قديم 12-27-2010, 07:07 PM
المشاركة 131
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (34)



أهونُ العقدِ



أُكتبْ سأُملي عليكَ اليومَ يا ولدي
ما كنتُ آملُه من حاضري لغدي


أُكتبْ وطرِّزْ همومي إن رأيتَ بها
ما يرهقُ النفسَ من همٍّ ومن نكدِ


فرُبَّ شاردةٍ عادتْ ضللتُ بها
وربَّ واردةٍ تزهو بمُعتقدي


أُكتبْ لعلكَ واشٍ بي إذا لمحتْ
عيناكَ فيها بروقَ السُّحبِ في بلدي


أُكتبْ فلستُ أبالي حينَ يقتلُني
ما رحتُ أُمليه من أفكاريَ الجُّدُدِ


لقد مللتُ يَراعاً مُخصِباً ألماً
تشقَّقتْ منهُ في يومِ الحصادِ يدي


واملأْ دِناني قصيداً قد أذبتُ به
عمراً تقلَّبَ بين الصبرِ والجَّلدِ


وما وهنتُ ولكنِّي شَقيتُ ولم
أَلقَ المُعينَ من الأصحابِ والولدِ


ولم أجدْ عندَ من أهوى ضِيا أَملٍ
أستغفرُ الشعرَ كم أطعمتُه كَبَدي


وكم تضوَّعَ في الأسحارِ قافيةً
عذراءَ حدَّثتِ الأنسامَ عن سَهَدِي


فأسكرتْ غانياتِ الجِّنِّ خمرتُها
لما تساقَيْنَها في حانةِ الأبدِ


ورُحْنَ يَسألنَ عمَّنْ صاغَها دُرراً
للساحراتِ ملوكَ الجنِّ بالصَّيَدِ


* * *

أُكتبْ فإن يَراعي جفَّ من زمنٍ
دماؤه انسربتْ من رأسِهِ الحَرِدِ


أُكتبْ وغنِّ مواويلي على غَيَدٍ
وأسكرِ العطرَ والأنسامَ بالغَيَدِ


أُكتبْ فإنِّي حملتُ العطرَ في كَبِدي
وبتُّ أَحبسُه عن سائرِ الجسدِ


أُكتبْ مسيرةَ أحزانٍ مررتُ بها
مرورَ مُحتَدِمٍ في جوفِ مُرتعِدِ


أُكتبْ طريدةَ آلامٍ نفذتُ بها
نُفوذَ سهمٍ شديدِ القوسِ مُنفردِ


أُكتبْ فهذي القوافي كنتُ أُشهرُها
واليومَ أَغمدها في عزمِ مُجْتهدِ

إنِّي سئمتُ عباراتٍ بَرمتُ بها
ممَّن أضلُّوا وضلُّوا باسمِ مُنتقِدِ

تسابقوا لاقتناصِ الزَّيفِ واحتكموا
لمدَّعٍ حكمُه يسري بلا سَنَدِ


فزُلزِلَ الحقُّ واهتزَّتْ دعائمُه
إذ جرَّدوهُ من الإقدامِ والعُددِ


وأدبرَ العدلُ مذعوراً تطاردُه
حبائلُ الظلمِ من حقدٍ ومن حسدِ


وراحَ يلبسُ ثوبِ الزَّيفِ فصَّلهُ
مهندسُ الزورِ والبُهتانِ في البلدِ


* * *

أُكتبْ لعلَّ زمانَ القهرِ يَحفظُني
شعراً ويُنشدُني في بيتِ مُضطهَدِ


إنِّي حلفتُ ولم أحنثْ بقافيةٍ
حمراءَ تُنْشَرُ لم تولدْ ولم تَلِدِ


لسوفَ أَكتمُ عن نفسي هواجسَها
إلا إذا جمحتْ في ساحةِ الرَّشدِ


هناكُ أقطعُ شريانَ الدُّجى فدمي
نورٌ يسيلُ على اسمِ الواحدِ الأحدِ

فإنْ وصلتُ لما أبغي كَسَبتُ رضاً
وإنْ قَضيتُ فموتي أهونُ العُقدِ


وليَعلمِ الجيلُ بعد الجيلِ أنَّ دمي
دينٌ بذمَّةِ من أنزلتُهمْ كَبِدي



7-2-1998






قديم 12-28-2010, 09:06 PM
المشاركة 132
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (35)


