قديم 11-14-2013, 11:54 PM
المشاركة 11
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



6 ـ نظريات التعلم




هل يولد الإنسان إنسانا ؟ إن كان الجواب بالإيجاب فدور التربية ثانوي للغاية ، لكن كل المؤشرات تؤكد أن الإنسان لا تكتمل إنسانيته إلا بالتربية ، و لعل ظاهرة الأطفال المتوحشين " أطفال عاشوا مع الحيوانات لظرف من الظروف " تؤكد بما لايدع مجالا للشك أن التربية أساسية في أنسنة الإنسان . يقول ج م غازدا : " ومهما يكن الأمر ، فإن السلوك الإنساني ، إما يحدده النشوء والارتقاء النوعي ، وإما أنه سلوك متعلم ، أي سلوك قابل للتعديل و التغيير . والاختلافات الهائلة في سلوك البشر ، ليست جميعها إلا نتاج التعلم . "
التعلم هو النشاط الذي بموجبه يكتسب الفرد المعارف و المواقف و المهارات التي بفضلها يشبع حاجاته ودوافعه . و بهذا المعنى يصبح التعلم عملية تغير دائم في سلوك الإنسان و اكتساب من خلال وضعية محددة أثناء تفاعل فعلي بين المتعلم و موضوع التعلم .
ملاحظة : " المعارف مرتبطة هنا بالمجال المعرفي ، والمواقف بالمجال الوجداني و المهارات بالمجال الحس حركي " ، و من خلال التعريف يظهر أن بعض أنشطة الإنسان بفعل عوامل النضج والاستجابات الأولية والارتكاسات لا يعتبر تعلما . فمثلا وقوف الرضيع على قدميه نتيجة لنموه الطبيعي لا ينظر إليه بأنه تعلم . لأن التعلم ليس مجرد سلوك بيولوجي يحدث نتيجة اكتمال نمو الفرد ، بل هونشاط تحكمه شروط من بينها :
أ ـ النضج والتدريب : و يقصد هنا بالنضج درجة معينة من النمو في أجهزة الفرد الداخلية و بدون هذا النمو لن يتأتى لذلك الجهاز القيام بوظيفته . لكن هذا النضج لا يرتبط بالتعلم مباشرة ما لم يصاحبه التدريب ، لأن النضج يتعلق بالنمو بينما التدريب بالتعلم . فالطيران عند العصافير مثلا مرتبط بالنمو لكن تعلم اللغة عند الإنسان مرتبط بالتدريب ، لأن نضج جهازه الصوتي غير كاف لإحداث التعلم .
ب ـ الدافعية : هناك قاعدة سيكولوجية تقول " لا تعلم بدون دافع " لأن التعلم يحدث أثناء نشاط معين للفرد و هذا النشاط نفسه يحدث في وضع سيكولوجي معين يتمثل بوجود توتر و يهدف التعلم إلى إحداث الإشباع و خفض حالة التوتر .
ج ـ موضوع التعلم : موضوع التعلم مرتبط بالدافعية ، ذلك أن الفرد يتعلم بسهولة و تبصر حينما يستحضر ما يريد تعلمه بدافع خفض التوتر الذي يحسه ، و يتخذ موضوع التعلم صورا عدة : معارف ، مواقف ، مهارات .
د ـ الوضعية التعلمية : هي السياق الذي يجري فيه التعلم ، ويمكن لهذه الوضعية التعلمية أن تكون تلقائية كما يحدث أثناء اللعب ، أو قصدية كما هو عليه في المؤسسات التعليمية المنظمة .

لم أبدأ بعد في موضوع نظريات التعلم بقدرما فتحت قوسا لتعرف معنى التعلم وشروطه . سأتناول ثلاث نظريات كبرى في التعلم وهي ، نظرية التعلم السلوكية ثم الجشطلتية و أخيرا البنائية في هذا العنوان ، و سأخصص عنوانا خاصا لمدرسة التحليل النفسي و جماعة القسم ، و عنوانا خاصا للبراديغم المعرفي .

فخور بمتابعتكم للموضوع
محبتي

قديم 11-18-2013, 12:47 AM
المشاركة 12
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نظرية التعلم السلوكية

السلوكية مدرسة من مدارس علم النفس ، تعتقد أن الظاهرة النفسية سلوكات وأفعال ، فتصرفات الطفل وأفعاله مؤشرات على حالته الداخلية ، و السلوك هو فعل و تصرف ، حيث تفصل هذه المدرسة فصلا قاطعا بين السلوك والشعور فالأول مادي والثاني ميتافيزيقي . يقول واطسون زعيم المدرسة السلوكية الأمريكية : " لقد انتهى السلوكيون إلى أنه لا يمكن أن يقتنعوا بالعمل في اللامحسوسات ، والأشياء الغامضة ، و قد صمموا ، إما أن يتخلوا عن علم النفس ، أو يحيلوه علما طبيعيا " يقصد بالعلم الطبيعي كالفزياء والبيولوجيا و الجيولوجيا ، التي تعمل في الظاهر والملموس . يرى ثورندايك التعلم بأنه عملية إنشاء روابط و علاقات في الجهاز العصبي بين الأعصاب الداخلية التي يثيرها المنبه المثير ، والأعصاب الحركية التي تنبه العضلات ، فتعطي بذلك استجابة الحركة . و يرى التعلم يقوم على قانونين : قانون المران أو التدريب بمعنى أن الروابط تقوى بالاستعمال و تضعف بالإغفال . و قانون الأثر أي أن هذه الروابط تقوى وتكتسب ميزة على غيرها و تؤدي إلى صدور رضى عن الموقف ، إذا كانت نتائجه إيجابية .

