قديم 10-06-2010, 09:42 PM
المشاركة 71
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
ثورة 14 رمضان
( بدر شاكر السياب )


االف لسان جاء عندك يشكر
لأيفاء ما اسديت هيهات يقدر
بعثت حيلة من رداها و نفضت
أياديك عنها كل ما كان يوقر
جزاك الأله الخير عن أم صبية
أعدت لها البعل الذي كاد يقبر
فصار اليتامى من جداك ذوي أب
فداك الأب الفاديه در و جوهر
أسير فيكسو شارق الشمس جبهتي
فيعلو دعائي ظللت بالله تنصر
ألست الذي أحيا وقد ثار شعبه
فصاح ابتهاجا منه الله اكبر
وقام الكسيح المبتلى من فراشه
يسير على ساق يعدو ويطفر
تقحمت أو كان المنيات والسنا
يئن وآلاف الشاياطين تصفر
فما هي ألا ضربة الثأر وانجلى
ظلام من البلوى وبغداد تنظر
فمن ير بغداد التى أنت نورها
يقل عاد هارون وقد مات جعفر
ثأرت لشواف وأمطرت ناظما
بما قد روى القبر الذي كاد يطمر
وسد من التهريج أعلاه قاسم
وما كان كاسمه فهو يشطر
يحن ألى النيل الفرات ودونه
صحارى وقد قالوا لنا تلك كوثر
ألوف الضحايا سامها الخسف والأذى
غلوم ورقاع وبخش وقنبر
ولولاه ما عاد الشيوعي حاكما
كما شاء أو كان الشيوعي ينحر
فكنت الجواب المرتجى من دعائه
وكنت لنا النور الذي فيه نبصر
فيا جيش لا نلت الأذى دونك الذي
هبطنا ألى الأعماقأذ كبان يهذر
يمن بمال الشعب أعطاه عاجزا
ومن ظلمة الداء الذي فيه ينخر
لقد جاع حتى حطم الجوع جسمه
وطورد حتى ما على المشي يقدر
لك الحمد أذ أرويت بالثأر أرضنا
فسرنا على الدرب الذي كاد يطمر

قديم 10-06-2010, 09:43 PM
المشاركة 72
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
ثورة الأهلة
( بدر شاكر السياب )


أما زلت تصبو إلى قربها
رويدا فما أنت من صحبها
تخطيت سبعا من المثقلات
بما لست تدري إلى حبها
تركت الأهلة عن جانبيك
حيارى تشكى إلى ربها
أكانت سدى كل تلك السنين
و قد هدنا السير في دربها
أيطوي مداها إلى حبه
فتى ما رأيناه في ركبها
تخطيت سبعا فكم من ضحى
و كم من مساء و ليل بها
و كم نبضة من فؤاد التي
تشوقت للعطف من قلبها
أما زلت مستسلما للأنين
رويدا فعهدي بها لا تلين
و هل تسمع الشهر إن قلته
و في مسمعيها ضجيج السنين
أطلت على السبع من قبل عش
رين عاما و ما كنت إلا جنين
و أمسى و لم تدر أنت الغرام
هواها حديث الورى أجمعين
لقد نبأوها بهذا الهوى
فقالت و ما أكثر العاشقين
أما زلت في غفلة يا حزين
أحبت سواك ففيم الحنين
حرام عليها هنيء الرقاد
أتغفو و ما أنت في النائمين

قديم 10-06-2010, 09:43 PM
المشاركة 73
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
جيكور أمي
( بدر شاكر السياب )


