قديم 02-08-2013, 08:51 PM
المشاركة 161
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
المؤثرات السلبية الغيبية

إن طبيعة الجنس البشري أنه يتأثر بالأوهام ، إلى درجة أنه يتعامل مع الموهوم تعامله مع المتيقن .
مثال ذلك :
لو طلب من إنسان أن ينام ليلة مع ميت ، فإن معظم الناس يستوحش من ذلك ، رغم يقينه أن هذا الميت كالخشبة . فالإنسان يخاف من الحي ، لا من الميت .
قديما كانت تعد الجراثيم من عالم الغيب بمعنى من المعاني لأنها لا ترى ، وذلك قبل اكتشاف المجهر ، أما الآن وبعد اكتشافه ، فإننا نرى أدق الأشياء .
وهذه الأيام هنالك ما يسمى : بالعين ، والسحر ، والشعوذة ، والعمل . فما هو الموقف الشرعي تجاه هذه الأمور ؟.
إن بعض الناس طبيعتهم هكذا ! ولعل البعض يتظاهر بالأكاديمية ، وأنه إنسان علمي وموضوعي ، فينفي كل شيء ما وراء المادة .
وطبعا هذا من الجهل بكل وضوح !. لأننا نعيش في بيئة مليئة بالأمواج المغناطيسية ، والكهربائية ، والصوتية . الخ .
وكل ما حولنا هو أشد تأثيرا في حياتنا من الشهود . وعليه ، فإن الإنسان الذي لا يعتقد بأصل المادة ، هذا إنسان غير موضوعي .
إن الإنسان لا ينفي أصل الموضوع ، فهناك سورة في القرآن الكريم باسم ( الجن ) { وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا } .
وبالنسبة إلى السحر أيضا يقول القرآن الكريم : { وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ } .
قديما كان هذا السحر موجودا ، كانوا يعقدون العقد على الحبل ، وتنفث فيه الساحرة . وهناك معنى آخر للنفاثات : أي أن الإنسان إذا عقد عزمه على شيء ، يأتي إنسان يحبط من عزمه ؛ أي ينفث في عقده .
وورد أيضا في القرآن الكريم:{ مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ } .
فإذن ، إن هناك حقيقة قائمة ، ولكن ليس معنى ذلك أن كل ما يراه الإنسان من عوامل غريبة ، ينسبه إلى السحر وما شابه ذلك .
وعليه ، فإن هناك نكبات وبلاء ، ولكن ليس معنى ذلك أنه كلما رأينا بلية ، نفسر ذلك على أنه من عمل السحر والجن وما شابه ذلك . والحل هو :
أولاً : أن لا ننتقل من عالم الشهود إلى عالم ما وراء الطبيعة إلا بدليل قاطع ، وأنى لنا بدليل قاطع !.
ثانياً : دفع الصدقة . فالوقاية خير من العلاج . هناك ما يسمى اليوم بالتطعيم ضد الأوبئة والأخطار ، لمن يخاف من المفاجآت المستقبلية .
وكذلك الذي يخاف من مفاجآت القضاء والقدر ، عليه أن يدفع صدقة ، وقد يكون أثر هذا العمل أكثر من بعض الأحراز لأن فيه تضحية ،{ لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } .
فإذن ، يستحب للإنسان أن يدفع صدقة يومية ، والذي نفهمه من الروايات ، أن صدقة الليل غير صدقة النهار . وهناك فرق بين عزل الصدقة وبين دفع الصدقة ، حيث أن الأثر الأتم لدفع الصدقة للفقير ، لا لعزل الصدقة .
حميد
عاشق العراق
8 - 2 - 2013
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

