قديم 12-23-2010, 12:56 PM
المشاركة 121
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (24)



رحلةٌ إلى العالمِ الأخرِ



الليلُ هدوءٌ ينسحبُ
والفجرُ ضجيجٌ يقتربُ

والبدرُ يسافرُ منطفِئاً
والشمسُ تَبدَّى تلتهبُ

وأنا والصمتُ وأوردتي
خوفَ المستقبلِ ننتخبُ

نتوجسُ من آتٍ أعمى
بخيالِ الشاعرِ ينتصبُ

فتثورُ بشاطئِ أحلامي
أمواجُ جراحٍ تَصطخبُ

تتعالى .. تهبطُ في حَنَقٍ
تتوالى .. تهدأُ .. تضطربُ

فتطيرُ نوارسُ آمالي
خلفَ المستقبلِ تَحتجبُ

وتحطُّ على برجِ البشرى
غربانُ الشؤمِ فأكتئبُ

* * *

الليلُ يفجِّرُ آلامي
ويُطلُّ الفجرُ فتنسربُ

فألمُّ جراحي أغسلُها
بدمٍ من جرحي يَنسكبُ

وأُجمِّعُ ألوانَ حياتي
في جرَّةِ عُمر يُقْتَضبُ

وأُخبِّئُ من عمري مِزَقاً
لظلامِ الليلِ وأنسحبُ

* * *

جدراني تحملُ أوراقاً
تحكي عن صمتي ما يجبُ

حبٌّ..شعرٌ..حزنٌ..ألمٌ
وبقيَّةُ عمرٍ ترتقبُ

* * *

في صمتي أسمعُ موسيقا
لمعارجِ إحساسي تثِبُ

موسيقا تجمعُ أشتاتي
فيهدِّئُ أعصابي الطربُ

تتماوجُ عبرَ فضاءاتٍ
للروحِ فيهجرُني التعبُ

وأهيمُ بمعالمِها الأسمى
كالواهمِ يأخذُني العجبُ

تتقاربُ أبعادُ المسعى
فأصلِّي الفجرَ وأقتربُ

* * *

في الليلِ أنادي من صدقوا
فتجيبُ نداءاتي التُّربُ

وتقولُ بجَوفي من تهوى
ولبُعدكَ عنهمْ قد عَتبوا

لا تأسَ .. تعالَ لعالمِهم
فرفاقُك نالوا ما طلبوا

لا تبكِ .. دموعكَ تُحزنُني
وإلامَ بليلكَ تنتحبُ

دنياكَ بكلِّ مفاتنِها
شلَّاءُ لمثلكَ لا تهبُ

تهبُ الأنذالَ تُكرِّمُهم
وهُمُ في رقعتِها لُعبُ

والعدل توارى في زمنٍ
يعتزُّ بسالبِه السَّلبُ

وسلاحُك صدقٌ لا يخفْى
وسلاحُ أعاديكَ الكذبُ

وأحاولُ أبحثُ عن سببٍ
للعيشِ فيخذلُني السَّببُ

فأصدُّ الدمعَ وأَزْجُرهُ
وأسارعُ يجذبُني الطلبُ

وأحاولُ أُشرعُ إقدامي
لكنَّ شراعي ينقلبُ



5-3-1999

قديم 12-24-2010, 02:49 PM
المشاركة 122
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (25)



