احصائيات

الردود
5

المشاهدات
3112
 
د. زياد الحكيم
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


د. زياد الحكيم is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
380

+التقييم
0.07

تاريخ التسجيل
Jul 2008

الاقامة
لندن - بريطانيا - عضو اتحاد الصحفيين البريطانيين

رقم العضوية
5315
06-10-2018, 01:17 AM
المشاركة 1
06-10-2018, 01:17 AM
المشاركة 1
افتراضي ليلة صيف - قصة قصيرة للكاتب الامريكي أمبروز بيرس - ترجمة د. زياد الحكيم
دفن هنري ارمسترونغ، ولكن ذلك لم يكن برهانا كافيا له على انه مات. فقد كان من الصعب دائما اقناعه باي شيء. ارغمته حواسه على الاقتناع بانه دفن حقا – كان مستلقيا على ظهره، وقد تصالبت ذراعاه على بطنه وربطتا بشيء امكنه قطعه بسهولة دون حاجة الى تغيير وضع جسمه. لقد احتجز جثمانه واحاط به ظلام دامس وصمت عميق. وكان في ذلك دليل قاطع على انه مات ومن المتعذر نكرانه فقبله دون اخذ ورد.

ولكن هل مات حقا؟ لا. كان مريضا جدا فحسب. ولكنه كان لا مباليا، ولم يكن يقلقه المصير الذي كان ينتظره. ولم يكن فيلسوفا – كان مجرد انسان عادي اكتسب في الوقت الحاضر موهبة عدم المبالاة، ولذلك لم يهتم اهتماما خاصا بمستقبله القريب فغط في نوم عميق. وشعر هنري ارمسترونغ بسلام منقطع النظير.

ولكن كان ثمة شيء يحدث فوق رأسه. فقد كانت ليلة صيفية مظلمة، تقطعها ومضات من البرق صامتة غير منتظمة تطلق سحابة خفيضة في الغرب تنذر بعاصفة. هذه الومضات الخاطفة كانت تضيء معالم المقبرة الاثرية وشواهد القبور فيها فبدت كأنها تتراقص. ولم تكن ليلة يحتمل فيها ان يتجول انسان في مقبرة ما جعل الرجال الثلاثة الذين كانوا يحفرون قبر هنري ارمسترونغ يشعرون بشيء من الامان.

اثنان منهم كانا طالبين شابين في كلية الطب على مبعدة عدة اميال. وكان الرجل الثالث زنجيا عملاقا يدعى جس. وقد مضت بضعة سنوات كان فيها جس يعمل في المقبرة في مختلف المهام: وكان من اهم ما يمتاز به انه كان يعرف كل من في المكان. وقد تبين بشكل واضح من طبيعة ما كانوا يقومون به من عمل ان المكان لم يكن مكتظا كما كان سجل المقبرة يشير.

وخارج سور المقبرة، وفي بقعة من الارض هي الابعد عن الطريق العام، كان ينتظر جواد وعربة خفيفة.

لم تكن عملية الحفر صعبة، فالتربة التي ملأت القبر قبل ساعات لم تبدِ اي مقاومة، وتمكن الرجال من ازالتها بسرعة. اما اخراج الجثمان من الصندوق فكان اقل سهولة: فقد نزع جس الغطاء بعناية ووضعه جانبا وكشف عن الجثمان ببنطاله الاسود وقميصه الابيض. في تلك اللحظة هبت عاصفة رعدية تصم الاذان واعتدل هنري ارمسترونغ في جلسته بهدوء. واصيب الرجال الثلاثة بهلع، وانطلق كلٌ في اتجاه، مطلقا صيحات مبهمة. ولم يكن في العالم ما يمكن ان يقنع اثنين منهم بالعودة. اما جس فكان من نمط اخر.

في الصباح، وقد غطت السماء زرقة رمادية، التقى الطالبان في كلية الطب. كانا شاحبين ومذعورين.

هتف احدهما: هل ابصرت الجثمان؟

- نعم. اقسم على ذلك. ماذا عسانا ان نفعل؟

وتوجها الى خلف البناء حيث كان يقف جواد امام عربة خفيفة، وقد ربط بعمود بالقرب من قاعة التشريح. ودخلا القاعة. وكان يجلس على كرسي في ركن مظلم الزنجي جس. وقف وهو يبتسم وقد ملأت وجهه اسنانه وعيناه.

قال: انا انتظر ان يدفع لي اجري.

وعلى طاولة تمدد جثمان هنري ارمسترونغ عاريا، وقد غطى الدم والطين وجهه اثر ضربة بمجرفة.

zedhakim@yahoo.co.uk


قديم 06-10-2018, 08:12 PM
المشاركة 2
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أسعد الله أوقاتك بكل خير د. زياد الحكيم
شكرا لك الترجمة رائعة
تحيتي لك

قديم 06-11-2018, 05:08 PM
المشاركة 3
د. زياد الحكيم
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستاذة ريم بدر الدين – شكرا جزيلا للمتابعة والتقدير.