وحيٌ من التكريم


في تكريم الأستاذ الشاعر والأديب
مدحت عكاش صاحب مجلة
الثقافة الأسبوعية




للفكرِ للأدبِ الخلَّاقِ للقلمِ
تأنَّقَ الروضُ للتكريمِ في كرمِ


وغرَّدتْ كلُّ أطيارِ الحِمى وزهتْ
عرائسُ الحورِ تدعو الليثَ للأَجمِ


عُدْ يا قَصيُّ إلى العاصي على قَدَرٍ
يا ناظمَ الدُّرِّ حنَّ العِقدُ فانتظمِ


يا صاحبَ القلمِ الخلَّاقِ في لغةٍ
تزهو ثقافتُها الغرَّاءُ في الأممِ


هبْني يراعَكَ أقنصْ كلَّ شاردةٍ
من القوافي وأُسمِعْ كلَّ ذي صَممِ


الخالداتُ قوافي الشعرِ ما حملتْ
على اليراعِ عُلوَّ النفسِ والهممِ


والباقياتُ بقاءَ الدهرِ ما صدحتْ
به الأوائلُ من فخرٍ ومن حِكَمِ

* * *


(يا مدحةَ) القلمِ العملاقِ يا علماً
على الزمانِ تحدَّى النسرَ في القممِ


فينا النبيونَ ما هزَّتْ عقيدتَهم
سفاهةُ القومِ من نِكسٍ ومنتقمِ


نمضي على سُننِ الأجدادِ يحملُنا
حُبٌّ لأروعِ منثورٍ ومُنتظَمِ


نصدُّ عنَّا غواياتٍ مضلِّلةً
ونشعلُ الحرفَ يَجلو حالكَ الظُّلمِ


تَنزَّلَ الشعرُ من أقلامِنا سُوراً
آياتُها تسحرُ الألبابَ بالكلمِ


ترقُّ حيناً وأحياناً يُسعِّرُها
لفحٌ من اللهبِ القدسيِّ كالضَّرمِ


* * *

يا صاحبَ الروضةِ الغنَّاءِ معذرةً
ما كلُّ سرٍ لدى عشقي بمُنكَتِمِ


درجتُ بالشعرِ أرويهِ وأكتبُهُ
وفي مجلَّتِكم ألفيتُ مُعْتَصَمي


ويا (أبا عاصمٍ) ما كلُّ ساجعةٍ
على الروابي تهزُّ القلبَ بالنغمِ


لكَ النديَّانِ : فكرٌ مشرقٌ ويدٌ
تشعُّ منها بروقُ المُزنِ كالدِّيَمِ


كم بائسٍ في زوايا الفكرِ مُرتهنٍ
أصابَه طلُّها فازدانَ بالقيمِ


وكم صليبٍ على أعوادِ فكرتِه
خلصتَهُ من جراحِ الصلبِ والألمِ


خذني بعفوكَ ما زالَ الهوى بدمي
يوري مجامرَ حبِّي مُذْ وقفتُ دمي

أنا الهزارُ وفيك اليومَ أُغنيتي
قلبي يذوبُ على ألحانِها بفمي


أحرقتُ دمعي على عُمْري وأحرقَني
من كنتُ أرجوهُ حصناً غيرَ مُنهدِمِ


تنكَّرَ الناسُ لي ممنْ حملتُ لهم
حبَّاً تقيَّاً نقيَّاً غيرَ مُتَّهمِ


ويشهدُ اللهُ أنِّي ما حملتُ لهم
إلا الوفاءَ فليسَ الغدرُ من شِيمي


(ويحسدوني على موتي) وأغبطُهم
على الحياةِ وأَجزي البخلَ بالكرمِ


إذا قسوتُ على قلبي شكتْ كَبِدي
وأسلماني لليلِ السُّهدِ والسَّقمِ


عندي من الحبِّ أسماهُ وأقدسهُ
لكلِّ شهمٍ أبيِّ النفسِ محتَرمِ


وأنتَ فيهم مكانَ القلبِ تمنحُهم
نبضَ الحياةِ على وردِ الهوى الشَّبمِ

وبي من الحزنِ ما لو شفَّ عنهُ دمي
عرفتَ كيف شربتُ السُّمَّ في الدَّسمِ


* * *

يا(مدحةَ) الأدبِ الخلَّاقِ يا سهراً
على الزمانِ تُمنِّي النفسَ بالحلُمِ


هذي قناديلُ من أوقدتَ شمعَهُمُ
يوماً على الصفحةِ الغرَّاءِ بالقلمِ

تضيءُ في صالةِ الحفلِ الذي انتظمتْ
فيه العقودُ على المحرابِ في الحرمِ


جاؤوا إليكَ ونارُ الشوقِ تلهبُهم
من كلِّ نَسرٍ أبيِّ الحرفِ مُلتزمِ


زها بهمْ منبرُ العاصي وشرَّفَه
أنَّ المكرَّمَ تِربُ المجدِ والكرمِ


وكنتَ متَّهماً بالهجرِ مبتعداً
عن الأحبَّةِ من صحبٍ ومن رَحِمِ


صلَّيتَ فيهم صلاةَ الحبِّ تشكرُهم
ودمعُ عينيكَ ينفي سائرَ التُّهمِ


* * *

يا (مدحةَ) العلمِ والأخلاقِ يا نَهَراً
يا دفقةَ الخصبِ من سيلِ النَّدى العرمِ

ما للنواعيرِ قد جفَّتْ مراشفُها
وغابَ عنِّي الصدى ليلاً فلم أَنمِ


كم كنتُ أروي حكاياتي لها سَحَراً
وكم شربتُ على أنغامِها نَدمي


وكم صحوتُ على شطآنِها أَرقاً
وكم غفوتُ وجفني ضاقَ بالحُلُمِ


واليومَ أمضي إلى الستينَ مجتهداً
وفي فؤاديَ جُرحٌ غيرُ مُلتئِمِ


عندي شريطٌ حصادُ الذكرياتِ بهِ
سجَّلتُه بالمُدى حيناً وبالقلمِ


في كلِّ ليلٍ له عَرضٌ يؤرِّقني
أنا البريءُ به في دورِ متهمِ


* * *

أستغفرُ الشعرَ كم أحزنتُ قافبةً
سلبتُ منها ابتسامَ الفجرِ في الظُّلمِ


عارٍ أمامَ جميعِ الناسِ يسترُني
ثوبُ الوضوحِ وهذا السترُ من قِيَمي


ما عابَني غيرُ قومٍ لاخَلاقَ لهم
لأنَّني النَّسرُ أبغي شاهقَ القممِ


يروونَ عنِّي حكاياتٍ ملفقةً
كأنَّهم وفدُ إسرائيلَ في الأُممِ


يشوقُني عبثُ الماضي وتُخجلني
حجارةُ الطفلِ تُصلي الغدرَ بالرُّجمِ



* * *


يا أمَّتي ودمُ الأطفالِ يهتفُ بي
فينحني الشعرُ إجلالاً لكلِّ كَمي


شُدِّي على يدِهم هاتي لهم حجراً
وقلِّديهمْ وسامَ المجدِ والكرمِ


هاتي يديكِ لجُرحِ العُربِ نَلأَمُه
ونَنتخي لدمِ الأطفالِ في شَمَمِ


لا تتركيني على شطَّيْكِ منشطراً
وقرِّبينيَ من بعضي على الأَجَمِ


حتى أحطِّمَ أقلاماً شكتْ وبكتْ
ويُخِرسُ الغضبُ الخلَّاقُ كلَّ فمِ


* * *

عفواً (أبا عاصمٍ) إن طافَ بي قلمي
على المواجعِ في كَشفٍ عن الهممِ


لك الخلودُ ولي في الشعرِ واحدةٌ
رتَّلتُها لكَ فاسمعْ نبضَها بدمي







قديم 12-28-2010, 09:44 PM
المشاركة 133
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (36)



