احصائيات

الردود
2

المشاهدات
1343
 
سيد يوسف مرسي
من آل منابر ثقافية

سيد يوسف مرسي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
37

+التقييم
0.03

تاريخ التسجيل
Jun 2020

الاقامة
مصر / سوهاج

رقم العضوية
16138
06-28-2020, 07:04 PM
المشاركة 1
06-28-2020, 07:04 PM
المشاركة 1
افتراضي درب الأشباح
درب الأشباح
ليست هي المرة الأولى التي أمر فيها من هذا الطريق ،لقد تعودت على سلوكه والمرور به ،
بالرغم من ضيقه ... لكن الهدوء الذي يسوده ويسكنه يعمه يجعلني أحبذه عن غيره ..حين تأخذني اللهفة والعجلة لا أجد غير هذا الطريق ليُقَصر المسافة ويديح الأرض تحت أقدامي كي أصل إلى عملي بعيداً عن الزحام، أجد راحة نفسية كلما مررت بهذا الطريق وتفوح منه رائحة الماضي فتكون في أنفي مثل العبير أحيانا ً ويأخذني الفضول فأجول ببصري في نوافذ بيوته المرتفعة والمشربيات العتيقة والأبواب الخشبية الكبيرة والطوب الأحمر البلدي الذي كان يصنع بأيدي سكان البيوت وتمازجه مع الحجارة في بعض الأبنية ، كل هذا يحكي لي بالصمت والسكينة عن ماضي جميل وددت لو رجع الزمان بنا وكنت واحداً من أهله .. حينما كنت أمر فيه أخشى أن يسرقني هذا الزمن وأنسى زمني المرتبك المزدحم القاسي ، وأنسى موعدي في مكتبي فلا تأتي الساعة السابعة والنصف صباحاً وإلا وجميع الموظفين قد حضروا
ورئيس العمل يكون أولهم فهو لا يعرف التأخير ولا يقبل لأحدٍ عذر ا، فقد كنت أخشى أن يصل قبلي ويسبقني فأسبقه في الوصول بمروري بهذا الطريق ،،،،
كان بهذا الشارع بيتاَ ألحقت به حديقة تطوف حول أركانه من الأمام والخلف قد أهملها أهلها العناية فلم يتبقى بها غير بضع شجيرات للزينة تعرت أغلب أغصانها من الورق لشدة العطش والإهمال وقد ألحق الزمن بملامحها أثراً بادياً للناظرين مثلها مثل البيت التي تطوف به ......
لقد كان يدفعني الفضول للنظر بداخله كلما وجدت بابه مفتوحاً ومررت من أمامه فلا أرى فيه
من ساكن يوما ً ما ،، لكن كنت أسمع أصواتاً تأتني من داخله وناساً تتكلم وأصوات أطفال تبكي لكني لم تر عيني أياً من هؤلاء الذين أسمع أصواتهم ..
الفضول يملكني ولم أنقطع عن الطريق .. وفي أحد الأيام بعد انتهاء عملي وعودتي بعد يوم مرهق من العمل والشد والجذب مع رواد المكتب ، وكانت الدنيا غائمة ومصابيح الشارع لم تضاء بعد كأننا على مقربة من الليل والرغبة في داخلي صائمه كأنها تنتظر أن يؤذن لها
بالخروج ... لم أكن أتوسط الشارع حتى راحت عين السماء تدمع وتسقط قطراتها من الماء على الأرض فتبللها ويسمع صوتها عندما تسقط على الأرض ، انتحيت جانبا بعيداً عن عرض الشارع ورحت أمشي بمحاذات المباني تفادياً للماء الساقط على رأسي حتى لا تبتل ملابسي قبل أن أصل الى الدار ، وبدأ البرق يخطف البصر من حين لأخر والرعد يزمجر
وثقل وكثر الماء الساقط على الأرض وبدا المارة يهرولون ويختفون من الشارع خوفاً من الماء ..أما أنا فأحسست بمتعة وانتشاء وأنا أشق طريقي على مهل أتفرج فالأمطار لا تسقط عندنا ولا تكثر إلا في فصل الشتاء أما تلك اللحظة فهي مغايرة تماما لما اعتاد الناس عليه من سقوط المطر في شهر اكتوبر أو شهر سبتمبر من السنة فنادراً ما يحدث ذلك ...
رفعت رأسي أقلب وأدور بعيني أرقب المنازل والنوافذ وهي تغلق واحدة تلي الأخرى بعد أن يطل أصحابها ويتطلعون على المطر الساقط .. كنت حينها قد وصلت أمام باب حديقة الدار العتيقة وأنا أنظر إلى الماء الساقط وهو يغسل وجه الورق مما علق به من غبار وهو يبتسم مرحباً ...أدرت رأسي فإذا بامرأة يطل نصف رأسها خارج الباب الداخلي للدار المطل على الحديقة دون أن تصنع شيئاً ، لقد خيل إلىّ أنها تتطلع وتنظر أمراً لها في الحديقة تحت الماء
وتود انتشاله ، خفت أن تلاحظني وأنا أقف أمام باب منزلها وحديقته وتسألني عن سبب وقوفي فلا أستطيع أن أجيب أو أرد عليها فمضيت في طريقي حيث منزلي وقد فعل الماء بي
فعله كأنني كنت في سباق في البحر غواصا ً وعائماً فقد كنت مبتلاً عن أخري ...
لقد مضى على سقوط المطر ما يقارب الشهرين ومروري بهذا الشارع وأنا منقطع عنه تماما بعد أن أصابني البرد وأصبت بنوبة من الحمى وأنا نائم على سريري لا أفارق حجرتي وقد نلت أجازه مرضية بعد عدة كشوفات عند الأطباء ومعاودة الكشف وقد كادت الحمى أن تفتك بي لولا لطف الله بي ..
وها أنا الآن أعاود عادتي القديمة لأمر بالشارع العتيق مرة أخرى وليس في رأسي من أمر إلا العادة التي تعودتها إلا الهدوء. كان المساء قد حل في تلك اللحظة حيث كنت بصحبة أحد الزملاء نتسوق بعض الكتب من شارع يعج بالمكتبات والكتب القديمة التي تجد لها صدى ورغبة عندي عن مثيلاتها أنا وزميلي حيث كان يشاطرني المزاج ، وهي كتب تراثية ثمينة لمحبي الأدب والشعر والتاريخ .. وقد أنهينا مشوارنا وافترقت عن صاحبي ورجعت وأنا أحمل بين ذراعي طعامي وزادي وأمني نفسي وأنا أحلم بسهرة سعيدة طيبة بين ضفتي كتاب من أحد الكتب التي اشتريتها ،
فجأة وحلق بالجو السكون وأنا أحمل كتبي بين يدي وأضمها إلى صدري وانتابني الكثير بداخلي ورحت أحادث نفسي وأخاطبها وتخاطبني فلا شيء في الطريق يخرجني عما أنا فيه ، لكن شيء ما شدني من هذا السكون وهذا الصمت وأنا أرفع رأسي تجاه أحد النوافذ وقد أحسست أن النافذة تفتح بهدوء وتطل منها امرأة في العقد الثالث كأنها تخشى أن يراها أحد من الناس وتواري ما تبقى منها خلف الزجاج حتى لا يتطلع عليها أحد ، أطلت المرأة ونظرت يمينا وشمالاً وحدقت كثيرا في النوافذ التي تواجهها ثم نظرتي من علٍ نظرة طويلة ، ولا أعرف لماذا بداً قلبي يدق في تلك اللحظة وانتابني شعور مختلف لا أعرف له وصفاً في تلك اللحظة أو تشخيصاً لحالتي ،
كان علىّ أن أمضي إلى سبيلي وأخمد ما اعتلاني من خيال وسفر في اللامعقول دفعت أقدامي
في الاتجاه الصحيح لها فوجدت ما يثقلها وكأن شيء ما يمسك بي ويقيدني ..كان اصراري
في نزاع مع هذا الذي يقيدني وما كنت قد برحت خطوة أو خطوتين حتى وجدت من يمسك بي من خلفي ويشدني ناحية الباب .... أدرت رأسي استطلع والجسد يقشعر ويهتز رجفاً من الرعب وإذا بي بفتاه ممشوقة القوام ذات عينان واسعتان تبرقان كأنهما نجمتان يلمعان في جوف الظلام في ليل دامس ظلامه ... ما أن رأتها عيناي وأدرت جسدي نحوها حتى أحسست بوهج من قيظ يكاد يحرقني لقد وقف الشعر في رأسي كالدبابيس وانتابتني حالة من فزع وهلع كاد قلبي يسقط مني تحت قدمي حين شعرت بيدها وهي تلمس جسدي وتظهر على حقيقتها كأنها قطعة من حديد خرج للتو من فرن الصهر ... فصدر مني صوتاً بهلع فظيع وأنا أصرخ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فينبح كلب على مقربة مني قد أيقظه صراخي ويكون سبباً في فك قيدي ....
بقلم : سيد يوسف مرسي


