قديم 05-05-2012, 01:50 PM
المشاركة 511
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
ابرز حدث في حياة كل واحد من الروائيين اصحاب افضل الروايات العربية من رقم 61- 70:

61- فساد الامكنة صبري موسي مصر.............
62- السقامات يوسف السباعي مصر........................يتيم
63- تغريبه بني حتحوت مجيد طوبيا مصر.............مجهول الطفولة
64- بعد الغروب محمد عبد الحليم عبد الله مصر.........مأزوم.
65- قلوب علي الاسلاك عبد السلام العجيلي سوريا........مأزوم
66- عائشة البشير بن سلامة تونس.............مجهول الطفولة.
67- الظل والصدي يوسف حبشي الأشقر لبنان.............مجهول الطفولة.
68- الدقلة في عراجينها البشير خريف تونس..............مجهول الطفولة
69- النخاس صلاح الدين بوجاه تونس.....................مازوم
70- باب الساحة سحر خليفة فلسطين......................مأزومة.

قديم 05-06-2012, 03:21 PM
المشاركة 512
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
71- سابع أيام الخلق عبد الخالق الركابي العراق

نبذة الناشر:
يبدو أن "سابع أيام الخلق" نص يجمع نصوصاً متفرقة، لا على مستوى مخطوط الرواق وحسب، بل على مستوى الاستدخالات من نصوص مختلة في الجنس والاتجاه... الروائي هدف إلى إنتاج "نص ممتع يجمع بين المتعة الحكائية والمخبلات الصوفيى العرفانية.
استطاع عبد الخالق الركابي في روايته المثيرة للجدل "سابع أيام الخلق" أن يبني نصاً ذكياً وحاذقاً حين أقام مجموعة من التوازيات بين الماضي والحاضر وبين "مدينة الأسلاف والمدينة الحاضرة" وبين "عالم الباطن وعالم الظاهر" وبين "العالم الصلب والباطن الصوفي الحدسي" وبين "المؤرخ والروائي". وكلها تشكل قضية السيد نور الذي اختفى بطريقة غريبة حين دخل كوخه ولم يخرج منه بعد ذلك ومعه النص الأصلي لـ"السيرة المطلقية" التي هي الأساس الذي تقوم عليه الأحداث.
نبذة النيل والفرات:
يفصح المؤلف في روايته عن رؤيته لواقع وأحداث كان جزءاً منها، شغلته بهمومها كما شغلت كثيرين من أبناء جيله، إلا أنه نظر إليها نظرة لا تخلو من الشمولية. لقد كشف ترسب من أوهام وأفكار في نفوس أبطاله تاركاً لهم حرية الإفصاح عن مكنونات نفوسهم دون أن يفقد سيطرته على أحداث الرواية. أما إبطاله فهم أموات وأحياء، أموات قد غادروا عالمنا أو مازالوا فيه لكنهم يقفون على مسافة من الواقع وينغمسون في أحلامهم وتهويماتهم الصوفية، وهم أحياء بعث فيهم الحياة ورسم لهم طريق العبور إلى الخلود، وهم بيننا يكاد لا تخلو إحدى مدننا منهم لقد التقط المؤلف تفاصيل روايته من الواقع الحي، المعاش وغلفها بتلك الرؤية الخاصة التي لا يمتلكها إلى المتميزون والمبدعون، وبعد فإن القارئ ليحار أيقرأ رؤية أم كتاب تاريخ يؤرخ لما سيأتي، أم أنه يقرأ سفراً من أسفار الخلق.

قديم 05-06-2012, 03:23 PM
المشاركة 513
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
اثر الزمن في خلق البنية الدلالية في رواية سابع ايام الخلق

(سابع أيام الخلق) للروائي (عبد الخالق الركابي)

1. المقدمة
يمتاز المنجز الابداعي للروائي عبد الخالق الركابي بميزتين أساسيتين، هما: التنوع والغزارة. فهو منذ صدور مجموعته الشعرية الاولى (موت بين البحر والصحراء)، تواصل في نتاجه الأدبي ورفد المكتبة العربية بالعديد من الاعمال الأدبية، بل زاد في ذلك من خلال انتقاله في مختبره الابداعي بين الأنماط الأدبية من قصة قصيرة ورواية ومسرحية. إضافة الى نصوص قصصية منفردة ولقاءات صحفية عبر فيها عن رؤياه الجمالية في منجزه و في غيره.
غير ان ما يلفت النظر في ذلك المنجز على تنوعه. ان الركابي لم يكن به ميلاً الى تكرار الانتاج في نمط واحد يقدم فيه عملاً سوى الرواية. فقد اصدر مجموعة شعرية واحدة، آنفة الذكر، وهي البكر في إنتاجه الأدبي، ومجموعة قصصية واحدة هي (حائط البنادق) . ومسرحية (البيزار) التي كرر في نمطها مسرحية (نهارات الليالي الالف). في حين اصدر روايات عدة هي على التوالي: (نافذة بسعة الحلم)، (من يفتح باب الطلسم)، (مكابدات عبد الله العاشق)، (الراووق)، (قبل ان يحلق الباشق)، (سابع أيام الخلق), التي تعد من بين اعماله الروائيه الاكثر تميزا، و (اطراس الكلام) واخيرا (سفر السرمدية) التي نشرت على حلقات في إحدى الصحف. مما يؤكد ميله الى استخدام الرواية اداة تعبير يحقق من خلالها قدرة القول ويفصح عن رؤياه الجمالية عبر تقنيات كتابتها.
وقد استثمر في ذلك التنوع بين الانماط، تنوع آخر في أساليب كتابتها، بين المستل من عمق التراث، وبين المستحدث على وفق أخر التطورات التقنية في فن الكتابات السردية.
اعتمد الركابي في تلك الاعمال جميعها التعبير عن البيئة العراقية على المستويين المحلي والوطني. كانت من بينها الاعمال الروائية الثلاث (الراووق)، (قبل ان يحلق الباشق)، (سابع أيام الخلق). التي اعتمدت ومثل ما اعتمدت سابقاتها وفي إطارها الجغرافي على البيئة المحلية نفسها. وتحديداً منطقة طفولته وصباه، غير انها إتصلت مع بعضها عبر وشائج تحاول بها ان تحيل القارئ الى أماكن أكثر اتساعاً والى زمن اكبر مما استغرقه فعلا . فأصبحت بذلك أعماله ترتبط بتاريخ واسع لجغرافية محددة قابلة للانفتاح.
إن المنجز الابداعي آنف الذكر للركابي على المستويين الكمي والنوعي. خلق له حضورا في الواقع الثقافي العراقي تحديداً. وان لم يكن ذلك الحضور واضح على المستوى العربي. لاسباب لا يمكن عدها ثقافية. فهو صوت مهم من بين الأصوات العربية التي قدمت تجربتها الجمالية عبر الكتابة الروائية. وقد كانت روايته (سابع أيام للخلق) إضافة نوعية مهمة للرواية العربية والعراقية معا. لما تمتاز به من خصائص فنية على مستوى البناء والسرد فيها، والذي قال عنها في حوار معه في مجلة الموقف الثقافي (العدد السادس لسنة 1998 ص 108): ((سبق لي ان كتبت روايات محدودة الطموح، لكن الأمر يختلف مع روايتي الأخيرة - سبع أيام للخلق - فهي تمثل النقطة الأساسية في نتاجي الروائي)). وكذلك استثمارها جملة من المعارف لا تمت بصلة مباشرة الى هذا النمط الابداعي من بينها الأسانيد التراثية والمعارف الصوفية، وتحديداً نظرية وحدة الوجود، مما جعلها لا تُعد – من وجهة نظرنا – جزءاً من ثلاثية او امتداداً لها، أصبحت نتيجة لتلك الخصائص نصاً مكتفياً بذاته من دون إحالات الى ما سبقها من عملين روائيين (الراووق) و (قبل ان يحلق الباشق) وان تشابه الموضوع بينهما.
فالرواية على الرغم مما تشيعه من فوضى ظاهرية أشار إليها المؤلف في المتن الروائي، غير انها خضعت لبناء فني دقيق يكاد يضيع في تلك الفوضى الظاهرية على القارئ غير المتمرس، وجعل من إمكانية الوصول الى معرفة تلك الدقة يتطلب القراءة المتأنية لغرض الوصول الى معرفة ما تقوله وحاولت البوح به . وهو ما حاولنا القيام به.
ان تفحص اثر الزمن في خلق البنية الدلالية في الرواية، لكي لا يكتفي بما يوفره التنظير من إمكانية خلق رؤيا قد تقترب من رؤيا الخطاب الفلسفي في موضوعة الزمن التي يشوبها التناقض والاضطراب فيه، جنح الى اختيار إنموذج روائي يحقق لنا إمكانية تتبع ذلك الأثر، فكان اختيارنا لرواية (سابع أيام الخلق) للروائي (عبد الخالق الركابي) لجملة أسباب من بينها: تنوع مستويات السرد فيها، بين سرد سابق عل تشكل المتن الحكائي، وسرد لاحق عليه، وسرد متزامن معه، كان لها الأثر الواضح في خلق قيم دلالية عبر تشكل البنى التي توختها، معبرة بذلك عن رؤية المؤلف للوصول الى غايات تم تحديدها في محلها من الدراسة.
كذلك استثمارها جملة معارف تراثية موغلة في القدم، كانت تؤدي في الأصل الذي وجدت فيه وظائف معرفية مختلفة عن الوظائف التي أدتها في النمط الابداعي الذي استثمرت فيه. من بينها أساليب الاسناد التراثية، ونظرية وحدة الوجود الصوفية، كان استثمارها قد أدى بها الى خلق وظائف دلالية جديدة عبر البنى التي شكلها السرد بأزمانه المتعددة في الرواية.
كذلك استثمار ما عرف بتاريخ التوثيق المعرفي العربي (بعلم الرجال) الذي تطلبته فترة توثيق السنة النبوية الشريفة، والذي عد التوثق من صدق الرواة يتطلب إخضاعهم الى ضوابط سلوكية دقيقة على ضوئها يمكن الاعتداد بروايتهم او اهمالها. وهو معيار حاولنا استثمار بعض من خواصه، من بين وسائل عدة، وإخضاع رواية السيرة المطلقية في الرواية اليه، للوصول الى قناعات بصحة المروي، او الكشف عن أهداف أُخر عبر اصطناع تلك الصحة، حاول الروائي الوصول إليها او إقناعنا بها .
ان معاينة اثر الزمن المفترض في خلق البنية الدلالية في رواية (سابع أيام الخلق). فصل مجتزأ من مخطوطة أوسع نشر منها فصل واحد بعنوان (المخطوطة في رواية سابع أيام الخلق) في العدد الثالث لسنة 2000 من مجلة الأقلام. تناول الزمن التأريخي في الرواية، وهو على ارتباط مباشر بموضوعة السرد التي يتناولها هذا البحث، لذا اقتضى التنويه للراغب في الاستزادة

