احصائيات

الردود
4

المشاهدات
2054
 
زهرة الروسان
من آل منابر ثقافية

زهرة الروسان is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
146

+التقييم
0.05

تاريخ التسجيل
Nov 2015

الاقامة
الأردن

رقم العضوية
14295
01-30-2018, 12:01 AM
المشاركة 1
01-30-2018, 12:01 AM
المشاركة 1
افتراضي قصة حمى
في طريق عودته من الجامعة، وقف ينتظر الحافلة مع صديقه ليعود كل منهما الى منزله. نظر خليل نظرة فاحصة في المحيط حوله وابتسم ساخرا، مما أثار فضول صديقه نبيل ولم يتردد في السؤال.

نبيل: ما بال تلك الضحكة الساخرة؟

خليل: يا رجل، كلما مررت بشارع من شوارع بلادنا أجد اعلانات الهواتف الذكية تطغى على بقية الإعلانات. والمشكلة إننا نسوق لها وكأننا نسوق لمنتج تعبنا في صنعه. إعلاناتنا الخاصة هي عبارة عن كيس أرز أو علبة بقول. إن الهواتف والسيارات وآلات التصوير... كل ما يخص التكنولوجيا هو صنع الغرب. هل هذا جل ما نبرع به!

-لقد تسببت لنا النكبات والنكسات المتتالية موجة من الفقر والجهل لقمة العيش الآن هي أقصى ما نطمح إليه بالمجمل.

-نرمي أخطاءنا على النكبات والنكسات. نحن قوم لا نفلح سوى بملء البطون وتضيع الوقت. في بلاد الغرب يهمهم الوقت أكثر من أي شيء آخر، أما نحن فوقتنا آخر همنا.

-لم يصبنا ما أصابنا إلا يوم أصابتنا حمى الغرب.

-نحن لن نتقدم إذا ما اقتدينا بالغرب. إنهم يتجردون من جميع القيود ليتمكنوا من العمل والابداع.

كان كل من نبيل وخليل قد ركبا الحافلة أثناء ذاك النقاش. وعندها وصل نبيل الى منزله فقال قبل أن يترجل من الحافلة: نحن تخلفنا يا صديقي يوم تركنا الاقتداء بنبينا وأصحابه، والسبيل الوحيد للعودة هو العودة الى ما كنا عليه، بعد إذنك علي النزول.

تبسم خليل ساخرا وقال ملوحا بيده: اراك لاحقا يا صلاح الدين.

وصل خليل بيته وهو يفكر في ما دار بينه وبين صديقه. دخل الى غرفته وراح يستعد للبدء بالدراسة حين نادته أمه لتناول الغداء.

جلس الى أسرته بغضب دون أن يتناول شيئا من طعامه، فلاحظت والدته ذلك فقالت: خليل ما بك! لم تتناول شيئا من الطعام.

خليل: لما علينا الجلوس وتضيع الوقت في تناول الطعام والحديث بلا فائدة بينما يمكننا تناوله سريعا ونحن ننجز مهامنا؟

قال والده: هل أفهم من كلامك أنك لا تحب الجلوس معنا؟

ردت الأم مؤنبة: بني، هذا ليس لطيفا أبدا، من العيب قول هذا. أنت رجل ولا تحتاج لمن يخبرك ما تقول وما لا تقول.

خليل: ما أقصده أن هناك آلاف الاكتشافات والاختراعات تنجز في كل لحظة تمر، ونحن نضيع وقتنا في تناول الطعام مع العائلة وزيارة الأقارب وما الى ذلك. أعني ألن ننجز عمل أكثر لو أن والدي اختصر زيارته لأمه لمرة في الشهر بدلا عن كونها عادة يوميا. في بلاد الغرب يخصصون يوما واحدا في العام للاعتناء بالأم. نضيع الكثير من الوقت في دعوة خاطب اختي الى منزلنا والنظر اليهما وهما يتحدثان لو أننا زوجناها لشاب تعرفه لما احتجنا الى كل تلك الرسميات.

غضب الوالد من قول ولده فقال: يا فتى الى ما ترمي! هل تريدنا أن نتجرد من قيمنا ونتخلى عن ديننا وأخلاقنا لنختصر الوقت.

