احصائيات

الردود
7

المشاهدات
2609
 
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


إمتنان محمود is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
56

+التقييم
0.03

تاريخ التسجيل
Sep 2018

الاقامة

رقم العضوية
15674
06-03-2019, 05:34 PM
المشاركة 1
06-03-2019, 05:34 PM
المشاركة 1
افتراضي الجزء الرابع (متفكك)
الجزء الرابع

وجهات

التالى هو جواب موقع إ-باى بخصوص بائع حاول أن يضع روحه فى مزاد علنى على الأنترنت فى 2001

شكرا لك لأخذ الوقت للكتابه ل(إ-باى) عن مخاوفك.أنا سعيد لمساعدتك أكثر.
لو روحك لا توجد,ف (إ-باى) لا يمكنها السماح بهذا المزاد على الروح,لأنه لن يوجد شئ لبيعه. لكن مع هذا,لو الروح بالفعل موجوده,إذا فهى تخضع لسياسه إ-باى بخصوص الأجزاء البشريه و البقايا.
لن نسمح ببيع الأرواح البشريه فى مزاد علنى.فالروح ستعتبر بقايا بشريه.و بالرغم من أنه ليس منصوص عليه تماما فى صفحه السياسات,فالأرواح البشريه ليس مسموح أن تتضمن فى إ-باى.

مزادك قد تم إزالته بصوره مناسبه و لن يتم استعادته.أرجوك ألا تضع ذاك البند معنا فى المستقبل.

بإمكانك مراجعه سياساتنا على الرابط التالى:
http://pages.ebay.comfhelplpolicieslremains.html.
من دواعى سرورى مساعدتك.شكرا لك لاختيارك إ-باى.

26- المرابى

الرجل قد ورث مكتب الرهانات من أخيه,الذى مات بسبب نوبه قلبيه.لم يكن سيُبقى علي المكان,لكنه ورثه بينما كان عاطلا.ففكر أن بإمكانه الاحتفاظ به و إدارته حتى يجد وظيفه أحسن .. كان هذا من عشرين سنه.الآن هو يعرف أنه حكم مدى الحياه.

يأتى فتى لمتجره فى أحد الأمسيات قبل الاغلاق.ليس كزبائنه المعتادون.أغلب من يأتو لمتجر الرهانات هم قليلو الحظ,مستعدون للمقايضه بكل ما يملكون,بدايه من أجهزه التلفاز وصولا لورث العائله فى مقابل القليل من المال السريع , بعضهم يفعلها للمال.الأخرون لديهم بعض الأسباب الأكثر شرعيه.
فى كلتا الحالتين,فنجاح المرابى مبنى على بؤس الأخرين , الأمر لا يزعجه بعد الآن .. لقد اعتاد عليه.

مع ذلك فالفتى مختلف .بالتأكيد يوجد أولاد يأتون,آملين فى صنع صفقه على أشياء لن يتم المطالبه بها,لكن يوجد شئ حول هذا الفتى يبدو فى غير محله ..!
فهو يبدو أكثر أناقه من الأولاد اللذين يظهروا فى متجره .. وطريقه حركته,حتى كيف يُظهر نفسه , إنها لبقه وكيسه,متعمده و دقيقه,كما لو عاش حياته أميرا و الآن يدعى أنه فقير..
يرتدى معطف أبيض منتفخ,لكنه قذر إلى حد ما.ربما هو الفقير فى النهايه ..!

التلفاز على المنضده يعرض مباراه لكره القدم,لكن المرابى لا يشاهد المباراه بعد الآن.عينيه عليها,لكن عقله يتتبع الفتى بينما يتسكع حول المتجر,ينظر للأشياء كما لو أنه سيريد شراء شيئا.

بعد بضع دقائق,يقترب الفتى من المنضده.
“كيف أساعدك؟”يسأل المرابى,فضولى بوضوح.
“هذا متجر رهانات أليس كذلك؟”
“ألا يُذكر هذا على الباب؟”
“إذا هذا يعنى أنك تُقايض الأشياء مقابل المال,صحيح؟”

يتنهد المرابى.فالفتى عادى بعد كل شئ,فقط أكثر سذاجه من البقيه التى تظهر محاوله رهن مجموعه بطاقات البايسبول أو أيا ما كان.
عاده هم يريدو المال لأجل السجائر او الكحول أو شئ آخر لا يريدوا أن يعلم بشأنه أهلهم.
مع ذلك,فهذا الفتى لا يبدو أنه من هذا النوع..!
“نحن نُقرض المال,و نأخذ أشياء ذات قيمه كرهن” ,يخبر الفتى ,:”ولا نصنع أعمال مع القُصر.. تريد شراء شئ,لا بأس,لكن لا يمكنك رهن أى شئ هنا,لذا خذ بطاقات البيسبول خاصتك لمكان آخر.”
“من قال أن لدى بطاقات بيسبول؟”
ثم يضع الفتى يده فى جيبه و يُخرج سوار من الماس و الذهب.

عينى المرابى فيهما كل شئ سوى الخروج من مقلتيها بينما يدليها من أصابعه.ثم يضحك المرابى ,:”ماذا فعلت,سرقت هذا من والدتك يا فتى؟”

تعابير الفتى تظل مثبته على الماس,:”كم ستعطينى فى مقابله؟”
“ماذا عن ركله لطيفه خارج الباب؟”
مع هذا,فالفتى لا يُظهر أى علامات للخوف أو الخيبه.فقط يضع السوار على المنضده الخشبيه الباليه,بتلك الأناقه الأميريه.

“لماذا لا تُبعد هذا الشئ و تذهب للمنزل؟”
“أنا متفكك.”
“ماذا؟”
“لقد سمعتنى.”
هذا يباغت المرابى لعدد من الأسباب.قبل كل شئ,المتفككون الهاربون الذين يظهروا فى متجره لا يعترفو أبدا بالأمر .. ثانيا,دائما يبدون بائسون و غاضبون,و الأشياء التى يحضروها للبيع رديئه كأحسن وصف.
هم ليسوا بهذا الهدوء أبدا,و لا يظهروا أبدا بتلك الصوره... الملائكيه,:“أنت متفكك؟”
يومئ الفتى,:”هذا السوار مسروق,لكن ليس من مكان قريب من هنا.”
المتفككون لا يعترفون أيضا أن أشيائهم مسروقه.
فهؤلاء الفتيه الآخرون دائما ما يخرجوا بأكثر القصص إقناعا و تفصيلا بخصوص من هم و لماذا يبيعون.
المرابى سيستمع لقصصهم غاليا لقيمتها الترفيهيه.لو كانت قصه جيده,فهو سيطرد الفتى خارجا فقط.أما لو كانت قصه رديئه,سيبلغ الشرطه و يجعلهم فى الأسر.

هذا الفتى ...على غير العاده لا يمتلك قصه, يأتى فقط بالحقيقه. المرابى لا يعرف ببساطه كيف يتعامل مع الحقيقه..!
“إذا,”يقول الفتى ,:”هل أنت مهتم؟”
المرابى فقط يهز كتفه.”من تكون هو شأنك الخاص,و كما قلت,لا أتعامل مع قُصر.”
“ربما ستصنع استثناء.”
ينظر المرابى للفتى,ثم للسوار,ثم ينظر للباب ليتأكد أن لا أحد آخر
سيدخل ,:”أنا مستمع.”
“إليك ما أريد.خمسمائه دولار,نقدا.الآن.ثم أرحل من هنا كما لو أننا لم نتقابل أبدا,و بإمكانك الاحتفاظ بالسوار.”

يضع المرابى وجه الجوكر المتدرب عليه بجوده,:”هل تمزح معى؟ تلك الخرده أساس ذهبى,زيركون* بدلا من الماس,صناعه يدويه حقيره..سأعطيك مائه دولار, لا بنس زياده.”.. الفتى لا يقطع اتصال الأعين,:”أنت تكذب.”

بالطبع فالمرابى يكذب,لكنه ينهر الاتهام,:”ماذا عن أن أسلمك لشرطه الأحداث حالا؟”
يمد الفتى يده و يأخذ السوار من على الطاوله,:”بإمكانك,” و يقول.”لكن حينها لن تحصل على هذا.. الشرطه ستفعل.”

المرابى يُحرك يده عبر لحيته.ربما هذا الفتى ليس ساذج كما يبدو.

“لو كانت خرده,”يقول الفتى,”فلن تعرض على مائه.أراهنك أنك لم تكن ستعرض على اى شئ.”وينظر للسوار بين أصابعه.”أنا حقا لا أعرف ما قيمه شئ هكذا, لكن أراهن أنها بالآلاف.كل ما أطلبه هو خمسمائه,مما يعنى,مهما كانت قيمته, أنت ستحصل على صفقه عظيمه.”

اختفى وجه الجوكر من ملامح المرابى.لا يمكنه التوقف عن التحديق بالسوار.هذا كل ما بإمكانه فعله لئلا يسيل لعابه عليه.هو يعلم قيمته الحقيقه,أو على أقل تقدير بإمكانه التخمين.هو يعرف أين يبيعه بنفسه بخمسه أضعاف ما يطلبه الفتى. هذا سيكون نوع جيد من التغير.كافيا لأخذ زوجته فى تلك الرحله الطويله التى طالما أرادتها.
“مائتان و خمسون.هذا عرضى الأخير.”
“خمسمائه.لديك ثلاث ثوان, ثم أرحل.واحد....اثنان....”
“اتفقنا.”يتنهد المرابى كما لو أنه قد هُزم.”أنت تقود مساومه قويه يا فتى” ,تلك طريقه اللعب,اجعل الفتى يعتقد أنه انتصر,بينما فى الحقيقه هو الذى تتم سرقته! يمد المرابى يده ليأخذ السوار,لكن يُبعده الفتى عن متناول يده,: “اولا المال.”
“الخزنه فى الغرفه الخلفيه.. سأعود بعد لحظه.”
“سآتى معك.”
لا يجادل المرابى معه.إنه مفهوم أن هذا الفتى لا يثق به.فلو وثق بالناس,فعلى الأرجح سيكون قد تفكك بحلول الآن.

فى الغرفه الخلفيه,يقف المرابى أمام الفتى حتى لا يرى الرقم السرى للخزنه. يفتح باب الخزنه وما أن فعل,يشعر بشئ صلب و ثقيل يتواصل مع رأسه.أفكاره تشوشت لحظيا.. يفقد الوعى قبل حتى أن يصل للأرض.

يُدرك المرابى شيئا لاحقا .. برأس يشعر بالصداع و ذاكره باهته..أن شيئا خاطئ قد حدث.يتخذ بضع اللحظات ليجمع شتات نفسه و يعرف تماما ما حدث.

الوحش الصغير نصب عليه! .. جعله يفتح الخزنه,و فى اللحظه التى فعلها فيها, أخرجه عن توازنه و أفرغ ما بالخزنه.

بالتأكيد ,الخزنه مفتوحه على وسعها..لكنها ليست فارغه بالكامل ,السوار يوجد بالداخل,مظهره الذهبى و الماسى يبدو أكثر بريقا فى صُلب الخزنه القبيحه الرماديه الفارغه.
كم كان بداخل الخزنه؟ ألف و خمسمائه,على أقصى تقدير.هذا السوار يساوى على الأقل ثلاثه أضعاف هذا,مازالت صفقه..و الفتى عرف هذا.

