احصائيات

الردود
7

المشاهدات
1976
 
عبدالعزيز صلاح الظاهري
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


عبدالعزيز صلاح الظاهري is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
378

+التقييم
0.12

تاريخ التسجيل
Jun 2015

الاقامة

رقم العضوية
13953
06-29-2020, 04:49 PM
المشاركة 1
06-29-2020, 04:49 PM
المشاركة 1
افتراضي تل من الشحوم
أخيراً بعد تردد قررت السفر الى مدينة ضباء بالباص ..
نعم بالباص ، رغم أنه متعبٌ ومملٌ لكنه الحل الأمثل فمن الصعب علي قيادة سيارتي لمسافة ثمانمائة كيلو متر ..
صعدت السيارة واتجهت إلى محطة الباص
عندما وصلتُ المحطة كانت الساعة تشير الى الثالثة إلا ربع ليلاً ، فوجدتها مكتظة بالمسافرين ، اتجهت لمكتب التذاكر واشتريت تذكرة وعلمت من موظف المبيعات أن الباص سوف يتحرك الساعة السادسة صباحاً
هنالك أربع ساعات !!
كيف سأقضيها ؟!
فكرت في النوم لكنني خفت أن يفوتني الباص ..
فجأة لمعت في رأسي فكرة ، فاتجهت إلى عامل البوفيه ، ودسست في جيبه خمسون ريالاً ، وأخبرته عن موقع سيارتي ، وطلبت منه إيقاظي ، فقال مبتسماً: نام في سلام ، سوف أكون ساعتك التي توقظك ، سأكون الديك الذي يرفع على مسامعك الأذان ...
بادلته الابتسامة ، حملت حقيبتي واتجهت إلى السيارة ، لكن من سوء حظي لم أستطع النوم ، فقد كانت إنارة المواقف قوية ومزعجة ، ودبيب خطوات المسافرين الذاهبين والعائدين بالقرب من سيارتي لا يتوقف ..
أخذت أتقلب وأتقلب وأنظر بملل إلى ساعتي ..
فجأة لا أعلم كيف حصل ذلك .. استيقظت على صوت عامل البوفيه : يا أستاذ يا أستاذ .. استيقظ لا يفوتك الباص ..
فنهضت مذعوراً ونظرت إلى ساعتي ، كانت الساعة تشير إلى السادسة إلا خمس دقائق ، فحملت حقيبتي وأقفلت سيارتي واتجهت مسرعاً إلى موظف مكتب المبيعات والذي نظر إلى التذكرة وأشار إلى أحد الباصات وهو يردد : أسرِع .. أسرِع
اتجهت إلى الباص ووجدت سائقه السوداني والذي أخذ مني الحقيبة وهو يردد ايضا : أسرِع .. أسرِع اصعد الباص الآن نحن متحركون ..
فاستأذنت منه كي أفتح الحقيبة وآخذ منها ملاّية خفيفة ورقيقة ، أخذتها أو لأقل سرقتها من طائرة في إحدى رحلاتي الدولية
وبمجرد صعودي الباص اكتشفت أنه مليء بالركاب ، أغلبهم من مصر الشقيقة ..
فأخذت أبحث عن كرسي فلم أجد سوى الكرسي الخلفي هو المتاح ، وكان به راكبان رميا بجسديهما كي يُخيل للمرء أنه لا يوجد حيز ، فتوجهت نحوهما وبدأت بالسلام ووقفت بأدب فأفسحا لي فجلست ..
أدار السائق المحرك وبمجرد ان تحرك سمعنا قرعاً على الباب ، فتوقف السائق وفتح الباب ، وإذ برجل في الثلاثينيات يطل علينا كانت عيناه حمراوان .. بدا لي وكأنه يجتر ..
وبمجرد وقوفه وسط الباص صرخ قائلاً : ألف سلام على بوناتُ الأهرام ، وفوقها ألف سلام على سكان أرض الكنانة العظام ..
فصاح فيه السائق السوداني قائلاً : يا زول اجلس عوزين نتحرك ، فالتفتَ إليه وصرخ : وخمسمائة ألف سلام لقائد مركبتنا الهمام ولد النيل نسل الرجال الشجعان
فصرخ السائق قائلاً : وعليك مائة ألف سلام يا زول بس اجلس عوزين نتحرك .. فلج الباص بالضحك ..
تحرك الباص وأخذ هذا الرجل يتهادى وسطه حتى وصل إلينا نحن الثلاثة وقال : ألا تُخلّو لابن الكرام حيز كي يجلس أو ينام ..؟
اصطففنا وتركنا له حيز نحن الثلاثة ..
طاف بنظره يتفحصنا وقال : أُعرِفكم بنفسي : أنا مقحم ، اسمي مقحم ، فهل لكم أن تُعرفوني بأنفسكم أيها القوم ؟
