قديم 02-11-2011, 12:04 AM
المشاركة 11
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


2



ماذا يفعل الخريف المتأخر مع اضطرابات الربيع


ومخلوقات حرارة الصيف


وقطرات الجليد تئز تحت الأقدام


وصقور رمادية حمراء


تحوم عالياً ثم تهوي


والزهور المتأخرة مع الجليد المبكر؟


تدور البروق مع الأنجم الدوارة


تتشبه بمركبات الإنتصار


منتشرة في حروب الكواكب


العقرب يصارع الشمس حتى تهبط الشمس والقمر


وتبكي النيازك ويطير الأسد صائداً السماء والسهول


طائراً في زوبعة ستأخذ العالم إلى تلك النار المحرقة


التي تشتعل قبل أن يسود الجليد


كانت هذه طريقة في القول؛ ليست مرضية تماماً


دراسة هامشية في إطار شعري بال


تترك المرء فى صراع لا يحتمل مع المعانى

والكلمات


لا يهم الشعر، ولم يكن (لو بدأنا مرة أخرى)


ما كان المرء يتوقع


فماذا يجب أن تكون قيمة ما تعلق به الأمل طويلاً


من الهدوء والسلام الخريفى وحكمة

العمر؟


هل خدعونا أم خدعوا أنفسهم كبار السن ذوى الصوت الهادئ؟


هل أورثونا مجرد خدعة؟


ولم يكن السلام سوى ذل متعمد


ولا الحكمة سوى معرفة الأسرار الميتة


لا تفيد في الظلام التي تتلصص فيه


هناك يبدو لنا في أفضل الأحوال مجرد قيمة محدودة


في المعرفة المستفادة من الخبرة


حيث تفترض المعرفة إطاراً للتزييف


والإطار جديد في كل لحظة


وكل لحظة تقييم جديد مذهل لكل ما كنا


والأمر الوحيد الذي لم ننخدع فيه


هو ذلك الذي لم يعد الخداع يضر به


في المنتصف


ليس فقط في منتصف الطريق


ولكن طوال الطريق


في غابة مظلمة أو خميلة


أو على حافة هاوية حيث لا مستقر أمين لقدم


حيث تتهدده الغيلان والأضواء الباهرة والمتعة والمخاطرة


لا تحك لي عن حكمة كبار السن بل عن حماقتهم


وخوفهم من الخوف والجنون، وخوفهم من التملك


ومن الإنتماء إلى آخر أو آخرين أو الله


الحكمة الوحيدة التى نأمل فى اكتسابها


هي حكمة التواضع


فالتواضع لانهائي


المنازل جميعاً راحت تحت الجبل


الراقصون جميعاً راحوا تحت التل




يتبع
.
.



هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-11-2011, 12:08 AM
المشاركة 12
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي




