قديم 02-11-2013, 11:20 AM
المشاركة 911
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
11- عناصر الجمال والتأثير في رواية 'المجوس: لإبراهيم الكوني:

- هي نوع من الأدب الرفيع جدا، ومن الفكر الأسطوري الملحمي عن الحياةفي الصحراء العربية، فالكاتب هو من ليبيا وعاش في الصحراء الليبية ويعرف ما هيحياة الصحراء.
- فهو عندما يكتبعنها يجعل للصحراء قيمة عالية ويجعلها جنة فكرية تمنح ساكنها الحكمة والصبر والحبوالإخلاص.
- يكتب عن حيواناتالصحراء بتقديس يرفع من قيمة هذه الحيوانات ليجعل القاري يعشقها، لأن الكاتب يجعلمنها رفيقا وصديقا ومحبا ومنافسا.
- يكتب عن أجواء الصحراء التي نعرفها نحن العرب سكان الصحراء، ولكنه عندمايكتب عن الصحراء ورمالها وأعاصيرها وأشواكها وشجيراتها وشمسها المحرقة يجعلك تفخربالانتماء إلى هذه البيئة الفقيرة لأنه جعل من هذه الصحراء بكائناتها الحية منهاوالجماد فيها وأجوائها الصعبة جنة للفكر والفلسفة.
- للكاتب الليبي إبراهيم الكوني تخصص فىكتاباته عن الصحراء وسكانها إنسهم وجنهم ( أهل الخفاء كما يسميهم دائما في رواياته) وحيواناتها وهوائها وترابها وشمسها، فجميع كتبه التي أخرجها لنا وهي عديدة (تزيد عن٣٠رواية) تتحدث عن الصحراء.
- على الرغم من أنه حصر فكره فى الثقافة الصحراويةوالكتابة عنها، إلا أنه أثبت للقراء أن الفكر والحديث عن الصحراء بحر كبير وواسعبسعة الصحراء، ولن تجد التكرار في أي من كتبه، وجميعها غنية بالفكروالفلسفة والرؤيةالصحراوية من أهلها أو من أرضها أو من حيواناتها أو من حشراتها.
- يؤرخ الكاتب بداية الأسطر الأولى منروايته في ٢٠\١٢\١٩٨٩م وانتهى منها في٢٨\١٢\١٩٩٠م وهى رواية طويلة وضعها بجزئينمتساويين، كل جزء منها ٣٦٥ صفحة، أي أنه قضى سنة كاملة فى كتابة هذه الرواية الرائعةعن الحياة في الصحراء وأساطيرالصحراء.
- يقول الناشر فى تعريف الكتاب في هذا العمل الملحمي ندخل عالما يأسرنامنالوهلة الأولى بغرابته وفرادته وجدته، عالم تتقاطع فيه الأساطير الموروثة وتعاليمالأسلاف بتأملات الحكماء والشيوخ والعرافين وأشواق الباحثين عن الله والحرية وصبواتالطامعين بامتلاك الذهب والفضة.
- تتمحور رواية المجوس حولمحاولة استعادة الجنة المفقودة أو بالأحرى إقامة المدينة الأرضية ( مدينة السعادة) المعادلة للفردوس الضائع، لكن الخطيئة التى أخرجت الجد الأكبر للبشر ( مندام ) من الفردوس إلى عالم الشقاء الأرضي ما تزال تلاحق نسله.
- إذ تعيد رواية المجوس طرح الأسئلة الخالدة عن معنى الوجود والمغامرةالإنسانية والمصير والسلطة والحضارة .. مستخدمة عالم الطوارق المعقد والغني رغمبساطة حياتهم بمثابة مادة قصصية تخييلية .. وسيكتشف القارئ أنها تمثل موقع الصدارةفي الأدب الروائي العربي المعاصر.
==
- يمكن أن نجد على الخارطة الأدبية المصرية أكثر من نجيبمحفوظ، ينقلون إلينا خفايا الحياة في الحواري المصرية بكل تفاصيلها، ويمكن أن يقدمّلنا المشهد الروائي العالمي أكثر من غابرييل ماركيز ليمتعنا بروائع الرواية،ولكننالن نجد في طول وعرض هذا العالم سوى " إبراهيم الكوني" واحد وواحد فقط ، فهو الذيأدخلنا إلى مجاهل الصحراء فعرفنا إلى عالمها المليء بالإثارة والتشويق، لدرجةيدفعنا فيها أحياناً إلى التسليم بأن متعة الحياة لا تستقيم سوى في تلك المساحةالهائلة من الياباس.
- إبراهيم الكوني هو النافذة الوحيدة التي أتاحت للعالمالإطلال على حياة الطوارق- سكان الصحراء الكبرى- ليكتشف هذا الكيان الغامض بكلأنشطته الاجتماعية والاقتصادية، وليضعنا مباشرةً أمام ميثالوجياه الشعبية، الغنيةبالأسطورة المتعة.

- الكوني ليس مجرًّد مرآة عاكسة لما شاهده أوسمعه عنالحياة الصحراوية، يسوق مشاهدها بشكل تقريري أو إخباري، أنه يتمتع بحس مرهف للغاية،إذ يُحيل تلك الكتل الرملية الجافة ونتوءات كاف الجنون الصلدة، ورياح القبليالقاسية، وقطعان المهاري المنفلته في مجاهل الصحراء إلى صورة روائية ملفته، حتىمغلفّات الشاي الأخضر المكتوم في خزانة بيتك، تتحول إلى شيء أشبه بالتبر عندما تقرأللكوني، للرجل مقدرة غريبة لإكسابك عادة من عادات الطوارق بمجرد قراءة عابرة إنهبكلمات بسيطة يحيل الياباس وصهد القبلي المزعج إلى مبهج من مباهج الحياة، حتىالفراغ يحيله إلى صمت فلسفي.

- قدرته على صياغة التراكيب اللفظية الأنيقةوالممتعة، واقتراب أسلوبه السردي من الصور الشعرية في بعض المواضع-

- يستخدم ذات الأدوات " الصحراء- المهري- القبلي- القبيلة ... الخ" في كل رواياته تكسبهالمزيد من الأهمية.

قديم 02-11-2013, 02:25 PM
المشاركة 912
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
11- عناصر الجمال والتأثير في رواية 'المجوس: لإبراهيم الكوني:
- الكوني في روايته المجوس يصر على تحديد الزمان والمكان وما يتبعهما من تفصيلأخري.. كوصف الملابس، ورسم حركة الشخوص، بل وحتى تحديد أهمية المشهد، أو ما يعرفبحجم اللقطة، ويمكن أن نلمس ذلك بشكل واضح في رواية المجوس بجزأيها والتي سنستشهدبها في مواضع قليلة كأنموذج فقط.

- المشتغلون بكتابة السيناريو أكثر من يعانيقلق ترجمة النص، فالنص " الخام" سواء كان فكرة أو قصة أو رواية عادة ما يكون مليئاًبالصور اللفظية الجمالية، التي تصف الوجدانيات، والتي يصعب الإيحاء بها لذلك، فهيفقيرة إلى رسم الحركة، ووصف الزمان والمكان وتحديد لون ونمط "الإكسسوارات" فجملة فيأية رواية "تصف فتاة تنظر إلى القمر الشاحب شحوب وجهها" لا يمكن أن تبوح بأكثر منذلك ولا يمكن ترجمته بسهولة إلى مشهديه.

- للكوني مقدرة هائلة على إقحام كم كبير من التفاصيل الزمنية والمكانية دون التفطن إلى كونها مقصودة لسلامة السرد.

