قديم 03-14-2011, 10:26 PM
المشاركة 191
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان جراح الصميم
رقم القصيدة (25)



لَوْحَات



من منكمْ يعرفُ أنِّي أسكنُ في قبرٍ مهجورْ ؟!
من منكمْ يسمعُ صوتي يطربُ سكَّانَ الماخورْ ؟!
من منكمْ يعرفُ أنِّي لن أستجدي إشفاقاً
لن أطْلبَ إنعاماً
لن أقبلَ عرضاً ..
لا .. لكنِّي سوف أثورْ .
سأثورُ من القبرِ المهجورِ على الجثَّةْ .
سأثورُ بأروقةِ الماخورِ على الخسَّةْ .
وسأكتبُ تاريخاً أحمرْ .
بيراعٍ من أرضيَ أسمر .
تاريخاً يحكي للأجيالِ حكايةَ حربٍ هَمَجيَّةْ .
بينَ الأشباحِ وبين الذَّاتِ العربيَّةْ .
تاريخاً يستجدي العنوانْ ..
القدس ستبقى عربيَّةْ .. القدس ستبقى عربيَّةْ ..
وسأرمي أعداءَ الإنسانِ بعُرضِ البحرْ .
وأصلي في الأقصى فجراً في عيد النحرْ .
في حفلةِ سلمٍ مشؤومةْ ..
وأمامي امرأةٌ محمومةْ ..
واللوحةُ قاتمةٌ سوداءْ
رسمتْها الخيلُ المهزومةْ .. رسمتْها الخيلُ المهزومةْ ..
في صومعةِ الفكرِ اختلطتْ ألوانُ الرسمِ الزيتيةْ
في لوحةِ صبرٍ فنيَّةْ
وكتبْنا تحت اللوحةِ بيتاً من شعرِ الأطفالْ .
الخطُّ رديءٌ لم يُقرَأْ ....
وأمامَ اللوحةِ أَشعلْنا شمعَ الميلادْ .
أحكمنا إغلاقَ الأصفادْ .
أحرقنا العتمةَ بالأبعادْ .
وأضعنا مفتاحَ التاريخِ ونحنُ نلوِّحُ للحاضرْ .
ونصفِّقَ للآتي الزاهرْ .
ونقيمُ النّصْبَ التذكاريَّ ونرقُصُ للنَّغمِ الثائرْ .
وزليخةُ تهوى الأهراماتْ
أهراماتُ السلمِ الأبديِّ تقامُ على كلِّ الجبهاتْ .
وجريمةُ يوسفَ إعراضُه .
يا يوسفُ أعرضْ عن هذا .
لا تعبثْ أبداً بالحُرماتْ .
السجنُ مصيركَ إن مزَّقتَ الإعلاناتْ
لتُؤوِّلَ أحلامَ السجناءِ المَنسيِّينْ
وتكيلُ الحبَّ لتطعمَ كلَّ الشَّحاذين
في عصرِ التَّهديدِ المُجدبْ
نستجدي كلَّ المُنتفعين
نسترضي حتى البيَّاعين
في لقمةِ عيشٍ مسمومةْ
وأمامي امرأةٌ محمومةْ
واللوحةُ قاتمةٌ سوداءْ
رسمتها الخيلُ المهزومةْ .. رسمتها الخيلُ المهزومةْ .


* * *

في صدري أغنيةٌ قُتِلتْ
بحرابِ اليأسِ المسمومةْ
وبعينيْ صورةُ عاريةٍ سمراءَ تستَّرُ بالأوراقْ .
أوراقُ جرائد يوميَّةْ .
وبسمعي حشرجةٌ ونُواحْ .
لا تقتلني لستُ الفاعلْ .
لا تقتلني لستُ القاتلْ .
لا تقتلني لستُ السفَّاحْ .
فهناكَ بمحكمةِ الموتى عقدٌ ونكاحْ .
زوَّجنا الظلمةَ للمصباحْ .
وأقمنا في الدارِ الأفراحْ .
لكنَّ الظلمةَ عاتيةٌ والريحُ تُحطِّمُ كلَّ جناحْ .
هربَ الفرسانُ من الحلبة .
وبنوا من حبَّتِهِمْ قبةْ .
في قطعةِ شعرٍ منظومةْ .
وأمامي امرأةٌ محمومةْ
واللوحةُ قاتمةٌ سوداءْ
رسمتها الخيلُ المهزومةْ .. رسمتها الخيلُ المهزومةْ


* * *

في بيتي أشباحٌ سكنتْ
تَستَرِقُ السمعَ من الجدرانْ .
في النومِ وفي الصحوِ أراها .
برغيفِ العيشِ أرى شيطانْ .
بالملحِ بقهوةِ سهرتِنا ،
بالسُّكَّرِ في عُلبِ الدُّخَّان .
لكنِّي أكتمُ أنفاسي
أختبئُ بجوفِ الأرماسِ ،
لأُعدَّ القهوةَ للسهرةْ
بين الأحياءِ الأمواتِ .
أَصِلُ الماضي برؤى الآتي
وبمقبرةِ الفكرِ الحرَّةْ ،
أتحدَّى الفكرةَ بالفكرةْ ،
في حفلةِ عُرسٍ مشؤومةْ ،
وأمامي امرأةٌ محمومةْ
واللوحةُ قاتمةٌ سوداءْ
رسمتها الخيلُ المهزومةْ .. رسمتها الخيلُ المهزومةْ


* * *

بيديَّ سأنتزعُ الأشواكَ
من الأزهارِ الصيفيَّةْ .
وسأزرعها في جَوفِ الليلِ
بعصْفِ رياحٍ شتويَّةْ .
كي تزهرَ ناراً ونصولا .
وسأنقشُ صورةَ أبناءِ الشُّهداءِ
على علمِ الوحدةْ
علم التحريرِ المتحدِّي
في جبلِ الزيتونِ الأخضرْ .
ليقومَ البحرُ الميِّتُ ، قبلِ فناءِ البحرِ الأحمر،
ويمزِّقَ أكفانَ اليأسِ
المنسوجةِ في أقبيةِ العار
زنزانات العصرِ الغارقِ بالدُّولار
زنزانات الفكرِ الحرِّ يموتُ غريباً في الظُّلمةْ .
لتعيشَ خفافيشُ العتمةْ .
وتبيضُ الحيَّةُ في القمةْ ،
وأنامَ على جُرُفٍ منهار .
لكنِّي أُقسمُ : لن أُقبرْ ،
وسأوقدُ مصباحاً أحمرْ .
فالأخضرُ غابَ من اللوحةْ
وطريقُ الثورةِ مرسومةْ
رسمتْها أحجارُ الأطفالْ ،
رغمَ الفرسانِ المهزومةْ
وأمامي امرأةٌ مسجونةْ
واللوحةُ ناصعةٌ بيضاءْ
رسمتها الأيدي المشحونةْ .. رسمتها الأيدي المشحونةْ


* * *

انظرْ ... في الزاويةِ اليُسرى
شمسٌ حمراء اللونِ بغيرِ شعاعْ .
نقشتْ لتدلَّ على الإبداعْ ،
لتحاولَ باللونِ الإقناعْ ،
لتحوِّلَ أفكارَ المتفحِّصِ للألوان ،
لتشتِّتَ أفكارَ الإنسان ،
لتجمِّدَ فُوَّهةَ البُركانْ
كي تزهرَ أغصانُ الأشجارِ بغيرِ ربيع
وتسقسقَ أسرابُ سنونو
في أرضِ صقيعْ .
والدُّبُّ الماجنُ يتسلَّى
بصناعةِ كُرةٍ ثلجيَّةْ ،
قد وضعَ بداخلِها حَجَراً .
ليشجَّ1 بها رأسَ الثور
المتغطرِسِ في ميدانِ صراعْ .
الحَكَمُ
تحيَّزَ في الحَلَبةْ .
واللعبةُ صارتْ مكشوفةْ .
كشفتها جاريةُ السُّلطانْ ،
في ليلةِ عشقٍ مجنونةْ ،
واللوحةُ ناصعةٌ بيضاءْ
رسمتها الأيدي المشحونةْ .. رسمتها الأيدي المشحونةْ .





