتهم الفناء
وأقوى الأدلة على صحة وجهة نظرى أن مصر غيرت لغتها ثلاث مرات فى التاريخ المكتوب وغيرت دينها ثلاث مرات , واستجابت تقريبا لكل وحى جاء لها
وظل ميراث التوحيد باقيا حتى لو كان فيه دخن ولا يوجد أى دليل يؤكد أن مصر فى أى عهد من عهودها أطبقت بعمومها على التوحيد أو كذبت بعمومها نبيا من الأنبياء
والأمر الأخير
مصر كانت الحضارة الوحيدة التى قدست البعث وآمنت به عبر تواتر عصورها وهذا ينافي قطعا دعوى وثنية شعبها بعمومه

موضوع اخناتون .. لو صح ما نقل عنه ومن صراعه مع الكهنة هذا يؤكد وجود الشرك وتغلبه في البلاد ولا ينفيه
كما أن الدعوة لنبوة اخناتون دونها خرط القتاد .. لأسباب .. النبوة مصدرها الوحي ولسنا مطالبين بالتفتيش
عن انبياء لم يخبرنا بهم الشرع ( والشرع هو المصدر هنا فالأمر عقيدة )ولو كان في معرفتهم خير لنا لأخبرنا بهم الرب جل وعلا ..
أولا : ليس تحت أيدينا ترجمة صحيحة لأخناتون بعد أن شكك المحققون فى صحة تراجم الفراعنة الأولى وقد ذكرت فى البحث أمثلة للخلط فى دلالات الألفاظ وانا لم اسع لاثبات نبوة اخناتون ولا اصر عليه اصلا فلس هو موضع البحث انما فقط نشير إلى أنه دعا للتوحيد واختلف مع الكهنة
ثانيا : أما قولك لسنا مطالبين بالتفتيش عن بقية الأنبياء ويكفينا من ذكروا فى القرآن ولو كان فيه خيرا لجاء به القرآن !!
هذا قول غريب أخى الحبيب لأن اقتصار القرآن على 25 نبيا ورسولا ليس أمرا من ثوابت العقيدة بحيث ينغلق الإجتهاد دونه كما هو الحال مع صفات الله عز وجل
بل البحث فيما لم يذكره القرآن ونوه عنه فقط هو واجب من أفضل الواجبات وما أمرت به آياته من التفكر والسير فى الأرض للعبرة والبحث
كذلك لم يقتصر أئمة السلف أبدا على ما ذكره القرآن حصرا فى غير أبواب العقيدة والأصول تطبيقا لدعوة النبي عليه السلام بالبحث والتفتيش والتحرى وقد قال النبي عليه السلام عن القرآن أنه لا يشبع منه العلماء ولا يخلق من كثرة الرد
بالاضافة إلى أن النبي عليه السلام حكى وأخبر عن أنبياء ورسل لم يرد ذكرهم فى القرآن واجتهد أئمة التاريخ فى فهم تاريخ أممهم
فأنت هنا جعلت أمر التاريخ من العقيدة وهو قول خطير !

ويبقى الإيمان العام بكل الانبياء والرسل هو عقيدتنا .. سواء عرفناهم أم لم نعرفهم..
وما دخل البحث بعقيدة الإيمان بكافة الرسل وهل فى البحث ما يدعو لغير هذا عياذا بالله
ثانياً .. لو صح ما نقل إلينا عن اخناتون فهو دعا لعبادة أله واحد وهو الشمس .. فيكون قد وحد الشرك وجعله
شركاً في إله واحد باطل .. ولا يقنعني ما يقال ان ذلك تحريف من الكهنة لديانة اخناتون .. للتضليل .. أقول الصراع
بينه وبين الكهنة ليس من أجل طبيعة الإله .. بل من أجل الكساد الذي سيحل عليهم بتعطيل عبادة بقية الأله وإلا فالشمس
هي الإله الرئيس عند معظم الوثنيين قديماً وحديثاً .. فراعنة .. يونان .. فرس .. رومان .. فما الذي سيجنونه من تحريف
اسم إله اخناتون للشمس .. وهم يعبدون الشمس أيضاً كإله كبير ومعه أيضاً ألهة معاونة ..
ليس اخناتون تحديدا هو مقصود البحث بالدفاع وانما عموم المصريين