2. التمهيد
شكل الزمن منذ بدء الوعي به إحدى المعاضل العصية على الحل، فهو لا يأبه بالافراد او بالمجتمعات، وسيره حثيث باتجاه مغاير لسلوك الاشياء، فكان تقسيمه الى زمن اللحظة المعاشة وزمن اللحظة التي غادرت لتوها وزمن لحظة اتية، فكانت (الان) نقطة تماس تلك اللحظات، وبتراكمها حين تنصرم تخلق تاريخ الأشياء الذي اتفق عليه عرفاً انه (الماضي)، والذي يمثل التيار المعاكس لخط سيرنا الذي يمخر عباب الزمن الآتي (المستقبل) مستفيدا من لحظة التماس بينهما وهو (الحاضر). وبذلك يتشكل وعينا بالزمن عبر تقسيمه وإيجاد وسائل اصطلاحية تساعدنا على فهمه ومن ثم إدراكه، ليخلق ذلك الفهم والإدراك الوعي به.
غير ان ذلك الوعي، الذي يخلق الرؤية المتشكلة به وبالأشياء التي تتحرك فيه، أسير وعي جمعي في جانب منه خلقه التراكم الكمي والنوعي لاحتمال الصواب والخطأ في فهمه. واسير وعي فردي يخلقه التأمل فيه ثانيا. فكان تنوع الرؤى وتناقضها في فهمه غير قادرة على حرث أرضه، فتركت برغم المحاولات الكثيرة، من دون اطمئنان من إمكانية استنبات أفكارنا فيه لتثمر يقينا، يدفع بنا بعيدا عن شك احتمال الصواب والخطأ. فكان الزمن بذلك أرضا بكر يصلح دوما لادعاء إمكانية إعلان ابتكاراتنا فيه من دون ادعاء الريادة في ذلك. وهو ما دفع (بالقديس او غسطين) للقول : ((...... ان لم يسألني أحدا عنه، اعرفه. اما ان اشرحه فلا استطيع)) (1).فكانت سهولة النظر فيه مغرية لولوج عالم عصي على الإمساك، عل العود يكون احمد بما يشفي الغليل من ظمأ سكن الوعي الفردي والجمعي منذ بدء تشكيل ذلك الوعي.
فقد ذهب (ارسطو) الى تحديد معنى الزمن عبر تحديد أجزاؤه بقوله: ((ان الأجزاء التي يتألف منها الزمان : أحدها كان ولم يعد بعد موجدا، والثاني لم يأتي بعد. والثالث لا يمكن الامساك به، فأجزاؤه اعدام ثلاثة))(2). ينتهي الى ان الزمن يستحيل ان يشارك بالوجود لاتصافه بالعدم. غير ان اثره يرتبط جليا حين يرتبط بالحركة ويكون بالامكان معرفة ماهيته. ذلك التصور الذي يتفق مع فلسفة العلوم وان اختلف معها في طبيعة تلك الحركة، حيث ذهبت النظرية النسبية، التي شكلت الأثر الأكبر في خلق التصور الفكري عن الزمن في فلسفة العلوم الحديثة الى انه ((... لا مكان للقول بالزمان المطلق لان الزمان يختلف من نظام مرجعي الى آخر، تبعا لكون هذا النظام المرجعي يتحرك بسرعة دنيا او سرعة تصل او تقترب من السرعة القصوى التي هي سرعة الضوء))(3) فكان الزمن قد فقد ماهيته من دون ان يرتبط بحركة، غير ان فلسفة العلوم تؤكد ان الحركة بذاتها متغيرة وعلى ضوء تغيرها يتغير الزمن كذلك. وهو ما يناقض رؤيا (بروكسن) عنه حيث ذهب الى ((ان الواقع الحقيقي للزمن يكمن في الديمومة. اما اللحظة فليست الا تجريداً لا واقع له .. فاللحظة تقطيع خاطئ للزمن ... فالديمومة تدرك في وحدتها التي لا تقبل الانقسام))(4).
بين ديمومة الزمن على وفق رؤية (بروكسن)، وعده عدم لا يشارك في الوجود على وفق رؤية (ارسطو)، تنوعت الآراء بين المنجذب الى هذا والمفترق عنه. فكان (روبنل) من بين الأصوات التي تتناقض في رؤياها للزمن مع (بروكسن) ولا تتفق بالمقابل مع النظرية النسبية في فهمها له. حيث يعد (روبنل) الزمن ((... يكمن في اللحظة، والديمومة تركيب لاواقع له .. ان حقيقة الزمن تصبح اذن مركزة في الحاضر الذي يفهم الماضي انطلاقا منه ..))(5). وهو ما يتفق به مع (باشلار) الذي يذهب الى ان ((ليس للزمان الا واقع هو اللحظة. فالزمان واقع محصور في اللحظة ومعلق بين عدمين. يستطيع الواقع دون شك ان يتجدد. ولكن عليه قبل ذلك ان يموت فهو لا يستطيع ان ينقل كينونته من لحظة الى آخرى لكي يكون من ذلك ديمومته))(6). ذلك الرأي الذي يتفق معه (القديس او غسطين) الذي قال فيما سبق ((اما ان اشرحه فلا استطيع)). فهو في محل آخر يشرحه بظن الوضوح نافيا تقسيم الزمن الى ماض وحاضر ومستقبل، بل يعده ((... جزء واحد من الحاضر، والصحيح ان يقال ثلاثة أقسام، حاضر لأشياء مضت، وحاضر لأشياء حاضرة، وحاضر لأشياء ستأتي))(7).
مما تقدم يتضح حجم الاضطراب في الرؤى الفلسفية التي حاولت معرفة ماهية الزمن، فهي بين ان تعده مطلقا، وبين ان تربطه بالحركة، وبين ان تعده لحظة الحاضر حسب. وان كنا اهملنا عن عمد التسلسل التاريخي لاعتقادنا ان سيادة او شيوع مفهوم فلسفي معين، لا يمنع من وجود مفاهيم أخر على الضد منه في الفترة نفسها، وكان هدفنا من ذلك بيان هذا الاضطراب والتعارض في فهمه.
فاذا كان الزمن في الخطاب الفلسفي يشوبه الاضطراب والتناقض فأنه في الخطاب الأدبي يمتلك إمكانية اكبر على تجسيد تلك الرؤى. ومن ثم يكون التوظيف لهذا المفهوم، وان خضع في الأصل للرؤيا الفلسفية لمنتج الخطاب، تحكمه عوامل مختلفة عن تلك التي تحكمه في الخطاب الفلسفي، حيث ((هناك بعدان في كل عمل فني: بعد اجتماعي (منطلق من الواقع المعاش). وبعد فردي (منطلق من خيال الفنان)..))(8).واذا كانت ((... قابليتنا للتخيل هي قابليتنا لنتذكر ما خبرناه مسبقا ونطبقه على موقف مختلف))(9). فأن خيالنا نفسه يتحول الى ضرب من ضروب التفاعل مع الزمن، او ان الزمن يمثل جانبه الحيوي. لذا فأن الزمن في الخطاب الأدبي، وان تنوعت الأساليب في استخدامه، لا يمكن اغفاله او استبعاده من العوامل المؤثرة. فالخطاب الادبي نفسه لا يمكن ان يمتلك فاعليته الحقيقية في التأثير ان لم يكن قد ارتبط بزمن سواء كان ذلك الزمن تاريخياً ام مفترضاً ام وهمياً ام نفسياً، ففي جميع الأحوال لا بد للخطاب الأدبي ان يرتبط بزمن وان كان على درجة متفاوتة من الظهور والفعالية. ففي حين يمثل الزمن الاطار العام الذي تنمو فيه الاحداث سواء في علاقتها السببية، كما في (الحبكة) والتي تشكل لنا في النهاية شكل العمل الروائي. ام في علاقتها الزمنية التعاقبية، كما في (القصة)، فأن تلك العلاقات يشكلها الزمن اولا، ثم تكون لأدوات الفنان الخلاق قدرة تشكيلها بالطريقة التي يعدها مؤثرة في خلق قناعتنا او تغيرها او توكيدها. فاذا كان ((الأدب موجود في الزمن وخارجه معا..))(10). على وفق رأي (هوجارت)، غير ان الادب لا يمكن على وفق هذه الرؤيا، ان يفهم انه خارج الزمن حقيقة، بل في زمن غير قابل للتحديد، او زمن يستغرق مدى اوسع ((يكاد يكون مستحيلا))(11). وبهذا فلا يمكن تصور وجود ادب خارج الزمن بل لا يمكن ان يكون هناك نشاط نعيه ما لم نربطه بزمن، وان تنوع بين زمن خارجي او زمن داخلي، او زمن واقعي، او زمن تخيلي، شأنه في ذلك شأن الخيال العصي على الامساك. فالزمن على وفق رأي (ستايجر) يمثل ((.. توقا داخليا وهو توترا، وهو القاعدة الهامة التي تدعم تركيبة العمل الفني))(12). وتخلق ابعاده المراد عبرها نقل ما يود الخطاب الادبي ايصاله الى الآخر، في محاولة الاجابة عن سؤال، او تحفيزا لاثارة سؤال، فيكون بذلك الزمن وتبعاً لاساليب الاستثمار، متنوع التأثير كما هو متعدد الاستثمار. ففي حين يمثل العنصر الاساسي في الاعمال السردية عموما ومن بينها الاعمال الروائية، نظرا لوظيفته في (الحبكة) و (القصة) معا، فان الذاكرة في الاعمال الشعرية تشكل ((... ملكة الشعر لأن الخيال نفسه يعد ترويضا للذاكرة))(13). والذاكرة نفسها تعد في جانبها الاساسي تفاعلا مع الزمن. بل ان الخطاب الادبي عموما، حيث يمثل في جانب منه وضع المتلقي في موضع منتجه. فأن ذلك يتطلب من المتلقي بالمقابل ان يضع نفسه ((مكان البطل .. ان يوضع في زمنه))(14). وبذلك يكون الزمن، عنصرا، لكي يحقق كامل فاعلية الخطاب الادبي، يجب ان يكون مشتركا بين المتلقي والمنتج معا للوصول الى ذلك التأثير.


قديم 05-06-2012, 03:23 PM
المشاركة 514
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
تابع ،،،
ان الزمن في الرواية يشكل الاطار العام الذي تنمو فيه الآحداث المعبرة عن تعارض او اتفاق الآراء او المصالح بين الشخصيات، حاملة تلك المفاهيم والمعبرة عنها، والتي تحاول إيصالها من خلال المتن الروائي او ألاحالة الى خارجة، على وفق حيثيات توفرها الأحداث او المناخ الروائي العام. فتكون بذلك الرواية من خلال خوضها غمار تجربة إنسانية تبتغي التأثير في قناعاتنا بالتوكيد او المعارضة، وسيلتها في ذلك عناصر متعددة بتفاعلها يتأرجح المعنى وضوحاً او غموضاً، توقاً يجسده النص او إحباطاً يحاول ان يرتقي به حد التعاطف معه والمشاركة فيه. مكتفيا بنفسه او بالاحالات الى خارجه عبر القرائن التي يخلق حيثياتها الخطاب. حيث ((.. المعنى يتأرجح بين لغة العمل وشبكة القرائن التي ليست في العمل, ولكنها ضرورية لتحقيقه))(15).ان تلك العناصر بتفاعلها المبتغي تحقيق التأثير في الآخر، تعتمد الزمن عنصرا مشتركا في معادلات التفاعل تلك، وحيث ((هناك عدة أزمنة تتعلق بفن القص، أزمنة خارج النص: زمن الكتابة وزمن القراءة . وازمنه داخل النص: الفترة التاريخية التي تجري فيها الرواية، مدة الرواية. ترتيب الأحداث، وضع الراوي نفسه لوقوع الأحداث))
(16). فأنها جميعا تمثل ضروبا متنوعة على إيقاع الزمن عموما، سواء وصفنا ذلك الزمن بالخارجي تبعا لزمن إنتاجه أم زمن تلقينا الخطاب، ام وصفناه بالداخلي، والذي يتعلق بزمن تشكله في زمن منتجه او وسائله التكنيكية التي استثمرها في تنويعه او إخراج ذلك التشكل من الذهن. غير ان زمن الكتابة لا يمكن عده خارجيا بمعنى الفصل التام بينه وبين الازمنة الداخلية في العمل الروائي، زمن الكتابة يمثل زمن الوعي المعبر عنه بأزمنة داخلية في الخطاب. أي ان الخطاب الأدبي اثر منتج لاحق لذلك الوعي، كذلك زمن القراءة. وان كان زمن لاحقا على زمن الكتابة الذي يمثل الأثر المعبر عن وعي زمن الكتابة عبر الأثر المنتج (الخطاب) على وفق رؤيا يشكلها زمنه نفسه، فيكون بذلك الخطاب بافتراقه زمنياً عن زمن القراءة بشكل ماضياً قريبا او بعيداً تبعاً لذلك الافتراق. فيتم الوعي بذلك الخطاب على ضوء الوعي بالواقع المعاش في زمن القراءة. حيث ((وقائع الماضي ذات معان مختلفة عندما تؤدي الى إعادة ترتيبها، و بصورة مختلفة ومحتومة، في نظام على ضوء القضايا المعاصرة ))(17).
ان ما يعنينا في هذا المقام هو تفحص امكانية تحول الزمن في الرواية من اطار يمكن على ضوئه تفحص (القصة) و (الحبكة) في الاعمال الروائية، الى عنصر من عناصر العمل يشترك في خلق البنية الدلالية التي تمنحنا فرصة وعي الخطاب الأدبي إضافة الى عناصره الفاعلة الاخر.
ان تنوع الازمنة في الاعمال الروائية لا يؤدي بنا الى الاضطراب او التناقض، كما هو الحال في الخطاب الفلسفي عندما نتمكن من الاتفاق على التمييز بين مستويين من الزمن ضمن العمل الروائي. ليس على أساس التمييز بين الزمن الداخلي والزمن الخارجي حسب، وانما على أساس تداخلهما معا.
حيث على الراوي ان يقص علينا فيتطلب فعل القص ان يربط أحداثا مضت او تحدث الان او أنها ستحدث، فيكون بذلك امام ازمنه ثلاثة تمثل مستويات سرد لابد ان يتم القص بها، سواء وصلنا ذلك القص عبر ضمير الغائب او ضمير المتكلم ام حوار داخلي ام ضمير المخاطب(18)، على تنوع الإمكانيات التي توفرها تلك الضمائر في سرد الأحداث وموقع الراوي فيها، حيث لا يمكن رواية احداث دون ارتباطها بزمن محدد او واسع غير قابل للتحديد، غير ان تعاقب الاحداث وطريقة السرد تحتم وجود تسلسل زمني لوقوعها. وان كان بالامكان وقوعها جميعا في زمن واحد. وسواء اتصف ذلك بالزمن التاريخي ام المفترض ام زمن خارج النص او زمن داخله، فأننا نكون أمام ثلاثة خيارات للتعامل مع تلك الأحداث على وفق موقعنا وموقعها وموقع الراوي في اللحظة الراهنة. أي لحظة روايتها. وبذلك فان الزمن على وفق تلك اللحظة (لحظة الروائية) يكون بأحد أبعاده الثلاثة، اما حاضر او ماضي او مستقبل،
وعليه فان السرد كونه يمثل فعلا زمنيا فانه يرتبط ببعد او اكثر من أبعاد الزمن نفسه، ومن ثم يتحدد موقع الراوي فيه وموقع الحدث تبعا لتلك اللحظة.
وللإمكانيات الواسعة التي يتيحها فن الرواية الابداعي في التعامل مع الزمن، فان تشكل المتن الحكائي لها وان تميز بقابليته على القياس عبر التعاقب وتطور الاحداث في المتن، فان زمن سرد تلك الاحداث يشكل تنويعا على ايقاع الزمن، يرتبط بالرؤية التي تشكل وعي الروائي وحاجته الفنية في الاستثمار. فاما ان يكون السرد لاحقا على اكتمال السرد الحكائي، فيقع الفعل في المبنى الحكائي بصيغة الماضي، او متزامنا معه وفيه يقع الفعل بصيغة الحاضر او سابقا عليه فيقع المتن بصيغة المستقبل، او متداخلا وفيه يحدث تنويعا آخر للزمن من الحالات السابقة(19). فيكون بذلك السرد مرتبطا بزمن على أساسه يمكن تحديد موقع الراوي بسبقه او تآخره او معاصرته للحدث.
ان التنوع الذي يخلقه ارتباط السرد بالزمن يخلق معه قدرته على خلق بنيته الدلالية القادرة على منحنا فرصة ((.. فهم شمولية الظاهرة التي عبر عنها الكاتب))(20). .. أي ربطها بالوعي الجمعي. وبذلك فان مستويات السرد وان كانت ترتبط بالزمن الروائي في المتن الحكائي لكونه يعد الاطار الذي يبني المتن نفسه، غير انه في استثمار قابليته على التنوع في المبنى الحكائي يمنح الرواية قدرة تشكل بنية دلالية قادرة على خلق معنى، عبره ندرك رسالة الرواية عبر طرائق السرد فيها.

