قديم 11-02-2013, 01:18 AM
المشاركة 51
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ذكْرياتُ أكادُ منها أّذوبُ=وهي في القَلبِ غِبْطةُ ونُدوبُ!
كيف لي بانتزاعها من حَنايايَ=وفيها حَدائقٌ وسُهوبُ؟!
منذ أَنْ كنْتُ يافِعاً .. وأنا=الصَّبُّ.. شُروقٌ في المُشْتهى. وغُروبُ!
ما أرى في الحياةِ طَعْماً إذا لم=يَكُ فيها مَفاتِنٌ وطُيوبُ!
كلُّ حَسْنَاءَ تَسْتَثيرُ وتُشْجي.ز=فَتْرَةً .. ثم أَجْتَوِي وأتُوبُ!
ثم أَصْبُو إلى سواها. فَما انفْكَّ=فؤادي تَجْني عَلَيْه الثُّقوب!
ورأني الحِسانُ أَصْبُو وأَسلُو=فَتَاَلَّبْنَ. وابتلتْني الخُطوبُ!
فَنَزَتْ مِنَّيَ الجِراحُ فَزَغْ=رَدْنَ فهذا المُتَيَّمُ المنْخوب!
وتَجَلَّدْتُ فارْعَوَيْنَ .. فقد كانت=لُحوني تَهْتَزُّ مِنْها القُلوبُ!
وتُذِيعُ الجمالَ حِيناً.. وتَطْوِيِهِ=فَتُشْقِيه صُفَرَةٌ وشٌحوبُ!
ولقد تُصْبِحُ العُيوبُ خِلالاً=من قَوافِيه.. والخِلالُ عُيُوبُ!
رُبَّما راقني وراع الذي كانَ=فإِنَّي أنا الجَرِيحُ الطَّروبُ!
ولقد أَسْتَوي بِلَيْلٍ بَهيمٍ..=فيه لي راحةٌ .. وفيه لُغُوبُ!
بَيْنَ وَصْلٍ يَسْخُو به عَلَيَّ غَزالٌ=وصُدُودٍ يَقْسو به يَعْسُوبُ!
وتحَولَّتْ من شَبابي إلى الشَّيْبِ=وفي القَلْبِ جَنَّةٌ وسَعِيرُ!
قُلْتُ عَلَّ المشِيبَ يُطفِىءُ مِنَّي=لَهَباً .. فهو راشِدٌ وقَرِيرُ!
فلقد كنْتُ في الشَّبابِ. وحَوْلي=كُلُّها طَلِيقٌ.. أَسِيرُ!
راكِضٌ للْهوى .. سَريعٌ إلى اللَّهْوِ=خَبِيرٌ به .. عَلَيه قَديرُ!
ومَضى الدَّهْرُ راكِضاً .. فإذا=الشَّيْبُ عَلَيهم بما أساؤوا.. نَذيرُ
ولقد يُصْبحُ النَّذِيرُ بَشِيراً إنْ=أفاؤوا .. واهْتَزَّ منهم ضَمِيرُ!
أَو هُو الَخَسْفُ والعذابُ..=فلن يَحْنُو عليهم . ولن يَجُودَ مَصِيرُ!
وتَلَفَّتُّ لِلرِّفاقِ.. فما بانَ=صغيرٌ بِجانِبي .. أَوْ كَبيرُ..!
أَيْنَهُم .. أَيْنَهًم.. ؟!فلم يَبقَ في=الدَّرْبِ سوائِي. والطَّرْفُ مِني حَسِيرُ!
فَارَقُوني . والدَّرْبِ مِنَّي ظلامٌ=وجَفَوْنِي. والدَّرْبُ منهم مُنِيرُ
صاحَ فِيهِم من الرَّشادِ نَفيرٌ=فاستجابُوا له . فَنِعْمَ النَّفِيرُ
يا رفاقي .. ألَيْسَ فيكم حَفيٌّ.ز=بالمُعَنَّى ..أَلَيْس مِنكم مُجِيرُ؟
إنَّ طَوْق النَّجاةِ فيكم فَهاتُوهُ=فإني هنا القَعِيدُ.. الضَّرِيرُ
واذْكروا الأَمسَ حينَ كُنَّا سَويّاً=في غُرُور. وفي ضَلالٍ مُبينِ!
فَسَعِدْتُم.. وما أَزالُ شَقِيّاً=أشْتهِي مِثْلكُمْ وُرُودَ المَعِينِ!
إنَّنا إخْوَةٌ.. فإنْ أَظْلَمَ الأَمْسُ=وأَضْنى بِمثَلِ قطْع الوَتِينِ!
فَتَحَرَّرْتُ من قُيُودي .. ومن سِجْني=وما عُدْتُ بالرَّسيفِ السَّجِينِ!
وكأَنَّي خَرَجْتُ من رحِمِ الغيْبِ=إلى النَّاسِ طاهِرا كالجَنِينِ!
وتَخَيَّلْتُ أَنَّني في عَماءٍ..=حالِكٍ .. حالِكٍ بِغَيَّ سِنيني!
فَذَرَفتُ الدَّمع السَّجِينَ=فناجاني هَتُوفٌ أَصْغى لِطُولِ أنِيني!
قال . لا تَبْتِئِسْ .فقد يَرْحَمُ=الله غَريقاَ فَيَهْتَدي للِسَّفِيِنِ!
كم تبعت الشَّيطانَ حتى تَمَزَّقْتَ=وما كان لِلورى من خَدِين!
ولقد كِدْتَ أَنْ تكونَ جُذَاذاً=من شَباهُ. فيا له مِن لَعِين!
فَحماك الرَّبُّ الكريمُ فحاذِرْ=بَعْدَها أنْ تكُونَ بالمُسْتَهِينِ!
سرْ مَعَ الرَّكبِ.. إنَّهم في اشْتِياقٍ=لك . ما أَنْتَ بَعْدها بالغَبِينِ!
فَقَد أعييْتُ .. ثم أَهَوَيْتُ لِلأرْضِ=سُجُوداً يَشْدو بِرَبّي المُعِين..!
