قديم 06-03-2012, 11:18 AM
المشاركة 801
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
الجزء الرابع من الحوار

وبعد أسبوع جاءتني آجاباته التالية

( 14) - أقمت في القاهرة في فترة تجربة صعبة وقسرية وهناك في ساحة ذلك الزمن عشت تجربة حياتية ثقافية وصحية واجتماعية، تعرفت فيها على بعض المثقفين من مصر والعالم العربي، وامتحنت فيها صداقات عديدة جديدة وقديمة وخرجت منها بالكثير من الغنائم مثل رواية "الوسمية" والكثير من الآلام النفسية والصحية. هذه التجربة لم نشهد تجلياتها في إبداعك بشكل مباشر .
فهل لنا أن نعرف شيئاً عن جوانب تلك التجربة ثقافياً واجتماعياً وابداعياً .

• - نعم .. لقد كانت تجربة مهمة في حياتي على كل الأصعدة غير أن اهتمامي بالكتابة عن عالم خاص شديد المرارة كما رأيت .. جعل رواية "الوسمية " تأخذ المكانة الحميمية الأولى وقتها، و بعد ذلك أخذت الأشياء تتوالى كتابياً في هذا البحر .
تجربة " القاهرة " لم أفكر بصورة جادة في الكتابة عنها حالياً .. لم يحن المناخ الملائم لقول كل شيء!..

( 15) - تجربة الزواج والارتباط تتحول مع الزمن إلى شكل من أشكال المؤسسات وقد خضت لهذه التجربة وارتضيت أن تقتحم امرأة تزوجتها، مباهج العزلة والتوحد بالذات والإخلاص لعالم الكتابة .. ماذا أضافت لك تلك التجربة وماذا أخذت منك؟ ولماذا انفصلت عن مؤسسة الزواج وعدت إلى خصوصية عالمك من جديد؟

* - الزواج لم يساعدني على الإبداع والكتابة ولم يأخذني إلى مباهجها، كان لدي تصور بكل شوق وحب وأنسجام في التلاحم مع زوجة أمنحها كل إنسانياتي بإخلاص شديد ومقاسمة حنونة .. ولم يكن بيننا قبلاً علاقة ما، فبعد أن وقعت في تجربة عاطفية شديدة الإنسانية مع فتاة سابقة في " الدمام " فلسطينية عربية – الجنسية .. لم نوفق في الزواج من بعضنا .. بقيت هذه العقدة – إن جاز لي تسميتها – وتم لي التعرف على إنسانة أخرى من ذات الجنسية وبطريقة تقليدية جداً في " القاهرة " ثم تم الزواج الذي استمر مدة ثمان سنوات، ومنها فترة السفر القسري للقاهرة، بسبب لا علاقة له بها.
لم يقم السفر الزواجي في طريقه لقد ازدادت الصحة سوءاً واستمرت حالات عدم الوفاق من الطرفين .. ثم اتفقا بصورة إنسانية على الانفصال .
انفصلنا في حال تراجيدي صعب وكان كل منا في حالة حزن شديد .. ولكن لم يكن هناك حل آخر .. فكان.
الزواج لم يحقق لي صفة إضافية ما نحو الإبداع بل ربما النقيض أحياناً ( وهذا ليس حكماً عاماً وإنما خاصاً ). أنا رجل ولأمانة في داخلي .. مخلص وصادق وعاطفي جداً، لكنني لا استطيع أن أتنازل عن قيم معينة في ذاكرتي، وفي ذات الوقت لا استطيع أن أكون فوق ظروف الواقع وملابساته .. لكنني وبكل معنى الإنسانية والوفاء – والإنقطاع – أيضاً .. أشكر الظرف الذي فصل بيننا ولا أشكر العزلة التي أنا فيها بالرغم من إناسة الكتابة اليوم.

(16) - أنت من أكثر الذين ضحوا بالوظيفة لصالح التفرغ للقراءة والكتابة وقد عانيت مادياً أكثر مما عاناه أشباهك، لكنك إنحزت وبإصرار عجيب لعالم الكتابة وأنجزت لنا هذه السلسلة من النتاجات المميزة . الآن ومنذ عدة سنوات وأنت تمارس عملك التطوعي في المستشفى بحيث يأخذ الكثير من وقتك وجهدك وانشغالك حتى في منزلك، ألا تخشى أن تؤثر هذه المشاغل " كوظيفة "على استمرارية إنتاجك ؟ وكيف ترى العلاقة بين الوظيفة والكتابة ؟
هل ترى أن الوظيفة كممارسة حية قادرة على إغناء التجربة اليومية وبالتالي التحفيز على الكتابة أم العكس ؟

* - بالطبع لا .. ليس للتفرغ للكتابة – بدافع الشخصي – أن يمنحك عوضاً عن الوظيفة بأي حال كان فالكتابة هي إحدى السبل الأولية المؤدية إلى الأكتفاء معيشياً في المرحلة الزمنية الموضوعية، غير أن المعنى الاستراتيجي والفلسفي للمعنى الكتابي والصحي قياساً بواحد مثلي .. ستظل له جواباته الخاصة ولست نادماً ولست مختاراً أيضاً أو سعيداً، لكنني أكتب إبداعاً وأرسم وأعزف أحياناً وأحس بألم الحياة وبهجتها في أحايين محدودة بحيث أنني أحيا وأحس وأعطي .
في حدود الانشغال الذي عادة ما يكون ارتباطاَ بالوظيفة في حياة الكاتب وضمن الظروف المهيأة في إيقاعات حياتنا في الوطن العربي والعالمي أحياناً وعادة ما يكون هذا شبه مناسب إذا ما قورن بغيره من الأعمال نظراً إلى محاولة التقتير في إنفاق الوقت، أرى أن الكتابة لا يمكن أن يسكنها هذا الصنف من العمل فنحن لا نزال نعتبر الكتابة والإبداع عموماً كأنما هو نوع من مزاولة الموهبة على حافة الهواية، وهذا فيه جناية كبيرة على الإبداع ، عندما نقول عن كاتب أو مبدع في مجتمعات أخرى متقدمة .. فإن معنى ذلك أنه يزاوله كعمل له جهده وإنتاجيته وتقديره .. فالكاتب عمله كاتباً وليس موظفاً محدوداً بدفتر للحضور والإنصراف ، والكتابة في المفهوم الاجتماعي والتقدير الرسمي هي من أعلى الإنتاجات احتراماً وتقديراً ومقدرة أيضاً .. ضمن الإبداعات التي تعتمد على الفردية في الانتاج .
بالطبع على نقيض ما يحدث في مجتمعاتنا فليس أمام الكاتب إذا أراد أن يتفرغ بإخلاص، مع الوقت والظروف للكتابة إلا أن يعتبر معيشته في بحر متصارع الأمواج ليس له من عزاء إلا نفسه.
نعم .. أنا صفقت بالباب واخترت الكتابة وكان دافع الظرف الصحي المزمن يومئ بوضوح إلى أن اختياري لا بديل له إلا أن يكون أحلاها .. الاختيار صعب لا شك وأقولها بعيداً عن التنظير.. ولم يكن أمامي غير الكتابة الإبداعية والصحفية المجزأة كعمل للمصدر المعيشي وفي صحافة استهلاكية حيث تكون كلمتك هي ذاتك وموقفك وفكرك.. موازنة صعبة لكن لم يكن أمامي اختيار بعد أن اخترت مقتنعاً بما لدي من واجب ثقافي إبداعي.. أنا لا أصلح لأي عمل تقريباً سوى الكتابة والإبداع وعلي أن أعلن عن مقدار الضريبة التي أقدمها .. لكنني حقيقة لا أصلح لأي شيء آخر حتى ولو قلنا التفرغ فقط لجمع المال أو الحفاظ على تنميته للحصول على ضروريات الحياة التي أصبح كل شيء فيها ضرورياً.. لست بصالح سوى لرغبة في الحياة والكتابة.. أكتب وأنا على سرير المرض ..وأنا مسافر للعلاج.. أقدم أولاً نوع الكتابة الواجبة كعمل ثم أنصرف إلى إبداعي .
العمل الشبه وظيفي في المستشفى.. لم يكن خارج قانون تعاملي الكتابي وهو عمل إنساني توعوي أسهم به عبر تجربة طويلة مع الحالة وإيماناً بما معناه "اسأل مجرب ، " فالمريض المزمن يحتاج إلى عناية شفهية نفسية معنوية.. أظنني أقدم هذا في حدود ما يتاح لي من إمكانيات خدمية ولست مقيداً بدفتر للحضور والانصراف ومن الجميل في الأمر أن مدير مركز الكلى ومدير عام المستشفى متفهمان لحالتي الصحية والكتابية .
قد يكون المناخ الذي أعمل فيه مكاناً صالحاً إلى حد ما لنوع من الكتابة الإبداعية التي طرقتها بحكم التعايش – هنا – وقد لا يكون بسبب مقدار إمكانية الاقتناص، فأنت في داخل القفص وعليه فإن الحالات التي تشاهدها تتحول إلى شبه اعتيادية إلى درجة لا تدفعك أو تحفزك للكتابة .
تعلم أن الكتابة مهما هيئت الظروف .. ليست بصنبور ينز بالكلمات والجمل فلو وزعنا كمية الوقت التي تفيض بحجم المتاح الكتابي لوجدت أنها فائضة إلى حد التخمة .. لكنها هكذا.. الكتابة والتفرغ لها ليس بمعنى أن الكاتب ينام ويصحو على الورق والقلم وإنما هو بمعنى عدم الانشغال بما هو ضد مبدأ وطقوس الكتابة .


(17) - ارتبطت كتابتك بالهم الاجتماعي في مستواه الثقافي والمؤسساتي واليومي وداومت على كتابة زاوية أسبوعية وأحياناً زاويتين في صحفنا المحلية .
ألم تكن تلك الكتابة للصحافة عاملاً يستنزف شحنة الانفعال بحيث تقلل أو تجفف ينابيع الإبداع كما يرى البعض ؟

* - قلت في جواب سابق إن الوظيفة التي طرقت بابها – بعد أن صفقت بالباب واخترت الكتابة – هي الكتابة الوظيفية وأعني.. أنها وظيفة لا تشترط الحضور والانصراف .. فكانت – حسب قدراتي الكتابية في الصحافة التي تعاملك بـ" الزاوية " أو القطعة.
بالطبع.. هذا يجعلك في قلق اسمه " التزام الكتابة " بحيث تقطع أي تسلسل كتابي أو التهيؤ له ذهنياً للقيام بواجب الوظيفة الأسبوعية والتي هي أقرب ما يمكن التلاؤم معه ضمن الظروف المعينة، و بالتالي لا حاجة لذكر حجم الانتزاع والإفراغ .
في السنوات الأولى لم أكن أكثرت بهذا التفصيلة فقد أدخلتها في باب الواجبات الإلزامية – عملياً - وباعتبار أنها ضريبة الإبداع وفي ذات الحال لا تخرج بعيداً عن حقل الكتابة عموماً .. لكنني ما لبثت وبحرفة أن تلمست صعوبة الحفاظ على مقياس افتراضي بين نوعين من أشكال الكتابة.. أحدهما وظيفي ملزم لا علاقة له سوى بفراغ بياضي أسبوعي يحتاج إلى تعبئة بأية صيغة كانت، عليك أن تتوقع ما يطلب بتغييرها أحياناً لمواكبة حدث ما و أحياناً بإلغائها دون إيضاح .. أنت كاتب أسبوعي في صحيفة أو اثنتين .. إذا لا تتفاوض مع قلمك في هذا الشأن.
أظنني لا أتعامل مع حالات الكتابة بترف ولا ببعد ميتافيزقي.. ربما كان لذلك فعلاً طيباً في استثمار الوقت والزمن النفسي، خاصة إذا ما اعتبرنا أن الكتابة السردية ليست كحالات الإبداع الشعري مثلاً، لأنها تحتاج إلى التروي والمعادلة وطول النفس .