نظر إلى يمينه وقال بثقة لمن كان يجلس يساري : اسم الكريم ؟
فقال له : سعيد .
فقال : أسعدك الله..
ونظر إلى الآخر الذي كان يجلس بجوار سعيد وقال بنفس الثقة :
اسم الكريم ؟
فصاح فيه الآخر : يعم إنت جاي مبسوط ونحن تعبانين ..
فقال له : وما الضير إن نطقت بالاسم ؟
لا اله الا الله .. اسمي صبري يا عم .. خلاص ..!!
التفت إليّ وقال : لا ، لن أسالك عن اسمك ، فأنت من سكان هذه الديار
والآن يا قوم حقوقي وحقوقكم محفوظة في هذا الباص ، من حقي أن أتكلم ومن حقكم الاستماع أو الامتناع ..
فأنا لمدة اسبوع عيني لم تذق طعم المنام ولن أبخل عليكم بالكلام ..
فصرخ صبري وقال : يا عم أزعجتني .. انت من أي دهيه جيت ؟؟
فقام رجل ضخم شكله مخيف وصرخ في وجه صبري قائلاً :
هو الباص بتاع أبوك ؟ غرد يا عم اشدو ، سيبك منه ..
فقام مقحم من مكانه وألقى التحية على الرجل وقال : ما هو اسمك أيه العظيم ؟
فابتسم ذلك الرجل وقال بفخر : سيد ..
فصاح مقحم قائلاً : اسمك يحمل صفتك أيه العظيم ..
فقاطعه سائق الباص وقال : يا استاد مقحم خلينا فقط نخرج يا زول من الزحام وأنا راح أعطيك المايك ..
قدامك يا زول ثمانمائة وخمسون كيلومترا ، يعني بالباص إثنى عشر ساعة تتكلم زي ما عاوز ، بس بشرط يوافقوا الجماعة ؟؟
فنهض سيد من مقعده - وشعرنا أن الباص اهتز - : وصاح بصوته المخيف :
اللي عاوز يسمع حكاية مقحم يرفع ايده ؟؟
فرفع جميع الركاب أيديهم ، حتى صبري ..
فتقدم سيد باتجاه مقدمة الباص ونزع أحد ركاب المقعد الأمامي من مكانه ودعا مقحم قائلاً : تعال واستلم المايك وغرد يا حبيبي وكيد الأعادي ..
فقام مقحم يمشي متبختراً إلى أن وصل إلى مكانه الجديد وقال للسائق : أنا في انتظار إذنك يا زول ..
ضحك السائق وقال : خلاص غرد مدام الجماعة صوتوا لك مئة بالمئة ..
حمل مقحم المايك " مكرفون الباص " وقال أولاً أشكر زعيم هذا الركب المبارك ( سيد ) ..
فصفق الجميع ..
كذلك لا أنسى قائد مركبتنا الذي سيقودنا بحفظ الله إلى بر الأمان ..
فصفق الجميع ولوح أبو بكر بيده ..
سأبدأ حكايتي مسبوقة بالتحية والتقدير للجميع ، ولكن قبل البدء اطلب منكم الانصات الي بجميع حواسكم فقصتي قصيرة لن تأخذ من وقتكم اكثر من خمسة دقائق لذا أريد أن لا يرحل أحد مستمعيّ إلى مكان آخر أثناء سردي لقصتي .. فهناك سؤال يحتاج منكم لجواب قد يكون هو الدواء والعلاج كي انام
وسأبدأ قصتي هل انتم مستعدون
فتعالت الاصوات : مستعدون
اذن بسم الله
منذ صغري كنت شخص حالم يرسم صور في خياله وينتظر أن يحصل عليها كواقع حقيقي بهذا الفكر بين قوسين
" المتخلف ", أشغلت نفسي وأشغلت من حولي
كان ذروة أحلامي وطموحي في ذلك الزمان هي أن تتاح لي فرصة لأبدأ حياة غير التي ألفتها، حياة مع شخص آخر تحت سقف واحد حملت لوحتي التي رسمتها ورحت كعادتي ابحث
مرت الأيام والشهور ولم أظفر بشيء لم يكن لتعاستي حد, حين فشلت في بحثي فشعرت حينها بالمرارة وبالحزن إلى درجة أن جميع من حولي لاحظوا هذا الأمر
وبما أن فيَ شيء غامض يحبه الناس أجهله أنا ، تعالت الأصوات ناصحة من هنا وهناك ونتيجة لذلك وفي صباح أحد الأيام زارني في وقت مبكر دونما إنذار أحد اصدقائي وقال بغضب :جاهد نفسك ادخل في صراع حقيقي اذبح هذه الهواجس بلا رحمة