رُبَّما كانَت الضَّلاَلَةُ لِلمَرْءِ=صِراطاً إلى الهُدى مُسْتقِيما!
والشَّقاءُ المَرِيرُ يَغَدو على الـ=مَرْءِ اغْتِباطاً. وجَنَّةً ونَعيما

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-02-2013, 01:25 AM
المشاركة 52
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
لا تَلومي على هوايَ. فقد كنتُ=طَهُوراً. وأنْتِ مِثْلي طَهورُ
ولقد لُمْتُهُ فَعاصى ولم يُضْعِ=إلى اللَّوم .وازْدهاهُ الغُرورُ!
فَدعِيه يَحُمْ حَواليْكِ يا بَدْرُ=وهيهَاتَ أَن تنُيلَ البُدورُ!
قُلتُ يا قَلْب ما أراكَ بصاحٍ=فاسْتَفِقْ فاللَّسانُ عنها حَصُورٌ!
فهي حُورِيةٌ إذا ملا تَبَدَّتْ=بانَ منها نُورٌ وفاحتَ عُطورٌ!
أَتُرَاها من عالَمِ الخُلْدِ جاءَتْنا=فَتَشْفِي قُلوَبنا .. وتَحُورُ؟!
كلُّ ما نَجْتِلَيهِ منها من الحُسْنِ=أساطِيرُ تَسْتَبى وتُثِيرُ!
فتْنَةٌ صاغها الله لِلْعَيْنِ.=ولِلْقَلْبِ. أَيْنَ مِنها النَّظِيرُ!
ظَلَّ منها فِكْري الشَّغوفُ=يُناجِيها بإلهامِها. وظَلَّ الشُّعُورُ!
يالَ هذا الإِلْهام ظَلَّ فُتُوحاَ=لِلْقوافي كأنَّهُنَّ طُيورُ!
سابِحاتٍ في الجَوَّ تَشْدو بألْحانٍ=عذاب تَذُوبُ منها الصُّدورُ!
فهي حِيناً بَلابِلٌ شَجْوٍ=عَبْقَرِيَّ الصَّدى . وحِيناً صُقُورُ!
هذِهِ. هذِهِ التي تَصْقُلُ الرُّوحَ=فَيَعْلو مُحَلّقاً لا يَغُورُ!
نَفَثَتْ فِيَّ ما أَصُوغُ من الشَّعرِ=لُباباً.. تَنُوحُ منه القُشُورُ!
فَسُطورٌ منه تُعادِلُ أسفاراً=ثِقالاً.. وتَقْتفَيها سُطُورُ!
وإذا الحُسْنِ كانَ فِينا كهذا=كان شِمْساً تُنِيلُنا وتُنِيرُ!
راعَني ما أَراه منها وأَعلانِي=مَقاماً. فكِدت منه أَطِيرُ!
يا جَمالاً لدى الغَواني رَخيصاً=غاصَ في الدَّرْكِ فهو عانٍ حَسِيرُ!
فالغَواني يَنْفُرْنَ حِيناً. وإنْ=كانَ كِذاباً صُدودُهُن الغَرُورُ!
إنَّما يَصْدُقُ النُّفُورُ مِن الحُسْنِ=أَبِيّا .. يَزْدانُ مِنه النُّفُورُ!
والعَفَافُ، العَفافُ يُغْلِيكَ لو=كنْتَ حَصِيفاَ لا يَزْدهِيكَ السُّفُوْرُ!
والفَتُنُ المُثِير لَيْس ثُغُوراً=حالياتِ تَهوِىْ عليها الثُّغورُ!
أوْ قُدُوداً كُلَّ هذا. فما أَجْدَرَ=هذا أَنْ تَحْتَويِه الخدُورُ!
ما عدا أنْ يَكُن بَرْزاً إذا كانَ=طَهُوراً يزْدانُ منه الحُضُورُ!
مِثْلَ ما كُنَّ سيَّداتٌ جَليلاتٌ=بِماضِ تَعْتَزُّ منه الذُّكورُ!
كُنَّ نوراً يهدي. وعلماً يجلي=في ذُرَىً لم يَصِلْ مَداها النُّسورُ!
لم يَزَلْ ذِكْرُهُّنَّ فَخراً.. وما=أَخْلَدَ ذِكْراً يطيب منه الفَخُورُ!
يا فَتاتي .. يا رَبَّةَ الحُسْنِ والطُّهْرِ=عَداكِ الجَوى. عَداكٍ الثَّبُورُ!
أنا في الرَّوضِ . والغَيارى من=الرَّوضِ كِثارٌ .. جَنادِلٌ وصُخُورُ!
وبِعالي الصُّروح تَشْمَخُ بالعِزَّ=وتؤْوى المُشَعْوذينَ الجُحُورُ!
ما اعْتراني الفُتُورُ يَوماً عن=الشَّعرِ بِوَحْى ما يَعْتَرِيهِ الفُتُورُ!
كيف أَجزِيك؟! كيف أَطرِيِكِ يا=هذي.. عَساهُ يُطيعُني المَقدُورُ!
ما أَراني بالخُلْدِ هذا جَدِيراً=إنْ عَصاني فَنال مِنَّي القُصُورُ!
ليس إلاَّ الكَفُورُ من يَجْحَدُ=الفَضْلَ لِراعِيهِ. لَيْسَ إلاَّ الكَفُورُ!
إنَّني الضَّارعُ الحَفِيُّ. ومَغْناكِ=وما فيه .. نِعْمَتي والحُبُورُ!
طابَ يَوْمي وطاب أَمْسي بما نِلْتُ=وطابَتْ مَعابِري والجُسُورُ!
فاذْكُريني فإنَّ ذِكْراكِ قُوتٌ=يَتَغَذَّى مِنْه الحِجا والضَّميرُ

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-02-2013, 01:31 AM
المشاركة 53
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وأَصْغَيْتُ لِلَّريح المَدَ مْدِم في الدُّجى=وقد نامَت الدَّنيا سوى مَعْشَرٍ مِثْلي
فأسْمَعَني هَمْساً يكادُ رَسِيسُهُ=يَكُونُ سكُوناً لا يُبِينُ ولا يُمْلى!
