.
.
التغيير سنة من سنن الله في الخلق ...
مللت دهري وأنا أنظر إلى من هو أسفل مني من النساء ...
قررت أن أبحث عن امرأة يسكنها الكثير من الطول والشموخ والرفعة ....
ذاك ما كانت تسول به نفسي دون اكتراث وجدية مني ...
ذات مساء خرجت إلى ذلك السوق المكتظ بالمتسوقين لشراء حاجة لي يمتاز ذلك السوق بجلبها فهو لا يبيع إلا ما هو ذو ماركة عالمية وجودة عالية لكي يضع عليها الضمان المعتمد من الشركة المصنعة ....
عند شروعي في الخروج ومروري بالموظف المختص لدفع قيمة ما اشتريت ...
وقفت خلف فتاة فارعة الطول ذات قوام عجيب ...
كنت أحادث نفسي حينها ...
(( ربما هي من تبحث عنها يانغم ))
تم وضع ما قامت بشرائه في أكياس متعددة ...
فتحت حقيبتها ...
كان المبلغ لا يفي بقيمة ما قامت بشرائه ...
( لست أدري كيف حدث ذلك ...
النساء حريصات على هكذا أمر لا يخلو الأمر من كونها سهت أو أحد تطاول على المبلغ وأخذه من حقيبتها أو أنه قدري ))
كانت في حرج شديد ...
المبلغ المتبقي ليس بالمبلغ البسيط ....
طلبت من البائع أن يعيد بعضا ً من تلك المستلزمات ....
وأخذت تشير إلى بعضها ...
استوقفت ذلك العامل قائلا ً :
عفوا ً أخي لا تفعل ذلك حتى أرى ؟
نظرت إليها وقلت لها :
هل لي بدفع المبلغ المتبقي فاضلتي ؟
أرى أنه لا ضير في ذلك !
ترددت كثيرا ً وحاولت أن تتمنع مرددة ليس بالمبلغ الفتات ...
وليكن ذلك ليس لدينا ما يمنع من دفعه ...
ثم أردفت قائلا ً :
لك ِ أن تأخذي رقم حسابي وإيداع المبلغ فيه متى ما أردت إذا رأيت بأنني لا استحق أن أقوم بمعروف ...
لم تجب وأخذت ما قامت بشرائه ومضت ...
وأنا بدوري قمت بدفع قيمة ما أتيت من أجل شراءه .
عند خروجي التقيت بصديق مضى زمنا لم أبصره وأمضيت برهة من الوقت وأنا في حديث حار معه ...
كنت لا أعلم بأنها ترقبني بمركبتها هناك ...
أدركت ذلك فقط عندما اقتربت من مركبتي فإذا بي أسمع صوت ينادي بهمس :
عفوا ً أخي ؟
مرحبا ً أختي الفاضلة .
هذا رقم هاتفي وأنا معلمة في مدرسة ( وذكرت اسم المدرسة ) كانت لا تبعد كثيرا عن مقر عملي لك أن تحادثني في صبيحة الغد وسأرسل المبلغ مع حارس المدرسة لكي يناولك إياه ...
تعذرت كثيرا ً ولكنها أصرت هذه المرة هي أيضا ً ...
بل وطلبت مني أن أهاتفها في حينه حتى لا يظهر لها رقما ً غريبا لا يمت بأحد من معارفها بصلة فتتجاهله...
فعلت ذلك ومضيت .
مضى أسبوعا ً كاملا ً ...
من الاستحالة بمكان أن أهاتف امرأة من أجل صنيع ...
في صبيحة يوم وعندما كانت الساعة تشير إلى التاسعة و35 دقيقة فإذا بهاتفي ألمح به رقما ً غريبا ...
لم أقم بتخزين رقمها حينئذ ...
أبصرت ذلك عيبا ...
رددت :
السلام عليكم .
فإذا بصوت امرأة تقول :
عفوا ً هلا أصغيت إلي ّ ؟
تفضلي .
هل حدث معك قبل أسبوع من الآن موقفا مع امرأة في سوق ( ......) .
نعم .
هل أجد لديك الأريحية لكي تشرح لي ولو شيئا قليلا مما حدث لكي يطمئن قلبي بأنه أنت ؟
لا أبصر في ذلك حاجة أختي الكريمة ...
ليتك تمنحيني نزر يسيرا ً لكي أتخذ مكانا ً يتناسب مع الحديث مع امرأة بدلا ً من ذلك المكان المكتظ بالموظفين ...
( في طريقي للخروج قررت أن أكذب بسرد حديث ليس له صلة بما حدث ولكن أعجبني وفاؤها فقررت أن أكون صادقا ً )
عفوا ً هل مازلت ِ معي ؟
نعم .
لقد حدث كذا وكذا و كذا ...
صدقت هو ذاك ...
لك أن تحضر الآن إن كان لديك الوقت المناسب وستجد المبلغ مع حارس المدرسة وأخبرتني باسمه .
هل مازلت ِ مصرة على دفعه ؟
نعم وبكل فخر .
حسنا ً أنا في الطريق إليك الآن .