قديم 03-15-2011, 08:41 PM
المشاركة 192
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي



المصدر
ديوان جراح الصميم
رقم القصيدة (26)




نَحْنُ التحَدِّي





بالسجْنِ نقذفُ أمْ بالنارِ نستعرُ
سيانَ لكنَّنا حتماً سننتصرُ


فلتَحْشِدوا بغيَكمْ في وجهِ ثورتِنا
نحنُ القضاءُ بوجهِ البغيِ والقدرُ


ما غيَّرَ الدهرُ منَّا طيبَ مَحْتدِنا
هنا نزارٌ .. هنا قيسٌ .. هنا مُضرُ


لو تعِقلونَ لما اخترتُم مصارعَكمْ
أو تُبصرونَ لما أودى بكم بَصَرُ


إنْ غرَّكمْ أنَّ فينا من يساومُكم
فنحن كالنارِ لا تُبقي ولا تَذَرُ


نحنُ انتفضنا وأقسمنا وفي يدنا
لكُلِّ دبَّابةٍ سارتْ بكم حَجَرُ


هيَّا اجْمَعوا كيدَكم واستنفروهُ لظىً
يضجُّ من نَتْنِهِ سهلٌ ومنحدرُ


وامشوا على جُثَثِ الأطفالِ طاهرةً
فكلُّ جُثَّةِ طفلٍ سوف تنفجرُ


ستستحيلُ دماءُ الطفلِ عاصفةً
تودي بكم فدمُ الأطفالِ مُنتصرُ


هذي أصابعه في الساحِ ما برَحتْ
مرفوعةً رغمَ أنَّ الطفلَ يُحتَضَرُ


لن تقتلوا فكرةَ التحريرِ في دمهِ
لن تقتلوها ولو في كفِّهِ ظفُرُ


شمس التحدي فلا واللهِ ما سطعتْ
إلا وكان بها من وقْدِهِ شَرَرُ


* * *

إنِّ لأَلْمَحُ تحتَ الليلِ بارقةً
بُشراكِ يا قدسُ هُبِّي أورقَ الشَّجرُ


هُبِّي .. تَرَيْ غابةَ الأشبالِ لاهبةً
تُوري الجحيمَ على منْ باسمكِ اتَّجروا


هذا الخليفةُ يحدو سيْرَ ناقتهِ
اللهُ أكبرُ لاحَ الفجرُ يا عمرُ


* * *

نحن التحدي ذُرا الجولانِ شاهدةٌ
على جبينِ العلى آياتُنا غُرَرُ


ما ضرَّنا طولُ ليلِ الغادرينَ فمِنْ
جُرْفِ الظلامِ ضياءُ الفجرِ ينتشرُ


كم قارعتْنا الليالي السودُ مُزجِيَةً
جيشَ الظلامِ وعند االفجرِ يندحرُ


إنَّ غرسنا وروَّينا الغراسَ دماً
وفي غدٍ من دمانا يعبقُ الزَّهَرُ


لقد طلعنا على الدُّنيا عمالقةً
يا ثورةَ الطفلِ شُدِّي يولَدُ الظَّفَرُ


* * *

غنَّيتُ مجدَكِ يحدوني هوى وهوىً
الخالدانِ دمُ الأطفالِ والحجرُ


طاروا أبابيلَ لم تخطئْ حجارتُهم
رؤوسَ من بسلاحِ الغدرِ قد نَفروا


دَكَّتْ معاقِلَ " صُهيونٍ " أناملُهم
فجيشُ " صُهيون " عصْفٌ راحَ ينتشرُ


هنا التّحدي سلاحُ الطفلِ أَنْمُله
وجعبةٌ من حصى سجِّيل تنهمرُ


* * *

وحين ترتفعُ الأصواتُ داعيةً
إلى السلامِ بثوبِ الخِزيِ تأتزرُ


تقيمُ في أعيني الرُّؤيا وتبهرُني
دماءُ طفلٍ ويسري في دمي خَدَرُ


كأنَّما حلبات الفتحِ غادرها
من كان للضَّرباتِ البِكرِ يبتكرُ


(كلَّا) سنكتبُها بالسيفِ من دمنا
على ضريحِ شهيدٍ تربهُ عَطِرُ


* * *

فصابِروا .. رابطوا .. تحيا أناملكم
فالنصرُ رايتُهُ وقفٌ لمنْ صبروا


عاشتْ سواعدُكم ..عاشتْ حجارتكم
عاشتْ عظامٌ بفأسِ الحقدِ تنكسرُ


من راحَ يطلبُ سلماً في مُساومةٍ
فإنَّهُ آبقٌ يا أُمَّتي قَذِرُ


إنَّا شَحَذنا بإصرارٍ حجارتَنا
فَلْيَمجْعوا كيدَهمْ حتماً سننتصرُ



1989



قديم 03-15-2011, 08:44 PM
المشاركة 193
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان جراح الصميم
رقم القصيدة (27)




حِكَاياتٌ بَائسَةٌ





لا تقولي قُتلَ الحبُّ وماتْ ..
يا بلادي ..
نحنُ في دربِ الهوى أشلاءُ حبٍّ تنتظرْ
وشظايا من دمىً ملتهبةْ .
بين أنقاضِ البيوتْ .
نسهرُ الليلَ ونحكي عن بطولاتِ الجدودْ .
عن كُليبٍ وأبي زيد الهلالي .
عن بطولاتِ ابن شدَّاد المغامرْ .
ونُفاخرْ .
كلُّنا يحكي ولكنْ أيّ معنىً للكلام ؟!
شيخُنا فأرٌ يخافُ السُّمَّ
كسرةِ خبزٍ يابسةْ
كلُّنا أنقاضُ أجسادٍ
براها الجوعُ والحرمانُ في أرضِ النفوسِ البائسةْ .
إنَّنا نمشي عراةً خلفَ أثوابِ المبادئ .
نُلْبِسُ الجدرانَ آلافَ العباراتِ المضيئة .
نرفعُ الأعلامَ في ضوءِ المصابيحِ الحزينة .
نوقظُ الأطفالَ في اللَّيلِ
على صوتِ الأناشيدِ القديمة .
وعلى أرصفةِ اليأسِ نبيعُ الأمنياتْ .
ونتاجرْ ..
سلعٌ نحنُ .. وتجَّارٌ بأطفالٍ
نُقامِرْ ..
بشفاهٍ جفَّفتها عضَّةُ الجوعِ
نُقامِرْ ..
بأَكُفٍّ شقَّقتها قبضةُ الفأسِ
نُقامِرْ ..
ونلوكُ الصمتَ في الليلِ الشتائيِّ
المُخيفْ ..
ونُقامِرْ ..
حول نارِ المدفأةْ
أيضاً نُقامِرْ .
نرسمُ الأبعادَ في جَوفِ الفراغاتِ الكئيبةْ
ونُقامِرْ ...
نتمنَّى أنْ يطولَ الليلُ كي نُنهي الحكاياتِ العتيقةْ .
ونُقامِرْ ...
نملأُ الجوَّ سُعالاً ودخاناً
ورِياءْ ...
نحن لسنا أنبياءْ
نحن لسنا أتقياءْ
إنَّما نحنُ جذورُ الوهمِ
يروينا الفناءْ .
لمحةٌ نحن من الماضي بتاريخٍ مُعاصرْ .
فكرةٌ زُجَّتْ بسِفرٍ ساذجِ الأفكارِ
كافرْ ..
قطرةٌ نحنُ ببحرٍ زاخرِ الأمواجِ
ثائرْ ..
وجراحاتٌ تُغنِّي ..
في سراديبِ الشَّقاءْ .
مرحباً يا أصدقاءْ .
ليلنا همٌّ وغمٌّ
نحنُ لا نهوى الضياءْ .
نحن نسْجٌ في الزوايا
من خيوطِ العنكبوتْ
قد وُلدْنا لنموتْ
إنَّما عشنا لتحيا في دمانا الأوبئةْ .
جثثٌ نحن تحنَّطْنا فأغْرَيْنا
الحضارةْ .
لم نزلْ نحلمُ بالكفِّ التي تهدي الحياة
نبدأ التاريخَ طفلا
بعدما يمضي الغزاة
ونُغنِّي
لا تقولي قُتلَ الحبُّ وماتْ
يا بلادي
نحن في دربِ الهوى أشباحُ حبٍّ تَنْتَظرْ .
لم نزلْ نحلُمُ بالكفِّ التي تهدي لنا أسيافَنا
حُمْراً خَضيبة .
أيُّها الغارقُ بالدُّولارِ
في أرضِ الحكاياتِ العجيبة .
أيٌّها الرافعُ صرحاً
من تواقيع كئيبة
وغريبة ..
سوف تأتي الكفُّ حتماً سوف تأتي
عندها يشهقُ تُجَّارُ القماقم
ونقاومْ ..
كلُّ نبضٍ في دمانا سيقاومْ ..
رغمَ تجَّارِ القماقمْ
سنقاومْ
آهِ يا خبزَ المآتمْ ...
آهِ يا عصرَ الجرائمْ ...
مثلما جئتَ ستمضي دونَ مَغنمْ
وسَتعلمْ
يومها حتماً سَتعلمْ
أيُّنا في الساحِ أقوى قَدَما
أيُّنا في الساحِ أعلى عَلَما
أيُّنا في القولِ أمضى قلما
لا تقاومْ
لا تُساومْ
قصةُ السلمِ طلاسمْ
لا تقاومْ
زغبُ الأمسِ قوادمْ
لا تساومْ
إنَّني أصبحت نَسرا
أَقحَمُ الأجواءَ جهرا
لا تقاومْ
إنَّني أطلبُ ثأرا
إنَّني أُوقظُ فجرا
إنَّني أصنعُ نصرا ... وأُغنِّي
لا تقولي قُتِلَ الحبُّ وماتْ ...
يا بلادي
نحنُ في دربِ الهوى (أضواءُ فجرٍ تنتشرْ)




