احصائيات

الردود
10

المشاهدات
37249
 
د. زياد الحكيم
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


د. زياد الحكيم is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
380

+التقييم
0.07

تاريخ التسجيل
Jul 2008

الاقامة
لندن - بريطانيا - عضو اتحاد الصحفيين البريطانيين

رقم العضوية
5315
11-28-2016, 07:03 PM
المشاركة 1
11-28-2016, 07:03 PM
المشاركة 1
افتراضي العقد – للكاتب غي دو موباسان – ترجمة د. زياد الحكيم
كانت الفتاة واحدة من تلك المخلوقات الشابة الجميلة والساحرة التي تولد احيانا في اسرة من طبقة الموظفين الفقراء كما لو كان ذلك بفعل زلة من زلات القدر. لم يكن لها مهر، ولم يكن لها ما تتطلع اليه، ولم يكن ثمة من فرصة لتنال شيئا من الشهرة والتفهم والحب ومن فرصة للاقتران برجل ثري وشهير. لذلك اجازت لنفسها ان تتزوج من موظف صغير في وزارة التعليم العام.

كانت ملابسها بسيطة لانها لم تكن قادرة على ابتياع ملابس انيقة. ولكنها كانت دائمة الشعور بالتعاسة كما لو كانت قد هوت فعلا من مكانة رفيعة. ولكن الجمال والسحر عند النساء يعوضان عن المكانة الاجتماعية المتواضعة. وفي نظرهن فان طبيعة الواحدة منهن واحساسها الغرزي بالجمال والجاذبية وعقلها الذكي هي اهم ما يمكن ان تتمتع به. وفي الاغلب الاعم فان هذه المزايا تجعل نساء الطبقات المتواضعة يشعرن بانهن مساويات لسيدات المجتمع الراقي.

كانت معاناة متلدة موصولة دونما انقطاع. كانت تشعر ان من حقها ان تتمتع بكل ما في الحياة من اسباب الرفاهية والفخامة. كانت تشعر بالحزن مما تراه من مظاهر الفقر في مسكنها: جدران جرداء، ومقاعد متهالكة، وستائر قبيحة. هذا كله لم يكن لتشعر به امرأة اخرى من فئتها الاجتماعية، لكنه كان يعذبها ويغضبها. كان منظر الخادمة الصغيرة التي تقوم باعباء البيت تثير فيها الكثير من مشاعر اليأس والاحلام المضطربة. كانت تحلم باروقة صامتة تكسو نوافذها ستائر من المنسوجات الشرقية ومضاءة بشمعدانات من البرونز. كانت تفكر في قاعات استقبال مكسوة بالحرير القديم وبخزائن انيقة تعرض فيها تحف ثمينة وبحجرات معطرة مخصصة لتبادل الحديث مع الاصدقاء الخلص عند الساعة الخامسة ومع رجال مشهورين يتقرب منهم الناس ويثيرون في قلوب النساء الغيرة والرغبة.

لم تكن تقتني شيئا من الثياب الفاخرة او المجوهرات او اي شيء. ولم تكن تعشق شيئا اكثر من ذلك. كانت تحلم بامتلاك ما يثير حسد الاخرين ويبهرهم.

كان لها صديقة، زميلة سابقة في المدرسة، ثرية ولم تكن تريد ان تذهب لزيارتها لانها كانت تشعر بالاسى عندما تعود الى البيت بعد الزيارة.

ولكن ذات مساء عاد زوجها الى البيت باحساس واضح بالتحقق وكان يحمل بيده مغلفا كبيرا.

وقال: ها هنا شيء لك.

فتحت المغلف بسرعة وسحبت منه بطاقة مطبوعة وقرأت عليها:

يسر وزير التعليم العام جورج رامبونو والسيدة عقيلته دعوة مسيو ومدام لوازيل لحفل استقبال في قصر الوزارة مساء يوم الاثنين في الثامن عشر من يناير.

وبدل ان تشعر بالبهجة كما كان زوجها يأمل ألقت بالدعوة على المائدة وهمهمت:

- ماذا تريد مني ان افعل بها؟

- كنت اظن ياعزيزتي انك ستسرين. انك لا تخرجين وهذه فرصة جميلة. ولم احصل على الدعوة الا بكثير من الجهد. الجميع يريدون تلبية الدعوة. ولكن الدعوة لم توجه الا الى قلة قليلة. ولم توجه دعوات كثيرة الى الموظفين الصغار. وسيحضر جميع الرسميين.

نظرت اليه نظرة ثائرة وقالت غاضبة:

- وماذا تظن اني سألبس من الثياب؟

ولم يكن قد فكر بذلك من قبل. قال متمتما:

- الفستان الذي تلبسينه الى المسرح. يبدو لي انه مناسب.

وتوقف عن الحديث عندما رأى زوجته تبكي. دمعتان كبيرتان سالتا ببطء من عينيها نحو طرفي فمها.

قال: ماذا في الامر؟ ماذا في الامر؟

وبذلت جهدا عظيما للتغلب على حزنها وقالت بصوت هادئ فيما هي تمسح خديها المبللين:

- لا شيء. ليس عندي فستان. هذا كل ما في الامر. لذلك لا استطيع ان احضر الحفل. اعط دعوتك الى زميل زوجته افضل تجهيزا مني.

واحس باليأس. ولكنه واصل القول:

- تعالي. لنناقش الامر يا متلدة. ما كلفة شراء فستان مناسب – فستان بامكانك ان تستعمليه في مناسبات اخرى، فستان من النوع البسيط؟

وفكرت عدة ثوان مجرية حساباتها وهي تحرص على طلب مبلغ لا يدفع زوجها - الموظف الصغير ذا الامكانات المالية القليلة - الى الرفض الفوري.

واخير قالت مترددة:

- لا اعرف بالضبط. ولكني اعتقد ان بامكاني تدبر الامر باربعمئة فرنك.

شحب وجهه قليلا فقد كان وفر هذا المبلغ لشراء بندقية للمشاركة في رحلات صيد مع اصدقائه على سهل نانتير ايام الاحد.

ولكنه قال: حسن جدا. ساعطيك اربعمة فرنك. حاولي ان تشتري فستانا جميلا.

واقترب يوم الحفل. ولكن تبين ان مدام لوازيل كانت حزينة ومتعبة وقلقة. لكن فستانها كان جاهزا. قال زوجها في احدى الامسيات:

- هل ثمة من مشكلة؟ تبدو تصرفاتك غريبة في الايام الثلاثة الماضية.

واجابت قائلة:

- يسوءني اني لا امتلك قطعة واحدة من الحلي ازين بها صدري. سأبدو بائسة شديدة الفقر. اني أوثر ان لا احضر الحفل.

- ولكن بامكانك ان تتزيني بالورد الطبيعي. فهو يتماشى مع ذوق هذا الفصل من السنة. بامكانك ان تشتري وردة او وردتين رائعتين بعشرة فرنكات.

ولم تقتنع.

- لا. ليس ثمة ما هو ادعى الى الشعور بالمذلة من الظهور فقيرة بين نساء ثريات.

هتف الزوج: يالك من غبية! اذهبي الى صديقتك مدام فوريستييه واطلبي منها ان تعيرك بعض الحلي. فالعلاقة بينكما من القوة بحيث تجيز ذلك.

اطلقت صرخة فرح وقالت:

- هذا صحيح، ولم يخطر في بالي.

وفي اليوم التالي ذهبت الى صديقتها واوضحت لها سبب تعاستها.

وتوجهت مدام فوريستييه الى خزانتها ذات المرآة واخرجت منها صندوق مجوهراتها وعادت به وفتحته وقالت لمدام لوازيل:

- اختاري ما تشائين يا عزيزتي.

وقع ناظرها اولا على بعض الاساور ثم على عقد من اللؤلؤ ثم على صليب فينيسي من الذهب مرصع باحجار كريمة أُحسن صنعه. وجربت بعض الحلي على صدرها امام المرآة وترددت في اعادتها لصديقتها. وسألت:

- اليس عندك شيء مختلف؟

- بلى. انظري في العلبة. لا اعرف ماذا تريدين.

وفجأة اكتشفت في علبة من الساتان الاسود عقدا مبهرا من الماس، وخفق قلبها برغبة اكيدة. وارتعشت يداها فيما هي تنظر اليه. ووضعته حول عنقها. واخذها شعور طاغٍ بالنشوة وهي تنظر الى نفسها في المرآة.

وسألت مترددة يملأها الشك والقلق:

- هل تعيرينني هذا العقد: هذا العقد فحسب؟

- اجل بالتأكيد.

وانطلقت فاحتضنت صديقتها وقبلتها بحرارة بالغة وانصرفت حاملة كنزها. وحلت ليلة الحفل. وكانت مدام لوازيل محط الانظار. كانت اجمل من اي سيدة اخرى في الحفل. كانت انيقة ورشيقة وضاحكة. لقد ملأتها فرحة مجنونة. نظر اليها جميع الرجال، وسألوا عن اسمها، وسعوا الى التقرب منها. تمنى جميع مسؤولي الوزارة ان يرقصوا معها. بل ان الوزير نفسه تحبب اليها.

