قديم 01-22-2011, 02:58 PM
المشاركة 21
رشيد الميموني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأديب العزيز رشيد الميموني المحترم

من ناحية أولى فأنا أتابع ما تقدمه هنا من جمال . . وسأكتب ما يناسب من تعليق في الوقت المناسب . .

ومن ناحية ثانية وحسب ما نرى من تفاعل الأعضاء الكرام مع النص . . فلا مجال لنقله أبداً . . ألست معي في ذلك . .

تقبل محبتي واحترامي. .

دمت بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **
الأخ الغالي أستاذ أحمد فؤاد صوفي ..
لا أملك إلا أن أعلن عن موافقتي على هذا الرأي ، مكتفيا ومبتهجا بهذه الحفاوة من شخص مثلك و من الأحبة الأعضاء ..
كانت مجرد استشارة لأني اعتقدت أن النصوص تميل للبوح أكثر من ميلها للقص .
شكرا لك من كل قلبي و تقبل مني محبتي .

قديم 01-23-2011, 11:22 AM
المشاركة 22
حسام سيف
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحياتي لقلمكم أخي الكريم رشيد الميموني

فلقد استمتعت هنا ولعلها لو تمزج بمشاهد ترصد من هذا العش لاقتربت أكثر لكيان القصة
مجرد فكره أخي الكريم
وتقبل صادق الود والتقدير

قديم 01-23-2011, 01:37 PM
المشاركة 23
رشيد الميموني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحياتي لقلمكم أخي الكريم رشيد الميموني

فلقد استمتعت هنا ولعلها لو تمزج بمشاهد ترصد من هذا العش لاقتربت أكثر لكيان القصة
مجرد فكره أخي الكريم
وتقبل صادق الود والتقدير
الأخ الكريم حسام .. حياك الله ..
أسعدني مرورك و تعليقك .
بالنسبة لما ذكرته عن النص فأنا أعتبره بوحا ولم أقصد أن أدرج قصة ، اللهم ما يحويه من حوادث يمكن نسبها للقص .
دمت بكل المودة .

قديم 01-23-2011, 09:30 PM
المشاركة 24
رشيد الميموني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
(5)


كم لبثت في مكاني أتامل العصفورين وحركتهما لا تهدأ ؟ .. كان العش الذي بدأ عصفوري تشييده قد بدأ ينتفش و يفقد بعضا من عيدانه ، فصرت أرى عملا دؤوبا لم يخل من أوقات استراحة كان يقف فيها العصفوران ربما ليتأملا ما صنعته مناقرهما الصغيرة من عمل ..أو ربما كان هناك غزل خفي لم يريدا أن أطلع عليه .. فراقني انسجامهما ..
الوقت ضحى ..وعلي أن أنزل لأسد رمقي .. ولكن كيف والعصفوران لم يغادرا الغصن المقابل لي ؟ .. هل أغامر بالنهوض وأعرض نفسي لأوخم العواقب فلا أراهما من بعد أبدا ؟ .. لأصبر قليلا ..
دوحتي تستقبل العديد من العصافير كمحطة يلقون فيها نظرة شاملة على المكان ثم أسمع حفيف أجنحتها وهي ترفرف عاليا منطلقة في حرية و دعة إلى ما شاء الله لها أن تذهب ..
حين اختفى عصفوراي لحظة ، اسرعت بالنزول ونظري لا يزال معلقا بالسماء حيث أسراب الطيور الخريفية تطير مجتمعة وهي ترسم أشكالا هندسية مختلفة .. ما أسعدها وهي تنعم بحريتها .. و أسائل نفسي ألست حرا ؟ .. ألا أفعل ما يحلو لي و أكتب ما أريد و أذهب حيثما يروق لي ؟
الجواب لا أجده صعبا .. لكن هل أنا حر بالمعنى العام و الشامل ؟ .. هنا أعجز عن الإجابة ..
و أنا في معرض التفلسف حول كلمة الحرية نسيت أنني عدت لأتناول فطوري .. وجلست على ربوة تطل على الوادي من الجهة اليمنى .. بدا لي النهر واضحا بعد انجلاء ضباب الصباح .. كل شيء كان ينطق بالبهاء .. وتحركت في رغبة الكتابة .. ماذا أكتب ؟ وعماذا أكتب ؟
خطر لي أن أكتب خاطرة تحتفي بعودة عصفوري صحبة رفيقته .. وهنا شعرت بأني أولي اهتماما مبالغا في لهذه الرفقة الجديدة .. هل هو إحساس بالغبطة إن لم أقل بالحسد تجاه عصفوري ؟.. طردت سريعا فكرة الحسد عن ذهني و استبقيت الغبطة .. إذن فهي غبطة تفضح شعوري بالوحدة .. هل ينادي لا وعيي عصفورتي أنا ايضا ؟ .. خفقان قلبي المضطرب أخبرني أنني على صواب .. إذن فلأكتب لهذين اللذين ملآ علي دنياي .. فلربما تناثرت كلماتي في عنان السماء لتصل إلى عصفورتي الساجية هناك في مكان ما من هذا العالم الرحب ..ربما تنتظرني أو تنتظر إشارة مني لتهل على عشي يوم ما .
عدت إلى عشي بالزاد وبعض البر و الأوراق وقد شمل نفسي حبور لا يوصف وقد غطى ما اعتراني من ضيق وتوتر .