- يكرر الكوني وصف " الإكسسوارات" والأثاث ككاتب سيناريو أمين، ونحن نعلم من رواياته السابقة أنالخيمة في الصحراء لا تكون إلا من الجلد عادة، لكنه يصف لنا كل حركة بدقة متناهية.

- يمعن في الوصف والتصوير.

- كثيراً ما يربك الروائيون المتلقي بتواصل السرد من خلال إغراقه في مشاهد مملة تتراص فيها الجمل والصور بشكلإنشائي لأهدف له سوى الحفاظ على تقاليد الرواية شكلياً، غير أن الكوني تمتع بخاصيةتجاوزُ هذه العقبة وأجاد أسلوب القطع في مواضع القطع الصحيحة والتي تشابه أسلوبالنقل من مشهد إلى آخر مغاير تماماً في الخيالة ..
- كما أنه أتقن تبادل الحوار بينهوبين الراوي الذي يستلم منه مهمة السرد في الرواية.

- في الجلسة التي جَمَعتْشيخ القبيلة والرسول وبعض رجال القبيلة تتحول اللقطات إلى دوران متكرر لالتقاط نفسالوجوه، وحتى يكسَّر من حدة تتابع هذه اللقطات فأنة يدخل لقطةً اعتراضية" " "cutawayتتمثل في تركيز اهتمام القارئ على إصبع الرسول وهو تتابع المثلثات البيضاءفوق الكليمة التواتية.


-
ليس هناك من رسم مشهدي أكثر تفصيلاً من هذا السرد والذي يتعدى التزامات الروائي التقليدي تجاه المتلقي، إذ يمكن أن يؤدي هذا الإفراط الوصفي زماناً ومكاناً وحركة في إرباك النص فيتحول من قطعة لفظية جمالية إلى سيناريو متخن بالتفاصيل عندما يحملها الروائي أكثر مما تحتمل، غير أن الكوني بمواهبه الفطرية وارتكازه على خامات بنيوية غير متاحة لغيره " ميثالوجيا الصحراء" وقدرته على ابتكار الصور البلاغية كالمحسنات البديعية البعيدة عن البهرجة والمعاني المبهمة، واستطاع أن يوائم بين المتعة والوصف التوثيقي، ناهيك عن كون النص قطعة شعرية بامتياز.

قديم 02-11-2013, 03:41 PM
المشاركة 913
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
11- عناصر الجمال والتأثير في رواية 'المجوس: لإبراهيم الكوني:

- في هذا العمل الملحمي ندخل عالمًا يأسرنا من الوهلة الأولى بغرابته وفرادته وجدّته, عالمًا تتقاطع فيه الأساطير الموروثة وتعاليم الأسلاف بتأملات الحكماء والشيوخ والعرّافين وأشواق الباحثين عن اللهوالحرية وصبوات الطامعين بإمتلاك الذهب والسلطة.

- لكن عالم الصحراء أوسع من أن يقتصر على الإنسان, فهو يمتد ليشمل عناصر الطبيعة الصحراوية القاسية وكائناتها الخفيّة وحيواناتها ونباتاتها.

- في هذا العالم حيث تطرف الطبيعة وقسوتها تندفع الأشياء والكائناتوالأحداث والبشر حتى النهايات القصوى لتكتشف عن مضامينها وابعادها وحدودها, إذالامجال هنا للتسويات والمساومات والمهادنات.

- ما من وجه واحد للمجوسي هنا إذا يتجلى في العديد من الشخصيات اللاهثة خلف الثروة والمال والسلطة والنفوذ, فالمجوسي قد يكون حاكمًا (السلطان أورغ) أو صوفيًا مزيفًا (شيخ الطريقة القادرية) أو تاجرًا (الحاج البكاي) أو عرّافًا (العجوز تيميط) أو باحثًا عن الانتقام (القاضي الشنقيطي) أو ..., بل لعل في كل إنسان يكمن مجوسي يتحين غفلة من العقل والروح ليطل برأسه ويتلبسه.

- تتمحور رواية ((المجوس)) حول محاولة استعادة الجنة المفقودة أو بالأحرى إقامة المدينة الأرضية (مدينة السعادة) المعادلة للفردوس الضائع, لكن الخطيئة التي اخرجت الجد الأكبر للبشر (مندام) من الفردوس إلى عالم الشقاء الأرضي ما تزال تلاحق نسله. فإذا كان خروج مندام وشقاؤه في العالم نتيجة لاستيلاء فتنة وإغواء المرأة على عقله وقلبه وجسده, فإن نسله مسكون بفتنة وإغواءالذهب كما بغواية السلطة وجبروت القوة.

- من هنا إخفاق المحاولات المتكررة للإنسان في بناء المدينة الأرضية, ومن هنا المصيرالفاجع المأساوي الذي أحاق بمدينة الذهب ((تمكبتو)) ومثيلتها ((واو)) التي حلم السلطان "أناي" بتشييدها في نقطة تقاطع طرق القوافل في الصحراء الكبرى.

- إذ تعيد رواية ((المجوس)) طرح الأسئلة الخالدة عن معنى الوجود والمغامرة الإنسانية والمصير والسلطة والحضارة والجنس والموت مستخدمة عالم الطوارق - المعقد والغني رغم بساطة حياتهم - بمثابة مادة قصصية وتخييلية, فإن لها الحق - وهذا ما سيكتشفه القارئ - في أن تمثل في موقع الصدارة من الأدب الروائي العربي المعاصر.

- يمكن القول أن رواياته تنتمى ادبياً إلى مجال الرومانسية الجديدة والتي تتسم بتخييل الواقع أو تغريبة إن جاز استخدام مصطلح الشكليين الروس.

- ينتقده البعض انه اسير الرواية الصحراوية بعناصرها المتكررة إلى درجة الملل، وانه انحاز إلى الصحراء واهلها الطوارق إلى درجة النكران، نكران عناصر أخرى هامة في حياته، خاصة وانه عاش بعيدا عن الصحراء أكثر مما عاش فيها.

- انه يحمل في سرده هموم التذكر العميق منذ طفولته و يستعرض الصحراوي وهو( يعيش العمر كله يمشي خلف الدواب) انه يبتكر لنا رؤية لمعاناة نتخيلها ولا نعرفها عن سكان الصحراء والطوارق وصراعهم وسط الرمل.

- أن رواياته تستقصي - حياة الصحراء، واعماق المكان حينما تكون حياة البادية رحيل دائم، ف التجلي هنا آسر، وأبعاده خليقة بالمتابعة حينما ترى قبائل الطوارق وهم اهله وقبيلته المنتشرة .. يقطعون الصحراء بحثاً عن حلم يعيد للحياة بريقها، ذاك الحلم المرتبط بالماء دائماً. اذ لا تخلو روايات الكوني من هذا الهاجس الإنساني في البحث عن الماء ..

- أن صدور ملحمته "المجوس" مترجمة الى الفرنسية من قبل أثار ردود فعل واسعة في الصحافة الأدبية .. حيث صوره الملحق الأدبي لليبراسيون انه مثل نبوءة جديد ة يظهر وسط الصحراء في صورة الروائي الذي يحمل ذاكرته المثقلة بالمعرفة والتذكر .

- يميل الى الكتابة الاستشرافية فهو يرى في روايته نزيف الحجر بأن الخلاص سيجيء عندما ينزف الردان المقدس ويسيل الدم من الحجر. حيث تولد المعجزة التي ستغسل اللعنة، وتتطهر الأرض ويغمر الصحراء الطوفان.

- يقوم عمله الادبي الروائي على عدد من العناصر المحدودة، على عالم الصحراء بما فيه من ندرة وامتداد وقسوة وانفتاح على جوهر الكون والوجود. وتدور معظم رواياته على جوهر العلاقة التي تربط الإنسان بالطبيعة الصحراوية وموجوداتها وعالمها المحكوم بالحتمية والقدر الذي لا يُردّ.

