قديم 01-29-2014, 10:35 AM
المشاركة 11
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
- هل فصل الدين عن الدولة هو سر التقدم ؟
- الم تكن اوروبا في ظلام العصور الوسطى حينما كانت الكنيسة هي المسيطرة؟
- الم تحكم الكنيسة على المفكرين والمبدعين امثال كوبرنيكس وجاليلو بالاعدام؟

قديم 01-30-2014, 01:27 AM
المشاركة 12
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هل الرأسمالية سر التقدم المهول؟


لا أعتقد أن الرأسمالية هي سر التقدم كنظام اقتصادي ، فالرأسمالية في الأصل ما هي إلا إقطاعية وتسلط رأس المال و امتلاك وسائل الإنتاج ، وتؤمن بالاستعباد الاقتصادي والتحكم في أرزاق العباد ، فهي في الأصل نظام ديكتاتوري تستبيح الشخص كفرد و تستبيح الدول الضعيفة وتؤمن بالاحتكار ، احتكار المعرفة و احتكار التكنولوجيا ، وكلها تمت صياغتها بطرق التفافية ، كحقوق الملكية وبراءة الاختراع وغيرها . فحتى مفهوم الحرية على أساس أن حرية الفرد تنتهي عند حرية الآخر ، هي نوع من الحد من المبادرة الحرة ، فحرية الشخصية الذاتية أو المعنوية المالكة لكل شيء لا يجب أن تتطلع إلى حماها وحدودها ، فحرية الطبقة المسحوقة هامش صغير ضيق جدا لا يجب أن تتجاوزه وهو استهلاك منتجات الطبقة المهيمنة ، المالكة لوسائل تربية الذوق ، وتوجيه السلوك و التدجين و الضرب بيد من حديد كل من سولت له نفسه التطاول على سياساتها .
فتقدم الغرب جاء كطفرة في حياة الأمم ، و هو ظهور الآلة ، وتطورها من آلة ميكانيكية إلى إلكترونية ، وهو سبب التقدم ، فحتى الأدب والفلسفة و غيرها من الفنون فهي تكون فقط مصاحبة لتطور حركة رأس المال وامتلاك الأسواق .
أعتقد أن الرأسمالية بجشعها لولا المستعمرات والنهب و احتكار التجارة العالمية لحفرت قبرها بنفسها ، وساهمت الحركة الاشتراكية و الشيوعية بالأساس في انقاذ الرأسمالية من افتراس نفسها ، بابتكار نوع من الحلول و ظهور وسطاء بين الملاك والعمال ، كالنقابات و ممثلي الأمة ، بهؤلاء الوسطاء يتم اسكات ثورات الجياع و المقهورين ، بزرع الآمال الزائفة في الغالب مع بعض الفتات .
من الملاحظ بعد انهيار الشيوعية ، ازدياد الجشع الرأسمالي و تقهقر العديد من مكتسبات العمال ، حتى في الدول الغربية ، فالطبقة العاملة تعاني الأمرين مع كثرة الالتزامات ، واستحواذ شركات التأمين والأبناك وكبريات شركات العقار التي صادرت حياتها بالكامل . أضف إلى ذلك تمييع الذوق والزج بمختلف السلع التي تتقادم بشكل مهول في أزمنة قياسية ، كل هذا في سبيل الاغتناء . فهل الرأسمالية هنا تهتم بالرقي سواء المعرفي أو الوجداني أو التقدم ، كل ما تريده الرأسمالية هو التربع على عرش العالم .

قديم 01-30-2014, 02:04 AM
المشاركة 13
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هل الانحلال الاسري وارتفاع اعداد الايتام والايتام الاجتماعيين والناتج عن الطلاق والام العزباء ثم وما الى ذلك من امور هو سر العبقرية والتقدم في المجتمعات العربية؟


الانحلال الأسري ، ليس أكثر من من التشبع بالفكر الأناني الرأسمالي ، فالرأسمالية بوسائل الدعاية هي من انتهجت أسلوب التفتيت ، والتفريق ، فتجزيء الدول إلى دويلات كمفهوم للمجتمع الكبير ، و تهييج الطائفية و الجماعات الصغرى ، و تفتيت الأسرة ككيان مقاوم ، لأنه كلما كان الفرد وحيدا أحس بوحشة كبرى ، و سهل برمجته و احتواؤه ، لأنه أصلا يحب الحياة الجماعية ، لكن الدعاية تحاول على الدوام أن تحسسه أنه الأقوى في اختياراته الفردية ، لكي تستغل حنينه إلى الجماعة ، وتعويض تلك الحاجات بأشياء أخرى استهلاكية بالأساس ، فيصبح التلفاز صديقه أو الأنترنيت أو رمز من رمز الدعاية ، وهذا ما يسمى بالإستلاب ، أي الانخراط في عالم لا يؤسس فيه الإنسان الهدف ، فالأسرة تعاني من تلك الأنانيات المختلفة وتتفتت و يضمحل عقدها الأسري .
اليتم للشخص ربما كان محفزا على الفعل و ربما كان مدمرا ، الأمر يتعلق بالظروف التي صاحبت اليتيم أثناء التنشئة ، عندما نرجع إلى أوربا بعد الحرب العالمية الثانية التي راح فيها العدد الأكبر من الرجال و النساء و فيها عدد لا متناهي من الأيتام ، فلا أعتقد أن أوربا استطاعت أن ترجع إلى رتبتها العالمية التي انسحبت منها بفعل الحرب ، فالامبراطورية الانجليزية لا تزال تتقلص إلى اليوم ، وكذا الامبراطورية الفرنسية ، أضف إليها حتى الألمانية . فأوربا مجتمعة لم تستطع على مدى الستين سنة أن تنافس أمريكا .
فاليتم ربما له علاقة قوية بالعبقرية الفردية ، واستنهاض قدرات خاصة عند الفرد يستطيع من خلالها رؤية الحياة بشكل آخر ، وبنظرة مغايرة للآخر . لكن التقدم بمعنى أخذ المقدمة بين الشعوب ، لا يمكن اكتسابه من غير مشروع مجدد ، فيه ابتكار . و استغلال فترة فتور حضارة معينة لأخذ مكانها .
الأم العزباء نتاج علاقة حميمية ليست مبنية على الاتزام الأسري ، فالفرد وصل إلى درجة لا يستحلي فيها أن يشترك مع الآخر في حياته ، و عندما يقع الحمل تتعرض المرأة لتغيرات هرمونية تؤثر بنسبة ما على توازنها النفسي ، وهناك تطفح غريزة الأمومة فتحافظ على طفلها ، فالأمر هنا ليس اختيار في الغالب ، بل واقع تحاول النساء التعايش معه .