المعجزان



فجِّرِ الشعرَ عاصفاً من دِمانا
واقطفِ الشَّهدَ من خلايا أسانا


نحن نأسى ونشتكي ونعاني
وأسانا يزيدُنا عنفوانا


كلما أقلقَ الظلامَ شهابٌ
في سماءِ الوجودِ شعَّ ضيانا


نحنُ كالشمسِ للوجودِ حياةٌ
يسطعُ الفجرُ حين تغلي دمانا


من دماءِ الجراحِ شُدنا صروحاً
وأقمنا من وقدها مِهرجانا


يشمخُ المجدُ بالنفوسِ كباراً
سلَّمُ المجدِ لا يطيقُ جبانا


* * *

قد وأدْنا حزنَ المواجعِ حياً
وبعثنا خلودَنا من ثرانا


جرحُنا يملأُ النفوسَ ابتهاجاً
وجراحُ الجبانِ تبقى هوانا


كلما أنَّ في حِمانا جريحٌ
أخصبَ الأرضَ والسما والزمانا


* * *

صُبَّ في كأسيَ الرحيقَ من الجُّر
حِ وحطِّمْ أقداحَنا والدِّنانا


وانطلقْ أيُّها المدجَّجُ بالحـ
ـقِ سلاحاً وجدِّدِ الإيمانا


وانطلقْ أيها المزنَّرُ بالمو
تِ لساناً وخافقاً وسنانا


قفْ على القبرِ وانفضِ الموتَ واكتبْ
من سطورِ الخلودِ سطراً عَنانا


لا يموتُ الضميرُ إن ماتَ حيٌّ
نحنُ بالميْتِ نبعثُ الوجدانا


نحنُ نجتاحُ موجعاتِ الرزايا
بعصوفٍ ينشقُّ عنها دُجانا


من دِمانا نسقي الترابَ إباءً
فاسألوا الشامَ كيف صارتْ جِنانا


واسألوا ميسلونَ يومَ وقفنا
هل رأى الدهرُ مثلَنا فرسانا


واسألوا يوسفُ الشهيدَ يُجبْكُمْ
أنا طرَّزتُ بالدِما نيسانا


يزهرُ الجرحُ حين يورقُ نصرٌ
فزهورُ الجراحِ وشَّتْ حمانا


* * *

إيهِ بغدادُ .. ألفُ جرحٍ بقلبي
إنْ يُزهِّرْ يغدُ الحمى بستانا


قد تمادى الطاغوتُ بالرَّجمِ حتى
صيَّرَ الماءَ والثرى بُركانا


ومياهُ الخليجِ في المدِّ والجز
رِ توانتْ لم تخمدِ النيرانا


مُزَّقتْ عروةُ الإخاء فأضحى
كلُّ شعبٍ من أمتي عريانا


فاستبدَّ الطاغوتُ حين رآنا
نعشقُ العُريَ نألفُ الإذعانا


في المحاريبِ والشعوبُ قيامٌ
والنواقيسُ تقرعُ الآذانا


يدمنُ القصفَ غاشمٌ مستبدٌّ
يستبيحُ الإنجيلَ والقرآنا


زوَّقوا القصفَ بل أحلّوه قالوا:
هُوَ قتلٌ نبغي به إحسانا


لا تخافوا واستقبلوهُ بِبِشرٍ
ينشرُ السِّلمَ عندكمْ والأمانا

ضحكَ الدمعُ في عيونِ الثكالى
والأيامى عضضنَ منه البنانا


* * *

إيهِ بغدادُ .. أيّ وغدٍ أثيمٍ
صيَّرَ الذئبَ شرعُه إنسانا


علِّمي الغاشمَ الدَّعيَّ حياءً
أسمعيهِ أجراسَنا والأذانا


خبِّريهِ أنَّ الجياعَ شعوبُ
وعُجولُ الحكامِ صارتْ سِمانا


قد يجوعُ الحكامُ يوماً ولكن
يأكلونَ الأحرارَ لا العُبدانا


* * *

يا (كسوفو) قولي لبغدادَ صبراً
إيه بغدادُ ما دهاكِ دهانا

حاقدٌ ظالمٌ وحشدٌ غريبٌ
ودماءٌ تمجُّها مقلتانا


وارتحالٌ عن الديارِ وذلٌّ
وهوانٌ نقتاتُ منه هوانا


شيَّعتْ كربلاءُ ألفَ حسينٍ
كيف هانتْ وشعبُها كيفَ هانا


كيف أضحى عرينُنا مُستباحاً
للصورايخِ تهدمُ البنيانا


* * *

إيه بغدادُ .. نحن في الشامِ فجرٌ
شمسُه البكرُ لم تفارقْ سمانا


كلما أقبلَ الظلامُ تَلظَّتْ
منْ لدَحرِ الظلامِ يُرجى سِوانا


عندنا المعجِزانِ شعبٌ أبيٌّ
وهَصورٌ يبغي السلامَ ضمانا


كلما شدَّتِ الكروبُ زِماماً
شدَّ للحلِّ مُرهَفاً ولسانا


لم يساومْ في صفقةِ السلمِ لكنْ
زأرَ الليثُ فاستحالتْ دُخانا


* * *

إيه بغدادُ .. والحضارةُ آلتْ
لرصاصٍ يَهمي جبانا .. جبانا


في دمانا تجري الحضارةُ نوراً
فاسألي الفجرَ كيف يسري ضِيانا


يَشرِقُ البغيُ بالمياهِ إذا ما
خَضَّبَ الماءَ جدولٌ من دِمانا


فانهدي للخلاصِ نوراً وناراً
ضوِّئي الكونَ واحرقي الطغيانا


واعقدي الغارَ تاجَ عزٍّ لشعبٍ
يمتطي الجرحَ للنزالِ حِصانا


* * *

إيه ذكرى الجلاءِ كيف أُغنِّي ؟
كيف أنسى الجنوبَ والجَولانا


كيف أنسى مَهدَ المسيحِ وقدساً
كيف أنسى الهلالَ والصُّلبانا


كيف أنسى مَسرى الرسولِ وبيتاً
شعَّ منه الضياءُ حتى هَدانا

كلما أرعدَ القريضُ بَروقاً
يهطلُ الدمعُ من عيوني دِهانا


يزأرُ الجرحُ في دمي فأنادي
يا حُماةَ الديارِ شابتْ مُنانا


فاعذُريني إذا بكيتُ فدمعي
يملأُ الجرحَ حُرقةً وحَنانا


وامنحيني إذا امتطيتُ يَراعي
أطلبُ الثأرَ وردةً من رُبانا

لم أعدْ للقتالِ أهلاً ولكنْ
بحروفي أَشنُّ حرباً عَوانا


قائمٌ للصلاةِ أدعو لقومي
ومع الفجرِ سوف أُعلي الأذانا


وليَ العذرُ إنْ قضيتُ فإنِّي
أركبُ الصعبَ لست أَلوي العِنانا


فإذا متُّ يا بلادي فقولي
عاشَ حراً وقد مضى إنسانا


واكتبيني سطراً على كلِّ قبرٍ
لشهيدٍ في مَيسلون وقانا



15-4-1999




قديم 12-25-2010, 05:04 PM
المشاركة 123
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (26)



