قديم 04-12-2012, 10:22 AM
المشاركة 401
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
56- اعترافات كاتم صوت مؤنس الرزاز الأردن

نبذة النيل والفرات:
"الخميس، الصغيرة... كم أحب مغادرة هذا البلد، أسافر في خيالي إلى غابات الأمازون أطير إلى كاليفورنيا أنتقل إلى باريس القرن الثامن عشر: إلى ماري انطوانيت يحضر خيالي حقول الأزمنة مثل خلد الحقل... يحفر أنفاقاً صوب أمكنة أخرى... حيث لا أحد يعرف اسمي الحقيقي: كم أتمنى لو أملك طاقية الإخفاء فلا تراني العيون. أبي يقف خلف الواجهة الزجاجية لبيتنا. يحدق إلى تلك النبتة الغربية التي يسمونها "المجنونة". يقول دون أن يلتفت: متى ستنمو فتغطي هذا الزجاج العاري؟... يسمونها أحياناً "جهنمية" عيون الحرس فوق السور تحدق إلينا. تخترق هذه الجدران الزجاجية، ونحن-أنا وأمي وأبي نحاول، مثل لصوص سلطت أضواء باهرة عليهم بغتة، أن نختفي وراء باب، نتوارى خلف جدار داخلي يجلل عري هذا البيت الزجاجي المستباح والعيون المجلقة.
ننتظر نقاب الظلام. الظلام ستارة، إزاء ثور... لا يجللنا إلا في الليل. أحس بالعراء. حتى خواطري... أحسها عارية مستباحة". مؤنس الرزاز ينطق شخصياته يحركها، يدخلها السجن ويضع آخرين منها في الإقامة الجبرية، يطوف بشخصياته في غير قطر عربي، ويسلط الضوء على أكثر من قضية ومرحلة. وهو ينطق شخصياته بدون صوت وذلك من خلال تنكيرهم الذي يأخذ شكل المولوج الداخلي المسموع. يخلق من اليأس تفاؤلاً وتحدياً، فأحد شخصياته، الختيار، يكتب ويحبّر وعندما ينتهي الكتابة تصادر الكلمات... لكن الرسالة تصل إلى أصحابها... من قلب الإقامة الجبرية والوحدة القاتلة تنفلت الإرادة ويشع الأمل بالمستقبل لرؤية القرن الحادي والعشرين. وبطريقته يدخل الكاتب في نهاية الرواية بما يشبه الحوار مع القراء وكأنه أراد أن يجعلهم من شخصيات الرواية فيصل بهذا إلى مبتغاه ويستريح بتواضع ويختتم الكلام: "لكنه في أعماقه الخفية كان يكركر فرحاً (بخبث ومكر) لأنه وجدا أخيراً عشرة قراء يقرأون روايته".
==
اعترافات كاتم صوت
قد يتبادر الي ذهن الكثير اسئلة محيرة عن عنوان التدوينة الحالية
في الحقيق هذا العنوان هو عنوان رواية لكاتب اردني “مؤنس الرزاز
رواية تمرد على حاكم وصديق خائن
من أكثر الروايات التي قرأتها جاذبية لقد جذبتني بأسلوب كاتبها وروعة ما يحمله من خيال قاتل بين سطور روايته
للاسف الرواية تباع على الانترنت لا اعلم لما لا تكون مصدراً مفتوحاً يرتوي منه الكتاب الصغار ليتعلموا اصل كتابة الرواية العربية بتلك الجاذبية
سأحدثكم عن تلك الرواية بملخص قصير :
قاتل مأجور كانت مهمته التالية صعبة نوعا ما ولكنه قام بها على اكمل وجه
كانت المهم والهدف صديقه احمد في البداية صعقت من الهدف الذي حدده الكاتب ولكن سرعان ما ايقنت ان تلك الرواية جذبتني حتى اني اعتقدت ان بامكاني التمرد على ذلك الموقف
الصديق ابن رجل مشهور قاموا بتصفية عائلته وبقي هو بين احضان صديقه وبنفس الوقت قاتله!!
عندما علم أن ساعته أتت أخبر صديقه انه يريد او يقتله وهو مستيقظ ولكنه قتله على غرة باعتقاد منه انه سوف ينسى ذلك المشهد بسهولة ولكن كانت الايام والنسيان الذ اعداء القاتل
فلم يجد سبيلاً إلا الاعتراف بجرائمه لكي ينام ليلة هانئة فقرر الاعتراف الى غانية استمعت لاعترافاته لفترة طويلة شاهدت الندم وشاهدت الدموع وأحست الخوف والضعف والخيانة
ولكنها لم تسمع كلمة واحدة من اعترافات ذلك القاتل لأنها صماء!! لم يعلم القاتل ذلك وبالرغم من اعترافه لها كان هنالك خوفا ينمو داخله كون تلك الغانية دليل جرائمه !!
ولكنه كان أكثر جزعاً وضعفا عند معرفته بعجزها عن السمع …..
للرواية تفاصيل شيقة تغرق قارئها بحياة القاتل

قديم 04-12-2012, 01:56 PM
المشاركة 402
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
اعترافات كاتم صوت

إذا انتقلنا إلى رواية "اعترافات كاتم صوت"(2) سنجد أن مؤنس الرزاز يستخدم تقنية مألوفة في الرواية المعاصرة، أي تلك التقنية التي يوزع فيها المؤلف الكلام على المتكلمين بطريقة غير منظمة دون أن يعمد على إدارة الحوار بينهم. فعندما يتكلم الأب في الرواية يكتفي بالحوار مع نفسه، وكذلك تفعل الأم والابنة الصغيرة في الإقامة الجبرية حيث تعيد الشخصيات أنتاج إحساسها بالعزلة والصمت. ومن هنا يأخذ عنوان القسم الأول من الرواية "مدارات الصدى" دلالته المحورية، إذ أن الصدى يحل محل الصوت في غياب أي تبادل حواري بين الشخصيات. من جهة أخرى يمكن القول إن هذا القسم من الرواية مبني استنادا إلى أسلوب زوايا النظر، ولكنها هنا زوايا نظر تخص أحداثا متعددة لا حدثا أو موقفا روائيا بعينه. وهو أسلوب يفيد في تقليب معنى الفعل أو الحدث على وجوه متعددة بتمريرها في منشور تكون وجوهه شخصيات عديدة. وهكذا يتحلل الفعل إلى زوايا نظر تمثل الأب والأم والابنة الصغيرة والملازم والراوي.

تقوم الابنة بتدشين النص إذ تصف مشهد العزلة. إن الأبطال التراجيديين الثلاثة (الأب والأم والابنة) يغرقون في العزلة والصمت رغم وجودهم معا في بيت الاقامة الجبرية. ولا تتواصل العائلة المسجونة مع العالم الخارجي إلا عندما يتصل الابن من الخارج في يوم محدد من أيام الأسبوع. ويشكل التواصل المتقطع مع العالم الخارجي تمهيدا لانتقال الرواية من الحديث عن شخصيات الاقامة الجبرية إلى الحديث عن اعترافات يوسف/ كاتم الصوت. وما كان ممكنا لولا حركة الانتقال الذكية (من بيت العزلة إلى العالم الخارجي) تشريح أعماق القاتل/ كاتم الصوت الذي يحتل بؤرة العمل الروائي.

تبدأ "اعترافات كاتم صوت" بمونولوج الابن، ويلخص هذا المونولوج ظروف الاقامة الجبرية، ثم يقوم الأب والأم بجلاء شروط هذه الاقامة ويوضحان قسمات المكان المستباح بأعين الحرس. كما نتبين من سياق الحوارات الداخلية للشخصيات أن الأب كان مسؤولا كبيرا في السلطة التي اعتقلته. وتتوضح في هذه الحوارات بعض خيوط حياة هذه الشخصيات حيث يتعرف القارئ على تاريخ الأب المناضل الذي وصل حزبه إلى السلطة ثم اختلف معه فزج به في الاقامة الجبرية، وعلى تاريخ الأم التي أحبت الأب وتزوجته إعجابا به وبأفكاره السياسية.

القسم الخاص بـ"اعترافات كاتم الصوت" يشكل المادة الأساسية في العمل، وليست الأقسام الأخرى سوى وسائل لايضاح الظروف المحيطة والانتقال إلى لحظة الاعتراف. ومن هنا يستخدم الكاتب في هذا القسم ضمير المتكلم موحيا بالبعد الحميم من أبعاد الاعتراف والبوح الداخلي. إن الصفحات (51-70) هي جملة اعتراف متصلة يقوم يوسف من خلالها بتحليل وظيفته ككاتم للأصوات شارحا لنا الأسباب التي جعلته يمتهن هذه الوظيفة. ويبدو المؤلف وكأنه يفرد الفضاء السردي لاعتراف كاتم الصوت عبر مونولوج طويل يتحدث فيه يوسف لسيلفيا التي استأجرها ليسرد لها اعترافاته. لكن سيلفيا لا تسمع بل تقرأ حركات الشفاه، وبما أن شارب يوسف عريض يغطي شفتيه فإنها لا تعرف عم يتحدث!

نقبض في لحظة الاعتراف إذا على المفارقة الساخرة التي تغلف فضاء النص. ونحن في البداية نظن أن كاتم الصوت وحده هو الذي يجهر بصوته، وعندما نتقدم في النص نكتشف أن الطرف الذي يفترض أن يسمع الاعتراف يعاني من الصمم. لكن المفارقة الكبرى تتمثل في كون كاتم الصوت نفسه لا يدرك أن سيلفيا لا تسمعه. بهذا المعنى تطابق اللعبة السردية، التي يتوسلها الكاتب، بين صوت يوسف ومسدسه الكاتم للصوت. وهكذا فان الإيهام السردي، من خلال الإيحاء بالحميمية وتحقق لحظة الاعتراف وتحويل ما نسميه بالسامع الضمني إلى صورته المادية الملموسة في النص الروائي، هو وسيلة لتقليص الفعالية التي يحققها بروز ضمير المتكلم في النص لأن يوسف/ كاتم الصوت، مثله مثل العائلة المقيمة في الإقامة الجبرية، محكوم بالعزلة والصمت. ولعل اصطناع شخصية كاتم الصوت ووضعية الاعتراف كذلك تكشف عن نية الكاتب الاختفاء وراء الشخصية للتشديد على منظوره للعالم بأن يجعل كاتم الصوت يمارس اعترافا كاريكاتوريا أمام فتاة صماء دون أن يكتشف للحظة واحدة أنه يعري ذاته لذاته لا تسمعه الفتاة التي استأجرها لتحقيق فعل الاعتراف والتطهر من أدران ما فعله.