قديم 01-30-2014, 02:40 AM
المشاركة 14
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هل فصل الدين عن الدولة هو سر التقدم ؟
- الم تكن اوروبا في ظلام العصور الوسطى حينما كانت الكنيسة هي المسيطرة؟
- الم تحكم الكنيسة على المفكرين والمبدعين امثال كوبرنيكس وجاليلو بالاعدام؟



لا أعتقد أن الدين معطل للعلم والتقدم ، فالحضارة الاسلامية تأسست تحت مظلة الدين . فالدين في الأصل ليس ضد العلوم ، كيفما كان نوعها . لكن عندما يسيطر رجال الدين و تكون لهم حظوة في المجتمع ، ويرتقون اجتماعيا ، ينسون وظيفتهم التربوية بالأساس و يسنون بعض القوانين المتحجرة وفق ما وصل إليه العلم في فترة معينة ، كلما جاءت فكرة ما لا توافق تلك القوانين ، اتهم صاحبها بالانحراف و ينفدون فيه حد الخيانة .
لا أعتقد أن رجال الدين بمعنى رجل متفقه في الدين لوحده جدير بوضع القوانين في كل المجالات الأخرى ، وإلا كشف عن ضعفه و قصوره الفكري قبل كل شيء ، فمثلا حينما تم تجريم الاستنساخ كبحث علمي وفق القواعد الأخلاقية ، فهو نوع من الاغتيال الفكري ، لأن البحث في الخريطة الجينية و التعديلات الوراثية ربما كان لها الأثر البالغ مستقبلا في الحد من الكثير الأمراض ، أضف إلى ذلك إن استطاعت العلوم الوصول إلى استنساخ الأعضاء ، فهو مكسب كبير للإنسانية .
فالمشكلة هنا ليست في الدين ، بقدرما هي استيلاء طبقة معينة على الفكر الديني و احتكار المعرفة ، و عدم الرغبة في التنازل عن المكانة المرتفعة التي تموضع فيها نفسها .
لا أعتقد أن العلمانية نتاج الفكر الغربي ، فربما أن مجمل أسسها جاءت من الفكر الإسلامي عند ابن رشد ، الذي حاول التأسيس ، لفكرة أن الدين فيه ثوابت و فيه متغيرات تتجدد لا يفقهها إلا أهل البرهان . فحتى أمريكا إلى اليوم رغم "علمانيتها "، لا يزال دستورها ينص أن الحاكم يجب أن يكون مسيحيا ، لكن بطبيعة الحال مع نوع من المرونة في الأصول .
وهناك الكثير من الأحزاب في أوروبا لا تزال تحتفظ بصفة المسيحي و تتقلد الحكومات . و لا تزال الكنيسة لها موقعها الهام حتى سياسيا
.

قديم 01-30-2014, 11:52 AM
المشاركة 15
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستاذ ياسر علي

لا بد أولا أن أشكرك جزيل الشكر على إحياء الحوار على هذا الموضوع المهم جدا وغايته تحديد أسباب تخلف الشرق مقابل تقدم الغرب ثم الاجتهاد في تحديد أو اقتراح الحلول من خلال العصف الذهني الذي سيصاحب هذا الحوار.

وفي إجابتك على سؤال : هل الرأسمالية سر التقدم المهول لدى الغرب ؟

تقول " لا أعتقد أن الرأسمالية هي سر التقدم كنظام اقتصادي ،فالرأسمالية في الأصل ما هي إلا إقطاعية وتسلط رأس المال وامتلاك وسائل الإنتاج ،وتؤمن بالاستعباد الاقتصادي والتحكم في أرزاق العباد ، فهي في الأصل نظام ديكتاتوريتستبيح الشخص كفرد و تستبيح الدول الضعيفة وتؤمن بالاحتكار ، احتكار المعرفة واحتكار التكنولوجيا ، وكلها تمت صياغتها بطرق التفافية ، كحقوق الملكية وبراءةالاختراع وغيرها .

- ولماذا لا تكون الرأسمالية كنظام اقتصادي السبب وراء التقدم الجارف للغرب؟ ألا يقوم النظام الرأسمالي الاقتصادي على المنافسة الحادة؟
حيث يقوم أصحاب رأس المال وفي سعيهم لتحقيق أفضل الأرباح على الاستثمار في العمال لديهم وتسخير التكنولوجيا ليكونوا قادرين على المنافسة والاستمرار وتحقيق أعلى نسبة من الأرباح ...وبذلك فهم في الواقع يجعلون المجتمع كله عبارة عن حلقة إبداع مستمرة يتنافس فيها الجميع من اجل تحقيق أفضل وسائل الإنتاج والربح وبذلك يحصل التقدم.
صحيح أن الرأسمالية إقطاعية وتسلط بل هي وكما يقول ماركس أسوء من الإقطاعية كونها مرحلة أخرى من مراحل تطور وسائل الإنتاج تعقب موت الإقطاعية كنتيجة للمنافسة الحادة بين الإقطاعيين حيث تؤدي هذه المنافسة إلى موت الإقطاعية بسبب رغبة أصحاب رؤوس الأموال الحصول على أفضل وسائل إلا نتاج فتحدث الطفرة في المجتمع حيث يتحول إلى نظام إنتاج رأسمالي...لكن المنافسة لا تنتهي ومن هنا تظل الرأسمالية بيئة صالحة لولادة أفضل الأفكار وأفضل وسائل الإنتاج وأفضل الأساليب الإدارية والتجارية وأفضل استثمار للوقت ورأس المال الخ...لان الجميع يكون يسعى من اجل تحقيق أفضل النتائج.