يا وادي حماةَ سلامُ



بلدي .. وينتفضُ السؤالُ وتنجلي
صورُ الجوابِ وتزهرُ الأقلامُ

بلدي .. وينطلقُ الهديلُ وينتشي
سربُ الحمامِ ويهطلُ الإلهامُ

بلدي .. ويحترقُ الظلامُ وتزدهي
قممُ الجبالِ وتخفقُ الأعلامُ

بلدي .. ويتَّصلُ الهديرُ وتنحني
هممُ الرجالِ وتورقُ الأحلامُ

* * *

أَخصبتِ يا بلدي البطولةَ والندى
حتى تنامى البذلُ والإقدامُ

في كلِّ شبرِ من سهولكِ جذوةٌ
وعلى شعابِك للكفاحِ ضرامُ

وبكلِّ بيتٍ شاعرٌ ومفكِّرٌ
وبكل رُكنٍ عالمٌ وإمامُ

* * *

بلدي .. رعاكَ اللهُ يا بلدَ الهوى
وسقاكِ أمطارَ السلامِ غمامُ

درجَ الربيعُ على ثراكِ معطّراً
فالوردُ في ألقِ الضُّحى أكمامُ

وسرى النسيمُ من الرياضِ موشوشاً
أوراقَها و كأنَّه نمَّامُ

تتمايلُ الأغصانُ من هَمساتِه
فيطلُّ وجهٌ مشرقٌ بسامُ

وجهٌ كبرقِ الأمنياتِ وضاءةً
يبدو على قسَماتِه استفهامُ

والقدُّ ميَّاسٌ على خطواتِه
يصحو الهوى في صدرِه وينامُ

وتغرِّدُ الآمالُ في سَكَناتِه
فيضمُّها وتغادرُ الأوهامُ

* * *

بلدي .. وينبثقُ الضياءُ وينجلي
بدرٌ على مرِّ الزمانِ تَمامُ

بلدي .. وأفترشُ الترابَ يضمُّني
دوحٌ تراقصُ ظلَّه الأنسامُ

فتمرُّ أطيافُ الرجاءِ بخاطري
حُلُماً تحاولُ طمسَه الأيامُ

* * *

بلدي .. عليه من الجلالِ مطارفٌ
ومن الجمالِ عباءةٌ وحِزامُ

يترنَّحُ العاصي العصيُّ بروضِه
سكرانَ تُكمِلُ سُكرَه الأنغامُ

فتراهُ مِطواعاً يسيرُ وينحني
للعادياتِ يسرُّه الإحجامُ

يتوسَّدُ الوادي فيهدأُ نبضُه
وكأنَّما في جانحيهِ سَقامُ

فنرى وفودَ الزائرينَ تعودُه
والحزنُ بادٍ والدموعُ رِهامُ

والدائراتُ على العصورِ شواهدٌ
أنَّ السكونَ على الضفافِ حرامُ

اللهُ .. ما أحلى زمانَ وردتُهُ
صفواً كأنَّ الكأسَ منه مدامُ

اللهُ .. ما أحلى زمانَ عشقتُه
والطُّهرُ ثوبٌ والحياءُ وسامُ

تَترَشَّفُ الألبابُ سحرَ جمالِه
والسعدُ صاحٍ والكروبُ نيامُ

ويعانقُ الصفصافُ حَورَ ضِفافِه
فبكلِّ غصنٍ صبوةٌ وهيامُ

* * *

بلدي .. فديتكِ يا صلاةَ محبةٍ
في ظلِّهِ تتواصلُ الأرحامُ

والثائرونَ الذائدونَ عنِ الحِمى
سعدٌ يكرُّ وخولةٌ وهشامُ

سكرَ الجلاءُ على ضفافكِ فانتشتْ
أجيالُه وتوالتِ الأعوامُ

أنا واحدٌ ممَّن عرفتِ جرارَهم
يروي ظما الثوارِ وهو غلامُ

* * *

بلدي .. وحسبي أنَّني لكِ عاشقٌ
يحدو هوايَ محبةٌ ووئامُ

من فجرِ يومِ القادسيةِ للضُّحى
يتسابقُ الأخوالُ والأعمامُ

عرفتْ فرنسا بأسَهم فتراجعتْ
ثكلى يكلِّلُ هامَها الإرغامُ

وصلوا سنا التاريخِ بالألقِ الذي
وافى به تشرينَ وهو عرامُ

فاستبشرَ الأقصى وأشرقَ وجهُه
وشدا الإمامُ وأجبلَ الحاخامَ

* * *

بلدي .. غفرتُ لك الجحودَ أما ترى
أنَّ المُقيمَ على الوفاءِ يُضامُ

أم أنَّ عينَكَ قد أضرَّ بها الأسى
ممن قلوْكَ فغادروكَ وهاموا

فلبثْتَ تغسلُ بالدموعِ جحودَهم
حتى مضى عامٌ وأقبلَ عامُ

فتأنقتْ خُضرُ الضفافِ وأزهرتْ
وتضوَّعتْ عطراً بها الأيامُ

بلدي .. ويشعلُني الوفاءُ قصائداً
تُملا بها جامٌ وتُفْرَعُ جامُ

سلمتْ زحوفُ الشَّيبِ تغزوني دُجىً
ويفرُّ من وجهِ الحياةِ ظلامُ

فلعلَّ بارقةَ الرجاءِ تلوحُ لي
قبلَ الرحيلِ ويَنجلي الإبهامُ

* * *

بلدي وأختزنُ الجراحَ فليس لي
إلا اليراعُ وما لديَّ حسامُ

أتصيَّدُ الفِكَرَ المضيئةَ في الدُّجى
وأشقُّ ساحَ الشعرِ وهو قَتامُ

وألوذُ بالقلمِ المُدجَّجِ باللَّظى
فلهُ إذا خَرِسَ الرصاصُ كلامُ

تثبُ الحروبُ إلى دماهُ سخيةً
وتزمجرُ الآمالُ والآلامُ

وتفرُّ من كفِّي الأصابعُ عندما
تَهمي الحروفُ وفي الفرارِ أَثامُ

فأضمُّ أجنحتي أحطُّ على الذُّرا
لأقولَ يا وادي حماةَ سلامُ


5-4-1999

قديم 12-26-2010, 12:15 PM
المشاركة 124
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (27)



