قديم 03-25-2015, 02:51 PM
المشاركة 1321
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 89 - لونجه والغول زهور ونيسي الجزائر

- تعالج الرواية ثية المرأة الثورية في الرواية الجزائرية لونجة والغولـ

- يعالج هذا الموضوع العلاقة بين الثورة الجزائرية باعتبارها حدثا بارزا في تاريخ الجزائر المعاصرة، ورافدا يستقي منه الأدباء مادتهم الإبداعية، وبين الأدب الروائي من جهة أخرى.

- ويكشف الموضوع مدى استفادة الرواية من الثورة في مجال تصوير بطولة المرأة، مركزا على رواية الأديبة الجزائرية زهور ونيسي "لونجة والغول " من خلال تقديم صورة للمرأة الثورية، مع الإشارة إلى أعمال روائية أخرى.

بقلم : مفقوده صالح

-------
- اختارت السيدة زهور ونيسي أن تحتفل ببلوغها سن السبعين بطريقتها الخاصة، لتصدر رواية بعنوان "جسر للبوح وآخر للحنين"، وهي التي قضت حياتها بين جسرين.. جسر الكتابة الأدبية، وجسر النضال والانخراط في السياسة.

- ابنة مدينة الجسور (قسنطينة بالشرق الجزائري)، لم تقطع صلتها بجسر الكتابة الذي ظلت وفية لها، ليبقى جسرها الأساسي الذي تواصلت من خلاله مع الذين أحبوها وقرؤوا لها،

- وفي سن متقدمة وبعد رحلة شاقة من جسر إلى آخر جلست في لحظة تأمل طويلة كانت محصلتها رواية "جسر للبوح وآخر للحنين" الصادرة في الثلاثي الأول من هذه السنة عن منشورات زرياب في إطار تظاهرة "الجزائر عاصمة للثقافة العربية"،

- لكن تلك اللحظة أعادتها سنين طويلة إلى الوراء، إلى سن الطفولة حيث الجسور المعلقة، وقد بقيت هناك موزعة بين جسر للبوح بتفاصيل تلك الرحلة الشاقة، وآخر حنينا إلى تلك الطفولة التي لن تعود.

- هذه السيدة التي تعتبر من الرائدات، فهي من أوائل نوّاب البرلمان الجزائري من الناس، وأول امرأة حاولت كتابة رواية من خلال عملها "يوميات مدرّسة حرة"، وأول وزيرة في تاريخ الجزائر المستقلة وربما في تاريخ الجزائر قديمه وحديثه،

- أثبتت وفاءها للكتابة، كهم أول مقدم على هم النضال السياسي الذي انخرطت فيه باكرا،

- وقد كانت الرحلة فعلا شاقة، وكانت زبدتها تلك الرواية التي تلخصها في أنها "رحلة إلى أغوار تاريخ مدينة، رمز لكل الوطن، برقمها المقدس سبعة في جسورها، وقصباتها، وأوليائها، وما يحمله كل ذلك وغيره من زخم* تراثي ،* وموروث شعبي".

- لكن الرحلة لم تكن أدبية خالصة، بين كانت سياسية أيضا من خلال الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات وتأسيسها للمجلة التي كانت تصدر عن تلك المنظمة "الجزائرية"، التي ظلت في عهدها تصدر بانتظام وفي حلة جميلة، وكانت تطمح لأن تكون بالفعل "لسان حال المرأة الجزائرية"،

- ثم انتخابها نائبا في البرلمان سنة 1977، سنة بعد العمل بدستور1976 الذي أعاد الحياة النيابية التي غابت بعد انقلاب بومدين على بن بلة سنة 1965،

- ثم أول وزيرة في تاريخ الجزائر المستقلة، وحول تلك المحطة قالت السيدة زهور: "الأمر بدأ مع اقتراح الأخ الرئيس الشاذلي بن جديد، وكان ذلك مفاجأة كبيرة بالنسبة لي، عملت كثيرا وناضلت بالكتابة وداخل الاتحاد النسائي أيام الحزب الواحد، ولم أكن أتصور يوما أن أكون وزيرة أو أي منصب من هذا القبيل، وعندما استدعاني الأخ بن جديد وعرض عليّ منصب كتابة الدولة للشؤون الاجتماعية، قبل أن تتحول إلى وزارة كنت متردّدة كثيرا وكدت أرفض، وعند إلحاح الرئيس وتمسكه باقتراحه، طلبت أن أمهل ساعات لأستشير الأسرة وفي الحقيقة استشرت زوجي الذي نصحني بأن لا أرفض، ففي الحقيقة أن الثورة هي التي كرّمتني بذلك المنصب وألا يجوز التأخر عن ذلك الأمر"،

- وحول تلك التجربة الفريدة قالت: "كانت تجربة رائعة جدا.. قضيت فيها أجمل سنوات عمري، ولأن المسؤولية كانت تكليفا وليس تشريفا، فأنا مقتنعة بأني عملت بكل جهدي وأعتقد بأني نجحت بامتياز بدليل أني فتحت المجال لنساء أخريات نجحن بدورهن في تسيير وزارات مهمة"،

- ورغم انخراط السيدة زهور في السياسة إلا أنها لم تقطع يوما صلتها بالكتابة الأدبية، وظلت تكتب وتنشر إلى الآن، وقبل رواية "جسر للبوح وآخر للحنين"، عرفت بالكثير من الكتب، "الرصيف النائم" وهي مجموعة قصصية صدرت بالقاهرة سنة 1967 بالقاهرة، "على الشاطئ الآخر" مجموعة قصصية صدرت سنة 1974 بالجزائر، "من يوميات مدرسة حرة" 1978 بالجزائر وهي أول رواية كتبها امرأة جزائرية، ثم "الظلال الممتدة" سنة 1982 وهي مجموعة قصصية، و "لونجة والغول" وهي ثاني رواية لها صدرت سنة 1994، ثم "عجائز القمر" 1996 وهي مجموعة قصصية ولها مجموعة قصصية أخرى بعنوان "روسيكادا" صدرت سنة 1999، ثم جمعت زبدة المقالات التي كتبتها في الأدب والسياسة والمجتمع في كتاب صدر سنة 1999 بعنوان "نقاط مضيئة".

- والآن وقد تجاوزت السيدة زهور ونيسي سن السبعين، لم تتوقف عن الكتابة والتفكير في مشاريع الكتابة، فهي بصدد كتابة سيناريو يتناول مأساة الجزائريين الذين نفاهم الاستعمار الفرنسي إلى كاليدونيا الجديدة، ذلك السيناريو الذي اتفقت بشأنه مع المخرج الجزائري سعيد عولمي من اجل تحويله إلى مسلسل سيرى النور مستقبلا، وما زال في جعبتها مشروع مجموعة قصصية سترى النور قريبا.

- وبعد عودة السيدة زهور إلى مدينتها الأول واستعادتها لتلك الطفولة التي كانت موزعة بين الجسور السبعة لتلك المدينة، بقيت زهور وفية للعبة الجسور تلك ومن بين الجسور يبدو أن جسر الكتابة هو الأقرب إلى وجدانها، ذلك الجسر الذي ربطها بالكثير من القراء الذين عرفوها منذ صدور كتابها الأول قبل أربعين سنة، وليس وصولا إلى روايتها الصادرة أخيرا، فجعبة السيدة مازالت تعد بالكثير من مشاريع الكتابة.


من مقال بقلم الخير شوار


قديم 03-26-2015, 05:10 PM
المشاركة 1322
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع .....

- هي أوّل أديبة تكتب باللّغة العربية في الجزائر وأوّل وزيرة بعد الاستقلال وأوّل امرأة تتولّى رئاسة تحرير مجلّة نسائية·· إ

- انها المجاهدة صاحبة وسام المقاوم ووسام الاستحقاق الوطني والأديبة صاحبة (لونجة والغول) والرّصيف النّائم وعلى الشاطئ الآخر وغير ذلك من الأعمال الأدبية التي أبدعت فيها الأستاذة زهور ونيسي·*

- شاركت في تحرير المرأة بالسلاح قبل القلم ...

- قاتلت الى جانب الرجل في معركة التحرير الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي، لتكون شريكة في صنع مستقبل لوطنها عبر تاريخ طويل من النضال الانساني والاجتماعي، في سبيل الوصول للحرية التي طمح بها كل فرد من البلاد، محققة عبر اصرارها ما عجز الكثيرون من اثباته ... و لتنال بجدارة وسام المقاوم ووسام الاستحقاق الوطني، منتقلةً بعد ذلك للعمل السياسي والفكري والثقافي

- عبر توليها مناصب متميزة كأول امرأة تتولى منصب وزيرة للشؤون الاجتماعية ثم للتربية الوطنية وعضو المجلس الشعبي الوطني وعضو مجلس الأمة وأول امرأة في الجزائر تترأس وتدير مجلة نسوية "الجزائرية" وعضو الهيئة المديرة لاتحاد الكتاب الجزائريين.

- حين سؤالها : كأديبة وكاتبة هل تتحاشين الخوض في موضوعات تصنف على أنها تابو؟ أجابت ...كلا أنا أتحدث عن كل شيء ... لكن باسلوب نظيف ومهذب أستطيع من خلاله الدخول إلى عقل القارئ ومخاطبته بشكل بعيد عن المباشرة التي قد تسبب النفور من الأفكار المطروحة رغم أنها قد تكون صحيحة، أي أنني اكتب في الممنوع لكن بأسلوب يتقبله القارئ ويتفاعل معه دون أي ردة فعل منه، فالكتاب القدماء أمثال الجاحظ تجدهم يتحدثون عن كل الامور والتفاصيل بدقة وبجرأة أيضاً لكنهم اعتمدوا طريقة مهذبة ومنهجية وعقلانية تخاطب فكر القارئ دون أن تجرح إحساسه ومشاعره.

- وعند سؤالها : كيف تبدو صورة المرأة في كتاباتك؟ اجابت منذ بداياتي في مجال الكتابة وحتى هذه اللحظة تجد المرأة متناثرة بين صفحات رواياتي، بدءاً من سرد تجربتي الشخصية كمجاهدة في الثورة الجزائرية ضد الاحتلال والعينات النسائية التي عشت معها أو عملت معها، ضمن عمل كان هدفه توثيق ما عانته المرأة الجزائرية في تلك الفترة، فضلاً أن عدد كبير من قصصي تحمل أسماء نساء من المجتمع، التي نقلت عبرها تجارب وخبرات لحياة المرأة في المجتمع الجزائري خصوصاً والعربي عموماً، لذا فانك تجد صورة المرأة واضحة وجلية وبالرغم أنني في الفترة الأخيرة انتقلت نحو الكتابة بأمور المجتمع، إلا أن صورة المرأة كانت لها بصمتها بين الشخصيات.

من مقال بقلم : مالك أبوخير

قديم 03-26-2015, 05:57 PM
المشاركة 1323
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 89 - لونجه والغول زهور

- تعتبر الأديبة زهور ونيسي من أبرز الكاتبات الجزائريات اللواتي ولجن عالم الكتابة في ظروف جد صعبة ،

- فكانت من أول المبدعات اللواتي كتبن عن الوطن فقرأنا لها " من يوميات مدرسة حرة " ، "لونجة والغول" ، "الرصيف النائم" ،"على الشاطئ الآخر"..

