قديم 08-07-2010, 03:03 PM
المشاركة 21
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مقتطفات من كتاب ~ لا تحزن ~
العلم هُدى وشِفاءٌ :



ذَكَرَ ابنُ حزمٍ في ( مُداواة النفوس ) أنَّ منْ فوائدِ العلمِ : نَفْيَ الوسواسِ عن النَّفْسِ ، وطرْدَ الهمومِ والغمومِ والأحزانِ .
وهذا كلامٌ صحيحٌ خاصَّةً لمنْ أحبَّ العِلْم وشغف به وزاولهُ ، وعمل به وظهر عليه نفْعُه وأثرُه .
فعلى طالبِ العلمِ أن يوزِّع وقته ، فوقتٌ للحفْظِ والتكرارِ والإعادةِ ، ووقتٌ للمطالعةِ العامَّةِ ، ووقتٌ للاستنباطِ ، ووقتٌ للجَمْعِ والتَّرتيبِ ، ووقتٌ للتأمُّلِ والتدبُّرِ .
فكُنْ رجُلاً رِجْلُه في الثَّرى
وهامةُ هِمَّتِهِ في الثُّريَّا

قديم 08-07-2010, 03:04 PM
المشاركة 22
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مقتطفات من كتاب ~ لا تحزن ~
عسى أن يكون خيراً


للسيوطي كتابٌ بعنوان ( الأرجُ في الفرج ) : ذَكَرَ منْ كلامِ أهلِ العلمِ ما مجموعُه يُفيدُنا أنَّ المحَابَّ كثيرةٌ في المكارهِ ، وأنَّ المصائب تُسفرُ عن عجائب وعن رغائب لا يُدركُها العبدُ ، إلا بعد تكشُّفِها وانجلائِها .
لعَمْرُك ما يدري الفتى كيف يتَّقي

نوائب هذا الدَّهرِ أمْ كيف يحْذرُ
يرى الشيء ممَّا يُتَّقى فيخافُه
وما لا يرى مما يقِي اللهُ أَكْبَرُ

قديم 08-07-2010, 03:05 PM
المشاركة 23
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مقتطفات من كتاب ~ لا تحزن ~
السعادةُ موهبةٌ ربَّانيَّة


ليس عجباً أنْ يكون هناك نفرٌ من الناسِ يجلسون على الأرصفةِ ، وهم عُمَّالٌ لا يجدُ احدُهم إلا ما يكفي يومه وليلته ، ومع ذلك يبتسمون للحياةِ ، صدورُهم منشرِحةٌ وأجسامُهم قويةٌ ، وقلوبُهم مطمئنَّةٌ ، وما ذلك إلا لأنَّهم عَرَفوا أنَّ الحياة إنما هي اليومُ ، ولم يشتغلوا بتذكُّرِ الماضي ولا بالمستقبلِ وإنما أفنوْا أعمارهم في أعمالِهم .
وما أُبالي إذا نفسي تطاوعُني
على النَّجاةِ بمنْ قدْ عاش أو هلكا
وقارِنْ بين هؤلاء وبين أناسٍ يسكنون القصور والدُّور الفاخرة ، ولكنَّهمْ بَقُوا في فراغٍ وهواجس ووساوس ، فشتتهُمُ الهمُّ ، وذهب بهم كلَّ مذهبِ .
لحا اللهُ ذي الدِّنيا مُناخاً لراكِبٍ
فكُلُّ بعيدٍ الهمِّ فيها مُعذَّبُ

قديم 08-07-2010, 03:06 PM
المشاركة 24
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مقتطفات من كتاب ~ لا تحزن ~
أُمَّهاتُ المراثي



هناك ثلاثُ قصائد خلَّدتْ منْ قِيلتْ فيهم :
ابنُ بقيَّة الوزيرُ الشهيرُ ، قتلهُ عَضُدُ الدولةِ ، فرثاهُ أبو الحسنِ الأنباريُّ بقصيدتِه الرائعةِ العامرةِ ، ومنها :
عُلُوٌّ في الحياةِ وفي المماتِ