قديم 06-29-2020, 01:35 PM
المشاركة 2
خولة الرومي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: درب الأشباح
فعلا ودائما أبدا : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..... قصتك المحبوكة بمهارة كأنها واقعية .... بصراحة لست ممن يفضل قصص الرعب والأشباح .... شكرا أخ سيد يسلمووو ويعطيك العااافية

قديم 07-07-2020, 11:06 PM
المشاركة 3
سيد يوسف مرسي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: درب الأشباح
فعلا ودائما أبدا : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..... قصتك المحبوكة بمهارة كأنها واقعية .... بصراحة لست ممن يفضل قصص الرعب والأشباح .... شكرا أخ سيد يسلمووو ويعطيك العااافية
ليس هناك من صورة إلا ولها أصل ولا ظلٍ يأتي من فراغ
فتحية كبيرة للذائقة الرفيعة بحجم السماء
وحدائق ورد تليق بكم


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: درب الأشباح
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المصباح والأشباح ....!!!! محمد أبو الفضل سحبان منبر القصص والروايات والمسرح . 6 04-05-2021 03:04 PM
تفاح الأشباح فارس العمر المقهى 15 02-07-2020 06:27 PM
رواية (الأشباح) -1 سليّم السوطاني منبر القصص والروايات والمسرح . 3 03-16-2015 05:02 PM
رصيف الأشباح سعاد الأمين منبر القصص والروايات والمسرح . 30 01-15-2015 12:34 PM
سرة تبلع ذقن المصباح حسن شرف المرتضى منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 4 04-12-2012 01:41 AM

الساعة الآن 02:24 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.