احصائيات

الردود
20

المشاهدات
7711
 
محمد نديم
شاعر وكاتب مصري

محمد نديم is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
48

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Apr 2007

الاقامة

رقم العضوية
3347
01-19-2013, 07:50 AM
المشاركة 1
01-19-2013, 07:50 AM
المشاركة 1
افتراضي سيناريو الزيف والرتابة.
سيناريو الزيف والرتابة.
بقلم ( محمد نديم علي)


المنظر : ليل داخلي ،،،،
أريكة باردة ،، أطباق عشاء ،جائعة ،،، مزهرية ،، مطفأة سجائر قديمة ،هاتف صامت ،، ،، مصباح غرفة نصف مغمض ،، ، تلفاز ،،، بالوعة مطبخ نظيف ،،، و أنفي.

أنفي تتحسسني ،،، لن أطاوع شيطان القرف ،، لن أضع أصبعي في فتحة أنفي ،،، أمي علمتني أن أكون نظيفا ،،، نسيت كثيرا من نصائحها ،، بين شرور التنافس وضرورات العمل ،،، وقوانين الغابة . فكثيرا ما غافلتها وفعلت فعلتي التي فعلت.

مزهرية نحاسية مصقولة بخطوط سوداء رائعة ،،، هل تستعد لتلقي العزاء في زهور ذابلة؟

كانت أول ما اشتريت قبل الأثاث وقبل الطعام ،،،، ما زال لونها يبهرني ،،، وصمتها أيضا ياللذكريات !! آه كم مر عليها من زهور !!
شاشة التلفاز خرقة من قماش وسخ ،،،، !!لمحت بائع الليمون في حارتنا ،،، يقود مظاهرة ضد الدولة المدنية !!!

امتلأت أطباق العشاء بالأحاديث البالية ،،، يرن الهاتف ذو الأسلاك المرتخية ،، رنات كسولة ،،، ركضت إليه ،،، كنت أقاوم السقوط ،،،
توقف قبل أن ألمس السماعة !!!
عدت لأعقاب سجائري القديمة منذ سنوات ،، ,لأتأكدمن إطفائها ،، ثم،، ألقيت بها في عين البالوعة!!!

ومددت جسدي بارتياح تام إلى جوار ذكرياتي الحميمة على الأريكة الفارغة.
وفي بؤرة مصباح الغرفة تأكدت من رؤية أقمار لوجوه الشهداء المبتسمين !!!


قديم 01-19-2013, 08:16 AM
المشاركة 2
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ليس من السهل بمكان تفكيك هذا النص بالرغم من البساطة الماكرة التي يوحي بها
لكل شيء هنا قرين و لكل منهما دلالة و إسقاط
البالوعة و مطفأة السجائر
مزهرية و زهور ذابلة
مصباح غرفة نصف مضيء و مرور للشهداء في بؤرته
وسواس نظافة و تصرف يعانده
هاتف صامت .. هاتف يرن و لا يُرد عليه
أ. محمد نديم
اعذر تطفلي فالنص فعلا فيه تكثيف مدهش
تعودنا منك دوما وافر الابداع
تحيتي لك

قديم 01-19-2013, 12:37 PM
المشاركة 3
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
نص قصصي مزلزل بحق. اؤيد ما طرحته الاستاذه ريم بدر الدين ويمكننا طبعا ان نتحدث باسهاب عن الاسباب التي جعلته نصا جميلا مزلزلا.

العنوان: "سيناريو الزيف والرتابة".

بداية العنوان ملفت ويخلق في نفس المتلقي ما يكفي من الفضول ليتعرف على هذا السيناريو؟! فيندفع للقراءة، وكلمة سيناريو بحد ذاتها توحي بالكثير وكأننا بصدد فلم مشكل من سلسلة من المشاهد التي توحي بالزيف والرتابة.
طبعا العنوان غير مألوف وربما انه طويل شيئا ما بالمقارنة مع النص، لكنه حتما موحي ويبعث الفضول.

" المنظر : ليل داخلي ،،،، أريكة باردة ،، أطباق عشاء ،جائعة ،،، مزهرية ،، مطفأة سجائر قديمة ،هاتف صامت ،، ،، مصباح غرفة نصف مغمض ،، ، تلفاز ،،، بالوعة مطبخ نظيف ،،، و أنفي".