(18) - نشرت عدداً كبيراً من قصائدك تحت عنوان " ترنمية " في جريدة اليوم في الأعوام 77 / 78م : يا عبد العزيز : أين الشاعر الذي كان يمكن له أن يصبح من أبرز فرسان كتاب قصيدة النثر الجديدة لدينا ؟
وكيف أقصيت تلك الطاقة الشعرية والوجدانية العاشقة للمرأة جسداً وروحاً ؟

* - كثيراً ما يقع المبدع في الكتابة لعدد من الأسفار حسبما تجرفه رياح التعدد التعبيري، فتارة يرى في قدراته الشاعر ومرة القصة وأخرى المسرح وهكذا .. ثم يجد أنه كان غائباً عن مرفأ ما يستطيع أن يضع فيه عناء رحاله ويتزود بمعرفة حِرَفية – إذا جاز التعبير – للسفر من جديد .. تلوح له منارات مغايرة على الشاطئ كالمنار .. يعني محطة إبداعية لجنس إبداعي لكنه لا يرى أنها محطته التي يرتاح فيها وينطلق منها في أسفاره .. أنني استنفذت وقتاً – وقبل إصدار مجموعتي القصصة الأولى - داخل فناء ملون من الشعر المنثور والذي يتخذ أحياناً نوعاً من الاتفاق مع التفعيلة أو القافية كما يجرى به السرد لكنها – تلك المرحلة – كانت قادرة على التعبير عن حالات معينة من الوجدان أو الاحتجاج أو عدم المصالحة مع الذات، حيث لا يصلح في " فلاشاتها " غير الشعر.. العبارة الأدبية ونحت المفردة كانتا حليفتاي وانقدت معهما فكتبت عدداً من " الترنيمات " – كما اسميتها – نشرت بعضها في جريدة " اليوم " آنذاك وكنت مشرفاً بملحقها الثقافي .. ثم بدافع الوله الشعري المزعوم تجمعت في ديوان من الترنيمات بعنوان " توسلات في زمن الجفاف " . ضاعت حماسة الشعر أو حولت إلى متابعات القراءة وعادت الحمى إلى الافتتان بالقصة إلى أن أدخلتني سبى الرواية التي لا يمكن أبداً أن يقوم في منابها شعر ولا تشكيل، ولو أن تلويحات من الإشارات الفنارية البعيدة ترفع نارها .. لكنني أراضيها أحياناً كحب قديم في سياق الكتابة الإبداعية – دون حشو – ببعض أزاهير الحلم أو الاستفاقة الطفولية المدهشة .

(19) - دعني انتصر لمجموعتك القصصية الأولى " موت على الماء "، ولعلني أفسر ذلك بمعايشتي لزمن كتابتها وكتابتي لمقدمة نقدية لها أو بأشياء أخرى .
وأرى أنك قسوت عليها كثيراً وأعتقد أن لغتها الشعرية المتشحة بالمجاز الغامض ليست عيباً في حد ذاتها وإنما القصور قد يكون كامناً في حداثة الوعي والمعرفة وعمق التجربة لدى الكاتب، ولسوف نستدعي إلى الحديث " مليحة الغنم " والحماطة .. واللوز .. وسواها أليست عوالم القرية كامنة هناك ومصاغة بلغة شعرية طقسية لم تكن تجربة الكاتب كافية آنذاك للتعبير عنها ؟

* - مجموعة " موت على الماء " القصصية الأولى .. كانت – وبحق – نتاجاً لما قدمته في أولها من تقديم ولعلني كنت على نقيض ما تفضلت بكتابته في مقدمتها .. أعني – وقتها – لكنني اليوم بوعي أحترم ما كتبته أنت - دون وعي عقلان، معرفة مني تجاهها .
لكنك مع احترامي لـ" أستاذيتك " السابقة لإداركيتي .. وجدت اليوم .. أنها جد معقولة .. وقد تنبه الأستاذ الناقد " حسين حمودة في – مصر – إلى أن لدي نوازع كتابية دفينة نحو القرية وعالمها وقد نشر ذلك في مجلة " الدوحة " .
لقد استفدت كثيراً من هذا الرجل الجميل في مسألة جذب النظر إلى عالم القرية .. العالم الخاص برغم انقطاعي الطويل عن ملاحظاته المقدرة المحترمة . ولعلي برغم تجاوز الوعي .. لم أره ولم أقابله .. لكنني للأمانة .. أشكر فضله الفعال في كتاباتي الروائية الأولى .
لكنني .. لا أنسى أبداً وقوفك ومزاملتك وتزويدك بالكتب المفقودة محلياً وبإنسانيتك العظيمة وقتها صحفياً وثقافياً وإبداعياً .. بالرغم من صلابتك أحياناً، يا معلمي الشاعر " علي الدميني" ! الصديق الجميل بالرغم من قريتي الصلبة وجفاف تعاملي معك، ومع أستاذنا " محمد العلي " و" جبير المليحان " أحياناً .
إن جريدة " اليوم " بجماعتها الكتاب .. كانوا أساس توجهي نحو سبيل الكتابة .. برغم معاندتي وإصراري الصخري الكتابي . وأيضاً – بصدق – تجاه الأستاذ "محمد الصويغ " الذي شجع كثيراً من لوحاتي التشكيلية الأولى وصرعني مراراً تجاه كتاباتي الصحفية والفنية وذلك لحرصه الشديد فقط على جريدة " اليوم " بـ" الدمام " التي كان يرأس تحريرها آنذاك .
أذكر أنك يا " علي الدميني " كنت أول مرافق لي لأول سفرة خارج " المملكة " 77 / 1978م – إلى مصر وكان الأستاذ الناقد " سامي خشبة " مترجم جزءاً من مؤلفات " كولن ويلسون " الفيلسوف البريطاني .. حين أختار قصيدة منك وقصة قصيرة مني بعنوان " الغنم .. مليحة .. وموت الحماطة " ونشره في الملحق الثقافي بجريدة " الجمهورية " بـ" مصر "! . لا أعرف بالتحديد .. أي عام لكنه كان في سنة ترجمته لـ" الإنسان " وقواه الخفية " لذات الفيلسوف الانجليزي وقت زيارتنا له بـ" القاهرة " ذات عام فلعل هذه المناخات والصداقات والقراءات أثرت في كتابتي لمجموعة " موت على الماء " ولكنني ما لبثت أن خرجت منها إلى ذاتي وعالمي الذي أحسه بحنان شديد لأكتب منه بساطة وعمق ما أتحسسه منه وذلك في كل مجموعاتي ورواياتي التي تلتها.

(20) – استطراداً للحديث عن " موت على الماء " : حين نتحدث عن مستويات اللغة في كتاباتك يرصد البعض انتقالك من تجربة " موت على الماء " من لغة تجريدية طقسية ذات تكثيف ونبر شعري عال ومجاز موغل في انزياحة إلى لغة مغايرة ذات جمالية تأملية ساخرة في مجموعاتك الأخرى خاصة "أسفار السروي" و" الزهور تتثائب في النافذة" ثم إلى اللغة البسيطة السيالة في بعض رواياتك ( الوسمية مثلاً ) والتي تتعامل مع اللغة كوسيط ناقل بمعزل عن جمالياته.
ويرون إنك لو حافظت على جمالية " شعرية " موت على الماء وتأملية وحكمة ما بعدها لكان لنصوصك الروائية ثراء إضافياً هاما فما رأيك في هذا التحليل ؟

* - أرى أن الإنسان عموماً وليس الكاتب المبدع وحده .. هو نتيجة تجربة كتابية وإنسانية أولاً تصل إلى الحد الذي وصل إليه .. أنا كتبت في مرحلة ( أعتقد أنها ثائرة الدم والعصب والفن ) .. مجموعتي الأولى " موت على الماء " ..النقاد أعتبروني ضدها لغة وفكراً بحكم اليوم .. لا مشكلة!.. أنا اليوم ( نهاية القرن ) وبحكم التطور المرحلي ( في العمر والتجربة ) .. لا يمكنني أن أكتب لذات اللغة والنحت المفردي الخاص في مجموعة " موت على الماء " .. مع أن الموت لا يزال قائماً .. لكنني أدركت - بعد غياب سبع سنوات – من هذا الإصدار .. أنني أكتب لفئة خاصة وفي اللغة تحديداً .. مما جعلني أعيد النظر في هذه المسألة .. فكتبت " الوسمية "و " أسفار السروي ".
بعد سبع سنوات من الانقطاع رأيت أن على الكاتب أو المبدع الفني .. أن يخاطب واقعه وليس العالم المتفوق من أجل مواكبة المدارس الفنية .. نحن نعيش في واقع متخلف جداً .. ثم أن واقعه لا يفهم من لا يخاطبه .. لقد آمنت بأن اللغة هي الوسيلة التعبيرية الوحيدة ضمن الظرف المتاح القادر على الوصول إلى أكبر قاعدة من المجتمع، وبعد كثير من الأسئلة مع الذات الإبداعية .. رأيـت أن تكون لغتي في رواية " الوسمية " لغة معيشية يومية مهما بلغت درجة تنازلها – قياساً بـ " موت على الماء " .. رأيت أن التي تقف بيننا ككتاب مبدعين وبين العالم الذي نتوجه إليه .. هي " اللغــة " وسيــلة المخـاطبـة التعبيرية .. إذاً لماذا نقحمهم في التجارب اللغوية وتحديداً " التجريبية " التي قد تكون مسرحاً .. لكنني أتحدث عن اللغة.
رأيت بصورة واقعية .. أن المجتمع لا يمكن أن يفخر بدعوى اللغة فقط وإنما لأسباب مهـمة أولها لغة التخاطب – الممكن – لغة الكتابة – ولا أقول المايكروفون أو المنبر أو غيره من الوسائل المتاحة والمحددة لتطويع الشكل التقليدي المكرر .
ونحن قوم متخلفون حقيقة .. تقليدية مسايرة لما يملى عليها – بصرف النظر عن الوسيلة – أنا لا أعتقد بأن الإنسان في أي مجتمع كان .. هو محصلة تلقائية بليدة لما يملى عليه وفي ذات الظرف ليس خارج ملابسات ظروفه – لذا كان علي بحكم هذا المفهوم .. أن أتوجه إليه بلغة قادرة على الوصول .. قد يكون في هذا تنازل عن قيمتي الفنية اللغوية .. لكنني واقعياً لا استطيع أن أقفز خارج أسوار المجتمع في حدود التوازن بين الفنية المعاصرة والخاصة وبين الواقع .. إنه لأمر صعب جداً، لكنني حاولت وربما نجحت قصصياً وروائياً .. قصص مجموعة " أحوال الديار " كانت من أهم ما صغته في حياتي القصصية للمجتمع القروي.. لم ينتبه بعض النقاد إليها فالنقاد وبعضهم يقرأ النتاجات الإبداعية الكتابية حسب منظـوراتهـم وأكاديمياتهم .. ولكننا في التاريخ ( ككتاب ) أقوى الجميع!

- اعتقد أن أحد أسباب عدم الالتفات إلى تلك التجربة الكتابية المتميزة في " أحوال الديار " وما تلاها مثل رواية " في عشق حتى " مثلاً كان بسبب كتابك الدقيق والعميق " مكاشفات السيف والوردة " لأن هذا الكتاب فجر الكثير من القضايا الفنية والتأملية والنقدية أيضاً، حيث كشف هذا الكتاب لعبة الكتابة وإستراتيجيتها لديك فانشغل النقاد به عما سواه !
" * افلح إلمح لك ضيعه " .. هذا كلام لا ينبغي أن يكون .. المكاشفات عمارة تطل على داخلي ككاتب وليست عملاً سردياً وإذا كان هذا الاستنتاج صحيحاً – وأرجو ألا يكون كذلك – فإنه أمر غريب منك ومن نقادك هؤلاء !!



