قديم 09-20-2013, 12:10 PM
المشاركة 11
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
‘[OVERLINE]
ساق البامبو’ لسعود السنعوسي: عندما تدير لي الكويت ظهرها أهرب الى الفليبين
[/OVERLINE]!
د. محمد بن مسلم المهري
SEPTEMBER 19, 2013


… انتهيت من قراءة رواية ساق البامبو لمؤلفها سعود السنعوسي ، ولا أنكر الشعور الذي انتابني عند آخر صفحة قرأتها لقد أدخلني المؤلف جوا من الحزن والأسى كان آخر العهد به حين فرغت من قراءة رواية البؤساء .
لم يكن عيسى أو هوزيه أو جوزيف كاجان فولجان، ولكنهما ينطلقان من زاوية واحدة وهي ظلم المجتمع، ولست هنا للمقارنة بين الروايتين ولكن شيئا ما ذكّرني برواية هوجو العالمية .
لقد استطاع المؤلف أن يشكل شيئا من عقلية ‘ السيد’ في الخليج العربي ويأخذ بها إلى جانب طالما ألح علينا كمواطني مجلس التعاون النظر أو إعادة النظر إليه، وهو مسألة الجاليات الوافدة من أقطار العالم للعمل في هذه المنطقة الغنية من الأرض، سيما وما تحمل هذه الجاليات من ثقافات تأصلت لديها، وما تراه من ثقافة تخالف الموروث لديهم ، بل إنهم ملزمون بكل هذه العادات الدخيلة عليهم ، ناهيك عن الأخلاق التي يقابلون بها في الكثير من المرافق الخدمية التي يتعاطونها.
لقد استطاع السنعوسي بشخوصه القلائل وتقسيمه العجيب بين بلدين وثقافتين متباعدتين أن يبعث روحا خفية ما كان لها أن تحيا لو أنها ظلت حبيسة سجلات الأحوال المدنية التي دونت في أغلبها الأعمال المخلة التي ترتكبها بعض الجاليات الوافدة، متناسين المعاملة السيئة التي تتعرض لها الكثير من هذه الجاليات ، وكذلك الأحوال التي رمت بهم إلى تلك البلدان التي تختلف كل الاختلاف عن بيئتهم ومعتقداتهم ، كما أنه من الملاحظ عدم تدخله في حوارات شخوصه إلا في أضيق الأحوال وهو ما يلاحظه القارئ حين تحدث عن الإسلام والأديان وما يفعله الاتباع في استقطاب الآخر ص299
لقد جالت الرواية بكل أجزائها الخمسة وصفحاتها التي اقتربت من ( 400) صفحة بمأساة قل من التقطها في عالم الرواية الخليجية على الأقل بهذه التقنية الجميلة ، وبهذا الإخراج المبدع، والحق أن المؤلف تجاوز في روايته مرحلة القراءات المؤقتة ، حيث إنه لم يترك الفسحة للقارئ حتى يجزئ الرواية للأوقات المناسبة ، إنه يمارس سطلة سحرية تجبر القارئ بسبب ولسبب أن يتم القراءة إلى نهاية الجزء والأجزاء إلى نهاية الرواية.
فالرواية تسير بطريقة سلسلة في تصوير الأحداث إلى درجة أن القارئ يخرج بحصيلة مفادها أن الآباء لا يعلمون حجم الذنب الذي اقترفوه حين يلقون بتلك النطف في حالة من حالات النشوة أو الانتقام، فما حدث لجوزافين في شاليه آل الطاروف أنبت إنسانا يقبل بأكثر من أم وبالتالي أكثر من اسم .. ووطن .. ودين .
عيسى عبدالله الطاروف الذي ولد في الكويت لأب كويتي وأم فلبينية كان حظه أن يتخلى عنه والده لاعتبارات اجتماعية ؛ فعاش عيسى العربي وjose بالإنكليزية وهوزيه بالفلبيني وخوسيه بالإسباني، طفولة متناقضة بداية بالأصحاب والأقران في قريته، فكانوا ينادونه Arabo رغم أنه لا يشبه العرب في شيء إلا نمو شاربه وشعر ذقنه بشكل سريع ، وعند أمه ‘آيدا’ ذلك الكاثوليكي الذي يعمد ، وعند أمه مسلم بالوراثة ، وفي عقله بوذي متأمل.
هوزيه ذو السحنة الفلبينية المتجذر في بلد المنشأ حتى لامس جذوره أعماق الأرض كشجرة البامبو أو الخيزران ما لبث أن اقتلعته الأيام إلى موطن الأجداد.
هنا يشاهد عيسى المجتمع الذي عاند والده في القدم فورّثه ذلك العناد بواقعه المرفوض جملة وتفصيلا ‘ الأمر ليس سهلا ‘ هكذا قالت ‘خولة’ أخته، إذن الدخول إلى طبقة كهذه ليس كنزهة في كهوف بياك- نا باتو مع (ميرلا محبوبته وابنة خالته) إنها عقدة الاسم وما يجب أن يقدم له من القرابين ليبقى كالنجم لا يستطع الوصول إليه أحد، عائلة الطاروف لا تقبل إلا من يليق بها اسما ومكانة لأنها تحيا تلك العقدة الطبقية التي تميزها عن غيرها ، فالمجتمع يعيش صراعا طبقيا يبدأ بالفرد وينتهي بما يحويه من طبقات.
‘ شيء معقد ما فهمته في بلاد أبي. كل طبقة اجتماعية تبحث عن طبقة أدنى تمتطيها ، وإن اضطرت لخلقها، تعلو فوق أكتافها ، تحتقرها وتتخفف بواسطتها من الضغط الذي تسببه الطبقة الأعلى فوق أكتافها هي الأخرى’ ص279
المجتمع ليس سهلا .. الديانة التي ورثها عيسى كانت ثقلا يضاف إلى الأعباء التي وجدها في أرض الوطن خاصة وأنه يحمل في ذهنه الطقوس الكاثوليكية والتأملات البوذية والصور الجهادية المظلمة ، عليه لن ولم يتخلص منها بهذه السهولة، وإن قابل إبراهيم سلام وحادثه عن الدين الإسلامي وأتى له بالخوارق والمعجزات ‘ لأن الأديان أعظم من معتنقيها’299ص .
الديانة لم تك سوى مرحلة من مراحل التغيير المجتمعي الذي حدث لعيسى بدليل أنه لم يتحمل الذهاب إلى المسجد خمس مرات وما أن حذرته هند من الاقتراب من إبراهيم سلام وأصدقائه حتى لاذ بالفرار عن بقايا موروث ديني خالط جيناته .
لم يكتف السنعوسي بالطبقة المخملية فراح يهبط ببطله إلى مطعم للوجبات السريعة وكأنه يبحث عن نبض الشارع الكويتي وما يحدث من تصادم بين تلك الطبقات والفئة الوافدة وما يدور بينهما من معارك في ساحات ( البورجر) حين يتلقون الشتائم لأتفه الأسباب و’ لكن أوغاد ينتقمون من أوغاد’ ص333
مما يلاحظ في سياق التشكيل السردي تسارع الأحداث، إذ تصل الذروة حين يتداخل والطبقة الوسطى التي قد تتفهم ما يعانيه كونهم ينادون بالتغيير للكثير من المفاهيم العالقة بالمجتمع خاصة فيما يتعلق بالنظرة للآخر إن كان من ( البدون) أو الطائفية البغيضة فكان الاعلان للانتخابات هي الخلطة السحرية التي تجمع القلوب على مشاربها المختلفة، وإن شئت فقل المصالح هي جامعة القلوب والعقول ، نتج عنها تلك الحوارات الساخنة التي تأتي على كل صغيرة وكبيرة وخلال تلك النشوة العابرة فاه عيسى بالسر الذي لم يطلع عليه أحد وإن كانت أم جابر الجارة الثرثارة ، ولكن جابرا كان من الحاضرين بقوة خلال الحوار.
- المرشحة هند الطاروف هي عمتي.
- أنت تمزح !! تركي
- هند عيسى الطاروف .. شقيقة عبدالله عيسى الطاروف أبي.
- جابر: أنت تكذب !!!
بهذا الخبر الذي انداح في الكويت ( لأنها صغيرة كما يقول البعض) الذي يمثل الذروة في الحبكة لا من حيث الجانب الدلالي فحسب وإنما من الناحية العاطفية للمتلقي الذي يطالع بدوره ذلك الزيف المستشري في مجتمع يدعي الإسلام ويعامل أبناءه من خلال اللون، والشكل، والاسم، مجتمع يقوم بطرد أبنائه في الداخل والخارج :
‘ الكويت .. كلما أحكمت قبضتي على طرف ثوبها فلتت من يدي .. أناديها .. تدير لي ظهرها .. أركض إلى الفلبين شاكيا’ ص304
لم تعد الشكوى في هذه المرحلة مجدية بل أصبح من الضرورة الرحيل والعودة إلى وطن لا يلفظه، وطن يبحث عنه ويعتز وروحه التي سكنت هناك إلى الأزل بالرغم من انقسامها وميلها إلى تربة الأجداد التي لم يأخذ منها إلا تلك الذكريات العجيبة
‘ بلاد العجائب .. صورة مغايرة لصورة كنت أراها طيلة حياتي في الفلبين .. صورة خاطئة مطابقة لأحلامي .. لا شبه بين البلاد في مخيلتي القديمة وواقعي الجديد سوى أن هذه وتلك .. كلاهما .. بلاد العجائب ‘ص367.
مما لا شك فيه أن السنعوسي حين كتب ساق البامبو كان يستحضر في مخيلته أكواما من الأحداث التي جرت في أرض الخليج عامة والكويت على وجه الخصوص أقلها من خلال اللقاء بهم في مخافر الشرطة فقد مارسها عيسى ( المؤلف ) حين أضاع الأوراق الثبوتية فطالع الوجوه الخائفة على لقمة العيش وتلك التي تمارس الغواية على ضعيفي النفوس والثالثة التي لا تبالي في أي وادٍ هي.
في الختام لم يخرج عيسى من الفلبين إلى جنة وارفة، وإنما خرج ليطالع بنفسه تلك الوجوه التي سافرت في سماء الأحلام ، وقرر أن يرى مجريات الأمور وما يحدث لها خلف البحار ، لم يك عيسى الطاروف حالما بالثروة بقدر التعرف على مالكيها الذين يحسبون كل صيحة أو اسم قد يدمر بنيانهم الذي بنوا عبر أجيال ، والتي لم تك في حقيقة الأمر قبل الطفرة شيئا يذكر.
عيسى الطاروف ( المؤلف ) كشف الأوراق بصورة ممتعة من خلال كويتي من أصل فلبيني أو العكس إذ إن شهادته لن تقبل في مجتمعه وكذلك الوافد الغريب وهنا عليه ( المؤلف ) أن يخلق من يجمع الغربة والجذور ، ولتأصيل وتعميق تلك الفكرة عمد إلى لغة ذلك الكائن الغريب واستدل له بقول المناضل الفلبيني خوزيه ريزال ‘ إن من لا يحب لغته الأم ، هو أسوأ من سمكة منتنة’ 388 والقصدية من وراء ذلك تمرير الحقيقة بصورة تبعد عنه التحيز لفئة بعينها ، ثم ما لبث أن صنع ذلك الإنسان الأمين الذي تعلم في المعهد الديني في الكويت ليكون المترجم الوفي لكل وقائع الرواية .. ‘ تصل إلى إبراهيم محمد سلام هاتف رقم :009655253545

أكاديمي من سلطنة عُمان

قديم 12-28-2013, 08:06 PM
المشاركة 12
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
في ساق البامبو لسعود السنعوسي: نموذج مثالي للتنوّع السيميائي
د. إبراهيم خليل
DECEMBER 27, 2013