أيضا في المقابل وكنتيجة لما تمارسه الرأسمالية من ظلم اجتماعي على قطاع العمال والمجتمع بشكل عام لا بل وعلى الدول الأخرى التي تنظر إليها الرأسمالية كمجرد أسواق لتسويق بضائعها من خلال آليات التعامل هذه وكما تصفها (،فالرأسمالية هي ...إقطاعية وتسلط رأس المال وامتلاك وسائل الإنتاج ،وتؤمن بالاستعباد الاقتصادي والتحكم في أرزاق العباد ، فهي في الأصل نظام ديكتاتوري،تستبيح الشخص كفرد و تستبيح الدول الضعيفة وتؤمن بالاحتكار ، احتكار المعرفة واحتكار التكنولوجيا ) فان هذا الظلم الاجتماعي يفجر طاقات العمال والمجتمع بشكل عام لان النوم والتراخي يعني الموت...وهذا الأثر يمكن أن يوصف بالعكسي حيث يتنافس الأفراد في سبيل الوصول إلى أعلى المراتب في التثقيف والتعليم والتدريب وتوليد أفكار مبدعة بهدف الحصول على ثمن هذه الأفكار التي غالبا ما تباع للرأسمالي أو محاولة البقاء في ظل الصراع الشديد الذي يخلفه النظام الرأسمالي بين الأفراد من اجل الاستمرار...او من اجل الحصلو على نصيب من الكيكة..

وهنا نصل إلى خلاصة أن الرأسمالية وبسبب مبدأ المنافسة التي تقوم عليه وبسبب طبيعة التعامل مع أفراد المجتمع تمثل ماكينة إنتاج ضخمة وهذه المكانة تؤدي إلى بروز أفكار مبدعة تكون مسئولة عن التقدم الهائل في المجتمع ولهذا السبب صار الغرب مجتمعا متقدما بينما يبقى الشرق مجتمعا متخلفا...لغياب عناصر التحفيز والمنافسة والصراع المجتمعي الحاد..بل نجد في المقابل وفي المجتمعات التي لا تتبنى الرأسمالية وكأنها تعيش حالة كآبة جماعية وحالة جمود وتنبلة وكأنها مخدرة أو كأنها تتناول القات أو الأفيون افرادا ومجتمعات...

يتبع،،،

قديم 01-30-2014, 04:02 PM
المشاركة 16
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وتقول وفي إجابتك على سؤال : هل الرأسمالية سر التقدم المهول لدى الغرب ؟

"فحتى مفهوم الحرية على أساس أن حرية الفرد تنتهي عند حرية الآخر، هي نوع من الحد من المبادرة الحرة ، فحرية الشخصية الذاتية أو المعنوية المالكةلكل شيء لا يجب أن تتطلع إلى حماها وحدودها ، فحرية الطبقة المسحوقة هامش صغير ضيقجدا لا يجب أن تتجاوزه وهو استهلاك منتجات الطبقة المهيمنة ، المالكة لوسائل تربيةالذوق ، وتوجيه السلوك و التدجين و الضرب بيد من حديد كل من سولت له نفسه التطاولعلى سياساتها .
- من ناحية لا يمكن القول أن الرأسمالية لا توفر أجواء من الحرية...ولو أخذنا مثال المجتمع الألماني مثلا لنقارنه مع أي مجتمع شرقي لوجدت أن حدود الحريات في كل المجالات متسع جدا في ألمانيا مقارنة مع المجتمعات الشرقية. طبعا هذه الحريات تظل ضمن الحدود التي يريدها النظام الرأسمالي والتي لا تشكل خطرا عليه. و لا يمكننا أن نقول بأن المجتمع الرأسمالي يحدد حرية المبادرة الفردية ..فلا شك أن المجتمعات الرأسمالية توفر كامل الفرص للإفراد لتوليد أفكار قد تصل حد الجنون ويأتي ذلك من ضمن سياق حاجة الرأسمالية لأفضل الأفكار ليظلوا قادرين على المنافسة كما قلنا في المداخلة السابقة.
ولا شك أن النظام الرأسمالي يقمع الحريات بعنف حينما تهدد هذه الحريات ما يقوم عليه النظام الرأسمالي من مبادئ لكن هذا القمع هو أيضا يمثل حافز للمقهورين من النظام الرأسمالي للسعي من اجل إيجاد حلول .

هناك من يرى بأن المجتمعات الرأسمالية حريصة على أن تظل نسبة البطالة مرتفعة بشكل لا يهدد المجتمع ولكنه كافي لتظل الطبقة العاملة والتي تعاني من البطالة تتسابق من اجل الحصول على عمل وبما يفيد الرأسمالي. والمعروف وكما يقول ماركس وفي تكرار للسيناريو الذي حدث مع النظام الإقطاعي فان العمال الذين يسحقهم النظام الرأسمالي يطورون أساليبهم ويكونوا هم سبب فناء الرأسمالية ولذلك كان ماركس يرى بأن كل نظام يظل يحمل في داخله جذور فناؤه.
فالرأسمالية توفر الحرية ضمن هامش يسمح للإفراد بالإبداع وبذلك يتقدم الغرب وعندما يقمع الحريات يكون حافز للإفراد للإبداع وبالتالي يتقدم المجتمع.