معكم ألتقي ............ بكم أرتقي
قديم 02-09-2013, 11:56 AM
المشاركة 162
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
روافد الشر غير المرئية
******************************
إن الشر بعض الأوقات يأتي من مصدر مادي معلوم ، كإنسان عدو مثلا . وأحيانا يأتي من عالم غير مرئي من : الجن ، والشياطين ، والحسد ، وغير ذلك من الأمور .
ولكن المؤمن يحاول دائما أن يتناول الشق المادي ، ولا يحيل الأمر إلى الجانب الغيبي ، وذلك لأمرين :
أولا : الغيب لا يرى . فلو اعتقد إنسان أن جنا قد مسه ، كيف يصارع ويواجه هذا الجن الذي لا يرى ؟
فلو كان المهاجم عدوا ، لاستطاع أن يشتكي عليه أو يواجهه . ولو كان جراثيماً ، لاستخدم مضادا حيويا للقضاء عليه . أما الجن الذي لا يرى ، كيف يقضي عليه ؟. وهنا وبسبب هذه الأوهام ، يذهب لكل نصاب ومشعوذ .
ثانيا : الغيب لا يقطع به . فالإنسان عندما يرى عدوا أمامه ، يقول : هذا عدو أمامي ، ولكنه لا يقطع أن الذي وراء الكواليس ، هي هذه الأمور الغيبية .
فإذن ، إن المؤمن سياسته سياسة القرآن الكريم : لا يتبع الظن ، ولكن يمشي وراء اليقين { إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا } . ولكن مع ذلك نحن قوم واقعيون ، نتبع القرآن والسنة .
فالقرآن ذكر الجن في آيات متفرقة ، منها : { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا } .
وقد صنّف القرآن الكريم الجن إلى صالحين وغير صالحين { وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا }
، وكذلك ذكر شر الجن : { مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } .
فإذن ، إن هناك شرا يصلنا من الجن ، وهناك شرا من الناس . فما هو الحل الجامع لهذا الأمر ؟ الحل هو أن نوكل الأمر اليقيني والاحتمالي إلى خالق الشرور .
فالإنسان عندما يصاب بمرض ، يحتمل الطبيب أن الجرثومة الفلانية هي السبب وراء ذلك المرض ؛ فيعطيه مضادا حيويا يقضي على الجرثومة المحتملة غير المقطوع به .
وكذلك المؤمن ، فإنه يراجع ربه ويقول : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } . وهنا نكتة قرآنية لطيفة : فـ{ أَعُوذُ } فعل مستمر ؛ لأن العدو عداوته مستمرة ، { الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ } .
أحيانا الطائرات المعادية تهجم مرة في السنة ، أما إذا كان الهجوم يوميا ؛ فلا بد أن يكون الدفاع يوميا .
وعليه ، فبما أن الشيطان يوسوس دائما ، فإن على الإنسان اللجوء إلى الاستعاذة المستمرة ، للتصدي لهذا العدو : {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } .
إن هنالك بشارة لجميع المؤمنين ، وهي أن الشياطين والأجنة ، لا تصل إلى أعضاء بدن الإنسان . فالشياطين والجن لو كان لهم سلطة على الأبدان ، لذكر ذلك القرآن الكريم ، إنما شغلهم الوسوسة فقط .
ومن هنا الشيطان يوم القيامة يدافع عن نفسه دفاعا بليغا :
{ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } .
أي أنا عملي كان مجرد دعوة ، ولم يكن هناك إلزام وإكراه . ومن منا يدعي أن الشيطان دفعه إلى المعصية دفعا ؟!
فإذن ، إن الأمر سهل ما دامت القضية وسوسة ، فالذي يلتفت إلى منافذ قلبه ، ينجو من هذا الشر .
حميد
عاشق العراق
9 - 2 - 2013
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

معكم ألتقي ............ بكم أرتقي
قديم 02-11-2013, 06:51 PM
المشاركة 163
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الإحرام