نشرت هذه القصة القصيرة في اواخر القرن التاسع عشر (1893) لاحد كتاب القصة القصيرة
المشهورين – امبروز بيرس (1842-1914). وعرف الكاتب
بقصص الرعب على غرار الكاتب الشهير ادغار الان بو. تتميز
هذه القصة بالايجاز الشديد مع انها تتحدث عن موضوع بالغ التعقيد
. وهي تتألف من ثلاثة مشاهد: الاول مشهد القبر من الداخل بما فيه من
ظلام دامس وسكون عميق، والثاني مشهد حفر القبر واخراج الجثمان، والمشهد
الثالث غرفة التشريح وانتظار جس قبض اجره. هذه قصة دفن رجل حيا. وهذا
لم يكن شيئا مستغربا في القرن التاسع عشر كما هو اليوم نظرا الى ان الطب لم
يكن متقدما في بعض المناطق بما فيه الكفاية لمعرفة ان كان المريض قد فارق
الحياة حقا قبل دفنه. يضاف الى ذلك ان القصة تتحدث عن جريمة قتل في المقبرة
يرتكبها الزنجي جس عندما يكتشف ان هنري ارمسترونغ كان حيا في الواقع فينهال
عليه بالمجرفة ويهشم رأسه. انها قصة تتحدث عن واقع
رهيب على الحدود بين الحياة والموت، بين عالم
الاحياء وعالم الاموات. ونلاحظ ايضا الدور الذي
تقوم به الطبيعة في تصوير الجو العام في المقبرة
بما فيه من توجس وهلع. فالعواصف الرعدية اشبه بموسيقا تصويرية
ترافق المشاهد في القصة فتبرز دلالاتها وتعمق
اجواءها. وعلى الجملة فان هذه القصة تقدم نموذجا
لقصص الرعب في الادب الامريكي.

قديم 06-09-2019, 07:56 PM
المشاركة 4
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: ليلة صيف - قصة قصيرة للكاتب الامريكي أمبروز بيرس - ترجمة د. زياد الحكيم
الاستاذة ريم بدر الدين – شكرا جزيلا للمتابعة والتقدير.

نشرت هذه القصة القصيرة في اواخر القرن التاسع عشر (1893) لاحد كتاب القصة القصيرة
المشهورين – امبروز بيرس (1842-1914). وعرف الكاتب
بقصص الرعب على غرار الكاتب الشهير ادغار الان بو. تتميز
هذه القصة بالايجاز الشديد مع انها تتحدث عن موضوع بالغ التعقيد
. وهي تتألف من ثلاثة مشاهد: الاول مشهد القبر من الداخل بما فيه من
ظلام دامس وسكون عميق، والثاني مشهد حفر القبر واخراج الجثمان، والمشهد
الثالث غرفة التشريح وانتظار جس قبض اجره. هذه قصة دفن رجل حيا. وهذا
لم يكن شيئا مستغربا في القرن التاسع عشر كما هو اليوم نظرا الى ان الطب لم
يكن متقدما في بعض المناطق بما فيه الكفاية لمعرفة ان كان المريض قد فارق
الحياة حقا قبل دفنه. يضاف الى ذلك ان القصة تتحدث عن جريمة قتل في المقبرة
يرتكبها الزنجي جس عندما يكتشف ان هنري ارمسترونغ كان حيا في الواقع فينهال
عليه بالمجرفة ويهشم رأسه. .
مساء الخير دكتور زياد الحكيم
في الحقيقة كان من الشائع دفن الناس و هم أحياء لذلك اصبحوا ينتظرون مرور اربع و عشرين ساعاة للتاكد من الوفاة. غير ان اغرب ما قرات عنه انهم كانوا يربطون التابوت بسلاسل حديدية منعا للميت من القيام من قبره و ذلك لانهم كانوا اصلا ينتظرون وفاة الشخص بفارغ الصبر لتوزيع ثروته على الورثة.
معلومة احببت اصافتها على هامش القصة.
يسعد مساك

قديم 06-09-2019, 10:00 PM
المشاركة 5
العنود العلي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: ليلة صيف - قصة قصيرة للكاتب الامريكي أمبروز بيرس - ترجمة د. زياد الحكيم



ولكن كان ثمة شيء يحدث فوق رأسه. فقد كانت ليلة صيفية مظلمة، تقطعها ومضات من البرق صامتة غير منتظمة تطلق سحابة خفيضة في الغرب تنذر بعاصفة. هذه الومضات الخاطفة كانت تضيء معالم المقبرة الاثرية وشواهد القبور فيها فبدت كأنها تتراقص. ولم تكن ليلة يحتمل فيها ان يتجول انسان في مقبرة ما جعل الرجال الثلاثة الذين كانوا يحفرون قبر هنري ارمسترونغ يشعرون بشيء من الامان.