قديم 02-11-2013, 03:48 PM
المشاركة 914
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اهم العناصر التي اثرت في حياة ابراهيم الكوني وصنعت عبقريته:

- ولد بغدامس - ليبيا عام 1948. أنهى دراسته الابتدائية بغدامس، والإعداديةبسبها، والثانويةبموسكو، حصل على الليسانس ثمالماجستير في العلوم الأدبيّة والنقدية منمعهد غوركى للأدب بموسكو.1977

- ينتمى إبراهيم الكونى إلى قبيلةالطوارق (الامازيغ) وهى قبيلة تسكن الشمالالافريقى منليبيا إلىموريتانيا كما تتواجد فيالنيجر، وهذة القبيلة مشهورة بأنرجالها يتلثمون ونسائها يكشفون وجوههم.

- هجر العالم العربي منذ كنتصغيراً. التحقت للدراسة بروسيا في فترة مبكرة.
- يقول ابراهيم الكوني عن اغترابه...أن الإنسان لا يغترب عبثاً... الإنسان يغترب حاملاً بقلبه رسالة ما، وليس من الصدفةأن كلّ أصحاب الأفكار العظيمة، منذ بداية التاريخ حتى الآن هم أناس مغتربون. كما يمكننا ان نستدل بالرسل، الرسل أيضاً كانوا مغتربين، كلهم كانوامهاجرين.

- يرى بأن القدر حمله رسالة ...ويقول "عندما تختار أنت رسالة ما، لا بد أن تختارك هذه الرسالة أيضاً،وتنفيذ أي رسالة يحتاج إلى تقنيات دنيوية. أحد هذه التقنيات الدنيوية هي طلبالمعرفة لإيجاد وسائل أو اللغة بالمعنى المجرد، واللغات بالمعنى الحرفي، لتجسيد هذهالرسالة، أو لتمرير هذه الرسالة، أو للتعبير عن هذه الرسالة.... وانه هو حامل وناقل رسالة الصحراء.وهو لا أعتقد أنه ثمة رسالة أعظم من رسالة الصحراء التي بعثتللوجود كل الأفكار، التي ما زلنا نستنير بها إلى اليوم، ليست الديانات فقط، وإنماكل الأفكار التي صنعت الحضارة.

- كما يرى إبراهيم الكوني ان في الترحا لحرية وان الحرية هي التي تُنتج التأمل، والتأمل هو الذي يُنتج الأفكارالتي بدأت بالديانات والمعتقدات وانتهت إلى المصير البائس على أيدي أهل الاستقرار.

- إبراهيم الكوني...رى بأن الصحراء هي المكان الوحيد الذي نستطيع أننزور فيه الموت ونعود أحياء من جديد. لأنها هي نموذج للمبدأ الميتافيزيقي الأعلىوهو الحرية. الحرية بمعناها.. ليس بمعناها التقليدي، ولكن بمعناها الكانتي، المفهومالذي منحه لها كانت دائماً في جميع أعماله وهو نقيض الطبيعة. ولهذا الصحراء طبيعةوليست طبيعة، الصحراء مكان وليست مكاناً، لأنها لا تتوفرعلى شروط المكان، لأن أولشروط المكان هو إمكانية الاستقرار فيه، وإمكانية الاستقرار في المكان تشترط وجودشيء مادي وهو الماء. ولذا ترفض الإنسان، والإنسان يرفضها أيضاً، لا بد الإنسان أنيرفضه المكان ويبحث في الأفق عن مكان. هذا السباق نستطيع أن نطلق عليه الحرية. الحرية بالفعل في مبدئها الميتافيزيقي لأنها هي برزخ بين الحياةوالمطلق.

- وفي مكان آخر يقول عن الغربة: الغربة عمق، الغربةإعادة تشكيل الروح، وإعادة تشكيل الروح بحيث تعيد اكتشاف نفسك مش خارج نفسكيعني لا تعطيك شيئا من خارج ولكنها تعطيه لك تكشفه لك من الداخل من الباطن يعنيتعري لك كنوزك كنوز اللي فيك أنت مش الموهوبة لك.

- ويرى إبراهيم الكوني عن اثر الصحراء فيه ان : ما يزرع في الجينات دائما هو الأثرى وهو الأجمل وهوالأنفس، شريطة أن تستنطق الجينات كما يجب أن تستنطق لأننا كما يقول إفلاطون نحن لانتعلم عندما نتعلم ولكننا نتذكر، نستحضر نستعيد ما عشناه يوما ما. إذاً هو فيالواقع استجواب للمنسي.

- وهو يرى بأنه من أتقن استنطاقه سمعه وأدركه ولهذاالسبب يأتي الأنبياء من هناك، لهذا السبب أتى كل الأنبياء من هناك لأنها هي فيالبعد الآخر في البعد المفقود، هي في واقع الأمر تشرف على الأبدية تشرف على الموت،فيها مظهر الموت ولكن الجانب الثري من الموت.

- ويقول : ما لا تقوله لنا الطبيعة تقوله الصحراء عندما نتعامل معهافي هذا البعد ولهذا هي الأثرى على الإطلاق ولهذا كل.. لأنها هي أيضا التي تدفعك إلىحديقة التأمل التي قلنا عنها منذ قليلإنها هي ركن الأركان في التجربة البشريةالروحية.

- يرى بأن لعزلة بالذات يرجع الفضل في فوزنا اليوم بذلك الكنز النفيس الذي كان هاجس الإنسانية دائما في بحثها الدائم عن سر اللسان المجهول الذي انبثقت منه بقية الألسن الحية منها والميتة على حد سواء. وهو يرى بأن لغات اللاهوت، واللغات التي أسميها لغات الديانات سواء القديمة أو ديانات الوحي، هذه اللغات كلها تحمل مفاهيم منبثقة من لغة الطوارق، لأنها اللغة البدئية. ويقول أن اللغة البدئية يجب أن تكون ذات حرف ساكن واحد، هذا الحرف يكون كلمة، هذه خاصية موجودة في لغة الطوارق فقط ولذلك تجد كلمة في اللغة اليونانية القديمة مثلا أو اللغة المصرية أو اللغة السومرية أو إحدى اللغات المنبثقة من اللغات اللاتينية كلمة واحدة هي في الواقع جملة في لغة الطوارق هي جملة تفسرها تفسر مضمونها، ولهذا..


- في رده على سؤال من الصحفي سامي كليب: تبدو أنك تضع نفسك أيضا في مكان يقارب أمكنة المرسلين، أنك تكشف أسرارا أنك تتحدث عن إبراهيم الكوني وكأنه يريد أن يقول للإنسانية جمعاء سرا لم يعرفوه، يريد أن يبشر بشيء جديد ؟. يرد الكوني بقوله: لا أعرف عما إذا كان هذا خطيئة أم أنه قدر؟ هل المعرفة، المعرفة نعرف.. نحن نعرف من الديانات السماوية أن المعرفة عموما خطيئة فأن تعرف دائما أنت متهم وأنت مدان وأنت معرض للقصاص، هذا حدث للرسل أيضا وحدث لكل أصحاب الأفكار العظيمة، سقراط حكم عليه بالإعدام ظلما، وغير سقراط.


- يشعر الروائي والمفكر الليبي إبراهيم الكوني بأنه حامل رسالة، وهو يعيش تقشفا يقارب التصوف حتى ولو أنه ينعم برفاه الحياة في هذه الجبال المكللة بالثلوج والهانئة والباعثة على الطمأنينة والفرح والانسجام الداخلي، وفي التقشف والوحدانية والانعتاق والعزلة ثمة أسئلة عن الإنسانية وثمة نقمة على من يخرق قوانين الطبيعة أو نواميسها.