إذا كانت "اعترافات كاتم صوت" تمثل في عمل الرزاز رواية الأصوات وزوايا النظر التي تجلو في حكاياتها وتأملاتها الشخصية فكرة التحلل وسقوط القيم والمشاريع القومية الكبرى عبر تآكل الحزب والفكرة التي يقوم عليها، فإن "متاهة الأعراف في ناطحات السراب"(3) هي رواية الطبقات المتراكبة واللاوعي الجمعي الغائر حيث يستخدم الكاتب نظرية كارل يونغ عن طبقات اللاوعي وأسلوب ألف ليلة وليلة السردي ليقيم معماره الروائي. إن الليل الذي تحكي فيه شهرزاد يقابل النهار الذي تتحقق فيه حكايات الليل حيث يدرك القارئ من سياق السرد أن الحاضر يكرر الماضي كما يكرر النهار الليل.

إن بناء العمل شديد التركيب لكن ما يهمنا في هذا السياق هو أطروحة العمل الأساسية، أي كيف يصبح التراث وسيلة لتفسير ما يعرضه العمل الروائي، وكيف يصبح حكي شهرزاد رمزا للعلاقة بين الحاضر والماضي، بين الوعي الفردي والوعي الجمعي، الشعور واللاشعور، وبين طبقات اللاوعي المتراكمة الغائرة داخل الإنسان العربي المعاصر. ويعمل الرزاز في هذا الإطار على تقديم تصور مركب للواقع العربي المعاصر ملمحا إلى كون الراهن يتشكل من طبقات متراكمة من وعي العصور الماضية تؤثر لا شعوريا في استجابات الإنسان العربي المعاصر وتكبله وتكبح أفعاله ورغباته، ومن ثم يكون التراث لا قناعا يؤدي وظيفة شكلية في العمل بل جزءا من تكوين الوعي. إن استعارة صوت شهرزاد الحكي عن الماضي، والحديث عن طبقات اللاوعي الراسخة في وجدان الشخصية العربية، ما يجعلها تتصرف دون أن تعلم بوحي من رواسب هذا اللاوعي، كل ذلك يكشف اطروحة العمل وتفسيره اليونغي (نسبة إلى كارل يونغ) للعلاقة بين الفرد وتراثه الجمعي

قديم 04-12-2012, 01:57 PM
المشاركة 403
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
مؤنس منيف الرزاز

، (1951-2002 م) روائي أردني ولد في مدينة السلط. الرزاز هو ابن المناضل الأردني منيف الرزاز الذي عاش في الأردن فترة من حياته. له عدد كبير من الروايات ونشرت أعماله الكاملة عام 2003 بعد وفاته. رواياته:
  1. أحياء في البحر الميت،
  2. جمعة القفاري ( يوميات نكرة)
  3. اعترافات كاتم صوت
  4. حين تستيقظ الأحلام
  5. متاهات الأعراب في ناطحات السحاب.
  6. ليلة عسل
  7. عصابة الوردة الدامية .
  8. الشظايا والفسيفساء
  9. النمرود (مجموعة قصصية)
  10. مد اللسان الصغير في وجه العالم الكبير (مقالات ساخرة)
  11. رواية سلطان النوم وزرقاء اليمامة
  12. قبعتان ورأس واحدة
له العديد من الكتابات المنشورة في صحف عربية واسعة الانتشار. شغل منصب رئيس تحرير مجلة افكار الثقافية الصادرة عن وزارة الثقافة الأردنية حتى وفاته. توفي بتاريخ 8 فبراير2002

==
اسمه: مؤنس منيف الرزاز.

مولده :
ولد مؤنس الرزاز في العام 1951 في مدينة السلط الاردنيه . عاش طفولته فيجبل اللويبده - مكان سكن العائله تاريخياً - ، وعاصر مع والده الطبيب المناضل منيفالرزاز الذي كان سياسياً معروفاً في فتره حفلت بكل عناصر الاندفاع حيث شهد الأبن معابيه دورات متناقضة من التردد بين علو السلطة وإمتيازاتها وبين فداحة السجونوالمعتقلات في مقابل أحلام الأمة .

تعليمه :
تلقى تعليمهالابتدائي في مدرسة المطران بجبل عمان ، درس الانجليزية في جامعة اكسفورد وتخرج منجامعة بغداد.

محطات :
-
في عام 1965 رحل الى دمشق في اعقابأنتخاب والده منيف الرزاز اميناً عاماً للقيادة القومية لحزب البعث العربيالاشتراكي . -
مع بداية السبعينات توجه مؤنس الى جامعة اكسفورد في بريطانيالدراسة اللغه الانجليزيه , مكث فيها سنة وعاد بعدها ليرحل الى بيروت لدراسة الفلسفهفي جامعاتها غير انه لم يستطع اكمال دراسته بسبب اندلاع الحرب الاهليه اللبنانيه . -
واصل دراسته بعد ذاك في العراق ويتخرج من جامعة بغداد وقد شهدت تلك الفترهولادة مجموعته القصصيه الأولى (البحر من ورائكم )، غادر بعدها الى الولايات المتحدهالامريكيه لمواصلة دراسته العليا في الفلسفه من جامعة (جورج تاون ) غير انه عاد قبلأقل من عام الى بغداد ليشهد أنتخاب والده اميناً عاماً مساعداً للقيادة القوميةلحزب البعث . -
ذهب إلى بيروت ليقضي فيها بضعة أعوام عمل خلالها باحثاً في مجلة (شؤون فلسطينيه ). -
عاد مؤنس الى عمان في العام 1982 وقد انطلق منذ منتصفالثمانينيات الى عالمه الإبداعي لتصل مجموع اعماله الى ما يربو على 15 عملاً استحقعنها مجموعة كبيرة من التكريمات والجوائز .

الوظائف التي شغلها في حياته :
عمل مؤنس منذ العام 1992 مستشاراً لوزير الثقافه ورئيساً لتحرير مجلةافكار الشهريه إضافة الى كتابته لمقال يومي في جريدة الرأي والزمان كما ترأس الهيئهالأدارية لرابطة الكتاب الاردنيين في دورة عام 1993 – 1994 وأستقال منها , كمااختير أميناً عاماً للحزب العربي الدميقراطي وتركه ايضاً .


أوسمة :
نال جائزة الدولة التشجيعية في الرواية وجائزة الدولة التقديريه فيالآداب .
حصل على ميدالية الحسين للتفوق .
اختارت اليونسكو روايتةالذاكره المستباحه لتقدمها للقارئ العربي في ثلاثة ملايين نسخة ضمن مشروع (كتاب فيجريدة ).

ما قاله النقاد :
-
عن مجلة أفكار الأردنية : " إنمشهد اعتقال الأب البعثي سيبقى ماثلاً لسنوات طويلة في ذاكرة الطفل ذي الحساسيةالمفرطة كما أن نهاية الأب في أقامته الجبرية ثم موته الدراماتيكي سيشكل ناظماأساسياً لوجان الكتابة وضميرها عند مؤنس الرزاز . ولهذا كانت كتاباته تتأرجح بين ماهو مأساوي وفانتازي وبين ماهو خارجي وداخلي وسياسي ووجودي وبين الكآبة الشخصيةوالهجاء السياسي حتى بدا انه يعاني العالم كقضية شخصية .
فنجد مثلاً أن روايته (اعترفات كاتم صوت ) كأنها قصيدة عن سجن ابية ووثيقة للعذاب الشخصي ذلك انه جعل منجرحه الخاص موضوعاً عاماً وفناً روائياً وفي رواياته الأخرى اللاحقة ينشطر البناءالروائي موضوعياً ونفسياً كشكل آخر من أشكال إعادة بناء النفس أو محاولة التخفيف منتمزقها وكوابيسها , ربما لم تكن شخصياته الروائية نسخاً عنه وبالتأكيد هي ليست كذلكلكنها على الأقل عاشت الإيقاع ذاته والانشطارات ذاتها , من هنا تصدعت البنيةالروائية كمحيط حاضن لها تماماً كما تصدعت الأحلام والأحوال العامة فتركها تنحومنحنى غرائبياً هذيانياً ."

-
الدكتور خالد الكركي : " يمثل الروائيالأردني مؤنس الرزاز (المولود في مدينة السلط عام 1951) صوتًا متميزًا في الروايةالعربية الحديثة منذ الثمانينيات. وينبع هذا التميز من التكوين المركّب للكاتب, الذي جمع بين ثقافة دارس الفلسفة والكاتب الصحفي والمترجم, وبين خبرات المسافر وراءالحلم القومي في عواصمه الكبرى, وتجربة المقاتل. يضاف إلى هذا كله ممارسة مرّةللعمل السياسي والحزبي. .
مثّلت رواية الرزّاز الأولى (أحياء في البحر الميت) انتقالاً في رؤية الواقع العربي, ونضجًا في التشكيل الروائي. وشكّل الرزاز الضلعالثالث للمثلث الذي دخل بالرواية الأردنية فضاء الرواية العربية الجديدة والحداثية. وكان تشكّل المثلث قد بدأ بتيسير السّبول عندما نشر روايته (أنت منذ اليوم) بعدنكسة 1967 مباشرة, ثم بغالب هلسا الذي نُشرت رواياته منذ أوائل السبعينيات (الضحك), (الخماسين), (السؤال), و(البكاء على الأطلال). .
تناولت رواية الرزاز الثانية (اعترافات كاتم صوت) (1986) موضوع القمع. بينما كانت ثالثته (متاهة الأعراب فيناطحات السحاب) (1986) بناءً فنيًّا يبعث على الدهشة, ويوغل في عالم اللاشعوروالثنائيات المتضادة, ويحكي عن المدن العربية وعن فلسطين, وعن الرمال والبداوةوالعمل الحزبي. وجرّب الكاتب - في تلك الرواية - إمكانات اللغة المتصلة بالتراثوالمنفتحة على العصر. واستعاد الماضي, وقرأ الحاضر, في محاولة للتحرر من سلطةالسائد. .
واصل مؤنس عطاءه, وعكست رواياته في التسعينيات تحولاً جديدًا فيالشكل, وتركيزًا على واقع بلاده: (جمعة القفاري), (قبعتان لرأس واحد), (الذاكرةالمستباحة), (الشظايا والفسيفساء), (عصابة الوردة الدامية), وقد رسّخت هذه الأعمالموقع الرزاز بين الروائيين العرب, وأظهرته كاتبًا ماضيًا في التجريب والبحث, ومحيطًا بفن المعمار الروائي, ومناضلاً في الدفاع عن الحرية والعدل وكرامة الإنسان. ."