السلوك عند السلوكين مهما كان جزئيا يتكون من وحدة المثير و الاستجابة مما يقود إلى أن جميع الأفعال التي يقوم بها الفرد ما هي إلا استجابات لمثيرات معينة . يقول واطسون " إن المقياس الذي يضعه السلوكي أمامه هو كالتالي ، هل أستطيع أن أصف هذا الجزء الصغير من السلوك بلغة الحافز والاستجابة "

استفادت السلوكية من الأبحاث التي أجراها بافلوف العالم الروسي حول المنعكسات الغددية و الباطنية و فزيولوجيا الهضم و التغذية ، إذ أجرى تجربية ناجحة على كلب وضعه في جهاز لجمع لعابه مباشرة من احدى الغدد اللعابية ، حيث كان يقدم لحما للكلب فيسيل لعابه ، ، لكن بافلوف لاحظ أن الكلب يسيل لعابه أحيانا قبل الأكل ، أي عندما يسمع خطواته أو يرى الصحن ، هكذا استنتج أن وجود الطعام في الفم منبه طبيعي لسيلان اللعاب كاستجابة ، لكن سماع الخطوات أو رؤية الصحن هي مثير شرطي . هكذا سمى بافلوف المنكس الشرطي ذلك الفعل المنعكس الذي يصدر عن الكائن الحي و الذي ترتربط فيه الاستجابة بعلامة مبدئية بديلة عن المنبه الطبيعي الأصلي .

تعلم الاستجابة عند بافلوف قد تبنى شرطيا بمجرد اقتران مثيرين شرطيين أو أكثر لا علاقة لهما بمنبه طبيعي بيولوجي ، و هذا ما سماه بافلوف بالإشراط من درجة أعلى و هذا ما يفسر حسب منظور الإشراط في السلوكية الكلاسيكية تمظهرات السلوك في بعده اللفظي التداولي ، أي اللغة و الرموز وأنساق التواصل .

درس بافلوف أيضا انبناء الاستجابات الإشراطية في بعدها الانفعالي ، سواء تعلق الأمر بإشراطات الإغراء و بناء الميل ، أو بإشراطات التنفير وبناء موقف الرفض . وأكد أنه كلما اقترن المثير الشرطي بالدافع السكولوجي تكونت بالضرورة استجابة شرطية انفعالية ، علما أن المثير الشرطي الذي يحمل مؤشرات الألم بالنسبة للمتعلم غالبا ما ينتهي بعجز الكائن عن اكتساب استجابة شرطية . فالمثير الشرطي المنفر عائق للتعلم .

إذا كان الإشراط الاستجابي يقوم على وجود علاقة السبب بالنتيجة بين المثير والاستجابة إذ تكون الاستجابة نتيجة حتمية للمثير ، فإن سكينر في إشراطه الإجرائي يرى أن الاستجابة يمكن أن تصدر دون مثير واضح ، بل يعتقد أن الكائن الحي يتفاعل مع محيطه بشكل تبادلي ، إذ أنه يتأثر و يتغير من خلال التأثير والفعل في المحيط وتغييره . و يؤكد أن السلوكية الإجرائية جعلت من السلوك ظاهرة علمية موضوعية منفصلة عن أي إفراز غددي أو تفاعل عصبي كيماوي يمكن أن يندرج تحت إطار فزيولوجيا الجهاز العصبي ، أو علم وظائف الأعضاء . لأن هذا المنظور يختزل السلوك إلى سببية تفاعلية بين مركبات مادية جزئية ، تلغي الأثر المادي للسلوك كإجراء فاعل في البيئة ، و ناتج عن مثيراتها .


مفاهيم النظرية الإجرائية في التعلم

السلوك : السلوك حسب سكينر هو مجموعة استجابات ناتجة عن مثيرات المحيط الخارجي طبيعيا كان أم اجتماعيا ، و يميز سكينر بين ردود الفعل الاعتباطية ، وبين السلوك الذي تتبعه وبناؤه عن طريق التعزيزات

المثير والاستجابة : المثير في الأصل هو منبه خارج العضوية البيولوجية من مصدر مادي أو اجتماعي ، والاستجابة هو كل ما ينتج عن العضوية كنتاج للإثارة . إلا أن سكينر لاحظ أن استجابة العضوية تصدر عنها نتيجة تشكل معززا ( تعزيزا إيجابيا أو سلبيا ) لذلك فالاستجابة تنتج مثيرا معززا يؤثر على مسار انبنائها أو انطفائها .

الإجراء : استحدث سكينر مهوم الإجراء كتعويض لمفهوم الفعل المنعكس ، للتعبير عن السلوك الذي يبنى بنتائجه و يتحدد بها ، إنه سلوك يؤثر في الكائن نفسه من جهة وكذا في البيئة . فهو إذن استجابة مقترنة بمعزز و ليس بالمثير الذي يصحبها .

الإشراط الإجرائي : إن الإشراط الكلاسيكي عند بافلوف يعتبر إشراطا استجابيا لأنه مبني على تعاقب المثيرات ، و الإشراط الإجرائي يبنى على أساس انتاج الاستجابة لمثير آخر .

مفهوم التعزيز والعقاب : لاحظ ثورندايك أن الأثر الإيجابي الناتج عن السلوك يبعث على الرضى ، أما الأثر السلبي فيؤدي إلى القلق . و كلا الأثرين يؤثران بعمق في بناء السلوك . و لقد زكى سكينر هذا التوجه ، فالرضى و الإشباع سيزيد من عدد المعاودة الاستجابية ، إذن فهو مثير معزز كنتيجة . أما القلق و الألم فسيشكل مثيرا مطفئا وبالتالي سيؤدي إلى تناقص الاستجابة و عدم انبنائها .
مفهوم التعلم يؤكد سكينر أن التعلم هو انبناء الاستجابات السلوكية كأنماط تغير طارئة على سلوك الفرد و التي يمكن أن تدوم بفعل الإشراط الإجرائي ، إنه نتاج التفاعل مع المحيط .

