قديم 09-05-2010, 12:42 AM
المشاركة 31
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
سفر التكوين

هذه القصيدة تمثل قمة الأبعاد الفنية حيث استخدم أمل دنقل الرموز المسيحية للتعبير عن وضع راهن

(الإصحاح الأول)

في البدء كنت رجلا.. وامرأة.. وشجرة.
كنتُ أباً وابنا.. وروحاً قدُسا.
كنتُ الصباحَ.. والمسا..
والحدقة الثابتة المدورة.
… … …
وكان عرشي حجراً على ضفاف النهر
وكانت الشياه..
ترعى، وكان النحلُ حول الزهرُ..
يطنُّ والإوزُّ يطفو في بحيرة السكون،
والحياة..
تنبضُ - كالطاحونة البعيدة!
حين رأيت أن كل ما أراه
لا ينقذُ القلبَ من الملل!
* * *


(مبارزاتُ الديكة
كانت هي التسلية الوحيدة
في جلستي الوحيدة
بين غصون الشجر المشتبكة! )

(الإصحاح الثاني)

قلتُ لنفسي لو نزلت الماء.. واغتسلت.. لانقسمت!
(لو انقسمت.. لازدوجت.. وابتسمتْ)
وبعدما استحممت..
تناسجَ الزهرُ وشاحاً من مرارة الشفاهْ
لففتُ فيه جسدي المصطكّ.
(وكان عرشي طافيا.. كالفلك)
ورف عصفور على رأسي؛
وحط ينفض البلل.
حدقت في قرارة المياه..
حدقت؛ كان ما أراه..
وجهي.. مكللا بتاج الشوك

(الإصحاح الثالث)

قلتُ: فليكن الحبُ في الأرض، لكنه لم يكن!
قلتُ: فليذهب النهرُ في البحرُ، والبحر في السحبِ،
والسحب في الجدبِ، والجدبُ في الخصبِ، ينبت
خبزاً ليسندَ قلب الجياع، وعشباً لماشية
الأرض، ظلا لمن يتغربُ في صحراء الشجنْ.
ورأيتُ ابن آدم - ينصب أسواره حول مزرعة
الله، يبتاع من حوله حرسا، ويبيع لإخوته
الخبز والماء، يحتلبُ البقراتِ العجاف لتعطى اللبن
* * *
قلتُ فليكن الحب في الأرض، لكنه لم يكن.
أصبح الحب ملكاً لمن يملكون الثمن!
.. .. .. .. ..
ورأى الربُّ ذلك غير حسنْ
* * *


قلت: فليكن العدلُ في الأرض؛ عين بعين وسن بسن.
قلت: هل يأكل الذئب ذئباً، أو الشاه شاة؟
ولا تضع السيف في عنق اثنين: طفل.. وشيخ مسن.
ورأيتُ ابن آدم يردى ابن آدم، يشعل في
المدن النارَ، يغرسُ خنجرهُ في بطون الحواملِ،
يلقى أصابع أطفاله علفا للخيول، يقص الشفاه
وروداً تزين مائدة النصر.. وهى تئن.
أصبح العدل موتاً، وميزانه البندقية، أبناؤهُ
صلبوا في الميادين، أو شنقوا في زوايا المدن.
قلت: فليكن العدل في الأرض.. لكنه لم يكن.
أصبح العدل ملكاً لمن جلسوا فوق عرش الجماجم بالطيلسان -
الكفن!
… … …
ورأى الرب ذلك غير حسنْ!
* * *
قلت: فليكن العقل في الأرض..
تصغي إلى صوته المتزن.
قلت: هل يبتنى الطير أعشاشه في فم الأفعوان،
هل الدود يسكن في لهب النار، والبوم هل
يضع الكحل في هدب عينيه، هل يبذر الملح
من يرتجى القمح حين يدور الزمن؟
* * *
ورأيت ابن آدم وهو يجن، فيقتلع الشجر المتطاول،
يبصق في البئر يلقى على صفحة النهر بالزيت،
يسكن في البيت؛ ثم يخبئ في أسفل الباب
قنبلة الموت، يؤوى العقارب في دفء أضلاعه،
ويورث أبناءه دينه.. واسمه.. وقميص الفتن.
أصبح العقل مغترباً يتسول، يقذفه صبية
بالحجارة، يوقفه الجند عند الحدود، وتسحب
منه الحكومات جنسية الوطني.. وتدرجه في
قوائم من يكرهون الوطن.
قلت: فليكن العقل في الأرض، لكنه لم يكن.
سقط العقل في دورة النفي والسجن.. حتى يجن
… … … …
ورأى الرب ذلك غير حسن!