-
المحرر عبده وازن : " من يقارب عالم مؤنس الرزّاز الروائي، يخيّل إليهللوهلة الأولى، أنّه يحاذي بعض "أشراك" الأدب المُسيّس. لكنّه سرعان ما يكتشف، أنّالسياسة هُنا، ليست غاية بذاتها أو هدفاً بذاته، بل هي وسيلة من وسائل المعرفة،وطريقة من طرق الوعي والتحليل. وعلى الرغم من انغماس مؤنس الرزّاز، في الحياةالسياسيّة، بل والنضال السياسيّ، فهو استطاع أن يفصل بين النضال والأدب، موظِّفاًالسياسة في سبيل الأدب، لا العكس. ورواياته الكثيرة، تشهد على هذه الخصيصة. فالسياسة تحاذي الفنّ الروائيّ، ولكنّها لا تلقي بظلّها عليه، بل هو الذي يلقيبظلّه عليها. وقد تمكّن الرزّاز، أن يبتعد أيضاً، عن مزلق الآيديولوجيا والإلتزامالمباشر، منصرفاً إلى الفنّ الروائي، في كلّ ما يعني، من بناء عالم وشخصيّات، ومنتخطٍّ للمعايير الثابتة، وترسيخ للحداثة، ومن سخريّة وهجائيّة."

مؤلفاته :
1.
أحياء في البحر الميت،
2.
جمعة القفاري ( يوميات نكرة)
3.
اعترافات كاتم صوت
4.
حين تستيقظ الأحلام
5.
متاهات الأعراب في ناطحاتالسحاب.
6.
ليلة عسل
7.
الشظايا والفسيفساء
8.
النمرود (مجموعة قصصية)
9.
مد اللسان الصغير في وجه العالم الكبير (مقالات ساخرة)
10.
رواية سلطانالنوم وزرقاء اليمامة
11.
قبعتان ورأس واحدة

وفاته :
توفيعام 2002 م .. عن عمر ناهز الخمسين عاماً .

قديم 04-12-2012, 02:00 PM
المشاركة 404
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
· مؤنس الرزاز روائي الانهيار العربي
الخميس, 04 فبراير 2010
فخري صالح
Related Nodes:
خلال العمر القصير الذي عاشه على هذه الأرض استطاع مؤنس الرزاز (1951- 2002) أن ينجز أحد عشر عملاً روائياً، إضافة إلى مجموعتين قصصيتين وعدد من الترجمات. والأهم من ذلك أنه وضع الرواية في الأردن على خريطة الكتابة الروائية العربية. وكان إصرار مؤنس على إنجاز الرواية تلو الرواية، لا تفصل بين الواحدة والأخرى سوى أشهر قليلة، سبباً في التفات عدد كبير من الروائيين والنقاد العرب إلى ما كان ينجزه الكاتب الشاب الذي لم يكن بلغ الثلاثين من العمر عندما انطلق في رحلته المحمومة لكتابة روايات كثيرة. وغزارة إنتاجه في الكتابة الروائية في سنوات حياته الأخيرة تشير إلى أن مؤنس كان يخاف أن يدهمه شبح الموت قبل أن يكمل مشروعه الذي زاوج فيه بين حرفة الكاتب المتملك لناصية النوع الروائي وحرارة التجربة الشخصية التي وزعها الكاتب على أعماله كلها. وهكذا توالت رواياته، بدءاً من ثلاثيته: «أحياء في البحر الميت» و «اعترافات كاتم صوت» و «متاهة الأعراب في ناطحات السراب»، وانتهاء بـ «ليلة عسل»، لتقيم معماراً عزّ مثيله في مسيرة هذا النوع الروائي في الأردن.
وأدرك مؤنس أن عليه أن يبدأ كتابته مما انتهت إليه الكتابة الروائية العربية في السبعينات وما حققه جيل الستينات من تطوير للكتابة الروائية المحفوظية. ولعل «أحياء في البحر الميت» ترجّع صدى «أنت منذ اليوم» لتيسير سبول و «المتشائل» لإميل حبيبي، إذ يقيم الكاتب تناصاً مع هذين العملين ويخبر القارئ أن روايته تطمح إلى كتابة الواقع بطريقة قريبة من شكل تمثيل الواقع العربي المعاصر في هذين العملين الروائيين الأثيرين إلى نفسه. وتقيم رواية مؤنس الأولى، في الوقت نفسه، جسور نسب مع الرواية الحديثة في العالم ممثلة في «البحث عن الزمن الضائع» لمارسيل بروست و «عوليس» لجيمس جويس وغيرهما من كلاسيكيات الرواية الحداثية في العالم. في تلك الرواية، التي تحكي عن انهيار القيم والمؤسسات القومية، وتشير بصورة غير مباشرة إلى تجربة مؤنس ووالده منيف الرزاز السياسية المرة، يؤسس مؤنس لشكل من الكتابة الروائية تعبر فيه التقنيات والشكل وزوايا النظر وأنواع الرواة عن أطروحة الانهيار التي تسكن أعماله الروائية التالية حيث يعمد إلى العناية بالشكل الروائي والمعمار المعقد للسرد، وتصبح تقنية تعدد الرواة وزوايا النظر حجر الأساس في أسلوب كتابته الروائية.
في «أحياء في البحر الميت» ينسحب الكاتب من عمله مختفياً وراء إحدى شخصياته مضاعفاً فعل الاختفاء بجعله شخصية مثقال طحيمر الزعل تختفي وراء عناد الشاهد. وتكمن فرادة «أحياء في البحر الميت» في هذه اللعبة السردية، حيث يصبح البناء الروائي شديد التركيب، وتصبح الشخصيات الروائية شبحية، وتنسب فعل الكتابة الروائية إلى بعضها بعضاً، فيكتب عناد الشاهد ويعيد مثقال تنظيم أوراقه. ويبدو هذا المدخل الذي تتوسله الرواية تبريراً للعبة الشكل الروائي الجديد وإيهاماً للقارئ (في لعبة تغريب بريختية معكوسة) أن العمل ليس سوى هلوسات غائب عن الوعي والعالم، ويتوسل الروائي هذا الشكل للفت انتباه القارئ إلى بؤرة التجربة وأعماقها الغائرة، أي إلى التجربة السياسية الفاشلة التي خاضها عناد الشاهد.
ليسـت «أحـياء في البحر الميت» مجرد باكورة روائية بل هي عمل تأسيسي نـجـد فـيه بــذور أعـمـال الرزاز التـالـيـة التي وسعت من أفق أطروحة الانـهيار وأقـامت من الشخصيات والأحداث والأفكار والـتأمـلات برهاناً على صحتها في الرواية والواقع. كان مؤنـس مـسكوناً بهذه الأطروحة يحاول تجسيدها في عمله الـروائي والتعبير عنها في مقالاته الصـحافية حتى تمكنت منه وأصبحت هاجسه وديدنه في الحياة والكتابة.
في روايته «اعترافات كاتم صوت» يعيد مؤنس الرزاز تركيب أطروحة الانهيار من خلال تحليل واقع المؤسسة الحزبية القومية التي تحولت إلى مؤسسة توتاليتارية مرعبة تأكل أبناءها، وتستبدل الحزب القائد بالقائد الأوحد، مؤدية إلى تبخر فكرة الثورة وعلاقتها بالجماهير التي ادعت أنها قامت من أجلها. وقد استعمل مؤنس، للتعرف الى تحولات السلطة وتوالد القمع وازدياد سطوته، تقنية الأصوات وزوايا النظر المتعددة من خلال إعطاء الكلام للقامع والمقموع والشخصيات المراقبة في الآن نفسه. وتجلو هذه الشخصيات في حكاياتها وتأملاتها فكرة التحلل وسقوط القيم والمشاريع القومية الكبرى عبر تآكل الحزب والفكرة التي يقوم عليها. وعلى رغم تخلل سيرة مؤنس الشخصية لـ «اعترافات كاتم صوت»، إذ إن أسرته حاضرة بوضوح في هذا العمل كما هي حاضرة في «أحياء في البحر الميت» وفي أعماله التالية، فإن تقنية زوايا النظر تتيح المجال للكاتب لكي يخفي، ما أمكنه، بعد السيرة الذاتية في العمل، معمقاً هذا البعد الأساسي في أعمال مؤنس الروائية كلها.
ينبغي أن نتنبه في هذا السياق الى أن روايات مؤنس تستند إلى نتف من حياته الشخصية، والأمكنة التي عايشها، والأشخاص الذين التقاهم أو أقام معهم صداقات عميقة طوال حياته. لكن هذا البعد الشخصي في تجربته الروائية يجري تغريبه، وتذويبه في مادة الرواية التجريبية التي تقوم لديه على اختبار السرد وقدرته على تصوير الواقع في رواية تشكك بمادتها على الدوام، ما يجعل القارئ في «اعترافات كاتم صوت» (التي تستند في مادتها الروائية إلى حكاية إقامة منيف الرزاز الجبرية في ظل حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين ووفاته وهو رهن تلك الإقامة وعودته إلى الأردن في تابوت) يحار في طبيعة العلاقة بين شخصية كاتم الصوت والرجل الذي يفكر في قتله. إن غاية هذا العمل الروائي هي سبر غور الشخصيات، والتعرف إلى آليات تفكير مثل هذه الشخصيات العصابية التي يستخدمها الحاكم المستبد للقتل والتخلص من مناوئيه في السلطة.
في «متاهة الأعراب في ناطحات السراب» يبني مؤنس الرزاز رواية الطبقات المتراكبة واللاوعي الجمعي الغائر، حيث يستخدم الكاتب نظرية عالم النفس السويسري كارل غوستاف يونغ عن طبقات اللاوعي الجمعي، المتراصفة طبقة وراء طبقة والتي تكرر نفسها في لاوعي الأفراد، لبحث كيفية تفكير العرب المعاصرين، والتمثيل روائياً (من خلال توالد الشخصيات من بعضها بعضاً، وحلول الواحدة منها محل الأخرى، والاعتماد في ذلك على عقيدة التناسخ) على شدة تأثير الماضي وأزماته في حياة العرب في الزمان الحاضر. ولكي يستطيع الروائي إقامة بنائه السردي الذي يستند إلى فكرة مستلة من علم نفس الجماعات، ويجعل في الإمكان تمثيل هذه الفكرة روائياً، من دون أن تتحول الشخصيات إلى مشاجب للأفكار وترجمة للقراءة النظرية للتاريخ، فإن الرزاز يستخدم أسلوب «ألف ليلة وليلة» السردي، حيث تتوالد الحكايات من الحكايات، ويتشابك السرد، وينشق وعي الشخصيات الآتية من الماضي السحيق والمقيمة في الحاضر في الآن نفسه، مؤسساً بذلك معماراً روائياً مركباً يسبر أغوار النفسية العربية في اصطدامها بزمان التكنولوجيا المعاصرة والهيمنة الغربية.
نعثر على هذه العلاقة التناقضية بين مادة الحكاية الواقعية والحكاية نفسها في «جمعة القفاري» و «مذكرات ديناصور» حيث تتميز الشخصيتان الرئيستان في هذين العملين بانفصالهما عن الواقع المحيط بهما، واغترابهما عن البيئة الاجتماعية وعدم قدرتهما على معايشة الواقع من حولهما. ومن هنا تنشأ المفارقة والباروديا (المحاكاة الساخرة) والسخرية المرة الجارحة في النص الروائي. ويكتشف القارئ أنه بإزاء عالم انكشف خواؤه الداخلي. كما تذكرنا الشخصيات التي يقوم الرزاز بتخليقها (جمعة القفاري في رواية «جمعة القفاري»، والديناصور في رواية «مذكرات ديناصور»، وبئر الأسرار في روايتي «سلطان النوم وزرقاء اليمامة» و «حين تستيقظ الأحلام») بـ «متشائل» إميل حبيبي و «الجندي الطيب شفايك» للكاتب التشيكي ياروسلاف هاشيك، وبالطبيعة المعقدة لهذه الشخصيات التي يكشف هؤلاء الروائيون من خلالها عن المستور والمحجوب من مادة الواقع اليومي، مبرزين بذلك التناقض الحاد بين المثال والواقع.
عليّ أن أشير في النهاية الى أن الأعمال الأخيرة، بدءاً من «جمعة القفاري: يوميات نكرة» (1990) وانتهاء بـ «ليلة عسل» (2000)، قد كتبت تحت ضغط التعبير عن موضوعة جديدة تطورت في كتابات مؤنس، وهي تدور حول فكرة الإنسان الهامشي، أو أبله العائلة (بتعبير جان بول سارتر في كتابه عن الروائي الفرنسي غوستاف فلوبير) أو ما يقع في دائرة الظل تطحنه الحياة اليومية الحديثة اللاهثة.
سيطرت الرغبة في فهم التحولات الاجتماعية والتكوينية التي ضربت قرية كبيرة كالعاصمة الأردنية عمان في ثمانينات القرن الماضي، إلى درجة حولتها إلى مدينة استهلاكية تشوهت فـيها الـقيم، على روايات مؤنس الأخيرة

