قديم 07-28-2019, 02:09 AM
المشاركة 41
تركي خلف
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مقهى منابر والمقاهي الثقافية
قصة المقهى..
اخترعه المسلمون واقتبسه الأوروبيون ونشره الأميركيون


بين حميمية البيت المطلقة، وغربة الخارج الكاملة، يمتد المقهى كمكان. فتمثل مساحته الصغيرة فضاء رحب يتسع للجميع، ونافذة مفتوحة على الزمن تستقبل رياح تغييره وتتأقلم معها. فالمقهى الشعبي الذي تجلس إليه في نهاية يوم طويل من العمل، أو ذاك الغربي الذي تزوره في عطلة نهاية الأسبوع مع الأصدقاء، قد قطع رحلة طويلة تمتد لخمسة قرون حتى وصل إليك. وفي تلك الرحلة، سافر عبر جغرافيات عدة في بلاد كثيرة، تأثر بثقافتها وامتزج بها، وترك أيضًا بصمته عليها.

وقد ولدت ثمار القهوة، مثل أي ثمار، في الهواء الطلق، وظلت تنمو لحقب لا يعلم مداها أحد دون أن يعرف أي شخص عن مفعولها وطعمها السحريين شيئًا. وتقول الأسطورة إن مزارع صغير قد لاحظ يومًا اليقظة والنشاط التي تبثها شجرة غريبة في عنزاته عندما تتناولها، فتجرأ هو أيضًا وجربها، لتترك داخله حيوية لم يعهدها من قبل. فأسرع يخبر أبناء القرية عنها، وصاروا جميعًا يدأبون على تناولها. لا نعرف أين أو متى وقع هذا، لكن الأكيد أن القهوة قد زُرعت للمرة الأولى في إيثوبيا، دون أن يرتبط تناولها بمكان بعينه. أما المقهى، ففتح للمرة الأولى أبوابه على العالم، وبدأ رحلته المستمرة حتى اليوم، من بلاد العرب.

بداية المقهى في العالم الإسلامي: فضاء بديل
ليس من قبيل المصادفة أن القهوة كمشروب، و"القهوة" كمكان يتشاركان الاسم نفسه في معظم اللغات. فعلى عكس المشروبات الأخرى الشائعة في ذلك الوقت، كان من العسير تحضير القهوة في البيت. فحتى تتحول ثمرة القهوة لمشروب، عليها أن تمر بمراحل عدّة من تجفيف وتحميص وطحن، تحتاج لمعدّات خاصة لا تتوفر عند كل شخص. لم يكن من الصعب على الأثرياء وعلية القوم أن يخصصوا في بيوتهم غرفة لإعداد واحتساء المشروب، أما بالنسبة لعامة الشعب، فذلك لم يكن ببساطة متاحًا. من ثم، نشأ المقهى ليحل تلك المشكلة، فهناك، يستطيع أي شخص، غني أو فقير، أن يحتسي القهوة. لكن ما بدأ كمكان مخصص لتناول مشروب رائج، سرعان ما تجاوز هذا الغرض البسيط بكثير.

في الوقت الذي دخلت فيه المقاهي للعالم العربي، كان الفضاء العام شبه مقتصر على المساجد. فلتحريم الخمر، لم يكن يوجد في بلاد الإسلام حانات مثلما يوجد في بلاد الغرب، ولم تكن المطاعم أيضًا شائعة في ذلك الوقت، ومن ثم، كان المسجد المكان الوحيد تقريبًا الذي يتقابل فيه العامة ويتبادلون الحديث خارج نطاق البيت. لكن المساجد في نهاية الأمر هي بقع مقدسة لا يستحب الحديث داخلها عن الشئون اليومية. ونظرًا لأن المنازل كانت مغلقة على الأهل فقط، لم يكن من المقبول في المجتمعات العربية قديمًا استقبال الغرباء في البيت. وهكذا، أمام فضاء عام محدود للغاية، جاء المقهى ليسد فراغ حقيقي.

فلقاء ثمن قليل، تستطيع الجلوس ومشاركة الأصدقاء الحديث والسمر لساعات طوال. وعلى عكس المساجد، لا يوجد محاذير هنا في الكلام، يمكنك الحديث عن أي شيء شئت، من تفاصيل ومواقف يومية صغيرة، لأفكار وتساؤلات عميقة. انساب الحديث بحرية وسلاسة بين الأصدقاء، ولم يمر وقت طويل قبل أن ينعطف ليشمل السياسة وانتقاد الحكام.
يقول عن هذا الباحث مارك بندرجاست: " لم يكن هنالك أماكن كثيرة يستطيع فيها الناس، من كافة طبقات المجتمع، اللقاء والحديث. ومن ثم، بدت المقاهي أماكن غريبة لم ير أحدًا لها مثيل من قبل. رأى فيها البعض منبع للرذيلة، للغواية، للثورة، ولأسباب جيدة. ففي واقع الأمر، يتحدث الناس عن السياسة بلا شك في المقاهي".

انتشرت المقاهي في البلاد الإسلامية انتشار فاق التوقعات، فبحلول عام 1623، كان في إسطنبول وحدها 600 مقهى. أقض هذا الانتشار مضاجع السُلطات. فمثلت كل تلك المقاهي بالنسبة إليهم بؤر، على أقل تقدير، لانتقاد الحُكام والتعبير عن الاستياء الشعبي الذي قد يتحول، على اسوء تقدير، لانقلابات وثورات. من هنا، اتخذ السلاطين والحُكّام من الدين غطاء شرعي يحرمون من خلاله احتساء القهوة، التي عدها بعد الفقهاء حرام كالخمر، ويوجبون اغلاق المقاهي، التي بدأت، بُعيد انتشارها بقليل، تاريخها مع المنع؛ فقد أتي أول قرار رسمي بإغلاق المقاهي عام 1511، على يد حاكم مكة، بعد أن وصلت لأسماعه الأشعار التي انطلقت تهجوه منها. لكن القرار سرعان ما أبطله والي القاهرة، الذي كان مغرمًا بشكل شخصي بالقهوة. وبعد أن عرف العرب القهوة بحوالي قرنين، سافرت حبوب البن لأوروبا، ليبدأ فصل جديد في تاريخ المقاهي بجزء آخر من العالم.