خليل: كلما أتناقش مع أحد ينادي بالتمسك بالقيم. أبي، هذا مجتمع مريض يقيد كل تصرفاتنا ويجعلنا سجناء للتخلف والرجعية. افتح على صفحة أي رجل غربي على مواقع التواصل. إنهم متحررون لا تقيدهم تقاليد وعادات سخيفة. كلا الجنسين متساويان في المعاملة، لا يعاملون الأنثى وكأنها شيء نفيس عليهم بناء جدار أسود سميك حولها كي لا يراها أحد. هم يعاملونها كما الرجال هي ليست بتلك الأهمية. لقد تسببت تلك العادات بجعل النساء مغرورات ومدللات. كلنا بشر وكلنا يجب أن نعامل بنفس الطريقة. كما نتعب عليهم أن يتعبن.

الأب: يبدو أنني قصرت في تربيتك، ما هذا الهراء الذي تتحدث عنه! علي منعك من استخدام مواقع التواصل التي دمرت لك عقلك. هل تريد لأختك أن تخرج لتعمل في شيء قد يسبب لها الأذى؟ أو أن تزاحم الرجال؟ أين هي غيرتك؟ أين هو دينك؟

خليل: هذا مجرد عادات سلبية. حين أكون عائلة لن أقيدها بروابطكم الغريبة تلك.

رد الوالد بهدوء: إن كنت تكره هذه العادات فيمكنك الخروج من المنزل لتعيش في بلاد الغرب. لكنني لن أستقبلك في بيتي مجددا.

الأم محاولة تخفيف التوتر: لا يا رجل من المؤكد أن ابنك يمازحك. أنت لا تفكر هكذا يا بني أليس كذلك؟... قل شيئا يا بني.

خليل: لا أنا جاد... وسأرحل عن هذا المكان. حين أصبح رجلا ذي شأن ومخترعا عظيما، لا تأتوا لتطلبوا مني العودة.

دفع الوالد ولده خارج المنزل وقال: لا أريدك في بيتي... تدبر نفسك ولا تعد قبل أن تدرك خطأك وتعود الى دين ربك وسنة نبيك وعادات أهلك. عندها فقط سأعتبرك ولدي.

خرج خليل غاضبا ولم يعد. مضت الأيام وقلب أمه وكأنه في جوف بركان ثائر لا تدري أين ولدها، ووالده ورغم صموده إلا أن قلبه انفطر على اختفاء ولده، وراح يقتص أخباره بين أقاربه. مضت الأيام والليال دون أخبار عنه. ويوما ما جاء صديقه نبيل لزيارة والده وهو يحمل معه الخبر اليقين. فقد وصلته رسالة من خليل يطلب منه اخبار والديه بأنه بخير في بلاد الغربة فقد تمكن من السفر عبر سفينة تقل بعض المهاجرين غير الشرعيين ولاقاه صديق قديم ساعده على الاستقرار وأنه قريبا سيحقق مبتغاه في الوصول الى المجد بعد أن تحرر من كل شيء وقد التقى فتاة رائعة وسيتزوجون قريبا وستمنحه الجنسية إن سار تخطيطه على أكمل وجه.

مضى خمسة عشر عاما على سفر خليل وقد آثر قلب أمه على السكون بعد أن افتقد همسات و سكنات ولدها الوحيد. وسرعان ما تبعه قلب والده الذي قتله طول الصمت وكتم صراخ الألم. بينما تزوجت أخته ورحلت مع زوجها ليعيشا بسكون.

في لحظة من اللحظات وقف نبيل عند موقف الحافلة الذي احتضن نقاشه مع خليل، نظر ولده الصغير ومسح على رأسه بحب وحنان وقال له: يا بني، لقد شهد هذا المكان نقطة تحول في حياة رجل، كان يوما ذا أصل وحوله من يحبه ويرجو له السلامة... تجرد من أصله ودينه خسر الدنيا والآخرة.

الابن: ماذا حل به؟

نبيل: ألقته الحياة على هامش البشرية، تحول الى عدد مجرد عدد، بنى بيتا عظيما في هوة بركان فاحترق البيت بأهله. وصار عبرة لكل من أصيب يوما ما بحمى الغرب.


http://viwright.com/6udX
مدونتي أضع فيها كتاباتي
قديم 06-16-2019, 01:33 PM
المشاركة 2
حسام الدين بهي الدين ريشو
مشرف منبر بـــوح المشـاعـر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: قصة حمى
سرد شيق
ولغة متماسكة البنيان
بعيدة عن الحشو
وذروة الحدث رائعة
لك التحية قاصتنا المبدعة

قديم 06-17-2019, 10:40 AM
المشاركة 3
أماني عبدالعزيز
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: قصة حمى
سرد قصصي مميز وقصة جميلة ورائدة أستاذة زهرة

جمال البسمات يساوي جمال الحياة
قديم 07-19-2019, 02:24 PM
المشاركة 4
العنود العلي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: قصة حمى
في طريق عودته من الجامعة، وقف ينتظر الحافلة مع صديقه ليعود كل منهما الى منزله. نظر خليل نظرة فاحصة في المحيط حوله وابتسم ساخرا، مما أثار فضول صديقه نبيل ولم يتردد في السؤال.