تلك أمي و إن أجئها كسيحا
لأثما أزهارها و الماء فيها و الترابا
و نافضا بمقلتي أعشاشها و الغابا
تلك أطيار الغد الزرقاء و الغبراء يعبرن السطوحا
أو ينشرن في بويب الجناحين كزهرة يفتح الأفوافا
ها هنا عند الضحى كان اللقاء
و كانت الشمس على شفاهها تكسر الأطيافا
و تسفح الضياء
كيف أمشي أجوب تلك الدروب الخضر فيها و أطرق
الأبوابا
أطلب الماء فتأتيني من الفخار جره
تنضح الظل للبرود الحلو قطرة
بعد قطره
تمتد بالجرة لي يدان تنشران حول رأسي الأطيابا
هالتي تلك أم (وفيقة ) أم ( إقبال )
لم يبق لي سوى أسماء
من هوى مر كرعد في سمائي
دون ماء
كيف أمشي خطاي مزقها الداء كأني عمود
ملح يسير
أهي عامورة الغوية أو سادوم
هيهات إنها جيكور
جنة كان الصبي فيها و ضاعت حين ضاعا
آه لو أن السنين السود قمح أو ضخور
فوق ظهري حملتهن لألقيت بحملي فنفضت جيكور
عن شجيراتها ترابا يغشيها و عانقت معزفي ملتاعا
يجهش الحب به لحنا فلحنا
و لقاء فوداعا
آه لو أن السنين الخضر عادت يوم كنا
لم نزل بعد فتيين لقبلت ثلاثا أو رباعا
و جنتي ( هالة ) و الشهر الذي نشر أمواج الظلام
في سيول من العطور التي تحمل نفسي إلى بحار عميقة
و لقبلت برعم الموت ثغرا من وفيقة
و لأوصلتك يا ( إقبال ) في ليلة رعد و رياح وقتام
حاملا فانوسي الخفاق تمتد الظلال
منه أو تقصر إذ برعش في ذاك السكون
ذلك الصمت سوى قعقعة الرعد
سوى خفق الخطى بين التلال
و حفيف الريح في ثوبك أو وهوهة الليل مشى بين
الغصون
و لعانقتك عند الباب ما أقسى الوداع
أه لكن الصبى و لى و ضاع
الصبى و الزمان لن يرجعا بعد
فقري يا ذكريات و نامي

قديم 10-06-2010, 09:44 PM
المشاركة 74
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
جيكور شابت
( بدر شاكر السياب )


ما نفضت الندى عن ذرى العشب فيها
ما لثمت الضباب الذي يحتويها
جئتها و الضّحى يزرع الشمس في كل حقل و سطع
مثل أعواد قمح
فر قلبي إليها كطير إلى عشّه في الغروب
هل تراه استعاد الذي مر من عمره كل جرح
و ابتسام ؟
أبعد انطفاء اللهيب
يستطيع الرماد اتّقادا ؟ و من ؟أين ؟ من أيّ جمرة ؟
يا صباي الذي كان للكون عطرا و زهوا و تيها
كان يومي كعام تعد المسرّة
فيه نبضا لقلبي تفجّر منها على كلّ زهرة
كانت الأرض تلقى صباحا لأوّل مرّه
كان قابيلها بذرة مستسرة
كان للأرض قلب أحسّ به في الدروب
في البساتين في كل نهر يروّي بنيها
آه جيكور جيكور
ما للضحى كالأصيل
يسحب النّور مثل الجناح الكليل ؟
ما لأكواخك المقفرات الكئيبة
يحبس الظل فيها نحيبه ؟
أين أين الصبايا يوسوسن بين النخيل
عن هوى كالتماع النجوم الغريبة
أو يجرّرن أذيالهن التي لونتهن أقمار صيف
أو شموس خريفيّة عند شط ظليل و الشفاه ابتسامات حب و خوف
عجائز أو في القبور
عجائز يغزلن حول الصّلاء
و يروين عبر الكرى و الفتور
أقاصيص عن جنة في بيوت خواء
لأحفادهنّ اليتامى
و جيكور شابت وولى صباها
و أمسى هواها
رمادا إذا ما
تأوّهن هزّته ريح
أثارته حتى ارتمى في صداها
هباءا و ذرّا تضيق الصدور
به عن مداها
أين جيكور
جيكور ديوان شعري
موعد بي ألواح نعشي و قبري
كركرات المياه التي كسّر الشمس منها ارتجاف
و الأنين الذي منه كنا نخاف
صاعدا مثل مدّ تتر القبور
عنه و الشمس تمتصّ من كل نهر
و درابك في الأرض تنقرهنّ البذور
و هي تنشقّ في كل فجر
ذكريات كما يترك الصوت من ميّت
في خيال رنينه
مثل ناي تشظّى و أبقى أنينه
ايه جيكور عندي سؤال أما تسمعينه
هل ترى أنت في ذكرياتي دفينة
أم ترى أنت قبر لها ؟ فابعثيها
و ابعثيني
وهيهات ما للصّبى من رجوع
إن ماضيّ قبري و إني قبر ماضي
موت يمدّ الحياة الحزينة
أم حياة تمدّ الرّدى بالدموع
ما نفضت الندى عن ذرى العشب فيها