قديم 02-12-2013, 10:22 PM
المشاركة 915
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أهي الصحراء يا إبراهيم؟

واضح جدا أن إبراهيم الكوني يرى نفسه حامل رسالة، هو يقول أنها رسالة الصحراء.

وعمله الأدبي الروائي في مجمله يدور في محيط وفلك الصحراء بما فيه من ندرة وامتداد وقسوة وانفتاح على جوهر الكون والوجود.

والموت كما يراه الكوني رفيق الصحراويين، ويرى بان الصحراوي يعيش حياته وكأنه في رحلة عبور دائم إلى الموت...غرقا أو ظمأ أو ذبحا أو خنقا..لكن تباشير الحياة تلوح فوق ركام الجثث وسواقي الدم والحلوق الظمآنة، تلوح على هيئة الرحيل، رحيل رجل وامرأة بقيا فوق الأشلاء حسب ما ورد في روايته "المجوس".

وهو يرى بأن الصحراء هي السر فيما وصل إليه هو من قدرة على ألحكي الجميل، والمؤثر، وامتلاك اللسان، والمعرفة، وغزارة الإنتاج.

بل هي السر في وصوله إلى تلك المرتبة السامية، حيث يضع نفسه في مكان يقارب أمكنة أصحاب الأفكار العظيمة، والمرسلين، الذين عانوا اشد العناء،لأنهم امتلكوا المعرفة.

وما هو في ذلك إلا واحد من مجموعة الرسل الذين أتوا من هناك، من قلب الصحراء، كما يقول.

ذلك لان الصحراء هي في البعد الآخر من البعد المفقود، هي في واقع الأمر تشرف على الأبدية ..على الموت..فيها مظهر الموت ولكن الجانب الثري من الموت، كما يقول.

لكن حامل هذه الرسالة، إبراهيم الكوني، يظهر هذه المرة على صورة راوي ينقل للبشرية رسالة الصحراء.

وهو لا يستغرب أن يتعرض لما تعرض له أمثال أولئك الرسل،لأنه مثلهم امتلك المعرفة، والتي يُنظر إليها على أنها خطيئة، وهي دائما تعرض صاحبها إلى الإدانة والقصاص...ومنهم من قتل مثل سقراط.

وهو يرى بأنه يبشر بشيء جديد لم ولا تعرفه الإنسانية، بل ويريد أن يقول للبشرية جمعاء أسرار لم يعرفوها من قبل، مثله مثل باقي الرسل.

ويرى بأن ما أوصله لتلك الحالة إنما هو الصحراء، في بيئتها الاثرى، والأجمل والأنفس، فهي التي منحته القدرة على استنطاق الجينات، أو ربما استحضار ما هو موجود في بحر المعرفة، ومنسي هناك في الذاكرة، وما كان ليخرج إلى حيز الوجود على شكل حكايات وروايات جميلة، تروي قصة الوجود، والفردوس المفقود، إلا لان الصحراء في بيئتها الثرية والقاسية جعلت ذلك ممكنا.

ذلك لان الصحراء تدفعك إلى حديقة التأمل، والتأمل هو ركن الأركان في ألتجربة البشرية الروحية ، كما يقول.

وكذلك الترحال الدائم في الصحراء الشاسعة فهو نبع آخر من منابع الحكمة والمعرفة.

لان في الترحال حرية وفي الحرية تأمل، والتأمل هو الذي ينتج الأفكار.

لكن الصحراء لم تكن مصدر الإلهام الوحيد لإبراهيم الكوني.

فالغربة والاغتراب مصدر آخر للإلهام عنده، مثله في ذلك مثل حملة الأفكار العظيمة منذ بداية التاريخ وحتى الآن.

لان في الغربة كما يقول عمق.. وفي الغربة إعادة تشكيل للروح...بحيث يعيد الإنسان اكتشاف نفسه.

أي أن الغربة لا تعطي الإنسان شي من الخارج، لكنها تكشف له كنوزه الباطنية.

وهو يرى بأن الإنسان لا يغترب عبثا، أو صدفة، بل إن الإنسان يغترب حاملا بقلبه رسالة ما، ويستدل على ذلك من جديد بالرسل الذين عاشوا الهجرة والاغتراب.

فالصحراء بثرائها وقسوتها، ثم الغربة في وحشتها، والتي هي صحراء من نوع آخر، صحراء الروح، هي قدر إبراهيم الكوني كمايقول..ذلك لان القدر أراد له أن يحمل رسالة ما.

وهو يرى بأن للعزلة بالذات يرجع الفضل للفوز بذلك الكنز النفيس، الذي هو حتما كنز المعرفة والإبداع، وربما أن هذا هو السبب الذي دفعه للعزلة في قمم جبال الألب، صحراء الثلج هذه المرة، ربما ليختبر ما اختبره الفيلسوف نيتشه أبو الوجودية والذي اعتزل الناس لسنوات ثم عاد لهم حاملا رسالة الزردشتية الجديدة والتي احتوها كتابه " هكذا تكلم زردشت" والذي يستنطق نيتشه فيه نبي الزردشتية ليوصل لنا رسالته الوجودية.

وربما جاءت عزلته ليعيش طقوسا هي أشبه بطقوس الصوفية لعله يصل إلى الإلهام الصوفي ويمتلك المعرفة.

وقد جاء امتلاكه لتقنيات السرد الجميل، لتنفيذ تلك الرسالة. لان كل رسالة، كما يقول، تحتاج إلى تقنيات دنيوية، ليكتمل استنطاق واستحضار ما كمن في الذاكرة، وليتمكن حامل الرسالة من أن يغرف من كنوز المعرفة الباطنية.

فكان سعيه لامتلاك أدوات استنطاق واستحضار المعرفة. كما أن إتقانه إلى اللغة بل اللغات، إنما جاء وسيلة لتجسيد هذه الرسالة، أو لتمرير هذه الرسالة، أو للتعبير عن هذه الرسالة، التي مصدرها كنوزه الداخلية، الباطنية، والتي تكشفت له، لان قدره دفعه إلى حديقة التأمل، حيث أنبته في الصحراء ليعيش أول عشرسنوات من حياته، تلك الصحراء التي يرى بأنها المكان الوحيد الذي يستطيع الإنسان أن يزور فيه الموت، ويعود حي من جديد، ثم دفعة قدره إلى صحراء الغربة ليعيش في عزلة وتأمل من نوع ثاني وحتى هذه اللحظة.

تلك الرسالة هي رسالة الصحراء كما يقول. وانه هو حامل وناقل رسالة الصحراء، التي يراها عظيمة، بل هو يرى انه لا ولم يكن هناك أعظم من رسالة الصحراء..

ذلك لأنها بَعثت إلى الوجود كل الأفكار، التي ما زالت البشرية تستنير بها إلى اليوم، ليس الديانات فقط، بل كل الأفكار العظيمة التي صنعت الحضارة.