قديم 01-26-2011, 01:09 AM
المشاركة 25
رشيد الميموني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
(6)


بعيون متفحصة يبدو فيها مزيج من الفضول و الترقب ، كانت عصفورتي تقف على غصن قريب من عشي ، إلى جهة اليمين قليلا .. كان رفيقها قد طار إلى جهة لا أعرفها .. ربما ليبحث عن أعواد و قضبان رفيعة يقوي بها عشهما .. تأملتها لحظات و أنا أعد نفسي لكتابة شيء ما ، حسب ما تمليه علي أحاسيسي المتضاربة في ذلك الأصيل الذي لونت شمسه الكون بصفرة فاقعة .
لم أبد حركة ولكني حاولت الابتسام .. ثم مددت يدي إلى جيبي لأستجمع حبات البر .. لكن العصفورة لزمت مكانها .. سحبت يدي ببطء شديد ثم فتحت كفي .. كانت جرأة مني وكنت أعلم أنني قد أتسبب في اختفاء العصفورة .. لكن شيئا من هذا لم يحدث .. ولبثت على تلك الوضعية بضع دقائق حتى كدت أيأس من ردة فعلها التي أترقبها بفارغ الصبر .. ثم ، وبدون مقدمات ، قفزت العصفورة قرب ركبتي وهي تتطلع إلي .. كانت عيناها تنطق بشهية عارمة ولا أدري لم تمثلتا لي نجلاوين كعيني عصفورتي الأخرى الغائبة عني .. ولا أدري أيضا لم تخيلت ريشها شعرا غجريا ومنقارها شفتين قرمزيتين .. هل أحلم ؟ .. لا أدري .. ففي الوقت الذي انكبت فيه العصفورة على كفي تلتقط البر مدغدغة كفي ، كنت سابحا في دنيا أخرى ووجدت نفسي أتحدث إليها هامسا :
كلي يا عصفورتي و قري عينا .. هنيئا مريئا .. لم كل هذا الخوف مني ؟ هل حسبتني اغار من رفقتكما ؟.. ألا فاعلمي أنني كنت أنتظر هذه اللحظة من رفيقك الغائب فجئت عوضه .. وكنت في أمس الحاجة لمن يؤنس وحدتي فكنت أنت المؤنسة .. لا يغرنك معدات الكتابة هاته فهي لا تسمن ولا تغني من جوع .. قد تبدد وحشتي للحظات لكن لا شيء يملأ علي دنياي منذ غادرتني تلك التي وهبتها القلب و الروح .. لم تغادرني وهي تعلم أنها الهواء الذي اتنفسه و الضياء الذي يملأ عيني ؟ .. هل من جواب لديك ايتها العصفورة الجميلة .. ما أشبهك بها .. قولي أين أنت الآن ؟ ومتى تعودين .. كل جداولي قد جفت وكل أوراقي قد ذبلت .. أفلت شمسي و خسف قمري وانكدر نجمي حين فضلت الرحيل لتجربي - كما قلت لي - حبك لي ومدى صبري و صبرك على الفراق .. هل جربت الحب و الفراق ؟ أم تخجلين من أن تبدي أمامي منكسرة مهزومة .. عجبا لك .. كنت تمقتين الفراق و تخشين الهجر وتقبلين على الحب بنفس متعطشة لا ترتوي .. وكنت تعبرين لي عن خشيتك من يوم نفترق فيه .. بل إنك لم تكوني تريدين تخيل هذا الفراق ..رحلت فرحل معك الضياء .. وهجرت فلم يبق لي سوى حزن يطبق على القلب و الروح .. وجرح لا أخاله يلتئم يوما ما .. نفسي مثخنة بالجراح .. ذهني مشتت لا يملي علي شيئا أحبه .. كلماتي تستعصي علي ولا أطوعها إلا بعد جهد جهيد ..
أنسيت أنك كنت ملهمتي في كل ما أكتب ؟.. و أنك كنت تقرئين معي كل القصائد التي كتبتها لك .. فتتيهين خيلاء و تهمسين أنك ستحفظينها عن ظهر قلب لتحرقيها فيما بعد ، لأنك لا تقبلين أن تقع عليها يد أحد .. كنت تملكينها وتعتلين عرشها كما ملكت القلب و اعتليت عرشه .. هل علي الآن أن ابحث عنك في الآفاق و أجوب كل الأمصار لعل كلماتي و حروفي تطاوعني .. أم قدر لي أن أظل هنا أراقب حركة الليل و النهار واندفاع الشهب ليلا و أستمع إلى زمجرة الرياح و هي تدوي بين الوديان لعلها تأتيني بأخبارك ؟
نعم .. سأظل هنا .. أنتظرك .. يوما أو شهرا أوعاما وربما دهرا .. فكما جئتني من الأزل .. سوف أنتظرك إلى الأبد .
أفقت على حفيف جناح العصفورة فوجدتها تتطلع إلي من جديد وقد عادت إلى غصنها .. لم يكن رفيقها قد عاد .. فأحسست أنني و إياها نعيش وضعين متشابهين .. فلم أملك إلا أن أتأملها من جديد و أتفحص عينيها .. منقارها .. ريشها .. و قلمي يسطر أشكالا دون أن أعي ذلك ..
تنفست الصعداء وكأن ما بحت به قد نفس عني بعض ما كنت أحسه من ضيق و كرب .. ثم نظرت إلى أوراقي لأجد بوحي كله هناك .. وقد ذيلته صورة غادة نجلاء العينين.. قرمزية الشفتين .. تسبح بين الغيوم وقد تناثرت جدائل شعرها الغجري في أرجاء
السماء ..

قديم 01-29-2011, 04:13 PM
المشاركة 26
رشيد الميموني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
--------------------------------------------------------------------------------

(7)