المقهى في أوروبا: فضاء ثقافي وسياسي
"في المقاهي، أثناء احتساؤهم الفنجان تلو الآخر، يستلهم السياسيون الحكمة فيما يتعلق بكل أمر دنيوي" ....(لويس لوين)

من العالم الإسلامي، سافر المقهى لأوروبا، وارتبط منذ بداياته بعوالم الثقافة والفكر. فكان في أوكسفورد أن فتح أول مقهى في بريطانيا أبوابه، وصارت المقاهي بمثابة "جامعات رخيصة". فلقاء قرش واحد، تستطيع الجلوس والتمتع بفنجان قهوة يصحبه نقاشات ثرية حول كل شيء في العالم.
صحيح أن المقاهي لم تكن أول حيز يشغل الفضاء العام في أوروبا، فقد سبقته الحانات بقرون، لكن عوضًا عن الأحاديث السطحية والهلوسات التي تغلب على من أن أسكرتهم الخمر في الحانات، جاء المقهى ليمثل مكان تطفو فيه النقاشات الثرية بين عقول تزيدها حبوب القهوة يقظة. ومن ثم، عدّ بعض المفكرين القهوة في تلك الفترة بمثابة مضاد للخمر، جاءت لتوقظ الأوروبيين من سكرتهم الطويلة.

يقول عن هذا الكاتب ستيفن جونسن: "كان تأثير انتشار القهوة في أوروبا في القرن السابع عشر قويًا للغاية، فحتى ذلك الوقت، كانت أكثر المشروبات انتشارًا، حتى على الفطور، هي الخمر والجعة. وأولئك الذين استبدلوا القهوة بالخمر بدأوا يومهم في يقظة ونشاط، وتخلصوا من حالة الارتخاء والسُكر، ومن ثم تحسن أدائهم في العمل كمًا وكيفًا. بدأت أوروبا الغربية حينئذ تستيقظ من حالة الثمالة التي سيطرت عليها لقرون".

وقد شجع على هذا الاعتقاد تزامن انتشار المقاهي في أوروبا مع عصر النهضة، التي لعبت المقهى فيه دور ليس بالصغير بلا شك، حيث كانت مكان لقاء المفكرين وجلوسهم المفضل. فقد اتخذ أدباء ومفكرون على غرار فولتير وألكسندر بوب وجون درايدن من المقاهي مكاتب لهم، وكان لموسيقيين مثل فاغنر غرف خاصة في المقاهي اعتادوا تأليف الموسيقى فيها. كما مثلت المقاهي ساحات حرة بعيدة عن انحيازيات المجتمع الطبقية، فيمكن لأي شخص من أي خلفية كانت الجلوس فيها والتعرف على آخرين. وقد أدى ذلك المناخ الحر لتفاعل أفراد من كافة الخلفيات مع بعضهم البعض، فنانون وعلماء وعُمّال، والخروج بأفكار ثرية ورؤية أكثر انفتاحًا للعالم.

ولكن الأخطر من كل ذلك كان الدور السياسي الذي لعبته المقاهي. فقد كانت المقاهي إحدى أولى الأماكن التي بدأت الصحف توزع فيها بشكل دوري. وقد اعتاد رواد المقهى قراءة آخر الأخبار ومناقشتها مع بعضهم البعض، معبرين في أحيان ليست قليلة، عن سخطهم على السُلطات. وقد كان في مقهى دي فوي في باريس أن جلس الصحافي والمفكر السياسي كامي ديمولان في الثالث عشر من يوليو عام 1789 يخطط لاقتحام الباستيل، ما بدأ الثورة الفرنسية التي غيرت تاريخ أوروبا والعالم. ومن المقاهي أيضًا كان أن انطلقت ثورات 1848 في برلين والمجر وفينيسيا.

كما لعبت المقاهي أيضًا دورًا ليس بالصغير بالنسبة للفن، فنظرًا للحرية التي سادت مناخها، ولانتشار جمهور مثقف بها، كان المقهى بمثابة منبر فني لعرض أحدث الابداعات، ومركز ثقافي للعواصم الأوروبية في القرن التاسع عشر. وليس أدل على ذلك من وقوع أول عرض سينمائي على الإطلاق في قبو مقهى الجراند كافيه بباريس، على يد الإخوين لوميير في الثامن والعشرين من ديسمبركانون الأول عام
1895.

القهوة في أمريكا: منتج رأسمالي
لم يمر وقتًا طويل قبل أن تعبر القهوة المحيط الأطلنطي وتصل لأمريكا، وهنا، شهدت تغييرها الأعظم. ففي بلد الرأسمالية والحلول الاقتصادية، دأبت الشركات الضخمة على إيجاد طريقة تصير بها القهوة سهلة التحضير، لا تحتاج معدات خاصة، ومن ثم يصير توزيعها وبيعها أسهل للأفراد.

لم تكن الولايات المُتحدة أول من اخترعت القهوة سريعة التحضير - حيث يتم ضغط حبيبات القهوة في أكياس صغيرة، ولا يحتاج الأمر أكثر من إضافة الماء إليها – لكنها كانت أول بلد تبنتها اقتصاديًا وانتجتها على نطاق واسع. صحيح أن الكثير من نكهة ورائحة القهوة كان يضيع في القهوة سريعة التحضير، لكنها ظلت حل اقتصادي وسريع بالنسبة للكثيرين. ومن هنا، بدأ تضافر القهوة مع الحياة اليومية، فصارت مشروبًا تلجأ إليه كلما شعرت بالحاجة لليقظة في البيت، أو تأخذ عبر إعداده راحة قصيرة من الضغوط في العمل.