اثنان منهم كانا طالبين شابين في كلية الطب على مبعدة عدة اميال. وكان الرجل الثالث زنجيا عملاقا يدعى جس. وقد مضت بضعة سنوات كان فيها جس يعمل في المقبرة في مختلف المهام: وكان من اهم ما يمتاز به انه كان يعرف كل من في المكان. وقد تبين بشكل واضح من طبيعة ما كانوا يقومون به من عمل ان المكان لم يكن مكتظا كما كان سجل المقبرة يشير.

وخارج سور المقبرة، وفي بقعة من الارض هي الابعد عن الطريق العام، كان ينتظر جواد وعربة خفيفة.

لم تكن عملية الحفر صعبة، فالتربة التي ملأت القبر قبل ساعات لم تبدِ اي مقاومة، وتمكن الرجال من ازالتها بسرعة. اما اخراج الجثمان من الصندوق فكان اقل سهولة: فقد نزع جس الغطاء بعناية ووضعه جانبا وكشف عن الجثمان ببنطاله الاسود وقميصه الابيض. في تلك اللحظة هبت عاصفة رعدية تصم الاذان واعتدل هنري ارمسترونغ في جلسته بهدوء. واصيب الرجال الثلاثة بهلع، وانطلق كلٌ في اتجاه، مطلقا صيحات مبهمة. ولم يكن في العالم ما يمكن ان يقنع اثنين منهم بالعودة. اما جس فكان من نمط اخر.
في الصباح، وقد غطت السماء زرقة رمادية، التقى الطالبان في كلية الطب. كانا شاحبين ومذعورين.
هتف احدهما: هل ابصرت الجثمان؟
- نعم. اقسم على ذلك. ماذا عسانا ان نفعل؟

وتوجها الى خلف البناء حيث كان يقف جواد امام عربة خفيفة، وقد ربط بعمود بالقرب من قاعة التشريح. ودخلا القاعة. وكان يجلس على كرسي في ركن مظلم الزنجي جس. وقف وهو يبتسم وقد ملأت وجهه اسنانه وعيناه.
قال: انا انتظر ان يدفع لي اجري.
وعلى طاولة تمدد جثمان هنري ارمسترونغ عاريا، وقد غطى الدم والطين وجهه اثر ضربة بمجرفة.

zedhakim@yahoo.co.uk
التجارة بالأموات والجثث إنتشرت في وقت من الأوقات
حتى أصبحت من الظواهر البشعة في كافة المجتمعات
وما يهمنا هو هنري الذي لم يمت بمرضه
وإنما مات مرة أخرى بضربة معول
قصة أكثر من رائعة ومجهود جميل تشكر عليه دكتور زياد
تقبل تقديري واحترامي

وحيدة كالقمر
قديم 06-10-2019, 06:42 PM
المشاركة 6
بتول الدخيل
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: ليلة صيف - قصة قصيرة للكاتب الامريكي أمبروز بيرس - ترجمة د. زياد الحكيم
قصة مخيفة وجميلة في نفس الوقت
باقة ود لكنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

تدري وش صاب الخفوق!!..فيه بعض آثار شوق..وبه جروح وبه حروق..وبه سوالف لو تروق!!.وبه نزيف بالحنايا ..من فراقك .. يا هوى قلبي الصدوق


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: ليلة صيف - قصة قصيرة للكاتب الامريكي أمبروز بيرس - ترجمة د. زياد الحكيم
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الصبار – قصة قصيرة للكاتب أو. هنري – ترجمة د. زياد الحكيم د. زياد الحكيم منبر الآداب العالمية. 2 01-11-2020 12:19 PM
المرآة – قصة قصيرة للكاتب انطون تشيخوف – ترجمة د. زياد الحكيم د. زياد الحكيم منبر الآداب العالمية. 3 11-03-2015 04:21 PM
الحرب - قصة قصيرة للكاتب لويجي بيرانديللو - ترجمة د. زياد الحكيم د. زياد الحكيم منبر الآداب العالمية. 4 04-05-2015 02:48 AM
الورقة الأخيرة - قصة قصيرة للكاتب أو. هنري - ترجمة د. زياد الحكيم د. زياد الحكيم منبر الآداب العالمية. 3 04-05-2015 02:02 AM
فرح - قصة قصيرة للكاتب انطون تشيخوف – ترجمة د. زياد الحكيم د. زياد الحكيم منبر الآداب العالمية. 16 08-25-2014 12:19 AM

الساعة الآن 04:55 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.