1979


قديم 03-16-2011, 05:28 PM
المشاركة 194
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان جراح الصميم
رقم القصيدة (28)




تَصَوَّفَ الشِّعْرُ




في تكريم الأستاذ الشاعر
المربي الكبير عمر يحيى






عفواً براعم آمالي فديتُ هوىً
لا تذبُلي فهو في جنبيَّ يستعِرُ


تفتَّحي نوِّري أغصانَ دوحتِهِ
حتى يعطِّرَ جوَّ الدوحةِ الزَّهَرُ


هذي المواسمُ من نايٍ وقافيةٍ
راحتْ تغنِّي على أنغامِها العُصُرُ


تصوَّفَ الشعرُ في محرابِها ومضى
يهتزُّ من طربٍ إمَّا شدا عُمَرُ


فللضِّفافِ رئاتٌ من تنهُّدِهِ
وللنواعيرِ من قيثارِهِ وَتَرُ


وللطيورِ تسابيحٌ مرتَّلةٌ
وللأزاهيرِ بوحٌ مُسكِرٌ عَطِرُ


وللمنابرِ يومً الروعِ زمزمةٌ
تُتلى بحرمتِها الآياتُ والسُّورُ


* * *

يا مبدعَ السحرِ هَبني منكَ مغفرةً
إنْ لمْ يكرِّمْكَ مِمَّنْ أُبعدوا نَفَرُ


هُم من عرفتَ لهم في الشعرِ مملكةٌ
هم النبيُّونَ إنْ أهلُ الحمى كفروا


* * *

حسبي أُذوِّبُ ألحاني على كَبِدي
ومن بقايا كرومِ العمرِ أعتصرُ


لولا الحياءُ لَما أسكنتُ قافيتي
فليس في أَضلُعي خوفٌ ولا حَذَرُ


لكنَّني رغمَ ما في الصمتِ من حِكَمٍ
والصمتُ أبلغُ في آذانِ من وقروا


أقولها ورَحى الآلامِ تطحنُني
لا يعتريني بها ضَعفٌ ولا خَوَرُ


ما نحن إلا تباشيرُ الصباحِ على
أضوائنا يولدُ الإيمانُ والظَّفَرُ


أَلفيتُ كلَّ عظيمِ الشانِ مُتَّجِراً
بشأنهِ فهو في عينيَّ مُحتَقَرُ


خلِّ العتابَ فقد شطَّ الغرورُ بهم
(إنَّ الفَراشَ على الأضواءِ ينتحرُ)