مدخل القصة : القاص يكتب وكأنه يرسم، او يصور، وهو يركز على المشهد مما يجعل قصته من النمط القصصي الصعب، والذي لا يتمحور حول البطل أو الحبكة وإنما يغلب فيه وصف المشهد الذي يهدف القاص من خلاله إلي إيصال الفكرة من خلال التصوير الجميل والموحي، والمنظر الذي أتقن رسمه.

فالمتلقي يقرأ وكأنه يشاهد وصفا للمكان (المشهد) الذي يجهز لجلسة تصوير احد المشاهد في فلم رعب...فالليل شديد العتمة كونه (داخلي)، والبرودة تبعث القشعريرة في الجسد والنفس، وأطباق العشاء الفارغة توحي بالفقر والبؤس، والمزهرية أشبه بقبر للأزهار التي ماتت من زمان، ومطفأة السجاير القديمة تنم عن حالة الكآبة والبؤس، والصمت يعني الموت، ومصباح الغرفة أكل عليه الدهر وشرب ولا يكاد يضيء،بل هو نصف ميت، تلفاز، وبالوعة مطبخ نظيف وهو ما يوحي بأن المكان كان مسرحا لكثير من الحياة والنشاط ولكن الموت والسكون أصبح لمها الغلبة والسيادة.

المشهد يبعث في النفس القشعريرة ويهئ المتلقي لكل الاحتمالات التي تصبح مفتوحة لكنها تتمحور حول حالة البؤس والكآبة والموت الذي حل بالمكان.

ونجد ان القاص يُانسن الاشياء هنا فهو يصف الاطباق بأنها جائعه والهاتف صامت، ومصباح نصف مغمض وهذا التشخيص يبعث الحياة في النص حيث تصبح الاشياء وكأنها كائنات حية.

كما انه نجح في اختيار كلمات موحيه وتوقظ في المتلقي المشاعر، فالمشهد يغلب عليه الظلمة والبوردة والجوع والصمت.

وكلمتي ( صامت + مغمض ) توقظ في المتلقي حواس السمع والبصر فيندقع لاستكمال القراءة وهو في حالة انتباه وترقب وقد استنفرت حواسه.

يتبع،،،

قديم 01-21-2013, 03:03 PM
المشاركة 4
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
،،تابع

اقتباس " أنفي تتحسسني ،،، لن أطاوع شيطان القرف ،، لن أضع أصبعي في فتحة أنفي ،،، أمي علمتني أن أكون نظيفا ،،، نسيت كثيرا من نصائحها ،، بين شرور التنافس وضرورات العمل،،، وقوانين الغابة . فكثيرا ما غافلتها وفعلت فعلتي التي فعلت".

طبعا مدخل القصة يوحي بأن بطل القصة عائد إلى المكان كان فيما مضى عامر بالحياة، لكنه أصبح خاوي لأسباب لا نعرفها ولا يصرح بها الكاتب صراحة، ولكننا نستطيع أن نستنتج من الفقرة الثانية ما يرمي إليه القاص. ذلك من خلال حديثه عن والدته التي ذكّره المكان فيها والتي كانت تمنعه من مطاوعة شيطان القرف.

من هنا يمكننا أن نستشف بأن غياب الأم هو سر ذلك الجو الكئيب الذي أتقن القاص رسمه ووصفه.

وفي مطلع الفقرة الثانية نجده يستثير فينا حاسة الشم، بذكره للأنف والتحسس، ويستثير فينا مشاعر القرف، وهو يكرر كلمة الأنف في هذه الفقرة ثلاث مرات، وهو أيضا يسخر النقائض بذكره للقرف والنظافة، وذكره للنصائح والشرور.

وما يعزز الاحتمال بأن الأم غابت منذ زمن بعيد بسبب الموت هو نسيان بطل القصة للكثير من نصائحها، كما يقول القاص، بسبب انشغاله كما يقول بالأمور الدنيوية التنافس وضرورات العمل وقوانين الغابة، وفي نفس الوقت بسبب الحالة التي وجد عليها المكان الذي كان يسكن فيه معها.

وفي عبارة " وفعلت فعلتي التي فعلت" تسخير ذكي للنص الديني بكل ما يحمله ذلك النص ويرتبط به من معنى وإيحاء، حيث يوقظ في المتلقي فجأة كل ما يرتبط بالذهن من أمور دينية حول الأم والحياة والموت والمعصية والعقاب والغفران والشيطان.