قديم 06-03-2012, 11:19 AM
المشاركة 802
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
تابع الجزء الرابع من الحوار
(21) - تتميز كتابتك للقصة القصيرة بسمات عدة على صعيداللغة من خلال التأمل وخلخلة السياق النحوي ونحت مفردات جديدة وحضور المفارقةالساخرة .. إلخ،ونجد ذلك أيضاً في مقالاتك الجميلة، بينما تقل هذه الكثافةاللغوية في نصك الروائي فكيف تفسر لنا ذلك ؟

* -
قد يكون هذا ملموساً عندككناقدأو كقارئ – يحمل ذائقة فنية - .. وبالطبع فأنت تعلم أن الكاتب هو الذي ترىقلمه يخوض بمستويات مختلفة في اللغة ..
أصدقك القول أنني لم أفكر في هذهالنقطة، لعلني فكرت في مسألة ( عدم افتراض الوعي لدى القارئ وإنما خلق الوعي فيه )،و أضيفملاحظة.. أنني كاتب يطرح إبداعا في نسيجه إنسان – عالم - .. فأنت لا تستطيعأن تكون مبدعاً فقط تضع تحت مخدة ما تكتب شهادة الآخرين أو إعجابهم .. هذا لايشغلني .. التأمل لتفاصيل الحياة وجزئيات تراكيبها .. يحتاج إلى لغة غير استعراضية .. لغة تتحرك في جنباتها سردية المشاهد المنمية .. قوة العبارة الروائية – في نظريتكمن في عرض البلاغة الفنية خلفها وليس في واجهتها اللغوية المباشرة، وإذا كانتالقصة القصيرة تملك خصائصها في تكثيف اللغة مثلاً .. فقد تكون هذه الخاصية غيرموجودة في العمل الروائي أو بمعنى لا مكان ضرورياً لها .
هذا لا يعني أن الكاتبيتحرك في حدود النظرية التي يراها الناقد أو موازينه في كيل العمل فهذه معركة مضحكةوإنما لأقول :
الانتصار ليس في اللغة المبهرة التي تشكل إناء العمل .. فقد جربتذلك ورأيت أنني مبدع لغة فقط، أكسب من ورائها تصفيق المثقفين المتذوقين وإطراءهمولست كاتباً غير قابل للاحتمالات بما فيها فهم ما أكتب، وإلا لن أقدم شيئاً يستحقأن يكتب وبالتالي أن يقرأ.
لقد رأى البعض أنني كتبت عملاً مجيداً هو " موت علىالماء " ولم أكتب شيئاً بعده والسبب مستوى اللغة الشعرية فيها، لكنني أرى غير ذلكتماماً .. لأنني لو أردت أن أنحت لغة من أجل اللغة بعد " موت على الماء " لفعلتوليس ثمة صعوبة .. بل إن هذا قد يرضي غروري .. غير أن قناعة ما أكتب به اليوم .. لميأت لمجرد مزاج وإنما نتيجة لصراع طويل مع الموازنة .. الموازنة بين الفن والمحافظةعلى قيمته الدلالية – الخاصية – وبين القارئ الذي لم ولن يفهم لغة الكترونية خاصة .. ربما كانت قناعاتي نقيض ذلك تماماً وأرى أيضاً أن الأعمال الروائية التي كتبتها .. لا تخلو من الفن الذي أستوحيه من نوعية العمل – وليس صيغته – مع كوني في ذاتالوقت مناهض للغة المجردة .

(22) -
كما نعلم بأنك من الروائيين الذين اطلعوامبكراً على تنوع وغنى تكنيك الخطاب الروائي المعاصر عربياً ومترجماً عالمياً ولكننانجدك في أعمالك الروائية قد انحزت إلى تجربة السرد الروائي البسيطة التي تعتمد علىتساوق نمو الحدث والزمن معاً في خطية تتراكم وتتشابك علاقاتها تدريجياً حتى تفضيإلى خاتمتها، ولعل ذلك ينسجم مع رؤيتك للرسالة وطبيعة العالم القروي الذي تشتغلعليه وطبيعة القارئ المتخيل المرتبطة بداهة بذلك العالم، وهنا نتساءل واستناداً إلىخبرتك الطويلة في كتابة الرواية عن رأيك في إمكانية الاستفادة من تلك التقنياتوتبيئتها في عمل روائي قادم لك؟

* -
أظن أن العالم الذي يمثل مادتيالكتابية في الأعمال الروائية والذي يحمل عمقاً بعيداً في الجذورية.. أعني التراكمالثقافي مع المنتج له أبعاد كثيرة ولا يمكن أخذ ما أكتبه على أنه كل تلك الأبعاد،غير أنني أحسست بضرورة الموازنة مع المحافظة على المنظور التوثيقي الحقيقي – كواقعوبين صراعي الصعب مع الكتابة السردية الروائية فيه، لذلك كانت المسألة مقلقة ليعلى الدوام .. يضاف إلى ذلك ، أنني في البداية كاتب واقعي حيث يعتبر البعض أنالواقعية مدرسة لها أساتذتها ومناهجها الدراسية التي تشكل سوراً له حدود، وهذا غيرصحيح.. عندما أكتب بواقعية فليس معناه حجري على عدم استعمال تقنيات الكتابة أوالتكنيك ! فاللغة ليست ملكاً لكاتب دون غيره ونحن لسنا أمام مخترع علمي نبدأ فيهحيث أنتهى الآخرون بل أمام كائن حي اسمه اللغة .. يتطور بتطور الحياة بمجملهاومعطيات الإنسان اليوم تتطلب أن يكون معها بالضرورة لغة متطورة تستوعب التعاملمعها،أما بالنسبة للتقنيات الروائية العربية والأجنبية – والتي قرأتها مترجمةلا تعني أنها مخترعاً علمياً، لذلك لكل كاتب تقنيته ولغة خطابه وتقنيته أنا واحد منهؤلاء .
ذهابك ثم عودتك حول اللغة والتكنيك .. يعني لي أنك ترى أن اللغة كإناءجميل يجب التركيز عليه وبصورة أساسية في العمل الروائي .. وهذا يمثل وجهة نظر بعضالنقاد والقراء وهذا طبيعي مفترض فيه مبرراته وقناعاته .. لكنني قد لا أرى ما ترىفاللغة لدي هي وسيلة تخاطب وتعبير لكنني أيضاً لا أنفي أبداً – وظيفياً أن قلميمسئول عن الارتقاء بذائقة القارئ – فنياً – أنا أعلم هذا، ولا أعتبر كتابة العملالإبداعي خارجة عن إستراتيجيتها .. ولكن .. هل ترىأننا نستطيع أن نستقطع اللغة عنبقية الأمور الاجتماعية اقتصاديا وثقافيا وتاريخيامعيشيا ..بحيث نعمل في سبيل جعلاللغةالشاعرية هي العمود الأول للتعبير، فتطوير الشكل في المسألة الاجتماعية لايغير الجوهر – اللب – فكيف لو رأينا أن الكاتب عموماً ليس إلا رافدا،ً فاعليته لهاحدودها وإمكانياتها .. ومجتمعنا مقل جداً على صعيد القراءة .. إضافة إلى أن الكتابأو المادة القرائية تقع تحت مستوى الاهتمام المؤسساتي.. فالواقع يقول إن الاهتمامبتجارة البصل أو الصلصة يحتل اهتماماً في التوزيع والمتابعة والتموين المستمر .. أكبر من مجرد التفكير في الغذاء الثقافي .
إذا كانت كتابتي الروائية بسيطةاللغة بل إن " الوسمية " قد كتبت بلغة المعيشة اليومية .. فما المشكلة في هذا ؟! علمت أن الأميين في القرى الجنوبية .. يجعلون أولادهم وأحفادهم يقرؤون عليهم ماأكتبه .. لأنهم يجدون إنسانيتهم فيها وبلغة مفهومة، وهنا تكمن إحدى استراتيجياتاللغة التي أتحدث عنها.. هذا لا يعني أنني كاتب – أقليمياً او قبلياً – فقد تعرضتالرواية إلى مستويات من الأقلام النقدية والقرائية من خارج المملكة وبصورة مشجعة .. ترى في ذلك أنني أكتب بلغة المعيشة اليومية أو بلغة بسيطة وليست أقليمية بالطبع .
لعلك ترى ان أعمالي الروائية لم تكتب بتقنية واحدة فـ" الوسمية " تختلف عن " الغيوم " و" صالحة " ليست كـ" الحصون " وهكذا .. بالرغم من كون العالم هو ذاته وذاتالقوام وذات المكان.. لقد تطلبت كل رواية تقنيتها التي رأيتها تناسبها دون تنظيراتمسبقة .

قديم 06-03-2012, 11:20 AM
المشاركة 803
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
الجزء الخامس والأخير من الحوار


(23) - يلاحظ على الرواية المحلية إغفالها للواقع المعاش واستبداله بواقع آخر إما باستلهام هموم المثقف أو قضاياه الثقافية والفكرية والسياسية وإما بالعودة إلى عالم القرية القديم وتحميله قضاياً معاصرة أو بالذهاب إلى الخارج لتحريك شخصيات النص في بيئات مغايرة تسمع بحرية التعبير والتعرية للعلاقات الاجتماعية والعاطفية وحتى الفكرية.. يا ترى ما هي الأسباب الكامنة وراء ذلك ؟
- وهل تتوقع أن تظل الأسباب المتعددة في موقعها حتى بعد بروز فعل آليات الاختراق الكلي للحواجز في عصر العولمة من فضائيات واتصالات بما فيها الانترنت ؟

* - أفهم من قولك " عالم القرية " .. أن المقصود بالعودة إلى الماضي كحل اسقاطي أو كطريقة لإظهار عدد من القيم الحضارية التي كانت سائدة في الواقع القروي القريب ومدى تأثر تلك القيم حالياً فيمن ورثها أو مارس بعضها .
نعم ..
لو قلنا إن الرواية – من أحدى الزوايا – هي كشف لعالم مغطى – بصورة أو بأخرى حتى ولو كان على صعيد التجربة الشخصية، فإن كتابة الرواية ستصطدم فوراً بعدد من الأسوار التي لا تسمح بالكتابة الروائية – تحديداً .
إن كلمة " حرية تعبيرية " لا يمكن كتابتها على لافته وحملها على بوابة الكتابة والكتاب .. حيث أن هذا قول مثالي ما لم يكن مرتبطاً بكليته بالواقع الاجتماعي وأظن أن المثقف يعلم ذلك ويعلم عبر عدة عوامل محشوة بالوصايا والمحاذير منها – الرقيب الذي تربى مع الزمن الكتابي في ذاته - .. كيف يصنع حلوله الكتابية بحيث يستمر ويستطيع أن يقول شيئاً مما يحمله من جمال مهذب تجاه الواقع .
كاتب الرواية – في حدود تجربتي الخاصة – لو وضع أمامه تلك الحواجز والموانع فلن يكتب شيئاً إذ أن حاجز الفهم الاجتماعي التقليدي والذي يكون مادة الكتابة .. سيكون أول المحبطين لمشروعه الكتابي فنحن في عالم شديد الوصاية متخم بالعيب والشائعة ولو لمجرد الذكر ولعلك تعلم أنني عانيت من هذه المسائل التي علمتني الكثير .
إذا ..
الأسباب الدافعة وراء الكتابة من الخارج أو العودة إلى الماضي – في الضفة الأخرى – معروفة وكما يقال فإن " الحاجة أم الاختراع " .

(24) - ما هي أقرب أعمالك الروائية إليك وكذلك القصصية ؟

* - كلها قريبة لكنني استطعت أن أرتاح قليلاً تحت ظل ورقات رواية ( في عشق " حتى " )، ربما لأنني قلت مما يقع في السريرة وبصورة صادقة مباشرة دون وسيط .