الحبُّ الخالدُ



ماذا أقولُ وقد أوهى الأسى كَبِدي
لا صُحبتي أنصفتْ قلبي ولا ولدي

عاشوا على هامشِ الدُّنيا يكلِّلُهم
تاجٌ من الزيفِ لا يَخفى على أحدِ


ترفَّعوا ظاهراً عن كلِّ شائنةٍ
لكنَّ باطنَهم أَرغى من الزبدِ


ترفَّعوا.. ويحَهم.. يا ليتَهم صدقوا
نفوسَهم وأراحوا كل مُنتقِدِ


سرائرٌ لو تعرَّتْ من ستائرِها
لم تَبقَ روحٌ من الأرواحِ في جسدِ


سرائرٌ لو بوسعي أنْ أبدِّلَها
إذاً لطوَّقتُ جِيدَ الكونِ بالرَّغدِ

* * *


ماذا أقول : وفي صدري أُحسُّ لظىً
ما عدتُ أَقوى على الكتمانِ والجَّلدِ


قضيتُ عمريَ أُخفي النارَ في كبدي
كأنَّني الشمسُ في حسنٍ وفي رَأدِ


رضيتُ حرمانَ نفسي في مودتِهم
أملا كؤوسهَمُ بالعطرِ والشَّهَدِ


فيا لقلبيَ كم عانى وأرهقني
إذ كنتُ بينَهُمُ كالطائرِ الغَرِدِ


أُخفي بقلبي أنيني إذْ أحدثُهم
وأحرقُ الدمعَ كي لا يدركوا كَمَدي


لا يسمعونَ سوى لحنٍ أردِّدُه
وكم سهدتُ ولا يعنيهُمُ سَهَدي


أحبُّكم رغمَ أنَّ الحبَّ أضيعُه
بمن يعيشُ بلا قلبٍ ولا رَشَدِ


* * *

جُرحي أضمِّدُه بالشعرِ من حُرَقٍ
وجرحَكم كمْ وكم ضمَّدتُه بيدي


وتدَّعونَ بأنَّ النُّصحَ رائدُكم
لا تكذبوا .. فادِّعاءُ النصحِ لم يُفِدِ


ماكنتُ غرَّاً وما كنتُم ذوي حِكَمٍ
حتى أُسفِّهَ آرائي ومعتقدي


ولستُ متَّهماً حتى يحاكمَني
غِرٌّ ويُصدرَ حكماً غيرَ ذي سَنَدِ


أَكلُّ من صانعتْهُ الحالُ حُقَّ لهُ
وكانَ أعمى اتهامَ الناسِ بالرَّمدِ


* * *

حُرِمتُ كلَّ جميلٍ في الحياةِ ولم
أظفرْ بمؤنسةٍ تختالُ في غَيَدِ


أقضي الليالي مع الآلامِ تصرعُني
وفي النهارِ يدورُ اليأسُ في خَلَدي


وتنكرونَ عليَّ الحبَّ يحملُني
لعالمٍ من صَباباتِ الخيالِ ندي


لو تدركونَ مَقالي ما بَرِمتُ بكم
ما كانَ قلبي على الأيامِ ملكَ يدي


* * *

آمنتُ بالحبِّ إيماني بخالقِه
وصنتُ نفسيَ عن حقدٍ وعن حسدِ


أحبُّكم لو جرحتُم خافقي بيدٍ
أظفارُها عُدَّتي لو مزَّقتْ جسدي


أحبُّكم لا غِنى لي عنكُمُ أبداً
ونارُكم جنَّتي لو أحرقتْ كَبِدي


أحبُّكم وأحبُّ الناسَ كلَّهم
فحبُّكم خالدٌ كالروحِ للأبدِ


فإن هجرتُكُمُ عُذراً فإنَّ لكمْ
شوقاً بقلبي كشوقِ الأمِّ للولدِ




4-12-1981




قديم 12-28-2010, 10:48 PM
المشاركة 134
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (37)



الشاعرُ النبيُّ



أهواكِ.. أهواكِ.. أهوى رفَّةَ الهُدُبِ
يا خمرةً تُسكرُ الألبابَ بالأدبِ


أهواكِ يا حلوةَ العينينِ يا ألَقاً
يجلو فؤاديَ من همٍّ ومن تعبِ


هَبي يَراعي ترانيمَ الهوى سَحَراً
بهاتفٍ منكِ تحتَ الليلِ مرتقَبِ


وعلِّليني بصوتٍ ساحرٍ غَرِدٍ
وقرِّبي الهاتفَ المشتاقَ تقتربي

ليلي وليلُك ما أحلى صفاءهما
كأنَّما أُلقيا عن كاهلِ الحقبِ


نشكو هوانا فلا الأنسامُ تسمعنا
كأنَّما حينما ننأى على قُرُبِ


كأنَّنا توأما حبٍّ وأنجبنا
روضُ الهُيام وما أحلاهُ من نَسَبِ


نعبُّ صهباءَ أحلامٍ مُعتَّقةٍ
فنُسكرُ الكونَ بالأنغامِ والطَّربِ


ونزرعُ الليلَ وجداً نجتني أملاً
نعلِّلُ النفسَ في جدٍّ وفي لَعِبِ


وبوحُ كلِّ حديثٍ بيننا عجبٌ
وأدمعُ الشوقِ تَروي الوجدَ في عَجَبِ


والهمسُ يجرحُ صفوَ الليلِ في شَغَفٍ
ويستريحُ على صافٍ من العَتَبِ


حتى إذا زارنا طيفُ الكرى سَحَراً
والليلُ يرحلُ في أثوابِه القُشُبِ


نمنا على أملِ اللُقيا يُدغدغُنا
حلمٌ شهيٌّ تقيُ القصدِ والأَربِ


* * *

حبيبتي .. يا اشتعالي في جحيمِ هوىً
ويا انطفائي على نأيٍ بلا سببِ


لا تتركيني أعاني السُّهدَ مُنفرداً
وعلِّليني بمُنهلٍّ ومُنْسكِبِ


إنِّي عشقتُكِ حيثُ الليلُ يحملُني
على بُراقٍ فإنِّي شاعرٌ ونبيْ




25-6-1985




قديم 12-28-2010, 11:59 PM
المشاركة 135
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان نداء الرميم
رقم القصيدة (1)