3. اثر الزمن المفترض في خلق البنية الدلالية في رواية (سابع ايام الخلق) السيرة المطلقية

اذا كان الزمن يمثل البعد المضاف على بعض الفنون ومنها التشكيلية، فيمنحها بذلك افقاً دلالياً جديداً ينأى بها عن الانطباع ليدخها في دائرة الايحاء ويزيد من زخمها الدلالي والانفعالي في المشاهد، فان الزمن في الاعمال الادبية والسردية منها خاصة، لم يكن عنصراً مضافا وجديدا الى عناصر بنائها، فهو اطار عبرها تُمنح الشخصيات فرصتها في النمو والتكامل، وتبين اثرها في الأحداث التي تنشؤها او تنشأ منها. وفيما اذا كان الزمن مؤطراً بحدود معلومة، فانه يؤدي الى كشف جوانب في البيئات النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية للفترات التي تنشأ الرواية فيها، او تتحدث عنها، ومن ثم لا يمكن تصور (القصة) او (الحبكة) في الاعمال الروائية ان تنمو وتتطور من دون احداث تشكل علاقاتها، ولا بد للأحداث تلك ان تنشأ بزمن تاريخي او زمن مفترض او زمن وهمي او زمن نفسي او زمن واقعي.
تلك الازمنة، على تفاوت قيمتها الدلالية واهميتها الفنية في العمل الروائي، تبعا لأهداف الروائي او الاساليب الفنية المتبعة في استثمارها تمتلك خاصية مشتركة في قدرتها على خلق البنية الدلالية والتحول من اطار تتحرك عناصر العمل الروائي فيه الى عنصر يؤدي وظيفة في المتن الروائي.
وقد استثمرت رواية (سابع أيام الخلق) (21). هذا العنصر على مستويين بنائيين. الأول: ارتبط بالسيرة الشفاهية ورواتها، والثاني: بالمخطوط / الراووق ودارسيه. فكان المتن الحكائي للسيرة مرتبط بزمن مفترض لا تتوفر امكانية تحديده، اذ ان الاشارات الواردة في المتن الروائي لا تجنح الى تحديد دقيق يخضع للمقارنة بواقع سياسي او اجتماعي محدد بزمن معلوم، فيكون التعويل على تحديد فترة بعينها غير مجد من الناحية التاريخية. غير انه خلق بنيته الدلالية عبر البناء الحكائي للسيرة وأقسامها وارتباط ذلك البناء بالرواة. فكان المتن الجديد للمخطوط (رواية سابع أيام الخلق) قد اكتمل ((.. بعد العثور على أهم أوراق السيد نور)) (ص7). ذلك المتن المكون من سبعة أقسام مختلفة من حيث الأهمية والمصداقية والتي كونت مدينة الأسلاف ((مدينة الحروف والكلمات)) (ص8)، بعد ان اسدل المؤلف ((الستائر دون مدينة ... البشر والأسمنت والحجر)) (ص7) فكان دخولنا إليها عسيرا، وادخلنا الى الاولى عبر ما وفره من إشارات في المتن الروائي ارتبطت بهذه المدينة. فعلينا الاطمئنان إليها وتفحص مكوناتها، ومن بينها، تتبع اثر الزمن المفترض في بنائها ونشوئها.
ما يمكن ملاحظته في البدء. ان مدينة الحروف والكلمات لم تكن جزءاً من ذلك المتن الجديد للمخطوط، الذي تمكن الرواي السابع / المؤلف من الوصول اليه بالاعتماد على مصادر متعددة، بل كانت هي المتن الجديد له، منشطرة الى نصفين، يفصل بينهما خط وهمي يمكن تفحصه على الورق مع استحالة مشاهدته في الواقع العياني. غير ان أحيائها تختلف من الناحيتين المعمارية و السكانية، مثلما تختلف أحياء مدينة البشر و الأسمنت والحجر كون القديمة منها تمتاز ((بالتداخل والاضطراب .. على عكس المحلات التي ظهرت حديثا))(ص7). فكان بذلك الاختلاف قد تحول من الجوانب المعمارية للمدينة تلك الى الزمن نفسه الذي اثر في بنائها، فكان مضطرباً مشوشاً في جزئه المرتبط بالسيرة المطلقية، يصعب حصر مجاهيله فيها، في حين كان دقيقاً واضحاً في الجزء المرتبط بالمخطوط.
ومما ميز المدينتين على بعضهما كذلك، ان الثانية سميت بـ (الاسلاف) وهي اشارة تنم عن الارتباط التاريخي لأجيال لاحقة على الأجيال التي بنتها. من دون تحديد جيل او أجيال بعينها، بينما الاولى سميت بـ (سابع أيام الخلق) وهي إشارة الى بداية العد التصاعدي في زمن الخلق الى يوم لم يكن معلوماً نهايته. غير انه اكتمل في يومه السابع، وخلق متاعبه مع ذلك الاكتمال. تلك لم تكن متاعب الخالق، حتى وان صرحت باستراحته ((بارك الله اليوم السابع وقدسه، لأنه فيه استراح))(22).
فما دلالة زمن ذلك اليوم الذي تم فيه الخلق ؟ وهل كانت تلك المتاعب من جراء الخلق او صاحبته ام ابتدأت به ام في نهاية الايام الستة وبداية اليوم السابع ؟ هل هي متاعب الخالق ام المخلوق ؟ وحيث ان الخالق جلت صفاته، لم يكن قد اجهد في الأيام الستة التي سبقت اليوم السابع (وَلَقَدْ خَلَقْنَا اُلسَّمواَتِ واْلأَرَضْ َوَمَا بَيْنَهُمَا في سِتَّةِ أياَّمٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ) (23).فهي لابد ان تكون متاعب المخلوق التي بدأت مع تمام الخلق وبعد فراغ الخالق منه وفي يومه السابع. واذا ما افترضنا وجود تلك المتاعب التي تتطلب الراحة، فهل كانت تلك المتاعب في الرواية ذاتها ام في السيرة المطلقية ام في المخطوط ام بهم جميعا ؟
واذا ما افترضنا مرة آخرى ان هناك متاعب تستوجب الراحة، فهل تلك الراحة تكمن في انجاز قراءة تلك الرواية، في محاولة اكتشاف ما تبتغي قوله ؟ وهل صرحت بذلك ام أشارت اليه ام تركته لفطنة القارئ ؟ وهل كانت تسر غير الذي تعلن ؟ واذا كان ذلك السر المفترض فيها، ففي أي جزء منها كان الراوي السابع / المؤلف قد أودعه.
ان تفحص اثر الزمن في السيرة المطلقية يقود الى تبين البنية الدلالية التي خلقها، ومن ثم توفر فرصة تفهم الظاهرة التي رغب الروائي التعبير عنها، مما يساعدنا للإجابة على تساؤلاتنا.
لذلك فان تبين تلك البنية يتطلب معالجة السيرة، ليس من خلال شخوص الرواة فيها، ومقدار الثقة فيما يروونه عبر التكوين النفسي والفكري لهم وانما من خلال وقائع السيرة ذاتها، التي ارتبطت بزمن من السعة بحيث يصعب تحديده بدقة، او ان حدود التداخل فيها يزيد احتمال انتسابها الى أزمنة مختلفة. بل هي كذلك عبر تعاقب الرواة في البوح بوقائعها التي تشكلت من رواياتهم لأقسامها.
لذلك فان تفحص اثر الزمن في السيرة المطلقية وخلقه للبنية الدلالية المعبرة عن رؤيا المؤلف يعتمد على عنصرين أساسيين فيها.
وقائعها التي اكتملت وتشكلت في زمن سابق على زمن الرواية لها (المتن الحكائي). وعلى حياة الرواة وارتباط ذلك بالاقسام التي تمت روايتها من السيرة (المبنى الحكائي).
يمكن تمثل الزمن في السيرة المطلقية وعلاقة (المتن الحكائي) لها بـ (المبنى الحكائي) بالمخطط التالي:-

• يوجد مخطط مرفق في نهاية البحث

لقد وردت السيرة بأربعة أقسام، وكان تحيد تلك الأقسام وتعددها يرتبط بتعدد الرواة واختصاص كل راو فيها بقسم منها، غير ان اياً منهم لم يرو السيرة المطلقية بكامل وقائعها، كي نتمكن من تشكيل اربع روايات، سواء كانت متفقة ام متناقضة مع بعضها لوقائع معينة بذاتها. مما يسهل احداث المقارنة بينها للوصول الى معرفة صدق ما وصلنا من وقائع. فقد عمد الراوي السابع / المؤلف الى خلق حالة ايهام متعمد من خلال تقطيع السيرة الواحدة المغيبة شعبيا، التي أشاعها في المتن الروائي وجعلها شفاهية تسرد على السن رواة مختلفين من حيث التكوين النفسي متفقين من حيث التوجه الفكري.
ومما زاد في الغموض ان تلك الشخصيات لم تكن رواياتها تمتلك الحد الكافي من القبول، لاسباب ترتبط بطبيعة الرواة ولاسباب أخرى ترتبط بالمشيخة وبالفترة الزمنية البعيدة نسبيا بين الرواة وفترات الانقطاع التي حدثت بينهم.
لقد اختص كل راوٍ منهم بقسم منها لم يتعده الى سواه. وكانت روايتهم لتلك الأقسام تتناسب عكسيا مع زمن وقوع الأحداث. فكانت رواياتهم يشوبها الكثير من الغموض. فالأول منهم (عبد الله البصير) برغم معايشته معظم احداث السيرة، وبالاخص (واقعة دكة المدفع) والتي تعد الاقرب اليه زمنيا، غير انه لا يروي لنا الا القسم الاول منها وهو الابعد عنه زمنيا، والذي يعد بداية تشكل البناء الحكائي للسيرة المطلقية، مع اسناد روايته الى(السيد نور)، وامتناعه عن اتمام السيرة وادعائه الجهل باقسامها التالية والمكملة للبناء الحكائي فيها، مع الاعتقاد بعدم واقعية الادعاء، لان الاكتفاء بقسم من الحكاية وابقائها ناقصة يدفع اما الى محاولة اكمالها من قبل الراوي نفسه او المتلقي لتفسير الغموض الذي يكتنفها او موت الجزء المنقول ان لم يكن هناك ما يتمه بعين اللحظة التي يتم بها سردها، إضافة الى ان السيرة بأكملها عبارة عن تاريخ شخصي (لمطلق) ارتبط بأحداث أثرة في حياة البواشق ومستقبلها. وهو ما فعله كذلك الراوي الثاني (مدلول اليتيم) الذي عاصر الأول وكان شاهدا على معضم احداث السيرة او في اقل تقدير جزئها الختامي (واقعة دكة المدفع) غير انه لا يروي الا القسم الثاني الذي يلي قسم الراوي الأول وهو الأبعد عنه زمنيا. مع اسناد روايته الى السيد نور، وان كان ذلك بصورة غير مباشرة من خلال الاجازة الممنوحة له من الراوي الأول مع اعتماد رواية الراوي الأول كونها تمثل له حجه لا يمكن الادعاء بخلافها. وامتناعه عن اتمام السيرة وادعاء الجهل بالمتبقي منها. وهو ما حدث كذلك للراوي الثالث حيث انه يروي القسم الثالث منها مع اسناد روايته الى السيد نور من خلال الاجازة غير المباشرة والممنوحة له من الراوي الاول.
والراوي الثاني مع امتناعه من اتمام السيرة وادعاءه الجهل بالقسم الذي يكملها مع وجود فترة انقطاع بينه وبين من سبقه من رواة وعد ما رواه الأول والثاني حجة لا تدحض في وقائع سيرة لا يتمكن من اتمامها.


قديم 05-06-2012, 03:24 PM
المشاركة 515
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
تابع،،

ان الفجوة الزمنية الثانية التي كانت بين الثالث وما سبقه من الرواة تمنع حدوث الاتصال المباشر بينهم وتمنع كذلك إمكانية حدوث النقل الشفاهي المباشر بين الرواة مما يزيد من البعد الزمني بينه و بينهم من جانب وبينه وبين وقائع السيرة نفسها، وان اتفق سلوكه مع ما سبقه من رواة في رواية الوقائع الا بعد عنه زمنيا.
ان الحالة المغايرة في علاقة زمن سرد الوقائع مع زمن وقوعها الفعلي في السيرة المطلقية للرواة الثلاثة (عبد الله البصير / مدلول اليتيم / عذيب العاشق) تلك العلاقة العكسية. توجد حالة مغايرة لها في علاقة سرد السيد نور لقسمه الختامي ((الرابع)) (واقعة دكة المدفع) مع وجود الفجوة الزمنية الاولى بينه وبين الراوي الأول، ففي حين ان افتراقه عن (مطلق) كان في جزء من القسم الأول. وهو ما يمكن ان يكون موتاً حقيقياً او مفترضاً او نفياً اختيارياً يمنع معايشته لما تلا من الأحداث. غير انه يسرد في السيرة أبعد أقسامها عنه في زمن المستقبل. وهو ما يغاير سلوك الرواة وان كانوا يدعون الرواية بالنيابة عنه.
لقد أدى التنوع في العلاقات التي يكونها الزمن مع وقائع السيرة المطلقية التي نشأت فيه ومع حياة وموت الرواة التالية عليها وسردهم لتلك الوقائع، والحالة المغايرة في علاقة سرد قسم السيد نور مع الوقائع نفسها اضافة الى طبيعة التكوين النفسي والفكري لرواة السيرة، أدت تلك العلاقات الى تكوين بنية دلالية تنأى بالزمن من كونه إطارا تنمو فيه الأحداث ويكتمل نمو الشخصيات وتتطور من خلاله، الى عنصر من عناصر العمل الروائي يؤدي وظيفة دلالية شانه شأن عناصر أخرى مثل الشخصية والرمز. ان تبين ذلك التحول في طبيعة الزمن يتطلب تفحص السيرة نفسها من خلال وقائعها المؤثرة وبأقسامها الأربعة للوصول الى ما قالته او حاولت البوح به لمعرفة القيمة الدلالية التي توخى الروائي استثمارها في الرواية سواء كان ذلك بالترميز أم بالتصريح. فلا يمكن عد العلاقة العكسية بين الأقسام المروية وحياة الرواة كان وجودها في الرواية قد حكمتها الصدفة، بل ان القصدية في خلق هذه العلاقة تكمن ورائها غايات ترتبط بالاستثمار نفسه وبطبيعة الرؤية الفكرية التي حاولت السيرة التعبير عنها.
من تفحص وقائع السيرة المطلقية تظهر العناصر الأساسية في المبنى الحكائي لها على النحو التالي.
1. القسم الأول
أ. فشل السيد نور من ثني مطلق عن بناء قلعة فوق التل الأثرى (ص 43).
ب. انتهاء حياة الدعة والامان وغدا مطلق مصدر قلق للجميع (ص 50).
ج‌. ولادة ابن (مطلق) البكر (طارش) (ص 53).
د. الطوفان (- التل علينا الاحتماء بالتل) (ص 53).
هـ ستكون القلعة شرا وبيلا على البواشق (ص 58).
و. وفد على الديرة غريب اسمه (مجبل) ومعه زوجته (رازقية) (ص 59).
ز.بناء القلعة على أطلال القلعة الاثارية وبأجرها(ص62)
ح.ظهور نذر شؤم (ص 62).
ط.تردد ملء الاسماع صوت اصطفاق باب كوخ (السيد نور) الذي نفذ وعيده فقرر هجر مأواه القديم (ص 64).
ي‌. لقد غدا مطلق كبير المنطقة من دون منازع (ص 65).
ك.هجر السيد نور للمكان (ص65).
ل.الطاعون (ص69).
م.اعتذار مطلق (- دخيلك سيد نور) (ص70).
ن. عاد اسم المعيدي يتردد (ص 73).
س. موت مجبل وابنه .. موت زوجة مطلق (ص75).
ع. زواج مطلق من (رازقية) أرملة (مجبل) (ص 67).
2. القسم الثاني أ.اقسم مطلق بأنه سيبدأ توبته بأنه بقطع علاقته بالمسؤولين بالبلدة (ص149).
ب. ولادة (قاصد) لكن القحط كان يزداد وطأة مع مرور الزمن ... ولادة (خضر) و(ربيع) (ص1).
ج .بقي (مطلق) وفياً لوعده بالاعتكاف في الديره، ومد يد العون للآخرين (ص 152).
د.حراثة حقل مشترك ... مؤكدا ان البيدر الناتج سيوزع على شكل حصص بعدد افراد العائل (ص 153).
هـ.تعقيد مطلق - الزعامة المعنوية (ص 152).
د. بناء المضيف - الاعتراف العملي بتلك الزعامة (ص 155).
ز.عدم رضا السلطة عن (مطلق) التي كان يرتبط معها بعلاقة رفضها (السيد نور) من قبل (ص158).
ح. رضوخ (مطلق) لطلبات السلطة وإنابة ابنه (طارش) عنه لتأدية ما على العشيرة لها. (ص161)
ط.هاجس (مطلق) الدائم الحصول على البنادق (ص 162).
ي.افتضاح علاقة (طارش) مع (فتنه) بنت المعيدي (ذياب) (ص 176).
ك. زواج (طارش) من (فتنة) (ص 181).