3



أيها الظلام الظلام الظلام


كلهم يروحون في الظلام


في الفضاء الخالي ما بين النجوم


الفراغ في الفراغ


القباطنة ورجال البنوك ورجال الكلمة المرموقين


ورعاة الفن الكرماء ورجال الدولة والحكام


وكبار رجال الحكومة ورؤساء عديد من اللجان


وسادة الصناعة وصغار المقاولين


كلهم يروحون في الظلام


وظلام هي الشمس والقمر والتقويم


وجريدة البورصة ودليل المديرين


وتبرد الحواس ويضيع الدافع إلى الحركة


ونذهب جميعاً معهم في الجناز الصامت


جنازة لا أحد؛ فليس هناك من يدفن


وقلت لروحى اسكني ودعي الظلام يحل عليك


والذى سوف يكون ظلام الله


كما في مسرح عندما تخفت الأضواء بحفيف أجنحة جوفاء


وحركة الظلام على الظلام


ونعلم أن التلال والاشجار والخلفية البعيدة


والواجهة الجريئة المؤثرة تلتف جميعاً ليتغير المشهد


أو كما في قطار حينما يتوقف طويلاً في النفق بين محطتين


ويرتفع الحوار؛ وبطيئاً يتلاشى إلى السكون


وخلف كل وجه يتزايد عمق الفراغ الفكري


لايترك سوى الرعب النامي من عدم التفكير في شيء


وقلت لروحي اسكني وانتظري بلا رجاء


فالرجاء قد يكون رجاء أمر خطأ


وانتظري بلا حب


فالحب قد يكون حب شئ خطأ


لكن؛ مازال هناك الإيمان


إلا أن الإيمان والحب والرجاء جميعاً في الإنتظار


انتظري بلا فكر، فلست على استعداد للفكر


وهكذا يتحول الظلام ضوءاً والسكون رقصاً


همسات الغدير الجاري وبروق الشتاء


التوت البري مختفياً والفراولة البرية


والضحكة في الحديقة متعة تتردد


ليست ضائعة ولكن متطلبة


تشير الى ألم الولادة والموت


تقولون أنني أكرر أمراً قلته من قبل


سوف أقوله ثانية


هل أقوله ثانية؟


حتى تصل إلى هناك


حتى تصل إلى حيث أنت وتأخذ من حيث لا تكون


يجب أن تذهب في طريق لامتعة فيه


حتى تصل إلى ما لا تعرف


عليك أن تذهب في طريق الجهل


حتى تمتلك ما لا تحوز


عليك أن تذهب في طريق التخلي


حتى تصل إلى ما ليس بذاتك


عليك أن تذهب في طريق لست فيه ذاتك


وكونك لا تعرف هو الشئ الوحيد الذي تعرف


وما تملك هو ما لا تملك


وحيث تكون هو حيث لا تكون




يتبع
.
.

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-11-2011, 12:14 AM
المشاركة 13
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