وبالرغم من انتشار القهوة سريعة التحضير انتشارًا واسعًا حول العالم، إلا أن هذا لم يسحب البساط من تحت المقهى كفضاء حر للقاء والحديث، ولا قلل من أهميتها بالنسبة للفنانين والمثقفين. فحول العالم، شرقًا وغربًا، ظل المثقفون يجلسون إلى المقاهي، حتى عُرفَت بعض المقاهي بالأدباء والفلاسفة الذين كانوا يترددون عليها. ففي فرنسا على سبيل المثال، دأب جان بول سارتر وسيمون دي بورفوار على الجلوس في مقهى لو دو ماجو، وفي مصر، اعتاد نجيب محفوظ الجلوس في مقهى الفيشاوي.

وقد لعب المقهى الشعبي دورًا كبيرًا في حياة وأدب نجيب محفوظ، فيقول عنه الأديب: " يلعب المقهى دورًا كبيرًا في رواياتي، وقبل ذلك في حياتنا كلنا. لم يكن هنا نوادٍ، المقهى محور الصداقة. في البداية اتسع لنا الشارع، حتى تجرأنا على المقهى."

وقد ظلت المقاهي في القرن العشرين تواكب تغيرات العالم السريعة، حتى صارت بمثابة مرآة وانعكاس لها. ففي أواخر القرن بعد هيمنة العولمة الاقتصادية والاقتصاد الأمريكي على العالم، وجدت سلاسل المقاهي الأمريكية، وعلى رأسها المقهى الشهير "ستاربكس"، طريقها لكل بقعة على وجه الأرض، وصارت تنافس المقاهي الشعبية والتقليدية. وفي أوائل القرن الحادي والعشرين، بعد دخول الانترنت، جاءت المقاهي السيبرانية (Cyber Cafe) لتوفر لك الدخول على الشبكة مع كوب قهوة لذيذ في آن معًا. واليوم، مع دورها التقليدي الذي ظلت تلعبه كفضاء رحب للقاء الأصدقاء، باتت المقاهي تلعب دورًا جديدًا. فأمام الاعداد المتزايدة من الموظفين الذين يعملون عن بعد (remote workers)، وذوي الوظائف المستقلة ممن يشعرون بالسأم من قضاء الوقت كله في المنزل، توفر المقاهي فرصة ممتازة للعمل من أجواء مغايرة أقل رتابة خارج نطاق البيت. لتثبت المقاهي يومًا بعد آخر أنها مساحة واسعة وفضاء رحب، على استعداد دائم أن يتكيف مع كافة التغيرات التي يجرها اختلاف الثقافة من بلد لبلد، ومن زمن لزمن.

الابتسامة هي قوس قزح الدموع

قديم 08-04-2019, 03:06 AM
المشاركة 42
تركي خلف
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مقهى منابر والمقاهي الثقافية

مصطفى نصر
كاتب يجلس على رصيف
مقهى ويدوّن حكايات واقعية أقرب إلى الخيال
الكاتب الروائي مصطفى نصر يمزج ذكريات وقراءات ويعيد حكايتها بأسلوبه السردي وهو الذي يبدو لنا لا الكاتب الروائي فحسب بل المثقف العارف بتفاصيل البلاد.
على ناصية المقهى يتواجه الأدب مع الرياضة

يتعامل البعض مع التاريخ باعتباره فنا، أكثر منه علما، فقد ولدت الكتابة التاريخية من رحم الأدب، ولعل ما يكتبه الروائي مصطفى نصر من مقالات عن تاريخ مصر الحديثة يعتبر بمثابة العودة بالتاريخ وخصوصا في جانبه الاجتماعي إلى ذلك الرحم، ويوصف التاريخ الاجتماعي بأنه التاريخ من الأسفل أو تاريخ الجذور، لأنه يتعامل مع الحياة اليومية للإنسان العادي وليس مع الساسة والزعماء.

يقدم الكاتب الروائي مصطفى نصر في أحدث كتبه “قهوة على الرصيف” مشاهدات وتأملات حول التغيرات التي شهدها الشارع المصري خصوصا مع انتشار وسائل الاتصال الحديثة والتوسع في استخدام الهاتف المحمول والبريد الإلكتروني.

وقد اختار نصر لكتابه عنوانا دالا، فالقهوة هي التسمية العامية للمقهى، وهي ليست مجرد مكان يتم تناول المشروبات فيه، بقدر ما هي مكان للتجمع وقضاء الوقت في ما يشبه المنتديات الصغيرة، يتبادل فيه الجلساء الحديث عن شؤونهم. والمقهى عبر رواده يتحدث دوما عن تاريخ منسي أو غير رسمي، والقهوة حينما تكون على الرصيف فهي مفتوحة، لكل عابر سبيل، فليس ثمة شلة أو رفقة مغلقة، وبالتالي ليس ثمة أسرار، وهي هنا تشكل مجالا مفتوحا للبوح والفضفضة دون خشية رقيب.


وشم المرتشي
في كتابه، الصادر مؤخرا بالقاهرة عن “وكالة الصحافة العربية – ناشرون”، يمزج نصر ذكريات وقراءات ويعيد حكايتها بأسلوبه السردي المميّز بعذوبته وسلاسته، وهو الذي يبدو لنا لا الكاتب الروائي فحسب بل المثقف العارف بتفاصيل البلاد، وبتاريخها الاجتماعي. فبعنوان “الرشوة في مصر” يبدأ في سرد خبر نقلته وكالات الأنباء “اقترح فلاديمير جيرينوفسكي نائب رئيس مجلس الدوما بروسيا تسجيل كلمة مرتشي بالوشم على يد كل من تثبت إدانته بهذه الجريمة‏”.

مشاهدات وتأملات حول التغيرات التي شهدها الشارع المصري مشاهدات وتأملات حول التغيرات التي شهدها الشارع المصري
ثم يتوجه للقارئ بالسؤال “تخيلوا عندما يتحقق هذا في بلادنا، فيسير هذا الشخص وعلى يده وشم كلمة مرتشي باللغة العربية؟ هل سيخجل الموصوم بالوشم، أم سيسعد ويفخر بذلك؟ وما موقف الآخرين منه؟ هل سيعايرونه بوشمه أم سيحسون بأنه ما دام مرتشيًا، فهو غني لا شك؟”.