مبادئ التعلم في النظرية الإجرائية

التعلم نتاج للعلاقة بين تجارب المتعلم و التغير في استجاباته : التجربة تحدث تغيرا في استجابات الكائن فهي تبني العادة والسلوك المراد بناؤه ، فهو إذن ثمرة للعلاقة الجدلية بين التجربة و التغير في الاستجابات .
التعلم يقترن بالنتائج : التعزيز عند سكينر نوعان إيجابي وسلبي ، فالمثيرات التي تحملها الاستجابة كنتيجة إيجابية تسمى معززات إيجابية ، لأن الستجابة تتقوى كلما توفرت هذه المثيرات الإيجابية ، أما المثيرات السلبية التي تمنع استجابة الكائن فهي معززات سلبية . إذن فالتعزيز يقترن بالاستجابة و ليس بالمتعلم كعضوية بيولوجية .
التعلم يقترن بالسلوك الإجرائي المراد بناؤه : إن سلوكات العملية التعليمية التعلمية هي فئات إجرائية ، وذلك لكونها تركز على مقاطع معينة من سلوكات الطفل المتعلم .
التعلم ينبني بتعزيز الأداءات القريبة من السلوك النمطي إن تشكيل السلوك النمطي يقتضي تعزيز الأداءات السلوكية بشكل تقاربي وتعاقبي ، لأنه كلما تقاربت سلسلة الاستجابات من الإجراء النمطي المرغوب فيه تم تعزيز المقاطع التي تتقارب و تتدرج في مستويات التشابه مع السلوك الإجرائي الهدف .
التعلم المقترن بالعقاب تعلم سلبي : لاحظ سكينر أن اقتران العقاب باستجابة الكائن المتعلم يقلل من نسبة تكرار تلك الاستجابة ، فإما ينسف انبناءها ، وإما يبني المتعلم مواقف هروبية أو سلوكات عدوانية .

ساكتفي بهذا القدر في موضوع المدرسة السلوكية لننتقل إلى المدرسة الجشطلتية .

قديم 11-27-2013, 11:16 PM
المشاركة 13
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نظرية التعلم الجشطلتية

الجشطلتية مدرسة سيكولوجية تأسست ببرلين في ألمانيا بين 1910 , 1920 واهتمت ببحث و دراسة موضوع الإدراك وتنطلق في ذلك من مبدأ الكلية ، إذ لا يمكن تحديد سلوكات بعتاصرها الفردية بل لابد من إدراكها داخل كليات . فليس هناك عناصر معزولة بل كل تجربة تخضع لتنظيم في مجال ما ، فتحليل سلوك الفرد لا يمكن أن يتم إلا من خلال العلاقات بين عناصر المجال .
الجشطلت حسب فرتيمر " كل مترابط الأجزاء باتساق وانتظام ، بحيث تكون الأجزاء المكونة له في ترابط دينامي فيما بينها من جهة و مع الكل ذاته من جهة أخرى ، فكل عنصر أو جزء من الجشطلت له مكانه و دوره و وظيفته التي تتطلبها طبيعة الكل "
التعلم عند الجشطلتيين لا يتم بالمحاولة والخطأ و ما تقتضيه من ارتباطات ميكانيكية جزئية يقول كوفكا " مبدأ المحاولة والخطأ يعني في المقام الأول أن لاشيء جديدا يمكن أن يتعلم ، هو استبعاد بعض الاستجابات و تثبيث ما بقي منها ، و لكن ليس لهذا السلوك أي غرض أو اتجاه ، و على حيوان التجربة أن يحاول عبثا ، كما أن استبعاد الحركات الخائبة و تثبيت الصائبة ، يجب أن يتقدم دون مشاركة من جانب الحيوان ، إذ ليس للحيوان في وضعية التعلم أدنى فكرة عن السبب الذي من أجله يتحول سلوكه .. "
فالجشطلتيون يرفضون فكرة أن السلوك ينحل إلى وحدات استجابة ـ مثير ، فليس هناك وجود لرابطة بين هذين العنصرين ، سواء أكانت هبة من الطبيعة أو مراسا وخبرة ، كما أن الغريزة ليست سلسلة من الأفعال النعكسة ، ، وليس السلوك التعلمي المكتسب نسقا من انعكاسية مرتبطة ببعضها عبر سيرورة إشراط . حيث يقول كوفكا :" إن الطفل لا يبدأ حياته بطائفة من الحركات المنعكسة منفصلة ثم تصبح بالتدريج شرطية و متلازمة في السلوك ، وإنما يبدأ الطفل بسلوك من نوع متدفق و غير منظم تنظيما كافيا ، و تكيفه بالبيئة يضمن هذا التنظيم ، سواء في الجانب الحسي أو الحركي عن طريق انضواء هاذين البعدين في النشاط الكلي للكائن العضوي ، هذا النشاط الكلي يقترن منذ البدء بخاصية الغرضية و القصدية "
يرى فرتيمر : " ... وهكذا فإن العملية السيكولوجية للاستبصار ، تشكل جوهر اهتمامات العالم الجشطلتي في سيكولوجيا التعلم ، فالتعلم يكون قد تم عندما يتم الفهم ، وعندما تتم تنمية الاستبصار في الطبيعة الحقيقية للموقف المشكل و عندما يعدل المتعلم بطرق تظهر أن الملامح الهامة للعمل المراد تعلمه قد تم إدراكها ، .......، و أحد الاختيارات التي توضح فيما إذا كان التعلم قد تم فعلا ، هو التحقق من أن ما تم تعلمه يمكن تعميمه على عمل آخر له علاقة بالعمل الأول . "