يتبع،،،

قديم 01-30-2014, 04:37 PM
المشاركة 17
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وتقول وفي إجابتك على سؤال : هل الرأسمالية سر التقدم المهول لدى الغرب ؟
" فتقدم الغرب جاء كطفرة في حياة الأمم ، و هو ظهور الآلة ،وتطورها من آلة ميكانيكية إلى إلكترونية ، وهو سبب التقدم ، فحتى الأدب والفلسفة وغيرها من الفنون فهي تكون فقط مصاحبة لتطور حركة رأس المال وامتلاك الأسواق."

- السؤال إذا ما أسباب حدوث هذه الطفرة؟ وتقول أن السبب هو ظهور الآلة....ثم تطورها إلى آلة الكترونية ؟ لكن ما هو سر ظهور هذه الآلات؟

طبعا ماركس يرى بأن سر ظهور الآلات هو سعي الإقطاعيين لتوسيع نفوذهم.. هذا من ناحية .

ومن ناحية أخرى لا بد أن السبب في حدوث الطفرة التي أوصلت إلى اختراع الآلة هو حالة الوعي التي نشأت في أوروبا من خلال تبنيها لنهج ابن رشد والفلاسفة الإسلاميين الأندلسيين تحديدا حيث تبنت جامعات أوروبا وكما تقول كتب التاريخ أطروحاتهم عن العقل واستخداماته وعملت في تزامن على التخلص من نفوذ رجال الدين ونفوذ الكنيسة والتفكير اللاهوتي فانطلق العقل الأوروبي يفكر ويبدع وينتج فحصلت الطفرة.

طبعا التخلص من سلطوية الكنيسة أدى إلى توسيع هاشم الحريات فتطورت العلوم والفنون وانعكس هذا التطور على شكل مزيد من التوسع في هاشم الحريات وبالتالي حققت أوروبا والغرب بشكل عام قفزات هائلة من التقدم ...

بينما في المقابل تزامن تبني الغرب للعقل واطروحات ابن رشد تزامن ذلك مع تبني الشرق للطريقة اللاهوتية في التفكير، ورفض العقل والتفكير الفلسفي والمنطقي، الذي جاء به فلاسفة مسلمين أصلا .

وتبنى الشرق بدلا من ذلك ما كانت أوروبا تسعى للتخلص منه وهو تحديدا النهج التكفيري الذي كفر مجموع الفلاسفة العقلانيين وعلى رأسهم بن رشد وقد بدأت هذه الحملة بصدور كتب الأمام الغزالي وخاصة كتابه تهافت الفلاسفة فسقط الشرق في ظلام العصور الوسطى وهو ما يزال لان الشرق ما يزال عاجز عن التخلص من التفكير اللاهوتي الذي يكفر كل من يستخدم عقله وعلى شاكلة ما كانت تفعل الكنيسة في العصور الوسطى.

وسوف يظل الشرق متخلفا عن الغرب ما دام الغرب يتبنى فكر الفلاسفة المسلمين العقلانيين بينما يتبنى الشرق الطريقة اللاهوتية في التفكير والتي كانت الكنيسة تتبناها في عصور الظلام المعروفة بالعصور الوسطى.

طبعا كل ذلك حدث في تبادل للأدوار كما يبدو. ففي عام 325 م وفي مؤتمر نيقية المشهورقامت الكنيسة بتحريم التفكير الفلسفي وقامت بإعدام مجموعة من الرهبان الذين تبنوا التفكير العقلاني.. وفرضت الكنيسة سلطتها ورفضت الفلسفة بل وأحرقتها وسيطرت على التعليم والمدارس ...وصارت الكنيسة ممثلة الله على الأرض.

ولما جاء الإسلام الذي احترم العقل والتفكير أعاد المسلمون الاعتبار للفلسفة بل واحيوا ما كاد يندثر منها وأضافوا عليها وظل العالم الإسلامي يسبق الغربي في كل شيء في تلك الحقبة الزمنية وظل الحال على ذلك إلى العام 1000 ميلادي تقريبا حينما حدث التحول وبدأ العالم الغربي يتبنى أفكار ابن رشد ومجموع الفلاسفة المسلمين في جامعات ايطاليا وفرنسا تحديدا، وهذه حقائق تاريخة معروفة ، بنما نصبت المشانق وأحرقت كتب الفلاسفة الإسلاميين الذين حاولوا ردع سيطرة التفكير اللاهوتي والاستمرار في إعطاء العقل مكانته التي جاء بها الإسلام..فسقط الشرق في ظلام العصور الحديثة بينما تخلص الغرب من ظلام العصور الوسطى ودخل فيما يعرف بعصر النهضة والذي اوصل الغرب الى ما وصل اليه من تقدم مهول.


قديم 02-01-2014, 03:38 PM
المشاركة 18
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وتقول وفي إجابتك على سؤال : هل الرأسمالية سر التقدم المهول لدى الغرب ؟

" أعتقد أن الرأسمالية بجشعها لولا المستعمرات والنهب و احتكار التجارة العالمية لحفرت قبرها بنفسها، وساهمت الحركة الاشتراكية و الشيوعية بالأساس في انقاذ الرأسمالية من افتراس نفسها، بابتكار نوع من الحلول و ظهور وسطاء بين الملاك والعمال، كالنقابات و ممثلي الأمة ، بهؤلاء الوسطاء يتم اسكات ثورات الجياع و المقهورين ، بزرع الآمال الزائفة في الغالب مع بعض الفتات" .
من الملاحظ بعد انهيار الشيوعية ، ازدياد الجشع الرأسمالي و تقهقر العديد من مكتسبات العمال ، حتى في الدول الغربية ، فالطبقة العاملة تعاني الأمرين مع كثرة الالتزامات ، واستحواذ شركات التأمين والأبناك وكبريات شركات العقار التي صادرت حياتها بالكامل . أضف إلى ذلك تمييع الذوق والزج بمختلف السلع التي تتقادم بشكل مهول في أزمنة قياسية ، كل هذا في سبيل الاغتناء .
فهل الرأسمالية هنا تهتم بالرقي سواء المعرفي أو الوجداني أو التقدم ، كل ما تريده الرأسمالية هو التربع على عرش العالم .