إن الميقات هو النقطة الأولى للقاء مع رب العالمين ، وقد ورد إن السجاد بن الحسين ( علبهما السلام ) « لما أحرم واستوت به راحلته : اصفر لونه ، وانتقض ، ووقع عليه الرعدة ، ولم يستطع أن يلبي . فقيل له : لم لا تلبي ؟ فقال : أخشى أن يقول لي ربي : لا لبيك ولا سعديك !.
فلما لبّى غشي عليه وسقط من راحلته ، فلم يزل يعتريه ذلك حتى قضى حجه » . إن الملوك عادة إذا لم يحبوا اللقاء مع أحد يمنعونه من الدخول من الباب .
إن الإنسان يحرم كل يوم ، في كل فريضة ، وحاله حال المحرم في الميقات . فالتكبيرة الأولى ، تسمى تكبيرة الإحرام .
والصلاة معراج المؤمن ؛ فكما أن الحج والعمرة سفرة أفقية على الأرض ، فإن الصلاة سفرة عمودية إلى السماء .
فإذن ، إن المؤمن الذي يريد أن يتقن صلاته اليومية ، فليستول ِ على حدود الصلاة الأولى .
ومن المعروف أن الذي يتقن تكبيرة الإحرام ، يتقن الصلاة . إذا أراد الإنسان أن يخشع ، فليسيطر على صلاته من تكبيرة الإحرام .
وتكبيرة الإحرام من أركان الصلاة ، إذا نسيت التكبيرة سهوا أو عمدا ؛ تعتبر الصلاة باطلة . وتأتي هذه التكبيرة بعد ست تكبيرات مستحبة ، وكأن الله عز وجل يريد أن يدربنا على تكبيرة الإحرام .
إن المؤمن قبل تكبيرة الإحرام ، يستعد للقاء الإلهي . ما المانع أن يطيل الوقت قبل التكبيرة ؟. إن البعض يتوقف تقريبا بمقدار الصلاة الواجبة ، ويقول :
{ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ،
{ وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } .
فكما أن وجهك الظاهري إلى جهة القبلة، لماذا لا توجه قلبك الباطني إلى جهة الرب أيضا ؟. وهنيئا لمن استدر دمعة بمقدار جناح بعوضة ، ثم بعد ذلك قال : الله أكبر !.
ما معنى الله أكبر؟!..
نحن نستخدم صيغة التفضيل ، فنقول : فلان عمره أكبر من فلان !. وفلان أطول من فلان !. ولكن هل هناك أحد مقابل رب العالمين ، كي نقول : بأن الله أكبر منه ؟!. حاشا أن يكون طرفا للقياس !. فإذن أكبر من من أي شيء ؟!.
الله أكبر من أن يوصف !. إن غاية المدح أن تعجز عن مدحه !.
فيك يا أعجوبة الكون *** غــدا الفكر عليلا
كلما أقدم فكــري *** فيــك شبراً فرَّ ميلا
أنت حيــرت ذوي *** اللب وبلبلت العقـولا

حميد
عاشق العراق
11 - 2 - 2013
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

