قديم 02-22-2011, 11:17 PM
المشاركة 21
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



بين الظلام



بين الظلام‏


ناديتك أنت


كان السكون‏


والنسيم يلاعبان الستارة‏


في السماء الملول‏


نجمة تحترق‏


نجمة تذهب‏


نجمة تموت


ناديتك أنت‏


ناديتك أنت‏


كان وجودي كله‏


مثل قدح حليب‏


بين يدي


نظرة القمر الزرقاء‏


ارتطمت بالزجاج


أغنية حزينة‏


تصاعدت من مدينة السلاسل‏


كالدخان


وكالدخان‏


تتزحلق على النوافذ


طوال الليل‏


ثمة بين نهدي‏


أحد ما يلهث يائساً‏


نفَسَاً نفسَاً


أحد ما ينهض‏


أحد ما يريدك‏


أحد ما يناديك


مرة أخرى سوف يسحب‏


يديه الباردتين


طوال الليل، هناك‏


يتساقط الحزن‏


من الغصون السوداء


أحد ما متأخر عن نفسه‏


أحد ما يناديك‏


والهواء يتساقط عليه‏


كالحطام


شجرتي الصغيرة تتعشق الريح


الريح التي لا قرار لها


أين بيت الريح؟‏


أين بيت الريح؟‏





ترجمة: ناطق عزيز - أحمد عبد الحسين

مخـتارات من كتاب: عمدني بنبيذ الأمواج

الناشر: (اتحاد الكتاب العرب)2000




هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-22-2011, 11:23 PM
المشاركة 22
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



آيات أرضية


(ج 1)





عندها.. بردت الشمس‏


وارتفعت البركة من الأرض‏


عندها، الأرض الخضراء يبست كالصحراء‏


جفّت الأسماك في البحر‏


والتراب لم يعد يتقبل الموتى من بعدُ

الليل في كل النوافذ الشاحبة‏


مثل خيال مرتبك‏


كان يتراكم ويطغى


والطرقات أطلقت نهاياتها في الظلمة


لم يعد أحد يفكر بالحب‏


لم يعد أحد يفكر بالفتح


لم يعد أحد أبداً‏


يفكر بأي شيء


في كهوف العزلة ولد العبث‏


ومن الدم انبعثت روائح الأفيون والحشيش‏


النساء الحوامل وضعن أطفالاً بلا رؤوس‏


والمهود ـ لفرط حيائها ـ لاذت بالمقابر


كم هي أيام مرة وسوداء‏


لقد قهر الخبزُ قوّة النبوة العجيبة‏


وها أن الأنبياء ـ جوعى ومساكين ـ‏


يفرون من أرض الميعاد


حملان المسيح الضالة‏


لم تعد تسمع في عمق الوديان

صوتَ‏ الراعي هاتفاً:هَيْ... هَيْ


كأنما الحركات، الألوان والصور‏


انعكست مقلوبة في عيون المرايا


وفوق رؤوس المهرجين السفلة‏


وعلى سحنات العواهر الوقحة‏


ثمة هالة نورانية مقدسة‏


مثل مظلة تحترق


مستنقعات الخمر، ببخارها المزّ السامّ‏


استدرجتْ حشد المثقفين

الساكن إلى‏ أعماقها


والجرذان المؤذية أكلت صفحات الكتب‏


المذهّبة في المكتبات العتيقة


ماتت الشمس‏


ماتت الشمس، وغداً سيكون لها في‏


ذهن الأطفال معنى أبكم وضائع ‏


إنهم لغرابة هذا اللفظ القديم في‏


واجباتهم المدرسية سيرسمونها‏


بقعة سوداء غليظة‏





يتبع

.

.





هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-22-2011, 11:26 PM
المشاركة 23
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي




آيات أرضية


(ج 2)




الناس‏


الجمع المتهالك من الناس‏


ميتو القلوب‏


المتكئون‏


المنذهلون‏


في ظل وطأة أجسادهم المشؤومة‏


يرتحلون من غربة إلى غربة‏


الشهوة المؤلمة للجريمة‏


تتورم على أيديهم


أحياناً‏


شرارة، شرارة بسيطة تجعل هذا‏


الحشد الساكت الفاني‏


يتلاشى بلمح البصر


إنهم يهجمون بعضهم على بعض‏


الرجال بعضهم يقطع بالسكين حلقوم الآخر


وعلى أسرّة من دم‏


يغتصبون العذارى


إنهم غرقى وحشيتهم‏


إحساسهم بالإثم شلّ أرواحهم‏


العمياء الغبية


وَ دائماً


في مراسم الإعدام‏


عندما يضعون حبلاً في عنق المحكوم


وتقفز عيناه المتشنجتان من محجريهما‏


تراهم منزوين في أعماقهم‏


ومن التخيل الشهواني‏


تصعق أعصابهم الشائخة التعبى


ودائماً‏


في أطراف الساحات العامة‏


ترى هؤلاء المجرمين الصغار‏


يقفون وكلهم دهشة‏


من الانسكاب الأبدي لماء النوافير‏


ربما لم يزل وراء العيون المسحوقة‏


في عُمقِ الانجماد‏


ثمة من هو نصف ميت‏


على وشك موت كاذب


وهو في سعيه المحتضر‏


يريد أن يؤمن بنقاء صوت الماء


ربما‏


لكنْ كم هو فراغ لا نهائي هذا


لقد ماتت الشمس‏


وما من أحد عرف بأن تلك الحمامة‏


الحزينة التي فرّت من القلوب‏


اسمها: الإيمان


آه‏


أيها الصوت الحبيس‏


ترى، هل أن عظمة يأسك‏


من لا اتجاه في هذا الليل الضجر‏


سوف تفتح ثقباً إلى النور؟‏


آه‏


أيها الصوت الحبيس‏


يا صوت الأصوات الأخير




ترجمة: ناطق عزيز - أحمد عبد الحسين

مخـتارات من كتاب: عمدني بنبيذ الأمواج

الناشر: (اتحاد الكتاب العرب)2000




هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-22-2011, 11:29 PM
المشاركة 24
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



في شوارع الليل الباردة




أنا لست نادمة‏


أنا أفكر بهذا الاستسلام‏


هذا الاستسلام المعفّر بالألم‏


أني قَبَّلتُ صليب قدري‏


على مرتفع تلال مقتلي


في شوارع الليل الباردة‏


الأزواج دائماً يهجرون بعضهم مترددين‏


في شوارع الليل الباردة‏


لا صوت سوى: الوداع...الوداع


أنا لست نادمة‏


كأنما قلبي يجري

في تلك الجهة من الزمن‏


الحياة ستكرر قلبي‏


وزهرة القاصد التي تجري

على بحيرات الريح‏


هي التي ستكررني


آه، هل ترى‏


كيف يتمزق جلدي؟‏


وكيف حليب نهدي الباردين‏


يتجمّد في عروقي المزرقة؟‏


والدم كيف يبدأ نموّه الغضروفي‏


في معصمي الصبور؟‏


إنك، أنا، أنت‏


والذي أحبه


وكنتَ الذي يجد فجأة

في داخله مرة أخرى‏


اتصالاً أبكم‏


مع آلاف الأشياء المحملة بغرابة مجهولة‏


وكل شهوة الأرض الحادة‏


التي تمتص كل المياه في داخلها‏


لتحبل كل السهول‏


اسمعْ‏


إلى صوتي بعيد المدى‏


في ضباب التهجّد الكثيف‏


للقائمين في السَحَرْ‏


وأبصرْني في صمت المرايا‏


كيف ألمس بما تبقى من يدي


مرة أخرى، العمقَ المظلمَ لكل الأحلام‏


وأَوشمُ قلبي كالبقع الدامية‏


على سعادات الوجود البريئة


أنا لست نادمة‏


مني أنا، يا حبيبي

تكلّمْ مع الأنا الأخرى


التي ستجدها أنت مرة أخرى

بهاتين العينين العاشقتين‏


في شوارع الليل الباردة


واذكرني في قبلتها الحزينة


على الغضون التي تحت عينيك الرحيمتين




ترجمة: ناطق عزيز - أحمد عبد الحسين

مخـتارات من كتاب: عمدني بنبيذ الأمواج

الناشر: (اتحاد الكتاب العرب)2000




هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-22-2011, 11:33 PM
المشاركة 25
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