مع أفول آخر شعاع من شمس ذاك المساء البهي كانت الأوراق تصدر حفيفا متواصلا يقوى مع مرور الوقت .. وكان شرودي يمنعني من الانتباه إلى ما يحدث حولي .. بينما واصلت العصفورة النط من غصن إلى غصن و كأن شيئا ما يقلقها .. هل هو غياب رفيقها الذي طال أكثر من اللزوم ؟ أم أنها استشعرت شيئا أفزعها ؟ .. ابتسمت لها و أنا أهمس : لاعليك يا صغيرتي .. أنا أيضا أفتقد عصفورتي التي تاهت عني بمحض إرادتها .. عسى أن يأتي بهما القدر كليهما .. لا تخافي والزمي عشك واستريحي ، فالظلام وشيك و الليل قد اقبل بالاعتكار ..
حفيف الأوراق كان يقوى و تمايل الأغصان يتزايد حتى أحسست بالأرض تميد من تحتي .. نظرت إلى الأفق عبر الفجوة الصغيرة بين الأوراق فهالني اسوداد الأفق .. هو عارض ممطر ولا شك .. هل تكون عاصفة ؟ .. ربما تكون العصفورة قد أحست بدنوها .. هاهي أولى قطرات الغيث تنزل على أنفي و يدي .. علي بالنزول و الاختباء في مكان ما حتى لا تداهمني العاصفة ..
نهضت و أنا أنفض ما علق بثيابي من عيدان صغيرة ، وأخذت في النزول بطريقة خلفية .. نظرت إلى أعلى لأجد العصفورة تطل علي بفضولها المعتاد وقد نفشت الريح ريشها .. هل أتركها لمصيرها ؟ .. مستحيل .. المطر زادت حدته ووقعه على الأوراق صار واضحا .. فعدت إلى الصعود من جديد ومددت يدي نحو العصفورة الحائرة .. لاحت مني التفاتة نحو عشها لأجده يكاد يتطاير من شدة الريح ، فلملمته .. لم تهرب العصفورة و استكانت إلى راحتي بكل طمأنينة . أحسست بارتعاش جسمها الصغير المبتل و أسرعت إلى أقرب كهف بالجوار .. وكأن الليل قد هبط فجأة .. فساد الظلام و صارت الرؤية صعبة للغاية و أنا أتلمس طريقي إلى الكهف .. ولولا البرق الخاطف بين الفينة و الأخرى لتهت عبر الربى الغارقة في الظلام و الأمطار .
وصلت أخيرا إلى الكهف و أسرعت بوضع العش و العصفورة في مكان آمن وعدت إلى مدخل الغار أتملى بالطبيعة و هي في أوج ثورتها .. كان البرق يريد أن يريني هذه الثورة فتبدو لي زخات المطر كأنه سيل عارم .. ثم يتلوه هزيم الرعد ليتردد دويه عبر الجبال المحيطة بي .. الكل ثائر .. الريح .. البرق .. الرعد .. النهر وهو يرغي ويزبد جارفا معه كل ما اعترض سبيله من أحجار و فروع الأشجار اليابسة .. نفسي أيضا كانت تتجاوب مع هذه الثورة الجنونية .. وبين الفينة و الأخرى كنت ألتفت نحو العصفورة لأجدها قد استكانت إلى عشها و أتوجه نحوها لألمس ريشها فأطمئن إلا جفافه و أحس بلهفتها الخفية و قلقها المبطن على مصير رفيقها الغائب ، وأعود إلى مخرج الكهف .. لكن تأجج نفسي و ثورتها كانت تشعل جسمي نارا تلظى .. فصرت أتقدم خارج الكهف بخطى و ئيدة غير عابئ بالمطر الغزير وهو يبللني من قمة رأسي حتى أخمص قدمي فيطفئ شيئا من اللهيب المستعر في كياني.. و استمر في السير حتى أقف على صخرة مطلة على الوادي وهديره يصم الآذان ..