وفي هذه الفقرة ينجح القاص في رسم ملامح لشخصية بطل القصة بكلمات قليلة ومكثفه، فهو شخص عائد إلى مكان ولادته أو المكان الذي كان يسكن فيه مع أمه، تلك الأم التي عملت على تربيته لكنه غادر المكان منذ زمان لينشغل بأمور الدنيا وهو يزوره بعد انقطاع طويل ليجده اقرب إلى ألخرابه.

والمهم أن زيارة المكان تشعره بالذنب كنتيجة لانشغاله بأمور الدنيا. فهو شخص يحاسب نفسه، وعلى الرغم من انشغاله فيما مضى في خضم الصراع على لقمة العيش، يجد نفسه يقاوم شيطان القرف، وفي ذلك ما يشير إلى حالة الصراع الداخلي الذي يعاني منه بطل القصة، وهو ما يزيد من حدة التأثير.

ونجد القاص يمحور نصه حول صراعات متعددة في آن واحد وبطريقة ذكية للغاية، الأول ربما بين الحياة والموت من خلال وصف المشهد، والثاني بين النفس الإمارة بالسوء والانا العليا مخزن التعليمات والنصائح، والثالث بين النفس والشيطان،فالقاص يجعل للقرف شيطان وهو يقاومه الآن، ولا ننسى الصراعات المتعددة التي توحي بها قوانين الغابة والتنافس.

ووجود الاقتباس الموحي بالارتباطات الدينية يبرز هذه الصراعات بشكل حاد مما يجعل النص بالغ التأثير .

يتبع،،،

قديم 01-22-2013, 11:25 AM
المشاركة 5
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
تابع،، محاولة لفهم ابعاد النص هنا:

اقتباس " مزهريةنحاسية مصقولة بخطوط سوداء رائعة ،،، هل تستعد لتلقي العزاء في زهورذابلة؟".

في هذه الفقرة يقوم القاص بإعادة توجيه الكاميرا إلى المكان لاستكمال وصف (المشهد) بعد أن كان قد سلط الكاميرا على انفه في الفقرة الأولى وتوقف ليصبح انفه وكأنه مركز الكون.

واستمر في تسليط الكاميرا على انفه في الفقرة الثانية، وهو يناجي نفسه ويعود بالذاكرة إلى الوراء، ليعود من جديد لوصف المشهد هنا.

وهو هنا يقول الكثير بكلمات محدودة. ولاشك أن الفقرة شديدة التكثيف لكنها تبرز من جديد ذلك الصراع بين الحياة والموت.
وهو يسخر هنا الألوان ( نحاسية + سوداء ) كعناصر تأثير، ومرة أخرى يستثمر القرائن كعناصر تأثير أخرى.

فمن ناحية يتحدث عن مزهرية نحاسية لكنها موشحة بالسواد وهو لون يوحي بالموت والظلام والخوف، ويتساءل: إذا هل هذه المزهرية تستعد لتلقي العزاء؟ بماذا؟ بزهور ذابلة؟

وفي ذلك إبراز للصراع الوجودي بين الموت والحياة، والوصف كله مؤشر على تلك الحالة النفسية البائسة والظلامية المسيطرة على البطل في تلك اللحظات، فحتى المزهرية يرها مثل القبر للإزهار على الرغم من إعجابه بألوانها النحاسية والخطوط السوداء التي توشحها.

أما رمزية الوصف هنا فربما نتمكن من فهمها من خلال الفقرات التالية، خاصة مشاهدته لصور (الشهداء) في الفقرة الأخيرة، فربما هو يرمز هنا للشهداء الذين سقطوا في عمر الزهور؟ والصراع الذي يحاول إبرازه هو صراع الموت والحياة في ساحة الحرية والتي ربما رمز لها بالمزهرية ، وهو يتساءل هل تستعد هذه الساحة لتلقي العزاء بمزيد من الشهداء؟

فعلا نص غني وعميق ومكثف وموحي ومحير!

يتبع،،

قديم 01-24-2013, 11:55 AM
المشاركة 6
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
السؤال المحير هو : ما علاقة سيناريو الزيف والرتابة بالنص؟

قديم 01-27-2013, 04:55 PM
المشاركة 7
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
تابع،،

اقتباس "كانت أول ما اشتريت قبل الأثاث وقبل الطعام ،،،، ما زال لونها يبهرني،،، وصمتها أيضا يا للذكريات !! آه كم مر عليها من زهور !!