نداءُ الرميمِ



في جحيمي عصرتُ خمرَ كُرومي
وجعلتُ الرَّجاءَ حانَ همومي

في جحيمي شربتُ حتى تهاوتْ
أنجمُ السَّعدِ والمُنى كالرُّجومِ


في بروجِ الخيالِ والكونُ حولي
ذكرياتٌ من الصراخِ الأليمِ


خمرتي شَهقَةُ النَّهارِ وكأسي
ومضةُ الفكرِ والظلامُ نديمي

لو تَراني لبستُ ثوبَ عناءٍ
أو تَراني خلعتُ ثوبَ جحيمي

ذاكَ أنِّي قضيتُ عُمريَ أَشقى
في صحارى الضَّياعِ مثلَ رجيمِ


* * *

قد حملتُ الأسى لِأَملأَ كأسي
من نعيمِ المُنى فغاضَ نعيمي


فتَوجهتُ للسَّماءِ بروحي
أسألُ اللهَ ساجداً في وُجومِ


وتَعالى الصُّراخُ يملأُ سمعي
من ضَميري حتى عَرفتُ كليمي


وتجاهلتُ ما جرى من حديثٍ
بين رُوحي وخافياتِ كُلومي


وصحا الفكرُ فالأمانيُّ غَرقى
في بحارٍ من الشَّقاءِ المُقيمِ


* * *

أيُّها السامعونَ صوتَ ضميري
من دمائي أَخْصبتُ محلَ كُرومي

مزَّقتْني أنيابُكمْ فدعوني
أُعمِلُ النَّابَ مرةً في خُصومي


لا تخافوا الجراحَ ليسَ بنابي
أيُّ سُمٍّ إنِّي طرحْتُ سُمومي


لستُ منكم إنِّي غسلتُ ضميري
بدموعي على ضفافِ النُّجومِ


فغدا السمُّ بين جنبيَّ شهداً
في خلايا فؤادِ صبٍّ رَحيمِ


إنَّني أسكبُ الضياءَ لغيري
وكؤوسي مملوءةٌ من حميمِ

فتعالَوا لتشربوا النُّورَ هذا
أولُ الغيثِ من سحابٍ عَميمِ


لا أُبالي إذا قَضيْتُ ضياعاً
خلفَ وَهمي من الخِداعِ الذَّميمِ


سوفَ يصحو على النداءِ أناسٌ
بعد مَوتي يباركونَ رميمي






قديم 12-29-2010, 03:51 PM
المشاركة 136
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان نداء الرميم
رقم القصيدة (2)



كبريــاء



ذوِّبي النورَ واسكُبيهِ بكأسي
واسفحيهِ على حجارةِ رمْسي


ربما يُسكِرُ الضياءُ رُفاتي
ويحيلُ الجحيمَ واحةَ أُنسِ


ربما تُبعتُ الحياةُ بقلبي
من جديدٍ وينقضي ليلُ يأسي


ربما يولدُ القريضُ ويصحو
عبقرُ الشِّعرِ في قرارةِ نفسي

ربَّما .. ربَّما .. وألفُ نداءٍ
يجرحُ الصمتَ مُستهيناً بأمسي


وأنا صرخةُ الإباءِ وكِبْرٌ
وتحدٍّ على معارجِ شَمسِ


لم أزلْ نازفَ الجراحِ أُربِّي
ذكرياتي على دموعِ التَّأسِّي


أَذبحُ الخوفَ أحرقُ الوجدَ أُوريْ
من زنادِ الهمومِ شُعلةَ بأسي


في صخورِ الشقاءِ أُعمِلُ فأسي
لا أبالي بما يحطِّم فأسي


تَتنزَّى على الأديمِ جِراحي
في صباحٍ وتكتوي حين أمسي


والضَّبابُ الذي يلُفُّ حياتي
يَلْبِسُ الأمرَ خلَفه أي لَبْسِ


فأراني على رَهافةِ حِسِّي
أقطعُ العمرَ هائماً دون حِسِّ


وكأنَّ الدماءَ تجري ببطْءٍ
في عروقي تجتازُها دون لَمسِ


يا دمائي وأنتِ نسغُ حياتي
وحياتي على هوامشِ طرسِ


كيف أحظى بالأمنياتِ ونفسي
في شموخٍ وفي المجرَّةِ رأسي


كلُّ شيءٍ في مقلتيَّ صغيرٌ
وكبيرٌ تَملُّقي كلَّ جِبْسِ


وكبيرٌ أن أشتري بضميري
أمنياتي أو أنْ أُباعَ بفِلسِ


كلُّ ما في الوجودِ مَحْضُ ترابٍ
يتوارى في جَوفهِ كلُّ رِجْسِ


أيُّها اللاهثونَ خلف النَّفايا
أيُّها الغارقونَ في كلِّ بَخْسِ


أيُّها الكافرونَ شعري مرايا
تكشِفُ اليومَ كلَّ أصفرَ وِرْسِ


أتحداكُمُ فهل من مجيبٍ
للتَّحدي بل أينَ فارسُ عَبْسِ


أين صوتُ السيوفِ يُرهِفُ سمعي
تتعالى ألحانُها فوقَ تُرسي


ما ألذَّ الجراح تهمي إباءً
تسكبُ النورَ في مشاتلِ غرسي


فإذا الحقلُ أنجمٌ زاهرتٌ
وإذا الصوتُ صرخةٌ بعد هَمْسِ


* * *

يا نداءً من الوجومِ تَعالى
وزغاريدَ أعلنتْ حفلَ عُرسِ


أينعَ الغرسُ واستُجيبَ دعائي
وتوارتْ في الأُفْقِ أَنجمُ نحسي


بُشرياتٌ من عالمِ الغيبِ تَترى
ناطقاتٌ بأَلسُنٍ منهُ خُرسِ


صوتُها يوقظُ المَواتَ بقلبي
ويحيلُ الجحيمَ واحةَ أُنسِ


قد أبَلَّ الرجاءُ بعد سقامٍ
وتغنَّى الهزارُ من بعدِ يأسِ

هكذا تُبعثُ الحياةُ فهيَّا
ذَوِّبي النورَ واسكُبيهِ بكأسي


قديم 12-29-2010, 07:56 PM
المشاركة 137
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

المصدر
ديوان نداء الرميم
رقم القصيدة (3)



شُلَّتْ يَميني



كتبها الشاعر عند بتر ساقي شقيقه
الأصغر"غازي" وكان عمره ثمانية
عشر عاماً إثر حادث أليم عام 1976