عبـــور



حتامَ عليَّ الذهاب‏


من ديار إلى ديار؟‏


لا أستطيع، لم يعد بمقدوري البحث


كل الزمن حب وحبيب آخر


تمنينا أن نكون هاتين السنونوتين‏


المسافرتين طوال عمريهما‏


من ربيع إلى ربيع


آه، لقد تأخر الآن‏


تهدّم في ورأيتُ امتزاج قبلتك‏


على شفتيّ كما لو قطعة مظلمة نازحة‏


من غيمة ـ كنزٍ أزهقت روحها المعطرة‏


في عبورها‏


كم هو ملوث بخوف الزوال

حبي الحزين

حياتي كلها ترتعد لأني أراك‏


كأني أرى، من النافذة

إلى شجرتي‏ الوحيدة المورقة‏


في المهبِّ الأصفر المحموم


كأني أنظر إلى صورة‏


تنكسر في جريان الماء الشبحي


ليلة ويوم


ليلة ويوم


ليلة ويوم


دعني أنس


ما أنت سوى لحظة‏


لحظة واحدة تفتح عيني

على برهوت المعرفة‏


دعني أنس




ترجمة: ناطق عزيز - أحمد عبد الحسين

مخـتارات من كتاب: عمدني بنبيذ الأمواج

الناشر: (اتحاد الكتاب العرب)2000





هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-22-2011, 11:41 PM
المشاركة 26
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تلك الأيام


(ج 1)





ذهبت تلك الأيام‏


تلك الأيام الجيدة


الأيام الممتلئة والنزيهة‏


تلك السماوات المغطاة بالبلك *


تلك الأغصان المثقلة بالكرز ‏


تلك البيوت المتكئة معاً على غلاف‏


اللبلاب الأخضر


سطوح البالونات اللعوبة تلك


تلك الأزقة السكرى من عطر الأكاسيا


ذهبت تلك الأيام‏


حيث من بين شقوق أجفاني‏


يتصاعد غنائي مثلما فقاعة تغلي‏


مترعة بالهواء‏


وحيث تنعكس عيني على كل الأشياء‏


وتشربها كحليب طازج


كأنما في بؤبؤيَّ أرنب قلق وسعيد‏


يسافر كل صباح مع الشمس العجوز‏


إلى حقول مجهولة


وفي الليالي‏


يغوص في غابات العتمة


ذهبت تلك الأيام‏


الأيام الثلجية الآفلة‏


عندما من وراء الزجاج

في الغرفة الدافئة دائماً‏


أتأمل في الخارج

ثلجي الطاهرَ‏

كيف يتساقط مثل زغب ناعم‏


بهدوء‏


على السلم الخشبي القديم‏


على حبال الغسيل المرتخية‏


على ضفائر الصنو برات العجائز‏


وأفكر بالغد...


آه‏


الغد: حجم أبيض صقيل‏


يبدأ مع حفيف عباءة جدتي؟


مع بزوغ ظلّها الشبحي في إطار الباب‏


وهو يطلق نفسه في إحساس النور البارد


وفكرة التحليق الحائر للطيور


في كؤوس الزجاج الملونة


الغد...‏


دفء الكرسي يجلب لي النوم


عجولة أنا وغير خائفة

أبتعد عن‏ أنظار أمي

لأمسح خطوط الباطل

من‏ مسوداتي العتيقة

عندما ينام الثلج

أتجول قلقة في الحديقة

وتحت أصّ شجرة الآس اليابسة‏

أدفن عصافيري الميتة

ذهبت تلك الأيام‏


أيام الانجذاب والحيرة‏

أيام النوم والصحو

أيامَ كل ظل له سر

وكل علبة مغلقة تخفي كنزاً‏

وكل زاوية من الصندوق
في سكوت‏ الظهيرة
كأنها العالم
وكل من لا يخاف من الظلمة‏

كان في عيني هو البطل

ذهبت تلك الأيام‏

أيام العيد‏

انتظار الشمس والوردة

ارتعاشات العطر في اجتماع صامت

وعفّة النرجس الصحراوي‏

الذي يزور المدينة آخر صباحات‏

الشتاء


* البلك: نوع من الشذر الصغير الملون تزين به الثياب



يتبع


.