يتبع،،

قديم 02-13-2013, 02:41 PM
المشاركة 916
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ،،

لكن السؤال الذييطرح نفسه: هل فعلا أن الصحراء بقسوتها هي التي صنعت إبراهيم الكوني، وأهلته لاستنطاق واستحضار بحر المعرفة الباطنية؟

هل فعلا كانت الصحراءالتي اختبرها إبراهيم الكوني في طفولته المبكرة، واختبر فيها حياة الشقاء والترحال والموت بعينه الذي يظل هاجس الصحراوي في بحثه الدائم عن الماء هي التي صنعت عبقريته؟

وهل ظلت الصحراء بتجاربها بالغة القسوة حد الموت تلك، تسكن عقل وقلب الكوني، حتى وهو يحط رحاله في جبال الألب، وتحيط به الثلوج من كل صوب وحدب في معظم أيام السنة، ليظل ينهل منها كل ما نطق وكتب؟

وهل كانت صحراء الروح: الغربة، والعزلة، والتأمل، امتدادا لصحراء الواقع؟ مما عزز دور الصحراء في صناعة إبراهيم الكوني وتأهيله لاستنطاق ما كمن في الذاكرة، واستحضار ما كان منسيا في بحر المعرفة الباطني؟

الصحيح انه لا احد ينكر دور البيئة بشكل عام في التأثير وامتلاك المعرفة، واكبر مثال على ذلك ما وصلنا عن قصة سيدنا إبراهيم الخليل مع الكواكب والشمس والقمر...فقد تأمل سيدنا إبراهيم الخليل بهذه الآيات الكونية وكانت سببا في امتلاكه للمعرفة العقلية.

ولا شك أن للبيئة الصحراوية بشكل خاص، خصوصية في التأثير...ذلك لان الصحراوي يعيش حياته وكأنه في رحلة عبور دائم إلى الموت.

ولطالما اشتهر الصحراوي بفراسته والتي هي تعبير عن حدة ذهنية ومقدرة معرفية هائلة. وقد ظلت هذه السمة ملاصقة للصحراوي ومقترنة به، إلى أن هجر الصحراء وحياة الترحال وبدأ يعيش حياة الاستقرار، وفي ذلك ما يشير إلى أهمية الصحراء في الوصول إلى المعرفة.

لكن كيف نفسر عبقرية...أولئك الذين لم يختبروا حياة الترحال إلى الموت عبر فيافي الصحراء وقلبها الملتهب؟

وهل عاش كل أصحاب الأفكار العظيمة في قلب الصحراء الواقعية واختبروا بيئتها القاسية؟

أم أن لصحراء الروح ما يكفي من التأثير لخلق العبقرية في مناطق الاستقرار وفي مناطق السهول وقمم الجبال؟

الجوب حتما لا!

مما يقودنا إلى الاستنتاج بأن عنصر التأثير الذي يخلق العبقرية ويوصل إلى المعرفة والحكمة لابد أن يكون شيء آخر حتما!

شيء يؤثر في الناس ويشحذ عقولهم ويستنفر قلوبهم على الرغم من بيئتهم الجغرافية!

شيء ربما يوجد في الصحراء بوفرة فوق عادية! فلذلك تكون البيئة الصحراوية غير عادية في تأثيرها، في صناعة العبقرية، وامتلاك المعرفة!

ولو أننا دققنا في سيرة حياة أصحاب الأفكار العظيمة، بغضن النظر عن بيئتهم الجغرافية، لوجدنا أنهم يشتركون في معظمهم بتجربة واحدة يبدو أنها هي التي تفجر أبواب المعرفة الموصدة في الدماغ .

وهذه التجربة هي الموت دائما!

يتبع،،

قديم 02-14-2013, 03:52 PM
المشاركة 917
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نعم انه الموت دائما، وابدأ، وفي كل مكان وزمان.


سواء كان ذلك في السهلأو الجبل أو البحر أو ألواد أو حتى في قلب القطب المتجمد وليس فقط في قلب الصحراء الملتهب.


انه الموت دائما وأبدا.

وهو الباعث، والمحرك، والمزلزل، والمسبب، والمفجر، والمؤثر في توليد النصوص الإبداعية خاصة عند أصحاب الأقلام العبقرية والأفكار العظيمة.

هو الموت الذي يفجر براكين الحزن والألم في ثنايا الدماغ على اثر وقوعه، ومن هناك، وكنتيجة لذلك تتولد طاقة البوزيترون اللامتناهية وغير محدودة القوة، فيعمل الدماغ على غير شاكلته، ويصبح قادرا على توليد نصوص عبقرية فذة تكون أحيانا مذهلة ولها وقع السحر.

وما الميل إلى العزلة والتأمل والتقشف والصمت والانطواء الخ...إلا هزات ارتدادية، تأتي في اثر ذلك الزلازل الكارثي الذي يقلب كيان الإنسان رأسا على عقب، فيزداد ارتفاع منسوب الطاقة الدماغية ويزداد نشاطه وقدرته على توليد النصوص.

وهي أيضا مؤشرات لحجم الزلزال الذي أحدثه الموت وقوته.

والموت هو حتما العامل المشترك الأعظم، والوحيد عند كل الذين ولدوا أفكار عظيمة في كل مكان وزمان.

ونجد أن للموت اثرٌ أعظم على ذهن الإنسان إذا ما تكرر، وكلما بَكّرْ.

ولو أننا دققنا في سيرة حياة أصحاب الأفكار العظيمة، والأصيلة وغير المسبوقة، لوجدنا أنهم في معظمهم أيتام في سنوات العمر المبكرة جدا.

ويكون أعظم اثر للموت إذا ما وقع خلال التكوين.

ولا نكاد نجد مبدعا ولد أفكارا عظيمة للإنسانية إلا وكان قد ذاق مرارة اليتم في طفولته المبكرة، وفي الغالب يكون قد فقد الأب قبل الولادة، ثم ما لبث الموت أن أعاد الكرة فخطف الأم بعد ذلك بسنوات قليلة.

ومثلا من الذين يأخذ عنهم إبراهيم الكوني ويبدوانه قد تأثر بأفكارهم العظيمة نجد أن أفلاطون، صاحب نظرية الظلال، يتيم الأب في الطفولة المبكرة.

كما أن الفيلسوف مانويل كانت يتيم الأم في سن الثالثة عشره، ومات أبوه وهو في سن الثانية والعشرين.

أما نيوتن مثلا والذي يلقب بابو العلوم كلها تقريبا فكان يتيم الأب قبل الولادة وفقد الأم لاحقا بعد أن تزوجت من شخص آخر وتركته وحيدا.

كما أن الرسل جميعا بشقيهم الأرضيين والسماويين كانوا اشد الناس ابتلاء، وجاءوا من بين الأيتام وكان يتمهم مبكرا. ومن بينهم كان أولي العزم جميعهم من دون أب منذ التكوين وما قبل الولادة.

وان كان للصحراء كمنطقة جغرافية أثرا واضحا في خلق العبقرية، وامتلاك المعرفة، حسب رأي إبراهيم الكوني، فأن ذلك يعود وينحصر في إنها الوجه الأخر للموت.

فالصحراوي إنسان ميت مع وقف التنفيذ... ولا بد أن إبراهيم الكوني كان قد اختبر الموت وقسوته وسطوته في سنوات عمره المبكرة. تلك السنوات العشرة الأولى التي أمضاها في الصحراء، قبل أن يهاجر إلى صحراء الثلج ويحط رحالة في قمم الجبال يحيطه الثلج من كل مكان.

ولا بد انه كان في كل لحظة من لحظات عمره تلك واحدا من العابرين إلى الموت كما يقول هو في وصفه لحياة سكان الصحراء.

وفي ظل غياب تفاصيل عن طفولته المبكرة وأسباب هجرته إلى بلاد الثلج في تلك السن المبكرة، نقول يبدو أن الموت اختطف والديه في إحدى رحلات العبور تلك..

أوانه شاهد الموت وركام الجثث هناك في أكثر من موقعه وبأم عينيه...فتزلزل كيانه في سن مبكرة، وهو ما فجر في ثنايا دماغه طاقة هائلة جعلته يعمل بصورة استثنائية.

ذلك هو التفسير الوحيد لقدرته الهائلة والاستثنائية على السرد الجميل والغزير.