تسبيحُ البواتر



نضَّدتُ ملحمةَ النضـالِ كتبتُها تحـت المجاهرْ

معجــونةً بدمِ الشهيدِ وصـوتِ ثائرةٍ وثائرْ

من ميسـلونَ إلى الجـلاءِ الى الحجارةِ والأظافرْ

ضاقتْ بها مُهَجُ السطورِ فأرعدتْ ملءَ الحناجرْ

شقَّتْ عصا الإذعانِ تصفعُ وجـهَ مأفونٍ مُقامرْ

إيمانُنـا بالحقِّ أقــوى من وصـوليٍّ مُغامـرْ

ضاقتْ بما رحبتْ عليه الأرضُ حتى جاءَ صاغرْ

ألقـى السلاحَ ومدَّ كفَّاً بالسـلامِ لكفِّ ماكرْ

مرَّتْ هُنيهـاتُ اللقـاءِ وكفُّه ترجـو الخواطرْ

وتنازلتْ كـفُّ اللئيمِ تصـافحُ القدمَ المسـايرْ

* * *

عفـواً صلاحَ الدينِ إنِّي ذاكرٌ هل أنت ذاكرْ

في غُرَّةِ التاريخِ في حـطينَ سبَّـحتِ البواترْ

فاسمعْ عباراتِ الخضوعِ اليومَ تُثلجُ صدرَ كافرْ

واسمـعْ ترانيمَ السَّلامِ تُذاعُ من شـتى المقابرْ

في كـلِّ مقبرةٍ عمودٌ بالسـلامِ المرِّ هـادرْ

ما اهتزتِ الأحياءُ واهتزتْ من الموتى المشاعرْ

غـابتْ ملائكةُ الجهادِ وأُسدلتْ كلُّ السَّتائرْ

وصحتْ شياطينُ السلامِ تدورُ في كلِّ الدوائرْ

هذا هو الدَّجالُ يظهرُ حامـلاً زيفَ البشائرْ

أصغتْ له كلُّ العروشِ وحَملقتْ كلُّ النواظرْ

فلتُمْطِرِ الدُّنيـا وتمطـرْ فالضلالُ اليومَ ماطرْ

ولتُنبتِ الأرضُ السلامَ وتنكسرْ كلُّ الخناجرْ

ولتنطفـئْ كلُّ الكنائـسِ والمآذنِ والمنابرْ

وليركبِ الفـاروقُ ناقتَه وللأقصـى يغادرْ

وليسقُطِ التاريخَ فوقَ السلمِ أو تحتَ الحوافرْ

لا فرقَ فالدَّجالُ أَوغلَ في البوادي والحواضرْ

* * *

يا أيُّها الأطفالُ نزفُ دمائكم يُحييْ الضمائرْ

أنتـم ضيـاءُ الواهبينَ وفي مجاهلِنا بصائرْ

أنتم سيوفُ الثائرينَ ونزفَ أكبادِ الحرائرْ

هنَّ اللواتي ما تركنَ شعارَهُنَّ لدى المخاطرْ

لا تسألوا عمَّن أسرَّ دماءكم ومضى يُتاجرْ

بالنارِ لا بالقولِ تُنْتَزعُ الحقوقُ من المُكابرْ

* * *

الخصمُ لوَّحَ بالسلامِ وراحَ يرتكبُ المجازرْ

بالعاكفينَ الراكعينَ الساجدينَ فأيُّ غادرْ

هذا الذي ذبحَ السلامَ بذبحِ من أدَّى الشعائرْ

هشَّتْ له بعضُ الوجوهِ وزمجرتْ كلُّ الكواسرْ

* * *

نيسانُ يا فخرَ الشآمِ جدلتَ بالنورِ الضفائرْ

خُضناكَ بحراً زاخراً بدماءِ من سقطوا ذخائرْ

حتى تَمخَّضَ ليلُنا الدَّاجي عن الفجرِ المعاصرْ

فإذا الشآمُ ملاعبُ الأبطالِ في ماضٍ وحاضرْ

إنَّا جَــلونا الغاصبينَ فسِفرُنا أبداً مفاخرْ

نصحو على رَهَجِ الخيولِ وصوتِ قنبلةٍ وشاعرْ

فلتسـمعِ الدنيا هُتافَ الشامِ تطلقُه زماجرْ

لا.. لن يكونَ لهم سلامٌ فالشآمُ سيوفُ ظافرْ

للشامِ كلُّ كبيرةٍ والصاغرونَ لهم صغائرْ



25-4-1994

قديم 12-26-2010, 12:28 PM
المشاركة 125
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (28)