شُلَّتْ يميني فلمْ تُعقدْ لزْنَّاري
إذ وقَّعتْ يا ضِيا عَيْنيَّ إقراري


خُيِّرتُ فيكَ ولم أخترْ فأَحرجني
قولُ الطَّبيبِ على عمدٍ وإصرارِ

وقَّعتُ باسميَ أوراقاً لوَ انَّ بها
روحاً أحسَّتْ لَظى الإحراقِ من ناري


وقَّعتُها وبودِّي لو أمزِّقُها
كما تمزَّقَ قلبي عندَ إنذاري


كم كنتُ أعشقُ توقيعي أنمِّقُه
على الطُّروسِ بإجلالٍ وإكبارِ

به تقاضيتُ آلافاً مؤلَّفةً
خلالَ عشرينَ تدريساً لأَطهارِ

كم من رسائلِ حبٍّ كنتُ أكتبُها
ومن قصائدَ ضمَّتْ كُلَّ أسراري


ذيَّلتُها بتواقيعي مؤنَّقَةً
خلَّدتُ فيها أحاسيسي بأشعاري


واليومَ أمقتُ توقيعي لأنَّ به
سلَّمتُ ساقيكَ وا تعسيْ لبتَّارِ


* * *

قالَ الطبيبُ تخيَّرْ في أخيكَ وفي
ساقَيْهِ واحكمْ ولا تجنحْ لأعذارِ

فاتَ الأوانُ فماذا كان يشغلُكُمْ
عن المجيءِ به في نصفِ أيَّارِ

قلتُ : الطبيبُ مساءَ السبتِ أنذرني
ألا أسيرَ بهِ لو بضعَ أمتارِ


دمشقُ : ماذا بها ؟ سلْها لقد شهدتْ
أنِّي المُجلِّي ولن تسطيعَ إنكاري

غداً يعودُ على ساقيهِ مُنتصباً
هذا اختصاصي ولم أُلحقْ بمضماري


لكنَّه عادَ بعدَ الشَّوطِ مُرتدياً
يومَ الثلاثاءِ ثوبَ الخِزيِ والعارِ


إلى المواساةِ* أسرعْ في أخيكَ وخُذْ
هذي الرسالةَ فيها كلُّ أوزاري


كذا قضى اللهُ في ساقَيْهِ فامضِ به
إلى دمشقَ ولا تعبأْ بأسفارِ


* * *

فضَّ الرسالةَ "يحيى"* وهو متلمِسٌ
عُذراً لمُستهتِرٍ بالطبِّ جَزَّارِ


وراحَ ينظرُ في ساقَيْ أخي وعلى
شفاهِهِ دونَ نُطقٍ ألفُ إشعارِ


لا بدَّ من بَترِ ساقيهِ بلا جَدلٍ
جلَّ المُصابُ وهذي حكمةُ الباري


* * *

وجاءني الصحبُ والآلامُ تطحنُني
يحاولونَ بُعيْدَ البترِ إخباري


الحمدُ للهِ .. تَمَّ البترُ فامضِ إلى
سريرهِ بفؤادٍ جدِّ صبَّارِ


سلِّمْ عليهِ ولا تُظهِرْ لهُ ألماً
واحبسْ دموعَكَ كالصِّديقِ في الغارِ

* * *


وأقبلتْ نسمةٌ عذراء صافيةٌ
كأنَّما الوحيُ في أعطافِها سارِ

دخلتُ والبسمةُ الحَيرى تؤنِّبُني
وتُنذرُ الصَّمتَ في صدري بإعصارِ

أحرقتُ سيلَ دموعي وانحنتُ على
سريرهِ وأمامي ألفُ تَذكارِ

بالأمسِ كانَ على ساقَيهِ يرقُصُ لي
والأهلُ من حولهِ أطواقُ أزهارِ

أمي أبي .. أخوتي .. عمِّي .. وزوجتُه
أبناءُ عمِّي .. وأخوالي .. وأصهاري

في كلِّ يومٍ لهمْ في البيتِ أُمسيةٌ
أبهى من الزهرِ في أحضانِ آذارِ

أبي يغنِّي وأمي تَنْتشي طَرباً
تُخْزي العيونَ بإعلانٍ وإسرارِ


"غازي": وألفُ صلاةِ اللهِ يا ولدي
على النبيِّ يليها فيضُ أذكارِ


* * *

هذا الشريطُ الذي لا ينتهي أبداً
مدى الحياةِ غدا يَحتلُّ أفكاري


إنْ زارني النومُ لا أغفو على حُلُمٍ
إلا رأيتُ أخي ما بينَ أخطارِ


يواجهُ الحادثَ المشؤومَ وا لَهَفيْ
عليه ينزفُ ملفوفاً بأطمارِ


فيهربُ النومُ مذعوراً ويتركُني
لِمَا أعانيهِ في أغوارِ أغواري


* * *

أنا الذي بُتِرتْ ساقاهُ ليسَ أخي
ودُقَّ في نعشِ موتي ألفُ مسمارِ

إيهٍ أخي .. يا جراحاً أجهدتْ كَبِدي
وجمرةً أحرقتْ لحني ومزماري


ودَّعتُ كلَّ أغاريدي التي سَلَفَتْ
وبِتُّ أمقُتُ أوتاري وقيثارتي


قد كنتُ آسو جراحاتِي أضمِّدُها
بالصَّبرِ حيناً وأحياناً بسُمَّارِ


حتى إذا الغيبُ وافاني بما صَنَعَتْ
كَفُّ المقاديرِ تُعشي نورَ أبصاري


تذرَّعَ القلبُ بالصَّبرِ القتيلِ على
ضفافِ جُرْحٍ عديمِ الشطِّ نغَّارِ

ورحتُ أحفرُ قبري ثم أردُمُه
وقَلَّمَ الحفرُ إثرَ الحَفرِ أظفاري

وعُدتُ أَحملُ آلامي مجسَّدةً
في بترِ ساقَيْ أخٍ كاللَّيثِ زآرِ

تجرَّعَ الموتَ في المشفى وجَرَّعني
مرارةَ الصمتِ في يَحمومِ أقداري

حتى وصلتُ به وادي حماةَ وقد
أَحسستُ أنِّيَ مجروفٌ بتيَّارِ


أمي التي لم تزلْ في البيتِ قابعةً
ماذا أقول لها ؟ يا شؤمَ أخباري


ووالدي وجميعُ الأهلِ إذْ حَسِبوا
أنِّي رَجعْتُ بإكليلٍ من الغارِ

تَرقبونيَ شهراً تَستحمُّ بهِ
آمالُهم بين تصديقٍ وإنكارِ

ما أهونَ الموتَ يَطويني على عَجَلِ
وما أشقَّ دُخولي ساحةَ الدارِ


وانشقَّ عن صدرِ أمِّي الثوبُ واندفعتْ
نحوَ السَّريرِ بثديٍ غيرِ درَّارِ

قد جفَّ من لَهَبِ السَّبعينَ فاغتنمتْ
هذا اللقاءَ لتَرويْ النَّارَ بالنارِ


*المواساة .. من أهم مشافي العاصمة دمشق
*يحيى .. الطبيب يحيى حمادة الخيَّاط




قديم 12-31-2010, 01:01 PM
المشاركة 138
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان نداء الرميم
رقم القصيدة (4)