يعود البطل في القصة ليحكي لنا قصته مع المزهرية، فيقول بأنها كانت من بين أول الأشياء التي اشترها حتى قبل الطعام، وربما في ذلك رمزية تشير إلى حبه للحياة والجمال التي تمثله الورود، وسر حبه لتلك المزهرية إنما يأتي لقدرتها على احتضان الحياة والجمال بصمت.

واضح أيضا بأن المزهرية تذكره بالزمن الجميل، والذي كانت فيه الأولية للجمال والأزهار وما يرتبط بتلك الحياة من معاني، لكن كل ذلك أصبح ذكريات فقد تبدلت الظروف وتبدل الزمن وأصبحت المزهرية التي أحبها مثل قبر مهجور لإزهار ماتت منذ زمن.

والبطل يتحسر على ذلك الزمن الجميل والذي يبدو انه امتد لمدة طويلة كانت فيه المزهرية تحتضن الأزهار والجمال باستمرار.

طبعا يستخدم القاص هنا تكنيك التصوير السينمائي، وكأنه يمسك بالكاميرا ويسلط الأضواء على تلك المزهرية، كما فعل في الفقرة الأولى حينما سلط الكاميرا على انفه.

وهو يستثير في المتلقي حاستي البصر والسمع من خلال ذكره( للون المزهرية المبهر، ثم صمتها).

وهو حتما يؤنسن المزهرية حيث جعلها صامتة.

يلاحظ أيضا بأن عبارة ( يا للذكريات + آه كم مر عليها من زهور !!) إنما يستثمر القاص من خلالها أزمان متعددة لخدمة زمن القصة الذي يتمحور حول تلك الدقائق التي قام فيها بزيارة المنزل (مكان القصة)، وهو ما يجعل القصة غنية بكل ما يمكن للمتلقى أن يتخيله من احداث حصلت خلال تلك الأزمان الطويلة، التي اصبحت مجرد ذكريات.

يتبع،،

قديم 01-28-2013, 11:06 AM
المشاركة 8
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
تابع،،

اقتباس "شاشة التلفاز خرقة منقماش وسخ ،،،، !!لمحت بائع الليمون في حارتنا ،،، يقود مظاهرة ضد الدولة المدنية"!!!

ينتقل بنا الراوي بكاميراته التصويرية إلى مكان آخر، ويسلط الأضواء هذه المرة باتجاه شاشة التلفزيون تحديدا، ونجده هنا يشبه شاشة التلفزيون بالخرقة من قماش وسخ، وحتما أن السبب يعود إلى انه جهاز يمثل سيناريو الزيف والرتابة، وهو وصف لحالة التردي للبرامج التي تبث على تلك الشاشة والمنفصلة عن الواقع المأساوي والمؤلم والبائس الذي وصلت إليه الأمور، والذي يعيشه الناس.

ذلك الواقع الذي أحسن القاص تصويره في المشهد الأول فالليل شديد العتمة، وأطباق العشاء فارغة توحي بالفقروالبؤس، والمزهرية غابت عنها الأزهار رمز الجمال والحب، ومؤشر إلى الزمن الجميل الذي كان مفعما بالحياة والرفاه الاجتماعي، لكن شاشة التلفزيون مستمرة في بث برامج زائفة وشديدة الرتابة وكأن الحديث يجرى عن كوكب آخر، فصار كأنه خرقة من قماش وسخ.

وهنا نجد القاص وكأنه يشرح لنا وفي كلمات قليلة جدا، أسباب قيام الثورة التي لم تقتصر على النخبة، لا بل شملت كل الشرائح المجتمعية، حتى وصلت إلى بائع الليمون، حيث نجد أن الراوي قد سلط عليه الأضواء الكاشفة، وكأنه انتقل بالكاميرا عبر النافذة لينقل لنا صورة ذلك البائع وهو يشارك في مظاهرة ضد الدولة المدنية في الشارع المجاور.

ولا شك أن القاص حينما جعل بائع الليمون يقود المظاهرة، نجح في تصوير مرارة الوضع البائس في الشارع والذي أوصل الأمور إلى حد تحول هذا الشخص من بائع إلى قائد لمسيرة احتجاج.