مفاهيم جشطلتية

البنية : هي القاعدة الأصل في كل جشطلت ، و هي تتشكل من العناصر المرتبطة بقوانين داخلية ، تحكمها ديناميا و وظيفيا ، فكل تغير في عنصر بالضرورةيؤثر في البنية ككل .
الاستبصار : هو الإدراك المتدبر التحليلي الذي يصل بالمتعلم إلى اكتساب الفهم ، أي فهم مختلف ابعاد الجشطلت ، أو الموقف الإشكالي موضوع التعلم ، وضبط ترابط أجزائه و أشكال و صيغ اشتغاله الوظيفي .
التنظيم : تتحدد سيرورة التعلم في عملية الكشف عن الصيغ التنظيمية التي تحكم بنية الجشطلت ، فإذا كان مجال الموقف التعلمي يحمل قاعدة بنية تنظيمية تحدد تمفصلاته ، و صيغ انبنائه ، فإن هذه المبادئ المنظمة له تصبح الحقل المباشر لفعل التعلم .
إعادة التنظيم : إن بناء التعلم يقتضي الفعل في موضوع التعلم ، أي إعادة هيكلته ، وتنظيمه على ضوء سيرورته ، و من ثم تتغير إدراكات المتعلم السابقة للموقف و لمجاله ، أي أنه يعيد تنظيم مدركاته ومعارفه من خلال تجاوز أشكال الغموض و التناقض السابقة و تحقق الاستبصار و الفهم الحقيقي ، وهذا لا يتأتي إلا من خلال سيرورة إعادة التنظيم .
الانتقال: لا يمكن التحقق من حصول التعلم إلا بشرط تعميمه على مواقف مشابهة في البنية الأصلية ، و مختلفة في أشكال التمظهر . إن التعلم يعني قدرة نقل المتعلم لاستبصاره إلى مواقف متنوعة ذات صلة بالمشكلة الأصلية " فالاستبصار الحقيقي هو الذي ينتقل إلى المجالات المرتبطة و الملائمة .
الدافعية الأصلية : إذا كانت السلوكية تعتبر التعزيز مرتبطا بمثيرات خارجية هي التي تساهم في ترسيخ السلوك أو انطفائه ، فالجشطلتية ترى التعزيز يكون داخليا . فالسعادة الداخلية تتأتى كلما تمكن المتعلم من فك غموض الجشطلت وتحقق الاستبصار .
الفهم والمعنى : سياق التعلم يساوي الانتقال من وضعية تكون فيها عناصرها و وخصائصها لا منعى لها ، أي غامضة و متناقضة ، إلى وضعية تصبح فيها العلاقات بين الأجزاء ذات معنى ، أي قابلة للفهم . فالفهم إذن هو كشف استبصاري لمعنى الجشطلت .

مبادئ التعلم الجشطلتية

الاستبصار شرط للتعلم الحقيقي : إن المعرفة هي تفكيك للموقف أو الظاهرة و ذلك باستعمال الإدراك والتحليل و تقنيات الكشف عن مكونات البنية الداخلية ، فبناء المعرفة أو اكتساب المهارة ليس إلا نتيجة مباشرة لإدراك الموقف و استبصاره . إن الاستبصار يتعارض مع بناء عشوائي و اعتباطي للمعرفة كالحفظ و التعلم بواسطة التكرار فالبناء الإدراكي يقترن بالتشكل الترمزي للمعلومة في الذاكرة حيث تصبح أثرا راسخا ، فإدراك المعطى جزء من انبنائه و انبناؤه متلازم مع استبصار قواعد تنظيمه و فهم معناه ، وبالتالي ترسبه في عمق الذاكرة .

الفهم و تحقق الاستبصار يفترض إعادة البنينة : كل شخص يحمل تصورا "انطباع" عن موقف أو ظاهرة ، لكن أثناء الفعل التعلمي يتم الاشتغال على تفكيك عناصر " الموقف ، الظاهرة " ليحصل الفهم ، وبالتالي إعادة بنينة معطياته في تنظيم استبصاري يعتبر قاعدة السيرورة التعلمية .

التعلم يقترن بالنتائج يرى علماء الجشطلت أن نتائج أعمالنا و سلوكاتنا و صيغ تفكيرنا تقود أشكال تعلمنا بشكل تلازمي ، و يرى كوهلر أن النتائج هي صيغ الضبط و التعديل و التقويم اللازم للتعلم .

الانتقال شرط التعلم الحقيقي عندما يضبط المتعلم انتظام الموقف و الظاهرة ويكتشف قوانينها وأسسها و القواعد المتحكمة فيها ، يكون مؤهلا للانتقال بهذا الاستبصار إلى مواقف مشابهة و وضعيات جديدة ، فالتعلم الحقيقي هو الذي يفتح أفق ممارسته و استثماره على وضعيات من الواقع الموضوعي خارج المدرسة .

الحفظ والتطبيق الآلي للمعارف تعلم سلبي تبين علميا أن المعلومات التي يتم اكتسابها بالحفظ والاستظهار ، يتم نسيانها بشكل سريع عكس التي تم فهمها واستبصارها ، كما يتعذر نقل المعارف التي تم تلقينها آليا بالحفظ و تعميمها في وضعيات جديدة .

الاستبصار حافز داخلي قوي ، والتعزيز الخارجي سلبي : إذا كانت السلوكية ترى المكافأة والتعزيز الإيجابي الخارجي فاعلا في ترسيخ الاستجابة و بناء السلوك فإن الجشطلتية ترى أن ذلك التحول من وضعية التصور و الانطباع الذي يسوده الغموض إلى حالة فهم الموقف واستبصاره عند حدوث التعلم ، هو تعزيز قوي ، ذلك أن الغموض يصيب بالقلق و استبصار الموقف يعتبر تجربة سعيدة عند المتعلم . فلذة إنجاز تمرين في الرياضيات مثلا و كشف البرهان المناسب تحقق الرضا عن الذات و يخلق نوعا الانتصار و التحدي على العوائق الخارجية ، وبالتالي هو التعزيز الأصلي النابع من الداخل .

الاستبصارتفاعل إيجابي مع موضوع التعلم
: إن الإدراك السطحي للوقف يبني معرفة غير صحيحة وهو ناجم عن عدم إعطاء قيمة حقيقية لموضوع التعلم ، لأن الانطلاق من موقف تبسيطي و التقليل من نسبة تعقيد أو صعوبة الموقف من شأنه أن يكرس حالة الغموض والتشويش عند المتعلم ، لأنه بذلك يبتعد عن الموضوع و يبني إدراكا زائفا و مغلوطا . إن الاستبصار تدبر و تعقل للذات في الموضوع ، إنه عملية الكشف التي تمارسها الذات عندما تنفصل عن الموضوع لتعقلنه في قانون أو قاعدة أو رمز أو معلومة كلية .