وما شعوره بأنه يحمل رسالة للإنسانية، ومحاولته لإعادة كتابة التاريخ، وميله إلى الكتابة الاستشرافية، واتقانه لعدة لغات، وغزارة انتاجه، وكل ما إلى ذلك من ملاحم العبقرية، إلا مؤشر على عمق ومرارة تجربته مع الموت...

ولا شك أن تجاربه الحياتية في مثل تلك البيئة القاسية في سنوات عمره العشرة الأولى، والتي أمضاه اإبراهيم الكوني في قلب الصحراء الملتهب عابرا إلى الموت أعظم الأثر عليه.

فقد شكلت تلك التجارب صندوقه الأسود، الذي ظل ينهل منه، كل ما كتب، كل هذه السنوات، وسوف يظل ينهل منه حتى الرمق الأخير. مثله في ذلك مثل غيره من أصحاب الأفكار العظيمة والقدرات العبقرية والذين نجد أن جل ما يكتبوه كان مصدره ذلك الصندوق الأسود الذي يشتمل على تجارب الطفولة المأساوية والتي تترك بصمتها على الشخصية كما يقول علماء النفس، وهي التي تصنع ما يكون عليه الانسان في بلوغه.

ويبقى أن نقول بأن الذي صنع عبقرية إبراهيم الكوني ليس الصحراء بل هو الموت.


انتهى،،

قديم 02-17-2013, 04:28 PM
المشاركة 918
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
في هذه المقابلة او الخبر الصحفي نتعرف اكثر على ابراهيم الكون الانسان وحامل الرسالة:

==
الكوني ينهي مذكراته قريباً .. و"الورم" نبوءة الربيع العربي

عن موقع ايلاف
gmt 10:39 2011 الإثنين 26 ديسمبر :آخر تحديث

يعزو الروائي الليبي إبراهيم الكوني سبب مصادرة كتبه إلى عدائه الشديد للإيديولوجيا عندما يتعلق الأمر بالعمل الإبداعي. ويؤكد الكوني الذي كان يتحدّث في مداخلة اختتمت النشاط الثقافي ضمن فعاليات معرض الدوحة الدولي الثاني والعشرين للكتاب أن روايته "الورم" اعتبرت في العالم "نبوءة الربيع العربي".
عبير جابر من الدوحة: كشف الروائي الليبي إبراهيم الكوني عن قرب انتهائه من كتابة مذكراته التي تحمل خلاصة تجربته وتعالج إشكالية "الهويات المتعددة المركبة في هوية الذات التي تستوعب العالم وتستوعب أيضاً هوية المكان" الذي يتلخص في حالته بالصحراء الكبرى.
كلام الكوني جاء في محاضرة تحت عنوان "التجربة الروائية في ظل تغريب الهوية"، اختتمت النشاط الثقافي ضمن فعاليات معرض الدوحة الدولي الثاني والعشرين للكتاب، أكد فيها أن "التجربة الروائية لم تكن بالنسبة لي ذات اغتراب في هوية واحدة، لكنها كانت اغتراباً مركباً من ثالوث هويات هي الهوية الإنسانية والهوية الوطنية والهوية الأقلية العرقية".
وأكد الكوني أن مأساة الثقافة العربية والعقلية العربية المعاصرة اعتبارها أن "كل ما لا يُؤدلج ليس أدباً ولا يقرأ" مبدياً أسفه لطغيان هذا الأمر"، مشدداً على أن "ما دمر الأدب العربي المعاصر هو الخطاب السياسي الخاوي والعاجز واللاأخلاقي"، معتبراً أن هذا الخطاب لن يغير الواقع مستدللاً على أن روايته "الورم" التي لم يلتفت لها العالم العربي نهائيا منذ أربع أو خمس سنوات اعتبرت في العالم "نبوءة الربيع العربي".
سؤال الهوية في الرواية
اعتبر الكوني في محاضرته أنه "بالنسبة لأي مبدع في هذا العالم من هوميروس حتى الآن، السؤال الذي يُطرح في بداية أي تجربة هو: "من أنا؟ وإلى أين أنا؟" أي أن السؤال سؤال الهوية وهو سؤالوجودي ذو طبيعة دينية، لأن لا أحد يكتب لمجرد التسلية، ولا يكتب الإنسان إلا لألم وجودي".
لافتاً إلى أن هذا "يطرح سؤال موقع الذات من العالم "من أنا بالنسبة إلى الآخرين؟ ومن هم بالنسبة لي؟" هل هم جحيم كما يقول سارتر أم هم ما لا غنى عنه كما قال قديسون عاشوا تجربة الاغتراب عن الآخر".
ورأى أن "السؤال الأول هو هوية الإنسانية لأن أي مبدع عندما يبدع ويكتب رواية فإنما يطرح سؤالاً ميتافزيقياً ذا بعد ديني، هو سؤال خارج الواقع رغم أنه يتحدث من خلال الواقع، الذي هو هنا ليس سوى استعارة" مستشهداً بقول القديس بولس "نحن لسنا معنيين بما يُرى، لكننا معنيون بالأشياء التي لا تُرى. لأن الأشياء التي تُرى حقيقية أما التي لا تُرى فأبدية".
ولخص الكوني السؤال في أي عمل روائي "بأنه سؤال غيبي، سؤال الحقيقة. وأي نص أدبي لا يبحث في مسألة الحقيقة هو عمل من قبيل التسلية. وهو مسألة أخرى لا علاقة لها بالإبداع".
وتوقف الكوني عند الإلياذة كأول عمل شعري في التاريخ مستشهداً بالأسئلة التي طرحتها وأبرزها "سؤال هوية الإنسان في الوجود، لذا كانت هذه الرواية وثيقتنا الوحيدة لمعتقدات قدماء اليونانيين. وكل ما كتب عن إيمان الشعب اليوناني هو في الإلياذة والأوديسة كجزء ثان منها".
واستعاد أيضاً تجربة شعب سومر في بلاد ما بين النهرين، متوقفاً عند "ملحمة غلغامش" الشهيرة التي طرحت سؤال موقع الإنسان في هذا العالم وهو سؤال غيبي وجودي في حقيقة دينية.
واعتبر أن الملحمة طرحت "السؤال عن الهوية الإنسانية أو الهوية الإلهية للإنسان، لأنه أول مرة يطرح السؤال حول خلود الإنسان قبل طرحه في الكتب السماوية، وكل ما ورد في سفر التكوين والكتب السماوية الأولى مستعار من هذه الملحمة الدينية ذات البعد الوجودي. السؤال المركزي المطروح في الملحمة هو الخلود وعبث البحث عن الخلود لأن رحلة غلغامش إلى العالم السفلي هي استعارة لرحلة الإنسان أي منا في هذا الوجود الذي يبدأ من الميلاد الى الممات أو يبدأ من الممات إلى الممات لأن ما قبل مجهول وما بعد مجهول". ولفت إلى أن المصريين القدامى بحثوا أيضاً عن خلود الروح.
الإنسان قضية القضايا
هذه الأسئلة هي الأسئلة الكبرى التي يطرحها أي عمل روائي في مجال واحد هو الهوية الإنسانية كما يؤكد الكوني الذي يمتلك في رصيده أكثر من ستين عملاً روائياً.
"لأن هذا الإنسان الجالس أمامكم الآن قبل أن يكون روائياً وقبل أن يكون متحدراً من قبائل الصحراء الكبرى وقبل أن يكون ليبياً هو إنسان، وكونه إنساناً هو لغز الألغاز وقضية القضايا بالنسبة إلى الروائي. إذا لم يتناول أي عمل من أعمال الفنون هذه القضية لا فرصة له".
ويلخص الكوني فكرته بأن "الهوية الميتافيزيقية للمخلوق البشري الذي هو مقياس كل الأشياء كما يقول قدماء اليونانيين هي قضية القضايا ومشكلة المشكلات في الوقت نفسه لأنها بلا حل ومنها ينبثق السؤال: البحث عن الحقيقة".
بعد هذا السؤال لا بد أن يطرح سؤال الهوية الوطنية، وعن سبب ارتباط السؤالين يقول الكوني "ليرد الروائي على السؤال الأول يفترض وجود واقع، لأنه يستحيل التعبير عن مشكلة لغزية الإنسان دون أرضية. فعالمنا عالم استعارات ولا بد من خلقه هذا الواقع إذا لم يوجد وهذا ما فعله أدباء كثيرون في العالم"، لكنه يؤكد أن "الواقع لا يعني التعبير عن الواقع كواقع".
المبدع والواقع
إنطلاقاً من تجربته الشخصية مع الغربة، تناول الكوني ما يواجهه من أسئلة طاردته خلال الأربعين سنة الماضية "كل الأسئلة التي أواجهها هي كيف يتسنى لمبدع يعيش بعيداً عن واقعه الوطني أن يعبر كل الوقت ويصبح التعبير هاجسه. يسألونني ألا تشعر بجوع نحو الواقع والمجتمع؟ ويتكرر السؤال دائماً". وثمن المفهوم الأوروبي مثلاً الذي "يعتبر المبدع يعبر عن الواقع الحقيقي، بل هو يعبر عن ظل الواقع عن الواقع الذي يخفيه الواقع، عن الواقع الذي يتشكل من خلال التعبير عن الواقع كواقع".
ويشرح الكوني تركيبة الواقع "هناك واجهة هي البيئة أو الطبيعة، وهناك جانب ثقافي هو وجود الإنسان في الطبيعة. وهناك بعد ثالث هو الحلم في إعادة صياغة هذا الواقع. الحلم ينشغل بالبعد الأول بهوية الإنسان الدينية بالخلود أو الفناء، هل نحن فانون بالروح؟"
ويضيف "من هنا إشكالية التعبير عن واقع المبعد خارجه لذلك عندما يعبر كافكا يعبر عن ظلال الواقع وظل الواقع يعني روح الواقع أو البعد المفقود له. وهذه هي المركزية والشرط لكل عمل ابداعي"، إذن هذا الشرط بحسب الكوني "هو البعد الذي يهب العمل الابداعي عمقاً، فلا عمل إبداعيا دون الإيحاء بأن هناك عالما آخر وراء العالم ونصا خلف النص ووجودا وراء الوجود، لذا تستهوينا الأعمال الكبرى لأن البعد الغيبي في الواقع هو المقياس لجودة العمل أو رداءته، وهنا تكمن الفروسية".
تساءل الكوني لماذا ينوه النقد الأوروبي والأميركي وحتى الياباني بحضور الصحراء الكبرى بقوة في رواياته، بينما لا يفعل النقد العربي ذلك بل يتجاوزها؟ طارحاً علامة استفهام أخرى حول إمكانية أن يكون هذا "قصوراً من النقد العربي؟" موضحاً أنه لا يملك أي إجابة.
واسترسل في إيضاح وجهة نظره مدافعاً عن رواياته وصحرائه "لأن المهم ليس إذا عشت الواقع أم لم أعشه لكن كيف عبرت عنه، فإذا عبرت كما ينبغي يعني أني عشته عشرات المرات أكثر من الذين عاشوا هناك، فلماذا لا يوجد أدباء في ليبيا أو في العالم عبروا عن الصحراء؟".
ويصل الكوني مع الحضور إلى نتيجة أن القضية "ذاتية وتمرّ بالقلب. وإلى جانب القلب هناك التقنية والمعارف ومن أراد المعرفة فليتعلم اللغات". ويشدد على أنه في أعماله "عشت الواقع أكثر من الذين يعيشون في الواقع لأن المسألة هي في القدرة على تحويل الواقع رمزية وتحوله إلى رموز ونماذج. فهذا مقياس معايشة الواقع، فالسهل يُرى من بعيد، أما في وسط السهل فلا يراه الإنسان".
فيلسوف الصحراء المغترب
يسترجع الكوني في رواياته واقع الصحراء الكبرى على الرغم من أنه عاش فيها لفترة قصيرة، وهو يؤكد أنه عاش واقع هذه الصحراء "عشت الواقع، عشت الصحراء الكبرى لكني طردت منها مرغماً مجبراً بعد التفجير النووي الفرنسي عام 1957، في ذلك الوقت تحولت الصحراء الكبرى صحراء كبرى، وهذا أمر لا يعرفه الكثيرون، فالكارثة البيئية الكبرى بعد التفجيرات الفرنسية التي انتهت في العام 1965 لعبت دوراً كبيراً في إبادة ليس فقط البشر بل الحيوانات والنباتات وكل شيء، لذلك هاجرنا مضطرين إلى الواحات".
لم يتوقف الإغتراب الذي اختبره الكوني عند حدود الواحات بل وصل به إلى موسكو حيث تابع دراسته الأكاديمية في معهد غوركي للأدب، لكن الأسباب هذه المرة كانت مختلفة وعنها يقول "اغترابي من ليبيا إلى موسكو كان أيضا إجبارياً، أول كتاب صودر بعد ثورة القذافي في العام 1970 كان كتابي "نقد الفكر الثوري" ثم تتابعت مصادرة كل كتبي تباعاً".