نبيل: ما بال تلك الضحكة الساخرة؟

خليل: يا رجل، كلما مررت بشارع من شوارع بلادنا أجد اعلانات الهواتف الذكية تطغى على بقية الإعلانات. والمشكلة إننا نسوق لها وكأننا نسوق لمنتج تعبنا في صنعه. إعلاناتنا الخاصة هي عبارة عن كيس أرز أو علبة بقول. إن الهواتف والسيارات وآلات التصوير... كل ما يخص التكنولوجيا هو صنع الغرب. هل هذا جل ما نبرع به!

-لقد تسببت لنا النكبات والنكسات المتتالية موجة من الفقر والجهل لقمة العيش الآن هي أقصى ما نطمح إليه بالمجمل.

-نرمي أخطاءنا على النكبات والنكسات. نحن قوم لا نفلح سوى بملء البطون وتضيع الوقت. في بلاد الغرب يهمهم الوقت أكثر من أي شيء آخر، أما نحن فوقتنا آخر همنا.

-لم يصبنا ما أصابنا إلا يوم أصابتنا حمى الغرب.

-نحن لن نتقدم إذا ما اقتدينا بالغرب. إنهم يتجردون من جميع القيود ليتمكنوا من العمل والابداع.

كان كل من نبيل وخليل قد ركبا الحافلة أثناء ذاك النقاش. وعندها وصل نبيل الى منزله فقال قبل أن يترجل من الحافلة: نحن تخلفنا يا صديقي يوم تركنا الاقتداء بنبينا وأصحابه، والسبيل الوحيد للعودة هو العودة الى ما كنا عليه، بعد إذنك علي النزول.

تبسم خليل ساخرا وقال ملوحا بيده: اراك لاحقا يا صلاح الدين.

وصل خليل بيته وهو يفكر في ما دار بينه وبين صديقه. دخل الى غرفته وراح يستعد للبدء بالدراسة حين نادته أمه لتناول الغداء.

جلس الى أسرته بغضب دون أن يتناول شيئا من طعامه، فلاحظت والدته ذلك فقالت: خليل ما بك! لم تتناول شيئا من الطعام.

خليل: لما علينا الجلوس وتضيع الوقت في تناول الطعام والحديث بلا فائدة بينما يمكننا تناوله سريعا ونحن ننجز مهامنا؟

قال والده: هل أفهم من كلامك أنك لا تحب الجلوس معنا؟

ردت الأم مؤنبة: بني، هذا ليس لطيفا أبدا، من العيب قول هذا. أنت رجل ولا تحتاج لمن يخبرك ما تقول وما لا تقول.

خليل: ما أقصده أن هناك آلاف الاكتشافات والاختراعات تنجز في كل لحظة تمر، ونحن نضيع وقتنا في تناول الطعام مع العائلة وزيارة الأقارب وما الى ذلك. أعني ألن ننجز عمل أكثر لو أن والدي اختصر زيارته لأمه لمرة في الشهر بدلا عن كونها عادة يوميا. في بلاد الغرب يخصصون يوما واحدا في العام للاعتناء بالأم. نضيع الكثير من الوقت في دعوة خاطب اختي الى منزلنا والنظر اليهما وهما يتحدثان لو أننا زوجناها لشاب تعرفه لما احتجنا الى كل تلك الرسميات.

غضب الوالد من قول ولده فقال: يا فتى الى ما ترمي! هل تريدنا أن نتجرد من قيمنا ونتخلى عن ديننا وأخلاقنا لنختصر الوقت.

خليل: كلما أتناقش مع أحد ينادي بالتمسك بالقيم. أبي، هذا مجتمع مريض يقيد كل تصرفاتنا ويجعلنا سجناء للتخلف والرجعية. افتح على صفحة أي رجل غربي على مواقع التواصل. إنهم متحررون لا تقيدهم تقاليد وعادات سخيفة. كلا الجنسين متساويان في المعاملة، لا يعاملون الأنثى وكأنها شيء نفيس عليهم بناء جدار أسود سميك حولها كي لا يراها أحد. هم يعاملونها كما الرجال هي ليست بتلك الأهمية. لقد تسببت تلك العادات بجعل النساء مغرورات ومدللات. كلنا بشر وكلنا يجب أن نعامل بنفس الطريقة. كما نتعب عليهم أن يتعبن.