بعد ذلك يتقصى أسباب انتشار الرشوة التي أصبحت أمرا واقعا يقبل به المجتمع لدرجة أنه يقول “وعندما أقرأ في الجرائد عن وقوع مرتشي وضبطه وهو يتسلم الرشوة، أندهش وأتساءل: كيف وقع هذا الإنسان؟ الرشوة علنا وأمام الجميع، ولا أحد يحاسب أو يحاكم؟ وأفكر في هذا، أتراه قد تمادى وبالغ واخترق قانون الرشوة المتبع، أو أنه اختلف مع رؤساء له أقوى منه، §فأوقعوه في الخية، أو أنه غير مرضي عنه من الدولة؟”.

حكاية أخرى تجسّد ما وصل إليه حالنا من ترد، عن زوجة رجل مهم اعتدت بالضرب على شاب ريفي وهددته بالسجن، بينما أبوه المسن يعتذر لها والوقوف ينافقونها. ويقول الكاتب “ظلت هذه الحادثة تطاردني؛ فمن الممكن أن يقع أي إنسان في هذا المأزق، أن تصطدم سيارته بامرأة مثل هذه، زوجها من رجال الأعمال الذين يمتلكون الملايين ويسيطرون على كل شيء الآن، أو ضابط شرطة، أو واصل وفي منصب كبير”.

هذا الواقع يزداد عبثية مع خبر طريف ومثير يعلن عن مكتب دولي للاستشارات القانونية، محام تعمل معه نخبة من أكفأ رجال القانون، قادرون على ضمان البراءة في جميع القضايا: القتل، والمخدرات، والسرقة والنصب، والتزييف والتزوير، والإفلاس، والشيكات والكمبيالات وإيصالات الأمانة، والإيجارات والعقود، إلخ.. هكذا تكون الكفاءة في خدمة المنحرف فتضمن له البراءة ما دام سيدفع ثمنها، وهو يرى أن من علامات التردي أيضا ذلك الاهتمام المبالغ فيه من كل المسؤولين بكرة القدم على حساب الأدب والفكر والثقافة.


عالم العبيد
يتحدث الكتاب عن عالم العبيد، قارئا لروايات “بارباس” للسويدي بارلاجير كفيست، الحائز على جائزة نوبل عام 1951، و”سلامبو” لجوستاف فلوبير، و”كوخ العم توم” للأميركية هنريت ستو، ولكتاب كلوت بك “لمحة عامة إلى مصر”، متطرقا إلى مجموعة من أهل الصعيد يشترون الصبية، ويعذبونهم ثم يدفنونهم في رمال الصعيد الملتهبة، حتى يضمدوا جروحهم، فيموت ربع عددهم تقريبًا، لكنّ المتبقين منهم يصبحون من الطواشي، يبيعونهم بمبالغ كبيرة للأمراء والأغنياء ليعملوا في الحريم.

أما مذكرات الأميرة بديعة ابنة علي بن الشريف، فتقول في مذكراتها إن قصور جدها حسين وأعمامها عبدالله وفيصل في الحجاز كانت تعج بالأغوات، والذين كانت مهمتهم رعاية النساء في تلك القصور، وأطلق على هؤلاء لقب الأغوات، وقد تكاثرت أعدادهم في القصور.

يستطرد الكاتب ناقلا عن كتب تحكي عن العبودية التي لم تنته من العالم والتي استوطنت نفوس العبيد فينقل عن سيرة الكاتب عبدالحميد جودة السحار التي نشرها بعنوان “هذه حياتي” عن جارية كان جده يمتلكها، وكان يعاملها معاملة الزوجات، وكانت تغيظ زوجاته اللاتي يعشن معه بتقربها إليه في وجودهن. وبعد أن مات تركت المنزل لمدة، لكنها عادت باكية ذليلة، فقد خابت في أن تجد لها حياة مستقلة بعد أن اعتادت على الحياة في البيت. ويضيف الكاتب “ومما حكاه لي صديق، بأن جده كان يمتلك الكثير من العبيد في الصعيد، وعندما كان يغضب عليهم، يهددهم بأنه سيطردهم فيبكون، ويتذللون إليه، فهم لا يستطيعون الحياة بعيدا عن البيت. فقد استمرت العبودية حتى بعد أن منعت رسميا”.

ويستعيد حكاية تراثية عن أمير كان مضطجعا ساعة القيلولة، حين سمع عبدا من الواقفين حوله يتضرع: يا رب ابلِ مولانا بشيء من العطش. اعترت الدهشة الأمير فزمجر: أنا عطشان. وإذا بالعبد يعدو إليه كالبرق بقارورة الماء، شرب الأمير وعاد العبد إلى مكانه والارتياح يعلو وجهه. فسأله الأمير: ما الحكاية بالضبط يا هذا؟! أجاب العبد: كنت ظمآن يا مولاي، ولست أتحرك دون إذنك، فتمنيت أن تعطش لأسقيك وأشرب بعدك.

ويختتم رحلته مع عالم العبودية قائلا “يا لهذا القهر الرذيل الذي عاشته البشرية مددًا طويلة، قهر وعبودية في العالم أجمع، الأمر الذي يشغلني هو أن الدول التي تظلم شعوبًا أو فئات معينة، تعتذر إليهم أو تعوضهم عما نابهم من ظلم وإجحاف. فاليهود ينهلون من ألمانيا تعويضًا عما فعله هتلر الألماني بهم. والأمثلة في ذلك كثيرة، فلمن تعتذر البشرية نيابة عن هؤلاء العبيد الذين قاسوا من أسيادهم؟”.