قديم 10-06-2010, 09:45 PM
المشاركة 75
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
جيكور و أشجار المدينة
( بدر شاكر السياب )


أشجارها دائمة الخضرة
كأنها أعمدة من رخام
لا عرى يعروها و لا صفره
و ليلها لا ينام
يطلع من أحداقه فجره
لكن في جيكور للصيف ألولنه كما للشتاء
حقل يمص الماء
أزهاره السكرى غناء الطيور
ناحلة كالصدى
أنغامه البلور
كأن فيها مدى
يجرحن قلبي فيستترفن منه النور
و تغرب الشمس و هذا المساء
أمطر في جيكور
أمطر ظلا نث صمتا مساء
غاف على جيكور
و الليل في جيكور
تهمس فيه النجوم
أنغامها تولد فيه الزهور
و تخفق الأجنحة
في أعين الأطفال في عالم للنوم مرت غيوم
بالدرب مبيضا بنور القمر
تكاد أن تمسحه
تسرق منه الزهر

قديم 10-06-2010, 09:46 PM
المشاركة 76
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
جيكور و المدينة
( بدر شاكر السياب )


و تلتفّ حولي دروب المدينة
حبالا من الطين يمضغن قلبي
و يعطين عن جمرة فيه طينة
حبالا من النار يجلدن عرى الحقول الحزينة
و يحرقن جيكور في قاع روحي
و يزرعن فيها رماد الضغينة
دروب تقول الأساطير عنها
على موقد نام ما عاد منها
و لا عاد من ضفة الموت سار
كأن الصدى و السكينة
جناحا أبي الهول فيها جناحان من ضخرة في ثراها دفينة
ومن يرجع الله يوما إليها
و في الليل فردوسها المستعاد
إذا عرّش الصخر فيها غصونه
ورصّ المصابيح تفاح نار
و مد الحوانيت أوراق تينه
فمن يشعل الحبّ في كل در و في كلّ مقهى و في كل دار
و من يرجع المخلب الآدميّ يدا يمسح الطفل فيها جبينه
و تخضل من لمسها من ألوهية القلب فيها عروق الحجار
و بين الضّحى و انتصاف النهار
إذا سبّحت باسم ربّ المدينة
بصوت العصافير في سدرة يخلق الله منها قلوب صغار
رحى معدن في أكفّ التجار
لها ما لأسماك جيكور من لمعة و اسمها من معان كثار
فمن يسمع الروح ؟ من يبسط الظل في لافح من هجير النضار
و من يهتدي في بحار الجليد إليها فلا يستبيح السفينة
و جيكور من غلق الدور فيها و جاء ابنها يطرق
الباب دونه
و من حول الدرب عنها فمن حيث دار اشرأبت إليه المدينة
و جيكور خضراء مس الأصيل ذرى النخل فيها
بشمس حزينة
يمدّ الكرى لي طريقا إليها
من القلب يمتدّ عبر الدهاليز عبر الدجى و القلاع الحصينة
و قد نام في بابل الراقصون
و نام الحديد الذي يشحذونه
و غشى على أعين الخازنين لهاث النّضار الذي يحرسونه
حصاد المجاعات في جنتيها
رحى من لظى مر دربي عليها
و كرم من عساليجه العاقرات شرايين تموز عبر المدينة
شرايين في كل دار و سجن و مقهى
و سجن و بار و في كل ملهى
و في كل مستشفيات المجانين
في كل مبغى لعشتار
يطلعن أزهارهن الهجينة
مصابيح لم يسرج الزيت فيها و تمسسه نار
و في كل مقهى و سجن و مبغى و دار
دمي ذلك الماء هل تشربونه
و لحمي هو الخبز لو تأكلونه
و تموز تبكيه لاة الحزينة
ترفع بالنواح صوتها مع السّحر
ترفع بالنواح صوتها كما تنهّد الشجر
تقول يا قطار يا قدر
قتلت إذ قتلته الربيع و المطر
و تنشر ( الزمان ) و ( الحوادث ) الخبر
و لاة تيسغيث بالمضمّد الحفر
أن يرجع ابنها يديه مقلتيه أيما أثر
و ترسل النواح يا سنابل القمر
دم ابني الزجاج في عروقه انفجر
فكهرباء دارنا أصابت الحجر
و صكه الجدار خضه رماه لمحة البصر
أراد أن ينير أن يبدد الظلام فانحدر
و ترسل النواح
ثم يصمت الوتر
و جيكور خضراء
مسّ الأصيل
ذرى النخل فيها
بشمس حزينة
و دربي إليها كومض البروق
بدا و اختفى ثم عاد الضياء فأذكاه حتى أنار المدينة
و عرى يدي من وراء الضماد كأن الجراحات فيها حروق
و جيكور من دونها قام سور
و بوابه
و احتوتها سكينة
فمن يخترق السور من يفتح الباب يدمي على كل قفل يمينه
و يمناي لا مخلب للصراع فأسعى بها في دروب المدينة
و لا قبضة لابتعاث الحياة من الطين
لكنها محض طينه
و جيكور من دونها قام السور
و بوابه
واحتوتها سكينة