المرابى يفرك أثر الضربه الموجع,حانقا على الفتى لما فعله,و مع ذلك معجبا به من أجل الطبيعه الشريفه التى اتسمت بها الجريمه.

لو كان هو نفسه بهذا الذكاء ,بهذا الشرف, و وجد هذا النوع من الشجاعه فى صغره .. ربما كان سيكون أكثر من مجرد مرابى.

27- كونر

فى الصباح التالى لواقعه الحمام,قام الفاتيجز بإيقاظهم قبل حتى ضوء الفجر,: “لينهض الجميع!الآن!تحركوا!تحركوا!”..
هم صاخبون,وهائجون,و أول شئ يلاحظه كونر هو أن أزرار الأمان على أسلحتهم ليست مفعله ..مازال غائما من النوم,ينهض و يبحث عن ريسا.يراها مقتاده باثنان من الفاتيجز نحو باب ضخم مزدوج كان دائما مغلق بقفل.
الآن,هذا القفل مفتوح.

“اتركوا أشيائكم!اذهبوا,تحركوا!تحركوا!”
على يمينه,فتى منزعج يدفع أحد الفاتيجز لانتشاله بطانيته.
الفاتيج يضربه على كتفه بمؤخره بندقيته.. ليست ضربه كافيه لتسبب له ضرر شديد,لكنها قويه بما يكفى لتوضح لهذا الفتى,و كل الآخرون أنهم بصدد عمل مهم.
يقع الفتى على ركبتيه,ممسكا بكتفه و يسب,و يذهب الفاتيج لاستكمال مهامه فى جمع القطيع.
حتى فى ألمه,يبدو الفتى مستعدا لقتال.. بينما يمر بجواره كونر,يمسك بذراع الفتى و يساعده على النهوض.”فلتتمهل,”يقول كونر.”لا تجعل الأمر أسوأ.”
يسحب الفتى يده من قبضه كونر,:”ابتعد عنى!لا أريد مساعدتك الحقيره.”و يبتعد الفتى.
يهز كونر رأسه.هل كان هو يوما بذاك العداء؟


فى المقدمه,البابان المزدوجان ينزلقا ليفتحا و يكشفا عن غرفه أخرى من المستودع,لم يرها المتفككون من قبل... تلك الغرفه مليئه بصناديق ,حاويات تعبئه قديمه خاصه بالطائرات,مُصممه_فى شكلها و تحملها_لتنقل البضائع بالشحن الجوى.

كونر يعرف فورا ما هم بصدد فعله.و لماذا هو و الآخرون تم وضعهم فى مستودع قريب جدا من المطار .. فأينما هم ذاهبون ,فهم ذاهبون كحموله جويه.

“الفتيات الى اليسار,الأولاد الى اليمين.تحركوا!تحركوا!”
يوجد تذمر,لكن لا يوجد مواجهه مباشره.كونر يتسائل كم من الأخرين فهم ما يحدث.
“أربعه لكل حاويه!الأولاد مع بعضهم,الفتيات مع بعضهم.تحركوا ,تحركوا!”
الآن,الجميع يبدا بالهياج فى الأنحاء,محاولون تشكيل فرق مع رفقائهم المفضلون فى السفر,لكن الفاتيجز ليس لديهم لا الصبر ولا الوقت لهذا, لذا يكونوا جماعات بعشوائيه من أربعه و يدفعوهم نحو الصناديق.

هنا يكتشف كونر مدى قربه الخطير من رونالد.. و هى ليست مصادفه,لقد تحرك رونالد بالقرب منه عن عمد ,كونر بإمكانه فقط تخيل الأمر,مكان مظلم و مغلق ... لو هو فى حاويه مع رونالد,فهذا يعنى أنه سيموت قبل الإقلاع.

يحاول كونر الابتعاد,لكن الفاتيجز يمسكوا برونالد وكونر واثنان من معارف رونالد,:”أنتم الأربعه,تلك الحاويه هناك!”

يحاول كونر ألا يبدى ذعره..هو لا يريد أن يراه رونالد.كان عليه تجهيز سلاح خاص به,كالذى يخفيه رونالد بالتأكيد.
كان عليه التحضير لحتميه مواجهه حياه أو موت,لكنه لم يفعل,و الآن اختياراته محدوده.

لا وقت للتفكير مليا فى الأمر,لذا يترك دوافعه تتحكم فى الموقف و يترك العنان لغريزته القتاليه ..يلتفت لأحد أتباع رونالد و يلكمه فى وجهه بقوه كافيه لظهور دماء,ربما حتى كسر أنفه.قوه الضربه تطيح باتزان الفتى,لكن حتى قبل أن يرجع بضربه مضاده,أحد الفاتيجز يمسك كونر و يدفعه نحو الجدار الأسمنتى ..الفاتيج لا يعلم الأمر,لكن هذا تماما ما أراده كونر.!

“لقد اخترت اليوم الخاطئ يا فتى لفعل ذلك!”يقول الفاتيج,ممسكا به نحو الجدار ببندقيته.
“ماذا ستفعل,تقتلنى؟لقد اعتقدت أنكم تحاولون إنقاذنا.”
تعطى الجملة وقت للفاتيج ليفكر.
“يااه!”يناديه فاتيج آخر.”فلتنس أمره!علينا تحميلهم.”ثم يمسك فتى آخر لإكمال الرباعى مع رونالد و أتباعه,مرسلا إياهم نحو الحاويه.هم لا يهتموا حتى بأنف الفتى النازفه.

الفاتيج الممسك بكونر نحو الحائط ينظر إليه باحتقار.”كلما أسرعت بالذهاب للحاويه كلما اقتربت لأن تكون مشكله شخص آخر.”
“جوارب جميله,”يقول كونر.

يضعوا كونر فى حاويه أربعه فى ثمانيه تحتوى بالفعل على ثلاثه أولاد منتظرين استكمال عددهم. تم إغلاق الحاويه حتى قبل أن يرى من بالداخل معه,لكن مادام رونالد ليس أحدهم ,فلا بأس.!

“جميعنا سنموت هنا,”يقول صوت أخنف,متبوع باستنشاقه رطبه للهواء,لا يبدو أنها أزالت أى شئ فى مجرى الهواء, كونر يعرف هذا الفتى من مخاطه. ليس متأكدا من اسمه, الجميع فقط يطلقوا عليه “المتنفس من فمه”,بما أن أنفه مكتومه بشكل دائم .. (إمبى),كاختصار...هو الذى كان دائما يقرأ الكتاب الهزلى المصور بهوس,لكن لا يمكنه فعل هذا هنا بالطبع!.

“لا تقل هذا,”يقول كونر,:”لو أراد الفاتيجز قتلنا,كانوا سيفعلوها منذ وقت طويل.”
المتنفس من فمه لديه رائحه نفس كريهه تملأ الحاويه بأكملها.”ربما تم اكتشافهم, ربما شرطه الأحداث فى طريقها,و الوسيله الوحيده لإنقاذ أنفسهم هى بتدمير الدليل!”

كونر لديه تحمل قليل للمتذمرين .. مما يُذكره بشده بأخيه الصغير.الابن الذى قرر والداه الاحتفاظ به ,:”اخرس يا امبى,وإلا أقسم أننى سأنزع جوربى,وأحشره فى فمك القذر,و حينها أخيرا سيكون عليك ايجاد طريقه للتنفس من أنفك!”
“اعلمنى إن احتجت لجورب آخر,”يقول صوت من أمامه.”مرحبا,كونر..أنه أنا هايدن.”
“مرحبا هايدن,”,يمد كونر يده و يجد حذاء هايدن,يضغط عليه..أقرب ما يكون لتحيه فى هذا الظلام الدامس.”إذا,من المحظوظ رقم أربعه؟”..
لا إجابه.
“يبدو أننا نسافر مع محاكاه.”, ثم صمت طويل,و يسمع كونر صوت عميق رخيم,:“دييجو.”
“دييجو لا يتكلم كثيرا”,يقول هايدن.
“اكتشفت.”

ينتظروا فى الصمت الذى لا يقطعه سوى شخير المتنفس من فمه.
“على الذهاب للحمام,”يتمتم إمبى.
“كان عليك التفكير فى هذا مسبقا,”يقول هايدن,واضعا أفضل نبره يمتلكها للصوت الأمومى ,:”كم مره علينا أن نخبرك؟دائما استخدم البوتى قبل الصعود لحاويه شحن.”

يوجد نوع ما من النشاط الميكانيكى بالخارج,ثم يحسوا بتحرك الحاويه.
“لا يعجبنى هذا”,يتذمر إمبى.
“يتم تحريكنا”,يقول هايدن.
“بواسطه رافعه,على الأرجح.”يقول كونر,
الفاتيجز قد ذهبوا منذ فتره الآن.ماذا كان الذى قاله أحد الفاتيجز؟ ما أن تكون فى الحاويه,فأنت مشكله شخص آخر.أيا من تم استئجاره لينقلهم,على الأرجح فهو لا يملك أدنى فكره عما بداخل الصناديق ...
قريبا سيصبحوا على متن أحد الطائرات ,متجهون نحو واجهه غير معلنه.
تلك الفكره تجعله يفكر فى عائلته و رحلتهم للباهاماس,الرحله التى خططوا لها ما أن يتفكك كونر.يتسائل ما إن ذهبا بالفعل..مع هذا هل سيسافروا , حقا حتى بعد أن أصبح كونر آوول؟... بالتأكيد سيفعلوا ,كانوا يخططوا لها ما أن يتفكك,لذا لماذا سيوقفهم هروبه؟!
يااه,ألن يكون من الطريف لو كانوا يُشحنوا للباهاماس أيضا؟

“سنختنق!أنا أعرف هذا!”يُعلن الفتى المتنفس من فمه
“هلا خرست؟” يقول كونر,:”أنا متأكد أنه يوجد هواء أكثر مما يكفى هنا لجميعنا”
“كيف تعرف؟ أنا بالكاد أستطيع التنفس..و لدى ربو أيضا.بإمكانى التعرض لأزمه ربو هنا و الموت!”
“جيد,”يقول كونر ,:”شخص واحد أقل يتنفس الهواء.”
يُخرس هذا إمبى,لكن كونر يشعر بالسوء لما قاله للتو لذا يقول,:”لن يموت أحد ,فقط استرخى.”
ثم يقول هايدن,:”على الأقل فالموت أفضل من أن تتفكك.أم, هل العكس؟ لنأخذ الأراء..أتفضل الموت,أم يتم تفكيكك؟”
“لا تسأل أشياء كتلك!” يزجره كونر,:”لا أريد أن أفكر فى أيهما”, فى مكان ما خارج صندوق عالمهم الصغير,يسمع كونر صوت فوهه معدنيه تُغلق و يستطيع الشعور بالذبذبات فى قدميه بينما يتم تحركهم.
ينتظر كونر .. تشتعل المحركات و يشعر بالذبذبات فى قدميه.تم دفعه للوراء نحو الحائط بينما يُسرعوا.هايدن يسقط عليه,ويبتعد,معطيا هايدن مساحه كافيه ليكون مرتاحا.
“ماذا يحدث؟ماذا يحدث؟”يفزع إمبى.
“لاشئ.نحن فقط نُقلع.”
“ماذا!نحن على طائره؟”
يلف كونر عيناه,لكن الإيماءه تُفقد فى الظلام !
__________________________________________________ ______
زيركون :حجر كريم


قديم 06-03-2019, 11:08 PM
المشاركة 2
حسام الدين بهي الدين ريشو
مشرف منبر بـــوح المشـاعـر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء الرابع (متفكك)
نتابع معك بشغف
دام لك التميز والابداع

قديم 06-05-2019, 02:19 AM
المشاركة 3
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء الرابع (متفكك)

شكرا لك نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

قديم 06-05-2019, 02:27 AM
المشاركة 4
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء الرابع (متفكك)

***
الحاويه كالتابوت.الحاويه كالرحم.
قياسات الوقت الطبيعيه لا يبدو أنها تُطبق,و اضطرابات الرحله الغير متوقعه تملأ الفراغ المظلم بتوتر حاضر للأبد.