( عادة لي ربما أختص بها وهي أن أجعل حرفي رسل عشقي ولا استعين بأحد بعد الله ...أخذت نسخة من ثلاث إصدارات أدبية معي مبيت الأمر أن تكون المطمع )
قررت في الطريق أن أسأل الحارس عن كونها متزوجة من عدمه ....
ومن ثم اتخذ ما نويت عليه ...
وقفت بجوار المدرسة ...
ترجلت من مركبتي ...
وقفت أمام مجموعة من الرجال الذين يعملون كحراس وكذلك بعضا ً من ولاة الأمور ...
أين العم سالم ؟
أشاروا إلى رجل للتو يخرج من داخل المدرسة ...
هل أنت العم سالم ؟
نعم هو أنا .
وهل أنت من طلبت مني المعلمة ( ....) أن أدفع له المبلغ ؟
نعم إنه أنا .
وكم المبلغ ؟
(ذكي ولماح ذلك الشيخ ولكن هيهات ؟؟!!! )
أخذت بيده وذهبت به إلى المركبة وأخذت أمازحه لكي أصل إلى إجابة شافية حول حال تلك المعلمة الاجتماعي ...
وضعت كل ورقة من المبلغ بين دفتي كتاب من الكتب الثلاثة ...
أعدتها إلى ذلك الظرف ...
وعندما علمت بأنها ليس بذات بعل ناولته ذلك الظرف والذي بداخله رسلي ...
وقلت له :
أخبرها بأن الكتب التي رغبت في شرائها وإحضارها لم أجدها وهذه بديلة عنها ...
( كنت أخشى أن يأخذه الحديث مع القابعين هناك ويذهب ما عملته سدى )
بقيت في مكاني حتى عاد وأخبرني بأنه ناولها ذلك الظرف .
أدرت مفتاح سيارتي وشرعت في المغادرة .
دقائق قليلة فإذا بها تهاتفني :
السلام عليكم .
عفوا ً أخي ما هذا ؟
لقد وجدت المبلغ داخل الكتب التي أرسلت بها إلينا ؟
هل كنت قاصدا ً أم حدث ذلك خطئا ً ؟
أن طريقة وضع المبلغ أو جس في نفسي خيفة ؟!
ثم أجبني ما قصة هذه الكتب ؟
فاضلتي :
المبلغ والكتب هدية متواضعة مني لامرأة وفية وصادقة مازالت تتقمص الإنسانية في زمن شح بذلك ...
لك ِ أن تنظري في الخلف ستجــدين صورة من قام بتأليفها هو من أهداك ورفض أخذ ذلك المبلغ ...
ردت قائلة :
أشكرك .أراك بخير .
مضت أيام عديدة وأنا أمني النفس متى أسمع ذلك الصوت الشجي فلقد كانت كنخلة ربت بأرض الرافدين ...
بل وتسكن في ديار تشتهر بزراعة النخيل ...
كم كان يسكنني قوامها المهيب ...
وفي ليلة من ليالي الشتاء الباردة ...
وعند العاشرة مساءا ً ...
( وقت محبب للنساء في الحديث ذاك ما جـــربته وعشته على مدى عقدين من الزمان )
وإذا بي أبصر رقما ً جديدا ً ...
مساء الخير يا نغم ؟!
أقشعر بدني وشعرت كأن هناك مخيط قد توسط هامتي وشرع في النزول إلى قلبي ...
ورب الكعبة إنها هي ...
أصاحبة السوق أنت ِ ؟
يا إلهي لقد كادت تهفو نفسها من قهقهة ممزوجة بغنج عندما سمعتني أقول لها ذلك ...
نعم هي تلك يا نغم .
كم أنت رائع وجميل قرأتك تماما بل وعشت في كل فاصلة وعلامة استفهام وتعجب وحتى علامات التنصيص كانت تدعوني للرقص ...
قالت ذلك واتبعتها بضحكة خفيفة ...
مضت الأيام حبلى بالعبارات واللقاءات ...
كان ذلك السوق مسرحا ً ومكانا ً آمنا ً ...
ذات مساء بعد أن توطدت العلاقة طلبت مني أن أزورها في قريتها بجوار تلك المدينة هنااااااااك بعد أن تذهب إليها في إجازة ربيع ...
أومأت بالموافقة ...
قطعت أميالا ً كثيرة ...
وصلت تلك القرية ...
كانت قديمة ...
بل مازالت منازلها من الطين إلا القليل ...
سكنني الشك بأن هناك أمر ما ...
تحدثت معها ...
هل هذه قريتك ؟
نعم هي يانغم ...
لك أن تقرأ المنازل كلها ...
النخيل يحف بها من كل جانب ...
أتبصر ذلك الشيخ الذي يبيع خضارا ً أمامك ...
وذلك المنزل الذي يقع على يساره ...
وتلك المركبة القابعة أمامه والتي لم يبقى ما يجاريها في القدم ...
إذا ً هذه قريتي ...
وذاك أبي ...
وهذا هو الحال ...
وأغلقت هاتفها ولم تجب ولم تتصل إلى الآن منذ عام .
*********
بكل تأكيد ... لاجديد ...
هذا أنا ...
ابن الملكين ...
النغم المهاجر ...
جازان // الحُرّث // قرية البيضاء .