تستوعب الرواية على الرغم من هيمنة أسلوب معين على المؤلف تنوعا في اللغة يبلغ حد التنوع في الشخوص.
وهذا ما تقوم عليه الفكرة التي شرحها باختين Bakhtin فيما يعرف بالمبدأ الحواري، أو البيلفونية، فلكل شخصية من شخصيات القصة أو الرواية نهجها الخاص في الكلام، والتحدث، فإن كانت مثقفة فهي تتكلم كلام المثقفين، وإن كانت أدنى ثقافة دل كلامها على هذه الرتبة. أما الأسلوب العام الذي هو أسلوب الكاتب؛ فيظهر ويختفي، ولا يتجلى إلا فيما ينسب للوصف، أو التحليل الذي تستبطن فيه الشخوص، أو في تعقيب الراوي على مواقف الشخصيات من موضع لآخر. لهذا فإن القصة، والرواية، كلتيهما تمثلان طيفا من الأساليب، لا أسلوبا متجانساً واحداً(باختين، شعرية دستويفسكين،ترجمة جميل نصيف التكريتي، ط1، الدار البيضاء: طوبقال للنشر، وبغداد: دار الشئون الثقافية، 1986 ص266- 267).
ولا يغيب عن البال أن المزية اللافتة في الفنون الأدبية السردية من قصة، ورواية، إفراطها في الاعتماد على التخييل الحكائي، بمعنى أنها في المقام الأول تهتم بالمروي، وثانيا: قربها الشديد من فكرة محاكاة الواقع، وهذه المحاكاة تتطلب- فيما تتطلب- أن يكون الأسلوب عاملا مسانداً ومساعداً على جعل المتخيل يبدو في نظر المتلقي مطابقاً للواقع، فإذا كان الشعر يعتمد وفرة المجاز، والاستعارة، والانزياح، والحرص على السلاسة، والوزن، والإيقاع، واللجوء بسبب ذلك للتقديم والتأخير، والحذف والتكرير، والاعتراض، والالتفات، والمطابقة والتجنيس، والمساواة والإطناب، وغير ذلك من أساليب، فإن الرواية، والقصة، لا تتوخى من ذلك إلا القليل في أوضاع مشهدية خاصة تقتضي الجنوح إلى الشاعرية.
يقول أحد شخوص رواية زينب لمحمد حسين هيكل ما يأتي:
- من حق يا خليل، إنت بدّك تجوز حسن؟
فأجابه خليل بصوت هادئ
- والله يا سلامة بدي، لكن مش عارف أجوزه مين. ابني يا خويه ما يحبش البنات اللي كلهم دوشة. ويعملولهم الصبح غارة والمغرب قتلة. ويا معجل ما يغضبوا. وأهي حيرة يا سلامة يا خوية.
فقال له صاحبه بصوت ملآن أدعى ما يكون للثقة والاطمئنان
- يا الله يا خويه بلا كلام. إنت اللي محيّر روحك من غير حيرة. طيب ولما مش عاجبك دول، ما غيرهم كتير. أقول لك على وحدة من اللي فاتوا دول، وحدة ما عليها كلام؟ زينب. زينب مالها؟ أوعَ تقول عليها حاجة. (زينب، ط5، القاهرة: دار المعارف، 1992 ص 160 ) ‘ .
ففي هذا الحوار يحاكي الكاتب أصوات المتحاوريْن، وهما من عامة فلاحي مصر الذين يتكلمون على سجيتهم في هذا الحوار ، ونرى دليل ذلك في العامية التي تتجلى في الاسم الموصول اللي، واسم الإشارة دول، وكسر همزة الضمير أنت، وكلمة بدّي أي: أريد، وهي عامية قد ترجع في أصلها للجذر بدّ، من قولهم لا ‘ بدّ ‘ وأداة النفي مش، وطريقة السؤال: زينب مالها، وإسقاط بعض الأصوات من الكلمات، مثل وَحْدة بدلا من واحِدة. والقلب المكاني في أصوات الكلمة، فكلمة أزوّج تصبح أجوّز مما يذكرنا بقاعدة القلب المكاني.. واستبدال الثاء من التاء في كتير. وأسلوب التحذير ‘إوعَ’ وهو بديل (إياكَ ) التي للتحذير. ومثل هذا الحوار يمثل أسلوباً سائداً في الرواية لكنْ ثمة عبارتان تمثلان أسلوب المؤلف، وهما: فأجابه خليل بصوت هادئ، و’فقال له صاحبه بصوت ملآن أدعى ما يكون للثقة والاطمئنان’. فهو يصفُ الصوت بالمُمْتلئ، وهذا مجاز، لأن الصوت ليس وعاءً يمكن أن يكون فارغا أو مملوءاً ولكنّهُ قصد بذلك القوة التي تنم على الثقة بما يقول، وقد فسر ذلك السياق، عندما أضاف: أدعى ما يكون للثقة، والاطمئنان. فلكل من خليل وسلامة والراوي- الذي هو قناع المؤلف- أسلوب في الكلام يختلف، أو يقترب به- من الآخرين. وإذا فإنّ الأسلوب في الرواية يختلف باختلاف الشخوص، ويتنوع بتنوع المواقف والأغراض.
ساق البامبو
وفي رواية ساق البامبو لسعود السنعوسي يجد الباحث نموذجاً جيداً يمكنه أن يتخذ منه مادة لدراسة اللغة السردية كاشفا عن قواعد اللعبة الخفية حين يجيد الكاتب ممارستها بدقة. فبطل الرواية (هوزيه) الذي له من الأسماء اثنان، ومن الأوطان اثنان، ومن الأديان اثنان، ومن اللغات ما يشاء: الفلبينية، والإنكليزية، والعربية التي يفترض بها أن تكون لغته، ولغة أبيه راشد الطاروف، يعدّ نفسه جاهلا باللغات. على الرغم من أنه البطل الذي يضطلع مرارا بدور السارد المشارك في الحكاية، وبدور المسرود له المروي عليه مرارا، فهو يسمع عددا من اللغات بعضها يترجمه معانيَ وأفكارا، وبعضها يظل غامضا مبهماً، وإن كان الإحساس بدلالاته لا يخفى. فهو يُصغي لوشوشة الصخور، ولحفيف الأشجار، ولخرير الماء، ويشعر بأن هذه الأشياء كلها تهمس له بشيء يجهل لغته، وهو على يقين من أن لكل شيء روحاً، وأنَّ منْ هذه الروح ما يتفتق عن دلالات، فمشهد النمل الذي يتسلق الجدار هارباً تستدل منه ميرلا عن قرب سقوط الأمطار على الرغم من خلوّ السماء من السحب ‘أسرع . سوف تمطر. انظر كيف اختفت الطيور . وانظر هنا نمل كثير على الجدار . أنت لا تفهم شيئا. (ص115)
لغة الجسد
هذه المسألة تؤرق هوزيه، لأنه يضطرّ في كثير من الأحيان لاستبدال لغة الأشياء من جسد، ومن كائنات، ومن أزياء، ومن موسيقى، باللغة الطبيعية، فلبينية كانت أم إنجليزية، أم عربية، يفترض أنها لغة أبيه. فعندما روت له أمه حكاية الزواج المَمنوع الذي ربط بينها وبين أبيه راشد بشهادة غسان ووليد، أشارت له بسبابتها على موضع في أسفل الورقة، قائلة: هذا توقيع غسان. ثم تنقل إصبعها إلى الإمضاء الثاني مشيرة ‘إمضاؤه مجنون. كم يُشبهه؟! حدقتُ في الإمْضاء الثاني، وسألت: إمضاءُ من ماما؟ ابتسمتْ، وهي تطوي الورقة : وليد ‘ (ص46)
فهو، إذاً، يعاني ما يعانيه الأخرس في تواصله مع اللغة، فلا يجري هذا التواصل، لا بالقراءة، ولا بالاستماع، وإنما بالإشارة.
وقد اتسمت حياته اللغوية باعتماد الإشارات عوضاً عن الأصوات، والإبماءات عوضاً عن الكلمات، أداةً للتلقي، وأداةً للتعبير. فعندما توفي جده مندوزا كانت الأدوات اللغوية التي عبر بها عن هذا المشهد بعض الإشارات مثل عواء الكلب وايتي، وصياح الدّيَكَة. والشموع التي تشي رائحتها بانطفائها من وقت قصير. وبتوقف التيار الكهربائي. وبهيئة مندوزا المستلقي على أحد جانبيه بوضعيّة جنين، ووجهه بين كفيه كمنْ يتقي مواجهة منظر. (ص167) فعباراته هذه، مثلما يتضح، إيماءاتٌ يعوزها التحديد بكلمات ذات مدلول معجمي. والإيماء في هذه الرواية يتسع ليستوعب ما يعرف بلغة الجسد، فهي شائعة فيها شيوعاً ملحوظا، فعندما قابل عددا من الكويتيين في منتج بوراكاي، واحتسى معهم كأسا من الرد- هورس red horse وأخبرهم في ذروة النشوة بأنه كويتي، وأنه سيذهب يوما ما للكويت، وإنْ طالَ الزمن، وجَّه له أحدهم تهديداً بإيماءَة، وهي الضغط بقدمه على الأرض، كأنه يسحق عقب سيجارة، وفهم من تحريك سبابته، وهو يهز رأسه من وراء زجاج السيارة، أن تلك الإشارة بمعنى ‘إياك أن تفعل’ (ص163). وفي السياق نفسه يترجم ما يراه من حركات الشبان الكويتيّين وهم يرقصون ويصفقون على وفق إيقاع معين، ومن حركة الأجساد، وملامح الوجوه، ومن تمايل الراقص على الجانبين، والاندفاع بصدره للأمام وكأنه يسحب حبلا خفياً، تتشكل لديه هويَّة مميزة للكويتيّين ‘أصبحتُ أميِّزُ الكويتيين، ثيابهم، قبعاتهم، نظارتهم الشمْسيّة ..’ (ص151)
ولبطل هذه الرواية قاموسُه الخاص الذي يحرر لغة الجسد من محتواها الانطباعي الوصفي إلى دلالات، فملامح الوجه، واحمرار العينين، لهما معنىً حين يقدم لخالته آيدا مبلغا من المال، ويرجوها أن تعده بألا تنفق ذلك المبلغ في تدخين الماريجوانا، فتعدهُ، معلقا على ذلك ‘كيف لي أنْ أصدق وعيناها الحمراوان، وملامحها الجامدة، تشهد بأنها في عالم آخر لحظة الوَعْد الذي قطعته لي؟’ ص (145) أما نظرة الشخصية الروائية للساعة، فتعني انتهاء وقت الزيارة ‘ نظرت للساعة في يدي لتفْهم أمّي بأنَّ وقت زيارتي قد انتهى’ ص 145 ووضع السبابة على الشفتين تعني التزام الهدوء (ص 234) وبهزة من الرأس، بصورة معيّنة، يُقدم البطل رداً إيجابياً على سُؤال ‘تحدثتْ مع غسان بالعربية. ثم التفتتْ إليّ تقول بوَجْه ملؤُهُ السعادة:
- أنت عيسى؟
ابتسمتُ لها، هازاً رأسي إيجاباً
- تفضلا.. ‘ (ص 217)
فالساردُ يكتفي بتلك الحركة من رأسه، ولا يتكلم، كأنّ هزة الرأس تنوب مناب الكلمات في التعبير. أما رفعُ الحاجبين إلى أعلى في أثناء الحديث بالعربية، التي لا يفهمها بَعْدُ، فتعني لديه الدهشة ‘هزت رأسها بشيء يشبه الابتسامة. تحدثا وغسان بالعربية، في حين كنتُ أراقب تعبيرات وَجْهها الحادّة .. حاجباها مرفوعان للأعلى.. حين كانت تتحدث إلى غسان. ترمقني بنظرة خاطفة. وتعيد تثبيت نظارتها الطبية، ثم تعاود الحديث مع غسان. كنت أنقّل نظري بينهما كأنني أشاهد فيلماً بلغة أجهلها من غير ترجمة. رحْتُ أترجم ما سمعته من حديثهما مثلما أشتهي’ سوف نُعدُّ له غرفة خاصّة ليعيش هنا معنا. نحن سعداءُ جدّا بعودته إلى بلادهِ، وأهله ‘ (ص 218) وتذكّرهُ حركة اللسان في فم المرأة الكويتية مطلقة بعض الأغاريد بطريقة الهنود الحمر في الهتاف’ قطَعَ تأملاتي شيءٌ غريبٌ، امرأة تضع كفها بالقرب من فمها، تحرك لسانها بسرعة، فتصدر صوتا يشبه ذلك الذي يصاحب هتافات، وأهازيج، الهنود الحمر ‘. (ص 205) ولو أن الصوت- ها هنا – يمتزج بحركة اللسان، وراحة اليد، إلا أن الحركة تستدعي أيضاً الرقصَ الذي يقوم به الهنود الحمر تعبيراً عن الابتهاج، أو التحدي. أما تحول الوجه من لون لآخر؛ الأحمر مثلا ، فيعبر عن الخجل تارة، وعن الغضب طورا، فعندما دفع للشرطي في المطار بجوازه الكويتي الأزرق – على الرغم من أنه يتمتع بملامح فلبيني – تحول وجه الشرطي بسبب الغضب للون الأحمر’ زرقة جوازي أحالتْ لون وجههِ إلى الأحْمَر. التفت إليَّ زميله، والابتسامة على وجهه، مشيرا بقبْضة يده رافعاً إبهامه ‘ (ص186) وتلك إشارة باليد، والإصبع، للدلالة على أنه يؤيده، زراية بزميله الذي انصاع أخيراً، وختم الجواز مرغماً لا حرّا، ولا مختاراً. موقفٌ يبلغ حدَّ الشماتة بالشرطي الذي رفض بادئ الأمر ختم جواز عيسى كونه يظنه فلبينياً، ويصطفّ ضمن رعايا الخليج. وتبدو بعض الوجوه خالية من الملامح، صامتة، بلا تعابير، وهذا إنْ كان يعني شيئا في لغة الجسد، فإنه يعني الحزن. يقولُ البطل: لو سئلت يوما كيف يبدو الحزن؟ لأجبتُ ‘وجه غسان’. (ص187) فهو لا يفتأ يرى في الوجوه، وفي الأيدي، وفي الأعين، علاماتٍ، وهذه العلاماتُ تنم على معان شأن الكلمات، والعبارات، في دلالتها على المعاني.