شمس عمري




ترفَّقي بفؤادي يا مُعذِّبتي
لا تتركيه بلَيلِ السُّهد حيرانا


إنِّي أحبُّك إخلاصاً وتضحيةً
يا فتنةً أشعلتْ في القلبِ نيرنا


قد كنتُ قبلَ هواكِ الحلو في سأمٍ
حتى طَلعتِ فعادَ القلبُ نَشوانا


أحبُّ عينيكِ بالأضواءِ تغمرني
وثغرَك البكر للتقبيلِ ظمآنا


* * *

حبيبتي .. يا حياتي .. يا ضِيا عُمُري
لقد أحلتِ جحيمَ العيشِ بُستانا


إنِّي أحبُّك يا سرَّاً جرى بدمي
فعادَ (أيلولُ) في جنبيَّ نيسانا


لا تَغرُبي من سمائي يا مُنوِّرتي
يا شمسَ عمريْ أنا الفجرُ الذي بانا


أنا الهزارُ وأنتِ اليومَ أُغنيتي
أشدو بحبِّكِ أنغاماً وألحانا


غرَّدتِ في جنَّةِ الأحلامِ فازدهرتْ
و اخضَوضرَ العيشُ حتى صارَ فتَّانا


* * *

بالأمسِ كنتُ حليفَ السُّهد أجَّجني
شوقي إليكِ فصارَ القلبُ بركانا


أحيَيْتِ بالحبِّ أزهاري التي يبستْ
وقد غرستِ رياضَ العمرِ ريحانا


رويتِ روحي بشهدِ الوصلِ أقطفُه
من ناهديكِ أفانيناً وألوانا


ذوَّبتِ لي سُكَّرَ الأشواقِ في شفةٍ
كأنَّما همسَها يروي حَكايانا


أستغفرُ اللهَ لا ذنبي بمُغتفَرٍ
إن كان حبُّكِ لا يمحو خطايانا


أحسنتِ .. أحسنتِ إذْ أحببتِني ولقد
بادلتُك الحبَّ آهاتٍ وتَحنانا


إنِّي كفرتُ بآياتِ الهوى زمناً
حتى أتيتِ فصارَ الكفرُ إيمانا


جودي عليَّ بعفوٍ منكِ يعتقُني
من نارِ غيرِك إنعاماً وإحسانا


واستأثِري بفؤادي في مُكابرةٍ
لا تتركي لسوى عينيكِ عُنوانا




23-4-1984




قديم 12-26-2010, 04:27 PM
المشاركة 126
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (29)



حجابُ الحبِّ




لولاكِ هذا العمرُ كانَ سرابا
لا تملئي كأسَ الغرامَ عِتابا


إنِّي عشقتكِ يا حبيبةُ فاسكني
بينَ الضلوعِ وغلِّقي الأبوابا


الحبُّ صوتُ اللهِ في أرواحِنا
نُصغي فيمنحُنا الإلهُ ثوابا


والحبُّ يا روحي صلاةُ متيَّمٍ
يتلو بحبِّكِ للوفاءِ كتابا


وأنا الذي عرفَ الحقيقةَ في الهوى
فدعي ظنونَكِ واهجُري الأسبابا


وتنعَّمي بهوايَ لا تَدعي المُنى
تذوي ويفقدُها البعادُ مَلابا


أنتِ التي أَحييتِ فيَّ مشاعري
وسَريتِ في روحي هوىً وشبابا


أنتِ التي صُغتِ الهُيامَ قصائداً
فَجَرَتْ على شفتيْ الحروفُ رضابا


* * *

أَحبيبتي لولا هواكِ وسحره
ضاقتْ بيَ الدنيا مَدىً ورِحابا


عيناكِ أغنيَتانِ في بَوْحَيْهما
يَنْدى القصيدُ فيُسكِرُ الألبابا


عيناكِ قنديلا ضياءٍ ساحرٍ
يَتلألآنِ هوىً إليَّ أَنابا


وأنا المحبُّ الشَّهمُ يصهرُني الهوى
فأذوبُ في حبِّي منىً ورِغابا


* * *

أحبيبتي هاتي يديكِ تقدَّمي
هيا لقد أَزِفَ الوصالُ وطابا


هيَّا إلى روضِ الغرامِ لأيكةٍ
أُملي عليكِ قصائداً وعَتابا*


أطلقتِ أحلامي فعُدتُ مراهقاً
وملكتِ إحساسي فعُدتُ شبابا


ووصلتِني فلثمتُ ثغرَكِ ظامئاً
ورَشفتُ من خمرِ الشفاهِ شَرابا


* * *

أحبيبتي يا ياسمينَ حديقتِي
لولاكِ روضُ العمرِ كانَ يَبابا


كم من حبيبٍ كان يكْذِبُني الهوى
ويزيدُ في عمريْ الشقيِّ عذابا


حتى أتيتِ فأزهرتْ سُبُلُ المُنى
وجرتْ ينابيعي وكنَّ سرابا


وعرفتُ صدقَ الحبِّ أولَ مرةٍ
فحملتُه بينَ الضلوعِ حِجابا




11-6-1984


العَتابا ... لونٌ من الشعر الشعبي المعروف في بلاد الشام


قديم 12-26-2010, 06:46 PM
المشاركة 127
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (30)