وأتصور أن القاص قد اختار بعناية طبيعة المهنة التي يمارسها الشخص المذكور، فجعله بائع ليمون تحديدا وليس بائع برتقال مثلا، وذلك لاستثارة حاسة الذوق بحدة من ناحية ولتعزيز صورة الظروف البائسة التي فيها الكثير من المرارة والمذاق الحامض. ذلك ان كلمة مذاق الليمون ترتبط في ذهن المتلقي بتلك الحالة الشعورية حتما.

طبعا في موقع آخر من النص ما يستثير المشاعر بطريقة اخرى، ويدفع المتلقي بالشعور بحالة القرف من جديد وذلك من خلال استخدامه لكلمات ( خرقة من قماش وسخ ).

وفي استخدامه لكلمة (لمحت) استثارة لحاسة البصر، ولا شك أن اختياره لكلمة لمحت نجح في تسليط الضوء على ذلك الشخص بكثافة، فأصبحت الكلمة كأنها عدسة مكبرة عند المتلقي.

والجميل في وصف هذه الشخصية أن القاص جعلها شخصية ديناميكية فهي تحولت من بيع الليمون إلى قائد لمظاهرة ضد الدولة.

وفي النص حركة تبعث فيه الحيوية والحياة،ولذلك نجده بالغ التأثير.

وهذه الفقرة تعزز الاعتقاد بأن القاص إنما يختار كلماته بعناية فائقة، وكل كلمة في النص لها دلالة ومعنى، وتوحي بالكثير، وترتبط من ذهن المتلقي بالكثير، كما ترمز إلى الكثير، مما يعزز الاعتقاد بأنه نص بارع كتب بمهارة فائقة.

يتبع،،

قديم 01-29-2013, 02:21 PM
المشاركة 9
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
تابع،،

اقتباس "امتلأت أطباق العشاء بالأحاديث البالية ،،، يرن الهاتف ذو الأسلاكالمرتخية ،، رنات كسولة ،،، ركضت إليه ،،، كنت أقاوم السقوط ،،، توقف قبل أنألمس السماعة !!!".

واضح أن القاص استخدم أسلوب الحذف هنا، وكأنه أراد القول في المادة المحذوفة بأن المظاهرات التي شارك فيها بائع الليمون قد قادت إلى انقلاب وتغيير في النظام، وانتهت الدولة المدنية، وتأسس نظام جديد، وكان الأمل أن تمتلئ أطباق العشاء بالطعام كنتيجة لهذا التغيير لكن التغيير الذي حصل لم يأت بجديد ولم يحسن الوضع الاقتصادي ولم يملأ الأطباق، ودليل ذلك أن الناس أصبحوا يتجمعون حول المائدة لتبادل الأحاديث البالية، وذلك كناية عن حالة التراخي والانفلات وفقدان النظام، فقد ظلت أطباق العشاء فارغة إلا من الأحاديث البالية. فلم يعد أمام الناس إلا التجمع حول الموائد الممتلئة بالإطباق الفارغة ليتبادلوا الأحاديث البالية.

ولتعزيز صورة الوضع المأساوي وحالة الارتخاء التي آلت إليه الأمور، يقدم لنا القاص وصفا لحالة الهاتف فهو من ناحية ذو أسلاك مرتخية، وفي ذلك ما يوحي بفقدان الانضباط وسيادة حالة انعدام الوزن والفوضى التي أثرت على كل مناحي الحياة، حتى أن الهاتف أصبح على تلك الحالة من الارتخاء.

ولمزيد من التعزيز لتلك الصورة المأساوية يجعل القاص الهاتف يرن رنات كسولة أيضا...لكن رنات الهاتف تبعث الراوي الأمل فيركض إليه لعله يأتيه بجديد، وفي وصف البطل بأنه كاد أن يسقط مؤشر إلى الحالة النفسية المتردية التي كان يمر بها، وربما حالة الجوع التي وصل إليها البطل، فهو غير قادر على السير باعتدال، لكن الهاتف توقف قبل أن يلمس البطل السماعة، فحتى بارقة الأمل الوحيدة والتي جاءت من هاتف مرتخي الأسلاك ويرن بكسل هذه تنتهي بسرعة، وقبل أن يصل الراوي إلى السماعة ليرد على المكالمة.

طبعا هناك مجموعة من عناصر التأثير في الفقرة فالقاص من ناحية يستثير غريزة الجوع بحديثه عن أطباق العشاء الفارغة، وفي نفس الكلمات استخدام للنقائض فهي أطباق امتلأت لكن بالأحاديث البالية.