ورقصت بجنون، وسكرت بالفرحة، ونسيت كل شيء لانتصار جمالها وتحقق نجاحها في ما يشبه سحابة من السعادة التي شكلها اعجاب الاخرين وثناؤهم الاثيران على قلوب النساء.

وغادرت قاعة الرقص عند الساعة الرابعة صباحا. كان زوجها قد غط في النوم بعد منتصف الليل في غرفة صغيرة منعزلة بصحبة ثلاثة من الرجال الاخرين الذين كانت زوجاتهم يستمتعن بالرقص.

والقى على كتفيها وشاحا كان قد احضره لتستعمله في الخارج، وشاحا متواضعا مما عندها من ثياب لا تتناسب مع اناقة ثياب الحفل. واحست بذلك وارادت ان تسرع الخطى كيلا تراها النساء الاخريات اللواتي كن يلبسن الفرو الثمين.

اوقفها زوجها وقال لها: انتظري لحظة. قد تصابين بالبرد. ساحضر سيارة اجرة في الحال.

ولكنها لم تستمع اليه. ونزلت على السلم. وعندما وصلا الى الشارع لم يتمكنا من العثور على سيارة. نادا سائق سيارة من بعيد.

وسارا على ضفة نهر السين يائسين، يرتعشان من البرد. واخيرا وجدا واحدة من تلك السيارات المتهالكة التي يراها المرء في باريس بعد هبوط الليل كما لو كانت تتحاشى الظهور في ضوء النهار.

ونزلا من السيارة بالقرب من باب بيتهما وصعدا السلم حزينين. لقد انتهى كل شيء بالنسبة اليها. اما هو فكان يشغل باله ان عليه ان يكون في المكتب عند الساعة العاشرة.

وقفت امام المرآة وراحت تخلع ملابسها ناظرة الى نفسها في اجمل حللها. ولكنها فجأة اطلقت صرخة. لقد اختفى العقد من حول عنقها.

سألها زوجها وقد خلع نصف ثيابه: ماذا؟

التفتت اليه مذعورة وقالت: اختفى عقد مدام فوريستييه.

قال مذهولا: ماذا؟ كيف؟ هذا مستحيل.

وراحا يبحثان عن العقد في ثنايا الثوب والعباءة وفي الجيوب وفي كل مكان. ولم يعثرا عليه.

سأل: هل انت متأكدة انه كان حول عنقك عندما غادرنا الحفل؟

- اجل. لمسته عندما كنا في مبنى الوزارة.

- ولكن لو انه سقط في الشارع لتمكنا من سماع صوته. لا بد انه سقط في السيارة.

- نعم. هذا ممكن. هل سجلت رقم السيارة؟

- لا. هل لاحظت رقم السيارة؟

- لا.

- سأذهب للبحث عنه في الطريق الذي سرنا فيه.

وذهب. وظلت هي في ثياب السهرة دون ان تجد في نفسها القوة الكافية للذهاب الى السرير. جلست على كرسي دون نار تتدفأ بها وكان خالية الذهن من كل شيء.

عاد زوجها في الساعة السابعة. ولم يكن قد عثر على اي شيء.

كان قد ذهب الى مركز الشرطة والى مكاتب الصحف للاعلان عن مكافأة لمن يعثر عليه والى مكاتب سيارات الاجرة. ذهب في الحقيقة الى اي مكان دفعه اليه شعاع من امل.

وانتظرت طوال النهار وهي تشعر باليأس بسبب هذه الكارثة المخيفة.

قال: يجب ان تكتبي الى صديقتك وتخبريها بان مشبك العقد قد انكسر واننا بصدد اصلاحه. فذلك يعطينا مزيدا من الوقت لمزيد من البحث.

وكتبت ما املاه عليها.

وفي نهاية الاسبوع كانا قد فقدا كل امل في العثور على العقد.

وقال لوازيل الذي تقدمت به السن خمس سنوات:

- يجب ان نبحث في كيفية التعويض عن العقد.

وفي اليوم التالي اخذا علبة العقد الى الجواهري الذي عثرا على اسمه داخل العلبة. وبحث الرجل في دفاتره.

- لم ابع العقد يا سيدتي. ولكني صنعت العلبة.

وراحا يختلفان على محال المجوهرات للبحث عن عقد يشبه العقد الضائع، محاولين تذكر كل تفصيل، وقد ملأهما اليأس والهم.

وفي احد المحال في منطقة القصر الملكي عثرا على عقد بدا انه يشبه العقد المفقود. كان ثمنه اربعين الف فرنك. وتمكنا من تخفيض السعر الى ستة وثلاثين الفا.

وطلبا من البائع ان لا يبيعه لثلاثة ايام. واتفقا ان يسترده البائع باربعة وثلاثين الفا اذا عثرا على العقد الضائع قبل نهاية فبراير.

كان في حوزة لوازيل ثمانية عشر الفا كان قد ورثها عن ابيه. وكان عليه ان يستدين ما تبقى.

وراح يستدين، طالبا الفا من هذا وخمسة الاف من آخر. وكتب تعهدات وتعامل مع المرابين. ورهن بقية عمره دون ان يكون على يقين من انه سيكون قادرا على تسديد الديون. وذهب لتسلم العقد ووضع على طاولة الجواهري ستة وثلاثين الف فرنك.

وعندما اعاد مدام لوازيل العقد لمدام فوريستييه قالت لها الاخيرة ببرود:

- كان عليك ان تعيديه دون تأخير فلربما كنت بحاجة اليه.

ولم تفتح العلبة كما كانت صديقتها تخشى. فلو عرفت ان العقد مختلف ماذا كان عليها ان تقول؟ الم تكن لتفكر بانها واحدة من اللصوص؟

بعد ذلك عرفت مدام لوازيل حياة الفقر والفقراء. ولكنها واجهت حياتها الجديدة ببطولة فذة. فقد كان لا بد من تسديد الدين. وصرفا الخادمة واستأجرا شقة على احد السطوح.

وعانت من العمل المنزلي ورائحة الاواني في المطبخ. وغسلت الاطباق وغمست اصابعها الرقيقة واظافرها الجميلة في الاوعية المتسخة. وغسلت الشراشف والقمصان ونشرتها على حبل الغسيل. وحملت المياه المتسخة الى الشارع، متوقفة كل بضعة درجات على السلم لتلتقط انفاسها. واعتادت على لبس الثياب البسيطة التي يلبسها عامة الناس، وعلى الوقوف امام بائعي الفواكة والخضار واللحوم وهي تحمل سلتها على ذراعها تجادل في الاسعار.

كان عليهما ان يسددا جزءا من الديون كل شهر، وان يجددا الاتفاق لكسب مزيد من الوقت.

وراح زوجها يعمل محاسبا في المساء عند احد التجار. وفي وقت متأخر من الليل كان ينسخ نصوصا مقابل خمسة قروش للصفحة.

واستمرت هذه الحياة عشر سنوات.

وعند نهاية السنوات العشر كانا قد سددا كل شيء بالاضافة الى فوائد الديون.

وبدا على مدام لوازيل التقدم في السن. لقد اصبحت الان تشبه مثيلاتها من الفقراء – قوية وصلبة وخشنة: شعرها اشعث، وثيابها متهدلة ويداها حمراوان. تتكلم بصوت مرتفع. ولكنها عندما يكون زوجها في المكتب كانت تجلس بالقرب من النافذة وتفكر بالايام الجميلة التي مرت في الماضي البعيد وتتذكر الحفل الذي بدت فيه جميلة ومثيرة للاعجاب والاهتمام.

ماذا كان يمكن ان يحدث لو لم تفقد العقد؟ من يعلم؟ كم هي الحياة غريبة ومتقلبة! كم هي صغيرة الاشياء التي يمكن ان تسعدنا او تدمرنا!

ولكن ذات يوم من ايام الاحد وفي ما كانت تتمشى في شارع الشانزيليزيه لتسري عن نفسها بعد متاعب اسبوع في العمل، ابصرت سيدة ومعها طفل. انها مدام فوريستييه – انها لا تزال شابة وجميلة وساحرة.

هل تتكلم اليها؟ اجل بالتأكيد. الان وقد سددت جميع ديونها لماذا لا تخبر صديقتها بكل شيء؟

واقتربت منها.

- يوما سعيدا يا جين.

ولكن المرأة اندهشت من طريقة حديثها ولم تتعرف اليها وتلعثمت.

- ولكن لا اعرف يا سيدتي.. يجب ان يكون ثمة التباس في الامر.

- لا. انا متلدة لوازيل.

واطلقت صديقتها صرخة.

- آه يا صديقتي المسكينة متلدة. لشد ما تغيرت!

- لقد كانت حياتي بالغة الصعوبة منذ ان رأيتك المرة الاخيرة. كان ذلك كله بسببك.