ولكنَّه يَخْتارُ من صَفْوَةِ الوَرى=قليلاً .. قليلاً من أُولي الحَمْدِ والفَضْلِ!
ويُفْضي بِسرِّ من أُلُوفٍ تَحَجَّبَتْ=عن الخَلْق ما بَيْن الغياهِبِ تَسْتَعْلي!
وقد رِاعَني السَّرُّ الذي خِلْتُ أَنَّني=تكشَّفْتهُ بالرَّغْم من شِدَّةِ الجَهْلِ!
وأَنْذَرني أَنْ لا أَبُوحَ بِبَعْضِهِ=وإلاَّ دَهاني بالعمى . ودَها أَهْلي!
فما يَصْطَفي الغَيْبُ المُنِيفُ لِسرِّه=سوى كلَّ ذي قَلْبٍ سليم. وذي عَقْلِ!
وهل أنا هذا؟! إنَّني كنْتُ حائِراً=أَأَنَّي على طَوْدٍ.. أَو أنِّي على سهلِ؟!
أَأَنَّي طَوْدٌ شامِخٌ في فَدافِدٍ=وإلاَّ حَضِيضُ يَسْتَقرُّ به رَحْلي؟!
فأيْقَنْتُ أنَّ سادِرٌ في عمايَةٍ..=وأنِّي من الأّهْواءِ أَرْسُفُ في غُلَّ؟!
وأَّنيَ لو طَهَّرْتُ رُوحي مِن القذى=لأخْرَجْتُها للْجِدَّ من جَنَفِ الهزْلِ!
فحاوَلْتُ ما أَدْري أَأَسْتَنْفِرُ الهُدى=فأَفْلِحُ؟! أم أهْوِي إلى دَرَكِ الوَحْلِ!؟
وأصْغَيْتُ لِلصَّوْتِ المُدَمْدِم ثانِياً=لَعَلَّي أرى المُشْتارَ من عَسَلِ النَّحْلِ!
فأَلْفَيْتُ أَّني تارةً فَوقَ قِمَّةٍ=وأخْرى بوادٍ مُجْدِبٍ. مُخْصِبِ الرَّمْلَ!
وأَوْمضَ نُورٌ من دُجُنَّةِ مُقْلَي=إلى الطُّهِرِ يَدْعُو هامِساً . وإلى الغُسْلْ!
فما يرْتَضي للنَّجْم قَلْبٌ مُدَنَّسٌ=وفِكْرٌ قَميءٌ يَخْلِطُ العِلْمَ بالجَهْلِ!
تَراوحَ قَلْبي بَيْن خَوْفٍ وغِبْطَةٍ=وفاءَ إلى النُّورِ المُرَفْرِفِ من حَوْلي!
عسانِي أرى فِكْري وحِسَّي كِلْيهما=قَريَبيْنِ من فَرْضٍ وضِيءٍ ومن نَفْلِ!
فقد عِشْتُ في الحَضِيضِ مُضَلَّلاً=فَخِفْتُ العَمى يُشْقِي وَيُنْقِضُ من غَزْلي!
وقد كنْتُ أعدو راكضاً ثم راعني=من الشيب ضَعْفٌ سِرتُ فيه على مَهْلِ!
ونادَيْتُ رَبَّي في الدُّجى يُوسِعُ الخُطا=إلَيَّ. فمالي من أَبي العُذْرَ أَوْ نَجْلي!
كَلا اثْنَيْهِما يُؤْذِيه دَركي فَيَنْثَنِي=عَليَّ بِحُبٍّ ضارعٍ شِيبَ بالعَذْلِ!
يقولان لي أخطأت. ياليت أنَّني=سَمٍعْتُ لما قالاهُ فانعَطَفَتْ رِجْلي!
تمَنَّيْتُ أَنَّي ما خُلِقْتُ فَرَدَّني=إلى أَمَلي في الله .. ما رَدَّ مَن قَبْلي..!
نَدائي له سُبْحانَه رَغْم شِقْوتي=حَماني من السَّجن الرَّهِيبِ. ومِن غُلَّي!
وها أنا لا أَرْجُو بدُنْيايَ غَيْرَ ما=يُكَرِّمني من قَوْلِ خَيْرٍ. ومن فِعْلِ!
إذا سِرْتُ في أَرْضِ القداساتِ طَهَّرَتْ=يدِي جَسَدي حتى تُطَهَّرَ من نَعْلي!
زَهِدْتُ فما أَبْغِي الحُطامَ ولا العُلا=ولا المَنْصِبَ السامي يقود إلى العَزلِ!
وسِرْتُ بِدَرْبٍ لا حِب ما يُخِيفُني=به أَسَدٌ ضارٍ يَتُوقُ إلى القَتْلِ!
ولا الدَّجْنُ أخْشى أَنْ أَضِلَّ بِليْلِهِ=سبيلي . وأخشى أن يجِفَّ به نَخْلي!
تَمَجَّدْتَ رَبَّي كم أَنَلْتَ من النَّدى=بسُؤْلٍ مُلِحَّ ضارع . أَوْ بِلا سُؤْلِ!
فأنْتِ هو السٍّرَّاءُ والجُودُ والغِنى=لمنا . رَغْم أنَّا دارِجون على البُخْلِ!
فما البَذْلُ إلاّ مِنْكَ يَشْفي جِراحَنا=وإلاَّ فما يَشْفي سِواهُ من البَذلِ!
أنِلْني الرِّضا. إنَّي إليه لَتائِقُ=وقد عشت أَشقى بالفِعالِ وبالقَوْلِ!
سألْقاكِ في الأُخْرى فَأَسْجُدُ ضارعاً=إلَيْكَ . فَهِبْنِيهِ لأَنْجُو مِن العَدْلِ

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-02-2013, 01:39 AM
المشاركة 54
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كم تعذَّبْتُ في الحياةِ .. وكم=صِرْتُ رسيفاً ما بين شتَّى القُيودِ
وتعَذَّبْتُ بالرَّفاء. وبالشَّدَةِ=فالوصْلُ كان مِثْلَ الصُّدودِ!
