...
يا صَدِيقَتِي....
لَقَدْ تَعِبَتُ وَأَنَا أُطَارِدُ الحُلْمَ فِي سُفُوحٍ اِنْهَزِمِي... وَأَنَا أَبْحَثُ عَنْ أَمَلٍ فِي وَاحَاتِ صَبْرِي.. وَأَنَا أَنْتَظِرُ عَوْدَةً غَائِبٌ لَا يَعُودُ... وَلَا يَعْلَمْ أَنَّنِي قَدْ أَشْعَلْتُ شُمُوعَ الاِنْتِظَارِ مُنْذُ أَلْفٍ عَامٍّ أَوْ يَزِيدُ... رسمته فِي أَحْلَامِي... أَسْكَنْتُهُ صدْرَ الحكايا ...خَبَّأَتْهُ فِي حُجْرَاتِ القَلْبِ ... وَزَّعَتْ أزاهير الياسمين تَتَدَلَّى عَلَى شُرْفَاتِهُ ...وَمَا زِلْتُ أُشْعِلُ لَهُ شَوْقَ العُمْرِ ...حَتَّى عَقَارِبِ الزَّمَنِ تَلْدَغُنِي بِوَقْتِهَا المسمُومُ كُلَّمَا مَضَى الزمن وَلَا أَمَل في عَوْدَتك.... مَا زِلْتُ أُلَوِّحُ بِشَالِي الحَرِيرِيُّ كَلَّمَا مَرَّ قِطَارٍ وَعَادٍ الأخرُ....
قَالَتْ لِي ...
الوَرَقُ لَا يُزيِنَه إِلَّا جمَالِ الحَرْفُ.... فَكِّي أزْارَ صَمْتُكَ... وَتنفِّسِي هَوَاءَ الصَّبَاحِ... فَمَا زَالَتْ الدُّنْيَا بِخَيْرٍ... لَا تُحَدِّثُنِي عَنْ الغُرْبَةِ... عَنْ الحُزْنِ.... عَنْ الدَّمْعِ... عَنْ الاِنْتِظَارِ ...
اِفْرِدِي جَنَاحَ الحُلْمِ كَبِسَاطٍ سِحْرِيٍّ... وَحَلِّقِي بِأَحْلَامِكَ الوَرْدِيَّةَ ُ.. عَانِقُي الغَيْمُ.... وَاِلْبَسِي ثَوْبًا مِنْ بَيَاضٍ وَلَوْ لِمَرَّةِ وَاحِدَةٌ فِي حَيَاتِكَ.
رُوحِكَ الهَائِمَةُ تَحْتَاجُ إِلَى عَالَمٍ خَاصٍّ... إِلَى لُغَةٍ لَمْ تُكْتَبْ بَعْدُ... إِلَى فَرَحٍ يسْكُنهَا.... إِلَى ضمة تَعْتَصِرُ حُزْنَهَ... إِلَى وَرْدَةٍ تُزْرَعُ عَلَى ضَفَائِرِهَا... وَقِبْلَةُ وَفَاءَ تَطْبَعُ عَلَى جَبِينِ الشَّوْقِ فَتُشْرِقُ الدُّنْيَا فِي عَيْنَيْهَا....
يا صديقتي ...
اِعْلمي أَنَّنِي لَسْتُ مَنْ كَتَبَتْ هَذِهِ الحُرُوفَ... هِيَ ألذات الَّتِي ضَجَّتْ مِنْ سُبَاتها العَمِيقِ... مِنْ ارتداء ثوب السَّوَادِ... مِنْ وَجَعِ الحِرَفِ... مِنْ الآهَاتِ الَّتِي تَذْبَحُ الصَّدْرَ... مِنْ النَّفَسِ الهَابِطُ ... وَمِنْ الشَّهِيقِ الَّذِي يَعْلُو بِصَدرها.....
تَعِبْتُ يَا آنَّا... لَمْ أَعُدْ أَنَا.... مَلَلْتُ... وَمَلَلْتُ... وَأَنَّ لِي أَنْ أَسْتَرِيحَ...
وَتُبْقَى الذَّاتُ هِيَ الصَّدِيقَةُ الوَفِيَّةُ الَّتِي لَا تَبْحَثُ عَنْ خَدِيعَةٍ وَلَا طَمَعًا فِي إِفْشَاءِ أَسْرَارٍ النَّفْسُ
....