ونَفِّضِ الوهمَ عن عينيَّ إنَّ يدي
مشلولةٌ وجناحي اليومَ مُنْكسِرُ


كأنَّني وسيولُ اليأسِ تجرفُني
شِلوٌ يسلِّمهُ للقاعِ منحدَرُ


أجارني الدمعُ يوماً فاستَجَرتُ بهِ
وخانني يومَ أعشى ناظريْ القدرُ


فرحتُ أحرقُ أمسي في جحيمِ غدٍ
ما زلتُ أسألُه برداً وأنتظرُ


* * *

يا حاديَ الركبِ ألحانُ الفِدا عجَبٌ
من عبْقرِ الشعرِ لا زَيفٌ ولا أَشَرُ

ما للقريضِ غدا يهذي به نَفَرٌ
شاؤوا العمايةَ حتى كادَ ينحسرُ


عابوا الأصالةَ فينا فانتضوا قلماً
تضجُّ من نتْنِهِ الألفاظُ والصورُ


وأوغلوا في غموضِ الرمزِ فاحترقوا
بمارجٍ من بروجِ الشمسِ ينفجرُ


خطّوا على الشاطئِ الرمليِّ نهجَهمُ
فإن طغى الموجُ لم يثبتْ لهمْ أثرُ


والمرجِفون تبارَوا في دوائرهمْ
حتى إذا لفَّهُمْ إعصارُنا قُبروا


وقامَ فوقهمُ العملاقُ منتصِباً
يمناهُ في الشمسِ واليُسرى بها القمرُ


ففي المجرَّةِ أصداءٌ مجلْجِلةٌ
تُحيي الأصيلَ وفي سَمْتَيْهِ تبتكرُ


* * *

يا مُسمِعَ الصُّمِّ أوتاري مقطَّعةٌ
أتتْ عليها رياحُ الغدرِ والغِيرُ


لم يبقَ منِّيَ مِنْ ظلٍّ تُؤرْجِحُهُ
أشعَّةُ الضوءِ في فَوديَّ تنكسرُ


ثم استدارتْ على قلبي فشابَ هوىً
يُدمي حناياهُ ظلًُّ الهُدْبِ واالحَوَرُ


وفارعٌ* بُتِرتْ ساقاهُ يسألُني
متى أسيرُ ؟! وتسري في دمي إبرُ


فأعطنِي الصبرَ والصمتَ الذينِ هما
سرَّا سموِّكَ في دنياكَ يا عمرُ


* * *

يا بلبلَ الدوحِ حسبي منكَ أغنيةً
يعودُ لحنُ الهوى والعمر يزدهرُ


أَسَرَّ في شاطئِ العاصي هواكَ بمن
أضناكَ في حبِّها التَّسهيدُ والسهرُ


فرحتَ تملأُ أكوابَ الهوى غُرراً
وكنتَ تحرصُ ألا يُنشَرَ الخبرُ


لكنَّه الشعرُ يا للشعرِ كم كشفتْ
آهاتُه ألفَ سِترٍ كان يستترُ


* * *

أستغفرُ اللهَ لا صبري بمنقطِعٍ
ولا سلوكيَ ظمآنٌ ولا بَطِرُ


لكنْ سمعتُ بجَوفِ الليلِ حشرجةً
كأنَّ مجدَ بلادي اليومَ يُحتَضَرُ


هوِّنْ عليكَ فهذي حالُ أمَّتنا
غِرٌّ يصولُ وشيخٌ عظمُهُ نَخِرُ


باعوا فلسطينَ .. باعوها بلا ثمنٍ
باعوا الدماءَ وفي أسواقِها سَكروا


من ذا يردُّ لقُدسِ اللهِ عزَّتَه
هل يَنتخي " خالدٌ " هل يَنبري " عُمَرُ " ؟


إنِّي سمعتُ بأرضِ الشامِ زَمجرةً
" اللهُ أكبرُ " جندُ الحقِّ قد نَفروا


بوركتِ يا شامُ يا مهدَ النضالِ على
صخرِ التحدّي سيقضي البغيُ يندحرُ


* * *

" أبا طريفٍ " وكمْ لبَّيْتَ مُندفِعاً
هذا النداءَ وكمْ أوعزتَ فَأْتَمروا


حسبُ المجالسِ إنْ آراؤها اختلفتْ
في مُعضلِ الأمرِ رأيٌ منكَ مُبتكَرُ


براعمُ الأمسِ أفذاذٌ عباقرةٌ
على خطاكَ مَشوا فانهارتِ الجُدُرُ


يروونَ للدهرِ عنكَ اليومَ ملحمةً
هامَ القريضُ بها فانسابتِ الصورُ


قلَّدتَها من كنوزِ الدُّرِّ خالدةً
يَبلى الزمانُ ولا تَبلى لها أُطُرُ


لئنْ تهدَّجَ فيها الصوتُ أرعدَه
مزمجِرٌ في الضميرِ الحرِّ مقتَدرُ


ما أنصفوكَ فهل في الدارِ مُستمعٌ
لما نقولُ وهلْ في الحيِّ مدَّكِرُ


* * *

يا واهبَ الصحبِ أوتارَ القريضِ على
أنغامكِ البكرِ ما صاغوا وما ضَفروا


هذي التسابيحُ آياتُ البيانِ على
لألائها يرقصُ الإلهامُ والوترُ


وذا " عُكاظٌ " أقاموهُ على قَدَرٍ
فراحُ يسكرُ من أنخابهِ القدرُ


وأنتَ فيهمْ إمامُ الشعرِ لا عجبٌ
إنْ كرَّموكَ فقد وفُّوا بما نَذروا





* المقصود هنا شقيق الشاعر
(غازي) وقد بُترتْ ساقاه إثر حادث



قديم 03-17-2011, 01:15 PM
المشاركة 195
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان جراح الصميم
رقم القصيدة (29)