لغة الأشياء
فاللغة وحدها لا تكفي، بدليل ما يجري بينه وبين غسّان، فقد طلب منه ذات مرّة أن يقرأ له شيئا مما يكتبُ، فوافق هذا الأخيرُ، على أن يقوم- أولا – بترجمة القصيدة للغة الإنجليزية، لأنَّ عيسى (هوزيه) لا يعرف العربية. وبعد أن أخذ ورقة وقلماً، وترجم ما يعتزم قراءته، لم يلبث طويلا حتى أشعل سيجارة كدأبه كلما شرع في الحديث، وبدأ يُلقي الأبيات ‘ بالإنجليزية، بصوت جميل ينخفض تارة، ويعلو تارة أخرى. يحرك ذراعه بطريقة تمثيلية مدهشة. وعلى وجهه إيحاءاتٌ تعبيريَّة مؤثرة. تأثرتُ كثيراً بأداء غسان التعبيري، حتى أوشكتْ الدُموع تفرّ من عينيّ ‘ ص195- 196 فهو يقع تحت تأثير الأصوات، على الرغم من أنه لم يفهم شيئا ممّا سمع، فقد تملكه الخجلُ عندما سألهُ غسانُ: ما رأيك؟ فقال متردّداً لمْ افهم شيئا. ذلك أنّ كلمات غسان إنجليزية بالفعل غير أنها جميعاً لا تشكلُ جملة مفيدة واحدة. وواقع الحال أنَّ هذا السارد الذي يعاني من الحيرة على المستوى اللغويّ، لا يفتأ يعزّزُ اعتقادنا بأنه يستعيضُ عن الكلمات بالأصْوات، والألوان، والأشياء.
فمن الأشياء التي تنبئُ عن سلسلة من المعاني المُضمرة في لغة السارد الصخور مثلما مرَّ، والأمواج. ففي المشهد الذي حاول فيه الصلاة قرب تمثال السيدة مريم العذراء، يستقي الخشوع من أصوات الأمواج المتكسّرة حوله على صخور الشاطئ، فهي ‘تبثّ في داخلي شيئاً من الهدوء. ترتطم الأمواج بالصخرة. ترشّ قطراتها المالحة على وجهي. أمسحُها بظاهر كفي: أنا لا أبكي يا أمنا مريم. قطرات من مياه البحر، لا تقلقي. سمعت صوتا يخالط أصوات الأمواج كأنه صوت الغوزهينغ. ‘ (ص153) والغوزهينغ آلة موسيقية لا يفتأ صديقه تشانغ يعزف عليها كل ليلة لحنا قبل أن يذهب للنوم. وقد لاحظ هوزيه أنّ هذه الآلة تقول بموسيقاها ما لا تقوله الكلمات، وتعبّر عما لا تعبر عنه العبارات. فعندما سمع من تشانغ مقطوعة بعنوان ‘ عطرُ زهْر الياسَمين ‘ وتأثر بها تأثر شديداً، وانقلب تشانغ على أحد جانبيه متجهاً للنوم، سألهُ عما تقوله تلك القطعة، فأجابه: كل ما لدي عنها قلته في الموسيقى. ثم يتساءَلُ هوزيه ‘أن تصدر تلك الآلة نغمات موسيقية، فهذا بديهيّ، لكن أنْ تنثَّ الأوتار عطر الياسمين، فهذا ما لا أجدُ له تفسيراً’. (ص139)
ومما يلفت النظر، في تتبع هوزيه- عيسى لمُعاناته مع اللغات، اكتشافه المتكرر للموسيقى سواءٌ تلك التي تصدر عن الآلة مثل الغوزهينغ، أو عن اللسان مثل الأغاريد، أو عن الأيدي مثل التصفيق الإيقاعي، وقد اضطرّ توضيحاً لهذا إلى مُحاكاة الأصوات كتابة بالحروف، فهو يقول بالإنجليزية لركاب القارب ‘أنتم أي الكويتيون- تصفقون هكذا.. تك. تك. تك. بهذا الإيقاع. ويلتفت إلى الركاب عن يساره. وأنتم تصفقون بهذا الإيقاع.. تك. تك. تك. تك… هل هذا واضح؟ ‘ ص 161. وبما أن الأزياء والملابس تمثل نظاما من العلامات في مجتمع ما يميزه عن نظم أخرى في مجتمع آخر، فقد رأى هوزيه- عيسى، عندما عاد إلى الكويت، ما يخالف مدلول العلامة في الفلبّين، من ذلك أن الراية الوطنية مثبتة في أسفل السارية لا في أعلاها ‘ قلت (لغسان) طريقتنا مختلفة في رفع الأعلام، في الفلبين تكون الأعلام في أعلى السارية. هزَّ غسان رأسه، وقال بالإنجليزية، وفي الكويت، وفي كل مكان، ولكن الدولة في حالة حداد.
- حِداد؟
- الأعلام منكَّسة، مات أمير البلاد فجر اليوم.(ص187- 188)
هذه هي الصدمة الأولى التي يتلقاها عيسى- هوزية عند وصوله لما يفترض أنه بلده، غير أن هذه الصدمة تمثل له اكتشافا جديداً، وهو طريقة التعبير عن الحزن على من يُتوفى، لا سيما إذا كان أميراً . وبذلك تنفتح له طريق لرَصْد المختلف والمؤتلف من العلامات. فعندما تجوَّلَ في المدينة تبدَّدتِ الصورة التي ترسخت في ذهنه عن الكويتيين، فمن الملابس يستدل على التنوع الهائل للسكان في الكويت، بعد أن كان يظنهم من لون واحد ‘البعض يرتدي ثيابا تحاكي آخر صيحات الموضة والبعض بالثياب التقليدية (الدشاديش) أناس بالشورت والتي شيرت.. وآخرون يرتدون الجينز. ثياب ضيقة رغم نحافة مرتديها.. آخرون يعتمرون قبّعات والبعض بغطاء الرأس؛ أبيض؛ أو أحمر . ملابس جذابة.. تنانير قصيرة وأخرى طويلة.. ألوان زاهية.. وجلابيب سود داكنة. وأخريات يغطّينَ رؤوسَهُنّ بالأحْجبة’ (ص204) فمثل هذا المونولوج يتضمّن الكثير من الدلالات التي عبرت بها تلك الأشياء من ملابس وأزياء عن مستويات متباعدة منَ المعنى. فقد اضطر لتغيير الفكرة التي ترسخت لديه عندما قابل الشبان السائحين في منتجع بوراكاي. علاوة على هذا يتواتر في الرواية التعبير بالصور المؤطرة المعلقة على جدران غرفة راشد، وتلك التي يحتفظ بها في ألبوم كبير، فواحدة من تلك الصور تمثل الكاتب الشهير ليو تولستوي.. وأخرى تمثل شاعراً كويتيا معروفاً وهو فهد العسكر.. وأخرى تمثل الشيخ عبدالله السالم الصباح، فالصور تشف عن المستوى الثقافي للأب من جهة، وعن هويته الوطنية من ناحية أخرى. وهو في تأمله للصور.. وبحديثه عنها، يسبر غور الحياة الثقافية لموطنه الجديد إذا ساغ التعبير، فقد توقفَ طويلا إزاء الملابس، والذقون، والشوارب، وغطاء الرأس (العترة) والعقال، الذي سماه الحلقة السوداء المُثبّته، وأدهشه أنها لم تكن حلقة في صورة الشخ عبد الهه السالم، بل هي ‘مربعات سوداء متصلة بخيوط صفراء عريضة تربط بينها وتبدو في شكلها كالتاج’ (ص 236) فهو لا يفتأ يعبّر بمثل هذه الأشياء عن اكتناهه لواقع الحياة في بيئته الجديدة بعيداً عن استخدامه الكلمات.
الاختلاف اللغوي
والحقّ أن سؤال التواصل بين عيسى- هوزيه والآخرين في الرواية لا يقتصر على لغة الجسَد، ولغة الأشياء، والتعامل بإشارة الإصبع، أو بصوت الموسيقى، وخشخشة الأشواك، ووشوشة الصخور، وما في الصور من خطوط وظلال، وإنما لا يفتأ يحاول التغلب على عقدة الاختلاف اللغوي. لكن هذا السارد، وهو بطل الرواية، يظلُّ يعاني من ازدواجية المدلول، فعلى سبيل المثال يستخدم كل من هوزيه وغسان كلمة صغيرة بمعنىً مُختلفٍ، لكن هذا الاختلاف ليس نابعاً من جهل المتلقي بمحتوى اللفظة، وإنما من السياق المقامي الذي يشتقّ منه المعنى. فإذْ يعجب هوزيه من خشية عائلة الطاروف بسبب انضمامه إليهم، وأثر ذلك على زواج بناتهم، يقول له غسّان: حكايتك هي حكاية عائلة الطاروف، الكلُّ سيعلم بالأمر؛ فالكويتُ صغيرة. قاصداً بكلمة ‘صغيرة’ سرعة ذيوع الإشاعة، وانتشارها الانتشار الشامل الذي لا يدع صغيرا ولا كبيرا إلا ويعرف بحكاية هوزيه، لكن هوزيه يعلق في نفسه مؤكداً: نعم، صغيرة حتى أنها ضاقت بي.(ص211) فالسياق- ها هنا- يوحي بازدواجية المدلول مع وحدة الدال. والموقف ذاته يتكرّر في الحوار الذي يدور بين نوريّة، عمّة عيسى، وشقيقتها عواطف ‘الكويت صغيرة، والكلام ينتشر بسرعة. لو علم فيصل زوجي- وأهله بأمر هذا الولد ستهتزُّ صورتي أمامَه، وأصبح أضحوكة لأخواته، وزوجات إخْوته..’ (ص 223) وفي مثال آخر نكتشف موقفا معاكساً، فالتجانسُ الصوتي بين كلمة (تعالَ) العربية التي خاطبه بها الخادم الهندي( بابو)، وكلمة (تا- آل) وهي اسْم بركان شهير في باتانغاس يفجّر في ذهنه تساؤلات عن البركان، فيبقى واقفاً إلى أن يشير له الخادم بيده فيفهم أن معنى الكلمة come فيتجه خلف (بابو) إلى المَطبخ. (ص239)
والثنائية هاجسٌ يتخلل نسيج الرواية، فكم من موقف اضطرّ فيه الكاتب لاستخدام كلمات بالأصوات اللاتينية، مكتوبة أو غير مكتوبة، فقد قرأ هوزيه على صناديق الموز المُصَدَّر من الفلبين اسم كويت Kuwait فما كان منه إلا أن انتبه لذلك الاسم، فلاحظ عليه التاجر ذلك قائلا أين تقعُ هذه البلد؟ وبلهجة العارف المتأكد من دقة الجواب، قال هوزيه: قريبة من السعودية. فيعلق التاجر: ‘هم لا يزرعون المَوْزَ هناك، ولهذا يستوردونه من هنا. لو كنتَ موزةً لتمكَّنتَ من الذهاب إلى بلدك’. (ص134- 135) فمثل هذه الإشارة Kuwait استدعت عددا من الإشارات التي تحمل هي الأخرى إشاراتٍ تنم عن توق السارد للذهاب إلى موطن أبيه. والساردُ حائر، وهو يروي الحوادث بلغة فلبينية ينشدُ ترجمتها للعربية، فحين يذكر اسم مكان مُعيّن يكتبه تارة بالأحرف اللاتينية، وتارة بالأحرف العربية، تصريحاً دَوْرا، وتمويهاً وتلميحاً طوراً آخر. فهو بعد أن تحدث مطولا عن معبد سان غوان ذكره بالحروف اللاتينية Sang Guan Temple (ص136) وكثيرا ما تتحول تعبيراتُه لخليط من اللغتين العربية والإنجليزية دون أنْ ننسى العقد المبرم بيننا وبين الكاتب، وهو أن الرواية كتبتْ أصلا بالإنجليزية، ثم جرت ترجمتها للعربية. فعلى سبيل المثال يروي لنا لقاءَه الأول بالشبان الكويتيين عند صخرة ويلز، فيذكر اسم الصخرة بالإنجليزية: ويليز- روك، ثم يلقي التحيّة عليهم بالعربية ‘السلام عليكم’ وهي تحية علمته أمه النطق بها من غير أن يكون على دراية بمعناها، فجوبه بإجابة بصوْتٍ واحد: وعليكم السلام. (ص155) ولكنه ما يلبث إلا قليلا حتى يتحول إلى.. stop.. stop.. قلتُ لهم، سأكشفُ لكم سراً. أنا كُوَيْتيّ. انفجروا ضاحكين. نعم أنت على حقّ، كويتيّ، ولكن made in Philippines (158- 159). ومثل هذا الموقف يتكرَّرُ في أثناء وجوده في الكويت عندما تتصل أخته خولة بغسان، وتخبره بأنّ ماما (غنيمة) وافقت على إقامته معهم في البيت ، فما كاد يسمع حتى اندفع صائحا بتهوّر yes..yesôyes (ص226). وهذا الخليط اللغوي ظاهرةٌ تواجه القارئ من البداية. فعنوان الرواية المؤلَّفُ من كلمتين اثنتين إحداهما عربية، والأخرى (بامبو) ليست عربية bamboo ومن هنا نجد السارد مضطرا ليذكرَ ما الذي يطلقه الفلبينيون على البامبو: كاويان، وفي كثير من البلاد العربية، ومنها الكويت، يسمونه خيزران(ص18). وهذه الإشارة نستطيع أنْ نعدَّها مفتاحاً للمسألة اللغوية والتواصلية في هذه الرواية المحكمة. فالثنائية اللغوية تلوحُ منَ الأسْماء، لا التي اختارها في مرْوياته حَسْبُ، بل من وضع يصفه بكلمة لا تخلو من دلالة، وهي ‘شتاتُ الأسْماء’ (ص 241): جوزفين، وآيدا، وميرلا، وبيدرو، والبومباي، وهم هنود يقيمون في الفلبين ويتعاطون الربا (ص27) ومندوزا، وهو الاسم الأخير لجدّه (ص55) وتشيلنغ ولقبها المقدم على اسمها إينانغ، وألبرتو الذي اقترنت به جوزافين بعد طلاقها من راشد (ص77) وأدريان، وخوزيه ريزال، أحد أبطال الفلبين القوميين(ص114). ومن الأسماء الأعجمية بينياPinya وهو اسم شخصية أسطورية منها اشتق اسم الأناناس Pineapple تضاف لهذا اسم ماريا، وهي صديقة ميرلا، والوشم على ذراع ميرلا mm ويستخدم أوصافا أعجمية في نعته للنساء، مثل المستيزا Mestiza (ص108). وهذه الكلمة ظهرت في الرواية غير مرة بالعربية، والإنجليزية. والصحيح كتابتها بحركة أخيرة ضيقة mistizo وهو لقب يطلق على الشخص الناتج من تزاوج رجل أوروبي بأخرى آسيوية، أو هندو- أمريكية.