- بسببي؟ كيف هذا؟

- هل تذكرين العقد التي استعرته منك لألبسه في حفل الوزارة؟

- نعم. ماذا بعد ذلك؟

- فقدته.

-كيف؟ ولكنك اعدته الي.

- اعدت اليك عقدا شبيها به. واستغرقنا الامر عشر سنوات لتسديد ثمنه. بامكانك ان تتخيلي ان الامر لم يكن سهلا اذ لم يكن معنا شيء. واخيرا سددنا كل شيء. انا سعيدة.

وتوقفت مدام فوريستييه عن السير.

- اتقولين انك اشتريت عقدا من الماس مماثلا لعقدي؟

- اجل. اذن لم تلاحظي الفرق. انهما متماثلان جدا.

وابتسمت وقد ملأها الفرح والفخر.

وتأثرت مدام فوريستييه تأثرا عميقا. وامسكت بيد صديقتها.

- آه. مسكينة انت يا متلدة. كان عقدي من الماس الزهيد الثمن ولم يكن ثمنه يزيد على خمسمئة فرنك.


zedhakim@yahoo.co.uk


قديم 12-10-2016, 11:34 AM
المشاركة 2
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
دائماً كل ما تأتي به رائع
اشكرك دكتور على أمتاعنا بهذه النصوص الجميلة

قديم 12-10-2016, 06:25 PM
المشاركة 3
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
لكن السؤال حول هذه القصة الرائعة ما هي الفكرة ؟
هل أراد الكاتب ان يقول بان على الانسان ان يتقبل واقعه المر حتى لا يقع فيما هو امر منه ؟
ام هو كما يقول المثل "على قد فراشك مد رجليك ".
او ربما ان الطمع يؤدي الي الشقاء بينما القناعة تؤدي الي السعاده.
و ربما اذا أراد الكاتب ان يقول "القناعة كنز لا يفنى " فقد أفنت تلك المرأة عمرها في العمل الشاق لتغنى من اقرضتها عقدا رخيصا.
الصحيح انني تفاجأت في تسلسل الاحداث فقدت كنت اتوقع انفصال الزوج عن زوجته بعد الحفلة لانها كانت ستقع في غرام احد الأثرياء او العكس ولم اتوقع ان تتطور بهذا الشكل خاصة ان الزوج بالكاد استطاع دفع ثمن الفستان فكيف له ان يتدبر دفع ثمن عقد من الإلماس ؟

قديم 12-11-2016, 06:53 PM
المشاركة 4
د. زياد الحكيم
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاخ الاستاذ ايوب صابر -
شكرا جزيلا على الاهتمام والتعليق.

تبحث هذه القصة في التضاد بين الجوهر والمظهر.
لوازيل امرأة شابة وجميلة – هذا ما يبدو للعين -
ولكنها في واقع الامر امرأة يملأها احساس بالنقمة
على واقعها الفقير وتقض مضجعها احلام بالثراء
والمجوهرات والرفاهية وحياة الحفلات والموسيقا والرقص.
هي امرأة جشعة تريد ان تمتك كل شيء ويقابل ذلك ما يتسم
زوجها به من كرم وصبر وتواضع
واحساس بالمسؤولية. هي تعتقد ان الثراء من شأنه ان يجلب لها السعادة،
ولكن في واقع الامر نجد ان هاجس الثراء يتسبب في
انها قضت سنوات طويلة من عمرها تكدح من اجل
شراء عقد يشبه العقد الذي استعارته واضاعته واكتشفت
في ما بعد انه لم يكن الا عقدا رخيص الثمن.
في الوقت نفسه نجد ان الصديقة فوريستييه تبدو على كثير من
الثراء وسعة الحال
في عين متلدة ولكنها في واقع الامر
تكتفي بعقد من الماس الرخيص الثمن.
ما تراه العين لا يتطابق في معظم الاحيان مع ما يقع تحت السطح.

قديم 12-11-2016, 07:24 PM
المشاركة 5
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قد يكون هذا احد الأبعاد المهمة للقصة لكني أظن انها ذات أبعاد متعددة اخرى فهي قصة عالمية ورائعة بحق ومكتوبة باحتراف ورغم انها تصوير للواقع لكنها بعيدة عن التقريرية . *

قديم 12-11-2016, 07:46 PM
المشاركة 6
د. زياد الحكيم
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هذا نص بالغ الثراء ولا يمكن ايجازه بسطر
او عدة سطور. ولكن عند الاضطرار
يمكن بكثير من التجاوز الاشارة الى جانب ملفت منه.

قديم 12-17-2016, 05:21 PM
المشاركة 7
د. زياد الحكيم
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هذه ترجمة اخرى لهذه القصة اقدمها هنا للمقارنة لعل في ذلك بعض الفائدة.
------------------------------------------------------------------------------------------------------

ترجمة :أحمد الزيات
كانت من أولئك الفتيات الأنيقات اللاتي يحسبن و لادتهن في أسرة من اسر الموظفين مصيبة ،لم يكن لديها صداق يحقق الزواج السعيد،ولا رجاء يضمن العيش الرغيد،ولا وسيلة تكشفها للناس فتعرف وتفهم وتحب وتتزوج من رجل غني ثري امثل ؛فتركت قيادها للخط ، فزوجها بموظف ضعيف من موظفي وزارة المعارف العمومية.

كانت بسيطة الهندام ،لانها لم تجد زينتها وكانت معذبة النفس لانها لم تعايش طبقتها، والنساء ليس لهن طبقة و لا جنس،و إنما يقوم لهن الجمال والظرف والفتنة مقام الأصل والأسرة ،فلا تري فيهن من تفاوت ، ولا تمايز، الا بالرقة الفطرية، والأناقة الغريزية،والذهن المتصرف المرن فهي التي تجعل من سواسية بنات الشعب سيدات و عقائل.


كان الألم يلح عليها عنيفا كلما شعرت بأنها خلقت للنعيم والترف ،وهي إنما تعيش في هذا المسكن الحقير بين هذه الجدران العاطلة ،والمقاعد الحائلة،والقماش الزري . كانت هذه الأشياء التي لا تفطن إليها امرأة أخري في طبقتها تحرق نفسها بالألم , وتوقد صدرها بالغضب. وكان منظر الخادمة الصغيرة البريوتية التي تقوم على تدبير بيتها المتواضع و توقد في قلبها الحسرات اللاذعة والأحلام الحائرة. كانت تحلم بالاواوين الصامتة تدبجها الطنافس الشرقية, وتضيئها المصابيح البرنزية , وبالخادمين الفارهين في السراويل القصيرة,يرقدان في المقعد الوسيع .

وكانت تحلم بالبهو الفخم يغشية الديباج القديم , وبالاثاث الدقيق. يجمله الرياش الكريم , و بالصالون الانيق العطر يجعل لأحاديث العصر مع اخص الأصدقاء وانبه الكبراء , ممن تشتهي النساء استقبالهم.

ولما جلست إلى العشاء على المائدة المستديرة امام زوجها , وقد رفع غطاء الحساء , وقال في وجه منبسط واهجة راضية :الله ! ما أطيب هذا اللحم ! أني لم أشهي منه ولا ألذ , كانت هي تفكر في الأعشية الناعمة الجامعة و وفي الأدوات الفضية الامعة ,
وفي نسائج الوشي تزين الجدار بصور الاعلام البارزة في التاريخ, والاطيار الغريبة في غابة. من غاب عبقر ! كانت تفكرفي الألوان الشهية تقدم في الصحاف العجيبة و وفي الملاطفات الغزلة الهامسة وهي تأكل لحم السمك المورد و او الدراج المسمن.

لم تكن تملك زينة ولا حلية ولا شيئا مما تتزين به المرأة ,وهي لا تريد إلا ذلك, و لا تظن نفسها خلقت لغير ذلك. وطالما ودت أن تكون موضع الإعجاب والغبطة , ومنتجع العيون والافئدة.
وقد كان لها صديقة غنية من رفيقات الدراسة , فكانت تكره ان تزورها , لان الالم الممض كان يرافقها وهي عائدة . وربما ظلت الايام الطوال تسفح الدموع الغزار إجابة لدواعي الأسف واليأس والحزن.

ففي ذات مساء عاد زوحها وعلى وجهه سمة الجلال , وفي يده غلاف عريض و فقال : خذي ! هاك شيئا لك. ثم فض الغلاف بقوة ةأخرج منه بطاقة مطبوعة كتب فيها :



وزير المعارف العمومية وعقيلته يرجوان السيد (لوازيل) وعقيلته أن يشرفاهما بحضور الحفلة الساهرة التي ستقام في ديوان الوزارة يوم الاثنين الثامن عشر من كانون الثاني .