" أين أنت الآن يا عصفورتي ؟ .. الم يئن الأوان لتعودي إلى رشدك و تضعي حدا لهذا الفراق المضني ؟.. ألم يكفك ما نخره الحزن في جسمي حتى لم يبق منه إلا الخيال ؟ .. هل جربت حبك لي ؟ .. تعالي وانظري إلى ما يحدث الآن .. كل شيء ينطق بحبي الذي تريدين أن تجربيه .. انظري إلى ما حوالي من هيجان .. هو الحب .. في أوج قوته و عنفوانه .. زخات المطر حب .. وهبوب الريح العاتية حب .. ولمعان البرق حب .. وهزيم الرعد حب .. حتى هدير ذاك النهر و هو ينهمر كالسيل العظيم حب .. كل شيء ينطق .. يصرخ .. يهذي بهذا الحب الذي لم تستشفيه من قبل فاخترت الرحيل ..
كل ما يهدر حوالي ما هو إلا رجع لصدى ما يعتلج في نفسي من هيجان .
تعالي وكفاك تدللا .. وضعي حدا لهذا الرحيل الذي لا معنى له .. فلربما طال الزمان و صدقت مقولة "البعيد عن العين بعيد عن القلب " .. تعالي إلى عشي الذي بنيته بكل نبضة من قلبي و رويته بكل الدموع و الآهات .."
عدت أدراجي و جسمي يقطر ماء .. كنت أحس بثيابي ملتصقة بجلدي فيكسبني هذا متعة و انتعاشا ، حتى وصلت إلى باب الكهف و ألقيت نظرة على العصفورة الغافية .. ترى بماذا تحلم و أين ذهب بها خيالها الصغير ؟ .. هل هي مثلي تترقب اليوم الذي يهل عليها رفيقها وتناجيه كما ناجيت أنا عصفورتي ؟
على باب الغار استلقيت مستندا ظهري على مدخله . كانت العاصفة قد خفت حدتها وهدأت الريح قليلا .. لبثت أتأمل الأفق والنعاس يغشيني ويتسلل شيئا فشيئا إلى جفوني المثقلة سهادا ..
بزغ الفجر و أنا لا زلت على وضعيتي .. أفقت لأجد كل شيء هدأ .. وبدا لي كأن الطبيعة لا تزال تلهث بعد هيجان وثورة لم أعهدها فيها منذ مدة ليست بالقصيرة .. لكن جفوني ظلت مثقلة بالنوم الذي لم أذقه إلا في السحر .. فعدت إلى إغفاءتي .
لم أشعر إلا و أشعة الشمس تلفح وجهي في الصباح .. فتحت عيني منبهرا بضيائها ووضعت يدي عليهما لأحجب ذاك الضياء .. وهنا انتفض جسدي بعنف وخفق قلبي حتى أحسست أنه يكاد ينخلع من صدري ..
على باب الكهف ..كانت جدائل شعر أعرفها حق المعرفة تتطاير من فوقي بينما تمثلت لي عينان نجلاوان تحدقان في وجهي .. وقد علت المحيا ابتسامة مشرقة ..