- وكيف للرأسمالية أن تتربع على عرش العالم أن لم يكن لها السيطرة؟ ولا شك أن انتصارها في الحرب الباردة على الشيوعية اظهر أنها نظام اقتصادي أفضل من الاشتراكية. وهي حتما تمكنت من استثمار أرباحها من المستعمرات وتوظيف هذه الأرباح في خلق تقدم مهول على الأرض في كافة الميادين والمجالات.

ففي الدول الرأسمالية أحسن الجامعات وأحسن نظم تعليم ، وفيها توظيف كبير لجزء من الدخل القومي في تمويل الاختراع والإبداع ومراكز البحث.

وفيها تستمر نهضة الكتاب ولم يقل عدد القراء على الرغم من سيطرة التكنولوجيا الحديثة وتوفر الإمكانية للرجوع إلى المعلومة بكبسة زر.

ولا شك أن هناك تقدم في مجالات تكنولوجيا المعلومات انعكس بتقدم مهول على كل المجالات.

حتى أن ناسا أصبحت تعرف عن باطن الأرض في كل الدول بما في ذلك من معادن وحتى انهار قديمة أكثر من سكان تلك الأراضي أنفسهم كما أنها توصلت إلى اكتشافات في الفضاء الخارجي هي اقرب إلى الخيال العلمي وقد فكرت في اختراع نظم لأسلحة من حرب النجوم وعلى شاكلة ما كان يدور في حلقات ستار تك.

وما كان كل هذا التقدم المهول ليتحقق لولا الرأسمالية وما تسخره من أموال لتظل في المقدمة وتظل قادرة على البقاء والاستمرار كنظام مالي واقتصادي.

وفي نفس الوقت نجد أن الرأسمالية بأساليبها الاستعمارية واستغلالها لمقدرات الشعوب وصراعها مع الاشتراكية كانت تدفع هذه الشعوب للإبداع حتى تتخلص من ظلم الرأسمالية وتنتصر عليها ولولا الصراع مع الرأسمالية لما تقدم الاتحاد السوفيتي في حينه في مجال سباق الفضاء واطلق اول سفينة فضائية إلى الجو.

قد تكون الرأسمالية نظام ظالم للشعوب وحتى للطبقة العاملة لكنها بدون شك توفر افضل بيئة للعقول لتعمل بحرية في مجال الاختراع والابداع والبحث والاستكشاف بل وتسخر جزء مهم من الدخل القومي لدعم هذا النشاط الثقافي والحضاري والبحثي لتظل في المقدمة وتحافظ على استمراريتها وهذا تحديدا ما يجعلها محرك مهول للتقدم الذي امتازت به دول الغرب.

قديم 02-02-2014, 01:22 PM
المشاركة 19
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستاذ ياسر المحترم
وفي جوابك على سؤال : هل الانحلال الاسري وارتفاع اعداد الايتام والايتام الاجتماعيين والناتج عن الطلاق والام العزباء ثم وما الى ذلك من امور هو سر العبقرية والتقدم في المجتمعات العربية؟


تقول "الانحلال الأسري ، ليس أكثر من التشبع بالفكر الأناني الرأسمالي ، فالرأسمالية بوسائل الدعاية هي من انتهجت أسلوب التفتيت ، والتفريق ، فتجزيء الدول إلى دويلات كمفهوم للمجتمع الكبير ، و تهييج الطائفية و الجماعات الصغرى ، و تفتيت الأسرة ككيان مقاوم ، لأنه كلما كان الفرد وحيدا أحس بوحشة كبرى ، و سهل برمجته و احتواؤه ، لأنه أصلا يحب الحياة الجماعية ، لكن الدعاية تحاول على الدوام أن تحسسه أنه الأقوى في اختياراته الفردية ، لكي تستغل حنينه إلى الجماعة ، وتعويض تلك الحاجات بأشياء أخرى استهلاكية بالأساس ، فيصبح التلفاز صديقه أو الأنترنيت أو رمز من رمز الدعاية ، وهذا ما يسمى بالإستلاب ، أي الانخراط في عالم لا يؤسس فيه الإنسان الهدف ، فالأسرة تعاني من تلك الأنانيات المختلفة وتتفتت و يضمحل عقدها الأسري .
اليتم للشخص ربما كان محفزا على الفعل و ربما كان مدمرا ، الأمر يتعلق بالظروف التي صاحبت اليتيم أثناء التنشئة ، عندما نرجع إلى أوربا بعد الحرب العالمية الثانية التي راح فيها العدد الأكبر من الرجال و النساء و فيها عدد لا متناهي من الأيتام ، فلا أعتقد أن أوربا استطاعت أن ترجع إلى رتبتها العالمية التي انسحبت منها بفعل الحرب ، فالامبراطورية الانجليزية لا تزال تتقلص إلى اليوم ، وكذا الامبراطورية الفرنسية ، أضف إليها حتى الألمانية . فأوربا مجتمعة لم تستطع على مدى الستين سنة أن تنافس أمريكا .
فاليتم ربما له علاقة قوية بالعبقرية الفردية ، واستنهاض قدرات خاصة عند الفرد يستطيع من خلالها رؤية الحياة بشكل آخر ، وبنظرة مغايرة للآخر . لكن التقدم بمعنى أخذ المقدمة بين الشعوب ، لا يمكن اكتسابه من غير مشروع مجدد ، فيه ابتكار . و استغلال فترة فتور حضارة معينة لأخذ مكانها .
الأم العزباء نتاج علاقة حميمية ليست مبنية على الالتزام الأسري ، فالفرد وصل إلى درجة لا يستحلي فيها أن يشترك مع الآخر في حياته ، و عندما يقع الحمل تتعرض المرأة لتغيرات هرمونية تؤثر بنسبة ما على توازنها النفسي ، وهناك تطفح غريزة الأمومة فتحافظ على طفلها ، فالأمر هنا ليس اختيار في الغالب ، بل واقع تحاول النساء التعايش معه .
==
- بغض النظر عن الأسباب التي أدت إلى الانحلال الأسري في الغرب بشكل عام وفي الولايات المتحدة بشكل خاص، علما بأننا نجد من يَعزي التفكك الأسري في الولايات المتحدة إلى انعكاسات الحرب الفيتنامية حيث فقدت الولايات المتحدة أعداد هائلة من الجنود الذين سقطوا قلتي وجرحى وخلفوا ورائهم أعداد هائلة من الأيتام ، ومن عاد سليما جسديا من الجنود أصيب بصدمة فيتنام وعانى من أثار ما بعد الصدمة والذين يطلق عليهم اسم Vietnam veterans ولا شك أن هذه الحرب وفشلها كان لها نتائج هائلة مدمرة على الأسرة الأمريكية.