3.القسم الثالث
أ.حصول مطلق على السلاح (ص 252).
ب. زواج أبناء مطلق.
4.القسم الرابع
أ‌. سر (واقعة دكة المدفع) (ص307).
أولا: الحكومة / خسائر البواشق البشرية الكبيرة. ثانيا: المشيخة / هزيمة بعض ابناء مطلق (طارش، خضر ,حاصود) ب.حرب بين السلطة وسلطة غازية من وراء الحدود. (ص310). ج.مطالبة السلطة مطلق يتسليم نفسه وبعض وابنائه لاتهامهم بالتعاون مع السلطة الغازية القادمة من وراء الحدود (ص 310).
د.رفض مطلق مطالب السلطة (ص 311).
هـ.فشل هجوم السلطة على القلعة(ص316).
و.هرب طارش ومعه زوجته وابنه الى (ذياب) (ص 317).
ز.ظهور المدفع (ص 319).
ح.واقعة دكة المدفع(ص 320)
ط.هرب خضر ... هرب حاصود الى جهة مجهولة. (ص320). ي.إحالت القذائف القلعة الى ركام (ص323).
تمثل الوقائع تلك سيرة رواة المعرضة المختلفة عن السيرة الشائعة بين البواشق بفعل تأثير السلطة وعملها في إشاعة ما يخالفها . حيث كان اثر المشيخة فعالاً في خلق سيرة أخرى او اكثر من سيرة داخلها الكثير من الزيف و التحريف فـ ((قد بلغ ذلك التحريف والزيف حدا من الشيوع بات من العسير فضحه، لانه تحول بمرور الزمن الى حقائق راسخة) (ص19).
عند تفحص سيرة رواة المعارضة لا نرى فيها ما يمكن ان يثير المشيخة او يشير إليها بالسلب خلال الأقسام الثلاث الاولى منها. بل وحتى في القسم الرابع، باستثناء تتم الاشارة اليه في محله، حيث ان سيرة الرواة في تلك الأقسام لم تمجد الطرف المعارض (آل غياث)، ولم تؤشر ما هو سلبي في المشيخة (آل طارش). لقد أشرت في البدء قطبي الصراع (السيد نور / مطلق) مستثمرة شخصية (السيد نور) كونها شخصية قادرة على التأثير النفسي في البواشق بشقيها بصورة عامة بين مؤيد ومعارض، وفي الرواة بصورة خاصة. وحاولت تحويل شخصية (مطلق) من شخصية سلبية تفتقر الى التعاطف في القسم الأول منها الى شخصية إيجابية تقترب عبر التعــــاطف معهـا من الشخصيـة المناقضـة لـها أصلا (السيد نور) وإحلالها محلها، وعلى الرغم من عدم إمكانية تحقيق ذلك، وان تعير صفة السلبية الى السلطة التي صنعته وناصبته العداء فيما بعد، في محاولة لتطهيره من اثامه، يضاف الى ذلك ان رواة أقسام سيرة المعارضة لم يكونوا على معرفة مسبقة بالأقسام التي تلت الأقسام التي يروونها. فكان القسم الرابع /المحظور لم يرو الا من قبل (السيد نور).
ان ما يمثل نقطة الافتراق بين سيرة المعارضة / الرواة، وبين سيرة رواة المشيخة ويكون الخلاف الحقيقي بينهما ليس في بشاعة (واقعة دكة المدفع)، وانما في هرب بعض أبناء (مطلق)في المواجهة ذاتها، التي تصفهم سيرة رواة المعارضة بالجبن، في حين تنفي سيرة رواة المشيخة هذه الصفة عنهم، او تحاول طمس هذه المعلومة من السيرة برمتها. غير ان تلك البشاعة والدموية التي كانت تدين السلطة القادرة على التحكم بمواقف المشيخة .. كانت يمكن ان تستثمر لتوكيد شرعية زعامة أبناء (مطلق) (ال طارش) من دون ان تخلق انشقاقا في البواشق، فوحدة الأهداف كفيلة بتحقيق الوحدة النضالية. غير ان غياب التلاحم الشعبي بين (مطلق) وابناء البواشق الذي تزعمهم من دون صلاحية لذلك. حيث انها فرضت اصلا من قبل السلطة التي ارتبط معها بعلاقة مشكوك فيها منذ البدء. قاد المعارضة الى خلق بؤرة تأثير مناقضة له تمثلت بشخصية (السيد نور)، سواء كان وجوده حقيقة فعلية ام خلقته الحاجة النضالية في تلك المرحلة، وان لم يتواصل شخصياً في زعامة خصوم (مطلق) او في مقاومته، قدر تحوله الى رمز للنضال قادرا على تثوير المعارضة ضد المشيخة ((وكان المزار .. فقد ناصبه الإنكليز وعملائهم .. العداء لكونه الموضع الذي حفز البواشق على النضال)) (ص103 – 104).
من ذلك يتضح ان الراوي السابع وانسجاما مع رغبة من سبقه من رواة. حاول من خلال السيرة المطلقية تسييس واقع غير مسيس أصلا (24). واستثمار ذلك الى أقصى طاقة ممكنة، مما أدى الى زج سيرة رواة المعارضة في اتجاهات تفسيرية وان كانت لا تتفق والواقع الاجتماعي الذي عاشته البواشق في تلك الحقبة، غير ان بعض رموزها قادرة على النهوض بتفسير قريب من الرؤيا السياسية التي قادته من خلال (المضامين) الى اكمال المتن الجديد للمخطوط، واتمام عمله الابداعي، الرواية، وحجتنا في ذلك مثلما حجته فيها (المضامين).
وهو تفسير يصلح دوما لكل صراع بين مؤيد / مستفيد، ومعارض / متضرر، او بتعبير سياسي، بين سلطة مستبدة او من يمثلها، وشعب مضطهد ومن يمثله، والذي يأخذ صورا متعددة، تتنوع تبعا لمراحل النضال ذاتها، فكلما ازداد البطش او احتدم الصراع ازدادت قدرات الطرف المضطهد على ابتكار الطرائق الكفيلة باستمرار النضال والنفاذ والتأثير، ومن ثم زعزعة الوضع السائد لتغيره الى ما يخدم مصالح الطرف المتضرر. ففي حين كان الرواة المغيبين روائيا يمثلون المشيخة / السلطة، وهي السيرة الشائعة شعبيا والمغيبة في المتن الروائي، فان رواة سيرة المعارضة الشائعة في المتن الروائي والمغيبة شعبيا يمثلون النقيض لهم. لذا فان رواية أي منهما لا تمثل رواية محايدة او موضوعية. بل هي رواية وقائع شكلتها الرؤيا السياسية للأوضاع القائمة، وفي ما بعد التفسير السياسي لها، وهو ما يفسر عزوف رواة المعارضة عن سرد احداث السيرة المطلقية بكامل وقائعها، وشرعوا في سرد أحداثها على شكل أقسام، وهو ما يوحي بوجود مراحل نضالية تستوجب إعلان قسم منها وحجب الأقسام الأخرى (بادعاء الجهل بها) وحسب الظروف الموضوعية التي كانوا يجابهونها، في محاولة استثمار تلك الظروف لمصلحتهم، وبما يحقق هدفهم الأساس غير المعلن على لسانهم، بل على لسان السلطة / المشيخة المدركة لغايتهم ((فالمشيخة وبإيعاز من السلطة – كانت قد حظرت على الجميع التحدث علنا بتلك الأحداث، زاعمة ان ذلك سيؤدي الى حصول الشقاق بين أبناء العشيرة الواحدة) (ص207).
كانت السيرة بأقسامها الثلاثة تتجه الى قسم السيد نور، وهو القسم / الهدف / المرحلة النضالية الحاسمة في خلق مواجهات بين المعارضة / رواة السيرة، والسلطة / المشيخة عبر تأكيد هرب بعض أبناء مطلق (طارش، خضر، حاصود) واتهامهم بالجبن لزعزعة مكانة المشيخة. واظهار عدم صلاحيتها لقيادة البواشق، وتجريد (آل طارش) من شرعية مزعومة. في حين نرى البواشق ((كانوا يستعيدون تلك الأمجاد بالاستماع الى (السيرة المطلقية) التي ساهم (عبد الله البصير) و (مدلول اليتيم) و(عذيب العاشق) في تأليفها. كانوا يقومون بذلك سرا)) (ص 206 – 207). وهي الأقسام التي لم تكن محل خلاف او نزاع بين (آل غياث) (وال طارش). واذا كان هناك ما يستوجب سرية الاستذكار في السيرة، فلم يكن ذلك في تلك الأقسام بالذات، وانما في القسم الرابع وفي جوانب محدده فيه، مع الاشارة المسبقة التي يوفرها لنا المؤلف من انهم لم يكونوا على علم بذلك القسم، ويستحيل ان تكون قدراتهم قادتهم الى معرفة جزء منه. وهو ما يؤكده الراوي السابع، من ان اياً منهم لم يكن على علم بالقسم الذي يليه من السيرة.
ان سرية استذكار السيرة بأقسامها توحي بوجود ما يستوجب الفخر بها بالنسبة لرواة المعارضة – ولم يكن (مطلق) محط فخرهم، لانه الطرف النقيض لشرعية رواياتهم او المبرر الفني لوجودهم في المتن الروائي (السيد النور)، على الرغم من انهم يدركون ان احداث السيرة مكرسة لامجاد (مطلق) جد هؤلاء الشيوخ (ص207) برغم محاولات المشيخة المستمرة على شيوع سيرة مغايرة لها وتغييب سيرة رواة المعارضة، ((فالمشيخة لم تأل .. جهدها محاولة طمس معالمها وتزييفها على مدى أعوام، مشيعة روايات تلائم غاياتها وهدفها)) (ص215) وان تسترها ومحاولة كتمانها ليس بقسمها الرابع، الذي اصبح محضورا بسببها، فقط وانما باقسامها الثلاث المتقدمة عليه، مما يعني وجودها يؤشر على وجود مثلبة عليها.
امام ما يوحي بالتناقض بين ان يفتخر المعارضة بأمجاد خصمهم، ومحاولة المشيخة كتمان / تستر مبرر فخرهم على افتراض ان القسم الرابع / المحظور، لم يكن معروفا. فانا نصل الى الاستنتاج من ان السيرة المطلقية لم تكن سيرة المعارضة ولا سيرة رواة المشيخة، وانما هناك سيرة أخرى مختلفة عنهما، قد تكون من جمعهما معا مع حذف ما يمثل التفسير السياسي لكل فئة من الفئتين. إذ ان ذلك التصور هو الذي ينحني بها بالاتجاه الذي يخدم كل فئة ويحقق أهدافها ومصالحها تبعا لذلك، إذ ان السيرة لم تكن تعني المتلقي الحايد، او بتحديد اكثر دقة المتلقي غير المتفاعل مع أحداثها. او بتعبير آخر لا تعني المتلقي غير المسيس وهو غير موجود عند وقوع احداث السيرة، وانما وجد بعد (واقعة دكة المدفع) وظهور الرواة كصوت معبر عنه، وهو ما توحي به سرية استذكار السيرة، ومن ثم لا تجد اثرها فيه، ولا يكون هو المعني سواء بسيرة المعارضة ام بسيرة رواة المشيخة.
لذلك فان سيرة رواة المعارضة التي وصلتنا عن طريق رواة شفاهيين اتجهت الى ان تتكامل بتقسيم نفسها الى عدة مراحل متوخية الوصول الى الهدف / القسم الرابع المحظور رسمياً والمعروف بين البواشق (آل غياث) و (آل طارش). بينما كانت المشيخة تحاول تغيير التصور عن القسم المحظور عن طريق الاكراه او عن طريق رواة آخرين تصفهم المعارضة (بالمأجورين), سواء كان ذلك عن قناعة بعدم واقعيته أم لانه يؤثر سلباً في شرعية زعامتهم للبواشق عل افتراض صحته.
ان رواية (السيد نور) للقسم الرابع / المحظور، كونه يمثل هدف سيرة المعارضة، وطبيعة الخلاق العكسية بين زمن السرد له والزمن الفعلي المفترض لوقوعه ضمن المتن الحكائي فيها، حيث زمن السرد لهذا القسم سابق على الزمن الفعلي لوقوع الاحداث – والعلاقة المغايرة له بين زمن سرد الوقائع والزمن الفعلي لوقوعها الذي اعتمده رواة المعارضة، التي تتخذ من رواية (السيد نور) مبرر وجودها الفني في السيرة، والتي اعتمد فيها كل راوٍ على رواية ابعد أقسام السيرة عنه زمنيا مع افتراض علمه بالأقسام التالية على ذلك القسم – كونه عايشها – وادعاء الجهل بها وتركها لراو آخر يليه. ووجود سيرة رواة المشيخة المغيبة روائيا. تلك السير بمجموعها وطبيعة علاقتها بزمن السرد والزمن الفعلي لوقوعها يقودنا الى محولة معرفة مميزاتها للوصول الى معرفة القيمة الدلالية التي توخى المؤلف الوصول إليها عبر التداخل الذي أحدثه بينها وبين زمن وقوعها وأزمنة السرد المتنوعة لها. وكما يلي:-