لكن نأتي لمسالة أثار الفراعنة .. لاشك ان لكل حكم علة .. ويترتب عليه حكمة ..ونحن لا نتعبد الله بالعلل والحكم لكن
نتعبده بالطاعة فيما أمر وإن لم تنكشف لنا العلل ثم الحكم ..
لكن يظهر الكلام في العلل كلما ظهر من يطعن في الحكم لعدم توفر العلة .. أو تحريفها او الاقتصار على علة دون النظر لباقي العلل..
لقد حرم ربنا التصوير ( لا أقصد الفوتوجرافي طبعا فهو أمر حادث ومختلف فيه )وصناعة التماثيل لذوات الأرواح بنصوص قاطعة ..
والحكم الشرعي في الصور الطمس .. يبقى التنزيل على الواقع وفقه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بضوابطه
وهذا باب أخر ..
لكن يظهر لك ( من التغريبيين بأصنافهم عالمانيين وإسلاميين) من لا يقنع بالفتوى التي مؤداها:
( أن هذا ليس أوانه - أو تركه أولى للصالح العام - أو غير ذلك .. )
بل يريد الاعتداء على الحكم ذاته .. يقول لك علة تحريم الصور والمجسمات هى أنها تعبد من دون الله ونحن لا نعبد
أثار الفراعنة .. إذن عمل الصور والمجسمات لذوات الأرواح حلال لأنها لاتعبد !.. وكأن لسان الشرع قد قصر عن إستدراك
تلك الحقيقة المدعاة ..
وأين نحن من قصة قوم نوح مع صور صالحيهم .. هم لم يصوروا صالحيهم ليعبدوهم من دون الله أصلاً ..
بل الشرك طرأ عليهم بعد ذلك باتباع خطوات الشيطان .. وأول خطوة كانت .. صناعة الصور للتذكر والتفكر والتدبر ..الخ
ثم أن المتكلم بتلك العلل كأنه يتصور الشرك وعبادة الصور والتماثيل وحتى أثار الفراعنة ومعبوداتها قد انمحى من على ظهر البسيطة ..
الجماعات السرية الباطنية ماتزال تتعبد عند الأهرامات وتقيم الاحتفالات لذلك ..
ثم من قال أن علة التصوير لذوات الأرواح هو الوقوع في الشرك وفقط .. هناك نصوص واضحة في حرمة التصوير بعلة
المضاهاة لخلق الله .. وأين نحن من أثر ابن عباس مع صانع الصور ونهيه إياه حتى تغير وجه الرجل من الرعب
لما سمع الوعيد .. أنهم أشد الناس عذاباً يوم القيامة ..هنا نصحه ابن عباس بالبعد عن تصوير ذوات الاوراح وفقط ..
الأن الحكم ثابت .. نأتي هنا لمسألة ...
هل ترك بعض الصحابة والتابعين لتلك التماثيل والصور إن كانوا رأوها أصلاً بمصر لما فتحت .. يعد دليلاً لترك الحكم بالنص الشرعي ؟!..

أولا : ترك التماثيل والمعبد لم يتركه بعض الصحابة فقط
بل هو مسألة إجماع من الصحابة لسبب بسيط جدا وهو أن عمر كان على رأس الخلافة ولو كان موضوع هدم التماثيل مطروحا لما سكت عنه قط خاصة أن عمرو ابن العاص كان يرسل له يستشيرهفى مسائل أقل حجما بكثير كمسألة عيد وفاء النيل مثلا
وبالتالى فسكوت عمر والصحابة عن هذه المسألة ينفي طرحها للنقاش أصلا
هذه واحدة ..
أجيال العلماء فى الأمويين والعباسيين التى تتابعت على مصر وجاء منهم أئمة كبار فى السنة كالشافعى والبيهقي وابن تيمية نفسه , هل وجدنا ما يدلنا على أنهم أثاروا تلك القضية ..
فى علمى المحدود لا يوجد لها أثر وربما كنت مخطئا لكن تلك المسألة ليست سهلة حتى يتم تجاهلها لهذا الحد ولا تشتهر اشتهار النار على العلم
وكيف لأئمة السنة فى مصر أن ينكروا القباب والمقابر ولا ينكروا المعابد والتماثيل ؟!
فالقصة أخى الحبيب ليست فى الإستدلال الشرعى وإنما مناط قولى هو أن اثارة القضية حول المعابد الغابرة لم تكن مطروحة لأنه لا يوجد فى السلف من فهم بفهم السلفيين اليوم على أنها أصنام تعبد من دون الله !
أليس كذلك ؟