ما أن أصبحوا فى الهواء,الأربعه لا يتكلموا لفتره طويله جدا .. نصف ساعه, ساعه ربما.. يصعب القول!.
عقول الجميع محبوسه فى محاوله التمسك بنمط أفكارهم المبعثره.. ترتطم الطائره ببعض المطباط الهوائيه.كل ما حولهم يهتز مصدرا صخب.
يتسائل كونر إن كان هناك أولاد فى صناديق فوقهم,تحتهم,وفى كل جانب.لا يستطيع سماع أصواتهم إن كانوا موجودين.
ومن مكان جلوسه,يشعر أنهم الأربعه الوحيدون فى هذا العالم.

إمبى يريح نفسه بصمت.كونر يعرف لأن باستطاعته شم الرائحه..الجميع باستطاعته,لكن لا يقول أحد شيئا.ببساطه كان يمكن أن يكون أيا منهم.و اعتمادا على طول الرحله,مازال هذا احتمال وارد.

أخيرا,بعد ما مر كأنه الأبد,أكثرهم هدوءا يتحدث.
“متفكك,”يقول دييجو,:”أفضل أن ينتهى بى الأمر متفككا”
و بالرغم من مرور وقت طويل على طرح هايدن للسؤال,كونر يعلم فورا إلام يشير.هل تفضل الموت أو التفكك؟ كما لو تعلق السؤال فى الظلام الضيق طوال هذا الوقت,منتظرا أن يجاب عليه من أحد.
“ليس أنا,”يقول إمبى.”لأنه لو الفرد مات,فعلى الأقل سيذهب للجنه.”

الجنه؟يفكر كونر.على الأرجع سيذهبو للمكان الآخر.لأنه حتى أهلهم لم يهتموا بما يكفى للاحتفاظ بهم,فمن سيريدهم فى الجنه؟
“ما الذى جعلك تعتقد أن المتفككون لا يذهبوا؟”يسأل دييجو إمبى.
“لأن المتفككون ليسوا موتى حقا.مازالو على قيد الحياه...نوعا ما.أعنى,عليهم استخدام كل جزء مننا فى مكان ما,صحيح؟فهذا هو القانون.”
ثم يسأل هايدن السؤال.ليس فقط سؤال ... السؤال , فسؤاله هو الحرام الأكبر بين هؤلاء المؤشرون للتفكك ,إنه ما يفكر به الجميع,لكن لا يجرؤ أحد على سؤاله بوضوح,:
“إذا,حينها,” يقول هايدن,:”إن كان كل جزء منك على قيد الحياه لكن بداخل شخص آخر.... هل ستكون حى أم ميت؟”

هذا,كما يعلم كونر,هو هايدن يمرر يده ذهابا و إيابا فوق شعله النار مجددا.قريبا بما يكفى ليشعر بها,لكن ليس قريبا بما يكفى ليحترق.لكنها ليست يده فقط الآن, إنها أيدى الجميع,و الأمر يزعج كونر..
“الكلام يهدر الأكسجين” ,يقول كونر.,:“لنتفق فقط على ان التفكيك مقرف و لنتركه عند هذا الحد.”

يخرس الجميع,لكن فقط لدقيقه ,إنه إمبى من يتحدث تاليا ,:“لا أعتقد أن التفكيك سئ, أنا فقط لا أريده أن يحدث لى.”
كونر يريد تجاهله لكن لا يقدر.إن كان يوجد شئ واحد لا يستطيع كونر تحمله فهو متفكك يدافع عن التفكيك,:”إذا لا بأس به لو حدث معنا لكن ليس إن حدث معك؟”
“أنا لم أقل هذا.”
“بلى,فعلت”
“أوووه,”يقول هايدن.”هذا يصبح مثيرا.”
“هم يقولوا أنه لا يؤلم,”يقول إمبى... كما لو كان فى هذا عزاء.!
“نعم.”يقول كونر.”حسنا,لما لا تذهب و تسأل قطع همفرى دانفى كم كان الأمر مؤلم؟”
يسكن الاسم كالصقيع حولهم.الاهتزازات و الاصطدامات تغدو أشد.
“إذا...لقد سمعت تلك القصه أيضا؟”يقول دييجو.
“فقط لأنه يوجد قصص كتلك,لا يعنى أن التفكيك كله سئ ”,يقول إمبى.
”إنه يساعد الناس.”
“أنت تبدو كعُشر,”يقول دييجو.

يجد كونر نفسه مهانا من هذا,:”لا هو لا يبدو كأحدهم.أنا أعرف عُشر..أفكاره ربما تكون خارجه عن الإطار,لكنه لم يكن غبيا.”
فكره ليف تجلب معها موجه من الأسى... لا يقاومها كونر...يتركها فقط تعبر خلاله,و تتلاشى بعيدا ,هو لا يعرف عُشر,لقد عرف واحد .. واحد قد قابل مصيره الآن بالتأكيد.
“هل تقول أننى غبى؟”يقول إمبى.
“أعتقد أننى فعلت.”
يضحك هايدن,”يااه,المتنفس من فمه على حق..التفكيك بالفعل يساعد الناس. فلولا التفكيك,كان سيكون هناك أشخاص صلعاء مجددا.. و ألن يكون هذا رهيبا؟”
يحمحم دييجو,لكن كونر ليس مستمتعا على ألإطلاق ,:”إمبى,لماذا لا تصنع لنا جميلا و تستخدم فمك فى التنفس بدلا عن الكلام حتى نهبط,أو نتحطم,أو أيا ما يكون.”
“ربما تعتقد أننى غبى,لكن لدى سبب جيد لما أشعر,”يقول إمبى,:”عندما كنت صغير,تم تشخيصى بالتليف الرئوى,كلا رئتاى كانت تتوقف عن العمل.كنت على وشك الموت.لذا قاموا بإخراج كلا من رئتاى المحتضرتان و أعطونى رئه وحيده من متفكك.السبب الوحيد أننى على قيد الحياه هو بسبب تفكك هذا الفتى.”
“إذا,”يقول كونر,”حياتك أكثر أهميه من حياته؟”
“قد تم تفككه بالفعل,ليس كما لو أننى سببته له.لو لم أحصل على تلك الرئه فكان سيحصل عليها شخص آخر.”
فى غضبه,صوت كونر يبدأ فى الارتفاع, بالرغم من كون إمبى على بعد خطوتين على اقصى تقدير,:“لو لم يوجد التفكيك,سيكون هناك جراحون أقل,و أطباء أكثر , لو لم يوجد التفكيك,سيعودوا لمحاوله شفاء الأمراض بدلا عن فقط استبدال الأشياء بآخرى من أشخاص آخرون.”
و فجأه صوت المتنفس من فمه يدوى بوحشيه تباغت كونر.
“فلتنتظر حتى تكون أنت الذى على وشك الموت و لنرى كيف ستشعر حول الأمر!”
“أنا أُفضل الموت على أن آخذ قطعه من متفكك!” يصرخ كونر مجيبا..
يحاول المتنفس من فمه أن يصرخ بشئ آخر,لكن يدخل فى نوبه من السعال تستمر لدقيقه كامله.تصبح سيئه للغايه,لقد فزع حتى كونر .. يبدو الأمر كما لو أنه سيسعل رئته المزروعه.
“أنت بخير؟” ,يسأل دييجو.
“أجل” ,يقول إمبى,محاولا أن يسيطر على الأمر.
“كما قلت,الرئه التى حصلت عليها لديها ربو.كانت أفضل ما بإمكاننا تحمل تكلفته.”
فى الوقت الذى انتهت فيه نوبه سعاله.بدا أنه لا يوجد شئ أكثر ليقال ,ماعدا هذا:
“لو مر والديك بكل تلك المشقه,”يسأل هايدن,”لماذا جعلاك متفكك؟”
هايدن و أسئلته.هذا السؤال يُسكت إمبى لعده دقائق ,من الواضح أنه موضوع ثقيل عليه...أثقل حتى مما عليه لبقيه المتفككين.
“والداى لم يوقعا الأمر,”يقول إمبى أخيرا.”والدى مات و أنا صغير,و والدتى توفت منذ شهرين.حينها أخذتنى عمتى,الأمر هو.. والدتى تركت لى بعض المال,لكن عمتى لديها ثلاثه أولاد لتدخلهم الجامعه..لذا...”
ليس عليه أن يُكمل.الآخرون بإمكانهم إيصال النقط.
“يا رجل,هذا بشع” ,يقول دييجو.
“صحيح,”يقول كونر,غضبه نحو إمبى الآن انتقل إلى عمته.
“إنه دائما عن المال,”يقول هايدن.:”حينما انفصل والداى,تقاتلا حول المال حتى لم يتبق شيئا ,ثم تقاتلا حولى.لذا هربت قبل ألا يتبقى منى شيئا أيضا.”

يهبط الصمت مجددا.لا يوجد ما يُسمع سوى صوت دندنه المحرك,وصخب الصناديق.

الهواء رطب و أن تتنفس هى معاناه فى حد ذاتها .
كونر يتسائل ما إن أخطأ الفاتيجز فى حساب كميه الهواء التى يملكونها.(جميعنا سنموت هنا)هذا ما قاله إمبى.
يخبط كونر رأسه بقوه على الجدار خلفه.آملا أن الخبطه تُحل الأفكار السيئه المتشبثه بعقله ... هذا ليس مكان جيد لتكون فيه بمفردك مع أفكارك ,ربما لهذا السبب يشعر هايدن أنه مجبر على التكلم,:“لم يجب أحد على سؤالى,”يقول هايدن.:”يبدو أن لا أحد يملك الشجاعه.”
“أى واحد؟”يسأل كونر.”لديك أسئله تخرج منك مثل الضراط فى عيد الشكر.”
“كنت أسأل ما إن كان سيقتلك التفكيك أم يتركك حيا بطريقه ما.هيا..ليس كما لو أننا لم نفكر فى الأمر.”
إمبى لا يقول شيئا.تم إضعافه بالتأكيد من السعال و المجادله.وكونر ليس مهتم بالمشاركه أيضا.
“الأمر يعتمد,”, يقول دييجو.:”يعتمد على مكان وجود روحك ما أن يتم تفككك.”
فى الطبيعى فكونر سيمشى بعيدا عن محادثه مثل تلك.فحياته كلها كانت عن الأشياء الماديه,أشياء تستطيع رؤيتها,سماعها ولمسها, أما الرب والأرواح..و كل ذلك كان دائما مثل سر فى صندوق أسود لم يستطع أن يرى خلاله,لذا كان من الأسهل فقط أن يتركه وحده.
فقط الآن.. هو بداخل هذا الصندوق الأسود.
“ماذا تعتقد يا كونر؟”يسأل هايدن,: “ماذا يحدث لروحك حين تتفكك؟”
“من قال أن لدى واحده؟”
“لأجل خاطر النقاش,فلنقل أن لديك.”
“من قال أنى أريد النقاش؟”
“إيجولى*! فقط اعطه إجابه يا رجل,و إلا لن يتركك وشأنك.”
يتشنج كونر,لكن لا يستطيع التشنج خارجا من الحاويه.”كيف من المفترض بى أن اعرف ما يحل بها؟ ربما يتم تفتيتها كبقيتنا إلى حفنه من الأجزاء الصغيره.”
“لكن الروح ليست كذلك,”يقول دييجو.”إنها خفيه.”
“لو هى خفيه,”يقول هايدن,”ربما روح المتفكك تتمدد,مثل بالون عملاق بين كل تلك الأجزاء فى أماكن مختلفه .. شاعرى للغايه.”