- جاهدت ونيسي في ثورة التحرير وهي تحمل وسام المقاوم ووسام الاستحقاق الوطني،

- تقلدت مناصب عليا ثقافية وإعلامية واجتماعية وسياسية، منها عضو المجلس الشعبي الوطني في الفترة من 1977 إلى 1982م

- وكانت أول امرأة تتقلد وزيرة للشؤون الاجتماعية ثم للتربية الوطنية،وكانت أول امرأة في الجزائر ترأس وتدير مجلة نسوية "

قديم 03-27-2015, 01:37 AM
المشاركة 1324
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ...والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 89 - لونجه والغول زهور


- أن القيم التي تستند إليها والمرجع الذي تستقي منه مبادئها هي نفسها مرجعيتها المتشبعة بروح الوطنية الصادقة التي ناضلت وضحت من أجلها، ولذلك تجدها قد تحدثت معنا زهور ونيسي بدون تحفظ لأنها تعلم يقينا أن أخلاقيات الذين يتعاملون مع "صوت الأحرار" ليس من مهمتهم زراعة الفتنة والشقاق بقدر ما مهمتهم هي أداء الرسالة الإعلامية المفيدة قبل كل شيء، وإن كانت هذه الغاية دونها صعوبات والكمال لله وحده.

- تقول اسمي هو زهور ونيسي وأنا من مواليد 13 ديسمبر 1936 بمدينة قسنطينة من عائلة محافظة وعريقة في العلم والإصلاح، فوالدي رحمه الله تأثر كثيرا بالحركة الإصلاحية للشيخ عبد الحميد بن باديس ومتشبع بالثوابت الوطنية، وفي بداية حياتي درست في أول مدرسة أسسها بن باديس وهي جمعية التربية والتعليم للبنات، وفي تلك الفترة أي سنة 1954 تحصلت على الشهادة الابتدائية بتفوق وقد نشر لي في جريدة "البصائر" أول نموذج لمقال عن الامتحان الذي حزت عليه وبعدها تشجعت لكتابة مقالات كنت أبعث بها من البيت إلى أن توقفت "البصائر" عن الصدور.

- وبعد اندلاع الثورة التحقنا بها لأن اهتمامنا كله كان بها، فناضلت في ولايتين وأنا معلمة، وعقب الاستقلال التحقت بجامعة الجزائر، ومن حسن الحظ سمح للمجاهدين وللمجاهدين بالالتحاق بالجامعة بعد المرور على مسابقة التي لا يمكن الاستهانة بها، لأن مستوى التعليم الحر في ذلك الوقت كان جد محترم وعلى درجة عالية، وقد كان من بين رفاقي السفير الحالي عبد القادر حجار والمجاهدة خديجة لصفر.

- وبعد حصولي على ليسانس في الفلسفة عملت دراسة معمقة في علم الاجتماع، كما أنني كذلك كنت نشطة في العديد من المنظمات الجماهيرية وعضوا مؤسسا فيها، مثل شبيبة جبهة التحرير والاتحاد الوطني للنساء الجزائريات، كما أنني كنت عضوا مؤسسا للإعلام الوطني في ذلك الوقت، من بينها "الشعب "عندما عربت وجريدة "صوت الأحرار" والجماهير للطاهر وطار وجريدة "الثورة والعمل" و"المجاهد الأسبوعي"، ونسيت أن أذكر لك أنني من مؤسسي مجلة "الجيش" وقد نشر لي أول مقال بها سنة 1963،...

- إلى أن أسندت لي أول مجلة جزائرية نسائية وهي "الجزائريات" وهي اللسان المركزي لاتحاد النساء الجزائريات، أي أن هذه الفترة كانت مليئة بالحيوية والنشاط إلى درجة أنني رشحت من طرف جبهة التحرير الوطني لشغل عضوية المجلس الشعبي الوطني من سنة 1977 إلى سنة 1982 وفي نفس الوقت لم تنقطع علاقتي بالتدريس، وقد تعلمنا من مدرسة الأفلان أن الاستقلال ليس بغاية وإنما هو وسيلة لخدمة الوطن،

- والحمد لله خضت تجربة غنية لم أفقد فيها التوازن والتواضع وحب الوطن والإخلاص للشعب، وبعد المجلس الشعبي الوطني ونحن نتدارس قانون الأسرة، طلب مني شغل منصب كتابة الدولة للشؤون الاجتماعية، ولست أدري إن كان في الأمر ثوابا أو عقابا.

- في رد على سؤال حول ----ما هي التحولات الإبداعية التي طرأت على الروائية زهور ونيسي بعد دخول الجزائر عهد العشرية الحمراء، التي راح ضحيتها بعض الروائيين والمسرحيين، دون أن نسقط الآخرين من القائمة طبعا؟ تقول : في هذه الفترة أحلت فيها على التقاعد، الأمر الذي مكنني من أن أقرأ كثيرا، وفعلا الأمر يدعو إلى المرارة والأسى وأصارحك أن فترة العشرية الدموية غيرت كثيرا من ذهني ومن مشاعري، إلى درجة أنني فقدت فيها الأمل وشعرت بالإحباط وراودني الحزن الشديد، بالخصوص حينما أستذكر المحطات الوطنية التاريخية من الثورة الجزائرية، التي ضحى من أجلها الشهداء بالنفس والنفيس، وقد جاء ميلاد روايتي "لونجا والغول" سنة 1996 نتيجة هذا المخاض العسير.

- وفي رد على سؤال -هل لك مساهمات شعرية وهل لازال الشعر هو ديوان العرب، أم أن الرواية بدأت تزحزحه من مكانته؟ تقول : بلا، أكتب الشعر على النمط العمودي والحر وكثير من الرسائل التي تصلنا أرد عليها بالقصائد الشعرية، لكن لا يوجد عندي ديوان مطبوع خاص بأشعاري، أما أن الشعر لازال ديوان العرب فأعتقد أن الشعر والرواية كل يكمل الآخر، بالخصوص إذا كانا في خدمة القضايا الوطنية والقومية.
- وفي رد على سوال : لكل مبدع أو كاتب طقوس وعادات، ما هي طقوس الكتابة الروائية في حياة المبدعة زهور ونيسي؟ تقول أنا أضع في كل غرفة من غرف البيت، دفترا وقلما، ومتى حضرتني الفكرة دونتها حتى لا تضيع مني، أما كطقوس فأنا متفرغة للكتابة منذ صغري ولا أضيع وقتي كثيرا في الثرثرة وحضور مناسبات الأعراس، كما تفعل معظم النساء، فعندي نوعا من الموضوعية والمنطق في تسيير الوقت، فروايتي" جسر للبوح وآخر للحنين" هو نص تأبيني عن المرحوم "أبو العيد دودو" الذي كان يناديني بالكاتبة الماجدة، فالكتابة عندي تأتي بدون ضغوط وهي بالنسبة لي صناعة.

قديم 03-27-2015, 03:40 PM
المشاركة 1325
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ....

- ما تزال تحتفظ في تفاصيل وجهها بصرامة جيل من النساء ناضل كثيرا من اجل فرصته في الحياة والوجود، كانت أول امرأة كتبت الرواية في الجزائر بالعربية وأول وزيرة في النظام الجزائري رغم ارثها النضالي والثوري والأدبي الكبيرة ما تزال تحافظ على تواضعها واتزان حديثها.

- إنها السيدة زهور ونيسي التي استقبلتنا في بيتها على طعم قهوة قسنطينية المذاق والتقاليد وفتحت أمامنا دفاترها القديمة في جلسة حميمية استعادت خلالها صاحبة “يوميات مدرسة حرة” بعض ذكرياتها ومواقفها المختلفة في صبيحة هادئة في بيتها الذي يحتفظ بين جدرانه بعبق الثقافة ونضال الزمن الأصيل.

-عندما تتحدث السيدة ونيسي عن مسارها بين مختلف المناصب والمهام التي مارستها تتحدث بتواضع كبير قل ما نجده في زماننا فتقول إنها لم تؤدي خلال كل تلك المراحل إلا واجبها بنفس الشغف وروح المسؤولية والخوف أيضا من عدم تأدية هذا الواجب فكانت أديبة، صحفية، مدرسة، وزيرة ونائبة بالبرلمان، وهو الحس الذي ظل يلازمها حتى عندما تكتب نصوصها بنفس درجة الإحساس بالمسؤولية في مواجهة الرجال في المجالس العليا والمناصب الكبيرة التي أسندت إليها، وعنها تقول “كل مهمة من هذه المهام أضافت لي تجربة وخبرة وعلم كنت أفتقده وأعتبر نفسي محظوظة لأني استطعت أن أكون في كل هذه المناصب أنا نفسي كما هي بصراحتي وإمكانياتي“.

-عندما تتحدث إلى هذه المرأة يصعب كثيرا أن تثيرها أو تدفعها لإثارة مهما كانت جرأة أسئلتك وخبثك الصحفي، بساطة لأنها امرأة مارست الإعلام في زمن كانت فيه للكلمة هيبتها وخبرت دهاليز السياسة والحكم، لذا فهي تتجنب الجزم والقطع في إجاباتها وتترك دائما هامشا للاحتمال والتقدير.

- لا تتردد كثيرا السيدة ونيسي في الدفاع عن تراث المدرسة الأصيلة الإصلاحية التي كانت إحدى خريجاتها كتلميذة في مدارس ابن باديس ثم كرائدة من رائدات التعليم الحر في الجزائر، لذا ترفض التهمة التي تلصق بهذه المدرسة في رعاية وإنجاب الإرهاب، لأن الرهان الذي رفعته الجزائر بعد خروج فرنسا هو فتح المدارس في فجر أول استقلال.

-“ظاهرة الإرهابجاءت من الخارج لأنها ربما كانت رد فعل لظروف أخرى لأن الفعل المتطرف لا ينتج إلا التطرف. وعليه فالإرهاب لم يأت من المدرسة الجزائرية، والذين يقولون بذلك هم أعداء اللغة العربية والمدرسة الوطنية، والظاهرة بدأت قبل الثمانينيات عندما خرج تلامذة مدرسة ديكارت ينادون بالتاريخ في المزبلة، والفكر الوهابي جاءنا من أفكار بعض الأفغانيين الذي جاؤوا للجهاد في الجزائر من بعض البلدان الإسلامية الأخرى” على العكس من ذلك تماما ترى صاحبة “اللونجة والغول” أن “ما وصلت إليه الجزائر اليوم هو جزء من المؤامرة التي حيكت بعد الاستقلال ضد الاتجاه الإصلاحي.. التهمة لا تلصق بالمدرسة الإصلاحية في خلق الإرهاب بل التهمة تسلط على الذين همشوا الحركة الإصلاحية بعد الاستقلال فلو أنهم احترموا الحركة الإصلاحية وروحها بأصالتها وتفتحها لما وقعنا في ما وقعنا فيه”.