ولكنها بدل أن تنبسط وتغتبط وتدهش كما كان يرجو زوجها رمت البطاقة على المائدة في غضب وسخط وهي تقول :

- ماذا تريد ان اصنع بهذه ؟
- و لكنني ظننت انك تسرين بهذا. إنك لا تخرجين ابدا , وهذه فرصة جميلة , حقا جميلة ! ولقد احتملت في سبيل الحصول على هذه البطاقة مالا تتصورين من الجهد والمشقة . كل الناس يرغبون فيها كل الرغبة , ويسعون لها كل السعي. وهم لا يعطون الموظفين منها إلا بقدر. سترين هناك العام الرسمي كله, فنظرت اليه نظرة الغضب , ثم انفجرت قائلة :

- ماذا تريد ان اضع علي جسمي هذه الحفلة ؟

لم يكن الزوج قد فكر في هذا, ولكنه أجاب في خفوت وغمغمة:

- عندك الثوب الذي تذهبين بت الي المسرح , إنه على ما أرى ملائم كل الملائمة …


ثم أخذه الدهش و والتوى عليه الكلام حين رأى زوجته تبكيو ةابصر دمعتين غليظتين تنحدران من زاويتي عينيها إالى زاويتي فمها , وقال في تمتمة :

- ماذا بك ؟ ماذا بك ؟

فتحاملت على نفسها بالجهد العنيف , وأجابتة بصةت هادئ وهي تمسح الدمع علي خديها:
- لا شئ غير انني لا أملك ما أتزين به , ولذلك لا أستطيع الذهاب الى الحفلة , فأعط هذه البطاقة زميلا من زملائك تكزن امرأته أحسن مني جهازا, وأتم أهبة. فابتأس الزوج وقال : لنظر في الامر يا ماتيلدة ! كم تكلفنا الزينة البسيطة الملاءمة التي تغنيك في مثل هذه المناسبة؟ ففكرت بضع ثوان تحرر الحساب , وتتحرى المبلغ الذي اذا طلبته لا يثير دهش الموظف الصغير , ولا يوجب رفض الزوج المقتصد, ثم أجابت جواب المتردد :
- لا أعرف ذلك على وحه الدقة, وأظن اربعمئة فرنكتبلغبي الى هذه الغاية!

اصفر وجه الزوج قليلا, لانه كان ادخر هذه المبلغ بتمامه ليشتري به بندقية يصطاد بها في الصيف مع بعض الاصدقاء في سهل (ننتير), ومع ذلك قال لامرأته:

ليكن! سأعطيك أربعمئة فرنك. فاجتهدي أن يكون لك منها ثوب جميل.

دنا يوم الحفل, وهيئت زينة السيدة لوازيل ,ولكنها لا تزال كما يظهر حزينة مهمومة قلقة. فقال لها زوجها ذات ليلية :

- ماذا تجدين؟ إنك منذ ثلاثة أيام في حال غريبة.

فأجابته:أني ليحزنني ألا تكون لي حلية. فلا أملك مما تتحلي به النساء شيئا من معدن أو حجر , وسأكون أسوأ من في الحفل زيا وهيئة , وأرى من الخير ألا أذهب في هذه الأمسية

فعقب علي قولها بقةله:

تتحلين بالزهور الطبيعية. ذلك أجمل شئ وأطرفه في هذا الفصل. وبعشرة فرنكات تبتاعين وردتين او ثلاثم من اندر انواع الورد. فلم يند هذا الكلام عل كبدها القريحة وقالت :كلاوفإن أشد الأشياء هوانا وضراعة أن نظهر في محضر الأغنياء بمظهر الفقراء.
ولكن زوجها صاح بها قائلا: ما اشد غباءك! اذهبي غال صديقتك السيدة فورستييه فاستعيري منها بعض الحلي, فإن بينكما من قديم الصداقة ووثيق العلاقة ما يتسع لمثل ذلك, فصاحت صيحة فرح وقالت: هذا صحيح! ومن العجب انه لم يجر عل بالي.

وفي صبيحة الفد ذهبت الى صديقتها ,فقصت عليها ما همها وغمها. فلم تكد تسمع شكوتها حتى أسرعت الى خزانتهاو فأخرجت منها صندوقا عريضا وفتحته, وقدمتة الى السيدة لوازيل وهي تقولك اختاري يا عزيزتي.


فوقع بصرها أول ما وقع على الأساور , ثم على عقد من اللؤلؤ, ثم على صليب بندقي من الذهب قد رصعته بالحجارة يد صناع. فجربت على نفسها الحلي في المرأة , ثم أخذتها حيرة فلم تقطع العزم على ما تأخذ وما تدع و فقالت لصديقتها: ألم يعد لديكي شئ آخر؟
فأجابتها : بلى! ابحثي. فإني لا أعرف ماذا يعجبك؟ وعلى حين بغتة وجدت في علبة من الديباج الاسود قلادة فاخرة من الماس, فخفق قلبها خفوق الرغبة الملحة, ثم تناواتها بيد مضطربة,
وتقلدتها على ثوبها المجهز فإذا هي على ما صورت في الخيال وما قدرت في الامل . فسألت صديقتها غي تردد وقلق: اتستطيعين أن تعيريني هذه القلادة! لا شئ إلا هذه القلادةو فاجابتها صديقتها: نعم ولا شك. فأهوت على نحرها تقبله في حمية وطرب, ثم ولت مسرعة بهذا الكنز.




أقيمت الحفلة الساهرة , ونجحت السيدة لوازيل , فكانت أكثر من حضرها من النساء رشاقة ولباقة وبهجة . تدفقت في السرور متأنقة متألقة , فاسترعت الأنظار, واستهوت القلوب , فتسابق الرجال خاصة موظفي مجلس الوزراء إالى السؤال عنها, والتعرف إليها ,والرقص معها.حتي الوزير نفسه ألقى إليها باله.
كانت ترقص في نشوة من الغبظة , وقد امحى من ذهنها كل شئ, فلم تعد تفكر إلا في انتصار جمالها ,وفي مجد انتصارها, وفي ظل رقيق من ظلال السعادة بسطته عليها التحيات التي قدمت إليها , والإعجاب الذي انثال عليها, والرغبات التي تيقظت فيها, والفوز الكامل الذي يبهج بسحره فؤاد المرأة.

تركت الحفل زهاء الساعة الرابعة من الصباح, وكان زوجها منذ منتصف الليل قد غلبه النوم فأخذ مرقده في بهو صغير خلا من الناس هو وثلاثة من المدعوين كان نسؤهم لا يزلن يقصفن في نشاط ومرح. فلما همت هي وهو بالانصراف ألقى على كتفيها الثياب التي اعدها للخروج, وهي ثياب متواضعة مبتذلة تتنافر بحقارتها مع أناقة ما تلبس من زينة المرقص. وقد شعرت هي بذلك فأرادت ان تتسلل حتى لا يلمحها النساء الأخر وهن يرتدين معاطف الفراء الفاخر . غير أن زوجها اعتاقها قائلا: انتظري ,فقد يصيبك البرد, وسأطلب عربة . ولكنها تصامت كلامه , وانحدرت مسرعة علي السلم. فلما صارا في الشارع لم يجدا مركبة فمشيا, وكلما ابصرا على البعد حوذيا صاحا بت, فلا يقف.

أخذا سبيلهما إلى(السين) هابطين قانطين يقرقفان من البرد, فوجدا بعد لأي على رصيفه مركبة عتيقة من تلك المراكب التي تسير وهي نائمة, ثم لا تري في باريس إلا تحت الليل كأنما تخزى أن تظهر مهانتها في وضح النهار.

ركباها إلى دارهما في شارع (الشهداء) ودخلاها حزينين

أما هي فلأنها تتحسر على انقضاء ما كانت فيه, أما هو فلأنه يتذكر أن من واجبه أن يكون في ديوان الوزارة الساعة العاشرة. نضت عن كتفيها امام المراة الثياب التي تدثرت بها حتي تنظر الي نفسها مرة اخيرة وهي في مجدها .

ولم تكد تجيل اللحظ في جيدها حتي صاحت صيحة منكرة ! إنها لم تجد على نحرها تلك الفلادة!

فأقبل عليها زوجها في نصف ثيابه يسألها ماذا أصابها فالتفتت إليه هالعة تقول: أنا .. أنا .. لا أجد قلادة السيدة فورستييه! فانتفض قائما وقد هفا قلبه من الجزع.


- ماذا ؟ كيف ؟ لا يمكن أن يكون هذا!


و طفقا يبحثان في ثنايا الثوب ، وفي طوايا المعطف ، وفي جيوب هذا وذاك ، وفي كل مكان هنا وهناك ،فلم يجداها . فقال الزوج للزوجة : أأنت على يقين من ان القلادة كانت في عنقك ساعة تركت المرقص؟ فأجابته : نعم ، ولقد لمستها بيدي وأنا في دهليز الوزارة .فقال لها: ولكنك لو فقدتها ونحن في الشارع لكنا سمعنا وقعها حين سقطت , فلا بد أن تكون في المركبة . فقالت له:نعم . هذا جائز . فهل تذكر رقم المركبة ؟ فأجابها كلا , وأنت الم تلحظيها؟ فأجابته كلا , فرنا إليها , ورنت إليه , وكلاهما لا يملك فؤاده من الجزع .