ربما يجد هايدن فى الأمر شاعريه.لكن الفكره لكونر مرعبه,يحاول أن يتخيل نفسه متمدد فى صوره رفيعه و عريضه لتصل حول العالم,يتخيل روحه كشبكه منسوجه بين الآلاف من المستقبلين ليده و عيناه وقصاصات عقله..لا شئ منها تحت سيطرته بعد الآن,كلها ممتصه فى أجساد و إرادات الأخرون..!
هل يمكن أن يتواجد الوعى هكذا؟..يفكر فى سائق الشاحنه الذى قام بخدعه ورقيه بيد المتفكك ,هل الفتى الذى امتلك تلك اليد مازال يشعر بإشباع تنفيذ الخدعه؟,هل مازالت روحه كامله لسبب مجهول,مع العلم أن لحمه قد تم خلطه كأوراق اللعب.
أم هل تم تمزيقه لما يفوق كل أمل للوعى.. لما وراء الجنه ,لما وراء الجحيم .. لما وراء أى شئ أبدى؟!

لا يعلم كونر سواء تواجدت الأرواح أم لا ,لكن الوعى يوجد ,هذا شئ يعرفه بالتأكيد. لو كل جزء من المتفكك مازال حيا,إذا فهذا الوعى عليه الذهاب لمكان ما,أليس كذلك؟
يسب هايدن بصمت لجعله يفكر فى الأمر,لكن هايدن لم ينتهى بعد.!
“ها هى جلطة دماغيه لأجلكم” يقول هايدن,”لقد عرفت فتاه فى موطنى.كان بها شيئا يجعلك تريد الاستماع لما تقوله.لا أعرف إن كانت جيده فى التركيز,أم كانت فقط مضطربه العقل ,لقد اعتقدت أنه لو تم تفكيك شخص,إذا فهو لم يمتلك روحا فى البدايه ,قالت أن الرب بالتأكيد يعلم من الذى سيتم تفكيكه,و هو لا يعطيهم روح.”

يُظهر دييجو اعتراضه.”لا يعجبنى وقع هذا.”
“الفتاه أحاطت بالفكره من كل جهه فى عقلها” ,يُكمل هايدن,:”اعتقدت أن المتفككون مثل الغير مولودين.”
“انتظر لحظه” ,يقول إمبى,كاسرا صمته أخيرا,:”الغير مولودين لديهم أرواح. لديهم أرواح منذ لحظه تكوينهم...هكذا ينص القانون.”

لا يريد كونر الدخول فى الأمر مجددا مع إمبى,لكن لا يستطيع إيقاف
نفسه ,:”فقط لأن القانون ينص عليه,هذا لا يجعله حقيقى.”
“أجل,حسنا,فقط لأن القانون ينص عليه,هذا لا يجعله خاطئ أيضا.هو قانون فقط لأن عدد كبير من الناس فكروا فيه و قرروا أنه منطقى.”
“ممم” ,يقول دييجو ,:”المتنفس من فمه لديه وجهه نظر.”

ربما الأمر هكذا,لكن مما يراه كونر,فوجهه النظر عليها أن تكون أكثر حده من ذلك,:”كيف يمكنك تمرير قانون عن أشياء لا يعلمها أحد؟”
“هم يفعلوا طوال الوقت,”يقول هايدن ,:”فهذا هو القانون:افتراضات علميه عن الصواب و الخطأ.”
“وما ينص عليه القانون لا بأس به لدى.” ,يقول إمبى.
“لكن لو لم يوجد القانون,هل مازلت ستصدقه؟” ,يسأل هايدن,:”فلتشاركنا رأى شخصى يا إمبى.اثبت أنه يوجد شئ عدا المخاط فى قحفك.”
“أنت تضيع وقتك,”يقول كونر.”لا يوجد.”
“اعط صديقنا المحتقن فرصه” ,يقول هايدن.
و ينتظروا...
صوت المحرك يتغير.
كونر يستطيع الشعور ببطء حركتهم,و يتسائل إن كان يشعر به الآخرون أيضا. ثم يقول إمبى,:“الأطفال الغير مولودين.... هم يمصو إبهامهم أحيانا,صحيح؟و يركلوا.
ربما قبل هذا هم فقط مجموعه من الخلايا أو شئ ما,لكن ما أن يبدأوا فى الركل و الامتصاص,حينها يمتلكون روح.”
“جيد لك!” ,يقول هايدن:”رأى! علمت أنك ستقدر على فعلها.”

رأس كونر يبدأ بالدوران.هل كانت حركه الطائره أم قله الأكسجين؟
“كونر,العدل عدل...إمبى قد وجد رأى فى مكان ما فى مادته الرماديه المشكوك فيها.الآن عليك إبداء رأيك.”
يتنهد كونر,ليس لديه القوه ليقاتل بعد الآن .. ويُفكر فى الرضيعه التى شاركها مع ريسا لوهله ,:”لو يوجد شئ مثل الروح.. و أنا لا أقول أنه يوجد.. إذا فهو يأتى حين يولد الطفل للعالم.قبل ذلك,هو فقط جزء من الأم.”
“لا هو ليس كذلك!” ,يقول إمبى.
“يااه..لقد أراد رأيى,و أنا أعطيته.”
“لكنه خاطئ!”
“أرأيت يا هايدن؟رأيت ما بدأت؟”
“أجل!”,يقول هايدن بحماس:”يبدو أننا على وشك الحصول على حرب هيرتلاند صغيره خاصه بنا.مؤسف أنه ظلام شديد فلا يتسنى لنا مشاهدتها.”
“لو أردت رأيي,فكلاكما خاطئ,” يقول دييجو:”فكما أرى الأمر,فليس له علاقه بأى من هذا .. إنه يتعلق بالحب.”
“أووه-أووه,” يقول هايدن:”دييجو يصبح رومانسيا.أنا سأتحرك للناحيه الأخرى من الحاويه.”
“لا أنا جدى.الشخص لا يملك روح حتى يُحَب ,لو الأم تحب طفلها..و تريد طفلها..فلديه روح منذ معرفتها بوجوده .. فى لحظه حصولك على الحب,حينها تمتلك روح.بونتو*!”
“ماذا؟”,يقول كونر:”حسنا,ماذا عن كل هؤلاء الأطفال الستورك..أو كل هؤلاء الأولاد فى مدارس الولايه؟”
“عليهم أن يأملو أن يحبهم أحد يوما ما.”
ينحر كونر رافضا,لكن رغما عن نفسه,لا يمكنه إبعاد الأمر كليا .. تماما كما لا يمكنه إبعاد الأشياء الأخرى التى سمعها اليوم.
يُفكر فى والديه. هل أحباه قط؟,بالتأكيد فعلا حينما كان صغيرا.و فقط لأنهم توقفا,هذا لا يعنى أن روحه قد سرقت منه....مع أنه فى بعض الأحيان يشعر كما لو أن الأمر كذلك ,أو على الأقل,جزء منه قد مات حين وقع والديه الأمر..!
“دييجو,هذا لطيف حقا,” يقول هايدن فى أفضل نبره ساخره لديه:”ربما عليك كتابه بطاقات المعايده.”
“ربما على كتابتهم على وجهك.”
هايدن يضحك فقط.
“أنت دوما تسخر من آراء الأخرين,”يقول كونر,:”لذا كيف لا تعطى رأيك الخاص أبدا؟”
“صحيح,”يقول إمبى.
”أنت دائما تلعب بالناس لترفيهك.الآن هو دورك لترفه عنا” ,يقول كونر
“صحيح,”يقول إمبى.
“لذا اخبرنا,”يقول كونر,:”فى العالم وفقا لهايدن,متى نبدأ فى العيش؟” ... صمت طويل من هايدن,ثم يقول بهدوء و بصعوبه,:”أنا لا أعرف.”
يسخر امبى منه.”تلك ليست إجابه.”
لكن كونر يمد يده و يمسك بذراع إمبى ليسكته... لأن إمبى مخطئ,حتى مع أن كونر لا يستطيع رؤيه وجه هايدن,فبإمكانه سماع الحقيقه فى صوته.لم يوجد أى أثر للتملص فى كلمات هايدن... تلك كانت الحقيقه العاريه,خاليه من اسلوب هايدن الملتوى المعتاد ,ربما كانت أول شئ صادق حقا يسمعه كونر من هايدن.
”أجل,هى إجابه” ,يقول كونر:”ربما هى أفضل إجابه ضمننا.لو أن ناس أكثر استطاعوا الاعتراف بجهلهم حقا,ربما لم تندلع حرب هيرتلاند أبدا.”
يوجد صدمه ميكانيكيه أسفلهم. و يشهق إمبى.
“عده الهبوط.”يقول كونر.
“أه,صحيح.”
بعد عده دقائق سيكونوا هناك,أينما يكون هذا ال(هناك ), كونر يحاول تقييم المده التى كانو بها فى الجو.تسعون دقيقه؟ساعتين؟ لا يوجد دليل على الاتجاه الذين يحلقون نحوه.قد يهبطوا فى أى مكان.أو ربما إمبى كان محقا.
ربما يتم تحليقها عن بعد وهم فقط يتخلصون من الطائره بأكملها فى المحيط للتخلص من الدليل ... أو..ماذا لو كان الأمر أسوأ من هذا؟ ماذا لو.... ماذا لو....
“ماذا لو كان مخيم الحصاد فى نهايه الأمر؟”يقول إمبى.
تلك المره لا يخبره كونر أن يخرس,لأنه يفكر فى نفس الشئ..
إنه دييجو من يرد عليه.”لو كان هو,إذا أريد من أصابعى أن تذهب لنحات. ليستخدمهم فى صناعه شئ سيدوم للأبد.”
جميعهم يفكروا فى الأمر.
هايدن التالى فى الحديث.
“لو تم تفكيكى,”يقول هايدن,”أريد لعيناى الذهاب لمصور.. واحد يصور عارضات الأزياء. هذا ما أريد تلك العينان أن تراه.”
“شفتاى ستذهب لمغنى روك,”يقول كونر.
“تلك القدمان سيذهبان بالتأكيد للأوليمبيات.”
“أذناى لقائد أوركسترا.”
“معدتى لناقد طعام.”
“عضلات ذراعى لأحد لاعبى كمال الأجسام.”
“لا أتمنى جيوبى الأنفيه على أى أحد.”
و جميعهم يضحكوا على هذا بينما تلمس الطائره الأرض.