أَفقْ أسرِجْ مُسوَّمةَ القوافي



في رثاء الشاعر السوري
الكبير بدوي الجبل




عشقتَ الأرضَ تفترشُ الترابا
فغادرتَ الأحبَّةَ والصِّحابا


وكنتَ إذا همستَ بأيِّ حرفٍ
عَلَوتَ الشمَّ واجتزتَ السَّحابا


أشاقَكَ أن ترى شوقي أميراً
وحافِظَ يسردانِ الشبابا


يُديرانِ الكؤوسَ على النَّدامى
وقد حسُنوا بمجلسِهِمْ مآبا


أشاقكَ للصِّحابِ هوىً قديمٌ
فخلَّفتَ الشواطئَ والعُبابا


ترتِّلُ بينهم آياتِ فنٍ
تُصفِّي السِّحر تنشرُه كتابا


وتكتبُ ألفَ ملحمةٍ وتُصغي
لصوتِ اللهِ يخترقُ الحجابا


فهل تبكيكَ قافيتي لأنِّي
أخافُ على القريضِ رؤىً كِذابا


أمَ انِي خِفتُ أن تَلِدَ اللَّيالي
عقاربَ تُرسلُ السُّمَّ انسكابا


تحاولُ أن تُعَشِّشَ في المغاني
تُسمِّمُ شهدَها الحُلوَ المُذابا


وتلدغُ باليراعِ إذا تعرَّتْ
عروسُ الشعرِ تَمتلكُ اللُّبابا


نبيَّ الحرفِ كنتَ لنا إماما
تصلِّي بالأصيلِ وقد أنابا


إذا نُصبتْ خيامُ القومِ جئنا
عُكاظَ الشعرِ نقتحمُ الشِّعابا


نُحكِّمُ بيننا البدويَّ شعراً
ونابغةَ القريضِ بما استطابا


وما سُمِّيتَ بالبدويِّ إلا
لأنَّ الشعرَ شرَّفكَ انتسابا


أعيبٌ أن نسيرَ على خيولٍ
ونعقِدُ فوقَ هامتِنا النِّقابا !!


* * *

هنالكَ في المعرَّةِ عاشَ أعمى
يظلُّ الغربُ يدرسُهُ انكبابا


على قَشِّ الحصيرِ ببعضِ قوتٍ
أقامَ الكونَ أَقعدَه اخْتلابا


قبابُ الشعرِ يسكنُها المَعرِّي
فلمْ عابوا الأصالةَ والقِبابا


* * *

حملنا في الصدورِ هوىً قديماً
فكنَّا النَّسرَ حلَّقَ والعُقابا


وجدَّدناهُ مضموناً وشكلاً
وأفكاراً وألحاناً عِذابا


وجاؤوا بالجديدِ بألفِ لونٍ
وقد جَهِلوا الحقيقةَ والصَّوابا


أصابَهُمُ عمى الألوانِ حتى
رأوا ألوانَ مَحتدِهم سَرابا


يعيبونَ الأصالةَ في القوافي
وما ادَّخروا الشتائمَ والسُّبابا


فقالوا: أكثر الشعراءِ حبَّاً
قديم الشعرِ أوسعهم رحابا


وظنُّوا العيبَ في حبِّي تراثاً
بأوردتي يسيرُ ولن أُعابا


وكلُّ العيبِ في شَطَطٍ سخيفٍ
ضبابيٍّ لقد عَشقوا الضبابا


حنانَكَ أَعطني ناياً قديماً
لأُسمِعَهمْ به العَجَبَ العُجابا


* * *

أبا الشعراءِ أشرقَهم بياناً
وأسلسَهُمْ وأبلغَهمْ خِطابا


عزفتَ الحبَّ أشعاراً تَسامى
لقد صنعَ الخلودُ لك الرَّبابا


تذوبُ بضحكةِ الأطفالِ لحناً
وقافيةً تُدلِّلُها انسكابا


أَدِرْ صهباءَ خالِقةِ القوافي
على السُّمَّارِ وانتظرِ الجَّوابا


* * *

فإن شَربوا فقد بَلغوا الأماني
وإن سَكِروا فقد نِلنا الثوابا


نَزيلَ القبرِ يا قمراً تولَّى
ليسطَعَ لم يُطِقْ أبداً غِيابا


تزوَّدْ بالقريضِ ليومِ حشرٍ
وقلْ يا ربّ لم أحفظْ كتابا


سوى القرآنِ والغُررِ اللواتي
أتيتُ بهنَّ أفْتَتحُ الحسابا


لقد خلَّفتُ أنهارَ القوافي
لأهلِ الفكرِ تَرويهم شرابا

سكبتُ لهمْ دمائي من يَراعٍ
لغيركَ ما تبتَّلَ أو أَنابا


تطاولَ فاستَرقْتُ السمعَ فيه
بأمركَ لم يَجِدْ رَصَداً شِهابا


تركتَ لهُ سماواتِ المعاني
مُفتَّحةً فطافَ بها وآبا


يصوغُ عُقودَ حاليةِ القوافي
ويكشفُ عن بصيرتيَ الحِجابا


فجاءَ بكل خالقةٍ وكنزٍ
ونبعُ السِّحرِ يرفدُها انسيابا

على أزهارها " فيروزُ" رَفَّتْ
تمصُّ العطرَ تسكبُهُ رِضابا


وما طَرَبُ الأريبِ لسحرِ صوتٍ
إذا لم يغْنَ من كَلِمٍ مَلابا


* * *

نديَّ الحرفِ في كَبِدي التهابٌ
فهل يُشفي الرِّثاءُ بها التهابا


يَراعُكَ صيغَ من أَلقِ الدَّراري
فشَبَّ على مدارجِها وشابا


فكانَ الماردَ العملاقَ يمضي
ليكشِفَ عن وجوهِهِمُ النِّقابا


يُعرِّي الساترينَ بألفِ ثوبٍ
عيوبَهُمُ ويُنذرُ من تَغابى


وكم حشدوا لهُ قلماً هزيلاً
فكان التَّبْرْ* وانقلبوا تُرابا


* * *

أفقْ أسرِجْ مُسوَّمةَ القوافي
وهاتِ السيفَ واتَّرِكِ القِرابا

(نُجابهُ باليهودِ دماً وناراً)
فنسحقُهم ونتركُهم يَبابا


(سحقْنا الغاصبينَ فلا ذهاباً
نرى للغاصبينَ ولا إيابا )