والبطل السارد نفسه له أسماءٌ بعدد اللغات التي لها حضورها في الرواية، فهو في الفلبينية هوزيه، وفي الإسبانية خوسيه، وفي الإنجليزية Isa ، وفي العربية عيسى، وهو اسمُ جدّهِ لأبيه، واسم المسيح(يسوع)، ولكنه، مع غناه الفائض بالأسماء، لا يذكر إلا أنّهم ينادونه: أرابوArabo .(ص18)
ولعل هذا ما يدفع به دفعاً للتصريح، من حين لآخر، بأنه يتعذب نتيجة لهذا الوضع التواصلي الذي عانت منه أمّه طويلا قبل أن تكتسب عادة التكلم ببعض الكلمات العربية، مثل: سلام عليكم، وشاي. قهوة. وواحد. اثنان. ثلاثة (ص29) قبل أن يعاني منه هو. مصداق ذلك ما يذكره المؤلف على لسان جوزافين من أنها حين سألت راشداً عما دار بينه وبين غُنَيْمة والدة راشد- فور قدومه للبيت، وعلى يديه طفله حديث الولادة عيسى، فقالت لهوزيه تروي ما كان: ‘ كان أي راشد- يعيد تمثيل المشهد أمامي مترجماً ما دار فيه من حوار كيْ أفهم. بكيت. بكيت كثيرا على والدك يا هوزيه’ (ص44) والموقف نفسه يتكرر مع الابن، فعندما دلف إلى المسجد للمرة الأولى قيل له أن يفعل مثل الذي يفعله الإمام، ولكنه ندم على ذلك لاحقا، وتمنّى أن يكون كويتياً حقا، وأن يذهب مثلما يذهبون للجامع، ويستمع للإمام الذي يقف في المنصة، ويفهم ما يقوله، بدلا ‘من رفع كفيّ مقلداً الرجال من حولي مردّداً كالبَبّغاء آآآآآآمين . آآآآآآآمين ‘ (ص64) ويتكرّر الموقف ذاته مرة أخرى، عندما يعودُ بصحبة غسّان للكويت، ويزوران البيت الكبير للمرّة الأولى، ويتقابل هوزيه- عيسى وعمّته، وأخته خولة، وجدته غنيمة. فهو يراقب أحاديثهم- بعضهم مع بعض بالعربية، فينتبه لتعابير الوُجوه، والأيدي، والحواجب، وحركة السبابة تثبت النظارة على أرنبة الأنف، مشبِّهاً نفسه بمن يشاهد فيلماً بلغة يجهلها، ومن غير ترجمة (218). والطريف في الأمر هو أن هوزيه يتمنى التكلم بالعربية بدلا من الإنجليزية، أو بدلا من لغته الأم الفلبينية، في حين أن الآخرين يحاصرونه، ولا يسمحون له بتجاوز حاجزه اللغوي، فأخته خولة لا تكلمه بالعربية على الرغم من أنه اكتسب الدراية ببعض العبارات والكلمات، وعندما سألها: لمَ تفضّل التحدث بالإنجليزية، أجابتْ: ‘أحبها في المُحادثة أكثر من العربية’ عنئذ قال لها ‘الذي لا يُحبّ لغته الأم أسوأ من سمكة نتنة ‘(ص258). والسمكة النتنة الواحدة تفسد السمك كله في رأي خوسيه ريزال. وحين يتوجّه لبيت جدته (غنيمة) لتهنئتها بعيد الأضحى، وقد تدرب طويلا على النطق بعبارة عيد مبارك يا ماما غنيمة، ساءه أن تدعوهُ إليها بكلمة come .. come وبعد أن دسَّتْ في يده ورقة من فئة عشرين ديناراً قالت له بإشارة من يدها goôgo .. وعندما قرر ترك البيت العائلي، والإقامة وحدَهُ في شقة مستأجرة، طلبت (غنيمة) من خولة أن تترجم لهُ ما تقوله، وهو رفع حظه من الجراية الشهرية مائتي دينار ليصبح مجموع ما يتلقاه كل شهر أربعمائة دينار لا مئتين. فالترْجَمَة تعني أنَّ من حوله يرفضون له أن يتأقلم مع محيطه اللغوي، ويذكّرونه دائماً بأنه غريبُ الوجه واليد واللسان. وعندما قابل الفلبيني إبراهيم سلام، وتعارفا، وتحدثا معاً بالفلبينية، سرعان ما يزل لسان إبراهيم – ظنا منه أنه لا يعرف معنى الكلمة – فيشرح له بطريقة عفوية أنّ سلام تعني peace وهذا هو معنى التحية السلام عليكم.(ص 304)
العبارة المجزأة
ومن الملاحظ أنّ هذا التضايُفَ اللغوي، والتراكُم اللساني، لم يحل دون ظهور الطابع المُحكم للغة السرد، لا سيما غلبة النسق اللغوي الذي تنماز به لغة القصة القصيرة أكثر من الرواية. فهو يجنح إلى العبارة المجزأة التي تُعْرفُ بها كتابة القصة، فها هو يصفُ مشهد غرق أدريان’ هنا. هنا. تصرخ زوجة خالي بيدرو. صراخ ميلا يتبع الـ هنا .. نواح خالتي آيدا. أضواءُ المصابيح اليديوية تتجه نحو مكانٍ واحدٍ.. الكلُّ يجري.. بين بيتنا وبيت جدي.. تبعتهم.. قفز خالي بيدرو في مجرى الماء.. يحمل شيئا. يضعه على حافة المجرى. بريق يضيءُ المكان.. تفرق الجميع. وجه أدرْيان بين كفّيْ خالي.. أزرق. داكن.. سائل أسود كثيف يسيلُ من فمهِ ومنْخَريْه. خالي بيدرو يضغط على صدره .. يضغط. يضغط. يضغط. (ص84-85) فمثل هذه العبارات المجزأة تشي بأنّ الكاتب يروي الحدث على لسان السارد في هيئة لقطاتٍ مُسْتخدماً ما يعرف بتقنية الكاميرا. وهذا النسَق لا يفتأ يتكرر في الحوار الثنائي الذي يدور بين جوزافين وبيدرو الذي أعلمها بتوصيل بضاعة لشركة يملكها رجل أعمال كويتي، نظرت أمي باهتمام إلى وجهه، بعينين نصف مغمضتين، واصل.
- تعود ملكيتها لرجل أعمال كويتي
فتحتْ عينيها على اتساعهما
- أكملْ ، وماذا بعد؟
لم يبعد عينيه عن وجهها، قال
- يقول أحد الموظفين أنه رجلٌ معروفٌ في الكويت
تفرَّستْ أمي وجه خالي، أتمَّ حديثه
- كاتب روائي، أو شيءٌ من هذا القبيل.
انتصبت أمي واقفة قبل أن تقول:
- هل تعتقد..
فبالعبارة الأخيرة، غير المكتملة، عباراتٌ مضمرة، كأنما تقول له هل تعتقد أن لهذا الرجل علاقة براشد، أو يعرف عنه شيئا يمكن أن يفيدنا؟ هيا بنا لمقابلته بسرعة. وهذا كله استغنى عنه الكاتب بالبياض الذي انتهت به العبارة ‘هل تعتقد؟…. ‘ وفي الحوار الذي يجري بين إسماعيل وجوزافين عبارات مجزأة:
- اسمي إسماعيل.
أجابته أمي
- أنا جوزافين سيدي. وهذا عيسى ابن..
واضحٌ أن العبارة لا تكتمل لأنَّ الابن يقاطعُ:
- هوزيه.
صحَّحَتْ والدتي:
- هوزيه، ابني (ص97)
وهذا الاجتزاءُ في العبارة يخفي نوايا جوزافين التي كانت تودُّ لو تقول: ابن راشد الطاروف. ثم استعاضت عن ذلك بعبارة تخفي ذلك الذي كانت تود التصريح به، حين قالت: ابني. ففي الحوار تتجلى العبارة المقتضبة، الموجزة، والناقصة، التي يجنح إليها أكثر كاتبي القصص القصيرة لما تتسم به من تكثيف، وتركيز، يؤثرون معه مثل هذه العبارة. وفي مقام آخر تعاود جوزافين الحوار، مع إسماعيل الكويتي، فتسأله إن كان يعرف كويتيا باسم راشد، فيجيب:
- آلاف في الكويت يحملون هذا الاسم.
- راشد الطاروف سيدي
ارتفعَ حاجبا الرجل إلى الأعْلى ، واصلتْ أمي:
- كاتبٌ، يسكن في ..
- قرطبة؟
فوجئت والدتي
- نعم. نعم سيدي!
- هل تعرفه؟
هز الرجل رأسَه إيجاباً، سألته أمّي
- معرفة شخصية؟
واصل الرجل هزَّ رأسه (ص98)
واضحٌ أنَّ الكاتب يقوم باختزال الحوار عن طريق العبارات الناقصة المُجْتزأة. يسكن في … قرطبة.. ثم الاكتفاء بهز الرأس مرتين، وهي تعني ردا إيجابيا على السؤال المتكرر: معرفة، ومعرفة شخصية. أما الإشارة لكومة الأوراق على المكتب، وادعاء الكويتي أنَّ راشداً موجودٌ فيها، فتلك عبارة أيضاً مجتزأة تفي بمتطلبات الكلام الكثير عن أنه يكتبُ روايةً راشدٌ أحدُ أبطالها، وأن الرواية على وشكِ أنْ تنتهي، لأنَّ بطلها وقع أسيراً في أيدي العراقيين. على أنَّ جوزافين، التي لم تفهم ذلك في أول الأمر، ظنت في الرجل أنَّه مجنون، فالتفتت لابنها هوزيه وقالت له بالفلبينية: تباً لبيدرو. يبدو أن هذا الرجل مجنون. فقاطعها إسماعيل قائلا: لستُ مجنوناً(ص99) ثم أوضح لها ما عناهُ حين أشار للأوراق قائلا راشدٌ موجودٌ هنا.
واستخدام العبارة المُجزّأة في كتابة الرواية هي آخر التقاليع في السرد، والكتابة السردية، وقد لجأ إليها محمود الريماوي في ‘حلم حقيقي’. وها هو سعود السنعوسي لا يفتأ يستخدم هذه الطريقة في السرد تارة، وفي الحوار تارة ، يشهد على ذلك الحوار التالي بين ميرلا وهوزية:
- بماذا تفكّر؟
وكمنْ يُدافعُ عنْ تهمة
- لا شيء
- لا تظنّ أنني لا أفهمك. منذ فترة. نظراتك. تصرفاتك. مستحيل ما تفكر فيه.. هوزيه.
- نعم . نعم مستحيل
- أين تكمن الاستحالة؟
- ابنة خالتي أنتِ
- سببٌ تافه. لن يحول بيني وبين رغبتي، لو رغبت. سبب آخر يمنعني. لو لم تكن رجلا’. ( ص117)
واضح جداً أن ما ذهبنا إليه في الحديث عن تأثر الكاتب بلغة القصة القصيرة، ولا سيما الجنوح للعبارة المجتزأة، يُضفي على الرواية- بصِفةٍ عامّة- طابع التجانس الشكلي، على الرغم من كثرة ما فيها من تراكم لغوي، ومن وسائل تعبير متعدّدة، منها لغة الجسد، ولغة الأشياء، ولغة الموسيقى، والألوان، والمَلابس، والأزياء، والحركات التي تتجلى في الرقص تارة، وفي التعبير عن الحزن تارة، وإمارت الوجه، والعينين، والحاجبين، واليدين، واللغة التي تفسر على غير وجه، وتترجم على احتمالات عدة. مما يؤكد الفكرة التي يذهب إليها بعض الدراسين السرديّين- كميخائيل باختين- من أن الرواية تمثل، بحكم ما فيها من نظام سيميائي، عدداً غير قليل من مُسْتويات اللسان، وأوْضاع الكلام، وتحرّرُ الدوالَّ من مدلولاتها العُرْفيّة الاصْطلاحيّة لأخْرى سياقيّة أوْ ذاتيّة.