يالَ هذي النَّفْسِ العجيبةِ=مما كانتْ سوى شَوْكةٍ بِدُنيا الوُرُودِ!
يَجْتَوِيها المُرفَّهون بلا ذَنْبٍ=كَخَصْمٍ من الأُباة لدُودِ
الورى كلُّهمْ سوى النَّزْرِ لاقوا=مثلها في قيودهم والسُّدودِ
رَبَطَتْنيِ بهم أواصِرُ شَتَّى=من شقاء مُسَلَّطِ.. وكُنُودِ
عَرَفوا أنَّهم. وإنْ بَذلوا الجُهْدَ=وما بعد جُهْدِهم من جُهودِ!
فَسَيَلْقَوْنَ من نَكيرٍ . ومن=سُخْطٍ عليهم مُدَلَّلٍ الجُحودِ!
فاستكانوا كما اسْتكنْتُ إلى=العُزْلةِ . خوفاً من اعْتِسافِ الحَقُودِ!
وتطلَّعتُ للسَّماء. وقد ضاقت=بيَ الأرض مثل ضيق اللَّحودِ!
واسْتضاقَ المدىَ الرَّحِيبُ=فأَحْسَسْتُ كأّني مُسَمَّرٌ الحُدُودِ!
في الدُّجى الحالِكِ الرَّهيبِ=تَنَوَّرْتُ شُعاعاً لِطَرْفِيَ المكْدُودِ!
فرأَيْتُ الُّعُودَ بعد نُحوسٍ=عايَشَتْني دَهراَ وأَصْلَتْ جُلُودي!
صِحْتُ في نشوة تباركت ربي=حين أكرمتني بهذا الصُّعودِ!
حين أكْرَمَتْني وقد عِشْتُ أَهْوِي=لِحضيضٍ داج بهذا السُّعودِ!
وتَبَدَّي رهْط قَليلٌ من الخَلْقِ=وما كان بَيْنَهم من حَسُودِ!
فَكأَنَّي بهم شُهُودٌ.. وما=أَسْعَدَ نَفْسي بهؤُلاءِ الشُهود!
شِمْتُ منهم نَدى الوِدادِ فأشجاني=فما شِمْتُ قَبْلَهم من وَدُودٍ!
ما أحَيْلى الوُجُودَ في هذه الدُّنْيا=إذا كان مِثْلَ هذا الوُجودِ!
وكأَنَّي وُلِدتُ أُخرى بُدُنْيا=غَيْر تشلكَ الدنيا. وذاكَ الكُنُودِ!
صِرْتُ في الذُّرْوَةِ العَليَّةِ=من بَعْد مُقامي بِظُلْمَةِ الأُخدُودِ!
يا رِفاقي . ما أَكْرَمَ العَيْشَ=إنْ كان طَمُوحاً يَرْنُو لِمَجْدِ الخُلُودِ!
والكِفاحُ المَرِيرُ أَجْدَرُ بالمَرءِ=وأَولى من الوَنى والرُّقُودِ!
واللُّغوبُ المُضني أجَلُّ من الراحةِ=عُقْبى تَحُطُّ فوق النُّجودِ
ردَّني الغابرُ السَّحيقُ إلى الرُّشْدِ=فَلَم أَخْشىَ من دَوَّي الرُّعُودِ!
فَسَلَكْتُ المُخِيفِ منها. وما خَفْتُ=فَلَيْس المَسِيرُ مَثلَ القُعُودِ!
ولقد تُثْقِلُ الحُظُوظُ الموازينَ=فَيَغْدُو المُحِسُّ كالجُلْمودِ!
كم قرودٍ ساءَتْ أُسُوداَ فعَزَّتْ=وغَدَتْ سادَةً لِشُمَّ الأُسودِ!
إيهِ يا فِتْنَتي . ويا رَبَّةَ الطُّهرِ=أَطِلَّي بكل مَعْنًى شَرُودِ!
أَلْهِميني بما يَرُوعُ من الشَّعْرِ=لأِشْدُو بِفاتِناتِ القُدُودِ!
بِعُيُونٍ تذيبنا .. وثُغُورٍ=وخُصُورٍ ضَوامِرِ ونُهُودِ..!
أنا أَهْوى الأُمْلُودَ منها. فمَرْحى=بِعُيونٍ تهِيمُ بالأُمْلُودِ!
ولأَنْتِ السَّنامُ منها.. وما=تَمَّ سنامٌ سِواكِ بالمَشْهُودِ!
إِكْتَسي بالُبرُودِ. أو فاخْلَعيها=باحْتِشامٍ. فَأنْتِ مَجْدُ البُرُودِ!
أًَنْتِ . يا أًَنْتِ من أَجِلُّ وأَهْوى=وسواءٌ أَنْ تَبْخَلي أَو تَجُودي

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-02-2013, 01:41 AM
المشاركة 55
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ماذا حلا لكِ بَعدي=بعد القِلا والتَّصدِّي؟!
أمَّا أنا فِحَلاِ لي=أَنِّي حَظِيتُ بِجُنْدِ!
من المِلاحِ شَذِيٌّ=أَعِيشُ منه بِرَغْدِ!
وحيدةٌ أنْتِ.. شِلْوٌ=من بعد عِزَّ ومَجْدِ!
لا يَشْتَهِيها فَيَصْبو=إلى القَذى غَيْرُ وَغْدِ
قد كنْتِ نَجْماً وَضِيئاً=لِكُلِّ غَوْرٍ ونَجْدِ!
حَسَدْنَكِ الغِيدُ وَجْداً=كَمِثْلِ حَدَِّ الفِرِنْدِ!
وقُلْنَ لْيسَتْ بِنِدَّ=فأنْت أعْظَمُ ندِّ!
ونحن نَجْزِيكَ وُدّاً=إذا أَرَدْت بِوُِدِّ !
بل سوف نَجْزِيكَ وَصْلاً=وقد جُزِيتَ بِصَدِّ!
نَحْن الحِسانُ اللَّواتي=في الرَّوْضِ أَنْضَرُ وَرْدِ!