(الإصحاح الرابع)
قلت: فلتكن الريح في الأرض؛ تكنس هذا العفن
قلت: فلتكن الريح والدم… تقتلع الريح هسهسة؟
الورق الذابل المتشبث، يندلع الدم حتى
الجذور فيزهرها ويطهرها، ثم يصعد في
السوق.. والورق المتشابك. والثمر المتدلي؛
فيعصره العاصرون نبيذاً يزغرد في كل دن.
قلت: فليكن الدم نهراً من الشهد ينساب تحت فراديس عدن.
هذه الأرض حسناء، زينتها الفقراء لهم تتطيب،
يعطونها الحب، تعطيهم النسل والكبرياء.
قلت: لا يسكن الأغنياء بها. الأغنياء الذين
يصوغون من عرق الأجراء نقود زنا.. ولآلئ
تاج. وأقراط عاج.. ومسبحة للرياء.
إنني أول الفقراء الذين يعيشون مغتربين؛
يموتون محتسبين لدى العزاء.
قلت: فلتكن الأرض لى.. ولهم!
(وأنا بينهم)
حين أخلع عنى ثياب السماء.
فأنا أتقدس - في صرخة الجوع - فوق الفراش الخشن!
* * *
(الإصحاح الخامس)
حدقت في الصخر؛ وفى الينبوع
رأيت وجهي في سمات الجوع!
حدقت في جبيني المقلوب
رأيتني : الصليب والمصلوب
صرخت - كنت خارجاً من رحم الهناءة
صرخت؛ أطلب البراءة
كينونتي: مشنقتي
وحبلي السري:
حبلها
المقطوع!

قديم 09-05-2010, 12:44 AM
المشاركة 32
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
سفر الخروج



(أغنية الكعكة الحجرية)

(الإصحاح الأول)

أيها الواقفون على حافة المذبحة
أشهروا الأسلحة!
سقط الموت، وانفرط القلب كالمسبحة.
والدم انساب فوق الوشاح!
المنازل أضرحة،
والزنازن أضرحة،
والمدى.. أضرحة
فارفعوا الأسلحة
واتبعوني!
أنا ندم الغد والبارحة
رايتي: عظمتان.. وجمجمة،
وشعاري: الصباح!

(الإصحاح الثاني)

دقت الساعة المتعبة
رفعت أمه الطيبة
عينها..!
(دفعته كعوب البنادق في المركبة!)
… … … …
دقت الساعة المتعبة
نهضت؛ نسقت مكتبه..
(صفعته يد..
- أدخلته يد الله في التجربة!)
… … …
دقت الساعة المتعبة
جلست أمه؛ رتقت جوربه..
(وخزته عيون المحقق..
حتى تفجر من جلده الدم والأجوبة!)
… … … … …
دقت الساعة المتعبة!
دقت الساعة المتعبة!

(الإصحاح الثالث)
عندما تهبطين على ساحة القوم؛ لا تبدئي بالسلام.
فهم الآن يقتسمون صغارك فوق صحاف الطعام
بعد أن أشعلوا النار في العش..
والقش..
والسنبلة!
وغداً يذبحونك..
بحثاً عن الكنز في الحوصلة!
وغدا تغتدي مدن الألف عام.!
مدنا.. للخيام!
مدناً ترتقي درج المقصلة!
(الإصحاح الرابع)
دقت الساعة القاسية
وقفوا في ميادينها الجهمة الخاوية
واستداروا على درجات النصب
شجراً من لهب
تعصف الريح بين وريقاته الغضة الدانية
فيئن: "بلادي .. بلادي"
(بلادي البعيدة!)
… … …
دقة الساعة القاسية
"انظروا .."؛ هتفت غانية
تتلوى بسيارة الرقم الجمركي؛
وتمتمت الثانية:
سوف ينصرفون إذا البرد حل.. وران التعب.
… … … … …
دقت الساعة القاسية
كان مذياع مقهى يذيع أحاديثه البالية
عن دعاة الشغب
وهم يستديرون؛
يشتعلون - على الكعكة الحجرية - حول النصب
شمعدان غضب
يتوهج في الليل..
والصوت يكتسح العتمة الباقية
يتغنى لأعياد ميلاد مصر الجديدة!