وأخيرا , مضى لوازيل فلبس ثيابه وقال : سأرجع في الطريق التي قطعناها على الأقدام فلعلي أجدها . ثم خرج وترك امرأته في ثياب السهرة , وقد استلقت من الخور علي أحد المقاعد , لا تشتهي النوم , ولا تطلب الدفء , ولا تملك الفكر . ثم عاد في الساعة السابعة دون ان يجد شيئا . وما لبث أن ارتد غالى دائرة الشرطة يسجل المفقود , ثم إلى إدارات الصحف يعلن المكافأة , ثم إلى شركة العربات الصغيرة ينشد المركبة , ثم إلى كل مكان يهديه إليه بصيص من الأمل .

وكانت هي تنتظر طول النهار علي حالها الأليمة من الذهول والوله . وفي المساء عاد لوازيل ساهم الوجه , كاسف البال , لأنه لم يكتشف شيئا. ولما أعياه الأمر قال لزوجته : لا بد أن تكتبي إلى صديقتك تخبرينها ان مشبك القلادة انكسر , وأنك بسبيل تصليحه . ذلك يعطينا المهلة لنتخذ تدبيرا آخر . فكتبت ما أملاه عليها .

وفي آخر الأسبوع وقفت أمالها على شفا اليأس , فأعلن لوازيل أنه لا بد من وسيلة لشراء قلادة بدل القلادة.

وفي صباح الغد أخدا علبة الحلية , وذهبا بها إلى الجوهري الذي كتب اسمه عليها فسألاه عنها . فقال بعد أن رجع إلى سجلاته : لست أنا يا سيدتي الذي صنع القلادة , وإنما صنعت هذه العلبة فقط . فذهبا يضطربان في سوق الجواهر ينتقلان من صائغ إلى صائغ يسألان , ويبحثان وجدا آخر الأمر في دكان من الدكاكين قلادة من الماس تشبه في نظرهما القلادة المفقودة كل الشبه… كان ثمنها أربعين ألف فرنك , ولكن الجوهري رضي أن ينزل عنها بستة وثلاثين ألفا . فرجوا منه ألا يبيعها لأحد قبل ُثلاثة أيام , وشرطا عليه أن يعود فيشتريها منهما بأربعة وثلاثين ألف فرنك إذا هما وجدا القلادة الأولى آخر شباط .

كان لوازيل يملك ثمانية عشر ألف فرنك تركها له أبوه , فلا مناص من أن يقترض الباقي . اقترض ألفا من هذا و خمسمئة من ذاك , وخمس ليرات من هنا وثلاثا من هناك .

كتب على نفسه الصكوك المحرجة , وتردد على كل مراب , واختلف إلى كل مقرض .

عرض آخرة عمرة للخطر ,وغامر بإمضائه وهو لا يضمن الوفاء بما التزم . وفي حال يرجف لها القلب فرقا , مما يتجرعه من هموم المستقبل , وما يتوقعه من بؤس العيش , وما يخشاه من حرمان الجسم ولوعة القلب , ذهب يشتري القلادة الجديدة . وضع علي منضدة الجوهري ستة وثلاثين ألف فرنك ؟

ولما أخذت السيدة فورستييه الحلية من السيدة لوازيل , قالت في هيئة من غاضبة ولهجة عاتبة : لقد كان ينبغي أن ترديها قبل ذلك , فقد كنت بحاجة إليها .
ثم رفعت العلبة من دون ان تفتحها , فكفت بذلك صديقتها ما كانت تخشاه . فلقد كانت تقول لنفسها : ماذا عسى ان تظن السيدة فورستييه إذا لحظت أن القلادة غير القلادة ؟ إلا تحسبني لصة ؟!





ذاقت السيدة لوازيل عيش المعوزين المر الخشن , وحملت نصيبها من ذلك دفعة واحدة في بسالة وقوة.

كان لا بد من قضاء هذا الدين الفادح وستقضيه . استغنت عن الخادم , وانتقلت من المنزل , واستأجرت غرفة على أحد السطوح , وزاولت الأعمال الغليظة في البيت و وباشرت الأمور البغيضة في المطبخ و فغسلت الأطباق ة وأتلفت أظافرها الوردية في صدأ القدور ودسم الأواني (وصبنت) القذر من الابيضة والأقمصة والخرق ونشرتها على الحبل , ثم هبطت الشارع كل صباح لتصعد بالماء وتقف عند كل طبقة تتنفس الصعداء من التعب , ولبست لباس السوقة , واختلفت إلى الفاكهاني والبقال والجزار وعلى ذراعها السلة , فتساوم ,وتقاوم وتدفع الغبن عن كل (بارة) من نقودها القليلة . فإذا تصرم الشهر وجب عليها أن توفي صكا , وتجدد صكا , وتطلب مهلة .

وكان الزوج في المساء يشتغل بتبييض الحساب لتاجر , وفي الليل بنسخ صور لبعض الأصول , كل صفحة بربع فرنك , ودأب الزوجان على هذه الحال عشرة سنين . وفي نهاية هذه المدة كانا قد أديا الدين كله بسعره الفاحش و وربحه المركب , وكانت السيدة لوازيل قد أخلقت جدتها و وبدت في رأسها رواعي المشيب . وكان من طول قيامها بشؤون المنزل أصبحت قوية غليظة جافية . لا تكاد تراها إلا شعثاء الشعر ,حمراء اليد , مقلوبة الثوب , ترفع صوتها في الكلام , وتغسل ارض الغرف بالماء الغمر , ولكنك تراها في بعض أوقاتها تجلس إلى النافذة حين يجلس زوجها إلى المكتب , فتفكر في تلك الأمسية الذاهبة في تلك الحفلة الساهرة التي كانت فيها مهوى القلوب , ومراد الأعين . ما الذي يحدث لو أن هذه الحلية لم تفقد؟ من يدري ؟ إن الحياة غريبة الأطوار سريعة التقلب ! وإن موتك أو حياتك قد يكونان رهنا بأحقر الأشياء !


وفي ذات أحد من الآحاد بينما كانت ماتيلدة ترغه عن نفسها عناء الأسبوع في رياض (الشانزليزيه) وقع بصرها فجأة على السيدة فورستييه ,ومعها طفل تنزهه وتروضه. وكانت لا تزال رفافة البشرة , رائقة الحسن ’ فتانة الملامح ,فاعتراها لدى مرآها اضطراب وقلق . أتذهب إليها فتكلمها! نعم! ولم لا ؟ لقد أدت الآن كل ما عليها , فلم لا تفضي بكل شئ إليها ؟

دنت السيدة لوازيل من صديقتها القديمة وقالت لها:
صباح الخير يا جان!

ولكن صديقتها أنكرتها , وأدهشها أن تسمع امرأة مع عرض الطريق بهذه الألفة , وتناديها من غير كلفة ,فقالت مغمغمة:
ولكن .. سيدتي … لا بد أن يكون الأمر قد اشتبه عليك . فقالت لها: كلا! أنا ماتيلدة لوازيل .

فصاحت السيدة صيحة الدهش , وقالت : أوه! صديقتي المسكينة ماتيلدة ! لشدة ما تغيرت بعدي !

فقالت: نعم! لقد كابدت برحاء الهموم عانيت بأساء منذ غبت عنك , وذلك كله بسببك .

- بسببي؟ وكيف ذلك؟
- إنك تذكرين ولا شك تلك القلادة الماسية التي أعرتني إياها يوم حفلة الوزارة.
- نعم , وبعد؟
- إنني أضعتها.
- وكيف أضعتها وقد رددتها إلي؟
- لقد رددت إليك قلادة أخرى تشبهها كل الشبه.

وها هي تلك عشرة أعوام قضيناها في أداء ثمنها . وليس ذلك باليسير علينا كما تعلمين, فاليد خالية, والمورد ناضب, والجهد قليل ,وقد انتهى الأمر والحمد لله , وأصبحت على هذه الشدة راضية مغتبطة , فقالت السيدة فورستييه في تؤدة وبطء:

- أتقولين إنك اشتريت قلادة من الماس بدل قلادتي؟

- نعم. ألم تلاحظي ذلك؟ هه ؟ إنها لا تختلف عنها في شئ .

وكانت شفتاها قد افترتا عن ابتسامة تنم على الكبر والسذاجة , ولكن السيدة فورستييه أخذت يديها في يديها , وقالت لها في لهجة الإشفاق والعجب :

- مسكينة يا صديقتي ماتيلدة !
إن قلادتي كانت كاذبة !

وما كان ثمنها يزيد عن خمسمئة فرنك !!

قديم 12-17-2016, 05:24 PM
المشاركة 8
د. زياد الحكيم
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
في ما يلي النص الانكليزي الذي ترجمت عنه هذه القصة.

The girl was one of those pretty and charming young creatures who sometimes are born, as if by a slip of fate, into a family of clerks. She had no dowry, no expectations, no way of being known, understood, loved, married by any rich and distinguished man; so she let herself be married to a little clerk of the Ministry of Public Instruction.