*ناقد وأكاديمي من الأردن

قديم 08-31-2016, 12:32 PM
المشاركة 13
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
يسرنا اضافة اي تحليل لهذه الرواية الجميلة

قديم 09-09-2016, 12:24 AM
المشاركة 14
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
May 01, 2016Mohamed Al Marzooqi rated it really liked it

كل شيء في هذه الرواية مختلف: التكنيك، الأسلوب الأدبي البسيط -والعميق في آن-، الحبكة الروائية المتقنة..إلخ وهي رواية مرشحة للقائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية، وسواء ظفرت بها أم لا فإن ساق البامبو ستظل أحد أهم النصوص الروائية في المشهد الثقافي الكويتي لسنوات عديدة قادمة


الجديد في الرواية هو كسر السنعوسي للشكل الفني السائد للرواية، إذ يعمد من البداية إلى إرباك القارئ، فالرواية تبدأ بكلمة للمترجم تجعلك تتساءل ببلاهة "هل الرواية مترجمة؟" لماذا لم يضع اسم الكاتب الأصلي على غلاف الرواية إذا؟ وما هو موقعه من الإعراب بالضبط؟

لا يدوم الإرباك كثيرًا فمبجرد الانتهاء من كلمة المترجم، وسيرته الذاتية الموثقة له وكأنها سيرة حقيقية نكتشف أنه ليس سوى شخصية روائية! وأن السنعوسي خدعنا كقراء، خدعة تشبه ربما تلك التي تعرض لها بطل الرواية عيسى وهو يتخيل -لسنوات- الكويت قطعة من الفردوس سقطت من السماء!

وعيسى أو هوزيه شاب فلبيني كويتي من زواج كاتب كويتي بخادمته الفلبينية، يعيش طفولته وصباه ومراهقته مع أمه في الفلبين ثم يعود إلى الكويت بحثا عن الجنة الموعودة كما كانت تصفها له أمه، فماذا يجد؟ الرواية تكشف ذلك في سرد متدفق يثير دهشة القارئ بقدرة السنعوسي على الإحاطة بالتفاصيل النفسية والاجتماعية لشخصيات روايته، عدا عن التفاصيل الزمانية والمكانية لأحداث الرواية!

قديم 09-09-2016, 12:26 AM
المشاركة 15
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
Jan 07, 2013بثينة العيسى rated it liked it

تقول هيلين كيلر: الحياة إما أن تكون مغامرة جريئة أو لا شيء.

الرواية أيضاً - من وجهة نظري - إما أن تكون مغامرة جريئة أو لا شيء، ومن هنا يجب أن نشيد بهذه الجرأة المغامِرة للكاتب في اختياره الرائع للموضوع، واشتغاله على النص فنياً وبعناية لافتة.

حرصه على التفاصيل، تكبده عناء السفر إلى بلاد أجنبية لكي لا "يفوته" شيء. النقد الثقافي المباشر للخطاب المجتمعي، كل شيء بهذا العمل يدل على مدى جدية الكاتب، والأهم: على تعصب هذا العمل للإنسان أولا، وثانياً، وأخيراً، ودائماً.

أنحاز إلى الموضوع تماماً، وسعيدة جداً بقدرة الرواية على توجيه انتقادات صارمة إلى أماكن حساسة في السيكولوجية الكويتية، قدرتها على فضح مدى تورط هذا المجتمع بالعنصرية منذ الأمتار الأولى في المطار الدولي وحتى صالون العائلة، بدون أن أشعر للحظة بأنه قد تورط في المبالغة أو التقصير.

التحفظ الوحيد لديّ هو في الإسهاب غير الضروري في الحكاية، كان بالإمكان اختصار الكثير من الفقرات.
موفق يا سعود

قديم 09-09-2016, 12:29 AM
المشاركة 16
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
Dec 07, 2012Odai Alsaeed rated it really liked it
.عامدا متعمدا أجدني أتلكأ في قراءة رواية كهذه لما فيها من متعةوابداع ...........مزهوا أتباطأ في خطوات الحرف منتشيا بموهبةهذا (السعود) الذي أبدع في تخطي مرحلة القبول اذا ما أحسن القارئ الظن بذائقتي المتواضعة
هذه الرواية التي حدثتنا عن هوية الانتماء بأنواعه ترفع الستار عن هذا المجتمع الذي يقبع بروح العنصرية رغم صغر مساحته وقلة قاطنيه، يقول السنعوسي في روايته "يصبح الإنسان منا كويتيا وقت الأزمات...ثم سرعان ما يعود
للتصنيفات البغيضة ما إن تهدأ الأمور...أراد الكاتب أن يوصل الرسالة بموضوعية زاجا موضوع الهوية بأشكال متعددة تشعبت من قصة الفلبيني الذي كان بذرة علاقة عابرة بين الخادمة التي جاءت من أقصى الشرق لتخلق قصة معقدة مع ربيبها ...جاء حديثه الذي أراد أن يعالج شي فتفجرت أشياءا لا يمكن أن تكون نهايتها إلا علامات إستفهام أعيت أعرافناالمتوارثة أن تجد لها حلا ..رواية كتبت بقلم فاخر أهديه نجماتي الأربع وأضيف لها نصفا.

قديم 09-09-2016, 02:16 PM
المشاركة 17
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قراءة بقلم الأديب الكبير ايمن العتوم


غيمةٌ ماطرة ٌتستحضرُها أرضٌ بِكرٌ

تقدِمة:
كما لو كنتَ مُهيّأً لدمعةٍ قادِمة بفعل شوقٍ داخليّ وحنين جارف. وكما لو كان القلب ليس في مدى اختلاله مُلكًا لك فيهتزّ مثل جناح عصفورٍ في ليلةٍ شتويّة قارسة. وكما لو كان الوجع حاضرًا في كلّ حينٍ، ومرتسمًا في ثنايا كلّ عبارة، ومختبئًا تحت رفّة كلّ حرف. وكما لو كنتَ مستعدًّا لأن تتخلّى عنك لتتشكّل بوجوهٍ عدّة، وأرواحٍ متعدّدة، وهيئاتٍ مُتباينة. وكما لو كنتَ غيمةً ماطرة تستحضرها أرضٌ بِكرٌ مُجدِبة فيحدث التّلاقي الّذي يُعيد الحياة إلى الأرض بفِعل الكرم الفِطريّ في الغيمة... مثل هذا كلّه هو ما يحدث لِمَنْ يقرأ رواية الكويتيّ: (سعود السنعوسيّ) البديعة: (ساق البامبو).