منقول

الابتسامة هي قوس قزح الدموع

قديم 08-18-2019, 12:43 AM
المشاركة 43
تركي خلف
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مقهى منابر والمقاهي الثقافية
كلمات / عن القهوة... والمقاهي


القهوة هي أهم اختراعات الإنسان.
والذي اخترعها هو بغير شك مصلح اجتماعي عظيم...
فبغير القهوة، لم تكن المقاهي، وبغير المقاهي لم يكن الحوار ممكناً، وبغير الحوار كان الإنسان جزيرة معزولة عمّا حولها.
وبصرف النظر عن كل ما يقال عن مضار القهوة، وما تسببه من قلق وتنبيه لأعصاب الإنسان، فإن فضائلها أكثر بكثير من مساوئها ... ففي تاريخ الأدب لعب المقهى دوراً مرموقاً في تجميع الأدباء، والشعراء، والفنانين، والمفكرين، حتى تحوّل المقهى إلى أكاديمية ثقافية.
وكلنا يذكر كيف كان مقهى (الفلور) في حي سان جيرمان في باريس، المكان التاريخي الذي انطلقت منه الحركة الوجودية، بممثليها الكبيرين جان بول سارتر وصديقته سيمون دو بوفوار.
ومقهى (الفيشاوي) ومقهى (ريش) في القاهرة، ومقهى (البرازيل) في دمشق، ومقهى (الهورس شو) في بيروت... كانت صروحاً ثقافية تَخرّج منها كبار أدبائنا وشعرائنا ومفكّرينا.
إن عالم (المقاهي) عالم عجائبي حقاً، فمن أراد أن يتكلم في السياسة يجد في المقهى مبتغاه... ومن أراد أن يتكلم في الأدب يجد في المقهى مبتغاه... ومن أراد أن يتكلم مع نفسه، فإن المقهى يؤمن له هذا الحوار الداخلي... ومن أراد أن يهرب من مشكلة تلاحقه فإن المقهى يمنحه حق اللجوء السياسي.
أما العشاق فإنهم يجدون في المقهى ملجأهم وخيمتهم، فعلى فنجاني قهوة يطيب الهمس، وتحلو النجوى، وتنهمر الاعترافات كقطرات المطر، فكأن نكهة البنّ العابقة من فنجان (الإكسبرسو) تردّ إلى الحب اعتباره، وتعطيه شرعيته.
كل شيء يمكن أن يحدث في المقهى، ابتداءً من الانقلاب العسكري، إلى الخطبة... إلى الزواج... إلى تأليف الوزارات... إلى التنظيرات الأيديولوجية والثقافية.
إن الذي اخترع المقهى... لا يقل في عبقريته عمن اخترع الراديو، والتلفزيون، والتلفون، والتلكس، والفاكسميل، والكمبيوتر، والأقمار الصناعية... والمؤسسات الصحافية.
فالمقهى، نقل أخبار الناس، وأفكارهم، ومذاهبهم الأدبية والفنية قبل أن تكون وسائل الاتصالات الأخرى قد وجدت بعد.

* من كتاب «كلمات... خارج حدود الزمن» صدر حديثا.

الابتسامة هي قوس قزح الدموع

قديم 08-31-2019, 06:39 PM
المشاركة 44
تركي خلف
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مقهى منابر والمقاهي الثقافية
هل العمل أو المذاكرة في المقهى تجعلك شخص مبدع؟

فوائد العمل من المقهى المقهى يزيد من إبداعك

الطريقة الصحيحة للعمل والمذاكرة من المقهى
فضل الكثيرون المذاكرة أو العمل في المقاهي، فأنت تجلس وتبدأ في عملك ويأتي مشروبك المفضل إليك، ولا تحتاج للقيام لصنعه ، كما يمكنك مقابلة أصدقائك لتعملوا معا،

فوائد العمل في المقهى
ما توفره بعض المقاهي من مشروبات خاصة مشروبات القهوة والشاي بأسعار معقولة، يجعل المقهى بيئة مناسة للعمل أو المذاكرة. هناك مقاهي تقدم خدمة الإنترنت، فيمكنك اختيارها حتى تستطيع استخدام اللابتوب في إنجاز عملك أو المذاكرة، كما يتيح لمجموعة من الأصدقاء الدراسة معا والقيام بالأبحاث.

المقهى يزيد من إبداعك
العمل أو المذاكرة في مكتب أو غرفة مغلقة يسبب الضيق للبعض ويؤثر على قدراتهم الذهنية، فليس الكل يفضل أن يعمل في بيئة هادئة جدا، فمثلا القيام بعمل إبداعي كالكتابة يكون أفضل في المقهى، بالإضافة إلى أن الروتين قاتل للإبداع على عكس بيئة المقهى المتجددة التي تحفزك على الإبداع.

لقاء الأصدقاء ومشاركة الأفكار يساعدك على التفكير خارج الصندوق، وبطريقة أكثر شمولا، ويحفز مهاراتك الإبداعية، ومن الفوائد الأخرى أن الكافيين ينشطك، ويزيد من تركيزك، ويحسن التفكير، ويزيد من مهاراتك في حل المشاكل.

الطريقة الصحيحة للعمل والمذاكرة من المقهى
تختلف قدرة التركيز من شخص لآخر، فإذا كنت من الأشخاص الذين يتشتت انتباههم بسرعة، ويفقدون التركيز في العمل أو المذاكرة في المقهى فقد يكون غير مناسب لك، لكن إذا أردت الإنجاز بفعالية وتركيز في المقهى فإليك هذه النصائح:

أولا: اختار المقهى المناسب
اختار مقهى مناسب ومريح، أسعاره معقولة، ويقدم خدمة الإنترنت، تأكد أنه مقهى يمكنك الجلوس فيه مدة طويلة دون أن يقاطعك أحد، أو يطلب منك المغادرة، ومن الأفضل أن تجد مقهى بديل تذهب إليه إن كان المقهى الأول غير متاح ومشغول. حاول أن تجد مقهى غير مزدحم وهادئ حتى تستطيع التركيز، وعند الذهاب إليه تأكد إن كل أدواتك التي ستحتاجها معك، مثل الأوراق، والأقلام، وهاتفك المحمول، واللابتوب الخاص بك.

ثانيا: اختار مكانك المناسب
اختر مكان داخل المقهى تستطيع التركيز فيه، وأن يكون كل ما تحتاجه حولك، واطلب مشروبك المفضل، وحدد الوقت الذي ستقضيه في المقهى حتى لا يطلب أحد منك المغادرة. ثالثا: كن منتجا نظم وقتك. حدد أهدافك، وما الذي تريد أن تحققه. يمكنك ارتداء سماعات الأذن لتسمع إلى الموسيقى التي تفضلها، وأيضا حتى لا تفقد التركيز من ضوضاء المقهى. احرص على أخذ فترات استراحة حتى لا ترهق نفسك. كن مستعدا لأي تشتت قد يحدث إذا قاطعك أحدهم.