- فالحركة الإصلاحية أزيلت من كل ما من شأنه أن يبني هذه الجزائر. الحركة الإصلاحية كان على رأسها ابن باديس وهو أول من دعا إلى تعليم البنات. في هذه المدارس كنا نجلس البنات إلى جانب الأولاد بدون عقدة، وكانت الحصانة هي الأخلاق وحسن التربية، ولم تكن يومها مسألة الحجاب مطروحة، كنا نلتزم بالسترة وبقينا إلى اليوم لا نتبرج في حركاتنا ولا في كلامنا ولا في لباسنا، كانت الحصانة يومها الأخلاق والتربية وليس الحلال والحرام. والحركة الإصلاحية التي همشت بعد الاستقلال هي التي حافظت على الروح الوطنية والشخصية الجزائرية والهوية الوطنية، وهي التي دفعت بالكثير من تلامذتها وأتباعها إلى اعتناق الثورة وحافظت على الحس الوجداني والوطني في هذه الجزائر، ربما لهذا حوربت بعد الاستقلال” تلك الحرب التي أرجعتها المتحدثة إلى جزء من صراع الاتجاهات على افتكاك المناصب والمنافع ورحلة البحث عن المصالح “ما رأيناه بعد الاستقلال لم يحدث حتى في وقت الحركة الوطنية قبل الاستقلال” لهذا ترى الوزيرة السابقة للتربية في نظام الشاذلي بن جديد أن الإصلاحات التربوية في الجزائر لم تكن خيرا كلها ولم تكن شرا كلها، وأن مسيرة التعريب في الجزائر لم تفشل لكنها تعثرت، ولم تكتمل بل تمت توقيفها، مذكرة بجهود مولود قاسم نايت بلقاسم في هذا المجال “فالدور الذي قام به مولود قاسم نايت بلقاسم في الإدارة لا يمكن تجاهله، وكنت يومها في وزارة الحماية الاجتماعية، وكان كل من في القطاع مستعدا للتعريب لكن المسيرة توقفت” في هذا المقام ترى السيدة ونيسي أننا “نتهاون كثيرا اتجاه العربية لأنها إحدى أهم مبادئ السيادة” وتشدد الوزيرة السابقة للتربية على وجوب احترام العربية كلغة رسمية للبلاد المكرسة بنص الدستور خاصة في معاملاتنا الإدارية، لأننا بتهاوننا تجاه لغتنا “نتنازل عن أهم نجاح للثورة الجزائرية” ورغم أن الأستاذة زهور ونيسي لم تستبعد تواطؤ التيار الفرانكفوني النافذ في دهاليز الإدارة في إعاقة مسار التعريب لكنها تؤكد من جهة أخرى أن “التطرف لا ينتج إلا التطرف“.

- زهور ونيسي التي جمعت بين صرامة المناضلة وحس الكاتبة ترفض أن تدخل حزب جبهة التحرير الوطني إلى المتحف وتؤكد أن لهذا الحزب ما يقوله في عهد التعددية “طالما أن له امتدادات وقواعد شعبية” استمدها من تاريخه النضالي، ومع هذا تؤكد أنها تمارس نقدا لاذعا في بعض الأحيان للحزب ولا تتردد أن تقول “بقيت الوحيدة التي لم تتنكر لحزب جبهة التحرير في الوقت الذي اختار البعض تغيير الوجهة“.

-في هذا الحزب خاضت النضال واستوزرت باسمه وخاضت أيضا معارك عدة منها معركة قانون الأسرة الذي يتهمها فيها البعض بأنها تواطأت فيه مع المنصب ضد مصالح النساء عن هذه الأحداث تروي قائلة “يومها كنا 10 نائبات في البرلمان وكنت الوحيدة يومها التي واجهت وتغلبت على التيار المتطرف في المجلس الشعبي الوطني بحيث كنت أسهر على الأخذ من أمهات الكتب ومن فقه السنة والتفاسير والأحاديث التي تؤيد حقوق المرأة، لذا كان التيار المتطرف داخل المجلس الشعبي الوطني يخافني أكثر مما كان يخاف المتطرفين من الجناح الآخر خارج المجلس، ومشروع قانون الأسرة جاءنا يومها من الحكومة في قراءة ثانية، وكان معي بعض الزملاء الوزراء الذين كانوا نوابا بالمجلس الشعبي الوطني، ووقع بيني وبينهم نفس الصدام، فأصحاب هذه الإشاعة هم أصحاب التيارات التغريبية المتطرفة التي جاءت بعد الانفتاح السياسي ليس لها أي هدف إلا مهاجمة التيار الوطني الإصلاحي النظيف الذي يعمل على تكريس حرية المرأة واحترامها لأصالتها ولتميزها كعربية وأمازيغية مسلمة” من هذا المنطلق ترى المتحدثة أن مشكلة المرأة الجزائرية اليوم ليس مع القوانين بقدر ما هي في العقليات وبعض “الذهنيات المريضة لبعض الرجال ومن سلبية المرأة أيضا تجاه واقعنا لأننا اليوم نجرجر حصيلة سنوات الانحطاط في المجتمعات العربية بكل ارثها” وترى المتحدثة أن إيمان المرأة بنفسها هو جزء من إيمان الغير بها، لهذا كانت بالأمس للاتحاد الوطني للنساء الجزائريات امتدادات شعبية كبيرة “كنا نجند نساء السفراء العرب لمحو أمية الجزائريات عبر القرى، ومن بينهن السيدة هاجر صادق حرم السفير السوري بالجزائر، ولولا الدور الكبير لتلك التعبئة والتجنيد والحث على العمل والتعليم لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم”.

- السيدة زهور ونيسي، وغداة تعيينها على رأس وزارة الأسرة، لم تترد في طلب استشارة زوجها، موقف أعابه الكثيرون يومها على السيدة ونيسي التي ترى فيه “قمة الاستقلالية عندما تسعى لإضافة نجاح إلى آخر وليس بناء نجاح على أنقاض نجاح”.

- زهور ونيسي، المحسوبة على الرئيس الراحل هواري بومدين، تصف علاقتها بزعيم الجزائر بأنه كان أخا وزعيما يحسن الاستماع ويحسن الاستفادة من غيره “لما كنت ارأس مجلة الجزائرية التي لم تكن لها ميزانية كنت قد طلبت منه لما بلغت المجلة عاما من التأسيس أن يكتب لنا افتتاحية، كتب لنا الافتتاحية واستقبلني يومها رفقة رئيسة الاتحاد صفية بن مهدي واستمع إلينا وإلى مشاكلنا، وقلت له إن جبهة التحرير تقوم فقط بدفع أقساط المطبعة أما أجور العاملات والكتاب والكاتبات فلم تدفع منذ عام، فدفع لنا الفرق الموجود، ومنذ تلك الزيارة أصبح يقدم لنا مساعدة مالية شهرية، كما كان بومدين في اجتماعات رمضان مع رؤساء أجهزة الإعلام ينصت إلينا باهتمام ويحرص على الاستفادة من غيره” وعن علاقتها مع الشاذلي بن جديد عندما سألناها لماذا عينها هي تحديدا وليس غيرها في منصب الوزيرة أجابت “لأني كنت مناضلة ميدان، لم أكن طامعة في المنصب، ولم أسع له ولم أتوجه كما توجه غيري بعد الاستقلال إلى تكوين الثروة“. بنفس المنطق تؤكد زهور ونيسي أنها لم تسع لأي منصب بعد خروجها من الوزارة ولم يعرض عليها إلا منصب نائب في مجلس الأمة، وبقيت فيه 6 سنوات، كما عرضت عليها مؤخرا إدارة المكتبة الوطنية لكنها اعتذرت “لأنني أعرف أن المكتبة الوطنية معلم كبير ومهمة صعبة وفضلت أن تكون من نصيب الشباب“.

- لا تختلف كثيرا علاقة زهور ونيسي بالسياسية عن علاقتها بالأدب والكتابة، وما تزال تعرف حدود قلمها أين يبدأ وأين يتوقف “لا يضيرني أن تقول أحلام مستغانمي إنها أول من كتب الرواية في الجزائر بالعربية، وربما أحلام لم تقل هذا الكلام، فالصحافة لا تؤتمن دائما، لكن حتى وإن قالت أحلام هذا الكلام لا يضيف لي ولا ينقصني مني شيئا، فالنقاد العرب يعترفون أن “يوميات مدرسة حرة” هي أول رواية نسوية في الجزائر باللغة العربية وقريبا ستتحول إلى مسلسل تلفزيوني” تقول ونيسي “تشرفت بتدريس أحلام وأرى في نجاحها نجاحا للجزائر خارج الحدود رغم أن المشرق قليلا ما يعترف لأبناء المغرب بالريادة”، هنا تتذكر الاستاذة طالبتها فتقول “أحلام هي أحلام بتمردها، شقية وشاعرة حساسة وأول قصائدها نشرتها في مجلة الجزائرية عندما كنت مديرة لها” صاحبة “اللونجة والغول” التي خبرت ميدان الكتابة وتمرست فيه ترى أن أجيال اليوم من الكاتبات لديهن ما يكفى من نضج التجربة والخيار للكتابة، وسعي هذه الأجيال اليوم للتمسك بجلباب أحلام مستغانمي يعود أساسا للشهرة الإعلامية التي حصلت عليها أحلام عبر وسائل الإعلام.

-عندما تتحدث إلى زهور ونيسي مجبر أنت أن تصغي إليها للنهاية، وتتحول بحضرتها إلى تلميذ يصغى لأستاذه وهي تجول بمكتبتها التي تضم عشرات بل مئات العناوين في الأدب والتاريخ والسياسية بالفرنسية والعربية، في هذا المكان تفضل زهور ونيسي أن تقضي معظم وقتها في تقليب كتب التاريخ والفلسفة التي تفضلها. في هذا المكان تواصل زهور ونيسي رحلة البحث والكتابة حيث أنهت مؤخرا مشروع نص حول رائد الحركة الإصلاحية في الجزائر الإمام ابن باديس سيصدر قريبا في مجلدين في انتظار أن يحول إلى مشروع تلفزيوني أو سينمائي يعيد سيرة رائد الحركة الإصلاحية في الجزائر، عن هذا المشروع تقول المتحدثة “من خلال البحث والمراجع الكثيرة اكتشفت أن لهذا الوطن رجالا وقامات كبيرة حققت التناغم في الحركة الوطنية التي فجرت الثورة وقادت الجزائر للاستقلال“.

- في ذات المكان وبين هذه المجلدات استعادت الكاتبة جزءا من ذكرياتها في اتحاد الكتاب الجزائريين الذي يعيش اليوم تشرذما وانقساما بطريقة تدعو حقا للأسف بعدما كان يجمع كبار الكتاب والمبدعين “اتحاد الكتاب من المفروض أن يجمع كل الجمعيات المهتمة بالفكر لكن إذا به هو الذي يضيع، لست ادري إن لم يكن الاتحاد في مستوى المسؤولية التاريخية له ولا ادري لما هذا التطاحن والتشرذم، ويحز في نفسي وأنا من المؤسسين لهذا الاتحاد أن أرى ما وصل إليه. أول أمانة وطنية لاتحاد الكتاب كان فيها مالك حداد، وأفتخر أنني رشحته لذلك رغم غضب بعضهم علي، وكان فيه سعد الله والميلي وشريط والسائحي.