معكم ألتقي ............ بكم أرتقي
قديم 02-12-2013, 08:07 PM
المشاركة 164
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سجدة الشكر
إن البعض يظن أن سجدة الشكر خاصة بالصلاة الواجبة ، والحال أن سجدة الشكر كما هو معلوم من اسمها يؤتى بها بعد حصول نعمة من الله سبحانه ، أو دفع نقمة منه ، وتكون في كل وقت .
مثلا : إنسان جالس في المنزل ، فيتذكر نعمة من نعم الله ، فيخر لله ساجدا . هذه حركة مشكورة من العب.
والبعض في المستشفى عندما يقال له : فلان برأ من مرضه ، فيخر لله ساجدا . هناك ثلاث جمل شرطية وردت في القرآن الكريم ، ورب العالمين أصدق الصادقين { وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ } :
الأولى : { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ } .
طبعا هناك فرق بين ذكر العبد لربه ، فهذا الإنسان المسكين يذكره لقلقة لسان . وبين ذكر الله عز وجل لعبده، لأنه إذا ذكره ؛ قلب كيانه !.
الثانية : { لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ } .
اللام لام التأكيد ، والنون نون التوكيد الثقيلة . فهو إما أن يُعطى من جنس النعمة المشكورة ، أو من جنس آخر .
مثلا : إنسان أعطي ولدا ، فشكر الله : فإما أن يعطى ولدا آخر صالحا ، أو يعطى من جنس آخر ، كالمال الوفير مثلا . فالعبارة مفتوحة ، ورب العالمين لا مانع لعطائه .
الثالثة : { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } .
فرب العالمين كما نقرأ في المناجاة : ( وليس من صفاتك يا سيدي ، أن تأمر بالسؤال وتمنع العطية ) !.
فإذن ، إن سجدة الشكر يمكن استعمالها في كل الحالات ، والأفضل أن تؤدى على نحو سجدتين . ويُستحبّ فيها تعفير الجبينين بين السجدتين ، وكذا تعفير الخدّين .
ويستحب فيها أن يفترش ذراعيه ، ويلصق صدره وبطنه بالأرض .
لطالما الإنسان أراد أن يسجد لله شكرا ، وإذ بهذا الشكر يجره إلى المناجاة مع رب العالمين .
بعض العلماء يقول : ليس هناك مانع أبدا ، أن تبكي على مشكلة من مصائب الدنيا ، وبمجرد أن تدمع عيناك ، ويرق قلبك ؛ تحوّل الحالة إلى رب العالمين .
( تبكيك عيني لا لأجل مثوبة ولكن عيني لأجلك دامعة ) .
ولعل الله يبتلي المؤمن ببعض هذا الضيق حتى يذكره به !. فإذن ، إن المؤمن يشكر الله أن ابتلاه بهذه المصيبة ، حتى يذكر رب العالمين .
نحن نعرف أن السجود لا يكون إلا لله عز وجل { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا } ،
قد يكون التفسير أن المساجد السبعة ، هي الأعضاء السبعة التي يسجد عليها في الصلاة : الكفين ، والركبتين ، والإبهامين ، والجبهة .
إن هذا السجود، هو سجود الشكر لله , وإلا أن يسجد الإنسان لغير الله ، فإن هذا ليس من الإيمان .
إن من موارد سجود الشكر ، أن يُوفق الإنسان للإصلاح بين متنازعين . يا لها من فضيلة عند الله عز وجل !.
لأن الإنسان عندما يتخاصم مع أحد ، يتجاوز الحدود الشرعية : غيبة ، وبهتانا ، وفحشا . فهو عندما يصلح بين مؤمنين ، أو بين مؤمن ومؤمنة ؛ يكون قد منع عنهما هذا الحرام الكبير .
حميد
عاشق العراق
12 - 2 - 2013
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


معكم ألتقي ............ بكم أرتقي
قديم 02-13-2013, 05:22 PM
المشاركة 165
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
النِيَّة
إن الصلاة تتكون من واجبات ركنية ، وواجبات غير ركنية . والواجبات الركنية هي التي تبطل الصلاة بنقصانها عمداً وسهواً . ومن هذه الواجبات النية ، التي هي حركة في القلب . فالتكبير ، والقيام ، والركوع ، والسجود ؛ أعمال خارجية .
أما النية ؛ فإنها عملية في القلب ، وهي قوام الصلاة .
يقولون : بأن النية بالنسبة إلى العمل ، كالروح إلى الجسد : مهما كان الجسد قويا ، فهو ميت لا قيمة له . وأعمالنا كذلك .
أثر النية في الخلود
إن طاعات الإنسان في الحياة الدنيا ، تكون لسنوات محدودة ؛ فكيف يعطى الأبدية في الجنة ؟. والأعجب من ذلك ، إذا كان هناك مسلم ارتد عن الإسلام ، ثم مات بعد الارتداد بثوانٍ قليلة ؛ هذا جزاؤه جهنم خالدا فيها ؛ لأنه أشرك بالله عز وجل
{ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء }
هذا الشرك كان لثوان فقط ، ولكن الجزاء هو الخلود في جهنم . وكذلك بالنسبة إلى الطاعة : إذا كان هناك إنسان كافر وأسلم ، ثم مات بعد ثوان ؛ فإن هذا الإنسان يدخل الجنة خالدا فيها .
والذي أوجب لهذا الخلود في النار ، ولهذا الخلود في الجنة ؛ هي النية . أي يا رب ، لو أبقيتني إلى أبد الآبدين ، لكنت لك مطيعا وبك مؤمنا ، أو العكس . هذا تأثير النية .
الرياء المبطل للعمل
إن من شرائط الصلاة النية الصحيحة ؛ أي أن لا يكون الإنسان مرائيا في عمله . إن البعض يصلي جماعة ، فتأتيه خاطرة : أن الناس ينظرون إليه بارتياح ، ونظرتهم هذه توجب له زيادة في المعاش . أو أن شابا يذهب إلى المسجد ، فيكون ذلك مدعاة لتزويجه .. هل هذه الخواطر مبطلة أو غير مبطلة ؟.