قديم 02-18-2013, 10:22 AM
المشاركة 919
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
لا مكان للأدلجة في الإبداع
يعزو الكوني سبب مصادرة كتبه إلى أن "خطابي ليس سياسياً، ولست معنياً بالسياسة أساساً، لأني معاد للأدلجة، وللإيديولوجية في العمل الإبداعي".
ويوضح أن طريق هذا أوجد "فصولاً مجهولة من حياتي لا يعلمها أحد، وسيعرفها الكثيرون عندما انتهى قريباً من كتابة مذكراتي التي هي ليست مذكرات بالمعنى الحرفي لكنها محاولة للتعبير عن هذه التجربة وعن هذه الإشكالية إشكالية الهويات المتعددة المركبة في هوية هي الذات التي تستوعب العالم وتستوعب أيضاً هوية المكان".
ويرى الكوني أن هذه الغربة هي التي جعلت "حضور ذلك المكان الذي هو وطني وهو الصحراء الكبرى هو حضور ميتافزيقي موجود بقوة في رواياتي". مشدداً على أهمية الإستعارة ووجود "أدب إنساني إستعاري".
كما عبر عن أسفه "لسيطرة الخطاب الإيديولوجي على السرد العربي المعاصر"، معتبراً أن "ما دمر الأدب العربي المعاصر هو الخطاب السياسي، وهو خطاب خاوٍ وعاجز ولا أخلاقي يعالج مسألة لا أخلاقية". لافتاً إلى أنه "لا عمق في الإيديولوجيا، ولا في السياسة، فهي نظام اختلقه الإنسان لينظم عمل الجماعة وتحول لأخطبوط صادر روح الإنسان دون أن يدري" معتبراً أنه "عندما نستبدل الخطاب الإبداعي بالخطاب الإيديولوجي فإننا ننتصر للشيطان على حساب الربوبية".
"الورم".. نبوءة الربيع العربي
يرى الكوني أن "الخطاب السياسي والمباشر أو التناول الفج لن يغير الواقع بدليل أن الرواية التي لم يلتفت إليها نهائيا في العالم العربي منذ العام 2007 هي روايته "الورم" لكن عندما ترجمت إلى لغات العالم باتت الندوات تعقد حولها، واعتبروها نبوءة الربيع العربي. لكن هل هي رواية سياسية مباشرة؟ يطرح الكوني هذا السؤال ليؤكد بعده أنه عندما قرأها أحد النقاد قال "إنه فاوست العالم العرب".
ويوضح الكوني أن الرواية "ليست خطاباً سياسياً أو ايديولوجياً، هي ضمناً سياسية"، مستطرداً "تحت كلمة ضمناً أضع ألف خط أحمر، وهي ضمناً إيديولوجيا لأن هناك الخطاب المباشر الفج وهو ليس أدباً، وهناك الخطاب الاستعاري الضمني". كما استغرب فكرة أن "كل ما لا يؤدلج ليس أدباً ولا يقرأ" مبدياً أسفه لأن "هذه مأساة الثقافة العربية والعقلية العربية المعاصرة وبكل أسف هذا الجانب يطغى ويزداد طغياناً بدل أن يضمحل".