4



الجراح الجريح يعد المبضع


الذي يبتر به العضو المريض


ونشعر تحت الكفوف الدامية بعمق التعاطف وفن الشفاء


يحلان عقدة ارتفاع الحمى


صحتنا الوحيدة هي المرض


لو أطعنا الممرضة المحتضرة


التى لا تسرنا رعايتها الدائمة


بل تذكرنا بلعنتنا ولعنة آدم


ولا شفاء منها سوى بالسقوط في المرض


الأرض بأجمعها مستشفانا


يرعاها الميليونير المفلس


نفعل خيراً لو متنا


من فرط الرعاية الأبوية


والتي لن تعتقنا بل تحبطنا في كل مكان


يرتفع الصقيع من الأقدام إلى الركب


وتغني الحمى في شعاب العقل


من أجل الدفء لا مناص من التجمد


والرجفة في لهيب مطهر مقرور


شعلته الورود ودخانه البرار


الدم النازف شرابنا الوحيد


واللحم الدامي طعامنا الفريد


بالرغم منهما نحب أن نعتقد


أننا دم ولحم سليم


ثم نسمي هذه جمعة مقدسة




5



ها أنذا في منتصف الطريق بعد عشرين عاماً


عشرون عاماً شديدة الضياع


سني ما بين الحربين


أحاول أن أتعلم استخدام الكلمات


وكل محاولة بداية جديدة تماما


ونوع مختلف من الفشل


لأن المرء لم يتعلم سوى أن يأتي بأحسن الكلام


لقول ما لم يعد مضطراً لقوله


أو الطريقة التى لم يعد مضطراً لقوله بها


وهكذا فكل مغامرة جديدة بداية


وحرب على ما لا يقال


بأدوات رثة غالباً ما نؤخر


في الاضطراب العام للمشاعر المختلطة


وجحافل العواطف الهوجاء


وما كان يهزم بالقوة أو بالخضوع


قد اكتشفه بالفعل رجال


لا نستطيع أننأمل في تقليدهم


ولكن لا منافسة هناك


وليس هناك سوى الصراع لاسترداد ما فقد


ووجد وفقد مرة بعد أخرى


الآن في ظروف لا تبدو مرضية


ولكن لا يهم المكسب ولا الخسارة


وليس هناك سوى المحاولة


والبقية ليست من شأننا


البيت حيث يبدأ المرء


وكلما أوغلنا في العمر


تزداد غرابة الدنيا وتتعقد الأحوال


بالموتى والأحياء


لا اللحظة الحاسمة منفصلة لا قبل لها ولا بعد


ولكن حياة كاملة تحترق في كل لحظة


وليست حياة رجل واحد فقط


بل حياة أحجار قديمة لم تحل رموزها بعد


هناك زمن للمساء تحت ضوء النجوم


وزمن للمساء في ضوء القنديل


(المساء الذي تمضيه مع ألبوم الصور)


حين يكون الحب أقرب إلى حقيقته


حين تنتهي أهمية الزمان والمكان


يحسن بكبار السن أن يكونوا مستكشفين


لا أهمية لهنا أو هناك


فيجب أن نتحرك أبداً نحو وجود أكثر تركيزاً


نحو اتحاد أوثق وتوحد أعمق


في بيداء مظلمة وفراغ بارد


حيث تهدر الموجة وتصفر الريح


على المياه الشاسعة


مياه النورس والحوت


في بدايتي نهايتي





يتبع
.
.

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-11-2011, 12:19 AM
المشاركة 14
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي




جيدنج الصغيرة (iv)


1



فصلها ربيعي نصف شتوي


سرمدي ولكن مبتل قبل المغيب


ممتد على الزمن بين قطب واستواء


حين يكون اليوم القصير على أشده فى لمعان الصقيع والنار


والشمس المختزلة تلهب الجليد على البرك والنقر


في برد لا ريح فيه هو حرارة القلب


عاكساً في مرآة مائية


ومضة كالعمى في الأصيل المبكر


وتألق أكثر تركيزاً من وهج الفروع أو أشد


يحرك الروح الخرساء؛ لاريح بل لهيب العنصرة


يرتعد غمد الروح في أوقات الظلام من العام


بين الانصهار والتجمد


حيث لا رائحة للأرض ولا رائحة للأشياء الحية


هذا زمن الربيع؛ ولكن ليس في حدود الزمن


الخميلة الآن تبض ساعة ببراعم فانية من الجليد


لا هي تزهر ولا هي تذبل


وليست من النوع المتكاثر


أين الصيف؛ صيف ما قبل البداية


الذي لا يصل إليه خيال


إذا أتيت من هذا الطريق


متخذاً الدرب الذي قد تتخذه


من المكان الذي نشأت فيه


إذا أتيت من هذا الطريق فى مايو


فسوف تجد الخمائل بيضاء مرة أخرى


مايو ذا الحلاوة الآسرة


وسوف تكون نهاية الرحلة


هي ذاتها إذا أتيت ليلاً كملك منكسر


أو إذا أتيت نهاراً لا تدري ما أتيت له


فسوف تجد نفس الشئ حين تترك الطريق الوعر


وتدلف وراء حظيرة الخنازير إلى الواجهة الكئيبة


وشاهد القبر وما ظننت ما له أتيت


ليس سوى قوقعة وقشرة للمعنى


تفقس عن المعنى فقط حين يتحقق


لو أنه تحقق أبداً


(فإما أن يكون لك هدف


أو أن الهدف أبعد من النهاية التي كنت تتصور


وقد تغير في التحقق)


هناك أماكن أخرى


هي أيضاً نهاية العالم


بعضها بين فكي البحر


أو على بحيرة حالكة


أو في صحراء، أو مدينة


ولكن هذا هو الأقرب في الزمان والمكان


الآن وفي انجلترا


إذا أتيت من هذا الطريق


متخذاً أي درب بادئاً من أي مكان


في أي وقت وفي أي فصل:


فسوف يكون الأمر دائماً هو نفس الأمر


وسوف يجب عليك أن تتخلص من الحس والفكر


فلست هنا كي تحكم أو تقرر


وترضى ذاتك أو تشبع استطلاعك


فأنت هنا لتركع


حيث كانت الصلاة دائماً واجبة


والصلاة أكئر من مجرد نظام للكلمات


أو الشغل الواعي للعقل الداع


أو نبرة الصوت المصلي


وما لم يكن للموتى فيه مقال


عندما كانوا أحياء


يستطيعون أن يقولوا لك وهم أموات


إن اتصال الموتى بألسنة اللهيب


وراء لغة من يعيش


هنا؛ فاصل اللحظة اللازمنية


في انجلترا وليس في أي مكان آخر، أبداً ودائماً






يتبع
.
.


هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-11-2011, 12:26 AM
المشاركة 15
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



2



رماد على كم رجل عجوز


هو كل ما خلف عن احتراق الورود


تراب معلق في الهواء


أثر موقع نهاية حكاية


تراب في لشهيق كان بيتاً


جداراً وكسوة حائط وفأر


موت اليأس وموت الأمل


هذا هو موت الهواء


فيضان وجفاف على العين وفي لفم


ماء ميت ورمال ميتة


تتصارعان لأيهما الغلبة


الأرض المقددة المشققة تفغر فاها للكادحين


وتضحك بلا مرح


هذا هو موت الأرض


المياه والنيران تتابعان


على المدن والمراعي والأعشاب


المياه والنيران تحتقران التضحية التي أنكرنا


المياه والنيران سوف تبلي ما نسينا


من الأسس الشوهاء للمحراب والترتيل


هذا هو موت الماء والنار


في ساعة الفجر الكاذب قبيل الصباح


في نهاية ليل لا ينتهى


وعند عودة نهاية ما لا نهاية له


بعد أن مرت الحمامة السمراء


رفرافة الهديل تحت أفق مآبها


بينما تصلصل الأوراق


الميتة كالصفائح فوق الإسفلت


حيث لا يسمع صوت آخر


بين ثلاثة مناطق يرتفع الدخان


حيث قابلت واحداً مهرولاً متسرعاً


كما لو كان يهب على كالأوراق المعدنية


لايقاوم رياح الفجر


وفي الوجه الذى ألقاه الفجر


حملقت بذلك التطلع الشائك


الذي نتحدى به أول غريب


نقابله لحظة الغسق المتلاشي


ولمحت نظرة خاطفة لأحد الاساتذة الموتى


والذي كنت أعرفه ونسيته وأكاد أذكره


كواحد وجماعة معاً


في الملامح الملوحة السمراء


تطل عينا شبح مألوف وغير معروف


وهكذا لعبت دوراً مزدوجاً وصحت


وسمعت صوتاً آخر يصيح "ماذا .. أأنتهنا؟"


ومع أننا لم نكن


فقد كنت بالرغم من ذلك أعرف أنني شخص آخر


وهو وجه مازال يتكون


إلا أن الكلمات كفت


لكي تجبر على التعرف الذى سبقته


وهكذا؛ مواكبة للرياح المشتركة


ونحن شديدي الغربة على أحدنا الآخرلسوء الفهم


مجتمعان عند ذلك الزمن الفاصل باللقاء في لا مكان


بلا قبل ولا بعد خطونا الرصيف في دورية ميتة


قلت "إن العجب الذى أحس سهل


إلا أن السهولة هي سبب العجب، فتكلم إذن


وقد لا أفهم وقد لا أتذكر."