قديم 11-28-2013, 11:47 PM
المشاركة 14
نزهة الفلاح
باحثة في قضايا الأسرة والمجتمع
  • غير موجود
افتراضي
موضوع قيم، متابعة بعون الله
بارك الله فيك أستاذي الكريم وأكرمك


قديم 12-01-2013, 03:03 PM
المشاركة 15
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
موضوع قيم، متابعة بعون الله
بارك الله فيك أستاذي الكريم وأكرمك
سعيد بوجودك هنا أستاذة نزهة الفلاح ، و تسعدني متابعتك للموضوع .
شكرا جزيلا

قديم 12-01-2013, 03:05 PM
المشاركة 16
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نظرية التعلم البنائية

بكون بياجي مؤسسا للمشروع السيكولوجي حول بنيات و تكوين و سيرورات تطور الذكاء البشري ، ومراحل تكوين المعرفة عند الإنسان ، فهو أيضا اهتم بشكل كبير بقضايا التربية والتعلم حيث أقام أسسا علمية لسيكولوجية تربوية تعليمية ، يصعب الفصل بين المنظور التكويني النمائي لسيكولوجية بياجي و بين نظريته في التعلم ، لأن التعلم جزء من السيرورة التطورية النمائية للطفل ، و لأنه محكوم بالمرحلية السيكوـ زمنية لنمو قدرات الطفل و أجهزته السيكو معرفية .
رغم ذلك فالدارسون يميزون بين مقارباته للموضوعين ، إذ يقول دونالدسون أن التعلم بالنسبة لبياجي ليس مرادفا للتطور النمائي ، فإذا كان النمو هو انبناء وتشكل قدرات الطفل على التكيف ، فالتعلم هو نشاطات فعل الذات على موضوع أو ظاهرة بهدف الانتقال إلى استدماجه في الإواليات الوظيفية المعرفية لهذه الذات .

هنا في هذا العنوان سأحاول إلقاء الضوء على نظرية بياجي التكوينية " البنائية " حول التعلم وسأترك مقاربته و مقاربة التحليل النفسي حول النمو في عنوان خاص بالنمو سواء "المعرفي" عند بياجي أو "الوجداني" عند فرويد .

فالتعلم عند بياجي يختلف عن المدرستين السلوكية والجشطلتية فهو مرتبط أساسا بعمليات الاستيعاب و التلاؤم التي تباشر بها الذات اشتغالها على العالم الخارجي باتجاه خلق التوازن إن التعلم عند بياجي هو سيرورة وعي بنائية بين الذات و موضوع التعلم بغية خلق النسقية التكيفية الإيجابية المقترنة بتحقيق التوازن والحد من حالات التشويش والاضطراب التي تعيق التفاعل الإيجابي مع الواقع .

مفاهيم في المدرسة البنائية

التكيف : هو غاية التطور النمائي ، و كل التفاعلات المعرفية بين الذات و الواقع ، والتعلم هو تكيف العضوية مع معطيات وخصائص المحيط المادي والاجتماعي .
الاستيعاب : عملية استدماج المعارف والمعلومات ضمن أنسجة جهاز العضوية المعرفي لتصبح معطيات مألوفة ، لا تسبب التشويش و الاضطراب .
التلاؤم : يقصد به صيغ التبني والاستدماج الرامية إلى مطابقة مواقف وسلوكات الذات مع الموقف الجديد ، فالتلاؤم هو تغيير استجابات الذات بعد استيعابها لمعطيات الموقف ، باتجاه التوازن .
التوازن : هي وضعية التناغم و الانسجام التفاعلي مع الوسط ، فالذات تتبنى بعض صيغ التنظيم والضبط باتجاه تجاوز حالة الاضطراب والتشويش بغية الحصول على التوازن و غايته الوصول إلى التكيف .
السيرورات الإجرائية المعرفة عند بياجي لا تكتسب كاملة جاهزة من الخارج ، كما أنها ليست نسخا للواقع ، و لا علاقة لها مع الموروث الفطري ، إنها تتأسس على قاعدة العمليلات الإجرائية أي النشاط العملي ، فكل درجات التطور و التجريد في المعرفة و كل أشكال التكيف تنمو في تلازم جدلي و تبنى بالتعلم . فالمعرفة شيء ينبغي بناؤه.
مفهوم التمثل والوظيفة الرمزية التمثل هي الخريطة التي يبنيها الفكر عن عالم الناس والطبيعة و الأشياء . إنه بناء للواقع على مستوى أجهزة الذات المعرفية . ويبنى التمثل بواسطة أدوات الوظيفة الرمزية كاللغة .
خطاطات الفعل إن كل أشكال التعلم العليا و المجردة عند الإنسان ترتد بشكل أو بآخر إلى مرجعية خطاطات الفعل ، كإيواليات حاسمة في التفاعل بين الذات و الموضوع ، فالخطاطة هي نموذج سلوك يمكن استعماله قصديا ، و تشكل أجزاء الفعل بتناسق مع خطاطات أخرى ، ثم أنساق جزئية لسلوك معقد يسمى خطاطة كلية . فخطاطة الفعل تشكل ذكاء عمليا هاما ، ومن مميزات هذه الخطاطات أنها قابلة للتكرار والتعميم .