المهم لا أعلم كيف حصل ذلك قمت من سباتي بعد سنيين عديدة وأدرت بثقلٍ رأسي ورحت أنظر حولي فإذا أنا بداخل منزل وبجواري شخص غريب ولأقل بصراحة "تل من الشحوم" يطوف حولنا أربعة من الثمار الجميلة تعرفت عليها بمجرد رؤيتي لها إنها نتاج بذور نزعتها من روحي رميتها دفنتها بداخل ذلك التل عندما كنت فاقد الحسّ والشعور
فأخذت أسأل نفسي كيف بقيت حياً كل هذا الزمن الطويل في هذه الأرض المقفرة أين عيني ؟!
هل كنت مصاب في عقلي أو بسبب مشعوذ ينفث يحل عقدة ويعقد أخرى ؟!
لم أجد إجابة لسؤالي فشعرت بالضيق والأسى وانفطر قلبي وأنا أرى بعيني الصور التي رسمتها منذ صغري بعناية تُحرق وتُسحق وتُذر في مهب الريح
فقمت من مكاني ووقفت بالباب, وبعد تردد للحظة قصيرة اندفعت نحو الظلام أخذت أمشي وأمشي لأيام وكلما تقدمت وابتعدت عن المنزل اتسعت رقعة الظلام
الغريب في الأمر أن السواد الذي كان يحيط بي من جميع الجهات به ثقب واحد لم يُسدل ستاره كلما التفت إليه رأيت منزلي في حضن شجرة مثمرة تطل من خلال أغصانها المتشابكة شمس الصباح فأشعر بالهدوء وبالأمان وكلما أدرت ظهري لتلك الكوة يعلو صوت حزين من داخل أعماقي وينتابني الفزع وتتدفق على رأسي أفكار , كأنها طوفان ,حاملة معها صور أولئك الأربعة
أغمضت عيني وعزمت أمري وعدت إلى مواصلة طريقي معاهداً نفسي ألا التفت إلى الوراء اتجهت حيث سعيت فأخذ الظلام يتلاشى شيئاً فشيئاً ليظهر لي بعد الظلمة نور ساطع كاد أن يفقدني بصري انتابني خوف لا أعرف سببه وغم لا يمكنني وصفه
سمعت همس وتحول الهمس إلى صراخ حاد كاد أن يمزق طبلة أذني يردد : كل ما يحيط بك أيه المغرور سراب وحلم زائف عد إلى أحضان تلك التلال .......
أتعلمون أنه ارتسمت على وجهي ابتسامة عريضة و أخذ قلبي يخفق وكأن شيئاً في داخلي يطلب مني إجابة الداعي
توقفت ...... ،فكرت ....... ، بل في حقيقة الأمر تهيأت لفعل ذلك
هل أعود مغمض العينيين ؟!
أم أواصل لعلي أجد بداخل المتاهة ما أصبو اليه ؟!
وبمجرد ان سكت مقحم تعالت الاصوات و انهالت عليه الإجابات بعضها كانت بعيدة واخرى كانت قريبة لكنها اشلاء ليس لها القدرة على ان ترسم ابعاداً لصورة أو حل
عندها تتدخل سيد وادلا بدلوه وقال ان كنت تشكو من التلال تذكر فهنالك هضاب و جبال وبحار ذات اعماق وغابات ليس بها مسالك وصحراء ذات رمال وسهول ذات سباخ وصخور صماء ، فكم من ذكر وانثى تعامى وبالسعادة ادعى وآخر لقلة صبره صاح و اشتكى
وبعد لحظة صمت وهدوء التفت ابو بكر إلى مقحم وقال : : يازول التلال امامك ام تركتها خلفك
فقال مقحم متعجباً تركتها خلفي
فأوقف ابو بكر الباص وفتح الباب وقال آمراً : اخرج وعد الى التلال
واكمل حديثه بكلام طويل وغريب وكأنه نوع من التمتمة والترانيم قال فيه :
ارقص حتى تتصبب عرقاً، ، دق الأرض بقدميك، تمايل هز رأسك بجنون حرك ذراعيك.
لا تسمح لشيء أن يوقفك. سِر مغمض العينين، اتبع أصوات قرع الطبول
عش لحظتك فالأمس مضا والغد مجهول
لا تتجرأ بجهلك بتعكير صفوك ولا تسمح لاحد ان يقودك
فليس الخيال هو من يصنع الواقع بل الواقع يدفعك بلا رحمة نحو الخيال
في هذه الدنيا لا شيء قريب ولا بعيد
وبعض الأمور لو فُسر معناها ستبقى أصوات مجهولة يكتنفها الغموض
لذا لا تهدم عشاً بناه لك القدر بل ارقص بعنف إذا سمعت صوت الطبول
وبمجرد انتهائه سمَر عينيه في عيني مقحم
عندها تدخل سيد وقال لمقحم :ان ابوبكر قال كلام لم افهمه لكن اعتقد ان فيه الدواء انهض قم من مكانك واحمل حقيبتك وغادر
فقام مقحم من مكانه وحمل حقيبته وغادر بدون ان ينطق بكلمة واحدة !