مُلخّص:
الرّواية تتحدّث عن شخصيّة بطلها: (هوزيه) أو (خوسيه) أو (عيسى) الّذي يُولَد في الكويت لأبٍ كويتيّ هو (راشد)، وأمّ فلبّينيّة هي (جوزافين) كانت تعمل خادمةً في بيتِ أهل زوجها، تنشأ بينهما علاقة المُستمِع بالمتُحدّث، تُصغي المرأة ويبوح الرّجل بما لم يتمكّن ربّما من البوح به حتّى لأقرب النّاس إليه: (أمّه)، فتنشأ بينهما علاقة حُبّ صامتة، تتُوّج بزواجٍ عرفيّ، ينتج عنه إنجابٌ لم يكن في الحُسبان لولا تلك اللّحظة العابرة في مركبٍ قديم بعُرض البحر يقضي فوقه الأبوان الليلة الّتي ستشهد على ولادة شخصيّة البطل (عيسى).
يُخفي الأب (راشد) عن أمّه (غنيمة) خبر زواجه العرفيّ بــ (جوزافين)، ولكنّ الأمّ تعرف أنّ الخادِمة حاملٌ من انتفاخ بطنها، تُباغِتها بالسّؤال مُقرّرة سلفًا أنّ الخادمة قد مارست الفاحشة مع واحدٍ من الخدم، يتدخلّ (راشد) في لحظةٍ فارقة فيعترف أنّ الجنين الّذي في بطن (جوزافين) عائدٌ له، تُنكر الأمّ (غنيمة) بفعل الصّدمة... الإنكار يستمرّ لسنواتٍ وربّما لا ينتهي حتّى ولو انتهت الرّواية... تُنجِب (جوازفين) ابنها (عيسى)، ثمّ تحدث المصادمات بين الابن (راشد) وأمّه، وينتهي الأمر بحجز تذكرة طائرة لامرأته الفلبّينيّة ليرحّلها هي وابنهما إلى الفلبّين، واعِدًا أنّ (عيسى) سيعودُ يومًا ما إلى وطنه أو إلى جنّته المفقودة؛ الكويت... تظلّ الأمّ على حبّها الجنونيّ الصّامت لراشد وهي في الفلبّين، وتتلقّى منه الرّسالة تلو الأخرى، وتقرأ بعضها لـ: (هوزيه) أو (خوسيه) أو (عيسى) وتستمرّ في تمْنية ابنها بالعودة إلى بلاد الأحلام... في الفلبيّن تظهر شخصيّات جديدة، مثل جدّ (عيسى) وهو (ميندوزا) الّذي كان ضابِطًا في الجيش وتقاعد، وأمضى بقيّة حياته في المراهنة على صِراع الدّيكة، وخالته (آيدا) الّتي كانت بغيًّا وأنجبت ابنتها (ميرلا) الّتي وُلِدت يوم ماتتْ جدّته؛ (ميرلا) الّتي استقرّتْ نُطفتها في رحم أمّها الفلبّينيّة كانت قد انتزعتْ ملامحها من أكثر من يدٍ عابِثة من تلك الأيدي الّتي طافتْ بأمّها؛ غير أنّ وجهًا أوروبّيًا واحِدًا استطاع أن يحتلّ موضع السّيادة ليُشكّل مظهرها الخارجيّ في العينين الزّرقاوَين والوجه الأبيض. تظهر الميول المِثليّة عند (ميرلا) أو هكذا كانت تتظاهر لتصرف عنها (هوزيه) الّذي عشقها عِشقًا أسطوريًّا... تحدث بعض المفاجآت... تستمرّ رتابة الحياة في الفلبّين... تبحث الأمّ (جوزافين) عمّن يُساعد ابنها (عيسى) في العودة إلى الكويت، تستعين بـ (إسماعيل فهد إسماعيل) الرّوائيّ الكويتيّ الّذي استقرّ في الفلبّين بعد تحرير الكويت لستّ سنوات ليكتب روايةً تؤرّخ لزمن الاحتلال... يُخبرهما إسماعيل أنّ (راشد) قد وقع في أسر قوّات الاحتلال... فيما بعد يكتشفان ما هو أبعد من هذه الصّدمة الأوّليّة؛ فلقد استُشهد (راشد) ودُفِن في مقابر جماعيّة مع مجموعةٍ من المُقاوِمين في جنوب البصرة... يظهر (غسّان) صديق أبيه القديم، ويستخرج له أوراقًا ثبوتيّة يستطيع من خلاله العودة إلى وطن أبيه... في الكويت يعيش (عيسى) غربةً مُضاعفة في وطنه، وهناك تحدث سلسلة مُتشابكة من المتناقِضات، يعيشها البطل بكامل تفاصيلها، ومن خلال هذه المتناقِضات يُوجّه الكاتب سِهام انتِقاده إلى المجتمع الغاصّ بها... يلفِظ الوطن أبناءه، يقرّر (عيسى) في النّهاية العودة إلى الفلبّين، لم يكنْ يحمل من إرث الكويتيّين غير صوتِ أبيه، حتى جدّته (غنيمة) الّتي بكتْ يوم سمعتْ صوتَه الّذي يُشبه صوتَ ابنِها راشد لم تتمكّن من الاحتِفاظ بحفيدها من ابنها الغالي لأنّ المجتمع لا يتقبّل أن يندمج فيها ابنُ الخادِمة... يعود (هوزيه) إلى الفلبّين بعد أن يتزوّج من حبيبته (ميرلا) ابنة خالته، وتنتهي الرّواية بهذا، تارِكةً عددًا من التّشابكات والفلسفات الّتي يُمكن استخلاصُها من الرّواية...

خطايا المُجتَمع:
تحفل الرّواية بالنّقد الّذي يوجّهه الرّوائي (سعود السّنعوسيّ) إلى جملةٍ من القيم السّائدة في المجتمع، ويُقابِلها بالسّخرية حينًا، وبالمرارة أحيانًا أخرى، وتارِكًا المساحة حُرّة ثالِثةً للقارئ نفسه ليحكم على هذا المجتمع الّذي تسود فيه هذه المُعتَقدات.
أولى خطايا مجتمع عائلة (الطّاروف) وهي العائلة الّتي ينتمي إليها (راشد) والده للبطل، أنّ هذه العائلة لا تقبل بأن تتزوّج من عائلةٍ أخرى، أو تُزوّج بناتها إلاّ حسب تقاليد صارمة: (قبل أن تقع في الحبّ يجب أن تختار الفتاة الّتي تُحبّها. الرواية ص 37)، تقاليد قد تجرّ الويلات على الأطراف جميعها، فمثلاً راشد نفسه الّذي أحبّ فتاةً في الجامعة لم تقبل أمّه (غنيمة) أن تُزوّجه إيّاها ربّما لأنّ عائلة هذه الفتاة ليست بمستوى عائلة (الطّاروف) مِمّا اضطرّ (راشد) المُثقّف والواعي والقارئ أن ينحو بعاطفته تُجاه خادمةٍ لم يكنْ لها من ميزةٍ – كما تذكر الرّواية – إلاّ أنّها أجادت الإصغاء إليه. هذه الخطيئة لم تتوقّف هنا، بل أدّت إلى طرد الأمّ الفلبّينيّة، واضطرار (راشد) الزّواج من (إيمان) الّتي لم يعرفها ولم يُحبّها، وأنجبتْ له (خولة) الّتي كانت هي الأخرى ضحيّة هذه التقاليد، ومحكومة بقوانين العائلة الظّالمة، فلم تستطع – مثلاً – أن تُساعد أخاها البطل على الاندِماج في العائلة الممتدّة، واستسلمتْ أخيرًا للأعراف الّتي هي أقوى منها، وهربتْ باتّجاه عائلة أمّها، وأمّها (إيمان) تخلّت عن بيت الطّاروف، وتزوّجت بآخر ونسيتْ فيمن نسيتْ حتّى ابنتها (خولة) هذه!!!
من الخطايا كذلك، ما كانت تعتمده الأم الكبيرة (غنيمة) جدّة البطل من التّطيّر، كانت تؤمن بكثيرٍ من الخُزعبلات وتبني على أساسها حياتها، هذه الخُزعبلات استطاع الكاتب أن ينفذ من خلالها لنيتقد هذه الفئة من الجدّات المُترَفات اللّواتي يُنفقن الأموال والسّاعات في تفسير حلم أو مشهدٍ أو موقف...
يختزل الرّوائي البديع (سعود السّنعوسيّ) هذه المشاهد القاتِلة في عبارات مُقتضبة، ربّما سيكون من المفيد الإشارة إلى بعضها:
- "تعرّفتُ من خلال غسان على نوعٍ جديدٍ وفريدٍ من البشر. فصيلة جديدة ونادرة" ص192: هو هنا ينتقد أولئك الصّنف من الكويتيّين الّذي يرون أنفسهم بشرًا لا كسائر البشر.
- "إن كان الشّرطيّ سارِقًا... ماذا يفعل اللّصوص إذًا؟" ص 198: هو هنا ينتقد شريحة من اللّصوص الّذين ينتكّرون بزيّ شرطة ويقومون بسرقة نقود النّاس بادّعائهم التّفتيش على هُويّاتهم.
- "أبو سيّاف أو جماعته الّذين يموّلون نشاطهم عن طريق السّلب والنّهب وابتِزاز الشّركات ورِجال الأعمال الأثرياء..." ص209: ينتقد الجماعات الجِهاديّة الّتي تقوم بالتّفجيرات في أكثر من مكان، وتقتل – مثلاً – مُخرج فيلم (الرّسالة) الّذي تعرّف البطل من خلاله على شيءٍ من الإسلام، ويتساءل حين يُقارن بين القاتل (الجماعات الجهاديّة) والمقتول (مخرج فلم الرّسالة) من هو الإسلام منهما أو فيهما؟!
- "إذا ما سألكَ أحدُ الجيران أو خَدَمهم... أنتَ الطّبّاخ الجديد" ص 230: هذا ما قالتْه خولة له نقلاً عن جدّتهما (غنيمة)، انظر مستوى الازدِراء الّذي ينظرون به إليه، مع أنّه ابن عائلة الطّاروف، والوحيد الّذي يحمل اسم العائلة: عيسى راشد عيسى الطّاروف.
- "لم تكنْ جدّتي توافق على احتِكاكي ببقيّة أحفادها، ولا أن يعرفوا شيئًا من أمري؛ لأنّ السّمكة الفاسِدة كما تقول تُفسِد بقيّة الأسماك" ص 245: انظر إلى هذا المستوى من الدّونيّة الّتي تُعامله جدّته بها.
والمقام لا يتّسع لمزيدٍ من الشّواهد على سلسلة من الاحتِقارات والمظالم الّتي تعرّض لها وهو يعيش في الكويت..