.

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-22-2011, 11:45 PM
المشاركة 27
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



تلك الأيام


(ج 2)




أغاني البائع المتجول في الشارع‏


الطويل المبقع بالأخضر


السوق وهي تطوف في روائح هائمة‏


ـ الرائحة القوية للقهوة والسمك ـ


السوق تمتد تحت الأقدام‏


تمتزج بكل لحظات الطريق‏


وتدور في قعر أعماق عيون الدمى


السوق كانت أمّاً‏


تذهب مسرعة إلى أحجام ملوّنة وسيالة‏


ثم تأتي‏


مع علب الهدايا في الزنابيل الملأى


السوق كانت مطراً‏


ينهمر‏


ينهمر‏


ينهمر‏


ذهبت تلك الأيام‏


أيام التأمل في أسرار الجسد‏


أيام التعارف الحذر‏


مع جمال الشرايين الزرق:‏


ـ يد من وراء الحائط تناديني بوردة


ـ واليد الأخرى‏


بقعُ حبرٍ على تلك اليد المرتبكة‏


المضطربة الخائفة


والحب‏


يكرّر نفسه بتحية خجلى


في الظهيرات الحارة الملوثة بالدخان‏


نادينا حبنا في غبار الزقاق‏


وعرفنا اللغة البسيطة لأزهار الـقاصد


نحن أخذنا قلوبنا إلى بستان الرحمات المعصومة‏


وأقرضنا الأشجار


والمدفع، مع رسائل القبلات

كان يدور‏ في أيدينا


وكان الحب‏


ذلك الحس الشبحي في الظلمة الثامنة‏


حاصرنا فجأة‏


وجذبنا في زحام الأنفاس الملتهبة الحرى‏


والابتسامات المسروقة


ذهبت تلك الأيام‏


تلك الأيام مثلما نباتات تفسخت في الشمس


من أشعة الشمس تفسخت‏


وضاعت تلك الأزقة التي‏


كانت سكرى من عطر الأكاسيا


ضاعت في شوارع اللاعودة

المليئة بالصخب


والبنت التي لونت خديها يوماً‏


بأوراق الشمعدان


الآن امرأة وحيدة‏


الآن امرأة وحيدة‏




ترجمة: ناطق عزيز - أحمد عبد الحسين

مخـتارات من كتاب: عمدني بنبيذ الأمواج

الناشر: (اتحاد الكتاب العرب)2000




هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-22-2011, 11:48 PM
المشاركة 28
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



قمر... أيها القمر الكبير




طوال الظلام‏


المتخمون الممتلؤون هتفوا:‏


قمر..أيها القمر الكبير


طوال الظلام‏


المتخمون الممتلئون‏


هتفوا:‏


قمر:‏


أيها القمر الكبير‏


طوال الظلام‏


الأغصان مع الأيدي الطويلة‏


تنبعث منها آه الشهوة‏


وهي تمضي إلى الأفق

ونسيم التسليم‏ وفقاً لأوامر آلهة

مجهولة ومرموزة


وآلاف الأنفاس السرية

في حياة الأرض المختبئة‏


وفي هذه الدائرة النورانية

السيارة التي تضيء الليل


طَرَقات على السقف الخشبي


ليلى خلف الستارة‏


الضفادع في المستنقع‏


وفي تلك الحديقة السوداء غراب‏


كلهم معاً وبإيقاع واحد‏


صرخوا حتى الفجر:‏


قمر...‏


أيها القمر الكبير


قمر.. ولكن‏


في كل الظلام الطويل‏


بعيداً عن هذه الهمهمة‏


ثمة صراخ في قمة أخرى:‏


القمر، قلب ليلته الوحيدة‏


كان يتفجر بحسرته الذهبية




ترجمة: ناطق عزيز - أحمد عبد الحسين

مخـتارات من كتاب: عمدني بنبيذ الأمواج

الناشر: (اتحاد الكتاب العرب)2000




هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-22-2011, 11:54 PM
المشاركة 29
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