(25) - كيف تكتب الرواية ؟ وهل تخطط لهل ؟ هل تعدل وتضيف لمسودتها ؟ هل تتركها فترة طويلة ثم تعود إليها ، ومتى تقرر نشرها؟ وما الفرق بينها وبين كتابة القصة القصيرة؟

* - لعلك ترى العالم الفني الذي أنبش منه خامتي الكتابية .. كنت في البداية أقف أمام جبل كبير لا أعرف كيف اقتحم حدوده .. ومع التجربة أصبحت الأمور بمجرد مرجعية الفكرة .. تتعاود الأشياء وتشكل ذاتها لتقيم خطوطها دون تخطيط مسبق .. تبقى النهايات حيث لم أتعود الوصول أو الركض للوصول إلها، وهو أصعب ما يواجهني في كتابة العمل الروائي لذلك تجدني أدعها للاحتمالات في الغالب .
اكتب الرواية – وكل كتابة تقريباً – مرة واحدة هي السوداء وهي الأخيرة البيضاء .. ربما استفدت بحكم المنسوب البصري .. كيف أفكر قبل وضع الكلمة وليس أثناء وضعها أو بعدها.. ربما جعلني ذلك أتعامل مع الكلمة المكتوبة بحرص ودقة شديدتين .. غير أن هذا يحتاج إلى تريث وأحياناً بطء وعندما أكتب مقطعاً أقرأه واستبين أخطاءه فأقوم بإصلاحه ولا أتركه حتى أكون قد ضمنت بعدها كيف ابدأ فيما يليه أو على الأقل معرفة النقطة التي وقف عندها القلم .
أنا لا أعيد كتابة ما كتبت وإذا كان ثمة بعض التعديلات فإنها لا تأتي على الخطوط العريضة أبداً ولا أذكر أنني بنيت دوراً فهدمته من أجل هيكلية التغيير مع أنني أتمنى لو أن ذلك يحدث وأجدني هزيلاً إلى حدود العجز حين لا أجد مكاناً لنقل بعض جدران البناء من الداخل بل وأحسد الكتاب الذين يعيدون كتابة ما كتبوا فلا شك أن ذلك يمنحهم نافذة لإضاءة هواء المبنى .
لم يحدث وأن كتبت عملاً روائياً في أقل من عام وبعضها استنفذ مدة طويلة مثل رواية " صالحة " التي نسجت بين حالة وأخرى لوقت يقاس بسنوات ثم قدمت للنشر.
عندما أكتب العمل لا تأتي في بالي جهة النشر أو مكانها أو حتى فكرة النشر .. أكتب فقط وأعيش الكتابة وشأن موضوعها في كل شيء، و عندما أنتهي من كتابتها .. فهذا يعني لي أنها جاهزة للنشر تبقى القراءة الأخيرة التي أسميها ( قراءة النشر)
أما كتابة القصة القصيرة فتختلف اختلافاً واسعاً .. حيث أنها لا تأخذ وقتاً إلا لحالتها وزمنها النفسي اللائق ولم يحدث أن كتبت قصة ثم تركتها في مقطع ما للتكملة .. القصة إذا ما حانت فهي - برغم صعوبتها – تأتي كالولادة التي ينتهي ألمها بالبشرى .. حيث تجد أنك حققت نصراً ما ومكافأة لها قيمتها النفسية العظمى.
عندما ألاحظ أن القصة تتوقف عند مقطع أو نقطة ما .. أجزم مع ذاتي أنها فاشلة فأدعها قائلاً لعلك أجهضتها .
أقتل بالاستعجال فرحتها وتلك الفرحة لن تعوض .. لأنك لا توقت للفرحة ولا تتحكم في حجمها .

( 26) - هناك عناية فائقة في اختيارك لعناوين نصوصك متى يبرز العنوان وما دلالته بالنسبة إلى العمل الإبداعي؟

* - لا اعتقد دوماً أن المسمى متصاهر مع الاسم ولا أن الاسم دائماً دال على العمل المكتوب، فأحياناً لا يكون ثمة أية علاقة بين النص المنسوج وبين اسم العمل، و لا أري في ذلك عيباً، لأنك تخطيء لو قلت أبداً " الجواب " معروف من عنوانه " – أي الرسالة – فالعمل الكتابي يميل في تسميته إلى تفصيلة رضى خاصة في داخل الكاتب وليس هناك قانون في هذه الجزئية، فهي في سياق الإبداع الذي لا توجد له منطقية في التعامل .. لو أنك وضعت الاسم قبل الشروع .. فقد خالفت حرية الشرعية الإبداعية بحيث تقيد قلمك ضمن إطار محدد لكي تحافظ على الاسم.
ربما كان من أصعب الأمور في العمل الإبداعي إيجاد مسمى له أو الوقوع في بركة الاختيارات. أنا لا أقبل أن استشير أحداً في عنوان مؤلفي لأنني لا أقبل أن أكون مستشاراً للعناوين من قبل الآخرين، وعادة ما أرفض هذه الوظيفة لدى من يطلب .
إن العنوان الذي لا يعجب .. لن يقدم أو يؤخر في الأمر، ذلك أن العمل بكامله بين عينيك لأننا نحتاج أن نجعل للعمل عنواناً وهي حاجة رمزية دلالية .. هل تقول قرأت النص الروائي الذي كتبه فلان .. أي نص؟ لا بد من وجود تسمية حتى ولو كان عنوانها " بلا عنوان " أنت والد المولود فسمه كما تشاء.
تعجبني عادة في التسميات عند أحد القبائل المحلية فهم يسمون المولود باسم الحالة التي تقع فيها الولادة .. فإن كانت حزينة أسموه حزيناً وإن كانت مريضه أسموه رضا وإن جاءت في لحظة مطر .. أسموه كذلك وهكذا ..فلو ولد المولود في لحظة مدفع الافطار أسموه " مدفع " ومنها " عذاب " و " ضيف " " كتاب " يعني رسالة و" صوت " و" ليل " و .. إلخ ..

( 27) - ما أهم الكتب التراثية التي استفدت منها سردياً ؟

* - كل الكتب التي قرأتها تقريباً .. كان لها فائدة وأقل ما يمكن قوله أنها تهذب لفظك قبل خروجه من بطن القلم. كان للصدف دور في انتقاء القراءات التراثية وأذكر على سبيل الذكر كتاب " الإمتاع والمؤانسة – لأبي حيان التوحيدي " ورسالتي " الغفران " و " الملائكة " لأبي العلاء وكتاب " المخاطبات " وكتاب " المقامات " وغيرها، غير أنني أدين جداً لـ" طه حسين " الذي علمني فكراً ولفظاً وبالتحديد في كتبه " الشيخان " و " عثمان " و " علي بنوه " وكتاب له قديم عنوانه"الأليثنيين " مما دفعني لقراءة " محمد صلى الله عليه وسلم " و " علي إمام المتقين " لعبد الرحمن الشرقاوي .. هذه محطات لها علاماتها الأثيرة في قراءاتي .. كدت أنسى " بدائع الزهور " لـ " ابن إياس ".. هذا الكتاب استطاع أن يصور لي التاريخ سينمائياً وعلى هيئة مدهشة ودقيقة ولن أحدثك عن أخبار النساء " لأبن الجوزي ".. كم وكيف نتحدث عما قرأت في التراث مما صادف قراءته .. أقول مما صادف فقط وضمن محدودية ضيقة جداً .

( 28) - لك كتاب صغير .. كتاب جمع مادته صبي في الرابعة عشرة وأصدرها في السابعة عشرة هو " باقة من أخبار الأدب" .. ترى لماذ تهمل ذكره رغم دلالاته على مكوناتك الثقافية التراثية وانهمامك بعالم الكتابة والنشر منذ الطفولة ؟

* - نعم .. كان ذلك في عمر (18 عاماً) .. هي تجربة مضحكة .. لكنها بظروفها ومحصولها الثقافي البسيط جداً ولا أرى أنها تستحق الإشارة .

(29) - لو قمنا بزيارة إلى مواقع أبطال أعمالك فأي المواقع ستبدأ بزيارتها أو تأملها من على سطح منزلك في قرية " محضرة " التي تطل على مدينة الباحة ؟
ومن هم أبرز أبطال رواياتك الذين ستزورهم في منازلهم أو مقابرهم ؟
ومن هن أبرز الشخصيات النسائية اللائي تحس بحنين إلى وجودهن في تلك القرى ؟

* - لا استطيع ذكر الشخوص الذين وردوا في الروايات أو القصص القصيرة .. ليس لأنني لا أعرفهم بل لأنهم يمثلون نماذج متعددة في القرية الجنوبية، ولعل من الصعب الإجابة على مثل هذه التفاصيل بالتحديد فأنت تسألني عن ميكانيكية الشخصية وكيفية توظيفها أو ما يشبه هذا .. غير أن تحديد الشخوص بعينها أو المقابر التي تأبدوا دواخلها.. أنا أعرف المقابر التي تقع في قريتنا وهي خمسة مواقع تقريباً فقريتي تمثل خمسة جماعات متباعدة كل جماعة تمثل قرية صغيرة، وكلهم برغم المسميات التي تحملها كل مجموعة .. إلا أنها تمثل قرية واحدة كبيرة اسمها " محضرة " كمسمى جامع لكل ما يجمع الجماعة الواحدة .
أذكر جيل الأجداد والآباء والجيل الذي تقارب معي ببيوتهم ومزارعهم وربما بألوان مواشيهم وربما طباعها والتعامل الذي تختص به .. كثور فلان المتمرد وحمارة فلان الشرود وبقرة فلانة التي لا تأكل غير البرسيم وقصب الذرة وتحلب كثيراً .
أحياناً أحتاج إلى معرفة لون ملابس امرأة ما .. فأستعيدها بدقة من حذائها إلى " شيلتها ومعصبها " وحتى الخواتم الفضية التي كانت تلبسها وفي أي الأصابع تضعها ؟
أتذكر " مشعاب " فلان وجنبيته واسم بندقيته وماركتها .. واحد في القرية كان يملك " غدارة " وهي شكل رخيص للسيف ويملك رمحاً قديماً ويعلق على كتفه بندقية صيد لو وضعتها بين مائة بندقية مشابهة لاستطعت الآن أن أحددها لك.. أعرف فلاناً الذي لم يكن يلبس الحذاء ولا " الجاكيت " ولا العمامة البيضاء أو العقال وعندما أذكر فلاناً أو فلانة فإنني أذكرهما بتفاصيل العائلة وجهة باب الدار ومكان النافذة والطريق إليه من بين البيوت .
إن حميميتي تتذكر الأشجار ومواقعها وهل هي مثمرة أو خشبية ، والطريق بحجارتها وصخورها الواقعة على جنبيها وحدود القرية مع القرى المجاورة والحصون والآبار والمزارع التي تسقي منها.. أذكر " العثري " المعتمد في زراعته على ماء السماء و" المسقوي " الذي يسقى من العيون أو الآبار ، أذكر "مشب النار " في كل بيت من القرى الخمس الصغيرة .
اخوالي من قرية بعيدة و من قبيلة غير القبيلة التي فيها قريتنا، وكنت أذهب إليهم مع والدتي مسافة نصف يوم مشياً على الأقدام ولا أنسى تفاصيل الطريق والقرى التي نمر بها وبالطبع أسماءها ومساجدها ومدارسها الابتدائية والشعراء المعروفين وقراهم ..
ماذا أقول ؟.. إن كل شخصية تستحق أن يكتب فيها رواية وكل رواية لا تنفصل عن الجماعة .. قريتي هي ذات القرى المتشابهة في الجنوب والأشخاص هم ذاتهم في كثير من التماثل في أي قرية كانت .
اليوم .. أشاهد غير القرى وغير العالم ..أوجس عندما أمر بها بالوحشة .. أجد أن طفولتي تذبح عند عتبة أول بيت حجري في القرية .. أشاهد الناس يبيعون عظام وهشيم أجدادهم من أجل المال والمطاولة في بناء الاسمنت والطوب والحديد .. ما الذي يبقى إذا لم أكتب عن ماضي القرى وخصوصيتها وألفتها وأعرافها ؟!.