(الإصحاح الخامس)

اذكريني!
فقد لوثتني العناوين في الصحف الخائنة!
لونتني.. لأني - منذ الهزيمة - لا لون لى..
(غير لون الضياع!)
قبلها؛ كنت أقرأ في صفحة الرمل..
(والرمل أصبح كالعملة الصعبة،
الرمل أصبح: أبسطة.. تحت أقدام جيش الدفاع)
فاذكريني؛.. كما تذكرين المهرب.. والمطرب العاطفي.
وكاب العقيد.. وزينة رأس السنة.
اذكريني إذا نسيتني شهود العيان
ومضبطة البرلمان
وقائمة التهم المعلنة
والوداع!
الوداع!

(الإصحاح السادس)
دقت الساعة الخامسة
ظهر الجند دائرة من دروع وخوذات حرب
ها هم الآن يقتربون رويداً.. رويداً..
يجيئون من كل صوب
والمغنون - في الكعكة الحجرية - ينقبضون
وينفرجون
كنبضة قلب!
يشعلون الحناجر،
يستدفئون من البرد والظلمة القارسة
يرفعون الأناشيد في أوجه الحرس المقترب
يشبكون أياديهم الغضة البائسة
لتصير سياجاً يصد الرصاص!..
الرصاص..
الرصاص..
وآه..
تغنون: "نحن فداؤك يا مصر"
"نحن فداؤ .."
وتسقط حنجرة مخرسة
معها يسقط اسمك - يا مصر - في الأرض!
لا يتبقى سوى الجسد المتهشم.. والصرخات
على الساحة الدامسة!
دقت الساعة الخامسة
… … …
دقت الخامسة
… … …
دقت الخامسة
… … …
وتفرق ماؤك - يا نهر - حين بلغت المصب!
* * *
المنازل أضرحة،
والزنازن أضرحة،
والمدى أضرحة،
فارفعوا الأسلحة!
ارفعوا
الأسلحة!

قديم 08-05-2011, 05:59 PM
المشاركة 33
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
سفر الف دلال
( أمل دنقل )


(الإصحاح الأول)
القِطاراتُ ترحلُ فوق قضيبينِ: ما كانَ ما سيكُونْ!
والسماءُ: رمادٌ;.. به صنعَ الموتُ قهوتَهُ,
ثم ذَرّاه كي تَتَنَشَّقَه الكائناتُ,
فينسَلّ بينَ الشَّرايينِ والأفئِده.
كلُّ شيءٍ - خلال الزّجاج - يَفِرُّ:
رذاذُ الغبارِ على بُقعةِ الضَّوءِ,
أغنيةُ الرِّيحِ,
قَنْطرةُ النهرِ,
سِربُ العَصافيرِ والأعمِدهْ.
كلُّ شيءٍ يفِرُّ,
فلا الماءُ تُمسِكُه اليدُ,
والحُلْمُ لا يتبقَّى على شُرفاتِ العُيونْ.
***
والقطاراتُ تَرحلُ, والراحلونْ..
يَصِلُونَ.. ولا يَصلُونْ!
(الإصحاح الثاني)
سنترال:
أعطِ للفتياتِ
- اللواتي يَنَمْنَ الى جانب الآلةِ الباردةِ -
(شارداتِ الخيالْ)
رقمي; رقمَ الموتِ; حتى أجيءَ الى العُرْسِ..
ذي الليلةِ الواحِدهْ!
أَعطِه للرجالْ..
عِندما يلثُمُون حَبيباتهم في الصَّباحِ, ويرتحلونَ
الى جَبَهاتِ القِتالْ!!
(الإصحاح الثالث)
الشُهورُ: زُهُورٌ; على حافَةِ القَلبِ تَنْمو.
وتُحرقُها الشَّمسُ ذاتُ العُيون الشَّتائيَّةِ المُطفأهْ.
***
زهرةٌ في إناءْ
تتوهَّجُ - في أوَّلِ الحبِّ - بيني وبينَكِ..
تُصبحُ طفلاً.. وأرجوحةً.. وامرأة.
زهرةً في الرِّداء
تَتَفَتَّحُ أوراقُها في حَياءْ
عندما نَتَخَاضرُّ في المشْيةِ الهادِئه.
زهرةُ من غِناء