قديم 04-12-2012, 02:01 PM
المشاركة 405
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
مؤنس الرزاز

قراءه في الروائي الكبير والمبدع المتميز (مؤنس الرزاز )

لقد بدا منذ اللحظات الاولى لرحيلة انه جمع في شخصيته ميزات استثنائيه جعلته بحق شخصيه تحوز الاجماع الوطني العام بشقية الرسمي والشعبي مثلما كان في حياتة يحوز على رضاء جميع التيارات السياسيه والفكريه على اختلافها وتناقضاتها , لقد ولد رحيل مؤنس حالة عامه من الحزن بدا فيها الجميع شركاء في التضامن حتى ظهر انهم يعزون انفسهم ويستقبلون العزاء في الوقت ذاته .
يقول الشاعر العربي الكبير (سميح القاسم ) خسارتي في مؤنس الرزاز مثلثة خسرت فيه صديقاً عزيزاً ومثقفاً عربياً إستثنائياً , مؤنس الرزاز كان تجسيداً حياً وأصيلاً للصديق الوفي في زمن أصبح فيه الوفاء عملة نادره وهو من المثقفين القوميين التقدميين , فبقدر ما كان متشبتاً بعروبته وأصالته فقد كان منفتحاً على الآخر مقتدياً بروح الحضارة العربيه الاسلاميه , وأضاف حزني على مؤنس عميق وهو إضافة موجعه الى حزن الامه والوطن .
ولد مؤنس الرزاز في العام 1951 في مدينة السلط الاردنيه وقد تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة المطران بجبل عمان فيما كان يسمى جبيل اللويبده مكان سكن العائله تاريخياً وفي عام 1965 رحل الى دمشق في اعقاب أنتخاب والده منيف الرزاز اميناً عاماً للقيادة القومية لحزب العبث العربي الاشتراكي ومع بداية السبعينات توجه مؤنس الى جامعة اكسفورد في بريطانيا لدراسة اللغه الانجليزيه , مكث فيها سنة وعاد بعدها ليرحل الى بيروت لدراسة الفلسفه في جامعاتها غير انه لم يستطع اكمال دراسته بسبب اندلاع الحرب الاهليه اللبنانيه ليواصل دراسته بعد ذاك في العراق ويتخرج من جامعة بغداد وقد ولدت شهدت تلك الفتره ولادة مجموعته القصصيه الأولى (البحر من ورائكم ) وغادر بعدها الى الولايات المتحده الامريكيه لمواصلة دراسته العليا في الفلسفه من جامعة (جورج تاون ) غير انه عاد قبل أقل من عام الى بغداد ليشهد أنتخاب والده اميناً عاماً مساعداً للقيادة القومية لحزب البعث .
وبعد أعوام قليله قضاها في بيروت عمل خلالها باحثاً في مجلة (شؤون فلسطينيه ) عاد مؤنس الى عمان في العام 1982 وقد انطلق منذ منتصف الثمانينيات الى عالمه الإبداعي لتصل مجموع اعماله الى ما يربو على 15 عملاً استحق عنها مجموعة كبيرة من التكريمات والجوائز , فنال جائزة الدولة التشجيعية في الرواية وجائزة الدولة التقديريه في الآداب وميدلية الحسين للتفوق , كما اختارت اليونسكو روايتة الذاكره المستباحه لتقدمها للقارئ العربي في ثلاثة ملايين نسخة ضمن مشروع (كتاب في جريدة ) إضافة الى أنه كتب عنه العديد من الدراسات وأطروحات الدكتوراه والماجستير في الآداب .
عمل مؤنس منذ العام 1992 مستشاراً لوزير الثقافه ورئيساً لتحرير مجلة افكار الشهريه إضافة الى كتابته لمقال يومي في جريدة الرأي والزمان كما ترأس الهيئه الأدارية لرابطة الكتاب الاردنيين في دورة عام 1993 – 1994 وأستقال منها , كما اختير أميناً عاماً للحزب العربي الدميقراطي وتركه ايضاً .

الأدب في حياةمؤنس الرزاز

لعل تجربة مؤنس الرزاز الابداعية تعتبر واحدة من أشد تجارب المتابه وضوحاً في انحيازها وطواعيتها لسياقات المحطات الحياتيه والتاريخيه وانعكاساً وتأثيراً , حتى بدا ان المعمار الروائي الذي شاده الراحل مؤنس انما استمد مادته الأساسية من هول الأيام وهواجس الذات وتجاربها المرة , ليس رصيداً عيانياً بقدر ماهو تفاعل مع مشهدياتها وأبجدياتها سواء بالتعبير عنها أو بمحاولات الخلاص وطئ قسوتها وشدتها .
فذلك الطفل الذي سيولد لأب مناضل سيقضي طفولة مختلفه عن أقرانه فوالده الطبيب منيف الرزاز كان سياسياً معروفاً في فتره حفلت بكل عناصر الاندفاع حيث سيشهد الأبن مع ابية دورات متناقضة من التردد بين علو السلطة وإمتيازاتها وبين فداحة السجون والمعتقلات مقابل أحلام الأمه .
ان مشهد أعتقال الأب البعثي سيبقى ماثلاً لسنوات طويله في ذاكرة الطفل ذي الحساسيه المفرطه كما أن نهاية الأب في أقامته الجبرية ثم موته الدراماتيكي سيشكل ناظما أساسياً لوجان الكتابة وضميرها عند مؤنس الرزاز .
ولهذا كانت كتاباته تتأرجح بين ما هو مأساوي وفانتازي وبين ماهو خارجي وداخلي وسياسي ووجودي وبين الكآبة الشخصية ةالهجاء السياسي حتى بدا انه يعاني العالم كقضية شخصية .
فنجد مثلاً أن روايته (أعترفات كاتم صوت ) كأنها قصيدة عن سجن ابية ووثيقة للعذاب الشخصي ذلك انه جعل من جرحه الخاص موضوعاً عاماً وفناً روائياً
وفي رواياته الخرى اللاحقه ينشطر البناء الروائي موضوعياً ونفسياً كشكل آخر من اشكال إعادة بناء النفس أو محاولة التخفيف من تمزقها وكوابيسها , ربما لم تكن شخصياته الروائيه نسخاً عنه وبالتأكيد هي ليست كذلك لكنها على الأقل عاشت الإيقاع ذاته والانشطارات ذاتها , من هنا تصدعت البنيه الروائيه كمحيط حاضن لها تماماً كما تصدعت الأحلام والأحوال العامه فتركها تنحو منحنى غرائبياً هذيانياً .
دراسات ورسائل عن أدبه وتجربته .
حول تجربة الاستاذ مؤنس أعدت وأنجزت عشرات الرسائل الاكاديميه سواء في درجة الماجستير أو الدكتوراه وقد نشر بعضها في كتب وما زال الكثير منها مخطوطاً في الأدراج الاكاديميه للجامعات .
من ضمن تلك الرسائل نوقش في عام 2002 وفي قسم اللغه الانجليزيه بالجامعه الاردنيه أطروحة دكتوراه للباحثه (ريما مقطش ) تتناول فيها وبالمقارنه تجربيتي الروائي الإيرلندي جيمس جويس والراحل مؤنس من ناحية كتابة الرواية النفسيه .
حيث قامت بتحليل ومقارنة عمليه من أنتاج كل كاتب من حيث (صورة الفنان في شبابه 1916) وعوليس 1922 لجيمس جويس وأحياء في البحر الميت 1982 ومتاهة الأعراب في ناطحات السراب 1987 لمؤنس الرزاز مع بيان نقاط التشابه والاختلاف بين كلا الكاتبين .
مؤلفاته :-

.احياء في البحر الميت
. حين تستيقظ الاحلام
. سلطان النوم وزرقاء اليمامه
. فاصله في آخر السطر
.عصابة الورده الدامية
. الذاكرة المستباحه قبعتان ورأس واحد
. ليلة عسل
. أعترافات كاتم صوت
يقول الاستاذ حسين جلعاد
تجلى طموحي في أن أموت موتاً طبيعياً مبكراً لا منتحراً ...
لعل هذه المقوله واحدة من أفجع مشاهد الاعترافات التي أنكب الراحل مؤنس الرزاز على كتابتها قبل رحيله , حين كان يؤشر على سيرة جوانبه لم ننتبه الى فداحتها إلا حين فاجأنا برحيله .

المرجع : مجلة افكار الاردنيه لعام 2002

قديم 04-12-2012, 02:02 PM
المشاركة 406
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
- تيتم وهو صغير -المصدر جريدة الغد الاردنية تاريخ 8-2-2011 ).