أيضا وكنتيجة لتلك الحرب ونتائجها المدمرة برزت حركة شبابية مناهضة للحرب انطلقت كبداية لرفض الحرب، ولكنها توسعت فيما بعد ونتج عنها ما يسمى بالثورة الجنسية والتي حدثت في ستينيات القرن الماضي.

وقد أسقطت هذه الثورة كل العادات والتقاليد التي كانت تحكم المجتمع المفكك أصلا كنتيجة لطبيعة وسائل الإنتاج وتعظيم الفردية والظلم الاجتماعي.
وأدت هذه الثورة الجنسية إلى التفكك الأسري بشكل مباشر فلم يعد الزواج أمرا مهما أو واجبا بكل ما في الكلمة من معنى ونتج عن ذلك الكثير من المشاكل الاجتماعية واختلاط الأنساب وارتفاع هائل في الأبناء من دون أب سواء كنتيجة لارتفاع نسبة الإطلاق عند القلة الذين ظلوا يؤمنون بالزواج كرابط اجتماعي أو لعدم وجود الأب أصلا حيث زاد عدد الأبناء غير الشرعيين أو الذين كانت بعض النساء وما تزال تختار أن تنجبهم بعيدا عن وجود الأب وهي الظاهرة التي أطلق عليها اسم الأم العزباء ، فقد زادت أعداد الأطفال الأيتام الفعليين أو الاجتماعيين بشكل هائل.

ولا شك أن وجود هذه الأعداد الهائلة من الأيتام الفعليين والأيتام الاجتماعيين وذلك التفكك الأسري ونحن الآن نفترض أن هناك علاقة متينة بين اليتم والعبقرية بغض النظر عن الكيفية التي يحدث فيها التأثير وبدليل الدراسات الإحصائية التي قدمناها هنا في منابر ، وفي ظل وجود وفرة اقتصادية هائلة ونظم رعاية اجتماعية وتربوية وتعلميه ورعاية نفسية ..الخ...وهي حتما الأفضل في المجتمعات الغربية وتخضع لمقاييس ورقابة عالية كل ذلك وفر الفرصة لهذه العقول بأن تقود وتساهم وتشارك في حركة إبداعية مهولة غير مسبوقة في التاريخ البشري ونتج عنها هذا التقدم الهائل في المجتمعات الغربية بشكل عام والمجتمع الأمريكي بشكل خاص كونه كان المجتمع الذي عصفت فيه حرب فيتنام وتأثر أكثر من غيره بالآثار الجانبية الأخرى التي نتجت عن هذه الحرب وعلى شاكلة الثورة الجنسية.

ولو أننا دققنا في حياة قادة الإبداع والاختراع والتقدم العلمي لوجدناهم من أبناء هذه الشريحة من الأيتام أو من أبناء الثورة الجنسية التي خلفت أعدادا هائلة من الأبناء تربوا في الملا جيء أو لدى عائلات بديلة وفرت لهم الرعاية والكفالة فأنتجت عقولهم ابد عات اقرب إلى الخيال العلمي.

والمعروف أن شخص واحد من أبناء هذه الشريحة والذي تخلى عنه والديه وكان ثمرة لعلاقة محرمة في زمن الثورة الجنسية، لكن عائلة بديلة تبنته ورعته.. ساهم لوحده في توليد إبداعات أثرت في كافة مناحي الحياة وجعلت أمريكيا رائدة في عالم الاختراع وخاصة في عالم التكنولوجيا بل جعلتها تتفوق على كل الدول بما أبدعه عقل هذا الفرد.. وهذا الشخص العبقري الفذ اسمه ستيفن جوبز.

ولا شك أن أمثاله كثير في الولايات المتحدة تحديدا منهم من صار رائد للفضاء ومنهم من صار عالما في الجينات وآخر في الكيمياء وثالث في الفيزياء وآخر في الطب وآخر في الاقتصاد، ولذلك نجد أن معظم الفائزين بجوائز نوبل في المجالات المختلفة من أبناء الولايات المتحدة ولو دققنا لوجدنا أن اغلبهم من الأيتام أو من الأيتام الاجتماعيين وأنهم عانوا من ظاهرة التفكك الأسري فأبدعوا وتفوقوا وأدى مجموع ما أبدعوه إلى تقدم الغرب بينما ظل الشرق المحافظ والفقير والذي غيب الرعاية الاجتماعية للأيتام ولم يستثمر في عقولهم ظل متخلفا.