قديم 10-06-2010, 09:46 PM
المشاركة 77
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
حامل الخرز الملون
( بدر شاكر السياب )


ماذا حملت لها سوى الخرز الملّون و الضباب
ما خضت في ظلمات بحر أو فتحت كوى الصخور
و الريح ما خطفت قلوعك و السحاب
ما بل ثوبك ما حملت لها سوى الدم و العذاب
في سجنها هي خلف السور
في سجنها هي و هو من ألم و فقر و اغتراب
عشر من السنوات مرت و هي تجلس في ارتقاب
أطفالها المتوثبون مع الصباح
صمتوا و كفّوا عن مراح
زجرتهم لتحسّ وقع خطاك برعمت الزهور
و أتى الربيع و ما أتيت و جاء صيف ثم راح
ماذا يعيقك في سواحل نائيات ؟ في قصور
قفر يعيش الغول فيها كلما رمت الرياح
بحطام صارية تحفّز ؟ ما يعيقك عن الرجوع ؟
لم تبق للغد من دموع
في مقلتيها لا و لم يبق ابتسام للقاء
ستعود حين تعود بالخرز الملوّن و الهباء
ستضم منها طيف أمس فلا يجيبك في الضلوع
منها سوى دمك المفجّع و الخواء

قديم 10-06-2010, 09:47 PM
المشاركة 78
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
حب وشاعر
( بدر شاكر السياب )


سالتني ذات يوم عابره
عن غرامي وفتاتي الساحره
لم تكن تعلم أني شاعر
ملهم أهوى فتون الطاهره
وحبيب لست أهوى عاتبا
أنما أهوى العيون الآسره
وقواما أهيفا جلفني
ساهما خلف روحي سادره
ووفاء لم أكن أنكره
أترى ينكر غصن طائره
سألتني والربى مزدانة
في شروق والأماني زاهره
ليتها تدرك أني ها هنا
شاعر لابد لي من شاعره
قلت يا أختاه لا لا تسالي
أنا ذاك الصب أهوى نادره

قديم 10-06-2010, 09:48 PM
المشاركة 79
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
حدائق وفيقة
( بدر شاكر السياب )


لوفيقة
في ظلام العالم السفليّ حقل
فيه مما يزرع الموتى حديقة
يلتقي في جوها صبح و ليل
و خيال و حقيقة
تنعكس الأنهار فيها و هي تجرى
مثقلات بالظلال
كسلال من ثمار كدوال
سرّحت دون حبال
كل نهر
شرفة خضراء في دنيا سحيقة
ووفيقة
تتمطى في سرير من شعاع القمر
زنبقي أخضر
في شحوب دامع فيه ابتسام
مثل أفق من ضياء و ظلام
و خيال و حقيقة
أي عطر من عطور الثلج و انِ
صعّدته الشفتان
بين أفياء الحديقة
يا وفيقة ؟
و الحمام الأسود
يا له شلال نور منطفي
يا له نهر ثمار مثلها لم يقطف
يا له نافورةً من قبر تموز المدمّي تصعد
و الأزاهير الطوال الشاحبات الناعسة
في فتور عصّرت أفريقيا فيه شذاها
ونداها
تعزف النايات في أظلالها السكرى عذارى لا نراها
روّحت عنها غصون هامسة
وفيقة
لم تزل تثقل جيكور رؤاها
آه لو روّى نخيلات الحديقة
من بويب كركرات لو سقاها
منه ماء المد في صبح الخريف
لم تزل ترقب بابا عند أطراف الحديقة
ترهف السمع إلى كل حفيف
ويحها ترجو و لا ترجو و تبكيها مناها
لو أتاها
لو أطال المكث في دنياه عاما بعد عام
دون أن يهبط في سلّم ثلج و ظلام
ووفيقة
تبعث الأشذاء في أعماقها ذكرى طويله
لعشيش بين أوراق الخميله
فيه من بيضاته الرزق اتقاد أخضر
أي أمواج من الذكرى رفيقة
كلما رفّ جناح أسمر
فوقها والتم صدر لامعات فيه ريشات جميله
أشعل الجوّ الخريفيّ الحنان
واستعاد الضمّة الأولى و حواء الزمان
تسأل الأموات من جيكور عن أخبارها
عن بباها الربد عن أنهارها
آه و الموتى صموت كالظلام
أعرضوا عنها و مروا في سلام
و هي كالبرعم تلتف على أسرارها
و الحديقة
سقسق الليل عليها في اكتئاب
مثل نافورة عطر و شراب
و خيال و حقيقة
بين نهديك ارتعاش يا وفيقة
فيه برد الموت باك
و اشرأبّت شفتاك
تهمسان العطر في ليل الحديقة