مبادئ التعلم في البنائية

التعلم لا ينفصل عن عن التطور النمائي : التعلم لا يتوقف على اكتساب مفاهيم أكثر بساطة تكون في مجموعها المفهوم الأكثر صعوبة ، بل يتطلب شيئا من التنظيم الداخلي تجاه العمليلات العقلية المشتغلة على الواقع و مواضيعه ، مما يستدعي تطور القدرات العقلية و العصبية المرتبطة أساسا بالنمو .
التعلم يقترن باشتغال الذات على الموضوع و ليس باقتناء معارف منه التعلم ليس هو الربط بين موضوع ما و بين الخصائص و المعلومات المرتبطة به بشكل ميكانيكي ، كما أنه لا يتم بالجمع الآلي للمكونات الجزئية لمفهوم فزيائي أو رياضي ، بل يرتبط بالتفاعل بين الذات والموضوع ، فالطفل يصطدم مع الموقف و يشعر بعدم تكيفه معه ، فيلجأ إلى البحث عن إجراءات الحل المطلوب اكتشافها و اختراعها ، فالإجراء الجديد بنبثق من تفكير المتعلم .
الاستدلال شرط لبناء المفهوم : إن الطفل يأتي المدرسة مزودا بالحد الأدنى من المعلومات والقدرات و الإجراءات السيكو معرفية الخاصة ، و المحكومة بسنه النمائي ، فالمفهوم يبنى على أساس استنتاجات استدلالية تستمد مادتها من خطاطات الفعل .
الخطأ شرط التعلم : إن اشتغال الطفل على المعرفة هو أساسا احتمالات إيجاد الإجراء الإيجابي فهو يمارس سلسلة من من الاختبارات لاكتشاف الوضعية والحل . إن الخطأ صيغة استدلالية من صيغ التعلم ، إذ يقتضي السؤال عن سبب الوقوع في الخطإ المؤدي بدوره إلى الاستدلال كشرط لإبعاد الخطأ .
الفهم شرط للتعلم : يختلف بياجي مع البيداغوجيا الكلاسيكية التي تجعل المعلم من يبني السؤال و إجراءات الإجابة ، ومع السلوكية التي ترى بناء الأسئلة كمثيرات للتعلم ، ويختلف مع توليدية سقراط ، التي توجه المتعلم نحو الإجابة الصحيحة ، و يرى بناء المتعلم لأسئلته هو شكل من أشكال الفهم ، إنه تمثل لها ، و تمثل للإجابة في عمق البنية المعرفية للسؤال ، إن السؤال الذي يبنيه التلميذ هو سيرورة تمثل وفهم .
التعليم يقترن بالتجربة وليس بالتلقين إن كل تجربة يعيشها الطفل تستلزم هيكلة الواقع ، إي إعمال لميكانيزمات الاستيعاب ، التي هي من صميم نشاطات الذات ، والتلقين لا يأخذ بعين الاعتبار أن المعطيات يجب استدماجها ، و التعلم لا يستوجب الاستيعاب . و التعلم الحقيقي لا يتم إلا عنطريق تجارب النشاط الطفلي الداخلي و كل استيعاب هو هيكة واكتشاف للواقع .
التعلم تحقيق للتوازن إن تحقيق التوازن يقتضي تجاوز المتعلم لكل احتمالات حالات التشويش في أبنيته المعرفية ، فالطفل غالبا ما يتوفرعلى على معرفة ما عن وضع أو ظاهرة ، وهي تكون خاطئة أو سطحية ، كما أن إجراءاته التعديلية تكون التشكل و التطور . لهذا يرى بياجي أن الخطأ يؤدي بالمتعلم إلى تعديل قواعده المعرفية .

انتهى هذا العنوان أي نظريات التعلم ،
الذي ركزت فيه على مرجعين أساسيين و هما:

القيم والمواقف " سلسلة علوم التربية " العدد الثامن .
سلسلة التكوين التربوي العدد الثاني .

قديم 12-04-2013, 11:39 PM
المشاركة 17
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
7 التحليل النفسي وجماعة القسم


إن الانفعالات والعواطف والأهواء تعود إلى عوامل لاشعورية تتمثل في الدوافع الغريزية ، هكذا تؤسس مدرسة التحليل النفسي قواعدها عكس المدارس التي تحاول حصر العمليلت النفسية في الشعور .
وفي إطار تصوره للجهاز النفسي توصل فرويد إلى وجود منطقة نفسية سماها " الهو" إلى جانب منطقتي " الأنا " و "الأنا الأعلى" . واعتبر الهو مكمن جميع الدوافع الغريزية ، فالهو يشمل كل يحمله الإنسان منذ الولادة ، و كل ما هو متعين في طبيعته ، أي في المقام الأول الدوافع الغريزية التي هي أول نمط من أنماط التعبير النفسي . من هذا المنطلق لا يمكن التغاضي عن اللاشعور.

اللاشعور

يتضمن قوى ذات طابع لا عقلي ، غير خاضعة لمنطق الواقع الخارجي ، وتسعى جاهدة للانفلات و الإشباع . و تشكل هذه القوى كتلة غير متمايزة في بدائيتها ، ويمكن تصورها على أنها طاقة كامنة لا ترتبط بموضوع معين ارتباطا نهائيا ، وتتخذ بعد ذلك أشكالا متمايزة تؤدي إلى أفعال جد مختلفة . تخضع جميع قوى اللاشعور لمبدأ اللذة ، إذ أن هدفها إشباع الميول و الحاجات التي تمثلها . تتواجد قوى اللاشعور في استقلال عن بعضها ، و إذا كانت تهدف إلى نفس الهدف فإنها لا تتصارع بل يحصل بينها تواطؤ ، القصد منه اشباع الغرائز المتعارضة قدر الإمكان .

مكونات اللاشعور

يتكون اللاشعور من عنصرين أساسيين : الأول يشمل ما يلي :
الغرائز و الدوافع : الدافع الغريزي أصله داخلي إي أنه صادر عن مثيرات داخل البدن ، إنه قوة مستمرة لا تتوقف ولا يمكن التخلص منه بأعمال هروبية .
الحاجات : تتكون الحاجات انطلاقا من الغرائز و قد تكون نفس الغريزة مصدرا لحاجات مختلفة ، ويتوجب تلبيتها لكي لا تكون العضوية معرضة لاضطرابات خطيرة .
الأفكار : وهي تشكيلات دينامية تمثل الحاجات والغرائز و قد تكون منطلقا لفعل ما .

أما العنصر الثاني المكون للاشعور فيتمثل في الدوافع المضادة ، وهي كل القوى التي تتكون تدريجيا خلال سيرورة الحياة و يتمثل الفرد هذه الدوافع خلال مرحلة الطفولة خاصة ، بفعل قواعد التربية و ضوابطها انطلاقا من تفاعله مع الوسط ، وتصبح بذلك قوى لاشعورية تتحكم في سلوك الفرد و ردود فعله الوجدانية ، و واضح أن الدوافع المضادة تمثل الأنا الأعلى



التحليل النفسي و جماعة القسم

يتأسس تحليل فويد لوجدان الجماعة على مفهوم الليبدو مسلما أن علاقات حبية " روابط وجدانية" تشكل ايضا مكنون الجماعة . واعتبر أن تماسك الجماعة لا يقوم على وحدة المصالح الفردية بقدرما ينبني على قوة الأيروس ، ومن ثم فماهية الجمع إنما تكمن في الروابط الليبدوية التي تخترقه من أقصاه إلى أقصاه . ويعتبر فرويد الآخر يلعب على الدوام في حياة الفرد دور النموذج أو الشريك أو الخصم .