جاءَ الحياةَ وغابَ دونَ رِضاعِ



جاءتْ فحرَّكتِ الأسى بيَراعي
لمَّا بكتْ لتشرُّدي وضَياعي


قالتْ : أودُّ لو اقتنعتَ بفكرتي
وعزفتَ لحنَ تَرَحُّلٍ ووداعِ


فرثيتَ نفسكَ قبلَ غاشيةِ الردى
ومتى رحلتَ نقشتُها بشراعي


وركبتُ موجَ الدمعِ في بحرِ الأسى
وسَريْتُ مُشرعةً بغيرِ شُعاعِ


أتلمَّسُ الأفكارَ أعثرُ بالرُّؤى
وأعودُ منهكةً أحطُّ متاعي


لأُمزِّقَ الأكفانَ عنكَ وأَنبري
أزهو بشِعركِ في خِضَمِّ صراعِ


وأُحدِّثُ الأجيالَ عن علمٍ غدا
في ذمَّةِ التاريخِ غير مُضاعِ


شهدتْ له الحَلَباتُ حُمْرَ معارك
صبغتْ ملاحمَها جراحُ شُجاعِ


* * *

فأجبتُها والحزنُ يصهرُ أحرفي
ويحيلُها ثِقلاً على الأسماعِ


رفقاً بقلبي يا أُخيَّةُ هدهدي
نغمَ الرثاءِ فلستِ أولَ داعِ


أَرقصتُ بالنَّغماتِ سحرَ قصائدي
وأَسلتُ بالحَسراتِ دمعَ يَراعي


وسفحتُ كأسَ العمرِ تحتَ مِظلةٍ
من غدرِ أيامي ونُبل طباعي


ولويتُ قضبانَ الشقاءِ بهمَّتي
لم تلوِ مطرقةُ الهمومِ ذراعي


ولبستُ أقنعةَ الزمانِ ولم أجدْ
أحداً يقابلُني بغيرِ قناعِ


ما كلُّ من لبسَ القناعَ مُخادِعٌ
فأنا نزعتُ من القناعِ خداعي


* * *

فإذا سمعتِ قصائدي فترَيَّثي
لا تشتمي الأقدارَ عندَ سماعي

فلرُبَّ بارقةٍ تطلُّ فأَنتشي
وأُذيعُ سرَّاً كانَ غيرَ مُذاعِ


ضيَّعْنَني من كنتُ أحرقُ أضلعي
في ليلهنَّ فهل عرفتِ ضياعي ؟


نزَّهتُ أشواقي وسيلَ عواطفي
عن كلِّ عابثةٍ وكلِّ خلاعِ


ووقفتُها لرُؤى الجمالِ لمنْ وهى
في حبِّهنَّ تَجلُّدي ودِفاعي


يا عذبةَ الأنغامِ يا وتراً غدا
في كلِّ سانحةٍ يدقُّ وداعي


لو كلُّ من ناديتِ جاءكِ طائعاً
فنِداكِ لي كالكفرِ غيرُ مطاعِ


حاصرتُ بالومضاتِ أوكارَ العِدا
ورفعتُ بالأَلقِ الهَتونِ قِلاعي


ونهجتُ نهجَ الرَّافضينَ مغانماً
الحاملينَ مشاعلَ الإبداعِ


وطلعتُ من خلفِ الظلامِ ولم أزلْ
كالشَّمسِ أُشرقُ فانظُري إشعاعي


ولقد يهونُ الموتُ إذْ هوَ مرةً
فأنا أعيشُ العمرَ حالَ نزاعِ


فخُذي يَراعي بعد موتي واكتُبي
جاءَ الحياةَ وغابَ دونَ رِضاعِ




10-3-1998




قديم 12-26-2010, 07:02 PM
المشاركة 128
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (31)



أرقامُ الحسابِ المُقبلِ




قال الطبيبُ وقد تلعثمَ خائفاً
أجهدتَ قلبَكَ يا وفيُّ فأَجملِ


دعْ عنكَ ما فعلَ الوشاةُ بشاعرٍ
واسفحْ ضياءكَ في ظلامكَ يَنجلِ

وارعَ الأمانيَّ العِذابَ بلمسةٍ
كالسحرِ من فِتَنِ اليراعِ المخملي


أوَ لمْ تكنْ بالأمسِ تحتملُ الأسى
وتعلِّلُ القلبَ الوفيَّ بمأملِ


حتى تعبتَ من الوفاءِ وأخصبتْ
أشواكُ عمرِكَ تحتَ نارِ المرجلِ


فمضيتَ تغزلُ من شرايينِ الضَّنى
حبَّاً لمنْ جَحَدَ الجميلَ بمعزلِ


وتقيمُ ليلَ الوجدِ تنتظرُ اللقا
وتبيتُ تحلمُ بالحبيبِ الأولِ


أولستَ من هجرَ الحياة سفاهةً
ومضيتَ نارَ جحيمِ حبِّكَ تَصطَلي

وتعاقرُ الأوهامَ في صمتِ الدُّجى
وتَزُجُّ مفتاحاً ببابٍ مقفلِ


سقطتْ حساباتُ العواطفِ وانتهتْ
للصِّفرِ أرقامُ الحسابِ المقبلِ


فالزمْ هدوءَ الصَّبرِ لا تكُ يائساً
قد يسمحُ القدرُ العصيُّ بأفضلِ




17-1-1999





قديم 12-26-2010, 07:23 PM
المشاركة 129
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (32)