-في هذا الحي الهادئ بأعالي القبة تسكن السيدة ونيسي منذ زمن ولم تغير مكان سكناها ولا فكرت في مغادرة البلاد حتى إبان الأزمة الأمنية “لم أفكر يوما لا في تغيير السكن أو الهروب وقلت إن مصيري من مصير جيراني، ولم أتخلف يوما عن موعد ولا عن السوق أو الشارع ولم اطلب الحماية لأن كانت قناعتي دائما أن الأعمار بيد الله“.

-ونحن نودع الكاتبة والوزيرة السابقة زهور ونسي أحسسنا أننا لم نأخذ منها الشيء الكثير من خبرتها وأسرارها التي تحتفظ بها في الذاكرة والمسار النضالي الطويل، إذ يصعب كثيرا أن تحيط بتاريخ هذه السيدة في جلسة صحفية عابرة وهي التي ما تزال في زمن التجارة في كل شيء تحتفظ بصرامة جيل لا يغفر الأخطاء لنفسه قبل غيره

قديم 03-27-2015, 11:41 PM
المشاركة 1326
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 90- صخب البحيرة محمد البساطي مصر

- في الرواية ترتبط بأشياء مادية وتفاصيل شخصية غامضة تظل تتبعها من حالة لأخري وتسأل في عقلك ربما هناك علاقه بين هذا وذلك ؟

- تعرض الروايه أربعة حالات مختلفة عاشت في المنطقه ما بين ملتقي البحيرة والبحر ولا رابط بينها سوى المكان بتفاصيله حتى أننا ننسي الزمن ونعبر سنوات لنصل من حالة لحالة دون أدني ملل أو خروج عن الجو العام ..

- تفاصيل متكررة لدرجة أنني أثناء القراءة أكاد أستمع لصوت الماء أو أري غيوما تمر عابره لبعيد فيما بعد النوه.

- الكاتب يصدمنا بواقع مجتمعنا من خلال التفاصيل الدقيقة ليوميات بشر من المهمشين في الحياه الذين لا تهمهم السلطة أو تغيرات العالم من حولهم.

- تفاصيل لا يمكن تخيلها إلا من خلال سرد محمد البساطى.. الذي تربي في منطقة مشابهه في قريته الصغيرة المطلّة على بحيرة المنزلة.

- في الجزء الأول من الرواية تجلس المرأة علي حجر تحكي لرجلها – ذلك الصياد العجوز الذي يسكن قاربه -أنها لم تكن متزوجة من قبل ولكن رجلها الأول هو من قال ذلك للناس في القرية .. وحين علم بحملها ضربها وتركها ورحل وظلت من يومها تقول أنه مات.. وتسير الأحداث وتروي أن رجالا من سكان البحيرة كانوا يأتون إلي السوق للبيع والشراء هم من اعتني بها ووفر لها حياة كريمة طوال فترة حملها وكان كل منهم يقول عن حملها هذا ابني .. وكيف كانت اخلاقهم بمنتهي الوداعة والرحمة معها ويقولون أنهم أقاربها.. حتي من لا تعرفهم أو بالكاد تتذكر بعض ملامحهم .. هذا النوع من البشر خلق في داخلها حبا لمن هم خارج القرية

- في هذه البيئة الفقيرة أو المعدمة تجلس المرأة تحكي تفاصيلها بلا خزي ولا إنكار فليس لديها ما تخسره .. وكل ما مر بها هو ما جعلها في هذا المكان تتقبل هذه الحياة وتتقبلها الحياة .. وحيدة هي وولديها التؤام في بيت صغير علي الشاطئ .. لا تري من العالم غير أشرعة بعيده تأتي من البحر ثم تختفي في هدوء

- رجال البحيره علموها أشياء كثيرة علموها كيف تستغل كل ما تملك حتي لو كان برميلا ملقي في ساحة البيت

- الصياد العجوز لم يتخلي عن قاربه وهو عالمة المتحرك وكذلك لم يتخلي عن دوره في توفير بيت لها وولديها كعالمها الذي اعتادت عليه وبالتالى هي لن تتخلي عنه حتي يرحل في سكون

- وعلي طول الرواية الشخصيات صريحة .. كامله الإنسانية بكل معني الكلمة من خير وشر .. وعلي سجيتها

- تتغير علاقه أهل الأرض (سواء المزارعين أو البنائين) بأهل البحيرة وماوراءها (البحر) بتطور أحداث الرواية
أولاً تكون البحيرة مصدر الطعام.. ربما أيضا مجموعه من ألواح الخشب .. ألواح معدنيه .. اشياء أخري غريبة لا استعمال لها ولكن في الأساس هي مصدر للطعام والمأوي.

- لاحقا تتحول البحيرة لمصدر من مصادر الثقافه .. يرون من خلالها العالم الخارجي ... ملابس بألوان زاهية .. أسلحه قديمة .. أدوات شخصية ... صندوق موسيقي ... مقتنيات ذهبيه وزجاجات ملونة ... كلها أشياء تلقي بها البحيرة إلي الشاطئ أشياء تأتى من البحر بعد كل نوة ... لم تكن فقط حاجات للمنفعه الشخصيه أو الزينة إنما أيضا تجارة رائجة ومصدر رزق حين استغلها أحد سكان القرية كتجارة.

- يجد بعضا من أهل القرية أن خلف هذا الماء عوالم أخري وأحيانا يتجرأ البعض علي الخروج للبحث عن تلك العوالم.

- كل ذلك وأهل البحيرة يأتون إلي اليابسة يتزودن باحتياجاتهم الاساسية ويرحلون في سلام ثم تتطور الزيارات إلي هجمات من أهل البحيرة علي أهل اليابسة .. ليس بغرض الغزو على الإطلاق إنما هو استعراض للقوة فقط .. ربما ينهبون بعض الاشياء ولكن بلا طمع فقط ما يأكلون .

- ولكن هناك دائما صراع خفي وترقب من أهل اليابسة لأهل البحيرة

- أهل القرية يستنكرون وجود أهل البحر لمجرد أنه مختلفين .. هم رجال غير مختونين .. والاختلاف هو فقط سبب الرفض

- كانت البحيرة للبعض حلما عليه أن يدفع ثمنه سنوات من الغربة وأحيانا يدفع عمرة كاملا فلا يعود إلا جثة غارقة طافية علي سطح الماء بعد نوة.

- صندوق يظهر ويختفي من بداية الرواية.. ذلك الصندوق الذي كان يحمله رجلها الأول وبه تضع كل ما تملك من مقتنيات ... يأخذه ويرحل

- صندوق يحمله العجوز في قاربه به كل ما يمتلك من مقتنيات .. ثم يتركه ويموت

- صندوق موسيقي يعثر عليه أحد الأشخاص علي الشاطئ بعد نوه .. ويتعلق به لدرجه الهوس .. أم الإيمان ...

- تنتهي الروايه بمشهد غامض يعود بك إلي أولها ... سيده تأتي ومعها رجلان ... يحفران في الأرض ويأخذان رفات وعظام ميت ... وصندوق

- هو نفس المشهد حين دفنت المرأة الأولي وولديها الصياد العجوز وبجانبه صندوقه.. هي عادت لتأخذه الي حيث ينتمي

- نظرت إلي المكان وقد تحول إلي بيوت اسمنتيه ومجتمع كامل جديد .. أشارت إليه ولم تنطق.

- أحسست في نفسي أنها حزينه على عالمها الأول الذى اقتحمه أهل القرية ... وكنت حزينة معها.

- مشهد عالق بذاكرتي لإمرأة كانت تجمع ما يلقيه البحر علي الشاطئ ثم تخرج لتبيع بعضا منه هي وزوجها في السوق.. وها هي تمشي في سوق القرية ترتدي فستان قصير من الحرير يصل لركبتها لونه أصفربخطوط مائلة لونها بني وسوستة من الخلف , وفي قدميها حذاء أسود برقبة , وزوجها يتقدمها فوق الحمارة ..
تقول النساء في القرية الحذاء يشبه حذاء العسكرى .. الفستان منسول حول السوستة , وممزق عند الإبطين والمرأة أوسعت من خطواتها ولحقت بزوجها

- الرواية جعلتني أفكر ربما أبعد قليلا من المحتوي المكتوب ... هل شاطئ البحيرة أو القرية هى عالمنا الذي عشناه لأعمار كاملة واهمين أنه كل الدنيا .. وهل ما وراء البحيرة هو ما نرى اليوم من ثقافة أجنبيه اقتحمتنا مرة بالألوان البراقه ومرات أخري بالغزو الحقيقي ؟

- هي روايه رائعة .. وراءها الكثير من المعاني وتستحق القراءة.

قديم 03-28-2015, 12:26 PM
المشاركة 1327
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ....
والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 90- صخب البحيرة محمد البساطي مصر



من مقال بقلم : عصام شرتح

- ان ما يثير التأملات عن طبيعة القراءة وتجربة الرواية في تصوير الحياة انما هو نص روائي جديد لمحمد البساطي بعنوان «صخب البحيرة» الذي فاز بجائزة معرض الكتاب المصري لعام 1996، وتابع به الكاتب مسيرته الابداعية باعتباره أحد ممثلي جيل الستينيات، الذي قطع شوطاً طويلاً في تطوير التجربة الروائية العربية ودفعها في اتجاهات طليعية خصبة ومتعددة.

- ولعل الظاهرة اللافتة في هذه الرواية، والمناظرة لعدد آخر من الأعمال الجديدة هي غيبة البطل المركزي والحدث الرئيسي، وقيامها على أساس نوع طريف من العلاقات «العقدية» ان صح التعبير، أي تلك التي تبدو الفصول كأنها حبات من عقد منتظم في سلك يتمثل في المكان والبؤرة والاستراتيجية الدلالية، مع احتفاظ كل حبة بكيانها المستقل وطبيعتها الخاصة،

- حتى لتراود القارىء فكرة اعتبارها مجموعة قصصية،

- لولا أنها تقدم اليه منذ عنوان الغلاف بصفتها رواية، ولولا انه يستفز في كل نقلة بين الوحدات المكونة لها الى البحث بنفسه عن روابطها الظاهرة والخفية، وسرعان ما يدرك انه ازاء نسق منتظم في بنية كلية، وان ما يصل عناصر هذه البنية ويقيم التراتب الحيوي في المكان والزمان والرؤية بين وحداتها، ويشكل عالمها في نهاية الأمر، أهم مما عودنا عليه السرد التقليدي من وحدة البطل والحدث المركزي،

- ويقوم العنوان حينئذ بدور هام في تحديد البؤرة الدلالية للعمل، وبوسع أنصار التحليل السوسيولوجي للأدب ان يستخلصوا من تكرار ظاهرة غياب البطل والحدث الرئيس دلالة تشبه ما سجلته دراسات «غولدمان» عن تطور الرواية الغربية، حيث تُعدّ مؤشراً لتجاوز المجتمع لحالة الاعتماد على البطل المركزي الذي تنعقد حوله الآمال في الخلاص وصناعة المستقبل الموعود، وتَتَبَأّر في منظوره رؤية العالم، وانتقال هذا المجتمع لحالة أخرى تسود فيها الرغبة في توزيع الأدوار على رقعة وسيعة من الشخوص والمواقف، على ان تتلاقى في نهاية الأمر عند محور جوهري يرتبط بظروف المكان وشروط الانسان، ومقتضيات تغيرهما.