1. سيرة رواة المعارضة:
أ. شائعة في المتن الروائي مغيبة شعبياً.
ب. ترتبط بـ (آل غياث) القسم المتضرر من المشيخة في البواشق .
ج. آلفها الرواة بعد (واقعة دكة المدفع).
د.الادعاء بانها خالية من الزيف والتحريف.
هـ اعتمدت السرية في الاستذكار من دون القسم الذي يفضح المواجهة بين رواتها وما يمثلون والمشيخة وارتباطاتها.
و. اعتمدت، لغرض الاكتمال، مراحل ثلاث تنتهي بهدف معروف من حيث التوجه، مغيب عن قصد من حيث التفاصيل.
ز.ضياع القسم الرابع (- أدى الى شحذ أذهان الأجيال اللاحقة، فأخذت تختلق عن ذلك المضمون ما أسعفتها به سعة خيالها) (ص 109).
ح.تتهم بعض أبناء مطلق بالجبن.
2.سيرة رواة المشيخة
أ.تمثل وجهة نظر السلطة / المشيخة (آل طارش).
ب. مغيبة تفاصيلها عن قصد روائيا.
ج. معروفة من حيث التوجه ((كان مرور الزمن قد أدى الى هيمنة أمور زائفة كانت المشيخة على امتداد تاريخها قد جندت كل قواها ووسائلها من اجل هيمنتها)) (ص 102).
د.اعتمدت الإعلان مع مساندة المشيخة لرواتها لإشاعة تفاصيلها.
هـ. لم تتشكل أجزاء بعد (واقعة دكة المدفع)، وانما كانت تتواصل معها، وان خاتمتها كانت خاضعة لتفسير المشيخة، بان خلعت صفة البطولة على شخوص (واقعة دكة المدفع).
قسم السيد نور / القسم الرابع
أ.القسم الختامي في السيرة وهو نواة المخطوط.
ب.تمت كتابته قبل واقعة دكة المدفع (ص110).
ج.نص غامض غير معلن (ص 110).
د.استمر بالإضافة اليه بعد ذلك (ص110).
هـ.الغاية التي أدت إليها الأقسام الثلاثة السابقة عليه من سيرة رواه المعارضة.
غير ان المخطوط / الراووق، جوهرة التصوف والعرفان (ص114)، وانه تحول مع ازدياد سطوة المشيخة الى ((ضرب من كتابة عرفانية محاطة بالحظر والأسرار، مرورا بالإيغال في الشؤون الباطنية .. سيمياء، حساب جمل، اوفاق / جعفر)) (ص240) وأنها تداخلت مع ما الفه رواة المعارضة. لذلك فان أقسام السيرة المعلنة كانت نوعين من الكتابة:-
1. مفتتح عرفاني يتصل بجوهر المخطوط، الذي كتُب قبل (واقعة دكة المدفع) من خلال:- أ. القسم الأول / إشراق الأسماء. ب.القسم الثاني / إشراق الصفات. ج.القسم الثالث / اشراق الذات.
2. وقائع السيرة التي رويت شفاهيا بعد (واقعة دكت المدفع) من خلال: أ.القسم الأول / عبد الله البصير.
ب. القسم الثاني / مدلول اليتيم.
ج.القسم الثالث / عذيب العاشق.
فان الشك يتسرب الى عد م واقعية تأليف (السيد نور) لأقسام السيرة برغم تأكيد الراوي السابع على ان (.... (السيد نور) لم يكتف بتسطير الأقسام الثلاثة الشائعة من (السيرة) وانما أعقبه بكتابة القسم الرابع / (المحظور). ذاكرا فيه الحقائق كما جرت في (واقعة دكة المدفع)) (ص215). وهو ما يناقض جوهر المخطوط المعروف بالتصوف والعرفان اولا، وثانيا ان (السيد نور) لم يدون ما يمكن ان يقع لنقف على احتمال الخطأ والصواب، وانما (سطر الحقائق كما جرت) في واقعة لم تكن قد حدثت بعد، مع علمنا المسبق بافتراقه عن (مطلق) قبل هذه الواقعة بزمن طويل وغيابه الواقعي من خلال النفي الاختياري او الموت الحقيقي او المفترض له وحضوره الرمزي المستمر طيلة احداث السيرة، والذي جعل منه عنصر تثوير دائم يحث على النضال ضد المشيخة سواء أكان ذلك باختيار منه أم لحاجة الرواة الى ذلك.
ان ما وصلنا من خلال جمع القسم الرابع من السيرة كان الراوي السابع قد توصل اليه من خلال المضامين ((... انتهى دور الشكل، ليبدأ دور المضمون... مستهديا سبيلي نحو أوراق (السيد نور) من خلال المضامين)) (ص287) وهو ما اخذ ((يشحذ)... أذهان الأجيال اللاحقة – التي تلت فقدان النسخة الأصلية – فأخذت تختلق عن ذلك المضمون ما اسعفتها به سعة خيالها) (ص109).
وهو ما يتفق ورؤيا المؤلف / الركابي ((اذ ان هدفي لم يكن بطبيعة الحال جمع المتن القديم لـ (الراووق).. بل كنت إزاء متن جديد للمخطوط – اخذ بسبب روايتي هذه – بالظهور)) (ص288) بل ان القدر ((... لم يربط بين (شبيب طاهر الغياث) و (بدر فرهود الطارش) بتلك الصداقة الا من اجل غاية وحيدة لا تتعدى أحياء مضمون (الراووق) من خلال روايتي هذه)) (ص21). فنكون والحال هذه امام متن جديد خلقه المؤلف من خلال عد الثيمة المتغيرة المرتكز الأساسي لعمله، تلك الثيمة / السيرة التي تحتوي ((الكتابات التي كانت فصولا في المخطوط الأصلي .. صفحات (ذاكر القيم) و (شبيب طاهر الغياث) ومشروع (بدر فرهود الطارش) في إقامة متحفه..)) (ص288), غير أنها اتجهت في الوقت نفسه الى محاولة استثمار تلك المتناقضات مجتمعة لكتابة رواية معتمداً في ذلك لتحقيق رغبته الإبداعية على المضامين، وهو ما يتفق مع التوجه العام للرواة وما فعلته الأجيال التالية على فقدان النسخة الأصلية معبرين عن الرغبة الحقيقية او المفترضة لـ(لسيد نور) من خلال الجوانب العرفانية للراووق الذي لم تكن مرجعيته مقتصرة عليه وحده، بل هي مزيج من مصادر عدة كان من بينها نصوص (ابن العربي) و (عبد الكريم الجيلي) (ص325).
ولغرض الوصول الى نتائج تتعلق باستثمار الزمن المفترض في السيرة المطلقية على تعدد أنواعها وتحوله فيها من اطار تتشكل فيه الأحداث وتنمو الشخصيات وتتطور من خلاله الى عنصر من عناصر العمل الروائي يؤدي وظيفة دلالية فيها. نلاحظ:
1. تعدد السير:
أ. سيرة رواة المعارضة / الاقسام الثلاث من السيرة المطلقية الشائعة في المتن الروائي.
ب.سيرة رواة المشيخة / التي لم ترد تفاصيلها في المتن الروائي، لكنها نقيض الشائع فيها.
ج.السيرة المتشكلة بفعل (السيد النور) او باسنادها اليه / القسم الرابع من السيرة الشائعة في المتن الروائي.
د.السيرة التي شكلها المؤلف التي هي مزيج من عدة مصادر.
2. ان السير وان تعددت فأن (أ، ب، ج)كانت هي الشائعة في المتن الروائي وأنها تداخلت مع بعضها وشكلت سيرة واحدة، هي المتن الجديد للراووق / الرواية. بينما بقيت سيرة رواة المشيخة مغيبة في المتن شائعة شعبيا.
3. اتهام سيرة رواة المشيخة بالتحريف والتزييف. بينما السير الأخر تم التوصل إليها من خلال(المضامين).
ما تقدم يقودنا الى الاعتقاد بأن الوصول الى تكوين تلك السير عن طريق المضمون يعني وجود هدف مركزي واحد لجميع السير – عدا سيرة رواة المشيخة – وان اختلفت التفاصيل بينها، مما يؤدي بنا الى الاستنتاج بأن التفاصيل لا تشكل الاهمية ذاتها التي يشكلها الهدف من إشاعة السيرة المغيبة شعبيا من اجل فضح المشيخة / السلطة التي تعمل على منع ظهورها للسبب ذاته. وهي غاية تواجهها صعوبات جمة من بينها إمكانات السلطة / المشيخة ووعي الأخيرة لهذه الغاية مما دفع برواة المعارضة الى اعتماد مجموعة أساليب تحفز البواشق على النضال ضدها من خلال إشاعة السيرة المطلقية المفسرة سياسيا على وفق رؤيتها السياسية، ومن ثم خلق الظروف الموضوعية المناسبة عبر خلق الاستعداد النفسي لتغييرها. فكان من بين تلك الأساليب استثمار زمن السرد وتنويع علاقاته بوقائع السيرة نفسها واعتماد المضمون دليل عمل يوجه الأقسام التي يروونها من السيرة. من خلال:
1. سرد وقائع السيرة بأقسام متعددة / مراحل وبفترات زمنية متباعدة نسبيا.
2. إسناد رواياتهم للأقسام، وهي بمثابة شهادات، الى (السيد نور) لخلق التعاطف مع السيرة من خلال هذه الشخصية التي تحظى بتعاطف البواشق ,وكان للتسمية دلالتها الرمزية، حيث ان صفة (السيد) تعني الزعامة الدينية، والاسم الشخصي (نور) يناقض الظلمة. وهو مشتق من اسمه تعالى (النور) بينما القطب المضاد (مطلق) فان الاسم يوحي بالصفة الاستبدادية للشخصية سواء في الرأي أم في زعامة البواشق. وهي رموز تم استثمارها بشكل مؤثر في السيرة والمخطوط ومن ثم في الرواية.
3. اعتماد كل راو للقسم الذي رواه راو سبقه من رواة المعارضة واعطائه صفة الحجة على نفسه وعلى المتلقي مع ادعاء الجهل بالقسم الذي يليه، مما يتيح للراوي التالي إمكانية التصرف على ضوء معطيات الظرف المعاش وتكييفه على وفق المتغيرات اللاحقة.
4. ان عملهم وان اتصف ظاهريا بالعفوية، فانه يمتاز بالدقة والتنظيم، مما يوحي بان كل راو روى القسم الذي يناسب معطيات مرحلته من خلال المفتتح العرفاني لكل قسم، ومن ثم تسريب المعلومات المراد اشاعتها من خلال ذلك المفتتح, والاكتفاء بتلك المعلومات، وان لم تكن كافية لتغطية السيرة المطلقية، على أمل إكمالها من قبل راو سوف يليه حتما، ومما يشحذ أذهان الأجيال اللاحقة على فقدان النسخة الأصلية من المخطوط للبناء على مضمون ذلك القسم وما سبقه من أقسام، وخلق الاستعداد النفسي الكافي لتقبل القسم الختامي.
5. ترك القسم الختامي يروى مباشرة من قبل (السيد نور) لإضفاء المصداقية عليه بعد ان هيأت أسبابها قبل هذه المرحلة.
مما تقدم نرى ان التفسير السياسي اللاحق على تشكيل السيرة، وان كان لا يتفق مع الواقع الاجتماعي المعاش في تلك الحقبة من حياة البواشق، وهو واقع سبق القول عنه، غير مسيس، بحدود المعلومات التي وصلتنا من خلال السيرة المطلقية، قد سيطر على الرؤيا الفكرية والفنية في بناء الرواية، وحول الزمن من اطار تنمو فيه وقائع السيرة المطلقية الى عنصر يؤثر في خلق البنية الدلالية لها عبر تنوع العلاقات بين زمن السرد للأقسام الثلاثة منها وزمن الأحداث الفعلي للأقسام نفسها وبين زمن (السيد نور) وعلاقته بوقائع لم تحدث بعد. وهو ما يتفق والرؤيا السياسية لرواتها ومن بينهم الراوي السابع, الذي حاول استثمارها لإنجاز عمل إبداعي /رواية, كي يجعل لحياته معنى, فيكون الذكاء السياسي للرواة والذي تتطلبه مرحلة نضالية متقدمة من حيث الأداء السياسي، قد كيف نفسه الى التصدي الى السلطة / المشيخة، وما يمكن ان يتواصل من تسميات مماثلة, من خلال ما يمكن ان تدعيه سبب شرعيتها في الاستمرار في زعامة البواشق عبر الاستثمار المتنوع لزمن السرد وزرع الشكوك في هذه الشرعية، ومن ثم انتزاع هذا السلاح من يدها، او تحييده، ليبدأ البحث عن مصدر آخر لتلك الشرعية والذي لا تستطيع خلقه بيسر لوجود الاتجاه المضاد القادر على فضحه من خلال إصراره على النضال وبوتائر متصاعدة, وهو ما يفسر استمرار ظهور رواة جدد بعد الرواة الشفاهيين، كانوا اكثر قدرة على تفحص السيرة من خلال التدوين / التوثيق / التحقيق ومن ثم الاستثمار، والتؤكيد من ان المحاولات ستستمر الى الأبد.