لحقٌّ تِلْك إحدى المُعجزاتِ
كأنَّ الناس حوْلك حين قاموا

وفودُ نداك أيام الصِّلاتِ
كأنَّك واقِفٌ فيهم خطيباً

وهمْ وقفُوا قِياماً للصَّلاةِ
مددت يديْك نحوهمُو اختفاءً

كمدِّهما إليهمْ بالهِباتِ
ولما ضاق بطنُ الأرضِ عنْ أنْ

يُواروا فيه تلك المكْرُماتِ
أصاروا الجوَّ قبرك واستعاضوا

عليك اليوم صوت النّائِحاتِ
وما لك تُربةٌ فأقولُ تُسقى

لأنَّك نُصْب هطْلِ الهاطِلاتِ
عليك تحيَّة الرحمنِ تتْرى

بتبريكِ الفؤادِ الرّائِحاتِ
لِعظْمِك في النُّفُوسِ تباتُ تُرعى


بحُراسٍ وحُفَّاظٍ ثقاتِ
وتُوقدُ حولك النيرانُ ليلاً
كذلك كُنت أيام الحياةِ

قديم 08-07-2010, 03:06 PM
المشاركة 25
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مقتطفات من كتاب ~ لا تحزن ~
ما أجمل العباراتِ ، وما أجمل الأبياتِ ، وما أنْبَلَ هذهِ المُثُل ، وما أضخم هذهِ المعاني . الله ما أجْملها من أوسمةٍ ، وما أحسنها من تِيجان !!
لمَّا سمع هذه الأبيات عضدُ الدولة الذي قتلهُ ، دمعتْ عيناه وقال : وددتُ واللهِ أنني قُتلتُ وصُلِبْتَ ، وقيِلتْ فيَّ .
ويُقتلُ محمدُ بنُ حميدٍ الطوسيُّ في سبيلِ اللهِ ، فيقولُ أبو تمام يرثيه :
كذا فليجلَّ الخطبُ وليَفْدحِ الأمرُ

فليْس لِعَيْنٍ لم يفِضْ ماؤها عُذْرُ

تُوفِّيتِ الآمالُ بعد محمَّدٍ

وأصبح في شُغلٍ عن السَّفرِ السَّفرُ
تردَّ ثياب الموت حُمْراً فما دَجَى
لها الليلُ إلا وهي منْ سُنْدُسٍ خُضْرُ
إلى آخرِ ما قال في تلك القصيدةِ الماتِعةِ ، فسمِعها المعتصمُ ، وقال : ما مات من قِيلتْ فيه هذهِ الأبياتُ .
ورأيتُ كريماً آخر في سلالةِ قُتيبة بنِ مسلمٍ القائدِ الشهيرِ ، هذا الكريمُ بذل ماله وجاههُ ، وواسى المنكوبين ، ووقف مع المصابين وأعطى المساكين ، وأطعم الجائعين ، وكان ملاذاً للخائفين ، فلمَّا مات ، قال أحدُ الشعراء :
مضى ابنُ سعيدٍ حين لم يبق مشرِقٌ

ولا مغرِبٌ غلاَّ لهُ فيهِ مادحُ
وما كنتُ أدري ما فواضِلُ كفِّهِ

على الناسِ حتى غيَّبتْهُ الصَّفائحُ
وأصبح في لحدٍ مِن الأرضِ ضيِّقٍ

وكانتْ به حيّاً تضِيقُ الصَّحاصحُ
سأبكيك ما فاضتْ دموعي فإنْ تفِضْ

فحسْبُك مني ما تجِنُّ الجوابِحُ
فما أنا مِنْ رُزْءٍ وإنْ جلَّ جازِعٌ

ولا بسرورٍ بعد موتِك فارِحُ
كأنْ لم يُمتْ حيٌّ سواك ولم تقُمْ

على أحدٍ إلا عليك النَّوائِحُ
لئنْ عظُمتْ فيك المراثي وذكْرُها
لقد عظمتْ مِنْ قبلُ فيك المدائحُ
وهذا أبو نواس يكتبُ تاريخ الخصيبِ أميرِ مِصْرِ، ويسجِّل في دفترِ الزمانِ اسمه فيقولُ :
إذا لم تزُرْ أرض الخصيبِ ركابُنا

فأيَّ بلادٍ بعدهنَّ تزورُ
فما جازهُ جودٌ ولا حلَّ دونه

ولكنْ يسيرُ الجودُ حيثُ يسيرُ
فتىً يشتري حُسْن الثَّناءِ بمالِه
ويعلمُ أنَّ الدَّائراتِ تدورُ




ثم لا يذكُرُ الناسُ منْ حياةِ الخصيبِ ، ولا منْ أيامِه إلا هذهِ الأبيات .