- والجدير بالذكر ان العالم الذي يقدمه محمد البساطي في «صخب البحيرة» هو تلك المجتمعات البدائية التي تعيش على هامش بحيرة كبرى تقع بين ملتقى النيل بالبحر الأبيض في شمال الدلتا، حيث تقيم أحراش الجزر المتناثرة وبعض التجمعات السكنية للصيادين المبثوثة في تضاعيف المياه، تغمرها حين تهيج «النوّات» وتنحسر عنها لتعود الى سيرتها الطبيعية والانسانية في أوقات الصفاء، وتنبت حيوات الناس وتتحدد مصائرهم منذ القدم طبقاً لهذه الجدلية بين حالات الطبيعة، حتى ترتفع بانخطافة سريعة الخرسانة، لتعلن عن دخول الانسان مرحلة جديدة في الصراع مع الطبيعة وتؤذن بنوع من التحول لا تتريث لرصده، بل تكتفي باللمحة الدالة في الاشارة اليه،

- فما كان يعنيها في المقام الأول انما هو صناعة ما يشبه النصب التذكاري الأخير لهذا الانسان في الطبيعة قبل ان تتخطفه السدود والأبنية العالية ومظاهر التحول الحضاري الجارف،

- انها تستنقذ من ذاكرة المكان حالته البدائية الابدية وتسارع الى تسجيل ملامحه المحكوم عليها بالاندثار، قبل ان تغمرها المياه الأخرى مثلما غمرت قرىً ومعابد، وطمرت آثاراً على ضفاف وادي النيل، لكنها تفعل ذلك دون شجن أو شماتة، بل تحافظ على موضوعية قاسية وتسجيلية حقيقية محايدة،

- ومن الواضح ان الكاتب الذي بعد عهده فيما يبدو بهذه البيئات الأصلية، ثم أخذ يقاربها بحنوٍّ شعري متوازن، قد اصطفى في ذاكرته خطوطها التجريدية العريضة، وأخذ يرسمها بريشة الفنان المتمكن عن بعد،

- بحيث يشحنها بالتفاصيل التي لم تنتزع لتوها من الواقع المباشر، وانما جهزت واختمرت في معامل التمثيل الفني لتقديم أوقع صورة ممكنة عنه،

- فنجد أنفسنا حيال ألوان فضية شاحبة مثل تلك التي تستخدم في السينما للاشارة الى اختلاف الذكرى أو الحلم عن الهدير اليومي بألوانه الفاقعة، لكن ما تؤديه السينما جمالياً بتغيير درجة اللون وإيقاع مظاهر الاشياء بما يتبقى في الذاكرة عادة بعد وقت طويل.

- من هنا فإن اصداء «الصخب» المدهش الذي ينبعث من البحيرة هو معادل الصمت الرائن عليها معظم الوقت، عندما تجثم في حضن الغيبوبة عن الزمن وحركة التاريخ، وتبرز من ثناياها ملامح انسانية مركزة لعدد من البشر، النساء والرجال والأطفال، الذين نسجوا حيواتهم ومصائرهم، وطموحاتهم ومشاعرهم على ضفافها، ريثما كانت تأتي هبة العاصفة فتجرف بأنوائها وطينها وكدرها وبقايا معاركها هذا الصمت، وتحيله الى ضجيج طبيعي هائل هو الذي يتبقى في قاع الصورة الأدبية لينطقها بعد طول سكوت،

- عندئذ نرى ان البحيرة/ الطبيعة لا تتحدث الا بكلمات الادب عندما تشف عن قوانينها، وتنحسر عن آثارها، وإذا عظم الانسان ولحمة المتشذر هما ما يتراءى على الشواطىء المهجورة.

- على أن يقظة الحس الواقعي - على حدّ تعبير صلاح فضل- عند محمد البساطي وتجربته الطويلة بمذاقها الخاص في الكتابة قد جعلت عملية «التغييب الشاحب لصور الواقع لا تصل الى الدرجة التي يتحول فيها الى الوجه الآخر، فحالت بنيه وبين امكانية استثمار أساطير الصيادين وعالمهم السحري المتصل بالبحر والماء، لم يخرق الروائي قوانين الواقع وهو يستبعده ويستقطره، ولم ينفذ منه الى ما وراءه».
رصد الرواية من الخارج:

- إذا تأملنا بعض التقنيات الفنية التي يوظفها محمد البساطي في هذه الرواية بفصولها الأربعة، والتي يقدم فيها مجموعة من الصور التي تنحفر ببروز شديد في ذاكرة القراء لأنها تخلقت بجهد فني متمكن عن انطباعات غائرة في وجدان المبدع - وجدنا أن الملمح البارز فيها يتمثل في طريقة سرد الأحداث وتكوين الصور،

- فأسلوب الروائي هو الذي يجعلنا ندخل عالمه ويقربنا مما يريد ان يبثه من دلالات،

- فهو يعمد الى رصد المظاهر الخارجية للمشاهد باقتصاد لغوي شديد، في جمل فعلية متلاحقة، تنشىء حركات منتظمة للمرئيات، وتعزف عن التوغل في دواخل الشخوص والمواقف،

- لا يسرف في التعليق ولا يتبرع بشرح ما لا يلزم، يكفيه ان يرقب بعين الكاميرا اللاقطة ما يحدث، ناطقاً بوصف موجز ضروري لفهم المشهد.

- ومع أنه لا يستخدم ضمير المتكلم المفرد، ولا ضمير الجماعة المتحدثة إلا نادراً، ويختفي دائماً حول ضمير الغائب (الراوي) فإنه لا يبدو في وضع العليم ببواطن الأمور، لا يعتمد على الراوي الذي يعرف السرائر والمصائر، بل لا يكاد يتشخص أو يتعين، فالكاتب ليس هناك، بل الآخرون هم الذين يشهدون ويراقبون، وتبدو الرواية كأنها (تنكتب أمامنا دون راوٍ مسيطر فأفعال المضارعة تجعل المشاهد تتوالى وهي تحدث دون أن تنعكس لتصوير المتحدث ذاته،

- هذا المشهد المرسوم المتحرك لا يكاد يتجاوز سطح الأشياء إلا بلمسة خفيفة عندما يعمد الى تفسير الحركة بأنها نتيجة للتعب والشوق للأرض، أو يصنف إيقاعها بأنه ليس متعجلاً

-وفيما عدا ذلك فنحن حيال كلمات شديدة القابلية للترجمة الحرفية الى منظور تشكيلي في متواليات مرئية لسيناريو متواصل، ومع أنه يصف الأشياء والأشخاص إلا ان طريقة الوصف تختلف تماماً عما عهدناه في القص التقليدي، فهو يؤثر تكوين الصور الخارجية مكتفياً بالاشارة السريعة الشارحة غير الشخصية.

- وإذا كان أسلوب محمد البساطي يعتمد «الأسلوب السينمائي» على طريقة الستينيات مثل ابراهيم اصلان وصنع الله ابراهيم فإن محمد البساطي يمارسه بطريقة خاصةً تكاد تخلو من الانحياز الأيديولوجي لعصر معين،

- انه صارم في طريقة تشكيله للواقع المتباعد عن الزبد السياسي المباشر، فهو يحاول الغوص في أعماق الحياة، بعيداً عن التيارات القريبة عن طريق هذه التقنية اللا شخصية المحايدة، وليس معنى ذلك ان كتاباته خالية من الدلالة السياسية، بل هي تطمح الى تصوير القوى الكامنة خلف أمواج السياسة، تطمح الى التصوير المكثف لكيفية تخلق حيوات الناس وتشكل مصائرهم.

- في فصل آخر بعنوان «النواة» نرى كيفية تولد الكلام المنطوق بالحوار من قبل الوصف السينمائي الخارجي ذاته والاقتصاد الشديد في تجسيد العالم دون ميوعة أو خطابية أيديولوجية على الرغم من أنها مفعمة بالدلالة، الى جانب هذا الاتقان التشكيلي والحركي في رسم الصورة ثمة عدد من الاشارات الدالة في السياق،

-الفصل يدور كله حول ما تأتي به النوة من حطام البحر ومخلفات السفن التي برعت امرأة جمعة في التقاطها وتنظيفها وإعادة تشغيلها، مثل الكرسي الهزاز والفانوس والبراد هنا الولع بمخلفات الصناعة الأجنبية هو الذي سوف يحدد مصير جمعة عندما يعثر على صندوق ناطق صغير، تنبعث منه موسيقى وكلمات أجنبية فيؤدي الى استلابه وذهاب عقله افتناناً به، هنا تكتسب النوة ومخلفاتها بعداً رمزياً... فالتقاء العوالم لا يتم في مناخ تفاعل صحي خصب، وانما هو مثل ارتطام العواصف وضرب الأمواج للصخور، تفتتها قبل ان تذوب على أطرافها المدببة، فالوصف هكذا لا يظل خارجاً الى النهاية، بل سرعان ما ينتج دلالته عندما يقيم القارىء مفارقاته ويستخلص مغزاه.

قديم 03-28-2015, 04:02 PM
المشاركة 1328
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ....
والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 90- صخب البحيرة محمد البساطي مصر



- أغزر كتاب الستينات في مصر ما زال قادراً على الإدهاش

من مقال بقلم : عبد النبي فرج

- يكاد يكون حصار الإنسان وعزلته هو الفضاء الروائي الذي تدور فيه أعمال محمد البساطي، فهو مغرم بهذه التقنية، لأنها، على حد قوله، تجعله يرى شخوصه من الداخل.

- البساطي الذي يعد أغزر كتاب الستينات في مصر إنتاجا، ما زال قادرا على إثارة الدهشة والتساؤل في كتاباته.

- أسلوبه السلس الممتع، مسكون دائماً برائحة شفيفة للمكان. وهي رائحة خاصة لم تراكمها الجغرافيا، بل راكمتها خبرة الكتابة والحياة والسنين.