على ثَراكَ سَلامُ




في إحياء ذكرى شاعر العاصي
المرحوم بدر الدين الحامد






أَشرقْ فأنتَ على الزمانِ تَمامُ
وانشرْ ضياءكَ فاالقريضُ ظلامُ


واعصرْ كرومكَ في الدنانِ قصائداً
تصحو بها جامٌ وتسكر جامُ


واملأْ كؤوسَ الشاربينَ فإنَّهم
عشقوا خمورَ المُلهَمينَ فهاموا


لولاكَ ما جرتِ الحروفُ على فمي
شعراً تَهيمُ بسحرهِ الأفهامُ


أنا ما عرفتُ الشعرَ إلا حينما
هبَّتْ على أجيالِنا أنسامُ


* * *

يا " بدرُ " ألسنةُ القريضِ فصيحةٌ
لا يَعتريها اللَّبسُ والإيهامُ


كنتَ المُحلِّقَ كالسحابِ بأُفْقِنا
ولكَ البروقُ على الزمانِ تًُشامُ


للهِ صوتُكَ .. ما يزالُ بمسمعي
يحدو الجلاءَ وتخفقُ الأعلامُ


والأرضُ من فرحٍ تُزغردُ والسما
تزهو وآياتُ القريضِ مُدامُ


والشعُب كلُّ الشعبِ يهتفُ عالياً
إنَّا بلغْنا ثأرَنا يا شامُ


* * *

يا " بدرُ " ما بالُ الدَّوائرِ* في الحِمى
خرِستْ فلا شدوٌ ولا أنغامُ


أين العذارى الحالمات وأين مَنْ
عشقوا الجمالَ فأقعدوا وأقاموا


ومجالس الأُنسِ التي كلِفتْ بها
هذي الضفافُ ونهرها البسَّامُ


في صُحبةٍ ملكوا النفوسَ وضمَّهم
عِقدٌ يُنضِّدُهُ هوىً ووئامُ


فنجيبُ* يشدو والبلابلُ تنتشي
والزهرُ حولَ المنتدى أكمامُ


وعلى الضفافِ عرائسٌ مَجلوَّةٌ
وعلى الغصونِ المائساتِ حمامُ


في جنَّةٍ صاغَ الإلهُ جمالَها
لا شاعرٌ فحلٌ ولا رسَّامُ


ما بينَ دَهْشَتِها* وبِشْرِيَّاتِها*
يصفو الشرابُ وتسكرُ الأحلامُ


ورياضها حبِّي تُبادلُني الهوى
ونسيمُها بين الرُّبا نمَّامُ


عاشتْ على مرِّ العصورِ أبيَّةً
يزهو بها الأخوالُ والأعمامُ


إنِّي أُقدِّسُها وأعشقُ تربَها
فعليكِ يا رمزَ الفداءِ سلامُ


* * *

يا " بدرُ " أوتارُ القريضِ تقطَّعتْ
لمَّا تَطاولَ خارصٌ رجَّامُ


جاروا على ألقِ الأصيلِ فأظلموا
ومضوا إلى ليلِ الدَّخيلِ وناموا


يتقيَّؤونَ على الطُّروسِ وينبري
قلمٌ يباركُ قيأَهمْ هدَّامُ


تَعبوا على مُهَجِ السطورِ وأتعبوا
لا الوحيُ يسعفُهمْ ولا الإلهامُ


أمَّا قصائدهم فليتكَ سامعٌ
لا شاعرٌ فيهم ولا نظَّامُ


هم عُصبةٌ كفرتْ بإرثِ جدودِها
فكأنَّهم في هَذرهم أعجامُ


تتسلَّقُ الأبراجَ وهي كسيحةٌ
لا الجسمُ يحملُها ولا الأقدامُ


فتعودُ للأوكارِ تنعقُ في الدجى
وصدى النعيقِ الكفرُ والآثامُ


* * *

يا " بدرُ " كَمْ كَبَتِ الجيادُ وكم نبا
في الساحِ من بعدِ الجلاءِ حُسامُ


والعَبْشميُّونَ الذين عرفتَهم
ماذا أقولُ وهل هناكَ كلامُ ؟


كانوا إذا نارُ الجراحِ تضرَّمتْ
صلّوا على ألقِ الجراحِ وصاموا


واستعذَبوا طعمَ الشهادةِ في الوغى
ودمُ الفداءِ على الصدورِ وسامُ


خطّوا بأسفارِ الجهادِ ملاحماً
بدمائها تتعطَّرُ الآلامُ


* * *

يا " بدرُ " في كَبِدي الجراحُ تقرَّحتْ
ويكادُ يحملُني لها استسلامُ


أحيا ليالي الهمِّ أُحرِقُ أدمعي
تغتالني الأوهامُ والأسقامُ


وكأنَّني ما عادَ يُلهبُ جمرتي
من بينِ أكوامِ الرمادِ ضِرامُ


لا صاحبٌ أشكو إليهِ ولا أَخٌ
فبعيدُهم وقريبهم شتَّامُ


يتصيَّدونَ إذا هفوتُ خطيئةً
وعليَّ من أخطائهمْ أكوامُ


والعفوُ عندي شيمةٌ أسمو بها
والغدرُ عندهُمُ هوىً ومَرامُ


* * *

يا " بدرُ " هَبْ لي منكَ لفتةَ ناصحٍ
فعلى جميعِ مَقاطعي استفهامُ


شعبٌ يُشرَّدُ في العراءِ ومَوطنٌ
في ظِلِّ ألويةِ السلامِ يضامُ


والغدرُ ينشرُ كالغُرابِ جناحَهُ
وجناحه التأبيدُ والإعدامُ


حتى أتى تشرينُ والتهبَ الثَّرى
وتحطَّمتْ في زحفِنا الأرقامُ


فنسورُنا في الجوِّ تحصدُ جمعَهم
وغرابُهم تحت النسورِ حُطامُ


شقَّتْ جحافلُنا الظلامَ فأشرقتْ
شمسٌ لها فوقَ الشآمِ دوامُ


* * *

يا " بدرُ " قد عَصفَ النوى وتقطَّعتْ
من بعد ملحمةِ الفِدا أرحامُ


شعبٌ بأرض الرافدينِ مُجوَّعٌ
تغتالُه الأعرابُ والأعجامُ


جاروا عليهِ وأرهقوهُ وما جنى
ذنباً ولكنْ ذنبهُ الحُكَّامُ


* * *

يا " بدرُ " ملحمةُ النضالِ طويلةٌ
يحدو كتائبَ زحفِها ضِرغامُ


عصرٌ به الدُّولُ العظامُ تقاسمتْ
وعلى القسائمِ صُفَّتِ الأزلامُ


فتفجَّرتْ هِمَمُ الطفولةِ عندما
سقطَ الكمِّيُ وحُطِّمَ الصَّمصامُ


* * *

قُمْ شاهدِ الأطفالَ من كَبِدِ اللظى
أحجارُهم بأكفِّهم ألغامُ


يرمونَ بالحَجَرِ الوريِّ كتائباً
فتُزمجرُ الوديانُ والآكامُ


ومُلثَّمونَ يخافُ برقَ عيونهم
تحتَ اللثامِ مُخاتِلٌ حاخامُ


يتنافسونَ على الشهادةِ كلَّما
عزَّ الفِدا والبذلُ والإقدامُ


* * *

يا " بدرُ " عفوكَ ما تلوتُ قصيدةً
إلا تثاءبَ حاسدٌ لوَّامُ


ومضى يعاتبُني ويزعمُ أنَّهُ
باسمِ الأُخوَّةِ ناصحٌ خدَّامُ


فإذا استوى العملاقُ في وثباتِهِ
بالحاسدينَ فكلُّهم أقزامُ


* * *

يا " بدرُ " في صدري تموتُ قصائدٌ
تبكي على إشراقِها الأقلامُ


عبثاً أحاولُ أنْ أشدَّ خيوطَها
للنورِ فهْيَ على الظلامِ حرامُ


فاغفرْ إذا جَمحَ القريضُ وعقَّني
فالصمتُ أدهى والخُطوبُ جِسامُ


يا " بدرُ " فاتِحتي لروحكِ كلَّما
ظهرَ الهلالُ على ثراكَ سلامُ






1991



*الدوائر ... النواعير المشهورة في حماة
*نجيب ... هو المُغنِّي نجيب زين الدين
*الدهشة ... اسم ناعورة قرب مسجد أبي الفداء
*البشريات ... نواعير معروفة بجمالها




قديم 03-17-2011, 05:33 PM
المشاركة 196
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان جراح الصميم
رقم القصيدة (30)





مَوْتُ العَبَاقِرَة





في رثاء الشاعر
والمُربِّي عُمر يحيى





جَسَداً يموتُ العبقريُّ ويُقْبَرُ
لكنَّه أبداً يعيشُ ويكبرُ


يحيا بفكرِ التّابعين براعماً
ظمأى يُروِّيها البيانُ فتزهرُ


وتطلُّ أعراسُ الضياءِ فينتشي
من كلِّ عُرسٍ في الضياءِ ينوِّرُ


* * *

يا حاديَ الرُّكبانِ قفْ بي لحظةً
علِّيْ أرى عُمَراً بركبٍ يخطرُ


يجري الزمانُ ولا تُصَدُّ خيولهُ
يطوي جسومَ المبدعين ويعبرُ


وتعيشُ إبداعاتُهم لا تنطوي
خمراً يعتِّقُها الزمانُ فتُسْكرُ


في كلِّ كأسٍ من سُلافةِ كرمِها
سحرٌ لأصحابِ البلاغةِ يُبهرُ


تترشَّفُ الألبابُ عذبَ فراتِها
فتهيمُ في سُوَرِ البيانِ وتَسْكرُ


* * *

يا صاحبَ الذكرى عرفتكَ شاعراً
يشدو على فنَنِ الجمال فيسحرُ


قمْ من ثراكَ فلا وربّكَ ما انتهتْ
سورُ البيانِ على المنابرِ تُنذرُ


وامسحْ دموعَ القانطينَ وقلْ لهم
لا يقنطوا فالشعرُ فينا كوثرُ


يجري على شَفةِ اليراعِ قصائداً
غرَّاء في ختمِ الأصالةِ تُمهرُ


* * *

" أأبا طريفٍ " لستُ آخرَ شاعرٍ
يحدو الأصيل لعطرِ روضِكَ ينشرُ


لكنَّني أحدُ الذين تسلَّموا
دربَ الأصالةِ في الظلامِ فأبصروا


ومشوا على سَنَنِ الجدودِ مواكباً
تَترى يتيه بها القريضُ ويفخرُ

* * *


يا مُسكرَ الأجيالِ كأسكَ أترعتْ
والصائمونَ على خموركِ أفطروا


من كلِّ داليةٍ بكرمكَ أينعتْ
أعنابُها سوَرُ البيانِ تَقطَّرُ


قمْ نادِ أربابَ الوفاءِ فإنَّهم
رهنُ النداءِ قلوبُهم تتفطَّرُ


واشربْ على النغمِ الأصيلِ سُلافةً
من غرسِ كفِّكَ في المواسمِ تُعصرُ


* * *

يا صاحبَ القلمِ الربيعيِّ الرؤى
حسبي أراكَ مع الملائكِ تسمرُ


حلَّ الخريفُ وأقفرتْ سُبُلُ الهُدى
وهوتْ منائرُ واستُبيحتْ أَبحُرُ


إنِّي لأتهمُ الزمانَ وأهلَهُ
بالزَّيفِ إلا قلَّةً لا تُذكرُ


صبغوا لِحاهُم بالدماءِ وتوَّجوا
هاماتِهم بالذّلِّ ثمَّ تبخَّروا


من كلِّ مقهورٍ يجرُّ ذيولَهُ
خَزيانَ في بُؤرِ الأذى يتكبَّرُ


عربٌ ولكنْ لا سبيلَ لجمعِهم
والذئبُ بين جموعهمْ يتنمَّرُ


فانظرْ ألستَ ترى السلامَ مطيَّةً
عرجاءَ يركبُها الكسيحُ الأبترُ

* * *


يا مَنْ صَليتَ لظى النضالِ لقد مضى
جيلُ النضالِ وجاءَ جيلٌ يكفرُ


تعبتْ أناملُه فنامَ يراعُه
وصحا على مُهَجِ السطورِ يثرثرُ


وأتيتُ في زمنِ الجحودِ مدجَّجاً
والحرفُ من خطرِ القنابلِ أخطرُ


تتفجَّرُ الكلماتُ فهي صواعقٌ
فوق الرؤوسِ بهمسةٍ تتفجَّرُ


إنِّي لأُقسمُ باليراعِ مُجنّحاً
وجناحُه علمُ المُقاتلِ أحمرُ


لا يلأمُ الجرحَ الأبيَّ وثائقٌ
تُطوى على السِّلمِ الهزيلِ وتُنشرُ


* * *

يا خالداً كالبدرِ يا علماً غدا
ذكرى يداعبُها الحنينُ فتُسفرُ


ذكرى تُحيّينا فتُحيي شوقَنا
وتمرُّ مثل سحابةٍ لا تُمطرُ


ذكرى تُدغدغُ في النفوسِ عواطفاً
مشحونةً بالدمعِ إذْ نتذكَّرُ


تتلمَّسُ الأجيالُ نُبْلَ مسارِها
فتلمُّ حبَّاتِ الجمالِ وتنثرُ


* * *

يا مُلهمي سورَ البيانِ قصائداً
هلَّا ذكرتَ زمانَ جئتكَ أَعثرُ


وتلوتُ عذرائي فقلتَ لي اتئدْ
واقرأْ على مَهَلٍ ورحتَ تُكبِّرُ


وتقولُ أطربني فإنَّكَ شاعرٌ
فذٌّ وفي جنبيكَ يكمنُ عَبقَرُ


وغداً أراكَ مع الكواكبِ كوكباً
تسمو بآفاقِ القريضِ فتُبهرُ


* * *

يا خالدَ الذكرِ الكريمِ تحيَّةً
من شاعرٍ بَخَبيءِ سرِّكَ يجهرُ


قَرُبَ اللقا وتنزَّلتْ سورُ الهدى
وهفا الفؤادُ فلن أُطيلَ .. سأحضرُ





1998




قديم 03-17-2011, 05:36 PM
المشاركة 197
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان جراح الصميم
رقم القصيدة (31)