قديم 02-18-2013, 01:01 PM
المشاركة 920
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع،،

الصحراء اول ساحة شهدت ميلاد الثقافة
من هنا تأتي الصحراء "التي لم تقول كلمتها في تاريخ الآداب" كما يرى الكوني معتبراً أنها "العالم الذي كان ولا يزال مغترباً، كان أدب الصحراء غائباً أو مغيباً رغم أن الصحراء هي أول ساحة شهدت ميلاد الثقافة من خلال النبوءة".
ويعزو الكوني ذلك إلى كون "الصحراء لا تهب إلا التأمل والحرية التي تنجب التأمل، ومنذ انقسم المجتمع البشري إلى قسمين راحل ومستقر. أصبحت الصحراء منفية بطبيعتها لأنها كفت أن تكون مكاناً".
ولأن "المكان له شروط منها توفر المياه" كما يوضح الكوني مسترجعاً القول "عسير أن يهجر المكان ذلك الإنسان الذي أقام إلى جوار النهر".
ويؤكد بالتالي أن "النهر هو وتد وهو خالق الحضارة وهو حجة الحياة ولكن في الوقت ذاته هو وتد العبودية شئنا أم أبينا".
ويستطرد الكوني في شرح مفهومه للترحال "هذا الانسان لا يملك إلا أن يرحل وأن يتحرر ويمارس الحرية في كل مكان، هو في عبور وفي اللا مكان وهذا يحقق الحد الأعلى للحرية". ما يجعله "كإنسان لا يملك إلا أن يتأمل، والتأمل هو الذي أنجب النبوءة، وهو الذي أنجب السؤال الأول حول خلود الإنسان من عدمه. لذا نجد كل الديانات التوحيدية تأتي من الصحاري".
ويضيف "الصحراء كانت شرطاً للنبوءة والتنسك والتدين، لذا عندما ينتمي إنسان إلى الصحراء ليس عليه أن يطمع بأن يكون روائيا. فضلا عن كونها ملجأ لمن أراد أن يؤكد وجوده الديني والروحي". معتبراً أن "هذه هي المفارقة لأن النظريات تقول إن الرواية عمل مديني، ويستحيل أن تولد في الصحراء". ويكمل الكوني شارحاً سعيه لنفي هذه النظرية "فهذا السؤال يؤرقني منذ تلقيته على يد أساتذتي وقررت أن أنفي نظرية أن الرواية عمل بورجوازي وعمل مديني ولا رواية خارج المدينة". واتضح للكوني بالتجربة "أن هذا ليس صحيحاً. لأن الرواية موضوعها ليس الواقع بل سؤال الوجود ومعنية بالانسان حيثما حل ومعه وجد السؤال الوجودي عن علاقة الإنسان بالماوراء ووجد اللغز وطرحت حزمة الأسئلة الوجودية والدينية".
لذا يرى الأديب الليبي أن "الحافز الأساسي لأي عمل روائي هو غيبية الإنسان، وهذا الذي يعطي عمقاً لحياة الإنسان وعنوان السعادة"، فمن لا يطرح السؤال على نفسه "ليل نهار لا يمكنه أن يكون سعيداً لأنه سؤال الحقيقة" يؤكد الكوني.
من هنا يعتبر الكوني أن العمل الابداعي "عمل صوفي مئة بالمئة"،

التكنولوجيا تعطب الذاكرة
استكمل الكوني حديثه عن علاقة الإنسان بالتكنولوجيا، معبراً عن رأيه بأن "المعلومة معادية للمعرفة، ولأن الإنترنت يقدم المعلومات والإنسان يتلقى فقط، فهو بالتالي ينسى ما يتلقاه من معلومات، ما يشوه روحه ويدنسها ويخلف بصمة عار، لأن الانسان ذاكرة والذاكرة مهما كانت عبقرية فهي محدودة وهشة وقابلة للعطب ونحن لا نعمل إلى أن نساهم في عطبها كل يوم بالتكنولوجيا". وأضاف "نحن لا يعنينا ما يجري في العالم، ونتيجة لذلك نغيّب براءتنا، فنحن لا يمكن أن نغير العالم". مستدركاً حديثه بالإشارة إلى "تغريب الكتاب ككتاب، بينما في الصحراء عندنا يعامل الكتاب كتعويذة ونص ديني أي بقداسة. والتقنية تنهي دور القداسة فتنزع عن الكتاب القداسة وتستبيحه فيتحول الى معلومة لا شأن لنا بها في واقع الأمر".
ويرى أن هذا الهوس حتى بالأخبار يعطل التفكير مستشهداً بالفيلسوف هنري تورد الذي قال في القرن التاسع عشر إن "الانسان الذي يسمع الأنباء هو كمن يفتح قلبه للقمامة. فإذا كان تبادل الأنباء في ذلك الوقت هكذا كيف به اليوم والمعلومة تقتحم حياتنا في كل لحظة ونحن نساهم في فتح الأبواب لها ونشتريها أيضاً، فيتعطل التفكير".

رسالة الروائي: الإخلاص
في رده على سؤال حول دور الروائي في الثورات والتغيير توصل الكوني إلى خلاصة مفادها أن رسالة الروائي هي "أن يكتب أدبا جيداً وأن يفعل ذلك بإخلاص وأن يبتعد عن الأوهام".

معتبراً أن "ليست مهمته قلب الواقع رأساً على عقب، فالرواية ليست رسالة انقلابية بل نص ديني هدفه وغايته الأخيرة الحقيقة".

مشدداً على أن الروائي "إذا فعل ذلك ملتزماً بقوانين الرواية والإبداع يكون قد أدى رسالته. ولا بد أن تكون هناك روح رسالية شاملة لكل شيء".

وأعطى مثالاً على ذلك دور الأدباء الفرنسيين الكبار كجان جاك روسو وفولتير في التمهيد للثورة الفرنسية "فهم لم ينزلوا إلى الشارع بل كتبوا فكراً نزيهاً تضمن الانتصار لقضايا الإنسان الكبرى".
وهذا ما حدث في روسيا أيضاً كما يشير الكوني إنطلاقاً من "دوستويفسكي وتشيخوف وغيرهم ممن كانوا يؤدون واجبهم بإخلاص"، لذا فهو يرى أن استمرارية أدبهم هي الدليل في مقابل الأدب السياسي في عهد روسيا القيصرية.

انتهى،،


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 107 ( الأعضاء 0 والزوار 107)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2483 09-23-2019 02:12 PM
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 523 09-09-2018 03:59 PM
اعظم 100 كتاب في التاريخ: ما سر هذه العظمة؟- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 413 12-09-2015 01:15 PM
القديسون واليتم: ما نسبة الايتام من بين القديسين؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 18 08-22-2012 12:25 PM

الساعة الآن 10:31 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.