قديم 10-06-2010, 09:48 PM
المشاركة 80
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
حفار القبور
( بدر شاكر السياب )


ضوء الأصيل يغيم كالحلم الكئيب على القبور
واه كما ابتسم اليتامى أو كما بهتت شموع
في غيهب الذكرى يهوم ظلهن على دموع
والمدرج النائي تهب عليه أسراب الطيور
كالعاصفات السود كالأشباح في بيت قديم
برزت لترعب ساكنيه
من غلرفة ظلماء فيه
وتثاءب الطلل البعيد يحدق الليل البهيم
من بابه الأعمى ومن شباكه الخرب البليد
والجو يملؤه النعيب
فتردد الصحراء في يأس واعوال رتيب
أصداءه المتلاشيات
والريح تذروهن في سأم على التل البعيد
وكأن بعض الساحرات
مدت أصابعها العجاف الشاحنات الى السماء
تومي الى سرب من الغربان تلويه الرياح
في آخر الأفق المضاء
حتى تعال ثم فاض على مراقيه الفساح
فكأن ديدان القبور
فارت لتلتهم الفضاء وتشرب الضوء الغريق
وكأنما أزف النشور
فاستيقظ الموتى عطاشى يلهثون على الطريق
وتدفع السرب الثقيل
يطفو ويرسب في الأصيل
لجبا يرنق بالظلام على القبور الباليات
وظلاله السوداء تزحف كالليالي الموحشات
بين الجنادل والصخور
وعلى القبور
وتنفس الضوء الضئيل
بعد اختناق بالطيوف الراعبات وبالجثام
ثم ارتخت تلك الظلال السود وانجاب الظلام
فانجاب عن ظل طويل
يلقيه حفار القبور
كفان جامدتان أبرد من جباه الخاملين
وكأن جولهما هواء كان في بعض اللحود
في مقلة جوفاء خاوية يهوم في ركود
كفان قاسيتان جائعتان كالذئب السجين
وفم كشق في جدار
مستوحد بين الصخور الصم من أنقاض دار
عند المساء ومقلتان تحدقان بلا بريق
وبلا دموع في الفضاء
هو ذا المساء
يدنو وأشباح النجوم تكاد تبدو والطريق
خال فلا نعش يلوح على مداه ولا عويل
الا النعيب
وتنهد الريح الطويل
وعلام تنعب هذه الغربان والكون الرحيب
باق يدور يعج بالأحياء مرضى جائعين
بيض الشعور كأعظم الأموات لكن خالدين
لا يهلكون علام تنعب ان عزرائيل مات
وغدا أموت غدا أموت
وهز حفار القبور
يمناه في وجه السماء وصاح رب أما تثور
فتبيد نسل العار تحرق بالرجوم المهلكات
أحفاد عاد باعة الدم والخطايا والدموع
يا رب ما دام الفناء
هو غاية الأحياء فأمر يهلكوا هذا المساء
سأموت من ظماء وجوع
ان لم يمت هذا المساء الى غد بعض الأيام
فابعث به قبل ااالظلام
يا رب أسبوع طويل مر كالعام الطويل
والقبر خاو يفغر الفم في انتظار في انتظار
ما زلت أحفرةه وبطمر الغبار
تتثاءب الظلماء فيه ويرشح القاع البليل
مما تعصر أعين الموتى وتنضحه الجلود
تلك الجلود الشاحبات وذلك اللحم النثير
حتى الشفاءه يمص من دمها الثرى حتى النهود
تذوي ويقطر في ارتخاء من مراضعها المغير
واها لهاتيك النواهد والمآقي والشفاه
واها لأجساد الحسان أيأكل الليل الرهيب
والدود منها ما تمناه الهوى واخيبتاه
كم جثة بيضاء لم تفتضها شفتا حبيب
هل كان عدلا أن أحن إلى السراب و لا أنال
إلا الحنين و ألف أنثى تحت أقدامي تنام
أفكلما اتقدت رغاب في الجوانح شح مال
ما زلت أسمع بالحروب فأين أين هي الحروب
أين السنابك و القذابف و الضحايا في الدروب
لأظل أدفنها فلا تسع الصحارى