الابتسامة هي قوس قزح الدموع

قديم 09-07-2019, 12:25 AM
المشاركة 45
تركي خلف
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مقهى منابر والمقاهي الثقافية
دكتور عبدالله الجعيثن: المقاهي والعمق الإنساني لِلْمُدن


السعوديون من أكثر شعوب الأرض أسفاراً، وألاحظ مع أصدقائي أن المدن التي تشتهر بالمقاهي في الشوارع والزوايا، وحتى في الأحياء، تكون أكثر أُنْساً وإنسانية من المدن الصماء التي تندر فيها المقاهي المفتوحة في الهواء الطلق، ولعلّ من أسرار جاذبية باريس والقاهرة وفيينا للسياح كثرة مقاهيها المفتوحة المليئة بالناس.. الناس من أحلى مناظر الحياة.. يمنحون المدن عُمقاً إنسانياً، وحسّاً جميلاً بالحركة والحيوية والاحتفال بالحياة.

يُضاف أن كثرة المقاهي المفتوحة تُشكّل موارد اقتصادية مهمة، وتُوفّر فرص عمل كثيرة، وتُريح الناس من الانزواء في استراحات مخنوقة وعالية التكلفة.. كما هو حاصل في الرياض مثلاً.. هناك أيضاً بُعْدٌ ثقافي للمقاهي، (الفيشاوي) في القاهرة منتدى أدبي فكري مشهور، يرتاده الشعراء والأدباء والفنانون، ومقهى (ريش) كَتَبَ فيه نجيب محفوظ كثيراً من رواياته، وكان يُقيم فيه ندوة أسبوعية من عام 1962 وكذلك (مقهى الحرافيش) الذي استوحى منه نجيب محفوظ روايته الرائعة (الحرافيش)، وفي العراق مقهى (الزهاوي) أخذ اسمه من ذلك الشاعر وكان يزخر بالمثقفين، وكذلك مقاهي شارع الحمراء في بيروت تعج بالمفكرين، وتنبض بالحياة، وفي الحي اللاتيني بباريس تَعلّم وتدرّب ألوف الفنانين حتى صار مزاراً للسياح ناهيك عن (الشانزليزيه) الذي جماله في كثرة مقاهيه ..

وبمناسبة افتتاح (مؤتمر أنسنة المدن الدولي) والذي افتتحه سمو الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز، نقترح أن تسمح أمانات المدن للمقاهي بالتمدد للخارج في الارتداد، وعلى الأرصفة، مع وضع مواصفات جمالية لجلساتها، من أحواض الزهور إلى مُلّطِفات الجو (الضباب المائي) فإنّ هذايجعل المدن ذات عمق إنساني، تنبض بالحياة وتتيح للناس أوقاتاً بهيجة، وقليلة التكلفة مقارنة بالاستراحات..

وأذكر أن الدكتور سعود المصيبيح ابتكر فكرة (مقهى للتعارف) لا يدخله إلّا من يريدون التعرف على بعض، انطلاقاً من قول الله جلّ وعز (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىظ° وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا غڑإِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) وتجسيداً للحكمة (تعارفوا تحابوا) وننتظر من الدكتور سعود تنفيذ فكرته الجميلة..

إنّ مدننا حديثة رحبة الشوارع والحدائق، ومنذ أيام افتتح سمو أمير منطقة الرياض فيصل بن بندر بن عبدالعزيز 19 متنزهاً وحديقةً جديدةً على مساحة 159 ألف متر مربع، كما أن ساحات البلدية في العاصمة كثيرة (وفي وسط الرياض بقرب مجمع التعمير) ساحات رائعة صُنّفت عالمياً من أفضل الساحات المفتوحة في العالم.. زُرتها مراراً ولكنها على رحابتها وسعتها وجمالها لا يوجد فيها أي مقهى! ويندر وجود السعوديين فيها!

مع أنها إذا ازدهرت بالمقاهي وزُينت بأحواض الورود سوف تكون جذّابة جدا للمواطن والوافد والسائح، وفرصة للتعارف وعمقاً إنسانياً للمدي


الابتسامة هي قوس قزح الدموع

قديم 09-07-2019, 03:57 AM
المشاركة 46
هيثم المري
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مقهى منابر والمقاهي الثقافية
الدكتور عبدالله الجعيثن من الكتّاب الذّين أقدرهم
شكرآ يا متميز

قديم 09-09-2019, 04:03 AM
المشاركة 47
تركي خلف
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مقهى منابر والمقاهي الثقافية
تقول الكاتبة
والإعلامية هدى الزين

رئيسة تحرير مجلة "وهج باريس"
عن تحربتها الشخصية في موضوع المقاهي


بعض المقاهي ما زالت تعلق لوحات بملايين الدولارات كان الرسام يمنحها للمقهى مقابل القهوة التي يرتشفها
"المقاهى الأدبية فى باريس هي المكان المفضل الذي يرتاده كبار الأدباء والشعراء والمفكرين والفنانين. وتعد باريس مدينة المقاهي بلا منازع، منها خرجت تيارات أدبية وفنية وفكرية واندلعت الانتفاضات والثورات. ولذلك تميزت بين عواصم العالم كعاصمة للثقافة العالمية. وقد برز دور المقاهى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل العشرين وبالأخص في أوروبا، إذ تحولت إلى مؤسسات ثقافية وسياسية وارستقراطية يجتمع فيها الأدباء والشعراء والسياسيون. وتعد باريس، فيينا، البندقية، وبودابست من أشهر المدن التي احتضنت أرقى وأفخم المقاهي في العالم.