يعرف فرويد التوحد بكونه التظاهرة الأولى لتعلق وجداني بشخص آخر ، و الشكل الأكثر بدائية للتعلق الوجداني بموضوع ما ، ويحدث كلما اكتشف شخص سمة مشتركة بينه وبين الآخر ، وكلما تعددت الصفات المشتركة كان التماهي أكمل . هكذا يمكن مثلا أن يتوحد المتعلم مع المعلم كلما أحس أن بينهما صفات مشتركة ، ويمكن للمدرس أن يدعم نتيجة لذلك طموح التلميذ و يرفع من مستواه .

على أساس هذا المعنى للتوحد حاول كل من ريدل و بيون تحليل العلاقات الوجدانية داخل جماعة القسم سواء بين المدرس والتلاميذ أو بين التلاميذ أنفسهم .

نمطية ريدل

أسس ريدل بحوثه على فكرة الشخص المركزي الذي يكون محور الجماعة ، إذ تتحدد هويتها من خلاله و يستقطب الإسقاطات الوجدانية لأفرادها ، ويؤثر على تماسكها ، وداخل الفصل " القسم" يكون الشخص المركزي إما المدرس ، أو أحد التلاميذ . و يحدد ريدل عدة أنماط للشخص المركزي داخل جماعة الفصل :
العامل الأبوي : يجسد نمطا من المدرسين بملامح صارمة ، لكنه طيب وعادل ، فالتلاميذ يحترمونه و يشعرون بالأمان معه . و إن كانوا يتصرفون وفقا لرغباته فإنهم لا يريدون التشبه به ، و يكون التلاميذ جماعة من خلال تمثلهم للأنا الأعلى للشخص المركزي داخل وعيهم الخاص .
القائد هو مدرس يثير إعجاب التلاميذ لأنه شبيه بهم و يمتلك مهارات تقنية كبيرة ، لذى يتقمصون شخصيته على مستوى مثال الأنا "القدوة" الذي يكونونه و يتمنون أن يصبحوا مثله .
المستبد ك مدرس يهتم بالإنضباط و النظام و النظام و يسعى إلى تحقيقه بطرق و وسائل شتى داخل القسم . وهو يستغل التلاميذ لإشباع ميولاته السادية ، لكن دون أن يثير فيهم التمرد ، و بسلوكاته و تأثيراتها تقل الصحبة والصداقة بين المتعلمين و يتملكهم الشك ، وبسبب الخوف يتقمصون على مستوى أنهاهم الأعلى للمسبد . وهذه ما يعرفه المحللون بالتوحد مع المعتدي .
موضوع الحب : هو المدرس الذي تغرم به التلميذات ، ويتصرفن نتيجة لذلك كجماعة ، ويكون المدرس هو بالفعل الشخص المركزي داخل الجماعة ، إلا أنه ليس قائدا ، فالتلميذات لا يتوحدن به و لا يتقمصن معاييره .
موضوع العدوانية إنه مدرس مرن في في سيادته ، و أقل ميلا إلى الهيمنة مقارنة مع المستبد ، فالتلاميذ لا يميلون إليه ولكنهم يتحكمون في عدوانيتهم حتى يتحاشوا العقويات ، وتكون العلاقات بينهم علاقات صحبة و زمالة قوية .
المنظم هو تلميذ يتيح للآخرين إشباع رغباتهم المكبوثة ، فمثلا يهيء لهم فرص الغش فيجعلهم لا يحسون بالذنب ، إذ أن الخطأ لم يعد خطأهم و يكون شخصا مركزيا من منطلق المشاركة الجماعية في تحقيق اللذة .
الفاتن : هو تلميذ يثير عدوى وجدانية عند التلاميذ و يدفعم إلى القيام بفعل بدون إرادتهم بمجرد إقدامه على ذلك الفعل ، وهنا يدعم الشخص المركزي الأنا عند التلاميذ .
البطل : و هو التلميذ الذي يتمرد ، ضد سادية أو لا عدالة ، فالتوحد ضد المعتدي الذي كان بالنسبة للتلاميذ وسيلة دفاعية ضد الرغبة في التمرد ، تتحول إلى توحد مع البطل فيدعم هذا الأخير الأنا و يسمح بتكون الجماعة .
ذو التأثير السيء وهو التلميذ الذي يتهم بدون مبرر واضح بصفة مستمرة ، فؤثر في التلاميذ دون أن يقصد ذلك ، و إذا كان قريب الشبه بالفاتن فهو يختلف عنه بكونه لا يبدأ الفعل قبل الآخرين .

نمطية بيون

يعتقد بيون أن داخل جماعة يوجد مستويان :

مستوى المهمة : و يقابل مستوى الوعي لدى الفرد ، فأفراد الجماعة يتعاونون من أجل إنجاز عمل ما ، وفق قواعد توزيع الأدوار فيما بينهم .
مستوى تكافؤ القوى : له علاقة بالمجال الوجداني الذي يرافق الأعمال الواعية لأفراد الجماعة و يحددها ، والذي قد يعيق إنجاز المهمة أو يسهلها .