- في رده على سؤال : >ما العوامل الحياتية التي أثرت في تكوين الروائي محمد البساطي؟ يقول :
- رغم أنني عشت حياة عادية إلا أن الذي تميزت به حياتي هو الانتقال المستمر في الجغرافيا. فقد ولدت في محافظة الشرقية، ثم انتقلت إلى محافظة الدقهلية، وهناك كانت الصدفة السعيدة أن بيتنا كان يطل على بحيرة المنزلة؛ فكانت هذه المنطقة تمثل حالة فريدة بالنسبة لي، بسبب جزرها التي تعيش عليها عائلات صغيرة موردها الأساسي تربية الماشية وصيد الأسماك. وكان نمط الحياة بين هؤلاء البشر مليئا بالدفء والحميمية، رغم ظروف الحياة الصعبة. بعد ذلك نزحنا إلى القاهرة للتعليم، كان عملي في الجهاز المركزي للمحاسبات، في مجال التفتيش على الوحدات المالية للحكومة. وهذا أتاح لي أن أجوب كل نواحي مصر، ومن ضمن الأماكن التي كان عليَّ أن أزورها مصلحة السجون، لذلك كتبت مجموعة قصصية عن عالم السجن، تتضمن خمس عشرة قصة. والسجن يوجد في بعض المشاهد من رواياتي، وكتبت أيضا عنه في رواية «التاجر والنقاش». هذا الانتقال المتعدد ساعدني على وصف الأمكنة والشخوص، خاصة التي من بيئات معينة لا يستطيع الخيال وحده أن يستحضرها.
وفي رده على سؤال : >منطقة الجزر هذه كانت موضوع روايتك «صخب البحيرة» كيف ترى هذا العالم الآن كما صورته في هذه الرواية؟
- رواية «صخب البحيرة « عن عزلة الإنسان، فشخوصها يعيشون في عزلة ويحملون سمات الإنسان المعزول. وتوجد حكاية طريفة لم أروها، وهي أن كل شاب يتزوج، ينتقل إلى جزيرة أخرى مجاورة، ويصبح في عزلة مضاعفة.

- المؤثر الآخر في هذه الرواية هو الحروب التي عاشتها مصر، وكانت بلدنا الخط الثاني في الصدام مع إسرائيل بعد الخط الأول وهو بورسعيد والسويس والاسماعيلية؛ ولذلك كان الخط الثاني هو الملجأ لنزوح أهالي مدن القناة.

>وفي رده غلى سؤال : المهجرون أيضاً كانوا موضوعاً لرواية «بيوت وراء الأشجار»، وهذا يثير سؤالاً حول دور الواقع المباشر في أعمال البساطي؟ يقول :
- بالنسبة لي الواقع هو المثير الأول في الكتابة الروائية، وأنا ما زلت أحمل داخلي خزينا من التجارب الإنسانية المتنوعة.
وفي رده على سؤال : > الايروتيكا تمثل هاجسا ملحاً لشخوص رواياتك الأخيرة. هل توافقني على هذا الرأي؟
يقول :
- «الإيروتيكا» ليست مقحمة في الرواية وهذا هو المهم. فرواية «فردوس» تحكي عن شخصية حقيقية عايشتها في البلد عن قرب. أما «ليال أخرى» فهي عن شخصية أعرفها، أصور من خلالها تداعيات فترة سلبية في تاريخ مصر. وهي فترة «السادات» لأنني كرهت هذا العصر أشد الكراهية. «الإيروتيكا» هنا ليست لذاتها ولكنها حالة، تضيف للنص ـ وتمنحه مجالات إدراك جديدة. وأنا أعتبر عندما تكتب «الإيروتيكا» معزولة لذاتها يتحول الأدب إلى أدب تافه، وهناك نماذج كثيرة على ذلك. كما هناك روايات من الأدب العالمي كانت بها «الإيروتيكا» عالية وكثيفة، وتشعر بأنها ضرورية للعمل الأدبي.

>وفي رده على سؤال : الحوار يمثل قيمة جوهرية في أعمالك منذ رواية «التاجر والنقاش»، فيما تتراجع أحيانا مقومات حديثة للسرد.. كيف ترى ذلك؟ يقول :
- الحوار قادر على تكثيف الجوانب الشخصية أكثر من السرد، خاصة أن الحوار أكثر حيوية وحياداً، كما إنه يعبر عن الأفكار التي يراد لها أن تصل مباشرة إلى القارئ.

--------
> البعض أشار إلى رواية «صخب البحيرة» باعتبارها رواية غامضة هل تتفق مع هذا الأمر؟
- البعض أشار بأنها غامضة والبعض الآخر لم يعتبرها كذلك، فلكل رواية خصوصية، كما أن الشرح يضر أحيانا بالعمل الأدبي.
> روايتك الأخيرة «جوع» هل هي تعبير عن الوضع القائم؟
- نحن نعيش حالة انهيار يتجسد فيها الجوع بشدة ورأيت أن أفضل ما يكتب للتعبير عن هذه الحالة، هو الجوع الذي تعيشه أسرة مصرية، وكم البؤس الانساني الذي يغلف حياتها.
> أنت محظوظ نقديا، تابع أعمالك كبار النقاد المصريين وغيرهم، وترجم معظمها إلى عدة لغات. هل تتفق مع الرأي الذي يذهب إلى أن المكان هو الفاعل الأول والذي يحدد ويحرك مصائر الشخوص في معظم الأحيان. ألا تشعر أن هذه التقنية أصبحت مجرد نمط قالبي يجب كسره والتمرد عليه؟
- نعم أنا محظوظ نقدياً، وراض تماما عن ذلك. وأتفق معك ان الشخصيات في أعمالي تطبع بطابع المكان وتتشربه، فأناس، مثلا، يعيشون في جزر منفصلة، ولم تتح لهم الحياة الاختلاط بالمدن والحياة المعاصرة، كيف يفلتون من حصار المكان؟ الجغرافيا تصنع البشر، ولذلك رواية «صخب البحيرة» هي رواية المكان بامتياز، وانعكس ذلك على حياة الشخوص التي وسمت بالعزلة. وما زلت أشعر أن المكان لم يستنفد مخزونه الإنساني، وأنا لا أتعامل معه كمجرد إناء، بل كحامل دائم لخبرة ومسيرة بشر في الحياة والتاريخ. ومن هنا يفرض المكان تطوره، بل روحه الخاصة من عمل إلى آخر.
> من الملاحظ أنك مغرم بحصار الشخوص في أماكن نائية.
- بالفعل أنا مغرم بحصار الشخصية في بعض الروايات، بسبب رغبتي في معرفة كيف تكتشف العالم حولها وتواجه مصيرها ومأزقها الإنساني في حيز بسيط ومحدود. أحب أن أنوه بأن الغرام بهذا الحصار ليس محض حالة سيكولوجية وإنما هو نتاج طبيعي لعلاقة الشخصية بواقعها. وهذا ما تلاحظه مثلا في رواية «فردوس». فالقصة مستمدة من الواقع، ناهيك عن أن العزلة تكشف عن المخزون الروحي للشخصية، فصراعها أساسا يبدو مع ذاتها.

وقد انعكس ذلك على قصصي القصيرة، فالكثير منها غارق في تهاويم شعرية ويغيب الموضوع ، ونحن نجد الكثير من القصص العالمية الممتازة بلا مضمون، وتكتفي بلمسة حزن، أو مودة. وأعتقد أن الكثير من قصص تشيكوف هي كذلك.
> أيضا أنت مغرم بأن تدور القصص والروايات في الليل حتى انه لديك أعمال بعناوين: «أصوات الليل» و«ساعة مغرب» و«ضوء خفيف»؟
- لليل إيقاع خاص في نفسي، وهو يساعدني في أن أضفي لمسة من السحر والشعر على الواقع المباشر، والتخفيف كثيراً من تجهمه وقسوته.
>هل تتفق معي أن جيل الستينات هو أول من انفصل عن القارئ العام، وشجع على ذلك النخبة السياسية، بل فتحت لكم مؤسساتها للنشر والعمل؟
- لا أنا أختلف معك في ذلك. جيل الستينات في بداية المد الثوري الذي قاده عبد الناصر، كان ناقدا بشدة للتجاوزات الثورية من إجهاض للديمقراطية واستبداد الدكتاتورية. كان جيل الستينات صاحب الصوت العالي، ولذلك لفت الانتباه بشدة. سنجد ذلك مجسداً بقوة، في كتابات صنع الله إبراهيم والغيطانى وأصلان ويحيي الطاهر، وعبد الحكيم قاسم، وهم فرسان هذا الجيل مما أجبر المؤسسة أن تنشر لنا، وتفيد من خبراتنا.
> لكن ذلك النشر كان في طبعات محدودة، وتم حصاره في أماكن مغلقة؟
- محدودية التوزيع لم تكن قاصرة على جيل الستينات، فنجيب محفوظ كان يحكى في جلساته بمقهى ريش عن ضآلة توزيع أعمالة التي لا تطبع سوى 300 نسخة، ويوزع منها القليل. واللذان كانا يوزعان جيداً، في ذلك الوقت، هما إحسان عبد القدوس ويوسف السباعي. أي أن الكتابات الرومانسية هي التي كانت تشد القارئ كثيراً، وليست الكتابات المهمة الممتلئة بالهموم.
> لكن البعض يرى أن السبب هو تأثر جيل الستينات بالأدب الأوروبى، خاصة تيار الاغتراب والتشظي والعدمية. هذا كان له ما يبرره في دول فقدت ملايين القتلى في الحرب العالمية الأولى والثانية، وتم استيراد هذا النموذج الغربي، الذي لم تخرجنا منه سوى الواقعية السحرية الآتية من أمريكا اللاتينية.
- بالعكس... الميزة الأساسية لجيل الستينات، انه ابتعد عن التأثر بالغرب، ولكنة استفاد من تقنيات الكتابة لدى كبار كتابهم، وهذه مسألة مشروعة لأن الفن كوني. بل إن جيل الستينات كان ملتصقا بالشارع وهموم الوطن. فحينما كتب صنع الله روايته «تلك الرائحة» كان يكتب عذابات الإنسان في المعتقلات التي كانت مفتوحة على اتساعها في عهد عبد الناصر، برغم انجازاته الكبيرة. وستجد قصة لي اسمها «المقشرة» تدور حول تعذيب المساجين داخل المعتقلات. مات المناضل شهدي عطية الشافعي داخل السجن في أيام عبد الناصر، وكذلك في أعمال يحيي الطاهر تجد الهم الفلسطيني، مجسداً في واقع يومي شديد الصعوبة.
> كيف ترى رواية السيرة الذاتية التي انتشرت في الفترة الأخيرة؟
- بعض النقاد قالوا إن هذا الجيل مستغرق في ذاته، ولكنه كلام عام وفضفاض. حتى لو كانت الرواية سيرة ذاتية، فالمهم ما تطرحه من قضايا الكتابة. الشاعر المصري أسامة الديناصوري كتب سيرة ذاتية اسمها «كلبي الهرم» جاءت غاية في الجمال، وكشفت الصعوبات التي يعيشها الإنسان المصري. ولا ننسى لطيفة الزيات وعملها «أوراق شخصية»، وهي سيرة ذاتية من أجمل ما كتب، وقد قرأتها كرواية كاملة لا كسيرة ذاتية.

قديم 03-29-2015, 01:28 PM
المشاركة 1329
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية 91- السائرون نياما سعد مكاوي مصر


- وُلد سعد مكاوى (1916 ــ 1985) بقرية الدلاتون بمحافظة المنوفية. أنهى دراسته الثانوية بالقاهرة، ثم سافر إلى فرنسا ليلتحق بجامعة السوربون. ثم أصبح أحد كتاب جريدة المصرى لسان حال حزب الوفد. واشتهر ككاتب للقصة والرواية والمسرح.