بِطاحُ القُدسِ دنَّسَها لئيمٌ
وأَمعنَ في محارمِها خرابا

مآذنُه تعانِقُ في الأعالي
نواقيسَ القيامةِ والسَّحابا


تسائِلُ عن أبي حفصٍ أيأتي؟!
يُصلِّي الفجرَ فيها والغيابا


يَشُدُّ قيادَ ناقتِه ويمشي
وقد خلَّى لخادمِه الرِّكابا


وما خفيَ الأنينُ بها ولكنْ
حلا في سمعِهِمْ نغماً وطابا


* * *

أطِلَّ من الخلودِ أبا القوافي
تجدْنا في الوغى أُسْداً غِضابا


ذُرا لبنانَ تشهدُ كم سقَيْنا
جبالَ الأرْزِ من دمِنا شرابا


ويسمعُ غيرُنا نَدْبَ الثَّكالى
و يُغضي لا قتالَ ولا ضِرابا


هنالكَ بالحجارةِ ثارَ طفلٌ
بأرضٍ كم عشقتَ لها انتسابا

وتنكرُنا المجالسُ في صمودٍ
وقد خسئَ الدَّعِيُّ بها وخابا


* * *

أَترحلُ والديارُ تئنُّ قهراً
وقدسُ اللهِ تغتصبُ اغتصابا

أترحلُ والدُّجى حَلِكٌ وتمضي
وأرضُ العُرْبِ تَحتربُ احترابا


لقد سقطتْ بنا زُهْرُ الأماني
لقاعِ اليأسِ خوفاً واضطرابا

نُذيبُ الوهمَ حتى نَحتسيهِ
كؤوساً تَغتلي سُمَّاً وصابا


إذا أبدى الحبيبُ لنا صدوداً
نسجْنَا النورَ في سَهَدٍ عِتابا


وإنْ شفةٌ تبدَّتْ في احتراقٍ
ملأنا الكونَ شعراً أو عَتابا*


وإنْ صَدِئتْ سيوفُ العُربِ يوماً
جلوناها بألسنِنا احتسابا


بمُعجزة القريضِ نَخطُّ سِفْراً
من الأمجادِ نملؤهُ حِرابا

سلاحُ الشعرِ في دمنا قوافٍ
فهلْ حَسَبوا لقافيةٍ حِسابا


* * *

إذا مسَّتْ ثرى الأوطانِ كفٌّ
تُثيرُ الرُّعب تَفتعلُ الخرابا


بترناها بأسيافٍ غِضابٍ
فهاتِ الشِّعرَ أسيافاً غِضابا


يهزُّ يراعُنا الدُّنيا ويسمو
إلى الأفلاكِ مُنطلِقاً شهابا


وتصرفُنا الهمومُ عن الأماني
وتُنسيْنا المفاتنَ والرِّغابا


ونُحشرُ للحسابِ وأيُّ حشرٍ
به يدعو الضَّعيفُ ولن يُجابا


تبدَّلتِ النفوسُ فلا نفوسٌ
تعافُ الذلَّ أو تَأبى اغتصابا


* * *

أصيلَ الحرفِ يا عَلَماً تَسامى
فأطرقَ شعرُهم وحَنى الرِّقابا

بقلبي ألفُ أغنيةٍ تهاوتْ
بها أشلاؤُهُ وقَضى اغترابا


لقد ثَكلَ الشبابَ وأيُّ قلبٍ
كقلبِ الصبِّ إنْ ثَكِلَ الشبابا

يعاودُه الحنينُ إلى الليالي
وقد أمستْ لياليهِ اكتئابا


يُحسُّ ولا يحسُّ ويَعتريهِ
ذهولٌ كالذي قَبضَ السَّرابا


تصابَى حين لمْ يُجْدِ التَّصابي
وحين دَرى به المحبوبُ تابا


* * *

أفقْ باللهِ يا قمراً مضيئاً
أحبَّ الأرضَ فافترشَ التُّرابا

أَدِرْ خمراً معتَّقةً تَأَبَّتْ
على الشعراءِ سَكْباً واحْتلابا


وجُدْ بنصيبِنا من خيرِ إرثٍ
ولا تَحرمْ شُبولَتكَ النِّصابا



* التَّبْرْ ... الهلاك
* العَتابا ... من ألوان الشعر الشعبي الشامي



قديم 12-31-2010, 02:22 PM
المشاركة 139
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سُقيتُ مرارةَ الأيامِ طفلاً
وفي شرخ الشباب ذوى رجائي


ما زلت اعتقد بأن ما يقف وراء شاعرية الشاعر منجد المتدفقة مآسي تفوق حالة العوز ولا بد ان في الامر موت او مآساة من نوع ما!

حبذا لو انك تكتب سيرة ذاتية تفصيلية لحياته وحتى سن الحادي والعشرون وان تركز على علاقته بوالده وامه ثم هل فقد احد اخ اخت صديق؟ في طفولته المبكرة...صحيح ان التأهيل والتدريب والعوز والنكبة التي كتب فيها اول قصائده كما تروى في المدرسة كافية كأسباب ليتدفق القول من ثنايا دماغه لكن عبقريتة الشعرية تشير الى الم اعمق ربما؟؟؟!!


قديم 12-31-2010, 02:23 PM
المشاركة 140
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان نداء الرميم
رقم القصيدة (5)