قديم 08-05-2011, 06:00 PM
المشاركة 34
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
شجوية



لماذا يُتابِعُني أينما سِرتُ صوتُ الكَمانْ?
أسافرُ في القَاطراتِ العتيقه,
(كي أتحدَّث للغُرباء المُسِنِّينَ)
أرفعُ صوتي ليُغطي على ضجَّةِ العَجلاتِ
وأغفو على نَبَضاتِ القِطارِ الحديديَّةِ القلبِ
(تهدُرُ مثل الطَّواحين)
لكنَّها بغتةً..
تَتباعدُ شيئاً فشيئا..
ويصحو نِداءُ الكَمان!
***
أسيرُ مع الناسِ, في المَهرجانات:
أُُصغى لبوقِ الجُنودِ النُّحاسيّ..
يملأُُ حَلقي غُبارُ النَّشيدِ الحماسيّ..
لكنّني فَجأةً.. لا أرى!
تَتَلاشى الصُفوفُ أمامي!
وينسرِبُ الصَّوتُ مُبْتعِدا..
ورويداً..
رويداً يعودُ الى القلبِ صوتُ الكَمانْ!
***
لماذا إذا ما تهيَّأت للنوم.. يأتي الكَمان?..
فأصغي له.. آتياً من مَكانٍ بعيد..
فتصمتُ: هَمْهمةُ الريحُ خلفَ الشَّبابيكِ,
نبضُ الوِسادةِ في أُذنُي,
تَتراجعُ دقاتُ قَلْبي,..
وأرحلُ.. في مُدنٍ لم أزُرها!
شوارعُها: فِضّةٌ!
وبناياتُها: من خُيوطِ الأَشعَّةِ..
ألْقى التي واعَدَتْني على ضَفَّةِ النهرِ.. واقفةً!
وعلى كَتفيها يحطُّ اليمامُ الغريبُ
ومن راحتيها يغطُّ الحنانْ!
أُحبُّكِ,
صارَ الكمانُ.. كعوبَ بنادقْ!
وصارَ يمامُ الحدائقْ.
قنابلَ تَسقطُ في كلِّ آنْ
وغَابَ الكَمانْ!


يتبع ....

قديم 08-05-2011, 06:02 PM
المشاركة 35
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
شيء يحترق
( أمل دنقل )


شيء في قلبي يحترق
إذ يمضي الوقت ... فنفترق
و نمدّ الأيدي
يجمعنا حبّ
و تفرّقها .. طرق
***
.. ولأنت جواري ضاجعه
و أنا بجوارك ، مرتفق
و حديثك يغزله مرح
و الوجه .. حديث متّسق
ترخين جفونا
أغرقها سحر
فطفا فيها الغرق
و شبابك حان جبليّ
أرز ، و غدير ينبثق
و نبيذ ذهبيّ و حدي
مصطبح منه و مغتبق
و تغوص بقلبي نشوته
تدفعني فيك .. فتلتصق
و أمدّ يدين معربدتين
فثوبك في كفّي ..
مزّق
و ذراعك يلتفّ
و نهر من أقصى الغابة يندفق
و أضمّك
شفة في شفة
فيغيب الكون ، و ينطبق
...............
و تموت النار
فنرقبها
بجفون حار بها الأرق
خجلى !
و شفاهك ذائبه
و ثمارك نشوى تندلق

قديم 08-05-2011, 06:03 PM
المشاركة 36
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
صفحات من كتاب الصيف والشتاء
( أمل دنقل )