قديم 05-06-2012, 03:25 PM
المشاركة 516
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
سابع ايام الخلق" للروائي عبد الخالق الركابي بطبعة جديدة
10. 10. 2011


صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر الطبعة الرابعة من رائعة الروائي العراقي عبد الخالق الركابي "سابع أيام الخلق " بحلة جديدة والطبعة هذه منقحة ومتميزة بتجليدها الفني . تقع الرواية في 400 صفحة من القطع المتوسط .
ولوحة الغلاف للفنان الايراني مرتضى كاتوزيان .
يقول عنها الناقد العراقي طراد الكبيسي في مقدمة مسهبة يتناول فيها الرواية من جوانبها المختلفة :
في ( سابع أيام الخلق ) ليس هناك حدث بمعنى الحدث في رواية القرن التاسع عشر مثلا ، لذا لا نجد الشكل الروائي يتخذ تسلسل : البداية ، الوسط . النهاية ، الذي يراه البعض عاكساً للزمن والتاريخ .
اننا ازاء ( شكل مكاني ) يتهرب من الزمن المحسوس عبر الزمن المتخيل ، ويتموضع في جماليات تعتمد الحركة التصويرية في متابعة البحث عن مخطوط ( الراووق ) وتحقيقه للوصول الى حقيقة ما حدث في اليوم الذي سمي بـ( دكة المدفع ) ، ولذا فإن القارئ للرواية لا بد أن يحس التكرار واللاتزامن ، فالرواية مقيدة بموضوع مغلق ، والأحداث اليومية المتماثلة والشخصيات تتحرك في حركة دائرية مغلقة هي الاخرى بحكم المكان المحدد .
ويبدو أن أماكن الطفولة والشباب للمؤلف / السارد العليم / كان أكثر من تذكر أيام خلت ، بل كان آسراً الى الحد الذي جُعل وكأنه موطن الخلق الأول ، وما أعقبه من أحداث تروى ، عادة ، بتخيلات لا تخلو من أسطورية ومجريات عجائبية على نحو ما بني عليه كتاب ( ألف ليلة وليلة ) : حكايات تسرّد ، تتخللها رؤى صوفية عرفانية مستقاة من كتب المتصوفة أمثال ابن عربي وعبد الكريم الجيلي وغيرهم ، حتى تصل الحال ب ( مدينة الاسلاف ) الى يوتوبية : (مدينة الحروف والكلمات ) ينكشف فيها المرء عن ذاته ويكشف الآخرين من خلال عمل ( رواية ) .
تجدر الاشارة الى أن المؤسسة العربية للدراسات والنشر أصدرت للركابي أعمالاً أدبية أخرى منها :
اطراس الكلام 2009 ، و سفر السرمدية 2005
عبد الخالق الركابي هو قاص عراقي ولد في محافظة واسط في قضاء بدرة عام 1946 وتخرج من اكاديمية الفنون الجميلة ثم عمل في التدريس تسع سنوات.بدأ عبد الخالق الركابي حياته الادبية شاعراً واصدر مجموعة شعرية عام 1976 بعنوان (موت بين البحر والصحراء) ، و بعد هذه المجموعة الشعرية بدأ بكتابة القصة القصيرة والرواية فأصدر عام 1977 روايته الأولى (نافذة بسعة الحلم).
اصدر عدد من الاعمال القصصية والروائية والشعرية منها (نافذة بسعة الحلم) وهي رواية.(الموت بين البحر والصحراء) وهو ديوان شعر.، (حائط البنادق) وهي مجوعة قصصية ،(من يفتح باب الطلسم) وهي رواية، (مكابدات عبد الله العاشق) هي رواية.، (الرواق) هي رواية احرزت المرتبة الأولى عام 1987.،(سابع ايام الخلق) وهي رواية.

قديم 05-06-2012, 03:26 PM
المشاركة 517
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
عمل إبداعي متميّز على الصعيدين العام والخاص
الكتاب: سابع أيام الخلق
المؤلّف: عبد الخالق الركابي
الناشر: المؤسّسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت 2011

> لا يجيد الروائي عبد الخالق الركابي لعبة الترويج للنفس، وهي صناعة باهتة لكل من صار يعبث على الورق بركام من السخام، ويطلق عليه زوراً تسمية «رواية»، كما يطلق منحرف على نفسه لقب قديّس. هذا الروائي تعرّض لحادث مؤسف أوشك على أن ينهي حياته، وتوقّع محبّوه أن ينتحر بعد تلك الاصابة التي حوّلته كومة لحم لا تتحرّك إلا من خلال كرسي متحرّك ولا شيء فيه ـ في المراحل الأولى ـ يتحرّك غير رموشه...! ولولا الدعم والمؤازرة اللذان تلقّاهما من حفنة أصدقاء، ومن زوجته على نحو خاص، لمات الركابي على كرسيّه منتحراً في أقرب فرصة تحرّكت فيها يده بصورة مفاجئة بقوّة الأمل والحب والصداقة.
وهذا الروائي الذي توقّع كثيرون أن ينهي حياته من فوق كرسيّه المتحرّك، فاجأ الجميع حين قرّر إطلاق النار لا على نفسه، بل على التاريخ والزمن والحقارة البشرية التي صار هناك من يحتفل بها ويتلقّى برقيّات التهاني بسبب موهبة الحقارة وحدها..! إنه زمن عراقي رديء تماماً. ويبدو أن عبد الخالق الركابي، الذي يعيش الكتابة الروائية بصدق وصمت وسرّيّة ومن دون ضجيج، لم يعد مشغولاً بما كتب أو يكتب عنه، لأن كل هذا لن يفيده بشيء في اللعبة الروائية الشديدة المراوغة والالتباس. فمن حصار الداخل على الابداع الروائي، والرواية تزدهر في مناخ الحرّيّة، الى حصار الخارج حيث مرجعيّات النقد والكتابة هي مرجعيّات حزبية، عائلية، قبلية، شخصية، مزاجية، ويغيب تماماً السؤال الثقافي، وتتلاشى المعايير النقدية الجدّيّة لمصلحة الهوى والمزاج والرغبة والعلاقة، فليس غريباً أن يمدحك شخص ما ويتوقّع أن تجلب روايتك لك الأعداء، وتجد نفسك كما قال أحدهم «داخل نسيج عنكبوت، من دون رؤية العنكبوت» وبعد أيام لا أكثر، يقوم هذا العنكبوت نفسه، وبلا مقدّمات، بقيادة حملة صبيانية وغوغائية كأنه أراد أن يثبت نبوءته، أو أراد قول ما هو أهمّ، وهو: إن القول وعدمه/ المدح والذمّ/ الحب والكراهية/ يتساويان في تقاليد الغوغاء، وهذه طبيعة العقل المنهار. وحسب الناقد حمزة الحسن، فإن «سابع أيام الخلق» هي ملحمة روائية عراقية تستحق احتفالية خاصّة نسيها النقد في الخارج، ولم يتعرّض لها أحد، كما لو أن الركابي متّهم بارتكاب جريمة العيش في وطن تقلّصت حدوده الى مجرّد كرسي متحرّك، يعيش ويكتب ويحلم داخله ويحاكم الأزمنة. قال عنها الشاعر المبدع رعد عبد القادر: «إن الروائي الركابي قد ارتقى في ـ سابع أيام الخلق ـ الى مستوى الأعمال الابداعية المتميّزة على الصعيدين الخاص والعام. والرواية بعد ذلك هي نوع من الأعمال التي تعادل حياة، وهي ـ أيضاً ـ رواية بحث عميق في المعرفة الشرقية ودقائقها، تتمتّع هندستها بعمليات خلق مرئيّة وغير مرئيّة...».
هذه الرواية كتبت سنة 92، وطبعت سنة 94، ووزّعت لأول مرّة سنة 97، وللمرّة الثانية، وهذه الفترة بين الكتابة والطبع، أعطت الروائي، كما قال هو في مقابلة، فرصة إعادة النظر في النص أكثر من مرّة، وهو أمر لم يحصل في أعماله الأخرى.
تتعرّض هذه الرواية الملحمة الى فترة قرون عدّة من تاريخ العراق، وتعتمد في البناء على مرجعيّات تاريخية ومعرفية وأسطورية مختلفة، من أجل تدعيم فكرة النص، وتعزيز البناء الروائي، وهذه المرجعيّات التي وضعت كخلفية للتخيّل، لم تستخدم كما هي، بل قام الروائي بمنحها بعداً أسطورياً، وهنا أيضاً يفترق الروائي عن المؤرّخ.
والرواية تعتمد على مستويين من الزمن: زمن الحكي، أي زمن الرواية، وزمن الأحداث؛ وكما قال الروائي، إن البؤرة الرئيسية في الرواية ونقطة تلاقي الأزمنة هو: عملية الخلق. أي أن النص يُخلق خلال الكتابة، وخلال تداخل الأزمنة، وتلاقي الشخوص، وليس قبل أو بعد ذلك. وكما حصل في رواية أندريه جيد ـ مزيّفو النقود ـ، فإن إحدى شخصيات رواية الركابي هو روائي ينعزل من أجل كتابة رواية، وهذه طريقة في الحكي الروائي تعتبر من تقنيّات الحداثة الروائية، حيث يقوم الروائي بمساءلة نصّه من داخله... كتب الدكتور مهنّد يونس عن هذه الرواية في مقال له: في «سابع أيام الخلق» هناك بحث لا ينتهي، وهناك رواية داخل أخرى، ولكن بتقنيّة خاصّة تختلف كثيراً عن روايات أخرى من هذا النوع. ونذكر في هذا المجال رواية جيد ـ مزيّفو النقود ـ حيث نعثر من بين الشخصيات على كاتب روائي يكتب روايته المستقلّة داخل رواية جيد الكبيرة... «سابع أيام الخلق» هي أيضاً عودة الى أساليب الحكي التراثية، ومحاولة كتابة روائية بلغة تراثية، وهذه العودة، كما يقول الروائي، ليست استنساخاً، بل استبطاناً وبحثاً عن ذات مغيّبة. وفي هذا النوع من الروايات تقترب تجربة الركابي مع تجارب عربية أخرى، كتجرية الروائي المصري جمال الغيطاني في روايته «الزيني بركات»، وتجربة الروائي المغربي سالم حميش في روايته «مجنون الحكم»، وهي تتحدّث عن فترة حكم الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله وهي شخصية مثيرة للغرابة والتنوّع والفرادة. إن هاجسنا في هذا العرض هو توسيع دائرة النقاش والرؤية والفحص والسؤال، من أجل خلق مرجعية نقدية وثقافية غير هذه التي نعرفها، والخروج من حبس القراءة الواحدة والرأي الواحد الى فضاءات أوسع في الكتابة والحرّيّة، حتى ولو كان ذلك لا يمرّ إلا من خلال أشراك كثيرة، وفخاخ المصادرة، والرأي الواحد والشبيه، غير المسموح بتعدّده إلا عبر التناسخ والتشابه على حساب المغامرة الابداعية، وهي مغامرة الحرّيّة أصلاً >

قديم 05-06-2012, 03:27 PM
المشاركة 518
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
عبد الخالق الركابي
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
عبد الخالق الركابي هو قاص عراقي ولد في محافظة واسط في قظاء بدرة عام 1946 وتخرج من أكاديمية الفنون الجميلة ثم عمل في التدريس تسع سنوات.
حياته الأدبية</SPAN>

بدأ عبد الخالق الركابي حياته الأدبية شاعراً واصدر مجموعة شعرية عام 1976 بعنوان (موت بين البحر والصحراء)، وبعد هذه المجموعة الشعرية بدأ بكتابة القصة القصيرة والرواية فأصدر عام 1977 روايته الأولى (نافذة بسعة الحلم).
أعماله</SPAN>
  • (نافذة بسعة الحلم) وهي رواية.
  • (الموت بين البحر والصحراء) وهو ديوان شعر.
  • (حائط البنادق) وهي مجوعة قصصية.
  • (من يفتح باب الطلسم) وهي رواية.
  • (مكابدات عبد الله العاشق) هي رواية.
  • (الراووق) هي رواية احرزت المرتبة الأولى عام 1987.
  • (قبل أن يحلق الباشق)حازت جائزة أفضل رواية عراقية عام 1990
  • (سابع ايام الخلق) وهي رواية.