وقد شُغِفْنا بِشِعْرٍ=يشفي الصُّدورَ ويُسدي!
كأَنَّه شَدْوُ طَيْرٍ=كأنَّه طَعْم شَهْدِ!
وقد يكونُ نَذِيراً=كَمِثْلِ بَرْقٍ ورَعْدِ!
خُذْ قِمَّةَ الحُسْنِ واتْرُكِ=ما كانَ منه كلَحْدِ!
المُلْهِماتُ كَسَوْنَ=القَريضَ أَجْمَل بُرْدِ!
وقد كَساهُنَّ بُرْداً=فَرُحْنَ منه بِخُلْدِ!
فاصْدَحْ بِشِعْرِكَ فينا=يا شاعراً مِن مَعَدِّ..!
فإنه لِسُمُوَّ=يَقُودُ .. لا لِتَردِّي!
والشاعِرُ الحُرُّ يأْبَى=إلاَّ قَبُولَ التَّحَدِّي!
وقد تَحَدَّتْكَ يوماً=فَجاوزَتْ كُلِّ قَصْدِ!
فأَلْقِها في حفير=فإِنَّه خَيْرُ حَدِّ...!
ما مَنْ يَتِيهُ بِمَجْدٍ=كمن يَتِيه بِنَهْدِ!
وقد سَمِعْنا حَدِيثاً=يُشْقي النُّفُوسَ ويُرْدى!
يَقُولُ كانت غزالاً=فأَصْبَحَتْ مِثْلَ قِرْدِ!
فلا اسْتَقامَتْ بِهَزْلٍ=ولا استقامَتْ بِجِدِّ!
فَصَدَّ عنها هُواةً..=من كُلِّ حُرِّ وَعَبْدِ!
قالت لهم ما اعْتَراكُمْ=مِن بَعْد حُبِّ وَوَجْدِ!
كُنْتُمْ لدَيَّ جُنوداً=يَخْشَوْنَ صَدِّى وبُعْدي!
صَرْعى هَوايَ جُثِيّاً=ما تَسْتَطيلون عِنْدي!
تَرَكْتُموني ورُحْتُمْ=عَنِّي. فأصْبَحْتُ وَحْدي!
كُنْتُمْ خِرافاَ ضِعافاً=فكيف عُدْتُمْ كأُسْدِ؟!
قالوا لها. قد وُقِينا=من شَرِّ ذاك التَّعَدِّي!
من شَرِّ حُسْنِ هَصُورٍ=ما إنْ له مِن مَرَدِّ!
عِشْنا نُفَدِّيه دَهْراً=وما نَراهُ يُفَدَِّي!
وقد بُلِنا بِنَحْسِ=وما بُلِينا بِسَعْدِ..!
قالت خَسِئْتُمْ فأنْتُمْ=بُغاةُ مَكْرٍ وكَيْدِ!
وسال دَمْعٌ غَزيرٌ=منها على كُلِّ خَدِّ!
قالَتْ تَمَنَّيْتُ أنِّي=قد لُذْتُ يَوْماً برُشْدي!
فلم أَرُعْهُ بِصَدٍّ=ولم أرُعْه بِحَصْدِ!
قد كان سَدّاً مَنِيعاً=وقد عَبَثْتُ بِسَدِّي!
وكان وعْداً جَميلاً=فما وَفَيْتُ لِوَعْدي!
هذي حكايةُ سَيْفِ=لم يَسْتَقِرَّ بِغِمْدِ!
فَغِمْدُه كان هَشّماً=ولم يكُنْ بالأَشَدِّ!
والسَّيْفُ كانَ رَهِيفاً=يَسْطُو بكفِّ وزِنْدِ!
وما يَقُومُ وِفاقٌ=ما بَيْن ضَعْفٍ وأَيْدِ!
ولم أكُنْ بِغَوَيِّ=أوْ كُنْتُ أَزْهو بِجدِّي!
بل كنْتُ أزْهو بِرُشْدي=وشيمتي. وبرفْدي!
ولم أُضِلِّ فأُشْقِي=لكِن أُعِينُ وأَهدي!
يا غادتي. لن تُراعِي=مِنِّي بِكَيْدٍ وحِقْدِ!
لن تَسْمَعي غَيْرَ شُكْرٍ=على الصُّدودِ وحَمْدِ!
فَلِي لِسانٌ عَفِيفٌ=فيما يُعِيدُ ويُبْدي!
ولي يَراعٌ طَهْورٌ..=سَما بِجَزْرٍ ومَدِّ!
لم يَسْط يَوماً بِسَهْوٍ=أَوْ يَسْطُ يَوْماً بِعَمْدِ!
فَعُنْصُري مِن عَبِيرٍ=زاكٍ بِعُودٍ ونَدِّ..!
قد كانَ وِرْدي فُراتاً=عَذْباً.فَطِبْتُ بِوِرْدي!

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-02-2013, 01:43 AM
المشاركة 56
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أَجَلْ. أنا لَيْلايَ من عاشَرَ البَلوى=سِنيناً. ولم يُبْدِ الدُّموعَ ولا الشَّكْوى!
أَجَلْ أنا هذا المُسْتَوي بِضَمِيِرِهِ...=بِذَرْوةِ صَبْرٍ لا يَضِيقُ بها المَثْوى!
أَجَلْ أنا هذا فاذْكري ذلكَ الذي=رآك فلم يَمِلِكْ هُداهُ ولا التَّقْوى!
وكْنْتِ له نَبْضَ الحياة ورَاحَها=ورَيْحانِها . والمَجْدُ والشِّعْرُ والنَّجْوى!
وكانت زِياراتُ. وكانتْ مَواثِقٌ=تَعَهَّدْتِ فيها أَنَّكِ السَّعْدُ والرَّضوى!
وضَحَّيْتِ من أَجْلى بِشَتَّى أًَواصرٍ=وآثَرْتِ عَنْها كلَّها ذلكَ المأْوى!
نعِمْنا به حِيناً من الدَّهْر حالياً=نَعِيشُ به كالطَّيْرِ يَسْتَعْذِبُ الجَوَّا!