قال "لست في شوق لأستعرض فكري ونظريتي


اللتان قد نسيت، لقد خدمت تلك الأشياء


أغراضها، فدعها، وكذلك أشياؤك


وادع أن يغفرها لك الآخرون


مثلما أرجوك أن تغتفر الردئ والطيب على السواء


فقد أكلت فاكهة الموسم الماضي


وسوف يركل الحيوان الممتلئ مخلته الفارغة


لأن كلمات العام المنصرم تنتمي إلى العام الفائت


وكلمات العام المقبل تنتظر شفاها جديدة


ولكن حيث أن الطريق لاعقبات فيه الآن


أمام الروح المغتربة الهائمة بين عالمين


صارا شديدي التشابه


فإنني أجد كلمات ما ظننت أني أنطق بها


في شوارع ما ظننت أني أعود اليها


عندما تركت جسدي فوق شاطئ بعيد


حيث أن همنا كان الحديث


وقد اضطرنا الحديث إلى تنقية حوار الجماعة


وحث العقل على الاستبطان والنبوءة


فدعنى أختم العطايا المحفوظة للعمر الطويل


بأن أتوج جهود حياتك


أولاً الاحتكاك البارد للحواس المتأججة


بلا نشوة وبلا وعد


سوى مرارة تستطعم


ثمار الظل


إذ يبدأ الجسد والروح في الانشطار


ثانياً وهن الغضب الواعي على الحمق الإنساني


وتهتك الضحك على ما لم يعد يسلي


وأخيراً الألم الممزق لإعادة تقييم كل ما فعلت وما كنت


والخجل من الدوافع التي تأخر كشفها


والحذر من الأشياء التى أسئ فعلها فى ضرر الغير


ثم أن موافقة المغفلين تلدغ وتلطخ الشرف


ومن عيب إلى عيب تظل الروح الحانقة


تتخبط ما لم تستردها النار المطهرة


حيث يكون عليك أن تتحرك بالقياس مثل راقص"


كان النهار يبزغ في الشارع المشوش


تركني بما يشيه الوداع


وتلاشى مع نفخة البوق



يتبع
.
.

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-11-2011, 12:32 AM
المشاركة 16
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



3



هناك ثلاث حالات غالباً ما تبدو متماثلة


إلا أنها تختلف تماماً وهي تنمو في نفس الخميلة


الارتباط بالنفس وبالأشياء وبالأشخاص


والانفصال عن النفس وعن الأشياء


وعن الأشخاص تقوم بينها اللامبالاة


التي تشبه الآخرين مثلما يشبه الموت الحياة


الكينونة بين حياتين لا ازدهار فيها


بين العوسج الحي والميت


هذه فائدة الذاكرة للتحرر لا بعدم الحب بل بانتشاره


حباً وراء الرغبة


ثم أن التحرر من المستقبل كالماضي أيضاً


وهكذا يبدأ حب الوطن كارتباط بحقل نشاطنا


وتنتهي إلى أن النشاط قليل الأهمية


ولكنه لا يصاب أبداً باللامبالاة


قد يكون التاريخ استعباداً


وقد يكون التاريخ حرية


انظر؛ الآن ها هم يختفون


الوجوه والأماكن مع الذات التي أحبتهم قدر استطاعتها


لتصير متجددة متحولة في نموذج آخر


الخطيئة ملزمة


ولكن كل شئ سيكون على ما يرام


وسوف تسير الأشياء على طرائقها


إذا فكرت ثانيةً في هذا المكان


وفي الناس غير المعروفين


وليسوا من ذوي القربى أو من نفس النوع


ولكن بعض العبقريات الغريبة


مستهم جميعاً عبقرية واحدة


متوحدين في الصراع الذي قسمهم


لو أنني فكرت في ملك ساعة الغسق


وثلاث رجال أو أكثر على المشنقة


وبعض من ماتوا منسيون في أماكن أخرى هنا وفي الغربة


ومات أحدهم ضريراً هادئاً


لماذا نحتفل بأولئك الميتين بأكثر ممن يموتون؟


لن يستوي الأمر بدق الناقوس القهقري


ولا هي ترتيلة لاستدعاء طيف وردة


نحن لا نستطيع إحياء قديم الفن ولا استعادة قديم السياسات


ولا أن نتبع طبولاً قديمة


أولئك الرجال ومن عارضهم وأولئك الذين عارضوهم


يقبلون الصمت دستوراً


ويطويهم حزب واحد


وما ورثناه عن المحظوظ فقد أخذناه من المنهزم


وما تركوا لنا هو رمز اكتمل بالموت


وكل شئ سوف يكون على ما يرام


وطرائق الأشياء سوف تسير على ما يرام


بتطهير الدوافع في أرض بحثنا



يتبع
.
.