(30) - هناك من يرى أن كتابتك عن عوالم القرية تطورت تدريجياً من فكرة التوثيق إلى جمالية حالة الاستعادة الوجدانية،ثم إلى رؤية أخلصت بشجاعة وعمق لرؤية الانتصار للمرأة في عالم يقف ضدها حتى أفضت التجربة إلى تعرية عالم القرية من رومانسية الاستعادة وجعلها نموذجاً يشبه غيره من المجمعات البشرية التي تقوم حياتها على الصراع بين أطراف يتحاربون بكافة الوسائل لبلوغ غاياتهم النبيلة والدنيئة في رواية " صالحة "، وبذلك انتقلت الكتابة من طبيعتها الملحمية التي تكتب الواقع كما هو إلى طبيعتها التراجيدية حيث تغدو الرواية كشفاً وجدلا وتأملاً في الجانب الآخر من المأساة الحياتية .
وهـــذا التــطور يشـــجع بـعض المتــابعين لتجــربتــك للقــول بــأن روايــة " صــالحــة " هــي خــاتمــة استــلهام عــالــم القــرية ونهــايتها وبالتــالي سيــدخل الــروائي عبــد العزيز مشري منــاخاً آخــر مختـاراً أو مضطراً لكي يستمر في أبداعه .
ما رأيك في هذه التوصيف والاستنتاج؟

* - لا أكتب من أجل الطباعة والنشر .. وفي ذات الحال لا أكتب إلا من أجل أن يحيا القارئ نصوص ما أكتبه وذلك بمفاد يهمني كثيراً وهو أن يجد القارئ شيئاً منه في العمل .. لا أعني تحديداً تطابق أو تماثل وتشابه الرواية مع حالته وإنما هو يجدها ؟ بأية حال كانت .. كأن يناصر أو يناوئ أو يتعاطف أو العكس .
لم يكن هذا المفهوم في الذهن قريباً لقد كان بعد صدور قصص " موت على الماء" ذات النحت المفردي في اللغة – كما ذكرت والتي أرى أنها محتشدة بزخرفة اللغة والضبابية أحياناً .
لم أفكر في النشر بعدها ولمدة سبع سنوات .. كنت أتأمل وأجرب وأقرأ .. فكانت نتيجة الديالكتيك الطويل – قياساً بالنشاط الكتابي والحماس أن وصلت إلى مفهوم ثقيل ومهم في الفن ورسالة الكتابة الإبداعية، أولها التفكير في طريقة كتابية يستطيع أن يقرأها القارئ فيقول " فهمت أو كدت أفهم " كان هذا على سياج القصة القصيرة .. فتكونت مجموعة قصص " أسفار السروي " ثم رواية الوسمية "
نعم ..
ربما تكون " التوثيقية " هي أحد خطوطها بالطبع.. الشهادة الإبداعية التي نكشف بكتابتها عن عالم له طريقة خاصة في معيشته ومكانه ومناخه وزمنه ..- هذا الخط – كنت ولا أزال حريصاً عليه كميزة ليس من نافذة " نحن كذا " وإنما من باب " نريد أن " ومهما كتب .. سيبقى هناك الكثير من مناقب ومميزات وتقاليد ومفاهيم لم تكتب وربما عزيت نفسي بأن الأديب ليس باحثاً أنثروبولوجياً .
رواية " صالحة " قضيت وقتاً طويلاً بين كتابتها ونشرها ولم أكن متشجعاً لتقديمها للنشر – كغيرها أحياناً – فكرت ثم وجدت ترحيباً مطمئناً ومخفزاً لنشرها من "الهيئة العامة للكتاب " في مصر، فكان أن خرجت إلى القارئ .
أظنني لن أتوقف عن المسير في هذا الدرب لأن ثمة أقوال في سحابة الصدر لم تمطر بعد.. ليس صحيحاً أن القلم سيجف بعد " صالحة " لا أدري .. لماذا تصورت التوقف أو الحيرة .
- إذا .. هل يمكن أن تدلنا أو تشير على الأقل إلى إستراتيجية نصوصك الروائية القادمة في نفس سياق " ملحمة القرى " ؟
هناك مرحلة كتابية مهمة تجاه عالم القرية ويبدو أن أحداً لم يطرحه أو يشير إليه أو يستقصيه من نقادنا – المحدودين-. المرحلة الصعبة التي يحتار " رامي القرص " – كما ذكرت في سياق جواب سابق يحتار كيف يعطيها حقها كمرحلة نابضة وتبدو يسيرة لقصر وقتها بينما هي عالية الصعوبة .. تلك هي المرحلة التي تقع بين التقاط القرص وبين رميه أي مرحلة ما بعد الالتقاط – فيما لو اعتبرنا ما سبق كتابة – فأنا في حالة التهيؤ لما سوف يكون .. هل أسميها ما حدث لذلك العالم المكتوب عنه بعد ذلك وما هي الصيغة التي أتعامل فيها مع المعطي الجديد؟
الحكاية تتطلب خبرة واثقة وإدارة كتابية محكمة في رصد مرحلة " البين " أو العقدة الواقعة بين طرفي الحبل . في الأعمال الماضية في ضفتي السرد القصة القصيرة والرواية .. هناك إشارات متفرقة وبعضها مركز – كنهايات الأعمال الروائية – دائماً يبقى السؤال :
ما الذي حدث بعد هذا ؟
السؤال في نظري لا يزال معلقاً في " العقدة " التي ذكرتها.. بعض القصص ناوشت هذه المحطة القصيرة والصعبة أيضاً في " أحوال الديار " وهي القصص التي منحت من الكتاب رحيق تقنيته الأخيرة في كتابة القصة لو لاحظت " الوانيت" قصة في أوائل المجموعة .. لاستطعت أن ترى ملامح استراتيجية كتابتي القادمة وما أريد قوله باختصار .

( 31) - سأقول لك ما قاله الشاعر الجنوبي " أنت عاصي وأنا ما شفت في غامد عصاة " وفيك من القسوة ما يشبه أحد أبطال قصصك " على ابن القاسي " ومع ذلك سأقول لك .. لقد وصلت روايتك للمثقف السعودي والعربي وترجمت بعض أعمالك للغات أجنبية واحتفت بك عدة منابر و اثني الروائي صنع الله إبراهيم على تجربتك واحتفت بها الروائية أحلام مستغانمي والناقدة فريدة النقاش وكتب عنها الدكتور محمد الشنطي الكثير وقال الناقد السعودي عابد خزندار أن رواية "الوسمية" ترتقي إلى مصاف العالمية، وقرأها وعرض لخصوصية تجربتها العديد من أبرز النقاد في المملكة مثل الدكتور معجب الزهراني، بينما أعرب آخرون عن رأي مغاير فقال القاص جار الله الحميد رأياً مخالفاً مفاده :
لو أن كتابة الرواية بهذا الشكل لكتبت عشرات الروايات، وقال الناقد محمد العباس : لا نستطيع مقاربة روايات عبدالعزيز مشري بمعزل عن مرضه ولذا فقد تحفظ في الإفصاح عن رأيه .
وقال عبد الرحمن المجماج : إنه لا يعترف إلا بمجموعتك " موت على الماء "
كيف تقرأ هذا الآراء وماذا تعني لك ؟


قديم 06-03-2012, 11:20 AM
المشاركة 804
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
تابع الجزء الخامس
* - إذا كان هناك فضل لأسفاري في المدن فإنني أدين لهذه " القساوة " التي تسميهابالكثير من المديح ولكنني قاس بألفة وحميمية عميقة، لقد كانت القسوة ضرورة لمقاومةما هو أشد عنفاً تجاه الذات رغم ما وجدت من حب الأصدقاء واحتفاءهم الكثير مماساعدني على تجاوز الصعاب .
أما بالنسبة لآراء الآخرين فلا بد من استيعاب كلالآراء بصدر فسيح كفساحة السهول بين الجبال السروية ولعل من طبيعة الأشياء فيالحياة .. أن يتفق ويختلف الناس حولها،ويسعدني أن اسمع رأياً مغايراً فيما أكتب .. متمنياً وبحرارة أن يكون ذلك واضحاً ومبيناً القوائم التي قامت عليها تلك الآراءأو الملاحظات .
مثل ما قاله الأخ القاص " جار الله الحميد " .. قرأته مره فيحوار ( قال عنه حاضروه ) أنه كان حواراً مستفزاً .. فقال عن " الوسمية " وقال أشياءأخرى في آخرين لا ناقة لهم ولا جمل .. كنت أتمنى بعد أن أخذ القول مداه في الصحافةوبين المثقفين لو أنه أبان سبباً مهما كان بسيطا،ً فربما يفيد بصورة أو بأخرى، لكنما حدث لأن الأخ " جار الله " .. أحب هذه النغمة ولم يتفضل بإيضاح أي وتر منالأوتار تتم عليه النغمة، ثم إن هذا القول مضى عليه وقت يبلغ فيه الآن أو يكاد عشرمن السنين وليست واحدة ولم يكتب شيئاً من التحدي .. أقول : " جار الله " القاصالفنان له أهواء مزاج الفنان ولا يمكن أن نعتبر هذا رأياً، مع أمنيتي الصادقة لوأنه عرض أو فند ما قاله .
عبدالعزيز مشري .. كاتب له حق الخطأ والصواب وليسمنزهاً وإذا كانت رواياته لا تستثير الآراء الإيجابية والسلبية .. فقد يعني ذلك أنهخسر أهم ما يطمع إليه وهو خلق السؤال بما يكتب .
الأخ الكاتب " محمد العباس " وهو كاتب نقرأ له نقداً أو قراءات جيدة في الصحف ولا أذكر أنني قرأت ما قال غير أنالحقيقة التي قالها في شأن الكاتب الذي لا يمكن تجزئة شخصيته إلى معازل هذا صحيحجداً إلى حد أن الروائي لو كتب خارج طفولته .. فلن يتبقي له من رصيده الإبداعي سوىرصف لغة وتعميدها بالثقافة .. الدهشة الطفولية الجميلة سواء كانت عن طريق الذاكرةأو التاريخ المرجعي لعمره بشكل عام لن يكتب سرداً من عقله ووجدانه وتجربته .. " لايمكن عزله عن المرض " .. نعم .
ولكن هل " المرض " هو الذي يكتب ؟ لا أحد يظهرهذا وإنما على الكاتب أن يكتب بواقعيه، وقد استفدت فعلاً من هذا الجانب على الصعيدالشخصي والإبداعي.
أنا – حقيقة – لست فخوراً بظرفي الصحي لأنه لا أحد يحيامعايشته اليومية إلا " أنا " وهو من أكبر المعطلات في حياة أي كاتب ولا يمكن أنيكون محفزاً أو دافعاً للكتابة .
"
موت على الماء " ليست أحسن ما كتبت – علىالأقل في رأيي – ليس ثمة ما هو " افعل " .. هناك زمن وهناك إنسان وهناك تطور طبيعيللمثقف " موت على الماء " مضى عليها عشرون عاماً.

(32) -
في كتابك الهام " مكاشفات السيف والوردة " استطاعت الوردة بانتمائها للحياة أن تحول السيف إلى قلممطواع كتب خبرة وتجربة واحد من أبرز مبدعي وكتاب المملكة المعاصرين ونحن في هذهالأسئلة لم نتعرض لكثير من القضايا المهمة التي كتبها " سيف الوردة " أو " وردةالسيف " ولكننا سنسأل : أتراك قد أنطقت خبرتك الإبداعية والمعرفية كاملة فيه أم أنكستكتب أخا أو طفلة له في المستقبل،يعارضه أو يجادله أو يضيف إليه أو ينفيه جزئياًأو كلياً، بحيث تختفي منه بعض الآراء القطعية في الكتابة والإبداع والتي تبدووكأنما السيف قد خاتل الوردة وكتب ذاته بحد السيف؟

* -
في كتاب " السيفوالوردة " عمارة محدودة النوافذ لعل نوافذها بعدد فصول الكتاب تفتح تلك النوافذدرفاتها للشمس والهواء مهما كانت قوة النور الخارجية .. لا تستطيع أن تكشف كثيراًمن الغرف والدهاليز التي تزداد إتساعاً مع الأيام .. العمر .. التجربة .. التطوروالتطلع وبالتالي من الصعب اعتبار الكتاب المذكور حاوياً لكل ما أريد قوله .. وهوليس بـ"سيرة ذاتية " كما أسماه الناشر " نادي أبها الأدبي " ، إنما هو نوافذ أطلمنها كاتبهالينقل بعض آرائه عبر تجربته ورؤيته ووعيه .
لا أجرؤ على القولبأنها تعني اليوم أو الغد .. ففي الحياة أشياء ومواضعات وأحوال لا تأخذ صيغة الثبات .أمور متناثرة تحتاج إلى أن تقول فيها رأياً مع أو ضد واقع اليوم وحالات وتطوراتاليوم.. وبالطبع .. فإن التجربة هي التي تسوق المبدع نحو اكتشافات جديدة لم يكنليعرفها من قبل مع أنه قد يكون موهوباً بأنه سيجني ذات الثمار التي قطفها من شجرةالكتابة في الزمن السابق .. مهما كانت الضمانات لا يستطيع أحد ضمان ذات النتيجة ..
ربما فكرت وفكرت فقط .. في البدء بكتابة " مكاشفات " من نوافذ جديدة لم تفتح في " مكاشفات السيف والوردة " لم أفكر في كيفيتها و لا طريقة عرضها أو نوع تجاربها ولن تكون مكملة لما سبق .. ولا أظن إلا أنها ستكون ثمرة للتجربة الشخصية .. لعلالأيام – بإذن الله – تتهيأ ولو أن المرء يقتات أنفاسه من عمره لكننا نحلم ونطمحونفتح أشرعتنا للحياة .. لزهورها .. التي ستزهر في الغد وسيأتي المطر الذي ينتظره " سعيد الأعمى " في أول فصل بـ "الوسمية "

(33) -
يا صديقي الجميل .. وياصديقي الصلب بقيت لدينا بعض الأسئلة ..