تشرينُ وأوراقُ الخريفِ




خَلِّي العتابَ فما للهجرِ من سببِ
لا تُكثري اللومَ واقتصي من النُّوبِ

هل تعلمينَ بأنَّ القلبَ مُرتَهَنٌ
يبغي النجاةَ ولا يقوى على الهربِ


كانتْ له في سماءِ العُمر بارقةٌ
واليومَ أضحى بلا ضوءٍ ولا لهبِ

لعلَّهُ ضاقَ بالأحلامِ يزرعُها
يَروي مساكبَها من رَفَّةِ الهُدُبِ


قد شحَّ زيتي ومصباحي تُراقصُه
فراشةٌ برفيفٍ جدِّ مُضطربِ


أخشى عليها فتيلَ النارِ يُحرقها
طَوراً .. وطوراً أُجافيها بلا سببِ


* * *

"سمراءُ" حبّكِ محمومٌ وموْريتيْ
تَسري بها رِعشةُ المقرورِ والتعبِ

لا تُرهقيني فأوراقُ الخريفِ على
أغصانِ عمريْ ترشُّ الليلَ بالشُّهبِ


هذي العناقيدُ جَفَّتْ في عرائشِها
ماذا دهى الكرمُ لمْ يعطفْ على العِنبِ


بالأمسِ كانتْ على الأغصانِ يانعةً
صفراءَ تلمعُ تحتَ الشمسِ كالذَّهبِ


أيامَ كنَّا نُوافي الكرم نسألُه
عمَّنْ عشقْنا ترى هل مرَّ من قُرُبِ


كنا وكانتْ عناقيدُ الهوى أَلَقاً
صرنا وصارتْ على الأيامِ كالحطبِ


ماذا دهانا وأيامُ الخريفِ على
وعدٍ تحدِّثُنا عن موسمٍ عجبِ


* * *

هذي التشارينُ ما هبَّتْ نسائمُها
إلا وكبَّرَ حادي المجدِ للعربِ


خَلِّي العتابَ فهذي الأرضُ ما عَقِمتْ
تشرينُ ينفخُ فيها الرُّوحَ كاللَّهبِ


جاءَ المخاضُ فهُزِّي النخلَ وانتظري
يَجُدْ عليكِ بآلافٍ من النُّجُبِ


هيا اضربِي واسحقي قَرِّي بمن نَفَروا
عيناً فهم خيرُ أبناءٍ لخيرِ أبِ


هنا التَّحدي سلاحُ الطفل .. أَنْمُلُه
وحفنةٌ من حصى سجيلَ لم تَخِبِ

وأكرمُ الناسِ أطفالٌ قَضوا شَرَفاً
لا الخائفينَ على الألقابِ والرُّتبِ


* * *

ماذا أقولُ وآلامي تكبِّلُني
فصرتُ أبكم بين الصدقِ والكذبِ


نحنُ الذين غرسنا الكرمَ في شَغَفٍ
وكمْ سقيناهُ في جِدٍّ ولَعِبِ


وكم نقشْنا على أسوارِه سُوَراً
آياتِها رغمَ طولِ العهدِ لم تَغِبِ


في كلِّ شبرٍ لنا ذكرى تهدهدُنا
لَهْفي علينا إذا نادتْ ولم نُجِبِ


لَهْفي على الكرمِ أسواراً تحفُّ بها
منابتُ الشوكِ تُدمي كفَّ مُحتَطِبِ


تُذكي العداءَ وتُوري الحقدَ في دمِنا
كأنَّنا لم نَعُدْ من أمةِ العربِ


يعربدُ الشوقُ فينا حين نذكرُها
وأيّ ذكرى تعيدُ الحسَّ للعصبِ


نرودُ بالوهمِ آفاقَ المُنى ولنا
في حانةِ العصرِ أنخابٌ من النُّصُبِ


كأنَّنا في حسابِ الدهرِ مسألةٌ
وحلّها باتَ يستعصي على الحقبِ

نجترُّ تاريخَ أحسابٍ فيخذُلُنا
من كانَ يفخر بالتاريخِ والنَّسبِ


فما رفعْنا إلى التحريرِ رايتَنا
إلا ونكَّسها يومَ الصِّدِام غبي


كم ضاقَ بالدَّمِ شريانُ النضالِ بنا
وكم فصدناهُ بالتَّهريجِ والكذبِ


وكم كتبْنا وأنشدْنا وتعرفُنا
منابرُ الشعرِ والأنغامِ والطربِ


لم يُجْدِنا طولُ إنشاءٍ وقافيةٍ
ومنبرٌ ضاقَ بالتصفيقِ والخُطَبِ


باتتْ مواجعُنا للكيِّ عاشقةً
وآخرُ الطبِّ كيُّ الجسمِ باللهبِ


* * *

هذا فؤادي لقد عمَّدتُه بدمي
فراحَ ينبضُ بالإيمانِ والأدبِ


يا مرحباً باللَّظى إنْ كان يرهفُنا
سيفاً بوجهِ دُعاةِ الزّيفِ في غضبِ


* * *

وجاءَ تشرينُ يزهو في مواسمِه
لما سقَينا ثراهُ بالدَّمِ العربي


سرنا نشقُّ ظلامَ الكونِ عن وهَجٍ
ونوقظُ الفجرَ في الجولانِ والنَّقبِ


إنَّا طَلعنا على الدنيا عمالقةً
يا أمةَ العُرْبِ شُدِّي للعُلى وثِبي

هنا رجعْنا إلى التاريخِ نكتبُه
يقودُ جحفلُنا ليثٌ أَغرُّ أَبي


هنا التحدي ظُبى تشرينَ شاهدةٌ
هنا دمشقُ فيا شمسَ الضُّحى انتسبي


وعُدتُ للكرمِ يا تشرينُ أسألُه
عمَّنْ عشِقنا وجافَيْنا بلا سَببِ


رأيتُ أسوارَه كالطَّودِ شامخةً
ورنَّ صوتٌ يناديني ويَهتفُ بي

نحنُ الذينَ غرسناهُ على قَدرٍ
في كلِّ شبرٍ شهيدٌ .. شاعرٌ .. ونبي


* * *

ويُقْفرُ الكرمُ والذكرى تعاودُنا
في كلِّ عامٍ على الأرزاءِ والنُّوبِ


شابتْ على مسرحِ التاريخِ قصَّتُنا
والمُخرجُ الوغدُ لم يَهْرمْ ولم يَشِبِ

جمهورُنا ملَّ حتى راحَ من حَنَقٍ
يَهذي فقيلَ من الأنغامِ والطَّربِ

* * *
حبيبتي يا بلادي يا ندىً وهوىً
يا جنَّةَ اللهِ يا إشراقةَ العربِ


ما نحنُ إلا قناديلُ الضياءِ على
دربِ الخلودِ نُنيرُ الكونَ كالشُّهُبِ


نغزو السماءَ بأقلامٍ إذا خَرستْ
عندَ الحقيقةِ ترمي الكونَ للشَّجبِ


تُميدُ كلَّ عروشِ الزَّيفِ قاطبةً
من غمزِ قافيةٍ مشبوبةِ اللَّهبِ


* * *

حبيبتي يا بلادي أنتِ خالقتي
نهراً جريتُ وفي شطَّيْكِ مُنقلبي


من أطلسِ الموجِ أَفدي كلَّ بارقةٍ
تُوري زنادَكِ حتى شاطئ العربِ


حسبي أراكِ على التَّاريخِ شامخةً
موفورةَ البأسِ .. بُركاناً من الغضبِ






مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الشاعر محمد الحسن منجد/ حياته / شعره
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الجامع في العروض والقوافي - أبو الحسن أحمد بن محمد العروضي د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-28-2014 12:23 AM
ديوان تقي الدين السَّروجي .. ما تبقى من شعره وموشحاته - نبيل محمد رشاد د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-25-2014 10:21 PM
الطُّغرائي .. حياته .. شعره .. لاميته - علي جواد الطاهر د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-17-2014 05:52 PM
|| الشاعر فهد العسكر حياته وشعره || ساره الودعاني منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 4 07-19-2011 05:59 AM
ملحمة الدموع - الشاعر محمد الحسن منجد عبد السلام بركات زريق منبر ديوان العرب 5 10-16-2010 05:21 PM

الساعة الآن 12:33 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.