ولا يمكننا أن ننسى أن ظهور وبروز هؤلاء العلماء العظماء الذين تحشد الولايات المتحدة الآن منهم 40000 للعمل فيما يعرف بتكنولوجيا النانو ضمن برنامج واحد فقط تزامن هذا الظهور مع ارتفاع نسبة الجريمة والقتل وذلك متوقع في ظل غياب الرعاية أو الفشل في علاج الآثار النفسية المدمرة للانحلال الأسري عند الكثير من الأفراد من أبناء هذه الشريحة.

وخلاصة القول ، صحيح ان الانحلال الاسري وارتفاع اعداد الايتام والايتام الاجتماعيين والناتج عن الطلاق والام العزباء في المجتمعات الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة يؤدي حتما الى اثار اجتماعية ونفسية سلبية عديدة ومدمرة احيانا مثل ارتفاع نسبة الجريمة وهي امور غير مقبولة اخلاقيا ودينيا ، لكنها ايضا توفر الارضية الخصبة لبروز افراد عباقرة افذاذ تولد عقولهم افكارا ابداعية مهولة وغير مسبوقة وذلك من خلال نجاح المجتمع في تسخير ما يمتلكونه من طاقات دماغية وقدرات مهولة تسبب بها ذلك الانحلال الاسري واليتم بشقية الفعلي والاجتماعي وكما سبق شرحه، ومن خلال ما يوفره المجتمع من برامج رعاية وتأهيل وتدريب فتثمر هذه الرعاية لهذه العقول مخرجات ابداعية وعبقرية هائلة، وذلك حتما سببا اساسيا ورئيسيا في التقدم الهائل في المجتمعات الغربية والتي اذا ما نجحت في تطوير ما يعرف بتكنولوجيا النانو ربما تنتقل الى كواكب اخرى ليظل ابناء الشرق يعتاشون على فتات ما تخلفه هذه الشعوب على الارض ان لم يتعرضوا للانقراض اصلا.

قديم 02-03-2014, 01:05 PM
المشاركة 20
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستاذ ياسر المحترم

وفي جوابك على سؤال : هل فصل الدين عن الدولة هو سر التقدم ؟
- الم تكن اوروبا في ظلام العصور الوسطى حينما كانت الكنيسة هي المسيطرة؟
- الم تحكم الكنيسة على المفكرين والمبدعين امثال كوبرنيكس وجاليلو بالاعدام؟

لا أعتقد أن الدين معطل للعلم والتقدم ، فالحضارة الإسلامية تأسست تحت مظلة الدين . فالدين في الأصل ليس ضد العلوم ، كيفما كان نوعها . لكن عندما يسيطر رجال الدين و تكون لهم حظوة في المجتمع ، ويرتقون اجتماعيا ، ينسون وظيفتهم التربوية بالأساس و يسنون بعض القوانين المتحجرة وفق ما وصل إليه العلم في فترة معينة ، كلما جاءت فكرة ما لا توافق تلك القوانين ، اتهم صاحبها بالانحراف و ينفدون فيه حد الخيانة .
لا أعتقد أن رجال الدين بمعنى رجل متفقه في الدين لوحده جدير بوضع القوانين في كل المجالات الأخرى ، وإلا كشف عن ضعفه و قصوره الفكري قبل كل شيء ، فمثلا حينما تم تجريم الاستنساخ كبحث علمي وفق القواعد الأخلاقية ، فهو نوع من الاغتيال الفكري ، لأن البحث في الخريطة الجينية و التعديلات الوراثية ربما كان لها الأثر البالغ مستقبلا في الحد من الكثير الأمراض ، أضف إلى ذلك إن استطاعت العلوم الوصول إلى استنساخ الأعضاء ، فهو مكسب كبير للإنسانية .
فالمشكلة هنا ليست في الدين ، بقدر ما هي استيلاء طبقة معينة على الفكر الديني و احتكار المعرفة ، و عدم الرغبة في التنازل عن المكانة المرتفعة التي تموضع فيها نفسها .

لا أعتقد أن العلمانية نتاج الفكر الغربي ، فربما أن مجمل أسسها جاءت من الفكر الإسلامي عند ابن رشد ، الذي حاول التأسيس ، لفكرة أن الدين فيه ثوابت و فيه متغيرات تتجدد لا يفقهها إلا أهل البرهان . فحتى أمريكا إلى اليوم رغم "علمانيتها "، لا يزال دستورها ينص أن الحاكم يجب أن يكون مسيحيا ، لكن بطبيعة الحال مع نوع من المرونة في الأصول . وهناك الكثير من الأحزاب في أوروبا لا تزال تحتفظ بصفة المسيحي و تتقلد الحكومات . و لا تزال الكنيسة لها موقعها الهام حتى سياسيا.

في كتابي " فلنهدم أصنام القرن الحادي والعشرين" كنت قد وضعت مقال بعنوان "فلنهدم مدارس التجهيل ونشيد مدارس التفكير" وهذا المقال يوضح من منطلق تاريخي اثر ومخاطر سيطرة التفكير الديني اللاهوتي وتغييب العقل على التقدم الحضاري. كما يوضح أسباب دخول أوروبا في عصر الظلام في مقابل ازدهار الحضارة الإسلامية في بداياتها، ومن ثم أسباب عودة أوروبا إلى النهوض مقابل الانحطاط الذي وقع فيه الشرق واستحكم في العالم الشرقي والعربي تحديدا منذ أن حدث تبادل للأدوار حيث هيمن التفكير الديني واستبعدت العقول:

فلنهدم مدارس التجهيل ونشيد مدارس التفكير
المتعمق في التراث الفكري الإنساني يجد أن هناك علاقة بين الوضع الثقافي والفكري السائد، ومناهج التعليم وأساليبه وآلياته ومخرجاته، فحين يكون الجو الفكري متحررًا، ويتم التعامل مع المتلقي على أساس أنه ذلك العنصر المهم والإنسان المتميز، وأن العقل والتفكير صفات مميزة للإنسان عن الحيوان يتوجب احترامها واستثمارها، يكون التعليم مزدهرًا، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على الثقافة والتعليم، وبالتالي على التقدم والنمو والحضارة، ويمكن القول إن العكس صحيح حيث يتأثر التعليم سلبًا في حالة سيطرة الأيديولوجية الأصولية المنغلقة، على نمط الحياة، فتتعطل العقول والتفكير المبدع، وهو ما يؤثر سلبا على النظام التعليمي والفكري، وبالتالي يتأثر الإبداع والإنتاج الحضاري سلبًا.