* -
أما أنا فليس لدي أي مزيد منالإجابات .. لقد اشغلتني بأسئلتك وطاردتني بها في بيتي ومكتبي وعلى الهاتف وبالفاكسوهذا مدخلي عليك .. تفكني من شرك!
هل غضبت ؟
* -
إلى أقصى درجة .

سأذكرك بحكاية " أبو نواس" والمزارع الذي استعان به .. وما حدث بينهمابشأن الثيران و" عدة " السوق ونزع المياه من البئر وأسالك هل ننفذ ما اتفقنا عليهفي بداية الحكاية من عقاب لمن يغضب؟
* -
نعم .. فهو أهون لي من اسئلتك .
هل تحلق شواربك ؟
* -
ولتقطع " براطمي أيضاً "

إذن لقد بلغتاستراتيجية هذا الحوار مداها – حسب كلمتك المفضلة – لذا أقول لك في أمان الله ياسعيد!
* -
أهلك مطروا .. والله يوجه لك يا غلّتي .." .



أجرىالحوار : علي الدميني

في أواخر يونيو 1999م

قديم 06-03-2012, 11:21 AM
المشاركة 805
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
ماذا تعرف عن هؤلاء ؟ (39) ... عبدالعزيز مشري - رحمه الله -

ولدرحمه الله في قرية محضرة بالباحة عام 1374ه وعمل محررا ثقافيا في ملحق المربد الذيكانت تصدره جريدة اليوم كما شارك في بعض المنتديات والمهرجانات الأدبية داخلالمملكة وخارجها واصدر مجموعة أعمال سردية وهي: موت على الماء، اسفار السروي، قالالمغني، الزهور تبحث عن آنية، الفيوم ومنابت الشجر، الوسمية، الحصون، أحوال الديار،ريح الكادي، بوح السنابل، صالحة، جاردينيا تتثاءب في النافذة، مكاشفات السيف،الوردة .
كما ساهم في كتابة المقالة الصحفية عبر زاويته (تلويحة) في أكثر منصحيفة سعودية، كان آخرها الجزيرة وعبر ملحقها الثقافي الذي آثر الراحل الكتابة فيهمنذ حوالي أربع سنوات وكان النادي الادبي الثقافي بجدة قد اقام حفلا تكريميا للمشريالعام الماضي, تخللته العديد من المناقشات والمداخلات الأدبية حول تجربة الكاتبالروائية والقصصية,, وريادته في هذا الشأن, كما اصدرت جريدة الجزيرة ملحقا ثقافياخاصا بإبداع وأدب المشري وقدمت مؤسسة الجزيرة الصحفية درعها تكريما لجهد الاستاذالمشري في الأدب السعودي.
كما اقام فرع الجمعية العربية السعودية للثقافةوالفنون في الباحة مسقط رأس الكاتب الراحل حفلا تكريميا آخر,, احتفاء بتجربتهالرائدة,, ومساره الابداعي المتميز,, وكفاحه الانساني العظيم,,
كما قام الشاعرعلي الدميني بجمع ما كتب عن المشري من دراسات نقدية ومتابعات وشهادات واصدرها فيكتاب حمل اسم ابن السروي,, وذاكرة القرى وظهر متزامنا مع حفل تكريمه فيالباحة.
ويعد الراحل اضافة الى تميزه في الكتابة الروائية - التي أشاد بهاالناقد المصري الدكتور علي الراعي,,, واصفا روايته الفيوم ومنابت الشجر بأنها تضعكاتبها في مصاف كتاب الرواية في العالم العربي - في طليعة كتاب القصة القصيرة فيالمملكة والعالم العربي,, متميزا بعالمه المستوحى من البيئة,, وقدرته على استحضارالتفاصيل,, ولغته الشعرية المعبرة,.
ولا يكاد المثقفون السعوديون يجمعون علىتميز كاتب في التجربة المعاصرة قدر اجماعهم على تميز الخط الابداعي للمشري.
كانأبرز من كتب عن طبيعة الحياة في القرية الجنوبية بل أبرزهم حيث نقل عبر تجربتهالروائية والقصصية منظومة العادات والتقاليد والقيم والمكونات الحضارية لهذه القريةفي أعماله.
كما استوحى طبيعة انسانها,, ومزاجه وحسه الانساني.
كما كانت تجربةالمرض جلية في إبداع المشري,, حيث استمدها كمقومات إبداعية نقل عبرها,, أدق تفاصيلالاحساس الانساني ساعة المرض,, بتلك الشفافية المتناهية,, والوصف الواقعي المنتقى,, الحساسية الاستثنائية.
وكانت تجربته في التحرير الثقافي عبر جريدة اليوم,, للحدالذي انتج مجموعة كتاب ومثقفين كان الراحل قد استوعب وجودهم ونشاطهم الثقافي,, وقدمهم للساحة,, عبر ذلك الملحق.
وقد ارتبط الراحل بعلاقات احترام وتقدير بالغمن المثقفين السعوديين بمختلف فئاتهم وتوجهاتهم,, وكان محور العلاقة من قبله الادبوالاحترام المتناهي,, وتقبل وجهة نظر المخالف,, والحيوية في قبول الرأي الآخر,, والتفاعل المعرفي الخلاق مع الآراء بمختلف توجهاتها.
وتبلغ ارادته الاسطورية فيمواجهة المرض حدا كان مثار اعجاب واكبار الآخرين,, اذ ظل يكتب حتى اللحظات الاخيرةمن حياته.
يقول الدكتور معجب الزهراني معلقا على هذا الجانب: مرت بي فترة واناعاجز تماما عن ان ارى عبدالعزيز او ان اقرأ أو اسمع شيئا عنه كنت اضعف بكثير منألمي، واقوى بكثير من أية مثابرة لاخفائه او التصريح به, كنت أثمن كل ما يكتب عنهواليه وهو في ذروة جديدة من ذرا معاناته المتصلة اتصال ابداعه وحضوره,, لكنني لماستطع المشاركة في هذا النوع من الكتابة لان لعبدالعزيز عندي صورة تختلف كليا عنعبدالعزيز الذي يكتب عنه الآخرون,, لم استطع ابدا الفصل بين الكائن,, والكاتب فيه،ولا بين النص والشخص المشري, كلاهما من الألفة التي بحيث لا يمكن استحضار احدهمادون الآخر، ومن المحال استحضارها خارج فضاء الحياة الخفيفة المرحة البسيطة العميقةالتي تحتفل بها كتابته .
كما كان صديقه ورفيق دربه علي الدميني من أبرز من احتفىبتجربته وعني بانتاجه (كائنا وكاتبا) وكان من ابرز نصوصه الشعرية التي كتبها لهقصيدة لذاكرة القرى .
,, مثلما سيطل الغريب على محضره
سيطل ابن مشري على نفسهفي البيوت التي
نبتت من عروق الجبال
وسيسألها عن فتى ذاهب لحقولالبدايات
حيث تسيل ورود الطفولة,.
فوق عيون الحصى
مثلما تتنامى علىشجره
وسيبسط كفيه قرب المساء
لتأوي اليه العصافير
من غابة اللوز، والطلح ،والعنب الفارسي
والرعيني كما تهطل المغفرة,,
كما كان إبداع المشري موضعاللعديد من الدراسات النقدية وتناول انجازه القصصي والروائي باعتباره ملمحا مستقلافي مسار الابداع السردي في المملكة وقد تناول أدبه بالدراسة الناقد الدكتور محمدصالح الشنطي، والدكتور معجب الزهراني، والدكتور حسن النعمي، والدكتور يوسف نوفل،والاستاذ عابد خزندار، والاستاذ احمد بوقري، والاستاذ حسين بافقيه، والاستاذ معجبالعدواني، والاستاذ عبدالحفيظ الشمري، والاستاذ احمد سماحة، والاستاذة فوزيةابوخالد، والاستاذ حسن السبع، والاستاذ فايز أبا.
ولا يكاد يذكر واقع السرد فيالمملكة حتى يكون اسم المشري أبرز رموزه.
ولم يتوقف إبداعه عند القصة والروايةبل امتلك تجربة تشكيلية ثرية,, حيث مارس الراحل الرسم بالالوان,, مثلما ابدع بالرسمبالكلمات.
وقد قام بتنفيذ الرسومات الداخلية للمجموعة الشعرية الاولى للشاعرةفوزية ابوخالد الى متى يختطفونك ليلة العرس ,, كما رسم لوحات بعض اغلفة أعمالهالنثرية مثل: ريح الكادي، والحصون، وموت على الماء، والزهور تبحث عن آنية .
ويعتبر شقيقه الاستاذ احمد بن صالح مشري والشاعر علي الدميني من اقرب اصدقائهالى نفسه.
وقد نشرت الجزيرة اطول حوار صحفي ثقافي حول تجربة المشري الإبداعيةوالحياتية أجراه الاستاذ علي الدميني,, إبان تكريمه في جمعية الثقافة والفنونبالباحة,, ثم نشر في كتاب ابن السروي وذاكرة القرى .
من أعماله:
¨ موت علىالماء – قصص
¨ الزهور تبحث عن آنية - قصص
¨ الحصون – رواية
¨ ريحالكادي – رواية
¨ مكاشفات السيف والوردة
¨ الوسمية – رواية
¨ الغيومومنابت الشجر – رواية
¨ أسفار السروي – قصص
¨ بوح السنابل – قصص
¨ قالالمغني
¨ صالحة
¨ أحوال الديار - قصص
¨ جاردينيا تتثاءب في النافذة
من أعماله:
¨ موت على الماء – قصص
¨ الزهور تبحث عن آنية - قصص
¨ الحصون – رواية
¨ ريح الكادي – رواية
¨ مكاشفات السيف والوردة
¨ الوسميةرواية
¨ الغيوم ومنابت الشجر – رواية
¨ أسفار السروي – قصص
¨ بوحالسنابل – قصص
¨ قال المغني
¨ صالحة
¨ أحوال الديار - قصص
¨ جاردينيا تتثاءب في النافذة