وفي استخدام كلمة ( يرن+ رنات) ما يوقظ حاسة السمع وينبه المتلقي إلى الوضع الجلل والمأساوي التي آلت إليه الأمور.

وفي الركض حركة وهو ما يضفي حيوية وحياة على النص.

ومرة أخرى يلجأ القاص إلى استخدام النقائض كعناصر تأثير من خلال الحديث عن (الركض+ التوقف + والكسل).

وفي كلمة ( المس ) استثارة لحاسة اللمس ايضا.

كما يلاحظ بأن القاص حشد في هذه الفقرة سبعة كلمات فيها أحرف الهمس ذات الجرس وهي أحرف ( السين والشين ) والتي لها وقع خاص على أذن المتلقي، وذلك من بين ما مجموعه 23 كلمة استخدمها الكاتب في هذه الفقرة.

طبعا يمكن فهم الفقرة على مستوى آخر. أي أنها تمثل استمرار للحالة النفسية البائسة للبطل، والذي جعلته حالة الكآبة التي يمر بها يرى الأمور بمنظار آخر.

فهو هنا يبدي امتعاضه من الأحاديث البالية التي يتبادلها الناس حول المائدة ضمن مسلسل الزيف والرتابة، أو هكذا هي تبدو له، وهو حينما يسمع رنة الهاتف يركض باتجاهه، وفي ذلك ما يشير إلى مدى حاجته للتواصل مع الآخرين، لكن الهاتف ما يلبث أن يصمت، مما يكرس حالة العزلة والانقطاع عن الآخرين التي يمر فيها البطل، وفي ذكره لمقاومة السقوط فان الراوي يشير إلى مظهر آخر من مظاهر الحالة الكئيبة التي يمر بها.

ويلاحظ هنا بأن القاص حرك كاميرته ليسلط الأضواء الكاشفة هذه المرة على ما يدور في نفس الراوي بطل القصة ، على الرغم انه ظاهريا يبدو وكأنه يستكمل وصف المشهد الذي تدور فيه أحداث القصة.


يتبع،،

قديم 01-30-2013, 11:48 AM
المشاركة 10
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
تابع ،،،

اقتباس "عدت لأعقاب سجائري القديمة منذ سنوات ،، ,لأتأكد من إطفائها ،،ثم،، ألقيت بها في عين البالوعة!!!".

في هذه الفقرة يخبرنا الراوي بأن حالة الإحباط التي تكرست لديه بعد انتهاء بارقة الأمل في انقطاع الاتصال الهاتفي، وعدم حدوث التواصل، دفعته للانتقام من أعقاب السجائر القديمة، وهو تصرف يهدف إلى تفريغ الطاقة السلبية لدى البطل ومشاعر الكآبة والإحباط والغضب مما آلت إليه الأمور بعد الثورة والتي لم تأت بأكثر من الأحاديث البالية وتركت الأواني على المائدة فارغة.

ولم يتوقف الأمر عند إطفاء السجاير القديمة بل ألقى بها في عين البالوعة، ونلاحظ هنا الاستخدام الذكي لكلمة عين فهي من ناحية تستثير في المتلقي حاسة البصر وتوحي بمدى السيطرة والتحكم التي امتلكها الراوي في معالجة مشاعره المتراكمة، وفي استخدام كلمة عين استثمار للنص الديني ( عين اليقين ) وإحياء له في ذهن المتلقي وهو ما يجعل الفقرة بالغة التأثير لما لذلك النص من ارتباط .

ويمكن فهم الفقرة هنا علي مستويين أيضا، فربما أن الظروف التي نتجت عن الثورة والتغير في النظام قادت الراوي لتلك الحالة النفسية فلم يجد سبيل لتفريغ مشاعر الغضب والإحباط سوى أعقاب سجائره القديمة، ويتضح أن الغضب قد وصل به إلى أن لا يكتفي بإعادة إطفاء أعقاب السجائر تلك وهو يعلم أنها مطفأة منذ سنوات قديمة، وإنما قام على إلقائها في عين البالوعة إمعانا في حاجته للتخلص منها ومن شرورها المحتلة، وفي ذلك ما يؤكد حالة الغضب التي ألمت بالراوي كنتيجة لتراكمات ما حدث.