نُورٌ على نُوْر





لكِ .. لا لغيركِ أزهرتْ كلماتي
فصفاءُ وجهِكِ واضحُ القَسَماتِ


نفْسٌ كما المشكاة شعَّ ضياؤها
مصباحُها يجلو ظلامَ حياتي


شفَّافةٌ كزُجاجةٍ قدسيَّةٍ
وسناؤها ينسابُ في خَلواتي


عزفتْ على وترِ الجراحِ نشيدَها
فهفا الفؤادُ لأعذبِ النَّغماتِ


وسَمَتْ لعلِّيِّين تهزأُ بالدُّنى
وتُقيمُ ليلَ السُّهدِ بالصلواتِ


فكأنَّها حوريةٌ هبطتْ إلى
دنيا الشقاءِ فآنستْ قبساتي


أحببتُها للطُّهرِ للأَلقِ الذي
مُذْ كنتُ طفلاً ضاعَ في الفلَواتِ


أَرِدُ السَّرابَ ولا أُكذِّبُ لمعَهُ
أبغي ضياعَ الوقتِ في الحسَراتِ


كم من بعيدٍ كنتُ أركضُ خلفَه
حتى وَهتْ خلفَ المُنى خطواتي


ستونَ عاماً بل تزيدُ ولم أجدْ
إلَّاكِ من يُصغي إلى همساتي


ستونَ .. لم تمسحْ دموعَ كآبتي
كفٌّ تلمُّ العِطرَ من عَبَراتي


* * *

يا بنتَ داليةِ الصفاءِ عواطفي
عنقودُ آمالٍ بكَرْمِ مهاةِ


أَوَ تُدركينَ بأنَّ حبَّكِ في دمي
يَسري فتُسرِعُ في اللِّقا نَبَضَاتي


عوَّذتُه من كلِّ وسواسٍ غوى
ووقفتُهُ للهِ في سُبُحاتي


فتَخيَّري بين اللقا وقطيعةٍ
تُودي بنفْحِ أزاهرٍ عَطِراتِ


وخُذي يَراعي واكتُبي لي أحرفاً
إنِّي أخافُ الخوفَ من كلماتي


فأنا وراعفةُ الهمومِ وما أرى
حولي يؤكِّدُ للمُنى وثباتي


تستنفرُ الكلماتُ جيشَ مواجعي
وتحطِّمُ الأيامُ صُلبَ قناتي


ولقد أتيتُ إليكِ أحملُ خافقي
فترفَّقي بالعتْبِ والنظَراتِ


واستنطِقيهِ إذا رغبتِ لعلَّه
يُنبيكِ عن سهري وعن آهاتي


أو قلِّبيهِ براحتيْكِ وأَيقظي
نبضَ الحياةِ وفجِّري صبواتي


إنِّي أخافُ عليكِ منكِ فخفِّفي
إمَّا عتبتِ حرارةَ النبراتِ


وتحمَّلي هفواتِ قلبٍ مُولعٍ
يبغي الصفاءَ وسامحي هفواتي


أو .. فاتركيني للشقاءِ وأَجْمِلي
بالهجرِ كي لا تُمعني بأَذاتي


فأنا إمامُ العاشقين وخافقي
وقفٌ لأهلِ اليُمنِ والبركاتِ


ولأنتِ شريانٌ دمايَ سَرتْ بهِ
وصفاؤها يَجْلو عَمى مِرآتي


وحنينُها عبقُ الوفاءِ على المدى
وضياؤها سطعتْ به آياتي


فدَعي رحى الأيامِ تطحنُ ما بدا
عفواً ولا تقِفي على عثراتي






1998





قديم 03-17-2011, 09:24 PM
المشاركة 198
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان جراح الصميم
رقم القصيدة (32)