قديم 06-03-2012, 11:23 AM
المشاركة 806
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
الظروف الحياتية التي اثرت في تكوين الاديب عبد العزيز مشري
عبد العزيز مشري
- أعاقته ظروفه الصحية عن استكمال دراسته أو الانتظام في عمل وظيفي.
ـ أصيب بمرض السكري وأدت مضاعفات هذا المرض وعلاجه مع مرور الزمن إلى تأثير على البصرواختلال في التوازن والمشي والفشل الكلوي مما اضطره للغسيل عن طريق ( الديلزة ) ،وكذلك تعرضه لضغط الدم.
- زرعت له عملية كلى عام 1993مبجدة وقد تمت العملية بنجاح مما ساعده على السطوع مرة أخرى ، إلا أن ( الغرغرينا ) راحت تأكل أطرافه فبترت إصبع من يده اليسرى ثم بترت قدمه اليمنى وبترت الساق اليسرىكاملة.
- بعد إصدار مجموعتي القصصية الأولى " موت علىالماء " عام 1979م .. توقفاً منلوجياً تأملياً ..
- رأيت أن الكتابة وقتها .. لاتحتاج إلى التغريب والبحث عن مادتها وعالمها من خارج ما يقع في الذهن من حكاياوأحاديث طويلة تكمن عند أصبع القدم وليست في جزر " الهونولولو " أو وديان " واقالواق " ، يضاف إلى هذا الشعور بالغربة القاسية والمرهونة بظرفها الذي لم أجد معهإمكانية لكسرها أو النفاذ منها بمجرد خاطر العودة .. وما سببته من حميمية إنسانيةقوية تجاه عالمي القروي الأول .
- لقد رأيت أن الكتابة لا يمكن أن تصيب وجدانوذهنية كاتبها - الروائية تحديداً - إلا إذا كانت تغمس سن قلمها في دم كاتبهاخزينة معيشته أو تجاربه وطريق رؤيته واستراتيجية .. قل محصلته الثقافية.
- ليس ثمة سر ولا كشف إنما هو الرجوع الحميمي لتفاصيل المكانالطفولي وجماليات معيشته وذكرياته، وبرغم بعد المكان على الإنسان يبقى يحن للأشياءالتي ارتبطت باندها شيته ومعيشته الأولى .. أذكر عندما كنت في إحدى الولايات في " أمريكا " وفي ظرف صحي يصعب وصفه تمنيت - وقت إذ امتنعت عن تناول أي نوع من الطعاموالشراب - تمنيت كسرة خبز ناشفة من حب " البلسن " العدس البني الصافي - مع قهوةالبن أو مع اللبن الحامض بالريحان
- يقول العلماء إن الإنسان في لحظة خطرة مباغتة .. يصرخ منفعلاً بلغته التي تعلمها في بيئة وطفولته، ولحادثة تحدث في عمر كبير وفيمنطقة بعيدة جداً وغربية اللغة والحياة عن بلده .
- كنت في الطفولة مفتونا بالنجوم وبعدها وكنت أحلم بنجم أخضر مضيء.
- الذائقة الفنية أيضاً - ومع علاقتها بالثقافة - لا يمكن فصلها عنزمن الطفولة والنشاة
- تميزت شخصيتك في سنوات الطفولة والصبا وحتى السنوات الأولىالتي قضيتها معنا في الدمام بالتأمل والأناقة مع ميل للانطواء،ولم تكن ترتاح أوتشارك في الأحاديث التي تخوضها مجموعة كبيرة من الأصدقاء، فاتخذت شخصيتك ملامحهاالجادة المبكرة والزاهدة في الآخرين، وفجأة وجدناك تحيل كل شيء إلى سخرية مرة أوهازلة،ثم ما لبث هذا التحول أن تغلغل داخل تكوينك الكتابي واليومي فأفدت منهالكثير في حياتك وأعمالك الكتابية حتى أصبح الحديث معك متعة خاصة يتعشقها الكثيرونوالكثيرات .هل يمكن أن تضع أيدينا على جذور ذلك التحول الهائل في تكوينك منالانطواء إلى الهزل وإلى السخرية وحب الدعابة ؟
- عندما كنت أعيش في القرية إلى سن أول العشرين .. لم أكن لأعرف العالم بمحيطاته وأناسه واختلاطات إيقاعاته وسهوله و جباله .. سوىبحدود طلوع الشمس من مشرقها خلف الجبل الكبير المقابل للبيت من بعيد،وللحصنالقديم الذي تلتف حوله برتقاله الشمس النحاسية في الغروب .. هذه حدودي التي التقطتفي تفاصيلها عالمي الأليف والحبيب والشقي أيضاً بآلامه وحرمانه، لكنه كان حميمياًومتغلغلاً في انسجتي وخلايا ذاكرتي وجوارحي ..
- فجأة أخذتني أقدار الصحةإلى " الرياض " .. فكنت أهرب من المستشفى في السابعة مساءاً لكي أعود إلى بيتي فيمدينة " الدمام " اقضي نصف الوقت في الطريق ( 3-4 ) ساعاتوأعود إلى غرفتيبالمستشفى قبل السابعة صباحاً ..لا تقل إنني كنت مجنوناً .. لقد كان هذا يحدث وفيحالة إغماء فالظرف الصحي كان صعباً.
- اقامتي في القاهرة كانت تجربة مهمة فيحياتي على كل الأصعدة غير أن اهتمامي بالكتابة عن عالم خاص شديد المرارة كما رأيت .. جعل رواية "الوسمية " تأخذ المكانة الحميمية الأولى وقتها، و بعد ذلك أخذتالأشياء تتوالى كتابياً في هذا البحر.
- لم يقم السفر الزواجيفي طريقه لقد ازدادت الصحة سوءاً واستمرت حالات عدم الوفاق من الطرفين .. ثم اتفقابصورة إنسانية على الانفصال . انفصلنا في حال تراجيدي صعب وكان كل منا في حالةحزن شديد ..
- يقول : أرى أن الإنسان عموماً وليس الكاتب المبدع وحده .. هونتيجة تجربة كتابية وإنسانية أولاً تصل إلى الحد الذي وصل إليه .. أنا كتبت فيمرحلة ( أعتقد أنها ثائرة الدم والعصب والفن ) .. مجموعتي الأولى " موت على الماء " ..النقاد أعتبروني ضدها لغة وفكراً بحكم اليوم .. لا مشكلة!.. أنا اليوم ( نهايةالقرن ) وبحكم التطور المرحلي ( في العمر والتجربة ) .. لا يمكنني أن أكتب لذاتاللغة والنحت المفردي الخاص في مجموعة " موت على الماء " .. مع أن الموت لا يزالقائماً .
- اخوالي من قرية بعيدة و من قبيلة غير القبيلة التي فيها قريتنا، وكنت أذهبإليهم مع والدتي مسافة نصف يوم مشياً على الأقدام ولا أنسى تفاصيل الطريق والقرىالتي نمر بها وبالطبع أسماءها ومساجدها ومدارسها الابتدائية والشعراء المعروفينوقراهم ..

ربما ان ظروف المعيشة التي عاشاها في طفولته كانت صعبة للغاية ومثل ذلك سيره على الاقدام لمدة نصف يوم حتى يصل الى بيوت اخواله، لكن ربما ان المرض هو سبب ازمته الاساسية.


يبدو ام مشري عاش مأزوما بسبب المرض.

مأزوم

قديم 06-03-2012, 11:24 AM
المشاركة 807
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
100- البشموري سلوي بكر مصر
البـشـمـوري
رواية في الجغرافية والتاريخ والأديان
لا بدَّ، أولاً، من توضيح بضع نقاط قبل الخوض في بحر البشامرة، ألا وهي أن "البشموري" هو الفلاح القبطي الذي يسكن شمال مصر – دلتا النيل –، تلك الأراضي الموحلة من جراء جريان نهر النيل العظيم وفيضاناته، حيث العيشُ خَطِرٌ وصعبٌ بالنظر لما يجلبه النهرُ من طمي وتغيير في معالم الأرض والمكان؛ ولغة أبناء هذه الأرض هي "البشمورية"، إحدى لهجات الأقباط المصريين.
المصدر الرئيسي لكتاب سلوى بكر[1] الذي نتناوله في هذا العرض إنما هو تاريخ الكنيسة القبطية – تاريخ الآباء البطاركة – للأب سايروس بن المقفع الذي اعتمد مزج التفاصيل الصغيرة بالأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية في عرضه تاريخَ مصر. فهو المؤرخ الوحيد الذي تطرَّق إلى ثورة البشامرة، الفلاحين القبط، وغيرهم ضد الخليفة المسلم، حاكم البلاد – مع العلم أن الكنيسة القبطية آنذاك أيدت الحكم الإسلامي ضد ثورة البشامرة وتوسطت لإقناعهم بدفع الخِراج للدولة وإعلان الطاعة؛ مما يجعل الرواية تعكس آخر مشهد في حياة مصر قبل تحوُّلها إلى دولة مسلمة بعد أن عرَّبت الكنيسةُ القبطيةُ الصلاةَ فيها.
تجري أحداث الرواية في عهد الخليفة المأمون، الذي قضى على ثورة البشامرة، حتى لم تقم لهم بعد ذاك قائمة. ثم استخدم الخليفة المعتصم الأسرى الأقباط الذين جُلِبوا إلى بغداد، مركز الخلافة، للقضاء على "ثورة الزلط" (وفي مصدر آخر: "الظط") في جنوب بغداد، نظرًا لمعرفتهم (أي الأسرى الأقباط أو البشامرة) بخصائص الماء والتراب وجغرافية الأرض الموحلة.
تبدأ الرواية بإرسال الكنيسة ممثِّلَين عنها، هما الشماس ثاونا الناضج الحكيم وبدير بطل القصة وخادم الكنيسة، إلى البشامرة لإقناعهم بالتخلِّي عن ثورتهم ضد الخليفة وبقبول دفع الخِراج للدولة. وفي الطريق تبدأ الصعوبات: فجغرافية شمال مصر شيء متحول، حيث يقوم النهر العظيم بتغيير جريانه عدة مرات خلال الفصول تبعًا لقوة المياه، فتتغير مواقع فروعه. وتبدأ بالنسبة للكاتبة صعوبةُ استعادة أمكنة الأحداث؛ فالقرى المذكورة قد اندثرت من الخريطة.
وفي أثناء المسير، تنهال الذكرياتُ على بدير وتتلاحق: فهناك كان مسقط رأسه، وهناك كان غرامُه بفتاة أرادها أخوه زوجةً له وانتحارُها وهروبُه ولجوؤه إلى الدير. وفي الطريق، يصادف الرسولان الكثير من الناس المحتاجين، – وهنا تظهر تداخلات العناصر القبطية مع العناصر الفارسية والوثنية في عادات الناس وإيمانهم الشعبي، – إلى أن يصلا إلى مركز البشامرة المتمرِّدين، الذين يرفض زعيمُهم مينا بن بقيرة فكرة العدول عن الثورة ويأبى تقديم فروض الطاعة للخلافة، رافضًا حجج ثاونا الشماس بأن حكم المسلمين أهون شرًّا من حكم غيرهم من الطامعين في أملاك الكنيسة. فـ
[...] كورة مصر قد هلك أهلُها من الظلم والخسائر والخِراج، كما أن أصحاب تاووفيليكس الخلقدوني لا يألون جهدًا لاغتصاب ضيعنا التاوضوسية بغير حق [...] يؤذون الكنيسة الجامعة ويقطعون خيرها من البلاد.[2]
ثم يأتي جيش الخلافة، فيبيد المتمردين ويسوق الباقين منهم أسرى. وهنا، للمرة الأولى، يفترق بدير، خادم الكنيسة الذي أصبح أسيرًا، عن معلِّمه ثاونا، وتبدأ رحلةُ عذاباته. يؤخذ بدير أسيرًا عن طريق البحر. ونجد وصفًا قويًّا لرحلة الأسرى البحرية إلى أنطاكية، مركز المسيحية الشرقية، ومعاناتهم. وتخوض سلوى بكر هنا في تفاصيل حياة الأديرة وعادات الناس الشعبية، فتكتب عن أماكن اندثرت ولم تذكرها كتب التاريخ، انطلاقًا من الكلمة المصدر التي أصبحت كنزًا من منظارها.
وفي أنطاكية، عمل بدير في خدمة أحد الكهنة، كونه ملمًّا بأمور الدين وباللهجات القبطية. ثم بعد وفاة معلِّمه، انتقل إلى خدمة كاهن آخر ذي ميول شاذة وعلاقات مع أطراف أجنبية، ففكَّر بأن أفضل طريقة للهروب من خدمة معلِّمه الجديد إنما هي بالتنكُّر لماضيه الكهنوتي. لذلك كان وضعُه في سجن انفرادي حتى يتم تقريرُ مصيره. ونلاحظ هنا كيف عملت مخيلة بدير على استذكار المفردات اللغوية وتعدادها ومقارنتها باللهجات الأخرى كي يُبقي ذهنَه حيًّا. فـ...
[...] في ليلة عددتُ من أنواع الطير التي أعرفها ما يربو على المائة.[3]
ثم يُنقَل بدير إلى بغداد لخدمة الخليفة، مرورًا ببلاد الشام وفلسطين. وتعود الجغرافية لتصبح سيدة الموقف من جديد: فالوصف هو صورة فوتوغرافية لبغداد قصر الخليفة، بغداد الشارع، بغداد الطوائف، بغداد الثقافة والترجمة واللغات والثورات... فيأتي متحفُ التاريخ ليربطنا بجغرافية المكان. وهذه كانت المحطة الثانية الهامة في حياة بدير، خادم الكنيسة ورسولها إلى البشامرة؛ إذ يتحول بدير إلى الإسلام، فيصبح حرًّا يعمل في نسخ الكتب وترجمتها.
ثم، بعد مكوثه فترة في بغداد، يقرِّر العودة إلى مصر كي يقابل ثاونا ويدعوه إلى الدخول في الإسلام. وفي طريق العودة، يمضي سنوات في فلسطين ناسكًا ودرويشًا، ليتابع بعد ذلك طريق عودته إلى بلده، فيصل إلى معلِّمه، الذي كان على فراش الموت، ويدعوه إلى الدين الجديد. فيرفض هذا الأخير اعتناق الإسلام ويموت، معبِّرًا بوفاته، كشخصية قبطية "نخبوية"، عن تراجُع القبط لصالح المسلمين. أما بدير فيتحول إلى درويش متصوف يجوب وحده الطرقات متعرضًا للضرب والإهانة، جاعلاً علاقته مباشرة مع ربِّ العالمين. فـ...
حسـبي الله توكَّـلتُ عليه
من تواصي الخلق طرًّا بيديه
ليـس للهـارب في مهربه
أبـدًا مـن راحـة إلاَّ إليـه
رُبَّ رامٍ لي بأحجـار الأذى
لم أجد بدًّا من العطف عليه[4]
وفي النهاية، لا بدَّ من ملاحظة أخيرة مُفادها أن البشموري، التي تسمِّيها كاتبتُها بـ"رواية الروايات"، إنما تهتم بمشهد مصر الثقافي في العصر الوسيط: مصر الوثنية، القبطية–المسيحية، فالمسلمة الناطقة باللسان العربي القديم والقبطي والفارسي والسرياني والنوبي معًا – مصر "المنصورة" التي احتوت تلك التلاوين كلَّها وطوَّعتْها!