يتيم

قديم 04-13-2012, 11:09 AM
المشاركة 407
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي

57- رباعية بحري محمد جبريلمصر

يقول الأستاذ صلاح فضل عن هذا الكتاب:
هاهو محمد جبريل يمعن مرة أخرى_علىطريقته التي تزاوج بين عوالم الغيب والشهادة_ في كتابة الحياة البحرية من داخلها،وهي تعبق برائحة البحر حين تفوح منها رائحة الإنسان المطحون المستلب، بكل أشواقهالروحية وانتفاضاته البشرية..
...
على أن ماتمتاز به هذه الرواية لايتمثل فيكمية المعلومات التي تقدمها عن البحر والبشر، وإنما بطريقة انقداحها في أعماقالروح، لتشكل وعي الإنسان ومذاق الحياة في فمه. عندئذ نختبر توهج التجربة وهي تصنعحساسية الإنسان، وتصهر شخصيته، في لحظات الوجود المحتدمة.

قديم 04-13-2012, 04:50 PM
المشاركة 408
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
محمد جبريل،

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
محمد جبريل، روائي وقاص مصري ولد "بالاسكندرية" في 17 فبراير1938م, وتجاوزت مؤلفاته الخمسين كتابا.
كان أبوه محاسبا ومترجما في نفس الوقت وله مكتبته الخاصة وقد أفاد محمد جبريل من مكتبة أبيه في قراءاته الأولى ويعتبرها سببا أساسيا في حبه للأدب. بدأ حياته العملية سنة 1959م محررا بجريدة الجمهورية مع الراحل رشدى صالح ثم عمل بعد ذلك بجريدة المساء. عمل في الفترة من يناير 1967 إلى يوليو1968 مديرا لتحرير مجلة "الإصلاح الإجتماعى" الشهرية، وكانت تعنى بالقضايا الثقافية. عمل خبيرا بالمركز العربى للدراسات الإعلامية للسكان والتنمية والتعمير. عمل رئيسا لتحرير جريدة الوطن بسلطنة عمان (تسع سنوات). يعمل الآن رئيسا للقسم الثقافى بجريدة المساء. تبنت الناشرة فدوى البستاني نشر أعماله الأدبية إيمانا منها بعالمية الرجل، حيث بلغت الكتب المنشورة عن محمد جبريل وأدبه (13) كتابا. نشرت بعض قصصه القصيرة في ملحق الجمعة الأدبي بجريدة الأهرام المصرية. كما درست أعماله في جامعات السربون ولبنان والجزائر. متزوج من الكاتبة والناقدة زينب العسال وله ابنان أمل ووليد. رشحه بعض المثقفين المصريين لنيل جائزة نوبل في الأدب.
محمد جبريل، روائي وقاص مصري ولد بالإسكندرية في 17 فبراير 1938م, وتجاوزت مؤلفاته الخمسين كتابا. كان أبوه محاسبا ومترجما في نفس الوقت وله مكتبته الخاصة وقد أفاد محمد جبريل من مكتبة أبيه في قراءاته الأولى ويعتبرها سببا أساسيا في حبه للأدب. بدأ حياته العملية سنة 1959م محررا بجريدة الجمهورية مع الراحل رشدى صالح ثم عمل بعد ذلك بجريدة المساء. عمل في الفترة من يناير 1967 إلى يوليو 1968 مديرا لتحرير مجلة "الإصلاح الإجتماعى" الشهرية، وكانت تعنى بالقضايا الثقافية. عمل خبيرا بالمركز العربى للدراسات الإعلامية للسكان والتنمية والتعمير. عمل رئيسا لتحرير جريدة الوطن بسلطنة عمان (تسع سنوات). يعمل الآن رئيسا للقسم الثقافى بجريدة المساء. تبنت الناشرة فدوى البستاني نشر أعماله الأدبية إيمانا منها بعالمية الرجل، حيث بلغت الكتب المنشورة عن محمد جبريل وأدبه (13) كتابا. نشرت بعض قصصه القصيرة في ملحق الجمعة الأدبي بجريدة الأهرام المصرية. كما درست أعماله في جامعات السربون ولبنان والجزائر. متزوج من الكاتبة والناقدة زينب العسال وله ابنان أمل ووليد. رشحه بعض المثقفين المصريين لنيل جائزة نوبل في الأدب.
  1. REDIRECTاسم الصفحة الهدف
أعماله

- مجموعات قصصية:
  • تلك اللحظة (1970)
  • انعكاسات الأيام العصيبة (1981) ترجمت بعض قصصها إلى الفرنسية.
  • هل (1987)
  • حكايات وهوامش من حياة المبتلي (1996)
  • سوق العيد (1997)
  • انفراجة الباب (1997)
  • حارة اليهود (1999)
  • رسالة السهم الذي لا يخطيء (2000)
  • ما لا نراه (2006)
- روايات:
  • الأسوار (1972)
  • إمام آخر الزمان (1984)
  • من أوراق أبو الطيب المتنبي (1988)
  • قاضي البهار ينزل البحر (1989)
  • الصهبة (1990)
  • قلعة الجبل (1991)
  • النظر إلى أسفل (1992)
  • الخليج (1993)
  • اعترافات سيد القرية (1994)
  • وزهرة الصباح (1995)
  • الشاطيء الآخر (1996)
  • رباعية بحري (1) أبو العباس (1997)
  • رباعية بحري (2) ياقوت العرش (1998)
  • رباعية بحري (3) البوصيري (1998)
  • رباعية بحري (4) علي تمراز (1999)
  • حكايات عن جزيرة فاروس (1998)
  • الحياة ثانية (1999)
  • بوح الأسرار (2000)
  • مد الموج (2000)
  • المينا الشرقية (2000)
  • نجم وحيد في الأفق (2001)
  • زمان الوصل (2002)
  • ما ذكره رواة الأخبار عن سيرة أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله (2003)
  • صيد العصاري (2004)
  • حكايات الفصول الأربعة (2004)
  • غواية الإسكندر (2005)
  • رجال الظل (2005)
  • مواسم للحنين (2006)
  • كوب شاي بالحليب (2007)
  • المدينة المحرمة (2007)
  • البحر أمامها (2007)
  • أهل البحر (1) (2007)
  • أهل البحر (2) (2008)
- كتب في أدب المقال:
  • مصر.. من يريدها بسوء (1986)
  • قراءة في شخصيات مصرية (1995)
- كتب دراسات:
  • مصر في قصص كتابها المعاصرين (1973)
  • نجيب محفوظ.. صداقة جيلين (1995)
  • السحار.. رحلة إلى السيرة النبوية (1995)
  • آباء الستينات..جيل لجنة النشر للجامعيين (1995)
  • مصر المكان (1998)
  • البطل في الوجدان الشعبي (2000)
  • سقوط دولة الرجل (2007)
الجوائز التي حصل عليها
  • جائزة الدولة التشجيعية في الأدب عن كتابه "مصر في قصص كتابها المعاصرين".
  • وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى.

قديم 04-13-2012, 04:51 PM
المشاركة 409
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
حوار مع الروائي محمد جبريل:

أستدعي الإلهام ولا أجلس في انتظاره

حاوره: أ. د. حسين علي محمد
......................................