_________________________________
إيجولى : كلمه عاميه أسبانيه تعبر عن الاستنكار و الذهول
بونتو :تسديد هدف.

قديم 06-07-2019, 09:02 AM
المشاركة 5
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء الرابع (متفكك)
28- ريسا

ريسا لا تعلم ماذا حدث فى حاويه كونر.تفترض أن الفتيان سيتحدثو عن أشياء الفتيان,أيا ما كانت تلك الأشياء.
ليس لديها وسيله لمعرفه أن ما حدث فى حاويته هو إعاده تمثيل لما حدث فى حاويتها,و تقريبا فى كل الحاويات الأخرى على الطائره.

الخوف والهواجس وأسئله بالكاد تُسأل وقصص بالكاد تُحكى.
التفاصيل مختلفه بالتأكيد,كبقيه اللاعبون لكن الجوهر هو نفسه...لا أحد سيناقش تلك الأشياء مجددا,أو حتى يعترف أنه ناقشها على الإطلاق,لكن بسببها..روابط خفيه تم صياغتها.

ريسا تعرفت على فتاه سمينه منكبه على الدموع,وفتاه أنهت أول أسبوع فى الانسحاب من النيكوتين,وفتاه كانت وارد تابع للدوله,تماما مثلها..و أيضا مثل ريسا,ضحيه غير مقصوده لتخفيضات الموازنه.

اسمها تينا,الأخرون قالوا اسمائهم,لكن تينا الوحيده التى تتذكرها.
“نحن متماثلون تماما,” قالت تينا هذا أحيانا خلال الرحله,:”قد نكون توأم.”,حتى مع كون تينا أُمبر,ريسا عليها أن تعترف أن الأمر حقيقى.
إنه مريح أن تعلم بوجود آخرون هناك فى نفس الموقف,لكنه مزعج أيضا أن تفكر أن حياتها فقط نسخه من آلاف النسخ المتطابقه.! ,بالتأكيد فالمتفككون من منازل الولايات لديهم جميعا أوجه مختلفه,لكن بجانب ذلك,فقصصهم متماثله. لديهم حتى نفس الكنيه.
و فى نفسها شتمت أيا كان الذى قرر أن عليهم جميعا أن تكون كنيتهم وارد.. كما لو أن كونك أحدهم ليست وصمه عار بما يكفى.!

تهبط الطائره,و ينتظروا.
“ما الذى يأخذ كل هذا الوقت؟”تسأل فتاه النيكوتين بجزع :”لا يمكننى تحمل ذلك!”
“ربما يحركوننا إلى شاحنه,أو طائره أخرى,” تقترح الفتاه المكتظه.
“من الأفضل لهم ألا يفعلوا.”تقول ريسا ,:”لا يوجد هواء بما يكفى هنا لرحله أخرى.”

يوجد ضوضاء...شخص خارج الحاويه.”شششش!”تقول ريسا.
”اسمعوا.”وقع أقدام .. خبط.
هى تسمع أصوات,بالرغم من عدم تمكنها فهم ما يقال.ثم أحدهم يفتح قفل الباب بجانب الحاويه و يفتحه.
هواء ساخن و جاف يتسلل للداخل , الضوء الفضى لمكان التخزين على
الطائره يبدو مضيئا كضوء الشمس بعد ساعات من الظلام.
“هل الجميع بخير بالداخل؟”
هو ليس فاتيج..ريسا بإمكانها المعرفه على الفور ,الصوت أصغر ..
“نحن بخير,”تقول ريسا.”هل بإمكاننا الخروج من هنا؟”
“ليس بعد.علينا فتح الصناديق الأخرى كلها أولا و نعطى الجميع بعض الهواء النقى.”
مما بإمكانها رؤيته,هذا فقط فتى فى عمرها,ربما حتى أصغر.!
يرتدى قميص دون أكمام لونه بيج و بنطال كاكى ,هو متعرق و وجنتيه مسمرتان من الشمس.لا,ليست سمره فقط..محروقان من الشمس.

“أين نحن؟”تسأل تينا.
“المقبره,”يقول الفتى,و يتحرك للحاويه التاليه.

***

بعد عده دقائق كانت الصناديق مفتوحه كليا,و هم أحرار.
تأخذ ريسا بعض الوقت لتنظر لرفيقاتها فى السفر.الثلاث فتيات يبدون مختلفون بصوره كبيره عن ذاكرتها عنهم أول ما التقوا.
أن تتعرف على أحد فى الظلام الدامس يغير من انطباعك عنهم.الفتاه السمينه ليست بالضخامه التى اعتقدتها ريسا,وتينا ليست بذاك الطول,و فتاه النيكوتين لا تقترب حتى من القبح..!
يوجد سلم ينزل من مقصوره الطائرة,و ريسا عليها أن تنتظر دورها فى الصف الطويل من الأولاد المغادرون للصناديق.
الشائعات تحوم بالفعل.تحاول ريسا الاستماع و تمييز الحقيقه من الخيال.
“حفنه من الأولاد ماتوا.”
“مستحيل.”
“سمعت أن نصف الأولاد ماتوا.”
“مستحيل!”
“انظر حولك يا غبى!هل يبدو أن نصفنا قد مات؟”
“حسنا,لقد سمعت فقط.”
“لقد كانت حاويه واحده فقط مات من فيها.”
“أجل,أحدهم يقول أنهم فُزعوا و أكلوا بعضهم...أتعلم,كحزب دونر*.”
“لا,هم فقط اختنقوا.”
“كيف تعرف؟”
“لأننى رأيتهم يا رجل.تماما فى الحاويه المجاوره لى.كان يوجد خمس أفراد بدلا عن أربعه,وجميعهم اختنقوا.”

تلتفت ريسا للفتى الذى قال هذا.”هل هذا حقيقى حقا أم أنك تختلقه؟”

ريسا بإمكانها المعرفه من النظره المشوشه على وجهه أنه صادق,”أنا لن أمزح حول شئ كهذا.”
ريسا تبحث عن كونر,لكن محيط رؤيتها محدد بالأولاد القليلين حولها فى صف. تحسب حساباتها بسرعه.
يوجد حوالى ستون فرد,اختنق منهم خمسه.
احتماليه واحد من اثنى عشر أن يكون كونر منهم.لا...لأن الفتى الذى رأى بداخل الحاويه قال أن جميعهم كانو أولاد. يوجد ثلاثون ولد بالإجمال.إذا احتمال واحد من سته أنه كونر ... هل كان من أخر الواصلين؟هل تم دفعه لحاويه ممتلئه؟ لا تعرف.!
لقد كانت هائجه جدا حين تم تحميلهم هذا الصباح.قد كان من الصعب بما يكفى أن تهتم بنفسها,فما بالها بأى شحص آخر.
(أرجوك, يا الله,لا تدع كونر يكون منهم.لا تدع كونر يكون منهم).
فكلماتها الأخيره له كانت غاضبه.مع كونه قد أنقذها من رونالد,كانت حانقه عليه, صرخت (اخرج من هنا!),لم تستطع تحمل فكره موته مع كون تلك الكلمات كأخر ما قالتها له. فقط, لم تستطع تحمل فكره موته.

تخبط رأسها فى فتحه الحاويه المنخفضه بينما تتجه للخارج.
“انتبهى لرأسك,”يقول أحد الأولاد المسئولين.
“أجل,شكرا,” تقول ريسا.
يبتسم لها.هذا الفتى أيضا مكتسى بملابس للجيش,لكنه هزيل للغايه ليكون بويف حربى.:”ما أمر الملابس؟”
“فائض حربى,” يقول,:”ملابس مسروقه لأرواح مسروقه.”
خارج الحجز,ضوء النهار ساطع جدا و الحراره تستقبل ريسا كالفرن.
المنحدر تحتها ينزلق للأرض,و يجب عليها أن تحدق فى قدميها,بعيون شبه مغلقه حتى لا تتعثر.
بالوقت الذى تصل فيه للأرض,عينها قد تأقلمت بما يكفى لتستوعب محيطها.
فى كل مكان حولهم, يوجد طائرات,لكن لا يوجد دليل على وجود مطار..فقط طائرات ... صف تلو الأخر, على بعد رؤيه عينها.
الكثير يتبع شركات طيران لم تعد موجوده !,تلتفت لترى الطائره التى وصلوا على متنها.تحمل علامه فيدكس,لكن تلك الطائره هى نموذج مهترئ.يبدوا أنه جاهز لساحه الخرده .. أو,تُفكر ريسا (للمقبره)...

“هذا جنونى,”يتمتم فتى بجانب ريسا.”الأمر ليس أن تلك الطائرة خفيه,هم سيعرفوا أين بالتحديد قد ذهبت الطائره.سيتم تعقبنا لهنا!”
“ألا تستوعب؟” تقول ريسا,:”تلك الطائره تم تسريحها من الخدمه.هكذا يفعلونها, ينتظروا طائره على وشك التسريح.ثم يضعونا كأننا حموله.تلك الطائره كانت فى طريقها لهنا على أيه حال,لذا لن يفتقدها أحد.”

تسكن الطائره فى منطقه متشققه قاحله من أرض مهجوره... جبال حمراء بعيده تظهر من الأرض.هم تقريبا فى الجنوب الغربى.
يوجد خط من الحمامات المتنقله الذى يقف أمامها صفوف من الأولاد المتوترين.

الأولاد الراعون لهم يعدو الرؤوس و يحاولوا الحفاظ على النظام فى الجماعات المشوشه.أحدهم لديه مكبر صوت:
“أرجوكم ابقوا تحت الجناح لو لن تستخدمو المرحاض,” يُعلن,:”لقد نحجتم للوصول لهذا الحد,نحن لا نريدكم أن تموتوا بسبب ضربه شمس.”
الآن,بعد خروج الجميع من الطائره,ريسا تبحث الحشد بيأس حتى تجد كونر أخيرا. (الحمد لله! ) تريد أن تذهب إليه,لكن تتذكر أنهم قد أنهوا رومانسيتهم المزيفه علنا.
بوجود عشرات الأولاد بينهم,تتقابل أعينهم بصوره وجيزه,و يتبادلا إيمائه سريه.تلك الإيمائه تقول كل شئ ,تقول أن ما حدث بينهم أمس أصبح تاريخ ,و اليوم,كل شئ يبدأ من جديد...

ثم ترى رونالد هناك أيضا.يقابل عينيها و يعطيها ابتسامه.تلك الابتسامه تقول أشياء أيضا.. وتنظر بعيدا,متمنيه لو كان موجود بداخل حاويه الاختناق.
تفكر أن تشعر بالذنب لتلك الأمنيه الشريره,ثم تُدرك أنها لا تشعر بالذنب على تمنيها على الإطلاق.!

عربه جولف صغيره تأتى عبر صفوف الطائرات,مخلفه ورائها ذيل من التراب الأحمر. سائقها فتى.لكن الراكب واضح أنه فرد فى الجيش.ليس فقط متخفيا فى زى الجيش,هو حقيقى..
بدلا عن الأخضر أو الكاكى,يرتدى الأزرق السماوى.يبدو معتادا على الحراره, حتى بداخل زيه الحار,فهو لا يبدو متعرقا.