She dressed plainly because she could not dress well, but she was unhappy as if she had really fallen from a higher station; since with women there is neither caste nor rank, for beauty, grace and charm take the place of family and birth. Natural ingenuity, instinct for what is elegant, a supple mind are their sole hierarchy, and often make of women of the people the equals of the very greatest ladies.

Mathilde suffered ceaselessly, feeling herself born to enjoy all delicacies and all luxuries. She was distressed at the poverty of her dwelling, at the bareness of the walls, at the shabby chairs, the ugliness of the curtains. All those things, of which another woman of her rank would never even have been conscious, tortured her and made her angry. The sight of the little Breton peasant who did her humble housework aroused in her despairing regrets and bewildering dreams. She thought of silent antechambers hung with Oriental tapestry, illumined by tall bronze candelabra, and of two great footmen in knee breeches who sleep in the big armchairs, made drowsy by the oppressive heat of the stove. She thought of long reception halls hung with ancient silk, of the dainty cabinets containing priceless curiosities and of the little coquettish perfumed reception rooms made for chatting at five o'clock with intimate friends, with men famous and sought after, whom all women envy and whose attention they all desire.

When she sat down to dinner, before the round table covered with a tablecloth in use three days, opposite her husband, who uncovered the soup tureen and declared with a delighted air, "Ah, the good soup! I don't know anything better than that," she thought of dainty dinners, of shining silverware, of tapestry that peopled the walls with ancient personages and with strange birds flying in the midst of a fairy forest; and she thought of delicious dishes served on marvellous plates and of the whispered gallantries to which you listen with a sphinxlike smile while you are eating the pink meat of a trout or the wings of a quail.

She had no gowns, no jewels, nothing. And she loved nothing but that. She felt made for that. She would have liked so much to please, to be envied, to be charming, to be sought after.

She had a friend, a former schoolmate at the convent, who was rich, and whom she did not like to go to see any more because she felt so sad when she came home.

But one evening her husband reached home with a triumphant air and holding a large envelope in his hand.

"There," said he, "there is something for you."

She tore the paper quickly and drew out a printed card which bore these words:


The Minister of Public Instruction and Madame Georges Ramponneau request the honor of M. and Madame Loisel's company at the palace of the Ministry on Monday evening, January 18th.


Instead of being delighted, as her husband had hoped, she threw the invitation on the table crossly, muttering:

"What do you wish me to do with that?"

"Why, my dear, I thought you would be glad. You never go out, and this is such a fine opportunity. I had great trouble to get it. Every one wants to go; it is very select, and they are not giving many invitations to clerks. The whole official world will be there."

She looked at him with an irritated glance and said impatiently:

"And what do you wish me to put on my back?"

He had not thought of that. He stammered:

"Why, the gown you go to the theatre in. It looks very well to me."

He stopped, distracted, seeing that his wife was weeping. Two great tears ran slowly from the corners of her eyes toward the corners of her mouth.

"What's the matter? What's the matter?" he answered.

By a violent effort she conquered her grief and replied in a calm voice, while she wiped her wet cheeks:

"Nothing. Only I have no gown, and, therefore, I can't go to this ball. Give your card to some colleague whose wife is better equipped than I am."

He was in despair. He resumed:

"Come, let us see, Mathilde. How much would it cost, a suitable gown, which you could use on other occasions--something very simple?"

She reflected several seconds, making her calculations and wondering also what sum she could ask without drawing on herself an immediate refusal and a frightened exclamation from the economical clerk.

Finally she replied hesitating:

"I don't know exactly, but I think I could manage it with four hundred francs."

He grew a little pale, because he was laying aside just that amount to buy a gun and treat himself to a little shooting next summer on the plain of Nanterre, with several friends who went to shoot larks there of a Sunday.

But he said:

"Very well. I will give you four hundred francs. And try to have a pretty gown."

The day of the ball drew near and Madame Loisel seemed sad, uneasy, anxious. Her frock was ready, however. Her husband said to her one evening:

"What is the matter? Come, you have seemed very queer these last three days."

And she answered:

"It annoys me not to have a single piece of jewelry, not a single ornament, nothing to put on. I shall look poverty-stricken. I would almost rather not go at all."

"You might wear natural flowers," said her husband. "They're very stylish at this time of year. For ten francs you can get two or three magnificent roses."

She was not convinced.

"No; there's nothing more humiliating than to look poor among other women who are rich."

"How stupid you are!" her husband cried. "Go look up your friend, Madame Forestier, and ask her to lend you some jewels. You're intimate enough with her to do that."

She uttered a cry of joy:

"True! I never thought of it."

The next day she went to her friend and told her of her distress.

Madame Forestier went to a wardrobe with a mirror, took out a large jewel box, brought it back, opened it and said to Madame Loisel:

"Choose, my dear."

She saw first some bracelets, then a pearl necklace, then a Venetian gold cross set with precious stones, of admirable workmanship. She tried on the ornaments before the mirror, hesitated and could not make up her mind to part with them, to give them back. She kept asking:

"Haven't you any more?"

"Why, yes. Look further; I don't know what you like."

Suddenly she discovered, in a black satin box, a superb diamond necklace, and her heart throbbed with an immoderate desire. Her hands trembled as she took it. She fastened it round her throat, outside her high-necked waist, and was lost in ecstasy at her reflection in the mirror.

Then she asked, hesitating, filled with anxious doubt:

"Will you lend me this, only this?"

"Why, yes, certainly."

She threw her arms round her friend's neck, kissed her passionately, then fled with her treasure.

The night of the ball arrived. Madame Loisel was a great success. She was prettier than any other woman present, elegant, graceful, smiling and wild with joy. All the men looked at her, asked her name, sought to be introduced. All the attaches of the Cabinet wished to waltz with her. She was remarked by the minister himself.

She danced with rapture, with passion, intoxicated by pleasure, forgetting all in the triumph of her beauty, in the glory of her success, in a sort of cloud of happiness comprised of all this homage, admiration, these awakened desires and of that sense of triumph which is so sweet to woman's heart.

She left the ball about four o'clock in the morning. Her husband had been sleeping since midnight in a little deserted anteroom with three other gentlemen whose wives were enjoying the ball.

He threw over her shoulders the wraps he had brought, the modest wraps of common life, the poverty of which contrasted with the elegance of the ball dress. She felt this and wished to escape so as not to be remarked by the other women, who were enveloping themselves in costly furs.

Loisel held her back, saying: "Wait a bit. You will catch cold outside. I will call a cab."

But she did not listen to him and rapidly descended the stairs. When they reached the street they could not find a carriage and began to look for one, shouting after the cabmen passing at a distance.

They went toward the Seine in despair, shivering with cold. At last they found on the quay one of those ancient night cabs which, as though they were ashamed to show their shabbiness during the day, are never seen round Paris until after dark.

It took them to their dwelling in the Rue des Martyrs, and sadly they mounted the stairs to their flat. All was ended for her. As to him, he reflected that he must be at the ministry at ten o'clock that morning.

She removed her wraps before the glass so as to see herself once more in all her glory. But suddenly she uttered a cry. She no longer had the necklace around her neck!

"What is the matter with you?" demanded her husband, already half undressed.

She turned distractedly toward him.

"I have--I have--I've lost Madame Forestier's necklace," she cried.

He stood up, bewildered.

"What!--how? Impossible!"

They looked among the folds of her skirt, of her cloak, in her pockets, everywhere, but did not find it.

"You're sure you had it on when you left the ball?" he asked.

"Yes, I felt it in the vestibule of the minister's house."

"But if you had lost it in the street we should have heard it fall. It must be in the cab."

"Yes, probably. Did you take his number?"

"No. And you--didn't you notice it?"

"No."

They looked, thunderstruck, at each other. At last Loisel put on his clothes.

"I shall go back on foot," said he, "over the whole route, to see whether I can find it."

He went out. She sat waiting on a chair in her ball dress, without strength to go to bed, overwhelmed, without any fire, without a thought.

Her husband returned about seven o'clock. He had found nothing.

He went to police headquarters, to the newspaper offices to offer a reward; he went to the cab companies--everywhere, in fact, whither he was urged by the least spark of hope.

She waited all day, in the same condition of mad fear before this terrible calamity.

Loisel returned at night with a hollow, pale face. He had discovered nothing.

"You must write to your friend," said he, "that you have broken the clasp of her necklace and that you are having it mended. That will give us time to turn round."

She wrote at his dictation.

At the end of a week they had lost all hope. Loisel, who had aged five years, declared:

"We must consider how to replace that ornament."

The next day they took the box that had contained it and went to the jeweler whose name was found within. He consulted his books.

"It was not I, madame, who sold that necklace; I must simply have furnished the case."

Then they went from jeweler to jeweler, searching for a necklace like the other, trying to recall it, both sick with chagrin and grief.

They found, in a shop at the Palais Royal, a string of diamonds that seemed to them exactly like the one they had lost. It was worth forty thousand francs. They could have it for thirty-six.