إن هناك فرقا بين الخواطر ، وبين ما استقر في صفحة النفس . فالرياء المبطل ، هو الرياء المستقر ، وليس الذي يرد على نحو الخاطرة . قال تعالى في كتابه الكريم :
{ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ }
قال تعالى : { إِذَا مَسَّهُمْ } ؛ أي اتصال سطحي . { طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ } ؛ لم يقل : شيء استقر من الشيطان . وقد ورد في الرسالة العملية مع أن هذه مسألة أخلاقية :
وأما الخواطر فلا تبطل الصلاة ، وخصوصا إذا تأذى منها الإنسان . إذا تأذى الإنسان من خاطرته ، فهو إنسان مخلص .
إن من نعم الله علينا، أنه لا يؤاخذنا بالرياء بعد العمل ، مثلا : إنسان ذهب إلى الحج وأتقن حجه ، وخشع في صلاته ، ونقل ذلك إلى الآخرين ؛ رب العالمين أكرم من أن يضيع أجره .
الرياء المبطل هو ما كان أثناء العمل ، أما الرياء اللاحق ؛ فإنه لا يفسد العمل . وكذلك بالنسبة إلى العجب : إذا أُعجب الإنسان بعمله بعد أداء العمل؛ فإن هذا لا يضر بالعمل . حيث أن العجب المبطل ، هو العجب المقارن .

هل من موجبات عدم الإخلاص ، أن يعبد الإنسان ربه طمعا في الجنة ، أو خوفا من النار؟
إن عبادتنا هي إما عبادة العبيد الخائفين ، أو عبادة التجار . فهل هذا يخل بالإخلاص ، أم لا ؟. فقهيا : لا ، الصلاة صحيحة . أما عرفياً وأخلاقياً ؛ فإن هذا بعيد عن الإخلاص . أين نحن وعبادة أمير المؤمنين ، الذي كان يقول :
( إلهي ! ما عبدتك خوفاً من عقابك ، ولا طمعاً في ثوابك .ولكن وجدتك أهلاً للعبادة ؛ فعبدتك ) ؛
هذه هي عبادة الأحرار . والإنسان المؤمن يحاول أن يترقى في عبادته ، ليصل إلى هذه الدرجة .
إننا عندما نتوضأ في الصيف بالماء البارد ، أحدنا يتوضأ وهو يعلم أنه ضمنا سوف ينتعش وتسري البرودة إلى بدنه . هو لا ينوي ذلك ، ولكن البرودة تأتيه قصرا .
وكذلك في قربك لله عز وجل لا تنوي الحور ولا القصور، بل قل : يا رب أحاول أن أعبدك عبادة الأحرار إن استطعت ذلك ،
فإنه عز وجل يعطيك ما لا يخطر على بال بشر . عندما يدخل الإنسان الجنة ، فإنه يرى من الجمال الإلهي ما تندهش منه العقول ، يقال له :
اذهب إلى القصور وإلى الحور ؛ ولكن قلبه لا يطيق فراق هذه الحالة ، لأنه يرى أن ما هو فيه من الانشغال بهذا الجمال الإلهي ، لا يقاس بالجمال المادي . ومن هناك قيل : { وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ } !.
حميد
عاشق العراق
12 - 2 - 2013
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