خِلاف المُتوقّع:
أتقن السّنعوسيّ في هذه الرّواية اللّعب بمشاعر القارئ، والانتِقال بتوقّعاته من فضاءٍ إلى آخر، وحبسَ الأنفاس في أكثر من موقعٍ انتظارًا لنتيجةً ظلّ خيالُ القارئ يُطاردها دون أن يُمسِكَ بها، وهذا يُحسَب له في منزلة التّشويق الّذي هو أحد العناصر المهمّة في التّقنيات المُستخدمة في فنّ الرّواية، وحسبُنا أن نذكر مثالين أو ثلاثة للتّدليل على هذه النّقطة:
- الأوّل: حينَ مات (ميندوزا) ماتت بعده بأسبوع (إينانغ تشولينغ)، وطوال الرّواية من أوّلها حتّى صفحة 176 ظللنا نظنّ أنّ (إينانغ) ما هي إلاّ امرأةٌ طيّبة عند بعضهم، وساحِرة عند آخرين كان النّاس يُشفِقون علها أحيانًا بوضع بعض أطباق الطّعام أمام باب غرفتها دون أن يدخلوا الغرفة إمّا خوفًا أو تطيُّرًا، ولم يَدُرْ في خَلَدنا البتّة المُفاجأت الّتي صُعِقنا بها في نهاية هذه المرأة، فأوّل المفاجآت أن جدار غرفة (إينانغ) ظلّ طيّ الكتمان حتّى ماتت، وحينَ دخل بعض الجيران غرفتها رأوا صور الجدّ (ميندوزا) تزيّن هذه الجدران بأشكال مختلفة، وأوحى لنا الكاتب أنّ (ميندوزا) الجدّ الّذي خدم في سِلك العسكريّة له مُعجَبات ومن ضمنهنّ (إينانغ)، وهذا ما وقَر في ذهن (ميرلا) أيضًا، ولكنّ المفاجأة الّتي أطلقتْها (آيدا) كانت صاعقة؛ إذ تبيّن أنّ (إينانغ تشولينغ) هي أمّه لـ (ميندوزا)، وحينها لن تستطيع أن تُمسِكَ العبرات الذّارِفات من عينِك وأنتَ تتخيّل مدى قساوة الابن الّذي عزل أمّه في غرفةٍ لا يراها فيها أحدٌ ولا ترى أحدًا طوال هذه السّنين وكيفَ كتم عن الجميع تقريبًا خبر أنّه هذه العجوز الّتي تُزدَرى هذا الازدِراء هي أمّه. غير أنّ المفاجأة الأكبر ستكون حينَ يسأل البطل خالته (أيدا): (تلك العجوز والدة ميندوزا... من يكون والده) فيأتي الجواب الصّافِع: (ليس له أب...) وكأنّ الجواب يريد أن يُذكّر البطل بأنّه لا أب له، وإن كان في الحقيقة موجودًا إلاّ أنّه أبٌ غائبٌ أو مقتولٌ أو مفقودٌ أو سمّه ما شِئت.
- الثّاني: حينَ كانت (ميرلا) تصعد مع ابن خالتها البطل (عيسى) أو (هوزيه) أو (خوسيه) أحد المرتفعات الجبليّة الشّاهِقة السّاحرة في الفلبّين اشتعلتْ في نفس البطل الرّغبة الجِنسيّة، فحاول أن يقترب من (ميرلا) الّتي منعتْه من أن يحقّق رغبته، في تلك اللّحظة كُنّا نظنّ نحن القرّاء كما استطاع الكاتب أن يُوحي لنا أنّ (ميرلا) رفضتْ (عيسى) ولم تُمكِّنْه من نفسها لأنّ اختلاف الدّين بين الاثنين حال دون ذلك، ولكنّ المفاجأة أنّها قالت له: (سبب تافهٌ كهذا لن يحول بيني وبين رغبتي لو رغبتُ) (الرّواية ص117) فكانت المُفاجأة تختبئ خلف المقولة الأخرى لها: (لو لم تكُنْ رجلاً...) وهذا وضعْنا أمام ما توهّمْنا في تلك اللّحظة أنّها حقيقة وهي أنّ (ميرلا) مِثليّة... ولكنّ هذه الفاجأة ذاتها تضمحلّ في نهاية الرّواية إذْ تصعقنا مفاجأةٌ مُغايرة لها تمامًا، ونكتشف أنّ (ميرلا) ليستْ مِثليّة، وأنّ الحبّ كان مُتبادلا بينها وبين البطل، ولكنّه كان صامِتًا من جهتها، وصارِخًا من جهة بطلها.
- الثّالث: أنّ الكاتب أوحى لنا عبر صفحات طويلة في الثّلث الأخير من الرّواية أنّ (ميرلا) غابت عن الوجود فترةً طويلة، وانقطعتْ رسائلها، وووقعْنا في وَهْم أنّها انتحرتْ، وجاء الكاتب لنا بقصّة (إبراهيم سلام) الّذي يُترجم أخبار الفلبّينيّن من العربيّة إلى الفلبّينيّة، ورمى بين أيدينا بخبر فتاة فلبّينيّة تنتحر، فينصرف الذّهن إلى أنّها (ميرلا)، وتموت بالفعل (ميرلا) من ناحية الظّهور في هذا الثّلث الأخير من الرّواية، إلاّ أنّها تعود للظّهور بشكلٍ مُفاجِئ وصاعِق في النّهاية، وهي تنعم بالدّفء والأمان مع زوجها وابنهما، فيقول على لسان البطل: (سأترك ورقتي الأخيرة هذه لأتفرّغ لمشاهدة وجه صغيري المطمئنّ في نومه بين ذراعيّ أمّه) (الرّواية ص396).

السَّبْك الهرميّ والأفقيّ:
الرّواية بِناء، والبناء يحتاج إلى مهندسٍ لبيب، وبانٍ حكيم، ومعماريّ ساحر؛ هكذا صنع (السّنعوسيّ) في روايته؛ هذا الحشد من الشّخصيّات، على اختلاف أجناسِها وأعمارها وأمكنتها وأزمانها، وهذه العلاقات المُتشابِكة بينها كان يُمكن أن تصبح مقتلاً للرّواية لولا أنّها وجدتْ لاعِبًا مُحترفًا قادها في ملعبه الخاصّ عبر ما يقرب من (400) صفحة دون أن يُصيبها الشّلل أو النّمطيّة. ففي السّبك الهرمي انتظمَ الرّوايةَ عمودٌ مِحوريّ دارتْ حوله الأحداث، وانفرجتْ من حوله العُقَد. وفي السَّبْك الأفقيّ انتظمَ الرّواية خيطٌ ممتدّ كنهرٍ ممتدّ نبتتْ على جانبيه أفكار تلك الشّخصيّات وأوهامها وأحلامها وتناقضاتها. ومِمّا يُحسَب للكاتب أنّه اعتمد فِكرة العُقَد المتعدّدة، والذُّرا المتنوّعة، فأنتَ تجد لكلّ مجموعةٍ من الأحداث عُقدتَها الخاصّة، مِمّا يعني أنّ الرّواية لم تقم على عُقدةٍ واحدة، مِمّا يعني أكثر أنّ (السّنعوسيّ) أراد أن يُبقي عنصر الدّهشة قائمًا عبر مسيرة الرّواية بأكملها، وهذا يعني أنّنا أمام حَبْسٍ للأنفاس يتكرّر كلّما صعدْنا ذروةً جديددةً من ذُرا الرّواية!!

العبارات المُكثّفة:
حفلتْ الرّواية بالعبارات المكثّفة الّتي تلخّص موقفًا، أو تختزل فِكرةً، وبعضُ هذه العبارات تسرّبتْ إلينا من أجل أن يُسرّب من خلالها الكاتب مُعتَقداته وأفكاره، وهو – وإن بدا موضوعيًّا في كثيرٍ من الحالات هنا أو هناك – إلاّ أنّه قادَنا إلى منطقته المُضيئة الّتي يُريدنا أن نراها سواءً أكان ذلك بمعرفتنا أم من دونها.
من العبارات المُكثّفة الّتي تصلح أن تكون عنوانًا لمضامين واسِعة:
- "ليس المؤلم أن يكون للإنسان ثمنٌ بخس، بل الألم كلّ الألم أن يكون للإنسان ثمن" ص20.
- "قبل أن تقع في الحبّ... يجب أن تختار الفتاة الّتي تقع في حبّها". ص37.
- "إذا صادفْتَ رجلاً بأكثر من شخصيّة فاعلمْ أنّه يبحث عن نفسه في إحداها؛ لأنّه بلا شخصيّة". ص61.
- "مَنْ كان بوُسعه أن يقبلَ بأن يكون له أكثر من أمٍّ سوى مَنْ تاه في أكثر من.. اسم.. أكثر مِن... وطن... أكثر مِن... دين؟!" ص102.
- "نحنُ لا نكافئ الآخرين بغفراننا ذنوبهم، نحن نُكافِئ أنفسنا ونتطهّر من الدّاخل". ص167.
- "كلّما شعرتُ بالحاجة إلى شخصٍ يُحدّثني.. فتحتُ كتابًا" ص259.
- "اليد الواحدة لا تُصفّق، ولكنّها تصفع، والبعض ليس بحاجةٍ إلى يدٍ تُصفِّق له، بقدْر حاجته إلى يدٍ تصفعه، لعلّه يستفيق". ص277.
- "العُزلة زاويةٌ صغيرةٌ يقف فيها المرء أمام عقله، حيثُ لا مفرّ من المواجهة" ص302.
- "هو الحبّ الّذي يجعل للأشياء قيمة" ص 304.
- "لا يُقدِم على الانتِحار سِوى إنسانٍ جبانٍ فشل في مواجهة الحياة، وإنسانٍ شُجاع تمكّن من مواجهة الموت". ص 321.
- "المرأة بعاطفتها إنسانٌ يفوق الإنسان". ص 322.
- "بعضُ المشاعر تضيقُ بها الكلمات فتعانِق الصّمت". ص 350.
- "الكلمات الطّيّبة لا تحتاج إلى ترجمة، يكفيكَ أن تنظر إلى وجه قائلها لتفهم مشاعره وإنْ كان يُحدّثك بلغةٍ تجهلها". ص 354.
- "إنّ الّذي لا يستطيع النّظر وراءه؛ إلى المكان الّذي جاء منها لن يصل إلى وجهته أبدًا" ص383.

وبعدُ..
فإنّ الرّواية أوسع من أن تُحيطَ بها مراجعة عابرةٌ مثل هذه؛ عوالمها الممتدّة والمتداخلة في آنٍ واحدٍ تحفّزك على أن تكتب المزيد، غير أنّه يكفيكَ من السِّوار ما أحاط بالمِعصم، وعليه فهذه تحيّة وتهنئة أُزجيها إلى هذا الرّوائيّ الّذي استطاع أن يُمسِك بخيوط الحكاية، وينثر بيلسانها أمام أيدينا لننظر أيّها أزكى منظرًا، وأبهى جوهرًا، وأبلغ دلالةً.

قديم 09-13-2016, 04:20 PM
المشاركة 18
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قالوا عن رواية ساق البامبو

" أتقن السّنعوسيّ في هذه الرّواية اللّعب بمشاعر القارئ، والانتِقال بتوقّعاته من فضاءٍ إلى آخر، وحبسَ الأنفاس في أكثر من موقعٍ انتظارًا لنتيجةً ظلّ خيالُ القارئ يُطاردها دون أن يُمسِكَ بها، وهذا يُحسَب له في منزلة التّشويق الّذي هو أحد العناصر المهمّة في التّقنيات المُستخدمة في فنّ الرّواية"

الاديب الكبير ايمن العتوم

قديم 09-14-2016, 11:25 AM
المشاركة 19
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عبقرية السنعوسي في "ساق البامبو"
منال الخلايلة
23/6/2015

رواية "ساق البامبو" الحائزة على جائز البوكر العربية لعام 2013 كتبها الكاتب والصحفي الكويتي "سعود السنعوسي"، والذي صدر له سابقاً رواية "سجين المرايا ".

الرواية واقعية خيالية رائعة ومتكاملة من حيث اللغة والحبكة والأحداث والمواضيع المطروحة، حيث تتناول الرواية موضوع العمالة الأجنبية والطبقية والزواج المختلط في المجتمع الكويتي، بالإضافة إلى رسائل غير مباشرة دينية وتاريخية وسياسية. اقرأ أيضًا:*رحلة عقل؛ من الإلحاد إلى الإيمان.