So they begged the jeweler not to sell it for three days yet. And they made a bargain that he should buy it back for thirty-four thousand francs, in case they should find the lost necklace before the end of February.

Loisel possessed eighteen thousand francs which his father had left him. He would borrow the rest.

He did borrow, asking a thousand francs of one, five hundred of another, five louis here, three louis there. He gave notes, took up ruinous obligations, dealt with usurers and all the race of lenders. He compromised all the rest of his life, risked signing a note without even knowing whether he could meet it; and, frightened by the trouble yet to come, by the black misery that was about to fall upon him, by the prospect of all the physical privations and moral tortures that he was to suffer, he went to get the new necklace, laying upon the jeweler's counter thirty-six thousand francs.

When Madame Loisel took back the necklace Madame Forestier said to her with a chilly manner:

"You should have returned it sooner; I might have needed it."

She did not open the case, as her friend had so much feared. If she had detected the substitution, what would she have thought, what would she have said? Would she not have taken Madame Loisel for a thief?

Thereafter Madame Loisel knew the horrible existence of the needy. She bore her part, however, with sudden heroism. That dreadful debt must be paid. She would pay it. They dismissed their servant; they changed their lodgings; they rented a garret under the roof.

She came to know what heavy housework meant and the odious cares of the kitchen. She washed the dishes, using her dainty fingers and rosy nails on greasy pots and pans. She washed the soiled linen, the shirts and the dishcloths, which she dried upon a line; she carried the slops down to the street every morning and carried up the water, stopping for breath at every landing. And dressed like a woman of the people, she went to the fruiterer, the grocer, the butcher, a basket on her arm, bargaining, meeting with impertinence, defending her miserable money, sou by sou.

Every month they had to meet some notes, renew others, obtain more time.

Her husband worked evenings, making up a tradesman's accounts, and late at night he often copied manuscript for five sous a page.

This life lasted ten years.

At the end of ten years they had paid everything, everything, with the rates of usury and the accumulations of the compound interest.

Madame Loisel looked old now. She had become the woman of impoverished households--strong and hard and rough. With frowsy hair, skirts askew and red hands, she talked loud while washing the floor with great swishes of water. But sometimes, when her husband was at the office, she sat down near the window and she thought of that gay evening of long ago, of that ball where she had been so beautiful and so admired.

What would have happened if she had not lost that necklace? Who knows? who knows? How strange and changeful is life! How small a thing is needed to make or ruin us!

But one Sunday, having gone to take a walk in the Champs Elysees to refresh herself after the labors of the week, she suddenly perceived a woman who was leading a child. It was Madame Forestier, still young, still beautiful, still charming.

Madame Loisel felt moved. Should she speak to her? Yes, certainly. And now that she had paid, she would tell her all about it. Why not?

She went up.

"Good-day, Jeanne."

The other, astonished to be familiarly addressed by this plain good-wife, did not recognize her at all and stammered:

"But--madame!--I do not know---- You must have mistaken."

"No. I am Mathilde Loisel."

Her friend uttered a cry.

"Oh, my poor Mathilde! How you are changed!"

"Yes, I have had a pretty hard life, since I last saw you, and great poverty--and that because of you!"

"Of me! How so?"

"Do you remember that diamond necklace you lent me to wear at the ministerial ball?"

"Yes. Well?"

"Well, I lost it."

"What do you mean? You brought it back."

"I brought you back another exactly like it. And it has taken us ten years to pay for it. You can understand that it was not easy for us, for us who had nothing. At last it is ended, and I am very glad."

Madame Forestier had stopped.

"You say that you bought a necklace of diamonds to replace mine?"

"Yes. You never noticed it, then! They were very similar."

And she smiled with a joy that was at once proud and ingenuous.

Madame Forestier, deeply moved, took her hands.

"Oh, my poor Mathilde! Why, my necklace was paste! It was worth at most only five hundred francs!"

قديم 01-14-2017, 08:23 PM
المشاركة 9
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أهلا بالسادة الاساتذة

كامل الشكر للدكتور زياد الحكيم .

موباسون رائد الطبيعية الفرنسية ، النهاية المؤلمة ، النهاية التي لا تفرح الكثيرين ، واقعية ترصد الجانب المظلم من الحياة ، الجانب الصادم ، الجانب الذي يقود إلى اللاجدوى .
لا أخفي إعجابي بالكاتب في العديد من نصوصه وقدرته الجبّارة على تبرير انتقاده للحياة كحياة ليس كشخوص و لا أنماط ، بل يجلد التجربة الإنسانية عامّة ، موباسون واحد من الذين يغزلون الحبكة ويهتمّون بالتفاصيل الصغيرة ، وليس هذا عبثا ، بل ليقودك إلى رؤيته ، أن التفاهة ليست أكثر من الاشتغال بالتفاهات .
موباسون في "العقد" بالذات ينطلق من الحلم أو ما يعطي المعنى عند الفرد للحياة ، واختار المرأة وعلاقتها بالعقد لؤسس النظرة المثالية الرومنسية التي تعتري الوجود الإنساني في بدايات حياته ، يستثمر هذه الرابطة " أنثى ـ جواهر" للتعبير عن العلاقة الوجدانية بين الإنسان والحياة ، حب البقاء ، الظهور ، التملك .... لكن في المقابل أسس للامعقولية هذه النظرة المثالية بوضع البطلة في ظروف لا تسمح لها بالأحلام الكبيرة ، كإشارة أن الإنسان ليس قادرا بالفعل على مجاراة هذه الأحلام الوردية ، و لا يملك المقومات التي تجعله ينهض بهذه المسؤولية ويحقق هذه الأحلام . الحياة عند موباسون كفيلة بتلقين الإنسان هذا الدرس القاسي ، فالبطلة استمتعت و حقّقت وجودا حالما في لحظة ما ، لكن مقابل ماذا ؟ استنزفت هذه الليلة وقتها و جمالها أي وجودها ، لم يكتف موباسون بهذا فقط ، بل أصر على أن ما استنزف هذه البطلة مجرّد عقد زائف . يعني أن الحقيقة التي أخذت لبّها و عرّتها من مقومات الأنثى مجرّد حقيقة زائفة .

يصل بنا موباسون إلى خلاصة مفادها أن الحياة زائفة و لا يوجد فيها معنى حقيقي ، فكل يجري ويسير و يكدح ومنتهى هذا السعي هو حقيقة اللامعنى . حقيقة نظرة سوداوية مطبقة للحياة ، لكن ما العمل إن كان الرجل يستطيع أن يشكل هذه المأساة في قالب فني جبّار .

رواد العبثية غالبا يؤمنون بأن الفن هو ما يستطيع تقديم قبح الحياة في قالب مقبول ، أو بصيغة أخرى أنّ اللامعنى يتخذ في الفن معنى .

شكرا

قديم 08-03-2017, 04:23 PM
المشاركة 10
د. زياد الحكيم
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

في ما يلي مقالة لي للتعريف بالكاتب الفرنسي غي دو موباسان نشرت في لندن عام 1990 لعلها تفيد في القاء مزيد من الضوء على ادبه:

انتهت فترة تلمذة موباسان Guy de Maupassant على يدي الكاتب الشهير غوستاف فلوبير بنشر قصة (كتلة الشحم) التي قال عنها فلوبير انها دليل على دخول استاذ جديد ميدان القصة القصيرة. وكانت وفاة فلوبير في ذلك العام بمثابة حافز قوي لموباسان ان يعمل كل ما في وسعه من اجل ان يكون كاتبا كبيرا تقديرا منه لما تلقاه من استاذه وصديقه من رعاية وتوجيه. فراح يعمل بجد واجتهاد وكأنه يعلم انه كان في سباق مع الزمن وان القدر لم يكن ليمهله اكثر من ثلاثة عشر عاما اخرى. وحقق نجاحا باهرا في اوساط القراء والنقاد على السواء نظرا لدقة ملاحظته. وهذا ما تعلمه من فلوبير الذي اكد ان على الفنان ان يطيل التأمل في موضوعه الى ان يكتشف فيه تلك الخاصية الفريدة التي تميزه عن غيره من الموضوعات المماثلة. وعلى الفنان بعد ذلك ان يصف تلك الخاصية بلغة دقيقة. والحق ان موباسان لم يكن من الموهبة بحيث بجاري استاذه في دقة التعبير، ولكنه كان قادرا على النفاذ الى اعماق موضوعاته بفضل دقة ملاحظته بشكل لا يجاريه فيه الا عدد قليل من الكتاب.

ولد موباسان (1850-1893) في اقليم نورماندي بفرنسا. وكان ابوه رساما، وكانت امه تتمتع بذكاء وارادة قوية. وكانت واخوها صديقين حميمين لغوستاف فلوبير الذي قام بدور مهم في تطور موباسان الادبي والفلسفي في المراحل الاولى.