محمد جبريل (المولود في الإسكندرية عام 1938م) واحد من أبرز الروائيين المصريين في الجيل التالي لنجيب محفوظ، صدرت له اثنتا عشرة رواية: الأسوار (1972م)، وإمام آخر الزمان(1984)، ومن أوراق أبي الطيب المتنبي (1988)، وقاضي البحار ينزل البحر (1989)، والصهبة (1990)، وقلعة الجبل (1991)، والنظر إلى أسفل (1992)، والخليج (1993)، واعترافات سيد القرية (1994)، وزهرة الصباح (1995)، والشاطئ الآخر (1996)، ورباعية بحري (1997).
وله ست مجموعات قصصية، هي:
تلك اللحظة (1970)
انعكاسات الأيام العصيبة (1981)
هل؟ (1987)
حكايات وهوامش من حياة المبتلى (1986)
سوق العيد (1997)
انفراجة الباب (1997).
وقد كتبت عن رواياته وقصصه عشرات المقالات والدراسات لكتاب من مصر في الدوريات الأدبية والثقافية، كما صدر كتابان بعنواني: "محمد جبريل وعالمه القصصي"، و"قراءات في أدب محمد جبريل" في سلسلة "أصوات معاصرة" يضمان نحو ثلاثين مقالة مختارة مما كُتب عنه.
*منذ ما يقرب من أربعين عاما وأنت تعمل بالصحافة حرفةً، فهل ترى أن الصحافة كانت المجال المناسب لعمل الأديب؟ وهل أفدت من أجوائها في تجربتك الأدبية؟
في عام 1960م قدمت من مدينتي الإسكندرية إلى القاهرة بحثا عن الفرصة في إحدى الصحف، باعتبار أن الصحافة هي الأقرب إلى طبيعة الكاتب، حتى لو لم يكن صحفيا متخصصاً. وكان العمل بجريدة "المساء" هو مشوار العمل الأساسي، وإن عملت أثناء ذلك خبيراً بالمركز العربي للسكان والتنمية والتعمير، ورئيساً لتحرير كتاب "الحرية"، ومشرفاً على جريدة "الوطن" العُمانية.
ولعلي أصارحك بأن الفن ـ والقصة والرواية تحديدا ـ عالمي الذي أوثره بكل الود. أتمنى أن أخلص لهما ـ تجربة وقراءة ومحاولات للإبداع ـ دون أن تشغلني اهتمامات مغايرة .. لكن الإبداع الروائي في بلادنا لا يؤكِّل عيشاً، وربما أتاحت رواية وحيدة في الغرب لكاتبها أن يقضي حياته بلا عوز مادي؛ فهو يسافر ويعيش ويتأمل ويخلو إلى قلمه وأوراقه، دون خشية من الغد وما يضمره من احتياجات. لكن المقابل المحدّد والمحدود الذي يتقاضاه الأديب في بلادنا ثمنا لعمله الفني، يجعل التفرغ فنيا أمنية مستحيلة !!
من هنا كان اختياري ـ الأدق: لجوئي ـ إلى الصحافة، فهي الأقرب إلى قدرات الأديب واهتماماته وهمومه أيضا. وكنت أتذكّر المازني العظيم وهو يجد في كل ما يصادفه مادة صحفية، بينما الفن ـ وحده ـ شاغله وهواه.
وكتبت فيما أعرفه، واستعنت بالقراءة فيما لم أكن أعرفه، ووجدت في حياتي الصحفية أحيانا ما يُغري بكتابة عمل أدبي ـ مثلا روايات "الأسوار" و"النظر إلى أسفل" و"الخليج" ـ لكن الأدب ظل على هامش وقت الصحافة، أحاول الكتابة وأكتب إذا وجدت في أسوار الصحافة منفذاً. لذلك كان ترحيبي ـ متحسراً ـ بالسفر إلى سلطنة عمان للإشراف على إصدار جريدة أسبوعية ـ تحولت إلى يومية فيما بعد ـ وكنت أمني النفس بأن أدخر في الغربة ما يعينني على الإخلاص للفن، لكن الأمنية ظلت في إطارها لا تجاوزه. وكان لابد أن أكتب في موضوعات تقترب من الفن، أو تبعد عنه. وحتى لا أفقد ذاتي في سراديب مجهولة النهاية، فقد فضلت أن تكون محاولاتي أقرب إلى ما يشغلني فعلا في الفن، وفي الحياة عموما.
*ما العلاقة بينك وبين الكتابة؟ وهل من الممكن أن تتخلى عنها في يوم ما أو تتركها؟
-أكاد أتصوّر أن الكتابة خُلقت من أجلي، قبل أن أخلق أنا للكتابة. لا أتصوّر نفسي في غير الكتابة، وفي غير القراءة والتأمل وتسجيل الملاحظات والتحصيل المعرفي.
*ما تصورك للعلاقة بين القارئ والكاتب باعتبارك كاتباً لك قراؤك، وبصورة أخرى أنت قارئ لمبدعين آخرين قدامى ومحدثين؟
-العلاقة بين المبدع والمتلقي أشبه بالعلاقة بين جهازي الإرسال والاستقبال، وعلى المبدع أن يطمئن إلى سلامة توصيلاته، بمعنى أن يطمئن إلى صدقه الفني، فلا يتعمد الغموض وإنما يترك العمل يكتب نفسه مستفيداُ من خبرة الفنان وتجاربه على أن يكون الناقد في ذات المبدع هو صاحب النظرة الأخيرة التي تناقش وتحذف وتضيف، وقد يكتب الكاتب قصة في ليلة ويُراجعها في أشهر .. وهذا ما أفعله شخصيا.
*تقول في حواراتك إنك تُفضِّل أن يكتب العمل الفني نفسه .. كيف يحدث ذلك معك، أو في تجربتك الأدبية على وجه خاص؟
-تعوّدت أن أستدعي الإلهام، ولا أجلس في انتظاره. أثق أن العمر أقصر من أن نُقدِّم فيه كل ما نريد. لا أُحب جلسات القهاوي، ولا الثرثرات العقيمة، أشغل معظم وقتي بالقراءة، وأحاول الكتابة ولو بضعة أسطر كل يوم. كما أني أُفضِّل أن أبدأ العمل الفني ولست أملك سوى البداية، أو الفكرة الهلامية، ثم أترك العمل الإبداعي يكتب نفسه ـ سواء أكان قصة قصيرة أم رواية ـ. لا أخطط مسبقا لعدد الصفحات، وإنما أبدأ الكتابة وفي ذهني فكرة ما قد تكون ضبابية، ثم تبدأ الشخصيات والأحداث في التخلُّق على النحو الذي يفرضه العمل نفسه.
بدأت في كتابة روايتي "من أوراق أبي الطيب المتنبي" وفي تصوُّري أنها قصة قصيرة، لكنها طالت ـ لا أدري كيف ـ فأصبحت رواية. وقصتي القصيرة "نبوءة عراف مجنون" بدأت في كتابتها كاستقالة من العمل الذي كنت أشغله خارج مصر، فتحولت إلى قصة قصيرة. وبعد أن كنت قد أنهيت عملي اليومي في جريدة "الوطن" العُمانية التي كنت أُشرف عليها جرى القلم على الورق بخطوط وتكوينات، ثم بدأت في الكتابة ـ كانت الساعة قد جاوزت الثالثة صباحا ـ دون تفكير مُسْبَق ، أثمر قصتي "اعترافات النفس المُتداعية".
*لماذا تميل إلى كتابة الرواية القصيرة التي لا تتعدى غالباُ المائة والخمسين من الصفحات؟
-إذا كنت قد كتبت الروايات القصار "الصهبة" و"قاضي البحار ينزل البحر" و"الأسوار" و"الخليج" .. وغيرها، فإني كتبت الروايات المطولة مثل "زهرة الصباح" و"النظر إلى أسفل" و"قلعة الجبل" و"اعترافات سيد القرية" و"رباعية بحري" التي تتجاوز الألف صفحة.
*لماذا تظل رواياتك ـ بعد الانتهاء من قراءتها ـ مفتوحة للتأويل؟ ولماذا لا تكون نهاياتها حاسمة ومحددة كما يفعل غالبا نجيب محفوظ وبعض أبناء جيلك؟. بمعنى آخر لماذا لا تكون نهايات الروايات حاسمة بالنسبة للشخصيات الروائية على الأقل؟ هل لأن الرواية لها قضية تريد أن تطرحها تظل رواياتك مفتوحة ..؟
-إن إنهاء العمل الإبداعي عند نقطة معينة محددة ينطوي على تعسف مطلق في التعامل مع حيوات كان يجب أن تظل مستمرة، وهي تلك التي كانت لشخصيات الرواية قبل أن تختفي بالنهاية المغلقة. إن القصة قد تنتهي عند نقطة ما تختارها، لكنها ليست النقطة التي تنتهي عندها حياة الشخصية ـ أو الشخصيات ـ في الرواية. وإذا كان تشيكوف يرفض أن يكون الكاتب قاضيا يحكم على شخصيات عمله الإبداعي ويُطالب بأن يكون شاهدا غير متحيز فإني أجد أن انحياز الكاتب لقضية ما ـ أو وجهة نظر معينة لموقف أو مجموع ـ مسألة مهمة ومطلوبة، بل إني أتصورها بالنسبة للمبدع الحقيقي مسألة بديهية.
*كيف تنظر إلى التراث الذي لجأت إليه في بعض أعمالك في الرواية والقصة القصيرة؟
-نحن نخطئ إذا نظرنا إلى التراث باعتباره مجموعة من الأفكار القديمة والكتب الصفراء! التراث يختلف عن ذلك تماماً، إنه جِماع خبرة الشعب في توالي عصوره وأجياله بكل ما تحمله من قيم وعادات وثقافات وسلوكيات. من الصعب أن نُعيد الماضي بكامله، ومن الصعب كذلك أن نبني نهضة حقيقية، أن نضيف ونطور ونثري ما لم يكن ذلك كله مستنداً إلى تراث يأخذ منه، ويتصل به.
*ما دمنا تحدثنا عن رؤيتك للتراث، فدعني أسألك عن السبيل إلى تحقيق ثقافتنا؟
-من الخطأ أن نرتمي في حضن التراث، كما أنه من الخطأ أن نرتمي في حضن الثقافة الغربية. نحن نفيد من التراث في تحقيق التواصل، ونفيد من الثقافة الغربية في تحقيق المعاصرة. الصواب أن نفيد من التراث ومن الثقافة الغربية المعاصرة في تحقيق شخصيتنا المنفردة، في صياغة ملامح متميزة لإبداعنا وفكرنا وثقافتنا الخاصة.
أكرر: من الخطأ أن نكتفي بإحياء تراثنا القديم أو بالنقل عن الغرب، الأصوب أن نقدم معطياتنا نحن، فلا نكتفي بالنقل أو التلخيص أو حتى الاستفهام، وإنما يجب أن نضيف إبداعنا الآني.
*حاولت أن توظف التراث الأدبي في رواية "من أوراق أبي الطيب المتنبي"، وحاولت توظيف التراث التاريخي في "قلعة الجبل" و"اعترافات سيد القرية". فما الذي جذبك إلى التراث القصصي العربي، وبخاصة "ألف ليلة وليلة"؟ وماذا عن آفاقها الروائية المتخيلة في ذاكرة الروائي؟