و تنتظم التفاعلات الوجدانية داخل الجماعة انطلاقا مما يدعوه بيون فرضيات قاعدية و تشكل أطرا تنظم فعليا سلوك الجماعة و هي :

التبعية : تهيمن علاقات التبعية بين أفراد الجماعة ، فيتصرف أعضاؤها كما لو أنهم يريدون الاحتماء بالقائد ، الذي يجدون فيه غذاءهم الفكري و الوجداني ، ويمكن للقائد أن يستجيب لرغبة الجماعة في الاحتماء به فيخلق جوا عابرا من الأمان ، أو لا يستجيب فيكون هدفا لهجوم أفرادها .
التقارب " التزاوج" : جماعة يسودها الأمل ، و يتجسد هذا الإحساس من خلال روابط التعاطف الوجداني التي تتكون بين عنصرين من أفرادها ، ويعتبر باقي الأفراد هذا التقارب تجسيدا لأمل إيجاد الحلول لجميع مشكلات الجماعة .
الهجوم ـ الهروب يتصرف أفراد الجماعة كما لو أن الهدف من اجتماعهم هو مقاومة خطر داهم ، أو مهاجمة شخص ، أو الهروب منه ، فيهملون إنجاز مهامهم ، وفي هذه الحالة وحده الزعيم الذي يكون قادرا على تهييء فرص الهروب والاعتداء يكون مقبولا من قبل أفراد الجماعة .


مرجع هذا العنوان هو : القيم والمواقف ، سلسلة علوم التربية العدد الثامن .

قديم 12-10-2013, 11:15 PM
المشاركة 18
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
8 ـ البراديغم المعرفي

البراديغم : هو مجموعة من القواعد الضمنية أو الظاهرة التي توجه البحث العلمي في زمن معين ، من خلال تمكينه من أنماط جديدة من المشاكل والحلول ، وفق قاعدة من المعارف العالمية المعترف بها . فإذا كان للبراديغم السلوكي سيطرة في النصف الأول من القرن العشرين ، فإن تطور العلوم المعرفية أنتج توجها جديدا في السكولوجيا بني على التطورات و الاكتشافات التي حدثت بالضبط في مجال المعلوميات ، و هذا التوجه هو ما اصطلح عليه بالسكولوجيا المعرفية .

المعرفية : تعني النشاط الذهني الذي يتضمن اكتساب المعارف " تخزينها و تحويلها و استعمالها و هي توظف مجموعة من السيرورات الذهنية "كالادراك ، الذاكرة ، الصور الذهنية ، اللغة ، حل المشكلات ، التفكير و أخذ القرار"

السيكولوجيا المعرفية : هي مقاربة نظرية خاصة في علم النفس تعرف بمعالجة المعلومات و هي أيضا تستخدم كرديف للمعرفية التي سبق الإشارة إليها .

السيرورات المعرفية : هي مجموع العمليات الذهنية المنضمّة فيما بينها تبعا لمهمة ما و التي يؤطرها نموذج معالجة المعلومات .

النظام المعرفي : جهاز لمعالجة المعلومات " الذهن" يتحدد بمكونات و هندسة واشتغال معين .

العلوم المعرفية
: يقصد بها بالدرجة الأولى : علم النفس المعرفي ـ الذكاء الصناعي ، اللسنيات ، علم الأعصاب ...


1 ـ السيكولوجيا الحديثة في ظل البراديغم المعرفي

إن تطور السكولوجيا العلمية مدين بالشيء الكثير للبراديغم السلوكي الذي قطع الصلة بينها وبين السيكولوجيا الفلسفية ، ، فقد اختار أقطابه الدفاع عن الموضوعية العلمية للمنهج التجريبي ضد مخاطر الذاتية ، كما تعتبر النظرية الافتراضية الاستقرائية التي اقترحها هول سنة 1943 انجازا ضخما للسلوكية . لكن تركيز السلوكية على السلوك الحيواني و إغلاق منافذ التحليل أمام أي نشاط إنساني معقد تحكمه التمثلات الذهنية ، واقتصار تفسير النشاط الإنساني بفمهوم التعزيز ، لا يسمح بتوضيح العناصر القصدية والمكونات التمثلية ، و ستشكل اللغة المحك الرئيسي للسلوكية ، فاتضح استحالة الاكتساب والاشتغال اللسانيين للدلالة انطلاقا من الخطاطة مثير ـ استجابة فالسجال بين شومسكي و سكينر وضح ذلك ، لأن التفسير الفعلي للغة يستوجب في واقع الأمر اقتحام هذه العلبة السوداء ، التي أصر وطسون على إغلاقها لأسباب منهجية ، فتوجهت دراسات السلوكية إلى الهامش بدل المركز ، ، أي أنها بدل أن تدرس حلقة الربط بين المثير والاستجابة التي تمثل العلبة السوداء " الذهن" قامت بدراسة المثير والاستجابة من خلال الإشراط والتعزيز .
إذاكانت السلوكية عجزت عن تقديم تفسيرا ت مقنعة في اللغة و المهارات المعقدة لكونها مرتبطة أساسا بالذهن والتمثلات و هو نشاط داخلي لا توليه السلوكية أي اهتمام لكونها جعلت السلوك موضوع علم النفس . فالمعرفية ستولد مع ميلر و برينر سنة 1956 و ستولي التمثلات المركزية الأهمية النظرية نفسها التي توليها لمتغيرات السياق والمحيط ، فالفرد بالنسبة لها نظام لمعالجة المعلومات ، إذ عادة ما يقوم بتحويل المعلومات الفزيقية إلى معلومات ذهنية أو تمثلية ، وعليه فإن موضوعها يتحدد في بنية المعرفة و تكونها واشتغالها ، ومنهجها التجريب و الحساب والمحاكاة . فهي تسعى إلى تفسير هندسة الذهن الإنساني و قانون تمثله للمعارف و آليات اشتغاله .

قديم 05-11-2015, 11:27 AM
المشاركة 19
أماني ابراهيم
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
بورك عطاؤك تقبل مني كل التحايا والاحترام

 

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: نافذة على التربية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
نافذة جانبية مضاءة ريم بدر الدين منبر القصص والروايات والمسرح . 24 12-31-2019 04:42 PM
نافذة خلاص !! فهد المرسال منبر البوح الهادئ 2 10-15-2014 11:03 AM
نافذة محمد فجر الدمشقي منبر البوح الهادئ 20 07-08-2013 04:52 AM
نافذة الغرفة علي عيسى منبر القصص والروايات والمسرح . 2 04-17-2013 01:54 PM
نافذة على الآداب العالمية عبدالله باسودان منبر الآداب العالمية. 4 10-02-2011 09:32 AM

الساعة الآن 10:48 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.