الخَالِدَان




منابرُ الشعرِ ما للشعرِ يَختصرُ
والشمسُ ترقصُ والآفاقُ تعتمرُ


تُباركُ الشامَ مُذْ حلَّتْ ضفائرَها
وازَّينتْ فتبارى الشعرُ والوترُ


لقد تمخَّضَ فجرُ الشامِ عن أسدٍ
هو الذي في ضميرِ الغيبِ يُنتظَرُ


ألقتْ عليهِ عروسُ الشامِ مئزرَها
وأسفرتْ عن جمالٍ زانَهُ خَفَرُ


فأرهفَ الكونُ آذاناً وأفئدةً
وهبَّ يسألُ سِفرَ المجدِ ما الخبرُ ؟


تمايلَ الغارُ مزهوَّاً على بردى
وراحَ يقرأُ والتاريخًُ يفتخرُ



* * *


تسعٌ وعشرونَ يا تشرين راقصةٌ
فيكَ الأماني بأفْقِ الشامِ تزدهرُ


تسعٌ وعشرونَ ما زلَّتْ بنا قَدمٌ
وحافظُ العهدِ في أُفْقِ الهُدى قمرُ


سِرنا نصحِّحُ أهدافاً تُوحِّدُنا
يحدو مسيرتَنا الإشراقُ والزَّهَرُ


كأنَّ مُفتَرقَ التاريخِ واعدَنا
في شهرِ تشرين حيثُ المجدُ ينتظرُ


فالأرضُ من فرحٍ بالزهرِ حاليةٌ
بالطيبِ غارقةٌ بالحُسنِ تأتزرُ


إنَّا طلعنا على الدنيا عمالقةً
يا أمَّةَ العُرْبِ شُدِّي يَقدحُ الشرُ


شُدِّي تَريْ غابةَ الأشبالِ لاهبةً
وجحفلُ النصرِ كالطُّوفانِ ينفجرُ


* * *

كم حاولَ العابثونَ الليلَ فانكفؤوا
وجوههم بترابِ الخِزيِ تنعفرُ


باعوا الضمائرَ في أسواقِ سادتِهم
وأجمعوا أمرهم للكيدِ وأتَمروا


وجاء تشرينُ تصحيحاً ومَلحمةً
تجلو مواسمَهُ الآياتُ والسُّوَرُ


فاستيقظتْ حَلَباتُ النصرِ والتأمتْ
كلُّ الجراحِ وغنَّتْ باسمِنا العُصُرُ


وأبحرتْ في خِضَمِّ العصرِ بارجةٌ
يقودُ دفَّتَها للنصرِ مُقتدِرُ


هبَّتْ عليها رياحُ الغدرِ عاصفةً
بِجُنحِ داجٍ وحامتْ حولَها الغِيَرُ


لكنَّ أشرعةَ الإيمانِ ما فتِئتْ
تصارعُ الريحَ يلويها وينحسرُ


طَوراً تشقُّ عُبابَ الموجِ صامدةً
وتارةً لاجتلاءِ السَّمتِ تنتظرُ


حتى استقرَّتْ على التاريخِ رافعةً
بيارقَ النصرِ حتى صفَّقَ القدرُ


* * *

يا شهرَ تشرين كم أسكرتَ قافيتي
من غَرْسِ كرمِكَ راحُ الشعرِ تُعتَصَرُ


غنَّيتُ مجدَكَ يحدوني هوىً وهوىً
الخالدانِ دمُ الأطفالِ والحَجَرُ


طاروا أبابيلَ لم تُخطئْ حجارتُهم
رؤوسَ منْ بسلاحِ الغدرِ قد نَفروا


دكَّتْ معاقلَ صُهيونٍ أناملُهمْ
فجيشُ " باراك " عَصْفٌ راحَ ينتشرُ


هتافُهم شقَّ أبراجَ السماءِ ولم
يسمعْ هتافَهُمُ بالسلمِ مُتَّجِرُ


مضى إلى الخصمِ محمولاً على سُرُرٍ
من الخيانةِ حتى ناءتِ السُّرُرُ


يجرُّ أشلاءَ سِلمٍ راحَ صانعُه
ينضو الوَقارَ وبالتَّهريجِ يأتزِرُ


وراحَ يحلُمُ في حشرٍ يمنِّعُه
وذنبُه لم يعدْ في الحشرِ يُغتَفرُ


ويَدَّعي صحوةً في كرمِ من غَدروا
وكيف يصحو وفي أعصابِهِ خَدَرُ


معاصرُ الخمرِ حولَ الكرمِ قائمةٌ
لكلِّ من غابَ في أجوائها عذرُ


هذا يُقدِّسُ عنقوداً ويأكلُهُ
وذاكَ يلعنُ عنقوداً ويَعتصِرُ


ما بالكمْ يا ثعابيناً مُحنَّطةً
تَجمَّدَ السُّمُّ فيها وانتهى الخطرُ


أتدخلونَ جحورَ الخوفِ مظلمةً
وترقصونَ إذا ما ساءكمْ خبرُ


فلا فحيحُ الأفاعي باتَ يسعفُكم
ولا التلوِّي على مزمارِ من غَدروا


تشقَّقتْ صخرةُ المِعراجِ وانطلقتْ
أشلاؤها في كهوفِ الجُبنِ تنفجرُ


وأذَّنَ الفجرَ طفلٌ شابَ مُذْ نَبتتْ
أسنانُه ونما في كفِّهِ ظُفُرُ


وراحَ يَملا زُجاجاتِ الرِّضاعِ لظىً
أَكْرِمْ بطفلٍ كما البركان يستعرُ


تزهو بكفَّيْهِ أزهارُ الفتوحِ وفي
عينيهِ يبتهلُ الإيمانُ والظَّفَرُ


لا تسلبوا الطفلَ أحجاراً يفجِّرُها
لا ترسموا الليلَ في عينيهِ يا صُوَرُ


شُدُّوا على يدِه هاتوا له حجراً
يزغردُ التُّربُ والأشجارُ والحجرُ


* * *

يا حاضِنينَ جنينَ السِّلمِ في رَحِمٍ
مات السلامُ به في عُرسِ منْ كَفَروا


ماتتْ زهورُ الأماني في مواسمِكم
وأينعَ الشوكُ حتى اسَّاقطَ المَطَرُ


وأرعدتْ سورةُ الإسراءِ قائلةً
يا ويحَ قوميَ كم هانوا وكمْ صغروا


غداً ستُقتَلُ آلافُ النذورِ على
صخرِ المُحالِ فهل تُغنيهُمُ النُّذرُ


غداً ستولدُ أشباحٌ على دمِهمْ
تحتَ الظلامِ ويروي غرسَهم كَدَرُ


أَيوأَدُ الحقُّ في قبرِ السلامِ ولا
سمعٌ لمُجتمعِ الدنيا ولا بصرُ


وأيّ راعٍ لشاةِ السلمِ يذبحُها
بنَصْلِ " فيتو " على عَمْدٍ ويعتذرُ


ويغسلُ الرايةَ الحمراءَ من دمنا
حتى إذا حانَ وقتُ الذَّبحِ تنتشرُ


ويدَّعونَ سلاماً أيّ مهزلةٍ
هذا الذي باسمِ حقِّ النقضِ ينكسرُ


* * *

يا عاقدينَ سلاماً في مظلَّتكم
يقضي السلامُ ويحيا الغدرُ والأَشَرُ


يُقهْقِهُ العارُ في ماخورِ مجلسِكم
والعدلُ تحت سريرِ الأمنِ ينتحرُ


تَرهَّلَ القومُ أفكاراً وأفئدةً
فكلُّ قولٍ عن التحريرِ مُختَصَرُ


* * *

ماذا أقولُ لأحفادي وأصغرُهم
منذُ الرضاعِ يهودَ الكونِ يحتقرُ


ماذا أقولُ لهم بل كيف أزجرُهم
إذا تحفَّزَ في أيديهُمُ حجرُ


أبكي على الشعرِ أعواماً حملتُ بها
كبرَ النضالِ فشابتْ في دمي الفِكَرُ


منْ لي بسيفٍ شآميٍّ أُجرِّدُهُ
على الرقابِ فلا يُبقي ولا يَذَرُ


* * *

غنَّيتُ فجركَ يا تشرينُ قافيةً
عذراءَ يسكرُ فيها النايُ والوترُ


سَلْسَلْتُها من دمي حمراءَ لاهبةً
وما شربتُ وجرحي راعفٌ عَطِرُ


تغزو الهمومُ شراييني مُسمِّمةً
فينزفُ القلبُ في صدري وينفطرُ


وأقطعُ الليلَ في البُؤسى أُداعبُها
وفي النهارِ أرى الأحلامَ تُحتَضَرُ


حتى أفقتُ على صوتِ البشيرِ وقد
تنفَّس الصبحُ فالأضواءُ تنتشرُ


ودَمْدَمتْ في سماءِ الشامِ راعدةً
اللهُ أكبرُ هذا الغيثُ ينهمرُ


هذي الشآمُ وحيَّا اللهُ حافظَها
فالنورُ بالغارِ في تشرين ينضفرُ


غداً تعودُ على الجولانِ رايتُنا
خفاقةً ويعودُ الأُنسُ والسمرُ


غداً نُجهِّزُ للفاروقِ ناقتَهُ
وتهتفُ القدسُ أهلاً عُدْتَ يا عُمَرُ





قديم 03-18-2011, 03:26 PM
المشاركة 199
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان جراح الصميم
رقم القصيدة (33)