تتوقف العربه أمام القطيع المتجمع من الهاربون من شرطه الأحداث. و يترجل السائق أولا,و ينضم للأولاد الأربعه الذين كانوا يقودوهم.
الفتى الصاخب يرفع مكبر الصوت.:”هلا حظيت على انتباهكم! الأدميرال على وشك مخاطبتكم.لو تعلموا الأفضل لكم,فستستمعوا.”
ينزل الرجل من عربه الجولف.و يعطيه الفتى مكبر الصوت,لكنه يرفضه.فصوته لا يحتاج مكبرات ,:“أريد أن أكون أول من يرحب بكم فى المقبره.”

الأدميرال فى منتصف الستينات,و وجهه ملئ بالندوب.فقط الآن قد أدركت ريسا أن زيه كان يستخدم وقت الحرب.لا تتذكر إن كانت تلك الألوان تابعه لقوى أنصار الحياه أم أنصار الاختيار,لكن حينها,الأمر لا يهم حقا.فكلا الطرفان قد خسرا.

“سيكون هذا منزلكم حتى تُتموا الثامنه عشر أو حتى نحصل على راعى دائم مستعد لتزييف هويتكم ,لا تُخطئوا الأمر,فما نفعله هنا غير قانونى للغايه,لكن هذا لا يعنى أننا لا نتبع قاعده القانون. قانونى أنا .”
يتوقف, و ينظر فى أعين العديد من الأولاد بقدر استطاعته.ربما هدفه هو أن يتذكر كل وجه قبل أن ينتهى من خطبته.
عيناه حاده, و ذكائه متقد.
ريسا تعتقد أنه يستطيع معرفه كل واحد فيهم بنظره خاطفه سريعه.
لن يتم إهمال أحد فى عالم الأدميرال.!

“جميعكم قد تحددتم للتفكيك لكن نجحتم فى الهرب,و.. بمساعده العديد من شركائى,وجدتم طريقكم لهنا , لا أهتم من كنتم..لا أهتم من ستكونوا حين ترحلو من هنا.كل ما أهتم به هو أنتم بينما تكونوا هنا...و بينما أنتم هنا,ستفعلوا ما هو متوقع منكم.”

ترتفع يد فى الحشد.إنه كونر.ريسا تتمنى لو لم يكن هو.يأخذ الأدميرال وقت لدراسه وجه كونر قبل أن يقول,:”نعم؟”
“إذا....من تكون أنت,بالتحديد؟”
“اسمى هو شأنى.يكفى أن أقول اننى أدميرال سابق فى بحريه الولايات المتحده ”, ثم يبتسم.:”لكن الآن تستطيع القول أننى سمكه خرجت من الماء.الجو السياسى الحالى حال إلى استقالتى ... نص القانون على أن أنظر للجهه الأخرى, لكن لم أفعل.. لن أفعل.” ثم التفت للجمهور و قال بصوت مرتفع,:”لا أحد سيتم تفكيكه فى مناوبتى.”
هتافات من كل المتجمعين,من ضمنهم الأولاد فى الملابس الكاكيه الذين كانوا أصلا جزءا من جيشه الصغير.

يبتسم الأدميرال ابتسامه واسعه.ابتسامته تكشف عن أسنان متساويه تماما,ناصعه البياض,إنه تعارض غريب,لأنه.. بينما أسنانه تلمع,فبقيته يبدو بالياً حتى النخاع.

“هنا نحن مجتمع , ستتعلموا القواعد و سوف تتبعوها,و إلا ستواجهوا العواقب, تماما كأى مجتمع .. تلك ليست ديموقراطيه.إنها ديكتاتوريه.أنا ديكتاتوركم.إنها مسأله ضروره.إنها الوسيله الأكثر فعاليه لابقائكم فى الخفاء,أصحاء,و بأكملكم.”
ثم يبتسم تلك الابتسامه مجددا.”أحب أن أعتقد أننى ديكتاتور خيرى,لكن بإمكانكم صنع هذا الحكم بأنفسكم.”

بحلول الآن, فنظرته قد تنقلت عبر الحشد بأكمله.جميعهم يشعروا أنه تم فحصهم مثل البقاله على صندوق الحساب. فحص و تعبئه.

“اليوم ستنامون فى مسكن الوافدون الجدد.غدا سيتم تقييم مهاراتكم,وسيتم توزيعكم على فرقكم الدائمه ,مبروك ... لقد وصلتم !”

يأخذ دقيقه لجعل الفكره الأخيره تترسخ,ثم يلتفت لعربه الغولف و يرحل بعفويه, بنفس السحاب الأحمر من التراب منفوث خلفه.
“أمازال يوجد وقت للعوده للحاوية؟”يقول أحد الأولاد المتحاذقين. وبعض الأولاد يضحكوا.

“حسنا,اسمعوا,” يهتف الفتى صاحب المكبر.
“سنمشى حتى طائره المؤن,حيث ستحصلوا على الملابس و حصصكم,وكل شئ آخر قد تحتاجونه.”

هم سريعون فى اكتشاف أن فتى المكبر اكتسب لقب (آمب).أما عن سائق الأدميرال, فقد علق مع لقب (جييفز).

“إنها مسيره طويله,”يقول آمب.”لو لن يفلح أحدكم فيها,اعلمونا.أى شخص يحتاج الماء الآن,ارفعوا أيديكم.”
تقريبا كل الأيادى ترتفع.
“حسنا,اصطفوا هنا.”
تصطف ريسا مع بقيتهم.يوجد غمغمه و همس فى صف الأولاد,لكنها ليست قرب البؤس الذى كانت عليه فى الأسابيع الماضيه .. الآن,إنها تشبه غمغمه الأولاد فى طابور الغذاء المدرسى.!

بينما يُقتادوا ليتم إطعامهم و إلباسهم, الطائره التى أحضرتهم هنا تم قطرها لمكان استقرارها الأخير فى ساحه الخردوات الكبيره.

فقط الآن تأخذ ريسا نفس عميق و تُخرجه,مع قلق شهر بأكمله.
فقط الآن تسمح لنفسها بالرفاهيه الرائعة المصاحبه للأمل.
__________________________________________________ _
حزب دونر : جماعة من المستوطنين فى طريقهم لاستعمار منطقه أخرى واجهوا صعوبات شديدة فى الطريق الوعره مما أدى لأكلهم رفقائهم اللذين ماتوا من الجوع وقاموا بتعليم قطع اللحم حتى لا يأكل أحد قريبة أو صديقة,وحين لم يجدوا من يأكلوه قاموا بقتل اثنان من الهنود الحمر حضروا لمساعدتهم. حيث رفضوا أكل لحوم البشر وكانوا هم الوحيدون ذو بشره غير بيضاء.

قديم 06-07-2019, 03:06 PM
المشاركة 6
العنود العلي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء الرابع (متفكك)
المشاهد والشخصيات تجعلنا نعيش القصة بكل أحداثها

موضوع جميل أستاذة إمتنان , تقبلي مودتي

وحيدة كالقمر
قديم 06-08-2019, 06:21 AM
المشاركة 7
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء الرابع (متفكك)
المشاهد والشخصيات تجعلنا نعيش القصة بكل أحداثها

موضوع جميل أستاذة إمتنان , تقبلي مودتي

شكرا لك نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

قديم 06-09-2019, 05:07 AM
المشاركة 8
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي نهاية الجزء الرابع
29-ليف

على بعد آلاف الأميال,ليف على وشك الوصول أيضا.لكن الوجهه ليست خاصته,إنها لسايرس فينش. (جوبلن,ميزورى.)
“موطن نسور جوبلن العاليه,المسيطرون فى بطولات الولايه لكره السله للبنات,” يقول سايفى.
“أنت تعرف الكثير عن هذا المكان.”
“أنا لا أعرف أى شئ عنه,”يتمتم سايفى,:”هو يعرف..أو كان يعرف,,أو أيا كان”

رحلتهم لم تصبح سهله.بالطبع لديهم مال الآن,فضلا لصفقه ليف فى متجر الرهانات, لكن المال جيد فقط فى شراء الطعام.لا يستطيع توفير تذاكر قطار لهم, ولا حتى تذاكر للحافله..لأنه لا يوجد أكثر ريبه من وجود قاصرون يدفعون ثمن تذكرتهم بأنفسهم.

كما يبدو فالأمور بين ليف و سايفى على وضعها,بوجود استثناء واحد كبير,غير منطوق.
سايفى قد لا يزال يلعب دور القائد,لكنه ليف هو من فى القياده.
يوجد لذه مليئه بالذنب فى معرفه أن سايفى سينهار لو لم يتواجد ليف ليلملم أشلائه.

بوجود جوبلين على بُعد عشرون ميل,فارتعاش ساى يصبح سيئا للغايه ,حتى يُصبح المشى صعبا عليه. إنه أكثر من مجرد ارتعاش الآن,إنه ارتعاد يهز جسده كنوبه صرع, تاركه إياه يرتجف.

يعرض ليف عليه معطفه,لكن ساى فقط يُبعده,:”أنا لست بارد! الأمر ليس عن الشعور بالبرد! إنه عن كونك خاطئا.عن وجود ماء و زيت فى هذا الدماغ بداخلى.”

ماذا سيفعل ساى بالتحديد حين يصل لجوبلين,هو لغز بالنسبه لليف_و الآن يدرك أن ساى لا يعرف أيضا_و أن تلك الأجزاء من ذاك الفتى فى دماغه تجبره على الفعل,إنه خارج استيعاب ساى.

ليف فقط بأمل أنه شئ هادف,وليس شيئا مدمر...بالرغم من عدم قدره ليف على صرف فكره أن أيا ما يريده هذا الفتى,فهو سئ .. سئ للغايه.

“لماذا مازلت معى يا فراى؟” ,يسأل سايفى بعد أحد نوباته الراجفه.:”أى شخص عاقل كان سيرحل من أيام.”
“من قال أننى عاقل؟”
“أوه,أنت عاقل, يا فراى.أنت عاقل للغايه,لدرجه تخيفنى.أنت عاقل للغايه,حتى أنه غير عقلانى.”

يُفكر ليف لوهله.هو يريد أن يعطى سايرس إجابه صادقه,ليس فقط شيئ لإبعاد السؤال.:”أنا باقِ,”يقول ليف ببطء,”لأن على أحد ما أن يشهد ما سيحدث فى جوبلين. على أحد ما أن يفهم لماذا فعلتها ,أيا كان الذى ستفعله.”
“أجل,”يقول سايفى.”أحتاج لشاهد.هذا هو الأمر.”
“أنت كسمكه سالمون تسبح ضد التيار,”يعرض ليف,:”إنه بداخلك أن تفعل هذا.وهو بداخلى أن أساعدك تصل إلى هناك”.
“سالمون.”يتمعن ساي الفكره.:”لقد رأيت ذات مره هذا الملصق عن السالمون. كان يقفز لأعلى من شلال,أتفهم؟لكن كان يوجد ذاك الدب على القمه,و السمكه, كانت تقفز مباشره فى فم الدب. الاقتباس تحت الصوره_كان من المفترض أن يكون طريفا_قال,رحله الألف ميل أحيانا تنتهى بسوء,بسوء شديد.”
“لا يوجد دببه فى جوبلين,” يُخبره ليف.
هو لا يحاول أن يُبهج ساى بأى مناظرات أخرى,لأن ساى ذكى للغايه,بإمكانه جعل أى شئ يبدو حزينا.!!