يداعِبُنا شَجْوٌ فَيَطوٍي جَوانِحاً=عليه. ونَأْبى أَنْ تُخامِرَه السَّلوى!
وما كانَ أَحْلاهُ هَوًى وطَراوَةً=فَكُنَّا به النَّشْوانَ يَثْمَلُ والنَّشوى!
تقَمَّصَ رُوحَيْنا فكُنَّا كَتوْأَمٍ=يَراه الورى فَرْداً .. فما أكْرَمَ الشّجوا!
فكيف هَوى النَّجْمُ الوَضيءُ إلى الثَّرى؟!=وكيف غَدا العِملاقُ يا حُلْوتي شِلْوا؟!
قدِرْتِ على هذا المُحال فَرُعْتِني=بِهَوْلِ فِراقٍ كان أَنْكى من البّلْوى!
فجِعْتُ به كالرُّزْءِ يَحْطِمُ.. كالرَّدى=يُمِيتُ. فلم أَمْلِكْ سُلُوّاً. ولم أَقْوى!
فللَّه أَمْسٌ كانَ حُبّاً مُدَلَّلاً=يُناغِي . فَيُغْرِيني بأنْ آكُلَ الحَلْوى!
ولله يَوْمٌ دامسٌ مُفْزعٌ الحَشا=رُؤاهُ .. غدا اللَّيْثٌ الهَصُورُ به نِضْوا!
وكانَ له الصِّنْوَ الحَبِيبَ فخانَهُ=وعَذَّبَهُ.. ما كانَ أَشْأَمَهُ صِنْوا!
وأوْرَدَهُ المِلْحً الأُجاج تَجَنِّياً=وقد كانَ يَسْقِيه النَّمِيرَ الذي أَرْوى!
تمَنَّيْتُ أَنَّ الحُبَّ لم يَكُ جَذْوةً=بِصَدْري. فقد أَوْدى بِصَبْري . وقد أَلْوى !
وأنِّي رأّيتُ النَّخْلَ تُغْرِي ثِمارُهُ=بِقَطْفٍ . فَلَمْ أَقْطِفْ به أبَداً قِنوا!
لقد كادَني حتى كَرِهتُ رِحابَهُ=ولُمْتُ بِما قد ذُقْتُهُ كُلَّ مَن يَهْوى !
فَمَن كان مَزْهُوّاً بِحُبِّ فَقُلْ له=تَمَهَّلْ. فما أحْراكَ أَنْ تَتَركَ الزَّهْوا!
فقد سَوْفَ تَلْقى في غِدٍ منه شِقْوَةً=فَتَعْرِفَهُ جِدّاً . وتَعْرِفَهُ لَغْوا!
لقد كنت أمشي في مغانيه ناعماً=إلى أن غَدا مَشْيي البَطِيءُ بع عَدْوا!
نَجَوْتُ بِجِلْدي مِن مآسِيهِ زاهداً=بِنُعْمى غَدورٍ لا أرى بَعْدها الصَّفْوا!
ولم أَجِدِ الحُسْنى به غَيْرَ فَتْرةٍ=تَولَّتْ. فما أوْهى جَداهُ. وما أغْوى!
فلا تَلْتَمِسْ جَدْواهُ إنَّي اخْتَبَرتُهُ=طَويلاً. فلم أَلْقَ السَّلامَ ولا الجَدوى!
ففي القَلَمِ الشَّادي . وفي الكُتْبِ مُتْعَةٌ=تمُنَّ ولا تُشْقِي لمن يَطْلُبُ اللَّذْوى!
رَضِيتُ بها عن عالَمِ الحُسْنِ والهوى=فألْهَمْنَني فَوْزي . واكْسَبْنَنِي الدَّعْوى!
وأغْنَيْنَني عن حُبِّ هِنْدٍ وزَيْنَبٍ=وعن حُبِّ لَيْلى المُسْتَطيلَةِ أوْ فَدْوى!
فما عُدْوتُ أَحْبُو كَي أَفُوزَ بِصَبْوَتي=لدى الغِيدِ. إنَّ الحُرَّ يَسْتَنْكِفُ الحَبْوا!
أسالِكَةً قَصْدَ السَّبِيل بِناشِدٍ=هُداهُ.. لقد عَلَّمْتِني اللَّحْنَ والشَّدْوا!
وعَلَّمْتني أَنْ أَتْرُكَ الهَجْرَ كُلَّما..=دُعِيتُ إلى قَوْلٍ. وأَنْ أتْركَ اللَّغوا!
فَلِلْمَجْدِ دُنْياه وقُصْواهُ. والمُنَى=أَقَلَّ بِدُنْياهُ.. وأَكْثَرُ بالقُصْوى!
وما أَجْدَبَ الفَتْوى على كُلِّ قاِعِدٍ=وأمَّا على السَّارِي. فما أَخْصَبَ الفَتْوى!
تبارَكَ من سَوَّى. تَبارَكَ من رَعى=فَأَغْنى الذي ما كانَ يَمْتِلِكُ الشَّرْوى!
لقد كانَ بَحْري هائِجاً فَركِبْتُهُ=بِعَزْمٍ. فأمْسى البَحرُ مِن بَعْدِهِ رَهْوا!
فما عُدْتُ أَطغى إنْ قَدِرْتُ وسَّولتْ=لِيَ النَّفْسُ طُغْياناً. فما أشَأَمَ الطَّغْوى!
فقد يُوُبِقُ السَّطْوُ الظَّلومُ على امْرِىء=ضَعِيفٍ فَيُرْدِيهِ إن اسْتَمْرأَ السَّطْوا!
بَرِئْتُ فما أُعْدِي امْرَءاً مُتَخوَّفاً=ولا أنا ذو قَلْبٍ خَؤُوفٍ من العَدْوى!
فَما كانَ من فَضْلٍ فَلِلَّه وحْدَه=تَمَجَّدَ واسْتَعْلى .. والتمس العفوا

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-02-2013, 01:49 AM
المشاركة 57
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أشْتَهي .. أشْتَهي ولستُ بِقادِرْ=ما الذي تَبْتَغِيه ِّمنِّي المقادرْ؟!