قديم 01-31-2011, 10:48 PM
المشاركة 27
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأديب الكريم رشيد الميموني المحترم

بوح وقصة مليئة بالفكر والعبر ومتاهات الحياة . .
جميلة تستحق القراءة والمتابعة . .

بورك القلم . .
دمت دوماً بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **

قديم 01-31-2011, 10:58 PM
المشاركة 28
رشيد الميموني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأديب الكريم رشيد الميموني المحترم

بوح وقصة مليئة بالفكر والعبر ومتاهات الحياة . .
جميلة تستحق القراءة والمتابعة . .

بورك القلم . .
دمت دوماً بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **
الغالي الحبيب أحمد فؤاد ..
شهادة كهذه من مشرف منبر القصة لها دلالة عميقة .. وأنا إذ أعتز بهذه الشهادة ، أعد نفسي من المحظوظين مادام هذا العش قد أثار إعجابك .. وهذا ما يثلج صدري و يجعلني أنتشي بمرورك و بصمتك البهية على متصفحي ..
تفضل أخي الحبيب و كن دوما هنا بالجور لتأنس كتاباتي المتواضعة بك .
بكل الحب .

قديم 02-02-2011, 08:15 PM
المشاركة 29
رشيد الميموني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
(8)


أغمضت عيني ثم فتحتهما لأتأكد من يقظتي فلم أجد أحدا .. فانتصبت واقفا وأنا التفت من حولي .. وكان أول شيء لفت انتباهي هو اختفاء العصفورة من العش الذي كان على مقربة مني .. هل هذا فأل سيء لي ؟ ولو أني لا أحب التطير إلا أن شيئا بداخلي جعلني أنقبض و أحال بهجتي الخاطفة التي أحدثتها رؤيتي لجدائل الشعر والعينين النجلاوين المبتسمتين إلى أسى .
لكني مع كل هذا الإحساس بالإحباط كنت اشعر بشيء ما يشدني لتتبع الجداول وامتطاء الربى .. فأخذت العش الفارغ من ساكنته و أعدته إلى مكانه في أعلى الشجرة حيث عشي لا يزال بانتظاري .. ألقيت عليه نظرة حنان و ابتسمت له في ود ..
من كان يتخيل أن ثورة الطبيعة في الليلة الماضية سوف تسفر عن كل هذه الروعة ؟ ومن كان يظن أن هذه الطبيعة ، وبعد كل ذلك الغضب و الغليان سوف تعود وقد ارتدت أجمل ما لديها من حلل .. كل شيء حولي ينطق .. يبتسم .. يضحك .. يعانق .. يحب ..
الجداول.. الربى .. الجبال .. العشب .. كل شيء يتلألأ ويمرح في دعة .. الأرض أحس بها رخوة تحت قدمي .. إلى أين تقودني خطواتي ؟ أرى نفسي مندفعا إلى قمة الجبل عابرا الغابة الكثيفة حيث يكاد يسود الظلام من شدة تقارب الأشجار و تشابك أغصانها .. كنت أحدث نفسي :"ماذا رأيت ؟ .. هل هي أضغاث أحلام ؟ .. أم هي الحقيقة ؟ .. كان في الجو شذا يجعلني متفائلا .. لأنه شذى مألوف لدي .. وهذا ما جعلني أنساق لخطواتي .. وبين الفينة و الأخرى كان ذهني يشرد إلى حيث كانت العصفورة تترقب مثلي عودة رفيقها .. هل تمثل لها شيئا مشابها لما حدث لي ، فطارت تبحث عن عصفورها مستدلة عليه بشذاه أيضا ؟