مائه و ثلاثون نقطه ذكاء,جميعهم مركزون على تحضير الدمار.
ليف لا يأمل أن يتنافس مع هذا.

تمر الأيام,ميل تلو الميل,مدينه تلو المدينه,حتى تلك الظهيره التى يعبروا بعلامه تقول,( الآن الدخول لجوبلين,السكان 45504)

30-ساى-تى

لا يوجد سلام فى عقل سايفى.فراى لا يدرك مدى سوء الأمر.فراى لا يعرف كيف تتلاطم المشاعر عليه كموجات تُحركها عاصفه على سور حاجز الأمواج الهش. الحاجز سوف ينهار قريبا,وحين يفعل,ساى سيفقده.
سيفقد كل شئ.عقله سيتدفق من أذنيه نحو بلاعات شوارع جوبلين.هو يعلم هذا.

ثم يرى العلامه,(الآن الدخول لجوبلين.)
قلبه ملكه,لكنه ينبض فى صدره مهددا بالانفجار,و ألن يكون هذا أمرا حسنا؟ سيهرعوا به إلى المشفى,يعطوه نابض شخص آخر,و سيكون لديه ذاك الفتى ليتعامل معه أيضا.!

هذا الفتى فى زاويه رأسه لا يُكلمه بالكلمات.
هو يشعر ,هو يُحاكى.هو لا يفهم أنه فقط جزء من فتى آخر ...تماما كالحلم,أنت تعرف بعض الأشياء,و أشياء أخرى عليك إدراكها ,لكنك لا تعرفها.
هو يعرف أين هو,لكنه لا يعلم أنه ليس هنا على الإطلاق.هو لا يعلم أنه جزء من شخص آخر الآن ,يظل يبحث عن أشياء فى عقل سايرس,أشياء ليست موجوده.
ذكريات,روابط .. يظل يبحث عن كلمات,لكن عقل سايرس يُشفر الكلمات بصوره مختلفه.و بالتالى يُخرج هذا الفتى غضب و رعب و أسى.!
موجات ترتطم بالحاجز,وتحت كل هذا,يوجد تيار يدفع ساي للأمام.شيئا ما يجب أن يُفعل هنا.
فقط الفتى يعرف ما هو.

“هل سيساعد لو امتلكنا خريطه؟”يسأل فراى.
يُغضب السؤال ساى.:”الخرائط لن تساعدنى” ,يقول.:”على أن أرى أشياء.على أن أكون فى أماكن.الخريطه فقط خريطه.إنها لا تعنى وصولنا هناك.”

يقفا فى زاويه فى أحد ضواحى جوبلين.
كالقفز فى الماء.لاشئ يبدو مألوفا.
”هو لا يعرف هذا المكان,”يقول ساي:”لنجرب شارع آخر.”

مجمع سكنى بعد الآخر,تقاطع بعد الآخر,نفس الأمر.لاشئ.جوبلين مدينه صغيره, لكنها ليس صغيره للغايه ليعرفها شخص بأكملها.
ثم,أخيرا يصلا إلى الشارع الرئيسى.يوجد متاجر ومطاعم أعلى و أسفل الطريق. تماما كأى مدينه أخرى فى نفس الحجم,لكن....
“انتظر!”
“ما الأمر؟”
“هو يعرف هذا الطريق ” يقول ساى,:”هناك!محل المثلجات هذا.أستطيع تذوق مثلجات اليقطين.أنا أكره مثلجات اليقطين.”
“سأراهن على أنه لم يكرهها.”
يومئ سايرس.”كانت المفضله لديه.ذاك الخاسر.” يشير بإصبعه إلى محل المثلجات و ببطئ يحرك ذراعه لليسار:”هو يأتى سيرا من هذا الاتجاه...” و يُحرك ذراعه لليمين,:”وحين ينتهى,يذهب لهذا الاتجاه.”

“اذا.. هل نتبع من أين يأتى,أم أين يذهب؟”
يُقرر ساي أن يذهب يسارا لكن يجد نفسه فى ثانويه جوبلين,موطن النسور.تأتيه صوره سيف,و فورا يعرف.:”المبارزه.هذا الفتى كان فى فريق المبارزه هنا.”
“السيوف لامعه,” يشير فراى. ساي كان سيرمقه نظرة ساخطه لولا لم يكن على حق تماما.
فالسيوف بالفعل لامعه. يتسائل ما إن سرق الفتى سيوف من قبل.و يكتشف أنه, نعم, على الأرجع قد فعل.! فسرقه سيوف الفريق المنافس هو تقليد يخلده الزمن فى المبارزه.
“هذا الطريق” ,يقول فراى, آخذا القياده.:”بالتأكيد قد ذهب من المدرسه,إلى محل المثلجات, للمنزل. المنزل هو حيث سنذهب,صحيح؟”

تأتى الإجابه لساي كرغبه قويه فى عقله تتجه مباشره نحو أمعائه.سالمون؟ بالأحرى أبو سياف مُغشى فى خط من الضباب,و ذاك الخط يسحبه بلا هواده نحو...
”المنزل,”يقول ساي.”صحيح.”

إنه الغسق الآن. الأولاد بالخارج فى الشارع. نصف السيارات مضيئه أنوارها الأماميه.
على حد علم أى شخص,فهم فقط طفلان من أطفال الحى,متجهون لأينما يتجه أولاد الحى... لا يبدو أن أحد يلاحظهم.لكن يوجد سياره شرطه على بُعد ناصيه. كانت مركونه,لكنها تبدأ بالتحرك الآن.

يعبروا محل المثلجات,وبينما يفعلا ذلك,سايرس يستطيع أن يشعر بالتغير بداخله.
إنه فى مشيته,و الطريقه التى يتحرك بها.إنه يجتاح كل نقاط التوتر على وجهه: إنهم يتغيروا. تنخفض حواجبه,فكه ينفتح قليلا. (أنا لست نفسى.ذاك الفتى الآخر يسيطر).أيجب على ساي أن يترك الأمر يحدث,أم يجب عليه أن يقاومه؟ لكنه يعرف أنه بالفعل قد تعدى مرحله المقاومه.
الوسيله المثلى لإنهاء هذا هو بتركه يحدث.

“ساي,”يقول الفتى بجواره.
ينظر ساي له,و بالرغم من أن جزء منه يعرف أنه ليس سوى ليف,فجزء آخر منه يهلع.
يدرك تلقائيا السبب.
يُغلق عيناه للحظه و يحاول إقناع الفتى فى رأسه أن فراى صديق,ليس تهديد.
يبدو أن الفتى يفهم,ويقل هلعه درجه.

يصل ساي لناصيه و يلتفت يسارا كما لو أنه فعل هذا مئات المرات.أما بقيته فترتجف بينما تحاول مجاراه فصه الصدغى المصمم.

الآن يساوره شعور متوتر,منزعج.هو يدرك أن عليه إيجاد طريقه لترجمته لكلمات.
“سوف أتأخر.سيصبحا غاضبان جدا,هم دائما غاضبان للغايه.”
“متأخر على ماذا؟”
“العشاء.عليهم تناوله تماما فى الوقت,و إلا سألقى الجحيم بسببه.بإمكانهم تناوله بدونى,لكنهم لن يفعلا,لا يفعلا.هم فقط يطهيان و يبرد الطعام.و هو خطأى, خطأى,دائما خطأى.لذا على أن أجلس هناك و هم يسألانى كيف كان يومى؟ لا بأس ... ماذا تعلمت؟ لاشئ ... ماذا فعلت سيئا تلك المره؟ كل شئ.”
إنه ليس صوته,إنها أحباله الصوتيه,لكنها مقامات مختلفه.لكنه مختلفه.كالطريقه التى كان سيتحدث بها لو أتى من جوبلين,موطن النسور.

بينما يلتفا عند ناصيه أخرى,ساي يلمح سياره الشرطه مجددا.إنها ورائهم,تتبع ببطء.
لا خطأ فى الأمر:إنها تتبع,وهذا ليس كل شئ...يوجد سياره شرطه أخرى أمامهم, لكن تلك السياره تنتظر فقط أمام أحد المنازل.منزله..منزلى.

بعد كلٍ ف(ساي) هو سمكه السالمون,و سياره الشرطه تلك هى الدب.لكن حتى مع هذا,لا يستطيع التوقف.
عليه أن يصل لهذا المنزل أو يموت وهو يحاول.

بينما يقترب من الممر الأمامى,يخرج رجلان من سياره تويوتا مألوفه مركونه عبر الشارع.إنهما الأبوان..ينظرا إليه,بالارتياح على وجههم,لكن أيضا الألم.
إذاً قد عرفا إلى أين كان سيذهب.هم بالتأكيد قد عرفا منذ البدايه.

“سايرس,”ينادى أحدهم.يريد أن يجرى عليهم,يريدهم فقط أن يأخداه للمنزل,لكنه يُوقف نفسه.لا يستطيع الذهاب للمنزل.ليس بعد.
كلاهما يسيران نحوه,يقفان فى طريقه,لكن بذكاء كافى ألا يقفا فى وجهه.
“على أن أفعل هذا,”يقول بصوت يعلم أنه ليس له على الإطلاق.

هنا حيث يقفز الشرطيان من سيارتهم و يمسكاه.هم أقوياء للغايه عليه ليحاول التملص منهم,لذا,ينظر لأبويه.”على أن أفعل هذا.”يقول مجددا,”لا تكونا الدب.”

ينظرا لبعضهما,غير فاهمان لقصده,لكن وقتها,ربما يفهمان,لأنهم يبتعدان جانبا و يقولا للشرطه,:”اتركاه يذهب.”
“هذا ليف,”يقول سايرس,مذهول أن فراى مازال مستعدا للمخاطره بأمانه ليقف بجوار ساي الآن.
“لا يزعجه أحد أيضا.”
الأبوان يأخذان لحظه للاعتراف بوجود فراى,لكن يعيدا انتباههم بسرعه لسايرس.

يُفتش الشرطيان ساي للتأكد أنه لا يحمل أى أسلحه,وعن رضى,يدعاه يذهب نحو المنزل.لكن..يوجد سلاح , إنه شئ حاد و ثقيل. حالا هو فقط فى زاويه عقله,لكن فى غضون دقائق لن يكون.
و الآن ساي خائف,لكن لا يستطيع أن يتوقف.

يوجد شرطى على الباب الأمامى يتكلم بنبره خافته لرجل و امرأه يقفان عند العتبه.ينظرا بتوتر لساى.
الجزء من ساي الذى هو ليس ساي يعرف هذا الثنائى اللذان فى منتصف العمر جيدا جدا, تصيبه صاعقه من المشاعر,حاده للغايه لدرجه إحساسه أنه سيحترق.

بينما يسير نحو الباب, الممر الحجرى يبدو أنه يتموج تحت قدميه كأرض منازل الملاهى. ثم أخيرا يقف أمامهم.يبدو الثنائى خائفا..مرتعبا.
جزء منه سعيد لذلك,جزء منه تعيس,و جزء منه يتمنى لو كان بإمكانه التواجد فى أى مكان آخر فى العالم,لكنه لا يعد يعلم لأين ينتمى أى جزء.
يفتح فمه ليتكلم, محاولا ترجمه مشاعره لكلمات.
“سلماه!” يُطالب:”اعطنى اياه يا أمى.اعطنى اياه يا أبى.”
تُغطى السيده فمها و تستدير ,و تُخرج دموع كما لو أنها اسفنجه فى قبضه محكمه.
“تايلر؟”يقول الرجل.”تايلر,أهذا أنت.”