قديم 08-05-2020, 09:57 AM
المشاركة 2
ماجد عبدالله العلي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
Smile رد: تل من الشحوم
سرد طازج ممتع وسلس وبسيط وشيق!

تهانياتي على نصك الجميل

قديم 08-14-2020, 11:04 AM
المشاركة 3
عبدالعزيز صلاح الظاهري
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: تل من الشحوم
الاستاذ ماجد عبدالله العلي
ما قلته كلام مختصر احتوى على الكثير ،الحقيقة انه اجمال كلام سمعته ،كلام جعلني اشعر بالفخر بارك الله فيك اخي ورعاك

قديم 08-27-2020, 08:14 PM
المشاركة 4
ممدوح الرفاعي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: تل من الشحوم
قصة مميزة تنبئ عن تميزك أستاذنا المكرم

قديم 09-16-2020, 04:54 PM
المشاركة 5
ياسَمِين الْحُمود
(الواعية الصغيرة)
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي
الحضور المميز الألفية الثانية الإداري المميز الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى وسام الإدارة التكريم الكاتب المميز 
مجموع الاوسمة: 9

  • غير موجود
افتراضي رد: تل من الشحوم
القاص الفاضل عبد العزيز صلاح الظاهري
تحياتي وبعد
هذه هي المرة الأولى التي أقرأ لك فيها قصة
وهي قصة جميلة جدا تأثرت بها أيما تأثير
هذا بالإضافة إلى ما تمتلكه من سمات للقصة
من سرد وتكثيف وسبر أغوار النفس الإنسانية
وأشكر لك صدقك الفني الذي يتجلى داخل نصك .

قديم 09-30-2020, 01:46 PM
المشاركة 6
عبدالعزيز صلاح الظاهري
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: تل من الشحوم
شكرا اخي واستاذي ممدوح الرفاعي
شكرا على تشجيعك وجمال كلماتك

قديم 09-30-2020, 01:51 PM
المشاركة 7
عبدالعزيز صلاح الظاهري
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: تل من الشحوم
الاستاذة الفاضلة ياسمين الحمود
احيانا يصعب على المرء اختيار الكلمات التي تعبر عن مدى شكره وامتنانه
خاصة عندما يرى الانسان انه من الصعب عليه كتابة جمل تساوي ما قيل في حقه
ما كتبتيه كلام رائع
لذا ساكتفي باجمل الكلام وهو الدعاء
اسعدك الله ووفقك ورعاك

قديم 09-30-2020, 03:20 PM
المشاركة 8
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: تل من الشحوم
أخي عبد العزيز ..
برأيي أصعب القصص تلك التي تحدث في مكان واحد
وهنا .. كل الأحداث كانت في الباص ..
قصة موفقة ولكنني أرى أن هناك بعض السطور كانت زيادة لا داعي لها ويمكن اختصارها
أرجو لك التوفيق
تحية


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: تل من الشحوم
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
يوميات السيول السوداء (سلسلة حلقات) سعيد مقدم أبو شروق منبر الحوارات الثقافية العامة 11 05-20-2019 08:10 PM

الساعة الآن 09:11 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.