قديم 05-10-2015, 03:11 PM
المشاركة 10
عمرو مصطفى
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
[justify]
بالنسبة لمسألة الأدلة والبراهين طبعاً كلامك يا أستاذ جاد صحيح وهو أن المسائل العلمية فيها ما هو قابل للاجتهاد
والعمل بغالب الظن وليست كل المسائل قطعية .. وهذا اللازم من كلامي السابق لا التزمه والحمد لله وما خطر لي على بال أصلاً ..وإنما
قصدت المبدأ والأساس في الأمور العلمية ..
شيء أخر .. مسألة النزاع في حال عامة شعب مصر في زمن الملوك الوثنيين مدعي الألوهية والربوبية
واضح جداً .. الفرعون هو إله أو ابن إله والشعب عليه أن يؤمن بذلك وإلا فحاله كحال ماشطة بنت فرعون .. وهذا
لا ينفي وجود حالات موحدة مرتبطة بالرسل .. وهذه الحالات لا تعمم .. قصة يوسف عليه السلام في السجن حينما دعا أناس من عامة الشعب
وليسوا من الطبقة الحاكمة (سواء كانت فرعونية أو هكسوس) دعاهم للتوحيد ونبذ الشرك واستمر على ذلك ثم جاء زمن
فرعون موسى فذكرهم مؤمن أل فرعون بدعوة يوسف كما في سورة غافر .. وإن كان الحوار بين أل فرعون فلا ننسى
قول الله : فاستخف قومه فأطاعوه .. ووصف قومه بالفسق ..وليس المراد بقومه هنا الطبقة الحاكمة فقط .. كما أن جند فرعون هم جزء من الشعب .. ومع ذلك وقع عليهم حكم الله في فرعون وهامان .. أنهم كانو خاطئين .. المسألة محسومة في رأيي حول حال
عامة المصريين في ذلك الوقت ولا أعرف مخالف في ذلك من علماء التفسير أثبت أن المصريين عامة كانوا موحدين وأن الشرك هو حال عمالهم .. ونحن لدينا قاعدة سلفية شهيرة قعدها علماء السلف وهي (عمالكم أعمالكم)
وكما تكونوا يولى عليكم .. وتأبى حكمة الله أن يولى على الطائعين المؤمنين فاجرا .. وإنما الشر والفساد يبدأ من القاعدة العريضة لعامة الناس وصولاً لرأس الدولة .. وتذكر حال عامة الشعب في قصة يوسف عليه السلام
وما صدر من النساء في المدينة ومراودتهم ليوسف عليه السلام .. الانحلال في الحكام هو انعكاس للانحلال في المحكومين ..

شيء أخر ينبغي أن يوضح : كلامي عن إثبات نبوة لشخص ما لا علاقة له بالتاريخ بل التاريخ قد يستأنس به في بعض مسائل الشرع
حين تتعارض الأدلة وحين نحتاج لترجيح .. لكن الأساس في إثبات النبوة لابد أن يكون مصدره الوحي .. الوحي هنا
هو الكتاب والسنة .. أو يجمع عليه الصحابة لأن إجماعهم معصوم
وهو لايمكن أن يصدر إلا من خلال الوحي .. ( ولايمكن أن يصادمه)...
لكن قد يختلف العلماء في أشياء .. مثلاً : هل ألياس هو إدريس ؟.. هذا خلاف فرعي
لكن لا شك أن لدينا نصوص بحق نبوة إلياس وإدريس .. بالكتاب والسنة ويبقى الترجحيح في المسألة الخلافية : هل الياس هو إدريس أم لا .. هذا
قد يستعان فيه بالتاريخ ولا شك .. لكن أصل النبوة متفق عليه
وهكذا .. أما التاريخ فأنت تجدني أطالبك ( وهو طلب المتعلم ) بمزيد بحث وإفادة بخصوص مسألة
التاريخ الفرعوني وقلت : أنني استفدت من كلامك السابق عن الفراعنة بالرغم من أنه كلام تاريخي يعتمد على البحث والتدقيق .. ولم أطالبك بدليل شرعي على ما ذكرت من أن الألهة الفرعونية قد تكون لأناس صالحين تم تحريف تاريخهم
وتحويلهم لألهة .. هذا أمر يخضع للتاريخ .. فأنا أفرق بين المسائل الشرعية والعقائدية والمسائل التاريخية والحمد لله ..
وليس معنى تقريري لشيء واضح عقائدياً أنني افترض رفضكم له لا سمح الله .. بل هو مجرد تقرير وتذكير وأنا الذي ذكرت مسألة
نبوة اخناتون المدعاة كمثال .. نسأل الله التوفيق لك ولنا والسداد [/justify]


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الحضارة الفرعونية المفترى عليها ( بعد التنقيح )
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تعبيرات عاشت .. لعمالقة غابت ( مع التنقيح ) محمد جاد الزغبي منبر الحوارات الثقافية العامة 17 02-24-2017 06:30 AM
جوار المفتري أشرف حشيش منبر الشعر العمودي 0 03-23-2016 10:16 PM
الحضارة العربية القديمة عبدالله علي باسودان منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 0 12-05-2015 11:15 PM
قصة الحضارة - ويل ديوارنت د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-10-2014 03:21 PM
قصة الحضارة /وول ديورانت ريم بدر الدين منبر رواق الكُتب. 2 10-18-2011 12:18 PM

الساعة الآن 10:32 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.