حَصَادُ الذِّكْرَيَات







عمري رهينُ اللظى والشوكِ والسَّقمِ
حملتُ جُرحي من الميلادِ للهرمِ


هذي التضاريسُ تكويني حرائقُها
أنا الشريدُ بها بحثاً عن الدِّيَمِ


مجرَّبٌ عند قومي ما صبأتُ ولمْ
أَسجدْ بمعبدِهم للنارِ والصنمِ


أُخفي عن الناسِ آلامي أُهدْهدُها
وفي قرارةِ نفسي يغتلي ألمي


وألعقُ الجرحَ حتى أنتشي ندماً
كمن يحاولُ دفعَ الخطبِ بالندمِ


وأُطعمُ النارَ من شحمي وأوردتي
حتى أُضيءَ ليالي اليأسِ والسَّأمِ


* * *

عندي شريطٌ حصادُ الذكرياتِ به
سجَّلتُه بالمُدى حيناً وبالقلمِ


في كلِّ ليلٍ له عرضٌ يؤرِّقُني
أنا البريءُ به في دورِ متَّهمِ


لو يحملُ الصخر لاهتزَّ الجنينُ به
من حانثيْنَ أمامَ الصخرِ بالقَسمِ


* * *

أستغفرُ الشعرَ كم أحزنتُ قافيةً
سلبتُ منها ابتسامَ الفجرِ في الظُّلمِ


وقفٌ أنا لحرابِ الغدرِ تنهشُني
وبين يأسي ونارِ الغدرِ ضاعَ دمي


عارٍ أمامَ جميعِ الناسِ يسترُني
ثوبُ الوضوحِ وهذا السترُ من قِيَمي


ما عابَني غيرُ قومٍ لا خَلاقَ لهم
كأنَّهم وفدُ إسرائيل في الأممِ


يَروونَ عني حكاياتٍ ملفَّقةً
لأنني النَّسرُ أَبغي شاهقَ القممِ


* * *

يا منْ زرعتُ بشطَّيْكِ المُنى فَذوتْ
لم تنجُ واحدةٌ من قبضةِ العدمِ


وأنتِ بالظلمِ دون العدلِ راضيةٌ
والحقُّ أشهرُ من نارٍ على عَلَمِ


إني أحبُّك حتى لو هدرتِ دمي
حتى العبادة أنت الوحيُ في حَرمي


تنزَّلتْ فيكِ آياتُ الهوى سُوَراً
رغمَ الجحودِ فلم أعتبْ ولم أَلُمِ


أستغفرُ الوجدَ كم غالبتُه فطغى
بين الضلوعِ كسيلٍ جارفٍ عَرِمِ


فرحتُ أكتبُ ما شاءَ الهوى ويدي
رغمَ ارتعاشٍ بها تحنو على قلمي

* * *


أنا الندى يا لظى عمري الذي نَضبتْ
منه المواسمُ إلا ساحرَ النغمِ


هذا جناحيْ الذي حطَّمتُه فغدا
يَدِفُّ بين بروجِ الوهمِ والرُّجمِ


أضحى فحيحُ الأفاعي لحنَ أغنيتي
والعندليبُ قضى في حَوْمةِ التُّهمِ


والسُّمُّ يغزو شراييني وأوردتي
فكلُّ جرحٍ بقلبي غير مُلتئمِ


أستغفرُ الجرحَ إنْ عزَّ الأُساةُ لقد
حمَّلتُه فوق ما حُمِّلتُ في شَممِ


* * *

يا باسطاً كفَّ عرَّافٍ وتقبضُها
ترمي حُصيَّاتِها كشفاً عن الهمم


أقصرْ .. لعنتُكَ لا تنطقْ بواحدةٍ
فَهمَّتي وُئدتْ في دارةِ النِّقمِ


لو أنَّ زرقاءَ جاءت تجتلي أثَري
كذَّبتها فأنا والقومُ في صَممِ


أضحتْ مجامرُنا في الدارِ خامدةً
لمْ نضطَّرمْ رغمَ ما في الحيِّ من ضَرَمِ


كم صَيحةٍ مِلْءَ سمعِ الكونِ رافضةٍ
وما انتخى لصداها أيُّ معتصِمِ


كأنَّ خيل الزحوفِ البُلْقِ أجفلَها
ذاكَ الهديرُ من الغُربانِ والرُّخُمِ


وكم شهيدٍ على محرابِ مُغْتَصَبٍ
مضرَّجٍ بدماءِ الطُّهرِ في الحرمِ


ما هزَّ عرشاً ولم نثأَرْ لمصرعهِ
إلا بأُغنيَّةٍ غربيَّةِ النغمِ


نهزُّ أردافنا رقصاً إذا انطلقتْ
وننتشي بصدى الآهاتِ و" النَّغَمِ "


أستغفرُ الموتَ إنْ شقَّتْ براثنُه
قبري ولم أنتفضْ من رقدةِ العَدَمِ


* * *

يا والغينَ دمي كالنارِ ملتهبٌ
لا تسفحوهُ على منظومةِ الأُممِ


أو فاسفحوه لتَلقوا حتفَكم فدمي
صواعقُ الموتِ يُوري الأرضَ بالحممِ


إنِّي لأقسمُ والأيامُ شاهدةٌ
لسوف أَنتعلُ الأحقادَ يا قدمي


عهدُ التظلُّمٍ والتحكيمِ قد طُوِيتْ
أوراقُهُ أُحرِقَتْ في حضرةِ الحَكَمِ


إنِّي شحذتُ دمي بالحقِّ فالتهبتْ
جوانحي وصحا العملاقُ في خِيَمي


غداً أُكَسِّرُ أقلاماً بكتْ حُرَقاً
ويُخْرِسُ الغضبُ الخلَّاقُ كلَّ فمِ


غداً سأَغسلُ تاريخي وأورِدتي
غداً أسيرُ على الأحياءِ والرِّممِ





1990




قديم 03-18-2011, 05:12 PM
المشاركة 200
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان جراح الصميم
رقم القصيدة (34)





مَنْ يَشْتَري مِنِّي الضَّمِيْر






جاءتْ تبادلني الهوى بفتورِ
وترُشُّ عطرَ الوصلِ فوقَ سريري


حوريَّةٌ هبطتْ عليَّ تقودُني
عبرَ العصورِ إلى سحيقِ عُصورِ


تمشي على التاريخِ تسحبُ خلفَها
شَعراً جدلْتُ سوادَه بشُعوري


عُريانةً خلعتْ ملابسَ طُهرِها
سَحَراً بقصرِ الواهمِ المغرورِ


طَوراً تبادلُني العناقَ وتارةً
تهتزُّ مثلَ الخائفِ المقرورِ


* * *

فسألتُها من أنتِ ؟ قالت : إنَّني
جنِّيَّةٌ من عالمٍ مسحورِ


خلَّفتُ كلَّ الراكعينَ لظالمٍ
الساجدين لسيِّدٍ مقهورِ


ومضيتُ ألتمسُ الحقيقةَ والهدى
وأحلُّ قيدَ العقلِ عن تفكيري


حتى وصلتُ إليكَ من كبدِ اللَّظى
كالظِّلِّ أجهلُ في الدُّخانِ مصيري


* * *

ها همْ ألوفُ الآبقينَ تَسابقوا
يتساومونَ عليَّ فوقَ بُحورِ


جاؤوا بأسلحةِ الدمارِ وخلفَهم
يُذكي ضِرامَ الحربِ ألفُ وزيرِ


هشَّتْ لمقدمِهم وجوهٌ أدمنتْ
صفعَ النِّعالِ بغرفةِ التَّخديرِ


قرعوا طبولَ الحربِ خلفَ حدودِهم
وصحوا على أحقادِهم بفُجورِ


وتنفَّسوا برئاتِ من أكلَ اللظى
أضلاعهم فشهيقُهم كزفيري


فوقفتُ ألعنُهم وأبحثُ عن دمي
خلفَ الحدودِ بِمَهْمَهِ التَّهجيرِ


ويقامرونَ ويدَّعونَ سفاهةً
ويُساومونَ بألفِ ألفِ مُغيرِ


لولا بقيَّةُ نخوةٍ أُمويَّةٍ
لمحوتُ من سِفرِ الخلودِ سطوري


* * *

يا ليتَ أبنائي توحَّدَ شملُهمْ
وتسابقوا في حَلْبةِ التحريرِ


يا ليتَهم صَدقوا النفوسَ وأطفؤوا
أحقادَهم وسَمَوا عن التَّشهيرِ


يا ليت أسواقَ الضميرِ تفتَّحتْ
أبوابُها للبيعِ والتصديرِ


من يشتري مني الضميرَ فإنَّني
آليتُ أن أحيا بغيرِ ضميرِ


* * *

يا حارقينَ الوردَ في روضِ الحمى
يا زارعينَ الرُّعبَ في التصويرِ


يا مُطفئي شمسَ الصباحِ رويدَكم
لن تهتكوا رغمَ الظلامِ سُتوري


يا هادمي جسرَ العبورِ بحقدِكم
إني نصبتُ من الدماءِ جُسوري


لن تطفئوا شمسَ الحياةِ بغَيمةٍ
نَفرتْ بجوٍّ عاصفٍ ومَطيرِ


* * *

يا زارعينَ على الطريقِ حرابَكم
مسنونةً مسمومةَ التخديرِ


من جاء بالغربانِ تدهنُ ريشَها
بالزَّيتِ فوقَ شواطئِ التفجيرِ ؟


ولمنْ إذا قامتْ قيامةُ يَعربٍ ؟
لمن الجنانُ ؟ لمنْ يكونُ سعيري ؟


ولأجل من نمحو ونُثبتُ دولةً ؟
والخصمُ يُمعنُ باقتلاعِ جذوري


والطفلُ من رَحِمِ الحجارةِ مولداً
يرمي ويصرخُ يا ولاةَ أُموري


رشُّوا على جرحِ العروبةِ مِلحَكم
فالجرحُ أنتنَ في انتظارِ نصيري


شُدُّوا الأكُفًَّ على أكفٍّ أدمنتْ
رَميَ الحجارةِ واهتدتْ لنشوري


لا تزرعوا طُرُقَ الخلاصِ بشائكٍ
من نبتِكم كي لا يُعيقَ مسيري


ولْيَصلبوا جسدي لعاشرِ مرَّةٍ
وليَسمعوا فوقَ الصليبِ زئيري


إني سأُوقفُ بالحجارةِ سيلَهم
فيدايَ تفري عاتياتِ صخورِ


ومضتْ تجرُّ ذيولَها وتقولُ لي
بلِّغْ فَديْتُكَ لن أبيعَ ضميري





1990







مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الشاعر محمد الحسن منجد/ حياته / شعره
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الجامع في العروض والقوافي - أبو الحسن أحمد بن محمد العروضي د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-28-2014 12:23 AM
ديوان تقي الدين السَّروجي .. ما تبقى من شعره وموشحاته - نبيل محمد رشاد د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-25-2014 10:21 PM
الطُّغرائي .. حياته .. شعره .. لاميته - علي جواد الطاهر د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-17-2014 05:52 PM
|| الشاعر فهد العسكر حياته وشعره || ساره الودعاني منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 4 07-19-2011 05:59 AM
ملحمة الدموع - الشاعر محمد الحسن منجد عبد السلام بركات زريق منبر ديوان العرب 5 10-16-2010 05:21 PM

الساعة الآن 01:26 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.