- أشهرُ روايات القاص الكبير سعد مكاوى،

- تتناول الثلاثين عامًا الأخيرة من حكم المماليك فى قالب شيِّق جذاب.

- رأى فيها بعضُ النقاد أنها إسقاط مباشر على الضباط الأحرار وصراعاتهم وعلاقتهم بالشعب.

- وقد نُشرت هذه الرواية عام 1963 فكانت من أوائل الأعمال التى وظفتْ التراث.

- احدهم قال عنها : "هكذا يُكتب التراث روائياً. من أجمل ما قرأت في حياتي. منذ ثلاثية غرطانة لم تسحرني رواية تاريخية مثلما فعلت السائرون نياماً".

- الرواية مقسمة لثلاثة أجزاء ونسج بهم سعد مكاوي عشرات الشخصيات والأماكن في سحر جذاب يجعلك تفغر فاك في دهشة سائلاً كيف أمكنه الإمساك بتلابيب هذه الشخصيات وبحكاياتهم وبجمعهم معاً بهذا الأسلوب والبيان الأخاذ.

- الرواية تحكي الثلاثين عاماً الأخيرة لحكم المماليك، وقيل أن بها إسقاط واضح على الضباط الأشرار وصراعهم بعضهم بعضا.. لكنك تجد أن حالهم لا يختلف كثيراً عن الزبانية الذين أحاطوا بالرئيس المخلوع.

- ستغوص في البلاط السلطاني وقت المماليك.. ستعرف كيف أن المملوك يظل بلا كرامة وإن صار ملكاً.

- ستعرف كم الفساد الذي سيطر على هذه الحقبة الزمنية.

- وأيضاً الشعب المغلوب على أمره، الذي دُهس بالأقدام، وسبيت منه النساء، وعُومل بالكرباج.. رغم أن كل همه كان لقمة يأكلها.

- ألفاظ سعد مكاوي وأسلوبه يأخذوك منذ الكلمة الأولى بأسطورية لهذا العالم..

- تعيش بداخله وتحيا وسط المسميات المملوكية، حيث أتابك العسكر وبيت المال والمتلزم والسخرة.

- صراع وتناحر وقتل. اعتداءات ومرض وموت. دروشة وخرافات و... مدد! مدد. أيعقل ألا يكون المماليك أضافوا أي قيمة لمصر طول مدة حكمهم؟

- لغة جميلة وتصوير راق حتى للاعتداءات المذكورة

- يقول احدهم " لا أدري...أهو حبي الشديد للروايات التاريخية...أم براعة ذلك العمل الأدبي للقاص سعد مكاوي ؟... الذي جعلني أعيش ليالي قلعة الجبل..أدخل مخادع سلاطينها...أسمع همس الجواري فيها..و صرخات المساجين في أقبيتها...أتجول في القاهرة المنكوبة أبان تلك الفترة...أشم روائح الجثث المصلوبة..ثم أطير لقرى الفلاحين المقهورين....لأرى كيف تكون كسرة الخبز هي الطلب الوحيد...و أسمع صوت كسر عظام البسطاء في مطحنة الحياة...

- ويسأل آخر " كيف أبدع سعد مكاوي هكذا..في انتقاءه للألفاظ...و تراكيب العبارات...كيف أستخدم اللغة التي تعود بك كل لفظة فيها إلى مكانها الأصلي...لغة أهل حواري القاهرة و قرى الفلاحين و امراء الجركس و مجاذيب الأولياء....عمل ادبي شديد التميز...

- القارئ للتاريخ لن يعدم الأسقاطات الواضحة لهذة الرواية...عهد أنقلاب العسكر في 1952....و طحن الشعب في سبيل رغباتهم..و تحول سلطان اليوم إلى مسجون و ذبيح الغد....هذا الكم الهائل من المتلصصين و البصاصين و الجواسيس...حتى يظن المرء أن الأخ يبلغ عن اخيه ...فيأتي بالجذور التاريخية للبوليس السياسي و جهاز امن الدولة...أيضا ثورة يناير...و صراع القوى المستمر الذي لا رحمة فيه....

- رأيت فيها أسقاطاً على أحداث الامن المركزي 1986...على الرغم من أن الرواية كتبت قبلها بما يزيد عن العشرين سنة...و من هنا تبرز عبقرية هذا العمل....التي تتجدد أسقاطاته بتوالى الأحداث...

- ويصف الرواية آخر بالقول " عمل روائي تاريخي عبقري.

- استمتعت جدا في العيش في تفاصيل الحياة في الفترة التاريخية من 1468 الي 1499 ، حوالي ثلاثين عام من فترة حكم المماليك .. مابين الردهات و القاعات و الغرف المغقلة و اعماق السجون في القصر السلطاني .. و بين ازقة (حارة الحمام) و بيوتها العطنة و و المدن المصرية ببوابتها العملاقة التي تغلق علي ساكبنها طوال اللليل و المقاهي و الكتاتيب و واقبية المجاذيب و البهاليل.. وبين الريف في (ميت جيهنة) المٌغتصب خيره و ارضه وفلاحية.

- الاحداث المتوالية و ترابطها و متابعة ما يحدث لعشرات الشخصيات المؤثرة ما بين القصور و الحارة و الريف لم تخلوا من التشويق والمواقف الغير متوقعة و الكشف عن مفاجأت حتي اخر القصة.

- في نظري الكتاب موسوعة في الالفاظ و المسميات القديمة في هذا العصر كما انه يصف بدقة تفاصيل المعيشة .

- قراءة القصة اليوم بعد المرور باحداث ثورة يناير قد يبين مدي تشابه الحياة المصرية عبر الاجيال منذ قديم الازل .


قديم 03-29-2015, 02:06 PM
المشاركة 1330
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ...

والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية 91- السائرون نياما سعد مكاوي مصر

- السائرون نياما ( عزة ) بدأ سعد مكاوي (1985-1916) نشر رواية السائرون نياما في يناير 1963 في جريدة الجمهورية لسان حال الثورة في ذلك الوقت ، في عز المجد الاشتراكي بعد صدور قوانين يوليو الاشتراكية وكتاب الميثاق ،

- ثم ظهرت الرواية في كتاب لأول مرة في مايو عام 1965 والعجيب ألا يتعرض أحد للرواية بالنقد أو المدح أو الذم كما هو الحال عندما يظهر عمل جديد ,

- ويبدو أن الكاتب أصيب بإحباط شديد من جراء ذلك , فلم يعد إلي كتابة الرواية إلا بعد ما يقرب من خمسة عشر عاما , إذ بدأ نشر رواية تاريخية أيضا بعنوان الكرباج في الأهرام عام 1979 ,

- ثم ظهرت في كتاب عن دار شهدي عام 1984 , ثم رواية \" لا تسقني وحدي\" وهي تعتمد علي التاريخ أيضا , لكن الروايتين لم تكونا في مستوي رواية السائرون نياما .

- ظهرت بعد السائرون نياما روايات تاريخية أخري للغيطاني ونجيب محفوظ ومجيد طوبيا وفتحي إمبابي وغيرهم وكلها روايات متميزة إلا أنه تبقي رواية السائرون نياما علامة بارزة في تاريخ الرواية المصرية عامة وتاريخ إبداع سعد مكاوي خاصة ,

- وقد بدأ التنبه إلى أهمية الرواية في السنوات الأخيرة فأعيد طبعها عدة مرات ، كان آخرها العام الماضي عن المجلس الأعلى للثقافة .

- وقد حدد لنا الكاتب الفترة التاريخية التي اعتمد عليها في بناء روايته فكتب في صدر الرواية يقول : \"الفترة التاريخية التي تدور فيها أحداث هذه القصة لاتكاد تتجاوز ثلاثين سنة (1468 – 1499) من عصر سلطنة المماليك التي حكمت تاريخ مصروالشرق 267 سنة \"(44) ويبرز السؤال : لماذا التاريخ المملوكي بالذات ؟

- ولماذا الاعتماد على الفترات المضطربة منه؟ وقبل الإجابة على هذا السؤال ذي الشقين أشير فقط إلى عبارة \"جون بويون\" المشهورة ؛ إذ تمثل وحدها نصف الإجابة ، يقول \" الشعوب السعيدة لا تاريخ لها\"(45) ،

- رجع سعد مكاوي إلى التاريخ المملوكي– حيث القهر والظلم والاستبداد الواقع على الشعب من جانب الحكام ومن ثم أعوانهم ، وحيث الانفصال الحاد بين السلطان والرعية فالحكام أجانب لا يتكلمون لغة الشعب فلم \"يتعلموا قط اللغة العربية واستمروا طبقة متميزة تماماً عن السكان المحليين \"(46) . ومفروضون عليهم ، لم يأتوا باختيارهم

- ولعل الرجوع إلى المصادر التاريخية وبالذات التي تناولت هذه الفترة يغنينا عن عرض مساوئ الحكم المملوكي، والمعاناة والظلم والقهر الذي تكبده الشعب المصري تحت ظلال هذا الحكم

- ونعود إلى السؤال الذي طرحناه مرة أخرى بشكل أساسي لنجد ذلك التشابه بين الفترة التاريخية التي تدور فيها أحداث الرواية وبين الواقع المعيشي الذي يكتب فيه الكاتب روايته .

- إن الرسالة واضحة في \"السائرون نياما\" فهذا الشعب السائر كالنائم محكوم بالقهر والظلم والاستبداد من قبل سلطة العسكر المستبدة ولذلك لابد من مقاومة هذا الظلم والقهر ولابد أيضا من خلع هذه السلطة المستبدة التي لا تمت للشعب بصلة ، فهي في حكم الأجنبي الذي لا يتحدث لغة الشعب صاحب الأرض والتاريخ ،

- إن مثل هذه الرسالة الجادة لا يمكن أن تقال بشكل مباشر ، من هنا كان اللجوء إلى التاريخ والرمز ، ومع ذلك فُهمت الرسالة جيدا،

- ومن هنا يمكن تفسير التعتيم الذي ران على الرواية ، فكاد يدفعها إلى قاع الظلمات .

- والواقع أن قيمة رواية \" السائرون نياما \" لا تنبع من رسالتها المشار إليها فحسب، ولكن قيمتها الحقيقية في إحكام بنائها السردي وتشكيلها الجمالي ،

- فقد حشد المؤلف في هذه الرواية جُل طاقته الفنية لتخرج لنا رواية كاملة الأوصاف على حد قول أستاذنا المرحوم على الراعي

- اعتمد الكاتب في بناء الرواية على ما يسمى بالبناء المتوازي ، وهو نمط من البناء ، تقسم أحداث الرواية على عدة محاور ، تتوازى في زمن وقوعها ،ولكن أماكن وقوعها تكون متباعدة نسبياً ، ولكل محور شخصياته الخاصة بها ، تنمو وتتطور إلى أن تلتقي في خاتمة الرواية، وربما تظل معلقة دون لقاء،

- وهذا البناء بالإضافة إلى إسقاط فترة طويلة من الأحداث على المستوى التاريخي ( يسقط سعد مكاوي تسعا وعشرين عاما من الأحداث التاريخية الحقيقة للفترة التي حددها في صدر الرواية ) مكنا الكاتب من إحكام بناء الرواية مما ساعد بالضرورة على توصيل رؤية الكاتب .