فأدس في قمم التلال عظامهن و في الكهوف
فكأن قعقهة المنازل في اللظى نقر الدفوف
أو وقع أقدام العذارى
يرقص حولي لا عبات بالضصنوج و بالسيوف
نبئت عن حرب تدور لعل عزرائيل فيها
في الليل يكدح و النهار فلن يمر على قرانا
أو بالمدينة و هي توشك أن تضيق بساكنيها
نبئت أن القاصفات هناك ما تركت مكانا
إلا وحل به الدمار فأي سوق للقبور
حتى كأن الأرض من ذهب يضاحك حافريها
حتى كأن معاصر الدم دافقات بالخمور
أواه لو أني هناك أسد باللحم النثير
جوع القبور و جوع نفسي في بلاد ليس فيها
إلا أرامل أو عذارى غاب عنهن الرجال
وافتضهن الفاتحون إلى الذماء كما يقال
مازلت أسمع بالحروب فما لأعين موقديها
لا تستقر على قرانا ليت عيني تلتقيها
و تخضهن إلى القرار و كالنيازك و الرعود
تهوي بهن على النخيل على الرجال على المهود
حتى تحدق أعين الموتى كآلاف اللآلي
من كل شبر في المدينه ثم تنظم كالعقود
في هذه الأرض الخراب فيا لأعينها و يا لي
رباه إني أقشعر أكاد أسمع في الخيال
أغنية تصف العيون
تنثال من مقهى فأنصت في الزحام و ينصتون
و كأن ما بيني و بين الآخرين من الهواء
ثدي سخي بالحليب و بالمحبة و الأخاء
يا رب أسبوع يمر و لست أسمع من غناء
إلا النعيب
و تنهد الريح الرتيب
واخيبتاه ألن أعيش بغير موت الآخرين
و الطيبات من الرغيف إلى النساء إلى البنين
هي منة الموتى علي فكيف أشفق بالأنام
فلتمطرنهم القذائف بالحديد و بالضرام
و بما تشاء من انتقام
من حميات أو جذام
نذر علي لئن تشب لازرعن من الورود
ألفا تروى بالدماء و سوف أرصف بالنقود
هذا المزار وسوف أركض في الهجير بلا حذاء
و أعد أحذية الجنود
و أخط في وحل الرصيف وقد تلطخ وقد تلطخ بالدماء
أعدادهن لأستبيح عدادهن من النهود
و سأدفن الطفل الرمي و أطرح الأم الحزينة
بين الصخور على ثراه
و لسوف أغرز بين ثدييها أصابعي اللعينة
و يكاد يحنقها لهاثي و هي تسمع في لظاه
قلبي ووسوسة النقود نقودها و اخجلتاه
أنا لست أحقر من سواي و إن قسوت فلي شفيع
أني كوحش في الفلاء
لم أقرأ الكتب الضخام و شافعي ظمأ و جوع
أو ما ترى المتحضرين
المزدهين من الحديد بما يطير و ما يذيع
مهما ادنأت فلن أسف كما أسفوا لي شفيع
أني نويت و يفعلون و إن من يئد البنين
و الأمهات و يستحل دم الشيوخ العاجزين
لأحط من زان انتهك الغزاة و ما استباحوا
و القاتلون هم الجناه و ليس حفار القبور
و هم الذين يلونون لي البغايا بالخمور
و هم المجاعة و الحرائق و المذابح و النواح
و هم الذين سيتركون أبي وعمته الضريره
بين الخرائب ينبشان ركامهن عن العظام
أو يفحصان عن الجذور و يلهثان من الأورام
و الصخر كالمقل الضريرة
و سيوثقون بشسعر أختي قبضتي و كالظلام
و كخضة الحمى تسمرها على دمها صدور
تعلو و تهبط باللهاث كأنهن رحى تدور
يا مجرمون إلى الوراء فسوف تنتفض القبور
و تقيء موتاها و يا موتي على اسم الله ثورا
رباه عفوك إن قابيل المكبل بالحديد
في نفسي الظلماء هب وقر يعصره الملال
فالليل جاء و ما أزال
مستوحدا أرعى القبور و أنفض الدرب البعيد
و كأن يا بشرى كأن هناك في أقصى الجنوب