تدور أحداث "ساق البامبو" بين الفلبين والكويت في رحلة للبحث عن الذات، بطل الرواية (هوزية الفلبيني أو عيسى الكويتي) ثمرة زواج مؤقت بين راشد الكويتي المسلم ابن عائلة الطاروف الكبيرة والخادمة الفلبينية المسيحية جوزافين، وقد تم رفض هذا الزواج من قبل المجتمع الكويتي وما نتج عنه من ذرية، ليعيش هوزيه في الفلبين مع والدته في الفقر والعوز حتى سن النضج، ليعود إلى الكويت للقاء عائلته الكبيرة الثرية بعد وفاه والده في حرب الخليج، حاملاً معه وجهه الفلبيني الملامح والذي كان سبباً في رفضه وعدم تقبله مما أدى في النهاية إلى عودته للفلبين لا يحمل معه سوى حفنة من تراب قبر أبيه. اقرأ أيضًا:*الفيلسوفة جوديث بتلر؛ حول أهميَّة الإنسانيَّات ولمَ نقرأ.

*



*

قام السنعوسي بتجسيد عدة أفكار ذكية في هذه الرواية، منها خدعة الصفحة الأولى للرواية التي قام بها لاقناع القارىء بواقعية أحداث الرواية وشخوصها، حيث أوحى بأن الرواية هي سيرة ذاتية كتبت بقلم "هوزيه ميندوزا" باللغة الفلبينية بعنوان "ang tangkay ng kawayan" وترجمت إلى اللغة العربية بواسطة إبراهيم سلام ودققت من قبل خولة راشد.

*

وقد أحكم خدعته هذه من خلال الكلمة التوضيحية للمترجم، والذي أخلى فيها مسؤوليته عما جاء في الرواية من آراء وأسماء وتفاصيل وأسرار تمس الحياة الشخصية لأصحابها، إضافة إلى وضع الحواشي التوضيحية داخل الرواية بالاشتراك مع المدققة، ليتبين فيما بعد أن إبراهيم وخولة هما من الشخوص المحورية داخل العمل. اقرأ أيضًا:*قراءة في "شجون مصرية".

*



*

كما أنه في صفحة التعريف عن المترجم ذكر منجزاته والمواضيع التي قام بنشرها، والتي تبين فيما بعد إنها النقاط الرئيسية في الرواية.*وهي كالتالي:

1- 10 أعوام في الكويت:*شرّح الكاتب المجتمع الكويتي بإيجابياته وسلبياته موضحاً الطبقية وتقسيم العائلات وتصنيفها، كما جعلنا نشعر بالحب والانتماء الرائع لبلدهم وتفاعلهم في حالات الفرح والحزن.

*

2- الدين ليس كما نفهم:*تطرق الكاتب إلى فهم الناس للدين بشكل خاطئ من خلال معامله الناس بتمييز في العرق واللون والجنس، والذي نهت عنه الديانات المسيحية والبوذية والإسلام.*مرر الكاتب تلك الرسائل الرائعة بطريقة بسيطة من خلال رحلة هوزيه في البحث عن الإله.

*

3- الثقافة الإسلامية للمهتدين الجدد:*من خلال علاقة إبراهيم بالبطل هوزيه طرح الكاتب فكرة محاولة هداية الآخرين للإسلام عن طريق ذكر معجزات باطلة كقراءهة اسم محمد النبي على ثمرة بطيخ، وتشبيهه لما يحدث في الفلبين من رؤية العذراء في مكان ما تبكي فيتم تحويل المكان إلى مزار، فيطالب إبراهيم بالاكتفاء بقراءة نصوص القرآن بدلا من استعراض براهين واهية تضعف الدعوة، مؤكدا على أن مكان الإيمان هو القلب.

*

4- العمالة الأجنبية:*من خلال علاقة العائلات بالخدم، والزبائن بعاملي المطاعم، ركز الكاتب على أسلوب التعامل مع العمالة الأجنبية وكأنهم ليسوا بشرا ولا أهمية لهم، بالإضافة إلى تحرش البعض بهم أيضاً.

*

*



*

*

أما بالنسبة لغلاف الرواية وعنوانها “ساق البامبو” فقد كان متفقا مع المحتوى بشكل رائع فالتشابه واضح بين البامبو وهوزية الفلبيني/ عيسى الكويتي وقد كان ذلك واضحاً في المقطع التالي من الرواية:*"لماذا كان جلوسي تحت الشجرة يزعج أمي؟ أتراها كانت تخشى أن تنبت لي جذور تضرب في عمق الأرض ما يجعل عودتي إلى بلاد أبي أمراً مستحيلاً؟ ربما. ولكن، حتى الجذور لا تعني شيئاً أحياناً.*لو كنت مثل شجرة البامبو، لا انتماء لها، نقتطع جزءاً من ساقها نغرسه، بلا جذور في أي أرض لا يلبث الساق طويلاً حتى تنبت له جذور جديدة.. تنمو من جديد.في أرض جديدة.. بلا ماض.. بلا ذاكرة.. لا يلتفت إلى اختلاف الناس حول تسميته.. كاوايان في الفلبين..خيزران في الكويت..أو بامبو في أماكن أخرى". اقرأ أيضًا:*في استخدام الراوي العليم: أورهان باموق وميشيل ويلبيك أمثلة.

*

أما بالنسبة لاختيار الإسمين (عيسى/ هوزيه) أيضاً لهما دلالة كبيرة وليسا مجرد صدفة، فعيسى كان مرتبطاً بوالدته التي ربته كما أنه سمع عن والده منها واحبه واشتاق إليه دون أن يراه كالمسيح. أما هوزيه فهو مأخوذ من اسم البطل القومي الفلبيني هوزيه ريزال الذي كان يتصف بالتأمل وبالمثابرة والمقاومة.

*



*

*

جلوس البطل متأملاً تحت الشجرة لم يكن مصادفة أيضاً فقد كان بوذا يجلس تحت شجرة التين، لممارسة التأمل والتفكر والاستنارة.*لقد طرح السنعوسي أفكاراً عديدة يطول الحديث عنها، فالرواية غنية جداً فقد طرح أيضاً قضية البدون من خلال شخصية غسان الذي خدم في الجيش الكويتي ومع ذلك لا يمتلك الجنسية الكويتية، وقضايا حقوق الإنسان من خلال هند الناشطة في حقوق الإنسان والتي لم تستطع أن تدافع عن حق ابن أخيها على أرض الواقع، بالإضافة إلى قضية الشذوذ في شخصية ميرلا والتفكير في الأسباب التي قد تؤدي إلى هذا السلوك. اقرأ أيضًا:*الأدب في رمضان: 4 مسلسلات تتقدّم المشهد.

*

من الأشياء اللطيفة التي لفتت نظري في "ساق البامبو" دقة التفاصيل من قبل الكاتب حيث يجعل القارىء يشعر بأنه في الفلبين فعلاً، فتارة يذكر قطعة موسيقية شهيرة وتارة نستمع إلى أغنية مشهورة، بالإضافة إلى تعريفنا على البطل القومي الفلبيني "ريزال" والسلطان المسلم "لابو_ لابو" وديانة الريزاليستا مما أعطانا بعدا ثقافيا للفلبين.أعتقد أن الكاتب نجح في إيصال رسائله للقارىء ببساطة وجمالية وبراعة.

*

من ساق البامبو المليئة بالاقتباسات الرائعة اخترت لكم :*

"إنه قدري، أن أقضي عمري باحثا عن إسم ودين ووطن."
* * * *هوزية

*

*

*

*"كل شيء يحدث بسبب ولسبب"
* * * * * جوزافين.
*
مؤخرًا تمّ تحويل رواية ساق البامبو إلى مسلسل تلفزيوني رمضاني، اضغط لمزيد من التفاصيل حول مسلسل ساق البامبو.
الصور الواردة في المقال من المسلسل.
*
منال خلايلة
23-06-2015

قديم 09-22-2016, 12:05 AM
المشاركة 20
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
Mar 19, 2013
mai ahmd rated it really liked it
Shelves: روايات

الغربة ليست أن تعيش بعيدا عن وطنك ولكن أن تعيش غريبا فيه
الروايات التي تعري المجتمع وتعرينا وتشير إلى التناقضات التي نعيشها هي تلك الروايات التي لا يمكن أن تمر مرورا عابرا بل هي الرواية التي يجب أن يقرأها الجميع ،يبدو السنعوسي وكأنه يضغط على الجرح بشدة يؤلمنا بشدة أيضا
فالكتابة عن الأمور المسكوت عنها المحرم تجاوزها يحتاج لجرأة ، لا تبدو المشكلة أزمة هوية وإنتماء بل أكبر من ذلك المشكلة فينا وفي ثقافة المجتمع في التقاليد البالية التي نتمسك بأطراف ثوبها على الرغم من إنها قد تدوس على أجمل وأعظم المعاني الإنسانية

حين بدأتُ قراءة الرواية كنتُ أخشى من أن تدور الرواية في فلك رثاء النفس كروايات عربية عديدة تقع في هذا الفخ غير أن الرواية تجاوزت هذا الأمر وإن لم يخلو الأمر منه بدرجة مقبولة

الراوي على الرغم من إنه الجزء الهام في الرواية وفي محاولة منه لفهم المجتمع قام بدور المراقب الإجتماعي أيضا .. الكاتب رسم شخصياته بجدارة وكأنها حقيقية وهذا أكثر مالفت انتباهي في هذه الرواية لا يمكن أن تكون قرأت هذه الرواية دون أن ترسم شخوص الرواية في ذهنك وكأنك رأيتها شخصية عيسى التائه ما بين ثقافة وأخرى ما بين دين وآخر الجد مينوزا الملعون بماضيه والغائب عن حاضره إيدا المتمردة و ابنة الخالة ميرلا غسان المكلوم بحبه وهويته الضائعة والأم غنيمة الجبل الذي هزته ريح عاصفة
يمكن أن أقول أن الأمر تجاوز معي حد الشكل لقد كنتُ أرى تحركات الشخصيات تعابيرهم وإنفعالاتهم وأمضي بعيدا في خيالي للدرجة التي كنت أعرف ما هي ألوان ملابسهم نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

لامستني جدا هذه الرواية أحيانا كنتُ أشعر وكأن هناك من يهيل عليّ التراب
بكيت لأنني على يقين أن قصة عيسى موجودة بأشكال عدة ووجوه كثيرة قد لا تحمل وجه الفلبين .. وجوه تخلى عنها الآباء والأمهات كصفحة مزقت من كراسة وطارت في الهواء أينما تمضي بها الريح ستمضي

حبكة الرواية في رأيي ناضجة على إن الرواية لا تخلو من بعض العيوب فهناك حشو بين الصفحات زوائد لا تحتاجه الرواية كقصة لابو لابو وأبو سياف وغيرها وإن ظن الكاتب إنها تخدم الرواية شخصيا لا أظن ذلك وأعتقد إنها مقحمة في النص بلا داع

أخيرا هذه الرواية مرشحة للبوكر العربي ضمن القائمة القصيرة وهي الرواية الوحيدة من ضمن ما قرأت أتمنى فوزها
قال فيها الكاتب تلك الأشياء التي لا تُوّد أن تُسمع

هذه الرواية مثالية لأن تثير حزنك وربما إستفزازك


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: رواية ساق البامبو لـ سعود السنعوسي ...دراسة تحليلية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصيدة طفولة الحرمان - اليتيم: للشاعر فؤاد الزهيري - دراسة تحليلية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 31 01-28-2017 11:12 AM
يتيم الشعر وطاقة البوزيترون: دراسة تحليلية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2 10-01-2016 04:18 PM
رواية «ساق البامبو» والهجنة السردية : بقلم سعاد العنزي ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 1 10-07-2014 08:56 AM
المصطلح النحوي .. دراسة نقدية تحليلية - أحمد عبد العظيم عبد الغني د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 06-18-2014 09:19 PM
سميرة رجب: امرأة تغرد خارج السرب - دراسة تحليلية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 7 12-05-2010 11:47 PM

الساعة الآن 10:31 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.