أنا عاشقة للمقهى أكتب فيه وأتأمل والتقي بالأصدقاء وأتعرف على الناس
لا يوجد مقهى محدد أجلس فيه هناك دائما مقاه منتشرة في باريس مثل مونبرناس، الشانزلزيه، الحي اللاتيني، وغيرها من المقاهي المهمة. نجلس في المقهى كأصدقاء فرنسيين وعرب ومن مختلف الأجناس نتناقش ونكتشف عوالم لآخرين مروا قبلنا في تلك المقاهي التي تحولت إلى ملتقيات أدبية. المقهى الأدبي في باريس أنتج منذ القرن الثامن عشر تيارات ثقافية وأدبية وفلسفية مهمة جدا، تناولت في الكتاب علاقة المقهى بالأدب والفلسفة ، فالمقاهي خرج منها أهم رسامي العالم، وبعض المقاهي ما زالت تعلق لوحات بملايين الدولارات، كان الرسام يمنحها للمقهى مقابل القهوة التي يرتشفها. وكنت التقي الفنان جورج البهجوري في المقهى الذي يرسم فيه الوجوه على كراسات صغيرة، وكلما نلتقي يفتح لي آفاق عن مقاه جلس فيها وتعرف على عوالمها".

الابتسامة هي قوس قزح الدموع

قديم 09-22-2019, 03:36 AM
المشاركة 48
تركي خلف
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مقهى منابر والمقاهي الثقافية
حديث المقاهي
يجلس قبالتي يوميا يحمل جريدته في يدٍ ،
و قهوته في اليد الأخرى يخفي خلف نظارته
مدامعه..و يداري بصراخه انفعاله
ثم يصمت فيغرق الكون معه
..في سبات
عندما يتعبه الصمت ..يثقل كاهله
يلقي برأسه على كتفه
ويدع نفسه للطرب
يردد الكلمات والألحان مع الأغنية
يبلغ الخمسين لكن..
أمام سطوة النغم الأصيل يعود شابا
فتعلو وجهه الابتسامة
ويبدأ سرد أقاصيصه
"ياااه يا زمن
رحل معك سمر الليالي"
و يعود لصمته..لكن هده المرة بابتسامة

الابتسامة هي قوس قزح الدموع

قديم 09-24-2019, 02:26 AM
المشاركة 49
تركي خلف
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: مقهى منابر والمقاهي الثقافية
قصة المقهى من الجزائر