هل نلتقي هناك في قمة الجبل الجاثم فوق التلال و الوديان في جبروت صامت ؟
غريب هذا المزيج من الأحاسيس .. لهفة و أسى و أمل و سكينة وسط عالم موغل في الجمال و البهاء ..
مع اقترابي من القمة كانت الوقت ضحى .. وكان بإمكاني و أنا أنظر إلى أسفل أن أرى دوحتي التي تحضن عشي و هنا وهناك انتشرت التلال و الحقول في تناغم و انسجام ..
كان يحلق بين الفينة و الأخرى من فوقي سرب من الطيور ، فأتوقف عن الصعود و أحدق مليا واضعا يدي فوق على جبهتي لأحجب أشعة الشمس عن عيني وأهتف دون وعي : "هل أنت هناك ؟ .. هل وجدت عصفورك ؟ .. لعلكما الآن معا .. "
و أستريح قليلا على صخرة نبت العشب على بعض أنحائها .. مجيلا النظر عبر الحقول المترامية فأجد كدحا وعملا مضنيا من أجل القوت اليومي .. ثم أنتبه إلى دابة تنوء بحملها و نملة تصر على الصعود بحملها مرتفعا صغيرا ..وفي لحظة و جدت نفسي أتساءل و أنا أنظر إلى الطريق الصاعد نحو قمة الجبل : ماذا تطارد ؟ أخيط دخان تريد أن تمسك ؟ أم شبحا تريد أن تتبع ؟ أم سرابا تبتغي ؟.. أهذا هو الحب ؟ .. ما هو الحب ؟ .. أهو لهو ولعب وفراق ولقاء و تدلل ؟ .. هل يضاهي حبك هذا عشق ذاك المحب لحقله وتلك الحشرة لحملها وذاك العصفور لقوته و عشه ؟ .. هل فكرت يوما في أنين أو نحيب أو شكوى ؟ هل نسيت أم تناسيت ما يملأ الجو من صيحات يرزح أصحابها تحت نير الجور و الطغيان ؟ .. لا لشيء سوى لتفانيهم في حب الحرية و الكرامة المسلوبتين منهم .. هل صممت أذنيك عن آهات المعذبين في الأرض ، من أقصاها إلى أقصاها ؟ .. ما هذا الحب الذي يجعلك لا تفكر إلا في تحقيق نزوة من نزواتك أو بلوغ مأرب من مآربك؟ .. افتح عينيك جيدا و أصخ بأذنيك و أرهف قلبك .. تجد كل شيء ما حولك يستحق منك الحب .. أفق من غفلتك أيها العاشق السابح في دنيا الأحلام .. كل ما حولك يحب ، لكن لكي تستمر الحياة ، شكرا و امتنانا لمن وهبها ..
أفق .. أفق .. أفق ..
خلت للحظة أن الجبال المحيطة بي تردد صدى هذا النداء المنبعث من أعماق نفسي و جوارحي . فلم أملك إلا أن أنهض و أنحدر مسرعا غير مكترث بالأخاديد المنتشرة في طريقي نحو أسفل الجبل ..
هرعت إلى عشي متسلقا الدوحة .. ولبثت ردحا من الوقت ألهث مرتعبا وكأني كنت مطاردا من شيء لم أدر كنهه . احتضنت غصنا من أغصان شجرتي و صرت أنتحب ..
كان الأصيل يلون الأفق بصفرته الزاهية حين أفقت من غفوتي و أنا لا أزال أحتضن الغصن ، لأجد فوق رأسي عصفورتي ، وبجانبها رفيقها ، وهما لا يتوقفان عن الزقزقة و الحركة ..
شملني حبور كبير و ابتسمت لهما .. و أنا أمد يدي أتحسس جيبي لعلي أجد ما تبقى من بر ..