وادت الخلافات بين الابوين الى انفصالهما عندما كان الصبي في الحادية عشرة من عمره. وتولت الام رعايته ورعاية اخيه. وبعد سنتين من ذلك ارسل موباسان الى مدرسة داخلية في مدينة روين، وهناك امضى ثلاث سنوات. ثم طرد من المدرسة ونقل الى مدرسة حكومية في المدينة نفسها. وهنا التقى احد اصدقاء فلوبير الشاعر لوي بوييه الذي كان لتوجيهاته اثر بالغ في تطور الكاتب.

وهكذا امضى موباسان مرحلة طفولته وشبابه كلها في نورماندي وهو الاقليم الذي غدا فيما بعد البيئة التي تتحرك فيها شخصياته قصصه ورواياته.

وبعد تخرجه في المدرسة التحق بالجيش وقاتل في الحرب الفرنسية البروسية. وكان لهذه الخبرة اثرها العميق في اعماله الادبية فيما بعد. كما كان للاعوام العشرة التي قضاها موظفا حكوميا في باريس عندما تدهورت احوال اسرته المعاشية وتعين عليه ان يكسب قوته بنفسه. وهذه الخبرات الصعبة لم تستطع ان تنال من عزيمته وتصميمه على ان يصبح كاتبا. بل على العكس، كان لهذه الخبرات اثر كبير في تعزيز ارادته في ان يتحرر من اعباء البيروقراطية وان يصبح كاتبا مستقلا. ووافق على ان يتتلمذ على يدي فلوبير بشكل لم يسبق له مثيل في الادب الفرنسي. وذكر عدد من الكتاب الذين كتبوا سيرة موباسان ان كاتبنا كان ابنا غير شرعي لفلوبير، ولكنهم لم يقدموا دليلا مقبولا واحدا على صحة زعمهم. كان من عادة فلوبير ان يدعو موباسان الى شقته في باريس ويعطيه دروسا في الاسلوب والكتابة ويصحح ما كان يكتبه الكاتب الشاب. وقد قدمه لعدد من كبار الكتاب في ذلك العصر ومنهم اميل زولا وايفان تروجينيف وادمون دو غونكور وهنري جيمس. وقال فلوبير مرة: ان موباسان تلميذي وانا احبه كما لو كان ابني. لقد كان فلوبير مثالا ادبيا حرص موباسان على الاقتداء به، وكان ايضا ابا روحيا لموباسان الذي عاش سنوات حياته الاولى في اسرة مفككة. ولذلك كان لوفاة فلوبير اثر الصدمة على موباسان كتلميذ وكابن.

واتلف موباسان كل ما كتبه تقريبا الى ان شعر بانه غدا كاتبا متقنا استخدام ادواته. وفي ابريل 1880، وذلك قبل شهر من وفاة فلوبير، اشترك مع خمسة من الكتاب الاخرين برئاسة اميل زولا في نشر مجموعة قصص قصيرة ساهم كل واحد منهم بقصة. وكان القصة التي ساهم موباسان بها بعنوان (كتلة الشحم). ولم تكن القصة افضل قصة في المجموعة فحسب، ولكنها قد تكون افضل قصة قصيرة ألفها موباسان. ومع ان طريقة العرض والبناء والاسلوب في القصة مستوحاة من فلوبير الا ان موباسان لم يكن مقلدا لاستاذه. صحيح انه تعلم من فلوبير، ولكنه وظف ما تعلمه في الوصول بالقصة القصيرة الى ما يشبه الكمال. ومنذ ذلك الحين صنف موباسان على انه من اتباع المذهب الطبيعي بالرغم من استقلاله.

واعقب ذلك نشاط محموم دام حوالي عشرة اعوام كتب خلالها ثلاثمئة قصة قصيرة وست روايات وعدة مسرحيات وديوانا من العشر وما يقارب ثلاثمئة مقالة في مختلف الصحف والمجلات.

ولم يكن موباسان كاتبا مبدعا حققت له كتبه دخلا ممتاز فحسب، ولكنه كان من كبار رجال الاعمال، ويقدر دخله السنوي بما يعادل مئة الف جنيه استرليني في ايامنا هذه، في حين لم تكن ضريبة الدخل معروفة او مطبقة.

وفي الوقت ا لذي توالت فيه اعمال موباسان بالصدور وتوالت انتصاراته على الساحة الادبية الفرنسية اخذت صحته بالتدهور تدريجيا. كان موباسان مصرا على عدم الزواج شأن استاذه فلوبير، ولكنه كان مسرفا في علاقاته النسائية، واصيب بمرض الزهري في سن مبكرة. وكان المرض قد استفحل عندما بدأ اسم موباسان يسطع في سماء الادب الفرنسي. وكانت وفاة اخيه في مشفى الامراض العقلية عام 1889 بمثابة التحذير له بان نهايته قد لا تكون بفعل الشيخوخة. وحاول الانتحار مرتين تجنبا للذهاب الى مشفى الامراض العقلية. ولكنه دخل المشفى في يناير 1892 وتوفي هناك بعد ثمانية عشر شهرا.

تمثل القصص القصيرة الثماني التي نشرت في مجموعة موباسان الاولى بعنون (بيت تلييه) الموضوعات التي تناولها الكاتب ووسعها مرة بعد مرة. تبحث قصة "والد سيمون"وقصة "الاسرة" في موضوع نجده يتكرر في قصص كثيرة وهو موضوع اهمال الاب اوضاع اسرته وابنائه. وفي قصة "على الماء" نقرأ وصفا للجوانب الغامضة والخارقة للطبيعة. وتقدم قصة "حفلة الشمبانيا" مثالا للقصص التي تبحث في العادات والاخلاق الاجتماعية والموضوع الرئسي فيها هو الحب. وفي قصة "زوجة بول" نجد مثالا للقصص التي نقرأ فيها عن الانحراف بشكل او بآخر. اما "قصة فتاة ريفية" فهي تمثل قصص الفلاحين في اقليم نورماندي.

واثبت موباسان انه قادر على تأليف الروايات ايضا. كانت روايته الاولى بعنوان (حياة) 1883. وقال عنها تولستوي انها قد تكون افضل رواية فرنسية بعد رواية (البؤساء) لفيكتور هيغو. وهذه الرواية دراسة لتحرر امرأة ساذجة من كل الاوهام. وروايته الثانية بعنوان (بيلامي) 1885، وهي هجوم مرير على قطاعات مختلفة من مجتمع فاسد وخاصة قطاع السياسة وقطاع الصحافة. اما روايته الثالثة فهي بعنوان (بيير وجان) ويعتبرها النقاد افضل ما سجله موباسان من روايات لما فيها من دراسة نفسية متعمقة ولما انجزه موباسان فيها من كمال الشكل الروائي. وهو ما يميز افضل قصصه القصيرة. وتتصدر هذه الرواية مقالة تعتبر وثيقة مهمة عن فن الرواية.

المرأة في قصص موباسان هي التي تأخذ بزمام المبادرة. لقد كان موباسان مقتنعا ان الاخلاق التقليدية قائمة على اضطهاد المرأة وتمجيد الرجل. وهذا هو اساس الصراع الاجتماعي الذي يسفر عن التحدي الشجاع الذي تقوم به المرأة وهو التحدي الذي اراد موباسان ان يصوره في اعماله.

ويصور موباسان ظروف المرأة المتزوجة التي اخفقت في زواجها ولم يساعدها زوجها في تحقيق المثل العليا التي طمحت ان تجدها في مؤسسة الزواج. ويصور الزوج بطريقة لا يجد فيها القارىء مجالا للتعاطف معه فالثقة بالزوجة ليست فضيلة اذا كان اساسها غرور الزوج.

ومعظم شخصيات موباسان فلاحون نورمانديون، وبيروقراطيون باريسيون، وجنود وبحارة. وهو لا يفضل نهاية بعينها لقصصه. ولكنه يختار النهاية التي يفرضها الواقع المرسوم في القصة. ذلك ان هدفه الاول من كتابة القصة هو تقديم صورة واضحة المعالم لما رآه بعينيه.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: العقد – للكاتب غي دو موباسان – ترجمة د. زياد الحكيم
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الصبار – قصة قصيرة للكاتب أو. هنري – ترجمة د. زياد الحكيم د. زياد الحكيم منبر الآداب العالمية. 2 01-11-2020 12:19 PM
المرآة – قصة قصيرة للكاتب انطون تشيخوف – ترجمة د. زياد الحكيم د. زياد الحكيم منبر الآداب العالمية. 3 11-03-2015 04:21 PM
سر امرأة ماتت - قصة قصيرة للكاتب غي دو موباسان – ترجمة د. زياد الحكيم د. زياد الحكيم منبر الآداب العالمية. 9 02-15-2015 12:53 AM
الشجرة غير المثمرة - للكاتب إيسوب ترجمة د. زياد الحكيم د. زياد الحكيم منبر الآداب العالمية. 2 02-14-2015 11:50 PM
فرح - قصة قصيرة للكاتب انطون تشيخوف – ترجمة د. زياد الحكيم د. زياد الحكيم منبر الآداب العالمية. 16 08-25-2014 12:19 AM

الساعة الآن 04:13 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.