1 - حمامة
حين سَرَتْ في الشارعِ الضَّوضاءْ
واندفَعَتْ سيارةٌ مَجنونةُ السَّائقْ
تطلقُ صوتَ بُوقِها الزاعقْ
في كبدِ الأَشياءْ:
تَفَزَّعَتْ حمامةٌ بيضاءْ
(كانت على تمثالِ نهضةِ مصرْ..
تَحْلُمُ في استِرخاءْ)
طارتْ, وحطَّتْ فوقَ قُبَّةِ الجامعةِ النُّحاسْ
لاهثةً, تلتقط الأَنفاسْ
وفجأةً: دندنتِ الساعه
ودقتِ الأجراسْ
فحلَّقتْ في الأُفْقِ.. مُرتاعهْ!
أيتُها الحمامةُ التي استقرَّتْ
فوقَ رأسِ الجسرْ
(وعندما أدارَ شُرطيُّ المرورِ يَدَهُ..
ظنتُه ناطوراً.. يصدُّ الطَّيرْ
فامتَلأتْ رعباً!)
أيتها الحمامةُ التَّعبى:
دُوري على قِبابِ هذه المدينةِ الحزينهْ
وأنشِدي للموتِ فيها.. والأسى.. والذُّعرْ
حتى نرى عندَ قُدومِ الفجرْ
جناحَكِ المُلقى..
على قاعدةِ التّمثالِ في المدينهْ
.. وتعرفين راحةَ السَّكينهْ!

قديم 08-05-2011, 06:04 PM
المشاركة 37
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
ضد من
( أمل دنقل )



في غُرَفِ العمليات,
كان نِقابُ الأطباءِ أبيضَ,
لونُ المعاطفِ أبيض,
تاجُ الحكيماتِ أبيضَ, أرديةُ الراهبات,
الملاءاتُ,
لونُ الأسرّةِ, أربطةُ الشاشِ والقُطْن,
قرصُ المنوِّمِ, أُنبوبةُ المَصْلِ,
كوبُ اللَّبن,
كلُّ هذا يُشيعُ بِقَلْبي الوَهَنْ.
كلُّ هذا البياضِ يذكِّرني بالكَفَنْ!
فلماذا إذا متُّ..
يأتي المعزونَ مُتَّشِحينَ..
بشاراتِ لونِ الحِدادْ?
هل لأنَّ السوادْ..
هو لونُ النجاة من الموتِ,
لونُ التميمةِ ضدّ.. الزمنْ,
***
ضِدُّ منْ..?
ومتى القلبُ - في الخَفَقَانِ - اطْمأَنْ?!
***
بين لونين: أستقبِلُ الأَصدِقاء..
الذينَ يرون سريريَ قبرا
وحياتيَ.. دهرا
وأرى في العيونِ العَميقةِ
لونَ الحقيقةِ
لونَ تُرابِ الوطنْ!

قديم 08-05-2011, 06:06 PM
المشاركة 38
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
فقرات من كتاب الموت
( أمل دنقل )



- 1 -
كلَّ صَباح..
أفتحُ الصنبورَ في إرهاقْ
مُغتسِلاً في مائِه الرقْراقْ
فيسقُطُ الماءُ على يدي.. دَمَا!
وعِندما..
أجلسُ للطّعام.. مُرغما:
أبصرُ في دوائِر الأطباقْ
جماجِماً..
جماجِماً..
مفغورةَ الأفواهِ والأَحداقْ!!
- 2 -
أحفظُ رأسي في الخزائنِ الحديديّهْ
وعندما أبدأُ رِحلتي النهاريّة
أحمل في مكانِها.. مذياعا!
(أنشرُ حوليَ البياناتِ الحماسيّةَ.. والصُّدَاعا)
وبعد أن أعودَ في خِتامِ جولتي المسائيّة
أحملُ في مكان رأسي الحقيقيّه:
.. قنّينيةَ الخمرِ الزُجاجيّه!
أعودُ مخموراً الى بيتيَ..
في الليلِ الأخيرْ
يوقفُني الشرْطيُّ في الشّارع.. للشُّبْهه
يوقفُني.. برهه!
وبعد أن أرشُوَهُ.. أواصل المسير!