إنها المره الأولى التى يمتلك فيها ساي اسم ليتماشى مع ذاك الجزء منه. (تايلر, صحيح.أنا سايرس,لكن أنا أيضا تايلر.أنا ساي-تاي.)
“اسرعا!” يقول ساي-تاي.:”اعطونى اياه...أحتاجه الآن!”
“ماذا يا تايلر؟,”تقول المرأه عبر دموعها,:”ماذا تريد منا؟”

يحاول ساي-تاي أن يقولها,لكن لا يقدر أن يأتى بالكلمه.لا يقدر حتى على تصور صوره صحيحه.إنه شئ.. سلاح.مازالت الصوره لا تأتى,لكن الفعل يأتى. هو يُقلد شيئا ما..يميل للأمام.
يضع أحد يديه أمام الأخرى.هو يحمل شيئا طويلا,يشير به لأسفل.يدفع كلا يديه لأسفل.
و الآن يعرف أن ما يسعى إليه ليس سلاح,إنها أداه.لأنه يفهم الفعل الذى يمثله.هو يحفر.
“مجرفه!”يقول بنفس فيه ارتياح.”أريد المجرفه.”
ينظر الرجل و المرأه لبعضهما.يومئ الشرطى بجوارهما,ويقول الرجل,”إنه بالخارج فى الكوخ.”
يتخذ ساي-تاي خط مختصر عبر المنزل خارجا من الباب الخلفى,و الجميع يلحق به:الثنائى,الشرطه,الأبوان,و فراى.

يتجه مباشرة للكوخ,يمسك بالمجرفه...لقد عرف تماما أين كانت..و يتجه نحو زاويه فى الباحه,حيث يخرج بعض الأغصان من الأرض ,تم ربط الأغصان على هيئه صلبان غير متوازنه.
ساي-تاي يعرف تلك الزاويه من الباحه.يشعر بهذا المكان فى أعماقه.هنا حيث دفن حيواناته الأليفه.هو لا يعرف أساميهم,ولا حتى أى الحيوانات كانوا,لكنه يشك أن أحدهم كان كلب ساطر.

يأتيه صور لما حدث لكل منهم.
تقابل أحدهم مع قطيع من الكلاب الشرسه.
آخر مع حافله,
الثالث,عمره الطويل.

يأخذ المجرفه و يدفعها فى الأرض,لكن ليس قريبا لأيا من قبورهم.هو لن يزعجهم أبدا ... أبدا.
بدلا,يدفع مجرفته فى الأرض اللينه على بعد ياردتان وراء القبور.
ينخر مع كل دفعه للجاروف,دافعا التراب للجانب.ثم.. على عمق قدمين فقط, تخبط المجرفه شيئا بصوت مكتوم , يهبط على أربعته و ينبش الأرض بيديه.

بعد إبعاد التراب,يمد يده,يمسك مقبض,ويشد, يشد, يشد حتى يخرج.
هو يحمل حقيبه عمل مبتله و مغطاه بالطين.يضعها على الأرض, وينقر القفلان بأصابعه ,ويفتحها.

فى اللحظه التى يرى فيها ما بالداخل,عقل ساي-تاي بأكمله يتوقف.هو متجمد فى إيقاف كلى للنظام. لا يستطيع أن يتحرك,أن يفكر ,لأن كله لامع للغايه,براق للغايه فى أشعه الشمس الحمراء المنحدره.
يوجد أشياء جميله عديده للنظر إليها,هو لا يستطيع التحرك.لكن عليه أن يتحرك. عليه أن يُنهى هذا.

يدس كلا يديه فى الحقيبه الممتلئه بالمجوهرات,يشعر بملمس سلاسل الذهب الناعمه تنزلق على يديه,يسمع جلجله المعدن على بعضه.
يوجد ماس و ياقوت,زيركون وبلاستيك.
الذى لا يقدر بثمن و الذى لا يُساوى شيئا,جميعهم مختلطون معا.هو لا يتذكر أين و متى سرق أيا منها,هو فقط يعلم أنه قد فعل.هو سرقها,اكتنزها و خبأها , وضعها فى قبره الصغير,ليستخرجها حين يحتاجها.
لكن إن استطاع إعادتها, حينها ربما....

بيديه مشبوكه فى السلاسل الذهبيه التى هى مُكبِله أكثر من الأصفاد التى على حزام الشرطى, يتعثر فى طريقه للرجل و المرأه.
أجزاء و قطع, خواتم و دبابيس تقع من الكتله المتشابكه على أرض الباحه.
ينزلقوا عبر أصابعه,لكنه مازال يمسك بما يستطيع حتى يصبح هناك..أمام الرجل و المرأه,اللذان يمسكان بعضهما الآن كما لو أنهما مرتعدان أمام طريق إعصار.
ثم يخر على ركبتيه,و يُلقى بكتله الأشياء اللامعه أمام قدميهم ,و..,بينما يتأرجح للأمام و الخلف,يتوسل ببؤس.
“أرجوكم,”يقول,”خدوه.أنا لا أحتاج إليه.أنا لا أريده.”
“أرجوكم,”يقول.”افعلا أى شئ.لكن لا تُفككونى.”
وفجأه يدرك ساي أن تايلر لا يعرف.!
ذاك الجزء من الفتى الذى يفهم الوقت و المكان ليس هنا,و لن يكون أبدا.
تايلر لا يستطيع أن يفهم أنه قد ذهب بالفعل,ولا شئ سيفعله قد يجعله يفهم. لذا..يبدأ بالانتحاب.
“أرجوكم لا تُفككونى.سأفعل أى شئ.أرجوكم لا تُفككونى.أرجوووووكم..”
ثم من خلفه, يسمع صوتا.

31-ليف

“اخبراه ما يريد أن يسمع!” يقول ليف.
هو يقف هناك بحنق شديد بداخله, يشعر أن الأرض نفسها ستنقسم من غضبه.
لقد أخبر ساي أنه سيشهد هذا.لكن لا يستطيع أن يُشاهد ولا يفعل شيئا.

والدى تايلر لازالا ممسكان ببعضهما,مواسيان إحداهما الآخر بدلا من مواساه ساي. الأمر يجعل ليف أكثر استشاطا.
“اخبراه أنكم لن تُفككاه!”,يُصرخ.
الرجل و المرأه فقط يحدقان به كأرانب حمقاء.لذا يُمسك بالمجرفه من على الأرض و يرفعها فوق كتفه كما لو كانت مضرب بيسبول ,:”اخبراه أنكم لن تُفككاه, وإلا أنا أُقسم أنى سأفتت أدمغتكم الحقيره!”
هو لم يتكلم هكذا من قبل لأى أحد.هو لم يُهدد أى أحد !,و هو يعرف أنه ليس فقط مجرد تهديد... هو سيفعلها .. اليوم, سيضرب ضربه كبرى لو تحتم عليه الأمر.

يسحب الشرطيون مسدساتهم من قرابتها,لكن ليف لا يهتم..
“القى بالمجرفه”,يصيح أحدهم.مسدسه مصوب نحو صدر ليف,لكن ليف لن يلقيها.
دعه يُطلق النار,لو فعل,سأظل أمتلك فرصه لأضرب والدى تايلر قبل أن أقع أرضا.ربما أموت,لكن على الأقل سآخذ أحدهم معى.
فى حياته كلها,لم يشعر هكذا قط.لم يشعر بهذا القرب من الانفجار.
“اخبراه! اخبراه الآن!”.

كل شئ يسكن فى تلك المواجهه:الشرطه و مسدساتهم,ليف و مجرفته.ثم أخيرا الرجل و المرأه يُنهيا الأمر.
ينظرا لأسفل نحو الفتى المتأرجح جيئه و إيابا,الذى ينتحب فوق القطع العشوائيه من المجوهرات المتشابكه التى نثرها عند قدميهم.
“لن نُفككك يا تايلر.”
“أوعداه!”
“لن نُفككك يا تايلر.نحن نعدك.نحن نعدك.”

تسترخى أكتاف ساي,و بالرغم من كونه يبكى ,إلا أنها ليست شهقات اليأس إنما شهقات الارتياح.
“شكرا,”يقول ساي.”شكرا لك..”

يُلقى ليف بالمجرفه, وتُخفض الشرطه مسدساتها,والثنائى الباكى يهربا لأمن منزلهم.
أبوا سايرس موجودان لملئ الفراغ.يساعدا سايرس على النهوض و يحتضناه.
“لا بأس يا سايرس.كل شئ سيصبح على ما يرام.”
و عبر الشهقات,يقول ساي,:”أعرف,كل شئ جيد الآن,كل شئ جيد الآن.”

هنا حيث يهرب ليف.هو يعرف أنه المتغير الوحيد فى المعادله الذى لم يُحل. و فى غضون دقيقه سوف يُدرك رجال الشرطه هذا.لذا,ينسحب نحو الظلال بينما رجال الشرطه مازالو منشغلون بالثنائى الفار,و الفتى الباكى,و الأبوان,و الأشياء اللامعه على الأرض.ثم,ما أن أصبح فى الظلال,يلتفت و يجرى.

فى بضع لحظات سيدركون أنه اختفى,لكن بضح لحظات هى كل ما يحتاجه.لأنه سريع. كان دائما سريع.
عبر الشجيرات,داخل الباحه المجاوره,و إلى شارع آخر فى عشر ثوان.

النظره التى علت وجه ساي بينما ألقى بالمجوهرات تحت قدمى هؤلاء البشر البشعاء ...البشعاء,و الطريقه التى تصرفا بها,كما لو أنهم هم الضحايا.. تلك الأشياء ستزامن ليف لبقيه حياته.
هو يعرف أنه قد تغير بسبب تلك اللحظه,تحول بصوره عميقه و مرعبه.أينما تأخذه رحلته الآن,لا يهم,لأنه قد وصل بالفعل هناك..فى قلبه.
غدا مثل تلك الحقيبه على الأرض, مليئه بالجواهر لكن فارغه من الضوء,لذا..لا يتلألأ شئ..لا يلمع شئ.

آخر ما تبقى من ضوء النهار اختفى من السماء الآن,اللون الوحيد الباقى هى الأزرق المظلم المنحسر نحو السواد.
أضواء الشوارع لم تُضاء بعد,لذا ليف يتأرجح بين ظلال السواد الغير منتهيه.
الأفضل أن يهرب.
الأفضل أن يختبئ.
الأفضل أن يفقد نفسه.
الآن..تلك الظُلمه هى صديقه.



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الجزء الرابع (متفكك)
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الجزء السابع _الأخير_ (متفكك) إمتنان محمود منبر القصص والروايات والمسرح . 5 07-06-2019 01:18 PM
الجزء السادس (متفكك) إمتنان محمود منبر القصص والروايات والمسرح . 5 06-26-2019 02:56 PM
الجزء الثانى (متفكك) إمتنان محمود منبر القصص والروايات والمسرح . 15 06-09-2019 11:20 PM
الجزء الثالث (متفكك) إمتنان محمود منبر القصص والروايات والمسرح . 7 06-02-2019 01:11 AM
الفصل الأول (متفكك) إمتنان محمود منبر القصص والروايات والمسرح . 4 05-15-2019 12:57 AM

الساعة الآن 10:45 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.