قديم 05-06-2012, 03:28 PM
المشاركة 519
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
السيرة الذاتية | عبد الخالق الركابي

• ولد في العراق / محافظة واسط/ قضاء بدرة عام 1946.
• بدأ شاعراً ونشر قصائده أواخر الستينات وأصدر مجموعته الشعرية الوحيدة (موت بين البحر والصحراء) عام 1976/ مطبعة السعدون.
• أكمل دراسته الجامعية عام 1970 وحصل على شهادة بكالوريوس في الفنون التشكيلية.
• عمل في سلك التدريس تسعة أعوام . وبعدها عمل في مجال الثقافة.
• عمل مشرفاً لغوياً في مجلة آفاق عربية في منتصف الثمانينات.
• عمل سكرتيراً لتحرير مجلة أسفار.
• عمل محرراً في مجلة الأقلام حتى عام 2003.
• عضو المجلس المركزي في إتحاد الأدباء والكتاب العراقيين.
• عضو جمعية التشكيليين العراقيين.
• عضو نقابة الصحفيين العراقيين.
• حاز جائزة الدولة في نطاق الرواية والمسرح أكثر من مرة.
• أُختير الروائي ضمن أربع روائيين عالميين من أجل كتابة التاريخ العربي الحديث على شكل رواية في إطار جائزة قطر العالمية للرواية، وقد ترجمت روايته إلى اللغة الإنكليزية والإسبانية والفرنسية، وستصدر في السنة القادمة.
• فازت روايته (الراووق) بجائزة معرض الشرق الكبير في بغداد عام 1987.
• فازت روايته (قبل أن يحلق الباشق) بجائزة أفضل كتاب أدبي عام 1990 عن دار الشؤون الثقافية العامة.
• فازت روايته (سابع ايام الخلق) بجائزة أفضل رواية عراقية عام 1995. كما أُختيرت الرواية نفسها من قبل الاتحاد العام للكتاب العرب ضمن أفضل عشرين رواية عربية في القرن العشرين وقد ترجمت إلى اللغة الصينية على أمل ترجمتها إلى الإنكليزية والفرنسية والروسية، وقد أقرت لطلبة الدكتوراه /قسم الآداب للعام 1995 من قبل جامعة بغداد/ كلية الآداب/ قسم الدراسات العليا.
• في عام 1995 منحه نادي الجمهورية شهادة تقديرية كما أقام النادي نفسه حلقة دراسية حول روايته (سابع أيام الخلق).
• حولت بعض نتاجاته إلى مجالات السينما والتلفاز، منها (حائط البنادق) سهرة تلفزيونية، وفيلم (العاشق) عن روايته مكابدات عبد الله العاشق إخراج الفنان الفلسطيني محمد منير فنري، وفيلم (الفارس والجبل) عن قصته (الخيال) إخراج محمد شكري جميل.
• أصدر المؤلفات الآتية:
• نافذة بسعة الحلم/رواية/1977/منشورات وزارة الإعلام.
• من يفتح باب الطلسم/رواية/1982/منشورات دار الرشيد/ بغداد.
• مكابدات عبد الله العاشق/رواية/1982/منشورات دار الرشيد/ بغداد.
• حائط البنادق/ قصص قصيرة/ 1983/منشورات دار الرشيد/ بغداد.
• الراووق/ رواية/ 1986/ منشورات دار الشؤون الثقافية العامة.
• قبل أن يحلق الباشق/ رواية/ 1990/ منشورات دار الشؤون الثقافية /بغداد.
• سابع أيام الخلق/صدرت الطبعة الأولى عن دار الشؤون الثقافية العامة بغداد عام 1994/ وصدرت الطبعة الثانية عن دار بيسان /بيروت عام 2000/ وصدرت الطبعة الثالثة عن دار المدى /بيروت/2009.
• البيزار/ مسرحية/1999/ منشورات دار الشؤون الثقافية العامة. فازت بجائزة الدولة للمسرح. وصدرت الطبعة الثانية/دار الموسوعات العربية/بيروت.
• نهارات الليالي الألف/ مسرحية/ 2001/ منشورات دار الشؤون الثقافية العامة/طبعة أولى. وصدرت الطبعة الثانية/ دار بيسان/ بيروت.
• أطراس الكلام/ رواية/2002/دار الشؤون الثقافية العامة بغداد/طبعة أولى/ وصدرت الطبعة الثانية عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر /2009.
• سفر السرمدية/ طبعة أولى صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر/بيروت/2005.وصدرت الطبعة الثانية عن دار الشؤون الثقافية العامة/بغداد 6005.
• صدر عنه كتاب (ثلاثية الراووق/ الرؤية والبناء) للدكتور قيس كاظم الجنابي/دار الشؤون الثقافية العامة/ بغداد/2000.
• صدر عنه كتاب (الركابي عرّاب اللاشعور الماكر) تأليف الدكتور حسين سرمك حسن/ بيروت/ المؤسسة العربية للدراسات والنشر/2009.
• يصدر عنه قريباً كتاب (أثر الزمن في خلق البنية الدلالية في رواية “سابع أيام الخلق”) للأستاذ حسن كريم عاتي.
• أُتخذت رواياته مواضيع لثلاث رسائل ماجستير هي: (تحليل الخطاب الروائي في أدب عبد الخالق الركابي) /للسيدة ماجدة هاتو هاشم/جامعة بغداد/ كلية الآداب/2003.
(عبد الخالق الركابي روائياً) للأستاذ رحيم علي جمعة الحربي/ جامعة الموصل/1998.
(بناء الشخصيات في روايات عبد الخالق الركابي) للأستاذ عباس محسن خاوي/ جامعة القادسية/1998.

قديم 05-06-2012, 03:28 PM
المشاركة 520
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
عبد الخالق ألركابي والكتابة الروائية لتاريخ العراق الحديث
ا.د.إبراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث –جامعة الموصل