معكم ألتقي ............ بكم أرتقي
قديم 03-08-2013, 09:29 AM
المشاركة 166
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
آدابُ التَّهيؤ ِ النَّفسي
إن للعبادات ملكوتا وباطنا . فليس الحج هذه الحركات التي يؤديها الحجاج فحسب !. وباطن الصلاة ، ليس هذه الحركات المعهودة فحسب !.
إن على الإنسان أن يعيش حالة من الترقب للصلاة ، فالإنسان المؤمن الذي يريد أن يصل إلى ملكوت الصلاة،
لا بد وأن يعيش هذا الهاجس قبل دخول الوقت ، مترقبا للصلاة بكل شوق .
إن الأمور الكبرى في الحياة ، والمعاني السامية تبدأ بالتلقين ، وتتحول إلى واقع ، وعلى الإنسان أن لا يملّ من التلقين المستمر .
فالسير إلى الله عز وجل حركة معاكسة لطبيعة الإنسان لجهتين : لوجود قوة دافعة . ولوجود قوة مانعة .
علينا ان نعلم أن هناك قوة دافعة ، تدفع الإنسان الذي يريد أن يصل إلى الله عز وجل إلى اتجاه معاكس لما يريده ، أي تدفعه إلى :
الميل إلى شهوات الدنيا ، والتثاقل إلى الأرض ، وتقديم العاجل على الآجل ، وتقديم اللذة على الفكرة ، وتقديم المصلحة الآنية على المصلحة المستقبلية .
أضف إلى ذلك أن العبادة هي تعامل وتفاعل مع عالم الغيب ، والغيب إذا بقي غيبا محضا ، فإنه لم يعد داعيا لحركة الإنسان .
فالذي يؤمن بالله وبالمبدأ والمعاد ؛ ولكن لا يعيش حقيقة شهودية في قلبه ، فإن من الطبيعي أن لا يسير إلى الله عز وجل سيراً حثيثاً ؛ ومن الطبيعي أن يحاول معاكسة التيار .
فالسباح الذي يريد أن يسبح خلاف التيار ، يحتاج فى أول الأمر إلى تكلف ومعاناة ومجاهدة ، إلى أن يتعود ركوب الموجة وتجاوز العقبات .
وعليه ، فإن مسألة الدخول في بحر الصلاة ، تحتاج إلى تهيؤ نفسي مسبق . فقبل دخول الوقت ، يا حبذا لو يجعل الإنسان حائلا بينه وبين الصلاة ؛
أي منطقة برزخية حائلة بين العالمين : فلا هي صلاة ، ولا هي تعامل مع البشر .
ولهذا يلاحظ بأن القرآن الكريم ، يؤكد على هذه الحقيقة : ألا وهو التسبيح قبل طلوع الشمس ، وقبل الغروب .
فعلى الإنسان أن يجلس في المصلى قبل أن تغرب الشمس ، وفي مكان يهيئ نفسه للدخول بين يدي الله عز وجل بذكر بعض التسبيحات ، والتهليلات ،
وباقي المستحبات بحيث يخرج تدريجياً من جو التفاعل مع عناصر هذه الدنيا .
ومن هنا فإن صلاة المؤمن تبدأ قبل الوقت بفترة طويلة ، فالصلحاء والأولياء يعدون أنفسهم للقاء المولى قبل ساعة او ما يقرب منه .
بينما عامة الناس يفاجؤهم الوقت مفاجأة ولعلهم يتمنون فى قرارة أنفسهم أن لا يدخل عليهم الوقت ؛ لكيلا يفسد عليهم لهوهم !.
وإذا كان ولا بد أن يصلي في المنزل لا في بيت من بيوت الله عز وجل فعليه أن يهيئ مكانا فارغا للعبادة فى منزله إثباتا لترقبه وميله إلى لقاء مولاه .
إن اتخاذ مكان ثابت فى المنزل للصلاة بين يدى الله تعالى ، لمن دواعي التوجه ، والتركيز ، والإقبال على رب العالمين !. فمن المستحب أن يجعل الإنسان في بيته ، محلاً خاصاً للصلاة بين يدي الله عز وجل ، إذ كلما جاء إلى المصلى ، تذكر ساعات إقباله ،
إذ لعله بالأمس ، أو قبل أيام كان خاشعاً في هذا المكان ، ولعل دموعه كانت جارية على خديه .
ومن المعلوم أن هذا الجو مفعم بأجواء الروح والريحان ؛ فكلما دخل هذا المكان ، أحس بتلك الأجواء ، ولهذا نقرأ في القرآن الكريم :
{ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً } .
فمن هذه الآية يبدو أن مريم ، اتخذت محراباً ومكاناً ثابتاً ، للعبادة بين يدي الله سبحانه وتعالى . فتبين بما ذكرنا أن هذه الفترة الحائلة بين العمل اليومي وبين الصلاة مسألة مهمة .