قديم 08-05-2011, 06:07 PM
المشاركة 39
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
فى انتظار السيف (يوليو 1970)
( أمل دنقل )



وردة فى عروة السّرة:
ماذا تلدين الآن ؟
طفلا .. أم جريمة ؟
أم تنوحين على بوّابة القدس ؟
عادت الخيل من المشرق،
عاد (الحسن الأعصم ) والموت المغير
بالرداء الأرجوانىّ ، وبالوجه اللصوصى ،
وبالسيف الأجير
فانظرى تمثاله الواقف فى الميدان ..
(يهتّز مع الريح .!)
انظرى من فرجة الشبّاك :
أيدى صبية مقطوعة ..
مرفوعة .. فوق السّنان
(..مردفا زوجته الحبلى على ظهر الحصان)
أنظرى خيط الدم القانى على الأرض
((هنا مرّ .. هنا ))
فانفقأت تحت خطى الجند ...
عيون الماء ،
واستلقت على التربة .. قامات السنابل .
ثم..ها نحن جياع الأرض نصطف ..
لكى يلقى لنا عهد الأمان .
ينقش السكة باسم الملك الغالب ،
يلقى خطبة الجمعة باسم الملك الغالب ،
يرقى منبر المسجد ..
بالسيف الذى يبقر أحشاء الحوامل .
***
تلدين الآن من يحبو..
فلا تسنده الأيدى ،
ومن يمشى .. فلا يرفع عينيه الى الناس ،
ومن يخطفه النخّاس :
قد يصبح مملوكا يلطون به فى القصر،
يلقون به فى ساحة الحرب ..
لقاء النصر ،
هذا قدر المهزوم :
لا أرض .. ولا مال .
ولا بيت يردّ الباب فيه ..
دون أن يطرقه جاب ..
وجندى رأى زوجته الحسناء فى البيت المقابل)
أنظرى أمّتك الأولى العظيمة
أصبحت : شرذمة من جثث القتلى ،
وشحّادين يستجدون عطف السيف
والمال الذى ينثره الغازى ..
فيهوي ما تبقى من رجال ..
وأرومة .
أنظرى ..
لا تفزعى من جرعة الخزى،
أنظرى ..
حتى تقيه ما بأحشائك ..
من دفء الأمومة .
***
تقفز الأسواق يومين ..
وتعتاد على ((النقد)) الجديد
تشتكى الأضلاع يومين ..
وتعتاد على الصوت الجديد
وأنا منتظر .. جنب فراشك
جالس أرقب فى حمّى ارتعاشك_
صرخة الطفل الذى يفتح عينيه ..
على مرأى الجنود!

قديم 08-05-2011, 06:10 PM
المشاركة 40
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
كلمات سبارتكوس الأخيرة
( أمل دنقل )