ليس كفؤاد التكرلي، وعبد الخالق ألركابي من وثق لتاريخ العراق الحديث والمعاصر روائيا .ونكاد نستطيع أن نقرأ التاريخ العراقي الحديث والمعاصر بأجوائه " المعقولة "، و"الغرائبية " ، فيما دبجه يراع هذين الكاتبين الروائيين .ولقد كتبت عن الروائي فؤاد التكرلي منذ زمن في كتابي "تاريخ العراق الثقافي " . وكان في بالي أن أكتب عن عبد الخالق ألركابي إلا أن بعضا من الأمور ، والانشغالات حالت دون ذلك وقد تيسرت الفرصة ألان .
عبد الخلق محمد جواد علي محمود ألركابي ،وهذا هو اسمه الكامل ، من مواليد قضاء بدرة بمحافظة واسط أي الكوت سنة 1946 .درس في مدارس الكوت ،ثم جاء بغداد ودخل أكاديمية الفنون الجميلة وحصل منها على شهادة البكالوريوس في النحت سنة 1970 . عمل في التدريس قرابة تسع سنوات ومن المدارس التي درس فيها مادة التربية الفنية " ثانوية بدرة " في محافظة واسط ..ثم اتجه نحو الكتابة فعمل مشرفا لغويا في مجلة آفاق عربية (البغدادية ) أواسط الثمانينات من القرن الماضي وسكرتيرا لتحرير مجلة "أسفار" ومحررا في "مجلة الأقلام "حتى سنة 2003 .انتخب عضوا في المجلس المركزي للاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق في إحدى الدورات ..وهو عضو في جمعية التشكيليين العراقيين، ونقابة الصحفيين العراقيين . نشر أولى قصائده في أواخر الستينيات من القرن الماضي في مجلة الآداب البيروتية) .)
بدأ عبد الخالق الركابي ، حياته الأدبية فنانا تشكيليا ، وشاعرا ، واصدر مجموعة شعرية سنة 1976 بعنوان : (موت بين البحر والصحراء) . و بعد هذه المجموعة الشعرية اليتيمة بدأ بكتابة القصة القصيرة والرواية ، فأصدر سنة 1977 روايته الأولى : (نافذة بسعة الحلم) ، ثم اصدر (من يفتح باب الطلسم) وهي رواية سنة 1982 ، و(مكابدات عبد الله العاشق) وهي رواية سنة 1982، و(حائط البنادق) سنة 1983وهي مجوعة قصصية. و(الراووق) 1986 وهي رواية أحرزت المرتبة الأولى من بين الروايات العراقية سنة 1987، و(قبل أن يحلق الباشق)وحازت جائزة أفضل رواية عراقية سنة 1990 ومسرحية البيزار 1990و(سابع أيام الخلق) وهي رواية، سنة 1994 و( اطراس الكلام ) 2002 و( سفر السرمدية) 2005 ،.كما اصدر مسرحية في ثلاثة فصول بعنوان: (نهارات الليالي الألف) 2001.
يقول الأستاذ قيس كاظم الجنابي في كتابه " ثلاثية الراووق :الرؤية والبناء دراسة في الأدب الروائي عند عبد الخالق ألركابي " الصادر عن دار الشؤون الثقافية ببغداد سنة 2000 إن سبب تحول ألركابي من الشعر إلى الرواية هو انه "أحس بأن الشعر غير قادر على استيعاب تجربته " ،ولعل ولعه بالتاريخ العراقي الحديث وخاصة الفترة العثمانية 1516-1918 والصراع العثماني – ألصفوي الفارسي حول الاستحواذ على العراق وما نجم عن ذلك من احتلال بريطاني وتشكيل حكم وطني وماتبع ذلك من متغيرات سياسية واجتماعية ، جعله يكتب بتأن وتأمل كبيرين "يقرأ التاريخ العراقي ...ويتأمل الصراعات العديدة فيه ،فهو يستعرض احتلال إيران للعراق في عهد الشاه إسماعيل ألصفوي (914-930 هجرية -1508-1523 ميلادية ) .ثم يحاول الإحاطة بتاريخ العراق تحت حكم الدولة العثمانية مع إعطاء أهمية خاصة للوالي المصلح المتنور مدحت باشا خلال توليه لولاية بغداد 1286-1289 هجرية -1869-1872 ميلادية ) ،ثم يكمل الأحداث حتى الاحتلال البريطاني 1914-1918 فيستمر في ذلك مارا بحرب حزيران –يونية سنة 1973 .وهذا العرض التاريخي عبر ثلاثة أعمال روائية يشكل التفاتة مهمة لقراءة تاريخ العراق الحديث وهو ما دعاه إلى إعادة صياغتها مجددا في ثلاثية الراووق " . ومن الطريف أن ألركابي يقرأ التاريخ العراقي الحديث وفق منهجية تاريخية لايعمل بها إلا في جامعة السوربون فهم هناك يبدأون تدريس التاريخ بالفترة المعاصرة عندما يدرسونه للطلبة ويعودون إلى الفترتين الوسيطة ثم القديمة ..وهكذا نرى بأن الركابي ابتدأ بروايته الموسومة " نافذة بسعة الحلم " والتي نشرت سنة 1977 والتي تتعرض لمرحلة زمنية تمتد من حرب حزيران –يونيو 1967 حتى حرب تشرين –اكتوبر 1973 .
يقف الأستاذ الدكتور شجاع العاني في كتابه " البناء الفني في الرواية العربية في العراق " عند هذه الرواية ، ويطلق على ما فعله ألركابي في روايته : " نافذة بسعة الحلم " حين اختصر أحداثها في يوم واحد فقط ، مصطلح " الكثافة الزمنية " ويقول أن زمن هذه الرواية لايتجاوز بضعة ساعات ، وهي تتركز حول بطلها (حازم ) وقد جعل زمنها الروائي يبتدأ عند (الصباح) حيث مرحلة الطفولة ثم يبلغ (الظهيرة )حيث مرحلة الشباب وينتهي عند (المساء) حيث إصابته بالعوق في حرب اكتوبر -تشرين الأول. ويقينا ان الروائي الركابي أراد القول أن الزمن لايدور في صالح الأمة ، فالحرب قد انتقلت بها من النهضة إلى السقوط ، ومن الحركة إلى السكون ، ومن الاستقرار إلى الفوضى ، ومن الحلم إلى المأساة .بطل الرواية يتعوق في الحرب ويخفق في الزواج لكن مع هذا فالبطل الكلكامشي يظل يقظا في شخصية (حازم )الذي يروي الأحداث بطريقة متوازنة .يقول الجنابي ان حازم بطل الرواية حينما يروي الأحداث فأنه استطاع ان يعبر عن أزمته بطريقة أمنت له التوازن بين جو الهزيمة الخانق الذي يعيشه ، وأفق الانتصار الذي يصبو إليه .أما رواية " من يفتح باب الطلسم " فأنها تطرح فكرة نهاية الحكم العثماني للعراق مشيرة إلى احد أبواب مدينة بغداد وهو " باب الطلسم " الذي حسب السلطان مراد الرابع 1638 انه بسده سيمنع أي فاتح آخر من دخول بغداد ولكن بغداد ظلت عرضة للغزو والاحتلال ..ولم ينس الروائي ألركابي أن يوثق لكثير مما أصاب العراقيين جراء أعمال الغزاة وولاتهم من ماس كبيرة . وفي " مكابدات عبد الله العاشق " يشير ألركابي الى تأثير بلدته الحدودية : بدرة والى وادي الكلال والى ما اختزنته ذاكرته عن انقطاع المياه وسعي الفلاحين إلى تعميق صدور الأنهار عند خط الحدود العراقية –الإيرانية، ومصرع احد الفلاحين نتيجة ذلك، وتلك هي خلفية هذه الرواية وخلفية معظم روايات الركابي التي قال عنها الركابي نفسه في شهادته التي سجلها الناقد والأديب باسم عبد الحميد حمودي في نصه : " الناقد وقصة الحرب" أنها تعتمد تنوير التاريخ العراقي بل تثويره من خلال التركيز على الواقع الاجتماعي .ومن الطريف أن يكون عنوان ثلاثية ألركابي الراووق تعني مخطوطة كتبها احد أبناء عشيرة البواشق لكنها فقدت ..والراووق المصفاة التي ينقى فيها الماء من كل شائبة ولابد من أن تبذل الجهود للعثور على الراووق لتكون أساسا لمعرفة الأصول، وأداة للنهوض، والتخلص من الظلم والاستبداد والاستعباد ، والبدء بالثورة ومن هنا فأن الرواية تتوقف عند ثورة العراقيين الكبرى ضد المحتلين الانكليز وهي المعروفة ب"الثورة العراقية الكبرى " التي أجبرت الانكليز على تغيير سياستهم والشروع بالاستجابة لمطالب العراقيين في إقامة الحكم الوطني .
أقام نادي القصة في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق بمقره في بغداد احتفالية خاصة بالروائي ألركابي تحدث فيها عدد من النقاد وأدارتها السيدة هند القيسي وفي هذه الاحتفالية التي نقل لنا أحداثها الأستاذ محمود النمر في جريدة المدى يوم 26 آذار-مارس 2011 تحدث ألركابي عن منجزه فقال : " إن جدية الحداثة ، والسخرية منها أمر سبق فيه العراقيون العرب الآخرين ، فقد عرفوا الحداثة قبل غيرهم تاركين لنا أيضاً أزمة الحداثة ونحن نخوض أزمة الحداثات في الفن التشكيلي والشعر والقصة والرواية والمسرح والنقد...".
وأضاف الركابي لقد بات أن الحداثة من الأمور البديهية حتى أن الروائيين انتظروا طويلاً إلى سؤال مفاده ،أتصح كتابة الرواية على طريقة روائيو القرن التاسع عشر قرن الروايات العظيمة والروائيين العظام..؟ أم على الطريقة الحديثة طريقة ايريك وكافكا وجويس ،وكما هو متوقع لابد من تبني الاتجاه الأول في مجتمع لا يزال غارقا في ظلام الأمية، وكما حدثت في مجال العلوم الدقيقة قطيعة ابستمولوجيا ، حسب مصطلح باشلار مع الاتجاهات القديمة ، حدث الأمر نفسه في مجال العلوم الإنسانية والرواية من ضمن هذه الأمور ، وعلى هذه الشاكلة مثلت لدي في روايتي – سابع أيام الخلق – هذه القطيعة ،وبعد كتابة خمس روايات هي : نافذة بسعة الحلم ، ومن يفتح باب الطلسم،ومكابدات عبد الله العاشق ، والراووق ، وقبل ان يحلق الباشق . وانسياقا مع قراءاتي التي كانت تنساق إلى الفلسفة المعاصرة وجدت نفسي منهمكا إلى كتابة رواية جديدة في 1992هي - سابع أيام الخلق – لتظهر سنة 1994..." .
كتب عنه عدد من النقاد العراقيين منهم: الأستاذ عبد الرحمن طهمازي ، والدكتور علي جواد الطاهر ،والدكتور محسن الموسوي ، والأستاذ قيس كاظم الجنابي والأستاذ حاتم الصقر ، والأستاذ عيسى حسن الياسري ، والأستاذ حسين سرمك حسن ، والأستاذ مهند يونس والأستاذ حمزة الحسن .كما حاوره كثيرون منهم الأستاذ منذر عبد الحر في " جريدة الشرق الأوسط " وقال عنه انه من المبدعين الذين تميزوا بغزارة النتاج الأدبي، فقد قدم عددا من الروايات والمجموعات القصصية، وبدأ عالم الكتابة والنشر بمجموعة شعرية، سرعان ما تجاوزها إلى عالم الرواية. وتعد أهم مسألة تطرق إليها ألركابي في الحوار هي الحديث عن تكوينه الفكري والثقافي وقراءاته الدائمة والجديدة حين قال أن قراءاته اليومية تتوزع بين كتب التراث، والفلسفة ، والشعر والرواية في الغالب. يقول ألركابي : " ما أنا منهمك في قراءته هو كتاب محمد عابد الجابري (تكوين العقل العربي) الذي سبق أن قرأته منذ أعوام، إلا أنني أعدت قراءته الآن لكي أتواصل مع الأجيال الثلاثة الأخرى من هذه الموسوعة الفكرية الرائعة والمتمثلة لبنية الفكر العربي، والعقل السياسي العربي، والعقل الأخلاقي العربي... " .
وأضاف أن كتاب "ألف ليلة وليلة" ، يلازمه منذ طفولته، إذ انه لا يتذكر عدد المرات التي قرأ فيها هذا الكتاب الذي يحسب انه الكتاب الأول في تأريخ هذا الكوكب. وهناك أيضا "ديوان المتنبي "بطبعاته وشروحاته المتعددة، الذي يلازمه باستمرار، فضلا عن "حماسة أبي تمام" . وهناك «الصخب والعنف» لفوكنر، وهناك بالتأكيد" القرآن الكريم،" و"الكتاب المقدس" لا سيما "التوراة"، من دون ان ينسى ملحمة كلكامش والأساطير العراقية القديمة عموما، سواء أكانت سومرية أم بابلية أم آشورية.
يرى الناقد طراد الكبيسي أن رواية " سابع أيام الخلق" لعبد الخالق ألركابي ، هي رواية مكان " يتهرب من الزمن المحسوس عبر الزمن المتخيل، ويتموضع في جماليات تعتمد الحركة التصويرية في متابعة الحدث" . وتدور أحداث الرواية حول البحث عن مخطوط " الراووق" ، الذي ضاع الأصلمنه، واختلف الرواة في ما جاء فيه وذلك بهدف الوصول إلى الحقيقة في السيرة المطلقة .
إن الشيئ الذي أكده الناقد الكبيسي هو أن معظم روايات ألركابي تستلهم "التراث"، أو "التاريخ" ، لتنحو عبره إلى قراءة الحاضر.وهنا يمكن القول –تماشيا مع ما قاله فيلسوف التاريخ الايطالي كروتشة أن هذا الحكم يعد صحيحا ، فالتاريخ كله ،في نهاية الأمر ، تاريخ معاصر أي أننا ننظر إلى الماضي بعين الحاضر .. ندرس التاريخ لنفهم الحاضر ونستكشف المستقبل . ويقدم الناقد الكبيسي للقارئ مقدمة ضافية لعمله الذي يتناول فيه رواية "سابع أيام الخلق " من جوانبها المختلفة بقوله : في (سابع أيام الخلق) ليس هناك حدث بمعنى الحدث في رواية القرن التاسع عشر مثلا، لذا لا نجد الشكل الروائي يتخذ تسلسل البداية، الوسط. النهاية، الذي يراه البعض عاكسا للزمن والتاريخ.. إننا إزاء (شكل مكاني) يتهرب من الزمن المحسوس عبر الزمن المتخيل، ويتموضع في جماليات تعتمد الحركة التصويرية في متابعة البحث عن مخطوط (الراووق ( وتحقيقه للوصول إلى حقيقة ما حدث في اليوم الذي سمي بـ(دكة المدفع) ودكة أو دقة بلهجة العراقيين الشعبية تعني "الحادثة " أو "الواقعة " ، ولذا فإن القارئ للرواية لا بد أن يحس التكرار واللاتزامن، فالرواية مقيدة بموضوع مغلق، والأحداث اليومية المتماثلة والشخصيات تتحرك في حركة دائرية مغلقة هي الأخرى بحكم المكان المحدد.
ليس من شك في أن ألركابي أثرى الحياة الثقافية المعاصرة في العراق ، وفتح آفاقا واسعة لفهم المجتمع العراقي وإشكالاته وعقده النفسية .وفي هذا المجال يقول الناقد مالك المطلبي انه درس بعضا من روايات ألركابي ، وسلط الضوء على تراكيب السرد الروائي فأكتشف بأن الكلام عن روايات ألركابي هو كلام عن العالم المكتظ ويضيف : " في تقديري أن ألركابي يلعب لعبة داخل اللعبة ، فالفنون والآداب كلها العاب وانساق ،وان استمدت لغتها من الواقع وان اتجهت إلى القارئ الواقعي ..إنها تبدأ بالواقع وتتجه إلى الواقع لكن مابين البدء والاتجاه يوجد نسق من الألعاب وهو يلعب بموضوعه داخل اللعبة ويتعامل مع قضية الزمن على أنها قضية أساسية .وإذا قلنا بأن الأعمال الروائية تقوم على الحكايا أو ما يسمى ب"المتن الحكائي " والسرد فأن النص هو مرجع عبد الخالق ألركابي .أما الناقد فاضل ثامر فيرى أن ثمة طرقا عديدة لقراءة عبد الخالق الركابي روائيا .ففي إحدى رواياته وهي "سفر السرمدية " نجد ان شخصا طلب منه أن يدخل إلى أربعين غرفة ، وحذر من الدخول إلى غرفة واحدة . ويقينا أن هذا الشخص يعمل جاهدا للدخول إلى مثل هذه الغرفة لأنها غرفة الإسرار . ان عبد الخالق ألركابي في هذه السيرة الروائية يكشف منحى مهما فيما يسمى "ماوراء السرد أو " الميتافكشن" ، ومعنى هذا أن ألركابي بدأ رواياته الأخيرة منذ الراووق ، على التمحور على كتابة الرواية بشكل واع أو وجود رواية داخل الرواية
وأكد المسرحي والناقد عباس لطيف علي " أن هناك في حياة كل مبدع عملاً واحداً يتمحور عليه ، بدليل أن الروائي المصري نجيب محفوظ في كل أعماله (يشتر) زقاق المدق وظل (يشتر) الثلاثية ،ولكني أرى في سرديات عبد الخالق ألركابي أن هناك روحاً تجريبية تسري في كل رواية ولا يستكين إلى قالب معين يذهب إلى أقاصي المغامرة كي يمسك نسقا روائيا يتماش مع الواقع بمنظور وبمدخل جديد" . في بحثه الموسوم: "اثر الزمن المفترض في خلق البنية الدلالية في رواية
(
سابع أيام الخلق) للروائي عبد الخالق ألركابي" يقول الأستاذ حسن كريم عاتي :
"إن المنجز الإبداعي للروائي عبد الخالق ألركابي يتميز بميزتين أساسيتين، هما: التنوع والغزارة. فهو منذ صدور مجموعته الشعرية الأولى (موت بين البحر والصحراء)، تواصل في نتاجه الأدبي ، ورفد المكتبة العربية بالعديد من الأعمال الأدبية، بل زاد في ذلك من خلال انتقاله في مختبره الإبداعي بين الأنماط الأدبية من قصة قصيرة ورواية ومسرحية. هذا فضلا عن نصوص قصصية منفردة ولقاءات صحفية عبر فيها عن رؤياه الجمالية في منجزه و في غيره.غير أن ما يلفت النظر في ذلك المنجز على تنوعه. إن ألركابي لم يكن به ميلاً إلى تكرار الإنتاج في نمط واحد يقدم فيه عملاً سوى الرواية. فقد اصدر مجموعة شعرية واحدة، آنفة الذكر، وهي البكر في إنتاجه الأدبي، ومجموعة قصصية واحدة هي (حائط البنادق) . ومسرحية (البيزار) التي كرر في نمطها مسرحية (نهارات الليالي الألف). في حين اصدر روايات عدة هي على التوالي: (نافذة بسعة الحلم)، (من يفتح باب الطلسم)، (مكابدات عبد الله العاشق)، (الراووق)، (قبل ان يحلق الباشق)، (سابع أيام الخلق), التي تعد من بين أعماله الروائية الأكثر تميزا، و (اطراس الكلام) وأخيرا (سفر السرمدية) التي نشرت على حلقات في إحدى الصحف. مما يؤكد ميله إلى استخدام الرواية أداة تعبير يحقق من خلالها قدرة القول ، ويفصح عن رؤياه الجمالية عبر تقنيات كتابتها.
وقد استثمر في ذلك التنوع بين الأنماط، تنوع آخر في أساليب كتابتها، بين المستل من عمق التراث، وبين المستحدث على وفق أخر التطورات التقنية في فن الكتابات السردية.
اعتمد الركابي في تلك الاعمال جميعها التعبير عن " البيئة العراقية " على المستويين المحلي والوطني. كانت من بينها الأعمال الروائية الثلاث (الراووق)، (قبل أن يحلق الباشق)، (سابع أيام الخلق). التي اعتمدت - ومثل ما اعتمدت سابقاتها وفي إطارها الجغرافي - على البيئة المحلية العراقية نفسها . وتحديداً منطقة طفولته وصباه، غير أنها إتصلت مع بعضها عبر وشائج تحاول بها ان تحيل القارئ الى أماكن أكثر اتساعاً والى زمن اكبر مما استغرقه فعلا . فأصبحت بذلك أعماله ترتبط بتاريخ واسع لجغرافية محددة قابلة للانفتاح.. وقد كانت روايته (سابع أيام للخلق) إضافة نوعية مهمة للرواية العربية والعراقية معا. لما تمتاز به من خصائص فنية على مستوى البناء والسرد فيها، والذي قال عنها قبل سنوات أنها تمثل النقطة الأساسية في نتاجه الروائي خاصة وأنها اعتمدت الأسانيد التراثية والمعارف الصوفية، وتحديداً نظرية وحدة الوجود.
إن ما قدمه الروائي عبد الخالق ألركابي ، عبر السنين الماضية وخاصة رواياته التي وثق فيها تاريخ العراق الحديث ،يعد انجازا ثقافيا متميزا يرتقى في كثير من جوانبه الشكلية ، والجوهرية إلى الأعمال الروائية العالمية التي أحدثت نقلة نوعية في مسيرة الرواية التاريخية .والاهم من ذلك كله انه صار بمقدورنا –كمؤرخين –اعتماد "النص الركابي " مصدرا لكثير من بواطن الأحداث التاريخية العراقية الحديثة .ولايمكن إغفال الروح الجمالية التي تميزت بها روايات ألركابي ولغته القوية وأسلوبه الواضح ونفسه الوطني وغيرته على بلده وتصديه لكل من يحاول العبث بمقدراته .لقد عاش الرجل بعيدا عن السلطة والسلطان طيلة أربعين عاما ..كنت أراه وهو يستخدم عكازه نتيجة حادث تعرض له كاد يودي بحياته ، وجعله طريح الفراش سنوات عديدة ، يجلس بعيدا عندما يضطر لحضور ندوة أو مؤتمر لايتقرب أحدا من المسؤولين ..كان بسيطا في ملبسه ، متواضعا في جلسته ، يصغي ، ويناقش بصوت هادئ ..كنت أحبه عن بعد وأراقبه بعين مؤرخ ، وأقول بيني وبين نفسي بمثل هذا الإنسان يرتقي العلم وتتسع دائرة الثقافة ويبنى الوطن . ومن الأمور المفرحة أن الرجل ، حظي بالاحترام من الجميع ، وان بعض رواياته حصلت على جوائز وتكريمات في العراق . كما أن بعضا منها قرر في المدارس والجامعات العراقية ، وترجم عدد من هذه الروايات إلى اللغات العالمية الحية ،ورشحت لجوائز عالمية في الرواية التاريخية ،واختيرت بعض رواياته وقدمت سينمائيا وتلفزيونيا ومن ذلك ، على سبيل المثال ، فيلم العاشق عن روايته "مكابدات عبد الله العاشق "وفيلم "الفارس والجبل "عن قصته الخيال تحية لك أيها الروائي العراقي الكبير ، وجزاك الله خيرا على ما قدمت .


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 85 ( الأعضاء 0 والزوار 85)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2483 09-23-2019 02:12 PM
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 523 09-09-2018 03:59 PM
اعظم 100 كتاب في التاريخ: ما سر هذه العظمة؟- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 413 12-09-2015 01:15 PM
القديسون واليتم: ما نسبة الايتام من بين القديسين؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 18 08-22-2012 12:25 PM

الساعة الآن 02:09 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.