وإن من صور التهيؤ المقترحة : أن يسجد الإنسان بين يدي الله عز وجل ، قبل دخول الوقت في سجود عبادي تأملي . فإننا مع الأسف نتخذ السجود وسيلة للعبادة وللذكر فحسب ,
وقد يتحول السجود إلى حركة بدنية محضة ، لإظهار التذلل بين يدي الله عز وجل ؛ ولكن حقيقة السجود ، حقيقة جامعة مستوعبة .
فما المانع أن يعيش الإنسان أجواء مختلفة : من التذلل ، والمناجاة ، والتأمل فيما سيقبل عليه من اللقاء بين يدي الله عز وجل ؟!.
إن من موجبات التوفيق والتهيؤ للصلاة الخاشعة ، مراقبة السلوك بين الفريضتين . أي أن من موجبات التوفيق للصلاة ، هي مراقبة السلوك بين الحدين .
. فمن المعلوم ان الذنب السابق للصلاة ؛ يؤثر على توجه الإنسان ، فعندما يأتي إلى الصلاة ، يأتي وهو يعيش جوا من أجواء البعد عن الله عز وجل .
وهناك تعبير جميل في كتب الأخلاق مفاده : ان من يلطخ نفسه بالعسل ، ثم يقترب من بيت الزنابير ، فإن من الطبيعي أن تهجم عليه الزنابير ، لتلدغه في كل بقعة من بقاع جسده ؛ لأن العسل الذى لطخ به بدنه يغري مثل هذه الزنابير .
ان هذا المثال مقدمة للقول : بأن الشياطين تستهوي هذا الإنسان العاصي المنهمك في لذاته ، وفي معاصيه وغفلاته . وعليه ، فإنه عندما يقف للصلاة بين يدي الله عز وجل ، تهجم عليه الشياطين والأوهام والخواطر الحقة منها والباطلة . بحيث ينتهي من الصلاة ، وهو لا يفقه كلمة من كلمات صلاته ، وإلا فما هي دواعي الشك في الصلاة ؟.
إن الشكوك الصلاتية لها حلول فقهية واضحة ، حيث يبنى على الاكثر مثلا ويأتى بصلاة الاحتياط . ولكن أصل عروض الشك حالة سلبية عند الخواص !.
فليس من المقبول أن يصاب المؤمن المتوجه في صلاته ، بحالات الشك والذهول ، بحيث يصل الأمر إلى أن يشك بين الركعة الثانية والركعة الرابعة مثلا !.
فالركعة الثانية فيها قنوت ومناجاة مع رب العالمين ، فيقال في الركعة الثانية : من الطبيعى أن الإنسان يأخذ عزه ودلاله في الحديث مع الله عز وجل .
بينما الركعة الرابعة فيها رائحة الوداع ، بما تستلزمه من الهم والغم ؛ إذ إن الانسان بعد لحظات سينتهي من لقاء الله عز وجل.. فعالم القنوت عالم يغاير تماماً عالم التشهد والتسليم، فكيف يخلط المؤمن بين الركعة الثانية، وبين الركعة الرابعة؟!.. بل حتى الركعة الثالثة ؟!.
وعليه فإن الشك الكثير في الصلاة ، والسهو الكثير فيها ، علامة على نوع من أنواع الإدبار فيها ، وعدم التوجه الكامل للمضامين الصلاتية ، وعدم الانغماس فى بحرها .
والحقيقة التى لا يمكن إنكارها أن الإنسان في حياته يحتاج إلى من يبث إليه همومه ، إذ إن من الطبيعى أن نقول : أن الذي لا أنيس له ، ولا صديق له ، ولا متنفس له ، ولا مفزع له في الحياة ،
قد يعيش فى بعض الحالات : حالة الكبت ، والتبرم ، ثم الانفجار ، وبعد ذلك الانهيار الكامل . فإذا كان الإنسان العادي يتخذ بين فترة وأخرى من هو سبيل وذريعة لتفريغ الهموم ، فلماذا لا يتخذ من الصلاة مثل هذه المحطة ، لتفريغ همومه وذلك مع القدير على كشف كل كربة .
نعم، إذا جعل الإنسان الصلاة ذريعة للحديث مع الله عز وجل ؛ تحولت الصلاة إلى أحلى محطة من محطات الأنس .
وتحولت الصلاة في حياة البعض إلى محطة للتلذذ والارتياح ، تلك المحطة التي لا تقارن بمحطات التلذذ المادي بالمتاع الزائل ، الذي تفنى لذته ويبقى وزره !.
عاشق العراق
8 - 3- 2013
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