( مزج أوّل ) :
المجد للشيطان .. معبود الرياح
من قال " لا " في وجه من قالوا " نعم "
من علّم الإنسان تمزيق العدم
من قال " لا " .. فلم يمت ,
وظلّ روحا أبديّة الألم !
( مزج ثان ) :
معلّق أنا على مشانق الصباح
و جبهتي – بالموت – محنيّة
لأنّني لم أحنها .. حيّه !
... ...
يا اخوتي الذين يعبرون في الميدان مطرقين
منحدرين في نهاية المساء
في شارع الاسكندر الأكبر :
لا تخجلوا ..و لترفعوا عيونكم إليّ
لأنّكم معلقون جانبي .. على مشانق القيصر
فلترفعوا عيونكم إليّ
لربّما .. إذا التقت عيونكم بالموت في عبنيّ
يبتسم الفناء داخلي .. لأنّكم رفعتم رأسكم .. مرّه !
" سيزيف " لم تعد على أكتافه الصّخره
يحملها الذين يولدون في مخادع الرّقيق
و البحر .. كالصحراء .. لا يروى العطش
لأنّ من يقول " لا " لا يرتوي إلاّ من الدموع !
.. فلترفعوا عيونكم للثائر المشنوق
فسوف تنتهون مثله .. غدا
و قبّلوا زوجاتكم .. هنا .. على قارعة الطريق
فسوف تنتهون ها هنا .. غدا
فالانحناء مرّ ..
و العنكبوت فوق أعناق الرجال ينسج الردى
فقبّلوا زوجاتكم .. إنّي تركت زوجتي بلا وداع
و إن رأيتم طفلي الذي تركته على ذراعها بلا ذراع
فعلّموه الانحناء !
علّموه الانحناء !
الله . لم يغفر خطيئة الشيطان حين قال لا !
و الودعاء الطيّبون ..
هم الذين يرثون الأرض في نهاية المدى
لأنّهم .. لا يشنقون !
فعلّموه الانحناء ..
و ليس ثمّ من مفر
لا تحلموا بعالم سعيد
فخلف كلّ قيصر يموت : قيصر جديد !
وخلف كلّ ثائر يموت : أحزان بلا جدوى ..
و دمعة سدى !
( مزج ثالث ) :
يا قيصر العظيم : قد أخطأت .. إنّي أعترف
دعني
ها أنذا أقبّل الحبل الذي في عنقي يلتف
فهو يداك ، و هو مجدك الذي يجبرنا أن نعبدك
دعني أكفّر عن خطيئتي
أمنحك – بعد ميتتي – جمجمتي
تصوغ منها لك كأسا لشرابك القويّ
.. فان فعلت ما أريد :
إن يسألوك مرّة عن دمي الشهيد
و هل ترى منحتني " الوجود " كي تسلبني " الوجود "
فقل لهم : قد مات .. غير حاقد عليّ
و هذه الكأس – التي كانت عظامها جمجمته –
وثيقة الغفران لي
يا قاتلي : إنّي صفحت عنك ..
في اللّحظة التي استرحت بعدها منّي :
استرحت منك !
لكنّني .. أوصيك إن تشأ شنق الجميع
أن ترحم الشّجر !
لا تقطع الجذوع كي تنصبها مشانقا
لا تقطع الجذوع
فربّما يأتي الربيع
" و العام عام جوع "
فلن تشم في الفروع .. نكهة الثمر !
وربّما يمرّ في بلادنا الصيف الخطر
فتقطع الصحراء . باحثا عن الظلال
فلا ترى سوى الهجير و الرمال و الهجير و الرمال
و الظمأ الناريّ في الضلوع !
يا سيّد الشواهد البيضاء في الدجى ..
يا قيصر الصقيع !
( مزج رابع ) :
يا اخوتي الذين يعبرون في الميدان في انحناء
منحدرين في نهاية المساء
لا تحلموا بعالم سعيد ..
فخلف كلّ قيصر يموت : قيصر جديد .
و إن رأيتم في الطريق " هانيبال "
فأخبروه أنّني انتظرته مديّ على أبواب " روما " المجهدة
و انتظرت شيوخ روما – تحت قوس النصر – قاهر الأبطال
و نسوة الرومان بين الزينة المعربدة
ظللن ينتظرن مقدّم الجنود ..
ذوي الرؤوس الأطلسيّة المجعّدة
لكن " هانيبال " ما جاءت جنوده المجنّدة
فأخبروه أنّني انتظرته ..انتظرته ..
لكنّه لم يأت !
و أنّني انتظرته ..حتّى انتهيت في حبال الموت
و في المدى : " قرطاجه " بالنار تحترق
" قرطاجه " كانت ضمير الشمس : قد تعلّمت معنى الركوع
و العنكبوت فوق أعناق الرجال
و الكلمات تختنق
يا اخوتي : قرطاجة العذراء تحترق
فقبّلوا زوجاتكم ،
إنّي تركت زوجتي بلا وداع
و إن رأيتم طفلى الذي تركته على ذراعها .. بلا ذراع
فعلّموه الانحناء ..
علّموه الانحناء ..
علّموه الانحناء ..


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: شريط حياة _ الشاعر أمل دنقل
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ابن حوقل أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 6 01-12-2022 07:16 AM
لا تصالحْ / الشاعر أمل دنقل هند طاهر منبر مختارات من الشتات. 7 02-06-2021 08:14 AM
نبذه عن حياة الشاعر رحيم المالكي رحمه الله مع قصيده أميرة الشمري منبر الشعر الشعبي والمحاورات الشعرية. 5 11-16-2012 06:12 PM

الساعة الآن 07:21 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.