الأب: يبدو أنني قصرت في تربيتك، ما هذا الهراء الذي تتحدث عنه! علي منعك من استخدام مواقع التواصل التي دمرت لك عقلك. هل تريد لأختك أن تخرج لتعمل في شيء قد يسبب لها الأذى؟ أو أن تزاحم الرجال؟ أين هي غيرتك؟ أين هو دينك؟

خليل: هذا مجرد عادات سلبية. حين أكون عائلة لن أقيدها بروابطكم الغريبة تلك.

رد الوالد بهدوء: إن كنت تكره هذه العادات فيمكنك الخروج من المنزل لتعيش في بلاد الغرب. لكنني لن أستقبلك في بيتي مجددا.

الأم محاولة تخفيف التوتر: لا يا رجل من المؤكد أن ابنك يمازحك. أنت لا تفكر هكذا يا بني أليس كذلك؟... قل شيئا يا بني.

خليل: لا أنا جاد... وسأرحل عن هذا المكان. حين أصبح رجلا ذي شأن ومخترعا عظيما، لا تأتوا لتطلبوا مني العودة.

دفع الوالد ولده خارج المنزل وقال: لا أريدك في بيتي... تدبر نفسك ولا تعد قبل أن تدرك خطأك وتعود الى دين ربك وسنة نبيك وعادات أهلك. عندها فقط سأعتبرك ولدي.

خرج خليل غاضبا ولم يعد. مضت الأيام وقلب أمه وكأنه في جوف بركان ثائر لا تدري أين ولدها، ووالده ورغم صموده إلا أن قلبه انفطر على اختفاء ولده، وراح يقتص أخباره بين أقاربه. مضت الأيام والليال دون أخبار عنه. ويوما ما جاء صديقه نبيل لزيارة والده وهو يحمل معه الخبر اليقين. فقد وصلته رسالة من خليل يطلب منه اخبار والديه بأنه بخير في بلاد الغربة فقد تمكن من السفر عبر سفينة تقل بعض المهاجرين غير الشرعيين ولاقاه صديق قديم ساعده على الاستقرار وأنه قريبا سيحقق مبتغاه في الوصول الى المجد بعد أن تحرر من كل شيء وقد التقى فتاة رائعة وسيتزوجون قريبا وستمنحه الجنسية إن سار تخطيطه على أكمل وجه.

مضى خمسة عشر عاما على سفر خليل وقد آثر قلب أمه على السكون بعد أن افتقد همسات و سكنات ولدها الوحيد. وسرعان ما تبعه قلب والده الذي قتله طول الصمت وكتم صراخ الألم. بينما تزوجت أخته ورحلت مع زوجها ليعيشا بسكون.

في لحظة من اللحظات وقف نبيل عند موقف الحافلة الذي احتضن نقاشه مع خليل، نظر ولده الصغير ومسح على رأسه بحب وحنان وقال له: يا بني، لقد شهد هذا المكان نقطة تحول في حياة رجل، كان يوما ذا أصل وحوله من يحبه ويرجو له السلامة... تجرد من أصله ودينه خسر الدنيا والآخرة.

الابن: ماذا حل به؟

نبيل: ألقته الحياة على هامش البشرية، تحول الى عدد مجرد عدد، بنى بيتا عظيما في هوة بركان فاحترق البيت بأهله. وصار عبرة لكل من أصيب يوما ما بحمى الغرب.
العزف على أوتار الإبداع هو وجه من وجوه الكتابة

وبدون دوزنة طربنا بالقصة حتى الإعجاب

شكرآ لهذا النغم العذب مع فائق المودة

وحيدة كالقمر
قديم 08-03-2019, 04:37 PM
المشاركة 5
زهرة الروسان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: قصة حمى
العزف على أوتار الإبداع هو وجه من وجوه الكتابة

وبدون دوزنة طربنا بالقصة حتى الإعجاب

شكرآ لهذا النغم العذب مع فائق المودة
شكرا لك تشرفت بتعليقك

http://viwright.com/6udX
مدونتي أضع فيها كتاباتي

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:35 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.