قابسةُ الضياءِ




جنَّحتُ بالألقِ المُبينِ يَراعي
وجعلتُ قابسةَ الضياءِ مَتاعي

وسَرَيْتُ في ليلِ الضياعِ مجرَّداً
إلا من الإلهامِ والإبداعِ


أتصيَّدُ الأملَ المجنَّحَ شاهراً
في كلِّ مرتَفَعٍ له أَطماعي


فيجوبُ آفاقَ الخيالِ كأنَّه
نسرٌ يحلِّقُ هازئاً بقِلاعي


وأعودُ أنصبُ للرَّجاءِ حبائلاً
فتكلُّ من نَصْبِ الشراكِ ذراعي

وأرى المسافةَ بينَ ما أَمَّلتُهُ
ولظى السنين تزيدُ في أوجاعي


فترتْ حرارةُ أمنياتِ وسادتي
وقتَ المنامِ وأمنعتْ بِخداعي


وتواصلتْ صورُ الضياعِ وأظلمتْ
خطواتُ عمري في دروبِ ضياعي


صورٌ تلوحُ وتختفي وكأنَّها
ألِفَتْ لقائي يائساً ووداعي


لكنَّني ويدُ الشقاءِ تشدُّني
في كلِّ سانحةٍ لساحِ صراعِ


أقسمتُ أن أَطأَ المواجعَ طالما
أنِّي الفخورُ بقوَّتي وطِباعي


ولطالما أيقنتُ أنَّ مطامحي
رهنٌ بحجبِ النفسِ خلفَ قناعِ


لأسيرَ بينَ الناسِ أشكرُ زيفَهم
وهتافَهم (اللهُ) عندَ سماعي


* * *

أنا في ضميرِ الحبِّ أُعْمِلُ ريشتي
لتحركَ الألوانُ نبضَ شعاعي

فلعلَّ بارقةً تلوحُ بليله
وتضيءُ لحظةَ مولدي ونِزاعي


فألفُّ ألويةَ الشقاءِ وأَنبري
لأزجُّ في لُجَجِ الضياءِ شراعي



20-3-1999



قديم 12-27-2010, 12:59 PM
المشاركة 130
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (33)