قديم 02-17-2011, 12:48 PM
المشاركة 30
رشيد الميموني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
(9)



و الآن .. ماذا تنتظرين مني أكثر مما قلته لك سواء في عشي أو على الربى و الصخور وبين الوديان و الخوانق .. عند الأصيل و في السحر .. سواء صحا الجو أو امطر ..؟ هل تريدين المزيد ؟ ألم أشبعك كلاما حتى أتخمت مسامعك ؟ أين تختفين ؟ ومتى ستظهرين من جديد ؟ كنت أحسب أن ذاك الصباح الذي تلا العاصفة إيذان بلقاء لن يعقبه فراق ..وتفاءلت حين وجدت العصفورين أمامي وقد التقيا بعد أن ذاقا مرارة الفراق مثلي .. لكنهما الآن ينعمان معا بالأنس و المودة هناك في عشهما المقابل لعشي .. هل تدرين أنني صرت أستوحشه كلما دنوت منه ؟ ولولا وجود العصفورين لكانت هذه الوحشة أشد و طأ على قلبي والجريح و نفسي المكلومة .
هذا المساء ، وجدت في عش العصفورين قطعة من ورق كنت أكتب عليه بوحي وأنا أرسم صورتك .. لازالت جدائل شعرك الغجري وعيناك النجلاوان كما رسمتها و كأني بها قد قاومت ثورة الطبيعة و أمطارها و ريحها العاتية لتصمد و تبقى ملتصقة بالأغصان ..
أنا أعلم أنك قريبة مني .. تسمع أنفاسي اللاهثة وأنا أذرع الربى و الوديان بحثا عنك .. و أعلم علم اليقين أنك تنتشين بملامح القنوط و اليأس التي تعلو محياي وكأنك تخشين أن يدب الفتور إلى لهفتي عليك متى ظهرت و وضعت حدا لهذا الفراق ..أنت تعرفين جيدا مدى حبي وعشقي لك و شوقي إليك .. ربما حملت لك أوراق الخريف الذابلة أجزاء هذا الحب لتلملميها و تشكلي أبهى صورة لهذا العشق الذي لا يزيد إلا تمكنا مني و من كياني .. حب غزا جوانحي وتغلغل في روحي عبر مسامي و سرى في شراييني مسرى دمي .. كم حاولت اجتثاثه واقتلاع جذوره لكني كنت أتراجع في اللحظة الأخيرة ، ولا أدري ماهي هذه القوة الخفية التي تجعلني أحتفظ به لك بين جوانحي .. ربما كانت كل لحظة أعيشها تذكرني بك .. سواء في الصباح أو المساء مرورا بالضحى و الزوال و الأصيل ، و انتهاء بالليل و السحر .. كل لحظة تسمعني منك ترنيمة أو تضوعني شذا أو تلهبني أنفاسا و همسا لا أفيق من سكرته ..
حبك سيدتي شيء عذب ، أليم ، غريب .. حبك يدنو مني حتى يكون في متناولي و طوع إشارتي فقط حين أعرض عنه و أفكر في استئصاله ..