أما المستوى الآخر فيتمثل في حالة الكآبة التي ظهرت على الراوي وتعززت كنتيجة لما إصابة من مآسي تكرست كنتيجة للأحداث الانقلابية التي لم تود إلى نتيجة، وقد أوصلته إلى حافة الانهيار، والانتحار، وعندما رن الهاتف ركض إليه كونه يمثل بارقة أمل، وفي ذلك ما يشير إلى حاجته للتواصل ولكن الهاتف انقطع قبل أن يلمسه فماذا كانت ردة فعل الراوي؟

واضح أن القاص خطط للحظة الانقلاب هذه في شخصية الراوي، فبدلا من أن يستسلم لليأس ويستمر في انهياره، قرر أن يتخلص من مشاكله المأساوية المتراكمة traumatic experiences والتي كانت قد فعلت الأفاعيل فيه وأوصلته إلى تلك الحالة من اليأس والكآبة، والانهيار الذي أوصله إلى حافة السقوط عندما ركض للرد على الهاتف. وقد رمز إلى ذلك بأعقاب السجائر، فهو يريد أن يتخلص مما بقي في نفسه من مسببات الاكتئاب واليأس للتأكد من أنها لن تعود لتسبب له الألم ومن هنا جاء تعبير القاص ( لأتأكد من إطفائها )، فهو يدرك مصادر ألمه، ومسببات كآبته، واختار أن يتخلص منها، ولم يكتف بإعادة إطفاء حرائقه الداخلية، (ويرمز إلى ذلك بسجائر قديمة) لكنه تأكد من التخلص منها بطريقة مدروسة ونهائية ولذلك فقد رماها بعين البالوعة تحديدا ولم يرمها بطريقة عشوائية لتذهب عنه والى الأبد دون رجعه.

ومن هنا نفهم التحسن النفسي الذي حل به بعد ذلك مباشرة ، حيث مدد جسده بارتياح على الأريكة، كما يأتي الفقرة التالية.

واضح أيضا أن القاص ضمن هذه الفقرة مزيدا من المعلومات التي جعلت شخصية الراوي ديناميكية، فهو لم يستسلم لحالة البؤس والكآبة وتراكمات المآسي عليه، وإنما تصرف وتخلص من مخلفات تجاربه المأساوية، ومما يؤلمه ليتأكد أنها لن تعود لتحرقه، بل تأكد انه تخلص منها والي الأبد في عين البالوعة.

وفي النص حركة ( عدت، ألقيت ) وهو ما يضفي عليه نوع من الحيوية ويجعله اقرب إلى الحياة.

وفيه استخدام للنقائض ( سجائر مشتعلة، إطفائها ).

وفي ذكر السنوات تسخير للأرقام وفي استخدام الأرقام سحر من نوع خاص فهي تمثل لغة الكون ولها وقع لا واعي على المتلقي.

كما انه يؤنسن البالوعة فيجعل لها عين.

كما يظهر بوضوح بأن القاص يعالج في هذه الجزئية من القصة الجانب النفسي من الشخصية ويسلط الأضواء الكاشفة بصورة كثيفة على أعقاب السجائر، والمطفئة، وعين البالوعة لكنه في نفس الوقت يكشف لنا ما في سريرة ذلك الراوي من مشاعر وآلام، ويدعنا نشاهد كيف حدث الانقلاب لديه فتخلص من بقايا مآسيه ليرتاح.

ولا شك ان حالة الانقلاب التي حصلت في شخصية البطل تمثل لحظة انقلاب في النص وهو ما يشير الى مهارة القاص وقدرته على السرد الجميل الذي يمتلأ بعناصر التأثير والجمال ومكتوب بحرفية عالية.


يتبع،،،


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: سيناريو الزيف والرتابة.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
يوم الصيف ( لوحة) أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 0 11-16-2023 01:23 AM
سيناريو جدري القرده اعزاز العدناني منبر الحوارات الثقافية العامة 2 05-27-2022 02:14 PM
السيف الثقيل ...!!!!ق.ق.ج محمد أبو الفضل سحبان منبر القصص والروايات والمسرح . 4 04-16-2021 08:21 AM
السيف والقلم نبيل أحمد زيدان منبر الشعر العمودي 13 11-16-2020 08:52 PM
يا شام عاد الصيف ريم بدر الدين منبر ديوان العرب 2 12-08-2010 07:59 PM

الساعة الآن 01:20 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.