قديم 08-07-2010, 03:08 PM
المشاركة 26
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مقتطفات من كتاب ~ لا تحزن ~
وقفــــــةٌ



((اللهمَّ اقِسمْ لنا مِنْ خشيتِك ما تحُولُ به بيننا وبين معاصيك ، ومنْ طاعتِك ما تُبلُغُنا به جنَّتك ، ومن اليقينِ ما تُهوِّنُ به علينا مصائب الدنيا ، ومتِّعْنا بأسماعِنا وأبصارِنا وقوَّتِنا ما أحْييْتنا ، واجْعلْه الوارِث منا ، واجعلْ ثأرنا على منْ ظَلَمَنا ، وانصُرْنا على منْ عادانا ، ولا تجعلْ مصيبتنا في ديننِا ، ولا تجعلِ الدُّنيا أكبر همنا ، ولا مبلغ عِلْمِنا ، ولا تُسلِّطْ علينا بذنوبنا منْ لا يرحمُنا )) .
قال عليُّ بنُ مقلة :
إذا اشتملتْ على اليأسِ القلوبُ

وضاق لما بهِ الصَّدرُ الرَّحيبُ
وأوْطنتِ المكارهُ واطمأنَّتْ

وأرستْ في أماكنِها الخطوبُ
ولم تر لانكشافِ الضُّرِّوجهاً

ولا أغنى بحِيلتِهِ الأريبُ
أتاك على قُنُوطِك منهُ غَوْثٌ

يمُنُّ به القريبُ المُستجيِبُ
وكُلُّ الحادثاتِ وإن تناهتْ
فموصولٌ بها فرجٌ قريبُ

قديم 08-07-2010, 03:10 PM
المشاركة 27
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مقتطفات من كتاب ~ لا تحزن ~
اكتبْ تأريخك بَنفْسِك



كنتُ جالساً في الحرَمِ في شدَّةِ الحرّ ، قبل صلاةِ الظهرِ بساعةٍ ، فقام رجلٌ شيخٌ كبيرٌ ، وأخذ يُباشِرُ على الناسِ بالماءِ الباردِ ، فيأخذُ بيدهِ اليُمنى كوباً ،
وفي اليُسرى كوباً ، ويسقيهمُ منْ ماءِ زمزم ، فكلَّما شرب شاربٌ ، عاد فأسقى جارهُ ، حتى أسقى فِئاماً من الناسِ ، وعَرَقُه يتصبَّبُ ،
والناسُ جلوسٌ كلٌّ ينتظرُ دوره ليشرب منْ يدِ هذه الشيخِ الكبيرِ ، فعجبتُ منْ جلدِهِ ومنْ صبرِهِ ومنْ حبِّه للخيرِ ،
ومن إعطائِه هذا الماءَ للناسِ وهو يتبسَّمُ ، وعلمتُ أنَّ الخير يسيرٌ على منْ يسرَّه اللهُ عليه ، وأنَّ فِعْلَ الجميِل سَهْلٌ على منْ سهَّلهُ اللهُ عليه ،
وأنَّ للهِ ادِّخاراتٍ من الإحسانِ ، يمنحُها منْ يشاءُ منْ عبادهِ ، وأنَّ اللهُ يُجري الفضائل ولو كانتْ قليلةً على يدِ أناسٍ خيرِّين ، يحبُّون الخيْر لعبادِ اللهِ ، ويكرهون الشَّرَّ لهم .
أبو بكر يعرِّضُ نفسه للخطرِ في الهجرةِ ، حمايةً للرسولِ  .
وحاتمُ ينامُ جائعاً ، ليشبع ضيوفه .
وأبو عبيدة يسهرُ على راحةِ جيشِ المسلمين .
وعمرُ يطوفُ المدينة والناسُ نيامٌ .
ويتلوى من الجوعِ عام الرَّمادة ، ليُطعم الناس .
وأبو طلحة يتلقى السهام في أُحُدٍ ، ليقي رسول اللهِ  .
وابنُ المباركِ يُباشِرُ على الناسِ بالطعامِ وهو صائمٌ .
ذهبوا يرون الذكر عمراً ثانيا
ومضوا يعدُّون الثناء خلودا
﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ﴾ .