في طاولة تتوسط المقهى كان يجلس خمسة من كبار السن يحتسون أكواب الشاي الساخن التي كوّنت سحابة داخل المقهى، وقد لفت انتباهي إصغاؤهم لأحدهم الذي كان يلبس » قشابية « من الوبر ويضع على رأسه طاقية بيضاء، دفعني الفضول ''وهي طبيعة سيئة لكنها سلاح الصحافي'' لفتح سماعة أذني لأعرف ما هو الموضوع الذي جعل الكهول يشردون مع الرجل ذي اللحية البيضاء وينسون ضجيج المقهى وصيحات النادل وهو يطل ''كاس حليب سخون وقرعة فيشي''، أول كلمة اخترقت سماعتي كانت ''...والله يعلم وأنتم لا تعلمون'' حيث كان الشيخ يلقي درسا دينيا على أصحابه وكان موضوعا عاما فتحدث عن المعاملة في الإسلام والإخلاص والمساعدة والإحسان للجار، في البداية ظننت أنه مجرد لقاء بين أصدقاء متقاعدين أرادوا الفضفضة لبعضهم البعض، لكن الأمر تغيّر حين أخذ الشيخ الخطيب يتحدث عن الشهود وأركان صحة عقد الزواج فيسأل من وكيل العريس ومن وكيل العروس، فأدركت أنني سأشهد ميلاد أسرة جديدة ورابطة غليظة بين أسرتين ..لكن في مقهى، لا أنكر أنني سمعت بهذه الظاهرة أي قراءة فاتحة القران والعقد في مقهى لكنني لم أحظر ذلك من قبل، وأجمل ما لفت انتباهي هو اسم العروس التي تدعى » شهرزاد « وهو الإسم الذي كان ثقيلا على الإمام الذي وجد صعوبة في نطقه، فقلت في نفسي » شهرزاد « اسم الملكة التي دوخت الملك شهريار وتزوجت به في أكبر قصور الهند، لكن شهرزاد الجزائرية يُعقد قرانها في مقهى...، وبينما أنا أفكر في مفارقة شهرزاد، رفع الحضور أياديهم لتلاوة الفاتحة، ثم قام أحدهم وقَبَّل رؤوس الحاضرين بدءا بالإمام، فقال أحد الجالسين أمامي لصاحبه إنه والد العريس وهي عادة » ناس الشرق « حسب تعبير المعلّق، ثم ناد الشيخ والد العريس النادل قائلا ''جيبلنا حاجة حلوة نشربوها فال'' قبل أن يطلب من الشاب النادل أن يشرب قارورة ''ڤازوز'' على حسابه، ثم عاد الإمام إلى درسه الذي شرع فيه قبل عقد قران العريسين.
مقهى أم قاعة لمطالعة أخبار الخُضر ؟
مباشرة بعد نهاية ''الفاتحة'' قمت ودفعت ثمن قهوتي عند القابض الذي كانت تبدو عليه مآسي الدنيا وكان يضع قبعة شتوية ''بوني'' يغطي أذنيه وجزءا من عينيه لدرجة أنه لا يكاد يسمع المتحدث إليه، حيث كررت له كلمة ''فنجان قهوة'' ثلاث مرات ليقبض عشرين دينارا، وهو ثمن القهوة من ورقة الألف دينار التي أعطيتها إياه، فأمسك الورقة وتفحصها بأصابعه قبل أن يرفعها نحو جهة المصباح ويقلبها للتأكد أنها ورقة سليمة، وهو ما جعلني أعلق قائلا ''لا تخف هي ورقة سليمة وماشي مدرحة'' فأجاب قائلا ''في البلاد هاذي كل شي مدرح'' قبضت عليه الصرف وخرجت باحثا عن مقهى ثان وغير بعيد عن مقهى ''المسجد'' لفت انتباهي مقهى كبير لا تكاد تسمع فيه لاغية، دخلت فإذا بجميع الزبائن يحملون جريدة أو أكثر، مطأطئي الرأس ومنهمكين في القراءة لدرجة أنني تذكرت قاعة المطاعة أيام الدراسة، وقليلا ما تجد إثنين يتحدثان وإذا تحدثا فلا يكون الكلام إلا عن مقالة قرأها أحدهما في جريدته الرياضية، ف » الخضر « سلبوا عقول هؤلاء الشباب الذين غزو المقهى، وأداروا ظهورهم للمصرف ''كونطوار'' مقابلين الطريق العام وكأنهم في امتحان لشهادة البكالوريا، فلا أحد يجازف ويرفع رأسه للنظر إلى صحيفة زميله، فهذا يحدق في صورة زياني في جريدة » الهداف « وذاك يتمعّن في » مانشيت الشباك « التي كشفت المستور في بيت اتحادية كرة القدم، وآخر شارد الذهن يفكر في مستقبل الفريق الوطني في حال تأكد خبر إبعاد الحارس شاوشي من تشكيلة محاربي الصحراء، كل هذا جعلني أتقدم من شاب بعد أن طلبت كأس ''تيزانة'' ساخن وتوجهت إلى طاولته، ألقيت السلام فرد دون أن يرفع رأسه ليشاهد الشخص الذي يقاسمه الطاولة، جلست وأخذت أحرّك السكر حتى تبرد ''التيزانة'' فسألته عن ما جديد » الخضر « فقال ''الحالة لا متعجبش'' فعرفت أنه ليس من العاصمة من لكنته الشرقية، فقلت هل أنت من بئر خادم فأجاب أسكن فيها منذ سنوات، هل تبحث عن خدمة فقلت لا مجرد فضول فقال إن كنت تريد أية خدمة فأنا أجيد العديد من الحرف كالرصاصة والبناء والدهن، فقلت نعم لكن أريد أن أعرف فقط لماذا الكل هنا يقرأ الجريدة، فسخر من سؤالي وقال ''ماذا تريدهم أن يفعلوا في هذا البلد على الأقل » يعمرو لقرع تاع ليكيب ناسيونال «، قبل أن يضيف كل هؤلاء الشباب ينتظرون فرصة عمل لكونهم ''زوافرة'' ينتظرون أحد المقاولين أو » شاف شانطي « يبحث عن اليد العاملة للحصول على قوت يومهم.
سعدان وخالف ضد الدولار والأورو !
عندما خرجت من مقهى الزوافرة قررت العودة إلى الجريدة بعدما شربت كوبي قهوة وتيزانة، وأنا أسير في اتجاه محطة سيارات الأجرة توقفت عند إحدى المقاهي التي تقع في طريق جانبي وقررت أن أعاقب نفسي بقهوة ثالثة ''وخلي لي يصرا يصرا''، دخلت المقهى وإذا به ثمانية زبائن لا أكثر، منقسمين على قسمين أربعة في طاولة على اليمين تحت عداد كهربائي كبير من الحقبة الإستعمارية يتأرجح منه ''كابل'' كهربائي سميك أسود، وأربعة شباب واقفين أمام صاحب المقهى في ''الكونطوار'' في البداية توجهت نحو طاولة شاغرة جلست هناك وأخذت أتفقد المقهى الذي بدا من العصور الغابرة فالغبار لم يترك زاوية أو ركن في المقهى إلا وبسط فراشه عليها وزينها بلونه الترابي بل وحتى أن رائحته تستقبلك عند الباب خاصة إذا هب نسيم عليل ودخل عليك من نافذة المرحاض -أعزكم الله- ليصطحب معه نفحات من روائح يشمها أنف الميت، لدرجة أنني قررت الخروج والهروب بعد هذا الترحاب الملكي، لكن ''صماطة'' الصحافي الذي سئم من الجلوس في مكتبه جعلني أقول في قرارة نفسي لا بأس أن أضيع المزيد من الوقت والجلوس هنا لعلي أكتب عن المقهى ''الأسطوري'' في مقالتي، وأنا استمتع بهذه الأجواء التي يفتقدها المقهى الذي أتردد عليه كل مساء في منطقة سيدي يحيى، سمعت صراخا فإذا بأحد الجالسين يصرخ في وجه صديقه قائلا ''البوليتيك هو من يسر الكرة في الجزائر..فخالف محي الدين فرض على المنتخب الجزائري لأنه شقيق الوزير الأسبق قاصدي مرباح واليوم فرض سعدان على روراوة لأنه له قرابة مع جنرال كبير من باتنة''، قلت في نفسي معلقا على هذا المقال ''الله أكبر ..واو كلام جميل سكوب .. لعلي سأترك مقالة ''حديث المقاهي'' وأكتب هذه المعلومة في الصفحة الرياضية....وبينما أنا أسجل بعض الملاحظات في قصاصة من الورق، تقرب مني النادل ليعرف طلبي فطلبت ''قهوة'' فقال لي تصبر شوية، هنا قررت مغادرة المقهى و''بركاني من بوليتيك المقاهي'' لأن المقاهي في الجزائر كالناس لديها شخصية ولكل مقهى مزاجه وأهله وبصراحة أنا أفضل مقهى والدي الذي تربيت فيه، وتعلمت فيه فنون التجارة قبل أن أقلب القبعة وأتحوّل إلى مهنة الصحافة والتقرعيج تاركا حرفة والدي القهواجي.

الابتسامة هي قوس قزح الدموع

قديم 09-24-2019, 06:34 PM
المشاركة 50
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مقهى منابر والمقاهي الثقافية

سلام على من في المقهى
مكثت مطولاً هنا
وقرأت واستمتعت معلومات عن المقاهي نشأتها وتطورها
وغيرها ...
رائع أنت أخي تركي
أشكرك وتحية ...


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: مقهى منابر والمقاهي الثقافية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مقهى korean علي حيـدر منبر الفنون. 6 12-02-2020 02:31 PM
مقهى النوفرة أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 0 08-14-2016 09:14 PM
مقهى الصامتين محمد محضار منبر قصيدة النثر 6 02-16-2013 02:07 PM
مقهى الكتاب في جده علي الطميحي المقهى 6 10-27-2011 11:43 PM

الساعة الآن 03:33 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.