ذلك ما يظهر جليًا في استعراض الوضع التعليمي منذ إنشاء أول أكاديمية في التاريخ إلى يومنا هذا، مقرونًا بنمط التفكير السائد، ومدى الحرية الفكرية. وهو ما يشير أيضًا إلى أهمية الاستفادة القصوى من تجربة التاريخ، وما يجب عمله من أجل أن يكون التعليم حافزًا مهمًّا للإبداع والتقدم الفكري والحضاري.

وتظهر أي نظرة تحليلية معمقة لهذا الجانب من الحياة الثقافية والفكرية، بأن الفيلسوف الإغريقي الكبير أفلاطون، كان أول من اقترح تأسيس رياض الأطفال والمدارس، وذلك بناء على استنتاجاته الفلسفية المهمة، ومنهاجه الفلسفي الذي يقوم على إعمال العقل وتفعيله بالتفكير، ويعتبر أفلاطون ثاني أكبر الفلاسفة الإغريق العقلانيين، بعد سقراط، الذين اعتبروا العقل العنصر الأهم في الوصول إلى المعرفة.

والعقلانية تعرف على أنها مذهب فكري يزعم أنه يمكن الوصول إلى معرفة طبيعة الكون والوجود عن طريق الاستدلال العقلي، كما يرى هذا المذهب ضرورة إخضاع كل شيء في الوجود للعقل بهدف إثباته، أو نفيه، أو تحديد خصائصه، وقد رأى سقراط الذي يُعتبر المؤسس الحقيقي للمذهب العقلي بأن المعرفة الحقيقية تأتي من الداخل.

وطور سقراط منهاجًا لتفعيل العقل يقوم على أساس إعطائه الانطباع بأنه يريد أن يتعلم من محدثه، ولا يريد تعليمه،كما فعل السفسطائيون الذين كانوا يعتبرون أنهم يمتلكون المعرفة (علماء ومثقفون)، ويعملون على تلقينها للآخرين، وكان سقراط يبدأ بطرح الأسئلة متظاهرًا بأنه لا يعرف شيئًا، ثم يرتب الحوار بشكل يجعل المحاور يكتشف شيئًا فشيئًا ما يفكر فيه. وكان سقراط يتظاهر بعدم المعرفة ليجبر الناس على التفكير، وكأنه كان يلعب دورالجاهل، وكان لا يتوقف عن الاهتمام، وطرح الأسئلة للوصول إلى المعرفة الحقيقية، وكان يعتقد بأن كل الناس قادرون على اكتشاف حقائق فلسفية شرط أن يستعملواعقولهم. وقد مثل منهاج سقراط ثورة حقيقية في التفكير، والتعلم، واستنباط الأفكار، وتوليدها، ورفع من شأن العقل، إلى حد أنه اتهم بإدخال آلهة جديدة، وقد حكم بالإعدام لذلك، حيث قتل بالسم بتهمة إفساد الناشئة.

أما أفلاطون، وهو أحد تلامذة سقراط، فيعود له الفضل في أنه أنشأ أكاديمية خارج أثينا، في حديقة كانت تحمل اسم البطل الإغريقي أكاديموس، ومن هنا أسميت " أكاديمية"، ومن يومها عرف العالم الأكاديميات، والمواضيع الأكاديمية، وقد درست أكاديمية أفلاطون، الرياضيات،والفلسفة، والرياضة البدنية، وكان التدريس يمثل صراعًا بين الأفكار، والجدل، وكان الحوار الأدبي الأسلوب المفضل لدى أفلاطون.

ويرى أفلاطون أن العقل وحده، يمكننا من المعرفة الحقيقية. وأكد أفلاطون على أن الرياضيات يمكن أن تقدم لنا معرفة أزلية حقيقية، وهو يعتقد بأن مشاهداتنا لا تسمح لنا بأن نرى إلا تفسيرات غامضة، لكن ما نراه في داخلنا بفضل العقل يقودنا إلى المعرفة الحقيقية. ويعتقد أفلاطون أن مقر النفس الخالدة هو العقل، وأن النفس ليست مادية، وهي تستطيع أن ترى عالم الأفكار الذي آمن به أفلاطون، حيث يرى أفلاطون أن النفس كانت موجودة في عالم الأفكار قبل أن تأتي لتسكن الجسد، وعنده أن هذه النفس تحاول استذكار الأفكارالأزلية التي تعرفها من عالم الأفكار.

يتبع،،،


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: لماذا تقدم الغرب وتأخر الشرق؟
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كوكب الشرق بالحبر الجاف ابتسام السيد منبر الفنون. 10 05-24-2021 07:24 PM
طرابلس الشرق تاريخ وحضارة إيلي عماد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 22 01-10-2020 04:21 PM
صور من الشرق في إندونيسيا علي هزايمه منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 1 07-16-2019 03:06 AM
عن تقدم الشعر عبدالله علي باسودان منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 0 03-18-2016 05:58 PM
هل العرب عاجزون عن التأثير في المشهد الدولي ؟ لماذا ؟ وما العمل ؟ ايوب صابر منبر الحوارات الثقافية العامة 7 08-08-2014 11:39 PM

الساعة الآن 04:38 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.