قديم 08-07-2010, 03:12 PM
المشاركة 28
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مقتطفات من كتاب ~ لا تحزن ~
أنْصِتْ لكلامِ اللهِ



هدِّئ أعصابك بالإنصاتِ إلى كتابِ ربِّك ، تلاوةً مُمتعةً حسنةً مؤثِّرةً منْ كتابِ اللهِ ، تسمعُها منْ قارئٍ مجوِّدٍ حَسَنِ الصوتِ ،
تصلُك على رضوانِ اللهِ عزَّ وجلَّ ، وتُضفي على نفسِك السكينة ، وعلى قلبِك يقيناً وبرداً وسلاماً .
كان  يحبُّ أنْ يسمع القرآن منْ غيرِهِ ، وكان  يتأثَّرُ إذا سمع القرآن منْ سواهُ ، وكان يطلُبُ منْ أصحابِه أنْ يقرؤوا عليهِ ،
وقد أُنزل عليهِ القرآنُ هو ، فيستأنسُ  ويخشعُ ويرتاحُ .
إنَّ لك فيهِ أسوةً أنْ يكون لك دقائقُ ، أو وقتٌ من اليومِ أو الليلِ ، تفتحُ فيهِ المذياع أو مسجّلاً ، لتستمع إلى القارئِ الذي يعجبُك ،
وهو يتلو كلام اللهِ عزَّ وجلَّ إنَّ ضجَّة الحياةِ وبلبلة الناسِ ، وتشويش الآخرين ، كفيلٌ بإزعاجِك ، وهدِّ قُواك ، وبتشتيتِ خاطرِك .
وليس لك سكينةٌ ولا طمأنينةٌ ، إلاَّ في كتابِ ربِّك وفي ذكرِ مولاك : ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ .
يأمرُ  ابن مسعودٍ ، فيقرأ عليه منْ سورةِ النساءِ ، فيبكي  حتى تنهمر دموعُه على خدِّه ، ويقولُ : (( حسْبُك الآن )) .
ويمرُّ بأبي موسى الأشعريِّ ، وهو يقرأُ في المسجدِ ، فيُنصتُ لهُ ، فيقولُ له في الصباحِ : (( لو رأيتني البارحة وأنا أستمعُ لقراءتِك ))
، قال أبو موسى : لو أعلمُ يا رسول الله أنك تستمعُ لي ، لحبَّرْتُهُ لك تحبيراً .
عند ابن أبي حاتم يمرُّ  بعجوزٍ ، فيُنصت إليها منْ وراءِ بابها ، وهي تقرأُ ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ﴾ ، تعيدُها وتكرِّرُها ،
فيقولُ : (( نعم أتاني ، نعم أتاني )) .
إنَّ للاستماعِ حلاوةً ، وللإنصاتِ طلاوةً .
أحدُ الكُتاّبِ اللامعين المسلمين سافر إلى أوربا ، فأبحر في سفينةٍ ، وركبتُ معه امرأةٌ منْ يوغسلافيا ، شيوعيَّةٌ فرَّتْ منْ ظُلمٍ ومنْ قهرِ تيتو ،
فأدركتْه صلاةُ الجمعةِ مع زملائِه ، فقام فخطبهم ، ثم صلَّى بهمْ وقرأ سورة الأعلى والغاشية ، وكانتِ المرأةُ لا تجيدُ العربية ،
كانتْ تُنصتُ إلى الكلام وإلى الجرْسِ وإلى النَّغمةِ ، وبعد الصلاةِ سألتْ هذا الكاتب عن هذهِ الآياتِ ؟ فأخبرها أنها من كلامِ اللهِ عزَّ وجَّل ،
فبقيتْ مدهوشةً مذهولةً ، قال :
ولم تمكنّي لغتي لأدعُوها إلى الإسلامِ :
﴿ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ﴾ .
إنَّ للقرآنِ سلطاناً على القلوبِ ، وهيبةٌ على الأرواحِ ، وقوةً مؤثَّرةً فاعلةً على النفوسِ.
عجبتُ لأناسٍ من السلفِ الأخبارِ ، ومن المتقدِّمين الأبرار، انهدُّوا أمام تأثيرِ القرآن ،وأمام إيقاعاتِه الهائلةِ الصادقةِ النافذةِ :
﴿ لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ .



يتبـــع ~

قديم 08-07-2010, 03:13 PM
المشاركة 29
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مقتطفات من كتاب ~ لا تحزن ~
فذاك عليُّ بنُ الفُضيل بن عياضٍ يموتُ لمَّا سمع أباه يقرأُ : ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ{24} مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ ﴾ .
وعمرُ رضي اللهُ عنه وأرضاهُ منْ سماعِه لآيةٍ ، ويبقى مريضاً شهراً كاملاً يُعادُ ، كما يُعادُ المريضُ ، كما ذكر ذلك ابنُ كثيرٍ .
﴿ وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى ﴾ .
وعبدُاللهِ بنُ وهبٍ ، مرَّ يوم الجمعةِ فسمع غلاماً يقرأُ : ﴿ وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ... ﴾ فأُغمي عليه ، ونُقل إلى بيتهِ ،
وبقي ثلاثة أيامٍ مريضاً ، ومات في اليوم الرابعِ . ذَكَرَه الذهبيُّ .
وأخبرني عالمٌ أنه صلَّى في المدينةِ ، فقرأ القارئُ بسورةِ الواقعةِ ، قال : فأصابني من الذهولِ ومن الوجلِ ما جعلني اهتزُّ مكاني ،
وأتحرَّكُ بغيرِ إرادةٍ مني ، مع بكاءٍ ، ودمعِ غزيرٍ . ﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴾ .
ولكنْ ما علاقةُ هذا الحديثِ بموضوعِنا عنِ السعادةِ ؟!
إنَّ التشويش الذي يعيشُه الإنسانُ في الأربعِ والعشرين ساعةً كفيلٌ أنْ يُفقِده وعيهُ ، وأن يُقلقه ، وأن يُصيبه بالإحباطِ ،
فإذا رَجَعَ وأنصت وسَمَعَ وتدبَّر كلام المولى ، بصوتٍ حسنٍ منْ قارئٍ خاشعٍ ، ثاب إليه رُشدُه ، وعادتْ إليه نفسهُ ، وقرَّتْ بلابلهُ ،
وسكنتْ لواعِجُه . إنني أُحذَّرك بهذا الكلامِ عنْ قومٍ جعلُوا الموسيقى أسباب أُنسِهمْ وسعادتِهمْ وارتياحِهم ، وكتبُوا في ذلك كُتُباً ،
وتبجَّح كثيرٌ منهمْ بأنَّ أجمل الأوقات وأفضل الساعات يوم يُنصت إلى الموسيقى ، بلْ إنَّ الكُتَّاب الغربيين الذين كتبُوا عن السعادةِ وطردِ القلقِ
يجعلون منْ عواملِ السعادةِ الموسيقى . ﴿ وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً ﴾ ، ﴿ سَامِراً تَهْجُرُونَ ﴾ .
إنَّ هذا بديلٌ آثِم ، واستماعٌ محرَّم ، وعندنا الخيْرُ الذي نزل على محمدٍ  ، والصِّدقُ والتوجيهُ الرَّاشدُ الحكيمُ ،
الذي تضمَّنه كتاب اللهِ عزَّ وجلَّ : ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ .
فسماعٌنا للقرآنِ سماعٌ إيمانيٌّ شرعيٌّ محمديٌّ سنيٌّ ﴿ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ ﴾ ،
وسماعُهم للموسيقى سماعٌ لاهٍ عابثٌ ، لا يقومُ به إلا الجَهَلةُ والحمقى والسُّفهاءُ من الناسِ
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ .

قديم 08-07-2010, 03:15 PM
المشاركة 30
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مقتطفات من كتاب ~ لا تحزن ~
كلٌّ يبحثُ عنِ السعادةِ ولكنْ



للعالمِ الإسكافيِّ كتابٌ بعنوان ( لُطْفُ التدبيرِ ) وهو كتابٌ جمُّ الفائدةِ ، أخَّاذٌ جذَّابٌ جلاَّبٌ ، مؤدَّى الكلامِ فيه البحثُ عن السيادةِ والسعادةِ
والرِّيادةِ ، فإذا الاحتيالُ والمكرُ والدهاءُ ، وضَرْبٌ من السياسةِ ، وأفانينُ من الالتواءِ ، فَعًَلها كثيرٌ من الملوكِ والرؤساءِ ، والأدباءِ والشعراءِ ،
وبعضِ العلماءِ ، كلُّهم يريدُ أنْ يهدأ وأنْ يرتاح ، وأنْ يحصل على مطلوبهِ ، حتى إنّهُ منْ عناوينِ هذا الكتابِ :
في لطفِ التدبيرِ ، تسكيرُ شغْبٍ ، وإصلاحُ نِفارٍ أو ذاتِ بيْن ، ماذا يفعلُ المنهزمُ في مكائدِ الأعداءِ ، مُكايَدَةُ صغيرٍ لكبيرٍ ، في دفعِ مكروهٍ بقولٍ ،
في دفعِ مكروهٍ بمكروهٍ ، في دفعِ مكروهٍ بلُطفٍ ، في لُطفِ التدبيرِ في دفعِ مكروهٍ ، في مُداراةِ سلطانٍ ، في الانتقامِ منْ سالِب مُلكٍ ،
في الخلاصِ منْ نِقْمةٍ في الفتْكِ والاحترازِ منُه في إظهارِ أمرٍ لإخفاءِ غيرِه . إلى آخرِ تلك الأبوابِ .
ووجدتُ أنَّ الجميع كلَّهمْ يبحثون عنِ السعادِة والاطمئنانِ ، ولكنْ قليلٌ منهمْ منِ اهتدى إلى ذلك ووُفِّق لنيْلِها .
وخرجتُ من الكتابِ بثلاثِ فوائد :
الأولى : أنَّ منْ لم يجعلِ الله نصب عينيه ، عادتْ فوائدُه خسائِر وأفراحُه أتراحاً ،
وخيراتُه نكباتٍ ﴿ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ .
الثانيةِ : أنَّ الطرق الملتوية الصَّعْبة التي يسعى إليها كثيرٌ من الناسِ في غيرِ الشريعةِ ،
لنيلِ السعادةِ ، يجدونها – بطُرُقٍ أسهَلَ وأقرَبَ – في طريق الشرعِ المحمديِّ ،
﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً ﴾ فينالون خَيْرَ الدنيا وخَيْرَ الآخرةِ .
الثالثةِ : أنَّ أُناساً ذهبتْ عليهمْ دنياهم وأخراهم ، وهمْ يظُنُّون أنهم يُحسنون صُنعاً ، وينالون سعادةً ، فما ظفرُوا بهذه ولا بتلك ،
والسببُ إعراضُهم عن الطريقِ الصحيحِ الذي بعث اللهُ به رُسُلَهُ ، وأنزل به كتبه ، وهي طلبُ الحقِّ ،
وقولُ الصدْقِ ، ﴿ َتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ ﴾ .
كان أحدُ الوزراءِ في لهوهِ وطربِه ، فأصابه غمٌّ كاتِمٌ ، وهمٌّ جاثِمٌ فصرخ :
ألا موتٌ يُباعُ فأشترِيهِ

فهذا العيشُ ما لا خير فيهِ
إذا أبصرتُ قبراً من بعيدٍ

وددتُ لو أنني ممَّا يليِهِ
ألا رحِم المهيمنُ نفْس حُرٍّ
تصدَّق بالوفاةِ على أخيهِ


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: مقتطفات من كتاب ~ لا تحزن ~
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مقتطفات المعاني....!! عبده المجرشي منبر البوح الهادئ 2 09-30-2021 10:21 PM
لا تحزن عماد دحيات المقهى 1 10-27-2014 08:15 PM
مقتطفات من كتاب أفكار صغيرة لحياة كبيرة سها فتال منبر مختارات من الشتات. 6 12-19-2011 04:31 PM
مقتطفات من كتاب ( إلى ولدي ) لأحمد أمين عبدالسلام حمزة منبر الحوارات الثقافية العامة 11 01-05-2011 10:49 AM
ايها القلب لا تحزن ! هند طاهر منبر الحوارات الثقافية العامة 2 09-05-2010 03:25 AM

الساعة الآن 07:27 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.