لكنه يختفي كالسراب و ينأى كلما هفوت إليه أروم احتضانه و التنعم بدفئه .. لقد تعودت عليك .. وتعودت على نزواتك و أهوائك .. وصرت أتحملها عن طيب خاطر و بصدر رحب .. صرت أعرفك أكثر وأنت بعيدة عني .. أعرف طبائعك و طريقة تفيكرك .. اعرف متى تفرحين ومتى تغضبين .. أعرف متى تشتاقين إلي فتزهر الأشجار و تهتز التلال و تربو ، و حين تتبدل مشاعرك نحوي أعرف ذلك في ذبول أوراق الشجر و تساقطها .. بل إنك صرت ملمة لكل جزئيات نفسي المتعطشة دوما لرؤياك .. تحصين علي أنفاسي وتتظاهرين باللامبالاة .. تقتفين أثري ثم تكابرين لكي لا يبدو منك اي اثر للهفتك علي .. تتجاهلين نظراتي وأنت تتحرقين شوقا إليها .. تعرضين عن بوحي ، لكنك تغلين لهفة للمزيد .
تبدين عدم اكتراثك لتهافت المعجبات ، لكنك تتميزين غيظا و غيرة وتودين لو صرخت فيهن كلهن أني لك .. لك وحدك .
لم كل هذا ؟ .. ألا تعلمين أن هذا سيتعبك كما أتعبني ؟ .. وأنك ستتألمين كما اتألم ، فقط لأنك تريدين ذلك ..
هاهو الخريف يمضي .. وتمضي معه ايامنا و ليالينا .. يمضي وفي جعبته بوحي لك منذ أن بدأ حبي لك وليدا ، فتعهدته بالرعاية و العناية رغم تجاهلك له .. فشب و ترعرع حتى صار يافعا .. جميلا بهيا .. وسيبقى بوحي يتردد هنا و هناك عبر الجبال ، بين الوديان .. عند الغدير .. ولن يتوقف ، بل سيستمر مع توالي الفصول .. وسوف أبقى هنا أنتظر الخريف الآتي .. فلربما حملتك نسائمه عن طواعية لننعم بلقاء ما بعده فراق .


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: عش رشيد الميموني الدافئ
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رائعه من روائع جبار رشيد أميرة الشمري منبر الشعر الشعبي والمحاورات الشعرية. 0 03-15-2011 10:05 PM
أتذكرين ؟ - رشيد الميموني - رشيد الميموني منبر البوح الهادئ 18 12-26-2010 02:40 PM
الصبــــــــــــار - رشيد الميموني - رشيد الميموني منبر القصص والروايات والمسرح . 8 12-24-2010 09:19 PM
أسمعيني/////// للشاعر جبار رشيد أميرة الشمري منبر الشعر الشعبي والمحاورات الشعرية. 2 09-30-2010 08:26 AM

الساعة الآن 05:29 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.