خطا كأذيال الظلام و لمعة كدم الغروب
لكأنه ضيف جديد
و بدا الجناز و راح يشهق و هو يدنو في ارتخاء
الأوجه المتحجرات يضيئها الشفق الكئيب
و الغمغمات الخافتات من انفعال أو رياء
و النعش يحجبه غطاء
ألوانه المترنحات كأنما اعتصر المغيب
فيها قواه و ذاب فيها كوكب واهي الضياء
حتى إذا انهال التراب و صفح القبر الجديد
و تراعش الألق الضئيل على الظهور المتعبات
حتى اضمحل و غيبتها ظلمة الأفق البعيد
كانت مصابيح السماء تذر ضوءا كالضباب
بين القبور الموحشات
و على الخرائب و الرمال و كان حفار القبور
متعثر الخطوات يأخذ دربه تحت الظلام
يرعى مصابيح المدينه و هي تخفق في اكتئاب
وز يظل يحلم بالنساء العاريات و بالخمور
و تحسست يده النقود و هيأ الفم لابتسام
حتى تلاشى في الظلام
2- النور ينضح من نوافذ حانه عبر الطريق
و تكاد رائحة الخمور
تلقى على الضوء المشبع بالدخان و بالفتور
ظلا كألوان حيارى واهيات من حريق
ناء توهم في الدجى الضافي على وجه حزين
و تلوح أشباح عجاف
خلف الزجاج تهيم في الضوء السرابي الغريق
و يشد حفار القبور على الزجاجة باليمين
و كمن يحاذر أو يخاف
يرنو إلى الدرب المنقط بالمصابيح الضئال
و تحركت شفتاه في بطء و غمغم في انخذال
أظننت أنك سوف تقتحم المدينه كالغزاه
كالفاتحين و تشتريها بالذي ملكت يداك
بأقل من ثمن الطلاء القرمزي على شفاه
أو في أظافر لاحقتها ذات يوم مقلتاك
سأعود لانهد تعصره يدي حتى الذهول
حتى التأوه و الأنين و صرخة الدم في العروق
و السكرة العمياء و الخدر المضعضع و الأفول
و الأذرع المتفترات يلون الضوء الخفوق
هزاتها المستسلمات و ينفح الدم و العبير
ظل لهن على السرير
الأذرع المتفترات و زهرتان على الوساد
نسجتهما كف مخضبة الأظافر زهرتان
تتفتحان على الوسادة كالشفاه و تهمسان
نغما يذوب إلى رقاد
و تألق الجيد الشهي و لفحة النفس البهير
قلقا كمصباح السفينه راوحته صبا لعوب
و تخافق الأظلال في دعة ووسوسة الحرير
و الحلمتان أشد فوقهما بصدري في اشتهاء
حتى أحسهما بأضلعي و أعتصر الدماء
باللحم و الدم و الحنايا منهما لا باليدين
حتى تغيبا في صدري إلى غير انتهاء
حتى تمصا من دماي و تلفظاني في ارتخاء
فوق السرير
و تشرئبا
ثم نثوي جثتين
لولا التماعات الكواكب و انعكاس من ضياء
تلقيه نافذة ووقع خطى تهاوى في عياء
يصدى له الليل العميق و حارس تعب يعود
و سنان يحلم بالفراش و زوجه تذكي السراج
و تؤجج التنور صامته و أخيلة اللهيب
تضفي عليها ما تشاء من اكتئاب و ابتهاج
ثم اضمحل الحارس المكدود و النغم الرتيب
وقع الخطى المتلاشيات كأنه الهمس المريب
ما زال يخفق من بعيد
و تململت قدمان و ارتفعت يد بعد انتظار
و هوت على الباب العتيق فأرسل الخشب البليد
صوتا كإيقاع المعاول حين إدبار النهار
بين القبور الموحشات و أطبق الصمت الثقيل
و أطل من إحدى النوافذ و هي تفتح و ارتياب
وجه حزين ثم غاب
و تحرك الباب المضعضع و هو يجهش بالعويل
و تقول أنثى في اكتئاب
ضيف جديد ثم تفرك مقلتيها في فتور
و يظل يزحف كالكسوف يحجب الألق الضئيل
عن وجهها ظل يقيدها بحفار القبور
-4-