ما الذي تَبْتَغِيه مِن نازفِ الرّوحِ=طَريحٍ بين الظُّبا والكواسرْ؟!
ما أُبالي بما يكونُ وما كانَ=وأَسرِي ولا أُبالي المعابِرْ..!
والمُنى تَسْتَوي أَمامي فتغريني=فأنْأى عنها وأَجفوا الذَّخائرْ!
ليس في خاطِري يَدورُ سوى الرُّعْب=من الرَّاقِصين فوق المقابِرْ!
فإذا بي أَرى المنائِرَ تَنْهارُ=وتَهْوِي إلى سحيقِ الحفائِرْ!
وإذا بي أرى الحفائرَ تَعْلو=ساخراتٍ بِكلِّ آي المنابِرْ!
وإذا بي أرى المرابِحَ تَشْكو=بانْدِحارٍ من قَهْقهاتِ الخَسائِرْ!
يا لَها من نَقائض تَتَحدَّى=بمقاييسها النُّهى والمشاعِرْ!
وتُغُولُ الأًحْرارَ إن أَعْلَنوا الحرْب=عليها .. كما تَغُولُ الحرائِرْ!
ولقد ساءَني حقيرٌ تعالى=مُسْتًهِيناً على الرِّجالِ الأكابِرْ!
كان يطوي أّيَّامه ولَيالِيهِ=بِكُوخ. كأنَّه عُشُّ طائِرْ!
جائِعاً ..ظامِئاً .. يُقيِضُ بِشَكْواهْ=فَيَحْنو عليه بَعْضُ الضمائرْ!!
ساخِياتٍ بمأكَلٍ وشاربٍ=ولباسٍ يُرْخِي عليه السَّتائِرْ!
وهو يَطْوي على الجُحُودِ.. على النَّقْمةِ=صَدْراً.. على السَّخاءِ المُبادِرْ!
أَمْهَلَتْهُ الأيَّام حِيناً من الدَّهْر=فما كانَ بالكريم المُؤازرُ!
فَجَنى جَهْلَه عليه فأَرْداهُ=بما سَرَّ رَبْعهُ والعَشائِرْ!
عادَ لِلْبُؤْرَةِ التي أَفْسَدتْه=والتي زَيَّنَتْ لهْ ركوبَ الكبائِرْ!
غدا اليوم والحناجِرُ تُدْميهِ=بِقَوْلٍ يَشُقُّ منه المَرائِرْ!
إنَّ في صَدْرِه الخناجِرُ تَقْريهِ=وينْوي غَدْراً بهذي الخَناجِرْ!
فَتَجَلى لِلنَّاسِ استِتَارٍ=عاتِياً .. عابِثاً . بِكُلِّ المآثِرْ!
يَتَمنَّى.. وما أَعَقَّ أمانِيهِ=اللَّواتي يُدْمي قذاها المحاجِرْ!
كانَ يَنْوي شَرّاً جزاءً على=الخَيْر فَدارتْ عليه سُوءُ الدَّوائِرْ!
فَتَلَوَّى غَمّاً وقال ألا لَيْتَ=مَصيري ما كانَ أَشْقى المصائِرْ!
أنا سَطَّرْتُه فما يَنْفَعُ الدَّمْعُ=وسِفْرِي مُجَلَّلٌ بالدَّياجِرْ!
ولقد فَاخَرَ الكثيرون بالفَضْل=وفاخَرْتُ .. وَيَلَتا- بالمَناكِرْ!
جاهَرَتْني بالبغْضِ مِن بَعدما=طِحْتُ جريحاً .. عَمائِمٌ وأَساورْ!
فَتَجلْبَبْتُ بالمآزِرِ تخفيني=فما أَخْفَيتِ العُيوبُ المآزِرْ!
فَنَرى في أرانِبٍ وثَعالٍ=ما نَرى من ضَراوةٍ في غَضافِرْ!
فإذا بِهِمْ مِن بَعْدِ حِين=خَفافِيشُ دَياجٍ تَخافُ نُورَ البواكِرْ!
أُذْكُريني يا رَبّة الحُسْنِ قَلْباً=عَبْقَرِيّاً يَصُوغُ أَغلى الجواهِرْ!
واذْكُريني فكْراً وضيئاً أطا=عَته قَوافٍ مُسْتَعْصِياتٌ نوافِرْ!
فسأغْدو بِكِ السَّعيدَ .. بِذِكْراكِ=وأَعْلُو فَوْقَ النُّجوم الزَّواهِرْ!
إنَّ مَجْدي هذا .. إذا اخْتَال=بالمَجْدِ كذُوباً.. شُوَيْعِرٌ مُتَشاعِرْ

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-02-2013, 01:52 AM
المشاركة 58
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
يا مُقْبِلَ الشِّعْرِ.. ما أحْلاكَ مِن وَتَرٍ=غَنَّى. فَلِلسَّمْع تطريب. ولِلْبَصَرِ!
كيف الهٌروبُ؟! وهذا الروض يَفْتِنُنا=نَضْراً بما فيهِ من زَهْرِ ومِن ثَمَرِ!
لأَنْتِ لِلشِّعْرِ رَمْزٌ طالَما طَمَحَتْ=إليه شَتَّى من الأَرْواحِ والفِكَرِ!
دَعِ الهُروبَ. وأسْعِدنا بِرائعةٍ=مِن بَعد أُخْرى بما تَحْوي من الدُّرَرِ

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-02-2013, 02:06 AM
المشاركة 59
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
يَحْيى لقد أَتْحَفْتَني بِهَدِيَّةٍ..=غرَّاءَ كنْتُ لها المَشُوقَ المُغْرما!
كالرَّوْضِ يَزْهُو بالعَبِيرِ وبالجَنَى=ونرى به حسناً يروق.. ومَغْنَما!
سِرْ في طرِيقِكَ. إنَّه مُستَعْذَبٌ=ولو أنَّه أَصْلى الحَسُودَ جَهنَّما!