قديم 06-03-2012, 02:22 PM
المشاركة 808
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
البشموري


البشموري … لسلوى بكر
ما أن وقع نظري علي أسم الكتاب حتي تزاحمت الأفكار في عقلي اشتريته مسرعاً من مكتبة مدبولي . ذهبت إلي مقهي الجريون القريب ،ف فضولي لم يطق صبر الأنتظار حتي أعود إلي المنزل . جلست في أقصي الركن الشرقي و طلبت قهوتي و قررت البدء في القراءه فور وصولها و جلست أفكر ………… البشموريين أسم مجهول تماماً لدي العامه ،و نادراً أن يعرفه أحد من المثقفين و تسقطه كل كتب التاريخ الحديثه عن قصد أو جهل… من هو البشموري؟ ،، ينتمي إلي البشموريين وهم أقباط سكنوا شمال الدلتا ويعملون فى إنتاج ورق البردى الذى كان العالم كله فى ذلك الوقت يستخدمه لتسجيل علومه ومعارفه وفى مختلف أنشطه حياته اليوميه ..ثاروا ضد الظلم أيام عيسى بن منصور الوالى في عهد الخليفه المأمون من زياده ظلم جباة الخراج (الضرائب) و ولاتهم وضوعفت الجزية و انضم اليهم بعض المسلمين من العرب
و كانت الدلتا حتي العصور الوسطي منطقه مستنقعات ذات تضاريس صعبه و طرق وعره لا يجيد التنقل فيها ألا المخضرمين من أهلها و تاريخهم لم يتطرق له سوي القله القليله من ساردي التاريخ سواء بالذم أو الأستحسان ….. فيقول تقى الدين المقريزى في اختصار: ” انتفض القبط فأوقع بهم “الأفشين” – قائدا تركيا – على حكم أمير المؤمنين عبد الله المأمون فحكم فيهم بقتل الرجال وبيع النساء والذرية، فبيعوا وسُبى أكثرهم، حينئذ ذلت القبط فى جميع أرض مصر..
قال ساويرس ابن المقفع (عامل العرب البشموريين على الأخص فى غايه من القسوه فقد ربطوهم بسلاسل الى المطاحن وضربوهم بشده ليطحنوا الغلال كما تفعل الدواب سواء بسواء فإضطر البشموريين أن يبيعوا أولادهم ليدفعوا الجزيه ويتخلصوا من آلام هذا العذاب وكان يعذبهم رجل من قبل الوالى إسمه غيث )
السورى المؤرخ :وقالوا إن أبا الوزير ” يقصدون الوالى” كان يرغمهم على دفع الجزيه وكانوا لا يستطيعون تحملها ، فكان يسجنهم ويضربهم ضربا مبرحا ويضطرهم الى طحن الحبوب كالدواب تماما ، وعندما كانت تأتى نسائهم إليهم بالطعام ، كانوا خدمه(عماله) يأخذونهن ويهتكون عرضهن وقد قتل منهم عددا كبيرا ، وكان عازما على إبادتهم عن بكره أبيهم حتى لا يشكوه الى الخليفه)
ورأى المأمون كثره القتلى أمر جنوده بأن يتوقفوا عن قتلهم ثم أرسل فى طلب رؤسائهم ( وأمرهم أن يغادروا بلادهم غير انهم اخبروه بقسوه الولاه المعينين عليهم وأنهم إذا غادروا بلادهم لن تكون لهم موارد رزق إذ أنهم يعيشون من بيع أوراق البردى وصيد الأسماك
وأخيرا رضخوا للأمر وسافروا على سفن الى أنطاكيه حيث أرسلوا إلى بغداد وكان يبلغ عددهم ثلاثه آلاف ، مات معظمهم فى الطريق ، أما الذين أسروا فى أثناء القتال ، فقد سيقوا كعبيد ووزعوا على العرب وبلغ عدد هؤلاء خمسمائه ، فارسلوا إلى دمشق وبيعوا هناك وأمر المأمون بالبحث عما تبقى من البشمورين فى مصر وأرسلهم الى بغداد حيث مكثوا فى سجونها .
أخذتني روعة السياق الأدبي و السرد و الأهتمام بأدق التفاصيل إلي اقترابي من تصديقها ، الروايه بها الكثير من التاريخ المدون الذي أجمع عليه المؤرخون الثقاه من المسلمين و المسيحين ، فما حدث للبشموريين هو في واقع الأمر أباده جماعيه بعيده تمام البعد عن أي أخلاق أو مبادئ أو أديان
لا أوافق علي تحول عقيدة بدير الغير مبرر و تسارع أهم جزء في الروايه وهو المعركه ، و اخطتاف النسر لثوب بدير الكنسي ، و عدة نقاط أخري غير ذات اهميه تاريخيه
قضي علي البشموريين بقسوه بالغه و أنتهي أمرهم
دعوه لقراءة روايه جديره بالقراءه
أمنيتي أن يتعلم منها أبناء العمومه المصريين أن يحبوا بعضهم البعض

قديم 06-03-2012, 02:23 PM
المشاركة 809
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
سلوى بكر , البشموري , مكتبة مدبولي


البشموري" رواية استثنائية لكاتبة جريئة وجادة ومجدِّدة، حقَّقت مكانة خاصة منذ أولى خطواتها الإبداعية، ثم توالت أعمالها التي لاقت تقديرًا واحتفاءً في مصر والعالم، وتُرجمت إلى عدة لغات. من روايتها: "العربية الذهبية لا تصعد إلى السماء" 1991، "وصف البلبل" 1993، "ليل ونهار" 1997، ومن مجموعاتها القصصية: "زينات في جنازة الرئيس" 1986، "عن الروح التي سرقت تدريجيا" 1989، "إيقاعات متعاكسة" 1996، "نونة الشعنونة" 1999، ومسرحية واحدة هي: "حلم السنين" 2002.

و"سلوى بكر" لا تستسهل، إنما تقتحم الغابات، تبحث عن المناطق الشائكة، لتدخلها حافية، وكأنها عارفة طريقها.

و"البشموري" لحظة حرجة في تاريخ الشعب المصري، خلال مرحلة الفتح الإسلامي، لحظة مرّ عليها أكثر من ألف وأربعمائة عام. كثير من المبدعين، بل من المؤرخين، يتخوفون قراءتها، لكنها كعادتها قررت وكتبت.

في هذه الرواية لن نقرأ تأريخًا جافًا وباردًا لثورة البشموريين، ولكننا سنقرأ تضفيرًا، لا يقدر عليه غيرها، بين ما هو حقيقة، وما هو خيال. بين ما هو تاريخ، وما هو إبداع. بين ما هو ثابت وما هو ماش على قدمين. أناس من لحم ودم، ويصرّون على امتلاك الحقيقة، والثبات على المبدأ.

تأتي هذه الرواية، لتفتح بابا كبيرا، لقراءة تاريخنا المستبعد عنّا، بفعل عوامل كثيرة، لا لنتعاطف معه، ولكن وبالأساس، لنعرفه.

تقول سلوى بكر: "تقوم بنية «البشموري» على تلاحم فسيفساء تاريخية كثيرة على خلفية من السرد الروائي لتشكل ضمن هذه الخلفية محصلة وقائع ورؤى روائية لفترة غامضة، يبدو التاريخ فيها وكأنه لا نهاية له، ومن هنا فان نص الروائي ما هو الا جملة نصوص كتبت في فترات تاريخية مختلفة، اضافة الى هذا النص، وكأن الرواية تعيد تنسيق وتنظيم الروايات التاريخية هذه ضمن لوحة مشكلة للمشهد الثقافي الحضاري لتلك الفترة بالغة الأهمية، فهي تحتفي بالهامش التاريخي وتعتبره متنا داخل الرواية، كما انها تحتفي بالمسكوت عنه خصوصا اليومي والمعتاد وتضمه ضمن متطلبات ذلك الهامشي المبتعد، وتنقض في الوقت نفسه المتون التاريخية المزمنة والمنحازة الى كل الأيديولوجيات المسبقة والتي تلوي عنق الحقائق والوقائع الانسانية باتجاهه وتفقدها مضامينها النبيلة".

قديم 06-03-2012, 02:24 PM
المشاركة 810
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
سلوى بكر
وكيبيديا
ولدت في القاهرة في 1949. بكالوريوس إدارة أعمال من كلية التجارة – جامعة عين شمس – في عام 1972 وليسانس نقد مسرحي عام 1976. عملت كمفتشة تموين منذ عام 1974 و حتى 1980. ثم عملت كناقدة مسرحية وسينمائية لعدة منشورات عربية. في 1985 ركزت على الكتابة الخلاقة المبدعة. لديها 7 مجموعات قصصية، 7 روايات، ومسرحية. ترجمت أعمالها إلى عدة لغات. أستاذ زائر بالجامعة الأمريكية 2001. عضو لجنة تحكيم مهرجان السينما العربية مراجع : http://www.goodreads.com/author/show/1937964._


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 91 ( الأعضاء 0 والزوار 91)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2483 09-23-2019 02:12 PM
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 523 09-09-2018 03:59 PM
اعظم 100 كتاب في التاريخ: ما سر هذه العظمة؟- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 413 12-09-2015 01:15 PM
القديسون واليتم: ما نسبة الايتام من بين القديسين؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 18 08-22-2012 12:25 PM

الساعة الآن 11:39 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.