معكم ألتقي ............ بكم أرتقي
قديم 03-14-2013, 03:20 PM
المشاركة 167
آية أحمد
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
أستاذي الفاضل حميد:
بوركت على هذا الكلام المنتقى من روضة الايمان.
وجزاك الله خير الجزاء على هذا الزاد العظيم
الذي منحته لنا قبسا ينير قلوبنا ويهديها.
جعلنا الله واياك من أهل التقى والإيمان.

آمين.

قديم 03-14-2013, 04:10 PM
المشاركة 168
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أستاذي الفاضل حميد:
بوركت على هذا الكلام المنتقى من روضة الايمان.
وجزاك الله خير الجزاء على هذا الزاد العظيم
الذي منحته لنا قبسا ينير قلوبنا ويهديها.
جعلنا الله واياك من أهل التقى والإيمان.
آمين.
إبنتي آية أحمد
اسعدني مرورك من هنا وتزودكِ بهذا الزاد الإيماني
وأحمد اللهَ تعالى على أن هداني لتقديم هذا الزاد الكريم .
تحياتي
حميد
14 - 3 - 2013


معكم ألتقي ............ بكم أرتقي
قديم 03-14-2013, 09:15 PM
المشاركة 169
فاطمة أحمد
كاتبة وصحافيـة
  • غير موجود
افتراضي
ما شاء الله على هذا العلم الوافر سيدي
جزاك الله خيرا بإذنه
أنقل بعضا منه من بعد إذنك ولك الأجر لتقديم المنفعة للجميع

قديم 03-14-2013, 10:44 PM
المشاركة 170
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ما شاء الله على هذا العلم الوافر سيدي
جزاك الله خيرا بإذنه
أنقل بعضا منه من بعد إذنك ولك الأجر لتقديم المنفعة للجميع
إبنتي الطيبة فاطمة أحمد
تحية طيبة
أسعدني كثيراً إعجابكِ بما أكتب , وفرحتُ أكثر لرغبتكِ في إيصال كتاباتي للآخرين لتعم الفائدة , عسى أن يقتدي بها الطيبون .
إنقلي ما شئتِ ويُجزيكِ المولى القدير خير الجزاء .
تحياتي
حميد
14 - 3 - 2013

معكم ألتقي ............ بكم أرتقي

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: [ " وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ " ................. ]
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الفرق بين كلّ من "البِشْر" و"الهشاشة" و"البشاشة" : ماجد جابر منبر الدراسات النحوية والصرفية واللغوية 4 04-11-2022 08:23 PM
الفرق بين " الوَقـْر " بالفتح . و" الوِقْـر " بالكسر " دكتور محمد نور ربيع العلي منبر الحوارات الثقافية العامة 19 05-15-2021 07:12 PM
(أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ۚ) عبدالعزيز صلاح الظاهري منبر الحوارات الثقافية العامة 0 05-26-2017 11:42 PM
التحليل الأدبي لقصيدة"ملاكي" للأديبة "فيروز محاميد" بقلم: ماجد جابر ماجد جابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2 09-04-2012 11:11 PM

الساعة الآن 10:28 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.