يالَ المشاعِرِ فيه تُطْرِبُ والحِجى=يزهو. فَزدْها غِبْطَةً وتَرَنَّما

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-02-2013, 02:09 AM
المشاركة 60
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أَتَظُنِّين أنني سوف أَسْلو=بعد طُول النَّوى وطول التَّجنِّي؟!
كيف هذا الظَّنُّ المُريبُ ومالي=من حياةٍ إذا تَباعَدْتِ عنِّي؟!
أَفما تعرفين أنَّكِ يا أَنْتِ=هوايَ الذي يُؤَرِّقُ عَيْني؟!
وهوائي الذي أَشُمُّ فأحيا=إن تَنَشَّقْتُه. وِريِّي ودَنِّي؟!
فَدَعيني يا ربَّةَ الحُسْنِ والدَّلِّ=دَعيني من بعد حُزْني أُغَنِّي!
أنا في غَمْرةٍ من اليأْسِ تُذْوِي=من حَياتي جَوىٌ. وتَهْدِم رُكْني!
غير أنِّي جَلدٌ. ولا أقبل الذلَّ=ولو كانَ في مباهِجِ عَدْنِ!
أنا كالمُزنِ في الصَّفاءِ وفي=البذْلِ وفي الرَّوْعِ كالحُسامِ المُرنِ؟!
لا تَظُنِّي الهوى هَواكِ وإن=كانَ عَصُوفاً يَطْوي الكرامةَ مِنِّي!
لا. فإنِّي أطيق من صَبْوَتي=الدَّلَّ يُناغِي. ولا أطيقُ التَّجنِّي!
أنا لا أُنْكِرُ الصَّبابَةَ تَطْويني=وتُغْري بِيَ الجوى والسُّهادا!
فإذا بي الكئيبُ بين الأناسِيِّّ=نَشاوى.. الشَّجِيُّ يَشكو البِعادا!
هم يُناجُونَ زيْنَبا تَتَجلَّى=فِتْنَةً تَسْلِبُ العُقولَ الرَّشادا!
فَتُناجي.. ولا تَغُولُ الأحاسيسَ=وتُبْدي.. ولا تَمُنُّ.. الودادا!
ولقد تَعْجَبُ الرَّبابَ وهِنْداً=يَتَأَلَّقْنَ بالنَّدى.. وسُعادا!
إنَّهُنَّ الظِّباءُ لا ساخِراتٍ=بالهوى العَفِّ يَسْتَمِيلُ الفُؤادا!
ويُضِيءُ النُّهى فَتَشْدوا بما راعَ=وما يَسْتَرقُّ حتى الجَمادا!
باحْتِشامٍ يَطِيبُ للشَّاعِرِ=الشَّادي بهذا الهوى. فلا يَتمادى!
لَتمَنَّيْتُ أَنْ تسيري على النَّهْجِ=قَويماً.. فَتَمْلِكينَ القِيادا..!
قادِرٌ أَنْ أُجَمِّدَ الدَّمْعَ في=العَيْن. وأّطْوِي عَنِ الأَنامِ بُكائي!
وإذا عَزَّني الوُصًولَ فإنِّي=أَكْتَفي بالعَزاءِ دَونَ الشِّفاء!
إنَّ في هذه الرُّبوعِ كثيراتٍ=يُرَجيِّن صَبْوتي وإبائي!
ولقد تّنْدَمِينَ أّنَّكِ بالَغْتِ=فأدْمَيْتِ بالنَّوى كِبْرِيائي!
فَتَنَاءَيْتُ باعْتِزازٍ عن الحُبِّ=وما أكْرَمَ الهوى بالتَّنائي!
هل تَطِيقينَهُ؟! وقد آثَرَ=النَّأيَ حَبيبُ السَّرَّاءِ والضَّراءِ؟!
واسْتَوى عِنْدَكِ المُراؤونَ في=الحُبِّ. وما أَتْعَسَ الهوى بالرِّياءِ!
بَعْد حِين سَيَصْدِفُونَ إلى=الحُبِّ الذي لا يَلِيقُ بالشُّرَفاء!
لِلْغواني الأُلى يتاجِرْنَ بالحُبِّ=وما يَبْتَغِينَ غَيْرَ الثَّراءِ!
ولقد تَعْصفُ النَّدامةُ بالحُسْنِ=ويَلهُو بلاؤُها بالرُّواءِ!
فاذْكُري الماضِيَ الوَضِيءَ تَوَلَّى=عن حَضيضٍ. وراكِضاً للسَّماءِ!
واذْكُري الحاضِرَ الدَّجِيِّ وما=فيه سوى كلِّ حِطَّةٍ واجْتِواءِ!
النَّسيمُ العليلُ راحَ وخلاَّكِ=لِقَفْرٍ تجِيشُ بالرَّمضاءِ..!
فأنا منه في انْتِشاءٍ وأَمَّا=أَنْتِ فلْتَنْعمي بِنُعْمى الجَفاءِ!
لَسْتُ بالشَّامِتِ الجَرِيحِ من=الدَّرْكِ. فإنِّي كالقِمَّةِ الشمَّاءِ!
قد تَركْتُ الهوى الظَّلومَ=وأَفْضَيْتُ بِقَلْبي إلى الهوى الوضَّاءِ!
تَتَسامى به النُّهى ويَسْتَشْرِفُ=الحِسُّ بأشواقِه إلى العَلْياءِ!
رُبَّ طُهْرٍ يَرْنُو لِحواءَ حُبّاً=ثم يَرْنُو سُخطاً إلى حوَّاءِ

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: ديوان / محمد حسن فقي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ديوان المعتمد بن عباد - جمع وتحقيق: أحمد أحمد بدوي وحامد عبد المجيد د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 1 04-25-2016 02:00 PM
ديوان الشيخ أحمد سحنون د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 06-13-2014 10:10 PM
لغة شعر ديوان الهذليين - علي كاظم محمد علي المصلاوي د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-28-2014 09:22 PM
ديوان ابن عساكر - جمع وشرح: محمد عبد الرحيم د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-28-2014 12:31 AM
ديوان سيد قطب - جمع: عبد الباقي محمد حسين د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-25-2014 10:44 PM

الساعة الآن 05:27 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.