أنا بانتظاركَ يا عليُّ



في رثاء الصديق الشاعر الكبير
علي دُمَّر الذي توفي في المملكة
العربية السعودية



بيني وبينكَ يا عليُّ بَوادي
وأنا بوادٍ والسرورُ بوادِ


ودَّعتَنا ومضيتَ دونَ تمهُّلٍ
وتركتَ مُرضعَةَ الفداءِ تنادي


عدْ (يا عليُّ) إلى الديارِ فإنَّني
أمٌّ وأنتَ البَرُّ من أولادي


فعلى الضِّفافِ عرائسٌ مجلوَّةٌ
حنَّتْ لمجلسِ صفوةٍ أمجاد


أيامَ كان الحبُّ يجمعُ بينكم
والصَّحبُ من نقدٍ إلى إنشادِ


والغانياتُ الساحراتُ من الصِّبا
بين الزهورِ روائحٌ وغوادي


* * *

يا رائدَ الشعرِ الأصيلِ نظمتَه
عِقداً زهوتَ به على الرُّوادِ


كيفَ ارتضيتَ البعدَ عن عاصي الحِمى*
وهجعتَ في وادٍ بغيرِ وسادِ ؟


أوَ ما أفقتَ على النداءِ ألمْ تزلْ ؟
في وهدةِ الأحساءِ رهنَ رُقاد


قُمْ يا عليُّ أفقْ فإنَّكَ سامعٌ
صوتي بلا شكٍّ ونبضَ فؤادي


قُمْ يا عليُّ إلى المنابرِ إنَّها
تشكو من الكتَّابِ والنقَّادِ


والشعرُ يا لِلْشِّعرِ كم من شاعرٍ
هرمتْ قصائدُه بسوقِ كسادِ


هدمَ الطريفَ على التَّليدِ ولم يزلْ
للهدمِ يحملُ مِعولَ الأحقادِ


* * *

أنا يا عليُّ كما عرفتَ مضيَّعٌ
رغمَ اجتهادي للعُلى وجهادي


كم قلتَ لي أبشرْ فإنَّك شاعرٌ
وغداً تضيءُ بفكرِكَ الوقَّادِ


ولَكَمْ عتبتَ عليَّ باسمِ دُعابةٍ
فملكتَ بالعتْبِ الرقيقِ قِيادي


خذْني بعفوكَ يا عليُّ فلم يزلْ
جرحي ينزُّ أسىً بغيرِ ضمادِ


في السبعِ والخمسينَ أبحثُ جاهداً
عن كلِّ حرفٍ مشرق الأبعادِ


وأرى بياني عاجزاً ومَراشفي
ظمأى وكفِّي عُفِّرتْ برمادِ


تعبتْ على شفتي الحروفُ وأجفلتْ
كلُّ المعاني فاحتقرتُ مِدادي


أقتاتُ ألامي وأشربُ نخبَها
وأُلامُ من صحبي ومن أولادي


واللهُ شرَّفني ويعرفُ أن لي
رأياً يُخالفُ رأيَهم ويُعادي


هذي جيادُ الواهبينَ فهل ترى ؟
بينَ الجيادِ مُجلِّياً كجوادي


* * *

يا من أنرتَ ليَ الطريقَ بومضةٍ
وفرشتَهُ بالنُّصحِ والإرشادِ


أعطيتَني من لامعاتكَ فكرةً
فجعلتُ منها عُدَّتي وعَتادي


وسقيتَني من وِردِ شعركَ جُرعةً
أسكرتُ فيها موكبَ الورَّادِ


* * *

كم جئتُ بيتَك يا عليُّ مُنقِّباً
عن فكرةٍ جمحتْ بغيرِ قِيادِ


ففتحتَ لي سُبُلَ الرشادِ وكنتَ لي
شمساً تضيءُ على دروبِ رشادِ


حتى إذا ما اشتدَّ عُودي وانبرى
شعري يردُّ مكائدَ الحُسادِ


أسرعتَ للأَحسا وجرحُك نازفٌ
وتركْتَني في حَيرتي وسُهادي


ووعدتَني ألا يطولَ فراقُنا
فمتى تعودُ ؟ لقد فقدتُ جلادي


* * *

أنا بانتظاركَ يا عليُّ ألم تعد
لنطوفَ بين المُنحنى والوادي


هذي نواعيرُ الفداءِ حزينةٌ
ثَكلى تُولولُ في ثيابِ حِدادِ


فَلِمَ ارتحلتَ إلى الصحارى هارباً
وشدَدْتَ أطناباً إلى أوتادِ


وأقمتَ تحتَ الشمسِ بين رمالها
وحدوتُ هُوجَ رياحِها يا حادي


* * *

أنا يا عليُّ أسيرُ عاصيْها الذي
ما زالَ يُسْكِرُ روضَنا والنادي


عندي ملايينُ الشهودِ بأنَّني
صبٌّ صريعُ اللحنِ والإنشادِ


لا أستطيعُ البُعدَ عنها لحظةً
هي سرُّ إيماني بنصرِ بلادي


أنا يا عليُّ عرفتُ سرَّ نُواحِها
وعرفتُ ممَّن تشتكي فتنادي


ويلذُّ لي الليل السُّهادِ بروضِها
ولو اتخذتُ من الصخورِ وسادي


وأُغازلُ الآمالَ وهي جوامحٌ
وأنا الجهولُ بخبرةِ الصيادِ


أحيا بنُبلِ مقاصدي وأقلُّها
أنِّي جعلتُ من الكرامةِ زادي


* * *

أنا بانتظاركَ يا عليُّ مقيَّدٌ
بحبالِ آلامي على أعوادِ


أخشى فواتَ العمرِ قبلَ تحرُّري
من رِبقةِ الأغلالِ والأصفادِ


وأنا الذي يطوي السنينَ ترفعاً
عن كلِّ مَنقصةٍ من الميلادِ


* * *

يا مُلهمي سُوَرَ البيانِ تحيةً
من شاعرٍ رفضَ الخَنا بعِنادِ


إن كنتَ آثرتَ البعادَ عن الحِمى
فأنا أقيمُ على فراشِ قَتادِ


وأخافُ إن صدقتْ ظنوني أن أرى
ولدي يفرِّطُ في ثَرى الأجدادِ


وأخافُ نجماً كافراً مترصِّداً
يُغري بزيفِ شعاعِه أحفادي


* * *

لهفي على قومٍ تنمَّر ضدَّهم
كلبٌ يسالمُ تارةً ويُعادي


ما ضرَّنا حربٌ تطولُ وقد شكتْ
أسيافُنا من عَتمةِ الأغمادِ


* * *

قالوا: السلامَ مع الجوارِ شعارُنا
وهُمُ الغزاةُ لحرمةِ الميعادِ


كيف السلامُ مع الغزاةِ وأرضُنا
أرضُ السلامِ تنوءُ بالأوغادِ ؟


هم تاجروا بالسلمِ منذُ قيامهم
وقيامُهم ثقلٌ على الأكبادِ


ووجودُهم في الكونِ يورثُه الخَنا
فهُمُ الدُّعاةُ لنشرِ كلِّ فسادِ


قتلوا مئاتَ الأنبياءِ وأمعنوا
بالقتلِ والتدميرِ والإبعادِ


وأتوا إلى مهدِ المسيحِ طحالباً
نبتتْ على الأطماعِ والأحقادِ


ومآذنُ الأقصى تنوحُ وتشتكي
وكذا القيامةُ في دُجى الآحادِ


وتخفُّ (أمريكا) لتضمنَ عيشَهم
في القدسِ رغمَ الفسقِ والإلحادِ


* * *

يا شامُ يا حصنَ العروبةِ كبِّري
لا تركُني لمُسالمٍ ومعادي


لولاكِ ماجرتِ الحروفُ على فمي
شعراً ولا سمعَ الورى إنشادي


إني لأُومنُ أنَّ فجرَكِ قادمٌ
فتأهَّبي للنصرِ والأعيادِ


وغداً سنعرجُ للسماءِ قوافلاً
فحنينُنا أبداً إلى استشهادِ


* * *

يا شاعري هذي الحياةُ مُمِّلةٌ
وجميعُ ما يجري بها لنفادِ


مزَّقتُ أشرعتي على شُطآنِها
وسلكتُ فيها مسلكَ الزهادِ


مالتْ عليَّ فمِلتُ عنها أتَّقي
أثقالَها بتَضرُّعِ العبَّادِ


أبكي رفاقَ العُمرِ أسعى خلفَهم
وأَحِنُّ للُّقيا لفرطِ ودادي


* * *

هذا قصيدي يا عليُّ مضرَّجٌ
بدَمي فشعري في الأسى جلَّادي


لمَّا نَضوْتَ العيشَ عنكَ فجعتَني
ونكأتَ جُرحاً في صميمِ فؤادي


* * *

يا شاعري خذْني بعفوكَ إنَّني
أخشى السَّقامَ وكَثرة العوَّادِ


أخشى إذا حانتْ وفاتي أن أرى
في مأتمي أحداً بثوب حِدادِ


فاقبلْ رجائي يا عليُّ وغنِّ لي
أهلاً صديقي بعد طوْلِ بُعادِ




23-10-1992


*العاصي .. النهر الذي يشطر مدينة حماة




مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الشاعر محمد الحسن منجد/ حياته / شعره
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الجامع في العروض والقوافي - أبو الحسن أحمد بن محمد العروضي د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-28-2014 12:23 AM
ديوان تقي الدين السَّروجي .. ما تبقى من شعره وموشحاته - نبيل محمد رشاد د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-25-2014 10:21 PM
الطُّغرائي .. حياته .. شعره .. لاميته - علي جواد الطاهر د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-17-2014 05:52 PM
|| الشاعر فهد العسكر حياته وشعره || ساره الودعاني منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 4 07-19-2011 05:59 AM
ملحمة الدموع - الشاعر محمد الحسن منجد عبد السلام بركات زريق منبر ديوان العرب 5 10-16-2010 05:21 PM

الساعة الآن 12:21 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.