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-11-2011, 12:35 AM
المشاركة 17
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


4



تهبط الحمامة تشق الهواء


بلهب رعب متأجج


تعلن ألسنته عن الخلاص النهائي من الخطيئة والذنب


الخطأ الوحيد أو فاليأس


كامن في الاختيار بين حطب وحطب


كى نستجير من نار بنار


من ذا الذي اخترع العذاب؟


الحب


الحب هو الاسم غير المعروف


وراء الأيدي التي نسجت قميص اللهب الذي لا يحتمل


والذي لا تستطيع قوى الإنسان أن تخلقه


إننا فقط نعيش وفقط نأمل


تأكلنا إما النار أو النار





يتبع
.
.

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-11-2011, 12:39 AM
المشاركة 18
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



5


غالباً ما تكون النهاية هي ما نسميه البداية


وصناعة النهاية هي أن نصنع البداية


والنهاية من حيث نبدأ


وكل عبارة وكل جملة صحيحة


(حيث كل كلمة في مكانها


تتخذ موقعها لسند الأخريات


لا الكلمة محجمة ولا مبهرجة


تبادل سهل بين القديم والجديد


الكلمة العامة مضبوطة بلا ابتذال


والكلمة الرسمية صريحة وليست متعالمة


والمعية جميعاً ترقص سوياً)


كل عبارة وكل جملة نهاية وبداية


وكل قصيدة شاهد وأي حركة


هي خطوة إلى النار في حلق المحيط


أو إلى حجر لا يعقل؛ وهناك حيث نبدأ


نموت مع من يموت


انظر؛ إنهم يرحلون ونحن نذهب معهم


إننا نولد مع الموتى


انظر؛ إنهم يعودون ويأتون بنا معهم


لحظة الوردة ولحظة شجرة السرو متساويتان في الدوام


وشعب بلا تاريخ لا يسترجع من الزمن


فالتاريخ نقش من اللحظات اللازمنية


وهكذا، بينما يهب الضوء في أصيل شتاء في كنيسة منعزلة


فالتاريخ الآن وانجلترا


مع سحب ذلك الحب وصوت ذلك النداء


لن نتوقف عن الاستكشاف


ونهاية كل استكشاف سوف تكون الوصول إلى حيث بدأنا


ونتعرف على المكان للمرة الأولى


خلال البوابة غير المعروفة التي نذكر


حيث بقيت آخر بقعة في الأرض لم نكتشف بعد


هي تلك الى كانت البداية


عند منبع أطول نهر


وصوت الشلال المختفي


والأطفال في شجرة التفاح


غير معروفين حيث لا يبحث عنهم أحد


ولكن مسموعين


نصف مسموعين في السكون بين هدير موجتين من البحر


سريعا، الآن، هنا، الآن، دائماً


حالة في منتهى البساطة


(لاتكلف أقل من أي شئ)


وسوف يكون كل شيء على ما يرام


وتصبح طرائق الأشياء على ما يرام


حين تلتئم ألسنة النار في ملتقى تاج اللهب


واللهب والوردة نفس الشئ





يتبع
.
.

