طيفُ الحنان
طيفُ الحنان
في الدارِ طيفُك شقّ الليلَ أسحارا = وألبسَ اليأسَ آمالًا وأوطارا
ولملمَ الشملَ حين الدهر فرّقُه = كالطيرِ لمّ لِحا الأعوادِ أوكارا
وغازلَ الغيثَ لو يروي مشاتلَنا = ليثقل الغصنُ أزهارًا وأثمارا
لم يبعدِ الطيفُ عنّي في الرؤى فغدا = للروحِ أُنْساً وللألحانِ مزمارا
في العُسْرِ واليُسْر يأتي مُسْعفًا بَهَجًا = لكنْ عيوْني دموْع كلّما زارا
بلوعةِ الوجْدِ والظلماءُ دائرةٌ = نجمًا أضاءَ وكانَ الأهلُ سُمّارا
السُهْدُ أرْهقَ جفنًا والنعاسُ غَوى= شوقًا أفَقتُ على الأحلامِ منهارا
يزدادُ توْقي شجًى والطيفُ يُخبرُني = عنْ الطفولةِ والإخوانِ أسرارا
من فقدِها الدارُ أطلالٌ وأعْمُدةٌ = فالكربُ قوّض في الأخْرابِ إعمارا
يهشّم البيْنُ أوصالي على مَهَلٍ = لم يُبقِ منها لضَمّ الروحِ آثارا
غمّي حملتُ، ولكن كيفَ أكتمُه = والعينُ تجري لهذا الخطبِ مِدرارا
ما كان للهمّ ذا غيرُ الردى فرجًا = فالصبرُ ضاقّ وفي تنفيسهِ احْتارا
أرْثي الفقيدَ رثاءً ناحَ منشِدُه = شجواً يشجّ ضلوعَ الصدرِ إعصارا
روحي تُقيّدُ حزنًا في أزمّتِها = حتّى بلغتُ بذاك الحُزنِ أهتارا
لم تسعدِ العينُ يومًا منْذُ أنْ رحلتْ = ولم أُكحِّلْ بغيرِ السُّهدِ أشفارا
قد هيّجَ الفقدُ أشجانًا تئنُّ لها = نوقٌ بها العزمُ يطوي البِيدَ مِسفارا
أمّي بليلٍ إذا مسّ الحشا وصبٌ = يمتدُّ دهرًا ويُقصي الفجرَ إعذارَا
قبل الولادةِ حتّى شيبتي اكْتملت = كانَ الحنانُ بدفءٍ فاقَ إيثارا
تدعو الليالي وعيني ملءُ غفوتِها = ألّا أنالَ بضيق العيش أكدارا
حمْلٌ بوهْنٍ وإرضاع على وُهُنٍ = حتّى احْتواها أذى الأسقام أدهارا
قلبانِ فيها وقد دقّا على وترٍ = بنغمةٍ صاغها الشوقانِ أدوارا
آهٍ لبعدٍ سحيقِ لن يُقرّبَه = إلّا المماتُ لذا أبغيه مُختارا
إنْ تُسْخِطِ الأمَّ لن يرضى الغفورُ ولو = فَديْتَ بالكون ألّا تدخلَ النارا
بدعوةِ الأمِّ ما ردّ الكريمُ يدًا = ولم يُؤخّرْ لكشفِ العُسرِ إيسارا
ما كنتُ أرْثيك والموتُ العجولُ رمَى = فقدْ حملتُكِ في الخفّاقِ تذكارا
إنّ اليتيمَ يتيمُ الأمِّ لو فُقدتْ = ليفقدُ القلبُ حُبًّا كانَ أنهارا
التعديل الأخير تم بواسطة ثريا نبوي ; 03-21-2021 الساعة 01:44 AM
سبب آخر: بناءً على طلبِ الشاعر