في مياه الصيف الخضراء



أكثر عزلة من ورقة الشجرة‏


مع حمل سعاداتي المهجورة‏


أبحر بهدوء‏ في مياه الصيف الخضراء‏


إلى أرض الموت‏


إلى شاطئ أحزان الخريف


تركت نفسي في الظل‏


في ظل عشق لا يبالي


في ظل هروب السعادة‏


في ظل عدم التوازن الليالي

حيث يطوف النسيم السكران‏


في السماء الواطئة المشتاقة


الليالي إذ يعصف ضباب دموي‏


في أزقة الشرايين الزرق


الليالي حيث وحدتي‏


وحيدة مع رعشات روحينا


في ضربات النبض‏


يغلي إحساس الوجود‏


الوجود المريض


في انتظار الأدوية سر


هذا ما حفروه في الصخور القاسية‏


على قمم الجبال‏


هؤلاء الذين في خط سقوطهم‏


لوثوا -بالرجاء المرّ-

ليلةَ صمت الجبليين


في اضطراب الأيدي الممتلئة‏


لا هدوء للأيدي الفارغة


ظلام الأنقاض جميل"


هذا ما غنته امرأة في المياه‏


في مياه الصيف الخضراء‏


كأنها تسكن في الحطام


نحن، بأنفاسنا، يلوث أحدنا الآخر‏


وها، ملوثين بتقوى الفرح‏


نخاف صوت الريح‏


وسطوة ظلال الشك


في غابات قبلاتنا نفقد ألواننا


نحن في كل ضيافات قصر النور‏


نرتجف من وحشة الضياع


الآن أنت هنا‏


تنبسط كعطر الأكاسيا‏


في أزقة الصباح


ثقيل على صدري‏


حار في يدي‏


سكران في ضفائري‏


محترق‏ .. مندهش‏


أنت الآن هنا شيء ما

واسع قاتم ومديد‏


شيء مضبب‏


مثل صوت يوم بعيد يدور‏


ويبسط نفسه على‏ أجفاني القلقة


لعلهم يغترفونني من الينبوع‏


لعلهم يقطفونني من الغصن‏


لعلهم، كالباب، يغلقونني

على اللحظات القادمة‏


لعلي‏ لا أرى مرة أخرى


نحن نمونا على أرض يباب‏


نحن أمطرنا على أرض يباب‏


نحن رأينا اللاشيء‏


بحصانه الأصفر المجنح‏


على الطرقات‏ يشق طريقه كملك


يا للحسرة، نحن سعداء وهادئون‏


يا للحسرة، نحن ملتاعون وآفلون‏


سعداء لأننا نحب‏


ملتاعون لأن الحب لعنة




ترجمة: ناطق عزيز - أحمد عبد الحسين

مخـتارات من كتاب: عمدني بنبيذ الأمواج

الناشر: (اتحاد الكتاب العرب)2000



هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-22-2011, 11:56 PM
المشاركة 30
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



ستأخذنا الريح



في ليلي الصغير، يا للحسرة‏


للريح ميعاد مع ورقة الشجر


في ليلي الصغير


القلق يتهشم


اسمعْ


هل تسمع هبوب الظلام؟‏


أنا، يا للغرابة، انظر إلى هذه السعادة


أنا مدمنة يأسي


اسمع


هل تسمع هبوب الظلام؟‏


الآن، في الليل، شيء ما يحدث‏


القمر أحمر ومرتبك‏


وعلى هذا السطح الذي كل لحظة فيه‏


هي خوف من التحطم‏


الغيوم، كأنها حشود المعزين


تنتظر لحظة هطول المطر


لحظة‏


وبعدها لا شيء


وراء تلك النافذة يرتجف الليل‏


والأرض تكف عن الدوران


وراء تلك النافذة شيء ما غامض:‏


قلق لي ولك


يا من كله أخضر‏


يداك اللتان مثل ذكرى ملتهبة‏


ضعهما بين يدي العاشقتين


وشفتاك‏


كأنهما إحساس دافئ بالوجود‏


ضعهما برفق على شفتي العاشقتين


ستأخذنا الريح معها‏


ستأخذنا الريح




ترجمة: ناطق عزيز - أحمد عبد الحسين

مخـتارات من كتاب: عمدني بنبيذ الأمواج

الناشر: (اتحاد الكتاب العرب)2000



هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:43 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.