في زهوة الشفق الملون حيث يحترق النهار
في عودة الرعيان أشباحا يظللها الغبار
في ساعة الشوق الكئيب إلى شواطيء كالضباب
و إلى أكف مخلصات
و إلى أغان مبهمات هائمات في شعاب
أنأى من الأصداء تغشاها نجوم ساهمات
في ساعة الشفق الملون كان إنسان يثور
بين الجنادل و القبور
نفس معذبه تثور
بين الجنادل و القبور
أأظل أحلم بالنعوش و أنفض الدرب البعيد
بالنظرة الشزراء و اليأس المظلل بالرجاء
يطفو و يرسب و السماء كأنها صنم بليد
لا مأمل في مقلتيه و لا شواظ و لا رثاء
لو أنها انفجرت تقهقه بالرعود القاصفات
لو أنها انكمشت وصاحت كالذئاب العاويات
فات الأوان فخط لحدك واثو فيه إلى النشور
لو أنها انطبقت علي كأنها فم أفعوان
لو أنها اعتصرت قواي
و مات ظل الأرجوان
في آخر الأفق البعيد و لألأت قطرات نور
مما تبعثره المدينة و هي تبسم في فتور
و كأنما رضعت مصابيح المدينة مقلتاه
فسرت لهيبا في دماه و ألغمتها بالرغاب
و كأنهن على المدى المقرور آلاف الشفاه
تدعوه ظمأى لاهثات مثل أحداق الذئاب
ما زلت تحترقين من فرح و أحتراق انتظار
أنا انتهينا
يا سماء و يا قبور أما أراها
لا بد من هذا وصوب مقلتيه إلى السماء
حنقا يزمجر ثم أطرق و هو يحلم بالقاء
باب تفتح في الظلام و ضحكة و شذى ثقيل
ويدان تجتذبان أغطية السرير و ترخيان
إحدى الستائر
ثم تنطفئان في الضوء الضئيل
و تغيم أخيلة و تجلى ثم تبرز حلمتان
ويطل وجه شاحب القسمات مختلج الشفاه
و تغيم أخيلة و تحلى ثم تفتح مقلتاه
فيرى القبور
و يرى المصابيح البعيدة كالمجامر في اتقاد
و يرى الطريق إلى القبور
يكتظ بالأشباح زاحفة إليه على اتئاد
فيصيح من فرح سألقاها فإن الطريق
نعشا و إن حف النساء به و أملق حاملوه
إني سألقاها و ينهض و هو يرفع باليمين
فانوسة الصدىء العتيق
يلقي سناه على الوجوه
و على الدثار القرمزي و في عيون القادمين
لو أنه اخترق الدثار بمقلتيه و بالضياء
لو حدث التابوت عمن فيه أو رفعت يداها
أو هبة للزعزع النكباء حاشية الغطاء
تحت النجوم الساهمات
لكاد ينكر من رآها
و تظل أنوار المدينة و هي تلمع من بعيد
و يظل حفار القبور
ينأى عن القبر الجديد
معتثر الخطوات يحلم باللقاء و بالخمرو


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 0 والزوار 8)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: من روائع بدر شاكر السياب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أفياء جيكور / بدر شاكر السياب عبدالله باسودان منبر مختارات من الشتات. 1 02-08-2021 03:40 PM
ضفاف السحاب سليّم السوطاني منبر البوح الهادئ 5 05-21-2015 11:44 AM
من روائع بدر شاكر السياب _ غريبٌ على الخليج حميد درويش عطية منبر ديوان العرب 11 06-15-2012 04:17 PM
++ أنشودة المطر ++ بدر شاكر السياب أحمد فؤاد صوفي منبر ديوان العرب 20 05-16-2011 10:48 AM
<< بدر شاكر السياب .. والقليل عنه >> ساره الودعاني منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 21 04-24-2011 05:22 AM

الساعة الآن 01:24 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.