-روايتي "زهرة الصباح" محاولة لتوظيف تراث "ألف ليلة وليلة" في عمل معاصر، وإن ظلت ليالي ألف ليلة إطاراً له. زهرة الصباح ابنة أحد الوزراء المقربين من شهريار، اختيرت لتكون التالية بعد شهرزاد، تنتظر دورها: إما أن يمل شهريار الحكي، أو تخفق شهرزاد. وتسعى زهرة الصباح خلال ذلك بواسطة أبيها، إلى الإفادة من كل ما يقرأه ويستمع إليه من الحكايات والحواديت والأساطير والسير الشعبية المصرية، تحفظها حتى تبقي على حياتها لو حل عليها الدور. وأثناء ذلك أيضا يخفق قلب زهرة الصباح بحب سعد الداخلي الملواني، الشاب المقيم في البيت المقابل، ويرضخ الأب لإرادة ابنته الزواج من الشاب، ويتم زواجهما في السر، ويحيا الشاب في قصر أبيها باعتباره خادما، وتظل زهرة الصباح تنهل مما ينقله إليها أبوها من قراءات وحكايات شفاهية، في الوقت الذي تنشط فيه حركات التذمر ضد شهريار مقابلا لإصراره على قتل بنات الناس. ويواجه شهريار ـ في النهاية ـ بغضبة الناس المعلنة، كما يُفاجأ بأن شهرزاد قد أنجبت منه ثلاثة أبناء .. وهو ما حدث في "ألف ليلة وليلة" بالفعل. ويعود شهريار عن غيه، ويعفو عن شهرزاد ممثلة لكل النساء، والسؤال يشغل الجميع: هل جرى ما جرى خوفاً من غضبة الناس، أو أن الكلمة قد أثرت في شهريار من خلال حكايات الليالي الألف، فتبدّلت أحواله؟ .. أما زهرة الصباح، فإنها تكون قد عاشت الخوف وتجاوزته، وبينما يعفو شهريار عن شهر زاد، ويعترف بأبنائه الثلاثة، تكون هي حاملا من زوجها سعد الداخلي!
*هل تعد الرواية فنا غربيا وافداً تجاوز البدايات العربية في الخبر والحكاية في أدبنا القديم؟
-الإضافات التي قدمها الإبداع الغربي إلى فن القصة والرواية بما يُجاوز معطيات الإبداع العربي القديم لا يعني اعتبار الفن الروائي والقصصي في الغرب بداية مطلقة لهما، وإلا فإنه بوسعنا أن نعتبر كل إضافة في كل زمان ومكان بداية غير مسبوقة للفن الذي ننتمي إليه، أي أننا معتبر البداية في الإضافة والتطوير، وهو اجتهاد غير مقبول، ومرفوض.
*هل يستطيع الكاتب الروائي أن يكتب عن شخصيات لم يُعايشها؟ بمعنى آخر: هل يستطيع كاتب طيب أن يصور تصويرا صادقا وغير مفتعل شخصية شريرة؟
-لقد أعلنت زوجتي ـ وهي ناقدة معروفة دهشتها من شخصية "زاو مخو" في روايتي "اعترافات سيد القرية"، لأنها شخصية تفكر في الشر وتُجيد صنعه بما يُخالف طبيعتي التي تجيد الطيبة إلى ما يشبه السذاجة أحيانا؛ فأنا أصدِّق أي كلام، وأطمئن إلى أي تصرف، وأُحسن الظن بالآخرين. أسقطت من مخزوني المعرفي ما يُسمى بالدروس المستفادة. أنا ابن اللحظة التي أحياها، وناس هذه اللحظة ربما يختلفون عن هؤلاء الذين ربما ضرني أذاهم.
"زاو مخو" هو الذات الثانية على حد تعبير "كاتلين تيلو سستون"، الذات التي تعوض الفنان، إنها المقابل أو الشخصية الضد، المؤلف الضمني كما يسميها "واين بوث". قالت زوجتي: هل أنت كل ذلك ولا أعرف؟!
والحق أني لم أكن كل ذلك، إنما هي محاولة لتقديم شخصية مستعارة، ربما جاءت تعويضا عما أثق أنه أنا. لعله التعويض الذي أتابع به ـ بنشوة مباريات المصارعة الحرة في التليفزيون. إنه شخصية تقول ما لم يفكر فيه المؤلف، ولا قاله، ولا يستطيع التفكير فيه أو قوله، فضلا عن أنه لا يُحسن العدوانية في كل الأحوال.
*لماذا تتشابك رواياتك وقصصك مع السياسة. هل أزمة أبطال رواياتك مبعثها السياسة؟ ولماذا هذا الإسقاط السياسي ضد فترة حكم معينة، وبخاصة في رواية "من أوراق أبي الطيب المتنبي؟
-مشكلة بعض النقاد مع روايتي "من أوراق أبي الطيب المتنبي" أنهم توقفوا أمام ما تصوّروه من انعكاسات أحداث قريبة، مثل فترة السادات وما صحبها من تطورات. الرواية ـ في تصوُّر كاتبها ـ لا تُناقش قضايا آنية، لكن القضية المحور هي علاقة المثقف بالسلطة من ناحية، وعلاقته بمواطنيه من ناحية ثانية. وهي قضية تلح في الكثير من أعمالي الروائية والقصصية. ثمة قضايا عدة تشملها الرؤية الشاملة، فلسفة الحياة لعالمي الإبداعي، ومن بين هذه القضايا: المُطاردة، غزو الخارج، قهر الداخل، صلة المثقف بالسلطة وبمجتمعه، وما يتصل بذلك كله من قضايا الحرية والعدل والانتماء.
*إن المطاردة وغزو الخارج وقهر الداخل كلها مفردات سياسية تنبهنا إلى أبطالك الباحثين عن الحرية. ماذا حققت روايتك "النظر إلى أسفل" موضوعيا وفنيا وهي تشتبك مع الواقع الانفتاحي الذي نشأ من منتصف السبعينيات؟
-روايتي "النظر إلى أسفل تتناول فترة تاريخية، وقد استخدمت فيها تكنيكا غير مسبوق: اللحظة الدائرية المتصلة التي يُخاطب فيها الراوي شخصية غير محددة. وظني أنها تختلف تماما في فنيتها ـ وحتى في لغتها ـ عن الروايات التي حاولت توظيف التراث.
إن "شاكر المغربي" بطل "النظر إلى أسفل" ساداتي النزعة، أو فلنقل أنه كان تعبيراً عن المرحلة الساداتية. وكان من الطبيعي في تصوري أن ينتهي ـ ولو معنويا ـ بانتهاء المرحلة. ولو أن امتدادات الساداتية ـ كما أرى ـ متعاظمة في حياتنا على نحو لم يكن متصورا، بل لعل شاكر المغربي يبدو الآن سمكة صغيرة بالقياس إلى حيتان الفترة التي نحياها!!
*لاحظتُ ـ كما لاحظ الكثير من النقاد ـ أن الإسكندرية مكاناً هي الفضاء الأثير لرواياتك، وإن كنت خرجت من فضائها في أعمال قليلة، فلماذا هذا الاستغراق الحميم في الإسكندرية وعلى وجه أخص حي بحري أو "الأنفوشي"؟
-لقد وُلدت ونشأت في الإسكندرية، لذلك فمن الطبعي أن تكون مكاناً للعديد من أعمالي، حتى الأعمال التي جرت أحداثها الحقيقية في أماكن أخرى جعلت الإسكندرية فضاء لها؛ فأحداث روايتي "الصهبة" الحقيقية جرت في قرية بالقرب من الجيزة، لكنني فضلت أن أنقلها إلى الإسكندرية ـ إلى حي بحري تحديدا ـ لأنه المكان الذي أعرف ملامحه جيدا، ومن ثم فإنه بوسعي أن أتحرّك فيه بحريتي! .. ومع ذلك فإن المكان في رواياتي لا يقتصر على الإسكندرية. أذكرك برواياتي : قلعة الجبل، واعترافات سيد القرية، والأسوار، ومن أوراق أبي الطيب المتنبي، وبوح الأسرار … إلخ.
*هل قام النقد بدوره المطلوب تجاه تجربتك الأدبية في الرواية والقصة القصيرة على امتداد ثلث قرن؟
-إذا تحدثت عن موقف النقد من حيث الكم الذي تناول أعمالي الأدبية، فلعلي أعترف أنه كثير للغاية إلى حد أن جماعة "أصوات معاصرة" ضمّت بعض المقالات والدراسات والحوارات التي ناقشت أعمالي إلى 1984م في كتابين، وثمة أعمال أخرى سابقة وتالية تفوق ما احتواه كتابا "أصوات معاصرة". ومع ذلك فإني ـ حتى الآن ـ لست مدرجا في قوائم السادة الأيديولوجيين إذا أرادوا أن يتحدثوا عن كتاب القصة والرواية يكتفون بالقائمة التي تضم ممثلي الأيديولوجية ـ أو الشلة ـ في أقل تقدير ..!
ولأني أتصور الكاتب أكبر من أي تنظيم حزبي أو أيديولوجي، ولأني أرفض مبدأ الشللية في إطلاقه، ولأني لا أتردد على القهاوي والندوات، وأُفضل الحياة مع الناس العاديين، وقضاء غالبية الوقت في بيتي أقرأ وأكتب .. لذلك كله فإن قوائم الشلل والأيديولوجيات تخلو من اسمي، وإن وجدت المقابل في حفاوة طيبة بكل ما أكتب من خلال العديد من الرسائل الجامعية. إن الأكاديميين هم الأمل في مستقبل نقدي موضوعي وجاد.
*مع أنك حصلت على جائزة الدولة في النقد الأدبي، فإنك لم تتقدم إلى جائزة الرواية أو القصة القصيرة ـ لماذا؟
-لقد ملأ الناقد الصديق نبيل فرج استمارة التقدم لجائزة الدولة في النقد الأدبي بتحريض من الصديقين: الأديب الكبير يوسف الشاروني، والناقد الراحل الدكتور سيد حامد النساج. ومن ناحيتي فأنا لا أذكر أنني تقدمت يوما بما كتبت لصحيفة أو لمسابقة. لعله الكسل في طبيعتي. وعموما فإن أفضل جائزة عندي هي أن يناقشني واحد من الذين قرأوا أعمالي فيما كتبت.
*ما الذي يشغلك الآن؟ وما الذي تريد أن تكتبه مستقبلا؟
-لدي الكثير الذي أريد أن أقوله، أفكار هلامية ومحددة وواضحة، ما يدخل في إطار الإبداع، وما يقترب من التنظير، وما لا يجاوز حتى القراءة الإيجابية. أنا أكتب ما يلح عليَّ، وما يفرض نفسه، ولا أُخطط لشيء على الإطلاق ..!
*أخيرا: ما نصيحتك للأدباء الشبان؟
-نصيحتي للأدباء الشبان ـ دائما ـ أن يحذفوا كل ما لا يحتاجه العمل الإبداعي، لا يشفقوا على عبارة جميلة، فيبقون عليها، حتى لو كانت نابية عن السياق. أذكرهم بما فعله تولستوي في "الحرب والسلام"، لقد بلغت أصولها ـ عقب الكتابة الأولى ـ أكثر من أربعين ألف صفحة فحذف الفنان تسعة أعشارها