- ففي الرواية تتوازى الأحداث في ثلاثة محاور أساسية تؤلف بإجمالها حدث الرواية الرئيسي : المحور الأول يرتبط بالمماليك والسلاطين وما يدور في فلكهم من شخصيات داخل القلعة وخارجها .

- والمحور الثاني يرتبط بالشخصيات الشعبية وهو يختلف عن المحور السابق المرتبط مكانيا بالقاهرة فقط ، وبخاصة القلعة ، في أنة يجمع بين مكانيين متباعدين هما : القاهرة وميت جهينة ،

- بمعنى آخر المدينة و القرية ، مما يشي بدلالة وحدة الشعب وتماسك الشخصيات المؤلفة لهذا المحور ، يؤكد ذلك وقوف شخصيات أخرى من الصعيد بجوار أهل \"ميت جهينة\" والقاهرة في صراعهم مع آل حمزة .

- أما المحور الثالث فيرتبط بشخصية \"حمزة\" الكبير وابنه\"إدريس\" وحفيده من بعدهما الذين يمثلون الطبقة البرجوازية ( أعوان السلطة ) بكل قيمها ومثلها الاجتماعية والمادية , فى مواجهةالشعب في القرية .

- ويتجلى تماسك البناء في الرواية من خلال المحور الثاني الذي يمثل حلقة الوصل بين المحورين الأول والثالث ، ثم من خلال تفاعل شخصيات كل محور على حدة ، لتكون بنيتها الخاصة المتماسكة في حد ذاتها،

- إذا تتصارع شخصيات كل محور مع بعضها البعض، كما سنرى من خلال الأحداث .

- يقسم \"سعد مكاوي\" روايته إلى ثلاثة أجزاء ، ويعطى لكل جزء اسما خاصا به هي على الترتيب ( الطاووس – الطاعون – الطاحون ) ,

- وهى معادلة منطقية جداً فإذا انتشر الظلم و السلب والنهب ، وتمتعت فئة صغيرة وعاشت متخمة برفاهيتها فهي كا (الطاووس) . وإذا استشرى الفقر وعم وعاشت فيه الغالبية العظمى البائسة وتلظت على نيرانه فهي كا (الطاعون) ، وحتى إذا استمرت هذه الأوضاع لمدة ثلاثين عاما ، فلا بد أن تتقلب وتتغير الأحوال ، وحين يفيض الكيل بالمطحونين ينطلقوا من (الطاحون) إلى الثورة\" (47) .

- ويتشكل البناء في الرواية من خلال صراع المحور الثاني الذي يمثله الشعب مع محوري الرواية الآخرين اللذين يمثلان السلطة وأعوانها، وذلك على مستويين , المستوى الأول : السلطان / الرعية ، والمستوى الثاني : الصراع الطبقي بين الطبقة العاملة (العمال في القاهرة والفلاحين في ميتجهيئة) وبين الطبقة البرجوازية التي يمثلها آل حمزة .

- وبذلك يتشعب الصراع ويحتدم مما يثرى العمل درامياً ، ويعطيه حيوية متدفقة تجعل الرواية نابضة بالحياة ، زاخرة بالقيم الإنسانية والروحية .

- إن هذه الأحداث في مجملها تفرز لنا شخصيات تتجلى في هسمات الشخصية المصرية في تعاونها وتآلفها ورفضها للظلم وحرصها على كرامتها وعلى أرضها وشرفها ، إنها في الأخير تصهر الشعب في بوتقة واحدة ، ليندفع في ثورة عاتية ضد الملتزم في ميت جهينة الذي يرمز إلى السلطة الحاكمة ، فيفتحون صوامع الغلال ويستولون عليها : ـ فتحناها فتحناها !… ـ صوامعنا ! … ـ كله من فضلة خيركم ! ... ـإرادة الله فيكم ! ... ـ أبشر يا ساكن الجميزة ! ... (48) .

- وإذا كانت هذه الأحداث أبرزت الشخصية المصرية وحسم الصراع فيها للشعب على السلطة والطبقة المعاونة لها الممثلة في آل حمزة ، فإن سعد مكاوي أقام ما يمكن تسميته بناء رمزيا متوازيا ونابعا في ذات الوقت من هذا البناء الظاهر القائم على الصراع المباشر بين الشعب والسلطة ،

- وهذا البناء الرمزي يتمثل في شخصية عزة أخت خالد التي اختطفها المماليك وهي عارية من حمام النساء .

- لقد كان خطف عزة الشرارة التي أشعلت الصراع الكامن بين الشعب والسلطة في القاهرة .

- لقد وسع المؤلف من دلالة الشخصية لتأخذ بعدا رمزيا واسعا إذ تصير عزة معادلة لمصر كلها من شمالها إلى جنوبها ، وثمة إشارات عديدة داخل النص تؤكد ذلك ،

- وقد جاءت أول إشارة على لسان الشيخة زليخة ذات البصر والبصيرة : ـلنعترف في هذا النهار الأسود أن عزة ضاعت ! حاول أيوب مرة أخرى أن يلطف من مرارةالحقيقة : ـ لله عاقبة الأمور ، فلا تقل هذا الكلام يا ولدي فتناول خالد بين يديه مقرعة المجذوبة : ـ وهل عندي كلام غير هذا أقوله ؟ .. ومع ذلك فإني لا يهمني الآنأن تكون عزة حية أو ميتة .. لا يهمني ألا أراها بعد اليوم أو أن يعيدها إلى أحدخرقة مهلهلة .. عزة انتهت ولن أقول بعد اليوم إنه لابد لي من عزة .. اليوم لابد ليمن شيء واحد هو الانتقام أليس هذا هو الحق يا شيختنا ؟ قبلت زليخة رأسه وهي تحنوعليه بصوتها الرقيق الطيب : ـ أينما تولى وجهك فثم وجه عزة ، يداها في البحر المالحوقدماها في أرض الصعيد وملء البر أنفاسها الطاهرة \" (49) .

- الرمز واضح هنا يداها فرعي النيل دمياط ورشيد وقدماها امتداد النيل من الجنوب إلى الشمال ، إنها مصر كلها، من الجنوب إلى الشمال ،

- إنها رؤية الشيخة زليخة ذات البصيرة الحادة ، وقد آمن خالد بهذه الرؤية ، ولذلك ينضم فيما بعد إلى أهل ميت جهينة من الفلاحين للثورة على آل حمزة ، وذلك لأن جزءا من عزة بالقطع موجود في ميت جهينة .

- وهكذا تتحول عزة إلى ذكرى مؤلمة وفي ذات الوقت دافعة الثوار للانتقام وخاصة خالد أخي عزة ، فنراه في ميت جهينة بعد اختطاف عزة شاردا بين رفيقيه بجوار حائط الطاحون : \"وقال عيسى للفتى المهموم وهو يخطف العود اليابس من يده : ـ صل على كامل النور يا رجل شقت صدر خالدتنهيدة موجعة وهو ينظر في عيون رفيقيه : ـ عزة الآن في كل مكان ، يداها في البحرالمالح وقدماها في أرض الصعيد وملء البر أنفاسها ، هكذا قالت لي ستنا زليخة وهيتودعني وهكذا أرى الآن أختي الحبيبة عزة \"(50)

- وستكرر هذه العبارة على امتداد الرواية فتكون بمثابة التميمة في رقبة الثوار في ميت جهينة .

- وإذا كانت عزة خطفت وضاعت ، فإن شخصية \"فاطمة\" زوجة غالب في ميت جهينة تعد امتداد لشخصية عزة ولا أقول بديلا حيث يصل بها المؤلف إلى مستوى الرمز أيضا ، فهي بصورة أخرى مصر المغتصبة على المستويين الواقعي والرمزي ،

- لذلك ينظر إليها خالد وكأنه يرى عزة : \" وعلى البعد كانت فاطمة تبدو لعين خالد جميلة وهانئة بحمى عريسها .. وعلى صورتها والنسيم يعبث بطرحتها تخايلت له صورة عزة بكل شبابها اليانع عروساً وسعيدة بالحب … لكن لا ! عزة فى السماء وفى كل مكان ! نعم يا ست الشيخة نعم ! عزة يداها فى البحر المالحوقدماها فى أرض الصعيد وملئ البر أنفاسها الطاهرة \".(51) وفاطمة هذه فتاة ريفيةجميلة زوجة غالب يراقبها ويتحرش بها إدريس ابن الملتزم الكبير حمزة مما جعل زوجهاغالب ينبهها إلى ذلك : \"- يا بلهاء … الفراخ حجة حتى يكلمك ! ألم تفهمي ؟\"(52)

- وبالفعل يزول هذا البله، خاصة بعد أن ينالها إدريس رغم أنها تكون المرة الأولى والأخيرة ،ويكون ثمرة هذا الاغتصاب الفتى \"محمد\" ابن غالب والمؤلف يجعل من هذا الاغتصاب سببا لقوة الشخصية لا لضعفها ، لأن فاطمة تظل بعد ذلك المرأة القوية لا ينالها الخور والضعف ، وكأن الاغتصاب جاء بمثابة سلاح تقف به في وجه الملتزم ، وهو ما استغله المؤلف ،

- إذ يقوم \"محمد\" ومعه \" نور\" ابنة محسنة التى كانت ثمرةاغتصاب حقيقي أيضا لمحسنة بقتل أبيهما إدريس في ختام الرواية فمن غرس هذه الأرض المغتصبة تنبع الثورة ويتحقق الانتقام الذي حلم به خالد لأخته عزة / مصر .

- بقي أن أشير إلى أن سعد مكاوي استفاد من خبرته الكبيرة ومعايشته للريف المصري حيث قضى جزءامن حياته في قرية الدلاتون ليصور لنا بعمق المرأة المصرية الريفية والفلاح المصري على حقيقته ، لا أقول مثله في ذلك مثل عبد الرحمن الشرقاوي في الأرض ولكن لسابق كتابته عن الريف في مجموعاته القصصية القصيرة \"الماء العكر: وغيرها ،

- فهو في الواقع من الرواد الذين كتبوا بعمق وصدق عن الريف وهذه الرواية التاريخية التي بينأيدينا تعد درة إنتاجه الأدبي


من مقال بقلم د محمد عبد الحليم غنيم


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 32 ( الأعضاء 0 والزوار 32)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2483 09-23-2019 02:12 PM
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 523 09-09-2018 03:59 PM
اعظم 100 كتاب في التاريخ: ما سر هذه العظمة؟- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 413 12-09-2015 01:15 PM
القديسون واليتم: ما نسبة الايتام من بين القديسين؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 18 08-22-2012 12:25 PM

الساعة الآن 08:46 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.