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-11-2011, 12:44 AM
المشاركة 19
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سالفاج الجافة (III)




The dry salvage هي في الأصل Les trois souvages، وهي مجموعة صغيرة من الصخور عليها فنار بالقرب من الشاطئ الشمالي الشرقي لكيب آن في ماساشوستس،وتنطق سالفاج بحيث تسجع مع Aswage (بسكون الجيم وتعطيشها بالعربية)،والنائح هو طوف عائم يصدر صفيراً



1




لا أعرف الكثير عن الآلهة



ولكني أعتقد أن النهر



إله أسمر قوي متبرم جامح لا يكبح



صبور إلى حد ما



عرف في أول الزمان كحدود



مفيد ولا يوثق به كناقل للتجارة



ثم مجرد مشكلة تعترض بنائي الجسور



وإذا حلت المشكلة مرة؛ كاد السكان في المدن



أن ينسوا الإله الأسمر



ولكنه ظل قاسياً



محافظاً على غضباته ومواسمه، مدمراً مذكراً



بما اختار الناس أن ينسوا، لا يكرمه ولا يسترضيه



من يعبدون الماكينات، ولكنه ينتظر، يراقب وينتظر



إيقاعه كان حاضراً في غرفة المهد



وفي صفوف الأزهار على مداخل ابريل



وفي عبق الأعناب على مائدة الخريف



وحلقة المساء حول قنديل الشتاء



النهر في داخلنا، والبحر فيما حولنا



والبحر حافة الأرض أيضا



والجرانيت الذي يصل منه إلى الشواطئ التي يقارعها



وكناياته عن خلائق قديمة وغيرها



نجم البحر وسرطان الحدوة وفقرات الحوت



والبرك التي يقدم فيها إلى فضولنا



الطحلب الأزرق وشقائق النعمان



يقذف بخسائرنا، بالشبكة الممزقة



والإناء المشروخ والمجداف المكسور ومتاع موتى غرباء



للبحر أصوات كثيرة آلهة كثيرة وأصوات كثيرة



الملح في زهرة الخليج



الضباب في شجرة السرو



عصف البحر وعواءه صوتان مختلفان



غالباً مايسمعان معاً: النحيب في حبائل الشراع



التوعد والملاطفة للموجة التي تنكسر على المياه



والهدير البعيد على أسنان الجرانيت



والعويل المحذر من الأرض المقتربة



كلها أصوات بحر، والنورس والنائح الزافر



متوجهان إلى أرض الوطن



وتحت ضغط الضباب الصامت



الجرس الداق يقيس الزمن



لا زمنناً تدقه حدبة الأرض المتمهلة



بل زمن أقدم من زمن الساعات



أقدم من زمن تعده النسوة القلقات المهمومات



راقدات مستيقظات تحسبن المستقبل



تحاولن نسل النسيج وحل الخيط والعقد



ولصق الماضي بالمستقبل بين منتصف الليل



والفجر حينما يكون الماضي كله خداعا



والمستقبل بلا مستقبل



قبيل ساعة الصباح



حين يتوقف الوقت وأبداً لا ينتهى الزمن



وحدبة الأرض الكائنة التي كانت من البداية



يدق الجرس





يتبع
.
.

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 02-11-2011, 12:50 AM
المشاركة 20
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي




2



أين منه النهاية ذلك العويل الساكن


الذبول الصامت لأزهار الخريف


تسقط بتلاتها وتبقى بلا حراك


أين منه النهاية ذلك الحطام المنجرف


صلاة العظام على الشاطئ


التي لا تقام في النذير الفاجع


لا نهاية بل أحداثاً تباعاً


قاطرة لأيام وساعات أخر


حين يطوي الانفعال ما لا ينفعل


سنوات حياة بين الحطام


لما كان يعتقد أنه الأجدر بالثقة


ولذا فهو أحق بالجحود


بل هناك الخاتمة النهائية؛ السقوط


والشيخوخة أو الأشياء عندما تنهار القوى


الولاء الحر الذي قد يفسر بالكفران


في مركب منجرف يتسرب إليه الماء بطيئاً


إنصات صامت لما لا ينكر


ضجيج الجرس بالبشارة الأخيرة


أين منهم النهاية الصيادين المبحرين


في ذيل الريح حيث يرتعد الضباب


لا نتصور زمناً بلا محيط


ولا محيطاً تغشاه النفايا


ولا في مستقبل خئون


مثل الماضي لا اتجاه له


لا مناص من أن نفكر فيهم ينضحون دوماً


يبحرون ويرسون عندما تهبط الريح الشمالية الشرقية


على الشواطئ الضحلة في إصرار لا ينكسر


أو يقبضون أجورهم ويجففون قلاعهم على المراسي


لا مثل القيام برحلة لن تدر أجراً


لسفر لن يصمد للاختبار


لا نهاية له ذلك العويل الصامت


لا نهاية لذبول الأزهار الذابلة


لحركة الألم بلا ألم ولا حركة


لجرف اليم والحطام المنجرف


صلاة العظام للموت ربها


بالكاد تلك الصلاة


التي تقام للبشارة الوحيدة


يبدو أنه كلما أوغل المرء في العمر


يكتسب الماضي شكلاً آخر ولا يصير مجرد حدث


أو حتى تطوراً، فالتطور ضلال جزئي


شجعته أوهام تقدم سطحية


تصير في عقل العامة وسيلة للتخلي عن الماضي


لحظات السعادة لا معنى الرفاهية


لا الإثمار ولا الإنجاز ولا الأمان ولا الوجد


ولا حتى عشاءاً دسماً؛ بل التجلي الفجائي


لقد خضنا التجربة وفاتنا المغزى


فالاقتراب من المغزى يعيد التجربة


في شكل مختلف وراء كل معنى


يمكن أن نضفيه على السعادة


لقد قلت قبلاً أن الخبرة الماضية


التي تحيا في المعنى


ليست خبرة حياة واحدة فقط


ولكن حياة أجيال عدة


دون أن ننسى شيئاً ربما استحال التعبير عنه


النظرة الخلفية الواثقة


للتاريخ المسجل، ونصف النظرة الخلفية


عبر الكتف نحو الرعب البدائي


الآن نأتي إلى اكتشاف أن لحظات الألم


(سواء كانت أو لم تكن نتيجة سوء فهم


بعد أن أملت في الأمور الخطأ أوكرهت


الأشياء الخطأ، ليست موضعاً للتساؤل)


دائمة هي أيضا مثل دوام الزمن


فنحن نفلح في تقديرها في ألم الآخرين


الذى نكاد نعانيه وندمج فيه أنفسنا أكثر


من عذابنا نحن


حيث أن ماضينا تغشاه تيارات الحركة


ولكن عذاب الآخرين يبقى تجربة


لايضارعها ولا يبليها تعاقب الندم


الناس يتغيرون ويبتسمون، لكن يقيم العذاب


الزمن المدمر هو الزمن الحافظ


مثل النهر بحمولته من الزنوج الموتى


والأبقار وأقفاص الدجاج


التفاحة المرة والقضمة في التفاحة


والصخرة الرثة في المياه القلقة


تكسوها الأمواج ويحجبها الضباب


وفي أيام السكينة فليست سوى نصب


وفي أجواء الملاحة دائماً علامة بحرية


أو في مداهمة الغضبات هي ما كانت عليه أبداً



يتبع
.
.

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: توماس ستيرنز إليوت
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ت.س. إليوت عبدالله باسودان منبر الآداب العالمية. 3 11-12-2021 12:18 AM
من روائع ت. س. إليوت عبدالله باسودان منبر الآداب العالمية. 4 10-18-2020 07:44 PM
أربعاء الرماد – للشاعر ت.س. إليوت العنود العلي منبر الآداب العالمية. 25 10-18-2020 07:28 PM
تي إس إليوت – د. زياد الحكيم د. زياد الحكيم منبر الآداب العالمية. 2 12-28-2016 06:33 PM
توماس إديسون أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 2 01-12-2016 08:33 PM

الساعة الآن 01:32 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.