قديم 04-13-2012, 04:52 PM
المشاركة 410
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
ماوراء الحكايات
محمد جبريل.. ابداع برائحة البحر

حوار - نعمة عز الدين
...........................

في عام 1938 شهدت مصر انتقال القوات البريطانية من القاهرة والاسكندرية الي القناة، واستعدت مصر لمواجهة الحرب العالمية التي بدت نذرها في الافق، وخرجت الي الشوارع مظاهرات تهتف بحياة زعيم الوفد وتتهم محمد محمود بمحاولة اغتياله، واعلن عن تأسيس الاتحاد العام لنقابات عمال المملكة المصرية، وارتفع فيضان النيل الي حد الخطر،
واصدر طه حسين كتابه العلامة »مستقبل الثقافة في مصر« واذاع عدد من الفنانين والكتاب الطليعيين المصريين - متأثرين بسريالية أندريه بريتون - مانفنستو »يحيا الفن المنحط« وفي خضم هذا الغليان السياسي والاجتماعي ولد الاديب الكبير »محمد جبريل« في حي بحري بالاسكندرية وبرغم انتقاله للعمل والاقامة في القاهرة فان رائحة الاسكندرية لا تغيب ابدا عن معظم اعماله، والتي نذكر منها »إمام آخر الزمان«، »من اوراق ابن الطيب المتنبي«، »رباعية بحري«، »قلعة الجبل«، »ماذكر من اخبار عن الحاكم بأمر الله«، »مصر المكان«، »مصر في قصص كتابها المعاصرين«، »قراءة في شخصيات مصرية« بالاضافة الي أكثر من 90 قصة قصيرة تجعل الولوج الي عالمه الانساني نوعا من الإبحار الممتع.
يقول »محمد جبريل«: حي بحري الذي ولد وعاش فيه طفولته نشأت في بيئة تحض عن عشق الموروث الشعبي، حي بحري شبه جزيرة في شبه جزيرة الاسكندرية الي اليمين الميناء الشرقي، او المينا الشرقية في تسمية السكندريين والي اليسار الميناء الغربي او المينا الغربية، وفي المواجهة خليج الانفوشي، ما بين انحناءة الطريق من نقطة الانفوش الي سراي رأس التين.
هذه البيئة تتميز بخصوصية مؤكدة فالبنية السكانية تتألف من العاملين في مهنة الصيد وما يتصل بها ومن العاملين في الميناء وصغار الموظفين واعداد من الحرفيين والمترددين علي الجوامع والزوايا والاضرحة، فضلاً عن الآلاف من طلبة المعهد الديني بالمسافرخانة.
واذا كان لبيئة البحر وما يتصل بها، انعكاسها في العديد من اعمالي الابداعية، فان البيئة الروحية لها انعكاسها كذلك في تلك الاعمال، مثل جوامع ابو العباس وياقوت العرش والبوصيري ونصر الدين وعبد الرحمن بن هرمز وعلي تمراز وثمة أضرحة كظمان والسيدة رقية وكشك وعشرات غيرها من جوامع اولياء الله الصالحين ومساجدهم وزواياهم واضرحتهم، وثمة الموالد وليالي الذكر والاهازيج والاسحار والتواشيح، وليالي رمضان وتياترو فوزي منيب وسرادق احمد المسيري وتلاوة القرآن عقب صلاة التراويح في سراي رأس التين، والتواشيح واحتفالات الاعياد: سوق العيد وما يشتمل عليه من المراجيح وصندوق الدنيا والاراجوز والساحر والمرأة الكهربائية، وألعاب النشان والقوة وركوب الحنطور من ميدان المنشية الي مدرسة ابراهيم الاول وتلاقي الأذان من المآذن المتقاربة والبخور والمجاذيب والمساليب، والباحثين عن البرء من العلل والمدد، بالاضافة الي المعتقدات والعادات والتقاليد التي تمثل في مجموعها موروثا يحفل بالخصوصية والتميز حين اراجع اعمالي الابداعية بدءا من قصتي القصيرة الاولي (الي الآن حوالي 90 قصة قصيرة و18 رواية) فان تأثير ذلك كله يبين في العديد من المواقف والشخصيات وفي تنامي الاحداث.
في »رباعية بحري« يشعر الكاتب الكبير محمد جبريل أنه كتب كل ما في مخزونه الروحي ووصف طفولته وصباه متنقلا بين الجوامع الاربعة قائلا: رباعية بحري عملي روائي من اربعة اجزاء: أبو العباس، ياقوت العرش البوصيري، علي تمراز، تعرض للحياة في حي بحري منذ اواخر الحرب العالمية الثانية الي مطالع ثورة يوليو 1952 لوحات منفصلة حيث تكامل اللحظة القصصية، ومتصلة من حيث اتصال الاحداث، وتناغم المواقف وتكرار الشخصيات انسية التي طالعتنا في بداية الجزء الاول من الرباعية، هي انسية التي انتهت بها احداث الجزء الرابع والاخير، وما بين البداية والنهاية نتعرف الي دورة الحياة من ميلاد وطفولة وختان وخطبة وزواج وانجاب وشيخوخة ووفاة، فضلاً عن الحياة في المعهد الديني بالمسافر خانة، وحلقة السمك وحياة الفتوات والعوالم وما يتسم به ذلك كله من اختلاف وتميز، بقدر اختلاف البيئة وتميزها، علي سبيل المثال فإن الحياة في البحر وصلة البحر واليابسة، والمؤمنين بطهارة الماء وقدرة البحر علي اعمال السحر، والحكايات والمعتقدات عن عرائس البحر والعوالم الغريبة وكنوز الاعماق، والخرافة، والاسطورة والزي التقليدي، والمواويل، والاغنيات، والامثال، والحكايات، وخاتم سليمان، والمهن المتصلة بمهنة الصيد كالصيد بالسنارة والطراحة والجرافة، واسرار الغوص في اعماق البحر، وغزل الشباك وصناعة البلانسات والفلايك والدناجل وغيره وركوب البحر، وبيع الجملة في حلقة السمك وبائعي الشروات.. ذلك كله يتضح في الشخصيات التي كانت الحياة في البحر مورد الرزق الاهم - او الوحيد - لها.
وفي قصصي القصار تتناثر لمحات من الموروث الشعبي، متمثلة في العديد من سلوكيات الحياة والمفردات والتعبيرات، وغيرها مما يعبر عن التميز الذي تتسم به منطقة بحري في حدودها الجغرافية المحددة والمحدودة: الزي الوطني، الطب الشعبي، العاب الاطفال وأغنياتهم، نداءات الباعة، الكناية، التكية المعايره، القسم، الطرفة، المثل، الحلم، وغيرها..
والحق انني حين اراجع ابداعاتي التي وظفت - او استلهمت الموروث الشعبي اجد انها وليدة العفوية - ومحاولة التعبير عن الواقع، هذا هو ما افرزته تجربة الحياة والمشاهدة والقراءة والتعرف الي الخبرات، لم أتعمد الافادة من الموروث الشعبي بل هو الذي فرض معطياته في مجموع ماكتبت مثل روايتي القصيرة: »الصهبة« وروايتي: »بوح الاسرار«، و»زهرة الصباح« وغيرها.
علي الرغم من نشأة الكاتب محمد جبريل يتيم الام - لقد ماتت والدته وهو دون العاشرة من عمره - الا انه يتحدث عن اثرها البالغ في تكوينه الابداعي قائلا: وعدت القارئ في سيرتي الذاتية »حكايات عن جزيرة فاروس« بأن يقتصر ما اذكره من الاعوام القليلة التي أمضتها امي في حياتنا علي بعض الصور او الومضات السريعة، رحلت امي قبل ان أبلغ العاشرة فتصورت ان ما اذكره لن يجاوز تلك الفترة الباكرة من حياتي فضلاً عن غياب الوعي بصورة كاملة او جزئية في الاعوام الاولي منها، لكن الذكريات التي كانت مطمورة مالبثت ان استردتها الكتابة وهو ما سجلته في »مد الموج« و»الحياة ثانية« و»اغنيات« في العديد من اعمالي الروائية والقصصية.
ولعل رصيد امي هو اول ما اذكره من أيامها بيننا، أشرت اليه في العديد من لوحات السيرة الذاتية، والقصص القصيرة وفي فصول سيرتي الذاتية، قالت الجدة في شقة الطابق الرابع انها كانت تجلس بجوار امي تعودها لما انتفضت امي - فجأة - واشارت الي مالم تتبينه العجوز وهتفت: ابعدوه من هنا! ثم سكت صوتها وجسدها امرني ابي بالنزول الي الطبيب الارمني في الطابق الاول، صعد الطبيب السلم بخطوات متباطئة وكان يقف في كل طابق، امام النافذة المطلة علي الشارع الخلفي، ربما ليأخذ انفاسه وكنت ادعوه - بيني وبين نفسي - الي الاسراع في الصعود كي ينقذ امي، أطال الطبيب تأمل الجسد الساكن، كانت العينان جاحظتين، والبطن منتفخا بصورة ملحوظة والجسد بكامله متصلبا، كأنه وضع في قالب، مال الرجل علي صدر امي وباعد بأصبعيه بين الجفنين، وضغط بقبضة يده علي البطن المنتفخة ثم هز رأسه في اسي: ماتت!
كانت امي مثلاً للحنان والقسوة في آن تثيب للفعل الطيب وتعاقب للخطأ التافه او الذي اتصوره تافها - كانت كما رويت في »مد الموج« تصر علي ان نذاكر حتي موعد النوم وترفض نزولنا للعب في الشارع الخلفي، لكنها كانت تحرص علي ان نجلس بحوار الراديو لسماع بابا صادق ثم بابا شارو في موعد برنامج الاطفال، ووافقت علي اقتراح اخي الاكبر بأن نشتري قطعة جاتوه بنقود العيدية التي اعطاها لنا خالي ووضعتها امي في درج الكومودينو وقالت امي: هل اذنت لكم قال اخي انها فلوسنا، ألقت علي الارض ماكانت تحمله، وسحبت من فوق الدولاب حبلا كانت تخصصه لعقابنا، لفته حول اقدامنا وتوالت ضرباتها بالشماعة حتي اجهدها التعب.
ماتت امي وكبرت انا وتزوجت وانجبت وكان من الطبيعي ان تعود الذكريات وتنشأ المقارنة وتتوضح معان كانت غائبة، من بينها اشفاق الابوين علي مستقبل ابنائهما والفارق بين التدليل والافساد والتعويد علي الحياة السهلة او تلك التي تحرص علي القيم كان الاشفاق والحنان والخشية من الانحراف هو الباعث وراء الايذاء المتواصل من امي.. ادركت ذلك متأخرا وبعد فوات الاوان.
يقول الكاتب الكبير محمد جبريل محدثا نفسه: قد تهبني هامشية من الخبرات اضعاف ما احصل عليه من شخصية اختزنت المعرفة فظلت ساكنة في داخل الذهن والوجدان دون تأثير حقيقي عليها، وعلي من يخالطونها وتعبير آخر فإن التأثير والتأثير، لا صلة لهما بمعرفة ولا ثقافة ولا مرحلة سنية وازعم انني افدت من رحلة امي القصيرة في حياتي ومن رفعة زوجتي زينب العسال الناصحة المشفقة المتدبرة ومن تمازج الطفولة والوعي في ابنتي امل لما لم تبدله الاعوام، ولعلني اذكر زواج خادمتنا »دهب« واستقلالها بحياتها لكنها ظلت علي صلتها الاسرية بنا، تزورنا وتسأل عن احوالنا - بالذات بعد ان رحلت امي - واضطر ابي - بتأثير المرض - الي لزوم البيت والاعتذار عن غالبية الاعمال التي عرضت عليه وكان مترجما! وعانينا ظروفا بالغة القسوة وصارحنا ابي - ذات يوم - ان »دهب« عرضت عليه مبلعا نجاوز به ظروفنا، وارفق ابي شكره باعتذار مؤدب فقد كان - كما قال لنا - يعرف ظروف دهب جيداً.
اذكر ايضا زوجة عم احمد الفكهاني في الشارع الخلفي الواصل بين بيتنا وجامع سيدي علي تمراز كانت اشد منا حرصا علي »الغديوه« التي نقيمها كل بضعة ايام، ابنها فتحي واخي وانا، نفسح لها اسفل عربة الفاكهة الصندوقية الشكل، تضيف الي ما نأتي به ثمار الفكاهة وطبق سلطة خضراء وخبز ساخن من الفرن القريب، تظل طيلة جلوسنا في ظل العربة توصينا بأنفسنا، وبالمذاكرة، وتدعو الله ان يفتح لنا ابواب المستقبل بشخصية الام المصرية في مثالها المكتمل!
................................
*الوفد ـ في 26/9/2007م




مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 96 ( الأعضاء 0 والزوار 96)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2483 09-23-2019 02:12 PM
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 523 09-09-2018 03:59 PM
اعظم 100 كتاب في التاريخ: ما سر هذه العظمة؟- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 413 12-09-2015 01:15 PM
القديسون واليتم: ما نسبة الايتام من بين القديسين؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 18 08-22-2012 12:25 PM

الساعة الآن 02:06 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.